قضايا

عبد الخالق الفلاحكانت الرسالة التي حملها الرسول محمد ( ص) رسالة حق وعقل ومنطق، حملها حكيم تميزبها فلهذا كُتب لها النجاح في العالمين لأنها اعتمد الركائز الاساسية التي كانت أساسا لتثبيتها ثم لانتشارها لتكون في النهاية (رحمة للعالم أجمعين)، ولاشك ان ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ 157الاعراف ، لانهم وجدوا فيه كل صفات الحكيم وحمله البارئ القادرعز وجل الامانة والله هو (من أحاط بكل شيء علماً وأحصى كل شيء عدداً، وخلق كل شيء فقدره تقديراً ودبر شؤون ملكه تدبيراً لا يعتريه خلل ولا تفاوت وحكم بين عباده بالعدل المطلق وهو يقول الحق ويهدي إلى سواء السبيل بالحكمة الباهرة والحجة الظاهرة والسلطان القاهر، ويقضي قضاء لا يقبل الرد ولا التعقيب. وهو الذي يعلم من شاء من عباده الحكمة وحسن المنطق، واحكام التدبير والتقدير وتحري الصواب في الأقوال والأفعال) ومن الناس من هو الذي يضع الأمور في موضعها أو الذي يصيب في أقواله وأفعاله بقدر طاقته البشرية، أو هو الذي ينطق بالحكمة، والحكمة: هي القول السديد والعمل الرشيد والتدبير الأمثل. وهي أيضاً: حبس النفس عن الزيغ والانحراف عن الحق والميل مع الهوى الجامح والتيار المنحرف. والحكمة أيضاً هي معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم.

لقد كانت كلمات الله سبحانه وتعالى الي نبيه في أول ما أنزل عليه قرآنا فصيحا ببلاغته ومنطقة بدأ من: (اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم) العلق الآيات من 1 الى 5، وكانت لحكمة الرسول الكريم وحواره العقلي في عشيرته الأقربين أي: أنذرهم وإن لم يسمعوا قولك أو لم يقبلوا نصحك لكونهم أزهد الناس، فإن ذلك ليس عذراً مسقطا للتبليغ عنك"، الاية"، وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ" 214 الشعراء ، ثم الناس أجمعين .

ان العقل ليس كائناً أو موجوداً مادياً، إنما هو فعلٌ وعملٌ فكري ونفسي وروحي غير مادّي، ترتبط به الأعمال الفكرية غير المادية، التي تظهر في الأوامر والنواهي، والخيارات والمفاضلات، وأعمال الإرادة واتخاذ القرارات، والإبداعات الفنية والأدبية... وإن كانت هذه الأعمال الفكرية تُترجم إلى أفعال مادية وتتجسّد فيها تستمد وجوده من نبع المنطق الصافي ليكون حجة لمن يحتج به.

لقد تعلمنا من أن الدماغ والأجهزة العصبية التابعة له، هو مركز الإدراك، والفهم، والتجريد، والتحليل، والتركيب والاستنتاج والاستنباط؛ يعني باختصار و بين العقل والقلب جامع مشترك في اللغة، هو اللبّ، الذي يعني العقل كما يعني القلب، من هنا تأتي الإشارة إلى القلوب بمعنى العقول في القرآن الكريم، رمزاً واصطلاحاً، كونها تعني الألباب. بالألباب تعني القلوب، وهي تعني العقول في الوقت عينه، حيث وُصف الإنسان العاقل والذكيّ الفطن اللبيب.

أن الدماغ هو مركز الذي يسير العقل والتعقّل، بدليل وجود مراكز دماغية متعدّدة، وكل مركز منها مسؤول عن نوع من أنواع السلوك والتصرفات، إذ يوجد مراكز للحركة الإرادية وغير الإرادية، ومراكز استقبال المعلومات الواردة من الحواس، ومراكز للإحساس بالجوع والعطش وتنظيم عمل الغدد، كذلك مراكز للمشاعر والعواطف والانفعالات، والقدرات المتنوعة، "اللغوية والحسابية والرياضية " وغيرها من أعمال الإدراك والتحليل والتفكّر والتذكّر. وهذه المراكز تغطّي وتدير جميع أنواع السلوك والتصرّفات، والحالات الإنسانية المختلفة، النفسية والعقلية والفكرية والاجتماعية. والمعلوم ان لا يكون الإنسان حكيمًا إذا لم يعرف الحدود الفاصلة بين ما يعلمه، وبين ما يجهله و المعرفة ضرورية جدًا لتجلي الحكمة في حياة الإنسان و من خلال المعرفة نستطيع التوقف عن الكلام والجدال والإعلان باننا لا تعرف أكثر مما تقول، أو الإعلان بأن الكلام لم يعد مفيدًا؛ لأنه صار عبارة عن مراء، يُظهر أمراض النفوس أكثر مما يُظهر.

يقول بعض العلماء ان "الوعي هو ادراك عقلي حدسي كونه غير موضوع يدركه العقل، ولا يستمد الوعي قدرته الادراكية من غير تعالقه بالذهن والذاكرة والمخيلة والجهاز العصبي الناقل لتفكير ومخارج العقل، وأخيرا يأتي تعبير الفكر واللغة في خلاصة تعبير العقل عن الاشياء وكل حلقة خارج هذه المنظومة العقلية لا معنى لها بغير دلالة العقل لها أدراكا حسيا في انتظامها الإدراكي وليس إدراكا حسّيا منفصلا كونها حلقات معرفية استدلالية مجردة مهمتها نقل تعبيرات وافصاحات العقل ولا تشكل موضوعات إدراكية متعينة مادية للعقل.. عليه يكون كل موجود معرفي مدرك وغير معرفي لا مدرك هو حالة قلقة في فرضية امتلاكه معرفة قبلية مدخّرة مستقلة عن بعدية الإدراك العقلي لها.. وقبلية المعرفة المستقلة ذاتيا يجعل العقل منها معرفة بعدية لذا لا تمر الانطباعات العقلية بالذهن الا من خلال المرور عبر حاجز الادراك العقلي الذي يكون مصفاة لما يمكن إدراكه من عدمه بما يستقبله من أحاسيس داخلية وإحساسات خارجية".

 

عبد الخالق الفلاح

 

 

عصمت نصارإنّ المتابع لكتاباتنا عن المشروع الفلسفي في مصر، وخطابات الاتجاهات المختلفة عن مشروع النهضة العربية، في إمكانه مراجعة جهود "إسماعيل مظهر" ودعوته لنشر المعارف الفلسفية وإدراجها ضمن المناهج التعليمية؛ سوف يتبيّن له أن معظم آرائه تنضوي تحت راية المجددين الليبراليين العلمانيين، وأن وجهته تجمع بين الفكر الحداثي الذي يُعلي من قدر الفلسفة والعلم ويؤيد في الوقت نفسه نقد الفكر الموروث لتخليصه من البدع والخرافات والتعصب. أي أن "مظهر" يشكل حجر الزاوية في بناء مشروع النهضة.

وقد أسهبنا في تبيان موقفه من الفلسفة من قبل. والطريف أن "محمد فريد وجدي" هو أيضاً وقف نفس الموقف وشغل عين الموضع. فبات مجدداً بين المحافظين حيث جمع في آرائه بين الحفاظ على التراث وتقويمه وتجديده والدفاع عن العقيدة ضد المجترئين والمتشيعين للغرب. في حين نجده مناصراً للعلم والفلسفة، ومناهضاً لكل أشكال الجمود والتخلف والاجتراء والإلحاد، وكأن لسان حال الرجلين ينطق بأن فلسفتنا دين بلا كهانة أو تعصب، وعلم بلا اجتراء أو جحود؛ الأمر الذي يثبت أن مشروع النهضة العربية قد تأسس وتطور في كنف الاتجاه المحافظ المستنير.

وقد أنضوت كل الأقلام الساعية لإعادة تشكيل العقل العربي مع تباينها تحت عبائته. ويبرر كذلك حرص وجدي على مشاركة أساتذة كلية الآداب بالجامعة المصرية وقادة الرأي من أعلام الاتجاه المحافظ المستنير في احتفالهم بإدراج الفلسفة في البرنامج الدراسي للتعليم الثانوي.

ولعله أراد من ذلك التأكيد على أن المؤسسة الأزهرية التي يرفع رايتها والاتجاه المحافظ المعتدل لا يعارض في إحياء التفلسف في برامجنا الثقافية والتعليميّة، وتوضيح أن الدين الإسلامي كان دائماً وأبداً مناهضاً لكل أشكال الجنوح والطعن في الدين، والتشكيك في قداسة الوحي وليس للفلسفة أو التفكير العقلي؛ بل مشجعاً لفتح باب الاجتهاد في الرأي للوقوف على المقصد الشرعي من ثوابت العقيدة، ومحافظاً على الجهاد بالحجة والعلم والبرهان في مناظرة ومجادلة ومصاولة أعداء الدين؛ الأمر الذي لا يتحقق بمنآي عن تعلم النهوج الفلسفية ومباحثها المنطقية.

وقد بيّن ذلك في مقاله المعنون (نظرة في الفلسفة) على صفحات السياسة الأسبوعية التي مازلنا نعيد قراءة ما بها من مقالات ورسائل موجهة للرأي العام. فقد أراد "محمد فريد وجدي" التأكيد على منهجه الإصلاحي القائم على التوفيق بين المنقول والمعقول؛ مُبيناً أن من يتوهم وجود خصومه بين الإيمان بوجود الباري وشرعته وما جاء به أنبياءه، والفلسفة أو تعارض مع المنهج العقلي في التأمل والتفكير الناقد الباحث عن الحقيقة؛ لا ينبغي عليه ادعاء انتسابه للفلسفة التي تعبر عن الحكمة المجردة عن أي تعصب أو هوى يلقي بها إلى جحود ما لا تسعى إليه أو ترمي إلى تحقيقه. كما أنه من أشنع الاتهامات التي وجهت للفلسفة وهي تهمة المروق والكفر التي لا دليل على ثبوتها؛ فلا نجد في تاريخ الفلسفة من ينكر وجود الله إلا حفنة لم تُحسن قراءة الحقائق الكونية بداية من وجود العالم ومروراً بحدوث موجوداته والروح وأسرارها ونهاية بالقدر والإرادة الإلهية التي لا مَردَّ لها واللطف الرباني الذي لا يجحده إلى من حالت قلوبهم وبصائرهم عن إدراك نعمة وجود الباري.

ولعل ما صرح به "وجدي" يُعرب عن سعادته بإدراج الفلسفة ضمن المعارف والمواد الدراسية التي يجب على شبيبة المجتمع العربي الإسلامي التزود بها حتى لا يُفتنوا بتقاليد ومعتقدات أبعد ما تكون عن حقيقة الدين والعقل معاً.

فالفلسفة هي الآلية التي تمكن الأذهان من الفصل بين الأضداد، والتمييز بين المتناقضات مع ملاحظة البون بين المتشابهات، وفضح الأكاذيب والدّس والمغالطات التي تحول بين منهجية التفكير والوصول إلى الحقائق، لذا نجد "وجدي" يُبادر بمخاطبة الرأي العام باعتباره أحد قادة الرأي وأكثر من اضطلعوا عن الزود في الإسلام ضد هجمات الماديين وجحود المجترئين، مُعلناً أن الفلسفة ليست خطراً على الإسلام؛ بل كانت قديماً وسوف تظل حصناً لحماية الدين والزود عنه ضد منكري الإيمان. ويقول عن ضرورة وجود الفلسفة (إنه يسهل عليك أن تنتزع من إنسان اعترافات صريحة بأنه خلو من كل علم، ومجرد من كل صناعة، ولكنك لا تستطيع أن تنتزع منه اعترافاً واحداً بأنه محروم من كل نظر في الأمور). وتدبر لما يصادفه من قضايا ومشكلات (أنه في إمكاننا تخيل أقوام لا يعرفون شيء عن العلوم والفنون ولكن لا يمكننا تخيل وجود مجموعة من الناس لا تسمع فيهم ترويجاً للفلسفة حتى من متسولة الأزقة)، ويعني ذلك أن لكل صاحب عقل معتقد مكتسب فبعضه صواب وصالح والبعض الأخر خطأ وفاسد، ومن ثمّ يحتاج ذلك العقل المقلد إلى غُربال لانتخاب ما يصلح له ويفيده. وكيف لا (والفلسفة هي محبة العقل، والجهاد لإدراك الحقائق، وتنوّر أسرار الخليقة، وتعرّف مصائر الشئون، والعمل على مقتضى الحكمة، فقد امتازت من بين جميع مظاهر الروح بأنها الشغل الشاغل لجميع الخلق، والمثل الأعلى لمحاولات الإدراك الإنساني؛ فما من نفس بشرية تخلو من الهيام بها، والجنوح إليها، على درجات شتى وأقدار متفاوتة).

ونجد مفكرنا يُوَحّد بين الدين والفلسفة، وكأنه يسير على نفس الضرب الذي سلكه "ابن رشد" في مقولته الشهيرة عن وصف الفلسفة بأنها من الشريعة مثل الأخت الرضيعة «ما قيل من مخالفة الحكمة أو الفلسفة للشرع دعوى باطلة… فالحكمة هي صاحبة الشريعة وأختها الرضيعة». وذلك في كتابه (فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال).

ويريد "وجدي" في هذا السياق توجيه أنظار شبيبة المثقفين إلى أننا يجب النظر إلى الوحي الإلهي باعتباره الحكمة العاقلة التي أنتجها علم الله وأرسلها إلى أنبياءه لتبليغ البشر بدستوره الذي يقيهم كل الشرور ويحميهم من شتى الآلام، ويهديهم في الوقت نفسه لكل اللذائذ التي تسعدهم في الدنيا والآخرة؛ فالفارق الوحيد بين الحكمة الفلسفية البشرية والفلسفة الربانيّة هي محدودية الأولى وقصر مدركاتها عن أن تصل إلى الحقيقة الشاملة التي خصها الله بعلمه وتدبيره.

ولمّا كان الوحي قبساً من ذلك العلم، فيجب أن تحاكيه الفلسفة بعد استيعابه وفهم حقيقته، وتسترشد به لتُعصم من الذلل والتطرف والانحراف ثم السقوط  ويقول مفكرنا في ذلك (هل الدين إلا فلسفة للحياة والوجود وما يتعلق بهما؛ وفيما يؤول إليه الإنسان بعد أن يخلع هذا الجسد الفاني؛ ويلتحق بعالم وراء هذا العالم؟ وإذا كان الدين فلسفة والآخذون بها يبيعون أرواحهم في سبيلها رخيصة؛ حتى أنهم ليضحون بأفلاذ أكبادهم وبأنفسهم...؛ فهل تصادف مظهراً من مظاهر العقل يقدسه الإنسان هذا التقديس؛ ويفديه بماله وولده ونفسه، غير الفلسفة متى اعُتبرت ذات مصدر إلهي).

ولا يريد مفكرنا ممّا سبق سوى حث شبيبة المثقفين بخاصة والمعنيين بدراسة الشريعة على وجه الخصوص على إعمال العقل في الحكمة الإلهية؛ فالتفكير عنده فريضة إسلامية واجبة على كل عاقل للوصول إلى المقصد الشرعي لما عساه يقدس ويعتنق ويضحي من أجله؛ الأمر الذي يجعل من دراسة الفلسفة ومناهجها أفضل تدريب للوصول إلى الحقيقة شأن كل الفلاسفة الذين أنفقوا عمرهم بحثاً عن لحظة الوصال وبوابة الأنس والاتصال.

وينتقل وجدي إلى الحديث عن مكانة الفيلسوف في الثقافات الراقية والمجتمعات المتحضرة وقدر الإكبار والاحترام الذي يحظى به جزاءً مستحقاً لسعة علمه، ورجاحة عقله، وصواب آرائه، ونفع مشورته.

وما أحوج مجتمعاتنا إلى الفلاسفة ليعلمونا فن المفاضلة بين السُبل للوصول إلى الغايات التي أرشدونا إليها بعد إقناعنا بصلاحها. ويقول عن تلك المجتمعات (ولا غرو فليس في عرفهم بعد النبوة درجة فوق الفلسفة حتى أنهم متى أرادوا أن يصفوا إنساناً بأنه بلغ أكبر قسط من الثقافة والمعرفة قالوا أنه فيلسوف وكفى. هذا الشعور العام من الناس خاصّتهم وعامتهم عن الفلسفة؛ يعرب عن مكانتها الممتازة في النفوس، وعن قيمتها الحقيقية من بناء الثقافة العامة؛ ولست أجد برهاناً فوق هذا البرهان على أنها عنصر رئيسي من عناصر التربية الاجتماعية). (أن دراسة الفلسفة ليست بحلية عقلية، أو أدبية؛ ولكنها حاجة من حاجات الثقافة العملية لا تتم سلسلتها إلا بها). ويضيف "وجدي" أن للفلسفة لذائذ ذوقية وعقلية لا تتحقق من خلال العلاقات المادية التي تشغل العلماء الطبيعيين، فالإنسان ليس بدن فحسب؛ بل روح أيضاً تهوى الجمال والجلال والكمال، وترنو إلى العشق والحب والألفة، وتتذوق الفنون وتتأمل المجردات والمعاني والدلالات؛ التي يعبر بها الإنسان عن مشاعره ومكنوناته التي تخرج عن نطاق مدركات العلم ومعامله وفحوصاته المادية. أضف إلى ذلك أن تلك العلوم لا تتطور وأن الإبداع والاختراع لا يتحقق إلا بممارسة التأمل الفلسفي والرياضات الحدسية العقلية، أمّا القيم والأخلاق والإيمان بالمعتقد فهو لا يُثبت كذلك إلا بقناعات وأدلة يصطنعها العقل؛ فيبني منها حصناً تقيه من الشرور والشهوات المنحطة والجرائم والعنف).

ثم إن الفلسفة في ذاتها ليست دراسة تجريدية محضة، فإن من أهم أركانها، وأخص خصائصها دراسة النفس والأخلاق والمنطق والدستور العلمي، وهذه المواضيع ذات خطر عظيم لا تستقيم ثقافة علمية إلا بها. ويختتم مفكرنا حديثه بالتأكيد على أن الفلسفة من أعرق المعارف الإنسانية وأكثرها أصالة، وأنه من الجهل الاعتقاد بأن مباحثها من اختراع أمة بعينها؛ بل يمكننا التسليم بأن مصطلح (الفلسفة) قد لفظته لغة وثقافة عرقية ما. أمّا حب الحكمة والبحث عن الحقيقة وتأملات الروح وهمسات الإلهام وقد وجدت جميعها مع وجود الإنسان وتطوره تبعاً للبيئة التي يعيش فيها.

ويمكننا أن نتسأل هل هناك مجالاً للتشكيك في أصالة الاتجاه المحافظ المستنير وبراعة رواده في توظيف الفلسفة لتربية الرأي العام وحمل راية الحرية والوعي والتنوير والإصلاح؟

(وللحديث بقيّة عن قراءات في مجلة السياسة الأسبوعيّة)

 

بقلم: د. عصمت نصّار

 

 

عبد الجبار العبيديأكبر جريمة تاريخية ارتكبت من قبل فقهاء الاسلام: هي تحالف مؤسسة الدين مع السلطة الحاكمة.. لتدمير اسلامية المعرفة.. في المجتمع الاسلامي .. ولا زالت..

يقول القرآن الكريم: (أفنجعلُ المسلمينَ كالمجرمينَ، مالكم كيف تحكمون، القلم 35-36) . يقول الناشر لهذا الكتاب القَيم مع التصرف:

هناك دين واحد عندالله هو الاسلام، بدأ بنوح (ع)، وتنامى متطوراً متراكماً على يد النذر والنبوات والرسالات، الى أن خُتم َ متكاملاً بمحمد"ص". رسول المسلمين: يقول الحق: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا المائدة 3، ".. أي صدقا في الاخبار المنزلة، وعدلاً في الأوامر والنواهي"فلسفة العدل المطلق " .فالأسلام هو دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهو منظومة القيم والمثل العليا، وهو العروة الوثقى، وهو الصراط المستقيم.. كما جاء في الوصايا العشر، الأنعام151-153 فأين الفقهاء والحكام من هذه الاوامر والنواهي اليوم.. بعد ان عتموا عليها.. وهم يحكمون بأسم الدين؟

جاء هذا الدينٍُ للناس جميعا وليس لمؤسسة الدين المُنحرفة عن الصراط المستقيم التي استغلت السلطة الحاكمة لمصالحها دون الناس منذ البداية، وما درت انها دفنت نفسها بسياسة التضليل فأنفصلت عن الجماهير .. فكأن التفاضل عندها معدوم.. أي لا طاعة لمنظومة القيم .. وهكذا فالحاكم العربي المسلم هم أول من خرق المبادىء المعلنة لهذا الدين في السلطة حين ضرب الشورى في حكم الدولة من أجل السلطة والمال تؤيده مؤسسة الدين .. وهو يتصارع على الحكم.. " كما بين المهاجرين والأنصار وأختراع نظرية منا أمير ومنكم أمير.. ولازالت السلطة المنحرفة الى اليوم هي العقيدة عند المسلمين .. وخاصة من اصحاب سلطة الدين ..

وحين حاصرهم الخطأ ألتجئوا الى الفتوحات لأمتصاص غضب المسلم الجديد، فاغتصبوا الشعوب نهباً وقتلاً وأعتداءً على الحرمات خروجا عن قيَم ومبادىء الدين.. وعلى نظرية "لكم دينكم ولي دين".. ومنه استقوا اليوم محاربة المعارضين .. وفي ظل وحدة الدين أنقسموا تحت راية المذهبية المفرقة لعقيدة الدين وهي بدعة لا أصل لها في أحكام النص المقدس لتحصين حكمهم تجاه المعارضين .. فجاءت الحكومات تحكم باسم المذهبية الباطلة، لا قيم النص الديني الحقيقية فضاع مفهوم الدولة والحقوق وأصول الدين .. فاسلامنا اليوم هو اسلام الفقهاء المخترع منهم .. لا اسلام القرآن الكريم.. أليس من حقنا ان نعترض..؟

مخالفات لا حد لها ولاحصر في التطبيق.. فهل من خالف المبادىء والقانون والعدالة يحق له التفرد بحكم الناس والأدعاء بتطبيق القانون.. كما نراهم اليوم؟.اذن النظام الاسلامي السياسي محرف منذ البداية والى اليوم، لذا عمدوا على تركيز الخطأ في الرؤوس فأصبح نزعهُ منها صعب او قل مستحيل.. فماذا لو كنا بلادين ..؟ أما كان الأفضل لنا ان نتعايش مع فقهاء لا يعترفون بأنسانية الانسان في الدين.؟ حين لم يستطيعوا ان يلملموا الجراح والألتحام مع التراث الأصيل للدين دون تحريف.. لان الدين يشكل ضميرا مراقبا للقوانين التي يستخدمها الناس.. لكنهم لايعتقدون .

يقول مؤلف كتاب الاسلام والايمان: الاسلام فطرة .. والأيمان تكليف، الأسلام يتقدم على الأيمان، أذ لا أيمان بدون أسلام يسبقه ويأتي قبله..المسلمون هم معظم أهل الأرض، أما المؤمنون فهم أتباع محمد(ص).فأبراهيم (ع) أبو المسلمين، ومحمد (ص) ابو المؤمنين.. يقول الحق: " ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات.. أعد الله لهم مغفرةً وأجراً عظيماً، الأحزاب 35 . اذن لا فرق بين الأثنين معاً.. كما تعتقد خطئاً مؤسسة الدين اليوم في الأزهر والنجف وقُم والزيتونة .. التي فرقت بين الناس خلافا لما اراده الله لهم بقصد أنانية السلطة لا الدين.. التي اوصلت المبادىء الى حد الابتذال في العالم.. والمرجعيات الدينية اليوم ومن يتبعها نموذجا..

ولكن لا ندري أي ايمان يطبقون جماعة المؤمنين اليوم.. أنظروا اليهم كيف يتصرفون مع النص والعقيدة؟ بغباء واصرار عنيد وغبي.. لذا لم يعالجوا الاشكاليات بتجفيف المصائب السياسية من جذورها بل من ثمارها المرة..حتى وصلنا الى فكر مثقل بالانحرافات والخُرافات، ونفوس محبطة بالاغلال، ومجتمعات تنوء بالفردية المقيتة، وتفرقة مرفوضة في غياب القانون.. فأي اسلام هذه الذي يريدوننا ان نؤمن به..؟أسلام محمد أم اسلام الفقهاء..؟

من هذه الأسس ينطلق المؤلف في هذا الكتاب، لفهم الفرق بين تعاليم الاسلام وتكاليف الأيمان بدلالة الفرق بين النص القرآني المقدس، والفريضة، والموعظة، وما ترتب عليه من قوانين الأرث وأنصبته.. وأحكام الزواج والطلاق، والحقوق، وظلم المرأة في التطبيق.. مجتمع ادخلوه في نفق التخلف لن يخرج منه بسهولة بعد ان حولوا الخطأ الى عقيدة .. لذا هان عليهم قتل المطالبن بالحقوق دون ضمير كما في ثوار تشرين، فكيف نتقدم..؟ ففاقد الشيء لن يعطيه.

ومن القواعد النصية، نلمس دلالة الفرق بين العباد والعبيد، حتى ينتهي المؤلف الى أن التنزيل الحكيم لم يعترف بالرق ولم يُجزه، ولم يلغيهِ، وأن كان قد ذكره ذاماً لظروفه المعقدة يومذاك . وأن ملك اليمين لا يعني الرق البتة، وأنما يعني أسرى الحروب المقهورة، لكن الدولة عجزت عن وضع قانون انساني يحميهم لولوغ القائمين عليه بالجنس وأستغلاله لصالحهم في اسواق العبيد.. والخمر لم يحرمه القرآن لكنه قال: مضاره اكبر من نفعها فحذر منه، البقرة" 219" فلم يعالجوا النص المكين معالجة فكرية .. فبقيت المشكلة سلبية دون ايجاب ولا زالوا يستغلونه اصحاب متعة الجنس المبتذل في الدين... الرافعين ليافطات الدعارة الدينية في متعة النساء التي انتهى زمانها اليوم دون خجل من اخلاق دين.. فأين العدل الانساني في عقيدة الدين.. كما يدعون ..؟

يقول المؤلف: ان العلاقة بين الله والناس علاقة عبادية وليست علاقة عبودية أستبدادية، لم يفهمها الفقهاء ولم يضعوا لها قواعد سلوكية ثابتة، فظلت عائمة الى اليوم تحقيقا لمصالحهم الخاصة .. لا بل تستطيع ان تقول ان غالبية المؤمنين اليوم هم جهلة دين ومن الخارجين عليه .. ويعتقد الكاتب ان العبادات تتحلى في كل حقول الحياة وليس بعضها، لكنها لم تدرك ولم يؤسس لها قانون ملزم للمسلمين والمؤمنين معاً .. أي كنظرية أستقامة وحقوق لا مكان لها في التطبيق.. ناسين أو متناسين أن قوة العقيدة تتمثل في مدى الألتزام بمبادئها وتطبيقها فهي أمر.. لا أختيار.. ولكن أين هم من هذا الأمران كانوا مؤمنين؟ بعد ان تجاوزوا على حقوق .. الانسان والدين .اذن لا حق لهم ان يطالبوا الأخرين بتطبيق عقيدة .. الدين .. فالدين مبادىء واخلاق وليس رغبات الحاكمين.. وهم الذين يحمون أوكار الدعارة .. ويعاقبون الأخرين على أغنية تفرح الجماهير..

من هذا المنطلق نقول ان تعريف الكفر والشرك والأجرام والألحاد بحاجة الى دراسة وتعريف من جديد بعد أن فقد الفقهاء السيطرة على تعريف محتواها ومقاصدها قصداً لا جهلاً بها لمصلحة السلطة ..لا الدين.. كما فقدوا التفسير فجاء منقصة للنص لا تضمين .

ويختم المؤلف رأيه في الاسلام والسياسة، فيبين ان الاسلام، من حيث هو توحيد ومثل عليا انسانية، غير قابل للتسييس، وأن محاولة تسييس الاسلام، ومحاولة البعض الأخر أسلمة السياسة، أضاعت السياسة والأسلام معاً.. لذا لم يتقدم قادة الاسلام قيد أنملة لصالح الحقوق في التغيير .. ولم يستيطعوا توظيف النص في التطور المجتمعي والتغيير.. ولن يستطيعوا.. ماداموا هم من الناكرين لمعنى النص في التطبيق. حتى اصبح عالمنا اليوم يقف في مؤخرة المتخلفين..

ونحن نقول: ان مراكز الدراسات الاسلامية والسياسية والجامعات الاسلامية في الوطن العربي والاسلامي الحالية التي ينخرها الفساد بحاجة ماسة جداً الى اعادة النظر في المناهج الدراسية للخلل الكبير الذي رافقها منذ النشأة الأولى للدولة الاسلامية نتيجة خطأ تفسير النص الديني من قبل مفسري الفِرق الاسلامية المختلفة والمتخالفة في الاعتقاد والتطبيق .. فهي بحاجة الى تصحيح بعد ان اضاعوا النص والدين معاً .. لذا قامت قائمتهم عندما أعلنت المعتزلة ضرورة مراجعة النص وفق التأويل لا التفسيروبأعتبار النص مخلوق لا قديم . لذا هم بحاجة الى اعادة نظر في العديد من المنطلقات الفكرية السائدة اليوم والتي أخذت شكل تيارات ثقافية حديثة كل منها يدافع عن نفسه ليبرهن انه الافضل ومنها:

التيار الذي يدعم سيطرة الثقافة الغربية و يعتقد انها الثقافة النهائية التي يتمحور حولها سير التاريخ.والتيار السلفي الاسلامي المنغلق على نفسه الذي يتناقض معها في الاعتقاد والتطبيق .. والذي اخذ من المرجعيات الدينية وسيلة للتزييف.. بعد ان جعلوا الحروب وتصفية المعارضين حلاً لمشكلة الفشل .. وما دروا انهم وقعوا في الفشل والتدمير.. بعد فقدانهم نظريات العدل في التطبيق .

لعل اقسى ضربة حلت بالنظام السياسي الاسلامي هي نقل الرئاسة من قضية فروع الى قضية عقيدة .. فاصبح الملك العضوض هو البديل..

 فالسلفية الاسلامية والسلفية الاصولية .. الحكم الأموي والعباسي فيها هو الاساس .. اليوم"داعش والقاعدة وحزب الله والولي الفقيه هم من يمثلون الفكر الجديد .لكن الذي يهمنا هو تيار السلف الأسلامي في الوطن العربي الذي ظل متقوقعاً متشبثاً بالتراث فهواشبه بالميت دون حراك.. كما في نظريات الوهم عند فرقة معينة المتمثلة بالتقاليد البالية للمعتقدات الأجتماعية كالبكاء على الأضرحة واللطم والزنجيل والتعري امام المواطنين .. ونظرية المهدي المنتظر مستحيلة التحقيق حتى حولوا هذا الاعتقاد الوهمي الى ما يشبه عبدة اصنام قريش -ياليتهم مثلهم في الاعتقاد والتطبيق -.. والغريب ان هؤلاء لوكانوا يؤمنون بالمهدي حقا وحقيقة لطبقوا مبادئه وهم اليوم يحكمون.. كذابون منافقون.. ظالمون.. خارجون عن عقيدة التطبيق.. لم يشهد الوطن العراقي مثلهم ظلما وانحرافا على مدى تاريخه عبر السنين .. لابل هم أسوء من هولاكو المغوليين..؟ وهكذا هي حياة الظالمين.

اما مشاريع الحداثة التي طرحت في الوطن العربي متمثلة بجمال الدين الافغاني ومحمد عبده ورشيد رضا كانت بداية لانطلاقة جديدة لكنها مع الاسف انطلقت من مسلمات وردت في التراث الديني فوقفت عاجزة عن التحرك الحضاري المطلوب.. فسقطت وتلاشت ولم يبقَ منها الا الكلمات ..

لقد التقى اصحاب التيار السلفي وتيارالحداثة في أستبعاد الاخلاق والقانون من مشاريع التجديد والتحديث لديهم، حين أستبعدوا الاحسان والعمل الصالح من أركان الاسلام واركان الأيمان التي تم تأسيسها على أيديهم.. حتى حولوها الى شهادة وصوم وصلاة ونسوا الحقوق .. وهي مسلمات مدركة لا تحتاج الى قوانين .. والا كيف اصبحوا أصحاب العقيدة الدينية خائني وطن. وسراق مال، ومزوري شهادات علمية، ومغتصبي سلطة، وناكري عدالة .. وهم راضون ..؟ وكلها وردت بآيات حدية في الوصايا العشر للتوراة والأنجيل والقرآن.. لا يجوزأختراقها بالمطلق..

هنا لم تتحقق اهداف الاسلام المطروحة . بعد ان فسروا النص الديني والسيرة النبوية المتعددة التوجهات "بخمس سير في الاسلام للرسول لدينا " أبن أسحاق، وأبن هشام، وابن سعد، وموسى بن عقبة، وعبدالله الانصاري لاندري ايهما نعتمد؟ طبقوها على هواهم، واعتقدوا بأنهم يملكون الحقيقة المطلقة فهما ًوتطبيقاً.ولكنهم مادروا أنهم أختزلوا التاريخ والجغرافيا وسكان العالم الأسلامي ومشاكله في أرائهم وحولوها الى عقيدة دون تعليل.. والحقيقة التاريخية تقول: "الحجة بالدليل" هذه الاختزالات عكسها الامام الشافعي (ت 204 للهجرة) في كتابه (الرسالة) الذي حدد فيه اصول الفقه الاسلامي وأعتبرها القانون الذي يجب ان لا يُخرق، وما زالت هي المعتمدة الى اليوم.والتي ارتبطت بتقديس النص التراثي الذي اصبح منهجا في مدارسنا بَلدَ فكر الأجيال العربية جيلا بعد جيل.. وحوله الى عبدة أصنام..

ثم جاء استبعاد العمل الصالح وعدم تحديد من هم مستحقي الخمس والزكاة فكونوا لهم موردا ماليا في سرقة موارد العتبات المقدسة و بيت مال المسلمين .. وجزءوا الاوقاف الى وقف سني وأخر شيعي وثالث للديانات الاخرى .. فسرقوا كل اموال الميتين ومزقوا وحدة المسلمين .. حين وضعوا القانون الاخلاقي في المرتبة الثانية من سلم الاولويات، وهنا تكمن المآساة.وها ترى مدارسنا اليوم بعد ان سيطر عليها الفكر الديني المتعصب معزولة عن الانفتاح الفكري تماما ولا يرجى منها التحديث.. فمالم تتغير المناهج المدرسية لصالح التطور ويقرها الدستور المؤيد من الشعب لن يكون لنا من أمل في التطور والتغيير.. ولكن كيف تتغيرالأمور والسلطة بيد المتخلفين المنغلقين من اصحاب المصالح الخاصة والسلاح القاتل المنفلت الذين يملكون سلطة السياسة والتصفيات دون رقيب او حسيب.. لا العامة ولا اخلاقية الدين..؟

نرجو ممن يطلع على الكتاب، عليه ان يقرأ بعمق مشكلة المعرفة والاخلاق والحرية والحداثة، حتى نكون على الاقل، مالكين للوعي المعرفي والاجتماعي والسياسي وعيًا افضل من السابقين، وعسى ان نكون قد أدركنا جزءً من مشكلة حركة التغيير..

نعم نحن نمر اليوم في أزمة العقل العلمي .. اخلاقياً وتشريعياً منذ ان حسمت المعركة بين المعتزلة والفقهاء لصالح الفقهاء في بداية القرن الثالث الهجري على يد المتوكل العباسي (ت232 للهجرة) حتى ضاع الفرق بين النبوة والرسالة، وبين الكتاب والقرآن.. ولا زال النقاش دائراً اليوم بين القرآن والمصحف .. هذا يقول مصحف عثمان، وذاك يقول مصحف فاطمة الزهراء .. والأذان .. فهذا يقول "علي ولي الله، والاخر يقول الصلاة خير من النوم" ولا ندري من اباح لهم التفريق ..؟ فبقيت عقيدة القرآن مجرد شعارات ترفع من قبل مؤسسة الدين للاتباع وتحكمهم في مجتمع نشروا فيه عقيدة التخريف لا الدين الصحيح.. والحل هو ألغاء هذا التوجه .. في الخطأ الكبير.. لمنع قوة المتغلبين.. والغاء القيادة الفردية لأحلال أهل الأهلية والكفاءة في حكم الدولة دون المغتصبين..

وأخيرا نقول " التشريع الاسلامي قائم على البينات المادية، وأجماع الأكثرية، وان حرية التعبير عن الرأي، وحرية الأختيار.. هما اساس الحياة الانسانية في التطبيق.. فأين نحن منهما اليوم.. بعد ان اصبح العقل والمنطق عملة صعبة بيد الجهلة.. والمغتصبين؟

 

عرض بتصرف: د.عبد الجبار العبيدي

.............................

أنظر: كتاب: الاسلام والأيمان، تأليف الاستاذ الدكتور محمد شحرور.

 

 

في المثقف اليوم