يقع كتاب (التُّراث المجهول – إطلالة على عالم المخطوطات) للدكتور يوسف زيدان؛ في 389 صفحة.
الكتاب إطلالة على العالم التُّراثي الفسيح والمتنوع والمجهول.. وهو تلويحٌ وتشّويق.
وقد أشار المؤلف إلى أن الغرض منه هو استكشاف التُّراث، لا تقديم موسوعة تراثية.
يبدأ المؤلف كتابه بمقدمة يحدد فيها غاية البحث ومنهاجه مؤكداً خطأ الانتقائية التي درج عليها الباحثين في التعامل مع التُّراث.
في مقدمة عامة يتساءل الكاتب: هل التُّراث مجهول؟ ومن ثمّ يُعلل أسباب اختياره لهذا العنوان للكتاب (التُّراث المجهول). فهو يرى أن التُّراث ما زال مجهولاً. قاصداً بالتُّراث كُلّ ما تركه السَّابقون من كِتابات وكُتُب خَطُّوها بأيديهم أو نسخها النُّسَّاخ على امتداد تاريخ الحضارة العربية الإسلامية الطَّويل. ص 11. يعدد تلك الأسباب في أن: تراثنا لا يزال مجهولاً بِحُكم الواقع لأن إحصاء ما نُشِر منه محققاً أو دون تحقيقٍ ومقارنته بما لم يزل مخطوطاً وبِما ضاع مع الزمان، لا يزيد عن خمسة بالمئة من مجموع التُّراث أو أقلّ من ذلك. وعلى ذلك فالجانب الأعظم منه لا يزال مجهولاً.
وتراثنا لا يزال مجهولاً بِحُكم الوعي به، لأننا لا نجد له أثراً في أعمال ومراجع الأساتذة المعاصرين.
وتراثنا لا يزال مجهولاً بِحُكم منطق الإلغاء والتَّغييب، هذا المنطق الذي ساد اليوم وأباد النَّظرة الموضوعية للتُّراث. فنرى بعض البلدان التي تأخذ بمذهب معين، تنشر التُّراث المخطوط الذي يؤكد مذهبها، وتُلغي تراث الفرق الإسلامية الأخرى.
وتراثنا لا يزال مجهولاً بِحُكم اغترابنا عنه، ذلك لأن التُّراث العربي الإسلامي ظلّ ممتدّاً زمناً طويلاً، ومرَّ بمنحنيات ارتفع فيها وانخفض في معدلات التَّحضر، لكنه لم ينقطع. حتى جاءت الحملة الفرنسية، ومن بعدها الاستعمار، فبدأ الاغتراب عن التُّراث.
وتراثنا لا يزال مجهولاً بِحُكم انعدام الخطّة المنهجية للتّعريف به، فقد صار نشر التُّراث اليوم عملاً تجارياًّ دعائياًّ غثاًّ رديئاً. مع بعض الاستثناءات القليلة. لكن الغالب الأعم هو فوضويات نشر التُّراث.
يتكون كتاب (التُّراث المجهول – إطلالة على عالم المخطوطات) للدكتور يوسف زيدان؛ من ثلاثين فصلاً، بعضها طويل وبعضها الآخر قصير، بحسب مقتضيات التّعريف بالنّص المخطوط، ومؤلفه، وما يدور حولهما من أفكار، ومع أن جملة فصول الكتاب تسعى لإلقاء نظرة عامة على التُّراث من خلال الجمع بين مخطوطاتٍ من شتى العلوم، إلّا أن مخطوطات العلوم كالطِّبّ والفلك والكيمياء سنراها أكثر من مخطوطات المعارف الدِّينية والأدب والتَّصوف..
* هذه الفصول الثلاثين للكتاب مرتبة ترتيباً ألفبائياً كما أشار الكاتب، كما يلي:
- الفصل الأول (مخطوطة طبية): (بُسْتَانُ الأَطِبَّاءِ وَرَوْضَةُ الأَلِبَّاءِ) لِابْنِ المُطْرَانِ ( ص 37)
تُعد هذه المخطوطة واحدة من أكثر المجاميع الطَّبية طرافة وتشويقاً، ومؤلفها موفق الدِّين بن المُطران من أشهر الأطباء العرب في القرن السَّادِس الهجري، أصله من دمشق حيث تعلم الطِّب. مارس العلاج في البيمارستان (المستشفى) الكبير في دمشق حتى توفي سنة 585 هـ. والكتاب المخطوطة ملئ بالمعلومات الطّبية والطّرائف العلاجية وتراجم الأطباء السابقين له، وفيه أيضاً ما لا حصر له من أقوال الحكماء وتعريفات المصطلحات والحكايات الشَّيِّقة.
- الفصل الثَّاني (مخطوطة فلكية): (تَحْرِيرُ المَجِسْطِي) لِلْطُّوسِي (ص 45)
كتاب المَجِسْطِي من أهم كتب الفلك عند اليونان، كان عنوانه في الأصل اليوناني: التّصنيف العظيم في لحساب. ومن كلمة (Megal) التي تعني العظيم استمد العرب كلمة المَجِسْطِي. مؤلفه هو العالم الرِّياضي والفلكي بطليموس. وكتاب المَجِسْطِي هو كتاب فلكي معقد جداً ولهذا احتاج العلماء العرب إلى جهودٍ طويلة لترجمته وتحريره، وظلَّ بعد ترجمته في حاجة إلى تحريره، و(التَّحرير) عند العرب يعني المُراجعة والتَّدقيق وإصلاح الأخطاء. ومن أشهر العلماء الفلكيين العرب الذين قاموا بتحريره، العلامة نصير الدِّين الطُّوسي (توفي سنة 672 هـ) في كتابه المخطوطة (تحرير المَجِسْطِي).
عن هذه المخطوطة يقول مؤرخ العلم المعاصر جورج سارتون (تدل على عبقرية الطُّوسي وطول باعه في الفلك، وإن الانتقادات التي وجهها الطُّوسي إلى بطليموس كانت هي الأساس للنَّظرية الفلكية المعاصرة كما قدَّمها كوبرنيقوس). من المعروف أن النِّظام البطليموسي كان يعد الأرض مركز الكون واعتبر أن الشَّمس وسائر الكواكب تدور حول هذا المركز الأرض، لقد أعاد الطُّوسي صياغة كتاب المَجِسْطِي وفقاً للأرصاد الفلكية التي قام بها بنفسه، فصحَّح الأخطاء التي وقع فيها بطليموس، خاصةً أن الطُّوسي كان قد توصل إلى نِظام فلكي أبسط كثيراً من نظام بطليموس المعقَّد، مما سهل له التّوصل إلى نتائج أدق. وقد جعله في ثلاثة عشرة مقالة، ووضع فيه 196 شكلاً هندسيّاً، يشرح فيها نظرياته الفلكية ونتائج رصده لأجرام السماء.
ويذكر المؤلف يوسف زيدان أن هذه المخطوطة (تَحْرِيرُ المَجِسْطِي) لِلْطُّوسِي لم تُنشر إلى ساعة تأليفه هذا الكتاب.
- الفصل الثَّالِث (مخطوطة فُنون عسكرية): (تُحفَةُ المُجَاهِدِينَ فِي العَمَلِ بِالمَيَادِين) لِلْطَّرَابُلْسِي. (ص 53)
المخطوطة عسكرية، مؤلفها هو الأمير المملوكي لاجين بن عبد الله الذّهبي الحُسامي، المعروف بالطَّرَابُلْسِي (توفي سنة 738 هـ). المخطوطة صغيرة الحجم، تقع في بعض نُسخها في 24 صفحة، وتتميز هذه المخطوطة بالرُّسوم والأشكال التوضيحية التي تعرف اليوم بالرسم الكروكي وفيها يوضح المؤلف عمليات التعبئة العسكرية، وطُرق لمبارزة والاقتحام، وأساليب الهجوم والتقهقر.
- الفصل الرابع (مخطوطة طبية): (التَّصْرِيفُ لِمَنْ عَجَزَ عَنِ التَّأْلِيفِ) لِلزَّهْرَاوِي (ص 63)
مؤلف المخطوطة هو أبو القاسم الزَّهراوي ينتسب إلى بلدة الزَّهراء نشأ في الأندلس (توفي سنة 404 هـ).
وهذه المخطوطة عبارة عن عمل علمي ضخم يقع في ثلاثين جزءاً، بعضها مُخصص للطّب، وبعضها الآخر للصيدلة، وبعضها الأخير للجراحة.. لقد كان الزَّهراوي لحظة مجيدة في التّاريخ العقلي لهذه الأمة.
- الفصل الخامس (مخطوطة فنون عسكرية): (تَفْرِيجُ الكُرُوبَ فِي تَدْبِيرِ الحُرُوبِ) لمؤلفٍ مجهول (ص 71)
هذه المخطوطة وضعها مؤلفها المجهول للملك النّاصِر فرج بن برقوق الذي تولى الحكم من سنة 801 هـ إلى سنة 808 هـ.
- الفصل السَّادِس (مخطوطة كيميائية): (جَامِعُ الأسْرَارِ) لِلْطُغْرَائِي (ص 81)
مؤلف هذه المخطوطة هو فخر الكُتَّاب أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصَّمد، الوزير، الطُّغْرَائِي (ولد سنة 453 هـ وتوفي سنة 515 هـ). ولَقَبَ (الطُّغْرَائِي) مُستمد من كلمة (طُغْرَاء) وهي الطُّرَّةُ التي تكتب فوق الرَّسائل مُتضمنة البسملة، حيث كان الطُّغْرَائِي يقوم برسمها وكتابتها بخطِّه الذي عُدَّ آيةً في الجمال. وقامت شُهرةُ الطُّغْرَائِي على كونه صاحب القصيدة المشهورة (لامية العجم). لكنه اشتهر أيضاً بالصُّنعة (الكيمياء) وترك في ذلك هذه المخطوطة، التي بيَّن فيها العمليات الكيميائية المُعقدة.
- الفصل السَّابِع (مخطوطة صوفية): (جَلَاءُ الخَاطِرِ فِي الظَّاهِرِ وَالبَاطِنِ) للجِيلَانِي (ص 89)
الإمام عبد القادر الجيلاني واحدُ من كبار العلماء الأولياء في الإسلام، توفي سنة 561 هـ. وهذه المخطوطة تشع بالهدى الرَّباني، وتأخذ بيد القارئ إلى طريق الصَّلاح. ونقرأ فيها أن الإمام عبد القادر الجيلاني يُخاطب أهل العلم فيقول: (يا عالم، لو كان عندك ثمرة العلم والبركة، لما سعيت إلى باب السَّلاطين في حظوظ نفسك وشهواتها، العالم لا رجلان له يسعى بهما إلى أبواب الخَلْقِ، والزَّاهد لا يدان له يأخذ بهما أموال النَّاس، والمُحِبُّ لله لا عينان له ينظر بهما إلى غيره (تعالى)، المُحِبُّ الصَّادق لو لقي الخَلق كلهم مَا حلَا له النَّظر إليهم، لا ينظرُ إلى غير محبوبه، ولا تكبُر في عيني رأسه الدُّنيا، ولا تكبُر في عيني قلبه الأخرى، ولا يكبر في عيني سِرِّه غير المولى.. زعاق المُنافق من لسانه ورأسه، وزعاق الصَّادق من قلبه وسِرِّه، قلبه على باب ربِّه عزَّ وجلَّ، وسِرُّهُ داخِلٌ عليه، لا يزال يصرُخ على الباب حتى يدخُل الدَّار.).
- الفصل الثَّامن (مخطوطة أدبية): (جَمْهَرَةُ الإِسْلَامِ ذَاتُ النَّثْرِ وَالنِّظَامِ) لِلْشَّيْزَرِي (ص 95)
مُؤلِّفُ هذه المخطوطة هو أمين الدَّولة أبو الغنائم مُسلم بن محمود الشَّيْزَرِي، أحد أدباء العرب الذين عاشوا في لنِّصف الأول من القرن السَّابع الهجري باليمن. تقع هذه الجمهرة في جزئين، وهي عبارة عن مختارات أدبية من النَّثر والشِّعر (النّظم) العربي. جمعها الشَّيْزَرِي وانتقاها من التُّراث السَّابِق عليه.. والقيمة الحقيقية لها تتمثل في احتفاظها ببعض النُّصُوص والقصائد التي أُصُولها اليوم ضائعة. ولم نعد نعرفها إلّا من خلال هذه (الجمهرة) التي توجد منها نُسخة وحيدة في العالم في مكتبة جامعة (ليدن في هولندة).
- الفصل التَّاسِع (مخطوطة فلكية): (الدَّرَجَاتُ المَعْرُوفَةُ) لِبَنِي مُوسَى بن شَاكِر (ص 105)
هذه المخطوطة، هي موسوعة فلكية، وهي ليست من تأليف شخص واحد، بل هي من تأليف الإخوة الثلاثة أبناء موسى بن شاكر وهُم أحمد ومحمد والحسن (بنو موسى). وكانت أُسرة (موسى بن شاكر) قد تخصصت في علوم الهندسة والحيل (الميكانيكا) والمساحة والفلك والفيزياء، وكان رب هذه الأسرة (موسى) من منجمي المأمون وندمائه. وهُم في مخطوطة (الدَّرجات المعروفة) يقدمون نَصّاً مُهِمّاً في الفلك والرِّياضة.
- الفصل العاشر (مخطوطة أدبية): (دِيوَانُ ابْن الصَّبَّاغ الجُذَامِي ) لابْنِ الصَّبَّاغ (ص 113)
صاحب هذا الدِّيوان المخطوطة هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن الصَّبَّاغ الجُذَامِي، عاش في الحقبة الأخيرة من دولة الموحدين، أيام الخليفة المرتضى المقتول سنة 665 هـ. والمخطوطة الوحيدة من هذا الدِّيوان، موجودة في الخزانة الملكية بالرباط في المغرب تقع في 200 ورقة، مكتوبة بالخط الأندلسي. وتبدأ بقصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وفي الدِّيوان كثيرٌ من المدائح النَّبويّة الرَّقيقة، وفيه أيضاً العديد من المقاطع الزجلية، والموشحات الأندلسية، والمُكَفِّرَات، وكلمة (مُكَفِّرَات) من مصطلحات التَّوشِيح، يشرحها لنا ابن سيناء الملك فيقول: (والموشحات يُعمل فيها ما يُعمل في أنواع الشِّعر، من الغَزل والمَدح والرِّثَاء والهَجاء والمُجون والزُّهُد، وما كان منها من الزُّهُد يُقال له: المُكَفِّر، ولا يُعمل إلّا على وزن معروف). فهي نوع من الإنابة إلى الله، والتَّكفير عن أشعار يكون الشّاعر قد قالها في زمن اللهو، فيتوب ويستغفر ربَّهُ عن شِعره السَّابق، بِشِعر المُكَفِّرات، أي يستغفر بالشِّعر عن الشِّعر، ومنها تلك الموشحة التي يُكَفِّر فيها عن كُلِّ بيتٍ بثلاثة أشطر:
شَـجْـوُ الـوُرْقِ فِي الأَفْـنَـانِ *** غَــدَاةَ النَّــوى أَفْـنَــانِي
أَيَــا نَـــــائِـحَ الأَفْـنَــــانِ
بُـكَــــاؤُكَ قَـدْ أَشْجَـــانِي
وَسَهْمُ النَّــوَى أَضْنَــانِي
وَتَـفْـنَى وَكُـلٌّ فَـــــــــــانٍ *** مُـحَــالٌ يَـبْـقـى إِلْـفَــــانِ
كَفْكِفْ دَمْعَـكَ المَطْـلُـولاَ
وَاتْرُكْ نَدْبَـكَ الطُّـلُـــولاَ
وَزُرْ أَحْـمَــدَ الـرَّسُــولاَ
- الفصل الحادي عشر (مخطوطة كيميائية): (دِيوانُ فِرْدَوْسِ الحِكْمَةِ) لِخَالِد بن يَزِيد (ص 121)
يُنسب تأليف هذه المخطوطة إلى خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، الأمير الأُموي القُرَشي. اختلفوا في وفاته ما بين سنتي 82 و90 هـ . وقد أسهم في حركة التَّرجمة، بنقل كُتُب الطِّبّ والكيمياء من اليونانية إلى العربية.
- الفصل الثاني عشر (مخطوطة تاريخية): (الرَّوْضُ المُغَرَّسُ فِي فَضَائِلِ بَيْتِ المَقْدِس) لِلْحُسَيْنِي (ص 129)
مؤلف هذه المخطوطة هو تاج الدِّين عبد الوهاب بن عمر الحُسَيْنِي، توفي سنة 875 هـ. تميزت هذه المخطوطة بالدِّقة في وصف بيت المقدس بدءاً من أسماء المساجد وقصة بناء المسجد لأقصى.. وهذه المخطوطة محفوظة في مكتبة الدَّولة ببرلين بألمانيا . ويُعقب المؤلف يوسف زيدان على ذلك قائلاً: "إذا كانت بيت المقدس اليوم أسيرة في يد إسرائيل، فإن مخطوطة الرَّوض المُغَرَّسُ فِي فَضَائِلِ بَيْتِ المَقْدِس أسيرة في ألمانيا."
- الفصل الثالث عشر (مخطوطة أدبية): (الرَوْضَةُ الغَنَّاء فِي اُصُولِ الغِنَاء) لمؤلف مجهول (ص 137)
المخطوطة عبارة عن مجموع من الموشحات والأزجال والنُّصُوص الشَّعرية التي كان يُتغنَّى بها في الأندلس والمغرب. ولا يوجد منها إلَّا نسخة وحيدة نادرة محفوظة في الخزانة العامة بالرِّباط في المغرب. وهي مكتوبة بالخط المغربي.
- الفصل الرَّابع عشر (مخطوطة صوفيّة): (الشَّجَرة لإِظْهَارِ الثَّمَرَة) لِلمَقْدِسِي (ص 145)
مؤلفها هو أبو محمد عز الدِّين بن عبد السَّلام بن أحمد بن غانم المقدِسي. ولد سنة 920 هـ وتوفي سنة 1004 هـ. وهو واحد من مشاهير رجال التَّصوف. وهذه المخطوطة توجد منها نسخة واحدة بمكتبة الإسكندرية بمصر. في هذه المخطوطة يستعرض المؤلف قصة الخلق بأسلوب رمزي أخَّاذ، فينظر إلى الوجود على أنه شجرة نبتت من بذرة الأمر الإلهي (كُنْ) فأورقت حتى ظهرت الثِّمار، وهو يمزج كلامه بالنَّصِ القُرآني مزجاً لطيفاً بليغاً.
- الفصل الخامس عشر (مخطوطة طبيّة): (شَرْحُ تَقْدُمَةِ المَعْرِفَةِ) لِلبَغْدَادِي (ص 159)
مؤلف هذه المخطوطة هو موفق الدِّين أبو الفضل عبد اللطيف بن يوسف بن محمد البغدادي (توفي سنة 629 هـ) الذي شرح كتاب (تَقْدُمَة المَعْرِفَة). توجد منها نسخة في دار الكتب المصرية.
هذه المخطوطة هي وثيقة مهمّة من وثائق الاتِّصال بين العرب واليونان القديمة من ناحية، وبين العرب وأوربا النَّاهضة من ناحية أخرى. كلمة (تَقْدُمَة المَعْرِفَة) تعني التنبؤ بما سيكون عليه المرض في المستقبل، ويُشار إلى نفس المعنى باصطلاح آخر هو (الإنذار المرضي) وقد اعتمد أبقراط في ذلك على الملاحظة الدَّقيقة ذات الطّابع العلمي، فكان بذلك أحد الذين حرَّرُوا الطِّبّ من الخرافة والكهانة والتَّنجيم. وكتاب (تَقْدُمَة المَعْرِفَة) عبارة عن مجموعة من الفقرات الطّبية الموجزة وقد أقبل الأطباء في العصور المختلفة على شرح عباراته وتأويل مقاصده.
- الفصل السَّادس عشر (مخطوطة طبيّة): (شَرْحُ فُصُول أَبُقْرَاط) لِابن أبي صَادِق (ص 169)
مؤلف هذه المخطوطة هو أبو القاسم عبد الرَّحمن بن علي بن محمد بن أبي صادق النيسابوري، هو طبيب فاضل بارع في العلوم والحكمة كثير الدِّراية بالصِّناعة الطِّبية.
- الفصل السَّابع عشر (مخطوطة فلكية): (صُوَرُ الكَواكِبِ الثَّمَانِيةِ وَالأَرْبَعِين) لِلصوفي (ص 177)
مؤلف هذه المخطوطة هو أبو الحسن عبد الرَّحمن بن عمر الصُّوفي الرَّازي ولد بالرَّيّ بفارس عام 291 هـ. وكان من أعظم فلكيِّي الإسلام. وقد قام الصُّوفي بقياس نُجوم السَّماء طُولاً وعرضاً، وعيَّنَ مواقعها وأقدارها وألوانها، حتى أصبح لدى العرب ما يُشبه الأطلس الدَّقيق الذي يهتدون به في دراستهم، وقد وجد في أثناء قياساته أن بطليموس كان مُخطئاً في كثيرٍ من القياسات فصححها وخرج بكتاب (صور الكواكب الثَّمانية والأربعين). وفي هذا الكتاب أعاد الصُّوفي الأسماء العربية القديمة إلى حظيرة علم الفلك، وحدَّد النُّجوم التي تشكل منازل القمر الثمانية والعشرين، وقد كان أول من وصف المجرة السَّحابية في المرأة المُسَلْسَلة (مجرة أندروميدا) وسماها اللطخة السَّحابية. مع العلم أن أول مَنْ وصفها من الأوربيين كان سيمون ماريوس سنة 1612 م.. إن تقدير الصُّوفي لم يقتصر على العرب والمسلمين وحدهم، بل أن العلماء الغربيين أيضاً فعندما اكتشف المرقب - التليسكوب - في مطلع القرن السَّابع عشر، وأخذ الغرب يُسمي فوهات القمر، لم ينس هؤلاء العُلماء أن يُسموا فُوَّهة باسم الصُّوفي (AZOPHTI) منذ سنة 1515 م، تقديراً لجهوده الكبيرة في علم الفلك.
ونأتي إلى كتابه (صور الكواكب الثَّمانية والأربعين) فنراه يبدأ بمقدمة يؤرِّخُ فيها للبُحُوث الفلكية السَّابِقة، وينتقدها. ثم يعرض في بقية الكتاب لمواقع الكواكب استناداً لأرصاده الدَّقيقة، مع تزويد النَّصّ بالجداول الفلكية والرُّسوم الجميلة التي تصور الكواكب على ما يُرى في السَّماء، وعلى ما يُرى في الكرة، مع بيان اسمه ورمزه.
وتبقى نقطة أخيرة، يُمكن صياغتها في هذا السُّؤال: إنّ تلك الصُّور التي زَيَّنتْ كتاب (صور الكواكب الثَّمانية والأربعين) وغيرها من بدائع فنّ المُنمنمات التي ازدانت بها المخطوطات العربية الإسلامية، ألَا تُكَذِّب الدَّعوى القائلة: أن المسلمين كرَّهُوا التَّصوير، وأن الإسلام حرم الفن؟.
- الفصل الثَّامِن عشر (مخطوطة جغرافية): (صُورةُ الأرضِ المسالك والممالك) لِابن حَوْقَل (ص 195)
مؤلف هذه المخطوطة هو أبو القاسم محمد بن حوقل.
- الفصل التَّاسع عشر (مخطوطة أدبية): (عُقُود اللآل فِي المُوَشحات والأزجال) للنواجي (ص 205)
مؤلف هذه المخطوطة هو محمد بن حسن بن علي بن عثمان، الشَّمس النَّواجي نسبة لنَوَاج بالغربية بالقرب من المحلة بمصر، شاعر الوقت، ولد بالقاهرة عام 785 هـ. وتوفي سنة 859 هـ.
ويقع مجموع (عقود اللآل) في بابين، الأول يضم نصوصاً من الموشحات المغربية والمشرقية لمؤلفين من أمثال: ابن زهر، ابن الرَّقَّاق، ابن اللَّبَّابة، ابن الخطيب، ابن سَهْل.. وهؤلاء من موشحي المغرب. ومن موشحي المشرق اختار النَّواجي نصوصاً لابن حبيب صفي الدِّين الحِلِّي، ابن الدَّهَّان، الشِّهاب الموصلي، سراج الدِّين المَحَّار.. وغيرهم. والباب الثَّاني في الأزجال، وفيه منتخبات كثيرة لزجَّالين من المغرب والمشرق، أمثال: ابن قُزمان، ابن النَّبيه، ابن حِجة، الغباري، الزَّيني الخَرَّاط، ابن مُكَانس.. بالإضافة إلى أزجال النَّواجي نفسه.
وقد انتهى النَّواجي من تدوين مجموع (عقود اللآل) سنة 868 هـ.
- الفصل العشرون (مخطوطة فلسفة ومنطق): (عُنْوَانُ الحَقِّ وَبُرْهَانُ الصِّدْقِ) للأَبْهَرِي (ص 213)
مؤلف هذه المخطوطة هو أثير الدِّين الأَبْهَرِي المفضَّل بن عمر بن المفضَّل، ولد في قرية أَبْهَر قرب قَزْوين سنة 600 هـ، وتوفي سنة 663 هـ. واشتهر في عصره كواحدٍ من كبار الحكماء والمَناطِقة والمشتغلين بعلم الفلك.. وقد ترك في هذه التَّخصُصات العلمية عدة مُؤلفات.
أما مخطوطة (عنوان الحق وبرهان الصِّدق) فهي كتاب في الحكمة بمعناها العام، ويقع في ثلاثة أجزاء. القسم الأول بعنوان القول في المنطق، والقسم الثَّاني بعنوان القول في العلم الطَّبيعي، والقسم الثَّالث والأخير بعنوان القول في العِلم الإلهي.
- الفصل الواحد والعشرون (مخطوطة طبيعيات): (عَيْنُ الحَيَاةِ فِي اسْتِنْبَاطِ المِيَّاه) للدَّمَنْهُورِي (ص 223)
مؤلف هذه المخطوطة هو أبو العباس أحمد بن عبد المنعم بن يوسف بن صيام الدَّمنهوري الشَّاطبي الشَّاطِر ولد بمدينة دمنهور الغربية عام 1101 هـ. وتوفي سنة 1192 هـ / 1778 م.
وفي مقدمة هذه المخطوطة، يشرح الدَّمنهوري معنى (استنباط المياه) فيوضح أن الاستنباط هو الاستخراج، وعلى ذلك فهذا العلم يقصد به استخراج المياه الكامنة في الأرض للانتفاع بها في إحياء النَّبات والحيوان.. وهو يُلفت النَّظر إلى مسألة طريفة، هي علاقة الإنسان بعناصر الطَّبيعة، فمن ذلك مشابهة نفس الإنسان للنَّار ويستدل على ذلك بأن الإنسان يعيش في المكان الذي تكون فيه النَّار، ويهلك حيث تنطفئ. كما يتحدث عن الرِّياح وطبيعتها واتجاهها، وكيفي تكوُّن السُّحب..
وفي الباب الأول من هذه المخطوطة (في بيان المواضع التي فيها ماء، والتي لا ماء فيها، والتي ماؤها قريب، والتي ماؤها بعيد) فيُعدِّد الدلائل على وجود الماء أو عدمه، ويستخدم في ذلك التجارب الدقيقة بعيداً عن أي تفكير غير علمي، ويشرح خطوات كل تجربة.
والباب الثَّاني (في حفر الآبار وما يتعلق بذلك) وفيه يبيِّن كيفية حف الآبار.
وفي الخاتمة يقدم تصوراً عن أقاليم الأرض وأنهارها وجبالها، ويضع تفسيراً علميّاً لحدوث الزَّلازِل والبراكين.
ويُعدِّد أقاليم الأرض، وخصائص كلَّ إقليم ومساحته، ويصف أهل كلّ إقليم من حيث لون البشرة وطبيعة الأخلاق، ثم يختتم مخطوطته ببعض الوصايا القرآنية والنَّبوية ، ويذكر طرفاً من أقول الحكماء، كقول أفلاطون: (اطلب العِلم يُعظِّمك الخاصَّة، واطلب المال يُعظِّمك العامّة، واطلب الزُّهد يُعظِّمك الجميع).
- الفصل الثَّاني والعشرون (مخطوطة طبيّة): (قَامُوسُ الأطِبَّاء وَنَامُوسُ الألِبَّاء) للقَوْصُونِي (ص 241)
مؤلِّفُ هذه المخطوطة هو رئيس الأطبَّاء، مَدْيَنُ بن عبد الرَّحمن القَوْصُونِي. كان مُديراً للبيمارستان المنصوري في القاهرة المعروف في زمنه باسم دار الشِّفاء. ولقب القَوْصُونِي نِسبة إلى بلدة قَوْص في صعيد مصر. ولد عام 969 هـ وتوفي سنة 1044 هـ.
مخطوطة (قاموس الأطبَّاء) تقع في مجلدين، ومن خلالها نتعرف على بعض المفردات التي يقدمها لنا القَوْصُونِي، وفيها عرض لخلاصة ما انتهى إليه العِلم العربي في ميادين الطِّب والصِّحة العامة وأمور العلاج والفسيولوجيا وتكوين الأعضاء وتشريح العِظام والعضلات والصَّيدلة والموازين الطَّبية وخواص الحيوان.. وقد صيغ ذلك كله بلغة عربية سليمة.
- الفصل الثَّالث والعشرون (مخطوطة طبيّة): (قَانُونُ الزَّمَانِ فِي تَدْبِيرِ الإِنْسَانِ) لابن البَيْطَار (ص 255)
مؤلِّفُ هذه المخطوطة (قانون الزَّمان في تدبير الإنسان) هو أبو محمد عبد الله بن أحمد المَالَقي النَّباتي، ضياء الدِّين، ويُعرف بابن البيطار. ولد عام 593 هـ وتوفي سنة 646 هـ/ 1248 م.
قامت شهرة ابن البيطار على كونه واحداً من أهم الصَّيادلة والعشَّابين في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية. لكن في هذه المخطوطة (قَانُونُ الزَّمَانِ فِي تَدْبِيرِ الإِنْسَانِ) سنكتشف ابن البيطار في ثوب الطَّبيب النَّطاسي.
لا توجد من مخطوطة (قانون الزَّمان) غير نسخةٍ واحدة بمكتبة جامعة أوبسالا.
يبدأ (قانون الزَّمان) دائرة كبيرة تحت البسّملة وقبل الحمّدلة، تضم الأقسام الأربعة والأربعين للكتاب؛ وكأنها فهرس دائري، حيث يعرض لبيان العلل والأمراض، والأورام وأصنافها، والأمراض العارضة في ظاهر البدن.
- الفصل الرَّابع والعشرون (مخطوطة فلكية): (كِفَايَةُ التَّعْلِيمِ في معْرِفةِ وَضْعِ التَّقَوِيم) للرِيشي (ص 269)
مؤلف هذه المخطوطة هو أحمد بن غلام الله بن أحمد بن محمد الشِّهاب الرِّيشي القاهري الميثاقي، وتوفي سنة 836 هـ. توجد نُسخة من هذه المخطوطة في دار الكتب المصرية. تقع المخطوطة في 34 صفحة من القطع المتوسط، وتشتمل على ثمان فصول وخاتمة.
- الفصل الخامس والعشرون (مخطوطة أُصُول الدِّين): (لُبَابُ المُحَصِّل) لابن خلدون (ص 277)
مؤلف هذه المخطوطة (لُبَابُ المُحَصِّل) هو أبو زيد وليُّ الدِّين عبد الرَّحمن بن محمد بن محمد الحضرمي الإشبيلي التُّونسي القاهري المالكي. ولد في أول رمضان من عام 732 هـ بتونس، وتوفي سنة 808 هـ ودفن بمقابر الصُّوفية خارج باب النَّصر بالقاهرة.
لَبَابُ المُحَصِّل؛ كتاب مشهور للإمام فخر الدِّين الرَّازي المتوفي سنة 606 هـ، عنوانه (مُحَصِّل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين). وهو كتاب في أُصُول الدِّين وعِلم الكلام. درس ابن خلدون كتاب (المُحَصِّل) وشرع في استخلاص (لُباب) كتاب (المُحَصِّل). وكتاب (لُبَابُ المُحَصِّل) لا توجد منه غير نُسخة واحدة فريدة في العالم محفوظة بمكتبة دير الأسكوريال وهي بخط ابن خلدون نفسه. وقد ألفه في أصول الدِّين وعِلم الكلام. ودراسة هذه المخطوطة كتاب (لُبَابُ المُحَصِّل) تكشف طبيعة الإطار المعرفي الذي نشأ فيه عبد الرَّحمن بن خلدون، والأُسُس الكلامية التي انطلق منها.
- الفصل السَّادِس والعشرون (مخطوطة أُصُول الدِّين): (مَحْوُ الشُّبُهَات) لإبراهيم حلمي القادري (ص 293)
مؤلف مخطوطة (مَحْوُ الشُّبُهَات عن مشروعية طلب المحو والإثبات وزيادة العمر والرِّزق والسَّعادة واستجابة الدَّعوات والكلام في القضاء والقدر) هو الشَّيخ إبراهيم حلمي القادري، الإسكندراني المولد والمنشأ والإقامة والوفاة. ولد عام 1322 هـ، وتوفي وهو يُصلي بتلاميذه تراويح ليلة السَّابع والعشرين من رمضان سنة 1390 هـ. رحمه الله. تقع المخطوطة في 157 صفحة من القطع الكبير، وهي تتناول مشروعية المحو والإثبات وما يتعلق بمسائل الدُّعاء، والحُرّيّة والجبريّة، والقدر، وغير ذلك من القضايا الكلامية المُتعلقة بعلم أُصُول الدِّين.
والكتاب ينقسم إلى قسمين، كل قسم فيه خمسة فصول، في القسم الأول فيه فصول: الاستطاعة، أفعال العِباد، العِلم الإلهي، القضاء والقدر، أُمّ الكِتاب الفاتحة. وفي القسم الثَّاني فيه فصول: المحو والإثبات، تعميم المحو والإثبات، استجابة الدَّعوات، زيادة الآجال والأرزاق ونقصانها، السَّعادة والشَّقاوة.. وينتهي الكتاب بخاتمة حول ليلة البراءة ليلة النِّصف من شعبان، وليلة القدر.
- الفصل السَّابِع والعشرون (مخطوطة سير وترجم): (مُخْتَصَرُ غِبْطَةِ النَّاظِرِ) لابن حَجَر العَسْقَلَانِي (ص 301)
مؤلف هذه المخطوطة هو ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد، العسقلاني الأصل، المصري المولد والمنشأ، نزيل القاهرة. ولد في سنة 773 هـ، وتوفي سنة 852 هـ. ودُفِن في القرافة بالقاهرة.
مخطوطة كتاب (مُخْتَصَرُ غِبْطَةِ النَّاظِرِ) عبارة عن تراجم للشيخ الإمام عبد القادر الجيلاني، تسرد أخبار الإمام عبد لقادر الجيلاني فتحكي عن صلته بمشايخ وقته، وشيوخه في الطريقة والتَّصوُّف، وقد احتوت المخطوطة على بعض النُّصوص الجيلانية الباهرة.
والمخطوطة الفريدة ولعلها الوحيدة من كتاب (مُخْتَصَرُ غِبْطَةِ النَّاظِرِ) محفوظة بالخزانة العامة بالرِّباط بالمغرب، وتقع في 44 صفحة.
- الفصل الثَّامن والعشرون (مخطوطة موسوعية): (مَسَالِكُ الأَبْصَارِ فِي مَمَالِكِ الأَمْصَارِ) لابن فَضْلِ الله العُمَرِي (ص 315)
مؤلف مخطوطة (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار) هو شهاب الدِّين أبو العباس أحمد بن يحي بن فضل الله بن مجلى بن دعجان بن خلف، الدِّمشقي الشَّافعي، المعروف بابن فضل الله العُمَرِي لأن أُصول نسبه تعود به إلى الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ولد عام 700 هـ، وتوفي في عرفات وهو يقف مع الحجيج سنة 749 هـ. درس علوم عصره بالقاهرة ودمشق.
هذه المخطوطة الموسوعية (مَسَالِكُ الأَبْصَارِ فِي مَمَالِكِ الأَمْصَارِ) هائلة الحجم والقيمة، تقع في 27 مجلداً، وتُعد من روائع التُّراث العربي. وتنقسم إلى قسمين: الأول في الأرض، أي الجغرافيا وما يلحقها، والثَّاني في سكان الأرض، ويُقسم هذا الأخير إلى ما يتعلق بالحيوان النَّاطق وغير النَّاطق، فبحث في الأجزاء الأولى منه، في التَّاريخ الطَّبيعي والجغرافية ما يتبع ذلك من مسالك الممالك والرِّياح وعجائب البر والبحر ومواقع مشاهير البلاد، وخصوصاً مصر والشَّام والحجاز، ومنازل العرب، وتراجم الأطبَّاء والعُلماء والفُقهاء، ورجال العِلم والسِّياسة والإدارة. ثم نظر في غير النَّاطق والجماد، وبحث في العلوم الطَّبيعية كالمعادن والحيوان والنَّبات، وتوسع في وصف الطُّيور وسائر الحيوان. وقسم التَّاريخ حسب الأمم والبلدان على اختلاف الزَّمان والأصقاع، حتى 744 هـ، ودقَّق في تواريخ المغول والهنود والأتراك والأكراد، فضلاً عن الأمم الأخرى.
- الفصل التَّاسع والعشرون (مخطوطة فلكية): (نِهَايَةُ الإِدْرَاكِ فِي دِرَايَةِ الأَفْلَاكِ) للشيرازي (ص 329)
مؤلف مخطوطة (نِهَايَةُ الإِدْرَاكِ فِي دِرَايَةِ الأَفْلَاكِ) هو قطب الدِّين محمود بن مسعود بن مصلح الفارسي الشِّيرازي، ولد في شيراز عام 634 هـ، وتوفي في تبريز سنة 710 هـ. وقد نشأ في بيت عِلمٍ، فكان لأبيه وعمه اشتغال بالطِّبّ، فقرأ عليهما المعارف الطّبية، وعمل في ابتداء أمره طبيباً بمستشفى شيراز، ثم ارتحل إلى مراغة ليدرس الفلك والرِّياضيات على نصير الدِّين الطُّوسي.
هذه المخطوطة الفلكية (نِهَايَةُ الإِدْرَاكِ فِي دِرَايَةِ الأَفْلَاكِ) للشيرازي، يوجد العديد من نسخها في أوربا، لكن الكاتب اعتمد على النُّسخة الخطية المحفوظة بمكتبة كوبرلى زاده باسطنبول في تركيا وقال أنها نسخة جيدة مزدانة برسوم هندسية دقيقة.
- الفصل الأخير (مخطوطة منطقية): (الوُرَيْقَاتُ فِي المَنْطِقِ) لابن النَّفِيس (ص 341)
مؤلف هذه المخطوطة (الوُرَيْقَاتُ فِي المَنْطِقِ) هو علاء الدِّين علي بن الحرم القَرَشي الدِّمشقي المصري، المعروف بابن النَّفيس، ولد عام 607 هـ بقرية قرب دمشق اسمها (القَرَش) وإليها نسبته، ونشأ وتعلم بالشَّام، ثم وفد إلى مصر وظلّ بها حتى وفاته سنة 687 هـ. وفي القاهرة اشتهر ابن النَّفيس ونال مكانة كبيرة بين معاصريه، حتى أصبح رئيس أطباء مصر.
ولا توجد من (الوُرَيْقَاتُ فِي المَنْطِقِ) غير مخطوطة وحيدة في العالم، محفوظة بمكتبة بودليان بأُكسفورد، وتقع في 200 ورقة من القطع الكبير والورقة صفحتان. وتشتمل (الوُرَيْقَاتُ فِي المَنْطِقِ) على مقدمة تتناول بيان الحاجة إلى المنطق ومنفعته وأقسامه وبعض الشُّكوك على المنطق وحلِّها. وتسعة أبواب تقع في تسعة كتب منها ما ينقسم إلى فصول كثيرة، ومنها ما لا ينقسم. وأوَّلها كتاب (إيساغوجي) هو مدخل ومقدمة في المنطق. والكتاب الثاني هو (قاطيغورياس) أو المقولات. والكتاب الثَّالث هو (بارير مينياس) أو العبارات، ويتناول الألّفاظ المركبة في جمل وأقسام الجملة والقضية، ويتوقف عند (القضية الشَّرطية) بوجه خاص، وهي الأساس الذي يقوم عليه المنهج الاستقرائي، والمنطق الرِّياضي المعاصر (اللوجيستيقا). والكتاب الرَّابع هو (أنولوطيقا الأولى) أو القياس، وفيه يتناول ابن النَّفيس أشكال القياس وضروب كل شكل وهيئة المقدمات والحدود والنَّتائج. والكتاب الخامس هو (أنولوطيقا الثاني) أو البرهان. والكتاب السَّادس هو ( طوبيقا) أو الجدل، ويعرض ابن النَّفيس عبر فصوله لماهية الجدل ومفاهيمه المتعددة، والغرض من الجدل والمطالب الجدلية المختلفة وكيفية الاحتيال في القول، بالإضافة إلى عملية القدح في الحدود والمقدمات. والكتاب السَّابع هو (سوفسطيقا) أو المغالطات والسفسطة. والكتاب الثَّامن هو (رطوبيقي) أو الخطابة وما يخص المتحدِّث منها. وأخيراً الكتاب التَّاسع وهو (قطوريقي) أو القياس الشِّعري، الذي يقول فيه ابن النَّفيس: القياس الشعري فائدته الحثُّ أو القبض بالتَّخييل، من غير اعتبار صدق؛ حتى لو أُستُعمِل فيه الصَّادق اليقيني، لم يكن ذلك شِعراً من جهة ما هو صادق، بل من جهة تخييله؛ فالتَّخيُّل من الشَّاعر بمنزلة الإقناع في الخطابة واليقين في العلوم.
وفي الأخير فإن أفضل ما أختم به هذه القراءة لكتاب (التُّراث المجهول - إطلالة على عالم المخطوطات) للدكتور يوسف زيدان، قول العلامة عبد الرحمن بن خلدون: (إن معرفة التُّراث هي العِلم بكيفيات الواقع وأسبابها).
***
أ. السعيد بوشلالق