كتب واصدارات
الجبايش.. عرض لكتاب الأستاذة إنتزال الجبوري

صدر حديثًا عن دار المدى -بغداد- كتاب الجبايش (دراسة أنثروبولوجية للحياة اليومية في مدن الأهوار). للكاتبة العراقية الأستاذة إنتزال الجبوري. يقع الكتاب في 648 صفحة. وهو يعتبر كتابًا مرجعيَّاً للباحثين في الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا، الذين يهتمون بدراسة مدن الأهوار.
يستمد الكتاب أهميته من أن الأهوار تتمتع في جنوب السهل الرسوبي من العراق بموقع استراتيجي حباها بالأهمية التاريخية والجغرافية والاقتصادية والثقافية، حيث بزغ فجر أولى حضارات الأرض فيها؛ الحضارة السومرية؛ وما بعدها، والتنوع البيئي الذي انفردت به، ودينامية الإنسان مع إيقاع الحياة الملوّن والحيوي.
تعرّضت المنطقة لكارثة تجفيف الأهوار من قبل النظام السابق، وانعكست تداعيات التجفيف ليس على المنطقة ذاتها فحسب بل على العراق برمته، تداعيات على البيئة والمناخ والاجتماع والاقتصاد والصحة والثقافة، والتغيير الطوبوغرافي والديموغرافي للأهوار نتيجة عملية التجفيف، فضلا عن سطو التكنولوجيا على الحياة، هو ما جعل المنطقة تلك ترزح بين مطرقة التجفيف وتداعياته السلبية، وسندان التكنولوجيا الحديثة. فعملية تجفيف الأهوار وسطو التكنولوجيا على كل حقول الحياة أحدثا تغييرات جذرية في إيقاع حياة سكان الأهوار خلا ثلة قليلة ما زالت متشبثة بالأرض أملا بعودة المياه إلى المنطقة.
أهمية المنطقة وحرص الكاتبة على تعريفها لمواطني الداخل والخارج والعرب والعالم وخاصة المهتمين بالأهوار، وتقديمُ خدمةٍ لوطنها الذي غادرته وعاشت في المنفى لنيّف وأربعين عاما؛ وطموحها أن يكون هذا الكتاب دافعًا إلى الاهتمام الجاد بمنطقة الأهوار بشكل عام، والجبايش بشكل خاص؛ سيما المنطقة تعاني اليوم من محنة الجفاف الثانية. وتداعيات عامل التجفيف هذا على الأهوار ومدنها، كل تلك الأسباب مجتمعة شحذت همتها للاهتمام بهذا الموضوع ذات الأهمية الكبيرة، فتشكّلت لديها فكرة ضرورة توثيق حياة سكان الأهوار بشكل عام، لذا جاء هذا المؤلف ليوثق لهذه المنطقة ذات العمق الاستراتيجي الضارب في القدم بنموذج "الجبايش"؛ المنطقة التي تقع في قلب الأهوار.
يتصدر الكتاب تقديم للدكتور محمد حسين الرفاعي أستاذ علم الاجتماع والفلسفة في الجامعة اللبنانية، والجامعة اليسوعية في بيروت، المشرف المباشر على العمل البحثي؛ ومقدمة للكاتبة.
يقع الكتاب في بابين. الأول دراسة أثنولوجية توثق إيقاع الحياة وروتينها اليومي في مختلف نواحيها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية منذ فجر التاريخ وحتى اليوم، ومواكبة للتحولات التي طرأت على المنطقة إثر التغيير الطوبوغرافي والديموغرافي بعد تجفيف الأهوار، والباب الثاني دراسة أثنوغرافية عبر تجربة مُعاشة حية للكاتبة في المنطقة ذاتها؛ ذاتها التي تشكّلت فيها ممتزجة مع البيئة والمجتمع وديناميات الحياة المتنوعة في هذه الأرض الغنية.
يفتح الكتاب بابه الأول على ثمانية فصول تناولت منطقة الأهوار بشكل عام والجبايش بشكل خاص؛ هي:
الفصل الأول؛ يبحث في ماهية الأهوار وتاريخها وجغرافيتها وهوية سكانها وميزاتهم الخاصة، كذلك التعريف بالجبايش التي تقع في قلب أهوار العراق. وفي الفصل الثاني تناولت الكاتبة النظام الاجتماعي لمدن الأهوار والجبايش مقارنا مع التغييرات التي طرأت على الحياة الاجتماعية بعد تجفيف الأهوار، وسطوة التكنولوجيا. في الفصل الثالث تناولت الكاتبة العمارة السومرية المتضمنة لقصور الملوك القدامى، والزقورات والمعابد، والصرائف والمضايف، والقارب السومري في الأهوار وهور الجبايش؛ مقارنة مع العمارة والقارب اليوم في الأهوار. وفي الفصل الرابع بحثت الكاتبة في النظام الإداري والسياسي في مدن الأهوار والجبايش. وفي الفصل الخامس تناولت النظام الاقتصادي لمدن الأهوار والجبايش القائم على القصب، والتغييرات التي طرأت عليه بعد تجفيف الأهوار. وفي الفصل السادس تناولت الفضاء الديني في مدن الأهوار والجبايش. وفي الفصل السابع بحثت في الفضاء الثقافي في مدن الأهوار والجبايش، ووثقت لأبرز المثقفين فيها. أما في الفصل الثامن فقد تناولت عملية تجفيف الأهوار، وتاريخها، وتداعياتها على البيئة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والصحة، وكيفية استعادة الأهوار وإنعاشها.
يفتح الكتاب بابه الثاني على إثني عشر فصلا يتصدرها تمهيد. تناول الباب تجربة الكاتبة الميدانية الحية في المنطقة ذاتها، ومحطة مهمة من محطات حياتها.
وتطمح الكاتبة إلى شحذ الهمم لإنقاذ هذه المنطقة التي تمثل ثغر العراق لما لها من أهمية كبيرة اقتصادية كونها منطقة سياحية يرتادها السياح من مختلف أنحاء الوطن والعالم.