رواية قصيرة جدا
بعد انتهاء مراسيم التشييع والدفن ل (أبو عليجه) من قبل أهالي حي التنك، يتخلف (حنفوش) عند قبر رفيقه واضعا رأسه على القبر وقد هده التعب وأنهكه البكاء والعواء مخاطبا رفيقه:
يا أخي لم تسمح لي الظروف أن أجيب على سؤالك لي، من أنا، وكيف وصلت الى حي التنك ؟؟ سأخبرك بكل التفاصيل التي لا تعرفها عني وأنت في قبرك وقد الحق بك قريبا:
أثناء تجواله برفقة زمرة من مرافقيه ووكلائه في القرية، لفت أنتباه السيد، أنا الجرو ناصع البياض صاحب الغرة السوداء في جبهته، حينما كنت ألعب وأمرح مع مجموعة من الجراء على مرج القمح الأخضر، توقف ترجل من على صهوة جواده، وطلب من مرافقيه أن يحضروني له ليصطحبني معه الى قصره في المدينة، وكان له ما أراد، حيث أسروني قيدوني وضعوني في صندوق سيارته...
قبل إدخالي الى الدار عرضني على الطبيب البيطري لضمان سلامتي من الأمراض، الذي زرقني ببعض اللقاحات الضرورية، وزوده بالأرشادات في طريقة تربيتي وتدجيني والعناية بي في الدار..
أمرالخدم بتحميمي وغسلي جيداً بالشامبو والصابون المعطر، وتخصيص مكان خاص لي وأطعامي، ، مما أثار استغرابي كثيرا هل أنا في حلم أو علم، ماهذه اللحوم وما هذه العناية الخاصة والروائح العطرة، أطعمت الكثير من اللحوم الحمراء والبيضاء، وقد كنت أحلم بعظم مكدود وبعظام سمك ترمى لي من قبل أسيادي الفلاحين الفقراء في القرية، كنت أغتسل في ماء النهر الخابط ولا أعرف معنى الصابون ناهيك عن الشامبو !!!؟؟؟
تتراكم وتتزاحم الأسئلة في رأسي، أشتاق كثيرا للتمرغ برمل الشاطيء الندي واللعب مع أقراني من الجراء، افتقدت كسر الخبز اليابسة وفضلات الرز الأحمر(الحويزاوي) التي قلما تفيض من موائد أسيادي الفقراء، لم أتمكن من التأقلم مع مضجعي الجديد حيث السيراميك اللامع والأضواء البراقة والفراش الوثير، فأصبت بالكآبة وبالتخمة والضنك بسبب الوجبات الدسمة التي لم تتعودها معدتي بعد،وبسبب عدم الحركة، وهذا النعيم غير المسبوق في بيئتي السابقة.
مما دفع سيدي الى عرضي على الطبيب البيطري لمعرفة ما حل بي، فأخبره الطبيب بأني لاأشكو من أي مرض أو عرض لمرض بايولوجي، ولكن يبدو انَّ التغيير المفاجيء في بيئتي هو السبب لما أصابني من الخمول والضيق... نصح سيدي بأطلاقي في حديقة الدار وعدم الأكثار من اللحوم حيث سببت لي سوء الهضم كما قال...
نفذ السيد تعليمات الطبيب وبالفعل عدت تدريجيا الى الحركة واللعب، واعتدت أفراد العائلة وفي مقدمتهم سيدة المنزل الجميلة حيث اعتدت شم عطورها الفواحةالتي لم أشم مثلها من سيدتي في القرية.. التي ربما لم تتعطر الا في ليلة زفافها، فهي لم تعرف سوى البخور والحرمل للعطر والديرم كأحمر شفايف، وطين الخاوة والحناء، لشعر الرأس بدل الشامبو !!
وبمرور الأيام أصبحت أكثر ألفة منتصب الأذنين والذنب رشيق الحركة، أتشمم روائح أسيادي وأألف سكنة الدار من الأطفال والخدم وبعض الضيوف دائمي الحضور الى دار السيد...
كنت أشعر بالبهجة والفرح حينما أرى بعض ناس قريتي ومسقط رأسي، وهم يحملون الهدايا من القرية الى دار سيدهم، مثل طيور الحجل والدجاج والسمن واللبن، والتين والعنب والرطب بمختلف أنواعه وكل في وقته وموسمه حتى قبل أن يتذوقوه هم حيث يرون أنَّ السيد أولى به منهم... أستقبلهم بسرور وبمرح أتشممهم وألعب بين أقدامهم مستعيدا ذكرياتي معهم، أستذكر من أطعمني ومن دلعني ومن ضربني أو نهرني من النساء والرجال ولكني أشتاقهم جميعا وأحبهم جميعا...
يلاحظ السيد والسيده مدى توددي للقرويين دلالةالوفاء والمحبة والذاكرة التي لاتمحى بالنسبة للكلاب كما يقولون...
أقف أحيانا أمام القرويين التعساء وأخاطبهم بالقول:
أنتم محرومون من أكل لحوم الطير والأسماك والدجاج الذي تربونه في بيوتكم ولكنكم تأتون به لهؤلاء المكرشين الأثرياء المتخمين بشتى أنواع المأكولات التي لاتعرفون أنتم اسمائها أو طعمها وشكلها مثل الهمبركر، و الدجاج المقرمش، والبيتزا، والشاورمة... الخ
فيالكم من بؤساء كل ماتصبون اليه كسب رضا أسيادكم الذين كل ما يفعلونه هوالأمعان في استغلالكم وامتصاص دمائكم ودماء عوائلكم، تخشون غضب السيد كي لايطردكم من الأرض أو مضاعفة ديونه الربوية عليكم !!!
ينهرني الفلاحون غير مدركين لما أقول أو ربما يخشون أن يفهم كلامي سيدهم فيغضب عليَّ وعليهم...
لفت نظري زيارة (حياة) أبنة قريتي الحسناء السمراء فارعة الطول زنبورية الخصر بالغة الحسن والجمال زوجة ابن عمها المعتوه، كانت زيارتها للقصر في أيام غياب سيدة القصر وكأنها على علم بذلك، تأتي المنزل لا تحمل غير جمالها الأخاذ تجر عجيزتها الرجراجة بغنج وقد سلبت لب السيد، تأتي بعد أن تبيع الدجاج والبيض والسمك في سوق المدينة...
استقبلها هاشاً باشاً، أتفتل أمامها مشاركا سيدي في انبهاره وأعجابه بها، فتلتفت الي قائلة بغنج "حتى أنته روحك خضره يحنفوش ؟؟؟ ماتشوفلك وحده من هذني الـجلبات الانـﮓريزيات الداير ما دايرك وتﮒضي وطرك وياها"، تقول ذلك وهي تغمز بعينها المكحولة السيد المبهور الذي تأججت نيران شهوته واندفاعه لافتراس (حياة)
يستتقبلها السيد بالأحضان ويمطرها بالقبل بعد أن يصرف الخدم ما عدا الخادمة البنغالية السمراء التي يبدو أنَّها تعلم علاقة سيدهابحياة، فتعدلهاالحمام المجهز بأنواع من الشامبوات والعطوروأدوات الزينة فوروصولها المنزل،، تهيء المخدع الخاص للقاء السيد بعشيقاته في زاوية من الحديقة، فيدخل السيد وحياة وتوصد خلفهما الباب...
كنت أقعي خلف الباب وأظل أنبح محاولاً أقتحام الغرفة، تثيرني أصوات الغنج والتهتك الجنسي المتسربة من داخل الغرفة، تماثل ماأسمعها بما يحدث بين السيد وسيدة المنزل حينما يختليا في غرفة نومهما، فأكون مصدر أزعاج للسيد وعلى الرغم من طردي وأِبعادي عن باب الغرفة ولكني أعود ثانية، وحتى عندما يتم سجني في مخدعي الخاص لا أسكت الا بعد أن تغادر(حياة ) المنزل فكنت أخاف عليها من السيد فربما كان يؤذيها...
وغالبا ما تخاطبني (حياة ) قائلة:
- مالك يـ(حنفوش) دومك تنبح تخاف لو تغار علي من السيد، ألا تعلم أني في غاية الحرمان بسبب زوج معتوه وعاجز، وعلى الرغم من عجزه يسومني شتى أنواع العذاب ويلقي علي كل أعباء ومصاريف المنزل... لا تلومني لأني مظلومه، حرموني من حبيبي وزوجوني بالقوة هذا المعتوه لأنه ابن عمي...
- أهوهوبوجهها وأهز ذيلي وأذنيَّ أظهرعدم قناعتي بما تقول مخربشا الأرض بمخالب قدمي ناثرا التراب صوب السيد الذي يتغاضى عني ضاحكاً
- اِسمع يـ(حنفوش) ردا على ظلمهم لي وحرماني من حبيبي قررت أن أنتقم من أهلي وعشيرتي لأخونهم مع من يستغلهم ويظلمهم، هذا السيد الجشع المتصابي، لاأحبه وغير مغرمة به على الرغم أنَّه يدللني ويغدق علي المال والحلي ويستجيب لكل طلباتي ويروي ضمأ جسدي... أفهمت ياحنفوش...؟
- هو هو هو! أهوهو وأنهش الأرض بقدميي لأسرح بعيدا مقارنا بين واقع حياة أنثى الكلب وأنثى الأنسان، فأنثى الكلب تعيش بكل أحترام ومساواة بين قطيع الكلاب، ويعود لها القرار الأول والأخير في اختيارها لشريك متعتها في مواسم التزاوج،حيث نتتبع نحن قطيع الكلاب الكلبه من مكان الى آخر، فان سارت نسيروأنْ توقفت نتوقف، نقدم لها مختلف مظاهر الطاعة، ويبرز كل واحد منا أمامها مهارته وقوته وجمال جسده، وهي تتفحص كل واحد منا. حتى يقع اختيارها أخيراً على أحد منا فيكون عريسها المفضل دون أي أعتراض أواستياء من بقية ذكور الكلاب ، فيتركون العريسين يعيشان متعتهما دون تدخل أو تطفل أيٍ منهم عليهما بل يقومون بحراستهما وحمايتهما من تطفل بني الأنسان عليهم، وبذلك نحن الكلاب أكثر تحضرا بما لا يقاس مع همجية ووحشية وقهر الأنسان الذكر للمرأة الأنثى، التي تجبر على الزواج من مايختاره ذويها عريسا لها، وأنْ تمردت تعرضت للقتل الوحشي بدعوى غسل العار وهو عار الذكور وليس الأناث..فماذا عساني أقول لك ياحياة ؟؟
حدث في أحد زيارات (حياة) وأنفراد السيد بها كالعادة في غرفته الخاصة في حديقة المنزل، بعد أنْ استحمت وتبرجت وتزينت فبدت عروسة بجمال يخطف الألباب، حدث أنْ عادت زوجة السيد الى المنزل لأمر ما خلاف المتوقع، لفت نظرها نباحي وأنا واقفٌ أمام باب الغرفة، وعندما شاهدت سيدتي أزداد وأرتفع نباحي وخربشتي للباب أدعوها لتأتي كي ترى ما يجري، فأتت مسرعة أِلي لتعرف ما داخل الغرفة وما الذي يثيرني...
- إهدأ ! إهدأ يا(حنفوش) مابك هائج مضطرب تنحَ عن الباب لأرى ما يحصل... فتحت الباب فكانت الصدمة الكبرى زوجها وحياة عراة وفي وضع فاضح لايمكن السكوت عليه، لطمت رأسها وصرخة وسقطت بباب الغرفة مغشيا عليها...
- فأخذت أحوم حولها في محاولة لأيقاظها وأنا في غاية الاستغراب متسائلا: هل قتل السيد حياة؟؟
أرتدت حياة ملابسها وغادرت القصر على عجل هاربة من الفضيحة كما تقول، في حين صب السيد جام غضبه عليَّ موجها لي الضربات والركلات بقدميه عقوبة لفعلتي.. طردني من الدار ومنعني من الدخول مصدراً أوامره للخدم بعدم السماح لي بالعودةوأذا أمكنهم قتلي والخلاص مني...
ما كان يفترض بك ياسيدي جلب كلب من القرية العراقية، بل تجلب كلبا غربيا تطبع على مثل هذه المشاهد في بيئته،ولم يحدث لك مثل هذه المصيبة هكذا خاطبه كبير الخدم....
أجابه السيدلاوقت لهذا الكلام الآن.. المهم أطردواهذا الكلب الحقيروأن تمكنتم منه فاقتلوه !!
- بصعوبة بالغة جررت نفسي زحفا، لألقي بجسدي المدمى تحت ظل شجرة على رصيف الشارع لألعق جراحي، وما أصاب عظامي من رضوض على أثر ضربات وركلات السيد والخدم... اسودت الدنيا في عيني، وأنا لاأدري ماذا أفعل والى أين أذهب وكيف لي أن أعيش في الشارع بعد أنْ أعتدت العيش في دلال وأمان..
لاحظت سيارة أسعاف تنقل أحدهم من القصر رجحت انها السيدة التي أصيبت بالأنهيار وفقدان الوعي مما استوجب نقلها الى المستشفى...
وبذلك فقدت مساندتها لي وفقدت أي رجاء وأمل في العودة الى الدار.. اغتسلت في أحد السواقي الجارية، لأطهر جسدي من بعض الدماء المتخثرة، ولكي أستعيد لياقتي في التوازن والحركة... أسير مترنحا متعب الجسد والفكر ، أسأل نفسي:
- الى أين تتوجه (ياحنفوش) بعد هذا الأذلال والأذى لا لشيء سوى أنك رفعت صوتك محتجا على فعل الرذيلة والخيانة وحاولت تخليص (حياة) من أذى السيد؟
- هل يمكنني العودة الى قريتي؟؟
- ولكن كيف وبأي وسيلة ومن يدلني عليها، لا وألف لا فقد يكونون أشد قسوة عليَّ من السيد نفسه،ولا يستبعد أن يتبرع أحدهم بقتلي تقربا وتزلفا الى السيد، فهم لا يستطيعون مخالفة أوامره فكيف بكلب مثلي؟؟
- هل يمكنك (ياحنفوش) البقاء متسكعا في هذا الحي، فسلال النفايات لبيوت الحي متخمة بأنواع المأكولات من فضلات سكان الحي الأثرياء وولائمهم الباذخة... ولكنك تعلم جيدا أن لاحياة للكلاب السائبة في مثل هذه الأحياء الراقية، فستقتل فورا حينما لايعرف لك سيد من أهل الحي...
- أدخلت بوزي بحذر في أحدى سلال النفايات وأخذت ألتهم بقايا اللحوم والسمك لأسد جوعي بعد كل ماجرى علي وأمضيت ليلة كاملة بدون أكل، خلال أنهماكي في الأكل سمعت صرير باب تفتح حيث يبدو أنَّ صاحب الدار شاهدني عبر الكاميرا وخرج الي شاهراً سلاحه الناري لقتلي... فأسرعت بالفرار للتخلص من الطلقات التي تلاحقني... تسلقت جدار أحد الحدائق، ولكن ما أن دخلت حتى استقبلني حارس الحديقة بالصياح ورمييّ بالحجارة فضاقت بي السبل وقد أصابتني أكثر من حجارة، أخيرا وجدت منفذا يقود الى الشارع فهربت من مطاردة صاحب الدار و الحارس، لأدخل في لعبة خطرة مع السيارات التي تسير بسرعة البرق في شارع عام، حيث تمنيت لو تدهسني أحدها لأتخلص مما أنا فيه من خوف ومطاردة وعذاب، وعنف بشري غير مبرر، ولا أدري أسأل من قال بنجاسة الكلاب؟؟
- ولماذا الكلب نجس على الرغم من تفانيه في خدمة الأنسان ووفائه الذي أصبح مضرب الأمثال عند البشر، فهل الوفي المخلص نجساً؟؟.
دعك من هذه التساؤلات وتدبر أمرك الآن...
- أسأل نفسي الآن أين المفر يا (حنفوش)؟
- لامكان لك الا باللجوء الى الأحياء الشعبية في المدينة حيث الكلاب السائبة حتى المسعورة منها تسرح وتمرح في الشوارع دون رقيب على الرغم من شحة الأكل في مثل هذه الاحياء، ففضلات السكان قليلة جداوحاويات نفاياتهم خالية من اللحوم الحمراء والبيضاء،ليس كما في أحياء الأثرياء، بل وجود بعض العظام المكدودة وكسر من الخبز اليابس المتعفن أحيانا وربما بعضا من الرز والمرق ومزيدا من العظام بعد مآدب الأعراس و(الفواتح)، حيث تتنافس الكلاب والقطط مع المتسولين على براميل النفايات، وغالبا مايدخلون في عراك دامٍ للفوز بعظمة بائسة لسد رمق الأنسان أو الكلب أو القط من الجوع والحرمان...
- أسرع الخطوات محاولا تجنب مخاطر الطريق، يممت وجهي صوب الحي الشعبي المسمى بحي(التنك) على مشارف المدينة حيث تطوق المدن عادة بمثل هذه الأحياء البائسة المخصصة لسكن الفقراء والمنبوذين والمهمشين وأكثرهم من المهاجرين من الريف،بسبب الحروب أو الجفاف أو ظلم الأقطاعيين وتعسفهم أو الهرب من ثأر عشائري...
- أودع القصور والفلل الفارهة، أودع الأضواء البراقة والحدائق والنافورات، أودع الشوارع المعبدة النظيفة والسيارات الفارهة البراقة... وما أن أقف على مشارف حي (التنك) حتى تستقبلني عاصفة رملية مشبعة برائحة العفونة، أجتاز تلال النفايات التي وجدت الناس والكلاب والقطط والجرذان ينبشونهابحثا عن مخلفات نافعة، قطعة أثاث مستهلكة، قناني فارغة تصلح للبيع، بقايا فواكه نصف عفنة، أطعمة منتهية الصلاحية غالبا ماترميها الجهات الرقابيةالصحية في هذه المكبات لعدم صلاحيتها للأستهلاك البشري، طبعا بمقاييس الحكومة والاثرياء والدائمة الصلاحية بالنسبة للفقراء...
- تجاوزت تلال العفن وجمهرة النباشين متوغلا داخل الحي عبر أزقته الضيقة المأيسنة وبيوت التنك المتشابهة فيما بينها بحيث يصعب عليك التمييز بين بيت وآخر الا من خلال ماركات الشركات المثبتة على صفائح التنك الخارجيةكعلب الزيت أوالسمن أو الأصباغ الخ.
حال تجاوزي الأزقة الضيقة حيث انفتحت على ساحة مدورة تشبه مستودعا للسكراب والأطارات المستهلكة وبعض الأجهزة التالفة ووو، حتى ظهر أمامي قطيع من الكلاب ناتئة الأضلاع مكشرة الأنياب ما أن شاهدتني حتى دق لديها جرس الأستنفار والهياج والنباح، فهاجمتني من كل الأتجاهات كما يهجم جنود يقظين على عدو متسلل عبر الحدود، أِنها حدودهم ولامكان لأي كلب غريب الدخول اليها، فكل قطيع له محمية خاصة به لايسمح للآخرين بالدخول أِليها والغلبة للأقوى، تمكن بعضهم غرس أنيابه في ظهري وبطني، ولكني استبسلت في الدفاع عن حياتي وتمكنت من جرح وجدع أذان بعض الكلاب الهرمة على الرغم من كوني غير متمرس في خوض مثل هذه المعارك، كنت أتطلع الى أي ثغرة تمكنني من الهرب والخلاص من طوق الكلاب العدوانية، متسائلا مع نفسي:
- يا (حنفوش) لو تفهمت عدوانية البشر وخوفهم منك فما هو سبب عدوانية ابناء جنسك من الكلاب ؟؟ فهل الكلاب تحاكي البشر في صراعاتهم وحروبهم الدامية فيما بينهم لفرض السيطرة ونهب ثروات بعضهم بعضا والغلبة للأقوى، على الرغم من أنَّ ثروات الأرض تكفي كل البشرعلى الكوكب لو كانت هناك عدالة في التوزيع وسيادة السلام بين الشعوب... وأنا في هذه التداعيات التي أشعر أِنها أكبر من قدراتي العقلية لفتت نظري كلبة سوداء تهوهو بما معناه ماذا يفعل هذا الكلب الحليوه ابن الدلال هنا في حي الجوع والحرمان؟؟؟
- ياليتك تعلمين أيتها الجحمرش الهرمة ماذا جرى لي ومن أين أتيت وما الذي أوصلني الى هنا لأرى وجوهكم القذرة، ألا يفترض بكم بدافع الجنس الواحد تفهم حالي وتفهم قضيتي قبل أن تهاجمونني بهذه الوحشية دون سبب حتى قبل أنْ أُنافسكم على هذه النفايات القذرة؟؟
أخيرا وجدت فرصتي في الهرب مهدل الأذنين وذيلي بين رجلي، مخذولا خائفا لاأعلم أين أذهب، وجدت غرفة خربة بلا أبواب فآويت أِليها لألتقط أنفاسي وأشعر بالأمان وألعق جراحي من عظات وأنياب أبناء جنسي، فأخذتني سنة من نوم لأستعيد بعدها عافيتي فلم أستيقظ من نومي أِلا عندما مالت الشمس نحو الغروب، وقد مسني الجوع، استيقظت نفضت فروتي مما علق بها من الأوحال وقد ترقرت الدموع في عيني، انسللت من الخربة وأخذت أدور بحذر كبير في الأزقة باحثا عما أسد به رمقي فيما أعثر عليه في براميل وحاويات النفايات التي أغلبها خاوية، على حين غرة سمعت صوت فحيح وأنين في أحد الخرائب تقدمت نحوها بحذر كبير فاذا برجل ينكح آخر من جنسه وهو يتوجع دون أهتمام الناكح بمعاناة المنكوح ضخم الجسم، أقتربت منه وفاجأته بغرس أنيابي في مؤخرته المكشوفة فأصابه الهلع وأفلت المنكوح منه هاربامكشوف المؤخرة، طارد الرجل الناكح ممسكا مؤخرته،مهاجمني بأحجار فأفلت منه في أحد المنحنيات و أنا أسأل نفسي:
- أهذا هو مايسمى بالمثلية الجنسية والمثليين واللوطين المنحرفين، فما أسخف الأنسان وما أوضعه وهو يقوم بمثل هذه الممارسات، ويقال انهم شرعوا مثل هذا الشذوذ في بعض البلدان (المتحضرة جدا)، فنحن بنو الحيوان لانقوم بمثل هذا الفعل ابداً، فما أحقركم أذن؟؟
أثناء سيري خائف جائع أتلفت يمينا وشمالا خشية من الكلاب ومن البشر، لفت نظري شخص أشعث الشعر ممزق الثياب يعلق في رقبته خرج من الخيش ويمسك بيده عصا غليظة يهش بها عدواً موهوماً فربما يتوهم انَّه يهاجم من قبل أشباح ووحوش فيهشهابعصاه لطردها وتخويفها هذا كنت أنت يارفيقي (أبو عليجه)...
ما أن رأيتني حينها حتى توقفت عن الهش بالعصا وأخرجت من خرجك رغيف خبز رميته الي وكأنك كنت تشعر بجوعي، طالبا مني الأقتراب وعدم الخوف والأكل بأمان، استغربت كثيرا ووقفت حذرا متوجسا خيفة أنْ يكون رغيف الخبز مصيدة تريد الأيقاع بي وايذائي، ولكن ملامح وجهك وحركاتك وتوسلاتك بعثت الطمأنينة في قلبي فأخذت أقترب شيئا فشيئا منك، تناولت رغيف الخبز وأخذت ألتهمه بحذر، فخاطبني:
مالك خائف أيها الأخ، مالك مرعوب، أرى حالك كحالي طريد شريد وحيد، لاتطيقوهم ولايطيقونك، فربما اتبعت طريق الحق وعدم السكوت على الظلم، فأن كنت كذلك فأننا غريبان هاهنا (وكل غريب للغريب نسيب)...فكم أنا بحاجة الى رفقتك أخي المظلوم لنكمل مشوارحياتنا معاً وسط كل هذا الظلم من ابناء جلدتنا وغيرهم.
أخذ تيهو أهوه بعد أن أكملت أِلتهام الرغيف الثاني وشعرت بالشبع والأرتياح، اقتربت مني وأخذت تمسح على رأسي وتتفحص جراحاتي وكدماتي بحنان وعطف كبير لم ألمسه من أنسان قبلك، استلطفت شكلك ونباهتك وعطفك عليَّ... فقررت أنْ أكون رفيقك أينما ذهبت وأينما حللت ولايمكن أنْ يغدر بك الكلب كما غدر بك أخوتك بني الأنسان، فذكرت لي ما مرت به من السجون والمعتقلات والمطاردات وأنت المهندس الكفوء وصاحب براءات الأختراع والمبادرات والوطني الشريف، ولكنك لم تسكت على ظلم ولا تعسف من السلطات الحاكمة ولا من المجتمع المتخلف بقيمه وتقاليده الظالمة المتخلفه فعاقبتك السلطة ونبذك المجتمع ألا ماندر من الأحرار والشرفاء والأوفياء الذين يعطفون عليك ويتعاطفون معك...مسحت دموعك بطرف كمك المتسخ واصطحبتني وسرنا معا، وخلال رفقتنا الغريبة هذه تعرضنا الى الكثير من التنمر والأيذاء من قبل الصغار والكبار وبعضهم يهتف ( وحيد أبو عليجه حبسه الشرطي وخانه رفيجه )و (وحيد ابوعليجه ما بلع ريجه )، حيث يصفونك: بالمجنون وأحيانا يرمونك بالحجارة فتهشهم بعصاك ولكن دون فائدة، كنت أهاجمهم وأتلقى الضربات بدلا عنك... كانت تنتابك يارفيقي نوبات من اللامعقول فتصيح بأعلى صوتك وكأنك مسحراتي (ياناس أكعدوا، سرقت بيوتكم ونهتكت أسراركم) (ياناس اكعدوا سرقكم الحكام وخدركم الأمام فالى متى تبقون نيام)...وكنت غالبا ماتتعرض للسجن والضرب من قبل جلاوزة السلطة والمتزمتين من المتدينين حتى أن بعض أهل العمائم طالبوا بهدر دمك وقد أعتدت أناعلى تقلبات أحوالك،أزداد أعجابا وحبا وتعلقا بك يوماً بعد يوم، أقابل مراكز الشرطة وأظل أعوي ليل نهار عندما تتعرض للأعتقال، ولا أهدأ الا بعد أطلاق سراحك، وقد أخذ الناس يعلمون بسجنك واعتقالك في المركز الفلاني والسجن الفلاني تبعا لتواجدي وسماع عوائي، وكانوا معجبين بوفائي لصاحبب وغالبا ما يلقون لي الطعام تعاطفا وتضامنا معي حينما تغيب...
كان بعض الناس ومن مختلف المستويات يصفونك انت (أبو عليجه) بالأستاذ والحكيم وبهلول زمانك، على الرغم من بعض تصرفاتك التي تدل على اللاعقلانية والجنون ويرى البعض انها نتيجة للسجون وماتعرضت له من التعذيب والأذى من قبل السلطات الحاكمة، ويعتقد البعض أنك تفتعل وتمثل دورالمجنون والمهبول والصعلكة، جسورا غير هياب توجه أقذع الشتائم وأبشع الأوصاف للرموز الحاكمة ولأدعياء الدين من الكذابين والمزييفين ووعاظ السلاطين، وقد أشاعوا عنك انَّك شيوعي ملحد لاتؤمن بالله وحرضوا الناس على قتلك، وكنت غالبا ماترد عليهم بترديد قول مظفر النواب (انبئك عليا... لوجئت اليوم لقتلك الداعون اليك وسموك شيوعيا).
تزداد العلاقة حميمية بيني وبينك نتيجة للطفك وطيبتك واهتمامك بي، نأكل سوية مما يمنحنا الناس ممن يعرفون حقيقتك ويحترمونك ويتعاطفون معك فأحبوك وأحبوني بأعتباري رفيقك الوفي، كنا نفترش الأرض وننام في بعض الحدائق صيفا وغالبا ماأضع رأسي في حضنك وأغط في نوم عميق مع انّي حذر لأي حركة ومحاولة لايذاءك، وكنا ننام في أحد الخرائب شتاءا.
أحيانا أقوم بجولة حرة بين الخرائب ليلا أو نهارا بعد أن تشعر أنت بالتعب والأرهاق وأحيانا تطلب مني أن تختلي بنفسك للتفكير والتأمل،وأثناء أحدى الجولات أتيت اليك مسرعا أدعوك الى رفقتي هوهوتي فقد لاحظت أمرا عجباً، أستجبت لطلبي وتبعتني الى خربة حيث كان شاب يمارس الجنس مع أتان !!!، ضحكت مهونا الأمر عليَّ، وقلت لي: ياحنفوش أخبرك بما هو أغرب فأحدهم أجتنى أربع أتن في خربة وجلس في بابها كقواد لايسمح لأحد بممارسة الجنس معها ألا بعد دفع مبلغٍ من المال قد لايتجاوز الدينار الواحد وقد يسمح لأحدهم بالممارسة والدفع بالمؤجل وحين ميسرة!!!، مخاطبني:
ياحنفوش مشكلة الجنس والكبت الجنسي أحد الأمور التي يعاني منها الأنسان خلال فترة مراهقته وبلوغه، والأنسان يمارس الجنس في كل الأوقات وفي كل الفصول، وليس مثل الحيوانات لها موسم محدد للتزواج، وقد مارس الأنسان المكبوت الجنس مع الأطفال القصر ومع بعض المحارم أحيانا ومع العديد من الحيوانات كالأبقار والأتن والماعز والكلاب أيضا، كما أنك ستشهد ممارسة الجنس بشكل مبتذل بين رجل وأمراة في أحقر الأمكنة ومنها الخرائب والقبور وحتى في دورات المياه ووو.لم يكن فرويد على خطأ حينما أعطى أهمية كبيرة للدوافع الجنسية كمحرك لسلوك وتصرف الأنسان، تمسح على رأسي وتعود برفقتي الى الخربة بعد أن تدرك عدم معرفتي وفهمي من هو فرويد وماذا قال، متأملا أني فهمت ما قلته لي حول الممارسات الجنسية لدى الأنسان وأفهمتني أن لاأعير أهتماما لمثل هذه الممارسات حيث سأرى منها الكثير وعلى وجه الخصوص في الأحياء الفقيرة... وماذا عساك أنْ تقول ياحنفوش حينما ترى معارض (العراة) والأباحية وشرعنة المثلية الجنسية في العالم (المتحضر جدا)؟؟!!!
أرجو أن لاتمل من سردي لعلاقتي بك والأحداث التي مررنا بها سوية لأنك تعرفها ولكني أريد أن أعيدها على مسمعك فأرجو أن تحتملني فربما لا أستطيع المجيء اليك ثانية.
كنت تجالسني وجهاً لوجه وتحدثني حول واقع الحياة ومفارقاتها وما يعيشه أغلب الناس من كبت و ظلم وقهر مما يولد الزيف والشذوذ وتردي القيم من كذب وخيانة وغدر وتفسخ أخلاقي مريع... أصغي اليك متفهما ما تقول سواء بالكلام أو بالأشارة وحركات يديك وتبدلات خلجات وجهك وحركات عيونك...
وذات ليلة قمراء اصطحبتني معك الى المدينة دون أن أعرف سبب زيارتك ودون ان أعرف ماذا تريد من هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر فربما الحنين الى مكان سكنته وطفولتك واستعادة ذكريات عزيزة عليك، دخلنا المدينة في الثلث الأول من الليل والشوارع تغص بالناس والسيارات وعناصر الشرطة والأمن كالعادة في تواجدهم الدائم في الشوارع والساحات... تجولنا سوية مستعرضين واجهات بعض المحلات التي تعرض مختلف البضائع من السلع والملابس، والمطاعم الفخمة التي تفوح منها روائح القلي والشواء يسيل له اللعاب، استغربت حينها انّكَ تمتلك بعض النقود فابتعت (لفتين) من الهمبركر واحدة لك والأخرى لي، وبعد ان أكملنا أكلنا أستأنفت السير حتى وصلنا أحد أكبر ساحات المدينة يتوسطها تمثال كبير للحاكم يعتلي دكة عالية تحيطها الأزهار والأضواء، تقدمت نحو الدكة وجلست تحت النصب، وبعد قليل فاجأتني بالنهوض فأرخيت سروالك ورششت تمثال الرئيس بنافورة بولك الساخن، ففعلت مثلك فنحن الكلاب نفضل دائما ان نتبول على المرتفعات كبقية الكلاب، وقد ظننت انَّ هذا المكان مخصصا للتبول، وماهي أِلا لحظات حتى توجهت نحونا سيارات الشرطةوسيارات مدنية يستقلها اناس مسلحين..
تم ألقاء القبض عليك وأنت تضحك ضحكة مجلجلة عالية وكأنهم يدغدغونك ولايضعون القيود في يديك ويمطرونك ضربا بأيديهم وبأخمص مسدساتهم وبنادقهم حتى أدموك،زجوا بك في بطن السيارة وانطلقوا سريعا الى مكان مجهول، في حين هربت أناتلاحقني طلقاتهم النارية لمشاركتي أِياك في التبول على الرئيس !!!
أختبأت في خربة قريبةلأراقب باستغراب عملية غسل وتنظيف وتطهير التمثال بواسطة خرطوم مياه سيارة أطفاء حضرت في الحال !!!
تبخر الناس من الساحة فبدت خاوية موحشة،سيطر الهلع والخوف عليّ نتيجة قلقي الكبير حيث لايمكنني معرفة ماذا سيحل بك وكم وددت أن أسجن معك لأعرف ما يجري لك، بعد أنْ استعدت توازني وأمنت من خوف بعد أنْ توارى المسلحون فقد أنهكني الجوع والعطش، أتجهت صوب حاوية نفايات كبيرة على مشارف الحي الكبير قفزت الى داخلها وأخذت أنقب في محتوياتها، وقد عثرت على ما يسد جوعي لوفرة ما فيها من فضلات غذائية فقد كانت بالقرب من مخيم (فاتحة) لأحد الوجهاء، لعقت من ماء أحدى البرك في الشارع، ثم قررت العودة الى حي التنك بعد أنْ يئست من عودتك، دخلت الحي دون سند أو حماية، لاأدري ماذا سأقول لمحبيك حينما يروني بمفردي وكيف أفهمهم ماحل بك وكيف اخذتك الشرطة ولماذا..؟
عند دخولي الحي التف حولي بعض معارفك متسائلين عن مصيرك؟
هوهوت لهم بمرارة حد العواء المفجع والدموع تفيض من عينيي ألما على فراقك ولما جرى لك، تركتهم بعد أنْ فهمت انهم أدركوا أن هناك مصيبة حلت بك، وهم يعلمون أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها (أبو عليجه) للخطف والسجن والتعذيب بسبب تطاوله على المسؤولين بمختلف المستويات ولكنهم لايتوقعون ما حدث هذه المرة...
امتنعت يارفيقي عن الأكل حزنا عليك بعد أن انتابني اليأس من عودتك، مكثت في الخربة أترقب عودتك حيث اعتادنا أنا وأنت أن ْ نؤوي اليها بعد جولاتنا في أزقة الحي، في اللية الرابعة من الفقد فوجئت بسيارة تقف قرب الخربة وترميك جثة هامدة، فقد كنت عاريا مبتور العضو الذكري واللسان،مشوه الوجه، مقطوع اليدين، طرز جسدك بعدد من الطلقات النارية والطعنات الهمجية، وكأنهم يرسلون رسالة الى أهل الحي بأن كل من يتطاول على فخامة الرئيس سيلقى نفس هذا المصير...
تشممتك وذرفن دموع الألم، وأخذت بالعواء المرالمفجع بأعلى صوتي، فأخذ الناس يتجمهرون في الخربة ليطلعوا على الفعل الشنيع الذي ارتكبته السلطة بحق أبو عليجه، بلغ بهم الأستياء الصامت منتهاه وقد ذرف البعض دموع الحزن والحسرة على المصير المأساوي لرجل جسور غيور حكيم وعالم فذ قد تجاوز كل خطوط الخوف في مقاومة ظلم وتعسف وقهر السلطة والمجتمع...
أصدرت مديرية الأمن العام بيانا الى المواطنين تحذرهم من كلب عدواني مسعور (أبيض اللون في جبهته غرة سوداء) مطلوب حيا أو ميتا على من يقتله أو يمسكه تسليمه الى مقر المديرية وله جائزة مجزية لتخليص الناس من شره وعدوانيته...
بعد ساعات من الأعلان وقف الناس بالطابور أمام مقر المديرية وكل منهم يحمل كلبا مقيدا أو مقتولا أملا في الحصول على الجائزة، وقد حصلت معارك دموية بعضهم بعض للفوز بالكلب المطلوب طمعا بالجائزة، شعرت المديرية بالحرج فأين ستذهب بهذه الكلاب وكيف لهم معرفة الكلب المطلوب ولمن ستعطى الجائزة، لم تتوقف طوابير الناس من رجال ونساء وأطفال وكل منهم يظن أنه من أتى بالكلب المطلوب أصبحت أمام الدائرة صومعة من الكلاب، فاضطروا الى وقف عملية البحث عن الكلب ولفقوا خبر القاء القبض عليه في أحدى حدائق المدينة وقتله شاكرين للمواطنين تعاونهم مع الجهات الأمنية...ثم حملوا الكلاب كلها الحي والميت منها في سيارة مكشوفة وجرى دفنهم في حفرة كبيرة خارج المدينة...
واراك الناس الثرى في مقبرة المدينة بصمت خوفا من عيون الجواسيس، رافقتهم الى مثواك الأخير، رابضا عند قبرك عاويا باكياً ملتاعاً.
بعد أن انتهى من سرد حكياته لرفيقه توارى حنفوش عن الأنظار، في صباح اليوم التالي وجد عمال القطار وبعضهم من سكنة حي التنك جثته مهروسة على سكة القطار...فقرر أحدهم دفنه الى جوار قبر رفيقه (أبو عليجه).
***
حميد الحريزي - العراق