نصوص أدبية
عبد الله الجميل: من يوميات آدم في الأرض
كما تنفُضُ الأشجارُ أوراقَها الصُّفْرا
نفَضْتُ سنيني ثُمَّ عُدتُ بلا ذِكرى
*
كبُرْعُمِ ضوءٍ سوفَ ألمِسُ عشبةً
وأنظرُ للأشياءِ نظرتيَ البِكْرا
*
وحيداً بهذي الأرضِ ما ثَمَّ مؤنسٌ
سوى صوتِ حوّاءَ الذي فجَّرَ النهرا
*
تَنازَعَني أمرانِ: زوجٌ، قصيدةٌ
وكلٌّ ترى أنّي بِرِفْقتِها أحرى
*
ويسألُني طفلي: أما لِيَ جَدَّةٌ ؟
فأُلهيهِ حتّى ما يُعيدَ لي الأمرا
*
وأزعُمُ أني ما سمِعتُ سؤالَهُ
كمن وَقِرَتْ أُذْناهُ من لُجَّةٍ وَقْرا
*
خُلِقتُ بلا أُمٍّ فتحنو ولا أبٍ
يُلاعبُني كالخيلِ لاعبَتِ المُهْرا
*
وما حيلةُ الغصنِ اليتيمِ إذا جرَتْ
عليهِ رياحٌ وهْوَ قد سُلِبَ الجذرا
*
سلامٌ على شمسِ الأصيلِ فإنّها
شجَتْني وخمرُ الحزنِ أنسَتْنِيَ الخَمرا
*
تَعِنُّ طُيُوفُ الأمسِ كالحَدَقِ التي
تُخاتِلُ عندَ الليلِ صيّادَها مَكْرا
*
سلامٌ على حوّاءَ في جنةٍ إذا
أردتُ لها وصفاً سأستغرِقُ العُمْرا
*
بها كلُّ نهْرٍ فَرْطَ صَفْوِ مياهِهِ
تكادُ بهِ العينانِ أن تُبصِرا القَعْرا
*
وزهرٌ بلا شوكٍ إذا ما لمَستُهُ
يَطيرُ فراشاتٍ تَنُثُّ ليَ العِطرا
*
تُوَيجاتُهُ مثلُ الدِّمَقْسِ وإبرةٌ
سترفو منَ الأنسامِ أثوابَهُ الحُمْرا
*
وما كانَ مغروساً بطينٍ وإنَّما
بحقلٍ من الأضواءِ قد شَعْشَعَتْ شَذْرا
*
ورَوحٌ ورَيحانٌ وعَينُ مُدامةٍ
ونخلٌ بلا هَزٍّ سيَستنزِلُ التَّمْرا
*
يُسبِّحُ باسمِ (اللهِ) طَودٌ ونملةٌ
ألَا إنِّ في الإنسانِ آيتَهُ الكبرى
*
نَدِمتُ وفي التفاحِ كانت خطيئتي
ورُوحي برغمِ الخَصْفِ لمّا تزلْ تَعرى
*
بكيتُكَ يا هابيلُ حتّى وَدِدْتُ أنْ
بقلبي ولا بالأرضِ قد حفروا القبرا
*
إلى الآنَ ما جفّتْ دِماكَ وقَطرةٌ
أُرِيقَتْ وفُجَّتْ ثُمَّ أضحتْ هنا بحرا
*
فقدتُ جِناناً ثُمَّ كنتُ مُصبَّراً
وفَقْدُكَ يا هابيلُ قد جاوزَ الصَّبرا
*
وما بينَ فُقدانَينِ أكملتُ رحلتي
ونِعْمَ رفيقُ الدربِ حوّاءُ في المَسرى
*
وأوصيتُ أبنائي: المحبّةُ دِينُكم
وفي أغصُنِ الزيتونِ تتَّضِحُ البُشرى
***
عبد الله سرمد الجميل
شاعر وطبيب من العراق






