روافد أدبية

رافد القاضي: ظلال الفجر

عندما أحنّ...

إلى طفولتي

أحملها معي...

إلى مقهى مهجور

في أطراف المدينة

أضعها أمامي...

على الكرسي الصامت

بين الظلال...

أحادثها حتى يذوب

الليل في صدر الصباح

أداعب ضحكاتها

حتى تتساقط...

من بين أصابعي

كحبات رمل مبتلّة

وأتجول معها...

في أزقة الذاكرة الضيقة…

حتى ينهكنا التعب...

*

وعندما تتعب الطفولة

من الوقوف طويلًا

وتعترف لي...

أنها شاخت قبل أوانها

أخرج دفتري من حقيبتي

وأكتب لها أغنية لا تنتهي...

*

عندما أفتقد أصدقائي

الذين رحلوا…

أجمعهم حولي

كظلال متعبة...

أشاركهم صمت الماء

أتحدث معهم...

حتى تتناثر النجوم

حولنا كحبات ضوء

وأتجول معهم...

في جيوب الريح

حتى يذوب الليل...

*

وعندما ينعقد...

سكون الأصدقاء

ويعترفون أنهم...

بلا صحبة تواسيهم

أخرج قلبي من صدري

وأوزّعه عليهم بالتساوي...

*

عندما أشتاق

إلى حبيبتي…

أحملها معي...

إلى حديقة بلا أبواب

أضعها على ورد الياسمين

أقرأ لها قصائد...

لم يكتبها أحد...

أرسل لها نغمات قلبي

حتى يذوب القمر

في حضن الغيوم

وأتجول معها...

بين الشجر المثمر

حتى تتفتح

نوافذ النهار....

*

وعندما يلتفت

الليل إلى عينيها

وتهمس بأنها...

ضائعة في الحب

أزرع وردة في قلبها...

*

عندما أشتاق

إلى نفسي...

أحملها معي...

إلى غرفة بلا نوافذ

أجلسها أمامي أحاورها

حتى يذوب الكلام

في الصمت...

أعاتبها حتى تتكسر

المرايا حولنا...

وأتجول معها

في الفراغ...

حتى الفجر...

*

وعندما تنهار نفسي

وتعترف أنها بلا نفس

أضع ابتسامة طويلة

على شفتيها...

*

عندما أشتاق...

إلى الوطن...

أحمله معي...

إلى ساحة واسعة

في قلبي...

أفرش له سجادة

من الحنين...

أجلسه بجانبي

كضيف عزيز لا يرحل

أحاوره حتى تتفتح

أبواب المدن المغلقة

وأتجول معه بين الأزقة

التي لم تعد تعرفني

حتى ينسكب الضوء...

*

وعندما يتعب الوطن

ويعترف أنه بلا أحضان

أفتح له صدري...

وأجعله يقيم في روحي...

***

د. رافد حميد فرج القاضي

 

في نصوص اليوم