نصوص أدبية
ريما آل كلزلي: سيدة الضلع
في البدءِ كانتِ الكلمةُ
تُعانقُ الترابَ والضوءَ
وهو يرتدي وشاحَ الوجودِ الأصمِّ
وحيد قلبُه يطوفُ في الفراغِ
آدمُ في بحرِ العدمِ
كأنَّ أنفاسَه أوتارٌ مقطَّعةٌ في كمانِ الخليقةِ
إنّ نغمةٌ ضائعةٌ كلُّ ما كانَ ينقصُه
كي ينامَ.
حولَ قلبِه الوحيدِ نسجَ الصمتُ خيوطَه
ينسكبُ نغمُ خطاهُ
في براعمِ الخصبِ
لم يكنْ يبحثُ عن الشعرِ آنذاك
برغمِ انحناءةِ قوسِ قزحٍ حين غطتْ أوحالَ الفضاءِ
لم تكنْ أغصانُ الغاباتِ تدفئُه
بالحزنِ تفيضُ وحدتُه
ناداهُ الربُّ
يا معطفَ النهرِ
فتّحْ أوراقَ الفيضانِ
وبدّدْ صقيعَ الوحدةِ
لتنبلجَ من أضلُعِه سيدةُ الضياءِ،
سكنُه الأبديُّ.
من صدرِه أتتْ
كأنها غيمٌ يسبحُ في جلالِ النورِ
يرى لمعةَ عينيها
وأيائلُ القداسة انكفأتْ
قرب سيدةِ الضلعِ الأخيرةِ.
على مصطبةِ التكوينِ
جاءَ الزمانُ بها ليستقرَّ قلبُه
من ضلعٍ تلتبسُ فيه النبوءاتُ خرجتْ
امرأةٌ من لونِه
تحملُ صرّةَ خرائطِها والخبزَ الأسمرَ في يدِها
والمطرُ الوحشيُّ يضربُ أثداءَها
كحمامةٍ قبيلَ الفجرِ ترتعشُ.
وهو كالشبحِ يقفُ
وخريرُ الينابيعِ في حنينِ السماءِ
ينهمرُ
أيُّ ماسٍ يبرقُ في رفقتِها؟
أيُّ نهوضٍ يشبُّ أمامَ بصيرتِهِ؟
في جعبتِه القرطاسُ والقلمُ
يرتّلُ أسفارَه
وميزانُ قيراطِه يعدُ بالعدلِ
في جنّةٍ لا فراقَ فيها ولا دموعَ
تجلّتْ له تفاحةُ الحبِّ
وسكنَ إليها كأنّها كلُّ الأشياءِ
وحينَ دفنَا سرَّ الحياةِ
أُسبغَتْ عليه كلماتٍ مكلّلةً بالتوبةِ
أمضّه الحزنُ وعادَ وحيدًا
فماالوحدةُ إلا
فراغُ الروحِ من الوجودِ.
***
ريما آل كلزلي