لِسُعْدى لم تَلِدْ إلّا السُرورا
أزُفُّ الشِعْرَ تاجاً والشُعورا
*
قلائِدَ سُؤْدَدٍ وَ فُصوصَ تِبْرٍ
لِخيرِ عرائِسِ الدُنْيا مُهورا
*
وَحُسنى غَرّدتْ خمسينَ حَوْلاً
فَهَلْ نَطَقَتْ مَعازِفُها كُدورا ؟
*
متى شَغَرَ الزَمانُ مِنَ المعالي
سَدَدْنا في مَحاسِنِها الشُغورا
*
أنا بَدَوِيُّها قد جِئْتُ أحْدو
وأنْحَرُ قُرْبَ جَوْسَقِها الجَزورا
*
فَمَهْما زادَني التَغْريبُ بُعْداً
وَهَدّمْتُ الأواصِرَ والجُسورا
*
سَيَبْقَ القلبُ مسْحوراً بِسُعْدى
وَسُعْدى تعْشَقِ القلبَ الغَيورا
*
شَقائِقُها تُغازِلُني نَهاراً
فَأنْسَغُ من ندى روحي الجُذورا
*
الى السَرّاءِ لا الضرّاءِ شَدْوي
وَنَفْخي في رُفاتِ المَجْدِ صورا
*
وَخُبزي من بيادِرِها لُحونٌ
متى زِيدَتْ تنانيري سُجورا
*
سنابُلُ حَقْلِنا كَمَنتْ عِجافاً
وَلَمْ تَلْقُطْ هَداهِدُهُ البُذورا
*
الى سَرّاءِنا أسْرى بِقلْبي
بُراقُ قَريحَةٍ سَكِرَتْ غُرورا
*
بِأَنْبِذَةِ القوافي ثمّ طارتْ
بِأجْنِحةٍ تأبّطَتِ الكُسورا
*
فَيا ريمَ الجَزيرَةِ والبَوادي
شَمَمْنا المِسْكَ عِنْدَكِ والعُطوراً
*
بِجَوْسَقِ عاشِقٍ كُنْتِ الثُرَيّا
إليكِ أيائِلي حَمَلتْ نُذورا
*
مَزاميرُ الأوائِلِ أمْ صَداها ؟
دَعَتني في الكَرى حتى أزورا
*
فَراديسَ الأُلى غابوا وَلَمّا
يخاصمْ جَمْرَ ذاكِرتي الفُتورا
*
مزاميري لها آياتُ شِعْري
فَدَعْ داوودَ جَنْباً والزَبورا
*
سَنادِسُها تُراوِدُني وأخشى
على أهدابِ سُنْدُسِها المُرورا
*
بِأجْنِحةِ الخسائِرِ هَمَّ قلبي
الى أبهى مَياسِمِها العُبورا
*
أَ يَلّاءَ البَصيرَةِ أَلْهِميني
كفاكِ العُمْرَ صَدّاً أو نُفورا
*
رُويْدَكِ إن تَمَنّعتِ القوافي
وَ ضاهَتْ في تَمَنُّعِها الصُقورا
*
حَناناً مِنْ لَدُنْكِ وَ ظِلَّ ذكرى
لَعَلّي أتّقي فيها الحَرورا
*
أتَيْتُكِ سابِراً أسرارَ جيلٍ
وَلَسْتُ بِنابِشٍ فيكِ القُبورا
*
فَهاتي جَمْرَ ياقوتِ القُدامى
فَحاضِرُنا يرى ماضيهِ زورا
*
وَ صُبّي هالَةَ الأسْلافِ كأسًا
لِأسْكَرَ في سُلافَتِها فَخورا
*
كَدِرْويشٍ تَواجَدَ في حِماها
وَحَوْلَ السورِ آثَرَ أنْ يَدورا
*
يَذُرُّ رَمادَها بينَ الأثافي
وَيَسْأَلُها القِيامَةَ والنُشورا
*
رأى العَنْقاءَ يَعْلوها رَمادٌ
وَسيْفُ هِرَقْلَ قد بَلَغَ النُحورا
*
وَميضٌ للجَواشِنِ في دِمائي
ترائى طيْفُها شَرِساً جَسورا
*
على أبوابِ قَلْعَتِها حِصاني
يُعاني دُونَ صَهْوَتِهِ الضُمورا
*
تَرَنّحَ في جَواسِقِها حَسيراً
يُديرُ الطَرْفَ مُحْتَسِباً صَبورا
*
فَيا مَنْ سُرَّ قَلْباً مَنْ رآها
أوانَ الضوءِ نادَمَها عُصورا
*
غَداةَ الجَمْرِ في شَبَقِ المَرايا
أحالَ البِرْكَةَ الحَسْناءَ نورا
*
وَناراً في قَياثيرِ الغَواني
بها أشْعَلْنَ بالرقْصِ الخُدورا
*
أباريقُ الكَواعِبِ أَمْ بُروقٌ
بِآناءِ الرُخامِ بَنَتْ قُصورا ؟
*
جَلابيبُ الدُجى شابَتْ ضِياءً
وَتِلْكَ سماؤها إنْفَجَرَتْ بُدورا
*
وَكَم هَتَكتْ فراقِدُها حِجاباً
ورغمَ الليلِ أعْلَنَتِ السُفورا
*
مَعاً صَدَحَتْ كَمَنْجاتُ الصَبايا
وَرَقّصْنَ المناكِبَ والخُصورا
*
كُرومُ البُحْتُرِيِّ بَكَتْ نبيذاً
كما سالتْ قَوافيهِ خُمورا
*
فَهلْ ظَنَّ البُحيْرَةَ غيرَ بَحْرٍ
يُفَجِّرُ في قريحَتهِ البُحورا ؟
*
كَغوّاصٍ مَحارَتُهُ أباحَتْ
لَآلِئها وَحَرّمَتِ القُشورا
*
رأى تيكَ الأنامِلَ ناقِراتٍ
نَواقيسَ الهَوى فَسَقى الطيورا
*
على أشْفارِ بِرْكَتِهِ قِيانٌ
كَأنَّ العِينَ قد راقَصْنَ حورا
*
مَزَجْنَ الماءَ سِحْراً كوثرِيّاً
فَمُذْ لامَسْنَهُ أمسى طَهورا
*
وَديكُ الفجْرِ أذّنَ فإسْتَفاقتْ
ذُرى مَلْويّةٍ فاضتْ حُبورا
*
يَهُزُّ سماءَها العُلْيا لِيَرْقى
نِداءُ الحقِّ والتقوى جَهورا
*
هُنا، مُتَوّكِّلاً، ألْقى عَصاهُ
فَلوْلَبَتِ الحِجازَةَ والصُخورا
*
مَضى حَلَزونُها يَلْتَفُّ لَيَّاً
يُناهِدُ في أعاليها النُسورا
*
كَلِبْلابٍ تَسَلّقَ ذاتَ فَجْرٍ
سماءَ اللهِ مُبْتَهِلاً شَكورا
*
وَحَلّقَ فَوْقَ مَسْجِدِها لِتَزهو
كُوى أبراجِها وَتُنيرَ سورا
*
تَسَلّقها فؤادي في خُشوعٍ
وَأوْقَدَ عِنْدَ (جاوَنِها) البُخورا
*
أبا تَمّامَ لا أنْباءَ عِنْدي
سِوى نَبَأٍ به أرثي الدُهورا
*
زماني عاقِرٌ لا بَلْ عَقيمٌ
وذئبُ الرومِ قد أضحى عَقورا
*
وَمُعْتَصِمُ الوَغى أمسى أصَمّاً
فما لَبّى لِصَرْخَتِها حُضورا.
*
أَفي أُذُنيْهِ وَقْرٌ أم تُراها
صِباءُ الخيْلِ طَلّقْنَ الظُهورا.
*
غَدَتْ (لبّيكِ ياأختاهُ) وَهْماً
نعاقِرُهُ لكي نُشفي الصدورا
*
صفائحُ جيشِهِ لمعتْ بياضًا
كما إسْودّت صحائفُنا سُطورا
*
شُراةُ الهاشِميّةِ حينَ قِيدَتْ
شرارتُها كَوَتْ أسَداً هَصورا
*
ألا (لَبّيكِ) وإنْطَلَقَتْ سَرايا
وعانقتِ الأسيرةَ والثُغورا
*
صُراخُ اليعْرُبيّةِ كان يومًا
يُصدّعُ في ظُلامتِهِ الشُرورا.
*
أبا تمّام لم نشهدْ خَميساً
يصدُّ الويلَ عنّا والثُبورا
*
فَناطورُ الديارِ بَدا عُتِلّاً
أزاحَ العدلَ وإمْتَشقَ الفُجورا
*
زماني لا زمانُكَ ياصديقي
يُصيّرُ لِصّهُ شيخاً وَقورا
*
دَمي الثَرْثارُ حَمّلَني رَجاءً
الى (ثَرْثارِها) حتى يثورا
*
على نَهَمِ الكَواسِجِ والسَعالي
ويستبقي الخزامى والزهورا
***
مصطفى علي