نصوص أدبية
مصطفى علي: صورُ القيامةِ وإقليمُ التفّاح
طَلَبوا الشهادةَ رِفْعةً وصُعودا
شُهَداءَ حَقٍّ ساطِعٍ وشُهودا
*
نَذَروا النفوسَ لِرَبِّهم فَتَصاغرتْ
دُنيا الملوكِ دراهِماً ونُقودا
*
عَرفوا عُجولَ السامريَّ ورُبّما
عرفوا خنازيراً لَهُمْ وقُرودا
*
وَهَبوا لِغَزّةَ هاشِمٍ فِلْذاتِهِمْ
كَرَماً على دَرْبِ الطُفوفِ وجودا
*
بَذَلوا لها الأرواحَ فَرْطَ سخائهِمْ
وَلَقد تناسوا ناكراً وجَحودا
*
سَنَداً لِغَزّةَ مُذْ بَدا طوفانُها
حينَ الأراذِلُ يَنبحونَ قُعودا
*
مَنْ صاغَ من وَجَعِ الحُسينَ بَيانَهُ
سَلَكَ الطريقَ شهامةً وخُلودا
*
بِمِدادِ آلامِ الطفوفِ نَسَجْتُها
فّتَفَتّقتْ بِدَمِ الشهيدِ وُرودا
*
حِمَماً أصوغُ من الفُؤادِ قصيدتي
وَبِها أحُرّقُ شامتاً وحقودا
*
مُتَخاذلاً يرمي الشهيدَ بزيغِهِ
وَيَتيهُ فيها زائغاً وكَنودا
*
ومُخذّلاً كَرِهَ البطولةَ في الوغى
ومضى يؤلّبُ ناقماً وحَسودا
*
وَلَسوفَ أهتكُ بالقوافي جُبْنَهُ
فعسى يُوَقّرُ للرجالِ صُمودا
*
وَبِذي الفقارِ مناكِفاً دَجَلِ الورى
ومنافحاً لبني النظيرِ رُدودا
*
وفُلولُ خيبرَ صفّقتْ لِعدّوّنا
وَلَهُم سأرْسِلُ شَفْرَة وَطُرودا
*
ياصورُ قلبي في قلاعِكِ خاشعٌ
عَشقَ الأصالةَ قِصّةً وجُدودا
*
شَجَرٌ حَوى التفّاحَ في إقليمِهِ
جعلَ السفوحَ كمائناً وصُدودا
*
كَصهيلِ قافيةِ الغيارى صاهِلٌ
كَدَمي تفجّرَ حنظلاً وَرُعودا
*
نَبَطيّةَ الأحزانِ جِئتُكِ راجِياً
لا تَلْطِمي لِسِوى الحُسينَ خُدودا
*
يا دمعَ جُرْحِ الأرْزِ في الجَبَلِ الذي
حَرَسَ الدِيارَ حواضراً وَحُدودا
*
جَبَلَ العُروبةِ والتُقى أنا عاشِقٌ
للصامدينَ على الثُغورِ أُسُودا
*
بِدِمائهم رفعوا العُروبةَ بيرقاً
ونسوا شعاراً يقتفي التَلْمودا
*
فَمحافلُ التنويرِ تعلكُ زيْفَها
وَتَحوكُ من حَجَرِ الرُكامِ بُنودا
*
قولوا لضاحيةِ الفِداءِ تَصَبّري
وَتَذَكّري للصادقينَ وُعودا
*
ظهرتْ لِزيْنَبَ في الجنوبِ كَرامةٌ
فاللهُ يبعثُ للكرامِ جُنودا
*
سَتَدومُ زينبُ في الجنوبِ أبيَّةً
وَتَقومُ كالأرْزِ العنيدِ عَنودا
*
وتصيحُ بالباغينَ إني ها هُنا
قَدَرٌ يمزّقُ في الظلامِ قيودا
*
هيهاتَ من سبطِ النُبوّةِ ذِلّةٌ
فَسيولُنا عبرتْ مدىً وسُدودا
*
فإذا جَرادُ العصرِ أهْلكَ زَرْعَنا
سَتَظلُّ ياجَبَلَ الرُماةِ وَلودا
*
سَتَفيضُ في كَنَفِ الجَنوبِ سَنابُلاً
وَ قَنابلاً أَلَماً تُذيقُ يَهودا
*
وَغَداً لنا بعدَ القيامةِ عودةٌ
فَحَذارِ إن بلغَ النُشورُ لُحودا
***
د. مصطفى علي