كتب واصدارات

كتب واصدارات

قراءات حميد عقبي بعين سينمائية لنصوص الشاعر اللبناني الألماني سرجون كرم

عن دار أطياف للنشر والترجمة في المغرب العربي، صدر كتاب "الشعر في مواجهة الأسئلة الكبرى: قراءات في نصوص الشاعر سرجون كرم"، قدمها الشاعر اليمني والمخرج المسرحي والسينمائي حميد عقبي - المقيم في فرنسا.

تضمن الكتاب خمس قراءات من ديوان "سندس وسكين في حديقة الخليفة" للشاعر اللبناني الألماني د. سرجون كرم:

قصيدة "كيف سيكون الشعر حين تنتهي الحرب": أسئلة متمردة بصيغة تساؤلية عالمية.

قصيدة "جرمانيا": تفكيك الواقع وإعادة خلقه برؤية ذاتية وروحانية.

قصيدة "الحبّ بلغة جنديّ عائد من الحرب": الحبّ والحرب في جدلية الوجود الإنساني.

قصيدة "لا تموتي قبل أن تنتهي الحرب": الحبيبة والحرب والأرض.

قصيدة "بيروت": الجذور والغربة وقداسة السلام.

وجاء في مقدمة الكتاب للشاعر والناشر د. أحمد الفلاحي:

"يمثل هذا الكتاب النقدي رحلة معمقة في عوالم الشاعر اللبناني الألماني د. سرجون كرم، حيث تتداخل الأسئلة الكبرى عن الحرب، الغربة، والإبداع مع تأملات فلسفية غنية ومركبة. المؤلف يقدم للقارئ دراسة تنبش في أعماق النصوص الشعرية لكرم، كاشفة عن أبعادها الفكرية والفنية.

تكمن فرادة تجربة كرم الشعرية في قدرته على المزج بين البنية المسرحية والبصرية للسرد الشعري وبين التأمل الفلسفي الذي يخترق الأسئلة الوجودية الأكثر تعقيدًا. في قصيدته الشهيرة "كيف سيكون الله والشعر حين تنتهي الحرب"، نرى كيف يحوّل كرم قلقه الوجودي إلى مشهد شعري يمزج المقدس باليومي، ويمرر من خلاله نقدًا ثقافيًا عابرًا للحدود.

يتناول هذا الكتاب أيضًا نص "جرمانيا" بوصفه شهادة شعرية على صراع الهوية في المهجر، حيث تتحول تفاصيل الحياة اليومية إلى فضاء فلسفي يكشف عن قلق الشاعر تجاه الذات والعالم. هنا، تتحول الغربة إلى تجربة داخلية مزدوجة: مواجهة مع الذات ومع الآخر.

تتبنى هذه الدراسة منهجًا نقديًا تركيبيًا يجمع بين التحليل البنيوي والتأويلي، مستحضرةً السياق الثقافي والفني الذي تتموضع فيه تجربة كرم. لكنها ليست مجرد تحليل للنصوص، بل هي حوار مع الرؤى الفلسفية التي تنبض بين سطورها.

نحن أمام كتاب يقرأ النص الشعري قراءة متجاوزة، تتعامل معه بوصفه كيانًا حيًا يطرح الأسئلة أكثر مما يجيب عنها. إنه دعوة للقارئ للانخراط في رحلة تأملية تتلاقى فيها الأسئلة الكبرى حول الله، الشعر، والحرب، مع مساحات الذات والهوية. بهذا، يصبح هذا الكتاب شاهدًا على تفاعل حي بين النقد والشعر، وبين القارئ والنص، مما يجعله إضافة مهمة للمشهد النقدي العربي المعاصر."

يتكون الكتاب من 95 صفحة - حجم متوسط، وسيكون متوفرًا ورقيًا وإلكترونيًا عبر عدة مكتبات ومنصات عربية وأوروبية لشراء واقتناء الكتب.

***

حميد عقبي

باريس ـ الرباط

 

أصدرت دار ''عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع'' الأردنية، كتابا جديدا للباحث سعيد بوخليط، تحت عنوان ''الفكر العربي الحديث: ذاكرة روَّاد وتراث قضايا''.

''يمثِّل هذا العمل الجديد، حلقة أولى ضمن سلسلة مستقبلية أخرى، قصد التعريف بمجموعة أعلام ثقافية وازنة، تنويرية ملهِمة، ذات نزوع تحرُّري كوني، خَلَّفت إرثا معرفيا مهمّا في مجالها، فانتقلت بذاكرة الثقافة العربية انتقالا نوعيا، بعد طرحها الأسئلة بكيفية مختلفة، وأرست مناهج تحليلية نقدية جسورة، تبعا لأفق نهضوي أعاد تقليب السؤال الوجودي الكبير، المنبعِث من القرن التاسع عشر جراء حملة نابليون بونابارت على مصر، الجاثم دائما، مهمازه الحادّ، يوخز مراقدنا ويقضّ مضاجعنا، لمن أراد أساسا لوعيه أن يكون حالة إنسانية متوقِّدة، حيوية، متوثِّبة دون توقُّف. السؤال الحارق: لماذا تقدَّم الآخر، وتخلَّفنا نحن؟.

سؤال، يكاد يغدو وجوديا، وليس فقط إشكالا تاريخيا، على امتداد المنطقة العربية: لماذا ولدتُ؟ لماذا سأموتُ؟ لماذا أنا حسب حيثيات هذه الهوية ولست كيانا آخر؟.

السؤال أهمّ كثيرا من الجواب، مثلما أكَّدت الوقائع عبر الأزمنة والأمكنة، مادام جواب واحد قد استكان إلى الاكتفاء بذاته، والتَّقوقع على مضمونه، غير منتجٍ تماما وينعطف بالجميع نحو اللا-تاريخ، الانحطاط، والتباهي أخيرا ببناء المعتقلات والسجون والأصنام بدل الجامعات والمدارس وأوراش الحقيقة. بالتالي، ثراء الإبقاء على جدليات السؤال اللامتناهية.

تضمَّنت هذه المقاربات المعنونة ب''الفكر العربي الحديث: ذاكرة روَّاد وتراث قضايا''، توثيقا لذكرى أسماء لامعة أرست باجتهاد و دَأَبٍ، متونا معرفية بَنَّاءة، إيجابية، ومحرِّضة، تستشرف بفضل تأملات إنسان أوشك كيانه على الكمال، الأمل والتحرر والبقاء الأبدي.

هذا التوثيق الصحفي إن صحَّ التعبير، بحيث غلبت على المقالات المنصهرة بين دِفَّتي العمل، اللغة التقريرية المباشرة، والرصد السِّيَري الذي يتوخى تنضيد وتثبيت وتعزيز معلومات شتى عن الأسماء الواردة، وكذا بعض القضايا الفكرية المرتبطة بأنساقها:

شوقي ضيف، سمير أمين، خليل حاوي، حسين مروة، طه حسين، محمد عابد الجابري، ناجي العلي، غالب هلسا، محمد باهي، فاطمة المرنيسي، مي زيادة، جبران خليل جبران، محمد باهي، عبد الله إبراهيم، عبد اللطيف زروال، محمد وقيدي، أدونيس، مهدي عامل، عبد الرحمن بدوي، إميل حبيبي…

هي مقالات لم تُكتب دفعة، خلال سياق بعينه وفق وتيرة متواصلة، لكنها تباعدت زمنيا بكيفية واضحة حسب المناسبة والظرف والدَّاعي، بل تعكس مخزونا للذاكرة، لذلك سيلاحظ القارئ من الوهلة الأولى تفاوتا جليّا، بين زخمها النظري وكثافتها التوثيقية، ثم المدى والحيِّز الذي تشغله كل دراسة بعينها نتيجة ارتقاء وعيي بتجليات المشروع المتوخَّى، وتباين درجات نضج تصوُّري، وترسُّخ وضوح رؤيتي، بخصوص جدوى توضيب محاور بحث من هذا القبيل، تجنُّبا في الآن ذاته السقوط في التكرار، واجترار ذات المعلومة المتداولة، أو التبسيط والاختزال.

صدر ببغداد العدد 19 من مجلة "السينمائي" الشهرية المستقلة التي تُعنى بشؤون السينما العراقية والعربية والعالمية. وقد اشتمل العدد الجديد على 22 مقالة غطت الأبواب الثابتة للمجلة. جاء في الكلمة الافتتاحية التي كتبها رئيس التحرير عبد العليم البنّاء بعنوان "منبر ومرجع سينمائي متخصص" أنّ الهدف الأول لمؤسِس المجلة الكاتب والمخرج السينمائي سعد نعمة "هو سدّ ثغرة لدى متابعي فن السينما في العراق والوطن العربي بشكل عام" إضافة إلى "إشاعة وتكريس الثقافة السينمائية الرصينة بعيدًا عن التوجهات الفضفاضة التي اعتمدها بعض المجلات هنا وهناك". وفي باب الأخبار نقرأ "مبادرة دعم السينما العراقية" التي أطقلها رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني وتخصيص ميزانية تجاوزت الخمسة مليارات دينار عراقي لدعم وتفعيل الإنتاج السينمائي العراقي الذي يشمل إنتاج الأفلام الروائية والوثائقية الطويلة والقصيرة وأفلام التحريك "الأنيميشن".

تضمّن حوار العدد الذي أجراه محمد مجدي من القاهرة معلومات شافية ووافية عن الفنانة التونسية دُرّة التي حفرت اسمها في ذاكرة المتابعين التونسيين والعرب، كما سلّط الضوء على فيلمها الوثائقي "وين صِرنا" الذي نجح عربيًا وعالميًا. ومن أبرز المحاور التي تناولتها درّة في هذا اللقاء بأنّ بدايتها كانت مع فيلم "هي فوضى" للمخرج الكبير الراحل يوسف شاهين، واعتبرت هذا الفيلم "محطة فارقة في حياتها الفنية" التي تتوهج سنة بعد أخرى. كما تعلّمت الكثير من مخرجين آخرين من بينهم خالد يوسف ومحمد ياسين ورامي إمام. ورغم أنها لم تحظَ بفرصة للعمل مع المخرج الراحل محمد خان إلّا أنها تأثرت بطريقة عمله ورؤيته الفنية. تتمنى دُرة أن تعمل مع المخرجة المعروفة كوثر بن هنيّة التي سجّلت حضورًا ملحوظًا في المهرجانات العربية والعالمية.

أمّا "ملف العدد" الذي يتصف كالعادة بثرائه، وعمقه، وسعة معلوماته فقد اشتمل على ثماني مقالات لثمانية كُتّاب ونقّاد ومؤرخين معروفين تحدثوا فيها عن "السينما الكوميدية الهادفة" حيث تناول الكاتب والصحفي المُثابر عبدالعليم البنّاء في مقاله الموسوم "نحو سينما عراقية كوميدية هادفة" جاء فيه: "تستطيع الكوميديا معالجة كثير من القضايا الاجتماعية والسياسية والإنسانية بما فيها قضايا الفساد والمُفسدين". وأكدّ على ضرورة "البحث عن وسيلة تمنح الجميع مساحة للتنفس واستعادة التوازن، فالضحك رغم بساطته يملك قدرة سحرية على التخفيف من وطأة الهموم وتجديد الطاقات".1051 cinama

رسم الابتسامة على الوجوه المُتعَبة

تناول د. صالح الصحن في مقاله المعنون "نحو سينما عراقية كوميدية هادفة" توقفَ فيه عند لطائف جحا، ونوادر الجاحظ، ومفارقات البهلول، وأخبار الحمقى والمغفلين عند ابن الجوزي، وحكايات الطفيليين عند الخطيب البغدادي. كما قدّم "جردة" كبيرة بأسماء الفنانين الكوميديين العراقيين والعرب والعالميين الذين استمتعنا بحضورهم الطاغي في صناعة الفرح ورسم الابتسامة على الوجوه المُتعَبة سواء من جرّاء العمل أو الفقر أو الحروب وما إلى ذلك حيث أشار إلى قائمة طويلة من الأسماء الكوميدية اللامعة نذكر منهم اسماعيل ياسين، فؤاد المهندس، عادل إمام، سمير غانم، دُريد لحّام، سليم البصري، حمودي الحارثي، راسم الجميلي، قاسم الملاك، محمد حسين عبدالرحيم إضافة إلى أسماء عالمية بارزة من بينهم تشارلي شابلن، هارولد لويد، وستيفن مارتن  وأسماء فنية أخرى لا يسع المجال لذكرها جميعًا. كما عزّز المقالات بعدد من المقترحات المهمة مثل تأسيس مكتبة تضم الأفلام الكوميدية العراقية، وطالب بتوثيق سيرة الشخصيات التي كتبت ومثّلت وأخرجت في مجال الكوميديا محليًا وعربيًا وعالميًا كمادة فنية ومعرفية تطلّع عليها الأجيال الجديدة.

سلّط الناقد السينمائي علاء المفرجي الضوء في مقاله المعنون "الفيلم الكوميدي الذي نسعى إليه" على ثلاثة أفلام كوميدية عراقية وهي "ستة على ستة" و "فايق يتزوج" و "حُب في بغداد" وركّز على ملحوظة مهمة جدًا مفادها أنّ هذه الأفلام، وأخرى غيرها، قد ركّزت على "إضحاك المُشاهد" من دون أن تتمكن من إرسال بعض الرسائل القوية التي يصعب الحديث عنها في بعض الحالات لكنها تكون مخيفة إذا جاءت على شكل طريف أو نكتة أو موقف مضحك. ويرى المفرجي أن بعضًا من مخرجي الأفلام الكوميدية يتحايلون على شروط الرقابة وإن جاء هذا التحايل على حساب القيمة الفنية لما يقدّمه للمتلقي الذي لا يحتاج إلى النكتة لكي يضحك لأنه ربما يضحكه أكثر من ذلك طرافة الموقف أو عبثيته ليخفِّف من آلامه ومشاكله التي يصادفها في حياتها اليومية. ولعل أهم ما جاء في هذا المقال الواخز هو انبثاق مؤسسات أخرى تأخذ على عاتقها لجم من يفكر أو ينتقد أو يبعث إشارة ما ليتناول ظاهرة (دينية، اجتماعية، اقتصادية) بشكل كوميدي وبطريقة قد تكون أقسى من الرقابة التي كانت موجودة في العهد السابق التي لجمت كل من يفكر أو ينتقد سياستها. ويعتقد المفرجي أنّ الكوميديا السوداء هي أحد أهمّ البدائل في صناعة كوميديا تقليدية.

يعتقد د. ماهر مجيد ابراهيم في مقاله الذي انضوى تحت عنوان "الفيلم الكوميدي والشكل والبناء" أنّ صناعة هذا النمط من الأفلام يحتاج إلى التدريب والمران لكتابة السيناريو الذي يعتمد على الموقف الدرامي، والمفاجأة، والمفارقة، وانتقاء شخصيات تحمل قيمًا إنسانية إضافة إلى قدرتها الكوميدية أو التهكمية. ويمضي إلى القول بأنّ النوع الكوميدي هو الأكثر اقترابًا من روح السينما كونه وسيلة للتسلية ومنطقة ظلية يسترجع فيها الإنسان المُتعَب شيئًا من انتمائه الإنساني.1052 cinama

الضحك تنفيس للطاقة النفسية المكبوتة

يتتبع الدكتور علي صباح سلمان في مقاله "الكوميديا السينمائية_ السخرية والإضحاك" ظاهرة شيوع التراجيديا والأعمال المأساوية التي يقدّمها المخرجون العراقيون ويعزو ذلك إلى الظروف القاسية التي مرّ بها الشعب العراقي خلال العهود السابقة. يُعرّف الدكتور علي الكوميديا بأنها "نوع أدبي، درامي يتخذ من السخرية والتسلية مسارًا له عن طريق الحوارات الهزْلية والمواقف المضحكة التي تنتهي غالبًا بنهايات مبهجة وتحظى بقبول جماهيري واسع، وتستأثر باهتمام كبير من قبل المشاهدين لطبيعة خصائص هذا القالب وقوة الجذب فيه، وقدرتها على الاستجابة لمتطلبات الحاجة النفسية". يتوقف كاتب المقال عند أرسطو الذي يرى "الضحك والكوميديا نوعًا من التطهير الذاتي" ويتمعّن بمقولة فرويد الذي "يعدّ الضحك تنفيسًا للطاقة النفسية المكبوتة"، ويرى أنّ ما يضحكنا هو "هروبنا من ألم الحقيقة المُرّة" ويرى أنّ الشعب العراقي توّاق إلى المرح والسعادة والبهجة. ويقسّم الكوميديا إلى ثلاثة أنواع وهي: كوميديا الموقف، وكوميديا الشخصية، وكوميديا السلوك.

لعل أهمّ ما جاء في مقال "الكوميديا سيدة الموقف" للدكتور سالم شدهان هو القصة التي أوردها عن الفنانة الأمريكية المعروفة لورين باكال التي كتبت مشهدًا كوميديًا وأدّته أمام الطلاب بجدارة، وأضحكتهم كثيرًا بينما ظل الأستاذ عابسًا ومتجهمًا طوال مدة العرض، وكان سبب تجهمه وغضبه أنها كانت تسخر من شخصية مصابة بعوق التلفظ وهذا لا يجوز لأنّ المَشهد الذي أدّته فيه انتقاص من شخصية معاقة. وثمة فرق كبير بين الكوميديا المضحكة والسخرية التي تنتقص من الكائن البشري وتقلل من قيمته الإنسانية العالية.

يسترجع الناقد الفني رضا المحمداوي في مقاله "غياب الفيلم الكوميدي..  غياب الفن الصعب" مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية التي غاب عنها الفيلم الكوميدي ووصفهُ بالغياب الموجع ويعزو السبب إلى عدم وجود المؤلفين العراقيين لهذا النوع الصعب. ويورد عدة أفلام كوميدية من بينها "فائق يتزوج" و "السيد المدير" و "العربة والحصان". يقترح المحمداوي إنتاج فيلمين كوميديين سنويًا أو فيلم كوميدي واحد في الأقل، ويدعو إلى إقامة مسابقة سنوية خاصة بتأليف الأفلام الكوميدية ورصد جوائز مالية مُجزية للأفلام الفائزة مع منحها فرصة إنتاجها سينمائيًا. وإذا لم يتم تحريك إنتاج الأفلام الكوميدية فإن الوضع سيبقى على ما هو عليه لهذا النمط الفني المُحبب إلى الجمهور العراقي.

يتألق الباحث والمؤرخ السينمائي مهدي عباس الذي بلغ رصيده حتى الآن 36 كتابًا سينمائيًا في تقديم "فيلموغرافيا الأفلام الكوميدية العراقية "منذ عام 1962 وحتى الآن وقد بلغ عددها 17 فيلمًا من بينها:"مشروع زواج" 1962، إخراج كاميران حسني، مدته 90 دقيقة .  "إنعيمة" 1962، سيناريو وإخراج عبدالجبار ولي، مدتهُ 90 دقيقة. "الجابي" 1968، سيناريو وحوار وإخراج جعفر علي، مدتهُ 45 دقيقة. "شايف خير" 1969، سيناريو وإخراج محمد شكري جميل، مدتهُ 85 دقيقة.

وفي باب "سينمائيون عراقيون جُدد" يكتب المخرج سعد نعمة  عن المخرج ياسر كريم الذي أنجز حتى الآن أربعة أفلام قصيرة من بينها "مملكة النفايات" و "دنيا" وينهمك حاليًا بفيلمه الروائي الأول الذي يحمل عنوان "عين حرا" الذي تمتزج فيه الواقعية بالفنتازيا. يؤكد ياسر كريم بأن السينما العراقية ما تزال تعيش في "المرحلة العاطفية" وهي مرحلة حالمة وليست عملية. وذكر كريم بأنه أفاد كثيرًا من المخرجين عدي رشيد ومحمد الدراجي ومهنّد حيال ولا ينسى فضل الذين آزروه في مشروعة الفني الذي يتعمّق عامًا بعد عام.

يندرج مقال "السينما الكوميدية" للناقد السينمائي رضا الأعرجي ضمن ملف العدد لكن القائمين على المجلة وضعوه في باب "دراسات" وقد تتبع الأعرجي ظهور أول فيلم كوميدي يحمل عنوان L’Arroseur Arros  أو "الساقي يسقي" للمخرج لويس لوميير وهو فيلم صامت مدتهُ 60 ثانية. كما تتبع عدد من الممثلين الكوميديين المعروفين أمثال ماك سينيث، وتشارلي شابلن، وباستر كيتون وغيرهم.

وفي باب "دراسات" أيضًا يتناول المخرج والناقد السينمائي استناد حدّاد موضوع "السينما في غرب أستراليا" وبالذات في مدينة بيرث التي تنتج فيلمًا أو فيلمين في السنة تتراوح كلفتهما بين المليون إلى سبعة ملايين دولارًا أستراليًا. وقد توقف عند بعض الأفلام المهمة مثل "الاقتراح" إخراج جون هلكوت، و "الكباش" لجيرمي سيميس و "الكلب الأحمر" لكريف ستندرز. وتشكل مقالات استناد حداد نافذة جميلة على الفيلم في القارة الأسترالية.

المقدمة الصعبة المُتعِبة

تحتفي "السينمائي" بآخر ما كتبه المخرج والمنظر السينمائي قيس الزبيدي قبل أيام من وفاته لتكون هذه المادة مقدمة لكتاب "هذه السينما التي لا حدود لها" ترجمة وتأليف الناقد السينمائي صلاح سرميني ولكن الزبيدي تأخر في كتابة هذه المقدمة لانشغاله وتفاقم المرض عليه فأرفقها له برسالة يخوّل فيها إياه الحذف أو الإضافة، وأعترف له بأنه كتب مقدمات كثيرة لكُتّاب ومخرجين لكنه لم يجد الصعوبة التي وجدها في هذه المقدمة التي أسماها بـ "الصعبة المتعبة". المقال طويل وغني بالمعلومات لذلك أنصح بالعودة إلى المجلة والاستمتاع بقراءة مقالاتها المتنوعة.

لا أحبِّذ الكتابة عن مقالي النقدي المعنون بـ "شواهد صامتة . .  قراءة بصرية للنُصب والتماثيل الفنية ببغداد" الذي يتمحور حول فيلم "شواهد صامتة" للمخرج حيدر موسى دفار وأدعو محبّي الفن السابع للعودة إلى "السينمائي" ثانية كي يحيطوا بالتفاصيل التي وردت في متن هذا المقال النقدي المدبّج بعناية كبيرة.

وفي هذا السياق أشير إلى المقال النقدي الذي كتبه الناقد سمير حنّا خمورو عن فيلم "المحلف رقم 2" للمخرج المخضرم كلينيت إيستوود حيث تدور أحداث الفيلم في أروقة المحاكم.

يقرأ الدكتور عقيل مهدي كتاب "صناعة التزييف في السينما الأمريكية. كما تسلّط "السينمائي" الضوء على "الدليل الشامل للفيلم الروائي الفلسطيني الطويل" للباحث والمؤرخ المثابر مهدي عباس للمدة من 1947- 2024م حيث يرصد 78 فيلمًا روائيًا طويلًا أنجزها 46 مخرجًا بينهم 12 مخرجة.

تتابع الدكتورة ورود ناجي ثمانية أخبار فنية وتقدّم ملخصات مكثفة لطبيعة هذه الأخبار التي تطرز صفحات السينمائي لتمنحها المعلومة الطريفة والشائقة.

وفي مسك الختام يقدّم الدكتور جبار جودي "جردة حساب" تكشف بأنّ وزارة الثقافة والسياحة والآثار، ونقابة الفنانين العراقيين، ودائرة السينما والمسرح قد نجحت في تنظيم أضخم مهرجان سينمائي في تاريخ العراق وهو مهرجان بغداد السينمائي الأول 2024، ويُعِدُ القائمون على المهرجان العُدة لإطلاق النسخة الثانية من المهرجان وبمشاركة أوسع للسينمائيين العراقيين والعرب.

تتهيأ "السينمائي" لإصدار العدد 20 الذي يؤهلها للدخول إلى العشرية الثالثة وقد استكتبت عددًا من النقاد السينمائيين والباحثين والأكاديميين للإدلاء بآرائهم، وتقديم وجهات نظرهم بأعداد المجلة التي وُلدت وترعرت وشبّت عن الطوق وأصبحت على ما هي عليه الآن لكنها تتقبل النقد والرأي الآخر بقلب مفتوح، وأذرع حانية، ونيات طيبة للقائمين عليها وفي مقدمتهم رئيس التحرير، عبد العليم البناء، ورئيس التحرير التنفيذي سعد نعمة، ومدير التحرير مهدي عباس وبقية هيأة التحرير الذين يعملون مثل خلية نحل دؤوبة.

***

عدنان حسين أحمد

ودوره في صناعة السلم الدولي

إصدار جديد لمركز الحكماء لبحوث السلام في إطار برنامج الدراسات الأوروبية

***

تعززت المكتبة العربية والإسلامية بمؤلف جماعي يتكون من ثلاث مجلدات، بإشراف وتحرير الدكتور التجاني بولعوالي، وقد صدر في مستهل هذا العام (2025) في القاهرة، وهو يندرج في إطار برنامج الدراسات الأوروبية الذي تم تخصيص مشروعه العلمي الأول لدراسات الإسلام في أوروبا والغرب، بما في ذلك دور الإسلام الريادي في صناعة السلم الدولي. ويركز هذا المشروع على الأبعاد الإيجابية والمشرقة في علاقة الإسلام بالآخر، وهذه الأبعاد عادة ما تُغفل أو تُهمش سواء من قبل المسلمين أو غير المسلمين. ويحدث ذلك إما بسبب التنزيل المسف أو التأويل المنحرف أو التشديد أكثر على جوانب الصراع والرفض والإنكار بدل السلم والتسامح والاعتراف. كما أن الاستشراق الأوروبي التقليدي أسهم في بلورة شرق (وضمنه الإسلام) غرائبي لا يمت بصلة إلى حقيقة الشرق الواقعية، فاستمرت هذه الرؤية السلبية لدى فريق من الباحثين والخبراء الإيديولوجيين الذين يشكلون في وقتنا الراهن تيارا مهما في الاستشراق المعاصر أو فيما يطلق عليه الدراسات العربية والإسلامية التي لا تخلو أيضا من أكاديميين غير موضوعيين.

وفي مقابل ذلك، تراكمت الدراسات الموضوعية التي أحدثت ما يشبه القطيعة مع تلك المواقف سواء الاستشراقية التقليدية أو الأكاديمية المؤدلجة، فانصب الاهتمام على قضايا مغايرة مثل حوار الأديان ونظرية التعددية وجذور الإسلام وتسامح الإسلام والقيم المشتركة وفضل الإسلام وتاريخ الانسجام وغيرها، ويمنح هذا التيار الموضوعي في اشتغاله الأكاديمي حيزا للإمكانات الفكرية والإنسانية والحضارية التي ينطوي عليها التراث الإسلامي، وهي قلّما تشكل موضوع البحث في الدراسات الأكاديمية المعاصرة سواء التي أجراها باحثون مسلمون أو غربيون. وتتقاطع أهداف برنامج الدراسات الأوروبية إلى حد كبير مع التصورات والأفكار التي يطرحها هذا التيار الموضوعي في دراساته للإسلام والغرب، ولا يمكن صياغة مقاربة استشرافية للإسلام في الغرب دون الاستئناس البحثي والتعاطي الرصدي مع هذا التيار، لاسيما وأن إسهاماته في هذا الصدد تظل مشتتة في الكتب والمقالات والحوارات، ولا تصل إلا إلى القلة القليلة من القراء والباحثين والمهتمين.

وقد جاء برنامج الدراسات الأوروبية ليدرس مختلف الإمكانات الأخلاقية والروحية والاجتماعية والحضارية التي يطرحها الإسلام في عالم أصبح يتسم بالخواء الروحي والنزوع المادي وثقافة الاستهلاك، ونحن نؤمن بأنه سوف يأتي الدور على المسلمين للمساهمة بفعالية في حضارة المستقبل، كما ساهم أجدادهم بنجاح في حضارة الماضي.

وقد انطلق المشروع الأول من برنامج الدراسات الأوروبية في سبتمبر 2021، تحت إشراف الدكتور التجاني بولعوالي، ونصل اليوم إلى المرحلة الأخيرة من العمل، وهي إخراجه للقراء والطلبة والباحثين والمهتمين في حلة نهائية تستجيب لمعايير البحث العلمي المعتمدة دوليا. وتتوزع هذا المشروع عشرون ورقة بحثية، اشتغل بها عشرون باحثا وخبيرا يغطون 11 دولة: بلجيكا، إنجلترا، إسبانيا، إيطاليا، ألمانيا، فرنسا، الدنمارك، المغرب، مصر، لبنان، نيجيريا، وينتمون إلى 9 جامعات: جامعة لوفان بلجيكا، جامعة أوكسفورد، جامعة روما، جامعة لويس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، جامعة عبد المالك السعدي، المعهد الألماني للأبحاث الشرقية، جامعة مدريد، جامعة مونبيليه، بالإضافة إلى مراكز بحثية. وقد تم توزيع هذه الأوراق البحثية على ثلاثة أجزاء/ مجلدات، كتب المجلدين الأول والثاني منها باللغة العربية، وحرر المجلد الثالث باللغة الإنجليزية.

جاء المجلد الأول تحت عنوان "قيم ومفاهيم مشتركة تؤسس للسلم الدولي"، وهو يتضمن تقديما للدكتور سمير بودينار، المدير التنفيذي لمركز الحكماء لبحوث السلام، ومقالة تمهيدية لمدير برنامج الدراسات الأوروبية الدكتور التجاني بولعوالي، وسبع أوراق بحثية، وهي: "التراث الفقهي الإسلامي وقيمة السلم" للدكتور عبد الحق الكواني، "المسلمون في الغرب وفقه المواطنة" للدكتور محمد غلبان، "أهل الكتاب وتسامح الإسلام" للدكتور عبد الله عسيري، "وثيقة المدينة ومشروع التعايش في مجتمع تعددي" للدكتور أحمد فهمي عبد السلام، "الآخر اللاديني في المنظورين القرآني والفقهي" للدكتور التجاني بولعوالي، "ثنائية دار الإسلام ودار الكفر وإمكانات العيش المشترك في الغرب" للأستاذ منير بوحوت، "من الجدل اللاهوتي إلى حوار الأديان" للدكتور عز الدين عناية.

أما المجلد الثاني الموسوم بـ "استلهام السياقات المشتركة في صناعة السلم الدولي"، فقد توزعته ثماني أوراق بحثية، وهي: "القدس مدينة التعايش ما بين التملك اليهودي والخصوصية الإسلامية" للدكتورة كريمة نور عيساوي، "المشترك الفلسفي الأخلاقي بين الحضارتين اليونانية والإسلامية" للدكتور محمد المعزوز، "قصة القديس والسلطان واستلهام التاريخ المشترك" للدكتور يوسف نويوار، "المغرب واحتضان اليهود ودينامية التعايش السلمي بين اليهود والمسلمين" للدكتور إبراهيم حمداوي، "مصر والتعايش الإسلامي القبطي" للدكتورة أنوار عبد الفضيل، "التعددية الدينية ومآلات الإسلام في الغرب، السياق الأوروبي أنموذجا" للدكتور ميمون داودي، السِّلم الروحي والأبعاد الكونية للصوفي: مداخل بناء الإنسان الكامل" للدكتور خالد التوزاني، "الرحلة ومعالم البناء الرمزي المشترك" للدكتور الحسن الغشتول.

ويحمل المجلد الثالث الإنجليزي عنوان "القيم الكونية المشتركة وصناعة السلم الدولي"، وهو يتضمن ست أوراق بحثية، وهي: "مفهوما "الأمة" و"الإكليسيا" والتأسيس لتعايش سلمي بين المسلمين والمسيحيين في القرن الحادي والعشرين" للأستاذ ملفين أروا أوغوهي، "الأندلس أنموذج فريد للتسامح والتعايش والتعددية الثقافية"، للدكتور عبد العزيز العمراني، "الإسلام في أوروبا وفكرة الحضارة المتداخلة" للدكتور محمد حصحاص، "التأثيرات الأخلاقية المجتمعية ودورها في خلق حوار واقعي نحو السلام والتفاهم" للدكتور بيرت ليمبريخت، بالإضافة إلى ورقتي الباحثين ميمون داودي والتجاني بولعوالي اللتين كتبتا باللغتين العربية والإنجليزية.  وتجدر الإشارة في الختام إلى أن الورقة العشرين "الفلسفة الإسلامية وحفظ التراث اليوناني"  للدكتور شبير أختار من جامعة أكسفورد لم يُقدّر لها أن تكتب وتشكل جزءا من هذا المشروع، وذلك لأن المنية اختطفته قبل أن ينهي ورقته البحثية.

***

التجاني بولعوالي

فى يناير عام 2024 ظهر العدد الأول من سلسلة عقول الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بعنوان: "سليم حسن، المؤرخ الموسوعي وعميد الأثريين". احتفاءً به كشخصية معرض الكتاب السابق، وإحياءً لسيرة عقل من العقول المؤثرة فى تاريخ مصر.

وعلى مدار اثني عشر شهراً أتممنا دستة من أعداد السلسلة الشهرية، وكان ختامها مسك الختام، بعدد رائع تناولنا فيه ست شخصيات نسائية من خيرة نساء مصر المؤثرات فى مسيرة الوطن. وقد شرُفتُ برئاسة تحرير سلسلة عقول بصحبة مدير تحريرها د. محمود نبيل، برعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، وإشراف رئيس الهيئة العامة للكتاب الدكتور أحمد بهي الدين . وها نحن قد أتممنا 12 عدداً محتفلين بإتمام السلسلة لعامها الأول..

المرأة فى حياتنا

وكما أن للنساء فى حياتنا تلك الأهمية العظيمة؛ كأم وشقيقة وزوجة وابنة ورائدة من رائدات النهضة على المستوي الفردي والمجتمعي. كان لسلسلة عقول اهتمام خاص بها وبدورها البارز فى تحقيق تلك النهضة..

العدد الثالث من أعداد السلسلة جاء بعنوان: "مي زيادة، أديبة المحروسة وملهمة الأدباء" كنموذج فريد ورائد من نماذج النهضة النسائية المبكرة في مصر والمنطقة العربية. وفي العدد الخامس تناولنا قصة كوكب الشرق تحت عنوان: "أم كلثوم، صدي مصر الخالد" وهي قصة موحية بها الكثير من المحاور والمنعطفات المثيرة الشيقة. ثم جاء العدد الثامن من السلسلة بعنوان: "فاطمة اليوسف، رائدة الصحافة المصرية" ليسرد حكاية من أمتع حكايات النساء ذوات التأثير الممتد عبر الأجيال. وكما ترون كيف أننا آثرنا التنويع عند انتقاء الشخصيات.. ففي مجال الأدب اخترنا مي زيادة، وفى الفن أم كلثوم، وفى الصحافة فاطمة اليوسف.

واخترنا أن نختتم أعداد السلسلة بالاستفاضة فى إبراز دور المرأة فى النهضة المبكرة لمصر فى شتي المجالات فى كتاب: (سيدات من مصر). وحرصنا فى هذا الكتاب على الالتزام بنفس المبدأ فى التنوع والتعدد. واخترنا ست شخصيات نسائية تناولناها جميعاً فى كتاب واحد، وعدد ختامي خاص من أعداد السلسلة، ضم سيرة الشاعرة عائشة تيمور، ورائدة النهضة النسائية هدي شعراوي، وأم المصريين صفية زغلول، وعالمة الذرة سميرة موسي، وبنت الشاطئ عائشة عبد الرحمن، وباحثة البادية ملك حفني ناصف. هكذا انتقلنا فى بستان التراث النسائي بين عدة ورود مزهرة في شتي مجالات العطاء الباقي عبر الأزمان.

مبدأ التنوع

حرصنا منذ البداية على هذا المبدأ فى اختيار الشخصيات التي تتناولها السلسلة بالسرد؛ ألا نكتفي بالتركيز على مجال الأدب، وهو مجال اتسع لشخصيات كثيرة عملاقة مؤثرة، وبه عشرات الأدباء والنقاد والشعراء والروائيين الجديرين بالسرد والذكر. غير أننا آثرنا ألا نقف عند الأدب كمجال من بين مجالات الثقافة المتشعبة والمتعددة؛ لأن القوة الناعمة فى مصر بنيت على هذا المبدأ المهم، مبدأ التنوع. بل قل إنه مبدأ قامت عليه الحياة نفسها. لهذا تعددت شخصيات السلسلة وتنوعت مجالاتها: ففي الطب اخترنا شخصية د. نجيب باشا محفوظ رائد طب النساء والتوليد، وفى الاقتصاد "طلعت باشا حرب"، وفى علوم البحار "حامد جوهر"، وفى علوم الآثار "سليم حسن". وفي الشعر: أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، وفى المسرح توفيق الحكيم، وفي الصحافة فاطمة اليوسف.

كان الهدف الرئيسي لدينا ألا نغفل تنوع الأذواق والمشارب والاتجاهات لدي جمهور القراء. وأن نسلط الضوء على ما امتازت به مصر من ثراء فكري وثقافي على مدار تاريخها المعاصر في شتي المجالات المعرفية.

حصاد الندوات

أول ندوة أقامتها هيئة الكتاب احتفاء بالسلسلة وتدشيناً لها جاءت فى خواتيم معرض الكتاب السابق، وأدار الندوة المثقف الراحل: (مروان حماد)، مدير المشروعات الثقافية السابق بهيئة الكتاب. وشارك بالندوة المؤرخ الموسوعي سامي الزقم ومؤلف أحد أهم أعداد السلسلة حول طلعت باشا حرب. والزميل الصحفي الدكتور أيمن السيسي.

كانت السلسلة فى حاجة لترسيخ أقدامها فى مجال الإنتاج الفكري قبل أن تعاود تقديم الندوات وحفلات التوقيع من جديد. لهذا تأخرت الندوات الشهرية المصاحبة لصدور أعداد السلسلة حتي النصف الثاني من عام 2024. وجاءت البداية بندوة عن كتاب: (أم كلثوم، صدي مصر الخالد). ثم تتابعت الندوات التي اختتمت بندوة عن أمير الشعراء أحمد شوقي.

أغلب الندوات أقيمت بالمركز الدولي للكتاب بوسط البلد، وتمت تغطية فعالياتها بمقالات صحفية فى عدد من أهم الصحف اليومية. وتلقفت الإذاعة تلك الفعاليات فسلطت الضوء على سلسلة عقول فى أكثر من لقاء إذاعي تناول مختلف إصدارات سلسلة عقول. وكان واضحاً أنها حرَّكت راكداً فى مياه الحركة الثقافية وأنها جذبت اهتمام عدد من المثقفين والقراء.

فى معرض الكتاب القادم سوف يكون لنا لقاء مع قراء سلسلة عقول فى ندوات جديدة، نتجاذب خلالها أطراف الحديث والحوار الشائق الماتع حول مختلف إصدارات السلسلة وحول الشأن الثقافي العام، الذي هو هدفنا الرئيس؛ أن نشارك بسهم فى إثراء الحياة الثقافية. وإنني أدعو سائر المهتمين بالشأن الثقافي لحضور ندوات السلسلة فى معرض الكتاب القادم تحقيقاً للتواصل بين السلسلة وقرائها.

سلسال الفكر

في تراثنا الفكري عدة سلاسل ثقافية اهتمت بمجال السيرة الغيرية، وهي سلاسل قليلة. وقد كان من الضروري إنشاء سلسلة عصرية تتناول هذا الجانب المهم من جوانب السرد والفكر. يحدث من خلالها التواصل الصحي بين الجيل الحالي وبين أجيال سابقة من المفكرين والمثقفين ورواد الحياة الأدبية والعلمية..

من هنا جاء إصدار سلسلة "عقول" لملء هذا الفراغ الصغير فى البناء الثقافي المعاصر، واختارت السلسلة لنفسها منهجاً أدبياً وفكرياً وأسلوبياً يتسق مع ميول القراء اليوم؛ ففي العموم اتسمت إصدارات السلسلة برشاقة الأسلوب، وعمق الأفكار، والشمول والإحاطة بسيرة الشخصيات. كما اتسم السرد بحسن التقسيم والتصاعد الزمني المتدرج وتقطيع الفصول إلى فقرات معنونة سهلة الهضم مثيرة المعاني والألفاظ. حدث هذا فى كل إصدارات السلسلة حرصاً منا على تقديم وجبة ثقافية دسمة تغذي عقول القراء.

وفي كل عدد من أعداد السلسلة كان هناك مفتاح وثمرة. فأما المفتاح فهو يخص الشخصية التي نتناولها بالسرد، والتي لها مفتاح خاص يمثل سر تفوق هذه الشخصية فى مضمار الحياة الثقافية. وأما الثمرة فهي الجوهر والمغزي والرسالة المتضمَّنة فى كل عدد من أعدادا السلسلة، تلك الثمرة التي هي الفكرة الرئيسية لكل قصة وكل كتاب.

الشمعة الأولي

وكما احتفلنا فى معرض القاهرة للكتاب 2024 بصدور أول عدد من سلسلة "عقول"، نحتفل فى مطلع العام الجديد 2025 بإتمام العام الأول للوليد الجديد للثقافة المصرية.

أيام قليلة تفصلنا عن الحدث الثقافي الأهم فى مصر، معرض القاهرة الدولي للكتاب فى نسخته السادسة والخمسين، والمقرر انعقاده يوم الخميس الموافق الثالث والعشرين من شهر يناير لمدة أسبوعين. وعلى مائدة هيئة الكتاب الحافلة بكل ممتع وجديد، سوف تتجاور عناوين السلسلة ووجوه شخصيات عرفناها وقدّرناها: سليم حسن، نجيب باشا محفوظ، مي زيادة، توفيق الحكيم، أم كلثوم، طلعت حرب، فاطمة اليوسف، أحمد شوقي، حامد جوهر، حافظ إبراهيم. وفي ختام عام من الإنتاج الثقافي المتوالي كتاب: "سيدات من مصر"، ولا أخفي سعادتي بما وصلت إليه السلسلة من إنجاز وإنتاج فكري ثري خلال العام السابق، كما أتمني أن يتواصل عطاءها الفكري عاماً بعد عام، وأن يستمر تفاعل القراء معها شهراً تلو شهر.

***

د. عبد السلام فاروق

يوصي فونج نجوين بكتب نجيب محفوظ، وسي بام تشانج، وغيرهما

بقلم: فونج نجوين

 ترجمة: د. محمد عبد الحليم غنيم

***

 اسمحوا لي أن أبدأ بهذا الاعتراف: كل عمل أدبي تاريخي يعيش في مكان ما بين التاريخ والأسطورة. قبل أن يتعامل المرء مع واقع ما تكشفه الأبحاث، يجب عليه أن يواجه جميع طبقات التمثيل اللاحقة لأي لحظة تاريخية يقترب منها. حتى أكثر الأحداث التاريخية حداثة تتأثر بالأسطورة. حتى عندما تزيل طبقات الدعاية والتحريف المتعمد، توجد روايات مقنعة تحتها تُلون تجربتنا لكل لحظة رئيسية في التاريخ.

 ولكن هناك بعض الكتب التي تكرم البعد الأسطوري للتاريخ على مستوى مختلف. تستحضر هذه الكتب الأسطورة، وأحياناً بقصد طردها؛ والنتيجة غالباً ما تكون توليفة: علاقة جديدة بالتاريخ المكتوب لا تعني قبولاً غير مشروط للأسطورة ولكنها لا تحل محلها بالكامل. وعلى حد تعبير ثوي دينه في مراجعة حديثة لكتاب "الطبلة البرونزية"، فإن مثل هذه الكتب "تستحضر وتقوض" السرديات السائدة من خلال التعامل معها.

 لأن الأسطورة مفيدة، ليس فقط للأمم والأقوياء الذين يحكمون تلك الأمم، بل وأيضاً لنفسياتنا على المستوى الفردي والعالمي. والسبب وراء دمج التاريخ والأسطورة هو تقريب الحقيقة التي ليست "شخصية" أو "عالمية" فحسب، بل لسرد قصة تشترك في كليهما.

إليك سبعة عناوين تقع في منتصف الطريق بين التاريخ والأسطورة.

1- كولسون وايتهايد، السكك الحديدية تحت الأرض:

 إن رواية "السكك الحديدية تحت الأرض" تجسّد حرفيًا استعارة السكة الحديدية تحت الأرض التي تنقل العبيد في الجنوب قبل الحرب الأهلية إلى الولايات الحرة. إنها رواية ملتوية تكشف عن التاريخ المأساوي القذر لمعاملة أميركا للعبيد، وتروي المزيد من الحقيقة بوصفها عملا أدبيا مقارنة برفوف كاملة من الروايات التاريخية التي تتناول نفس الموضوع بطريقة أكثر حرفية. وباستخدام الأسطورة للكشف عن التاريخ، واستخدام التاريخ لصياغة أسطورة جديدة، يتعامل وايتهايد مع هذه القوى على قدم المساواة.

2- مايكل شابون، المغامرات المدهشة لكافاليير و كلاي:

 في إعادة تصور لأصول الأبطال الخارقين في القصص المصورة، تستعين مغامرات كافاليير وكلاي المذهلة بقصة الجوليم (الجوليم هو كائن أسطوري في التراث اليهودي، يتم صنعه عادة من الطين أو الطين المجفف ويمنحه صانعوه الحياة عبر طقوس سحرية أو استخدام كلمات سحرية). لإظهار كيف أن الأساطير الأمريكية للأبطال الخارقين تستمد قوتها من التقاليد والثقافة اليهودية، حيث يتداخل سرد حياة مؤلفي القصص المصورة مع سرد الأساطير نفسها. بين الواقع المفرط والخيال الغريب وغير الواقعي، تتجاوز هذه الرواية المعاصرة الكلاسيكية حدود الأنواع الأدبية.

3- مادلين ميلر، أغنية أخيل:

 بمزجها بين المعرفة العميقة للمؤلفة بتاريخ اليونان القديمة وملحمة هوميروس الإلياذة، تضفي رواية أغنية أخيل أبعادًا جديدة على أسطورة كانت تبدو غامضة وعصية على الفهم. من خلال سرد قصة أخيل من منظور صديقه المقرب وعشيقه باتروكلس، تنجح ميلر في إضفاء طابع إنساني على شخصية نصف الإله، بينما ترفع بذكاء من قيمة البطل الهش والمجهول في الحكاية: باتروكلس نفسه. التعامل مع الأسطورة هنا يعني الكشف عن دور الراوي في تجسيد مجد البطل.

4- نجيب محفوظ، أخناتون: العائش في الحقيقة، ترجمة عايدة باهية:

 كونها موطنًا لإحدى أقدم الحضارات في تاريخ البشرية، فإن هواء مصر مشبع بالأسطورة، ويستفيد نجيب محفوظ من هذا الضباب الأسطوري لنسج قصة عن الفرعون أخناتون، المعروف أيضًا باسم أمنحتب الرابع، الذي يُعد أيضا أول حاكم يؤمن بالتوحيد في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. يدفع فضول الراوي به إلى التساؤل عما حدث في مدينة أخناتون المدمرة على ضفاف النيل، وفي هذا السعي يعكس محاولة القارئ لفك الأسطورة عن الحقيقة التاريخية لتلك الحقبة، وهي مهمة محكوم عليها بالفشل منذ البداية.

5- سي. بام تشانج، كم من هذه التلال ذهب:

في كتاب كم من هذه التلال ذهب، يتساءل تشانج ويوسع نطاق أسطورة الغرب الأمريكي. من خلال التركيز على عائلة أمريكية صينية أثناء حمى الذهب، يقدم لنا نموذجًا مألوفًا وجديدًا تمامًا. مستنيرًا بتاريخ الهجرة الصينية ولكنه يعلق بقوة على الأسطورة السائدة في الغرب، يقف كتاب كم من هذه التلال ذهب عند مفترق طرق ينظر في جميع الاتجاهات الأربعة في وقت واحد: التاريخ نفسه، وكيف ننظر إليه، وكذلك الأسطورة كما كانت، والأسطورة كما يمكن أن تكون.

6- توني موريسون، محبوبة:

  تُعد رواية محبوبة لتوني موريسون واحدة من أعظم الروايات الأمريكية، وهي قصة أشباح تحيط بمكان وتستوطنه. هذا المكان يُعرف في آنٍ واحد باسم "124" وأمريكا ذاتها—المسكونة والمثقلة بالصدمات والمليئة بـ"الحقد". تتناول الرواية واحدة من أكثر الأساطير التأسيسية إلحاحًا في المجتمع الأمريكي—وهي أنه أمة تقوم على مبادئ الحرية والاستقلال التي تدعيها—لتُظهر الحقائق الصارخة ليس فقط عن أمريكا ما قبل الحرب الأهلية، بل عن أمريكا ما بعدها، وعن أمريكا الحالية، ككيان متضارب مترنح، مضلل بعمق ومنافق إلى حد بعيد.

7- سلمان رشدي، أطفال منتصف الليل:

تكريماً لروائي القصص العظيم الذي نجا مؤخراً من محاولة مروعة لاغتياله، أختتم هذه القائمة بعمل سلمان رشدي. يتناول كتاب أطفال منتصف الليل لحظة استقلال الهند عن الحكم البريطاني ويحول هذه المادة التي تبدو غير ضارة إلى أسطورة عظيمة. "أطفال منتصف الليل" المقصودون هم أولئك الذين ولدوا في منتصف ليل الخامس عشر من أغسطس/آب 1947 أو بالقرب منه (قبل 75 عاماً اليوم، حتى كتابة هذه السطور) والذين يمتلكون قوى سحرية تسمح لهم، بسماع أفكار بعضهم البعض. وحقيقة أن القصة تُروى من وجهة نظر أحد هؤلاء الأطفال تلقي بظلال من الشك على القصة بأكملها وتدفعنا إلى التقصي حول ما هو الحقيقة وما هو الأسطورة.

***

......................

فونج نجوين/ Phong Nguyen: ناقد أدبي وأكاديمي وكاتب قصص وروايات له ثلاث روايات ومجموعتين قصصيتين ويشغل نجوين منصب كرسي ميلر المرموق في الأدب والكتابة بجامعة ميسوري، حيث يقوم بتدريس كتابة الرواية.

 

 

للمخرج السينمائي والناقد حميد عقبي

عن مجلة الت للترجمة العربية والصحافة في بريطانيا التي يديرها الناقد اليمني د. حاتم الشماع، صدر كتاب قضايا المهمشين وتصوير الهامش في السينما العالمية: تأملات في خمسين فيلماً حول العالم للمخرج السينمائي والناقد حميد عقبي، يحتوي الكتاب على 145صفحة من الحجم المتوسط وهو متوفر حاليًا على منصة امازون لعرض الكتب.

الكتاب رحلة فنية بأسلوب شيق مع أكثر من خمسين فيلمًا سينمائيًا عالميًا تناولت موضوع المهمشين والهامش ويتميز بالتحليل للكثير من المشاهد والأساليب الفنية من الواقعية والواقعية الساحرة إلى الشعرية مع الكثير من المقارنات الإخراجية والأسلوبية والفكرية.

يتناول هذا الكتاب هذه النماذج السينمائية المهمة والتي اهتمت بقضايا المهمشين وتصوير الهامش حيث تم تناول البشر البسطاء كأبطال قصصية، جميع هذه الأفلام تسلط الضوء على فئات مهمشة اجتماعيًا واقتصاديًا، مثل العمال، المهاجرين، المتحولين جنسيًا، ذوي الميولات الجنسية المختلفة، النساء، والشباب من أصول إفريقية أو عربية. يُبرز المخرجون الواقع وقراءة ما وراء الوقع، تصوير هذه الشخصيات ابرزتهم كأبطال لا بوصفهم ضحايا فقط، بل أشخاصًا يمتلكون القدرة على التعبير والسعي من أجل التغيير والبحث عن السعادة رغم التحديات.

وذكر حميد عقبي في مقدمته بأن هذه الأفلام  قدمت صورة إنسانية معقدة وعميقة للمهمشين، من خلال استخدام السينما كأداة لفهم الهامش بما يحمله من تناقضات وصراعات اجتماعية ونفسية وأيضًا تطورات، حيث تأتي متغيرات حديثة توسع من الهامش وتعمقه وتجعله مألوفًا، كما أن هناك نوعية ضخمة من الأفلام التجارية الهشة تستخدم في السينما لأغراض السخرية والتهكم من هذه الفئات، قضايا الهامش من المواضيع الهامة التي أصبحت تغري بعض المخرجين حول العالم ولكن هناك مصاعب كثيرة قد تواجه الرغبة في الغوص بهذا العالم المتخم بالحكايات والألم والبؤس والحلم، لعل أكبر مشكلة تواجه المشاريع السينمائية من هذا النوع هو عدم وجود الدعم والتشجيع، شركات الانتاج وهيئات الدعم قد ترحب بمشروع يتحدث عن شخصية مهمشة أو من سكان الضواحي لها ميولات جنسية مختلفة أو مجرمة أو مختلة ومضطربة أو لديها وجهات نظر سلبية عن أصلها ودينها ومجتمعها، الأفكار الجادة والموضوعية تقف أمامها عائق الانتاج وعليها أن تخوض معركة شرسة أو يتم تنفيذها في مناخ صعب ووسائل متواضعة جدًا وعليها المجازفة والمخاطرة. 

رغم كل العوائق والصعوبات إلا أن موضوع الهامش والمهمشين والضواحي يظل له سحره الخاص وربما يعود هذا إلى الواقع والنماذج الإنسانية المقيدة بهذا الواقع والأماكن وتفاصيل كثيرة لاتزال مجهولة وتحتاج إلى من يكتشفها ويناقشها ضمن رؤية سينمائية مبدعة إنسانية وخلاقة.

وقد وضح عقبي بأن هذا الكتاب هو التعاون الأول مع الناقد والناشر اليمني د. حاتم الشماع وهناك كتب عديدة ستنشرها مجلة الت للترجمة العربية والصحافة التي يديرها الشماع في بريطانيا وتهتم بدراسة الإبداعات اليمنية وترجمتها.

الجدير بالذكر أن حميد عقبي، يمني ـ مقيم في فرنسا، مخرج سينمائي وكاتب، متنوع النشاطات، أخرج وأنتج عشرة أفلام قصيرة، صدر له ثمانية كتب نقد سينمائي، أحدى عشرة رواية، أربع مجموعات قصصية، خمسة دواوين شعرية وأقام عشرة معارض تشكيلية وله كتب باللغة الفرنسية وثلاثة كتب نصوص سيناريو وسبعة كتب تضم تسعة نصوص مسرحية، له ديوان ربما كان الخلل في نجومنا مترجم إلى الألمانية ونص مسرحي رغوة تُرجم إلى الإيطالية، ناشط ثقافي ويدير المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح.

***

باريس

صدر حديثا عن دار النشر والتوزيع أكورا بطنجة، دراسة في النقد الإعلامي، للكاتب والإعلامي المغربي مصطفى غلمان، حول "في سوسيولوجيا الإعلام والرقمنة.. قراءات في المحتوى والوسيط".

الكتاب الذي يقع في (140 صفحة) من القطع الكبير، يتفرع إلى أربعة فصول و 13 مبحثا، يبدأ بتقديم للباحث، وتصدير لعالم الاجتماع الفلسطيني الدكتور إياد البرغوثي.

أما فصول الكتاب تضمنت دراسات في "سوسيولوجيا الإعلام والمعرفة والأخلاق"، و"الرقمنة ووسائل الاعلام والأيديولوجيا"، و"سوسيولوجيا الاتصال الثقافي"، و"السياسة وسؤال الإعلام". وهي الدراسات التي سبق للكاتب أن قام بنشر بعضها في مجلات ومنشورات بحثية وطنية وعربية متخصصة.

وجاء في تقديم المؤلف، د مصطفى غلمان، «... حاولت الدِّراسة، في شقيها، التحليلي والنقدي، أن تُبرهن على الأُسُس السُّوسيولوجية التي تقوم عليها الأنماط الإعلامية العربية والغربية القائمة، حيث يصعب حصر المفاهيم الحاضرة في وسائل الإعلام وظروف نشرها وإشاعتها، والحُمولات الثقافية والتاريخية والسّياسية، التي تتعالق بإزائها الدّلالات الشائعة، التي أضحت تؤسس لبناءات تصطرع فيها، وتتعاقد معها، مدارات عالم لا متناه من علوم الاتصالات والمعلوميات وأفلاكها التي تسبح داخل مجرَّات كُبرى. في أتون هذه الأسئلة الحارقة، نحاول من خلال هذه القراءات استبطان أسباب وخلفيات استنبات الجذور البعيدة، في أفق الإعلام الوسيط، واشتغالاته، في مضمار مليء بالغموض والارتدادات المفاهيمية المتداعية، حيث تقصر العين الناقدة عن إدراك مستويات التَّبخيس وتراجع التفكير وتكريس الأمراض الرقمية على قدرة الإنسان الفيزيقية والنفسية والتعليمية أيضًا.. اِلتمَاسنا لتفكيك دورة الإعلام السوسيولوجية، من منطلق هذه القراءات، كان بدافع استشعار مدى قابلية المجتمع لتخوم هذه التَّحولات، وارتباطاتها بالأنماط الاجتماعية والثقافية الجديدة. خصوصًا وأنَّ الحقل الإعلامي في مردوديته القيمية وتفاعلات حدوده مع باقي الأشكال البيداغوجية ذات الصِّلة، أعاد تأويل أو صياغة دوال الأسرة والمدرسة والفرد، إلى الأبعاد العكسية، التي تفرق الجوهر عن الحواشي، وتستدبر العقل عوضا عن الكمون والتواري...».

أما السوسيولوجي الفلسطيني د إياد البرغوثي، فقال في تصدير الكتاب : إنه " عندما يلتقي موضوع "جاد" كعنوان هذا الكتاب "في سوسيولوجيا الإعلام والرقمنة: قراءات في المحتوى والوسيط"، وكاتب "مقدام" وجريء مثل الدكتور مصطفى غلمان، فإنك بالتأكيد أمام عمل فكري متميز، ليس فقط من الجانب النظري الذي يحضر بوضوح في الكتاب، إنما ايضا في جانبه التطبيقي، وفي انعكاسات تأثيره على الصراع الفكري الجاري في العالم حاليا، بين من يبذل كل جهده ليجهز على ما تبقى من قيم في عالمنا "الإشكالي"، وبين من يسعى لتكون تلك القيم والأخلاق أساسا للعلاقات بين البشر".

وأكد البرغوثي، على أن "تناول الكاتب لموضوع الإعلام وتأثيره السوسيولوجي والتطورات التي جرت عليه خاصة عندما وصل الى السوشيال ميديا هو أمر في غاية الأهمية. أدرك ذلك المستضعفون مؤخرا بعد أن كان مقتصرا على القوى المستعمٍرة والطبقات المسيطرة ردحا طويلا من الزمن"، مشددا على أن "الكاتب الكثير يُعول على الوعي وإعادة تشكيله بشكل يعزز انسانية الانسان. هنا يظهر دور الإعلام خاصة بشكله الجديد "الرقمنة"، وهو إذ يدعو الى ذلك الوعي، يؤمن أن دوره كمثقف ليس فقط تفسير العالم "بل تغييره" أيضا ليكون عالما اكثر راحة للناس وأكثر أخلاقا".

***

مراكش/ خاص

قصص الأبداع والنجاح والتفوق العراقية ليست مجرد إنجازات شخصية بطابعها الفردي بل هي مصدر إلهام للأجيال الشابة وتشجيع العمل والإنجاز الجاد والابتكار، وفي مستهل سنة 2025 نشر ‘‘الاتحاد الدولي للمبدعين في العراق‘‘ أول مؤلف عراقي حمل عنوان (تقنية وثقافة الابداع في العراق)، للمؤلف الأستاذ الدكتور علي احمد الزبيدي وبمشاركة مجموعة من الباحثين الأكفاء ضمت؛ أد. موفق الحسناوي، أد. محمد حسين علوان، أد. سعاد هادي الطائي، أد. حسن الفلاحي، أد. إبراهيم خليل العلاف، أد. عباس فاضل السعدي، أد. صباح حسن الزبيدي، أد. مجيد ملوك السامرائي، أد. مصطفى هذال، د. حسين يوسف، د. احمد محمد علي، د. حيدر الشكرجي، د. عدي القريشي، د. علي سلوم، د. منذر العلواني، د. سلام الزبيدي، د. علي زلزلة، م/ ظافر الخفاجي، م/ نبيل خليل، ك/ خالد القيسي، السيدة هناء صلاح. وقد تضمن المؤلف الفريد والمتنوع موضوعات عدة تناولت في خمسة فصول وبخمسمائة صفحة؛ أوجه الابداع والابتكار والسير الشخصية والمعلوماتية لأبرز المبدعين العراقيين في كافة التخصصات المعرفية.

تناول الفصل الأول؛ تاريخ الابداع في العصور القديمة. فيما تضمن الفصل الثاني؛ ثقافة الابداع. اما الفصل الثالث؛ فقد أستعرض تقنيات الابداع. ويعد الفصل الرابع جوهرة المؤلف لما عرضه من مضامين الوفاء والعرفان لقامات الابداع العراقي باستعراضه لرحلة إبداعهم المكلل بالنجاح والالهام، وتضمن سيل من المبدعين، وهم ثمانون مبدعا في ميادين الشعر والآداب والفنون والرياضة، ومن الذين برعوا اختراعا وابتكارا في العلوم الصرفة والعلوم الإنسانية بما في ذلك علوم التكنولوجيا والمعلوماتية وتطويعها التطبيقي، كما تم عرض قصص الشخصيات التي تميزت بالصبر والكفاح وصولا للنجاح وبالمقدمة ذوي الاحتياجات الذين قدموا مثلا يحتذى للأجيال القادمة في اصرارهم وتحديهم وصولا للأبداع. وأخيرا تناول الفصل الخامس؛ التحديات والتطلعات المستقبلية التي تواجه العقول العراقية المبدعة وسبل رعايته وتنميتها.

اما الشخصيات العراقية المبدعة الواردة في مضامين المؤلف ممن غادرو الحياة الدنيا رحمهم الله تعالى، ومن هم مازالوا ينحتون صخور الحياة ويستحثون الخطى أسهما وإبداعا لكل ما ينير الحياة مجدا في العلا للعراق والانسانية جمعاء؛ فان صفحاتهم التفصيلية تضمنت العرض الكامل لأوجه الابداع والابتكار، والسير الشخصية والمعلوماتية لكل واحدا منهم، (ومع الحفظ المحترم والكامل للألقاب والشهادات والدرجات والمراتب العلمية) تضمنت قائمة الشخصيات العراقية المبدعة كل من السادة الافاضل:

1 رفعت الجادرجي/ فن العمارة، 2 زهـا حديد/ فن العمارة، 3- محمد مكية/ فن العمارة، 4 احمد الوائلي/ الشيخ الخطيب، 5- طه باقر/ العلامة المؤرخ، 6 جواد علي/ المؤرخ، 7 علي الوردي/ عالم الاجتماع، 8 عبد الوهاب البياتي/ الشاعر، 9- مظفر النواب/ الشاعر، 10عبد الرزاق عبد الواحد/ الشاعر، 11 موفق محمد أبو خمره/ الشاعر، 12 عبد الجبار عبدالله/ رائد الجامعات، 13محي هلال السرحان/ الشريعة والقانون، 14- داود سلوم/ ريادة الكتب، 15محمد جاسم المشهداني/ المؤرخ، 16 صبحي ناظم توفيق/ الابداع العسكري، 17 محي الدين الطيار/ مبدع القوات الخاصة، 18 محمد غني حكمت/ فن النحت، 19 جواد سليم/ فن النحت، 20 مؤيد البدري/ الاعلام الرياضي، 21 احمد راضي/ اسطورة الرياضة، 22 عبد الواحد عزير/ بطولة الرياضة، 23 سجاد الغازي/ الصحافة، 24 جمال حسين علي/ الصحافة والرواية، 25 عبد القادر الرسام/ الفن الواقعي، 26فائق حسن/ الفن التشكيلي، 27 سعاد العطار/ الفن التشكيلي، 28 ليلى العطار/ الفن التشكيلي.

(29 – 57) أبرز الأطباء المبدعين:

سامي شوكت، صائب شوكت، شوكت الزهاوي، مظفر الزهاوي، عبد الأمير علاوي، محمد صالح محمود، كمال السامرائي، معمر خالد الشابندر، صفاء الدين حامد، عبد الطيف البدري، لميعة البدري، غازي حلمي، سالم الدملوجي، عزيز محمود شكري، مكي الواعظ، احسان البحراني، حسني الالوسي، وليد شوكت الخيال، عبد الكريم هاني، لؤي النوري، رياض الحاج حسين، سعد الوتري، ندى محمد الجبوري، إسماعيل حسن التتار، سلوان جمال بابان، معد محمود سلمان، رعد مولود مخلص، عبد الكريم حمزة شنون، يحيى كاظم السلطاني.

58 علي البكري/ الهندسة، 59 عبد الرزاق عبد اللطيف جاسم/ الهندسة 60 حمودي الحارثي/ التمثيل الكوميدي 61سامي عبد الحميد/ عمادة المسرح، 62 قائد النعماني/ المسرح، 63 نصير شمة/ الحان العود، 64 فريد الله ويردي/ الفن الموسيقي، 65 كاظم سعد الدين/ عمادة الترجمة، 66هاشم محمد البغدادي/ الخطاط، 67 عبد الحسن علي زلزلة/ عالم الاقتصاد، 68 عباس فاضل السعدي/ عالم الجغرافيا، 69 مجيد ملوك السامرائي/ عالم الجغرافيا، 70 احمد عبد الغفور السامرائي/ الشيخ الخطيب، 71 أسامة الكربلائي/ قارئ العتبة الحسينية، 72 ناصر محمود الراوي/ الاب الروحي لطلبة ماليزيا العرب.

(73 – 80) قصص نجاح المبدعين من الشباب والموهبين ومتحدي الإعـاقة:

زينا علي حيدر/ القانون، زينب صلاح حسن/ الفن وتحدي العوق، مثنى عبد القادر سعدي/ هندسة التنمية، علاء حسين شوقي/ الاختراع الهندسي، نجلة عبد/ الوسام الذهبي، عمر محمد خضير/ الموهبة والتحدي الصاعد، مروة صباح طارق/ طموح الطب، أماني نصار/ تحدي العوق وكفاح المرأة العراقية.

زينت المؤلف العديد من اللوحات المعبرة عن مجد العراق وابداعاته الحضارية عبر التاريخ، فضلا عن لوحات الابداع والصور الشخصية لكل مبدع، ويتم توزيع المؤلف على الوزارات والجامعات وكافة المكتبات.. دليلا لإلهام الأجيال القادمة إبداعا بأذنه تعالى.

***

ا. د. مجيد ملوك السامرائي - كاتـب ومـؤلف وأستاذ جامعي.

جاء في مقدمة الكتاب بقلم الشاعر والناقد (عباس محمد عمارة):

الهايكو هو أحد الأدوات الثقافية والفنية والأدبية المعاصرة التي تقف بوجه الثرثرة والأسهاب والتفاهة والتحشيش في اللغة وغير اللغة عندما تكون ناقدا أو باحثا أو طالبا أو شاعرا أو روائيا أو محاميا أو سياسيا – سمي ما شئت – ويتطلب منك أن تكون دقيقا في التعبير عن فكرة أو موضوع أو لقطة أو إنجاز.. الهايكو هو لغة الصمت عندما يقول لك: لحظة من فضلك.. قف! وتأمل لحظات السكون والصمت والفراغ بين الكلمات، لربما تعيد حساباتك وتكون أكثر تفاؤلا ونبلا وزهدا وتواضعا. الهايكو هذا الشكل الشعري الجميل يلاقي الإقبال في جميع أنحاء العالم. وهو أسرع وأفضل الطرق للتواصل الحضاري بين الشعوب في القرن 21.

و للهايكو تعريفات عديدة، لذا أجد من المناسب الإشارة إلى بعض التعريفات المهمة للهايكو باللغة الإنجليزية، ومن هذه التعريفات تعريف الناقد والمفكر (هارو شيران) أستاذ الأدب الياباني وتاريخ الثقافات في جامعة كولومبيا في مقال بعنوان (ما وراء لحظة الهايكو: باشو وبيسون وأساطير الهايكو الحديث) (مجلة الهايكو الحديث، العدد 31، شتاء وربيع 2000): الهايكو باللغة الإنجليزية قصيدة قصيرة، تكتب عادة في سطر واحد إلى ثلاثة أسطر، وتسعى إلى استكشاف وجهات نظر جديدة، وكاشفة حول الحالة البشرية والبدنية مع التركيز على العالم المادي المباشر من حولنا، وخاصة عالم الطبيعة، وعلى عمل الخيال البشري والذاكرة والأدب والتاريخ.

اللغة الإنجليزية هي اللغة العالمية الأولى لكتابة الهايكو في الوقت الحاضر بالرغم من الأصل الياباني للهايكو، وهذا يدل على أن الهايكو قد وجد طريقه في الغرب، وتكيف مع الثقافات الناطقة باللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات كشكل أدبي مهم. أثبت الهايكو انه مصدرا مهما للكتابة الإبداعية وطريقة للتعبير، تساعد في إيجاد الأواصر الإنسانية والطبيعية.. يقف خلف هذا العمل الإبداعي المترجم الأستاذ بنيامين يوخنا دانيال الذي يبذل مجهودا كبيرا في ترجمة الهايكو إلى اللغة العربية، حيث اختار عنوان قصائد الشاعر النيبالي مانوج شارما (القمر في المحاق) لتكون عنوانا للمختارات، وقد أشار الأستاذ دانيال إلى إيضاح هذه الظاهرة في هامش قصائد الشاعر شارما إلى أنها ظاهرة فلكية عندما لا يكون بالإمكان رؤية القمر بالعين المجردة. كما تضمنت المختارات ثلاث مقالات حول الهايكو في كندا والأرجنتين وكوبا.

و من النصوص الجميلة والمؤثرة للشاعر الروسي (ألكسي أندريف) هذا النص الذي يربط ما بين الثابت والزائل والبعيد والقريب، والعلاقة العميقة بينها:

نهاية العام

البحث عن النجوم

بين ندف الثلج

أو هذا النص الذي يشير إلى العلاقة الإيجابية والجمالية بين الإنسان والطبيعة للشاعرة الهندية (تيجي سيثي):

أفول الشمس

تخترق صيحة النسر

حزني

و في الختام أتمنى للقارئ رحلة جمالية ومؤثرة إيجابيا في متون هذا الكتاب، ومزيدا من لإبداع والتألق للمترجم القدير بنيامين يوخنا دانيال في سعيه الدؤوب لترجمة الهايكو من الإنجليزية والكردية إلى اللغة العربية.

- محتويات الكتاب:

1 – مانوج شارما.. القمر في المحاق

2 - أنجيلا جيوردانو.. رائحة الخزامى

3 - إدوارد تارا.. دائرة السكون

4 - آر. سوريش بابو.. الأمطار الشحيحة

5 - ألكسندرا إيفويلوفا.. أغنية الصمت

6 - أليكسي أندريف.. البحث عن النجوم

7 - آنا ماريا دومبورغ.. شجرة تستطعم العشب

8 - دانييلا رودي.. ريح في المقبرة القديمة

9 - ريكا إينامي.. الفرق بين الأمس واليوم

10 - سانجوكتا أسوبا.. ما تبقى من القمر

11 - ساندرا سيمبسون.. تقطيع دباء الهند

12 - هنريك زيمبيل.. التابوت المفتوح

13 - نينا سينغ.. أغرودة أبو الحناء

14 - ناني مارياني.. نافذة لا تفتح البتة

15 - إيزابيلا كرامر.. سرب الإوز البري

16 - أوبريكا باديانو.. النهر أسفل الوادي

17 - آنا دروبوت.. البوابة المشرعة

18 - أنجيلي دودهار.. القمر في حوض الطيور

19 - إيكو ياتشيموتو.. زهرة البيجونيا

20 - أيون كودريسكو.. شجرة المشمش المزهرة

21 - باتريشيا ليديا.. كف المتسول

22 - بادماسيري جاياثيلاكا.. أسمال الفزاعة البالية

23 - بريسيلا ليجنوري.. عصفور أبيض الصدر

24 - بول كالوس.. دولفين الحديقة البحرية

25 - بولينا بيشيرسكايا.. صمت البحر

26 - بيغي ويليس لايلز.. تين من أجل الطيور

27 - بيلي ويلسون.. الحور القطني

28 - تشن شياو.. الضفدع المسن

29 - تيجي سيثي.. هوس التجول

30 - غاري غاي.. ثقب في الغمام

31 - جاكي تشو.. أتساءل عن بدايتي

32 - جانيس إم. بوستوك.. طائر العقعق

33 - جوردانا فلاشيتش.. باب مزين بالنجوم

34 - جوليانا رافاجليا.. الظل الذي لم يتواجد هناك

35 - جون ستيفنسون.. ظلي

36 - جون هوكهيد.. شواهد القبور القديمة

37 - جينا كوكس.. يراع في الغرفة المظلمة

38 - فلاديسلافا سيمونوفا.. آثار أقدام على التلة المثلجة

39 - مايك غالاغر.. القط الأسود

40 - ماريا كونسيتا كونتي.. سرد الحكايات

المصادر الأنكليزية المترجمة عنها -

الملحق رقم (1): الهايكو في كندا.. مقدمة ونماذج

الملحق رقم (2): الهايكو في الأرجنتين.. مقدمة ونماذج

الملحق رقم (3): الهايكو في كوبا.. مقدمة ونماذج

مواصفات الكتاب

ترجمة: (بنيامين يوخنا دانيال – عن الإنكليزية)

عدد الصفحات (370) صفحة من القطع المتوسط.

الناشر: مطبعة (بيشوا – أربيل – العراق)

تاريخ النشر: (7 / 1 / 2025)

صدر عن دار الخلدونية للطباعة والنشر والتوزيع بالجزائر سنة 2024، للباحث عبد النور شرقي كتاب بعنوان:

المقدّس والعنف في فكر محمد أركون

عالج فيه إشكالية العلاقة بين المقدّس والعنف هذه الإشكالية التي تحتل أهمية كبيرة في الدراسات الأنثروبولوجية والفلسفية المعاصرة، مثلما كان الشأن في مراحل تاريخية سابقة، وقد تجلّى بشكل كبير مع الأديان التوحيدية (اليهودية والمسيحية والإسلام)، وبما أن المقدّس ظاهرة أنثروبولوجية إنسانية شاملة وكونية، مرافقة للإنسان في كل زمان ومكان، فقد تمتّع بالتعالي والمحبّة والرهبة والتنزيه لدى الإنسان البدائي الأول، مثله مثل الإنسان المعاصر، فهو يشمل الأفراد والجماعات، الديانات التوحيدية والوضعية؛ إذ لا نجد مجتمعا بشريا على وجه الأرض دون دين أو مقدّس، كما لا يستطيع أن يعيش من دونه، فالإنسان بحاجة إلى مقدّس يلجأ إليه، يحتمي به ويستمد وجوده من تعاليه.

وإذا كان المقدّس قديم قدم الوجود الإنساني، فإن العنف كذلك مرتبط بالإنسان ويمثل ظاهرة أنثروبولوجية بالدرجة الأولى لا يخلو منها أي مجتمع بشري، وظاهرة كونية عامة، بل قد يساهم في قيام الدول وسقوطها، وقد يكون سبيل الأديان للتنافس فيما بينها حول سلطة امتلاك الحقيقة والدفاع عنها؛ فكل دين من الأديان يزعم أتباعه امتلاك الحقيقة المطلقة، حقيقة الوحي الإلهي، الأمر الذي قد يجعل المقدّس في علاقة مباشرة بالعنف، فالأول يمكن أن يستدعي الثاني لإثبات وجوده وفرض تعاليمه.

إن إشكالية العلاقة القائمة بين المقدّس والعنف كانت إحدى الإشكاليات الهامة التي استرعت انتباه المفكر الجزائري محمد أركون، وكانت واحدة من المسائل الملحّة التي أثّثت مشروعه الفكري في نقد العقل الإسلامي، فنجده يولي اهتماما كبيرا في الشق التطبيقي منه إلى مسألة تاريخية المقدّس ضمن معالجته للظاهرة الدينية؛ وبما أن المقدّس تمتّع في عهد النبوّة بقوة المعنى، متّجها في ذلك نحو إنتاج الدلالة، فقد اكتسى طابع الحوار والإقناع قبل أن يتحوّل بعد وفاة النبي محمد ﷺ إلى خطاب مدرسي، يؤمن بحقيقة واحدة ووحيدة مما ساهم في إنتاج ضروب من المواجهة العنيفة بين الفِرق والمذاهب الإسلامية، مثلما كان الشأن بعد ذلك مع الحروب الصليبية والصراعات المذهبية المسيحية (البروتستانت والكاثوليك).

يتجلّى المثلث الأنثروبولوجي (عنف، مقدّس، حقيقة) في العلاقة القائمة بين أضلاعه الثلاث، بعدما أضاف الحقيقة؛ فكل مجتمع لديه مقدّسه الخاص، وللدفاع عنه وحمايته يلجأ في كثير من الأحيان إلى استعمال العنف، مؤمنا في ذلك بأن دينه أو مقدّسه يمثل الحقيقة الوحيدة الصحيحة، باعتبار أن المقدّس كلّما تشكّل في معتقدات ساكنة ثابتة لا تتغير، فإنه سيؤدي إلى صياغة الحقيقة في خطاب ثابت غير قابل للتغيير أو النقد أو المناقشة، فالجماعة التي تؤمن بمقدّسها وتعتقد بواسطته أنها تمتلك الحقيقة تعمل على نشرها والدفاع عنها، في مقابل تسفيه مقدّسات الآخرين وتفنيدها.

وإن النقص في المعالجة الأنثروبولوجية للأديان دفع بمحمد أركون -ضمن مشروعه في نقد العقل الإسلامي-إلى توسيع الفضاء الأنثروبولوجي–الفلسفي، وبدلا من الانطلاق من الثنائية (عنف-مقدّس) كما فعل رينيه جيرار، عمل على توسيع دائرة العلاقة وأصبحت ثلاثية تتمحور حول: (عنف، مقدّس، حقيقة)، بعد إضافة مفهوم الحقيقة إلى العلاقة الثنائية، لأن مسلماتها ومضامينها ووظائفها لا يمكن فصلها عن المفهومين الآخرين.

واختار محمد أركون تحليل سورة التوبة للبرهنة على صحة نظريته حول اشتغال المثلث الأنثروبولوجي (عنف، مقدّس، حقيقة) ليس بالنسبة للإسلام وحده، بل بالنسبة لكل الأديان والفضاءات الحديثة، إضافة إلى النزعات الأيديولوجية العرقية والدينية والقومية الأخرى، وهذا ما يدفعنا الى التساؤل وطرح الإشكالية التالية:

كيف نظر محمد أركون إلى إشكالية العلاقة بين المقدّس والعنف في اشتغاله على النص الديني؟ وبأي معنى يمكن الحديث عن مقدّس حامل لحقيقة وجب الدفاع عنها باستخدام العنف في مواجهة المعارضين لها؟

حاولت في هذا الكتاب وبالاستعانة بمصادر اركون ومراجع تحليلية لفكره أن أجيب عن هذه الإشكالية رغم صعوبتها وصعوبة استنتاج حلول لها، لكن رغم ذلك اجتهدت قدر المستطاع في توليد نتائج واصدار أحكام بالاستناد الى الحجة و المنطق الفلسفي، وأرجو أن تكون هذه الدراسة في المستوى الذي يطمح إليه القارئ المتخصص، وأتمنى أن تكون إضافة نوعية للمكتبة العربية.

 

يُعلن مركز اجتهاد للدراسات والتكوين في بلجيكا عن صدور العدد الثاني من "مجلة اجتهاد للدراسات الإسلامية والعربية" في أوروبا، الخاص بشهر يوليوز 2024، وهي مجلة نصف سنوية علمية ومحكمة تصدر باللغتين العربية والإنجليزية، ومسجلة في المكتبة الملكية البلجيكية (KBR) والمكتبة العلمية الوطنية، تحت الرقم التسلسلي الدولي: ISSN: 2983-9939، ISSNe: 3041-4679. وتشتغل حسب المعايير الأكاديمية الدولية التي تخضع لمباديء النزاهة العلمية والتحكيم السري والجودة البحثية. وفيما يتعلق برؤية المجلة، فهي تتحدد بالأساس في تناول الإسلام في أوروبا والغرب انطلاقا من المقاربة الإسلامية الداخلية في مقابل المقاربة الاستشراقية الخارجية، وهذا ذو أهمية بالغة في السياق الأوروبي والغربي الذي أصبح يشكل المسلمون جزءا لا يتجزأ منه، وتزداد فيه الحاجة الماسة، سواء من المسلمين أو من غيرهم، إلى الاستيعاب الصحيح للإسلام، والذي يعتمد على المصادر الإسلامية الأصيلة مستفيدا من المنجزات الأكاديمية والمنهجية المعاصرة. وفي الوقت نفسه، يفكك بجرأة علمية المقاربات الخارجية الإسقاطية والتنقيحية والمؤدلجة.

يضم العدد الثاني من مجلة الاجتهاد للدراسات الإسلامية والعربية مقالا افتتاحيا وإحدى عشر مقالة علمية، منها ثلاث مقالات باللغة الإنجليزية وثمانية باللغة العربية. كما يتضمن العدد ثلاث مراجعات باللغات الإنجليزية والفرنسية والعربية، بالإضافة إلى ترجمة واحدة من العربية إلى الإنجليزية لمقالة من المقالات المنشورة في العدد الأول. كما يقدم هذا العدد أقسامًا جديدة، وهي: أخبار مركز الاجتهاد، والإصدارات الجديدة، ومنوعات بهدف مواكبة الأنشطة العلمية والفكرية والأكاديمية المتعلقة أو المتقاطعة مع رؤية المجلة التحريرية والمعرفية والمنهجية.

وقد تعزز هذا العدد بمساهمات أكاديمية قيمة من باحثين من مختلف الأجيال والتخصصات والسياقات واللغات؛ اشتغلت بمجموعة من المواضيع والمسائل الإسلامية ذات الصلة بأوروبا والغرب، مثل الطلاق الصوري وفقه خطبة الجمعة في السياق الأوروبي، والقراءة الوثنية للإسلام، وفاحشة الزنا في اليهودية والإسلام، ورأس المال الفكري للبنوك التشاركية في اقتصاد المعرفة، وغيرها.

المقالة الافتتاحية من تقديم رئيس التحرير والمسؤول عن المجلة، الدكتور التجاني بولعوالي، وقد تناول فيها أهمية المقاربة الداخلية للإسلام في أوروبا والغرب في مقابل المقاربة الاستشراقية الخارجية، التي تُجرده من خصوصياته الدينية والفقهية والتاريخية، خصوصا وأن الفهم الموضوعي لطبيعة الدين الإسلامي لا يتأتى إلا انطلاقا من دراسة مصادره الأصلية ورصد التدين الواقعي للمسلمين.

 المقالة الأولى للدكتور عبد الحق الكواني، عضو الهيئة العلمية للمجلس الأوروبي للمسلمين في ألمانيا. وقد تناول فيها ظاهرة "الطلاق الصوري" المنتشرة بين المسلمين المقيمين في الدول الأوروبية. المقالة الثانية الموسومة بــــ "القراءة الوثنية للإسلام: دمج الإسلامي المتعالي مع الإسلامي التاريخي"، للأستاذ أحمد أمير محمد فارس من قسم الدراسات العربية والإسلامية بكلية الآداب في جامعة لوفان الكاثوليكية في بلجيكا. المقالة الثالثة بعنوان: "فقه خطبة الجمعة في السياق الأوروبي"، للأستاذ سليمان واكيك إدريسي من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل في القنيطرة بالمغرب. المقالة الرابعة المعنونة بــــ "إعمال قاعدة مراعاة الخلاف وبيان الحكم الشرعي للنوازل الفقهية في السياق الأوروبي"، للأستاذ حمزة بوبكري من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة محمد الأول في وجدة بالمغرب. المقالة الخامسة المعنونة بـ: "فاحشة الزنا بين اليهودية والإسلام" دراسة تحليلية نقدية مقارنة"، للأستاذ عبد المالك عياد من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس سايس بالمغرب. المقالة السادسة باللغة الإنجليزية من طرف الباحثين الدكتور عبد العالي المتقي من كلية الشريعة في جامعة ابن زهر في أكادير بالمغرب، والدكتور مصطفى أيت خرواش من كلية الآداب والتربية في جامعة لوسيل بقطر، وعنوانها: "المقاربة الدينية لمكافحة التطرف في المغرب". المقالة السابعة بعنوان "أثر الفكر والثقافة العربية الإسلامية في فلاسفة اليهود ومفكريهم: ابن كمونة نموذجا"، من تأليف الأستاذين يوسف الشاطر والشريف الكليتي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس بالمغرب. المقالة الثامنة من قلم الباحث الدكتور الحسن أسويق من الكلية المتعددة التخصصات بالناظور التابعة لجامعة محمد الأول في وجدة بالمغرب، وهي بعنوان: "هل تمثل الترجمة اللاتينية الأولى لمعاني القرآن الكريم انتقالا من الجهل إلى التعقل؟ في نقد دعوى ريتشارد سوذرن". المقالة التاسعة بعنوان: "دعوى خلو الفقه الإسلامي من القيم: قضية نسب الطفل المولود خارج إطار الزواج أنموذجا"، وهي للدكتور  محمد أبجطيط؛ رئيس مركز مناهل للدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالمغرب. المقالة العاشرة، وقد عُنونت بـ: "رأس المال الفكري للبنوك التشاركية في ظل اقتصاد المعرفة: الواقع والآفاق"، للدكتور محمد كرماط؛ رئيس المركز المغربي للدراسات القافية والتاريخية الصحراوية في العيون بالمغرب. المقالة الحادية عشر باللغة الإنجليزية، للباحث الدكتور مبروك صالح السودي من كلية التربية في جامعة عمران باليمن،  وهي بعنوان: "الدور الوسيط للأمن الاقتصادي في الصراع بين المتطلبات الأسرية والواجبات المهنية لدى المعلمين في اليمن".

بالإضافة إلى هذه المقالات العلمية، شمل العدد الثاني من مجلة اجتهاد ثلاث مراجعات: المراجعة الأولى باللغة الفرنسية، لكتاب "قرآن المؤرخين: تاريخ النص، التأريخ، التاريخ"" للباحث علي أمير معزي وغيوم داي الذي صدر عام 2019 في باريس في ثلاث مجلدات، قام بها الباحث الدكتور لوك باربوليسكو من جامعة كوت دازور في نيس بفرنسا. والمراجعة الثانية باللغة الإنجليزية، قدمها الأستاذ يوسف الأسجي من جامعة محمد الخامس في الرباط بالمغرب، لكتاب سيد محمد نقيب العطاس، الموسوم بـ: "الإسلام والعلمانية ومعضلة المسلم" الذي صدر عام 2019 في كوالالمبور بماليزيا. أما المراجعة الثالثة فهي باللغة العربية، لكتاب "النسوية الآن: قضايا مثيرة وجهات مفتوحة" للباحثة والفيلسوفة الإسبانية أميليا بالكارثيل، والذي صدر عن منشورات كاتيدرا في مدريد عام 2019، وقد راجعته الدكتورة كلثوم بوطالب من مختبر الدراسات المقارنة في جامعة محمد الخامس في الرباط بالمغرب.

وفضلا عن ذلك، احتوى العدد الثاني من المجلة ترجمة لمقالة الدكتور نور الدين قراط: "مقاصد الشريعة وعلاقتها بالأدلة الشرعية". وتأتي هذه الترجمة في إطار مبادرة المجلة لاختيار مقالة من كل عدد وترجمتها إلى الإنجليزية ونشرها في العدد التالي. وقد قامت بهذه الترجمة الأستاذة سارة الهادي من جامعة محمد الخامس بالرباط، وهي عضو فاعل في أنشطة مركز اجتهاد للدراسات والتكوين.

كما يضم العدد الثاني من المجلة أبوابًا جديدة، منها باب الإصدارات، سواء تلك التي تتمحور حول قضايا الإسلام في أوروبا والغرب أو التي تتقاطع معها، وأخبار مركز اجتهاد للدراسات والتكوين للتعريف به وتوثيق أنشطته. وبالإضافة إلى ذلك، يضم العدد باب المنوعات، الذي يُعرّف بمجموعة من الأنشطة والفعاليات البحثية والفكرية والأكاديمية المنظمة حول الإسلام في الغرب

ومن خلال إصداره للعدد الثاني من مجلة اجتهاد للدراسات الإسلامية والعربية، يُساهم مركز اجتهاد للدراسات والتكوين في بلجيكا بمقاربة فريدة من نوعها في دراسة الإسلام في أوروبا، حيث يركز على منظور داخلي علمي موضوعي، في مقابل المقاربات الاستشراقية الخارجية التي غالبًا ما تتسم بالإسقاط والأدلجة والتحيز. وبذلك يُساهم المركز في إثراء الحوار الأكاديمي والفكري وتقديم رؤى بديلة عن تلك السائدة في بعض الأوساط الفكرية الغربية.

***

بقلم: صابرين البقالي

................................

* يمكن تصفح المجلة وتحميلها من موقعها الرسمي على الرابط:

https://journal-ijtihadcenter.com/index.php/ijias/index

الكتاب هو مسعى للإحاطة بما يعتمل في العقل الغربي المعاصر تجاه الأديان، ولا سيّما منها الأديان الإبراهيمية. إذ ثمّة منظور ديني ينظر منه الغرب إلى العالم، لا يخلو من طرافة وعمق. وفي هذا الكتاب رصدٌ لقضايا متشعّبة، مثل النظر إلى مدينة القدس، ومسارات الفكر اليهودي، وعلاقة الدين بالسياسة في الغرب وفي العالم العربي، وكذلك حضور مؤسّسة الكنيسة في المجتمع، والتصوّف في الأديان الإبراهيمية، وغيرها من القضايا ذات الصلة. كلّ هذه الأفكار نقف معها على بُؤَر دلالات عميقة في الفكر الغربي المعاصر، لا سيما وأنّ البُعد الديني، في فهم الغرب والتواصل معه، يلوح محوريا. إذ تظلّ الحاجة ماثلة إلى ضرورة تفادي ذلك النقص، لإرساء خطاب سديد بين الطرفين.

نشير إلى أن المؤلف عزالدّين عناية هو أستاذ تونسي إيطالي يدرّس في جامعة روما، متخصّص في الدّراسات العلمية للأديان. أصدر مجموعة من الأبحاث والترجمات منها: "الإمام والكردينال.. ومعارج الإيلاف"؛ "نحن والمسيحية في العالم العربي وفي العالم"؛ "علم الأديان" لميشال مسلان (ترجمة من الفرنسية)؛ "علم الاجتماع الديني" لسابينو أكوافيفيا وإنزو باتشي (ترجمة من الإيطالية)؛ "السوق الدينيّة في الغرب" لمجموعة من المؤلفين (ترجمة من الإيطالية). كما يشرف عناية على برنامج ترجمة أصدر إلى حدّ الآن 70 عملا من اللّغة الإيطالية.

العقل الدّيني الغربي

المؤلف: عزالدّين عناية

منشورات مجمع الأطرش، تونس 2025

عدد الصفحات: 371 ص.

 

صدر في بغداد عن دار السرد للطباعة والنشر والتوزيع كتاباً جديداً للصحافي والناقد سعد الدغمان، جاء تحت عنوان (قراءات لا تشبه اخرى.. الواقعية والحداثة ونصوص التأويل في شعر شلال عنوز) صمم غلاف الإصدار الجديد الفنان فلاح العيساوي .

وجاء الكتاب الذي تناول قراءات في شعر "الشاعر العراقي شلال عنوز" واحتوى على التمهيد بقلم المؤلف تحت عنوان (عناصر النص الأدبي في شعر شلال عنوز) ، فيما ضمن الناقد "مقدمة الكتاب" تعريفاً بالحداثة والشعر الحر، وأبرز رواده من الشعراء المؤسسين لهذه الثورة الثقافية في مسار الشعر، والقواعد والعناصر الداخلة في تفاصيلها، والتي يكتب عنوز وفق أصولها ومضامينها نصوصاً ترقى والأداء المميز على الساحة الشعرية.

الكتاب الذي احتوى على 211 صفحة من القطع المتوسط جاء على عدة فصول كتب فيها الناقد "سعد الدغمان" بعناوين مختلفة حاول أن يظهر من خلالها تفاصيل ما تضمنت قصائد "عنوز" وما احتوت نصوصه من جمالية تمثلت برشاقة المفردة وكثافة المعنى ودقة التصوير والموسيقى، بحث الناقد من خلالها في أغراض الوصف عند عنوز، وتوظيف الدلالة في النص الشعري، وجمالية الصورة، فيما عزز الكتاب بفصل أخر حمل عنوان (ما لم يؤشره النقاد في شعر شلال عنوز)، وجاء بملحق في ختام الفصول اسماه (شلال عنوز صور وأغراض شعرية).

وأفرد الدغمان فصلاً خاصاً لقصائد شلال عنوز وبعض الأراء التي قيلت في مسيرته الشعرية، ألحقها بسيرة الشاعر، وتعريف بالمؤلف والغلاف الأخير.

ويذكر أن هذا الكتاب يعد الإصدار الثامن في السلسلة النقدية التي يكتبها الدغمان في باب النقد الأدبي، حيث صدر له عدة دراسات وكتب في النقد والإعلام منها (خفايا النص.. قراءة في نصوص عراقية- دمشق- دار أمل الجديدة -2021)، ( دور التخطيط الإعلامي في مواجهة الازمات والكوارث- دمشق- دار أمل الجديدة -2021 )، (الرمزية الدلالية في قصيدة "تناسخ " لمؤيد عبد القادر- اسطنبول - دار الصوت للطباعة والنشر-2023)، (جماليات الصورة في شعر حميد سعيد، دراسة نقدية صدرت عن دار الخليج للنشر والتوزيع بعمان، الأردن، 2024)، (الرمز والتشكيل الصوري في شعر جواد الحطاب - قراءات نقدية- صدرت عن الدار العربية، ودار العرب في دمشق 2024)، (الحداثة والتمثيل الرمزي في قصائد ساجدة الموسوي- عن دار فضاءات في الأردن 2024).

ومن المؤمل أن يصدر له عن قريب دراسة في النقد تحت عنوان (حبيب السامر.. نظرة مغايرة في دلالة الصورة وجمالية التشكيل)، فيما يعكف على إنجاز كتاب جديد حول المسيرة الشعرية لأحد الشعراء البصريين تخليداً لمسيرة الشعر والحداثة الشعرية في العراق وما يرافقها من إبداع وتميز في قصائد ونصوص شعراءه المبدعين.

والجدير بالذكر أن الصحافي والناقد سعد الدغمان يكتب نصوصه النقدية وفق نظريته الخاصة، التي اسماها (نظرية تبسيط النص النقدي، والتي عرفها ب(المُفَرَغة) أي تفريغ النص مما يثقله من مصطلحات نقدية تصعب على الفهم، وتثقل اذهان القارئ العادي غير المختص.

 

بقلم: هانا كارابيلوتي

ترجمة: د. محمد غنيم

***

لقد عرّفني أحد أصدقائي المقربين على سالي روني بشراء نسخة من رواية  "ناس عاديون" لي في أحد أعياد الميلاد. ولم أستغرق حتى الصيف التالي لقراءته، والذي تبين أنه الوقت المثالي لأنني مررت للتو بانفصال مدمر. لقد قرأت الكثير من قصص الحب، لكن لم يسبق لي أن قرأت قصة حب كانت صريحة وواقعية إلى هذا الحد. لقد أنهيت قراءة الكتاب في غضون أيام قليلة، ثم تابعت البرنامج التلفزيوني (ووقعت في غرام بول ميسكال) بعد ذلك بفترة وجيزة. ومنذ ذلك الصيف، قرأت كل كتب سالي روني - بما في ذلك أحدث كتبها، إنترميزو، الذي صدر في 24 سبتمبر2024.

لماذا أحب كتب سالي روني

تركز على تطوير الشخصيات أكثر من الحبكة

ربما لأنني حاصلة على شهادة في اللغة الإنجليزية، ولكن الكتاب لا يجب أن يحتوي دائمًا على تحولات كبيرة حتى أستمتع به. هذا هو أكبر شيء أحبه في كتب سالي روني - الشخصيات هي التي تدفع القصة للأمام وليس الحبكة. في معظم الأحيان، تعيش شخصياتها ببساطة أيامها، ونحن نشارك في الرحلة فقط. هناك سبب وراء عنوان (حوارات مع الأصدقاء): لا يحدث الكثير. لكن روني تغوص بعمق في عقول الشخصيات لدرجة أنهم يشعرون وكأنهم أشخاص حقيقيون، وهو ما يعوض عن عدم وجود أحداث.

أسلوب الكتابة مقنع للغاية

بقدر ما أحب الانغماس في رواية رومانسية رقيقة ومبهجة، إلا أنني أحيانًا أرغب فقط في الانفعال بسبب فقرة جميلة. من بنية الجملة البسيطة التي تستخدمها روني إلى عدم استخدامها لعلامات الاقتباس على نحو مثير للجدل، تبدو الكلمات على صفحاتها بسيطة ولكنها دائمًا ما تكون قوية. على سبيل المثال، يقول السطر الافتتاحي لرواية "ناس عاديون" "تفتح ماريان الباب عندما يقرع كونيل الجرس". لا يبرز هذا السطر في قراءتك الأولى، ولكن إذا كنت تعلم قبل القراءة أنهما لا يستطيعان البقاء منفصلين مهما حاولا، فإن هذا السطر يحمل معنى أكبر بكثير مما قد تراه في النظرة الأولى - ويؤلمك أكثر عندما تعيد قراءته.

تتمتع كتبها بتعليقات اجتماعية قوية

تقوم سالي روني بعمل رائع في دمج التعليق الاجتماعي في قصصها، حيث تؤثر مواضيع مثل النجاح والصحة النفسية على كيفية تفاعل شخصياتها مع بعضها. في بعض الأحيان، لا يكون ذلك دقيقًا جدًا — عندما تنتقل الشخصيات في عالم جميل، أين أنت؟ من مناقشة مقدار ما يدفعونه للإيجار إلى الأيديولوجيات السياسية، لا يكون من الصعب معرفة ما يحدث. لكن هذا لا يقلل من صحة أو صدق ما تريد قوله عن العالم.

هل كتب سالي روني حزينة؟

إذا تصفحت وسائل التواصل الاجتماعي بحثًا عن توصيات لكتب "البنات الحزينات"، فمن المحتمل أن ترى على الأقل عنوانًا واحدًا من كتب سالي روني. قوائم الكتب مثل هذه تمنح أعمالها سمعة أكثر حزنًا، لكن سالي نفسها تقول عكس ذلك. في مقابلة حديثة لها، قالت: "لا أعتقد أن كتبي حزينة إلى هذا الحد، أليست كذلك؟... أنا أجدها متفائلة جدًا بشأن الحالة الإنسانية والعلاقات.”

أنا في مكان ما في المنتصف: أعتقد أن كتبها واقعية بشكل مذهل، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعلاقات التي تكتب عنها، وبالتالي فهي لا تحمل نفس نوع الهروب الذي تجده في كتب أخرى. بالنسبة لي، فإن الواقعية هي التي قد تجعلها أحيانًا تبدو أكثر تدميرًا. وهذا لا يعني أن سالي روني لا تكتب نهايات سعيدة—ولكن ربما "مرضية" هي الكلمة الأفضل.

إذن، هل تستحق كتب سالي روني كل هذا الضجيج؟

شخصيًا، أعتقد أن سالي روني تستحق كل الثناء الذي حصلت عليه وأكثر، لكنني أعلم أنها ليست للجميع. إذا لم تكن من المعجبين الكبار بالأدب الخيالي التأملي، أو لا يمكنك تجاوز بعض الاختيارات الأسلوبية (مثل عدم وجود علامات الاقتباس)، فقد ترغب في تجاوز روايات روني. ومع ذلك، إذا كنت تحب قراءة الكتب الخيالية التي تحتوي على شخصيات مقنعة تجعلك تفكر، فأنت بالتأكيد من أشد المعجبين بسالي روني. قد لا تكون كتبها مخصصة لأولئك الذين يحبون الرومانسيات الرقيقة أو الخيال الحار، لكنها القراءة المثالية إذا كنت تشعر بالرغبة في مواجهة أزمة وجودية بسيطة.

هل يجب عليك قراءة كتب سالي روني بالترتيب؟

لا! يمكنك قراءة كتب سالي روني بأي ترتيب. الشخصيات والقصص في روايات روني مميزة تمامًا، لذا يمكنك قراءة أي كتاب يثير اهتمامك أولاً. لا تتضمن كتبها أي تداخل بين الشخصيات ولا تدور أحداثها في نفس "العالم"، لذا فإن الانتقال إلى أي قصة تبدو أكثر إقناعًا بالنسبة لك هو بالتأكيد الخطوة الصحيحة. لقد قمت بإدراج كتبها أدناه حسب ترتيب النشر.

رواية: أحاديث مع الأصدقاء

عندما تلتقي فرانسيس وبوبي بمليسا، الصحفية، في قراءة شعرية، سرعان ما يجدان نفسيهما مشتبكتين في دائرة أصدقائها والفنانين الذين يتعاونون معهم. العشاق الذين تحولوا إلى أصدقاء وطلا في الجامعة، بوبي هي الشخص الوحيد الذي كانت فرانسيس قد ارتبطت به. لكن سرعان ما تجد نفسها مشدودة نحو نيك، زوج مليسا. وبينما يقع الاثنان في علاقة عاطفية محفوفة بالمخاطر، تبدأ بوبي في تشكيل علاقة حميمية مماثلة مع مليسا. الديناميكيات القوية المعقدة في علاقات كل شخصية في أحاديث مع الأصدقاء معقدة للغاية، بل ومشوهة في بعض الأحيان، ومع ذلك من الصعب "الابتعاد" عن هذه العلاقات. منذ روايتها الأولى، تستكشف سالي روني في كتاباتها موضوعات الحب والهوية وتثبت نفسها كراوية حكيمة ومتأنية.

رواية ناس عاديون

لا يمكن أن يكون ماريان وكونيل أكثر اختلافًا. هو شاب محبوب ورياضي بارز؛ وهي فتاة مثقفة لا تمتلك العديد من الأصدقاء. ومع ذلك، بطريقة ما، يبدو أنهما يكملان بعضهما البعض. طوال سنوات الثانوية والجامعة، ينجذب هذان الشخصان لبعضهما البعض ويتباعدان مرارًا وتكرارًا. أشخاص عاديون ليست قصة حب تقليدية—علاقة مارين وكونيل هي نسخة مكبرة من نمط "الشخص المناسب، التوقيت غير المناسب". لكن بغض النظر عما إذا كنت تعتقد أنهما يجب أن يبقيا في حياة بعضهما البعض أم لا، فإن علاقتهما بكل عيوبها لا تزال جذابة للغاية. شخصياتهما معقدة وجميلة كما هي بشكل فردي كما هي معًا، ولكل منهما فرص للتألق بمفرده طوال الرواية. وإذا كنت تعتقد أنك قادر على تحمل رؤية هذه القصة على الشاشة، فإن المسلسل التلفزيوني القصير يستحق المشاهدة أيضًا.

رواية عالم جميل، أين أنت؟

على الرغم من أن إيلين وأليس تعيشان في دبلن، إلا أنهما لم تلتقيا منذ شهور. وبدلاً من ذلك، تحافظان على التواصل عبر البريد الإلكتروني، وتتبادلان تحديثات الحياة وتناقشان موضوعات أعمق مثل الدين والجمال. تبدأ أليس، الروائية التي خرجت للتو من المستشفى، علاقة مع رجل يُدعى فيليكس، بينما تعود إيلين إلى مغازلة سيمون، أفضل صديق لها في الطفولة، بعد انفصال سيئ. هذا الكتاب بطيء بعض الشيء، لكنه يستحق العناء في النهاية. إن استخدام البريد الإلكتروني لتطوير علاقة أليس وإيلين جعل الأمور أكثر إثارة للاهتمام، حتى لو كان التعليقات الاجتماعية أكثر وضوحًا بسبب ذلك. يُظهر لنا كتاب عالم جميل، أين أنت؟ أن الصداقات قد تكون غير مثالية ولكنها تستحق الحفاظ عليها وأن الحياة هي ما تصنعها.

الرواية الأخيرة: إنترميزو

يتناول أحدث كتاب لسالي روني قصة بيتر، المحامي في الثلاثينيات من عمره، وإيفان، شقيقه الأصغر، لاعب الشطرنج العبقري، اللذين يحزنان على فقدان والدهما. وبينما يجد بيتر نفسه محاصرًا بين حبه الأول سيلفيا وطالبة جامعية تدعى نعومي، يبدأ إيفان علاقة مع امرأة أكبر سنًا تدعى مارجريت. على الرغم من كون الشقيقين متناقضين تمامًا، إلا أن هناك خيطًا مشتركًا بينهما في حزنهما. في الواقع، لدى جميع الشخصيات في إنترميزو ما يحزنون عليه، سواء كان شخصًا مفقودًا أو جزءًا من هويتهم. والتركيز على شقيقين هو أيضًا نهج مختلف بالنسبة لسالي روني، لكنها لا تزال تستخدم تكتيكات مألوفة مثل العلاقات التي تعتمد على فارق السن لدفع القصة إلى الأمام.

من أين يجب أن تبدأ مع كتب سالي روني

إذا كنت ترغب في التعرّف على أسلوب سالي روني، يمكنك البدء بقراءة بعض قصصها القصيرة المتاحة بسهولة على الإنترنت، مثل "في العيادة" والتي تضمنت شخصيتي روني ماريان وكونيل قبل كتابة رواية "الناس العاديون". كما أن الاستماع إلى كتبها الصوتية قد يساعدك في التعود على غياب علامات الاقتباس، إذا كان هذا يشكل لك مشكلة. بخلاف ذلك، يمكنك اختيار أي من كتبها الطويلة للبدء بها حسب ما تشاء!

***

............................

الكاتبة: هانا كارابيلوتي/ Hannah Carapellotti: كاتبة مقيمة في آن أربور، حاصلة على درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية والكتابة من جامعة ميشيجان.

رابط المقال: https://theeverygirl.com/sally-rooney-

books-guide/

عن منشورات دار الرحاب الحديثة بلبنان 2024 صدر كتاب جديد بعنوان "البلاغة الجديدة في الخطاب البلاغي الحديث" للدكتور مصطفى الغرافي، أستاذ البلاغة والنقد الأدبي بجامعة مولاي اسماعيل مكناس.

يواصل الدكتور الغرافي في هذا الكتاب الجديد تعميق النظر في الدرس البلاغي، فبعد دراسته الرائدة: "البلاغة والإيديولوجيا" التي خصصها لدراسة الأجناس النثرية القديمة من منظور بلاغي، يوجه الغرافي جهده في كتابه الصادر حديثا إلى فحص "البلاغة الجديدة" في الخطاب البلاغي الحديث، حيث تناول كتاب "البلاغة الجديدة" الدراسات البلاغية المعاصرة باعتبار البلاغة أقدم معرفة نمتلكها حول أنماط الخطاب وفنون التعبير. ولذلك، فمن الطبيعي أن يخضع هذا "العلم العتيق" للمساءلة بصورة دائمة ومستمرة، حيث مثّل البحث عن جوهر البلاغة مطلبا ملحّا في كل الأزمنة والعصور، لتدقيق مفهومها، وضبط ماهيتها وخصوصيتها. وقد تطلع الغرافي في هذا الكتاب، إلى رصد مظاهر التجديد في الخطاب البلاغي العربي الحديث، ساعيا من وراء ذلك إلى توضيح معالم البلاغة العربية الجديدة، كما جسدتها أعمال الدارسين المعاصرين، الذين سعوا إلى تحديث مباحث البلاغة العربية وتطوير مناهجها، عن طريق محاورة منجزات البلاغة العربية القديمة، مع الاستفادة من أدوات ومفهومات البلاغة الغربية الحديثة. وبذلك استطاع هؤلاء الباحثون تجديد حقل الدراسات البلاغية، وتطوير أدواتها ومناهجها؛ إذ لم تعد البلاغة محصورة في دراسة صور الأسلوب وفنون التعبير، ولكنها أصبحت نظرية في تحليل النصوص وتفسير الخطابات، على اختلاف أشكالها وتنوع أصنافها.

يتكوّن كتاب "البلاغة الجديدة" للدكتور مصطفى الغرافي من أربعة فصول:

 تناول الفصل الأول المشروع البلاغي التجديدي الذي أرسى معالمه الشيخ أمين الخولي في كتاباته ومؤلفاته، فقد اهتم هذا البلاغي الرائد بتحديث الدرس البلاغي لكي يستجيب لمتطلبات الحياة المعاصرة وما عرفته من تحولات استلزمت ظهور أنواع جديدة لم تكن معروفة في الثقافة العربية، وهو ما استدعى توسيع أعطاف فن البلاغة وتجديد مناهجه لكي يستوعب مختلف أشكال القول وفنون التعبير. وبذلك صارت البلاغة عند الخولي وثيقة الصلة بالحياة المعاصرة.

وتطرق الفصل الثاني للمشروع البلاغي الذي بلورته باحثة رائدة هي ألفت كمال الروبي، التي صدرت عن وعي بلاغي غايته تحديث الدراسات البلاغية، وذلك بتطوير أدواتها وتجديد مناهجها على نحو يتيح وصف وتحليل مختلف أنواع الخطاب التي أفرزتها الحياة المعاصرة. ولأجل ذلك تميز التحليل البلاغي عند ألفت الروبي بأنه يتناول الخطابات في ضوء خصائص النوع الذي صيغت وفق تقاليده، والمقاصد التداولية التي وجهت إنتاجها وصياغتها.

وانشغل الفصل الثالث بتوضيح معالم البلاغة الجديدة في كتابات محمد العمري، التي سعى الكاتب من خلالها إلى توسيع التحليل البلاغي لكي يشمل الخطابات الأدبية التخييلية والخطابات الحجاجية التداولية، انطلاقا من تصور يرى أن البلاغة نموذج تحليلي قادر على استيعاب مختلف أشكال الإبداع الإنساني في بعديها الأدبي الجمالي والحجاجي التداولي. وهو ما جعل البلاغة عند العمري تتحدد بأنها بلاغة نسقية عامة تجمع بين التخييل والتداول.

أما الفصل الرابع فقد اهتم بالاجتهادات البلاغية التي جسدتها تنظيرات وتطبيقات محمد مشبال في مؤلفاته العديدة والمتنوعة، حيث مثلت البلاغة في التصور الجديد الذي بلوره محمد مشبال، ممارسة تحليلية موسعة غايتها وصف وتفسير مختلف أشكال الخطاب، مهما تغايرت من حيث الأنواع والصيغ والأنماط، فهي تتسع للإبداعات الأدبية الجمالية كما تستوعب الخطابات الحجاحية الإقناعية. وبذلك أصبحت البلاغة منهجا لتحليل وتفسير مختلف أشكال وتجليات الإبداع الإنساني.

وقد أوضح الغرافي  في كتابه "البلاغة الجديدة"  أن الغرض من تأليف الكتاب هو محاورة أعمال مجموعة من الباحثين المعاصرين في حقل الدراسات البلاغية، بغرض الكشف عن معالم البلاغة العربية الجديدة.

وقد نجح الكتاب عبر فصوله في توضيح معالم البلاغة العربية الجديدة باعتبارها نموذجا تحليليا وإطارا تفسيريا قادرا على وصف وتأويل مختلف أشكال وتجليات الإبداع الإنساني في بعديها التخييلي الأدبي والحجاجي الإقناعي. نقرأ على ظهر غلاف الكتاب: "تعد البلاغة أقدم معرفة نملكها حول أنماط الخطاب وفنون التعبير، ولذلك، فمن الطبيعي أن يتعرض هذا "العلم العتيق" للمساءلة بصورة دائمة ومستمرة من أجل تدقيق مفهومه، وضبط ماهيته وخصوصيته، حيث مثل البحث عن جوهر البلاغة مطلبا ملحا في كل الأزمنة والعصور. ونتطلع في هذا الكتاب إلى رصد مظاهر التجديد في الخطاب البلاغي العربي الحديث، ساعين من وراء ذلك إلى توضيح معالم البلاغة العربية الجديدة، كما جسدتها أعمال الدارسين المعاصرين، الذين سعوا إلى تحديث مباحث البلاغة العربية وتطوير مناهجها، عن طريق محاورة إنجازات البلاغة العربية القديمة، مع الاستفادة من أدوات ومفهومات البلاغة الغربية الحديثة".        

والدكتور مصطفى الغرافي، أستاذ البلاغة والنقد بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس. ولد في 20 فبراير 1978م بمدينة القصر الكبير المغربية، وحصل على دبلوم مدرسة المعلمين عام 2000م، وعلى الإجازة في الأدب الحديث عام 2003م، وعلى دبلوم الدراسات العليا المعمقة في المناهج النقدية الحديثة عام 2005م، وعلى دبلوم المدرسة العليا للأساتذة عام 2007م، وعلى الدكتوراه في البلاغة وتحليل الخطاب عام 2012م، وعلى شهادة التأهيل الجامعي عام 2019م. وهو عضو في هيئة تحرير مجلة البلاغة والنقد الأدبي المحكمة في المغرب، وفي هيئة تحرير مجلة جيل الدراسات الفكرية والأدبية المحكمة بلبنان، وفي الهيئة العلمية لمجلة وجهات المحكمة التي تصدر عن مؤسسة مليطان للبحوث والدراسات والإنماء الثقافي في ليبيا، وعضو بلجنة التحكيم في مجلة رؤى الليبية، وفي لجنة التحكيم بمجلة المعيار المحكمة في المركز الجامعي تيسمسيلت بالجزائر، وعضو الهيئة الاستشارية لمجلة أوراق ثقافية بالمغرب. من أبرز مؤلفات الدكتور الغرافي كتاب "البلاغة والإيديولوجيا".

 

إن التراث العربي والإسلامي يمثل موضوعاً أساسياً في فكر الفيلسوف والمفكر المغربي محمد عابد الجابري، الذي كان له دور كبير في إعادة التفكير في هذا التراث وتحليله من خلال منظور نقدي وعقلاني. وعلى الرغم من التحديات المعرفية والمنهجية التي يواجهها الفكر العربي المعاصر، فقد استطاع الجابري أن يقدم مقاربة جديدة لفهم التراث العربي والإسلامي بعيداً عن التأويلات السطحية أو الجامدة. حيث تستند رؤية الجابري إلى فكرة أساسية مفادها أن التراث ليس مجرد ماضٍ ينبغي استعادته أو تكراره، بل هو حقل حيوي من المعارف التي تحتاج إلى إعادة قراءة نقدية تنطلق من الواقع المعاصر وتتفاعل مع متطلبات الحداثة. وبالتالي، يرى الجابري أن التراث يجب أن يُفهم ليس كمجموعة من النصوص الجامدة، بل كعملية من البناء المعرفي المستمر، وهو في ذلك لا يكتفي بنقد الموروث الفكري والحضاري العربي الإسلامي بل يسعى أيضاً إلى تحديد مواقع الخلل والقصور فيه، ويستشرف سبل الإصلاح والتجديد التي من شأنها فتح آفاق جديدة للفكر العربي.

يركز الجابري في مقاربته على ثلاث قضايا رئيسية: أولاً، كيفية قراءة التراث في سياق حوار بين العقل والواقع، وثانياً، دور العقل النقدي في قراءة التراث دون الانسياق وراء نزعات التقديس التي تعيق الفهم الصحيح، وأخيراً، مقاربة العلاقة بين التراث والحداثة في سياق إصلاح الفكر العربي الإسلامي. فالجابري يعتبر أن نقد التراث لا يعني هدمه أو إلغاءه، بل هو خطوة ضرورية نحو بناء أفق معرفي جديد يعترف بجوهر الفكر العربي وفي الوقت ذاته يتجاوز الجمود والانغلاق.

إن قراءة التراث عند الجابري لا تقتصر على دراسة النصوص وتفسيرها بشكل تقليدي، بل تتعداها إلى نقد المنهجيات التي سيطرت على الفهم العربي للتراث في العصور الحديثة. فمن خلال تقديمه لمسائل مثل "القراءة المعاصرة" و "إشكالية تبيئة المفاهيم "، يحاول الجابري تزويد الفكر العربي بأدوات جديدة لفهم ماضيه وتحقيق تفاعلٍ مثمر بين الماضي والحاضر.

لقد أسهمت أطروحات الجابري في إحداث تحول ملموس في كيفية تناول التراث في العالم العربي. وكان لهذا الفكر تأثير بالغ على العديد من المفكرين والباحثين الذين حاولوا تطوير رؤى جديدة لفهم العلاقة بين التراث والمعاصرة.

في كتاب جديد صدر عن ابن النديم و دار الروافد الثقافية-ناشرون، قدّم الأكاديمي الجزائري الدكتور قادة جليد  “نظرية قراءة التراث عند محمد عابد الجابري”، معرباً، وفق تقديمه: “ عن شرح وتوضيح نظرية الجابري التراثية أو نظريته في قراءة التراث (…) ثم أعطى المجال لنصوص الجابري لكي تعبر عن نفسها مباشرة وتدافع عن وجهة نظرها لأنه رأى أن الكثير من الباحثين يقوّلون الجابري أشياء لم يقلها ولم ينطق بها ولا تنسجم مع نسقه الفكري ومنطلقاته الفلسفية أو يأخذونها مجزأة من سياق عام أو يقرؤونها بأفكار مسبقة وأحكام جاهزة وتصنيفات إيديولوجية لذلك حاول قدر الإمكان وفي حدود إمكانياته المنهجية والمعرفية تقديم المصدر على المرجع”، استهل كتابه بــــ “مدخل منهجي لقراءة الجابري" ؛ فطرح جملة من المواضيع من التعريف بمشروع الجابري و مسائله وقضاياه وصولا إلى  التفكير مع أو ضد الجابري.

 عنوان “نظرية قراءة التراث عند محمد عابد الجابري: المنهج والرؤية”، الذي شكل محتويات الكتاب، الصادر سنة 2023 الطبعة الأولى، في 280 صفحة، قدمه الدكتور قادة جليد في خمسة فصول مع مقدمة وخاتمة، تنطلق من القراءة عند الجابري وتتراوح بين فلسفة الجابري وأنواع القراءة لديه ومستوياتها مرورا بنقد القراءات السائدة للتراث وانتهاءًا إلى خطوات المنهج وعناصر الرؤية في قراءة الجابري للتراث.

لقد تراكمت آلاف المقالات والمحاضرات والحلقات النقاشية والنقدية حول موضوع فكر محمد عابد الجابري، وأصبح من حق البعض أن يتساءل عن جدوى مواصلة الخوض فيه، وهذا رأي لكنه غير موفق؛ لأنه لا يقوم على تقييم موضوعي لمكانة هذا الفكر وجذوره و تفاصيله و آفاقه. التي تتميز بالحيوية النقدية فعلا؛ لكنها في الغالب يتم تكرارها ولا تضيف كثيرا الإضافات المنهجية و المعرفية، وهي في الجزء الأكبر منها إما تعامل عاطفي مع المفكر أو تحيز ثقافي في الغالب، لكن هذا الكتاب يتسم برصانة معرفية بفكر الجابري دراسة و تحقيقا و كذلك بقوة منهجية في التحليل و همة نقدية موضوعية للنهوض بالوعي الثقافي اللازم في التعامل مع التراث و قراءته و بناء فلسفة نقدية قادرة على تجاوز التحيزات و الإشكالات غير الواقعية الضاغطة على العقل العربي في تعامله مع تراثه...لذلك جدير بالقارئ العربي العودة إلى هذا الكتاب المميز و الموجه موجه بالدرجة الأولى للطلبة والباحثين، على أمل يضيف إضافة استراتيجية للمكتبة العربية و للدراسات الأكاديمية المرتبطة بموضوع التراث و الفكر و العقل العربية...

مقدمة المؤلف:

يتميز المفكر العربي الدكتور محمد عابد الجابري رحمه الله (2010-1936) عن سائر المفكرين العرب من أصحاب المشاريع الفكرية، بأنه المفكر والفيلسوف العربي الوحيد في نظرنا الذي مهد لمشروعه الفكري الكبير (نقد العقل العربي) بنظرية في قراءة التراث، موضوع هذا المشروع ولقد ساهمت هذه النظرية في الربط بين الجانب النظري والتطبيقي في نفس الوقت، فهو يُؤشكل ويُؤفهم يُنظرُ ويُفضّل ويستعرض المفاهيم لكن غير مفصولة عن المادة التي يدرسها أو النماذج المعرفية التي يختارها بوعي وإتقان، وهو بذلك يذكرنا بالفيلسوف والمؤرخ المغاربي الكبير عبد الرحمان ابن خلدون (1332-1406) الذي مهد لمشروعه في كتابة التاريخ بالمقدمة المشهورة التي اشتملت على الكثير من النظريات والمناهج المبتكرة، ولا عجب في ذلك، فإن الجابري يتصل منهجيا ومعرفيا وحضاريا بلحظة ابن خلدون كلحظة فارقة في تاريخ الثقافة العربية الإسلامية بشكل عام ويؤكد هذه اللحظة من خلال مسيرته البحثية والعلمية بضرورة إحياء الخلدونية واستمرار النظر فيها لأننا لم نخرج من الزمن الخلدوني بعد فالخلدونية اليوم هي عناوين الواقع نعيشه ولا نستطيع التحدث عنه لذلك كرس أطروحته الجامعية لنيل شهادة الدكتوراه في الفلسفة لفكر ابن خلدون بعنوان» العصبية والدولة: معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي». إن الجابري في بداية تأسيسه لنظريته التراثية مثل ابن خلدون تماما، فهو يريد أن يتملك موضوعه منهجيا ومعرفيا والسيطرة عليه قبل مناقشة أبعاده ويطرح الأسئلة المفصلية المهمة على غرار ما هو التراث وما هي مرجعيته في الفكر الإسلامي القديم والفكر العربي الحديث والمعاصر كيف نقرأ التراث وكيف نفهمه ونتعامل معه، وما هو المنهج الملائم لقراءته، وهل هناك منهج واحد أم مناهج متعددة، وهل للتراث وظيفة تاريخية في الحاضر وكيف يكون هذا الحضور وهذا التمثل كيف نجعل التراث معاصرا لنفسه ومعاصرا لنا في نفس الوقت؟

كل هذه الأسئلة الرئيسية والأسئلة الفرعية الأخرى ذات الإرتباط أجاب عليها الجابري في كتب مرتبطة منهجيا مع بعضها البعض لإبراز نظريته في قراءة التراث، إنه يحدد المفاهيم ويبيئها ويناقشها ويخضع موضوعاته للنقد المستمر ويفحصها تحت مجهر المنهج والرؤية.

لقد انشغل الجابري بالتراث فأصبح مهموما به، وكان السؤال الذي يؤرقه كيف نتحوّل من كائنات تراثية إلى كائنات لها تراث؟ فماذا أراد التراث من نفسه في الماضي وماذا يريده منا اليوم، وإذا كانت العودة إلى التراث تعني قراءته من جديد فما هي القراءة، وما هي أبعادها ومستوياتها، وماذا يعني الجابري بالقراءة الثلاثية ومستوياتها الثلاثة وهي المعالجة البنيوية والتحليل التاريخي والوظيفة الإيديولوجية؟

وبودي وأنا أكتب هذه المقدمة أن أتقدم بملاحظتين أساسيتين:

أولا: إنني في هذا الكتاب لا أريد أن أعرض أو أناقش مشروع الجابري الفكري إلا في الإطار الذي يسمح لنا بشرح وتوضيح نظريته التراثية أو نظريته في قراءة التراث، أما نتائج المشروع وطموحه المعرفي والإيديولوجي وتقويم مقدماته ومناقشة آفاقه فقد قام بها مفكرون كبار على غرار على حرب وجورج طرابيشي وفتحي التريكي ومحمود أمين العالم وطه عبد الرحمان وغيرهم، وإن كنت لا أتفق معهم في الكثير من الاستنتاجات والأحكام لأنهم في طروحاتهم وسواء كان ذلك بطريقة واعية أو غير واعية تعاملوا مع الجابري كشخص يجب إزاحته من عرش الثقافة العربية المعاصرة ولم يتعاملوا مع الجابري الفيلسوف أو المفكر المستنير .

ثانيا: إن الفلسفة الحقيقية هي اشتغال على النصوص والنصوص الأصلية تحديدا لأن الفيلسوف لا ينتج إلا من خلال نص آخر، لذلك أعطينا المجال لنصوص الجابري لكي تعبر عن نفسها مباشرة وتدافع عن وجهة نظرها لأنني رأيت أن الكثير من الباحثين يقوّلون الجابري أشياء لم يقلها ولم ينطق بها ولا تنسجم مع نسقه الفكري ومنطلقاته الفلسفية أو يأخذونها مجزأة من سياق عام أو يقرؤونها بأفكار مسبقة وأحكام جاهزة وتصنيفات إيديولوجية لذلك حاولنا قدر الإمكان وفي حدود إمكانياتنا المنهجية والمعرفية تقديم المصدر على المرجع، لأن المرجع أحيانا يوجه القارئ نحو أفكار تقديم واستنتاجات لم يقلها النص ولا يحتملها، ومن هنا يكون المرجع حاجبا للنص لا مستكشفا ولا مستلهما . كما أن هذا البحث وهذا الكتاب موجه بالدرجة الأولى للطلبة والباحثين حيث لا يمكن الإستغناء عن النصوص الأصلية في تناول الإشكاليات الفكرية السائدة في الفكر العربي المعاصر والفكر الفلسفي بشكل عام.

يبقى أن أشير في الأخير أن الدكتور محمد عابد الجابري قد عاش إشكالية التراث والحداثة، الأصالة والمعاصرة، الهوية والمغايرة ،كهم معرفي وثقافي وحضاري وانخرط فيه كمفكر عضوي ولم يتعامل مع التراث كإشكالية نظرية محايدة من أجل الترف الفكري أو كنظرة الأنثروبولوجي الذي يظل موضوعه ماثلا أمامه بإستمرار، لقد عايشه وكابده كتجربة حية ومعاشة على صعيد الوعي والوجدان والسلوك، إنه يجمع بين المعرفة النظرية والممارسة التطبيقية وكأنه يقول: إن الفلسفة التي لا تتخذ موقفا من الحاضر تبطل أن تكون فلسفة، ويدعونا من خلال قراءته للتراث إلى تحديث وتجديد فكرنا بمفاهيم حداثية وروح معاصرة وإذا كان المفكر الجزائري محمد أركون قد عرف الحداثة في كتابه الفكر الإسلامي نقد واجتهاد» بأنها «توتر للفكر أمام مشكلات المعرفة فإن هذا التوتر الفكري والنفسي هو الذي لازم محمد عابد الجابري وتجشم عناءه ومشقته ليفتح لنا طريقا مستنيرا نحو الماضي نبني بها جسورا لفهم حاضرنا ولاستشراف مستقبلنا لأن التراث عند الجابري يبقى الهوية الثقافية لشخصيتنا الحضارية العربية عبر التاريخ. وهل هناك أمة تفكر بتراث غيرها؟ وهل هناك أمة حققت نهضتها في التاريخ دون أن تنتظم في تراثها الخاص؟ كما أن إشكالية التراث والحداثة ظلت إشكالية مأزومة في الفكر العربي الحديث والمعاصر، ظلت إشكالية متوترة لم ترتقي إلى مستوى النظرية، بمعنى لم يتم تجاوزها على مستوى الفكر ناهيك على مستوى الواقع فجاءت قراءة الجابري الجديدة بمنهجها ورؤيتها من أجل تخفيف حدة هذا التوتر وإزالة طابعه الإشكالي المأزوم والإرتقاء بهذه الإشكالية إلى مستوى النظرية المطبقة من خلال الممارسة والتطبيق لا من خلال التأمل النظري المجرد الذي يستغرق صاحبه في بناء صروحه الفلسفية المنفصلة عن الواقع والتاريخ. وهذا موضوع هذا الكتاب.

***

 

صدرت مؤخرا في بغداد، رواية جديدة للكاتب العراقي، المقيم في فنلندا، يوسف أبو الفوز، تحت عنوان (العُثَّةُ)، عن مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع.  تقع الرواية في 315 صفحة من القطع المتوسط، بغلاف أنيق من تصميم (وحي للتصميم).

نقرأ على الغلاف الأخير للرواية انها تجتهد للغوص في النفس البشرية والبحث عن الذات، متناولة موضوعة الشعور بالذنب، وحالة التكفير عن الأخطاء، إذ تناقش شخصيات الرواية احوالها ومحيطها، وتستعرض ماضيها، وتكشف عن مشاعرها كالقلق والخوف من المستقبل، ورغبتها في التغيير نحو الأفضل، وشحنة الامل التي تدفعها الى التشبث بالحياة. والرواية خيالية، لكن بناء الشخصيات اعتمد على تفاصيل واقعية لجعل الشخصيات تنبض بالحياة وبعضها يحمل شيئا من الرمزية، بدءا من العنوان. لا تقدم هذه الرواية الشخصيات بطريقة نمطية (الابيض والاسود) بل تحاول ان تعكس التناقضات داخل كل شخصية، وتسلط الضوء على الجانب الجيد لدى بعض الشخصيات التي قد ينظر اليها بشكل سلبي، والجانب العدواني لدى بعض الشخصيات التي تتعرض للغربة والتشويه الأخلاقي، بل وتسلط الضوء على جانب فلسفي الى حد ما وروح السخرية لدى بعض الشخصيات التي تبدو هامشية.

الكاتب يوسف أبو الفوز، أبدى سعادته بصدور روايته الجديدة، ويأمل انه بعمله غطى جانبا من حياة وهموم وتطلعات العراقيين، وبين لنا بأن الرواية إذ تتابع مصائر وهموم مجموعة من المغتربين واللاجئين العراقيين في فنلندا، فأنها تحلق أساسا في فضاءات الهم العراقي، وتجتهد لتقول لنا بأن الانسان رغم الانكسارات والاخفاقات لابد وان ينهض ساعيا لفجر يوم جديد، خصوصا إذا امتلك هدفا ساميا وأمن بتغير حياته وما حوله نحو الافضل. فمن خلال تجوال الشخصية الرئيسة، في عدة مدن فنلندية، بحثا عن عراقي مفقود، بشكل غامض، تتكشف لنا حياة ومصائر العديد من الشخصيات عراقية، اوكرانية وفنلندية، ومن خلال شبكة علاقاتهم نتعرف على مسار حياة المهاجرين، خصوصا العراقيين في فنلندا، والتغيرات التي طرأت على المجتمع الفنلندي، بعد فترة أزمة كورونا والسنة الأولى من الحرب في أوكرانيا. وتسلط هذه الرواية الضوء على الممارسات العنصرية وخطورة التطرف اليميني في الحياة الفنلندية، كما تكشف عن الخوف من الحرب وتأثيراتها على مصائر الناس. 

ومن الجدير بالذكر ان الكاتب العراقي يوسف ابو الفوز، مواليد مدينة السماوة 1956، غادر العراق لأسباب سياسية عام 1979، وعاد للوطن والتحق بقوات الانصار الشيوعيين عام 1982 في كوردستان العراق، وبقي هناك حتى احداث الانفال عام 1988، حيث بدأت رحلته مع التشرد والمنفى واستقر في فنلندا، منذ مطلع 1995. خلال مسيرته الادبية أصدر العديد من الكتب القصصية والروائية والأدبية، ومتواصل في نشاطه الاعلامي والادبي، وترجمت بعض اعماله الى اللغة الفنلندية والكردية، كما أنه كتب واخرج للتلفزيون الفنلندي أفلاما وثائقية عن العراق، اختير فيلمه (عند بقايا الذاكرة) 2006 لتمثيل فنلندا في مهرجان سينمائي في سويسرا. وانتخب لأكثر من دورة عضو الهيئة الإدارية لمنظمة الكتاب والفنانين الفنلنديين التي تأسست عام 1937، التي منحته في عام 2015 جائزتها للأبداع، مناصفة مع شاعر فنلندي، ولأول مرة تمنح لكاتب من اصول غير فنلندية، وفي حفل تكريمي خاص منحته مدينة كيرافا (ضواحي العاصمة هلسنكي)، محل اقامته، راية المدينة، تقديرا لمجمل نشاطه الثقافي والاجتماعي، ولأول مرة تمنح المدينة رايتها لشخص من أصول غير فنلندية.

***

 

كتب المقدمة الشاعر (عباس محمد عمارة)، وجاء فيها:

الهايكو: هو أقصر شكل شعري في العالم، ويعتبر الشاعر الياباني ماتسوو باشو (1644 – 1694 م) شاعره الأول. غالبا ما يكتب الهايكو بثلاثة أسطر، ويقرأ بصوت عال لا يتجاوز عدة ثواني (في نفس واحد)، وبالزمن الحاضر أو الماضي الذي يشير إلى الحاضر، ومن خلال تشكيل صورتين مختلفتين تثيران العلاقة بينهما باستخدام حاسة واحدة أو أكثر من واحدة من الحواس الخمس. ازداد الأهتمام الغربي بالهايكو الياباني في أواخر القرن التاسع عشر، تزامنا مع انفتاح اليابان على العالم. وقد ساهم بعض شعراء الهايكو الغربيين في انتشار الهايكو من خلال الترجمات والدراسات وكتابة الهايكو، ومن أبرز هذه الأسماء: ريجنالد هوراس بليث، عزرا باوند، جاك كيرواك، ريتشارد رايت، إليزابيث سيرل لامب، جيمس وليم هاكيت، نيكولاس فيرجيلو، وبيلي كولينز.

يأخذنا الأستاذ بنيامين يوخنا دانيال في مختاراته المترجمة إلى عوالم وتجليات الظل في كتابه الجديد (ظل الفراشة: مختارات من الهايكو العالمي) عبر مجموعة من الصور الشعرية للحياة اليومية والطبيعة في الشكل أو القالب الشعري للهايكو.

يتخطى الهايكو الناطق باللغات الأجنبية المرجعية اليابانية المتمثلة بفلسفة الزن والتقطيع الصوتي الياباني (5 / 7 / 5) وفصول السنة، ويهتم بالكثافة والإيجاز والقطع السريع، واستخدام تقنية أو بنية التجاوز، ويهتم بالطبيعة البشرية وأحيانا الكونية أو مايسميه (بانيا ناتسو إيشي) الشاعر والمترجم الياباني ورئيس جمعية الهايكو العالمية ب (الهايكو الكوني) الذي يعتمد بشكل أساسي على القطع غير المتوقع والنقلة السريعة والتوازن. تضاف ترجمات الأستاذ دانيال للهايكو إلى ترجمات كوكبة من شعراء ومترجمي الهايكو العراقيين أمثال (عبدالكريم كاصد، ملكو أحمد، جمال مصطفى، محمد أمين الكرخي، هاشم شفيق) وآخرين عن اللغات الإنجليزية والفارسية والكردية وغيرها من اللغات التي تساهم في إلقاء الضوء على الهايكو العالمي وتبادل الثقافات والخبرات، وتخطي العقبات التي مر بها الهايكو باللغات الأوروبية واليابانية. هذه اللغات بالطبع قد سبقت الهايكو باللغة العربية والكردية والسريانية بأكثر من قرن، وبالتالي استطاعت أن تؤسس وتضيف على الهايكو الياباني الشيء الكثير.

يعكس هايكو (ظل الفراشة) الأبعاد الجمالية للظل. ولابد من إيضاح مفهوم الظل في فلسفة الشرق الأقصى، ومنها اليابان، ومفهوم الظل في الفلسفة الغربية. إن الضوء وليس الظل هو المعادل الموضوعي للجمال في الفلسفة الغربية، بينما يرتبط الظل وتجلياته بالجمال في اليابان والشرق الأقصى. كيف وظف الشعراء مفهوم الظل ؟ هذا ما على القاريء اكتشافه عند قراءة هذه المختارات.. يمتاز الظل كعنصر مادي بسرعة الزوال والهشاشة وانفتاحه على كافة الاشكال والأمكنة، ويرتبط مع الفراشة بالكثير من الخصائص الجمالية التي استخدمت في فنون غير الشعر كالرسم والسينما والمسرح والهندسة المعمارية.. إن ترجمات دانيال المتنوعة والغزيرة، ومواكبته للهايكو العالمي في احدث إصداراته واتجاهاته واختياراته الدقيقة لموضوعات لم تترجم إلى اللغة العربية قد اغنت المكتبة العربية، وأفادت الباحثين وشعراء الهايكو بالانفتاح والاطلاع على قصيدة الهايكو العالمية. إنها مختارات جديرة بالقراءة، ترفع الذائقة الأدبية للقاريء، وتتيح له التحليق واختبار أبعاد جديدة.

محتويات الكتاب: المقدمة، ظلال تحت الماء، أسبق ظلي، ظل أشجار الصنوبر، ظل طائر الزرياب. الظلال المظلمة للأشجار، تمضي الظلال، ظل الجبل، ظل الصبار، ظل السنديانة، ظل النورس، ظل تحت ضوء القمر، الملحق رقم (1) نبذ مختصرة عن بغض الشعراء، المصادر الإنكليزية المترجمة عنها.

عنوان الكتاب: ظل الفراشة.. مختارات من الهايكو العالمي

ترجمها عن الإنكليزية: بنيامين يوخنا دانيال

اسم المطبعة: بيشوا – أربيل - العراق

رقم الإيداع في المديرية العامة للمكتبات العامة: (1257) في 25 / 11 / 2024

بقلم: ليا جالفان ليسكر

ترجمة: د. محمد عبد الحليم غنيم

***

توصي ليا جالفان ليسكر بتسعة من أفضل الكتب التي كتبتها كاتبات مكسيكيات في العقد الماضي، وجميعها مترجمة من قبل نساء.

تسلط قائمة القراءة هذه الضوء على كتب تسع كاتبات مكسيكيات يساهمن في تشكيل المشهد الأدبي في المكسيك وخارجها. وقد ترجمت هذه الروايات والأعمال غير الروائية ومجموعات القصص القصيرة إلى الإنجليزية بواسطة نساء، وكل منها تدين وتقاوم أشكالاً مختلفة من العنف على متميز وفريد.

1- خزانات العاهرات

لداريا دي لا سيردا، ترجمة هيذر كليري وجوليا سانشيز

منشورات النسوية، سبتمبر 2024

في هذه المجموعة القصصية المترابطة، تعطي داريا دي لا سيردا صوتًا لعدد من الشخصيات، من ساحرة مشهورة تقدم خدماتها على فيسبوك إلى الوريثة القوية لزعيم كارتل. بلا خجل ومتمردة، تشارك هؤلاء النساء قصصهن، مستخدمات أي أدوات قد منحتهن إياها الحياة، ليس فقط من أجل البقاء، بل أيضًا للبحث عن شكل خاص بهن من الانتقام.

2. هذا فمي

بقلم : ياسنايا إيلينا أجيلار جيل، ترجمة إلين جونز

دار تشاركو للنشر، سبتمبر 2024

تدين عالمة اللغويات ياسنايا إيلينا أجيلار جيل، وهي متحدثة أصلية للغة المكسيك، العلاقة النفاقية بين المكسيك ولغاتها الأصلية العديدة. وبروح الدعابة والنقد، تتناول أجيلار عواقب الإهمال وعدم الاحترام والتجاهل الذي يواجهه المتحدثون بهذه اللغات ومجتمعاتها، حتى مع الاحتفاء بها ظاهريًا باعتبارها كنزًا وطنيًا.

3. في المختبر: عن الشوق والتحول

بقلم إيزابيل زاباتا، ترجمة روبن مايرز

دار كوفي هاوس برس، مايو 2024

في هذا المقال الذي يبلغ طوله كتابًا، تستكشف إيزابيل زاباتا غرابة وتعقيدات الحمل والأمومة من خلال عدسة التلقيح الصناعي. وفي معالجة الحزن وكراهية النساء وعدم الراحة التي غالبًا ما تصاحب هذه العمليات، تخلق زاباتا مساحة لمناقشات أكثر دقة حول الأمومة.620 Lia Galvan

4- غضب

لـ كليو منديزا، ترجمة كريستينا ماكسويني

منشورات سيفن ستوريز، مارس 2024

تتداخل قصص الجنديان لازارو وخوان، اللذين يمران بتجربة حب أثناء فرارهما من الحرب؛ وفيشنتي باريرا، بائع ذو ماضٍ مظلم؛ وسلفادور، عامل في المشرحة يعاني من الهلوسات في الصحراء، في شدة الغنائية في "غضب". من خلال هذه السرديات، تغوص منديزا في العواطف القوية والصراعات الوجودية لشخصياتها، مما يخلق استكشافًا مؤثرًا ولا يُنسى للإيروسية واليأس.

5. حزن الظلال

بقلم لولا أنسيرا، ترجمة جوانا أدكوك

دار نشر إم تي أو، مارس 2024

تدور أحداث مجموعة القصص القصيرة للولا أنسيرا في مؤسستين مكسيكيتين سيئتي السمعة، مستشفى لا كاستانيدا للأمراض النفسية والسجن المعروف باسم "قصر ليكومبيري"، وتركز على أولئك الذين يعيشون على الهامش، ويعانون من الشوق والجنون والألم والحزن. تقاوم شخصياتها من خلال احتضان الهجر، وتحمل اليأس، والتمسك بذكريات ما كانوا يمتلكونه ذات يوم.

6. كتاب حواء

بقلم كارمن بولوسا، ترجمة سامانثا شني

ديب فيلوم، مايو 2023

في هذه الرواية النسوية، نختبر قصة سفر التكوين من خلال عيون حواء. فهي تدحض القصص التي نشأنا عليها وتقدم نسختها الخاصة، وتعيد تعريف تصورنا للعالم من خلال صوت لم يُسمع من قبل لواحدة من أهم الشخصيات النسائية في الثقافة الغربية.621 Lia Galvan

7- التطريز

لـ جازمينا باريرا، ترجمة كريستينا ماكسويني

منشورات تو لاينز، نوفمبر 2023

في هذه القصة التي تروي مرحلة النضوج، تستخدم جازمينا باريرا التطريز كرمز مركزي للتعمق في موضوعات مثل الاكتئاب والشباب والسفر. تتتبع الرواية الصداقة المعقدة بين ميلا، سيتلالي، وداليا، ثلاث صديقات طفولة يجتازن معًا سنوات مراهقتهن ثم يتباعدن في مرحلة البلوغ—حتى يأتي حادث مفاجئ يعيد صداقتهن إلى الواجهة.

8- المرئي غير المرئي

لـ أندريا شابيلا، ترجمة كيلسي فانادا

منشورات ريستلس بوكس، أكتوبر 2022

في هذه المجموعة من المقالات التجريبية، تتساءل أندريا شابيلا، الكيميائية والكاتبة، عن الملاحظات العلمية—وتسعى لفهم نفسها بشكل أفضل—من خلال التأمل في خصائص المرايا، والزجاج، والضوء.

9- المنازل الفارغة

لـ بريندا نافارو، ترجمة صوفي هيوز

منشورات داونت بوكس، فبراير 2021

تقدم المنازل الفارغة صورة حميمة ومعقدة لكل من الأم التي تكافح مع اختفاء طفلها والمرأة التي أخذت الطفل كأنها أمها. يعتبر هذا الكتاب أول أعمال نافارو التي تُنشر بالإنجليزية، ويستكشف المنازل الفارغة الضغوط الاجتماعية، والرغبات، والندم الذي يصاحب الأمومة في المكسيك المعاصرة.

(انتهى)

***

.....................

الكاتبة: ليا جالفان ليسكر/ Lia Galván Lisker ليا جالفان ليسكر مترجمة واعدة من مدينة مكسيكو. حصلت على درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية من الجامعة الوطنية المستقلة للمكسيك (UNAM)، ودرجة الماجستير في الترجمة الأدبية من جامعة بوسطن. وتسعى جالفان، كمترجمة، إلى استكشاف أعمال الكتاب المكسيكيين المعاصرين بهدف الحفاظ على الأصوات الأدبية لبلدها ونشرها، مع التركيز بشكل خاص على الأعمال التي كتبتها النساء. تشمل اهتماماتها دراسات الجندر، نظريات الترجمة ما بعد الاستعمارية، الإيكوبويتيكا، واستكشاف الأنواع الأدبية مثل الأدب القوطي والفانتازيا .

https://wordswithoutborders.org/read/article/2024-11/9-contemporary-mexican-women-writers-to-read-now-galvan-lisker/?utm_source=Sailthru&utm_medium=email&utm_campaign=Lit%20Hub%20Daily:%20November%207%2C%202024&utm_term=lithub_master_list

صدر العدد 18 من مجلة السينمائي ببغداد، وهي مجلة شهرية تُعنى بشؤون السينما محليًا وعربيًا وعالميًا. وقد تضمّن هذا العدد 23 مقالةً غطت الأبواب الثابتة للمجلة. كتب رئيس التحرير عبدالعليم البنّاء في افتتاحية العدد مقالًا مُكثفًا بعنوان (السينمائي، خيارنا لتكريس الخطاب الجمالي والإبداعي) تحدّث فيه عن مبادرة رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني لدعم السينما العراقية بعد أن تلقّى مجموعة من المقترحات والرؤى الناضجة والرصينة التي انطوت على أبعاد فكرية وجمالية وإبداعية سوف تفضي إلى تحقيق الأهداف المرجوة لهذه المبادرة لكي لا تتكرر الأخطاء القاتلة التي شابت مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية سنة 2013م.
تألق هذا العدد بالحوار الشامل والصريح والدقيق الذي أجراه رئيس التحرير أيضًا مع السينمائي انتشال التميمي الذي بدأ شغوفًا بالسينما ثم تدرّج في المناصب حتى أصبح مديرًا لمهرجان الجونة السينمائي قبل أن ينتهي به المطاف كمستشار إستراتيجي لهذا المهرجان الذي وُلد شابًا وراسخًا وكأنه لم يمرّ بمرحلتيّ الطفولة والصِبا حيث وقف منذ البدء كندٍ لمهرجانات عربية ودولية مثل قرطاج، والقاهرة، ولوكارنو، وكارلو فيفاري، وبرلين، وسان سيباستيان، وعلى مسافة ليست بعيدة عن "كان" وفينيسيا وما سواها من المهرجانات العالمية ذائعة الصيت. يؤكد التميمي بأنّ إطلاق أي مهرجان "لا يعني أن تجلب أفلامًا فقط، وإنما كيف تدير الجوانب الأخرى بنجاح وتوازن مثل عدد الصحفيين، ونوعهم، وتوزيعهم، والمنتجين والمُوزعين، ومسؤوليّ المؤسسات السينمائية الذين سيحضرون للمشاركة بالمنصة السينمائية في البلد والمنطقة العربية، ومَنْ يتمّ تكريمه؟ ولماذا تبدأ بهذا الاسم أو ذاك؟ وكيف توزّع التكريمات؟ وكيف تختار لجان التحكيم، وتنوّع البرامج". إن نجاح مهرجان الجونة وشهرته الواسعة هي التي دفعت محمد حفظي، رئيس مهرجان القاهرة غير مرة للاعتراف بأنّ وجود الجونة هو الذي ساهم في إنعاش مهرجان القاهرة السينمائي ورفع مستوى التحدّي لدى القائمين عليه مع أنه مهرجان عريق عانق الأربعين عامًا. من بين الأفكار المهمة التي طرحها انتشال التميمي أنّ العراق بحاجة إلى تأسيس مركز سينمائي عراقي يشرف عليه سينمائيون عراقيون ويتم دعمه حكوميًا بشكل سنوي وملزم لهذا المركز. وعلى الرغم من عدم رضا التميمي على ما أنجزته السينما العراقية منذ العام 1946 وحتى الآن إلّا أنه يؤشر بإعجاب إلى عدد من الأفلام العراقية القديمة والحديثة من بينها "حُب في بغداد" لعبدالهادي الراوي، و"الحارس" لخليل شوقي، و "الظامئون" لمحمد شكري جميل. ورغم المآخذ الكثيرة على مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية وما اكتنفه من فشل وفساد إلّا أنّ التميمي يثني على فيلميّ "صمت الراعي" لرعد مشتّت و "بغداد خارج بغداد" لقاسم حوَل، كما يشيد بقوة بفيلم "ابن بابل" ويعتبره مُدججًا بكل مواصفات الفيلم السينمائي الناجح. ويستذكر التميمي في هذا الحوار المهم عددًا غير قليل من النقاد السينمائيين العراقيين الذين واكبوا أنشطته في عدة مهرجانات عربية أمثال قيس قاسم، زياد الخزاعي، عدنان حسين أحمد، صفاء صنكور، حسن بلاسم، علاء المفرجي، كاظم السلوم، علي حمود الحسن، وعبدالعليم البنّاء.596 cinemaالجودة والمستوى الفني العالي
أمّا ملف العدد فقد كرّسه القائمون على المجلة لمتابعة مبادرة رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني لدعم السينما العراقية حيث أشار إلى تخصيص خمسة مليارات لدعم السينما العراقية وشدّد على ضرورة دخول القطّاع الخاص وعدم الاعتماد على الدعم الحكومي فقط ولعل أهم ما قاله السوداني في هذا الصدد:"ليس مطلوبًا من الفنانين والأعمال الفنية مراعاة مزاج الحكومة أو أي جهة، بل شرطنا الوحيد أن تكون بجودة كبيرة وبمستوىً فنيٍ عالِ". أمّا وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور محمد فكاك البدراني فقد أكّد هو الآخر على دعم الفنان العراقي وإظهار السينما العراقية بصورة تليق بتاريخها العريق، ودعا إلى دعم وتسويق المواقع السياحية والآثارية من خلال الأفلام المُنتجة. وقد قررت لحنة مبادرة دعم السينما منح المبالغ المخصصة لـ 43 عملًا سينمائيًا.
يرى الدكتور صالح الصحن في مقاله "المنحة . . كنواة لانطلاق المنجز السينمائي" بأننا كشعب حضارة وثقافة عالية نأمل بأن نصنع أفلامًا ناجحة تحمل أفكارًا مضيئة وتحقق الدهشة والمتعة والتشويق ونتفادى السقوط في الإسفاف والسذاجة والابتذال. ويطمح الصحن أن ترتقي هذه المنحة إلى مستوى التخصيص المالي الثابت في ميزانية المؤسسة الإنتاجية.
يكتب الدكتور سالم شدهان عن "الداعم والمدعوم" ويقترح في مستهل مقاله تحويل هذه المنحة إلى قانون يتم التصويت عليه من قبل مجلس النوّاب وأن مبلغ الـ 5 مليون دولار لن يكلّف الدولة الكثير لكنه يؤسس إلى تقليد ثقافي وصناعة سينمائية. وقد وضع شدهان شرطًا واحدًا وهو الجودة الفنيّة وأن يكون المُخرج صاحب تجربة سابقة مُعتَرف بها من قِبل المعنيين وأن يُحقق نجاحًا في تجربته الجديدة المدعومة. يجترح الدكتور شدهان رأيًا جميلًا مفاده "لا يجوز أن ندفن الفنان قبل موته" ويُورد ثلاثة أمثلة لمخرجين كبار بهذا الصدد وهم كلينت إيستوود، ومارتن سكورسيزي، وأليخاندرو خودوروفسكي؛ فالأول اقترب من المائة وما يزال مُبدعًا، والثاني تجاوز الثمانين بسنة واحدة وهو في عز عطائه، والثالث تخطّى الرابعة والتسعين ولم تهمّشه الأجيال التي جاءت بعده. ويشير أيضًا إلى المعمر السينمائي البرتغالي مانويل دي أوليفيرا الذي فارق الحياة عن 107 وهو يفكِّر بالإبداع. وفي السياق الإبداعي ذاته يشير إلى أنّ داميان شازيل قد حقق نجاحًا كبيرًا في فيلم "لا لا لاند" وفاز بجائزة الأوسكار كأفضل مخرج وعمره 32 سنة لا غير. كما اقترح شدهان تأسيس بنك للنصوص الجيدة كي لا تذهب كتاباتهم أدراج الرياح وطالب بتخصيص مكافآت مادية لأصحابها حتى لا يشعر المبدع بالإحباط.
يعتقد الناقد رضا المحمداوي أنّ أزمة السينما العراقية تتمثّل بقلّة الإنتاج السينمائي، وشحّة الميزانيات المُخصصة للأفلام وما يرافقها من مظاهر الإخفاق والتعثّر وعدم وضوح الرؤية لدى الجهات الحكومية.594 cinemaأولوية الدعم للأفلام المُصوّرة
يتساءل الناقد والمؤرخ السينمائي مهدي عباس في مقاله "ماذا نريد من المنحة السينمائية؟" ويقدّم في الوقت ذاته عشرة مقترحات للاستفادة من هذه المنحة سنتوقف عن بعضها مثل إنتاج أفلام شبّاك تذاكر كأن تكون أفلام كوميدية أو أكشن أو ميلودرامية أو أنيميشن طويلة وألّا تقتصر على أفلام نخبوية خاصة بالمهرجانات. وأن تكون هناك عدالة في توزيع الأفلام بين بغداد والمحافظات وإقليم كوردستان وسينمائيي المهجر، وأن يوضع سقف محدد لميزانية الأفلام ليشمل أكبر عدد ممكن من المخرجين، وإعطاء فرصة للمخرجين الشباب الذين حققوا نجاحات ملحوظة في المهرجانات العربية والدولية وخاصة في الأفلام القصيرة التي نالت اهتمام الجمهور والنقاد على حدٍ سواء. واقترح عبّاس ألّا تظل هذه الأفلام حبيسة الأدراج وطالبَ بعرضها على الجمهور. كما طالب بإيلاء الأولوية للأفلام التي تمّ تصويرها مثل "البصير" لعلي طوفان ، و "أناشيد آدم" لعدي رشيد و "طيور الجنة" لمحمد الدراجي و "90 يومًا" لعطية الدراجي. واختتم مقترحاته بإنشاء صندوق دعم للسينما وإقامة الورشات وإصدار الكتب والمجلات السينمائية.
ينبِّه الناقد علي جبار عطية في مقاله "فرصة لصناعة عدد من الأحلام السينمائية" على ضرورة الاستفادة من خبرات العاملين بأي فيلم يُنتج في العراق ذلك أننا لا نستفيد من الأفلام المُنتجة في العراق إلّا بحدود ضئيلة. ودعا إلى ضرورة إنتاج أفلام وثائقية قصيرة لما يتوفر عليه الواقع العراقي من تفاصيل كثيرة قد تكون ذخيرة حيّة ومادة درامية ساخنة. ودعا أيضًا إلى إنتاج كتب ومجلات سينمائية تسهم في رفع الوعي السينمائي وتحسِّن ذائقة الناس الفنية.
ينطوي مقال الدكتور طارق الجبوري على تساؤلات كثيرة من بينها: ما هي الأفلام المطلوبة؟ هل هي بوليسية أم تاريخية؟ هل هي دينية أم أكشن أم أفلام لا على التعيين؟ ودعا إلى تحفيز القطاع الخاص وهي نفس الفكرة التي أثارها وزير الثقافة ورئيس مجلس الوزراء.
كتب الناقد السينمائي علاء المفرجي مقالًا جميلًا بعنوان "عندما توثق تفاصيل المدينة" وهو يرى أن بغداد كمكان لم تحظَ بالأهمية التي نتمناها جميعًا واقتصر حضورها كديكور خلفي يمكن الاستغناء عنه بمكان آخر. فبغداد لم تحضر مثل روما في أفلام فلّيني أو نيويورك في أفلام سكورسيزي واستثنى فيلم "حكاية للمدى" لبسّام الوردي ورياض قاسم كما أشاد ببعض الأفلام العراقية مثل "من المسؤول؟ و "سعيد أفندي" و "الجابي" و "المنعطف" التي أظهرت جوانب محددة من مدينة بغداد التي تسكن في ذاكرة العراقيين وقلوبهم ومشاعرهم.
يحاور الكاتب سعد نعمة في باب "سينمائيون جدد" المخرج يحي العلاق الذي عمل مع محمد الدراجي على تأسيس المركز العراقي للفيلم المستقل كما عرّج على فيلمه المهم الذي يحمل عنوان "أربع أصابع" وهي المسافة التي تفصل بين الصدق والكذب، كما تحدث عن فيلمه الوثائقي "لا أحد يموت في العراق" الذي وصل إلى مرحلة ما بعد الإنتاج.
تناول الناقد أحمد ثامر جهاد في مقاله "السينما العراقية . . مسارات متعثرة وبحث دائم عن هُوية" مُسلطًا الضوء على بعض الأفلام التي أُنتجت بعد 2003 مُعززًا هذا المقال بحوارات أربعة مع الدكتور جواد بشارة والمخرج المغترب قتيبة الجنابي والناقد علاء المفرجي والمخرج الشاب عمر فلاح.
يتضمن العدد إحاطة بمهرجانيّ الأسكندرية وفينيسيا السينمائيين. كما يتناول كاتب هذه السطور فيلم "الزهرة الأرجوانية" للمخرج علي حنون. فيما يكتب سمير حنّا خمورو عن فيلم "لي" للمخرجة الأمريكية إلين كورس. ويترجم الناقد صلاح سرميني في رسالة باريس أربعة موضوعات من بينها " فن جيمس كاميرون" ويصفه بالسلالة النادرة في أستوديوهات هوليوود الكبيرة ويترجم "سينما دالي" و "اختفاء صالات السينما بباريس" و "السرقات في السينما" وخاصة الهندية والفيتنامية.
يكتب الناقد السينمائي رضا الأعرجي عن "أفلام الواقعية السحرية التي تتحدى الأشكال التقليدية". ويتوقف عند ثلاثة أفلام مهمة وهي "الرجل الطائر" و "متاهة بان" و "كالماء للشيكولاتة". كما يتحفنا الناقد والمخرج استناد حدّاد بدراسة عن "سينما الأمم الأولى في أستراليا وعن منافسة السكان الأصليين وحصولهم على أدوار رئيسة في السينما الأسترالية التي اعتادت على إقصائهم وتهميشهم.
نقرأ في هذا العدد ترجمة لمقال "الحياة النائمة للرسوم المتحركة في جنوب شرق آسيا" لجون أ. لينت ترجمة يسري منصور. يكتب محمد زرزور في رسالة إسطنبول عن "تركيا تختار مرشحها لسباق الأوسكار 2025" وأخبار عن شباك التذاكر للسينما التركية.
يقرأ عصام الياسري كتاب "في البدء كانت الكلمة - السيناريو" للمخرج والناقد قيس الزبيدي. فيما تتابع الدكتورة ورود ناجي أحد عشر خبرًا سينمائيًا من بينها "إذا رأيت شيئًا " لعُدي رشيد، وهو أول فيلم ناطقل بالإنكليزية سوف يُعرض في مهرجان وودستوك بنيويورك. ومشاركة فيلم "أرواح عابرة" لعائدة شليفر في المهرجان العربي الأفريقي بمدينة زاكورة المغربية. وجينيفر أنيستون تحاول منع الأوسكار عن أنجلينا جولي.
يختتم العدد الدكتور جبار جودي،رئيس دائرة السينما والمسرح، نقيب الفنانين العراقيين بمقال مهم يحمل عنوان "لن نقبل بغير النجاح خيارًا" وهو يعدُّ العُدة لإطلاق النسخة الثانية من مهرجان بغداد السينمائي ويأمل بأن تكون مغايرة وتحمل رؤية إستراتيجية شاملة تُعيد للسينما العراقية بهجتها المفقودة.
***
لندن: عدنان حسين أحمد

صدر حديثًا عن دار النخبة للنشر والطباعة والتوزيع / مصر " أحلام مسرحية ذات ستارة مغلقة " تصدر الغلاف الخارجي لوحة مسرح بوجه خلف الستارة المغلقة، والرواية من الحجم المتوسط ب ( 360) صفحة وب (13) فصل و(5 ) عناوين ، رواية «أحلام مسرحية ذات ستارة مغلقة» للأديب الروائي والشاعر العراقي مصطفى محمد غريب، الرواية هي أجزاء من أحلام مسرحية لم تعرض أضيف الخيال الروائي والأسماء مموهة.

أحلام مسرحية

لابد من المرور على البداية التي ترسم الخطوط العامة في مضامين  لها معاني في الارتباط خصوصية العلاقات الإنسانية بما حولها من تداعيات وهنا نستطيع ان نتلمس جذور الجوهر الموضوعي لشخصيات الرواية كلما سرنا نحول الفصول المتكونة من ثلاثة عشر فصلاً  وعنوان لكل فصل نصوص تكاد تصل الى روح العمل الروائي المسرحي والفاصل ظاهرياً لكنه مرتبط اشد الارتباط بقضايا مصيرية وسريان القوانين التي تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر بالأحداث  والعناوين الخمسة التي ظاهريا تقوم كبناية منفصلة عن بنايات متعددة لكنها والحقيقة لها مدخل عام مرتبط بالأخريات،  الرواية احادث مترابطة المصير متفرقة الأهداف والنوايا وهل دليل على الوعي النوعي للفنان العراقي بما يحيط او يحاط به وللرواية ابعاد تفرض على القارئ لكي يستنبط ويحلل ويربط ما بين التداعيات في حياة المسرح ارتباطاً بالثقافة كمعنى انساني يمجد الانسان كونه مساهم أساسي في وقائع التاريخ

 تمهيد

يقول الروائي مصطفى في مقدمة أحلام مسرحية:

 "الحياة مسرح واسع مفتوح له أبواب مغلقة وحدوده لا متناهية هلامية، البشر منهم من يمثل الدور ومنهم من يجلس على المدرجات يراقب لكن يشترك بالمشاعر والاحاسيس والجميع يمثلون في نصوص تم توزيعها بشكل مخطط او بعفوية الاستمرارية ليقوم كل واحد بدوره المعلوم وغير المعلوم.

 إذن التعاطي وفق ظروف استثنائية تحكمها الفكرة العنيفة التي توجه ضد العمل الثقافي والفني الحضاري التقدمي بحكم النظرية التسلطية بإلغاء الآخر وفرض العقلية التي تؤمن بالعنف والإرهاب إلا ان المسرح الحياتي يبقى يعرض النصوص المكتوبة وغير المكتوبة ولن يتوقف الا بتوقف الجنس البشري في الحياة قد تكون الطروحات ضمن “فوق واقعية الواقع” كما هي السريالية.

ويضيف مصطفى على ظهر غلاف الرواية:

خلال الدراسة، تعرَّفت على العديد من العاملين في المسرح والتلفزيون وفي المجال السينمائي، كان حلمها أولاً عربياً ثم الانتقال للعالمية، هذ الحلم تبعثر عندما اطلعت على الواقع المُر الذي يخص العلاقة بين النص المبدع وبين الاختيار الشخصي الضيق.

 تبعثرها دفعها لتبني المفهوم الوجودي في المسرح، فقرأت الفرنسي جون بول سارتر، وسيمون دي بوفوار، ثم البير كامو، وفرانسوا سيغان، وتعمقت في قراءاتها للمدارس الأخرى الفكرية لعلم النفس، الكلاسيكية الجديدة، والسريالية المتوازنة مع التحليل النفسي الفرويدي ومدرسة بروتولد بريخت.

والمقصود أن خشبة المسرح تشبه غرفة تتكون من ثلاثة جدران، والجدار الرابع ذو صفة وهمية يقابل الجمهور، كما تمثل في الدراماورجيا البريختية التي أعلنت الثورة على الاقتصاد والإنتاج الرأسمالي وتنقلاته في الهذيان والتجريد والعبث، ثم اللامعقول وصمويل بيكيت وحتى جيمس جويس، وفهمت توفيق الحكيم في اللامعقول  وعباس محمود العقاد الذي تناولت بعض مسرحياته هاجس الاغتراب وكتاب مصريين معروفين ولبنانيين، وتابعت واهتمت بالمسرح الكوميدي الهادف الذي يُسخر النكتة والمزحة والامثال لأهداف مرسومة وانتقدت دائماً الكوميديا المبتذلة."

لقد فصل مصطفى المراجع الحسية الى واقع متميز واظهر حساسية القضايا العامة بالارتباط بخصوصية كل حدث يراه القارئ له ارتباط بالشخصيات الهلامية في الظاهر والواقعية في الباطن ولهذا نجد ان سير الاحداث تكاد ان تتقفز وترتبط بالمضمون وهو ما حدث لأحمد وصديقه قاسم لمجرد قصيدة شعريه ليتهمهم طوفان الإرهاب السلطوي والقهر السياسي في صورة تجريدية لها خطوطها اللونية

"انتظرا تاكسي اقلهما الى جانب الرصافة ، هبط عند حافظ القاضي بينما واصلت طريقها الى البيت، موسى كان مصمم زيارة عائلة هند للاطمئنان عليها وبخاصة كانت غمزات رجل الأمن شاكر اشبه بتهديد في مرحلة صارت التهديدات تطلق تحت طائلة المساس المعاكسة بأمن الدولة او أي تهمة تجر المرء الى غياهب مديرية الأمن العامة ، ولم تعد الحدود القانونية تفيد نفعاً امام الاستهتار بها ، خطر التهديدات يكمن في الاعتقال الكيفي "

ولهذا ختم الروائي مصطفى بالفكرة التي جالت في الذهن منذ البداية الى اللانهاية ووضعها على لسان ارتجال الظاهر بشكل خطابي لكنه المعني هو السير مع الحياة السائرة والمتعثرة احياناً لكن بدون توقف:

"- ستبقى معك شجونك وذكريات مكتوبة في خواطرك بحروف هلامية لها بريق صداه يرن في الاذن بينما الأصعب الاستمرار في التداعي لفراق مجبر في الغياب هذا الكم من الاحداث والحوادث المزدحمة والاحادية التي استمرت في التسارع والبطء في الوقت نفسه تتقاسم مراسيم

احتفالية الوداع والفرقة والتخفي وتقاس في ذكريات تسترجع ذكريات وصور تجمع صور لكنها ليس هي الحياة التي تتواجد فيها الصور لتضيء العلامات الأصعب في الاشتياق لمن تراهم يقيمون في الاذهان معبرين عن الواقع الذي يمنع النسيان في عتاب من شجون تجعل الأعين كمصابيح الإضاءة مثل علاقة نوران السرية بفلاح أبو نادية غير المكشوفة وبقت لسنوات سرية لحد اللعنة ولم تكتمل إلا في تلك الهجرة القسرية ذات الحروف الحادة التي اجبرت فلاح أبو نادية الاختفاء عند نوران في الكاظمية والتخطيط معاً كهمس العشق لسنوات لم ينكشف إلا في فرض الفراق نفسه فقام بالإعلان والاندماج والوضوح، لكن الذكريات تسجل دائماً في قواميس اعدت لهذا الغرض، مثلما سجلت مساحة صعبة

لمأساة احسان واصابته برصاص طائش وبمصادفة غريبة وهو الرجل الذي كان حلمه الوصول الى البيت، وسامية ومصادفة الجلطة الدماغية وسقوط عامود الكهرباء على رؤوف تحت جحيم سيارة زيل عسكرية روسية"

ويستدل مصطفى بالكشف عن تلك ا الخطوط الموضوعة سراً بشكل قانوني باهت ليس له ارتباط بالقانون الا من خلال تثبيت الفهم الأيدلوجية القهري والفاشي 

" تناثرت النفوس وحكمت على الأجساد بالاختفاء في عنابر سفن شراعية اعدت لغرض الإبحار عبر الزمن وما هي الا فترات زمنية حتى تعرضت للتآكل والتسوس وإذا بالإغلاقات نفسها تصاب بداء الانتقال الى لوحة من المشاعر الوداعية وما حدث لموسى بعد رحلة آفاق منها وهو في حافلة لجهة معلومة وفي الوقت نفسه غير معلومة، بينما بقت سندس في المربع الذي ارادت الخروج منه الى لوحة لها مساحات واسعة تعيش فيها، سندس الدقيقة والواقعية التي فرضت عليها اللوطية

والاغتصاب والانتقام ثم الحلم الراحل فما أصعب البقاء في بكاء دون دموع، الحياة في حالة الانكسار فهي تعيد تجبير نفسها والافراد في حالات الاختفاء المختلف الشكل والألوان والمسببات فالتناسخ البشري يعيد اصطفاف الافراد والمجموعات في حالة استمرارية، ولكن على نفس الصيغة الإنسانية، ويبقى الحلم المسافر عبر تعرجات الوقت الى ازمنة العشق الراسخ في عقول المليارات من البشر الذين يسعون لخلق جنّة أرضية خالية من الوجع والقهر والدموع..."

الارتباط الأخير

ان الأديب العراقي مصطفى محمد غريب، نشر العشرات من القصائد الشعرية في العديد من الصحف والمجلات والدوريات.

له ستة روايات والعديد من المجموعات القصصية القصيرة والمواضيع السياسية والاقتصادية والنقابية والثقافية في مجلات، وصحف عراقية ،وعربية ونرويجية.

وترجمت البعض من قصائده إلى اللغة الإنجليزية والكردية والنرويجية كما ترجمت له مجموعتين شعريتين ورواية طويلة إلى النرويجية إضافة إلى العديد من المقابلات الصحفية والتلفزيونية.

كما نشر العشرات من المواضيع المختلفة في العديد من المواقع الإلكترونية.

ـــ نشرت نبذة عن حياته وبعض قصائده في «معجم البابطيين للشعراء العرب المعاصرين» الذي صدر في الكويت عام 1995.

ـــ نشر عنه وعن شعره في الموسوعة الكبرى للشعراء العرب ـ المغرب من سنة ــ 1965 ـــ 2006

ـــ عضو مركز الكتاب النرويجيين (حالياً)

الكتب المطبوعة حوالي (28) كتاب شعري وقصص قصيره ورواية توزع طبعها سوريا، لبنان، الأردن، العراق، مصر ، النرويج

***

نضال صبيح مبارك العزاوي

عن دار بدوي للنشر والتوزيع بألمانيا، صدرت مسرحية بعنوان "مجلس الدوابّ" للكاتب المغربي سعيد بودبوز.

في هذه المسرحية يعود الزعيم أرطغرل إلى الحياة، ويجد زوجته سامحيني قد هيّأت له النوات الأساسية لإنشاء دولة حديثة، فهي رئيسة الحزب السياسي الفائز في الانتخابات بمرشّحين أغلبهم مختلّون. وبينما يرى أرطغرل أنّه يستطيع أن يفرض سيطرته بالحرب، ترى زوجته أنه مازال بحاجة للسيطرة على القلوب بالحب. وبينما يرى الزعيم أنه يستطيع أن يحقق ما يريد في حكمه بلا حاجة إلى حكومة أصلاً، ترى زوجته أنّ العصر قد تغيّر، وأنّه يجب على الزعيم أن يتظاهر بالديمقراطية كي لا يخسر الرأي العام الأجنبي. فلا ينبغي أن يحقّق كل ما يريد في حكمه إلا تحت غطاء حكومي. ولكي يسهل عليها أن تضمن إجماع نواب الأمّة حول مشاريع زوجها، ترى الزوجة سامحيني أنّ الزعيم أرطغرل بحاجة إلى نواب مختلّين عقلياً، لكنّ أرطغرل باندفاعه واحتكامه للسيف قبل أي شيء آخر، يشعر بضيق شديد في حضرة هؤلاء النواب المختلّين، فلأوّل مرة يجد نفسه أمام نواب يتحدّثون لغة الخشب !. ورغم جهود المترجمة زفتة والمفسّر زركل، فإنّ استغراب أرطغرل واستنكاره سيبلغان به حد اليأس التام، بحيث يصدر أمراً لحارسه بأن يجهّز له موكباً كي يعود إلى قبره !. لكن سامحيني تعرف جيداً كيف تخفف عنه، وكيف تقلب غضبه إلى مرح. وفي كل مرة يهمّ بإعدام أحدهم، فتكبح هيجانه وتتظاهر أمام رجاله بأنه يمزح، إذ لا يفترض به، وهو زعيم ديمقراطي، أن يعدم أحدهم لمجرد أنه تفوّه بكلمة لا تعجبه. وعندما ينتزع- بشكل أو بآخر- من هؤلاء النواب التصويتَ على قانونه العجيب الذي يفرض من خلاله الضرائبَ على كل من تزوّج أو طلّق أو ختن أو أنجب أو مات.. الخ، يصبح رجاله هؤلاء أوّلَ دفعة من ضحايا قانونه العجيب، إذ يتورّطون في التصدي للجباة بالضرب والإهانات فيتمّ استدعاؤهم إلى المحكمة، حيث سيدينهم القاضي عبّو جميعاً، ويتدخّل الزعيم أرطغرل لنصرة رجاله من القاضي، لكن سامحيني سرعان ما تكبح هيجانه في اللحظة الحاسمة، وتحوّل تهديده للقاضي إلى مجرّد اختبار، إذ تقنعه بأنه يجب أن يقف في صف القاضي وينقلب على رجاله كي يفوز بلقب العدل والدكتاتورية معاً. وهكذا يتبرأ الزعيم أرطغرل من رجاله فيقول لهم: "أما أنتم أيها السادة الكرام، فلكم واسع الجحيم !". وبهذا يكون قد تخلّص منهم بعدما ساعدوه في الحصول على ما يريد، وصار بوسعه أن يصبح دكتاتوراً صريحاً بشكل ديمقراطي !، أو بطريقة منطقية ومبرّرة.

 

للكاتب الباحث رحموني عبد الكريم

يتفق علماء النفس والاجتماع على أن الإنسان ابن بيئته، والشخصية الإنسانية تتبلور وتتحدد معالمها وتكتسب مميزاتها في خضم البيئة المتواجدة فيها وما تحمله من خصائص ومقومات وبما لها من تأثير أيضاً بالإيجاب أو السلب، فإن مبدع الخطاب معجمه الأول بما فيه من مفردات وتراكيب وما يحتويه من أدوات وجمل ومواضيع تنطلق من البيئة التي ولد فيها الخطاب الجمالي الذي يكرس مفردات بيئته وأساليبها كما بدت في مرآته المتجلية  في رحابة الكون وزرقة السماء  وشاسعة الأرض، ثم الأسس الاجتماعية والأخلاقية والدينية والثقافية، التي بلورت فكره ونظرته الجمالية الفلسفية في بناء مهد الحضارة وإبداع مفاهيم استيطيقية مخالفة لفلسفة الجمال اليونانية، تجلت في تشييد العمران، القائم على الزخرفة العربية ووضع الأقواس والقباب التي صقلت شخصية الإنسان متأثراً بالقرآن ، جعلته يقدم  بعداً جمالياً قوياً يربط ساحة الذكر بساحة الفكر يقول عزم القائل:« إنّ في خَلْقِ السَمَواتِ وَالأرضِ وَاختِلافِ الليلِ والنَّهارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الأَلبَابِ الذِينَ يَذكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِم وَيَتفَكَرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَواتِ والأَرضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبحَانَكَ فَقِنا عذاب النار»

جاء كتاب مقالاتي من التحليل النفساني إلى الفكر الإنساني يحمل مقالات في علم النفس والجمال والفكر مثيرة مشوقة للقراء ما انفكت متعة الأنس والاستئناس تنقضي إلا واليراع  مطر مدرار من مفردات حبر سودت بياض الورقات، آبى اليراع يقذف بها، يملأ الصفحات، تغشي الكلمات القلم تطلبه حثيثا. أنه عشقاً للكتابة، يبدع الكاتب "العاشق" أشكالا مميزة؛ في الميزة يؤسس المبدع ملكته الرمزية التي تمتلك دلالات قد تجد القارئ الواعي بهذه الرمزية، ينفتح على لغة المبدع ويشعر بخطورة اللغة وما تحمله من شمولية ؛ شمولية التفكير الحر المرتبط بالتساؤل الذي يؤسس للتجربة الإنسانية؛ تجربة المبدع، المفكر في الإنسانية جمعاء والمعتنق للإنسان أين وجد وفي كل مكان.

 

ترجمة: د. محمد عبد الحليم غنيم

عن موقع ليتريري هوب

***

فى هذا العرض يناقش سبعة كُتّاب ومحررين ما يحبونه أكثر بشأن هذا الرفيق المخلص لعشاق القواعد اللغوية في كل مكان (دليل شيكاغو للأسلوب)

يعكس عنوان هذا المقال حبًا كبيرًا لدليل شيكاغو للأسلوب، الذي يظل مرجعًا أساسيًا لأولئك الذين يعملون في مجالات الكتابة والتحرير. سواء كنت مؤلفًا جديدًا أو محترفًا مخضرمًا، فإن هذا الدليل، الذي تم تنقيحه وتحديثه عبر السنوات، يوفر إرشادات مفصلة حول قواعد اللغة، والتنسيق، والتحرير.

في هذا المقال، يشارك سبعة كُتّاب ومحررين أفكارهم وتجاربهم مع الدليل، ويسلطون الضوء على أهم الجوانب التي تجعل "دليل شيكاغو" ضروريًا لأي شخص ملتزم بفنون الكتابة.

هل ترغب في الاطلاع على المزيد من التفاصيل حول آراء هؤلاء المحترفين حول دليل شيكاغو للأسلوب؟

احتفالاً بالنسخة الثامنة عشرة من كتاب دليل شيكاغو للأسلوب، طلبنا من أشد المعجبين به أن يدلوا برأيهم.

قبل عقود من الزمان، بعد أن سئمت العمل في الحانات والمطاعم، وفي حيرة من أمري فيما يتصل بحياتي، ولكنني أدركت أنني في احتياج إلى القيام بشيء ما، أتذكر أنني أجريت محادثة مع صديق مؤلف، وتساءلت بشكل غامض عما إذا كان هناك شيء يمكنني القيام به في مجال النشر، وهو الأمر الذي لم أكن أعرف عنه أي شيء على الإطلاق. اقترح عليّ بلطف شديد أن أتواصل مع محرر الإنتاج الذي أشرف على كتبه.

بافتراض، نظرًا لصداقتي مع مؤلفها الدقيق للغاية، أنني لابد وأن أكون على الأقل نصف ذكي ــ وهو افتراض جريء، ولكن بالنسبة لي، كان محظوظًا ــ أخذت نشرة ووافقت على إعطائي وظيفة في التدقيق اللغوي. ليس اختبارًا. بل وظيفة. (نعم، الماضي بلد أجنبي؛ فهم يفعلون الأشياء بشكل مختلف هناك).

سأظل أتذكر محادثتنا دائمًا.

- هل لديك نسخة من قاموس ميريام وبستر الجامعي؟

قلت:

- نعم.

- هل تعرف رموز التدقيق اللغوي؟

كذبت:

- بالتأكيد.

- هل لديك نسخة من دليل شيكاغو للأسلوب؟

وعدت:

- سأشتري واحدًا.

يا له من اكتشاف كان ذلك المجلد البرتقالي السميك! يا لها من خريطة كنز تقودني إلى جميع أنواع الأمور التي كنت، بتعليمي غير المتسق في اللغة الإنجليزية، أعلم عنها شيئًا بشكل غير واضح، أعلم شيئًا لكن لا أستطيع تسميته، ولا أعلم شيئًا على الإطلاق. كنت أعاني بشكل خاص من عدم المعرفة. كم كان محددًا بشكل رائع، وكم كان مُعززًا للثقة، وكم كان مُساعدًا بشكل مريح. كنت أجلس وأقرأه كما لو كان أحدث أفضل بائع مثير للدهشة.

لا يعد دليل شيكاغو للأسلوب مجرد دليل؛ بل هو شهادة على فن الدقة النصية.

تعلمت التدقيق اللغوي، وفي النهاية، تحرير النصوص من خلال التدريب العملي الفوري، معززًا بتوجيه ذلك المحرر الإنتاجي الكريم؛ لم أنسَ ذلك أبدًا، وبذلت قصارى جهدي، كما يقولون، لأرد الجميل. كنت دائمًا ممتنًا لوجود نسخة من CMOS (اختصار دليل شيكاغو للأسلوب ) بالقرب مني: مكان يمكنني دائمًا الذهاب إليه لأتعلم بالضبط ما أحتاج معرفته.لقد كان، ومنذ ذلك الحين، كأن لدي صديقًا ذكيًا جدًا ومتاحة له الوصول دائمًا.

– بنيامين دراير، مؤلف Dreyer’s English ونائب رئيس متقاعد ومدير تنفيذي ورئيس تحرير في Random House

***

دليل شيكاغو للأسلوب ليس مجرد دليل؛ إنه شهادة على فن الدقة النصية. وجوده على مكتب الكاتب المخلص ليس مسألة مصادفة بل هو تجسيد للمبادئ التي تجعله ضروريًا لأولئك الذين يتناولون الكتابة بجدية تستحقها.

ما يميز CMOS هو تعدد استخداماته الرائع. على عكس المجلدات الثابتة التي تتبع نهجًا واحدًا في الاستشهادات، يوفر دليل شيكاغو نظامين متميزين. تنسيق الملاحظات والببليوغرافيا يخدم العلوم الإنسانية، وهو مجال يتم فيه احتضان الفوضى الفكرية ودراستها، بينما نظام المؤلف-التاريخ يلبي احتياجات العلوم والعلوم الاجتماعية، حيث تتربع الدقة والوضوح على عرش الأسلوب "الشعري".

لا يكتفي CMOS بتناول السطح من القواعد النحوية والتركيبية، بل يتعمق في التعقيدات المتشابكة. يعمل الدليل كخريطة دقيقة وأداة مرنة، موجهًا الأكاديمي والمحترف و"الفنان الأدبي" بمهارة.

تُبرز التزام الدليل بالوضوح من خلال مجموعة غنية من الأمثلة. كل "قاعدة" تُقدّم بشكل مفهوم من خلال توضيحات عملية تضيء ليس فقط "كيف" بل أيضًا "لماذا". هذا الالتزام بالتوضيح يحوّل ما قد يكون "لوائح" مملة إلى أغانٍ من الاتساق والدقة والتعقيد والدقة.

مع إرث يمتد إلى عام 1906، فإن دليل شيكاغو للأسلوب ليس مجرد أثر بل هو وثيقة حية، تنسجم فيها العمق التاريخي مع الأهمية المعاصرة. إنه يتطور استجابةً للممارسات الحديثة والتطورات التكنولوجية، مع الحفاظ على المبادئ التي دعمت أهميته لأكثر من قرن.

في المجالات الأكاديمية والمهنية، يعتبر الصوت الرسمي للدليل هو المعيار للتحرير والاستشهاد. فهو يجسد قمة التميز الأدبي، وتضمن مراجعاته المنتظمة أن يظل متوافقًا مع التيارات المتغيرة باستمرار للغة والممارسة.

إلى جانب لوائحه الشاملة، يقدم الدليل إرشادات عملية بشأن أمور تتراوح من إعداد المخطوطات إلى حقوق النشر والقضايا الأخلاقية. وهو بمثابة ضوء هادٍ عبر المياه الغامضة للنشر. في جوهره، يعد دليل شيكاغو للأسلوب المرجع الجوهري لأي شخص ملتزم بالحرفة الجادة وفن الكتابة والتحرير.

– ديفيد شيلدز، مؤلف كتاب "الجوع الواقعي" الأكثر مبيعًا على مستوى العالم والذي ألف خمسة وعشرين كتابًا، بما في ذلك كتاب "الجوع الواقعي"

***

أول مرة صادفت فيها دليل شيكاغو للأسلوب كان عندما كان يسمى "دليل الأسلوب"—أي في الطبعة الثانية عشرة. كانت تلك الأيام عندما كانت الصفحات بطول ثلاثة أقدام، وكان قسم التحرير يفتح قاموس ويبستر الثالث الجديد الدولي على حامل خشبي في وسط الغرفة—غرفة كانت أشعة الشمس تتسلل إلى داخلها من خلال أوراق ما بدا وكأنه عشرات من النباتات المزروعة على حافة النافذة. كان الأمر يشبه مكتبة جميلة حيث يمكنك التجول والبحث في كتب المرجع حتى تشبع رغبتك. وفي تلك الأيام، كان الجميع يستخدمون "دليل الأسلوب"—لم يكن فقط للمحررين..

في ذلك الوقت، كنت أكتب الكثير من الشعر. كل شيء كان يبدو لي كقصيدة، خاصة إذا كان منظمًا للغاية—مقسمًا ومصنفًا ومفصولًا ومرتبا. بالنسبة لي، تشكل التنظيم والتصنيف روح الشعر، وعندما كنت أبحث عن شيء ما في الدليل، كنت أرى القصائد في أنقى صورها. افتح صفحة عشوائية، وستجد قصيدة هناك.

تأمل الاقتباس من قائمة الفقرات الفرعية في القسم 5 أدناه.

صيغة المصدر المنقسمة

صيغ المصدر المتدلية

عبارات المشاركة

أسماء المفعول

التمييز بين أسماء المفعول وأسماء المفعول

أسماء المفعول المدمجة

أسماء المفعول المتدلية

أسماء المفعول المتدلية

إن الضمائر المندمجة هي التي تستطيع أن تتخيل مثل هذا الشيء، وكل هذا التعلق! إن شيكاغو لابد وأن تتحدى الشعراء: أن يكتبوا سستينا باستخدام الكلمات التالية: "اسم المصدر"، و"اسم الفاعل"، و"اسم المفعول"، و"المعلق، و"المدمج"، و"المنقسم".

قسم فرعي آخر بعنوان "الصوت، الصيغة، الزمن، الشخص، والعدد" — عنوان قصيدة بحد ذاته — يقدم المزيد من الإمكانيات.

تصريف مستمر وصوت

صيغة الفعل

الصيغة الدلالية

الصيغة الأمرية

الصيغة الشرطية مقابل الصيغة الدلالية

الصيغة الشرطية الحاضرة

الصيغة الشرطية الكاملة الماضية

...

الجذب الخاطئ للاسم المسند

الروابط المضللة

التوافق في الشخص الأول والثاني

هناك قصة حب تستحق دانتي وبياتريس، رومانسية مليئة بالزيف، والاتصال، والجذب، والإشارة، و... التصريف.

ليس لدي المساحة الكافية للخوض في الشعر الذي يمكن العثور عليه في الآلاف من الجمل المستخدمة كأمثلة — على سبيل المثال، من القسم 5.116: "الشكوى بشأنه لن تساعد"، "لا أحب طبخك"، "هوايته المفضلة هي النوم"، و"تقليل التآكل عن طريق بناء المصاطب في الحقول" — إلهام جاهز للحصاد. كان جون آشبري سيستمتع كثيرًا بذلك.

عندما كنت في المدرسة الثانوية، قرأت مختارات بعنوان الصوت العظيم داخلنا: شعر أمريكي في القرن العشرين من البداية حتى النهاية. يذكرني دليل أسلوب شيكاغو بتلك الكتابة — إنه ليس أقل من مجموعة شعرية، يمكنك قراءتها بشكل متسلسل أو الغوص فيها حسب رغبتك. نعم، بالطبع أستخدمه كمرجع. لكن أليس هدفه مساعدة المحررين على تحرير الصوت العظيم داخل كل كاتب؟

—باربرا كلارك، محررة كتب حرة.

***

أنا من أنصار دليل الأسوشيتد برس (AP).

لقد تعلمت أدلة الأسلوب أثناء تحرير الصحف، لذا كانت معايير أسلوب وكالة الأسوشيتد برس منطقية. الصحف تستخدم أسلوب AP لأنه مصمم للطريقة التي يقرأ بها الناس الصحف: بسرعة، أثناء الإفطار، في الحافلة، أو في أثناء التنقل. أعطهم أقل عدد من الأسباب للتوقف عن القراءة – أقل عدد من الحروف التي قد تعرقلهم – قدر الإمكان.

الفواصل المتسلسلة؟ مرفوضة تمامًا. إذا واجه القارئ المزيد من الفواصل أكثر مما يحتاج، فإنه من المرجح أن يتوقف عن القراءة، ويشتت انتباهه نسمة هواء أو سنجاب صغير، ثم ينسى أن يعود للقراءة مجددًا. في النهاية، يقرأون أقل، يصبحون أميين، يتركون المدرسة، يتحولون إلى منحرفين، ويظهرون في منزلك لسرقتك وقتلك. كل ذلك لأنك أردت فاصلة ثانية في "الأحمر، والأبيض، والأزرق". كم هذا غير أمريكي.

الأرقام؟ وكالة AP تستخدم الأرقام لكل شيء أكبر من تسعة. إذا كنت تحاول عد تسع وتسعين زجاجة بيرة على الجدار – بدلاً من 99 – ستصبح ثملًا مع كل هذه الحروف الإضافية، وبحلول الوقت الذي تصل فيه إلى السبعينيات، بالكاد ستكون قادرًا على العد، ناهيك عن وضع علامات الترقيم.

الخطوط القصيرة؟ هي ميتة بالنسبة لأي مستخدم لأسلوب AP. كم عدد الخطوط الأفقية التي تحتاجها؟

أسلوب AP حازم، سريع، وفعال – تم تصميمه بلا رحمة لعالم يعتمد على الكفاءة.

لهذا السبب يبدو دليل أسلوب شيكاغو... بطيئًا.

إضافة الفواصل المتسلسلة؟ كتابة الأرقام بالحروف حتى المائة؟ التمييز بين الخطوط الطويلة (em dash) والخطوط القصيرة (en dash) وعلامات الوصل؟ كل ذلك يبطئك.

طلب من القراء أن يأخذوا وقتهم؟

يبدو أن شيكاغو يريد أن يتنعم القراء في...

التوقفات...

المتكررة...

محرر AP لديه أكوام من النصوص ليتمكن من إنهائها قبل أن تبدأ الطباعة. ضع خطًا صغيرًا بين تلك التواريخ والصفحات واعتبرها نهاية الليلة.

محرر شيكاغو لديه كل الوقت في العالم لتحويل تلك الخطوط إلى خطوط قصيرة. دون عائق من المواعيد النهائية اليومية، يمكن لهذا المحرر أن يتنفس بسهولة كما تفعل الأرقام على جانبي الخط القصير بالمساحة الإضافية التي يمنحها لهم.

الأمر ليس مقتصرًا على المحررين فقط. بأسلوب شيكاغو، يشعر القراء أيضًا بهذه الرحابة والراحة. يسترخون. يستوعبون. يعالجون المعلومات.

يستمتعون.

من لديه الوقت لكل هذا؟

– جيفري بارغ، مؤلف The Angry Grammarian على Substack ومؤلف الموسيقى والكلمات لـ The Angry Grammarian: A New Musical (مع كاتب النص دايفيد لي وايت)

بالنسبة لمحرر النسخ الصحفية في نهاية القرن الماضي، كانت أدلة الأسلوب مجرد قوائم أبجدية قصيرة للميزات المحلية وآخر إصدارات دليل أسلوب الأسوشيتد برس. قبل أن أغادر الصحف وأوسع رؤيتي كمحرر مستقل، كنت أعرف الخط القصير (en dash) فقط كظاهرة طباعية – وليس شيئًا يحتاج محررو النسخ إلى الاهتمام به. دليل شيكاغو للأسلوب لم يكن جزءًا مهمًا من حياتي المهنية.

الآن، أستشير بشكل روتيني عددًا من أدلة الأسلوب في عملي اليومي، بما في ذلك، بالطبع، دليل شيكاغو للأسلوب. حتى بالنسبة للعملاء الذين يعتبرون أنفسهم ملتزمين تمامًا بأسلوب AP أو APA (دليل النشر الخاص بجمعية علم النفس الأمريكية)، أرجع إلى دليل شيكاغو للحصول على الإرشادات. ولم لا؟ توفر لنا أدلة الأسلوب راحة الألفة وإرشادات للفهم. كل واحد من أدلة الأسلوب على رف كتبي وعلى حاسوبي كتبته مجموعة من الأشخاص المهتمين باللغة الذين بذلوا جهدًا لإرشادنا حول كيفية تحسين أسلوب التواصل.

تبدأ مقدمة الطبعة الثامنة عشرة الجديدة باقتباس من مقدمة الطبعة الأولى من عام 1906:

"لا يمكن إضفاء صفة الثبات المطلق على القواعد واللوائح من هذا النوع، بطبيعة الحال. فهي معدة للحالات العامة ويجب تطبيقها بدرجة معينة من المرونة."

جزء كبير من المقدمة الأصلية مكرس لفكرة أن "تجربتك قد تختلف" — بمعنى أنه لا ينبغي اعتبار هذا الدليل أو أي دليل أسلوب آخر مرجعًا مقدسًا، بل يجب أن تدرك أن العادات المحلية، ومتطلبات الطباعة، واعتزاز المؤلفين بعملهم قد تكون أسبابًا وجيهة لتحديد مسارك الخاص. وتختتم المقدمة بتوضيح أن الغرض الرئيسي من الكتاب داخلي، لتوجيه دار النشر الجامعية. ومع ذلك:

" إذا ثبت أن هذا الدليل، بالإضافة إلى هدفه الرئيسي، قد يكون مفيدًا بشكل عرضي لآخرين يبحثون في متاهات الأسلوب الطباعي، فسيكون الغرض منه قد تحقق بوفرة."

إن نجاح الطبعات اللاحقة والإثارة التي أحاطت بالطبعة الثامنة عشرة الجديدة بعد 118 عامًا يثبت أن الغرض منها قد تحقق تمامًا. نحن، المتجولون في متاهات الأسلوب الطباعي، يجب أن نكون دائمًا ممتنين لأولئك الذين وضعوا المبادئ الأساسية لقيادتنا، مع ترك مساحة للحكم على كل حالة وفقًا لظروفها الخاصة. إذ يمكن أن يكون الالتزام الصارم بالقوانين الثابتة غير ملائم أحيانًا لتحقيق الهدف الرئيسي المتمثل في التواصل بوضوح.

بالطبع، نجد في الطبعة الثامنة عشرة أن التغييرات أصبحت ضرورية لاستيعاب مواقف جديدة تجاه قضايا مثل استخدام الحروف الكبيرة والجنس، بالإضافة إلى قبول أكبر في القرن الحادي والعشرين لاستخدام الضمير المفرد "هم" للإشارة إلى الأشخاص غير المحددي الجنس. هذه التغييرات — التي تشكل جزءًا فقط من عدد كبير من التعديلات — تتبع اتجاهًا يعكس اللغة كما هي، بدلًا من محاولة فرض قواعد معينة عليها.

وبالرغم من توفر العديد من الأدلة الأسلوبية العامة والمتخصصة بين يدي الآن، ما زلت أعتمد على دليل شيكاغو للأسلوب ليساعدني في جهودي اليومية لإضفاء المزيد من الوضوح على الكلمة المكتوبة.

– مارك ألين, الرئيس المنتخب لـ ACES: جمعية التحرير ومضيف برنامج That Word Chat

***

لا أقصد التباهي، ولكنني ربما الشخص الوحيد على وجه الأرض الذي حمل كتاب "دليل شيكاغو للأسلوب" إلى جميع الولايات الخمسين في الولايات المتحدة. لقد حملته على متن الطائرات، وفي شوارع العديد من المناطق الحضرية الكبرى، وعلى الشواطئ، وحتى على جانب أحد الجبال في ألاسكا.

***

يعد دليل شيكاغو للأسلوب مرجعًا أساسيًا لأي شخص ملتزم بالحرفة الجادة وفن الكتابة والتحرير.

لدي طاولة متنقلة لتقديم النصائح النحوية، تسمى طاولة القواعد، وأجلس عليها في الأماكن العامة للإجابة على أسئلة المارة في القواعد النحوية. أحب أن أضع مواد مرجعية على الطاولة حتى أتمكن من صياغة نمط الحياة الذي أعيشه، وشيكاغو جزء من نمط الحياة هذا.

إن التفاصيل تسعدني. ومن بين الأماكن المفضلة لدي جدول علامات الترقيم في القسم 7.96. ورغم أنه منظم ومرتب للغاية، فإنه لا يتظاهر مطلقًا بأن علامات الترقيم والكلمات المركبة بسيطة. فهو يتألف من أربع عشرة صفحة تقهر الفوضى. وإذا كنت كاتبًا ومخرجًا، فسوف تحصل على علامات ترقيم. وإذا كان لديك ذات يوم أحفاد أحفاد، فضع علامات ترقيم لهم. ولكن إذا كنت أشبه بالقطط أو متعجرفًا، فلا تضع علامات ترقيم.

بسبب كل ما حملته من "دليل شيكاغو"، أصبحت ذراعي وظهري أقوى قليلاً مما كان يمكن أن يكون عليهما. نعم، "شيكاغو" غذّى عقلي، ولكن ربما أضاف وزن غذاء العقل هذا بضعة أيام، أو على الأقل بضع ساعات، إلى حياتي. ومع هذا الوقت الإضافي، أحيي هذا الكتاب!

- إلين جوفين، مبتكرة جدول القواعد النحوية ومؤلفة كتاب "المتمرد مع جملة: حكايات ونصائح من النحوي المتجول" الأكثر مبيعًا على المستوى الوطني.

***

يا إلهي، هل هناك أشخاص آخرون يهتمون بهذا النوع من الأشياء؟ عندما نظرت لأول مرة في دليل شيكاغو للأسلوب، كنت مقتنعًا بأنني وجدت ما يناسبني.

لقد جعلتني طفولتي في الولايات المتحدة، ثم المدرسة الثانوية في إنجلترا، ربما أكثر انتباهًا للتنوع داخل اللغة الإنجليزية. لقد أذهلني ليس فقط الاختلافات الواضحة في التهجئة (اللون، المسرح) والأسلوب (المصعد، الشاحنة)، ولكن أيضًا العشرات من التفاصيل الأخرى التي لم ألاحظها من قبل، أشياء لم يخبرني أحد أن أتوقعها: فواصل مقلوبة بدلاً من علامات الاقتباس المزدوجة، وفواصل أحيانًا داخل علامات الاقتباس وأحيانًا أخرى خارجها، ونقاط (نقاط كاملة!) مفقودة على ما يبدو في الاختصارات مثل السيد والدكتور، وما إلى ذلك. بدون مرشد، كنت مضطرًا لمحاولة استنتاج الأنماط ومدى انتشارها.

أول مرة وضعت يدي على دليل شيكاغو للأسلوب كانت عندما عدت إلى الولايات المتحدة كطالب سنة أولى في الجامعة. كان ذلك في الثمانينيات، بعد وقت قصير من صدور الطبعة الثالثة عشرة، فحصلت على النسخة الثانية عشرة التي تخلص منها أحدهم بثمن زهيد. اشتريتها بدافع الفضول البحت. لم يساعدني فقط على فهم كل هذه الغرائب التي لاحظتها عندما كنت أعيش في الخارج؛ بل أيضًا فتح أمامي عالماً جديداً من الأمور التي لم أكن أدرك أنها تستحق التفكير. هل هي toward أم towards؟ الطبقة الوسطى أم middle-class؟ المواد التسع والثلاثون أم Thirty-nine Articles؟ لم أفكر في هذه الأمور من قبل—ولم أكن أدرك حتى أنها أمور يمكن التفكير فيها. وجدت كل هذا مثيرًا بشكل غريب، في طريقة ممتعة وتنم عن حب المعرفة، وكلما كانت الإرشادات أكثر دقة وغموضًا زادت استمتاعي بها. بدأت أفكر في الفروق بين علامات الاقتباس والأقواس، واستخدام الشرطات القصيرة والطويلة وعلامات الطرح، وأيضًا حول كتابة أسماء العصور الجيولوجية بأحرف كبيرة.

مع مرور الوقت، أصبح منطق الإرشادات واضحًا. هناك أسباب وجيهة لفرض التناسق على التنوع اللغوي الطبيعي، حتى عندما يكون هذا التناسق عشوائيًا تمامًا. ساعدني دليل شيكاغو على فهم ما كان غامضًا من قبل: أن الاستخدامات ليست دائمًا صحيحة أو خاطئة (وهو ما كنت أرغب في تصديقه عندما كنت شابًا)، بل يمكن أن تكون صحيحة في هذا السياق وخاطئة في ذاك. علاوة على ذلك، تعمقني في التفاصيل الدقيقة علمني دروسًا أكبر حول اللغة. استغرق مني الأمر وقتًا وجهدًا لفهم قواعد وضع الشرطات في المركبات، وهذه الجهود ساعدتني في النهاية على فهم أشياء أعمق بكثير حول كيفية بناء لغتنا. ما بدا في البداية غريبًا ومهووسًا أصبح فعلاً معلوماتيًا (ولكن لا يزال غريبًا ومهووسًا في الوقت نفسه).

كان عمر الطبعة الثانية عشرة ما يقرب من عقدين من الزمان عندما حصلت عليها. وسرعان ما قمت بالترقية إلى الطبعة الثالثة عشرة المتطورة ووجدت عالمًا جديدًا من الأشياء التي أهتم بها. ومنذ ذلك الحين، كان لدي سلسلة من الأعمال الجانبية لتكملة حياتي الأكاديمية - مصحح لغوي، ومحرر نسخ، ومحرر مجلد - واعتدت على الحصول على كل طبعة واستنشاقها بمجرد ظهورها. أنا أنتظر بفارغ الصبر الطبعة الثامنة عشرة.

جاك لينش، أستاذ متميز في اللغة الإنجليزية بجامعة روتجرز-نيوارك ومؤلف كتاب "يمكنك البحث عنه: رف المراجع من بابل القديمة إلى ويكيبيديا"، بالتعاون مع برايان جارنر، من كتاب عمل شاق غير مؤذ: تاريخ مصور يمتد لخمس مئة عام عن العباقرة في علم المعجم، والجهلة، واللصوص الأدبيين، والمهووسين الذين عرّفوا اللغة الإنجليزية.

***

........................

* دليل شيكاغو للأسلوب، الطبعة الثامنة عشر، من مطبعة جامعة شيكاغو.سبتمبر 2024

ملاحظة المترجم:

تهدف ترجمة هذه المقالة عن دليل شيكاغو للأسلوب لفت النظر إلى اهتمام الالغرب باللغة وصنعة الكتابة وأن الأمر جد مهم، يا ليت أصدقائى الكتاب والشعراء يعلمون.

د. محمد غنيم

 

صدر عن دار غيداء بالاردن حديثا 2024 للباحث الفلسفي الأستاذ علي محمد اليوسف كتاب جديد بعنوان:

رؤية فلسفية نقدية معاصرة

يحتوي الكتاب على مقدمة وثمانية عشرة فصلا كما موضح في المحتويات.

المحتويات

المقدمة

الفصل الاول: الجدل التاريخي الطبيعة والادراك

الفصل الثاني: الزمن والوعي

الفصل الثالث: المادة وخاصية قابلية الادراك

الفصل الرابع: تعقيب فلسفي

الفصل الخامس: موت النص بعد موت المؤلف

الفصل السادس: جورج مور والنزعة المثالية

الفصل السابع: خصائص لغة الانسان في البيولوجيا والفلسفة

الفصل الثامن: العقل وادراك الحياة

الفصل التاسع: صوفية الجوهر وصوفية الفكرة العاقلة

الفصل العاشر: فيض اللغة في عجز التعبير

الفصل الحادي عشر: قضايا فلسفية مناقشة تحليلية نقدية

الفصل الثاني عشر: كارناب والميتافيزيقا

الفصل الثالث عشر: مصطلح ما فوق اللغة الوعي والوجود

الفصل الرابع عشر: ميرليبونتي ونفي واقعية الحقيقة

الفصل الخامس عشر: نظرية المعنى والالتزام بالفلسفة

الفصل السادس عشر: نورث وايتهيد والفلسفة الواقعية المحدثة

الفصل السابع عشر: شذرات فلسفية (8)

المقدمة

هذا الكتاب الصغير بحجمه الغني بالموضوعات الفلسفية الغربية الحديثة والمعاصرة التي شغلت تاريخ الفلسفة قرونا طويلة ولا زالت هي موضوعات كما هو في سائر مؤلفاتي منتقاة بعناية انها ذات اهتمام حيوي في تاريخ الفلسفة. الكتاب إضمامة ثماني عشر فصلا موزعة على مباحث وقضايا ومقالات فلسفية لكبار الفلاسفة الغربيين المعاصرين.

اعتدت منذ صدور اول كتاب لي بالفلسفة عن دار الشؤون الثقافية ببغداد عام 2011 (فلسفة الاغتراب) وطبع بعدها ثلاث طبعات في بيروت وعمان. ان يكون منهجي بالفلسفة هو نقد موضوعات أجدها تمثّل اشكالية في تاريخ الفلسفة الغربية. هذا المنهج الفلسفي النقدي عندي هو خال من مركزية المبحث الواحد الذي يدور حوله وفي تناوله الاستنساخ الحرفي المترجم وتقديمه للقاريء العربي كتابا بالفلسفة عن الفيلسوف الفلاني وسط هالة من التمجيد المجاني الذي يجعل القاريء يتوه به. ويتسائل القاريء هل المترجم يقدم كتابا بتاريخ حياة الفيلسوف أم يقدم افكاره الفلسفية والمنهج النقدي لها. وحتى التعليق او التوضيح والتفسير لبعض غوامض العبارات الواردة في متن الكتاب لا يجد القاريء مقاربة نقدية لها..

ما يستوقفني وانا اقرأ بعض مواضيع الفلسفة الغربية مترجمة أعثر على الكثير من الجديد المسبوقين به فلسفيا جدا، بما يمّثل فلسفة عالية المستوى خاصة بعدما فتحت فلسفة اللغة واللسانيات مطلع القرن العشرين آفاقا فلسفية حول العقل والوعي والجوهر مثلا لم تكن مطروقة سابقا في تاريخ الفلسفة بهذا التنوع المتجدد وهي من الغنى والثراء ما يعجز باحثونا الالمام به كليّا وهو شيء طبيعي. في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة كما هي في ضروب الفكر والاجناس الادبية والفنية نجد الغثاثة والهشاشة والحشو اللغوي الخالي من المعنى واللجوء الى الاستعصاء. ما جعل الفلاسفة توجه ايادي الاتهام والادانة نحو ما اطلق عليه خيانة اللغة في تضليل العقل. ولا نحسب اللغة تخون الفكر الى هذا الحد المغالى به.

لا احب استعراض فصول الكتاب (18) فصلا متنوعا بل اترك ذلك للقاريء ليقول كلمته بها فهي له اولا واخيرا. أسال الله أني وفقت بهذا الكتاب.

علي محمد اليوسف بداية نيسان 2024

بقلم: هولي باكستر

ترجمة: د. محمد عبد الحليم غنيم

***

هل سئمت من مبدأ "عِش، اضحك، أحب"؟ تعال واغرق في هذه القصص بدلاً من ذلك.

لطالما سيطر الرجال على الأدب لعقود طويلة. تجوّل راسكولنيكوف في شوارع موسكو مدفوعًا بالفلسفة لارتكاب جريمة قتل؛ أخبرنا هولدن كولفيلد أن الجميع "مزيفون". أقام جاتسبي حفلات كنوع من العدوان السلبي؛ و هرب هامبرت هامبرت مع مراهقة صغيرة. في كل هذا الوقت، كانت الشخصيات النسائية إما غائبة تمامًا أو يُفترض أن تبقى قابلة للتعاطف. ورغم أن الأدب قد قدم شخصيات نسائية على شفا الانهيار، إلا أنهن كُنّ في الغالب مدفوعات بالجنون بسبب رجل، أو كنّ مجرد وسائل لتوضيح شيء ما عن ماضي ذلك الرجل (كما في حالة بيرثا روتشستر أو الآنسة هافيشام)، أو أن جنونهن كان ببساطة جزءًا من جاذبيتهن الجنسيّة (كما في شخصية كاثي آيمز في روايات شتاينبك).

حتى فترة قريبة، كانت الشخصيات النسائية المعقدة والمكتوبة بأبعاد ثلاثية والتي تعمل من خلال مشكلاتها الخاصة نادرة في الأدب، باستثناء بعض الأمثلة المحدودة. وعندما ظهرت هذه الشخصيات، كانت مبدعاتها غالبًا ما يتم تجاهلهن باعتبارهن "هستيريات" بلا موهبة. حيث جادل النقاد الذكور بأن سيلفيا بلاث كانت مجرد امرأة ذات حياة مأساوية "صادف" أنها كتبت بعض الأشياء، بينما كان يُنظر إلى طلاق نورا إيفرون كحدث رئيسي، بدلاً من التركيز على مهاراتها الكتابية. بكلمات أخرى، كتابة رواية عن "امرأة على شفا الانهيار" تأتي مع الكثير من الحمولة الجنسانية.

بطلة روايتي الأولى، Clickbait، امرأة تدعى ناتاشا ولديها مشكلات جادة. مشكلتها الأساسية أنها أصبحت حديث الإعلام – وهو أمر سيئ للغاية بالنسبة لصحفية. لقد انتهكت بشكل صارخ المعايير الأخلاقية لصحيفتها، والآن، وهي في حالة من العار، والتراجع، والطلاق، تعمل في وظيفة بموقع تافه حيث تكتب قصصًا مثل: "هل لدى إيلون ماسك طفل من عائلة كارداشيان؟" و"عروس تشعل الجدل بسبب استخدام الضمائر". عندما ينتقل حبيب سابق للعيش في غرفتها الفارغة، تصبح مهووسة به بشكل خطير، ويبدأ عالمها الإعلامي والشخصي في الاصطدام بطريقة علنية.

ناتاشا هي تعريف حقيقي لـ"امرأة على شفا الانهيار". إنها متقلبة، منحرفة، وغير متكيفة؛ تتأرجح بين أحلام اليقظة حول الزواج وإنجاب الأطفال، والعيش كربة بيت تقليدية، وبين تبني أسلوب حياة "ثوري خالٍ من الأطفال" والعيش في الغابة. إنها تحاول اكتشاف نفسها بعيدًا عن أنظار الرجال. مثل بطلات بعض الروايات المفضلة لدي من السنوات القليلة الماضية، ناتاشا ليست محبوبة، وبالتأكيد ليست متواضعة.

أعتقد أن هناك سببًا واضحًا لزيادة ميل القراء والكتّاب نحو الشخصيات "غير المحبوبة": دورة الأخبار خلال السنوات الخمس الماضية جعلت حتى أكثر الناس استقرارًا يشعرون برغبة في الهروب إلى الغابة في وقت ما. وانتشار الجملة الساخرة "في هذا الاقتصاد؟!" هو دليل على أننا جميعًا تم جرّنا إلى التحليل الميتا لانهيار المجتمع.

تدور رواية  Clickbait   في غرفة أخبار متواضعة المستوى، حيث يقوم الصحفيون بتجميع وتدوير قصص حول الاغتصاب، والقتل، والبسكويت المخفض، يومًا بعد يوم. لقد أردت استكشاف التأثير النفسي الذي تتركه هذه الوظيفة على الصحفيين، من خلال شخصية ناتاشا.

إليك بعض التوصيات للقراء الذين يبحثون عن رفقة في هذا الوحل – لأنك بالتأكيد لن تتمكن من "عِش، اضحك، أحب" طوال عام 2024.

القلق لألكسندرا تانر

كتاب تانر عن أختين تحاولان التأقلم في مدينة نيويورك، بينما يواجهن وظائف مروعة، وكلبة جديدة تُدعى آيمي كلوبوشار، وأبويهما اللذين يضغطان عليهما للحصول على حقن البوتوكس، هو من بين أكثر الكتب إضحاكًا التي قرأتها. يبدأ الكتاب بطريقة تجعل من الصعب مقاومته، ولا يتردد في تقديم وصف ساخر للحياة المعاصرة. تانر تجبرنا حقًا على فحص ردود أفعالنا تجاه الأشخاص والمواقف، وتجعل ردود فعل شخصياتها تبدو حقيقية: بينما تستجيب بطلة الرواية بشكل غير مبالٍ للصور غير اللائقة وتقضي وقتها في التمرير القسري عبر منشورات وسائل التواصل الاجتماعي لأكثر النساء التقليديات إزعاجًا في يوتا، أدركت آلية الدفاع الماسوشية الخاصة بي.

ما يُظهر ويؤكد موهبة تانر أنني قرأت هذا الكتاب بنهم في ساعات الفجر أثناء إرضاع ابني حديث الولادة. على الرغم من أنني كنت غير قادرة على التركيز على أي شيء آخر في تلك اللحظة سوى منشورات "هل أنا الأحمق؟" على Reddit، ومع ذلك جذبني هذا الكتاب وفرض عليّ الانتباه.

"الأنا الجديدة" بقلم هالي بتلر

"الأنا الجديدة" رواية قاتمة تحمل عنوانًا يبدو خفيفًا ولطيفًا، لكنها في الواقع تحكي عن ميلي، شابة تعاني من القلق والميول الاكتئابية التي تعيق قدرتها على الارتباط بأي شخص أو شيء. تتابع الرواية حياتها بينما تعمل في وظيفة تكرهها، لكنها رغم ذلك لا تستطيع التوقف عن الرغبة في النجاح فيها.

تبدو الشخصيات التافهة التي تكتبها بتلر مألوفة، ورغم أن معظم سلوكياتها ودوافعها مثيرة للاشمئزاز، إلا أنك غالبًا ما تستطيع فهم كيف وصلت إلى هذه الحال. ترفض ميلي أن تشعر بالامتنان لموقعها المتميز إلى حد ما – مثل الدعم المالي الذي تحصل عليه من والديها، على سبيل المثال – ولديها عقدة تفوق واضحة تجاه الأشخاص الذين تقابلهم في وظيفتها البائسة. هي شخصية تود أن تمسك بها وتهزها لتفيق، ولكن في نفس الوقت تشعر بالشفقة عليها رغم نفسك. الفجوة بين ما كانت تتوقع أن تكون عليه حياتها وما هي عليه بالفعل خلال الرواية مؤلمة، ونحن جميعًا قد شعرنا ببعضٍ من هذا الألم.

كويني بقلم كانديس كارتي ويليامز

إن رواية كوينى ليست مجرد استكشاف عميق للجوانب النفسية لشخصية واحدة، بل هي أيضًا لوحة جميلة تصور لندن بكل تنوعها وعيوبها. تتمكن كارتي-ويليامز، بأسلوب يشبه إلى حد كبير أسلوب الكاتبة زادي سميث، من تسليط الضوء على مجموعة كبيرة من القضايا الاجتماعية، مثل التحديث العمراني، العنصرية، التمييز بين الجنسين، قسوة النظام الرأسمالي، وتأثيرات الهجرة عبر الأجيال، من خلال مشاهد قصيرة (يتمكن الفصل الأول وحده من الإشارة إلى جميع هذه القضايا، مع الحفاظ على سلاسة القراءة ولمس المشاعر في بعض الأحيان).

كوينى بطلة تتخذ العديد من القرارات السيئة، ومع ذلك، لا تتوقف عن تشجيعها. تجيد كارتي-ويليامز عرض كيف يتعامل المجتمع معها بظلم، في حين تطالب كوينى بتحمل مسؤولية "أخطائها" (كما تصفها باستمرار). كما تصف كيف أن الفرد لا يتمكن من استعادة توازنه بمفرده – إذ يحتل نظام الدعم غير المثالي تمامًا لـ كوينى مكانة محورية في الأحداث.

"العالم الجميل، أين أنت" لسالي روني

لربما  تكون رواية " العالم الجميل، أين أنت"  من أكثر روايات سالي روني إثارة للجدل. بينما كانت شخصيات رواياتها السابقة مثل أحاديث مع الأصدقاء وأناس عاديون قريبة من كثيرين بفضل حواراتها السريعة وعوالمها الداخلية المعذبة، نجد أن شخصية أليس في هذه الرواية تبدو أقرب إلى روني نفسها.

تتخلل الرواية رسائل طويلة بالبريد الإلكتروني بين الشخصيتين الرئيسيتين، تتناولان فيها الفلسفة والفوارق الطبقية بالإضافة إلى أحداث حياتهما اليومية. تتورط أليس مع رجل غامض يدعى فيليكس، وتنتقل للعيش في الريف بعد انهيار نفسي تعرضت له إثر النجاح الكبير لروايتها (وكأنها تتحدث عن نفسها). في المقابل، تعيش صديقتها المقربة إيلين علاقة متقطعة مع سيمون، الشخصية الأكثر لطفًا واستقرارًا.

وكما هو الحال في جميع روايات روني، تعتمد هذه الرواية على الحوارات والكيمياء بين الشخصيات. أعجبني أنها لم تتجاهل صراعات أليس، حتى وإن كانت تُعتبر من "مشكلات العالم المتقدم"، وصورتها كشخصية غير مستقرة في بعض الأحيان وغير ممتنة، لكننا نستطيع الارتباط بها بشكل ما..

"وادي الموت" للكاتبة ميليسا برودر

تأسرني ميليسا برودر بأعمالها بشكل دائم. منذ انتهائي من قراءة رواية الحوت ("ذلك الكتاب عن العلاقة مع السمكة" كما يسميه زوجي)، قمت بطلب روايتها حليب مُلقَّم وقرأت مقالاتها على الإنترنت، ثم طلبت مسبقًا رواية وادي الموت.

بلاشك وادي الموت هو أغرب أعمالها حتى الآن، وهذا أمر ليس غريبًا على كاتبة كتبت بشكل مقنع عن العلاقة مع مخلوقات البحر. تحكي الرواية عن كاتبة تذهب إلى الصحراء بحثًا عن إلهام لروايتها الجديدة، بينما يكون والدها يحتضر في المستشفى وزوجها طريح الفراش بسبب مرض غامض. وفي يوم ما، تضيع أثناء رحلة مشي، ومن هنا تبدأ سلسلة من الأحداث الغريبة.

ما تتقنه برودر هو قدرتها على تصوير مواقف سريالية وغريبة، لكنها في الوقت نفسه تعبر عن التجربة الإنسانية العميقة. في أحد المشاهد، تجد البطلة نفسها داخل نبات الصبار، حيث يقوم شبح والدها المفترض بإطعامها مشروبًا غازيًا. لو حاول أي كاتب آخر كتابة مثل هذا المشهد، لما نجح، لكن برودر تجعل المشهد مؤثرًا، عاطفيًا، ويشعر القارئ بالارتباط بتجربة عالمية مشتركة.

"أختي، قاتلة متسلسلة" للكاتبة أوينكان بريثويت

هذه الرواية هي استكشاف حاد وذو طابع فكاهي قاتم لشخصيتين من الأخوات اللاتي تستسلمن لغرائزهن البدائية بطرق تكاد تكون مضحكة ومرعبة في نفس الوقت. كثيرًا ما شعرت بأجواء مارغريت آتوود أثناء القراءة، حيث توازن القصة بين السرد السريع والتعليقات الاجتماعية اللاذعة. أحب الروايات الذكية التي تتناول تمكين النساء ولكن بطرق خاطئة تمامًا، وهذه الرواية تحقق ذلك ببراعة. أكثر ما لفت انتباهي، بالإضافة إلى حبكة الرواية السريعة، كان الطريقة العبقرية التي تعاملت بها الكاتبة مع الشخصيات. فهي تقدم لنا شخصيتين تبدوان وكأنهما متناقضتين تمامًا، ثم تبدأ في إثبات كيف أنهن في الواقع متشابهات أكثر مما يبدو، وكأنهما من نسيج واحد.

"فلاديمير" للكاتبة جوليا ماي جوناس

بدت لي أن " فلاديمير" رواية مزعجة بشكل عميق وبقيت في ذهني طويلاً بعد انتهائي منها. تدور القصة حول أستاذة أدب يعمل زوجها في الجامعة ويتورط في فضيحة جنسية. بينما تحاول الاستمرار في حياتها المهنية بشكل طبيعي، تصبح هي نفسها مهووسة بأحد زملائها الجدد، الشاب والوسيم. في لحظة ما، تفكر ببساطة في هذا الرجل كثيرًا، وتدعوه للسباحة في حمام السباحة الخاص بها؛ وفي الثانية التالية، تعيش أكثر خيالات الاختطاف إزعاجًا وافتراسًا.

تمكنت جوناس من جعل القارئ يشعر وكأنه شريك في تصرفات البطلة المشوهة، بأسلوب يذكرني بـ نابوكوف.  تستكشف الرواية بجرأة تعقيدات الرغبة الأنثوية وكيف يمكن أن تتشوه، كما أنها تركز على شخصية امرأة متوسطة العمر، وهي نقطة نادرة ومميزة في الأدب.

"في الحقيقة، بخير جدًا" للكاتبة مونيكا هيسي

بطلة رواية "جيد جدًا، في الواقع" تشبه الكاتبة نفسها؛ فهي شابة مطلقة تمتاز بروح الفكاهة اللاذعة وطريقتها غير المترددة في سرد أخطائها ونواقصها. إذا كنت من محبي الفكاهة السوداء، فستستمتع بكل شيء من الكتابة الساخرة إلى العنوان الساخر، ومن غلاف الكتاب إلى الصفحة الأخيرة التي صُممت بشكل جميل تمامًا مثل الأولى (حقًا، ألقِ نظرة وستجعلها تضحك بصوت عالٍ. هذه رواية تبدأ بقوة).

ماجي، بطلة الرواية، حديثة الطلاق، مفلسة وتحاول إعادة بناء حياتها في تورنتو بعد أن انهارت جميع جوانب حياتها في سن التاسعة والعشرين. وكشخص يستخدم الفكاهة كآلية دفاع باستمرار، قدّرت حقًا الطريقة التي تمكنت بها من سرد قصة حزينة إلى حد ما من خلال هذه العدسة. مجرد أن ماجي تروي الكثير من النكات لا يعني أنها لا تعاني. في الواقع، غالبًا ما تزداد النكات خلال لحظاتها الأكثر ضعفًا. وجدت في الرواية تصويرًا مؤثرًا لامرأة تحاول "الاستمرار" و"الابتسام خلال كل شيء" عندما يحدث أسوأ ما يمكن أن تتخيله. من السهل أن ترى كيف نجحت هيزي في غرفة الكتابة لمسلسل "شيتس كريك".

"المستأجر الهادئ" للكاتبة كليمونس ميشالون

تروي ميشالون قصة قاتل محترف من خلال وجهات نظر متعددة للنساء اللواتي يحيطن به: الساقية التي تشعر بالانجذاب تجاهه، ابنته المراهقة التي لا تزال تعيش معه، والمرأة التي لم يقتلها ولكنه يحتفظ بها سجينة في منزله.

ما أعجبني في رواية ميشالون لم يكن فقط الحبكة المعقدة والمليئة بالتحولات السريعة، ولكن أيضًا حقيقة أنها جعلت الحياة العاطفية لهؤلاء النساء في قلب الرواية. بدلاً من التعمق في عقلية القاتل الذكر، نتابع ما يحدث عندما تلتقي ابنته بسجينته ونشاهد العلاقة التي تبدأ في النمو بينهما. وبدلاً من الاستماع إلى رغباته في مطاردة ضحيته التالية، نرى كيف تكاد الشابة تقع في فخه.

التفاصيل هي التي جعلت هذه الرواية مميزة بالنسبة لي، مثل عندما تستلقي "ماي" أخيرًا على سرير بعد سنوات من الاحتجاز في كوخ، وتجد السرير ناعمًا بشكل لا يطاق، فتضطر إلى الانتقال إلى الأرض؛ أو كيف تؤلمها أسنانها بعد تناول الطعام الحلو لأول مرة منذ فترة طويلة؛ أو كيف تشتاق إلى الأشياء البسيطة، مثل الركض على جانب الطريق. في أكثر المواقف غرابة، تكتب ميشالون بصدق عاطفي مؤثر.

سنة القطة لريانون لوسي كوسليت

تبدو هذه المذكرات للوهلة الأولى كأنها تسرد تجربة كوسليت في قضاء عامها الأول مع قطة صغيرة، متدللة وساحرة تُدعى ماكريل خلال جائحة كوفيد. ولكنها تتجاوز ذلك لتتناول تاريخ عائلتها، وأخيها المعاق الذي نشأت معه، وعلاقتها بزوجها خلال فترة الإغلاق، والصراعات التي تواجهها بشأن اتخاذ قرار إنجاب طفل.

من المعروف عن كوسليت قدرتها على تناول مواضيع عاطفية وصادمة بأسلوب يجمع بين الفكاهة والصدق، كما في عمودها في صحيفة "الجارديان" وسلسلة "جمهورية الأبوة" التي كانت مصدر إلهام لي خلال السنة الأولى من حياة ابني. هذا الكتاب هو امتداد لتلك القضايا التي طرقتها سابقًا، مضيفة لمسات خاصة لعشاق القطط. إنه عمل مليء بالدفء والفكاهة، يتناول بدقة معنى كونك امرأة في الثلاثينيات من عمرك في جيل يواجه تحديات مالية أكثر مما واجهها آباؤنا، ولكن بتوقعات متزايدة. أجد نفسي أعود إليه مرارًا.

(انتهى)

***

.........................

المؤلفة: هولي باكستر / Holly Baxter محررة تنفيذية وكاتبة في صحيفة إندبندنت في نيويورك. ولديها خبرة في جذب الانتباه على جانبي الأطلسي، حيث عملت في مكتب إندبندنت في لندن كمراسلة لمدة ثلاث سنوات. وقد اختير عملها ضمن القائمة المختصرة لجائزة الصحافة لأفضل عمل مميز في عام 2019، وغالبًا ما تظهر على الراديو والتلفزيون البريطاني. تعيش باكستر في بروكلين، نيويورك. Clickbait هي روايتها الأولى.

 

صدر عن دار العارف للمطبوعات، بيروت – لبنان الطبعة الثالثة من كتاب:

التسامح ومنابع اللاتسامح

فرص التعايش بين الأديان والثقافات لماجد الغرباوي

وكان الكتاب قد صدر بطبعته الأولى عن مركز دراسات فلسفة الدين في بغداد – العراق، والطبعة الثانية عن معهد الأبحاث والتنمية الحضارية، بغداد – العراق. ودار العارف، بيروت - لبنان. والطبعة الثالثة منقّحة ومزيدة.

يقع الكتاب في 216 صفحة، حجم متوسط، وغلاف جميل معبّر، تصميم دار النشر.

كُتب على الغلاف

إنَّ بحوث هذا الكتاب قد استهدفت اللامفكر فيه، والمقدّس، لنقده وزعزعته، خاصة ما يتعلق باحتكار الحقيقة، واحتكار طرق الوصول لها، التي هي أساس التباغض، والاقتتال الطائفي، وهذا القدر يمكن للتسامح أن ينشط فيه حتى خارج بيئته، لكنه ينتكس حينما يقارب البعد السلوكي لتلك الأفكار. فهدف التسامح هو تفكيك العقل وإعادة تشكيله، وفق فهم متجدد للدين ودوره في الحياة. التسامح قيمة حضارية معرفية مطلقة، وقد تصدق نسبيته في الجانب السلوكي. فلا يجامل في نسبية الحقيقة وتعدد الطرق إليها. ولا يؤمن بوجودها خارج خيال الإنسان، وتختلف باختلاف قدرته على تصورها ورسم ملامحها. التسامح الحقيقي يعتمد العقل في فهم الحقيقة وطرق الوصول إليها، ويرفض الاستسلام لأي معرفة لا تخضع لمنهجه. فيستبعد اللامعقول والخرافة والأوهام وكل ما لا يتعقله. التسامح ليس ردة فعل إنما موقف من الحياة والعالم.

الكتاب بطبعته الجديدة متوفر في دار النشر بيروت والنجف الأشرف، ويشارك في معرض بغداد الدولي للكتاب 2024م الآن.

***

15/9/2024م

 

عرض لكتاب الأستاذ نورالدين حنيف أبوشامة \ المغرب

خارج عمليات الحفر في مجال الانتربولوجيا، يحاول هذا الكتاب رصد طبيعة الجسد الحركية الخاصة برياضة الأيكيدو، وإن شئنا التعبير الأدقّ نقول: فن الأيكيدو. 

يحظى مفهوم الجسد في البحث الفلسفي والاجتماعي والنفسي بدرجة عالية من الرصد والاهتمام درساً وتحليلا وتأريخا ونقدا. لكننا في هذا البحث المتواضع سنحاول ملامسة قضايا الجسد داخل مبحث الأيكيدو، أي داخل رياضة تطرح إشكالياتها الخاصة انطلاقا من كونها:

رياضة وافدة من الشرق الآسيوي الموسوم بثقافته الخاصة تبعا لأصول مرجعياته الفلسية المتجذرة في التاريخ وفي العتاقة .

و ثانيا، هي رياضة تمّ تطويعها في المجتمع العربي عامّة وفي المجتمع المغربي خاصة، ومن ثمّة فهي تطرح مجموعة من الخصوصيات في النظر إلى هذا الجسد الموزّع بين نزوعيْن :  واحدٌ كوني نشترك فيه مع مفهوم الجسد الكلّي والهيولاني العائم بحكم انتمائه إلى النوع الإنساني في مقابل النوع الحيواني. وثانٍ محلّيٌّ ضاربٌ في المحليّة ومشبعٌ بنزعاته الدينية والثقافيةِ العالمة والشعبية المغربيتين في الآن ذاته .

وفي احترازٍ علمي  سوف لا نهتم بمفهوم الجسد كمفهوم مجرّد. فهذا مبحث حظي بالكثير الجمّ من الدرس والتحليل والمقاربة. إننا في هذا المبحث سنعكف على مفهوم الجسد في إطار محدد هو إطار رياضة الأيكيدو وفن ممارسته تتبعاً لحركية هذا الجسد وبيان آليات اشتغاله داخل منظومة آسيوية الأصل فرعية التعاطي .

كيف يتعامل الجسد مع الدوائر المعرفية الكامنة في عمق التحركات التقنية الخاصة بفن الأيكيدو؟ كيف يتمثل هذا الجسد ذاته وكيف يدركها وهو يتحرك داخل الركح في علاقته مع الإنسان (الشريك) ومع النظرية (مجموع الآليات المُوجِّهة)؟ وكيف يتحرك  نازلاً من  منظومة متماسكة نظرياً  بمرجعيتها الفلسفية  الآسيوية الدقيقة؟ وكيف يتحرك في منظومةٍ أخرى جديدة كل الجدّة وتمتلك كلّ القابلية لتطويع أدبيات فن الأيكيدو تطويعاً محلّياً لا يخدش في الأصول خدشاً ولا يفارقها ولو مفارقة بسيطة؟ هذه أسئلة واردة  وأسئلة أخرى تنثال تباعاً  نجيب عنها في هذا الكتيّب  المحدود برؤيتنا الخاصة والذي لا يدّعي في المجال سبقا، وإنما يدّعي إسهاماً متواضعا بهدفٍ واضحٍ لا يروم التعليم والتوجيه ولا يبحث عن كيانه المعرفي داخل الرسومات والصور الشارحة والموضّحة، وإنما هو طرحٌ معرفي من منظور خاص تغذّيه تجربة طويلة لكاتب هذا الكتاب في فن الأيكيدو. وهي تجربة  على تواضعها  كانت كافية كي تسعفني في التأمل واستخلاص نتائج  هذا التأمل واستقراء ما هو قابل للاستقراء من ممارسات طويلة في المجال، واستنباط ما هو قابل للاستنباط أيضا، والخروج بمخرجات فكرية وفنية عن هذه الكينونة الجسدانية والرياضية والفنية والتقنية والعامرة بالأبعاد  الفلسفية والروحية.

و حسبنا من هذا أن نكون مساهمين فقط لا رائدين نقتاتُ من رؤى من سبقونا إلى الضوء ونحشر ضوءنا في مشكاتهم، هادفينَ بذلك إلى تأثيث هذا الفضاء الرياضي الذي يعج بالدراسات التعليمية والتوجيهية والذي هو بحاجة قوية إلى الدراسات الفكرية الراصدة لإشكاليات الجسد داخل فن الأيكيدو .

ينطلق كتابنا، وببساطة معرفية ومنهجية واضحة من دراسة حالات الجسد في اشتغاله لا في نظره. في حركيته لا في مفهومه.  في ممارسته على أرضياتِ واقعٍ كبير هو المجتمع الرياضي اللصيق بالمجتمع الإنساني، لا في بعده الفلسفي العائم. في تحولاته على صفيح الركح لا في تهويماته التجريدية. بمعنى بسيط أيضا  فإن كتابنا هذا سيستنبط المفهوم من الممارسة والنظر من الفعل والخلاصات من التجارب. ومن ثمة فإن ما يبني منهجنا في التعامل هو فلسفة التأمل للممارسة وللتجربة وللخبرة، وهذا ما يفسر غياب الهوامش والمراجع والمصادر في مبحثنا المتواضع  لأنه مبحث قائم على التأملات الخاصة والمنصبة على تاريخي الشخصي في ممارسة فن الأيكيدو .

وسوف لا نبحث أيضا في فينومينولوجية الجسد من حيث هو جسد متصالح مع ذاتهِ أو مغترب عن ذاته، فهذا أيضا  مبحث له أخصائيوه  وله أهله الثابتون والراسخون في علمه. ولكننا قد نتقاطع مع بعض نتائج هذه المباحث بما يخدم تصورنا المحدّد في آليات اشتغال الجسد داخل منظومة الأيكيدو. ومن ثمّة، فإنّ كل انزلاق خارج هذا الإطار هو مجرّد لغو لا طائل من ورائه، ونتمنى من القرّاء الأعزّاء أن يحسبوه ضدّنا في قراءاتهم الواعية والناقدة والمضيئة والمضيفة لعتبات دراستنا التي بين أيديهم. فالكتاب الذي بدأ هنا منذ عريننا لن يكتمل إلا هناك في عرينكم، ولن يجد صداهُ الطيب إلا في معترككم الناصح والمقوّم والمُعدّل والمُصوّب ...

***

صدر عن دار العارف للمطبوعات، بيروت – لبنان الطبعة الثانية من كتاب:

النص سؤال الحقيقة.. نقد مرجعيات التفكير الديني

وكان الكتاب قد صدر بطبعته الأولى عن مؤسسة المثقف في سيدني – استراليا، وأمل الجديدة في دمشق – سوريا، سنة 2018م، والطبعة الجديدة منقحة ومزيدة.

يقع الكتاب في 308 صفحات، حجم كبير، وغلاف جميل من تصميم دار النشر.

كُتب على الغلاف

هذا الكتاب (النص وسؤال الحقيقة .. نقد مرجعيات التفكير الديني) يلاحق العقل التراثي لكشف بنيته التي تأسس عليها عبر مراجعة نقدية لمقولاته ومضمراته ويقينياته، وتحري مدى صدقيتها ومطابقتها للواقع. وقد دشّنَ حفره وتنقيبه في دائرة معرفية مُستبعَدة ومهمّشة، تقع ضمن المتواري واللامفكر فيه. أو الممنوع التفكير فيه، يتوقف على استدعائها فهم الواقع ومعرفة الحقيقة. وكيفية اشتغال النص وفرض حقيقته ومحدداته، خاصة التباس المقدّس بالمدنس، والديني بالبشري، بسبب تداخل المفاهيم وتزوير الوعي. ويسعى إلى فتح آفاق معرفية رحبة تزعزع يقينيات العقل الدوغمائي، ليستعيد الفرد وعيه وإنسانيته ومكانته الحضارية. فكانت إشكالية العلاقة بين النص والحقيقة محور البحث. تلك الإشكالية المعقدة سيما النص المقدس، الذي قوامه الإيمان والتسليم. وأكثر تعقيدا مقاربة روايات يتسامحون بأدلتها، ويتغاضون عن ضعفها، لدواعٍ أيديولوجية ترتبط بصراع السلطة، خاصة أخبار المناقب والمثالب، التي ترقى بالرموز الدينية والتاريخية فوق النقد والمساءلة. وتضعهم في مرتبة أعلى من الإنسان، يتداخل فيها اللاهوت بالناسوت. وهي الأكثر تداولا وتأثيرا في أوساط الناس.

هذه هي مشاغل للكتاب أولاً، دراسة العلاقة بين النص والحقيقة؟ وكيف نستدل على وجودها جزما؟. وثانياً، كيف يخلق النص حقيقته؟. ما هي أدواته وآلياته ورهاناته؟.

الكتاب بطبعته الجديدة متوفر في دار النشر بيروت والنجف الأشرف، وسيشارك في معرض بغداد الدولي للكتاب في هذا الشهر

صدر حديثاً للباحث الدكتور هاشم نعمة فياض، كتاب بعنوان "العراق دراسات في المتغيرات السكانية"، عن دار "أهوار" للنشر والتوزيع في بغداد، وهو يقع في 400 صفحة من القطع الكبير.

يقول المؤلف في تقديمه: "شهد المجتمع العراقي تحولات عميقة في بنيته الديموغرافية، ارتباطاً بما شهده البلد من تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وحروب داخلية وخارجية طيلة العقود الماضية وإلى الوقت الحاضر. وإسهاماً في رصد هذه التحولات ووتيرتها واتجاهاتها ومكوناتها وأسبابها ونتائجها وآفاقها؛ اخترنا تقديم خمس دراسات أكاديمية عالجت هذه المتغيرات في فصول الكتاب."

يبحث الفصل الأول في تطور نمو السكان الحضر في العراق زمانياً ومكانياً، ومهّد فياض لذلك بخلفية نظرية تخص التحضر الهامشي وعلاقته بتوسع النظام الرأسمالي، ويتناول الفصل أيضاً توزيع السكان الحضر على مستوى المحافظات، ويحلل مكونات النمو الحضري، خصوصاً الهجرة الريفية - الحضرية إلى المدن الكبيرة مثل بغداد، ومدى مساهمتها في تضخم عدد سكانها، ويدرس الهجرة القسرية. ويتوقف المؤلف عند التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية التي نتجت من نمو السكان الحضر وما أفرزته من مشكلات كبيرة على مستوى أزمة السكن، خصوصاً السكن العشوائي والفقر والبطالة، ومساهمة ذلك بعد عام 2003 في تغذية الموقف السلبي من قِبل الشباب تجاه الأحزاب الدينية والسياسية الحاكمة، وعلاقة ذلك باندلاع "انتفاضة تشرين 2019". كما يعالج الفصل إشكالية هيمنة المدن الكبيرة على الشبكة الحضرية ونتائجها.157 hashem nima

وفي الفصل الثاني، نقرأ تحليلاً للتغيرات التي حدثت في مستوى الخصوبة السكانية زمانياً ومكانياً خلال العقود الأخيرة؛ هذا فضلاً عن البحث في المتغيّرات المتبادلة التأثير، التي حددت سلوك الخصوبة. ويقصد الباحث بذلك المتغيرات الديموغرافية؛ التي تشمل الزواج، والبنية العمرية، والهجرة، والوفيات، والسياسة السكانية. وكذلك المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، التي تندرج تحتها المتغيرات الفرعية التالية: حجم الأسرة، ووضعية المرأة، والتعليم، والمهنة، والدين، والحروب.

يحاول الفصل الثالث استكشاف مراحل هجرة اللاجئين العراقيين إلى أوروبا، وتحديداً إلى هولندا، والأوضاع التي ارتبطت بها، وأهم سمات البنية الاجتماعية - الاقتصادية لهؤلاء اللاجئين. ويعمل على الإجابة عن بعض التساؤلات، من قبيل: هل أنّ تباين هذه السمات يعدّ معوقاً لاندماجهم في المجتمع الهولندي المضيف؟ أم أنّ تقارب هذه السمات مع مرور الوقت يسهّل عملية الاندماج؟ ويبحث في الدوافع القسرية التي تجعل العراقيين يطلبون اللجوء في أوروبا عموماً، وفي هولندا خصوصاً، والمراحل التي مرّ بها هذا النمط من الهجرة، وتطور أعدادهم على مستوى أوروبا وهولندا، وسماتهم الاجتماعية - الاقتصادية في هولندا، بما في ذلك البنية العمرية والعائلية والخصوبة السكانية والبنية التعليمية والسكان النشيطون اقتصادياً، والبطالة ومستوى الدخل والبنية الإثنية والدينية وازدواج الجنسية وسياسة الهجرة، والاندماج في المجتمع الهولندي.

ونظراً إلى ما شهدته هجرة الكفاءات العراقية من تطورات دراماتيكية طيلة العقود الماضية، وإلى الوقت الحاضر، يتناول الفصل الرابع حجم هذه الهجرة وأنماطها واتجاهاتها، واستعراض تطورها، وتحليل البنية التعليمية للعراقيين في بلدان المهجر، والتحري عن أسباب الهجرة وأضرارها، وفي الأخير تقترح الدراسة عدداً من المعالجات لهذه الظاهرة للحد منها أو تخفيفها وعكس اتجاهها.

يكشف الفصل الخامس حجم الهجرة القسرية التي أعقبت غزو الكويت في 2 أغسطس (آب) 1990؛ إذ يبيّن أن هذه الهجرة تمثل واحدة من أكبر الهجرات السكانية القسرية في العصر الحديث، إذا قورنت مع مجموع لاجئي الحرب العالمية الثانية.

***

د. هاشم نعمة

تعلن دار جبرا للنشر والتوزيع عن إصدار كتاب أمام جدليّة النّصّ لكاتبه الشاعر والناقد العراقي علاء حمد.

وهو يناقش الجدل الحجاجي وتفعيل التأويل ومبدأ السبب التفاعلي في 246 صفحة من القطع الكبير، بدأها الناقد بإهداء كتابه إلى غزة وتبعه بمدخل إلى مكاشفات النص وتفاعلاته في فن القول الشعري، وأربعة فصول تغوص في جدلية النص:

الفصل الأول:

اقتناصات في الجدل الحِجاجي، وتطرق إلى الممكنات الحِجاجية - التقويل النقدي الحِجاجي - العلاقات الحِجاجية النصّية - المكامن النصّية الجدليّة - النصّ والاستدلال والحِجاج - الكينونة والبناء الزمني.

الفصل الثاني:

جدلية المعنى والتأويل، وتطرق إلى إثارة المعنى الفلسفي- تفعيل التأويل - حِجاجيّة التأويل الفلسفي - من المنظور التأويلي إلى مفهوم الهرمنيوطيقيا - تعليل النصّ.

الفصل الثالث:

ثقافة المعرفة النصّية، وتطرق إلى المعرفة الدلالية- النسق بين المعرفة والنقد- ما وراء المعرفة وسلطة النصّ- الجمالية والنقلة الفلسفية.

الفصل الرابع:

مبدأ السبب التفاعلي، وتطرق إلى حفريات التواجد الدلالي.. المنطوق السببي - الكتابة الحارقة... المواجهة التفكيكية - اللغة والتفكير الناقد - أطر المواجهة الفلسفية

***

من خلال الفصل الرابع نختار لكم:

أطر المواجهة الفلسفية.. خصوصية الفلاسفة

نضع أهمّية المعنى وربطه مع مهمّة التصوّر الذاتي الفلسفي، وذلك عندما نكون في دائرة المحسوس الضمني للرؤية الفلسفية، والمحسوس الواضح للتصوّرات الذاتية، ومن الممكن أن تكون دائرة المحسوس مغشوشة، وغير مغشوشة، حيث أن الواضح من المتابعة العظمى درجات النظرة التقليدية، ولكن في الوقت نفسه لا نجرّد مفردة الفلسفة في المحسوس ولا نبتعد عمّا قدّمه أربعة فلاسفة عبر التاريخ، وهم:

من ناحية الفلسفة الإسلامية؛ الشيخ المعلم ابن سينا.

من ناحية الفلسفة الفرنسية والتعامل مع الإدراك؛ موريس مرلوبونتي (Maurice Merleau-Ponty).

من ناحية فلسفة التفكيك والتعامل اللغوي؛ الفرنسي من أصل جزائري جاك دريدا (Jacques Derrida).

ومن ناحية فلسفة الأشياء، مع الألماني؛ مارتن هيدغر (Martin Heidegger).

ومن خلال اقتران المحسوس بالمفهوم الفلسفي، نتّجه باتّجاه أوّلي إلى الأفراد المشخّصة، حيث أنّ كلّ فرد يمثل حالة من المعنى الكلّي، والاتجاه الثاني؛ خصوصية كلّ فيلسوف من خلال الكتابة والكتابة الآنية، حيث تمثل الآنية الوجه المقترب من الآخر. والاتجاه الثالث؛ التوظيف المقامي، حيث أنّ الواضع هو المنفرد بما وضع من مهام ودراسات تخصّه ولا تنتمي لغيره.

قد نميل إلى حالات الاندماج بين الأدب والفلسفة وذلك عندما نكون في دائرة بعض الآراء والتي تميل إلى التركيب الإشاري مع التركيب التعبيري، فالأوّل يصيب الأدب والثاني يميل إلى الفلسفة، ولكن يبقى القول الفلسفي والذي يختلف عن الاثنين؛ هو اللغة التي يعتمدها النقد عادة وحتى القول الشعري بصنفيه الآني والمتقدّم، وأصل التصنيف يعود إلى الفلسفة أساساً.

 

عدد الصفحات: (149) صفحة من القطع المتوسط

الناشر: مطبعة بيشوا، أربيل العراق 2024

المترجم: بنيامين يوخنا دانيال (عن اللغة الإنكليزية)

 ***

- المحتويات:

وصول الهايكو إلى رومانيا، قصيدة الهايكو باللغة الرومانية، المرحلة الذهبية للهايكو الروماني، نشوء جمعية الهايكو الرومانية، مجلات الهايكو في رومانيا، مسابقات الهايكو في رومانيا، المشاركة في المسابقات الدولية، تدريس الهايكو في رومانيا، نماذج من شعر الهايكو الروماني للشعراء والشاعرات:

آنا دروبوت

ماريا تيرينسكو

ماريانا توناس

ميهاي مولدوفيانو

ستيليانا فويكو

دان يوليان

كريستينا فاليريا

فاسيلي مولدوفان

فاسيلي كوجوكارو

ميريلا برايليان

فلورين غولبان

كابوتا دانييلا

كونستانتين سترو

ميخائيل بوراغا

فرجينيا بوبيسكو

فلورنتينا لوريدانا

باتريشيا ليديا

أوبريكا باديانو

إدوارد تارا

مجدالينا دايل

دانا ماريا أونيكا

منى يوردان

آيون كودريسكو

أنيتا بيلويو

ميرسيا مولدوفان

فلورين سي. كيوبيكا

سيوبيكا سيزار

ليتيسيا لوسيا إيوبو

ميهايلا إينكوب

ميكلاوس سيلفسترو

دانييلا كابوتو

سيرجو فلاد

ميهايل بوراجا

أندرا أندرونيت

لافانا كراي

ماريوس شيلارو

ياسمينة بوتنارو

كريستيان ماتي

رادو سيربان

أيون ريسينارو

سيسيليا بيرتا

قستنطين سترو

سيزار فلوريسكو

سيزار فلورين

روديكا ستيفان

إيوان جابودجان

كريستينا أنجيليسكو

ريكا نييتراي

دوينا بوجدام

- جاء فيه:

وصول الهايكو إلى رومانيا

إن دخول الهايكو إلى الثقافة الرومانية وأدبها ذو عمر طويل، ويعود ذلك إلى بداية القرن العشرين، وإلى عام 1902 على وجه التحديد، عندما بدأت العلاقة الدبلوماسية بين اليابان ورومانيا بعد مباحثات غير رسمية أجريت في ( فينا - النمسا)، أثمرت عن إنشاء مفوضية رومانية في (طوكيو) عام 1921، ومفوضية يابانية في (بوخارست) عام 1922. علما تشير بعض المصادر إلى قيام الكاتب والعالم الروماني (بوجدان بيتريسيكو هاديو) (1838 - 1907) الذي كان يشغل منصب مدير أرشيف الدولة) بترجمة بعض نصوص التانكا المهداة من الأمير الياباني (نيغاتا نو إيتو) إلى الأمير الروماني     (كارول الأول) (1839 - 1914) الذي توج ملكا بعدها (1881 - 1914).

نشرت مجلة (إيفينمينتول ليتارار - الحدث الادبي) الرومانية أول دراسة حول التانكا والهايكو في عام 1904، وكانت بقلم (آي. سيبريان). وفي عام 1911 نشر الشاعر (ألكساندرو فلاهو) (1858 - 1919) مقالة قيمة حول نفس الموضوع، وقد تضمنت بعض النماذج الشعرية المترجمة عن اللغة الفرنسية. وكانت مقالته المذكورة بعنوان (الشعر الياباني) الواردة في كتابه (بجوار المدفأة) . كما ترجم الشاعر(جورج فويفديكا) (1893 - 1962) عن اللغة الألمانية مجموعة تانكا يابانية تحت عنوان (الزهور الشرقية 1919). وهناك ترجمات عن الألمانية والفرنسية ل (ترايان تشيلاربو) الذي تلقى تعليمة في روما - إيطاليا، وقد جاء في مقدمة كتابه (الروح اليابانية) (ما من تأثير غربي، الإيحاء بشكل أساسي أكثر من التفصيل). وأيضا ل (أليكساندرو تي. ستاماتياد) و(دان كونستانتينيسكو) و(إيون أكسان) و(أوريل رو). كما كان ل (إيوان تيمو) (1890 - 1969) و(جورجي باجوليسكو) (1886 - 1963) الدور الكبير في نشر هذا النوع الشعري في رومانيا. وبحسب الباحث (فلورين فاسيليو) مؤلف كتاب (قصيدة الهايكو في رومانيا) الصادر في عام 2001 : (إن الترجمات قد نأت بنفسها بشكل دلالي عن القصيدة الاصلية من خلال إستخدام المعجم الدلالي، لأنها تمت بإستخدام مختارات باللغات الفرنسية والألمانية والإنكليزية كمصادر معتمدة، مترجمة بدورها عن اليابانية.

قصيدة الهايكو باللغة الرومانية

أما أول قصيدة هايكو كتبت باللغة الرومانية فكانت بقلم الشاعر (ألكساندرو ماسيدونسكي)، وكان ذلك في عام 1920. وفي عام 1935 نشر الشاعرو القاص والكاتب المسرحي الروماني المعروف (ألكسندرو تيودور ستاماتياد) (1885 - 1956) إضمامة صغيرة قريبة الشبه بالهايكو إلى حد بعيد، ومتكونة من (12) قصيدة، وكان قد ترجم أيضا ل (شارل بودلير، أوسكار وايلد، إدغار آلان بو، عمرالخيام). أما الشاعر (إيون بيلات) (1891 - 1945) الذي تلقى تعليمه في باريس، فهو مبتكر قصيدة السطر الواحد في الشعر الروماني، وقد اعتبرها النقاد مأخوذة من الهايكو أو مرتبطة به إلى حد ما. وقد كتب عنها الشاعر نفسه (لا ينبغي إعتبار القصيدة المكونة من سطر واحد قصيدة يونانية أو الروباي الفارسي أو الهايكو الياباني). ومن الرواد أيضا (مارين سوريسكو) و(نيتشيتا ستانيسكو) و(ماريا بانو) (1914 - 1999) و(فيرجيل تيودوريسكو) (1909 - 1987) و(جورج توموزي) (1936 - 1997) و(سيزار بالتاج) (1937 - 1997) و(بيتر غيلميز) (1932 - 2001) و(تيفان أوغستين) (1922 - 2002). ذكرت الباحثة (أناستازيا دوميترو) في بحثها القيم (التداخل الشعري بين الشعر الياباني والشعر الروماني) المنشور في عدد يوم 18 تشرين الثاني 2013 من مجلة (هايكو): (لقد ساهم كل من إيون بيلات وترايان تشيلاريو وآل تي ستاماتياد بشكل كبير في تعرفنا على التانكا والهايكو، بالإضافة إلى غيرهم). أما بخصوص (إيون بيلات) فقد كتبت (يتمتع إيون بيلات بالمعلومات، والحساسية تجاه الدقة التشكيلية، وهذا ما يراه الناقد جورج كالينسكو أيضا. وبحسب سيربان سيوكوليسكو، فقد قرأ بيلات لجميع الشعراء القدامى والجدد، ومن العصور القديمة حتى اليوم، ومن جميع أنحاء العالم).

المرحلة الذهبية للهايكو الروماني

وتمثل الفترة اللاحقة لعام 1989 المرحلة الذهبية الحقيقية والخصبة في تاريخ الهايكو الروماني. وهو العام الذي تغير فيه النظام السياسي. علما نشرالباحث (فلورين فاسيليو) المهتم بتاريخ الهايكو الروماني في نفس العام  وبالتعاون مع زميله (براندوا ستيسيوك) كتابا قيما حمل عنوان (العلاقات الغنائية: كوكبة هايكو). ثم أصدر في العام الذي يليه أي 1990 أول مجلة معنية بالهايكو في رومانيا، وضمت هيئة تحريرها أسماء بارزة، مثل (مارين سوريسكو، إيون أكسان، أوريل رو، ستيفان أوغست دويناش، غابرييل ستانيسكو). وكانت تصدر كل ثلاثة أشهر وب (8000) نسخة ورقية، لتصدر بعدها كنصف سنوية وب (1000) نسخة فقط. كما أنشأ (فاسيليو) في عام 1992 دار نشر مستقلة أسماها (هايكو) أيضا لنشر مجموعات الهايكو وبثلاث لغات (الرومانية والإنكليزية والفرنسية). كما أنشأت الشاعرة الرومانية (كورنيليا أتاناسيو) دار نشر أخرى على نفس الشاكلة (إيديتورا أتار). وقد تولت مهمة نشر مجموعات هايكو من تأليفها، وأيضا ل (جول كوهن بوتيا وفاسيلي مولدوفان) وغيرهما.

نشوء جمعية الهايكو الرومانية

و قد شهد عام 1991 ظهور (جمعية الهايكو الرومانية)، ومن أوائل الأعضاء فيها: (إيكاترينا زازو نياغوي )، وهي شاعرة هايكو. ولدت عام 1956 (براهوفا). نشرت قصائدها في (الباتروس، أساهي، عالم اليوم، أصداف البحر، الاقحوان، هيرالد تربيون، كونستانزا هايكو) وغيرها. عضوة في جمعية الهايكو الرومانية. عضوة في جمعية الهايكو العالمية - اليابان. صدر لها (زهور الريح 2012). أدرجت في قائمة الشعراء ال 100 الأكثر إبداعا في أوروبا 2010. و( فالنتين نيكولينوف )، وهو كاتب وقاص وروائي وشاعر هايكو. ولد عام 1945 (بوخارست). حاصل على شهادة في الهندسة من معهد الفنون التطبيقية في (كلوج نابوكا) 1972. بدأ الكتابة منذ عام 1965. عضو جمعية الهايكو الرومانية. رئيس تحرير المجلة الثقافية الرومانية اليابانية. و( أميليا ستانيسكو )، وهي أكاديمية وكاتبة وشاعرة. ولدت عام 1974. حاصلة على شهادة في فقه اللغة تخصص روماني - فرنسي كلية الآداب وااللاهوت - جامعة أوفيديوس. عضوة في اتحاد الكتاب الرومان ورابطة بافاريا الألمانية. أصدرت ستة كتب غنائية. حاصلة على شهادة الماجستير في اللغة الفرنسية من جامعة (كونستانزا) والدكتوراه في فقه اللغة. حاصلة على جائزة كتاب الشعر 2005 والجائزة الأولى للشعر في مسابقة الشعر والنثر 1992 التي نظمتها مجلة (ديناميس).

وتوجد أيضا (جمعية كونستانتا هايكو) التي شهدت النور في عام 1992 على يد (إيون كودريسكو)، بالإضافة إلى العديد من الجمعيات والدوائر المحلية. و(أيون كودريسكو) شاعر ورسام وأكاديمي ومحرر وناشر. ولد عام 1951 (كوبادين). حاصل على شهادة الدكتوراه في الفنون البصرية من الجامعة الوطنية للفنون في بوخارست. بدأ بنشر الهايكو في 1992. ترجمت قصائدة إلى عدة لغات. عضو في عدة منظمات معنية بالهايكو. منح العديد من الجوائز، ومنها: جائزة متحف هايكو للادب (طوكيو) 1991 وجائزة جمعية كونستانزا للهايكو 1992 وجائزة مدينة ناغويا للهايكو (اليابان) وجائزة من مسابقة كوساماكورا الدولية للهايكو - اليابان 1998 وجائزة جمعية الهايكو الكرواتية 1995 والجائزة الخاصة لجمعية الهايكو الامريكية 1992، 1994، 1996، 2022 وغيرها كثيرة. من كتبه (رحلة هيغا 2020)، (الفرشاة المتجولة 2020) و   (شيء من لا شيء 2020) و(الزهور غير المباعة - مشترك 1995). يقول عن الهايكو (إن كتابة قصيدة الهايكو مثل رسم لوحة بالحبر أو لوحة مائية. إذ لكل كلمة قوة ضربة من الفرشاة.. من خلال الهايكو إكتشفت الرينكو والهايبون والهايغا. لرسم لوحة أو كتابة قصيدة، نحتاج إلى الانسجام والتباين والإيقاع واللهجات والأفكار والعاطفة).

مجلات الهايكو في رومانيا

وهناك مجلة رومانية معنية بنشر شعر الهايكو وغيره تحمل عنوان (الباتروس - ثنائية اللغة) التي نشرت الهايكو والسنريو وهايبون والرينكا والتانكا وغيرها، وقد صدر عددها الأول في عام 1992 وعددها الأخير في عام 2001، وقد ترأست تحريرها الشاعرة (لورا فاسيانو)، وهي كاتبة مقالات. ولدت عام 1948 (بوكو). خريجة كلية فقه اللغة في المعهد التربوي في    (كونستانتا)، وخريجة كلية الفقه في (بوخارست). عملت في التعليم. شاركت في مهرجانات الهايكو للفترة 1992 - 1994، وفي مؤتمر الهايكو الأوروبي الأول  2003.

ثم صدرت بعدها مجلة (الهايكو) التي شهدت النور في عام 2004 على نفس المنوال. أما (ماريوس شيلارو) فقد تولى إدارة عدة دور نشر، وحرر مطبوعات ثقافية في مدينة (تاش)، وهو شاعر وكاتب وناقد ومحرر ومترجم وروائي غزير الإنتاج معروف عالميا. ولد عام 1961 (نغريستي فاسلوي). من مؤلفاته (طريقة أخرى للأنتحار، عشاق الوهم، مستأجر الوقت، الحاضر قادم، حياة فاوست الأخرى، عندما يستقر الحاضر، التاريخ والشعر في الثقافة العربية، لون الصمت، الوهم والتناقض، نحو شفاه السماء. له أعمال منشورة في اليابان وإيرلندا والنمسا.

و هناك أيضا مجلة (الحديقة المسحورة) للهايكو التي أسستها (ستيليانا كريستينا فويكو) في رومانيا بتاريخ 25 آذار 2023. و هي رسامة ومصورة وشاعرة هايكو وتانكا ومحررة. ولدت عام 1987. تعيش في (بلوييستي). بدأت بكتابة الشعر منذ أيام الدراسة الثانوية. تحمل شهادة في علم التحكم الآلي الاقتصادي والإحصاء والمعلوماتية من جامعة البترول والغاز في (بلوييستي). حاصلة على شهادة الماجستير في قواعد بيانات دعم الاعمال من نفس الجامعة 2012.  منحت عدة جوائز شعرية، ومنها الجائزة الأولى في مسابقة البرقوق البري للهايكو 2015 وإشادة في مسابقة (اد آي أي) للهايكو في نسختها ال15 / 2013. أدرجت في قائمة الشعراء ال 100 الأكثر ابداعا في أوروبا لأكثر من مرة.

كما توجد مجموعة كوكاي الرومانية التي يترأسها الشاعر والمترجم والمحرر (كورنييلو ترايان أتاناسيو).  ولها مدونة باللغة الرومانية شهدت النور في عام 2007. وتقوم بإجراء المسابقات الشعرية وقد أجرت أول مسابقة شعرية لها في 1 نيسان 2007. وتنشر الهايكو الروماني والأجنبي من مختلف بلدان العالم، مع إجراء المقابلات وإستطلاع الآراء، وعرض الكتب والمطبوعات الوطنية والأجنبية المتعلقة بالهايكو، وتقديم التعليمات والارشادات الضرورية لكتابة الهايكو، وعرض التحليلات والمقارنات لقصائد الهايكو ونشر مختلف المقالات، ونشر المجموعات والمجلدات الشعرية الشخصية والمشتركة للشعراء الرومان. مع وجود نسخة باللغة الإنكليزية موجهة للأشخاص الذين لا يجيدون الرومانية. أما (أتاناسيو) فهو شاعر غزير الإنتاج، من أعماله (البحث عن النغمة: هايكو  2020) و(السماء الصافية فوق الغيوم). يقول عن الهايكو (يمثل نص الهايكو الجزء المرئي من جبل جليدي عائم فوق الماء، في حين أن الجزء الأكبر والاعمق من القصيدة - الصورة والاقتراحات والتلميحات والرموز - سيكون تحت مستوى سطح الماء. إن الهايكو كفضاء ثلاثي الابعاد، مثل جسم هندسي الشكل، حيث يكون النص خطيا والصور مسطحة، ويتم إنتاج الحجم بواسطة نوع من التخمير لأنزيمات النمو المرشوش في النص، مثل إضافة غبار المخبوزات إلى العجينة). وهو يرى (إن مستقبل شعر الهايكو في رومانيا إنما هو مستقبل الأشخاص الذين سيتذوقونه ويقرأونه ويكتبونه. إذا فعلوا ذلك بتفان وإخلاص، فسوف يكون هناك دوما مجتمع سيقدر ذلك دوما). كما يترأس (كورنييلو) تحرير أول مجلة هايكو رومانية على الشبكة العنكبوتية تحت إسم (يوروبيا)، ويعمل فيها (إيوانا دينيسكو، دان دومان، إياديكو جوفيرديانو، مانويلا دراغوميريسكو، كليليا إيفريم، سورين توما بوك) وغيرهم.

مسابقات الهايكو في رومانيا

أما أول مسابقة هايكو دولية أقيمت في رومانيا فكانت في عام 2003 تحت رعاية مجلة هايكو وبمبادرة من (فالنتين نيكوليشوف). كذلك تقوم (جمعية الهايكو الرومانية) بتنظيم مسابقة هايكو شهرية على الشبكة العنكبوتية وتنشر القصائد الفائزة على نحو منظم. وهناك مسابقة كونستانتا الدولية للهايكو الذي تنظمه (جمعية هايكو كونستانتا)، وقد أجريت في عام 2021 تحت عنوان (البحر الهائج)، تخليدا لذكرى مأساة (فوكوشيما) في 11 آذار 2011. وقد تكونت لجنة التحكيم فيها (للكبار) من (نيكول بوتييه، جوليا راليا، جان أنتونيتي، فلورين جريجوريو، فاسيلي مولدوفان) ولجنة التحكيم (للأطفال) من (دانييلا فارفارا، فيرجينيا بوبيسكو، فاسيلي كونيوشب ميستشانو، كاميليا سوسيو، أناستازيا دوميترو). وقد فازت بالجائزة الأولى الشاعرة الرومانية (ميريلا برايليان)، والشاعر البولندي (كرزيستوف كوكوت) بالجائزة الثانية، والشاعر الروماني (ميرسيا مولدوفان) بالجائزة الثالثة. اما (ميريلا برايليان) فهي شاعرة هايكو، تعيش في مدينة (ياش). خبيرة في التراث الثقافي. أدرجت في قائمة الشعراء ال 100 الأكثر إبداعا في أوروبا 2020 - 2021. منحت عدة جوائز شعرية. أصدرت مجموعة هايكو متكونة من (150) قصيدة هايكو بعنوان (المحك). عضوة في جمعية الهايكو الرومانية وجمعية الهايكو الفرنسية. لها قصائد مترجمة إلى الفرنسية، وأخرى إلى اليابانية من قبل (هيدينوري هيروتا). وأما (ميرسيا مولدوفان) فهو شاعر هايكو غزير الإنتاج. يعيش في مدينة (جيبو). أدرج في قائمة الشعراء ال 100 الأكثر إبداعا وعطاء في أوروبا لعام 2022. ينشر قصائده في الصحف والمجلات والمواقع العالمية المعنية بالهايكو. إشترك في العديد مسابقات الهايكو وفاز فيها بجوائز. ترجمت الكثير من قصائده إلى عدة لغات.

و أيضا مسابقة شحذ قلم الرصاص الأخضر المجراة باللغة الإنكليزية عبر الشبكة العنكبوتية - الانترنيت منذ عام  2012، وقد أسسها (كورنيليو ترايان أتاناسيو). وهي تستقبل أكثر من (200) مشاركة من مختلف بلدان العالم في كل مرة. وقد أعلنت نتائج المسابقة في شهر نيسان الماضي 2024، وفازت بالمركز الأول الشاعرة الكندية (ديبي سترينج) بالاشتراك مع الشاعر المالطي (بول كالوس - مكرر). أما المركز الثاني فكان من نصيب الشاعر الأمريكي (إدوارد هادلستون)، والمركز الثالث من نصيب الشاعر الهندي (راجانديب جارج). مع تنويهات مشرفة لكل من (ناديجدا كوستادينوفا - بلغاريا، توم بيروفيتش - الولايات المتحدة الامريكية، كيري جي هيكمان - الولايات المتحدة الامريكية، ناديا ياشمينيكا - كرواتيا، جافين أوستن - استراليا، ياسمينة بوتنارو - رومانيا. إن (إدوارد تارا) هو أمين مسابقة شحذ قلم الرصاص الأخضر للهايكو منذ 2012، شاعر هايكو وتانكا ورينغا. ولد عام 1969 (ياش). مدرس رياضيات. عضو جمعية الهايكو الرومانية منذ 1991. حائز على عدد كبير من الجوائز والتكريمات (أكثر من 100 جائزة). منها الجائزة الاول في مسابقة الهايكو بالانكليزية اليابانية - الأوروبية 2010 والجائزة الثانية في مسابقة ريسوبوكس الدولية للهايكو 2019 والجائزة الأولى في مسابقة آيريس الدولية للهايكو. أصدر مع الشاعرة (كلارا توما) مجموعة هايكو تحت عنوان (هذا الهايكو !) 2022. وقد نشرت (إيرينا آنا دروبوت) دراسة قيمة عنه بعنوان (أسلوب قصائد الهايكو لدى إدوارد تارا) في العدد (30 / 2022) من مجلة (الدراسات الأدبية الرومانية.

المشاركة في المسابقات الدولية

و كان لشعراء الهايكو الرومان مشاركات كثيرة ومتميزة في العديد من المسابقات والفعاليات الشعرية الدولية والوطنية التي حصدوا بموجبها العديد من الجوائز، نذكر منها: مسابقة كوساماكورا الدولية للهايكو - اليابان ومسابقة البرقوق البري للهايكو ومسابقة الهايكو اليابانية - الأوروبية بالانكليزية ومسابقة ريسوبوكس الدولية للهايكو ومسابقة آيريس الدولية للهايكو ومسابقة ماينيتشي للهايكو ومسابقة كوكاي الدولية للهايكو ومسابقة أكيتا الدولية للهايكو ومهرجان كاثرين مانسفيلد الدولي للهايكو عبر الانترنيت  ومسابقة ماينيتشي الدولية للهايكو (ينظر: إيرينا آنا دروبوت، مسابقات الهايكو باللغة الإنكليزية على الانترنيت - نظرة عامة، العدد 2 / 2016 من مجلة الممر الثقافي بين الشرق والغرب، ص ص 186 - 204). ومن هؤلاء الشعراء (دان يوليان)، وهو شاعر هايكو معروف. ولد عام 1955 (أوبيرسيا أولت)، ويعيش في (بوخارست). باحث أول في علوم وهندسة المواد. عضو في مجموعة كوكاي الرومانية منذ عام 2011. أدرج ضمن قائمة شعراء الهايكو ال 100 الأكثر إبداعا في أوروبا. حائز على العديد من الجوائز، ومنها جائزة آنا روس - مسابقة كونستانتا الدولية للهايكو 2020 والجائزة الأولى في مسابقة مجلة هايكو الرومانية 2020 والجائزة الأولى في مسابقة كوكاي - النسخة الهندية 25 / 2018 والجائزة الأولى في مسابقة كوكاي الهندية 2015. ترجمت قصائده إلى عدة لغات حية. وأيضا (ماريا تيرينسكو - ماريا كونستانتا أوريليا)،  وهي شاعرة هايكو وهايبون. ولدت عام 1949 في (ساسيل ماراموريس). خريجة كلية الرياضيات والميكانيكا - جامعة بابس بولياي    (كلوج نابوكا). عملت في التعليم. نشرت أربعة مجلدات من الهايكو ومجلد واحد من الهايبون. إشتركت في مسابقات شعرية عديدة في الهند ورومانيا واليابان وفرنسا، ومنحت عدة جوائز وكرمت أكثر من مرة. منها الجائزة الثانية في مسابقة الهايكو الكرواتية 2013. و(فلورنتينا لوريدانا داليان )، وهي كاتبة وشاعرة. ولدت عام 1968 في (بوخارست) وتعيش في (سلوبوزيا). مهندسة كيميائية. نشرت قصائدها في رومانيا وكرواتيا ولبنان ومقدونيا واليابان واسبانيا. حاصلة على تنويه في مسابقة الهايكو اليابان - الاتحاد الأوروبي. عضوة في جمعية الهايكو الرومانية وغيرها. ترجم لها (هيدينوري هيروتا) إلى اليابانية. و(أوبريكا باديانو)، وهي كاتبة وشاعرة. ترجم لها (هيدينوري هيروتا) إلى اليابانية. كما ترجم لها (فاسيلي مولدوفان) إلى الإنكليزية. نشرت الكثير من قصائدها في الصحف والمجلات والمواقع المعنية بالهايكو، واشتركت بعدة مسابقات شعرية. و(ميهاي مولدوفيانو - ميركو)، وهو شاعر هايكو ومصور. نشر قصائده في مختلف الصحف والمجلات والمواقع المعنية بالهايكو. إشترك بمسابقات شعرية وتم الإشادة بقصائده. له قصائد مترجمة إلى بعض اللغات الأجنبية. و(لافانا كراي )، وهي محررة ومصورة فوتوغرافية وشاعرة هايكو وتانكا . تعيش في مدينة (إياسي). نشرت ثلاثة كتب هايكو مصورة ومجموعة تانكا. أحدها بعنوان (ريسبيرو - هايكو - إيديتورا بيم، ياسي، رومانيا 2020). والثاني بعنوان (تيمبو روباتو - هايكو 2020). ترجم لها (هيدونوري هيروتا) إلى اليابانية. نظمت عدة معارض فنية. محررة في مجلة (هايغا). وقد منحت منحت عدة جوائز. و( ماجدالينا دايل )، وهي  شاعرة هايكو وتانكا ومحررة وكاتبة. ولدت عام 1953. تعيش في (بوخارست). نشرت قصائدها داخل وخارج رومانيا. صدرت لها مجموعة هايكو واحدة وثلاث مجموعات تانكا، بالإضافة إلى أشكال شعرية أخرى. عضوة في جمعية الهايكو الرومانية وجمعية الهايكو العالمية.  و( منى يوردان )، وهي  شاعرة هايكو تعيش في (بوخارست). لها قصائد مترجمة إلى بعض اللغات الحية كالفرنسية. كما ترجم لها  (هيدونوري هيروتا) إلى اليابانية. اشتركت في مسابقات هايكو وطنية ودولية. و( فاسيلي مولدوفان ) ، وهو من مواليد عام 1949 (ترانسيلفانيا). ساهم في تأسيس جمعية الهايكو الرومانية، ورئيس مجلس ادارتها للفترة 2001 - 2009. نشر خمس مجموعات هايكو، منها (عبر الالآم، وجه القمر غير المرئي، سفينة نوح).  و( فلورين غولبان )، وهو كاتب وشاعر ومحرر. ولد عام 1975 ويعيش في بوخارست. أصدر ثلاث مجموعات شعرية. وردت أعماله في العديد من الكتب المشتركة. يهوى موسيقى الروك. عضو في جمعية الهايكو الرومانية وغيرها. ترجم له (هيدينوري هيروتا) إلى اليابانية.  و( ماريانا توناس )، وهي  شاعرة هايكو. ولدت عام 1954. تعيش في مدينة (برايلا). مدرسة فنون جميلة. بدأت بنشر أعمالها منذ عام  1968.

تدريس الهايكو في رومانيا

كما يتم تدريس شعر الهايكو في العديد من المدارس والكليات والمعاهد في رومانيا، وتقام له الورش والفعاليات الموجهة للطلاب في مختلف المراحل الدراسية من أجل نشر الوعي بالهايكو بين هؤلاء، وتشجيعهم على كتابته، والمشاركة في مسابقات ومهرجانات الهايكو الدولية، مع نشر قصائدهم ورسوماتهم في كتيبات مستقلة تشجيعا لهم، وتقديم الهدايا والمكافآت النقدية الرمزية لهم. وكان للشاعر (إيوان غوبودين) الدور الكبير في هذا المجال. ومن هذه المسابقات مسابقة مؤسسة (جي أي إل) التي أجرتها في نسختها ال 13 في عام 2013 - 2014 بمشاركة (19000) نص لاطفال من (34) دولة. وأيضا مسابقة متحف (ياماديرا باشو التذكاري) لهايكو الطلاب. وقد شارك الأطفال الرومان فيهما بالعديد من نصوص الهايكو. وأيضا مهرجان (كاثرين مانسفيلد الدولي للهايكو - فئة الصغار) عبر الانترنيت الذي أقيم مؤخرا وللفترة 15 تموز - 15 أيلول 2023، وقد فاز فيه (أندريا ليبادوكا - 14 سنة) بالمركز الثالث و(سيبي سيوبيكا - 11 سنة) بالمركز الثاني مشترك مع إشادة ل (تيو كونتاك - 13 سنة). ومسابقة الهايكو العالمية للأطفال في نسختها الثامنة عشر 2023 - 2024، والتي أعلن عن شروطها مؤخرا، ومنها أن يكون عمر المتقدم 15 عاما أو أقل إعتبارا من 15 كانون الثاني 2024. أما مسابقة (نيكولاس أ. فيرجيليو التذكارية للهايكو والسينريو 2024) فكانت حصة الأسد فيها من نصيب الأطفال الرومان (تيو كونتاك وماريا نيغرون وإيدي بارفو)

: تيو كونتاك (الصف السابع) عن القصيدة التالي

يمد الربيع

صندوق الأقلام الملونة

الذي لم تستخمه البتة

: ماريا نيغروت (الصف السابع) عن القصيدة التالية

يوم القمر...

لم تزل أمي بحاجة

لمن يتبرع لها بالدم

: إيدي بارفو (الصف السابع) عن القصيدة التالية

ليلة يسود فيها السكون

غصن من شجرة الكرز

يصطدم بالقمر

أما الدكتور (رادو سيربان)، وهو دبلوماسي وشاعر وإقتصادي وسفير رومانيا السابق في اليابان، فقد كان له الدور الكبير في نشر الهايكو في رومانيا مع تعريف الشعب الياباني بالهايكو الروماني. ولد عام 1951. حاصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من أكاديمية الدراسات الاقتصادية. نشر أكثر من (30) كتابا، منها (6) مجموعات هايكو بالرومانية و(3) مجموعات هايكو بالانكليزية. منها (بلسم الروح 2012) و(نافذة التناغمات 2014) و(لقطات شعرية 2017) و(تأملات 2018). أصدر مع (فاسيلي بوينارو) مجموعة (تأملات 2018) و(في الهايكو). عضو في جمعية الهايكو الرومانية.

قاموس جديد باللغتين العربية والإنكليزية عن لهجة عرب الأهوار في جنوب العراق

* مؤسف ومحزن أن استبدل عبارات الشكر للأستاذ يوسف محسن الذي أهداني نسخة من هذا القاموس فكان سببا في كتابة هذه المقالة بعبارات الرثاء برحليه المفاجئ... وداعاً وسلاما!

لذكرى يوسف محسن

عن دار "بيت الكتاب السومري" صدر كتابٌ يحمل عنوان "قاموس لهجات عرب الأهوار والعامية في جنوب العراق" باللغتين العربية والإنكليزية لمجموعة من الباحثين العراقيين هم حسين الحميري وفارس الخالدي وعلي الجابري وباسم السعداوي. والكتاب يقدم نفسه كقاموس تخصصي، وأيضا، كمشروع بحثي أكاديمي. يحمل المشروع اسم "كلية لندن الجامعة"، وهو مدعوم وممول من جهتين علميتين أجنبيتين.

يضم القاموس، كما يذكر مؤلفوه في مقدمتهم، ما يقارب الألف كلمة توزعت على أبواب مختلفة هي: النباتات والأعشاب، الحيوانات ومتعلقاتها، الأدوات والأعمال اليدوية، الأمراض والمعالجات، الأطعمة والأشربة، الأفعال، المهن والوظائف، البيئة والطقس، الصفات، وأخيراً المكاييل والمقاييس والأوزان.

إن الجهد المبذول في هذا القاموس من حيث الشكل واضح وكبير؛ فالطباعة فاخرة والغلاف أنيق وحروف كلماته مطبوعة بالحروف البارزة والنص مضبوط بالشكل، وبشكل مبالغ فيه؛ حيث تم ضبط جميع حروف الكلمات العربية بالشكل من دون ضرورة أحياناً وبطريقة كثيفة تشتت تركيز القارئ. إضافة إلى بعض الأخطاء الإعرابية في التشكيل وإن كانت قليلة ومن النوع الذي قد لا ينجو منه محرر النصوص في حالات التشكيل الكثيف. وكان الأحرى والأكثر فائدة أن تُضبط جميع حروف المفردات القاموسية بالشكل فقط فهي المعوَّل عليها والتي قد يخطئ القارئ في تلفظها، وليس كلمات نصوص الشرح وغيرها. والسبب في ذلك هو ان هذه المفردات العربية الجنوبية تكون غالباً غير شائعة وغريبة اللفظ، ولهذا كان من الضروري ضبط جميع حروف المفردات المعنية بالشكل وهذا ما لم يقم به المؤلفون غالبا بل ركزوا على تشكيل جميع حروف الكلمات التي لا تحتاج إلى تشكيل.

وسأضرب على ذلك مثالاً صغيراً هنا؛ مفردة "دوشه" التي جاءت من دون تحريك، وبالهاء المتصلة، والأصح أن تكون بالتاء المربوطة. ولكنك تقرأ شرحها بالكلمات المضبوطة بالشكل التالية (دوشه: آلْحَبْل آلَّذِي يُرْبَطُ بِالدَّلْوِ آلْخْاصِّ بِالْبِئْرِ). أي أنَّ المؤلفين ضبطوا بالشكل جميع حروف كلمات الشرح، حتى أل التعريف، ولكنهم تركوا المفردة الرئيسة أي موضوع الشرح من دون تشكيل وبخطأ إملائي كبير هو كتابة التاء المربوطة هاءً!

أما ترقيم المفردات القاموسية وطبعها بالحروف الغامقة فقد كان مفيداً وفي محله تماما.4185 قاموس لهجات

إنَّ صدور هذا القاموس الذي يعالج شبكة واسعة ومهمة من المفردات العربية باللهجة العراقية الجنوبية في مناطق الأهوار باللغتين العربية والإنكليزية يبقى غير مُفَسَّر أو مبرر من الناحية المعجمية العلمية، خصوصاً وأنه ليس قاموساً لمفردات لغة قديمة منقرضة أو غير منقرضة كاللغة الأكدية أو غيرها، ليكون مفيداً للباحثين في علوم اللغات القديمة كالتأثيل "الإتيمولوجيا" وعلم الآثار "الأركيولوجيا" وما شابههما. وربما كان من شروط الجهات الممولة لمشروع القاموس أن يصدر باللغتين المذكورتين معاً ففي هذه الحالة تكون ترجمة القاموس وإصداره باللغتين أمرا مفروضا ومشروطا.

وحتى الترجمة إلى الإنكليزية فيبدو أنها تعاني من بعض الهنات. فقد وقع نظري مصادفة على ترجمة مفردة (خلالات) على ص 23، وعرَّفها المؤلفون بـ "التمر الناشف" وترجموا ذلك إلى اللغة الإنكليزية كالتالي (Unripe dates). وكلمة ناشف تعني في اللغة العربية الجاف واليابس (نَشِفَ الماءُ: يَبس، ونَشِفَتْه الأَرضُ نَشْفاً، والاسم النَّشَف/ الرائد). و (نَشَفَ، ونَشِفَ الثوبُ العَرَقَ: شَرِبَهُ، نَشَفَ الحَوْضُ الماءَ: شَرِبَهُ، كتَنَشَّفَهُ / لسان العرب). أما كلمة (Unripe) الإنكليزية فتعني "غير الناضج، الفج". وكان المترجمان قد استعملا هذه الكلمة بشكل صحيح في معنى "حِصرم" وهو العنب غير الناضج.

أضف إلى ذلك، وبخصوص المعنى، أن كلمة "خَلالات" جمع "خَلالة"، تعني في اللهجة العراقية الجنوبية ثمرة النخل غير الناضحة. وثمرة النخيل عموما تَمُرُ بعدة مراحل؛ فهي أولا حبابوك، ثم الچمري ويكون لونها أخضر، ثم الخَلال ويتغير لونها إلى الأصفر أو الأحمر أو مزيج من عدة ألوان ثم مرحلة الرطب، وأخيراً مرحلة التمر. والخَلال لا يكون ناشفاً بمعنى يابس أو جاف بل يكون فجاً وصلباً وغير ناضج لكنه مفعم بالماء. وثمة نوعان من التمور العراقية يؤخذ خَلالَها ويطبخ؛ الأول وهو (البريم) ويطبخ وينشف ويترك للاستهلاك العائلي وخاصة للأطفال ليكون بمثابة نوع من الحلوى. والنوع الثاني يؤخذ من خَلال (الچبچاب) ويطبخ ويجفف ثم يطحن ويصدر إلى خارج العراق، وغالباً إلى الهند، ويستفاد منه كمواد طبيعية لتحلية مواد غذائية أخرى. وهذا النوع من التمور التي تطبخ وهي خضراء تسمى حينئذ "الخَلال المطبوخ". وكان من المفيد أنْ يوضح المؤلفون مقصودهم للقراء هنا؛ فهل يقصدون الخَلال الأخضر غير الناضج - ولا يقال له في هذه الحالة "ناشف" - أم يقصدون الخَلال المطبوخ الجاف؟

خلل آخر عاني منه متن القاموس وهو كتابة التاء المربوطة في نهاية الكلمات المؤنثة غير منقوطة أي كضمير الهاء المتصل من دون أي مبرر أو سبب مقنع، وأحياناً يكتبونها مربوطة، وأحياناً ثالثة نجد في الصفحة الواحدة كلمات منتهية بتاء مربوطة وأخرى بالهاء المتصلة كما هي الحال على الصفحتين 46 و47 حيث نجد:

رخامة – رشمه – زائفة - رگه - زرة! علما أنَّ جميع المفردات هنا مؤنثة تنتهي بتاء التأنيث المربوطة.

ومن الطريف بهذا الصدد إننا وجدنا النوعين من كتابة التاء في عبارة واحدة على ص 20 وهي (حبة خضره)، حيث وردت حبة بالتاء المربوطة وخضره بالهاء. والحقيقة فإنَّ الخطأ المعيب في كتابة التاء المربوطة كهاء متصلة هو من أفظع الأغلاط الإملائية الشائعة في عصرنا وأكثرها بدائية ولا علاقة لها بالتأليف العلمي وخاصة المعجمي.

أما معنى "حبة خضرة" فقد ذكر المؤلفون أنها (نوع من الأعشاب يصنع منه الصابون). وأشكُّ في أن يكون هذا المعنى صحيحاً، فالمعروف في الموسوعات الدوائية العربية أن "الحبة الخضراء" ليست نوعاً من الأعشاب بل هي ثمرة شجرة البطم المعمرة، واسمها العلمي (Pistacia) وتنتشر شجرتها في المشرق العربي وخاصة في سوريا وفي الجزائر وشمال العراق وليس في جنوبه وتسمى هناك "فستق الجبل" وربما كانت تجلب إلى الجنوب عَبْرَ التجارة. وتضيف الموسوعات أن الحبة الخضراء "أثبتت فعاليتها في الصحة العامة وزيادة الوزن نظرا لقدرتها العالية على فتح الشهية بسرعة فائقة وفاعليتها المذهلة في تسمين الجسم". وأتذكر أنها تستعمل أيضا في جنوب العراق وربما في العراق كله كمطيِّب لنكهة بعض الأطعمة، وهذا مالم يذكره مؤلفو القاموس، سيما وأنهم لم ينشروا لها صورة في ملحق صور القاموس، فهل قصدوا حبة خضراء أخرى أم أنها هي نفسها ولكن استعمالها في جنوب العراق يقتصر على استعمالها كمعطر في صناعة الصابون؟

نقطة أخرى تتعلق بتأثيل الكلمات فقد دأب مؤلفو القاموس على ذكر أصل المفردة إنْ كانت ذات أصل رافداني قديم كأن يكون أكدي أو سومري، ولكنهم وثَّقوا ذلك بطريقة غامضة ولا يفهم منها القارئ غير المتخصص شيئاً، فقد كتبوا مثلا على ص 81 عن كلمة زبيل: سلة، وهي كلمة ذات أصل أكدي (باقر طه، 1980، ص114) أو (CAD,Z,p.6=zabbilu). فماذا يفهم القارئ من هذا التوثيق حتى وإن كان مستعملاً في الدراسات والأطروحات الأكاديمية؟

لم يذكر المؤلفون تأثيلاً للأصول المعجمية العربية الفصحى لكلمات قاموسهم. وربما نجد تعليلا معقولا لهذا الأمر في أن عنوان القاموس هو (قاموس لهجات عرب الأهوار) ما قد يعني ضمناً أنها كلمات عربية بداهة، ولا حاجة لتأثيلها معجميا بما يثبت عروبتها. فإن كان هذا هو قصد المؤلفين فلا بأس في ذلك، مع أن تأثيل أصول بعض المفردات المثيرة للاشتباه يبقى أمرا مطلوبا ومفيدا للباحثين المشتغلين في ميدان اللغات واللهجات.

وردت بعض كلمات القاموس ساكنة الأول مكتوبة بهمزة وصل أو قطع مكسورة وهذا غير صحيح ومشوِّش جدا، وكان الأصح أن توضع حركة السكون على الحرف الأول بدلا من همزة الوصل أو القطع. ومن هذا القبيل نجد/ امجافت - إمطبگ - إعذار (وهو حبل لربط الدابة) - إدنان.

وردت الكلمات الجنوبية التي تلفظ فيها الكاف بكشكشة ربيعة مكتوبة بالجيم المثلثة (چ)، وكان ينبغي التنبيه إلى أن أصل الكلمة قبل الكشكشة مختلف، ومثال ذلك في مفردة (شكوة) حيث كتبوها (شچوة) وعرفوها (جلد الماعز المدبوغ بشكل جيد يستعمل في عملية خض اللبن واستخراج الزبد). ولكنهم لم يشيروا إلى أن هذه الكلمة عربية فصحى قديمة وتلفظ بالكاف المُكشكشة، ربما لأنهم يجهلون ظاهرة كشكشة ربيعة وأسد وشنشنة اليمن القريبة منها أو هي نفسها كما ناقشها كاتب هذه السطور في مقدمة "معجم اللهجة العراقية.. الجذور العربية الفصحى والجذور الرافدانية). والكلمة في معجم لسان العرب لابن منظور هي (شَكْوَةُ: وِعاءٌ من أدَمٍ للماءِ واللَّبَنِ، ج: شَكَوَاتٌ وشِكاءٌ)، وفي المعجم الوسيط (الشَّكْوَةُ: وعاءٌ صَغيرٌ للماء واللَّبَن يُتَّخذُ من جِلدٍ، وقد يُسْتَعْمَلُ لتبريد الماء. والجمع: شِكاءٌ، وشُكِيّ، وشُكِيٌّ). ومثلها كلمات (بچر = بكر) و(شبچة = شبكة) و (محچال = محكال) و(چلچل = كلكل) و (يچن = يكن بمعنى يستقر وهي عربية فصحى وذات أصل أكدي).

رغم ما تقدم من ملاحظات وتحفظات، يبقى هذا الكتاب / القاموس مفيدا ومن الكتب الرائدة في بابها، وينطوي على جهد مخلص وجدير بالاحترام والتشجيع، رغم الحاجة إلى مراجعته وتدقيق معاني مفرداته، فهو سيساهم يقيناً في توثيق وحفظ ما ورد فيه من مفردات عربية عراقية أهوارية وهي كلمات نادرة انقرض بعضها وبعضها الآخر في طريقه إلى الانقراض. وحسناً فعل المؤلفون حين ألحقوا بقاموسهم ملحقاً للصور عن العديد من الكلمات التي وردت. ويا حبذا لو اعتنى المؤلفون والتقنيون أكثر في إخراج هذا الملحق المهم. فبعض الصور وردت غير واضحة ومرفقة بشروحات لأشياء أخرى بسبب خلل طباعي كما هي الحال مع صور ص 250 و251 و252 و253، ويا حبذا لو وسعوا هذا الملحق أكثر بإضافة العديد من صور الأشياء الوارد فيه مع زيادة العناية بالصور لتكون دقيقة وواضحة أكثر.

***

علاء اللامي - كاتب عراقي

عن " دار أكورا للنشر والتوزيع - المغرب "، صدر حديثا، مجموعة شعرية جديدة، بعنوان: " شامة في وجه البياض " للشاعرة مليكة فهيم.

تقع المجموعة في 97 صفحة من الحجم المتوسط. تتوسط الغلاف لوحة "جاكلين مع الزهور" لبابلو بيكاسو.

المجموعة الجديدة، تكتسي لغة شعرية تمشي على الحافة، حيث تغوص الذات الشعرية في مياه ذات متوجسة، تعيش عزلتها واغترابها، فتنسج تفاعلاتها في نهر المريب والغامض والمستحيل. لغة تسلط الضوء على الذات، وهي تحاول رصد انعكاسات العالم في مرآتها، حيث تبزغ المفارقة الأنطولوجية والأسئلة الوجودية: قلقة، متشظية، متنافرة، تمنح السؤال صيغته الإشكالية. فكما تقول الشاعرة:

وأنَا أرِيد أن أَقْبِض

عَلى الكَلِمَة قبْل أن تَلْتَبِس،

لأصْنَع منْها حَقيقَةً مخاتِلَة

أسْتَنْجِد بحُنُوِّ النَّوافذِ المُوصدة

وهيَ تُديرُ ظهْرها

تتقافَزُ الصُّور العالِقَة

وَكُلَّمَا اجْتاحَني الارْتِياب

تُنْجِبُني اللغة

أتَمَدَّدُ على عُشْبِها الغَض

أعَانِق كَذِبَها الحَقيقي

أسَلِّط عليْه مَدَّ الفُقاعَات

الصاعِد نَحْو السَطْح

وأتْرُكهَا تُرتِبُني.

عموما، فنصوص المجموعة، تصنع شروطا ممكنة لإقامة شعرية، تمزق نسيج الكلام وهي متجهة نحو غواية البوح، تحكي أسفارها بخفة مرهفة، تنتصر للذات الموشومة بأسرارها وعطاياها، وبإيماءاتها ومصابيحها الخافتة، ومناجاتها العميقة، حيث ينهض القول الشعري أيضا، على الذاكرة والسفر الفكري والروحي والتخييلي، وتصادي النصوص الغيرية التي تعجنها الشاعرة، لتعيد بناء صورة الذات، تجسيرا لتشييد إشراقة هوية شعرية تراقص إيقاعات الذات والآخر، المحتمل والمستحيل، الداخل والخارج، المرئي واللامرئي، فتخلق الدهشة.

فحسب تعبيرها في مقاربة لغتها الخاصة تقول:

تدفُق اللغَة الباهتة بين أصَابعي

وعُزلتي أينما ولت وجْهها

فثمة موْج أملس

يرسُم خطوي المُثقل بِالشقوق

وعَواء يرثي جُثتي

يُرثق أزْرار قميصِي

بِرهافةٍ كريح

إن المجموعة الشعرية (شامة في وجه البياض)، وكما يقول الناقد محمد علوط في ورقته النقدية الصادرة بالملحق الثقافي لجريدة الإتحاد الاشتراكي بتاريخ: 7 يونيو 2024  " تنتسب هذه التجربة الى المجال الرحب لقصيدة النثر، ودونما ادعاء تنظيري فان السياقات التي تلجأ فيها الشاعرة الى اللغة الميتا شعرية، (الحديث الجواني عن الشعري داخل الشعر) لا تعكس ولعا ولا هوسا بجعل الكتابة الشعرية مصادرة على انتساب معلوم ومحدد. كل سياقات اللغة الميتا شعرية في هذه التجربة الإبداعية، تعكس مسار كتابة شعرية منشغلة بإعادة بناء صورة الذات في مرايا عالم من التشظي والانكسار والمحو والزوال .."

***

حسن حصاري

صدر عن دار نينوى، دمشق – سوريا، كتاب جديد للباحث الفلسفي الأستاذ علي محمد اليوسف، بعنوان:

العقلانية في الفكر المعاصر.. ماجد الغرباوي مجددا

يقع الكتاب في 136 صفحة، حجم متوسط، وغلاف جميل من تصميم دار النشر.

تدور أبحاث الكتاب بعد المقدمة حول مجموعة موضوعات، هي:

- الرؤية المنهجية للمفكر ماجد الغرباوي     

- متاهات الحقيقة

- الغرباوي مفكر المبدأ   

- المشاكسة البحثية.. الأصالة والتزييف

- ماجد الغرباوي ومشروع الحداثة

- ماجد الغرباوي في مشروعه النقدي للتراث

- الحداثة والذات العربية 

- مرتكزات مشروع الجابري   

- بين محمد أركون وماجد الغرباوي   

- الغرباوي وتفكيك النص

سلطة التغيير المغيّبة..

- تنظيرات الإصلاح الديني وعقبات التبديل الواقعي

- بعض معوقات الإصلاح الديني

......................

كتب المؤلف على الغلاف

إن ما يميز الغرباوي أنه باحث موضوعي، لا يجامل في مقاربة قضايا الفكر والعقيدة. همُّه الحقيقة، فضح التزوير والخداع، وفرز المقدس عن غيره، والإلهي عن البشري، والسماوي عن الأرضي. إنه صاحب مشروع نهضوي عربي تجديدي متفرد. منهجه الفكري لا يدور حول أي إشكالية فكرية دينية فلسفية يتناولها، من خلال المتراكم الإنشائي النظري. بل يدخل معترك ما يؤمن به، بمسؤولية وتوازن. يُسمّي الأشياء بمسمياتها، التي تبدو لبعض القرّاء جريئة أكثر من اللازم. لكنه مفكر صاحب رسالة، جاء ليقول الحقيقة في زمنه ويبقى على غيره الحكم والإضافة بالتجديد إن أمكن.

بهذا يكون كتاب العقلانية في الفكر المعاصر.. ماجد الغرباوي مجددا، هو الكتاب الخامس الذي صدر عن المنجز الفكري لماجد الغرباوي، بعد كتاب:

- جدلية العنف والتسامح.. قراءة في المشروع الاصلاحي لماجد الغرباوي، للدكتور صالح الرزوق.

- الفلسفة النسوية في مشروع ماجد الغرباوي التنويري، للدكتور محمود محمد علي.

- الإلهي والبشري والدين التراثي.. رؤية نقدية في مشروع ماجد الغرباوي، للدكتور صالح الطائي

- العقلانية النهضوية في المنجز الفكري لماجد الغرباوي. للدكتور محمود محمد علي.

***

نبارك للمؤلف صدور كتابه الجديد، ونتمنى له دوام العطاء والعافية.

الكتاب متوفر في دار نينوى سوريا وجميع المكتبات والمعارض التي تشارك بها.

***

 

صدر يوم الأحد الموافق 2/6/2024 عن دار الفرات للثقافة والاعلام في بابل كتابي الموسوم (الزرادشتية أقدم ديانات الوحي في التاريخ) والذي يحتوي على (334) صفحة من الحجم الوزيري، والغلاف يحمل شعار الزرادشتية (فارافاهار).

تُعّدُّ الديانة الزرادشتية واحدة من أقدم ديانات الوحي، فهي الديانة التي سبقت جميع الديانات بزمناً طويل، وقد تطورت في الزرادشتية الأديان الإيرانية القريبة منها، والأفكار المتعلقة بنشوء الخير والشر ومكانهما في العالم، ودور وعمل الإنسان في تطور العملية العالمية، ويوم القيامة وما شابه ذلك. مما أثرَّت هذه الأفكار من دون أدنى شك تأثيراً كبيراً في اليهودية وطوائفها، وفي المسيحية والغنوصية، وفي مدارس البوذية الشمالية (الماهيانا) وغيرها، وفي بعض اتجاهات الفلسفة الأغريقية القديمة، ولا سيما اتجاهات دينية في الفترات المتأخرة من التاريخ القديم؛ مثل المانوية المنتشرة في ذلك الوقت على مساحة شاسعة امتدت من الأقاليم الغربية للإمبراطورية الرومانية وحتى الصين، وأَّعَدت الدور العالمي للديانة.4034 الديانة الزرداشتية

وقد ظهر النبي زرادشت بجوهر ديانته وعقائدها وطقوسها. وقد أثارت تعاليم زرادشت اهتماماً كبيراً منذُ العهد الأغريقي، وعدو بعض الكُتّاب الأوروبيين والمؤرخين تعاليم زرادشت الدينية والفلسفية أنها تعكس معلومات الطقوس والتعاليم المجوسية نفسها من الكهنة الذين عاشوا في إيران القديمة وأتباعهم: ميديا وپريسدا، وأخرى تتعلق بعقائد إيرانية أخرى. لذلك أنطلق في نهاية القرون الوسطى وبداية العصر الجديد، العلماء والمفكرون الأوربيون في آرائهم وأحكامهم حول الزرادشتية، فنسبوا إلى زرادشت مبادئ وآراء فلسفية ودينية شتى بعيدة جداً عن ما جاء به، ولا تمت بصلة إلى تعاليمه، ومنهم  الفيلسوف الألماني نيتشه في كتابه (هكذا تكلم زرادشت)، وأطلقَ عليه اسم (زارا)، ويلاحظ مما تقدم أن الاختلاف في اسمه يدور بين زرادشت وزارا وزرادسترا، فكلها أسماء متشابهة، فهذا اختلاف طفيف ومتقارب، فربما كان المنشأ لهذا الاختلاف هو تنقل هذا الاسم بعهد سحيق مما أدى إلى التغيير في حقب زمنية سحيقة.

وكتاب زرادشت المقدس هو (أڤستا)، والمقدس للدينة الزرادشتية، إلا أن لغته الأصيلة كانت باللغة الأڤستية، وهي إحدى اللغات الإيرانية القديمة، ويرى المستشرق (گرانتوفسكي) (۱۹۳۲-۱۹۹5)، إن "أولى ترجمة أوربية لأفستا صدرت في عام 1771م لـ(لأنكيتيل ديوپيرون)، الذي قضى عدة أعوام في الهند، حيث تعلم على يد الزرادشتيين الپارسيين. وقد قيَّم هذا العمل مع مرور الزمن، كعمل بطولي للعالم الفرنسي.

وكُسِرَ الكتاب على مقدمة ومدخل خمسة فصول، تضمن الفصل الأول على حياة زرادشت وطفولة ومرحلة شبابه وزواجه، وتعليمه الديني، أما الفصل الثاني فقد احتوى على أصول الديانة الزرادشتية، وعلى ما جاء به زرادشت من دلائل على وجود إله واحد متفرد بالخلق والإيجاد، ومجرد عن المشابهة والمماثلة بالغير، فالصفة التجريدية وحدها هي التي لم تكن معهودة ولا مألوفة في الاعتقادات الوثنية لأهالي مادا وفارس.

أما الفصل الثالث فقد احتوى على فروع الديانة الزرادشتية، من الصلاة والزكاة والطهارة والعبادة والزواج والأسرة، وفروع أخرى من الدين تم تسليط الضوء عليها. أما الفصل الرابع فقد سلطنا الضوء على الانقسامات التي حصلت في الديانة أمثال الزروانية والمانية والمزدكية وغيرها من الانقسامات التي حصلت، مما أدت إلى غروب الديانة الزرادشتية وانحسارها بعد ظهور الدعوة الإسلامية. ثم تبعها ملاحق سلطنا الضوء فيها على الأناشيد السماوية الگاتا، وترانيم زرادشت (اهنود گات) و(اشتود گات) و(سبنتمد گات) و(وهوخشتر گات).

وملخص الكتاب، كانت أهدافه: البحث كدراسة قد تعرض للتحليل لأصول وفروع الدين الزرادشتي القديم، موضحاً المظاهر التي طرأت وكانت سائدة قبل زرادشت، ثم عرض البحث تاريخ الديانة الزرادشتية حتى غروبها في يومنا هذا.

أما مراجع الكتاب: فقد اعتمدنا على بعض الكتب العربية التي أرخت تاريخ الزرادشتية. منها: أفستا الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية. تأريخ الزرادشتية من بدايتها حتى القرن العشرين، للمؤلفة ماري بويس. الميثولوجيا في النص التاريخي الديني، للدكتور رشيد باني الظالمي. الزرادشتية الديانة والطقوس والتحولات اللاحقة، للدكتور جمشيد يوسفي. زرادشت والزرادشتية، للدكتور الشفيع الماحي أحمد. الزرادشتية الفجر- الغروب، للدكتور ر. س. زيهنر.

والنتيجة: أثبت في هذا الكتاب أن الدين الزرادشتي هو دين أوحى به الله إلى زرادشت، وبقي كامناً ومحافظاً على أصول الدين الحق منذ ذلك الزمن البعيد إلى وقتنا الحاضر.

***

نبيل عبد الأمير الربيعي

فكرت أن استغل فترة إجازتي الأخيرة في الوطن، فأصدر طبعة ثانية لعدد من كتبي التي صدرت خارج العراق قبل عقدين من السنوات وأكثر، ولم يطلع عليها القارئ العراقي لأسباب باتت معروفة، وفي مقدمتها القمع الدموي والمنع الشامل آنذاك. وقد ضاعف من تأثير سياسات القمع والمنع قبل الاحتلال الحصارُ الغربي الإجرامي على العراق. وفعلا جهزت مخطوطات الطبعة الثانية لثلاثة كتب، وبدعم واهتمام مقدرَين من الصديق الشاعر والمترجم حسين نهابة خلف مدير وصاحب مؤسسة "أبجد" للترجمة والنشر والتوزيع في محافظة بابل، والفريق النشيط العامل معه تم تنفيذ هذه الفكرة صدرت قبل أيام قليلة الطبعة الثانية من هذه الكتب ووزعت على عدد من المكتبات البغدادية سأذكرها في نهاية هذه المقالة.

أدناه فقرات من مقدمة الطبعة الثانية من أول هذه الكتب الثلاث وهو "المستطرف الممتع: 330 نكتة ونادرة من التراث القديم و50 مقالة معلوماتية"

*لا أدري إلى أي درجة يصحُّ اعتبار هذا الكتاب طبعة ثانية لكتابي الذي يحمل الاسم نفسه والذي صدر سنة 2004 وقد استبدلت أكثر من ثلثي متنه بمتن جديد، وإليكم التفاصيل.

صدر هذا لكتاب في طبعته الأولى ليتضمن 260 طرفة ونكتة ونادرة تراثية انتقيتها من كتب التراث وفي مقدمتها وبشكل أرأس كتابان؛ الأول كتاب "أخبار الحمقى والمغفلين" للشيخ ابن الجوزي البغدادي (510هـ/1116م - 12 رمضان 597 هـ/ 1201م)، والثاني "من نثر الدر" للوزير الأديب أبي سعد الآبي (ت 1030م)، ومصادر تراثية أخرى، إضافة إلى مجموعة مقالات خفيفة نشرت في الصحافة العراقية. وبين هذه الطرائف نشرت مقالات كنت قد نشرتها في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي ضمن عمود دوري في صحيفة ساخرة عراقية معارضة كانت تصدر في خارج العراق باسم "المجرشة"، وأيضاً في زاويتي الصحافية في إحدى الصحف العراقية الصادرة في الخارج وهي "الزمان". وقد انتهت علاقتي بصحيفة "المجرشة" بتوقفها عن الصدور، وبـ "الزمان" باستقالتي الاحتجاجية العلنية بعد أن اختارت تلك الصحيفة الانحياز إلى الاحتلال الأميركي للعراق سنة 2003 مع من انحاز من معارضة عراقية منفية، ونشرت تفاصيل ما حدث في كتابي "يوميات المجزرة الديموقراطية" الصادر عن دار الكنوز الأدبية –بيروت –دار التيار –بغداد – ط1 – 2003- – ص 140.

كانت هذه هي محتويات الطبعة الأولى، أما في الثانية التي بين يديكم فقد احتفظت فيها بالنوادر والنكات التراثية الواردة التي وردت في الطبعة الأولى وزدت عليها سبعين طرفة ونكتة جديدة فأصبح عددها ثلاثمائة وثلاثين طرفة. يقع الكتاب في 290 صفحة.      3961 علاء اللامي

* الكتاب الثاني هو" كافكا الآخر.. أدب كافكا يدحض اتهامه بالصهيونية، وهذه فقرات من مقدمة الطبعة الثانية: صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب قبل اثني عشر عاما. وخلال مشروعي الذي بدأت به قبل فترة لإصدار طبعة ثانية من عدد من كتبي، رأيت أن أصدر طبعة ثانية من هذا الكتاب الذي يحتل مكانة خاصة في ذاكرتي وعاطفتي إضافة إلى كونه اقتضى مني جهدا ليس باليسير في البحث والتنقيب بين المراجع والمصادر ذات الصلة.

هو إذن ليس كتاباً في النقد الأدبي العادي الذي يتناول حياة وكتابات أديب معين، ولكنه أقرب إلى مرافعة حارة للدفاع عن حقيقة أديب شهير ظُلم كثيراً وأُسيء فهمه وفهم أدبه الرفيع فنياً ومضمونياً بقصد أحياناً، وانسياقاً مع سوء الفهم المقصود بدهاء من قبل شخص جعل من نفسه وصيا على حياة وأدب فرانز كافكا دون وجه حق وبعد رحيله عن عالمنا بسنوات أحياناً أخرى. ليس من السهل بل ربما كان أقرب إلى المحال تبديد جبال من سوء الفهم التي امتدت طَوال عقود بعد رحيل كافكا سنة 1924 وقد كادت تتحول - إنْ لم تكن قد تحولت فعلا -  إلى بديهيات مسمومة قلبت صفحة هذا الأديب المبدع والإنسان الجميل وأدبه الرفيع.

لقد انصب جهدي على تخليص كافكا من أسار النظرة السائدة الخاطئة أو في أحسن الأحوال المبالغة كثيرا في طبيعة أدب هذا الأديب وفي طبعه، ولم ألجأ إلى التخمينات والافتراضات بل أعدت قراءة أدبه نفسه، وبعض ما قيل من نقد حوله وهو كثير، وحللت وقارنت مضامين ما قيل وفي محاولتي هذه اعتمدتُ بشكل جوهري ويكاد يكون رئيساً على أديب آخر هو مواطنه الروائي التشيكي الفرنسي ميلان كونديرا والذي كان له فضلُ فتح عينيَّ على كافكا المختلف "الأخر" والذي لم أكن أعرفه إلا حدساً وتخمينا.

أعتز بمحاولتي النقدية هذه – رغم أنني لا أصنف نفسي ناقداً محترفاً - وأحبها شخصياً مع اقتناعي بأنها لا تسعى إلا لأن تكون وجهة نظر قابلة للنقاش إلى جانب وجهات نظر أخرى. ولكني أدرك جيداً أنني في كل ما كتبت أقدم وجهة نظر مختلفة قد لا تنجح في إزالة جبال وأكداس الأوهام وسوء الفهم ولكنها ستنجح على الأقل – وهذا منتهى الأرب عندي - في زحزحة بعض القناعات وتشكل بداية قوية لمراجعة ما قرَّ بأذهاننا عن الأديب كافكا وأدبه الجميل والذي قال فيه كونديرا "لقد تمكن كافكا من تحويل مادة مضادة للشِّعر بشكل عميق هي مادة المجتمع البيروقراطي إلى شعر عظيم في رواية" وضرب كونديرا مثالاً لما يقول فيضيف "وهكذا تحولت "القصر" من رواية عن حادثة مبتذلة لموظف لا يستطيع الحصول على وظيفة موعودة إلى أسطورة، إلى ملحمة، إلى جمال لا يعرف له مثيلا من قبل". يقع الكتاب في 236 صفحة.

***

علاء اللامي

 ....................

*الكتاب الثالث هو "قصائد حب باتجاه البحر" ويضم مختاراتٌ شعريةٌ مترجمة للشاعرين اليونانيين أوديسيوس إليتس وجورج سيفرس والشاعر الأمريكي گريگوري كورسو. وهذه أدناه فقرات مقدمة الطبعة الثانية لهذا الكتاب:

مرَّ أكثر من عقدين على صدور الطبعة الأولى سنة 1999 لهذه المنتخبات الشعرية المترجمة. وقد تساءلتُ قبل أيام وأنا أتصفح نسخة من الطبعة الأولى التي نفدت من الكتاب، مدفوعاً بالفضول وحسب: ترى، أليس من المشروع منح هذه النصوص الشعرية فرصة أخرى في الحياة لتتنفس مع قارئها عبق الإطلالة الجديدة على عالم مختلف عما كانه قبل ربع قرن وأن نصدر طبعة جديدة من هذا الكتاب، خصوصاً بعد أن استُقْبِلَ بحفاوة ملحوظة في حينه؟ ويجد القارئ نصَّ إحدى القراءات المبكرة لهذا الكتاب وهي بقلم ناقد وروائي عربي معروف هو د. أحمد رفيق عوض من فلسطين المحتلة كشهادة حميمة من أجواء تلك الحفاوة.

على هذا وبسببه، ومع توفر فرصة جديدة لنشرها في بلدي العراق، رأيت من المفيد تعريف القارئ العراقي بهذه المنتخبات الشعرية التي تجمعني بها ذكريات حميمة خاصة. واحتفظ لها بتقييم نقدي خاص يخالطه شيء من حنين أدبي شفيف، فقيمة الشعر الحقيقي والجيد لا تتلاشى بمرور الأزمان لأنه كعطر امرأة ساحرة عصية على الوصف تبقى حتى وإنْ رحلت المرأة في البعيد. وخصوصا إذا حافظت القصيدة - كما هي الحال مع هذه المختارات - على خصيصة نادرة وهي أن يكون الشعر مهرجاناً شخصياً واحتفالاً بسيطاً ملوناً بالحياة ومعانيها من وجهة نظر شخصية وحميمة بحتة هي وجهة نظر الشاعر.

لقد بدأتُ بترجمة هذه المنتخبات حين كنت أعمل في الصحراء الجزائرية مدرساً في بداية الثمانينات من القرن الماضي. وكنت أُزَجِّي الوقت بترجمتها من بعض الكتب الشعرية التي أهداها لي صديق وشاعر وزميل عمل أميركي تقدمي هو توم وبستر؛ كنت أترجم منها بعض النصوص القصيرة في عزلتي الحميمة تلك، على مهل، ودونما غرض غير الاستمتاع الشخصي وتطوير لغتي الإنكليزية التي كانت وماتزال البسيطة وبعيدة جدا عن الاحتراف، ولم يكن قد خطر ببالي آنذاك أنها سترى النور وتنشر لاحقاً في كتاب.

وبمرور الوقت، وتعمق استمتاعي بتلك التجربة، تراكم في حوزتي عدد كبير نسبياً من مسودات ترجمات تلك القصائد، وحين انتقلت من الصحراء الجزائرية إلى مستقري الجديد قريبا من جبال الألب، وبدأتُ نشاطي التأليفي قررت وبتشجيع من أصدقاء اطلعوا على مسودات تلك النصوص الشعرية المترجمة ووجدوا فيها شيئا من بريق الشعر ومياهه الحية، فاقترحوا عليَّ أن أمنحها فرصة أن ترى النور، وهكذا كان!

وصدرت طبعتها الأولى كما أسلفتُ سنة 1999، بدعم وإشراف وتمويل من رفيقي البحراني الراحل عبدالرحمن النعيمي، صاحب دار "الكنوز الأدبية" ببيروت.

وها قد مرَّ أكثر من عقدين من السنوات، وقد عَنَّ لي أنْ أصدر منها طبعة جديدة مضيفاً لها ما ترجمته عن الشاعر الأمريكي گريگوري كورسو، بعد صدور الطبعة الأولى. وإنها لطبعةٌ مُرَحِّبَةٌ بامتنان بأية ملاحظات، استدراكات، مقترحات أو تصحيحات من القارئات والقراء الكرام على عنواني الإلكتروني في نهاية المقدمة. يقع الكتاب في 166 صفحة. 

تتوفر نسخ من هذه الكتب الثلاثة في:

1-مكتبة لندن العالمية في شاعر المتنبي – قيصرية الوراقين

2-مكتبة كريم حنش في الشارع نفسه داخل المركز الثقافي البغدادي

3-مكتبة النهضة العربية – الباب الشرقي - مدخل شارع السعدون

4-إضافة الى بسطية أحمد الربيعي في شارع المتنبي

*يمكن للمكتبات وباعة الكتب طلب كميات من الكتب مباشرة من مؤسسة أبجد وعنوانها:

العراق - محافظة بابل - مدينة الحلة – شارع 40

وعنوانها الإلكتروني هو:

[email protected]

موقع مؤسسة أبجد:

ebjed.com

صدرت عن دار ليندا للطباعة والنشر والتوزيع في سوريا، رواية للأديب الأستاذ سلام البهية السماوي، بعنوان: قلبٌ مبعثرٌ بالصبرِ

تقع الرواية في ١٠٢ صفحات من الحجم المتوسط، وبغلاف جميل من تصميم الفنانة: رباب رشيد

كتبت الشاعرة والروائيَّة السورية ليندا عبدالباقي في مقدمتها للرواية:

هي لغة الخيال، واستلهام ما في العقل الباطن للمشاعر، وتصويرها بلغة فنية بعيدة عن المألوف، ولكنَّها تتغلغل في إحساسنا تؤثِّر فينا تستنزف عاطفتنا، وقد تقلب قناعتنا بما حولنا كرموز مقدّسة في حياتنا وربّما تدفعنا إلى قناعات أخرى.

وهنا نقف أمام حدث يضمُّ العديد من الأحداث

نبحر مع الخيال: حتى نظنُّ أنَّه الواقع لا محال.

بلغةٍ جزلة واضحة بعيدة عن الألفاظ  الغريبة، وعن الأفكار المعقَّدة لغةٌ تحكي بسلاسة أحداثاً مريبةً، وتأتي الحلول بعيدةٌ عن أنماط تفكيرنا حلول جازمة صلبة قويَّة مغمَّسة بالعنفوان والكبرياء، حلول تخضع لعدالة السَّماء الإلهيَّة التي تنصف كلَّ مظلوم، وأحيانا تعذَّب البعض النَّقيَّ كشيء من الاصطفاء الرُّوحي نحو السُموِّ.

مفارقات عديدة يعبِّر عنها كاتبنا بخيالٍ، يجوب بقاع النَّفس الشَّيطانيَّة التي تعبث بالحبِّ والجمال ويقول لنا: للشرِّ نهاية.

والصَّبر يصنع الأبطال

والمصائب والمصاعب تهذِّب النَّفس البشريَّة

ولا تتشابه أمَّهاتُنا، الجنَّة تحت أقدام معظمهنَّ، وبعضهنَّ

القليل لا يستحقُّ الأمومة... كذلك الأبوَّة لا تتشابه.

ولكنَّنا كأبناء محكومون بمحبَّتهم ورعايتهم.

أظنُّ أنَّ هذه الروايةَ كسرتِ التابلوهاتِ، وعرَّت الحقائق داخل معظم بيوتنا التي تخفي الكثير، وتبقى الحقيقة سيّدة الموقف.

وللحبِّ نصيب عبر الحروف المنثورة أمام مخيلتنا

الحبُّ الإيجابيُّ والسَّلبيُّ

الإيجابيُّ الذي يصنع المعجزات ويصارع الشّرَّ

ربَّما القرية وطن مصغَّر لكلِّ الأوطان التي أستُعمِرت، وسُلِبَت حقوقها

وشُرِّدت شعوبها، وقد أعطانا الكاتب الحلَّ الأمثل للتحرّر من دنسهم هو الحبُّ، والمحبَّة، والتَّعاون، والشَّجاعة، والإقدامِ، والتضحية، والبناء الاقتصادي بيد الجماعة لتراصِّ القلوب، بالقضاء على الخيانات.

إذ كان حبُّ الوطن واجباً مقدساً للجميع، رغم الفقر.. المرض.. الحاجة.. وكلّ أنواع الذلّ.

وكان للمرأة دورٌ رائدٌ في تحفيز الرِّجال على القتال، والقتال معهم جنبا الى جنب لم تكن المرأة التي تعني بشؤون البيت بمعزل عن شؤون الوطن  وقناع الحبِّ السّلبي الذي يشبه إلى حدٍّ بعيد النزوات الشيطانيّة التي تتضخَّم فيها ألأنا حدَّ تشريد، وتعذيب أقرب النَّاس لتلك الشخصيّات النرجسيّة المتوّجة بالأذى.

تأخذنا الرّواية إلى بواطن النّفوس البشريَّة بأنواعها تبكينا وتفرحنا وتستنفذ صبرنا أحيانا عبر حروف صادقة، وقد تميل تلك الحروف إلى شاعريَّة مفرطة أحيانا وكيف لا؟.. وكاتبنا مسكونٌ بالشِّعر عبر الكثير من الدَّواوين المطبوعة سابقا..

 

من الكتب التي أعجبتني في بدايات قراءاتي الأدبية وحرصت على اقتنائها كتاب (فلسطين في الشعر النجفي المعاصر 1928 – 1968م) لمؤلفه المرحوم محمد حسين الصغير، والكتاب في الأصل رسالة مقدمة إلى كلية أصول الدين ببغداد، ونالت التقدير بدرجة الامتياز في الأدب العربي بتاريخ 26 حزيران 1968م، وطبع وصدر في شهر آب من السنة نفسها في مطابع دار العلم للملايين ببيروت، ويقع في 384 صفحة من القطع الكبير.

قدم للكتاب الدكتور عناد غزوان إسماعيل، وكان وقتها أستاذ النقد الأدبي والأدب العربي في كلية أصول الدين ببغداد حينها، جاء فيها: (أدب كل أمة من الأمم صورة منتزعة من واقعها بكل أبعاده واتجاهاته السياسية والدينية والاجتماعية والحضارية، وهي صورة ناطقة ذات مدى وجداني عميق، تتوهج انفعالاتها معبرة عن لواعجها وتباريحها، فتسكب في حروف شاعرها عصارة قلبها الباكي الحزين).

وأوضح المقدم في كلمته أن الأدب (بشعره ونثره ليس مجرد عملية عضوية ساذجة عابرة، أو همسة تتحدث عن أنفاس السحر، أو طلائع الفجر، إنما هو تجربة إنسانية تنطلق من أعماق ذات الأديب، الذي وُجد متحسسا بها، قادراًعلى انتهاجها، متذوقا لها حسب ظروفه وبيئته، فهي تجربة معاناة رائدة، ووعي أصيل، وإدراك صميم، فيها حرمان قد يصل إلى درجة التشاؤم، وفيها حرية قد تصل إلى حد التفاؤل)

وختم صفحات كلمته بقوله إن الكتاب (دراسة أدبية قيمة نادرة ستفتح آفاقاً أخرى جديدة في هذا الحقل، وسيبقى هذا الكتاب رائداً، والرائد لا يكذب أهله).

بيّن المؤلف في بداية كتابه منهجه البحثي وهدفه في هذه الرسالة، واستعرض في لمحات تأريخ فلسطين السياسي، ولمحة عن تاريخ النجف الفكري والسياسي المعاصر، قال في ختامها (لم يحتل موضوع من المواضيع السياسية والعربية الصدارة في شعر النجف كموضوع فلسطين، فلقد ناح عليها شعراؤه، وشاركوا في إبداء الرأي لحل مشكلتها، وقد أخصبت القرائح، وأججت الضمائر، وألهبت العواطف حتى عقدت المحافل، وسيرت المظاهرات، وتشكلت الندوات حافلة بفحول النجف الأشرف).

قسم المؤلف اتجاهات الشعر النجفي حول فلسطين إلى ثلاثة أقسام، على أساس حل القضية، هي: الاتجاه الفلسطيني، والاتجاه العربي، والاتجاه الإسلامي، والاتجاه العربي الإسلامي، وأورد لكل قسم شعراءه وقصائدهم التي اتضحت فكرتهم فيها، وأورد واحداً وثلاثين شاعراً نجفياً مع نصوص قصائدهم في هذا الموضوع، وألحق بهم خمسة قصائد خاصة به كانت قد ألقيت في مهرجانات عامة.، كما تضن الكتاب فهارس عامة تساعد الباحثين على الوصول إلى مبتغلهم فيه بسهولة.

***

جواد عبد الكاظم محسن

الصفحة 1 من 3

في المثقف اليوم