نصوص أدبية
سنية عبد عون: هي.. هو
قصتان قصيرتان..
هي
تحتضن طفلها وتهرب مسرعة دون ان تفكر بالآخرين من أفراد أسرة زوجها.. خارجة من مبنى للعمارات السكنية التابعة لمنشأة عسكرية.. تضمه بقوة وتهمس له لا تخف يا صغيري لا تخف لأني معك.. تتصاعد أنفاسها وهي تجري في الطرقات بلا هدف معين ودون ان تعرف الوجهة التي عليها ان تقصدها وحين توقفت لتفكر قليلا شعرت بلسعات البرد الحادة تخترق عظامها.. نظرت الى طفلها وهي تقول بصوت مسموع أولاد الكلب.. كيف يتحمل طفلي هذا المأزق في منتصف الليل.. وقد غادرنا أبوه توا الى جبهة القتال المشؤومة التي لا يعرف نهايتها الا الله سبحانه..
انفجار ذخيرة عتاد المنشأة العسكرية قد قيد ضد مجهول كما أعلنته الجهات الرسمية لكنه بذات الوقت اثار الرعب والخوف في نفوس سكان العمارات السكنية القريبة على موقع الحادث.. كانت أصواتا عنيفة ومخيفة بقي صداها يختلط داخل رأسها..
تقاطرت سيارات الحريق والإسعاف وسيارات أخرى لا تعرف هويتها.. لاذت هي تحت ظل شجرة عملاقة عطوف وكان طفلها يركز نظراته الى وجهها.. ثم يستسلم لإغفاءة مرتبكة..
***
هو
وصل هو لجبهة القتال وأخذ يوزع حلوى العيد (الكليجة) لأصدقائه في الملجأ فقد وجدهم في حالة صمت مطبق.. تدور أعينهم برعب وخوف.. كان أحدهم ينفث دخان سيجارته بأصابع مرتجفة ووجه كالح مغبر طلبوا منه ان يطفأها لكنه جامد لا يتحرك.. اما الاخر فكان يدفع بجسده الى الحائط الترابي حتى كاد ان يلتصق به.. يتقرفص كل منهم بطريقة تشبه حال صاحبه..
صرخ به أحدهم.. لا أرغب بالأكل.. الا تسمع هدير المدافع.. ابتسم وهو يلوك قطع الحلوى الواحدة بعد الاخرى ويردد مع نفسه.. الامر سيان..
مرت دقائق صمت مطبق واستبشروا فيما بينهم ان القصف قد هدأ.. ابتسم الجميع وأخذوا منه قطع الحلوى.. وأخذوا يلكونها
قال لهم سأحدثكم عن صديقنا (عبد الله) الذي تسرح من الجيش منتدبا وقد التقيته في بغداد وسأل عنكم جميعا وحملني أمانة ان أوصل سلا... وهنا
تناثرت قطع الحلوى ممزوجة بذرات التراب والدم بينما أطبق هو عينيه بهدوء تام..
***
سنية عبد عون رشو – قاصة عراقية