داخل شواري فوق بردعة حمار، وكما توضع أكياس الحبوب وصناديق الخضر، أو تحشر الخرفان الى الأسواق، وضعني أبي في جهة من الشواري، ركبتاي الى صدري، وحافظ على توازن الشواري من الجهة الأخرى بصندوق من الذرة فكر أن يبيعه في المدينة..
كان عمري لا يتجاوز الثامنة الا بقليل.. بنت بضة، بسمنة خفيفة وسحنة قمحية، طويلة القامة مقارنة بعمري..
كل أهل الدوار كانوا يشهدون بجمالي، نظرات الذكور تلتهمني برغبة وإعجاب: دعج عيون برموش طويلة سوداء، يرتاح الليل على مقلتيها، وقد مياس تحمله سيقان طويلة مملوءة ومفتولة بجمال..
لم يقدر لي أن أدخل مدرسة، فمدرسة دوارنا لا تتعدى حجرتين، بعيدتين عن المركز، لم يفلح ابن ولا بنت في التخرج من المدرسة بنجاح، فهي مجرد فرعية منسية: معلمان لا يتغير لهما أسم وأحيانا لا يرى لهما أهل الدوار وجها.
أثاث من عهد جدي فرزوه من بين متلاشيات حملوها لحمام القائد، فتطوع أحد شباب الدوار بتحويلها الى مقاعد دراسية، ونصف سبورة باهتة اللون من ورق مقوى، أما الحيطان فهي اوسخ من زرائب قريتنا، أرض رملية بلا ترصيص وسقف من الدوم والطين وسيقان الشجر، فسحت للضوء منافذ يتم سدها بقطع قزديرية كلما اطل الخريف والى شهور الحصاد..
كل من في الدوار كان يعي قدره في رقعة منسية: مهمة الدولة ان تجعل من أبناء القرية مصنعا للخدم والخادمات لا أن ترقى بهم الى صفوف بني البشر المتعلمين وإلا من يخدم الأسياد في المدن المحظوظة؟..
بصراحة أنا نفسي كنت لا أعارض مغادرة قريتي فقد مللت فقرها ونسيانها من خريطة التنمية، أهلها تجاهلتهم الدولة فتجاهلوا الحياة والقيم وصارت أحاديثهم لا تخرج عن السحر والسحرة والشياطين والمردة لا يميزون بين حلال وحرام، وبعد أن قننت الدولة زواج القاصرات صارت كل بنت تحاول الفرار الى المدينة تبدأ كخادمة في البيوت وقد تنتهي في أوكار أخرى، المهم أن تنجو من عراك يومي مع الجوع وسوء الطقس وعواء ذئاب المراعي..
دخلنا المدينة عصرا بعد أن خرجنا من القرية قبل أن يبزغ نهار.. اخترقنا دروبا وأزقة الى أن وقف بي الحمار في باب متجر كبير. تركني أبي في "الشواري" وترجل الى داخل المتجر حيث كان يجلس رجل ستيني بلحية بيضاء، خلف منضدة خشبية طويلة، يرتدي جلبابا رماديا وعلى رأسه عمامة مطرزة بالأصفر، أضافت لقامته القصيرة طولا..
سمعت المارة يقولون عن صاحب المتجر " الحاج مول دار السلعة ديال الخدامات "..
عاد اليَّ أبي، حررني من "الشواري" كما يحرر خروف ليلة عيد، ثم تقدمني وهو يقول: "بوسي لسيدك يده "..
كان صاحب المتجر يتفحصني من قمة رأسي الى أخمص قدمي، لا يشارك أبي كلمة الا وعيونه تخترق ذاتي بالطول والعرض دون حياء ولا اعتبار لأبي..
فتح درجا وأخرج لأبي مالا، ما أن شد عليه ابي قبضته حتى عاد الى حماره دون كلمة وداع منه، ثم دعاني الحاج لأتبعه الى غرفة كانت ملحقة بالمتجر مؤثثة كغرفة نوم بها سرير خشبي وفراش أرضي، تلفزة على الحائط وصور جدارية لآدم وحواء ودعوات وآيات قرآنية..
توهمت الغرفة غرفتي، تخصني وحدي ورغم إحساسي بملكيتها فقد تركت دموعي تنساب على خدي، فانا لم أودع أبي، والى أمي وأخوتي الصغار قد قمطني حنين وشوق، حتى قريتي التي مللتها قد حركت صدري بألم للابتعاد عنها..
أرحت نفسي على كرسي وقد مددت رجلي بعد تشنجهما داخل "الشواري " ومسافة الطريق الطويلة.. كنت لا اعرف ما يجب ان أقوم به، أنتظر عودة سيدي الحاج ليأمرني بما يريد.. كانت باب صغيره بستارة شفافة الى يميني، من فضولي أزحت الستارة قليلا فأدركت ان المكان حمام ومرحاض.. ما أزعجني هو حركة القطارات التي لا يتوقف لها صرير، فالمحطة لم تكن بعيدة من الموقع الذي انا فيه..
اثارتني رائحة الرطوبة، فشرعت عيوني تدور في محاجرها بحثا عن نافذة للتهوية.. كوة صغيرة قريبة من باب الحمام فتحتها فهبت منها نسمات من هواء..
شرع الجوع يغرغر في بطني، والعطش قد حول حنجرتي الى جفاف، قنينة من مشروب غازي مُرّ على طاولة صغيرة بللت به حلقي الجاف..
من حسن حظي أن صاحب المتجر لم يتأخر كثيرا في عودة، أتى بلمجة وقنينة مشروب غازي، قال:
كلي ثم ادخلي الحمام واغتسلي..
من صندوقة عند راس السرير اخرج ثيابا نسائية، وضعها على الفراش حتى ارتديها بعد الحمام..
من أين له بهذه الثياب؟ ربما مما خلفته الخادمات قبلي، معناه لست اول من يدخل هذا الوكر..
لما خرجت من الحمام وجدت باب المتجر مقفلة ولا أحد موجود..
رهبة من خوف سرت في جسدي وأحسست كأن جدران الغرفة تطبق علي بضيق، ساءلت نفسي:
ـ لماذا أتى بي أبي الى هذا الرجل؟ ولماذا اختاره بالضبط؟ غيري من بنات الدوار يغادرن القرية الى منازل العمل مباشرة..
حسب ما سمعت من حديث أبي مع أمي أنه سيضعني بين يدي رجل سمسار ثقة ويعرف كيف يدير عمله وهو من يؤدي الأجور الشهرية لأولياء الخادمات دورة بعد دورة..
وكما سمعت أمي ترد على أبي:
ـ يقوم بذلك حتى يبعد أولياء الخادمات من الاتصال المباشر بالاسر فلا تعرف أسرة الثمن الحقيقي الذي تشتغل به بنتهم، هي تجارة في البشر بأبخس الأثمنة، قبح الله الفاقة التي تجعلنا نضحي ببناتنا..
لم يعد صاحب المتجر الا عند ظلام الليل، أخافني وهو يفتح بابا صغيرة قلب الحمام ظاهرها خزانة لأدوات حلاقته وخلفيتها باب حديدية الى زنقة صغيرة..
خلع جلبابه وصدريته ثم فك تكة سرواله الفضفاض وأنزله بين قدميه، لملمه ورماه فوق جلبابه..
كنت أتابعه بدقة من تريد أن تتعلم وَهْما مني أنه قد يحتفظ بي كخادمة لديه وحيث أنه أكبر من أبي بكثير فما خامرني خوف من النوم معه في غرفة واحدة..
الرجل شخصية أبهة، غنى، وصباغة من وقار، حتما له بيت وزوجة وما غرفته هذه الا مكان لراحته متى ضغطت عليه شيخوخة وساعات العمل بتعب..
دخل الحمام ثم عاد ونسمات من عطر تفوح منه، أخرج قارورة صغيرة من خزانة فوق رأس السرير، رش يديه رشات صغيرة، اقترب مني ومسح يديه على وجهي، كان عطرا قويا أنى لقروية صغيرة مثلي أن تعرف نوعه أو اسمه، حتى رائحته لم أحظ بها يوما بين زهور الربيع..
ابتسمت في وجهه ثقة به وتقديرا له، لكن ما لبث أن شدني اليه، احتضنني، وعلى خدي وضع شفاهه، ارتعبت !!.. صددته بكلتي يدي وابتعدت..
الي نظر بعيون تحمل شررا وقال:
ـ هل بدأنا؟ تعرفين أننا معا هنا ولا أحد قد يسمع لك صوتا، فدعيني استمتع بك بلا مقاومة.. آويتك، ألا أستحق منك جزاء؟
أي جزاء يريد؟.. ليس جسدي ولا عفتي وكرامة إنسانيتي !!..
لم أجد غير دموعي، الرجل الشيخ ذو المظهر المغري بالإيمان والتقوى، يسقط عنه القناع وتمحي صباغتة، فيتحول شيطانا يملي أمرا.. بدأت وصية أمي تلعلع في رأسي:
"أنى كنت ومهما وقع فاياك أن تتركي أيا كان يمس منطقتك المحرمة "
لكن ابي قد قادني الى حتفي، باعني وأخذ الثمن ثم تركني لمصيري. لم يكلف نفسه حتى توديعي بتحية ودعاء..
كيف غاب عنه سلوك الرجل؟.. أم هو نفسه قد اغتر بمظهره وسمعته المزورة؟
لم انتبه من غفلتي الا وصاحب المتجر يضع يده على فمي، يسقطني أرضا ثم يغتصبني كما يتم اغتصاب الأطفال الذكور.. .
تألمت، بكيت، ورغم التقزز والكراهية التي اصابتني مما فعله بي فقد حمدت الله أن وصية أمي لازالت سائرة ومنطقتي المحرمة لازالت بخير..
حاول الحاج أن يعاملني خلال ليلته بكل لطف وحنان وان يقنعني بما فعل وأن صغري يحرم عليه أن يقع معي في ما قد يعرض مستقبلي للضياع.
ـ أنا ابن أصول وأعرف وضع بنت بدوية وصغيرة قد تفقد بكارتها..
لم يكتف الحاج بمرة او مرتين في تلك الليلة، كان يصر على أن اعتاد بعدما رأى ان مقاومتي تخف شيئا فشيئا، وقبل أن ينام دفع الي ورقة من فئة خمسين درهما وقال:
اول كنوز صندوقتك..
فرض علي الحاج أن أغتسل بعد كل عملية ومنع عني ان أرتدي سروالا طويلا أو أغطي صدري وشعري..
كان لا يشبع، وكلما مل من متجره وغاب عنه زواره أتاني..
في كل مرة كان يسألني:
ألا تحسين بشي؟
كنت أحرك رأسي سلبا وأقول:
الألم الذي يصيبني بعد كل عملية..
كم فكرت في الهروب، لكن الى أين؟ لم أخبر الموقع بعد، ولا اعرف مخرجا أنجو فيه بما تبقى من كرامتي..
رغم أن الحاج كان يحاول أن يحسسني أني صرت له كزوجة يتغزل في عيوني وخدودي وقدي المياس، ويراضيني بما يجلبه من مأكولات وفواكه كما يقسم لي أنه يحبني ولا أحد غيري قد يشاركني الغرفة مادمت طيعة أخضع لرغبات ما يريد ويفضل، فقد أيقنت أنه يعشق الممارسة مع الذكور وأنه مثلي الميول..
وضعت فيه ثقتي، كنت يوميا أرى من باب غرفتي العشرات من الخادمات يأتين الى متجره وحدهن او مع مرافقين ومرافقات ولم يجرؤ على دعوة أي منهن الى الغرفة..
كما أن الكثير من الأطفال كانوا يزورونه فيردهم..
بدات أتعوده وله أرتاح رغم ما كان يمارسه علي أحيانا من عنف جسدي ويصر عليه من رغبات كانت تؤلمني ومن جرائها أتقيأ بعد غثيان، خصوصا أيام حيضي..
كان بسنه وخبرته يدرك شروعي في التجاوب معه، فكثيرا ما كنت أنتفض ولا أدري لماذا؟
في إحدى الليالي أحسست بنوع من الإرهاق، عطس وألم في مفاصلي كبداية لزكام اثر خروجي من الحمام فأمدني الحاج من خزانته بعلكة وأمرني بأكلها، ما أن أصبح الصباح حتى وجدت نفسي امرأة بلا بكارة ولدمائي أثر على فخدي..
حين سالته قال: ماشاء الله كان..
بكيت لكنه لم يهدئ من روعي كما تعود من قبل، لم يضمني الى صدره أو يقبل خدي ضاحكا كما ألفته، وانما ركلني بقدمه وقال:
عندي او عند غيري ستفقدين غلالة ما عادت تهتم بها بنت شريفة فأحرى واحدة مثلك..
فاجأني انقلابه عني، ذبحني بكلامه، أصابني نوع من الدوار، أحسست بحقارتي وبسقوطي المريع، وأدركت أنه يستعد لوضع خاتمة النهاية على وجودي معه.. يلزم أن أضبط نفسي وافكر في اولوياتي، تذكرت عبارة كانت ترددها أمي لأبي:
الحيلة تغلب السبع..
فهل أنا أخلو من ذكاء؟.. من سلوكات الحاج ومما كان يحكيه عن زبنائه والمقالب التي حاولوا أن يزجوه فيها قد تعلمت الكثير، ويلزمني ان أتصرف مستفيدة مما تعلمت، وعلى مهل يؤكل الباذنجان، فما دمت أمام ثعلب مكار فلكل مكر دواء ولا عشت ان خرجت وقد فقدت عفتي وأنا خاوية الوفاض..
عانقت الحاج، قبلت يديه ووجنتيه، وقلت:
تعرف أني صرت لك واني قد تعودتك وتعودت احساساتي معك، فلك نفسي وما ملكت، لاقيمة لغلالة، أمام ما تعلمته منك حتى صرتَ لي مهندسَ جسد، لك قد وهبته، فأنا كلي لك ولحمي من خيرك..
مغرور !!.. الي قد ارتاح واطمأن، ومن غروره آمن أني بدوية غفل وغبية لا تعرف من نفسها الا ما تعيشه، لكنه اشترط علي أن يجلب بنتا أخرى معي.. أو يدفعني الى أحد البيوت ان كنت لا اطيق أخرى تشاركني فيه:
ـ ما تعودت أن أعيش مع اية خادمة اكثر من أسبوع، أما معك فقد أوشكت على السنة، وبصراحة فأنت جميلة لذيذة، وأكثر من ذلك طيبة ومطيعة..
ـ طيبة من أثر الفقر الذي علمني الصبر وقوة الاحتمال، ومطيعة لاني تركته يفعل بي ما يريد وكما يريد ومتى يريد وأنى لأمة أن تعترض وأبوها قد أخذ الثمن وعاد من حيث أتى..
غلبتني دموعي وعرفت ان المكر من طموح الرجل به يقتات وعليه يعيش، وقد ابلغني أن من فض بكارتي هو صديق له استدعاه بعد غيبوبتي، وقد أدى ما عليه فقد كانت غايته أن يحولني الى امرأة تبيع جسدها وله يعود الثمن.. وقد اقترح عليه صديقه دارا للدعارة قد أجني منها أموالا طائلة بدل العمل في بيوت الأغنياء..
زاد امعانا في تحقيري وقال:
ـ أحرم على نفسي أن أشرب في اناء ولغ كلب فيه..
تقبلت الإهانة بجرح بليغ عميق وتوسلته ان يمهلني أياما الى أن ارتاح من الصدمة ففضائله معي متجذرة في أعماقي فقد أسلو قليلا وأطاوعه في كل ما يرغب ويريد..
بت ليلة أظهرت له فيها ما تعلمت وما صرت أطيقه واستعذبه رغم آلامي الداخلية، واستطعت ان أتركه يشرب بنهم مما ولغ فيه كلب قبله كما ادعى، أحس بالعياء، وارتمى على الأرض تعبا منهوكا بعد أن ازدرد قطعة من معجونه، فغاب في نومة عميقة..
ماتركت جزيئة في الغرفة وفي الحمام الا مرت عليها يدي بمسح بكل دقة وعناية ثم ربطت يديه بسريره دون ان يحس بي، ومن جذوره بموسى حادة قطعت للثعلب ذيله، وضعته في فمه وطوقت شفاهه بلصاق بعد أن أخذت ما يلزمني من مال وثياب، دمالج وخواتم وسلاسل ذهبية مما كانت تسرقه الخادمات من البيوت.. تركته يسبح في دمائه لا يستطيع ان يصيح أو يستغيث وخرجت من الباب الصغيرة في الحمام وقد أشفيت غليلي وانتقمت لكرامتي..
ما عاد يهمني ماذا قد اصادفه غدا؟ هل أنجو؟ هل أحصل؟
لا يهمني ماذا يقال عني إذا تم ضبطي، المهم ما حققته انتقاما لكرامتي؟ هو ذا ثأري وحقي المشروع !!..
كانت الطريق خالية والظلام ستري، لم تكن محطة القطار بعيدة فأضواؤها كانت تتبدى قريبا من المتجر، لهذا لم أته أو أخطئ الطريق، ابتعت تذكرة ورحلت الى وجهة القطار التي كانت مراكش، وعن موقعي ليست بعيدة.. ما أن وصلت المدينة حتى وجدت حافلات تتجه نحو أغادير..
لم اتردد في السفر اليها، وحسب ما كان يحكيه الحاج الحقير عنها في ليالي السهر " فالداخل اليها مفقود "..
في الحافلة صادفت فتاة أوكرانية تتكلم الدارجة المغربية، كانت نظرتها الي نظرة خبيرة، فكما تدعي انها تقضي العقد الثاني في أغادير، من نظرتها الأولى اهتبلت بقامتي وتناسق جسدي فاقترحت علي العمل في حمام تسيره.. اشتغلت في بيتها أياما علمتني كيف استغل جسدي في الاثارة والاغراء، لا يهم مع من أجد نفسي شابا أم شيخا ذكرا أم أنثى، ثم شغلتني بعد ترضية منها بما طلبت..
وجدت نفسي مستقلة في سكناي، حرة أتصرف حسب رغباتي، وما أريده أنا.. كان ظهوري في حياة الأوكرانية فأل خير، انثى صغيرة تزداد مع الأيام حلاوة حتى صار دخلي يفوق بكثير ماكنت أنتظر وأتمنى وقد صار حمامها وجهة استقبال أثيرة..
بعد شهر وأنا أمام التلفاز في بيتي أثارني خبر بانتباه:
الشرطة فكت خيوط جريمة لحادثة مروعة ذهب ضحيتها رجل في عقده السادس يملك محلا لتدبير شؤون الخادمات، ضاقت به زوجته لسمعته السيئة فاتخذ من متجره محلا لسكناه فأتت اليه زوجته ذات صباح، قتلته بقطع عضوه التناسلي، وقد شهدت بنتها الكبيرة أن أمها قد أخبرتها ذات صباح انها ستزور اباها الذي صار يغيب عن البيت، ويبدو ان الزوجة دخلت السكنى السرية للحاج فوجدته مقتولا أو هي من قتلته بطريقة بشعة تاركة بعض بصماتها على أحد خديه كما وجدت بصماتها على القفل وخزانة جدارية، وقد لقيت الزوجة حتفها وهي عائدة في تاكسي اثر حادثة مع حافلة للنقل الجماعي فقد سائقها السيطرة عليها ودخلت في التاكسي فاردت المرأة قتيلة، وقد بقي السر مكتوما في صدر البنت من جراء غيبوبتها اثر الصدمة التي اصابتها في موت الأب والام..
لم أوذي أحدا أبدا في حياتي ولا حتى حيوانا عن قصد، كانت غايتي ان انزل المدينة وأكتسب من خبرتها بعد أن فقدت خبرة التعليم المدرسي، من إهمال لقريتي، لكن رياحي جرت بما اغرى أبي من طمع وما حرض السمسار الذي تلقفني باستغلال صباي وغفلتي بقناع ثعلبي هو مزيج من الدين والكذب والنفاق والجشع ما حرك غليان دمي بعد أن جعلني افقد كرامتي ثم بكارتي ثم محاولا أن يرميني جيفة متقيئة..
تجردت نفسي من كل أثر للرحمة فقتلته بالطريقة التي يستحق وكنت مستعدة أن أنال القصاص.. وكان الحظ معي وقد صرف الله بعدالته الأمور كما أراد.
***
محمد الدرقاوي - المغرب