نصوص أدبية

نصوص أدبية

خمسة آلهةٍ جلسوا ينتظرون على مصاطب المحطة

بين حكمة وأخرى

يكسرون المللَ بمطرقة التأملات

ينظرون إلى السماء

فتثقبها نيران نظراتهم

ويتساقط من ثقوبها الملائكة والشياطين

**

جلسوا متحابين متجاورين

وأتباعهم خارج المحطة

يتراشقون بالتأويلات

ويعتزلون عن بعضهم ببطون الأباريق

**

كلّ إلهٍ يضعُ بين رجليه حقائبه

ومن ثقوب مفاتيحها

تتسللُ أحصنةُ الفاتحين

وعدا عمّا قضمته نصوص كلّ منهم من لحم الآخر

فقد بدا الآلهة متشابهين

بوجوههم التي

تنضح من تجاعيدها دماء ضحايا الفتن

وبأثوابهم المنسوجة من دخان الحرائق

وأعمدة الغبار

**

حين همّوا الركوب ببطاقة واحدة

في القاطرة التي لن تأتي أبداً

لم يعترض ناظرُ المحطة

فهم خمسةُ توائمَ سياميةٍ بجسد واحد

**

في المحطة التالية

كان آلهة آخرون ينتظرون

فظنّ المسافرون أن المصاطبَ أشجارٌ مثمرة

أما ناظرُ المحطة

فقد مَاعَتْ عيناهُ على خديه

وبللتْ قميصَهُ بالحِيرة

**

كلما تعددتِ المحطات

كان هناك آلهة آخرون متشابهين ينتظرون

وكانت هناك حِيرة

يمطّها جرّاً وسحباً بينهم النظّار والمسافرون

ويُحولونها إلى أديان وأساطير

***

شعر: ليث الصندوق

سقطت من سيف جلاد

بتاريخ وجغرافيا

جديدة

جدت لمحو منظوماتها

القديمة

كي تستريح

*

قطرة الدم

احمرت خجلا

لاحمرار اللون

فيها

واستعارت ريشتين

ونامت

في بياض

*

قطرات دم

قانية الغضب

لاحقتها في المنام

عفرت ريشاتها

بسواد ساحر

*

قطرة الدم

صاحت

اتركوا أطفالي وباحاتي

اتركوا جلدي وعظمي

وصباحاتي الصغيرة

*

قطرة ندى

أثمرت

فاحت. بلون

الأرجوان

واستمرت في خرير

أحلام عذارى

في مساءات سجينة

هل لقطرات الندى

أفجار صغيرة

وأهداب طويلة

وامتداد؟

وهل لدمي القاني

شهيد؟

*

في حلم فتاة غريرة

لون الحناء وحده

المشروع .

ودمي المضرغ بالياسمين.

*

قطرة الدم ا ضاعت

وهلتها الأولى

نامت في غمد سياف

بلا معالم

واستساغت لعبة الألوان

والافخاخ

والأحزمة

فإذا الأزهار تنسف

والندى

يسقط عن أوراقه

وشظايا الوردة المفجوعة

تشجو

في مزاريب حزينة .

*

لملمت أحزانها

القطرة

وتنفست

دمعة طفل  وليد

ذات لون وردي

واستعارت بتلتين

ثم صارت طلقتين

في سماء الأرجوان .

***

مفيدة البرغوثي

سبتمبر 2011.

في آخر الليل أطل أخي الاكبر المتوفى منذ أكثر من عقد من الزمان يرافقه حوالي العشرة من اصدقائه الموتى، أرسل ابتسامة صفراء نحوي. قال:

- سأذهب معهم لتقسيم الأرض..

أردت أن أصرخ به. أن أقول له ما ورّثه أبوك لك ولأخوك، سآتي معك سنقسّم الارض بالتساوي بيننا نحن الاخوة الثلاثة، إلا أنه بادرني متابعًا:

- بإمكانك ألا ترافقنا.. أنا أسدّ عنك.

فكّرت في أن أتصل بأخي الاصغر، أن أسأله عن رأيه، لا سيما وأنه شريكنا الثالث في الارث، فبدا أن أخي الاكبر أدرك ما أفكر فيه.. ففاجأني قائلًا:

- بإمكاني أن أسدّ عن أخينا الاصغر أيضًا.

شعور بهزّة وجودية انتابتني.. صاعقة.. زلزلت الارض.. فتطايرت شظاياها في كلّ اتجاه، ماذا يريد أخي؟.. أيريد أن يضمّ إلى المغبونين في الارض مِن إخوة وأشقاء رقمًا آخرَ جديدًا.. أيريد أن يستفرد بالإرث وحده.. لا لن أسمح له.. سأدافع بأسناني عمّا ورّثه لنا والدانا.. ولن أسمح لأي كان أن يهضم حقي وحق أخي الاصغر.. لا لن أترك أخي الاكبر يأكل حقنا.. وإنما سأرافقه إلى هناك.. إلى تلك البلدة البعيدة.. سأمشي إلى جانبه وجانب رفاقه سأتوقّف أينما يتوقفون وسوف أتابع حيثما يتابعون، وعندما سيدخلون مكتب المحامي لتقسيم الارث سأدخل معهم.. لن أوقّع على أي ورقة أو مستند قبل أن أقرأ ما ورد فيها أو فيه.. لي حق في أرض والدى مثلما لأخي الاكبر وأخي الاصغر أيضًا.. وماذا ستفعل أيها الانسان الفِتح الحذر المنكّح؟ هتفت بأعلى صوتي:

- سأرافقهم.

عندها جاءني صوت أخي الاكبر.. ساخرًا:

- سترافق مَن يا شاطر؟ ألا تؤمّن لي؟ ألا تثق بي؟

تناسيت ما قاله أخي وأجريت تعديلًا بسيطًا فيما سبق وقلته. قلت:

- سأرافقكم.

صمت أخي. أثارني صمته أكثر.. صمّمت أن أرافقه مُرغِمًا إياه أو بأية طريقة أخرى.. فالأرض هي آخر ما تبقّى لنا.. ونحن لا يمكن أن نتنازل عنها مهما بلغ الامر.. ومهما كلّف احتفاظنا بها من ثمن.. "عيون الطامعين في أرضنا كثيرة.. علينا أن نحافظ على حقّنا فيها مِن كلّ الطامعين فيها.. حتى لو كان أخي الاكبر". قلت بيني وبين نفسي، وجريت وراء السيارة التي طارت تطوي الارض طيًا بأخي ورفاقه.. شعورٌ بالخفّة انتابني.. أحاط بي من كلّ جانب.. طرت فوق السيارة الطائرة.. توقّفت بمحاذاتها.. أرسلت نظرة إلى داخلها.. كان أخي الاكبر يبدو مرتاحًا.. بأنه خلّفني وراءه.. وبأنه بات بإمكانه أن يستفرد بالأرض.. المورّثة لنا من والدينا.. كان هو وصحبه يرسلون الابتسامات.. وكانت هذه ما تلبث أن تتحوّل إلى ضحكات وقهقهات.. وكنت مِن ناحيتي كلّما شعرت بأن هناك مَن يسحب أرضنا.. إرثنا.. من تحت رجلنا.. أزداد تشبثًا بها.. وأرسل باتجاه العالم المُعتم حولي نظرة مفادها أنني لن أسمح. لقد رحل والداي مخلّفين لنا هذا الارث الثمين.. وعليّ أن أحافظ على حقّي وحق أخي فيه.. كي نخلّفه لذريتنا الصالحة.. "المعركة أمامك يا أبا الشباب.. وعليك أن تتحوّل إلى مقاتل عنيد كي تحافظ على حقّك فيها.. الضعف لا يليق بك في مثل هكذا موقف". قلت لنفسي وتابعت الطيران إلى جانب سيارة الموتى الطائرة.

أخيرًا.. بعد دُهور مِن المطاردة.. تمكّنت مِن أن أحطّ إلى جانب تلك السيّارة الضيّقة العابقة برائحة الموت.. وكنت أرسل نظراتي إليها مُتابعًا كلّ حركة ونأمة.. ها هي تفتح أبوابها.. ها هو أخي الاكبر يترجّل منها وها هم رفاقه يترجّلون ويتوجّهون إلى مبنى كبير انتصب في الناحية المحاذية.. إنهم يمضون نحو هدفهم بخطى ثابتة.. وها أنذا أنضمّ إليهم.. أتابع خطاهم.. هل شعر أخي بخطاي وراء رتله؟ ما إن طرحت هذا السؤال حتى بادرني اخي قائلًا:

- قلت لك بإمكانك إلا تأتي.. على كلّ ما دمت قد أتيت.. وتودّ أن تطّلع على كلّ شيء.. عليّ أن أخبرك أننا وصلنا قبل موعدنا مع المحامي بقليل.. سندخل الآن إلى غرفة في هذا المبنى.. هذه الغرفة لا تتسع إلا لنا.. وأشار إلى مجموعته، وقبل أن أقول له وأنا أين أتوجّه في هذا الظلام.. قال لي:

- لقد حسبت حسابًا لكلّ شيء.. هناك غرفة إلى جانب غرفتنا.. لا يفصلها عنّا سوى جدار من الزجاج.. بإمكانك أن تقضي لحظات الانتظار فيها.

تركت قلبي في الخارج ودخلت غرفة الانتظار المُقترحة.. راود النعاس عينيّ.. اعتقدت أن أخي وضع لي منوّمًا فيها كي أنام.. وكي يخلو له الجوّ ليشرّق ويغرّب في شأن الارض وليفعل بها بالتالي ما يحب ويشاء.. فتمرّدت وانسللت مِن الغرفة.. لاقف بمحاذاة غرفة أخي ومرافقيه.. ومضى الوقت ثقيلًا بطيئًا.. ".. يبدو أن أخي لن يجيبها البرّ" قلت لنفسي وتابعت:" أذا كنت أنت قد خطّطت.. أن أملّ.. وأن أنام.. فأنا صاحٍ لك". بعد لحظات خطر لي أن أتصل بأخي الاصغر.. أن أستعين به على تحصيل مُمتلكنا المهدّد بالسرقة في غيهب الليل.. فاتصلت به.. وأخبرته بما أنا فيه.. لم تمض سوى لحظات في دهر الانتظار.. وإذا بأخي الاصغر يحطّ إلى جانبي.. وتوقّفنا معًا أمام الباب المُغلق.. على أسرار لا عِلم لنا بها.. لنفاجأ بأخي الاكبر يخرج من غرفته ويركض.. ووراءه يركض رفاقه الموتى.. كانوا يتوجّهون صوب غرفة مغلقة.. شعرت أنها غرفة توقيع الاتفاقية الظالمة.. عندها أشرت لأخي الاصغر أن نشرع في الجري وراءهم.. فجرينا وكانوا هم يجرون ونحن نجري.. المثير في الامر أننا.. أخي الاصغر وأنا.. لم نكن نشعر بالتعب.. مثلما كان يفعل أولئك الراكضون وراء أخي الاكبر.. وبقينا نركض حتى أطلّت تباشير الفجر.. من بعيد.. بعيد..

***

قصة: ناجي ظاهر

ها أنا ذا...

رعشةُ غَيثٍ شاردةٌ

أُداعبُ رفيفَ أَحلامكَ...

إيماءَةٌ مُبَلَّلةٌ بالنَّدى

أُهامسُ رموشكَ

نَشوةُ شوق ٍ تدحرجتْ

على درجِ الكاميليا

لتوقِظ نغمَ الذكرياتِ

اسْتَيقظْ يا حارسَ الشَّمس

إنَّهُ كرنفالُ الياسمين..

إنهُ عُرسُ الحرِّيَّة

تَسَلَّقْ إلى هِضابِ فردوسي

وراقصْني

على أَوتارِ الشَّمس

تَنَفسْ من رئَتيّ

اِنْهلْ من ماءِ أَسراري

واختَبِئْ بين جَفنَيّ

كي لا يلمحُكَ اليَأسُ...

يأسرني طيفُكَ يا وطني

خُذ روحي ملجَأ ً

لاِنكِساراتِكَ...

وعمري فانوساً سحريًّا

لتَنهيداتكَ

واستَنِدْ إلى دفئِي

سأُدوِّنُكَ في وجدانِ نَخيلي

عِشْقاً أَبديًّا

وأُهدي إليكَ أُنشودةَ النَّصرِ

ضَلَّ الياسمينُ

فاختبأَ في أَنْفاسكَ

وَتاهَ اللُؤلؤُ في أَعْماقِكَ..

آهٍ .. آهٍ...

صمتُ عينيكَ تاريخِي

أَنْا عصفورتُكَ الدَّمشقِيَّةُ

ليس لي مأوىً

خارجَ مقلَتَيكَ

أَنا   جوريَّتُكَ اَلاِسْتثنائيَّة

ليس لي ندىً إلاَّ من شفَتَيكَ..

لأَجْل آهاتكَ أَنا مُعجَمُ حَنينٍ

لأَجْلِ خَفق ِ قَلبِك

أَنْا مَملَكةُ أنوثَةٍ..

لأنَّك مُعَتَّقٌ

بِنبيذِ الأُسطورةِ

أَنت ملحَمَتي

لأنَّكَ تَمْخُرُ عُبابَ البَحرِ

بأَجنحَة النوارس

أَنْا "ماريا" الحُلم

ولأنَّكَ تَنحَرُ اَلرِّيحَ أَنتَ فارِسي..

لأَنَّكَ قُربانُ المحبةِ أَنْتَ وَطَني..

ولأنَّكَ حبيبي أنا أَحيـا

***

سلوى فرح - كندا

الساعة الآن: (غَزَّةْ)

وكل الثوانيَ عِزَّةْ

*

والزمنُ المُعْتَدي

مُفْـــتَرٍ

لايرى

مايراهُ الزمان !

*

(يتيـــــــــــــــهُ)

فما من دقائق تُسْعِفهُ

كي يفيقَ

وما من أمانْ!

فليس لهُ برهةٌ

لحظةٌ

لمحةٌ

تَتَنَفَّسَهُ بِضْع عُمْرٍ

وبِضْع مكانْ!

*

يا للفضيحةِ

من (شرفٍ) يُستعادُ

بقتل البرايا

وهدم المبانيَ

فوق رؤوس الضحايا

وليس لِــ(عوْرته) سَتْرَهُ

بعد خِزْيّ...

وعارٍ

يُلاحِقهُ بالثوانْ!

*

فها قد أتاهُ

من الدهرِ حِيْنٌ

سيمحوهُ حتماً

حتماً سيمحوهُ

من كل شبرٍ

ومن كل ذرةِ حِبْرٍ

كأنْ لمْ يكُنْ!

أين ذاك الدخانْ؟!

*

عصرنا حاضرٌ

باتحادٍ أبانْ:

قِطَاعٌ..جَنوبٌ

بَرَدَى..فُراتٌ

نِيلٌ أَبِـيْ...

وسيفٌ يَمانْ

"يد الله فوقَ..."

وماشاء كانْ .

*

الساعة الآن:

حان الأواْنْ!

***

محمد ثابت السميعي - اليمن

ديسمبر ٢٠٢٣م

كانت الطيورُ كل عام

في مواسمِ الحصادِ والعطاء ْ

تهْجرُ الأمصارَ والأوطان

تودّعُ البيوت ..

تُقَبّلُ الأرضَ والمياهُ

والأشجارْ

الرٌبيعُ كان

بسمةٌ وزهرةٌ وأغنيه ْ

كلُ شئ كان

الأهلُ والديارُ يحلمون

فثمةَ زمان

وثمة قيامة

هولٌ وإنبعاثُ نار !

جهنمُ تفتحتْ أبوابها

تغضبُ السماء

الفضاءُ لا فضاء

بُعْثِرَتِ القبور

يختلطُ الأحياءُ بالأموات

تطايرُ الأشلاءْ

أكبدٌ، أعضاء

تعانق السماء بالدماء

لعبُ الأطفالِ

شظايا من لحومٍ

من حديدٍ

من أحجارْ

تلال  من اشلاء

تمتزجُ الدماء بالدموع

والأشلاء بالأشلاء

الحديد بالنيران بالاحجار

والأهاتُ بالدخان

قلائدٌ في عنقِ السماء

لوحةٌ عصريةٌ

إسمها الفناءْ

تمطرُ السماءُ من جراحنا

صرخاتنا نيازكٌ

في الأرضِ والسماءْ

كل ما نراهُ من جحيمٍ

من خرابٍ

من دمارْ

يعقبهُ إنتفاخُ في كروشكم

ويومٌ بعد يوم

نُشَرَّدُ، أو نجوعْ

ننْزف، أو نموت

تَحْمَرَّ من دمائنا خُدُودكم

أطفالنا حين يولدون

القيحُ في بطونهم

الجراحُ في صدورهم

الشيبُ والصداع في رؤوسِهِم

ورؤُوسكم وذقونكم

تسْودٌ من أحزانِ أمٌهاتنا

وتشرَبونَ النَّخْبَ على أشلائنا

نَغُصّ في آلامنا

نَغْرقُ في جِراحنا

نَخْجلُ من أنفُسِنا

نَخْجَلُ من ضَميرنا

نَخْجَلُ من تأريخنا

لأنٌكم قادتنا

لأنٌكم حُكٌامَنا

العَرَبيٌ صارَ يَخْجل

في كل بقاعِ الأرض

لأنٌكم زُعَماءنا

في كُلِ يوم نُسْألُ

أو نُهانُ أو نُشْتَمُ

في كُلٌ يوم نَحنُ نُهْدى كالعبيد،

أو نُباع

او نهرب بالزوارق

نغرق في البحار

وليمة تأكلنا الحيتان

لأنٌكُم قادتنا، حُكٌامنا

وكُل يوم تُشْعَل النٌارعلى رؤوسنا

بِنَفطِنا ورجسكم وخُبْثِكم

أطْفال قانا والعراق وغزُة

فراخ في صحونكم

ودماؤنا خموركم

في كل يوم نصرخُ من جراحنا

السماءُ والنجومُ والكواكب

تبكي على مأساتنا

وعيونكم وقلوبكم تسخر من آلامنا

أستغفرُ اللهَ من أسمائكم

أستغفرُ اللهَ من ألقابكم

أستغفرُ اللهَ من أبدانكم

أستغفرُ اللهَ من أثوابكم

الرٌجس في قلوبكم

الرجس في بطونكم

أستغفرُ اللهَ من بطونكم

وقلوبكم

أستغفرُ اللهَ من عيونكم

أستغفرُ اللهَ من وجوهكم

أستغفرُ اللهَ من أعمالكم

أستغفرُ اللهَ من ريائكم

أستغفرُ اللهَ من صمتكم ونطقكم

أستغفرُ اللهَ من (خياركم)

أستغفرُ اللهَ من شراركم

أستغفرُ اللهَ من أحيائكم

أستغفرُ اللهَ من أمواتكم

أستغفرُ اللهَ حين تصبحون

أستغفرُ اللهَ حين تضاجعون بعضكم

أستغفرُ الله حين تولدون

أستغفرُ الله حين تُقبرون

أستغفر اللهَ من عروشكم

أعوذُ باللهَ من قيامكم

أعوذُ باللهَ من قعودكم

أعوذُ باللهَ من همسكم ولمسكم

أعوذُ باللهَ من نباحكم وعوائكم

أعوذُ باللهَ من أحكامكم وشرعكم

أعوذ بالله من دينكم

أعوذُ باللهَ من شناركم وعاركم

أعوذُ باللهَ من رجسكم وعهركم وخزيكم

أعوذُ باللهَ من جبنكم ومكركم وغدركم

أعوذُ باللهَ من بطون أمٌهاتكم

أعوذُ باللهَ من أمركم ونهيكم

أعوذُ باللهَ من سجودكم وركوعكم

فكلما نذكركم

تنتفخُ أوداجنا

فنشتعل وننفجر لأنٌكم قادتنا

أشواك نحن في عيونكم

فانتزعوا الأشواك من عيونكم

وارموا بها عدونا وعدوكم

أو أفقئوا عيونكم

أنٌي أشكٌ في أصولكم

***

الدكتور إبراهيم الخزعلي

3/9/2006

ثار على وجودك خارج المنزل ولم تصلي قبله، كي تستقبليه بابتسامة كما تفعلين دائما، انت ناجحة في عملك وتتمتعين بتقدير مديرك وزملائك وتنالين المكافآت على اجتهادك ودقتك في العمل:

- الزيادة هذه التي حصلت في راتبك يجب ان تساعديني بها لأشتري سيارة جديدة .

تنفذين ما تتوهمين انه ينال رضاه، ولكنه ضنين بهذا الرضا:

- ماذا فعلت انت من اجلي؟ لماذا لا تقدمين على الاستقالة كما تفعل النساء المحبات لأزواجهن؟

-  كيف استقيل وانا اجد في العمل حياتي؟

-  انظري! انت لا ترين في المنزل الا انهاكا لك! وانك تجدينني قيدا ثقيلا يكبلك،استقيلي! لأصدق انك تحبينني! وانك حريصة على هنائي.

تحب زوجها ولا ترغب ان تثير غضبه وتحب العمل ايضا ويمكنها ان توفق بين الامرين في عملها اثبتت نجاحها ومنزلها اية في الجمال والترتيب .

- لا تقدمي على هذا الفعل، انت ناجحة جدا والدائرة تحتاج الى جهودك .

-  استقيلي يا امرأة ودعينا نرتاح من العناء، لمن تعملين انت؟ فانا لا احتاج الى راتبك .

-  خسارة سيدتي سوف اوافق على طلبك مرغما .

-  عندي ضيوف على الغداء هذا اليوم، كوني على استعداد لاستقبالهم .

تهيئين طعام الغداء يثني الضيوف على مهارتك:

- كل هذا الاصناف من صنع يديك؟

-  كلها لذيذة، عاشت يداك!

- كم مملة انت! احب ان اسافر! لست مجبرا على اصطحابك!

يطول غيابه ويفترسك القلق فانت تشتاقين له، ولم يترك لك مصروفا للبيت، وهو يعلم ان نقودك نفذت .وان النقود التي جئت بها من راتبك صرفتها على شؤون المنزل،

يتصل بك هاتفيا صديقه عماد:

- ارى انه من واجبي ان اخبرك ان زوجك اختار امرأة له من البلاد التي سافر اليها وقريبا سوف يتزوج!

 تستدينين من صديقتك احلام والنقود قليلة وانت بلا راتب .

- لماذا لا تعودين الى العمل؟

-  سوف اذهب غدا وان كنت اعلم ان مكاني قد شغلته موظفة اخرى .

-  لا بأس اذهبي وحاولي .

-  اسفين، مكانك مشغول!

-  وهل يمكن ان اجد عندكم مكانا اخر؟

-  لقد نصحناك الا تستعجلي في طاعة زوجك وانت لم تبالي بالنصيحة! ساحاول ان اجد لك مكانا اقل كثيرا من مهاراتك، امهليني وقتا،

***

صبيحة شبر

14 آب 2023

حُلمــي وأمنيتي الوحيـدهْ

أنّـي أســافــرُ فــي قصيـدهْ

*

كيما أحسُّ المــــوجَ وهْــــ

ــــوَ يُعانقُ الجُــزرَ البعيــــدهْ

*

كيمـا أرى النجمــات تبْــــ

ـــســمُ في السماواتِ المديــدهْ

*

يا منْ عرفتُ بها الهوى

وحسـوتُ خمــرتــهُ الفريـدهْ

*

يا مَـــنْ هواها قاتلــــي

ووعودهـــــا ليســت أكيــدهْ

*

جدّدتُ حُبــّكِ إنَّ فــــي

تجديـــــدهِ دنيــــا جديــــدهْ

*

هيَ غير دنيــايَ التــي

تحيــــا بها روحي شريــدهْ

*

هرباً من الضجرِ الذي

يبدو بأشكــــــالٍ عديـــــــدهْ

*

هربـاً من الدورانِ في

فلكِ الحكــــــاياتِ البليــــــدهْ

*

شوقاً إلى الزمنِ الجميـ

ــلِ ، إلى السويعاتِ السعيــدهْ

*

هــــذا أوانُ الحبِّ فلْـــ

ـــننْعــمْ بفرصتنــــا الوحيــــدهْ

*

فالعمرُ يمضي مسرعاً

لا نستطيـــــعُ بأنْ نُعيـــــــدهْ

***

جميل حسين السـاعدي

كُتِبَتْ القصيدة بتاريخ

4/12/2023

..........................

*كتبتُ هذه القصيدة اثر استماعي لأغنية السيدة أم كلثوم ( جددت حبك ليه) من كلمات الشاعر أحمد رامي

https://www.youtube.com/watch?v=cTOgUwS6NuQ

يا ضادْ

يا لغةَ العرَبِ الاجدادْ

يا أحلى قيثارةِ إنشادْ

تنسابُ من الاذن الى الروحِ

يا بلسمَ كلِّ جروحِ

يا فجراً...

سافرَ في الآفاقِ وعادْ

*

يا ملهمَ كلّ الابداعْ

يا باني دولٍ وقلاعْ

رفرفَ في أرضٍ وسفوحِ

يا علَماً يهزأ بالريحِ

يا فخراً

يبقى طول الآمادْ

*

يا أحلى ما فينا

يا أزهى ماضينا

يا أشرفَ فتح مفتوحِ

وترانيما في التسبيحِ

بكَ تاريخُ

العْربِ يُشادْ

يا ضادْ

يا ضادْ

يا لغة الاجدادْ

يا احلى قيثارةِ انشادْ

***

الاستاذ الدكتور محمد تقي جون

كم أرتفعَ الرقمُ  اليومَ..؟!!

عفواً لم أسألكمْ

عن سعرِ الدولار الأمريكي

المتوجُ ملكاً أسطورياً

في بورصاتِ العالمِ

ولم اسألكم

أتأثرتْ اسهمُ المودعينَ

في ناسداكِ دبي

بنزلةِ بردٍ حادةٍ

على إمتدادِ  ثمانٍ وخمسين يوماً

في مسلسلِ رعبٍ أمريكي

يحبسُ أنفاسَ العالمِ

لم أسألكمْ

عن أطولِ  برجٍ عملاقٍ  بدبي..

وكم هو متباهٍ على برجٍ

شيدَ قديماً في بابل

فبلبلَ السنةَ القومِ

بل كان سؤالي ياسادةُ

عن  أطفالٍ ضحايا في غزة

هل ارتفعَ العددُ الآنَ

في اليومِ .. الستين

فوقَ الرقمِ المسموح به

في أرشيفِ الأممِ المتحدةِ

ومنظمةِ حقوقِ الإنسانِ

ومحكمةِ العدلِ الأممية

أم أنه حطَّم رقماً قياسياً

لموسوعةِ غينيس العالميةِ

أم ليسَ هناكَ للرقمِ

حداً أعلى أو أدنى

الأمرُ منوطٌ بدرجة أحساس الساسةِ

في البيتِ الأبيضِ

**

أسألكمْ عن رقمٍ

لهذا اليومُ... السبتُ!!!

المتصلُ الحلقاتِ

لم أسألكم أبدا عن أكوامٍ

لأوراقِ الصحفِ المحترقةِ

تجرفها ريحٌ عاتيةٌ

فتطيرُ عالياً

أجنحةٌ سوداءٌ

وتنزلُ للأرضِ ذراتُ رمادٍ

بل كان سؤالي ياسادةُ

كم طفلاً قتلتم هذا اليومُ ..

***

صالح البياتي

لا لن اُسَلِمها صاغراً

إلى حَفَّارِ القُبُورِ

لن اُسِّلمَ دفاتِرَ أشعاري

ففيها حَلِّي وتِرحالي

وفي جنباتٍها عالياً

تَرنٌّ ضحكةُ أبي

وتفوحُ رائحةُ

رَغيفِ خُبزِ التَّنورِ

الَّذي خبزَتهُ

ذاتَ يومٍ أُمي

وبين الصَّفحاتٍ يتردد

صدى صيحاتِ

رِفاق الطُّفولةِ

فوق أرصفةِ حَيِّنا العتيقِ

وتنطلق وشوشات العصافيرِ

المُتواريةِ بين

أغصانِ شَجرةِ التُّوتِ

ومنها تنبعثُ رائحةُ البَخورِ

في الفضاءاتِ

وتتهادى

فوق أمواجِ التَّرانيمِ

لا لن أُهيلُ الترابَ

فوق سُطورِ القصيدةِ

ففيها وجهُ حبيبتي

وكراسَةُ مدرستي

وشطيرةُ الزَّعترِ والزَّيتِ

المُخَبأةِ في حَقيبتي

إفطاراً في فترة استراحتي

لا لن أُبَدِدَ دفاتري

فهي كُلُّ ذاكرتي

وأجملُ ذِكرياتي

مِن دونِها

كيف أُتنشَّقُ شَذى الرَيحانِ

في حديقتِنا الصغيرةٍ

وكيفَ أُمْسِكُ

في الطُّرقاتِ المُخيفةِ

أطرافَ فُستانِ والدتي

وكيف أشعرُ بالأمانِ

إن يَصمتَ أبي

أتُوهُ وتتعَطَّلُ بوصِلَتي

ويَنخرُ النِسيانُ جَسدَ حِكايتي

لن أَرضخَ أبداً إلى مشيئةِ

حَفَّارِ القبُورِ

ولن أجعلَ قصائدي

وليمةً لِدودِ الأرضِ

فينُبذُني زَّماني

وتهجرني ذاتي

وتتبرأ مني ضَيعتي

***

جورج مسعود عازار ستوكهولم السويد

سيّدةٌ مغناجٌ

تعشقُ مَن يُدلّلها

ومن يقيمُ لها

قُدّاسَ الحبِّ

المتوّجِ بالمشاعرِ الجيّاشةِ

تعشقُ مَن يكفكفُ

دمعها

ومَن يطبطبُ على أوجاعها

واذا ما داهمها اليأسُ

تنامُ كطفلةٍ بريئةٍ

في أحضانِ الشّعرِ

تحلمُ بالمجدِ والشُّهرةِ

ثمّ ترقصُ كمجنونةٍ

على رؤوسِ أصابعِ الوجدِ

وعلى شواطىء أمواج المعنى

تمشي ممشوقةَ القوامِ

في الأمسياتِ

لتعبثَ بالعقولِ

والقلوبِ

ساحرةٌ هيَ

إذا ما ظهرتْ

بكاملِ عنفوانها وزينتها

فعناقُ الشِّعرِ

تراتيلُ الألمِ المقدّسِ

حين يضجّ بالحياةِ

يناجي

كلّ اللغاتِ

ويتفرّدُ

بالعشقِ

والحبِّ

والشغفِ

يتفرَّدُ … بالآهاتِ

يخدشُ رقَّةَ المعنى

ويناجي عيونَ الجمالِ

ورقّةَ النّساءِ

ورجولةَ الرّجالِ

وبراءةَ الأطفالِ

والعشبَ حين يختالُ

على الصَّخرِ

يناجي الحقيقةَ

ويزيّنها .. بالمحال

الشعرُ هو الطفلُ

الذي ينامُ

في حضنِ القصيدةِ

ويردّدُ ترنيمتها

بشغفِ الأمومةِ

يتأبطُ ذراعها

ويمشي إلى أقاصي جزالته

هو انبجاسُ الألقِ

من الأعماقِ

للتّعبير

حزناً

وفرحاً

بخيالاتٍ باسقةٍ

في سماءِ المعاني

وبتراكيبَ جزلةٍ

يسافرُ بأجنحةِ الأبداعِ

إلى عالمِ الأبتكار

تقاسيمٌ موسيقيةٌ

بنسيجٍ أخّاذٍ

تأمّلاتٌ

وإسقاطاتٌ

تحاكي الواقعَ

بشغفِ الخيالِ

وعقلٌ جنوني ٌّ

يسجنُ حواسنا

ويلمُّ أرواحنا المبعثرةَ

يستدرجنا

إلى عالمهِ المسحورِ

بلغةٍ من نارٍ ونورٍ

يدغدغُ الرّوحَ

يناجي العقلَ

بالمحسوسِ والملموسِ

والغريبِ والمألوفِ

يخرجُ عن النَّمَطيّةِ

إلى العمقِ والتكثيفِ

والانبهارِ

ويشقُّ الظّلامَ

بضوءِ النَّهارِ

الشّعرُ هو المعنى

والإيحاءُ

والتّرميزُ

والتّجريدُ

مناجاةُ العقلِ الباطنيِّ

والفكرُ الصّافي

تداخلُ الشّعورِ

واللاشعورِ

وتعميقُ أثرِ الإحساسِ

على الحواسِ

وهو

مفرداتٌ خشبيّةٌ

إذا ما غازلتهُ القصيدةُ

بكلِّ مفرداتِ زينتها

وغنجها

وعفّتُها

إذا ما اغتسلَ

بنثراتِ حبرها

وردّدَ صدى همسِها

لأنَّهُ

تداخلُ الواقعِ

بالحلمِ

اصطيادُ النّجومِ

مشاكسةُ السّماءِ

مغازلةُ الشّمسِ

ترصيعُ ضوءِ القمرِ بالبهاءِ

اصطيادَ حوريّاتِ البحرِ

معاكسةُ الكواكبِ

والوقوفُ على الأطلالِ

بسموِّ النّفسِ

والإيثار

ولأنّهُ …

خصوبةُ الخيالِ

إحساسٌ مرهفٌ

مخزونٌ لغويٌ

وافرٌ وغنيٌ

يؤرجحُ المعنى

ويمتطي صهيلَ البوحِ

كفارسٍ أبيٍّ

يمَجِّدُ الأصالةَ

ويناجي عنوانَ القصيدةِ

ليرسمَ أنينَ الرّوحِ

على جدارِ الرّهبَةِ

بحلمٍ نقيٍّ

***

سلام البهية السماوي

ما زالَ يمرُّ  ببالي كلَّ مساءْ

إِنِّي ما زلتُ أرى كلَّ صباحْ

إِمرأةً تُوقِظُنِي

و تُسائِلُنِي:

لِمَ يأخُذُكَ النّومُ طويلاً؟

لِمَ تَتْرُكُنِي

ساهِرَةً، والحزنُ يُبَعْثِرُني؟

*

أتخيَّلُ إنّي

كُنْتُ وحيداً

أتَوغّلُ بالدَّرْبِ بعيداً

لكِنّكِ تأتينَ سريعاً

و تسيرِينَ بِجَنْبي

فأُحِسُّكِ نبضاً

يتردّدُ في الرُّوحِ نشيداً

أُبْصِرُ  وجْهَكِ مُبْتَهِجاً و سعيداً

أُبْصِرُهُ مُبْتَسِماً

فوقَ وجوهِ النّاسِ،

و مُرْتَسِماً ليلَ نهارْ

في بَتَلاتٍ تَنْضَحُ عِطْرا

بَيْنَ خدودِ الأورادِ،

و بَيْنَ شِفاهِ الأزهارْ

*

أتخيَّلُ إنّا

ذاتَ صباحٍ

يَقْطُرُ حُسْنا

كُنّا

دونَ جناحيْنِ نَطِيرْ

فوقَ بساطِ لا يُبْصِرُهُ أحَدٌ

و نظلُّ نطيرُ...

نَطِيرُ...

نَطِيرْ ...

***

شعر: خالد الحلّي

ملبورن - أستراليا

لا حُبَّ لا قُبُلاتْ

لا شِعْرَ لا مشاعرْ

لا أَبيضَ لا أَسودْ

لا نورَ لا ظلامْ

لا ضمائرَ لا مواقفْ

لا حَقَ لا عدالةْ

لا قانونَ لا سياسةْ

لا نفطَ لا محروقات

لا ذهبَ لا فضَّةْ

لا دولارَ لا يورو

لا مسرّاتِ لا أَحزانْ

لا دينارَ لا درهمْ

لا خيرَ لا شَرْ

لا موتَ لا حياةْ

لا وجودَ لا عدمْ

لا شيءَ ... لاشيءَ

لا شيءَ هُنااااااااااا

لا شيءَ هُنااااااااكْ

فماذا لو أَنَّ وحوشَ اللهِ

الذينَ يَدَّعونَ بأَنهم بشرٌ

ماذا سيَحْدَثُ لو أَنَّهُم

قد ضَربوا غَزَّةَ

بقنبلةٍ نوويةْ ؟؟؟

فَهَلْ سيبقى من بعدِها شِعْرٌ؟

وياسمينٌ وتينٌ وزيتونٌ

وعطرٌ ومرايا وكركراتُ أَطفالٍ

وإبتساماتُ أُمّهاتٍ

وأَحلامُ آباءٍ بسطاء؟

وماذا سيكونُ حالُ العالمِ

ومصيرُ الكونِ والخليقةِ

وكيفَ سيكونُ عليهِ

صباحُ اليومِ التالي

لإبادةِ شعبٍ مخدوعٍ

على مدى عشراتِ السنواتِ

بوعودٍ زائفةٍ وعهودٍ كاذبة

بتقريرِ مصيرِ وطنٍ مُسْتلَبٍ

ومُغتَصبٍ بالنارِ والطائراتِ

والخوفِ والذلِّ والدمِ الذي يملأُ المنازلَ

والشوارعَ والحقولَ الجديبةِ

والمُدنَ الكئيبةَ

وبساتينَ الياسمينِ الحزينْ؟

وكيفَ ستنظرُ الصبايا

في عيونِ العشّاقِ المكسورةِ

من فرطِ المَذلَّةِ والخجلِ

والحياءِ الإنهزاميِّ الكسيرِ

وكيفُ سيرى الآباءُ

وجوهَ صغارِهم وتصاويرَأسلافِهم

في المرايا التي كسَّرتْها الشظايا

في ليالي القصفِ والعصفِ

والجحيمِ المُرِّ

والموتِ الرخيصِ

في غَزَّةِ " هاشم "

التي تشبهُ العنقاءَ

إذْ تنهضُ جمراً

ثمَّ نوراً

من رمادِ المَحْرَقةْ

و" هولوكوست" الفجيعةِ

والخديعةِ والفضيحةِ

و" أُولمبيادِ " الدمِ والدموعْ

***

سعد جاسم

2023-11-10

كم أحب رائحة الذئاب في النصوص.

رائحة كتفيك وأنت تحملين فأسا لكسر أفق المتلقي..

رائحة البحر في الكلمات المليئة بالنوارس.

رائحة الأنثى في الجنازة..

كم أحب إيقاع أقدام المتصوفة

في التجربة..

ضجة أصابعك وهي تودع مراكب الفاتحين..

عبور الجسر في العتمة

لطرد الأرواح الشريرة.

التحديق في لوازم الدفن..

في غيمة سيارة الإسعاف..

في نعش يسرد متواليات الوداع..

في نثر البلبل الأسير..

في ريش الميت آخر المساء..

كم أحب الشيء وضده.

فضة الروح وعيدان الجسد.

صفاء الباطن وكثافة الظاهر..

والغناء في الأماكن المعتمة.

***

فتحي مهذب – تونس

يعود ابراهيم الى القرية ككل مساء سبت متأخرا من الثانوية حيث يقضي ساعتين في المراجعة الإضافية مع أستاذ الرياضيات..

نياحة في البيت تفاجئه، عويل، صياح، ولطمات على الخدود والصدور !!..

ضاقت نفس إبراهيم وارتعبت..مَن الميت؟ !!..

وقف وسط البيت مشدوها لا يعرف ما حوله!!

أمه أمامه، تكتفي بدموعها المتسربلة في صمت،والنائحات بعيدا عنها، يناوحنها في غرفة تقابلها، تعلو شهقاتهن ولهن يرتفع لغط وأنين...

والده في غرفة ثانية مع ثلة من الرجال، قلة منهم من عرف، أكثرهم بين محوقل ومشدوه، يتبادلون نظرات الحسرة والحزن وآهات التلهف، رجلان تفردا عن الحضور بسمع ونظر وانشغلا في حديث حماسي حول العروبة والجهاد والدعاء على الأعداء..

قصد إبراهيم والده، عانقه مكتفيا برفع يده تحية سلام للآخرين..

ـ عمك عمران قد مات في باخرة أثناء عودته..

قالها الأب وقد بادرته دموعه بحشرجة خانقة..

ـ الله أكبر !!..هل كان مريضا؟..

تصدر أحد الحضور برد، حسبه إبراهيم ناعي الخبر:

ـ لم يكن يشكو أي شيء، كان من ضمن من قتلوا بعد هجوم لقراصنة يمنيين على باخرة إسرائلية..

يعانق إبراهيم أباه في إشفاق وتعاطف كبير..

يدرك تعلق أبيه بعمه، يكاد يكون توأمه، ازدادا معا في عام واحد.. خيره على اسرة إبراهيم بلاحد..

استطاع عم إبراهيم أن يشق طريقه في عالم المال والأعمال،بعد دراسات عليا معمقة، عكس والد إبراهيم الذي لم ينل غير حظ قليل من تعليم كما بلغه العم الذي كان نبوغه يتبدى من صباه، حتى مراحله الدراسية حركها بالقفز على أكثر من مستوى..نال البكالوريا ورحل الى إسرائيل بتحريض من جدة إبراهيم ذات الأصول اليهودية التي كانت ترى ابنها عمران النابغة الذي يقتفي خطو أخواله متعلقا بالدراسة والعلم، واستطاع أن يجمع بين الدراسة والتجارة في كل شيء، عزيمة، مكنته من تحقيق طموحه في ما يريد الوصول اليه بتشجيع من أمه..

 عكس أخيه البكر الذي كان ميالا لحرفة أبيه وأعمامه، تشبثٌ بالأرض قناعة ورضا بلا طموح. مات جد إبراهيم وبكره يشتغل في حقل هو ما تنازل له عنه الجد في حياته..

وقد استطاعت جدته بكدها أن تبني بالأرض بيتا فيه ازداد أبو إبراهيم وبعده عمران وزريبة لرؤوس أغنام جده القليلة وبقرته وحماره، وسيلة نقله الى السوق الأسبوعي، ذاك كل ما ورثه أبو إبراهيم وعنه تنازل عمه..

 تعوَّد أبو إبراهيم أن يحرث الأرض بما يسد رمق الأسرة من إنتاج قليل..

زلزال ضرب المنطقة في إحدى الليالي فخلف دمارا، ساخت الأرض وقضت على ما تملك الأسرة ومعه هلكت الجدة..

تذكر إبراهيم أخته آمنة، فالمفاجأة قد غيبتنه عن السؤال عنها، بادر أباه:

ـ وآمنة هل كانت معه؟ !!..

ـ آمنة أرجأت رحلتها،فقد كان لها موعد مع إحدى الشركات.

كان عم إبراهيم هو المسؤول عن آمنة، انحازت اليه بعد البكالوريا وتابعت دراستها في شعبة الرياضيات ثم في معهد للطاقة الذرية باقتراح من عمها..

لم يكن عمران متزوجا، فما كان يعرفه إبراهيم عنه إضافة الى طول قامته وجمال محياه أنه زير نساء، ما رآه في مكان الا وهو محاط بالنساء من مختلف الأعمار، عبقٌ بعطره ولهن العشيق، كان يرحمه الله واثق الخطو ضحوكا، يتقن النكتة إتقانه للغات ويتلفظ الشهد.. ذكاء يطول به الحياة كما يطول العلم.. ورغم ماقيل عن نسوانيته فقد كان يحمل قلبا متيما بامرأة وسمت صدره بأثر،فلم يغب عن إبراهيم وهو يرى أنثى بزي قبطان بحري يوم جنازة عمه، تجالس أمه منتحبة متحسرة..

كم أثاره الشبه القوي بين السيدة القبطان وبين أمه..كانتا معا مفاجأة وقراءة لنفسية عمه وما يختزنه في صدره..

كثيرا ما كان أبو إبراهيم يحذر أخاه من ركوب البواخر خصوصا في هذا الوقت بالذات حيث حروب الخليج و طغيان الهجرة السرية وانتشار مراكب الحريك والتهريب والاتجار في البشر، لكن عشق العم للفنادق العائمة، وعلاقته المتينة بربانة إسبانية ذات أصول مغربية جعلته لايتأخر عن اية رحلة تكون المغربية فيها..

كازانوفا، لبق، عاشق،بالنساء مولع، يهوى ركوب البحر..

ـ "السفر في البحر متعة رحلات، سماء تسبي إذا تلألأت نجومها، والبحر رحابة حرية من جميع الجهات،، كما أن راكب البحر يستطيع التجوال في أكثر من بلد خصوصا اذا كان مثلي عاشق نسوان، لا أنظر لدين ولا مذهب،ولا لون أو انتماء وطني، الجمال وفقط الجمال هو الناموس الأسمى.. وهو ما ينحت قلبي بإزميل عشق..

في الأسبوع الثاني بعد الدفن والذي لم يرَ إبراهيم جنازة اكتسحها النساء من مختلف الأوطان وجميع الأعمار كما مرت جنازة عمه، أقبل محامي إسرائيلي ليسلم أباه وثائق وصية أخيه:

نصف ثروته المالية كتبها العم لوالد إبراهيم،أما النصف الثاني فقد كان باسم أم إبراهيم مناصفة مع أخته، مع ملحق على أن ينفق الأب من ثروته على ملجأ القرية ودار المسنين بها..

كان نصيب إبراهيم من عمه بيته في إسرائيل مع مكتب للدراسات شراكة بينه وبين أخته آمنة..

عطية تحرك أكثر من قراءة و تأويل..

كان المحامي يحاول أن يمرر لأخ الفقيد أكثر من معلومة عن حياة العم:

ـ لأول مرة يفكر في كتابة وصيته وكأنه كان يستبطن إحساسا بموته..

وأضاف دون أن يدري إبراهيم هل تعمد المحامي اليهودي ما يبوح به أم يوحي اليهم به:

ـ لم يفكر يوما أن يخلف أصولا تجارية في المغرب، بعد ما بلغه من مافيا العقار هنا من أن أكثر اليهود الذين غادروا المغرب قد تم السطو على أملاكهم..

يقاطع إبراهيم المحامي محتجا:

ـ عمي لم يكن يهوديا ولم يخطر له على بال أن يترك وطنه يوما الا لتجارة،أو استشارات دولية يطلبها قادة ورؤساء مكنته منها معارفه وخبرته، وليس معنى ان تكون جدتي يهودية وقد أسلمت على يدي جدي أن يعتنق ابنها المسلم السني الدين اليهودي..

بسمة خبث يرسمها المحامي على محياه فيقول:

أعتذر سيدي، لا اقصد ما ذهبت اليه، نحن اليهود نعتبر الام هي الأصل في النسب والدين والمبدأ، وعمك لم يتحدث يوما عن إسلام جدتك، ولك أجزم أن عمك كان انسانيَّ النزعة فوق كل الديانات وتلك عبقريته وأسباب تفوقه

 و قمة علاقاته الممتازة مع الجميع..

تطلع أبو إبراهيم الى ابنه بنظرة ذات معنى تلزمه الصمت..

كان إبراهيم دوما يضع أباه وعمه موضع مقارنة، أخوان كالتوأم، لكن كانت لكل منهما ميولاته وتعلقاته، أبوه إبراهيم كان اقرب الى جده ايمانا بإسلامه و قناعة بالأرض التي يفلحها وبها يتمسك بالرغم من عطائها القليل، لكن من عيوبه: تسرعه، و بناء أحكام شمولية مسبقة كثيرا ما كان يقف على خطئها، كان يحب أن يسيطر على كل شيء ولا يُحكِّم غير رأيه،فقد أصر على أن يتابع ابنه دراسته في شعبة أدبية حتى يتخصص في العلوم الدينية فوقفت له زوجته بالمرصاد ولم يتنازل الا بعد ان هددته بالطلاق:

ـ انك تحاول أن تهدم طموح ابني وقدراته، الحياة لم تعد ما تأثرت به أنت لتعصبك والتصاقك بقالب جاهز وسهل كنت اليه مطمئنا نفسيا وروحيا، الحياة جهاد، وابني يملك القدرة والوسائل..

كان العم عمران رجلا برغماتيا معتدلا،يفكر في نفسه دون نسيان غيره، بعيدا عن الانغلاق والمثالية،يرفض التسلط والشمولية،الأديان في مفهومه من نبع واحد لهذا فهي وسيلة للتربية والسلوك وعدم الشرك بوحدانية الله بلاسبب للعصبية والصراعات، والله حين خاطب أنبياءه:"آسلمتم" لم يعين أسبقية مسلم عن مسلم إلا بالتقوى..

في الأسابيع التي تلت الجنازة كان إبراهيم يلاحظ انشغال أبيه بشيء، كان زائغ النظرات كمن يستبطن سرا أو يحمل هما،كأنَّ وصية أخيه قد حركت في صدره أمرا دفينا. لم تكن عقبة الرحيل الى إسرائيل ليتسلم إرث أخيه هي ما يشغله لكن أمرا غيره كان يشده بتفكير خصوصا حين يحادث أم إبراهيم عن نصيبها وما تنوي القيام به،فيأتي ردها:

ولماذا لا أسافر؟ بنتي هناك ولي أكبر حجة.. لن تقمطني غربة !!.. حاول أنت أن تتحرك فبيت أخيك فسيح كبير كما أخبرتني آمنة و الثروة التي تركها لك قادرة أن تغير تفكيرك وتعيد تقويم نفسك وستجد أكثر من مساعد وعون يشقون لك طريق غناك إذا أردت أن توظف رصيد بنكك الجديد،المهم أن تلين وتؤمن بذرائعية الحياة.. وتجدد نظراتك الى وجودك الحاضر الذي أمامك،لا ذلك الذي يقيدك بحبل وهمي، لاتنس أن لك بنتا تشبه عمها، ذكاء و قدرة على الخلق والابداع،كما لك ابنا صاعدا مثلهما..

ثورة غضب يحبسها أبو إبراهيم في صدره من كلمات زوجته، يخشى إبراهيم أن تفور من لسانه أبيه ويديه، وقد فعلها مرة في عهد جدة إبراهيم فمنعته من زيارتها وحرمت عليه وجهها شهرا كاملا الى أن تدخلت أم إبراهيم متنازلة..

 حين كان يسأل أبو إبراهيم ابنه عن مدى اقتناعه بما فعله عمه وهل هو به سعيد؟كان إبراهيم لا يجرؤ أن يقول له:

ـ تعمد عمي ان يربطني بمكتبه هناك لأقتفي أثره، و لتظل قدم مغربية مستمرة راسخة قلب إسرائيل كما هي راسخة في أكثر من بقعة أرضية يتمكن بها نشر حضارة عريقة قد تسود العالم..

لكن إبراهيم كان يكتفي بواجهة الحقيقة:

ـ ربما كان واثقا من قدراتي على العمل هناك أو ربما ثقة بأختي التي كان يحبها لشبهها به ذكاء وطموحا وميلها الكبير بقد جدتي جمالا وأنوثة، وأرادني أن أكون لها مؤنسا ورفيقا وهي لي قدوة..

لم يكن يغيب عن إبراهيم إيمان عمران عمه بالعمل الجماعي وحب المغامرة،كما أن مفهوم الوطن لدى عمران لم يكن الرقعة التي ولد فيها المرء، فكل رقعة يستطيع فيها الانسان أن يحس بالانتماء، يطور قدراته، ويكسب رزقه ويحصل فيها على جنسية ذلك هو وطنه..

سوء تفاهم أم إبراهيم وأبيه كان شيئا مألوفا لديه، فارق السن وتباين التنشئة والكم المعرفي بينهما، كما أن أم إبراهيم كانت تحركها إحساسات إعجاب بعمه قبل زواجها من أبيه، لكن امتناع أبيها ورفضه القاطع أن تسافر بنته الى إسرائيل كزوجة، فجَّر طمع والد إبراهيم نحوها، فتمناها لجمالها وقدها واليها قد شدته رغبة، تزوجها بعد تدخل أكثر من شخصية كبيرة في القرية وبعد استئذان من أخيه الذي نصح والد إبراهيم بكل تلقائية:

ـ بادر قبل أن يخطفها منك غريب عن القرية،جمال وخلق ووعي..

كانت أكثر الخصومات تحتد بين الأم والأب حين يكون عم إبراهيم في زيارتهم، لكن كل ذلك لم يكن ليؤثر على علاقة الأخ بأخيه و على قوة رابطة الحب التي توحدهما بألفة متينة،والتي أسستها جدة إبراهيم على الحب والحنان وتبادل الاحترام بين الأخوين، فعمران عند زيارته لم يكن يدخل بيت أخيه الا لغذاء أو عشاء ولا يمكث أكثر من يوم أو يومين لانه ظل يحتفظ بجناح والدته ضمن بيت العائلة..

وحدث ما جعل إبراهيم على وشك كراهية أبيه، فنظرات الأب الزائغة واستغراقه في تفكيرطويل كان وسواسا يحرك عقله بتخريف، كان الأب يشك في أبوته لابنه وقد أدرك إبراهيم ذلك من غياب أمه الذي لم يألفه، فوصية العم أقامت في نفس الأب حرائق..

حين كان يسأل أباه عن سبب غياب أمه كان رد الأب يأتي على غير حقيقة ما يبطن رغم أن أم إبراهيم قد ضبطت الحجة،صوَّرتها وحملتها معها الى بيت أبيها:

ـ أمك اغتنت بعد أن نالت وصية عمك لهذا شرعت تلح في الذهاب الى إسرائيل متفلسفة بتبريرات الديموقراطية والفائدة، والاقتصاد الحر، وتلبية اهتماماتكم وحاجاتكم العلمية التي تأخذ باهتماماتها.وحين عارضتها غضبت وهي الآن في بيت والدها..

هل الغيرة ما يأكل قلب أبيه؟ أم الشك الذي يوسوس في صدره؟.. ربما !!..

إبراهيم قد رأى الدليل يوم جنازة عمه لكن حاشا أن يشك او تتملكه ذرة من سوء الظن، قد يكون عمه قد تعلق يوما بأمه، تمناها زوجة لكن هيهات أن يصل التعلق الى درجة الخيانة!!..

أخذ الأب شعيرات من مشط الابن وقام بتحليل DNA وكانت النتيجة أن إبراهيم متخلق من ماء أبيه لاغيره..

أصرت أم إبراهيم الا تعود الى البيت الا بعد أن تعود بنتها ويتم معها ماقام به الأب مع إبراهيم..

ـ هذا لا يستلزم هذه الفضيحة خصوصا مع أختي وهي من عارضت وبشدة رغبة أبي للاكتفاء بالدراسة في وطنها، فأي ثوب لها قد يفي بالغرض إذا أراد أبي أن يسترسل في غيه..

عاد إبراهيم الى البيت بعد أن استعصى عليه اقناع أمه بعودتها، أول عمل قام به أنه وضع تحت تصرف أبيه مشطا لاخته وجده في حقيبة بدولابها..

بهت الأب، وصار يهتز غضبا:

ـ من أباح لك أن تبحث في ماليس لك وتتحدث فيما لا يهمك؟

ـ يهمني وأكثر يا أبي، لم ابحث ولكن أردت أن أمكنك من اليقين أني لست ابن زانية ولا خائنة عشرة..

 وحده الماضي يشغلك ياأبي، أما الحاضر فعن عقلك غائب !!..

أهذا جزاء عمي فيك وفي أبنائك؟.. أكره أن تغيب لك حقيقة وعي..

نسيت ياأبي.. فعذرك !!..خوفي عليك من كسر،وأنت من يردد دوما:

"من الحزم سوء الظن "

خرج إبراهيم وصدى الباب من غضب يصفق خلفه، يستغفر الله لما بدر منه بعد أن ترك أباه يغلي..

كان يعلم قسوته على والده،لكن كيف يحتمل وأبوه من يجرده من أبوته بشك؟ وفي من؟ في عمه الذي كان الجميع لديه نَفَسه الصاعد النازل.. عمه الذي أعاد أخاه الى سكة الغنى بعد أن فقد كل شيء، الأخ الذي صارت ترشقه عيون الحسد في قرية كان لا يملك فيها غير حقل ثم صار بفضل أخيه هو من يتوسل الزراع جراراته لحرث بقعهم ؛ وصار منتوج أرض الاسرة يكاد يغطي أسواق المنطقة التي يوجدون بها.. عمه الذي سهر على تعليمهم وأداء كل الواجبات سنويا،المهم الا يتقاعس أحدهم عن الدراسة وان ينتبهوا الى المستقبل بكل وعي وتبصر وعقلانية..

قد تختلف المجتمعات في معتقداتها وقيمها باختلاف الثقافات التي تشيع فيها لكن أن يتباين أخوان الى درجة الشك فهذا مايؤرق حقا.. كان أبو إبراهيم وعمه متباينين على مستوى السياقات المعرفية وبنيتهما النفسية فبقدر ما كانت الدراسة تحرر العم فكريا ومعرفيا، و تشحذه الاسفار والرحلات ودعوات الرؤساء بتجارب ومعرفة بالناس، كان الأب مشدودا الى أنماط مجتمع شبه مغلق يصاحب أباه الى حقله، يتشرب من تقاليد البادية ومتابعة الرعاة وأنظمة للحرث والرعي عتيقة..

حاول الأب بكل ما يتمتع به من احترام وتقدير لدى جد إبراهيم لأمه أن يعيد المياه الى مجاريها بينه وبين أم إبراهيم التي أصرت الا تعود الى البيت الا بعد أن ترى نتيجة تحاليل DNA بين الأب وبنته آمنة..

كانت في الواقع تريد ان تقطع شكه من جذوره وكما قالت:

ـ عند كل سوء تفاهم يقع بيننا ومهما كانت تفاهته الا ويرميني بشكوكه وان كانت مغلفة، وينسى أني من أصول عريقة صافية بانتساب الى الدوحة النبوية وليس في عروقي دس ولا لعنة متوارثة..

كان إبراهيم يدرك ايماءات أمه التي كانت تحرق صدره فيعيب عليها ما تقصد لان جدته لابيه أسلمت عن يقين، قرأت القرآن بوعي فصار لها خلق عقل ووجود، أكثر بكثير من غيرها ممن يلغطون به أو يحملونه كحمار يحمل أسفارا بلا فهم ولا إدراك، كانت يرحمها الله لفة قطن، جمال، سماحة،ووداعة، عاشت في قرية جل سكانها مسلمين،أسرتها كانت تتعايش بتآخ وحب ومودة،رآها جد إبراهيم و بها قد تعلق،ولم يتم "كيتوباه "(كتاب عقده عليها) الا بعد يمين ألا يتزوج عليها ولا يطلقها أبدا..أحبته حبا جارفا، وأسلمت قبل أن تدخل بيته رغم ما لحقها من لعنات أهلها..

عادت آمنة في زيارة قصيرة طالبة توكيلا عاما حتى تستطيع التصرف في كل ماتركه عمها ولهم قد ورَّثه وهو كثير، وقد أبلغت أباها أنها كلفت محاميا ضليعا بجميع المعاملات التي تحتاج الى توقيع أبيها ليباشر رقابته بعدها لانها حصلت على منصب مشرفة مساعدة على برنامج نووي و قد يشغلها عملها عن متابعة مصالح ما ورثه أبوها..

استطاع إبراهيم مع أخته أن يعيدا المياه الى مجاريها بين أمهما وابيهما بعد أن تيقن الأب أن أخاه بعيد عن سوء ظنه وتأويلاته الطوباوية دون أن تلم آمنة بما وقع وما اقترفه الأب من سوء ظن في حق أبنائه وزوجته، لكن المفاجأة كانت اعلان الأب رفضه التام وبإصرار أن يترك وطنا هو مثوى والديه،فيه ازداد وترعرع وأن زوجته إذا أرادت السفر مع ابنيه فلن يمنعها، بل يرفض أن تطأ رجله أرض قوم من خالطهم فهو منهم..

حرقة اتهام الأم كانت نارا أبت أن تنطفئ في صدرها، كانت تحملها لعنة تئد شرفها وعفتها ووفاء صانت به كرامة زوج رغم ميولات لاتنكرها لأخيه الذي رفض أبوها تزويجها له بسبب إقامته في دولة اليهود ولكن لن تصل أبدا لتحريم عشرتها، كتبت له إذنا موثقا لزواجه متى أراد في غيابها. ودسته بين وثائق أملاكه..

أعد الأب وكالة مفوضة لآمنة للتصرف وطلب منها العمل على تحويل أمواله الى وطنه ولها الخيار ان تفعل ماشاءت بما تبقى..

ـ أنا أصلا لست في حاجة لأي شيء فمما لدي كفايتي..

***

محمد الدرقاوي ـ المغرب

كانَ للفجرِ لونُ آلبَنَفسَجِ

وللغروبِ لونٌ البرتقالْ

وللّيلِ لونُ آلسّهَرْ

والآن ...

للفجرِ لونُ آلخَبَرْ

وللغروبِ لونُ آلشّحوبِ

وللّيلِ لونُ آلضّجَرْ

*

كانَ للنّاسِ لونُ قُمصانِهِم

إذْ تَقُصُّ حكايا آلمرايا

ورذاذُ آلعُطورْ....

يداعِبُ بسمَةً من حبورْ

جاسَها صوتُ فيروز...

قبلَ آلفُطورْ

وآلأن....

للنّاسِ لونُ أوجاعِهِم

وجوهٌ بها عصرةٌ من وجومْ

وشِفاهٌ تنزُّ الهموم

*

كانَ للحُزنِ لونُ آلزَّعَلْ

إذْ كانَ خَصماً نبيلاً

لمْ يترُكْ صاحِبَهُ كالجثَّةِ آلطافية

والان؟؟؟

يستَهلِكُ آلعافية

*

كانَ للجّوعِ لونُ آلقناعَةِ

لفقيرٍ شديدِ آلوَرَعْ

والآن؟؟؟

يسكنُ آلروحَ .....

عندَ آلشَّبَعْ !!!!

الآن؟؟؟

للجّوعِ لونُ آلطَّمَعْ

*

كانَ للحُبِّ أُغنيةٌ حاضِرةْ

لعبد آلحليم

وفيروز

وعبد آلوهابْ

وللنَفسِ أمنيةٌ هادرةْ

تكافحُ ضدَّ آليبابْ

وللرّوحِ أنشودةٌ ثائرةْ

والآن ..........

حلَّ آلخرابْ

***

احمد فاضل فرهود

 

لم يكن بوسعي

ان احصى دقات الوقت الرتيب

الذي مر من هنا

ولم يعبأ بساعة الحائط المعطلة

2

صرت كمصباح متدلي

من السقف

اتسلق ضوء شمعة مختنقة

واتوق للوصول الى هالة الشمس

3

ما احوجني لطاقية الاخفاء

احاول الانفلات

الى مدارات تتأرجح

بين العتمة والنور

4

ثم ماذا سأفعل

بقصيدة متمردة على القوافي

انا الآن في حيرة من امري

وما جدوى كتابة قصيدة

لا تشبه مزاجي

5

تلك القصيدة التي لم اكتبها بعد

فهي  ليست لي

ومعانيها لا تعنيني

ما انا الا شاعرمجهول

يكتب خربشاته

بلا سابق انذار

6

ما اكثر حروب طواحن الماء

التي لا تنتهي

فهي مجرد فوضى ومناورات

في حظيرة الاشباح الزئبقية

7

كنت كمن اخرجوه

من تحت الانقاض

بعد زلزال عنيف

مقوسا كالمنجل

الاعب حظوظي

والملم احلامي

لعل "فلاش باك" من حياتي

يعيدني الى عتبات

لم تطئها اقدام الذكريات

8

كيف لي ان اتمخض

وانا طفل يرفض الفطام

في رحم امه

التي لا تعرفني

9

وحيدا ابحث تحت انقاض الكلمات

عن حروف غير موجودة بين السطور

وافتش في الكراسة المتآكلة

التي يلقيها التلميذ الكسول

في قمامة المدرسة

عن اسباب الرسوب والنجاح

في امتحان الحياة

10

اود ان احكي عن ماذا حل بي

يوما ما ربما ساكتب شعرا

يرقص على أناته

مجاذيب الطريقة الفراهيدية

وسأسكب كل مشاعري

لمن لا يقرأ ولا يكتب

لعلي انال بها اجرا

واكون من المقربين

***

بن يونس ماجن

(صفحات من دفتر عاشق)

قصة: ناجي ظاهر

(ما سِرتُ إلا وطيفٌ منك يصحَبُني

سُرى أمامي وتأويبًا على اثري)

ابو العلاء المعري

***

العزيزة غالية

اقرُّ بدايةً أنني أكتب إليك هذه الرسالة/ القصة، جراء ما جُدت به عليّ من قسوة، خُيّل إلي أنها لا تعدو كونها أظفارًا حادة تنغرس في قلبي وروحي ليل نهار. منذ التقت عينانا خلال قراءتي قصيدة الحب اليتيمة.. في حياتي، في ذلك المقهى وأنا أشعر بصدّك ساعة بعد ساعة ويومًا بعد يوم.. شهرًا بعد شهر وسنة بعد سنة. لقد وضعتني دائمًا في مواجهة مع نفسي، فهل أنت تحبينني أم تبغضينني أم لا تبالين بأمري، لنفرض أنك لا تبالين بأمري فما الذي فعلته بك حتى يتحجّر قلبُك ولا تعطيني إلا ظهرك كلّما اقتربت منك أو حاولت؟ لماذا لا تكونين صريحة وتضعين حدًا لهذا العذاب المزمن المستديم.

في تلك الامسية.. من ذلك اليوم ما زلت أتذكّر كيف التقت عينانا، وكيف حاولت أن أتهرّب منها حتى لا ينتبه أحدٌ إلى ما بدا من حب بالظهور، فأنا أعرف أن الناس يفسدون الاشياء الجميلة، لذا حاولت أن أخبئك في عينيّ وأن أمضي في طريقي. يومها لحقتِ بي خلال سيري في ذلك الشارع الطويل.. شارع الضباب، استوقفتني تحت ضي القناديل، وقلت لي: إنك أبدعت. قصيدتك دخلت إلى قلبي دون طلب أو استئذان، أشعر أنها كانت قابعة في أعماقي وأنها كانت هاجعة هناك.. موضحةً أنني بإنشادي لها قبل قليل أيقظتها. حينها ابتسمت لك. شعور غامر اجتاحني ليهمس في أذني: افرح يا قلبي جاك نصيبك.. تبلغ مناك ويّا الحبيب افرح.. يا قلبي.. مددتُ يدي لحظتها إلى يدك لتلامسها.. ملامستها البكر المشتاقة لأول حبّ حقيقي في حياتي.. أنا الشاعر التعيس.. الوحيد في هذا الوجود وصحرائه المقفرة.

بعد تلك الامسية كان لا بدّ لي من  أن اتقصّى أخبارك، أن أتابعك حتى لو كنت في أقصى مكان في الدنيا، فرُحتُ أسأل عنك كلّ نسمة رخيّة وهبّة ريح: أين هي؟.. إلى أن عرفت أين أنت.. وكان عليّ أن أزورك، أن أدرك ما إذا كان ما قلته نابعًا من قلبك أم أنه مجرد كلام فرضته اللحظة الطارئة الساحرة وانتهى أمره مثلما تنتهي أغلب الاشياء الجميلة في حياتنا التعيسة الجارية. زاد في بحثي عنك أنك اختفيت وغابت آثار أقدامك على أرض النسيان. ترى أكنت تمتحنين ما حصل وتودين أن تتأكدي مِن أن نبوق تلك الوردة في عتم ليلي إنما كان حقيقيًا؟ ولا لبس فيه؟.. ربّما.. ربّما.. لهذا كله كان عليّ أن أبادر إلى عمل أي فعل يحيي ما نبت في قلبينا.. كما اعتقدت أو خُيّل إلي.. حينها أخذت أفكّر في طريقة جهنمية أعلن لك بها أن ما كان ما هو إلا الحقيقة الرائعة لقلبينا المتلهّفين حبًّا .. توقًا وشوقًا من أحدنا للأخر. أفكاري تلك دفعتني لأن أوجّه إليك سؤالًا.. حاولت أن أجعله ذكيًا بحيث يكون له ما بعده، سألتك عمّا تحبين قراءته من الكتب الادبية، وتوقّعت.. للحقيقة المجرّدة.. أن تقولي الشعر.. ذلك أن الشعر وقصيدته اليتيمة جمعت بين عينينا.. وقد أضمرتُ منذ البدء بالسؤال.. أن أبحث عن كتاب شعري يمكنني من أن أوصل الرسالة إليك لتبدئي قصة حبنا العتيدة.. غير أن ما حصل هو أنك فاجأتني بأنك تودين قراءة كتب شرلوك هولمز. كانت اجابتك هذه أول نُذُر تعمّدك الخلاف معي.. كما شعرت. مع هذا بحثت عن مؤلفات مبتكر شرلوك هولمز الكاتب كونان دويل.. وحمّلت لك عربة منها سيّرتها نحوك.. إلى أن توقفت أمام ملكوتك.. ولم أنس أن أضع فوق رزم تلك الكتب وردةّ حمراء.. لعلّها تفتح كتاب المحبّة الموصد على مصراعي بابه.. كي نعبّ منه كلما شعرنا بالظمأ.

الغريب أنك انكببت على قراءة تلك الكتب ولم تسألي عنّي بعدها كما توقعت.. وقد بقيت أنتظر إلى أن لاحظ صديقٌ مخلصٌ لي ما بي تجاهك من مشاعر موءودة طيبة، فافتعل مناسبة جمعت بيننا وتعمّد أن يجلس أحدنا بالقرب من الآخر إلا أنك فاجأتني أولًا وفاجأته ثانيًا بأنك ناديت مَن يجلس في القرب منك ليفصل بيني وبينك.. عندها شعرت بمرارة لن أنساها ما حييت، إلا أنني عندما وضعت رأسي على مخدتي القاسية في ليلة مضبّبة ماطرة.. حاولت أن أوجد لك العذر.. فأنت لا تريدين أن تلفتي أنظار العُذّال إلى ما نشأ بيننا من استلطاف، لهذا حاولت ما حاولته في أول لقاء بيننا أو شيئًا قريبًا منه. خشية أن يفسد الناس كعادتهم في بلادنا ما بيننا من مشاعر يحلمون بها جميعا ولا يجرؤون على التعبير عنها أو الاقتراب من ملكوتها.

صدُّك هذا لي جذبني إليك أكثر فأكثر.. من ناحية.. ودفعني لأن أفكّر في الانصراف عنك من ناحية أخرى.. غير أن ما حدث أو كان يحدث هو أنّني كلّما حاولت الهروب منك لجأت إليك.. ومع هذا لم ألقَ مِنك سوى الصدّ.. والمزيد من الصدّ؟ هل كنتِ تمتحينني.. وتريدين أن تتأكدي من مصداقية مشاعري نحوك.. وألى متى يمكن أن تضعيني في مثل هكذا امتحان؟ ألا تكفي السنوات تتلوها السنوات وأنا أعدو وراءك.. وأنت تجرين أمامي؟.. أنظري إلى الوراء. أنظري بالله عليك.. فقد تعب حصاني من الجري.. وراء فرسك.. تعب من الامتحان يتلوه امتحان.. وقد آن لي أن أقول لك إن العمر قصير وإن لحظات المحبّة فيه.. هي ما تجعلنا نشعر بعمقه.. فلماذا تواصلين صدّك لي والتعمد في الغياب؟ لماذا تنشبين اظفارك الحادّة في روحي وقلبي.. ولماذا تديرين ظهرك لي.. وأنا أتمنّى أن أرى وجهك.. لنعيش معًا الربيعّ دهورًا.

***

ناجي ظاهر

 

انزلي عليّ بأشد قسوة

اضربيني بعاطفة ممزقة

تمزق ذلك القلب المتمرد

وتقطع في ديجور الروح أسراراً

ارشقيني بسهام عينيك الساحرة

وبريق وجهك وخفقان صوتك

آه على ذاتي المعذبة

أكاد أعدم تعذيباً دون موت

بزمن خالد ما بين الولادة والقبر

لي عذري لأنجو من بحار هيامك

لكن قهر حبالك يكسو صدأ القدر

أنا وحدي وطن قاحل دون ألم

ومعك مدينة فاضلة تعزف

بخناجرها على رقيق جلدي

فالسكر لا يباري وطني

لاني أمارس حريتي في حلمي

وأفسر الحلم بالحلم

ومساحات الضعف في عشقي

هو قدري أرادك في قلبي

فانزلي عليّ بأشد قسوة

لأن في صغري لدي دمية

سرقها الغضب والجهل

وبقيت ألعب في الصخر.

***

حسام عبد الحسين

1 ـ مؤامرة

كما لا يرى النائحون، غير احتدام الشر ..

والشر بريء من دم القذارة؟

المؤامرة شيطان آخر يسكن بيوتهم،

ويعتلي سقف الحقيقة ..

لا يعلمون متى يثأرون من خيانتهم ..

*

2 ـ قناع

كسقط المتاع،

يولون قضم الأنامل،

ليس ندما،

ولكن، تحذيرا من تيار غفل،

يعثر على الطريق، في هدنة الأعداء؟

*

3 ـ الساعة إلا ...

في الساعة الكامنة للهجوم،

يجتمعون، يشرعون، يمددون، يتجرعون، ينشدون، ثم يتضرعون، ....

في الساعة القاصفة للإنسانية،

يستنكرون، يتبرمون، يتندرون، يستعطفون، ثم يبرقون، ......

في الساعة الزاحفة على الكرامة،

يسترقون، يستدبرون، يحملقون، يتناثرون، ثم يستوثقون، ....

لكنهم، سرعان ما يتوارون خلف مكيفاتهم، وكراسيهم ....

*

4 ـ غرق بطيء

الشعوب التي تبصر الحقيقة، يؤلمها قيدها،

والشعوب التي تخرسها الأهواء،

تحذلق باستكانة ناشزة،

تفتح فمها لسعار الكراهية،

ثم تنكث جرم صمتها ..

وتكتفي بالغرق البطيء؟.

*

5 ـ الأغيار

كم من الألم سيستصرخ طمس الغزاة؟

كم من الأهوال ستلفظ غزة،

وتجفل وحش البشرية؟

كم من شجر وحجر في البلاد المقدسة،

من الأكناف العميقة،

ومن وهاد الأطفال والأرامل والمفقودين، ..

المهجرين إلى الأقاصي والحتوف ..

كم لهؤلاء وآخرين تحت الأرض،

سينهض العالم،

ليدحض نظرية القتل الدفاعي،

والنافلة العدمية لإفراغ الأغيار من الصحاري والنفوق التليدة ؟

ها هنا، ليس غير قصائد تتلى،

وستور تعلق على الجدران،

لتحمي الكائنات الدقيقة من الاختباء ..

*

6 ـ سماء الله

لم يكن لإيلام الفجيعة، هذا السقم النفسي الحزين ..

غير هروب واجم، يدرأ العسف الزقوم ..

ويلغي شرر الغيظ واحتراق الأمل ..

رباه، كن لغزة شهدا يسود ألطاف المآثم،

نهرا، يصلي تآويل الوصول ..

وسم ابتلاء، يسبق خطوات الردى،

في اشتداد الغضب ..

*

7 ـ دعاء لغزة

يا غزة العزة،

هذا الشوق لك،

وهذا المضاء السديد،

يبصر أوثاق الكبرياء،

ويوقن أن ما بعد الدجى،

نور ضئيل، ووحشة عنيدة،

تتأبى، مرارة الهزيمة، ونصب الخذلان،

وحشود لا تنصر دمها في قٍماص الابتذال ..

***

مالكة العلوي

احترقت أفكاره هذا الصباح وصارت رمادا، حاول أن يعيد لها الحياة، تخيّلها طائر فينيق ينبعث من رماده، لكن خَياله لم يسعفه ..لم يحدث شيء، ظلت أفكاره رمادا وظل هو حائرا، مترددا خائفا، اقترب من كوم الرماد، أقعى ثم حفّن مدّاً، قربه من أنفه كانت رائحة الرماد زكية ذكرته بعطور فرنسية كانت تضعها زوجته، مثل ايف سان لوران، أو لولو كاشريل، وربما أيضا " رِيف دور " عِطر أمه وجدته المفضل، أيّ صاعقة لئيمة هذه التي استأثرت بأفكاره فأحالتها على هذا الحال؟

أهو تفريط منه أم هي صدفة لعينة؟ تساؤلات رهيبة تَشج رأسه ولا يجد لها جوابا.

تردد لحظة ثم هرول مسرعا وأحضر صندوقا خشبيا كان يضم بعض وثائق والده القديمة ومجموعة من صور العائلة القديمة، وشجرة نسبها التي أوصاه والده بها خيرا، فتحه فانبعثت منه رائحة مشابهة لرماد أفكاره، مد يده وأخرج جرابا أخضر اللون تذكر أنه قد رآه من قبل ضمن محتويات الصندوق، حل تِكّة الجراب، اكتشف أن به غبارا يشبه الرماد

ابتسم :"لعله رماد أفكار أسلافه " لا ضير عليه الأن يمكنه أن يضع أيضا رماد أفكاره في الجراب لأنه المكان الملائم لاحتضانها.

استعاد رباطة جأشه وهو يعيد الصندوق إلى مكانه وقد أصبح له فيه أُثر وذكرى.

***

محمد محضار

16 أبريل 2022

يحدث أن أنادم الجدار

نتنازل في حوار عشوائي.. يكسر رتابة الأيام

الانتظار المتناسل على قفا الصمت

القصائد الساقطة في حضن المواسيم البربرية

والعواصم الهاربة من فسحة الكلام المؤجل

الموت المستعجل.. والدم الـ يبحث عن أرض

تلم الصباحات في رحم الزمن

لتولد بين النارين فجرا.. يفك قيود المأسور من الغضب

*

أرشو الجدار بكاس شاي

فيمنحني الغلبة

وأستكين

*

قد يحدث أن أسابق الشارع

وهو المتمرس في الهروب.. الطاعن في الاختباء

القانع بالمراتب الهزيلة من أجل سيجارة تحرق

ما تبقى في الرئة من دماء

رغيف من حنان الأسلاف.. يدفيء برد الأمعاء

وكل شبر على الرصيف يسأل

عن صبح يعيد للسيف النقاء

*

شدي وثاق الوقت يا مالكة

في الدهاليز صغار يركضون خلف النعوش

والريح زمار تباريح

على قيثارة مكسورة.. يعزف

في مهرجانات ردح.. يغني

تغريبة النوارس.. بعدما شتتها اليباب

الأماني مكلومة تصرخ

: يحيى الوطن

والوطن مقرطس في الجرائد.. متواتر في الرتب

*

يحدث أن تتوزعني المفارق

يشدني البحر المحجور في كف الخليفة

تستدرجني الصحراء المتهاوية نحو نصفها الظليل

في ساحة الجرح أجهضوها

بتروا الرحم الولود وقالوا:

الدنيا لاهية

ولنا فيها نصيب

ألهث في اتجاهين

فتخطفني الصرخات الملتاعة فوق الجبال

تتجاذبني الجهات

والقصيدة تندب حظها السيئ

إذ حضرتني عند فساد الوضوء

*

يحدث كثيرا أن

أصوب الهواء نحو خاصرة الجرح

عل الكون يستعيد ملامحه الوضاءة

أرش الحناء في كل الزوايا لتنخفض حرارة التاريخ

بعد ضربة يأس أصلته بشواظها

فنسي أنه جزء من التراب .. والحجارة والغبار

إبريق الشاي في الركن البعيد ينفث بخاره

مع خيوطه ترتسم في الأفق صور مرعبة

لجنود هاربين من المعركة

أطفال عند ظلال الحافلات يتناوبون على شمة

فتيات يرسمن الطريق بأحمر شفاه على سبورة

نساء يضربن الدفوف عند قارعة القهر

ورجل صبور .. وامرأة جلودة

جبلان من هذه التربة

جدي كان طودا

على قمته يتربع الجشع اليوم

دلى رجليه وعرفه في السماء

يدعو الساقي كي يدير الكؤوس

وجدي لا يبكي

أحفاده يداعبون عظامه العجفاء

والريح تقتلع الأبواب

في فم النار ترميها .. لقمة سائغة

يهتز فرس الموت صهيلا

يزف العرق الباقي إلى المثوى الأخير

وأنا أقتطع من الفؤاد قصيدة

أهديها للأحياء الموتى

للنفس الأخير المجرجر نحو نصل الخنجر

للقادرين على الحقد أكثر

على الموت أكثر وأكثر

وأقول وداعا لأطواري

لأمي التي أثقلت بالأضاليل رأسي

والتمس لي صورة على الحائط

جنبا إلى جنب مع المصفقين

المرابطين على حدود الوطن !

***

مالكة حبرشيد - المغرب

هي من تعرف طبعه.. وتعرف انه انتهج خطة جديدة في التعليم الحديث وترسيخ الاسس الصحيحة لزرع المفاهيم العلمية والتربوية بين الطالب والأستاذ في التعليم الجامعي وبما فيهم طلبة الدكتورا.. ويبدي تحرجه وربما رفضه احيانا ان يمنح شهادة الدكتورا الا لمستحقيها ومن تكون رسالته من النوع الذي تتوافر فيها كافة الشروط المرضية لأعضاء اللجنة المشرفة والتي هو من يترأسها..

دفعها شوقها لحضور مناقشة أطروحة الدكتورا لأحد طلابه..

تقول: قصدته قبيل الوقت لأمتع ناضريّ بأجواء الجامعة وأتذكر الأيام الخوالي التي عشتها في هذا الحرم المقدس برأيي.. فهي كانت احدى تلميذاته التي عشقت فيه وسامته وبساطته وكذلك أمانته وصدقه في اعطائه لدروسه بطريقته التي عرف بها لدى الجميع والتي كانت مغايرة تماما عن بقية زملائه وبطريقة محببة لنفوس طلابه..

وقفتْ بين كلية الآداب وكلية العلوم لتتذكره حيث كان سابقا يجلس قبالتها في نادي الطلبة مع مجموعة من طلابه وهو يرتشف شايا أو قهوة وتكتفي هي بالنظر اليه من بعيد ومن هذا المكان بالذات دون ان ينتبه اليها..ضحكتْ في سرها ثم مضت باتجاه غرفته..

تقول: وحين اقتربت من الغرفة لاحظت أوراقا متناثرة فوق أرضيتها وتفاجأت بموقف بينه وبين مجموعة من الرجال كانوا يبدون وقاحتهم بصراخ غير مبرر ودون خجل أو احساس أنهم داخل حرم الجامعة لذلك أصابني الذعر.. وتحرجت ان أدخل غرفته رغم انه أصبح بمواجهتي وهو في حالة انفعال حاد دون ان ينتبه لوجودي.. كأنه فقد سيطرته على الفاظه ووقاره.. ولم أفهم سبب صراخ الطرفين وشدة انفعالهم..

ولا أدري ان كانوا من كادر الجامعة أو من خارجها..عدت الى بيتنا وشعرت بضربات قلبي المتلاحقة حزنا عليه فهو لا يتمنى ان يؤذي أحدا أو يغمط حق تلميذ من تلاميذه طيلة مدة تدريسه داخل الجامعة لسنوات عديدة ومذ كان يحمل شهادة الماجستير حين تعرفت عليه.. وحين سألني أبنائي عن نتائج زيارتي حدثتهم بأمور بعيدة لا تمت لصلب سؤالهم بصلة حدثتهم عن ذكرياتي حين كنت طالبة وكيف تطورت الجامعة بأبنيتها الحديثة وحدائقها المتنوعة الاشجار والزهور ولم أحدثهم بشيء مما رأيته وآثرت الصمت..لعله يحدثني فيما بعد كما تعود دائما بعد ان نشرب الشاي بجلسة المساء في حديقة منزلنا..

لكنه التزم بصمت مخيف هو الآخر !!!!

منذ ذلك اليوم وهو يمر بحالة ذهول وصمت كأنه مستاء من نفسه.. وكأنه انسلخ عن طبعه.. ثم اعترته صفة جديدة لم يكن يتميز بها من قبل فقد بدا انه لم يستطع ان يخلد للنوم في موعده الدائم.. ولم يعبر عن رأيه في الاحاديث التي تدور بيننا في البيت والتي تطرح للنقاش فيما يخص أمور أولادنا ومشاكلهم سواء في البيت أو المدرسة..

دخلتُ الى غرفة مكتبه أحمل له قهوة المساء عله يزيح ثقل همومه ويحدثني عن تلك الحادثة التي قلبت كيانه ومزاجه وأحاديثه..لكنه حدثني عن كيفية حصوله على شهادة الدكتورا والمصاعب الجمة التي واجهته وكيف ان أستاذه المشرف على رسالته قد رفضها لعدة مرات ثم يعيد هو الكرة دون ملل أو جزع ودون ان يستعين بأحد لأقناع أستاذه لقبولها..انما يحترم جدية الموضوع ونبالة أستاذه لتحقيق أفضل الأهداف العلمية وتوخي مصداقية الرجل بعلمه..

كنت أنصت لكلماته وكأني طالبة في قاعة الدرس بالرغم من اني عايشت معه تلك الظروف بحذافيرها..وتحملت كل أعباء البيت والأبناء اضافة الى وظيفتي في التدريس..أما تلك الحادثة فقد تجاهل ذكرها تماما.. ولم أجرؤ على سؤاله عنها..

بعد حين طلب مني ان أساعده في نقل محاضرة الى حاسوبه وخلال تصفحي عثرتُ على مسودة كان قد كتبها.. انه طلب تقدم به لعميد الجامعة.. ويطلب فيه إعفائه من ترأس اللجنة المشرفة لمناقشة رسائل الدكتوراه

***

سنية عبد عون رشو

(مسرحية قصيرة جدا)

(بعد الموت.

خراب في عمق المسرح، تُفْلِتُ منه طفلتان مُغْبرّتان مًمَزّقتا الثياب شَعْثتا الشعر. تلتقيان فتتشابكان وتسقطان.

تجري طفلة1 نحو يسار المسرح و طفلة2 نحو اليمين حيث تكوّمت مجموعة من الألعاب.

تتكدّس طفلة2 على الألعاب لتحميها وهي تنظر يمينا وشمالا متوجسة شرا، بينما تدور طفلة1 حول ألعابٍ وهمية، ثم تلعب بها).

طفلة2: (تنظر إلى طفلة1 بحقد) هل تلعبين؟

طفلة1: ألعب صباحَ مساءَ.

طفلة2: لكنني افتككتُ كلّ لعبك.

طفلة1: (تقهقه) ولكنها مازالت في رأسي.. أحلم بها كل يوم و لن أضيّعها. (تواصل اللعب) اُنظري إلى هذا القطار، إنه يسير و يتوقف بإشارة من حنكي.. (تضغط على حنكها الأيمن. تخاطب القطار الوهمي غاضبة) توقفْ.. قد أخطئ الحنك أحيانا. (تضغط على حنكها الأيسر. فرحة ) هكذا..

طفلة2: (تُخرج قطارا من كُدس الألعاب وتكسّره شامتة) لن تلعبي به ثانية..

طفلة1: (تقهقه وتواصل اللعب) قلت لكِ إنه في رأسي.. لن تأخذي ما في رأسي..(لطفلة2) هل اشتهيت كلَّ لعبي؟

طفلة1: يكفي أن أشتهي واحدة لآخذ الكل. خشيتُ أن تخفي عني بعضها، لذلك افتكَكْتُها جميعا.. لكنك لا تزالي تلعبين.

طفلة2: حفظتها، وهي الآن في دمي وفي حلمي.

طفلة1: كيف تحلمين بشيء افتككته منكِ بالقوة؟ لو أخذتها برضاك لكان لكِ الحق في أن تحلمي بها. أما وقد سلبتك إياها فقد صارت لي حقيقة وحلما.

طفلة2: (متهكّمة) لقد أخطأتِ الخلطةَ. الحلمُ يتجدّد من جيل لجيل ولا ينكسر، وذاكرتي ولادة. (حالمة) اُنظري إلى هذه العروس الجميلة. إنها ذكرى لعاشقة أتَتْ من البندقية لتقبّل حبيبها في بيتنا1. هل سرقتِ تلك القبلة أيضا؟

طفلة1: بل لم أكن موجودة هنا.

طفلة2: (باطمئنان) الآن وقد تأكّدتُ من الأمر2.

طفلة1: (تًخرج عروسا من كُدس الألعاب و تدوسها بعنف. لطفلة1) أنت أيضا لم تكوني هنا.

طفلة2: بلى.. بلى.. لقد كَتَبَ عليها لودفيكو اسمي.

طفلة1: (تتثبت في أشلاء العروس ثم تلقيها بعيدا حانقة) أما الآن فلم يعد لكِ أصدقاء ولا ذكريات تعيشين بها.

طفلة2: (حزينة) كانوا يحبّونني ولكنهم صاروا يبتعدون عني منذ افتككت لعبي.

 طفلة1: (تقهقه ساخرة) ليس بسبب لعبك.. ليس بسبب لعبك

طفلة2: لماذا إذن أصرخ ولا يجيبون؟

 طفلة1:لكنّهم يستجيبون لي من إشارة إصبع.

 طفلة2: (مندهشة) هَهْ !

طفلة1: ذلك أنني أشفي غليلَهم من العنف.

طفلة2: هل هم عنيفون؟

طفلة1: كانوا في الماضي وكم عذّبوني. العنف حاجة نفسية لا تزول.

طفلة2: (مذهولة) حقا؟

طفلة1: أما وانأ أحقق شهواتهم بالوكالة فقد صاروا رهن إشارتي.

(طفلة1 تدوس الألعاب بعنف بينما تدور طفلة2 حول ألعابها الوهمية غير مبالية ثم تَزُنُّ لحنا، لعلّه :هيلا هيلا يا مطر).

طفلة1: (منتبهة لطفلة 2) تغنّون وترقصون كثيرا !

طفلة2: (ترفع يديها إلى السماء) كّ أيامنا أعياد..(بشماتة) ويوم السبت نلتقي لنزغرد.

طفلة1: (غاضبة) يوم السبت نصطادكم كالعصافير.

طفلة2: بل نطير عاليا.. عاليا (تحاول الطيران)

طفلة1: (آمرة) كيف مُتِّ؟

طفلة2: (وهي ترقص) في حضنِ أمي.

طفلة1: هل ماتت؟

طفلة2: بل تبخّرتْ.

طفلة1: (متهكّمة) لعلها قنبلة فسفورية.

طفلة2: هل عندكم منها؟

طفلة1: (متمتمة) ليس حسب علمي... وان كنت لا أعلم كلّ شيء.

طفلة2: (تنظّم ألعابها) حتى أنت؟ (تنظر إلى السماء) اُنظري، إنها هناك.

 طفلة1: (خائفة) من؟

طفلة2: إنها أمي.

طفلة2: قالوا لي إنكم تنزلون إلى الجحيم حين تُقتلونَ.

طفلة2: بل إنها شهيدة.

طفلة1: الموتُ موتٌ.

طفلة2: كلا. ليس كل موتٍ موتا (مفتخرة) أنا شهيدة.

طفلة1: وأنا حفيدة شهيدة.

طفلة2:(متهكّمة) الشهادة لا تورث. أنت مريضة.

طفلة1: لستُ مريضة.

طفلة2: بل تعانين من مرض الأجداد.

طفلة1: أجدادي سينتقمون... سنقتلكم جميعا.

طفلة2: لن تغلبوهم.

طفلة1: سنحاصرهم وننتظر حتى تَنْفُقَ أسلحتهم ونقضي عليهم.

طفلة2: هل تحاربون جيشا بدون سلاح؟

طفلة1: (متردّدة) كلا.

طفلة2: إذن لن تغلبوهم.

طفلة1: لن يكيدنا شيء.

طفلة2: هل أنتم كيّدون إلى هذه الدرجة؟

طفلة1: كِيدُونْ وكِيدُونْ وكِيدُون3ْ. تلك وصية أبي كل يوم. أبي يعرف كل شيء.

طفلة2: لكنه يقتل الأطفال.

طفلة1: لا تقولي ذلك عن أبي.

طفلة2: هل صار نبيا حتى لا أنتقده4؟

طفلة1: لقد قَتَلَكِ لأجلي.

طفلة2: وما حاجتك بي؟

طفلة1: أردت قلبك.

طفلة2: (متهكمة) وهل أخذه؟

طفلة1: كان يظنُّ ذلك.

طفلة2: (تقهقه) إن قلبي مخبأ في عقلي.

 طفلة1: (يائسة) لذلك لم ينفع.

طفلة2: كم قتل من أسير من أجلي5؟

طفلة1: الكلّ يهون من أجل أن ندحر قلبكِ.

طفلة2: أنت فأرة أنفاق.

طفلة1: (تقصدها غاضبة) بل أنا سيدة البشر.

طفلة2: (تستعدّ لمواجهتها) قلت لك أنتِ فأرة6.

طفلة1: (تتوقف) لا أظنني سأحبّك يوما.

طفلة2: وأنا أيضا.. هل نتقاتل؟

طفلة1: (متردّدة) بل نلعب قليلا أوّلا.

(تأتي طفلة1 بألعابها إلى وسط المسرح تقتربان من بعضهما و تلعبان.

تتملّك طفلة1 حالة هستيرية فتدوس الألعاب بعنف).

طفلة2: هل تملّكتكِ الحالةُ مجدّدا؟

طفلة1: (وقد هدئت) أصدقائي لا يريدون.

طفلة2: ألن يعودوا أصدقائي مجددا؟

طفلة1: ربما بعد أن أموت.

طفلة2: إذن لا بد من قتلك مرة أخرى

(تقتربان من بعضهما و تتراجعان ثم تشتبكان).

طفلة1: (تصرخ) النجدة.. النجدة.. إرهابية.

- ستار-

***

محمد نجيب بوجناح/تونس

.....................

إشارات:

1. إشارة إلى مقطع في مسرحية ''عطيل'' لشكسبير’ وقد ذَكَرَ فيها فلسطين منذ القرن السادس عشر.

إيميليا: أعرف امرأة في البندقية لو وُعدت بقبلة من شفته لسافرت إلى فلسطين في طلبها.

2. من مقطع لخطاب للمندوب الفلسطيني في الأمم المتحدة.

3. كيدون فرقة إرهابية في الموصاد.

4. في فرنسا يحاكم كلّ من ينتقد ناتنياهو، بينما يسمح لجريدة " شارلي هيبدو" بالتهكم على الأنبياء.

5. إشارة إلى تطبيق إسرائيل بروتوكول حنّبعل على أسراها.

6. صرخة طفلة في وجه المحتل: أنتم فئران.

 

في طريقي إلى بيتي

مصابيح الله مهشمة ..

للريح مخالب صقر ..

للعالم طعم براز الغوريلا ..

لا حد لضباب العلل الأولى ..

أخطو مثل سلطعون ..

أحاول تقشير برتقالة رأسي..

التي نضجت في قبو متصوف..

أحاول جر  غابة  كثيفة

بطرف لساني ..

كتابة إسمي على صخرة

هربت من معتقل سري ..

طاردها دخان  ثم تلاشى ..

أحاول طرد تماثيل

تعوي باستمرار داخل صدري ..

ثم تتقاتل في مرتفعات النوم..

أحاول إقناع بلبل حزين

لإعادة التفكير في أصل الأشياء ..

لايقاظ قارب سكران

تتلاعب به أمواج مخيلتي ..

أحاول حقن غيمة بجرعة مورفين ..

وحملها على قوقعة ظهري ..

مثل درويش أحدب

وأقول وداعا لأوجاع الغنغرينا ..

يبتسم لي لقلق مسافر ..

لم أره منذ آخر رمية نرد..

في طريقي الى بيتي

عزيت شجرة بلباس رث

عزيت حجرا  يبكي ..

بكلارنية صلاح فائق

وغزلان وديع سعادة ..

وإصحاح سركون بولس .

***

فتحي مهذب - تونس

ربّةُ الأسْمى وشمْسٌ عَقلها

إسْتشاطتْ فأفاقَ السادرُ

*

لا حُقوقٌ بلْ عُقوقٌ أيْنَعَتْ

غابَها الدنيا قويٌّ آمرُ

*

كذَبَ الإعلامُ فيها وانْبَرى

بضَلالٍ يَبْتغيهِ الناحِرُ

*

دَفنوا الأحْياءَ والقلبُ انْزوى

وضَميرٌ احْتواهُ الفاجرُ

*

صارتِ الايّامُ بركانَ الوَغى

وتَهاوى في رُباها الضامِرُ

*

مُعْجزاتٌ ما خَيالٌ ضَمَّها

تَتوالى والتَداهي ماكِرُ

*

فِعْلُهمْ فِعْلٌ جَريئٌ واثقٌ

كانتِ الأبْطالُ فيهِ الخافِرُ

*

لجَموا أقوى أسودٍ قرْبَهمْ

فتَداعى عَنْ حِماها الساترُ

*

لا تقلْ سوءاً بحّقِّ المُفتَدى

إنّهُ الأتقى وأنتَ الحاسِرُ

*

أيّها التأريخُ حَدِّثْ إننا

نَسْتَطيْبُ الحَيْفَ قالَ الخادِرُ

*

ما عَرَفنا كيفَ نَحْيا أمّةً

فانْهزَمنا وطوانا الغابرُ

*

ما انْتصَرنا ونَكَرْنا عِزَّنا

ولنا فيها قيادٌ ساجرٌ

*

كيْفَ كنّا وانْتَهيْنا ضُدّنا

أمّة التأويلِ مِنها الغادرُ

*

عَقلنا حُرٌّ وعَبدٌ رأيْنا

وبنا ضَيْمٌ أليمٌ هاجِرُ

*

دَمَّروا أيَّ جَميلٍ باسِقٍ

وبها الأنقاضُ روحٌ فاغِرُ

*

مَحَقوا الأرْقامَ حتّى صَفَّروا

كلَّ موجودٍ غزاهُ الناكرُ

*

يا رِحابَ الكوْنِ يا فجْرَ الرؤى

نَطقَ النورُ وأصْغى الذاكِرُ

*

صَوْتها الأقوى مُدانٌ غاشِمٌ

كيفَ للدُنيا عَلاها العاقِرُ

*

تَترُ العَصْرِ أتانا قاضياً

غَضَبُ الله علينا صادِرُ

*

مَوْتنا ديْنٌ يقينٌ لازبٌ

وفسادٌ لحَياةٍ آسِرُ

*

أيّها المَجْعولُ فيْنا قدْوةً

ما اقتدَيْنا والزمانُ الناهِرُ

*

كمْ رَذيلٍ برَذيلٍ شامِخٍ

وأصيلٍ إعْتلاهُ الهابرُ

*

ما لنا فيها حَياةً إزْدَهَتْ

وطنٌ يَبْلى وسَيْفٌ باتِرُ

*

ليْتها الدُنيا سُرورا أيْنَعَتْ

وتوارى في بَعيدٍ ذاعِرُ

*

كيفَ للأوطانِ أضْحَتْ خَندَقا

وبها الكرْسيُ شَعْباً حاجِرُ

*

جُرْحُ أرْضٍ وفؤادٍ نازفٍ

وشبابٌ لقويٍّ زاجِرُ

*

عَرَبيٌّ وحَياتي ثوْرةٌ

ونِضالٌ وصُمودٌ فائرُ

*

صَوْلةُ الأبْطالِ فاقتْ قدْرةً

ما احْتواها في حياةٍ خاطرُ

*

يا أباةَ الضَيْمِ يا نَسلَ الألى

نوَّروا الدُنيا فدامَ الباهِرُ

*

نَصْركمْ نَصْرٌ فريدٌ خالدٌ

وبهِ الأجْيالُ صَوْتٌ جاهرُ

***

د. صادق السامرائي

إلى المحرقة:

الذنوب الكبار

خطايا الضرار

قِصَعْ ( تَلَّ...ريكا)

جلالتهم...

وسمو انبطاحَتِهِمْ...

مع خالص الشغل

في المنطقة !

*

إلى المحرقة:

الرُّخاة

الحُواة

الغواة

الغلاة

عمائم حَشِّ

أداة كل غِشِّ

أساس البلايا

وقتل البرايا

بمهوى الفتاوى

مع خالص الدين

بالزندقة !

*

إلى المحرقةْ:

قِمم (البَيْعِ .. بــَـاعْ)

و(لِـــحَى قينقاعْ)

نفايات هذا الزمان

(المُطَبِّع ِ)

بالزفتِ...

و(الناقةِ السابقةْ)!

*

إلى المحرقة

إلى المحرقة:

(كل مُـــرْتَــزِق ٍ ..

وابن مُـــرتزِقةْ)!

***

محمد ثابت السميعي - اليمن

ورأيتُ وجهَكَ ..

أو شبيهاً لاختيالِ الكونِ

مُختصراً  بعينينِ اثنتينِ..

تُلَقِّطانِ الآنَ عن تعبي

تفاصيلَ ارتباكِ النظرة الأولى

وخوفي

أن يكونَ الوجهُ هذا أنتَ ..

ماذا لو سواكَ؟

ولا سواكْ ..!

ونظرْتَ ..

أزهرَ فيَّ حقلٌ من بَهارِ البَوحِ

ثمَّ مشيتَ ..

كادتْ تستفيقُ حدائقُ الدنيا جميعاً

حيثما مرَّتْ خُطاكْ..

أوشكتُ تكذيبَ انغماسي فيكَ

لولا أنَّ بي صوتاً أثيريّاً

أفاقَ من البعيد يشدُّني:

يا قلبُ ..أنظرْ مَن أتاكْ

ها إنّها صدقتْ رؤاكْ

وجهٌ ..

كرائحةِ البلادِ

تُعيدُها الذّكرى

لمنفيّينَ من زمنٍ

ومثلَ سنابلٍ طلعتْ مباغتةً

بأعصابٍ

تضجُّ من انهياراتِ اليباسْ..!

وجهٌ بطعمِ الاقتباسْ ..!

هو نصفُ ذاكرتي

الّتي ما عِشْتُها يوماً

وذاكِرتي التي سأعيشُها ..!

هو مأزِقُ الأطيارِ

إذْ تعلو

وتعلو

كيفما شاءتْ

ويبقى في مَدانا

ريشُها ...!!

-2-

أهلاً بهذا القُربِ

طوقاً للخَلاصْ ..!

أهلاً ..

بكلِّ ملامحِ الزمنِ الجميلِ

تلبَّستْ وجهاً

يُشَكِّكُ بادِّعاءاتِ الرّصاصْ ..!

أهلاً بما ............

وأفقْتُ من هذا الشّرودِ

مضى

وما التفتتْ لهُ عينٌ !

أكانَ مضى ..؟!؟

كأنَّ مدينةً رحلتْ ..

وقد نسيَتْ بأعماقي شوارعَها ..!

مضى

ويُقالُ إنّ صبيّةً ...

كانت بذاكَ الرُّكنِ جالسةً

أطلَّ على متاعِبِها غريبٌ ما

لكي يَنسى ملامحَ وجهِهِ

مَعَها ...!

***

دانا ابو محمود

صرَخوا في وَجهِهِ:

كيسُ عظامٍ صغيرٍ.. دَخَلَ

الصَّفْعةُ أيضاً دخلتْ،

خَدُّهُ الصغيرُ

ظلَّ مُعلَّقاً في الهواء كخطيئة.

*

فكّر أن يُربّي شاربينِ طويلين ليَنجو

الصّراصيرُ التي مَشَّطتْ العالمَ بشاربينِ جَسورَين،

واستقرّتْ في بيتِهِ

لم تعُد تقَعُ في شِراكِهِ.

*

كلّما رأى يداً تُداعبُ قِطّاً تمنّى أن يكونَهُ،

وحدها القططُ

تتقاضى أجراً باهظاً على كسلها.

*

يوشكُ على الكتابة

تحيطُ الصّوارمُ بيديهِ كأنّهُ يوشكُ على مَذبحة،

الأملُ:

غُرفةٌ صغيرةٌ يُفلتُ غدَهُ فيها

الموتُ:

نقطةٌ مُتدَحرجةٌ تنتظرُ أن يتعبَ النصُّ

أو تبرأَ جروحُهُ لترتاح.

الحبُّ:

يطيرُ إليه مثلَ فراشةٍ منذورةٍ للولَعِ

ولا يجلسُ إليه.

كيف يُخاتِلُ الإملاءَ؟

وضعَ كلَّ لِحيتِهِ على الهمزةِ لتَطمئنّ

وقعَدَ أمْرَدَ البال.

*

يتعلٌقُ بدابّةِ الأملِ إلى رَحابةِ الله

يعودُ خاويَ الوفاض.

يرشو مؤَخّرةَ رأسِهِ

ليذهبَ في جُمجمتِهِ الفَضفاضةِ إلى حديقة عِصيان،

إذ يمرُّ النايُ مثلَ خيطٍ نحيلٍ على خَصْرِ الغيابِ العاري

يتبعُهُ.

يوشكُ أن يقَعَ من ثقوبِ الشَّغَفِ المشغولةِ بالحنين

لولا أنّ أصابعَها سدّتْ عليه الطريق.

*

حين أزاحَ السّتارةَ غضِبتْ..

بارزَها بسيفٍ أطرى من الماء

وقتلها من شدَّة الضّحك.

*

هل رأيتَ المدينةَ؟

هل فَلَيْتَ شوارعَها شارعاً شارعاً،

وأسواقَها دُكّانةً دكانة؟

ليلُها ظِلُّ عصا الشّرطيِّ

نهارُها سيرةٌ لفَداحَةِ الملكِ.

وفيمَ يتعجّلُ الناسُ؟

لعلّه الهروبُ من الغابةِ إلى خَشبِ الأثاثِ

ومن ظلِّ الشّجرةِ إلى قُفْلِ الباب.

*

يحدُّ الوطنَ جداران،

جدارٌ ينقضُّ يَدقُّ عنقَهُ،

جدارٌ يقفُ، يَعْميه.

الثلاثةُ عِلِّيَّةٌ مقدّسةٌ لا يمكن الخروجُ منها أبداً..

إن أردتَ الصعودَ

عليكَ أن تَحفِرَ حُفرةً في الأرض، وتلجَ منها.

الأربعةُ أرضيّةٌ

لكنْ عليكَ أن تَخترعَ السلطانَ

وترشو حاجبَهُ ليفتحَ لكَ الباب!

*

في المرّة الوحيدةِ التي فكّرَ أن يلتقي فيها معَ نفسِهِ،

حالتْ بينهُما المرآة.

***

وليد الزوكاني - سورية

أنا الفينيقُ في زمن ِ الرَّمادِ

عندما يَعزُّ طعم الحَياة

أخطفُ براعمَ الشَّمس ِ

من بساتين ِ الآهات

تَرنَّمْ بشَمسي

سَأُعيدُ الدفءَ إلى قُطبيك

هل هجرتْكَ السَّماءُ؟

هَلُمَّ إلى صَدري

طفلاً، كَهلاً، عاشِقاً

لأُرَمِّمَ هالةَ القَمرِ في عَينَيكَ.

تَسلَّلْ بَينِ رموش ِ اللَّيل

دعْني أسقي

حنينَ الروح ِ من دَمعَتيكَ

رفيفَ البَنَفسَج

يا تَرنيمَة الرَّيحان

أنا مِنكَ وإليك

لفَّني سوارَ عِشقٍ

حولَ مِعصَميَكَ

آهٍ يا أَرَقِي ..

شَوقٌ إليك يلتهمني

*

أنا والنجومُ نَبقى على أملٍ

لتُطِلَّ قبل الغَسَق

أُهزَوجَة من شَفَتيك

تعال وطني

تَوَسَّدِ السَّحابَ

وشتِّت شملَ الضَّبابَ

تَحَدَّ اللهبَ والصقيع

سأكونُ خُلودكَ ورئتيك

***

سلوى فرح - كندا

فرشنا دربنا بالسلم ورداً

و أنضدنا البراعم للأقاحي

*

فلم نبدأ على يوم حروباً

و لم نمسك بقبضات السِّلاحِ

*

و لم نشهر على نحر سيوفاً

و لم نقطر على رمل البطاحِ

*

ولدنا هكذا سلماً سلاماً

و لم ننجب بأرحام السِّفاحِ

*

حملنا حبَّنا حبّاً شعاراً

كقرص الشمس في أُفْق الصَّباحِ

*

مضينا في الورى جيلاً فجيلاً

بخطوات المروءة و السَّماحِ

*

بكينا في الخفا.. كي لا يرَونا

على الإكبار من وقع الجراحِ

*

زهونا هكذا.. نرجو مقاماً

و قَدْراً دائماً رهن الصَّلاحِ

*

رأينا أن نرى صبراً بصيصاً

لما في الأُفْق في الوقت المتاحِ

*

إلى أن قام من قام امتعاضاً

من الأزعاج من صوت النُّباحِ

*

هرعنا كلّنا.. شيباً.. شباباً

فقدّمنا قرابينَ الأضاحي

***

رعد الدخيلي

وصلتني رسالتك بعد إنتظارك لحرفي كل هذا الوقت وفي هذا الزحام المكتظ بالأحداث المرهقة....

كيف أشرح لك صمت قلمي في ظل هذا الهطول المتواصل للبكاء والنزيف وكأن تشرين كان على موعد مع الخراب في تلك البقعة البعيدة من الحياة؟ ...

كيف أشرح لك عجز حرف محبرتي من أن يأتي بسطر ينتشل الأمل من بين أنقاض الحطام وصراخ البراعم؟!

أشعر بقيد حديدي يقيد كلماتي وكأن كل الذي يحدث يفوق لغات العالم وأبجديته... وكأن الصور الآتية من هناك لا تحتاج إلى كلمات تخدش حقيقتها وتشوه تفاصيلها...

يؤلمني هذا العجز الذي شل حركة قلمي وأرداني قتيلاً آخر في الجانب الآخر... هذا العجز الذي يجعل مني شخصاً ثائراً وكأن المواقد تغلي في داخلي...

هذا الضجيج الذي لا يبقيني متوازناً على السطر كأن اهتزاز الورق يفوق الهزات الإرتدادية للأرض...

هذا الإلتحام المباشر بين حرفي الفارغ والألم الذي إختصر الحياة كلها في دقائق وتوابيت الموت تسير أفواج نحو السماء...

ماذا أقول وكيف أصف حجم الأيام الحبلى بالألم وكأن العالم كله يصرخ طالباً النجدة وإنقاذ الحياة؟

ماذا أقول وأنا أرى بحراً من الدماء يغرق الكلمات؟ وكيف أصف بكاء الرجال وصراخ النساء وموت الأطفال وظلام البيوت ووحشة الشوارع.

***

مريم الشكيلية / سلطنة عُمان...

أشـكـو الـى يـنـبـوعِـكَ الـضـوئـيِّ

مـن عـطـشـي

ويـشـكـونـي إلـيَّ الـصَّـبـرُ

أنـسـجُ شــوكـهُ ثوبًـا

فـأسْـعِـفـنـي بِـرَشـفـةِ سـلـسـبـيـلْ

*

وبـبُـردَةٍ مـن  وَردِ  روضِـكَ

تـسـتـعـيـدُ بـهـا حـمـامـتـيَ الـهـديـلْ

*

وبـمـا يُـضـيءُ دُجـى صـبـاحـاتـي

ويُـقـمِـرُ لـيـلـيَ الـمُـتـأبِّـدَ الـدَّيـجـورِ ..

يُـدنـي مـن يَـدي

تُــفَّـاحـةَ الإثـمِ الـحَـلالِ ..

ومـن جـلـيـدِ خـريـفيَ الـحـجريِّ

دفءَ ربـيـعـِـكَ الـمـائـيِّ يـا مَـسـرى " بُـراقـي "

نـحـوَ

" مِـعـراجِ " الـصـبـابـةِ والـهـوى

ونـهـايـةِ الـدربِ الـطـويـلْ

*

وتُـعـيـدُ نـبـضًـا

لِـلـمـشـوقِ الـسـومـريِّ

الآثِـمِ .. الـمُـتـبَـتِّـلِ .. الـشـيـخِ .. الـفـتـى ..

الـحَـيِّ .. الـقـتـيـلْ

*

لِـتـقـومَ فـي رمـضـاءِ بـاديـةِ الـسـمـاوةِ

أنـهـرٌ تـغـفـو عـلـى شـطـآنِـهـا الـغـزلانُ آمـنـةً

وواحـاتُ الـنـخـيـلْ

*

ويـجـيءُ جـيـلٌ

لـيـسَ يـعـرفُ أنَّ قـبـلَ مـجـيـئِـهِ

مـا  جـاءَ فـي " أوروكَ "

جـيـلْ

*

وأنـا وأنـتَ :

" بُـثـيـنـةٌ " يـحـدو بـهـودجِـهـا " جــمـيـلْ "

*

نـرتـادُ فـوقَ ســريـرنـا

جُـزُرًا بَـكـورًا

لـم تـطـأْهـا قـبْـلـنـا قَـدَمٌ ..

ومـا مـرَّتْ بـذاكـرةِ الـعـصـافـيـرِ .. الـفَـراشِ .. الـسـنـدبـادِ

ولا بـأحـلامِ الـخـلـيـلـةِ والـخـلـيـلْ

*

هَـيَّـأتُ لـلـتـنُّـورِ أحـطـابـي

فـهَـيِّـئْ  لـيْ رغـيـفـًا مـن طـحـيـنِـكَ

يُـشـبِـعُ الـقـلـبَ الـمُـوَزَّعَ بـيـنَ فـردوسٍ ونـيـرانٍ

لأفـتـحَ قُـفـلَ بـابِ الـمـسـتـحـيـلْ

*

لِــنُـشِـيـدَ " أوروكَ " الـجـديـدةَ

حـيـثُ لا خـوفٌ عـلـى الـغـزلانِ مـن ذئـبٍ

ولا مـنْ ســومـريٍّ عـاشِـقٍ صـبٍّ

يُـفـكِّـرُ بـالـرَّحـيـلْ

*

عـن أرضِـهِ الأولـى

ومـلـعَـبِـهِ الـقـديـمِ

وأشـرَفِ الـشـجـرِ الـنـخيـلْ

***

يحيى السماوي

السماوة  25/11/2023

بمـناســبة قـرب الانتخابات

اِغْـمِسْ بـنانَـك لا زَيفٌ ولابـَطَـرُ

واخْـتَـرْ نَـزيهاً ، له الآمالُ تنتظرُ

*

لا يـُـلدغ المَرءُ مِن جُحْـرٍ لِثانـيةٍ

إنّ التجاربَ مـيـزانٌ  بـهـا عِــبَـرُ

*

شاوِرْ أخا ثِقةٍ إنْ كنتَ في حَرَجٍ

فالنفسُ مِن طبعها تُـنهي و تأتمرُ

*

سَدِد خُطاك ولاتبصم على عَجـَلٍ

كم من سَفـيهٍ بثوب العدل يستـتـرُ

*

وكم وعـودٍ تُـريك الأفـقَ مُبتسماً

لكنهـا فـي ضباب الوَهْـم تــنغـمرُ

*

أدّوا يـَمـينـاً بـما قـد أقسموا عَـلَناً

لــكنَّ أكثرهـم بالعهـد قـد غَـدَروا

*

فـكن لبـيـباً ودقـق في شـؤونـهُـمً

لا يـنفع اللومُ إن جهـالهم عَـثَروا

*

لا، لا تُـجامل ، كـفانا مـا ألَـمَّ بنـا

فالجهـلُ إن شـاع لا يُـبقي ولايـذرُ

*

صوِّتْ لِحـُـرّ، فإن نابَـتْـكَ نـائـبـةٌ

تـلـقاه بالحـق عَـوْنا، لـيس يـعتـذرُ

*

الصوتُ كالـدّر لا ترمي بـه عَبَـثاً

فـرُبَّ صَوْتٍ ، به الأحوالُ تزدهرُ

*

ماخان حُـرٌ،فـطُهْـرُ الأصل يمنعـه

قـد جَسَّـدَتْ ذلك الأشـعارُ والسُّـوَرُ

*

ثَـقّـفْ بـنيك اذا اختاروا مُرشَّـحهم

فالقولُ منك يَـعِـيه السّـمعُ والبـصرُ

*

فـكم شِـــعارٍ بــليـغٍ فـي دعـايـتـِــه

لـكـنَّ خَـلْـفـــه أمّـيٌ ،  بـــه خَــوَرُ

*

اِغْـمِــسْ بَـنانَـك ، فالأحـفادُ ناظِرةٌ

تـخطـو خُطاكَ ، فدعها فيك تفتخرُ

*

الخُـلـدُ للمخلصين الصادقـين ومَـنْ

خـانَ الـبـلادَ ، فـلا عيـن ٌ ولا أثـرُ

***

شعر عدنان عبد النبي البلداوي

قضمة ظل في أحشاء الأجل..

الخُلُوُّ القاسي الذي لا ينتهي!

لغة تنحت شكها من رَذاذ الكلام

أو رصاص طائش ..

أو غيمة تائهة..

*

كقبضة يد ريح

أو غفوة حلم لنهار عاصف ،

عماء لليل طويل ..

أُقلب الساعة،

فترقب وجه بوم حزين،

يهفهف أشياءه القبيحة على مرأى السراب ..

*

بَارِدٌ صمتها،

تَهُبُّ الاصداء ، فَيُسْمَعُ صَوْتُ حفيفها..

إذ تقول:

ما الفراغ في بيداء مقفرة؟

وما غصن يميد ملاحةً،

دون أن تجف عيون الوهن..

*

الخفيفُ للطَّي، والهائم للقطا..

والشعر ليس حجة،

اكتب وثر واستل سيف الحذر ..

كن جديرا بالفراغ،

كما يحلو للغربان أن تقدح من معارك خَطْمها ..

عينيها المنقوفتين ،

ريش مِغْزَل،

(كأنهُ ورقُ البسباسِ مغسول)

*

إذاك، فر إلى أمكنة أخرى،

دونها الأفرغة المكرورة..

صُبَب المنحدرات،

الأهواء السحيقة..

حيثما تكلَّف الشّوق والعِشق،

ثم انكشف،

كي لا ترى روحك العطشى ..

من إشمام واستواء،

وماء سخي لايقبض ..

ومحبرة تنكتب بعين جائلة

وقلب يخفق ..

هذا الفراغ السني يهزم طاقتي،

ويوجع الطموح الواعد في جدار النسيان!!

***

د. مصطَفَى غَلْمَان

شاعر وإعلامي مغربي

 

انه يوم آخر تطاردني فيه

لك أسبابك الكثيرة

ولي فضول المسنين

لا بأس، سبب واحد سيكفي

البارحة لبستُ ملابسَ شتوية

وحذاءً طبيًّا

شربت شاي الأعشاب

وخرجت للمشي

صندوق البريد كالعادة

فيه ما لا يَسُرُّ وما لا يَسُرُّ

شاهدت ُجارنا يُدَخِّنُ بشراهة

بينما يبول كلبه الأبيض على الواقع

شجرة الكستناء التي أمام شرفة بيتي

انكسر منها فرع وسقط بصمت

أيها الموت

أنت الثقب الأسود والمحارب الناعم الذي يجذبني اليه

***

فارس مطر

هَذَا الدَّمُ الَّذِي يَنْسَابُ فِي حَلْقِ التُّرَابِ..

وَيُمَيدُ نَشْوَانًا وَيُهْزَأُ بِالْمَذَابِحِ وَالْعَذَابِ..

وَيَفِيضُ مِنْ جُرْحٍ سَحِيقٍ غَائِرٍ ..

عُمْقُهُ يَمْتَدُّ فِي الْوَطَنِ الْمُصَابِ..

هَذَا الدَّمُ الْقُدْسِيُّ سَيَبْقَى هَادِرًا..

وَذَاتُ فَجْرٍ سَيْمُوجُ كَالْعُبَابِ..

سُيُولُهُ الْغُضْبَى سَتَقْذِفُ الْأَعَادِي..

وَتُحِيلُ كُلُّ مَا غَرَسُوا سَرَابٌ..

طُوفَانِهُ الْحَقُّ سَيُمْحَقُ مَحْضٌ بَاطِلٌ..

وَيُزِيلُ أَرْكَانَ الْخُرَافَةِ وَالْخَرَابِ..

وَيَحْسَبُونَ  انَّهُمْ  إِذَا مَادَمُرُوا أُمِرُوا..

وَإِذَا مَاذَبَحُوا رَبِحُوا وَتُقْرَعُ الْأَنْخَابُ..

هَذَا الدَّمُ الْقُدْسِيُّ تَشْرَبُهُ الْجُذُورُ ..

سَيَسْطَعُ فِي يَقِينِ كُلِّ جِيلٍ كَالشِّهَابِ..

سَتَذْهَلُونَ مِنْ صَوْلَتِهِ ذَاتَ فَجْرٍ

غَاضِبًاً مُزْمَجِرًا يَجْتَاحُ الْيَبَابَ..

وَقْتُهَا مَنْ يُنْقِذُ الْغُزَاةَ مِنْ مَصِيرِهِمْ..

حِينَ الدَّمِ الْقُدْسِيُّ يَبْدَأُ بِالْحِسَابِ.

***

د.أبوبكر خليفة أبوبكر

 

مابـينَ ذكـْرِكَ ، والأيامِ ، والألمِ

جرحاً طويْتُ فلمْ أهدأْ ولمْ أَنَمِ

*

جرحاً يُنازفُني، يجري بما حملَتْ

مظالمُ الأرضِ مِنْ جَوْرٍ على قَدَمِ

*

مظالـمٌ لو روتْهـا الريـحُ ما بقِيَـتْ

في حقلِها زهرةٌ والصَخْرُ في عَلَمِ

*

يا رِفْقَةَ الروحِ، يا حُلْماً لمُنتَظَرٍ

ببارقِ الأملِ المعمـودِ بالقِيَـمِ

*

الروحُ مِنْ بعدِكُمْ دارَ الزمانُ بها

بينَ العواصـفِ والأنواءِ والضُـرَمِ

*

غِبْتُمْ وغِبْنا "فما ابتلَّتْ جوانحُنا

شوقاً إليكمْ" ولا بُرْءً منَ السَقَمِ

*

وما اسْتكانَتْ لنا عينٌ وأعيُنُكُمْ

طيَّ الترابِ وطيَّ القلبِ والحُلُمِ

*

حُلْـمٌ بـأنْ نلتـقي يـومـاً برابـعـةٍ

مِنَ النهارِ فنُحيي النورَ في الظُلَمِ

*

ما كانَ في خاطرٍ أنَّ النهارَ لظىً

والليلُ شـوكُ قتـادٍ وافـرُ النَهَـمِ

*

فإنَّ ظلمَ ذوي الأحقادِ سائقُهُ

كراهةُ النورِ والأحلامِ والشِيَمِ

*

ماتَتْ ضمائرُهُمْ مِنْ سالفٍ غبرُوا

فما حوَتْ غيرَ  صُفْر الريحِ والنِقَـمِ

**

ما بينَ وجهِـكَ والأنفـاسِ والكَلِـمِ

وقفْتُ مُضطرِباً والحرفُ فوقَ فمي

*

الأمُ والأختُ والأزواجُ في لَهَفٍ

ماذا أُحدِّثُ والأحزانُ في عَرِمِ؟

*

مـرّتْ دهـورٌ وفي الأنبـاءِ مَخبرُكُـمْ

والقومُ في قالِهِمْ والقيلُ في الحُكُمِ

*

أيـنَ الذينَ تبـارَوا بالسـيوفِ لنـا

وأينَ مَنْ أشعلوا النيرانَ في الخِيَمِ؟

*

وغيَّبوكـمْ وما غابـوا، فسادنُهُمْ

في خيرِ مُحتَكَمٍ، في خيرِ مُغتَنَمِ؟

*

هذي حليمةُ قد عادَتْ لسيرتِها

وعادَ أصحابُها مِنْ ساقطِ الصنَمِ

*

توارثَتْها بنو سُفيانَ مُذْ خُلِقَتْ

وإنْ تسـلَّلتِ الأقوامُ بالعِمَمِ

*

ياقومُ، إنَّ انتظارَ المَنِّ مَعجَزةٌ

وما التوسُّلُ بالأبوابِ مِنْ غُنُمِ

*

هُبُّـوا بخَيلِكُمو فالشـاهدُ العَـجَـزُ

وأَطْلِقُوا الصوتَ شُدُّوا شدَّ مُعْتَزِمِ

*

لا خيرَ في الصوت مكبوتاً ومُنقَسِماً

الخيرُ في الجَمْعِ صرّاخاً على القِمَمِ

**

ما بيـنَ صوتِـكَ والأصـداءِ والهِمَـمِ

رفعْتُ حرفيَ مسدوداً على القَلَمِ

*

فرُبَّ حرفٍ كحدِّ السيفِ صارمُهُ

ورُبَّ سيفٍ نبا في ساحِ مُلتَحَمِ

نبكيكَ في يومِ ذكراكَ التي نزلَتْ

نـزولَ صـاعقةٍ هُـدَّتْ بها قـدمي

*

لم يبقَ منكَ سوى الذكرى نداولُها

روايةً مِنْ صفَحاتِ الذبحِ في الأُمَمِ

***

عبد الستار نورعلي

الأربعاء 21 آذار 2018

**  يفرنقع المعزون

تزرب جثتك الجميلة بالدموع

وفي المساء تأكل ثعالب متناقضاتها.

ما أبهى قيامتها في العتمة.

الأمطار غريبة مثلي

تحمل رائحة الدادائيين في معطفها الأشيب.

أيها النمر الأسود

عليك الهبوط من السقف

أو من كتف شجرة اللوز المتشققة

الساحة تعح برهبان القرون الوسطى.

أنت تفكر مثل مسدس مكسور الخاطر

أو مثل سماء بساقين من البرونز الخالص.

سأهديك تابوتا جميلا.

أميرة بمهبل من الكستناء.

عاصفة من الجواري لتكسر زجاج التفكير الفلسفي.

المشنقة تخطف سلة حبيبتي الملآى بمكعبات الضوء.

المشنقة تطل من الشباك

مثل بومة عمياء.

يهاجمني الحفارون في عز النوم.

أوقظ سحليات المخيلة

قبل سقوط المغارة.

شربت سمكة السهو

وأممت قاع المحيط.

قواربنا ملآى بأسماك الأسئلة الكبرى.

سأعتني جيدا بقوافل المنتحرين.

سأبني أعشاشا لإخفاء غيوم هواجسهم.

سأحتفي بجيادهم الحزينة

سأكتفي بعض أصابع الصيرورة

هذه البنت الشهوانية

التي تشرب مياه الليل والنهار.

الضوء المتساقط من عنق قوس قزح.

أيتها الشجرة يا شقيقتي

أيها النهر يا أخي العميق

في الربوة نقاتل بوم الدوق الكبير

مطوقين بالفضة والغزلان

نفتح النار على المومياوات

نتبع فيلقا من الفلاسفة

لتخليص العميان من العار  والفضيحة.

نقول: أفكاركم بنادقكم.

الزواحف تترصدكم بالجوار

اللاشيء يجأر في الجحر

آه أيتها الظواهر

يا غابة بؤسي الكثيفة.

تعبرون

العدم بيتنا الأبدي

في الرقعة نترك الملائك والشياطين

نترك الخير  والشر يتقاتلان

مثل كلبي بولدوغ

نترك الأرملة تجر عربة الفراغ

بدمعتين من الماس.

نترك  المسن على دراجة من  قش.

ندع العالم يجأر بالجنون

وراء عربات الموتى.

***

فتحي مهذب - تونس

 

في نصوص اليوم