أقلام حرة

أقلام حرة

عضين: جعلوه أجزاءً فآمنوا ببعض وكفروا ببعص.

وعضين مشتقة من عضّة: قطعة

الأمة إنطلقت بمسيرتها الحضارية الإنسانية بموجب دستور إستوعبته وتمثلته وعملت بموجبه، وأدركت جوهره الذي بقيت تتفكر فيه على مدى ثلاثة عشر عاما من المعاناة والمجاهدة الروحية والتفكرية، التي أوجدت رموزا أضاؤا الإنسانية بأقكارهم النبيلة السامية.

فالأمة تكونت وتألقت بالدستور وهو القرآن!!

وبعد مرحلة الإنطلاق الإشراقية الكبرى في المدينة لعشرة سنوات، صار التفاعل مع الدستور الإنبثاقي لروح الأمة يتخذ سبلا متفرقة، مما تسبب بإنتشار الفتن بين أبناء الدين الواحد، وإنطلقت مسيرات التأويل والتفسير وتعقيد الواضح البسيط من الأمور، فأصبح الدين عسيرا بحاجة لمتخصصين، وإعتبار الناس من الجاهلين، فتم إستعماله للهيمنة، وتحول إلى تجارة ووسيلة للتحكم بالآخرين.

وتعددت الفرق والجماعات، وكل منها يأخذ ما يروق له من القرآن، وينكر ما لا يتوافق ومصالحه وغاياته، وهكذا صار الدين قطعا متناثرة متقاتلة، كل منها يدّعي أنه صاحب الدين القويم وله أتباعه المناصرين ، والذين يأخذهم إلى حيث يشاء، وبهم على غيرهم يستعين.

وأغفلت الأمة دستورها الأمين، وفقدت بوصلة مسيرتها، فلا إهتدت بدستور مدني معاصر وتوافقت عليه، ولا تمسكت بدستورها القرآن وتفاعلت به وفقا لمقتضيات زمانها، فأضاعت الخيارين، ولهذا فهي أمة تائهة في لجج الحياة المزدحمة بالأمواج، والتيارات المتدفقة من جميع الجهات.

ولابد لها أن تعتمد على دستور واضح تتمسك بمواده وتضبط سلوكها بموجبه، فالدستور هو القوة التي تفعَّل الطاقات وتطلق القدرات الكفيلة بصناعة حياة أفضل.

فهل من عودة إلى دستور قويم؟!!

***

د. صادق السامرائي

3-1-2020

كانت البداية في باريس، حينما علقت "خريطة إسرائيلية" تضم الأردن وفلسطين، إلى جانب أجزاء من لبنان وسورية، على منصة كان يقف خلفها متحدثاً وزيرُ المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، ما أثار غضباً أردنياً عارماً لم يهدأ حتى بإعلان وزارة الخارجية الأردنية الإثنين استدعاء السفير الإسرائيلي لدى عمّان إيتان سوركيس، احتجاجاً على الخريطة، لتدخل العلاقة بين الطرفين أزمة جديدة.

حتى جاء موقف البرلمان الأردني الذي الجم الأسئلة في رؤوس الأردنيين حينما صوت أمس الأربعاء على طرد السفير الإسرائيلي من عمان.

وقد طالب رئيس مجلس النواب الأردني، أحمد الصفدي، الحكومة بإجراءات فاعلة ومؤثرة تجاه استخدام وزير مالية "إسرائيل" للخريطة المزعومة التي تضم حدود المملكة والأراضي الفلسطينية المحتلة"، مؤكداً رفض النواب لما جاء من أفعال الوزير الإسرائيلي.

فهل تستجيب الحكومة الأردنية لمطالب النواب الإردنيين في طرد السفير الإسرائيلي من عمان حيث تراوحت ما بين الاكتفاء باعتذار إسرائيلي رسمي أو الطرد النهائي!

أم أن نفوذ الدولة الأردنية العميقة المرتبطة بمصالح اقتصادية مع "إسرائيل" التي تحتل فلسطين بالحديد والنار، على أرضية معاهدة وادي عربة المبرمة بين الأردن و"إسرائيل" والمرفوضة شعبياً؛ سَتَحُولً دون ذلك!

وهل لدى رئيس الحكومة الصلاحيات التي تخوله لاتخاذ ما يلزم خلافاً لإجماع مجلس الأمة!

وفي تقدير المراقبين فإن مخاض القرارات الحكومية إزاء ما يجمع عليه النواب سيكون عسيراً إلا ما ينص عليه الدستور الأردني الحاسم.

ففي حالة اتفاقية وادي عربة فالدستور في المادة 33 منه يقر بأن " الملك هو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات والإتفاقات" وتظل المناورة بين الحكومة والنواب كامنة في التفاصيل والاتفاقيات الفرعية والتي من ضمنها الاتفاقيات الاقتصادية والردود على المخالفات المسلكية كما هو الحال بالنسبة لتصريحات الوزير الإسرائيلي تجاه الأردن.

فإذا عجز مجلس النواب عن تغيير موقف الحكومة بالإجماع فما الجدوى من وجوده؟

هذا سؤال يطرق رؤوس الأردنيين الذين يرفضون وجود السفير الإسرائيلي في عمان من باب أنه مبعوث من دولة احتلال تمارس الإرهاب بحق الشعب الفلسطيني وتتربص بأمن الأردن ووجوده من خلال بعض المشاريع التآمرية المعلنة، مثل: سحب البساط من تحت الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس المحتلة، مروراً بالوطن البديل، أو الحلم ب"إسرائيل الكبرى" وفق الرؤية الصهيونية التي تقف وراء الخريطة الخلافية التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، سواء جاءت لتعبر عن رؤية يمينية إسرائيلية أو للضغط على الأردن فيما يتعلق بمواقفه إزاء الاحتلال الإسرائيلي المقيت!

إن سيناريو استهداف اتفاقية وادي عربة المشؤومة يتعارض مع مصالح الأردن العليا وفق ما يرى البعض! بينما يذهب البعض الآخر باتجاه كونها اتفاقية استنزافية جاءت لترسيخ الاحتلال على حساب قضية فلسطين.. وما بين الموقفين أكلت الحيرة رؤوس الأردنيين وأدخلتهم في دائرة الشك وعدم اليقين من خلال عدم الثقة بالحكومة ولا بالبرلمان.

الأردنيون من جهتهم يدركون تماماً بأن خارطة بن غوريون التي يتبناها اليمين الإسرائيلي المتطرف والمتحكم بتلابيب السياسة التي تنتهجها حكومة نتنياهو لم تنشر اعتباطاً من باب الاستفزاز بل ثمة ما يريب في أمرها.

فقد نبه الأمير حسن بن طلال إلى خطورة هذا السلوك الإسرائيلي في مداخلة له عبر إذاعة الجامعة الأردنية (عمون) رداً على تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش العنصرية، قائلاً : بأنه يحق للخارجية الأردنية إدانة اختراق النواميس الدولية المحصنة في آلاف قرارات الأمم المتحدة، وفي الاتفاقية المبرمة بين الأردن و"اسرائيل" في إشارة منه إلى "وادي عربة".

وأضاف، بأن "معركة الكرامة حدثت لأنها أوقفتنا على أرجلنا في هذه الأرض الطيبة بعد ما حل بنا نتيجة للسياسات الارتجالية في العالم العربي، وهي بطولة ومقاومة".

وفي المحصلة.. فأنْ تسعى "إسرائيل" إلى اختراق العمق العربي اقتصادياً من خلال الاتفاقيات مع الدول العربية والادعاء بأنها الدرع الواقي للخليج العربي ضد إيران، ثم يأتي وزير في حكومة نتنياهو ليعلق خريطة تعبر عن طموحات الصهيونية واليمين الإسرائيلي الذي يسيطر على الحكومة نحو إسرائيل الكبرى، فهذه قمة في الخساسة والاستهتار بالعقل العربي وكرامته.. ورغم ذلك فذنب هذا الكيان العنصري الاحتلالي مغفور عربياً، والتنازل أمامه باتت عادة تثير الاستهجان مهما وضعت له من مبررات سياسية.

وما زلنا بانتظار ما قد تسفر عنه الضغوطات البرلمانية فهل يصدق المثل القائل "تمخض الجبل فولد فأراً"

هذا ما لا نتمناه فالشعب الأردني حيٌّ وصاحب مواقف جادةوكبرياء، ومن المفروض أن الحكومة جزء من هذا الشعب الأبي، فلن ترضى المهانة لأردن الرباط الذي هو على تماس مع الوجع الفلسطيني ويقف شاهداً على مآلات الأطماع الإسرائيلية تجاه الأردن وقد خابت مساعيها.

***

بكر السباتين

23 مارس 2023

الدين والدنيا في خصام أزلي وسيتواصل، وتلك حالة الوجود الأرضي ولا مناص منها، ولهذا أصاب الأديان ما أصابها، وما إستطاعت أن تتواءم وتتوافق وتتلاءم، فالخصام ديدنها، ولكل وجهته ومنهجه ومنطلقه، وإرادته الإدراكية الفاعلة في مسيرته.

الدين والدنيا في خصام بسبب النفس الأمارة بالسوء الحامية في البشر، وبنوازع فطرية ذات رغبات فورية التحقيق يتعارض معها أي دين، ولهذا فالمعارك شرسة ما بين المخلوق والدين، الذي يُراد له أن يتخلق بتعاليمه ومنطلقاته السلوكية، التي تهذب الحياة وترتقي بها إلى آفاق الإنسانية العلياء.

وهي حالة تعبيرية عن الصراع القائم ما بين المثالية والواقعية، ما بين الطبع والتطبع، فالدين يدعو إلى التطبع بالتعاليم المنشودة، والطبع قائم في المخلوق ومتأجج، ويعبّر عن إنعكاسيته التفاعلية المتنوعة الآنية الإستجابات.

والمعضلة العسيرة ضعف قدرات التوافق ما بين الطبع والتطبع، ويميل الطبع للمخاصمة والهروب من التطبّع، لأنه يستدعي مجاهدة وعناء، والطبع جاهز متأهب الحضور والتعبير، ولهذا يسعى معظم البشر للطبع، الذي تحول إلى سلوك جماعي وتقليد فاعل في الأيام، ولكي يتطبع فأنه يمضي وقتا منقطعا عن طبعه، لكنه يعود إليه حالما ينتهي من إنقطاعه.

وذلك واضح في الأديان، إذ ترى التناقض الصريح ما بين ما يتحقق في مجتمعاتهم، وما يتأكد من ممارساتهم الطقوسية بأنواعها.

وهذه مشكلة قائمة بين الأجيال ولن تنتهي، مهما حاولنا وتوهمنا وفسرنا وحللنا وتفلسفنا، وإخترعنا من مصطلحات ونظريات، فالعلاقة ما بين الطبع والتطبع تبقى في تناقضها وتنافرها، وما ينجم عن ذلك من تداعيات وويلات تدفع بعجلات الحياة، وتديم البقاء وفقا لإرادة الأرض القابضة على وجود الأحياء.

والحل أن تكون العلاقة بين الدين والبشر ذاتية تفاعلية بآليات إنسانية مع الغير، وليعمل بموجب ما تمكن من فهم وإدراك، وبذلك يشع محتواه في مجتمعه، وبتفاعل الإشراقات الإيجابية يتأكد دور الدين في الحياة بمعانيه الجوهرية الرحيمة السمحاء!!

و"إنما الأعمال بالنيّات ولكل إمرءٍ ما نوى"!!

***

د. صادق السامرائي

9\22\2020

لم تخلُ قضية إصرار مجلس النواب على إقرار تعديلات على قانون الانتخابات في غزوة " منتصف الليل " ليهيء المسرح من جديد للسيطرة على مقدرات العراق، من بعض الفكاهة والطرافة إن لم نقل "مضحكات"، فهي فاقت كثيراً ما عاناه عمنا المتنبي.

ومن هذه المضحكات دعوة نواب لحضور جلسة البرلمان التي عقدت منتصف الليل و"بالظلمة" لإقرار قوانين تهم ملايين العراقيين.. تخيل جنابك هذا المشهد يدور داخل قبة أعلى سلطة تشريعية في البلاد والذي جاء على لسان النائب هادي السلامي: "تم استدعاء بعض النواب من بيوتهم في وقت النوم على وجه السرعة لسد النقص بسبب غيابات بعض البرلمانيين"، ويضيف السلامي: "جاءت بعض النائبات وهن يرتدين عباءات الرأس بشكل مقلوب، وبعض النواب يرتدون بدلات غير مرتبة بسبب سرعة استدعائهم".

ومثل فيلم ميلودرامي طويل لم يهتم أحد بالحبكة ولا بتفاصيل الشخصيات ولا بالمكان والزمان، ولا بأي شيء سوى أن يظهر رئيس البرلمان محمد الحلبوسي "يمشي الهوينا" يضحك على النواب الذين يطالبون بعدم إقرار التعديلات، وكأنه يريد أن يقول إن الله كان رفيقاً بالعراقيين، فسهرنا حتى الفجر لنقر لهم قانون انتخابات سيطبق شعار عراق بلا فساد ولا طائفية، وهي مطالب النواب على شاشات الفضائيات فقط لا غير .

النواب الذين سهروا حتى الفجر لإقرار قانون ضد مصالح الشعب، ولم يفعلوا سوى إدارة سياسات قائمة على أفكار جاهزة شعارها "ما ننطيها".

ليس من دواعي المقارنة أن نقول، لو أنّ ضحكة محمد الحلبوسي وسخريته جرت في بلد آخر، لتمت إقالة هذا المسؤول، لكنها للأسف حدثت في العراق الذي تعود

لا أظن أن صاحب عقلٍ أو ضميرٍ يمكن أن يرى في برلمانٍ كهذا طوق نجاةٍ للعراق والعراقيين، فهذا البرلمان لم يتم تشكيله إلا ليكون الواجهة التشريعية التي تختبئ خلفها الأحزاب السياسية، وبالتالي فالبرلمان يؤدي دوراً، رسمه قادة الأحزاب، ولا يعنيه رأي الإعلام أو رضا الشعب، أو الاحتجاجات التي راح ضحيتها المئات، جلسة برلمان منتصف الليل تصلح عنواناً للعبث السياسي، ذلك أن أصحابها لا يزالون متشبثين بذلك الوهم الذي يعتقدون فيه أن الشعب اختارهم وأنهم يمثلون صوت الناس.

تُعرِّف الأمم المتحضرة، أو التي يتمتّع ساستها بالحد الأدنى من سلامة القوى العقلية والحسّ الإنساني والوطني، البرلمان بأنه المكان الذي يجتمع عليه كل المواطنين، في هذا البلد أو ذاك، ليجعل حياة الجميع أفضل، من خلال إحداث نوعٍ من النهوض المتكامل، يستهدف الارتقاء بحياة المواطن العادي، وإنعاش حظوظه في العيش بكرامة، في ظل ساسة يحترمون حقوقه الأساسية في الحرية والعدل والعمل.. لكن للأسف ما نتابعه في جلسات برلماننا يؤكد أن بنية النظام السياسي في العراق لا تريد أن تغادر حالة الصفقات .

*** 

 علي حسين

 

 

أن لكل دولة مجموعة من الأهداف التي تسعى من خلالها لتحقيق مصالحها وطموحاتها، وهذه الأهداف تتفاوت أهميتها وفقاً إدراك صانع القرار السياسي ومدى تأثر كل حدث أو متغر سواء كان إقليمي أم دولي على تحقيق تلك الاهداف، فإن مدركات مصالحها ونفوذها الإقليمي يصبح دافعاً لتحقيق مشروعها الداخلي والإقليمي التي تترجم إلى أعلى المستويات والأهداف التي سعت الى تحقيقها وتؤثر بالتالي على علاقاتها الدولية وسياساتها الخارجية. من الضروري تعاون دول الطوق والجوار العراقي وفي مقدمتها الجمهورية الاسلامية الايرانية من أجل القيام بمسؤولياتها بدعم عمليات حفظ وحدة اقتصاد العراق واستخدام موارده وتماسك مجتمعه من أجل أن يكون العراق قوية وحفظ كيانه وتوازناتها في المنطقة، من أجل الاستفادة من مكاسب النمو الاقتصادي الاقليمي للمنطقة والتي لهم دور كبير في حفظ أمنه وحماية مكتسباته تعاونهما معاً.

العراق وإيران هما بلدان متجاوران ولهم حدود مشتركة بطول يقارب 1400 كيلومتر ومن هنا لقد فرض الواقع الجغرافي للعراق وإيران كونهما دولتان متجاورتان، والتداخل السكاني القومي والمذهبي أولاً، ومن ثم ظروف الأوضاع الدولية ثانياً على كلا البلدين ومجمل سكانهما مسلمين، على ضرورة التفاهم وهذه الحقيقة التي تؤطر معيارية العلاقة بين البلدين الثقافية والاجتماعية والتاريخية والدينية ولها وزنها وحساباتها في منظور صانع القرار السياسيين في كل بلد على حدى، ولاشك ان الوعي والحنكة والدراية الموجودة لدى القيادتين الايرانية والعراقية، ادت الى تفويت الفرصة على من يريد الاساءة الى العلاقة بين طهران وبغداد في التوقيع على الاتفاقية الامنية، والتي سوف تساهم في تحقيق الاستقرار للمنطقة واعتماد مبدأ التوازن في العلاقات مع دول الجوار واقامة أفضل العلاقات على أساس حفظ مصالح العراق أولاً، اذ تربط العراق علاقات تاريخيَّة مع دول الجوار ولكن يبقى أساس التعامل في العلاقة القائمة معها مبنيًا على احترام السيادة وعدم التدخل في الشُؤُون الداخليَّة واستقلاليَّة القرار العراقيّ . إن الصعوبات الحالية التي يواجهها العراق لا تعني عدم قدرته في الوقت الحالي والمستقبل للعمل على تجاوز الصعوبات والقيام بدور اقليمي فاعل يحافظ على السلام والامن، إذ من المعروف عليه في علم السياسة أنه علم يتسع لكل الاحتمالات ويأخذ بالحسبان الجوانب المختلفة للخلافات، فليس من المستبعد أن يقوم العراق بدور اقليمي فاعل كما هو عليه الان يؤهله على الدخول في لعبة التوازنات الاقليمية التي تنتهي أو تحسم نتائجها بشكل كامل لمصلحة اطرافها كما كانت المساعي في تقريب وجهات النظر في الاتفاق السعودي الايراني الاخير لعودة العلاقات بينهما بجولاته الخمسة التي جرت في العاصمة بغداد وانتهاء الأمر الى عودة المياه الى مجاريها. ان العراق تربطه علاقات مشتركة مع دول الجوار وأساس التعامل في العلاقة القائمة معهم مبني على احترام السيادة وعدم التدخل في الشُؤُون الداخليَّة لاي بلد ودعم أسس التنمية الشاملة للعلاقات في الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية أكثر من قبل وينمي ايضا العلاقة التاريخية والاخوية الوثيقة التي تربط شعوبها، من خلال التوقيع على الاتفاقية الامنية المشتركة سيكون لها الاثر الحاسم في تقليل ومواجهة التحديات الأمنية غير المرغوب فيها بينهما، ، التي ستعزز المسؤولية والالتزام المتبادل، لحماية أمن الحدود المشتركة، وصولا الى إنهاء الوجود غير الشرعي للعناصر المسلحة التي تريد زعزعت الامن والترابط الذي التاريخي والاجتماعي والثقافي بين البلدين والتابعة الاستخبارات الامريكية والموساد الصهيوني في الحدود الشمال الشرقي للعراق والشمالية الغربي من إيران والتي كانت في الفترة الماضية منطقة عمليات للمجموعات المسلحة المعادية لإيران وتوقيع الاتفاقات الامنية توثق العلاقة بين البلدين هو هدف يصب في مصلحة العلاقات بينهما، والعراق لايزال يحتفظ بالمأهلات التي المهمة والضروية ، والتحول مرة اخرى الى دولة قوية تنافس وتحد من قدرات ونفوذه من تسول له نفسه الاساءة اليه وتحقيق اهدافها بكل قوة في الاقليم والتي تمكنه وتؤهله من ان يصبح احدى القوى الفاعلة في الاقليم وعنصراً اساسياً في تقرير التوازنات الاقليمية للمنطقة، ويرفض بشكل قاطع على أن تكون أرضه مسرحا لتواجد الجماعات المسلحة، أو أن تكون منطلقاً لاستهداف بلدان الجوار، والتي تضر بالمصالح المشتركة وتضرب العلاقة التاريخية المتجذرة بينهم . أو أيّ مساس بالسيادة العراقية، وفعلاً الحكومة العراقية اتخذت مجموعة من الإجراءات لحماية الحدود العراقية الإيرانية بزيادة القوات الموجود بالمشاركة والتعاون مع قوات البيشمركة تحت قيادة عسكرية موحدة وهناك تفاهمات من أجل عدم السماح للمجموعات المسلحة التي تريد أن تعبر الحدود إلى الجانب الآخر لا بل تمنع تواجدها في المنطقة وابعادها عن الحدود المشتركة للبلدين

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

 

 

الدول العربية ليست الوحيدة التي تجزأت بعد الحرب، فهناك كوريا، وألمانيا، وفيتنام، وغيرها، وجميعها إستثمرت في التجزأة وتقدمت وعاصرت، إلا الدول العربية فأنها تناحرت.

لا يتفق الجميع مع القول بأن (سايكس - بيكو)، من الأخطاء القاتلة التي إرتكبتها الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى.

وعندما أدركت خطأها، عملت على جعل الدول القطرية متناحرة، لتنزف طاقاتها وقدراتها وثرواتها، وتنشغل ببعضها وتتمحن في وجودها، وبموجب ذلك تأسست الأحزاب المؤدينة والقومية، وما وجدنا أحزابا وطنية ذات قيمة ودور.

فهذه الأحزاب تشترك بأهدافها القاضية بالعدوان على الدولة القطرية، والتغني الخيالي بالوحدة وبناء الدولة الكبرى، وما أفلحت سوى بمناهضة طروحاتها، وأمعنت في تقسيم المُقسم، والأحزاب المؤدينة أجادت التفرقة وجسدت الطائفية والمذهبية، وهي لا تؤمن بوطن بل بأمة متصورة.

وأشد ما كانت تخشاه القوى التي جزأت الوطن إلى دول، أن تهتم كل دولة ببناء وجودها القوي وتستثمر ثرواتها وطاقاتها البشرية، ولهذا عملت على أن لا يتحقق هذا السلوك الإيجابي، وأوهمت الجميع بأن العلة في التجزأة، وعلى الدول أن تجاهد من أجل الوحدة لتكون، وبدونها لن تتقدم وتعاصر ويعيش أبناؤها بحرية وكرامة، فشجعت فيها الأنظمة الإستبدادية، وقضت على أنظمتها الديمقراطية الدستورية، وعززت دور الفردية، والإذعانية، فصادرت وجود أبناء الأمة أجيالا بعد أجيال، وقام بالمهمة أبناء الأمة أنفسهم، وإتخذوا من قميص الإستعمار عذرا لتبرير مساوئهم وجورهم، وعدوانهم على المواطنين، وكأن الدنيا ليست سوح غاب يفترس فيها القوي الضعيف.

فلو تحقق بناء الدول القطرية وفقا لأسس دستورية راسخة، وتواصلت التنمية والتفاعلات الإقتصادية والعلمية، وغيرها مثلما يحصل في الدول الأخرى، لأصبحنا أمام أكثر من عشرين دولة قوية، وكل منها سيكون سندا للدولة الأخرى، وبتكافلية تساهم في فرض هيبة وعزة الأمة على أمم الدنيا.

فتخيلوا أكثر من عشرين دولة قوية متعاضدة في المحافل الدولية، فماذا سيحصل، وأي مكانة ستكون لها.

إن العيب في أنظمة الحكم التي إنطلت عليها لعبة التجزأة، فأوصلتنا إلى قيعان المرير.

فهل من قوة وطنية راسخة، وقدرة على الخروج من نمطية التفكير العاهوي؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

رغم كون شهر رمضان المبارك ثقيل على الكثير من أمثالي.. ولكن هناك من يترقبه بسبب المسلسلات المتنوعة او العاب كرة القدم المسائية او لعبة المحيبس المعروفة... وانا شخصيا أصوم اغلب شهري رجب وشعبان بكل سهولة ويسر مقارنة مع التوتر الذي يرافقني في شهر رمضان... برايي أن السبب الرئيسي لذلك هو كونه واجب وعليه حساب و هو أحد فروع الدين بعد الصلاة لذلك نقلق خشية ان نخل بصيامه ونكون بذلك قد دخلنا في المحظور والعقاب.

في حين صيام بقية الاشهر مستحب ويمكن أن نفطر في اي لحظة دون عقاب... والسبب الثاني هو عدم استحضار ثوابه بشكل عملي. بمعنى ان هناك من يعمل للدنيا عملا شاقا يستغرق معظم اليوم ولكنه يتمنى ان لا ينتهي اليوم لا لشيء الا بسبب الأرباح التي يجنيها من عمله مما تجعله ينسى كل تعبه.

نعم ان استحضار الثواب بأنواعه يحتاج إلى تواصل وفن وابداع في تعامل مع النفس لأقناعها بالأجر العظيم في شهر رمضان... ومع ان السلف الصالح لم يبخلوا في هذا المجال الا اننا نحتاج اكثر من ذلك ليعم الخير للجميع.

المسلسلان الأكثر إثارة لعواصف الجدل حتى قبل عرضهما، فهما "ابتسم أيها الجنرال" و"معاوية بن أبي سفيان"، إذ يعرض الأول –وفقا للترجيحات– قصة وصول الرئيس السوري الراحل (حافظ الأسد 1930-2000 إلى الحكم من خلال "الحركة التصحيحية"، وما تلاها من أحداث حول سيطرة عائلته على مفاصل الدولة السورية، وخلاف ابنيه لاحقاً،

فيما يذهب الثاني لفتح ملف الخليفة الأموي (معاوية بن أبي سفيان 602-680) من وجهة النظر الأخرى، عبر تناول أحداث الفتنة الكبرى بعد مقتل الخليفة الراشدي الثالث (عثمان بن عفان656-576)، وهو ما يُتوقع أن يلاقي اعتراضاً شيعياً واسعاً، مجموعة "MBC" الجهة المنتجة، قالت إن العمل ما يزال قيد التحضير وسيعلن عن موعد بثه لاحقا، وهو من كتابة الصحفي المصري خالد صالح، الذي لم يسبق له أن كتب مسلسلاً، ومن إخراج طارق العريان، وبطولة لجين إسماعيل بدور معاوية، وممثلين مصريين ومغاربة.

ورغم أن هناك أعمالا عديدة جسدت سير شخصيات لا تحظى باتفاق المذهبين، مثل مسلسل "عمر بن الخطاب"، إلا أن شخصية "معاوية" تعد محل خلاف حتى بين بعض أئمة السنة باعتباره أول" من بدل نظام الخلافة الإسلامي، فحوله إلى نظام وراثي".

كانت نيلي وشريهان تجمعنا بفوازيرهما، واليوم معاوية وأبي لؤلؤة الفيروزي يفرقانا بسيفهما الملطخين بالدماء... فهل من مدكر؟.

***

شاكر عبد موسى / العراق

في الجلسة العامة لمجلس النواب المصري. وأثناء مناقشة قانون إقرار العلاوات الخاصة تحدث النائب/ الدكتور فريدي البياضي، نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي، قال ؛- كنت أتمنى أن أقف أمام الحكومة اليوم واشكرها، ولكن العلاوة قبل أن تصل إلى جيب الموظف وأصحاب المعاشات، احترقت بجنون ارتفاع الأسعار، واستشهد كمْ معاش المواطن أصبح الآن؛ أصبح لا يشتري ثمن 5/ دجاجات فقط... !!

صرخة أطلقها النائب من تحت قبة البرلمان المصري في وجه الحكومة الذي طالبها بالرحيل فورا؛- وقال: كان نفسي أشكر الحكومة على الإنجاز بعلاوة غير مسبوقة؛ لكن للأسف إن العلاوات التي اقترحتها الحكومة حرقتها بالفعل نيران الأسعار الرهيبة، ثم تساءل النائب..؟!

ماذا تفعل الحكومة في القطاع الأكبر من الموظفين وهم موظفو القطاع الخاص...؟!

ماذا عن الطبقة العريضة من المجتمع وهم بلا عمل أو العاملة غير منتظمة باليومية...؟!!

لقد أصبحوا تحت خط الفقر... وما أكثرهم..!!

وماذا عن القطاع المطحون من أصحاب المعاشات حيث يقدر عددهم بحوالي (11 مليون نسمة)هل يعقل أن يكون الحد الأدنى للأجور بعد الزيادة/ 3500 \جنيه مصري أي ما يعادل الآن 100/ دولار أمريكي في الشهر__\ بينما الحد الأدنى للمعاش 1250 جنيها/ قيمة شراء 5/ دجاجات....!!

وأكمل النائب قائلا؛ الحكومة بتفاخر إن المستفيدين من معاش "تكافل وكرامة" ارتفع إلى حوالي" مليون أسرة" هذا العام... واستغرب هل هذا إنجاز في نظر الحكومة، واتهم الحكومة بزيادة أعداد الفقراء وقال بسخرية باللهجة العامية "دا ناتو فقرنوا الناس أكثر" ثم أضاف النائب: الحكومة تخرج طبعا بمبررات الحكومة ليس لها ذنب. أزمة عالمية ونحن جزء من العالم...؟!

واتهم الحكومة أن الفشل في الاستعداد للأزمة هي معدلات التضخم غير مسبوقة في تاريخ مصر... ؟!

وقال:- الحكومة هاتسألني أجيب منين الزيادات...؟!

هاسالهم هاتجيب منين ال/ 150 مليارا / اللي ها نقرهم اليوم... هيكون ردي من جيب المواطن طبعا......؟!

ولا هاتطبع فلوس وتزود التضخم...؟!

وختم النائب/ البياضي كلمته قائلا: أفضل إنجازا يقدمه الدكتور/ مصطفى مدبولي رئيس الحكومة للشعب المصري هو أن يقدم استقالة حكومته ويرحل فورا وكفاية فشل...!!!!

***

"محمد سعد عبد اللطيف" كاتب مصري وباحث في علم الجغرافيا السياسية

 

من الظواهر التي لم تشد إنتباه الكثيرين، ولم يتحقق تحليلها بعمق، أن دولة لا علاقة لها بالإسلام، ويمكن القول أنها دولة لا دينية، رعت ونجحت في لم شمل دولتين مسلمتين.

دولتان الدين الواحد فرقهما واللادين جمعهما، فكيف يُفسَر هذا السلوك؟

أ ليس هو دليل على أن الأديان تفرّق؟

بل أن الدين الواحد يكون مصدرا للفرقة والتصارع الشديد!!

لو تأملنا مسيرة الإسلام لتبين أن أبناءه تقاتلوا بعنفوان وقسوة، وتفرقوا وأصبحوا ألف فرقة وفرقة، ومنذ إنطلاقته.

فالفرقة الدينية في الإسلام ليست جديدة، وسببها التأويلات والتفسيرات الداعية لتأليف سلطة فردية ذات أتباع خانعين، ينفذون أمر مَن سيَّدوه عليهم، وصاروا بضاعة تجارية في يديه.

آلاف الآلاف من المسلمين قتلوا بسبب هذا الرأي أو ذاك، ولا تزال نواعير الإتلاف الذاتي والموضوعي تدور بسرعة متزايدة، خصوصا بعد توفر أدوات القتل السريع بأنواعها.

فالسيف قتل مئات الآلاف من المسلمين بواسطة المسلمين، فكم ستقتل منهم أسلحتنا المعاصرة؟

أ ليس من الغريب أن لا تتمكن أي دولة مسلمة إصلاح العلاقة بين دولتين مسلمتين؟

ومن المخجل أن تأتي دولة لا ناقة لها ولا جمل بالإسلام، وتدعو دولتين مسلمتين للتعاون والتآحي!!

فلينظر المسلمون إلى أحوالهم، ولا يتذرّعوا بأسباب خارجة عن عاهاتهم السلوكية الفاعلة فيهم.

فالمسلم عدو المسلم وليس أخوه!!

المسلمون يتمترسون في رؤى وتصورات وإدّعاءات، وكلٌّ يحسب أنه يمثل الإسلام الصحيح، الذي يتممه بقتل المسلم الآخر الذي لا يرى مثلما يرى.

وبعض المسلمين لا تسمع في خطب رموزهم آية قرآنية، بل توجهات شخصانية، وتأليهات لرموز آدمية، حتى صار الفرع البعيد والقريب يتقدم على الأصل.

وتلك محنة الإسلام بالمسلمين، وعاهة التفاعل العدواني ما بين أهل الدين.

فأين الإسلام يا أمة وأرسلناك رحمة للعالمين؟!!

***

د. صادق السامرائي

من الواضح أصبحت الحرب الناعمة السلاح السحري والفعال لأعداء الوطن والدين، فهي أقل كلفة مادية، والمهاجم فيها لا تُزهق له أرواح من جنوده، ولم تثير هكذا حروب أستنكار المنظمات الدولية والأنسانية، ولا تُثير حتى حفيظة الضحية، ولا تحدث حسيساً ولا ضجيجاً في الأعلام العالمي. وكما أن للحروب التقليدية أدواتها المتنوعة، كذلك هي الحروب الناعمة تتنوع في أسلوبها وأدواتها، ومن أشهر أساليبها وأكثرها فعالية وأقلها كلفة، هو سلاح الجهل، وكما يقول المثل (جهله قتله). فعلاً الجهل هو السم الرعاف للشعب المراد أحتلاله وأستعماره وأستغلاله من قِبل رعاة هذه الحروب، ومن الصعب الوقوف بوجه هذا السلاح، إلا بالوعي، وأول الوعي هو معرفة أهداف العدو، وأساليبه الماكرة، وهنا أحببت أن أُبين بعض هذه الأساليب عسى أن تساهم ببناء هذا الوعي، وهنا أذكر للقاريء الكريم نبذة من أساليب العدو في تنويم الشعوب ومن ثم أستغفالها. يذكر التاريخ أن نابليون عندما أحتل مصر ١٧٩٨م، ولأجل كسر شوكة مقاومة المصريين لحملته الاستعمارية، أخذ يستغفل الشعب المصري بأسلوب دغدغة عواطفهم، عن طريق التقرب لهم بمشاركته لمناسباتهم القومية، مثل (عيد النيل) و(عيد الوفاء)، وكان يتبرع من جيبه الخاص لأعياد المسلمين، رغبة بخداعهم مثل المولود النبوي، حتى سموه المصريين ب علي بونابرت، حتى أنه أخذ يظهر التودد والصداقة اليهم، وكان هذا الأسلوب ساهم في تسهيل أحتلال مصر.

أن أسلوب الخداع لم تختص به فرنسا لقهر الشعوب المستضعفة،وهنا أذكر للقراء الكرام حادثة، حدثت مع السفير البريطاني في العاصمة الهندية نيودلهي، تقترب في أسلوبها وأهدافها، وبينما هو يتجول بسيارته برفقة القنصل في السفارة البريطانية وإذ يرى السفير شاب هندي يركل برجله بقرة واقفه بالطريق، مما جعله يترجل بسرعة ناهراً وموبخاً الشاب على فعلته بأعتباره أساء الى آلهة الهند المقدسة، وانحنى نحو الأرض متناول جزء من فضلات البقرة وأخذ يمسح بها ملابسه ووجهه متظاهراً بأحترامها، مما جعل جمهور من الهنود الواقفين ينهالون على هذا الشاب بالضرب والسباب على فعلته الشنيعة التي تنم عن أحتقار آلهة الهند المقدسة (البقرة)، وبينما الهنود ينهالون بالضرب والسباب على الشاب الهندي قفل السفير راجعاً الى سيارته، وذهب، وبينما هو في السيارة سأله القنصل البريطاني الذي كان بصحبته، ياسيادة السفير، هل أنت معتقد بقدسية هذه البقرة، وأنها من الآلهة، فرد عليه السفير، وهل نَسيت أننا تغدينا لحم البقر سويتاً اليوم، فرد عليه القنصل، وما الحكمة من تصرفك هذا، فأجابه السفير إن هذا الشاب الذي ركل البقرة، هي بالحقيقة ركله للعقيده الخاطئة، فالشاب يريد تصحيح هذه العقيدة الذي يمارسها الشعب الهندي، هذا لو حصل وتنبه الشعب لذلك،سيجعل هذا الشعب متقدم علينا ٥٠ سنه، لذلك من مصلحتنا الوجودية أن يبقى الشعب الهندي متأخر ١٠٠ عام، لذلك يكون من أهم أهداف المخابرات التابعة لدول الاحتلال هو تكريم الجهل والخرافة، فهي أهم الجيوش الحقيقية في أغتيال وأحتلال الشعوب.

***

أياد الزهيري

يقول مثلنا: (غنم ماشايفين.. بعرور هم ما شايفين!).

لاأظنني آتي بشيء جديد على مسامع قارئ مقالي، حين أشير إلى سلبيات مطروحة ومعروضة في الشارع العراقي وعلى مرأى الجميع، و(على قفا من يشيل)، ولعلها أقرب الى المواطن العراقي من خبزة يومه، وأدنى من قوت عياله، لكنها رسالة تحكمني فيها المهنية وقبلها الإنسانية والوطنية.

وما ذكرني بهذا المثل، هو انحياز ساسة بلدي الى مصالحهم الخاصة والخاصة فقط، والتفاتهم الى مآربهم ومشاربهم دون الاهتمام بشؤون البلاد وملايين العباد، بل حتى دون مراعاة عرف، أو الالتزام بخلق، أو التمسك بعقيدة، فضلا عن النأي عن كل التقاليد والقيم التي عهدها التأريخ بالإنسان العراقي، ولعل ماذكرته يحتاج مقالا أو أكثر كلا على حدة.

وما يؤلم ويحز في النفس، أن ساستنا لايولون الجانب الإعلامي إلا بما يصب في بواتقهم، ونراهم على الدوام يركنون الى الصحافة الصفراء، حيث تخدم غاياتهم والتي عادة ماتكون دنيئة. حيث نقرأ ونسمع ونرى العجب العجاب في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، فمن عهدنا به من السياسيين التزلف والتملق والخديعة -وهم كثر- يظهره الإعلام على أنه نبي منزّل، أو ولي منتقى، أو تقي مصطفى. في حين نرى المعتدل والوطني والشريف -وهم قلة- يظهر بصورة غير لائقة، وأشهر تلك الصور وأكثرها انتشارها صورة الفاسد، وما أسهل الأخيرة إن أراد الإعلام إخراجها وبثها على الملأ، فأركان الفساد متوافرة في عراقنا على قدم وساق، وفي كل واد ونادٍ.

وبذا يجانب الإعلام الدقة والشفافية والمصداقية، ويشط عن شرف المهنة أيما شطط، في وقت وظرف يحتم على الساسة إيلاء الإعلام كسلطة رابعة أهمية قصوى، ليمارس دوره الرقابي بما يجدي نفعا، لينهض البلد ويرتقي الى حيث يليق به كبلد عريق، فإن من المعيب جثومه في خانة الدول الفائزة دوما بإحصائيات الفساد والجريمة.

الإعلام -ياسامعين الصوت- هو سلطة الشعب الذي انتخبكم وسلطكم على حاضره ومستقبله، واختاركم كي تنصفوه حقوقه بعد أن بخسها سابقوكم.

الإعلام هو صوت الفقراء المغمور خلف بيوت الصفيح والطين في العراء، وتحت الجسور وفي المقابر والـ (تجاوزات).

الإعلام هو نداء الثكالى اللائي فجعن بفلذات أكبادهن، بسبب صراع بينكم وعراك بين (زعاطيطكم).

الإعلام هو آهات وتأوهات كبار السن من الذين أفنوا ريعان شبابهم في مؤسسات الدولة العراقية، متأملين اتكاءهم على مرتب تقاعدي يغنيهم عن (مَدة الإيد) ويعينهم على متاعب الكبر والمرض والوحدة.

الإعلام هو مطالبات الشبان الخريجين الذين يبحثون عن ثمرة دراستهم ومثابرتهم في (مسطر العمالة) و(جنبر الجكاير)، تاركين شهادات الدبلوم والبكلوريوس شاخصة في إطاراتها، معلقة على الحائط يعلوها التراب والغبار.

الإعلام هو صوت تلاميذ الصفوف الابتدائية وهم يرددون:

دار دور.. داران.. نار.. نور.. نيران. حالمين بدفء النار، وأسنانهم تصطك من زمهرير الشتاء، في صفوف تئن فيها رياح الـ (جلة) والـ (عجوز) وشباط الـ (أزرق).

الإعلام ياساستنا هو الذي يكشف أغطيتكم التي أدمنتم النوم تحتها منذ انتخبكم شعبكم، لعلكم تصحون قبل فوات الأوان.

الإعلام ياجلادون هو ثلة من أناس حملوا أرواحهم فوق راحاتهم، لكشف حقيقة او إيصال صوت او عرض مشكلة وبحث حلولها، متحملين معارضتكم لهم ومحاربتكم إياهم.

الإعلام هو الكوكبة التي فاضت روحها، وهي تؤدي مهنتها من جراء بطش قادة وظلم ساسة أصنام، سقط بعضهم، وأصنام آخرون لاحقون بهم لامحالة.

***

علي علي

تمر عقود ولاتزال السلطة تغوص اكثر يوما بعد اخر في الفساد المستشري دون حراك ما لواده او ايجاد البديل المناسب لمن يقف على راسه دون ان يابه بما يحصل لهذا الشعب المغدور. لقد طال بنا الزمن وانتظرنا كثيرا بحجة قلة معرفة او خبرة من يحكم ومن اجل ايقاف او منع التدخل الخارجي بحجة حصول فوضى عند التعارض او اي عمل ثوري داخليا، ولكن سيطرة الحزب والمحسوبية والمنسوبية الحزبية والعشائرية والشخصية على كافة مفاصل السلطة جعل التخبط والتراجع م من نتائج العمل الجاري وفق هذا المسار الذي تعتمده هذه الاحزاب المسيطرة على السلطة وبكل ما لها علاقة بالحكم في هذا الاقليم البائس دون ان يابه من يسمي نفسه مخلصا ما يحصل لهذه التجربة التي طالت دون تحقيق الاهداف وتراجعت في مسيترها دون ايجاد اي حل منع او حتى ايقاف ما يحصل من الفساد القاتلفي هذهة المرحلة .

التفكير في البديل المناسب في هذا الواقع الذي فرض نفسه دون ان يكون هناك من الوسائل التي يمكن توفيرها ليحل مكان ولو جزءا من الواقع المخزي، ولهذا يمكن ان يراد بالعمل المطلوب هو التعمق والتحليل لتجاوز الخوف من حصول الاسوأ الذي من المحتمل ان يحل نتيحة التربص خارجيا للتدخل في الوقت المناسب له لو احس بتوفر الارضية المناسبة لتدخله، ما يجعل فرض التردد لدى المهتمين لاي عمل سواء للاصلاح الجذري او الثورة العارمة.

وعليه يمكن الاعتقاد بان الحل الواقعي هو نضوج الفكرة اولا ومن ثم حالة لتهيؤ الفرصة عفويا او طبيعيا بعد الوصول الى حالة ما لا يمكن تحمل الخراب الكلي ولو على حساب هذه التجربة غير المسبوقة في تاريخ الكورد.

ما يحتاجه اي مفكر في الامر هو التخطيط العمل المناسب لكيفية تثقيف المجتمع وايقاضه منة نومه والسبات المسيطر عليه نتيجة الترغيب والترهيب الفاسدين المسيطرين عليه ومن له المصلحة في بقاء الحال كما هي. وهذا ما يحتاج الى وقت وصبر وعمل دقيق وتعاون الجميع على راسهمة الشباب الواعي من الحيل الجديد .

بداية يجب ان يعول على الحيل الجديد وكيفية دفعه الى التفكير في مستقبل شعبه و دفعه الى منع ما يحصل من من تلطخت ايديهم في الفساد المستشري وبايدي ذاتية دون ان يفكروا هؤلاء بمستقبل هذا الجيل. وهذا يحتاج الى وسائل اعلامية وتنطيمية نشطة بعد تخطيط ويرنامج علمي مناسب بما يجب ان يعمل عليه وما هي الاولوية التي يجب العمل به وعليه من اجل فتح المسار والطريق المناسب للتاثير على امكانية وقدرة المتسلط حزبيا وحكوميا.

و ليه يمكن ان يُصنٌف من يكون اولا في ان يمكن الاعتماد عليه في القاء المهام الشاق على عاتقه والسير في حقول الالغام المتعددة التي يمكن ان تواجهه في العمل على محاولة وئد الفساد بايديه قبل الاخرين . اليداية تعتمد على كيفية ايجاد الباب الذي يجب فتحه امام امكاينة تفكيرهذا الجيل نحو تلك الافاق ومن ثم تبدا الخطوة الاولى، ومن ثم تسير المسيرة بسلاسة وسهولة ان ازيل الراس الكبير للفساد باي شكل كان ومن ثم من تبدا الخطوة الواقعية بعد نجاح الخطة وترسيخ الارضية المناسبة لتلك المهام.

تبدا المسيرة بتشجيع من ينتمون الى هذه الاحزاب الفاسدة لمصلحة ما حياتية شخصية، الى التفكير والتحمس لمساعدة من يمكن تكليفهم على نشر ما يطلب منهم نشره بين صفوف الاحزاب التي ينتمون اليها. التاكد من المستقلين وايكال المهام اارئيسي اليهم وفق قدرتهم والاهتمام بالنساء في امور خاصة تناسبهم وان امكن يجب خرق القيادات الشابة من الجيل الجديد المنتمي الي تلك الاحزاب في سبيل اقناعهم للمساعدة على انهاء ما هم يمسونه من الفساد الذي يضر بهم وبمستقبلهم قبل اي كان. اذا البديل المناسب السلمي يحتاج الى خطط ودقة والحذر والوقت والصبر من اجل عدم التزحلق الى السبيل المؤدي الى الفوضى والفشل المحتمل في الامر في كل وقت نتيجة صعوبة المهام ووجود من يريد التخريب في كوردستان لمصلحته وهو ما يبني السد والمنع للحركة المناسبة امام هذه الطريق المناسب على الاقل لتقليل الفساد.

***  

عماد علي

أكتشف المهندسون الذين درسوا البنايات التي صمدت والتي سقطت في الزلزال الأخير في تركيا وسوريا، إضافة للأسباب المتوقعة من غش البناء، سببا غريبا وحاسما في تحديد مصير البناية!

اكتشفوا أن الكثير من تلك البنايات قد أجريت عليها "تعديلات" من قبل مالكها بعد البناء، ومنها "قص الأعمدة" في الطابق الأرضي، لتكوين قاعة واسعة خالية من الأعمدة الوسطية، لتأجيرها كمحلات كبيرة أو ربما قاعات اجتماعات الخ، فتدر عليه أرباحا إضافية.

ومما لا شك فيه أن المهندسين لم يضعوا تلك الأعمدة عبثا، ويصرفوا عليها حديد التسليح والسمنت، لكن المالك يجهل ذلك أو تغافل عنه لكسب المزيد من المال والراحة. ولعله لم يكن واثقا من عمله في البداية، وربما حذره أحد معارفه من ذلك وأخبره أن العمود ضروري لتأمين صمود البناية.. لكن الإغراء دفعه للتجربة. فقص عمودا في البداية، وانتظر، فلم يحدث شيء! وقص الثاني ولم يحدث شيء وقص كل ما اراد قصه، وبقيت البناية واقفة، وكسب قاعته الكبيرة وايجارها، وذهب سعيدا بفكرته "العبقرية" مقتنعا انه حصل على مكافأة لـ "جرأته" و "براغماتيته" وعدم استماعه لـ "شعارات" المهندسين الفارغة. ألم تثبت البناية بوقوفها أن ما يقولونه "كلاوات"؟ هكذا فكر.

وطبعا، حين جاء الزلزال، تساقطت بنايته كلها من أول اهتزاز! وتبين أن ما اسماه "الشعارات" كانت أشياءا حقيقية وخطيرة الأهمية، وأن تجاهلها كلفه بنايته كلها وحياة الكثير من مؤجريها وتعويضهم وربما اودعه السجن زمنا طويلا! لا شك انه ندم، حين لم يعد ينفع الندم.

هل كان صاحب البناية مغفلا جدا؟ هل كان متخلفا عقليا؟ ليس بالضرورة. فقد فعل ما يبدو شيئا معقولا يمكن أن يفعله أي انسان. قص عمودا، فلم يحدث أي شيء. ثم قص الثاني وهكذا.. ما أدراه، وهو ليس مختصا، أن هذا الفعل "البريء" سيسبب كل تلك الكارثة، وأن "خللا لا يرى" قد حدث في هيكل البناية؟

هكذا أيضا يبدو فعل "التخلي عن السيادة"! إنه "قص لعمود" بناية البلد، وإحداث خلل خطير في هيكله واضعاف شديد ينتظر أية هزة ليسقطه! إنه أيضا "لا يرى"، وهو أيضا يبدو "مفيدا" وبلا تكاليف! لقد تنازلنا عن جزء من سيادتنا فلم يحدث شيء، بل عم الهدوء شوارعنا بعد التظاهرات العنيفة المخربة. ثم قصصنا عمودا آخر وتنازلنا عن سيادة أخرى، "فلم يحدث شيء" بل رضي عنا "المجتمع الدولي" وصار يدللنا. وقصصنا عمودا آخر، فانخفض سعر الدولار، ومازال العراق موجودا، ونحن نتمتع بفوائد كل عمود نقصه! أليست "السيادة" إذن من تلك "الشعارات الفارغة" وعلينا ان نهملها ونتمتع بفوائد "قصها"؟

هذا تقريبا ما لمح اليه السوداني في تسجيل فيديو حين أكد بأن المواطن العراقي صار يعي أن الحكومة التي تفيده هي التي تقدم "الخدمات" وليس "الشعارات"، وأن المواطن سيوجه خياراته الانتخابية وفق ذلك "الوعي" الجديد! وبالطبع فـ "الشعارات" التي يقصدها السوداني هي السيادة التي هو متهم مع الإطار الذي جاء به، ببيعها كما لم تفعل أية جهة سياسية في العراق قبله. كان يقص "الأعمدة" وفي كل مرة يدعونا الى نسيان القلق والالتفات إلى جمال "القاعة" الواسعة والاستفادة الممكنة منها لسكانها.

هل يجب ان يكون المواطن احمقا لكي يمر عليه هذا التلاعب؟ لا أبدا.. إنه يرى الدولار يهبط، ومازال العراق قائما، فما ادرى هذا المواطن غير المتخصص بالسياسة، أن "خللا لا يرى" قد حدث في هيكل بلاده؟ وأنه زرع فيه قنبلة موقوتة تنتظر أية هزة لينهار؟

هل ينطبق مثال أعمدة البناية على فكرة سيادة الوطن، أم ان التشابه ضعيف وشكلي؟

هناك بعض الفروق المهمة واهمها أن "الزلزال" حدث "حيادي".. من الطبيعة.. قد يحدث وقد لا يحدث، وقد تبقى البناية حتى نهاية عمرها دون ان تتعرض له. أما تسليم سيادة البلد إلى دولة معادية له وداعمة لأعدائه (وليست دولة حيادية) وسبق لها ان صنعت له الكوارث المتعمدة مثل داعش، يجعل الأمر أخطر بكثير من حالة "قص الأعمدة" و "احتمال" حدوث الزلزال. إن من "يشتري" سيادتنا على بلدنا، ينوي الاستفادة من ذلك، باستعمالها لتدميرنا! إن تسليم السيادة لعدو، هو "قص الأعمدة" و"الزلزال" معا في صفقة واحدة! لذلك فهي أخطر بكثير جدا. إنها ليست "احتمالا" لانهيار البلد، بل خطوة كبيرة "أكيدة" باتجاهه ان لم نلحق الأمر بسرعة.

الفرق الآخر هو أن السوداني ليس "صاحب البناية" رغم أنه المتحكم بقرار قص الأعمدة فيها، بل هو اشبه بدلال تم توكيله مؤقتا للتصرف بها. وهنا أيضا الحالة أخطر. فقد يمكن اقناع صاحب البناية بخطورة قص الأعمدة وتكاليفه الكبيرة المدمرة له، أما الدلال المكلف بمهمة مؤقتة، فيكون قد استلم نسبته وذهب، ولن يخسر شيئا إن سقطت البناية على من فيها.

إن تسليم سيادة البلد، أخطر من قص أعمدة البناية!

ليست السيادة سوى "القدرة على اختيار الاتجاه" لبلدك لكي يتعامل مع الأحداث فيقلل الخسائر في العواصف ويستغل الفرص في الظرف المؤاتي. إنها قدرة البناية ان تختار ان تميل الى اليسار أو اليمين عندما تحدث الهزة، لتتجنب السقوط. ولكن عندما يسلم هذا "الخيار" إلى من يضع لنفسه هدفا اسقاط البناية، فأن مصير تلك البناية السقوط الحتمي!

لقد تداول الناس حكمة جميلة بعد زلزال سوريا - تركيا، تقول: "الزلزال لا يقتل الناس.. (خلل) البناء هو الذي يقتل"!

***

صائب خليل

فوضى ما سمي بالربيع العربي، جعل أحلام السيطرة والهيمنة على الدول العربية متاحاً لكل طامع، مهما كان ناقصاً وقد خاضت الكثير من الدول تجربتها القاسية التي انهكت القوى في منطقة الشرق الاوسط وضعفت دول كانت لها قدرة المناورة في سياساتها وكانت انقرة هي اللاعب الاصلي ومثلت الولايات المتحدة الأمريكية محور مصالحها السياسة، كما كانت لغرور العضوية في حلف الناتو أساس المصالح التركية العسكرية والإستراتيجية الأثر في استقطاب قوى الإرهاب من كل صوب، تدربهم وتسلحهم، ومن ثم ترسلهم عبر حدودها للعبث في رقعة العالم العربي والآن تحاول الخلاص منهم بعد ان اصبحوا عبئاً ثقيلاً عليها وتمكن العراق وسورية وبعض الدول الاخرى الحد منهم والتضيق عليهم ويكلف انقرة كثيراً من المال .

لقد كشفت التحولات الأخيرة على الصعيدين الإقليمي أو العالمي عن تغير كبيرة في رؤية المجتمع الدولي للتعاطي مع الواقع المأساوي الذي حل بسوريا وتركيا بعد الزلزال الأخير الذي ضرب البلدين المتجاورين بعد صراع مقيت خسر الجميع فيه ودون وجود رابح بينهما بسبب التدخلات الاجنبية ،والمؤشرات تؤكد الانفتاح على التعامل مع دمشق والحكومة السورية والرئيس بشار الأسد،، وخاصة من قبل الدول العربية والزيارة التي قام بها بعض رؤساء البرلمانات العربية لسورية تؤيد هذه الرؤية ، وتعطي أريحية أكبر في التحرك الدبلوماسي للرئيس السوري على المستوى الخارجي. وإن الشروط التي وضعها الرئيس بشار الأسد لعقد قمة مع الرئيس التركي رجب أردوغان عدا عن تعبيرها عن سيادية عالية . وهي ضربة معلم تكسبه مزيداً من المكانة والاحترام لدى شعبه وفي الخارج ، وضعت الشروط السورية السهلة والمحرجة قيداً على أي تطبيع سعودي ومصري مع تركيا وزيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لمصر مؤشر جديد على عودة الدفء للعلاقات بين البلدين بعد عشر سنوات من التوتر والقطيعة بين القاهرة وأنقرة لكن ليس من السهل التحرك وكأن شيئا لم يكن بين ليلة وضحاها، في ظل انقطاع العلاقات لأعوام طويلة رغم تعرض الرهان التركي على تنظيم الإخوان لضربة إجهاضية واعتبرتها أوساط تركية عديدة نهاية لمشروع تمكين جماعات الإسلام السياسي في الشرق الأوسط، وهو المشروع الذي دعمته الدولة التركية من منطلقات جيوسياسية وأيديولوجية واقتصادية مختلفة ، ولهذا لم يكن مستغربًا أن تتموضع تركيا في ذلك التوقيت ولوقت قريب في موقع حاولت فيه بشكل مستمر استهداف الدولة المصرية في مرحلة ما بعد حكم جماعة الإخوان، سواء عبر استضافة أعضاء الجماعة الفارين إليها، أو توفير منصات اعلامية وصحفية لهذه الجماعة وربما كانت تأثيرات هذه التدخلات التركية أكثر وضوحًا في سوريا وليبيا .

لقد كانت ولازالت الأطماع التركية ممثلة بالرئيس أردوغان، عبر حزبه العدالة والحرية، الذي تمكن من قلب الديموقراطية في تركيا، لتصبح دولة إخوانية بامتياز، وبادر بافتعال الانقلاب المزعوم، ليتمكن من تصفية مناوئيه في الداخل التركي، وجرهم دون محاكمة للمعتقلات، أو الإقامة الجبرية، كما تخلص من الكثير من الفاعلين في المشهدين السياسي والإعلامي، من يرفضون الخلافة المزعومة، بينما سمح للإخوان المسلمين بالهيمنة وقيادة الرأي عبر قنوات إعلامهم، واستقطاب قوى الإرهاب من كل صوب، تدربهم وتسلحهم، ومن ثم ترسلهم عبر حدوده للعبث في رقعة الشرق الأوسط والعالم العربي ، وان رهان أنقرة المستمر حاليًا على حكومة عبد الحميد الدبيبة -منتهية الولاية- وكذلك توقيعها عدة اتفاقيات مثيرة للجدل معها في شهر أكتوبر الماضي، بما في ذلك اتفاقية للتنقيب عن الطاقة، وكذلك اتفاقيتين للتعاون العسكري والأمني تؤكد تلك الاطماع؛ وكذلك في سورية لازالت تركيا وحلفاؤها تسيطرحاليًا على ما يناهز 16 ألف كيلو متر مربع في النطاق الشمالي والشمالي الشرقي السوري، تنقسم بين ثلاث مناطق أساسية، منها منطقتان تتصلان جغرافيًا ببعضهما البعض في الجانب الغربي من الحدود المشتركة، وتضمان مناطق تتبع إداريًا محافظتي إدلب وحلب، في حين توجد المنطقة الثالثة في قطاع منفصل في القسم الأوسط من الحدود المشتركة، وتضم مناطق تتبع إداريًا لمحافظتي الرقة والحسكة. تضم المناطق الثلاث مدنًا مهمة في الشمال السوري، مثل مدن: الباب، ورأس العين، وتل أبيض، وعفرين، واعزاز. على الرغم من العنوان العريض الذي وضعته أنقرة لهذه العمليات العسكرية المتتالية “مكافحة الإرهاب وإبعاد أنشطة حزب العمال الكردستاني عن الأراضي التركية”، إلا أن النتائج التي ترتبت على هذه العمليات الاعتدائية والاحتلالية كانت ذات تأثير مباشر على وحدة الأراضي السورية وسيادتها، سواء عبر انتشار عشرات النقاط العسكرية التركية في كافة أنحاء هذا النطاق السالف ذكره.

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

ولكنه حديث عن تعدد المكاييل

قمة الظلم وازدواجية المعايير والاستخفاف بعقول الناس صدور مذكرة اعتقال- مستفزة للدب الروسي- يوم أمس من محكمة الجنايات الدولية لاعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين!! بتهمة ارتكاب "جرائم حرب" بسبب تورطه "المزعوم" في عمليات اختطاف لأطفال من أوكرانيا.

وحتى لا تلتبس عليكم الأمور، نحن هنا لا نتحدث عن دولة الفصل العنصري والاحتلال الإسرائيلي البغيض؛ بل عن رئيس روسيا التي تواجه الغرب برمته والمحتشد في أوكرانيا ضدها.

كما أصدرت مذكرة باعتقال ماريا أليكسييفنا لفوفا بيلوفا، مفوضة حقوق الطفل في مكتب رئيس الاتحاد الروسي، بناء على مزاعم مماثلة.

وهو قرار استقبله بوتين -وكل من وقع في أحابيل الغرب ومكائدهم عبر التاريخ المكشوف للجميع- بالاستهزاء .

متناسية هذه المحكمة المجيرة للغرب ما فعله قادة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين وما فعله الأمريكيون في العراق حتى جريمة توريط الغرب لزلينسكي في حرب ضروس غير متكافئة وإغلاق ابواب التفاوض ما أدى إلى مقتل مئات الآلاف من الطرفين.

ومن يجرؤ على الاقتراب من بوتين! سواء أيدناه أو اختلفنا معه! فليذهب عناتر الكاوبوي وعتاولة الغرب برمتهم إلى موسكو أو أية دولة يزورها بوتين مستقبلاً فيقبضوا عليه إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا! هذه مهزلة المحاكم الدولية الجائرة في ظل تعدد المكاييل..

أنا لا يهمني هنا أن المتهم هو بوتين او غيره بل اتحسر على العدالة المذبوحة، فهذه المحكمة لو كانت تمثل دول العالم فعليها أن تصدر قراراً بحق قادة "إسرائيل" و"أمريكا" من جراء ما اقترفت أياديهم في فيتنام واليابان (هوريشيما وتاغازاكي) والعراق وفلسطين المحتلة بالحديد والنار.

فالقرار يمثل عجز الغرب في مواجهة روسيا التي تحقق انتصارات كاسحة "دفاعاً عن أمنها المنتهك من قبل الغرب"..

ففي عالم الرياء توقع أي شيء يخالف العدالة والمنطق.

***

بكر السباتين

طغى الكتاب المصري على كل الكتب العربية طوال عقود، وبالنسبة إلى صاحب العمود الثامن، الذي بضاعته معارضة كل شيء لأنه يصدع رؤوس القراء الأعزاء بالحديث عن الكتب، ولا يرى محاسن البرلمان ولا يفقه بخطة مثنى السامرائي لتطوير الاقتصاد، وأحاول أن أشوش على المنجزات الكبيرة التي يقوم بها البرلمان العراقي، وكان آخرها الإصرار على قانون للانتخابات يتيح لعالية نصيف الجلوس على كرسي البرلمان حتى عام 2050 .

أيام الشباب كانت بعض المؤلفات المصرية أشبه بالسحر، أما مؤلفيها فكانوا نوعاً آخر من السحرة ، لم أحلم أو أفكر بأنني ذات يوم سأكتب عن طه حسين، وأستشهد بتوفيق الحكيم، وأستمد طراوة العبارة من أسلوب العقاد، هؤلاء كانوا كائنات من الخيال بالنسبة لي، وكان هناك أيضا عبد الرحمن الشرقاوي صاحب رواية الأرض ومسرحية الفتى مهران، وملحمة الحسين ثائرا وشهيداً، والكتاب الوثيقة علي إمام المتقين .

عن صاحب الشوارع الخلفية، قرأت كتاباً صغير الحجم بعنوان "أولياء الكتابة الصالحون" يروي مؤلفه محمد توفيق كيف قرأ هؤلاء الكبار، نقرأ عن عبد الرحمن الشرقاوي ومعركته الصحفية حول كتاب علي إمام المتقين.

يقول الشرقاوي: "كنت أنشر فصول الكتاب في جريدة الأهرام وعندما وصلت إلى موقف علي وأبي ذر من المال، كتب الصديق ثروت أباظة معلناً خلافه معي حول هذا الموقف من المال وزعم أنه موقف الشيوعية لا موقف الإسلام فرددت عليه ولكن الصديق ثروت لم يكد يعلن رأيه حتى انفجرت ضدي ثورة ظالمة. حين أثرت الحديث عن الموقف من الثروة وكيف أن الإمام لم يجد في الخلافة حقاً استثنائيا في المال والأرض، فساوى نفسه مع الجميع، رفض أن يسكن قصر الإمارة ونزل مستأجراً في منزل يملكه أفقر فقراء الكوفة".

تذكرت نوابنا وأنا أقرأ فصول هذه المعركة الأدبية، وتمنيت لو أنهم وقفوا وقفة حقيقية أمام سيرة الإمام علي "ع" وتعلموا منها، لكن للأسف فقد ابتلينا بمسؤولين يتحدثون باسم الدين ويسرقون باسم الدين، يصدعون رؤوسنا ليل نهار بخطب عن الحق والعدالة والمظلومية في عبارات فقدت معناها من سوء استخدامها.

تخيل جنابك أن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية تخبرنا بأن ما يقارب تسعة ملايين مواطن، تحت مستوى خط الفقر في العراق، في الوقت الذي تخصص الدولة فيه مليارات الدنانير للوقف السني لدعم ما يسمى بالمصالحة المجتمعية.

عندما تشاهد على شاشات التلفزيون، ما فعلته الديمقراطية العراقية الجديدة، في العاصمة التي تحولت إلى خرائب من خرائب القرون الوسطى، ماذا يخطر ببالك؟ لا أدري، أما أنا فيخطر لي أن أرفع برقية إعجاب وتقدير لهذه النفوس التي لا تريد أن يغادرها الحنين إلى "لفلفة" المال العام.

***

علي حسين

الشبهة الخامسة

لقد أشاع الكثير من المفسرين والمؤرخين والرواة للسيرة النبوية الشريفة على أن الإسلام المحمدي قد أنتشر بحد السيف والقتل والذبح لمن خالفهم وعارضهم الرأي وقد أيد هذا الرأي وروج له بالأسانيد المتواترة والصحيحة عن رسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه بالحديث (لقد جئتكم بالسيف) وكذلك (ما أنتشر الإسلام إلا بأموال خديجة وسيف علي بن أبي طالب عليهما السلام) وآيات من القران الكريم فسروها على أنها تتحدث عن الجهاد في سبيل الإسلام ونشره في الجزيرة العربية بقطع الرقاب وضرب الأعناق وضرب كل بنان مخالفين القران الكريم (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) و(وجادلهم بالتي هي أحسن) وعن طريق الموعظة الحسنة والين وخفض الجناح للمشركين والكافرين كما أراده الحق تعالى بالنص القرآني وتوجيه رسوله محمد بن عبد الله صلوات الله عليه حامل لواء الرسالة الإلهية وتبليغها بالنقاش والتحاور والتبيان لنصوصها الواضحة والدليل على ذلك أن أكثر المواقع الحربية للرسول الأعظم هي أيام ولقاءات دفاعية عن الإسلام وعقيدته أو تأديب المعتدين عليها أو إرسال الفرق الجوالة من المبشرين والمبلغين من رجاله في سبيل نشر دعوته بالطرق السلمية وأكبر دليل يمكن ذكره هو دخوله مكة المكرمة فاتحا حيث لم يأمر المسلمين بالقتال أبدا بل محلقين مقصرين الثياب أي من غير لامت الحرب وترسانتها وغير مروعين المشركين والانتقام منهم كما ناصبوه العداء وظاهروا على إخراجه منها وحاربوه في عقر داره (المدينة المنورة) كما قال تعالى في سورة الفتح 27 (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخُلن المسجد الحرام أن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا) منافيا لاتهام المسلمين بالعنف والقتل والدم وقطع الرقاب مما أدى الكثير من ردود الأفعال المسيئة والنفور من هذا الدين القيم صاحب المبادئ والقيم الإنسانية والمنهجية في العمل لبناء مجتمعات مهذبة القيم بأفكار سمحة وتعاليم إنسانية حتى قيام الساعة . ولو تتبعنا مواقع الرسول أو غزواته القتالية كما يشيعون لوجدنا أن أعداد المسلمين القليلة جدا الخارجين معه للدفاع عن الدين الإسلامي في وسط الأنصار والمهاجرين كانوا غير مسلحين كفاية كما قال الله تعالى في سورة التوبة 92(ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون) فكيف لرسول الله أن يحرم بعض المسلمين من شرف القتال والجهاد ولنصرت الإسلام وأن الله تعالى قال فضل الله المجاهدين على القاعدين وفإذا كان المراد هو القتال والنفير مع عدم وجود العدة الكافية لحمل أصحابه فهو مجازفة بالثلة القليلة ممن معه من المؤمنين أمام أعداد المشركين والكافرين الذين يفوقونهم عدة وعديدا مع فرسان من قريش والعرب

لكن استناد بعض المفسرين لآيات القران الكريم اشتبهت عليهم المفاهيم بقصد أو بدون قصد وخصوصا بالآيات التي سمية بآيات القتال وأخصها بالذكر كلمة (غُزى) ولو تتبعنا معناه اللغوي وجذرها العربي في معاجم اللغة العربية ومراد الله الحق تعالى   لوجدناها كما هي .

كلمة (غُزى) تأتي بمعاني كثيرة منها (سار ليلا – جهز للسير – مقصد الكلام ودلالته – أراده للطلب – القصد) وهذه المعاني تشير إلى ما ذكرته أعلاه وهي حث المسلمين من قبل الرسول الأعظم على التبليغ والدعوة واختيار الصحابة في تسيرهم بتوجيه دعوته لما حوله من القرى والمدن .كما أن النبي الأكرم لم يبدأ القتال إلا مما أضطر إليه وهذه المواقع تسمى في القرآن ب (يوم) (يوم بدر) (يوم أحد) (يوم حُنين) (يوم الأحزاب) ويذكر الرواة والمؤرخون أن النبي محمد بن عبد الله غزى حوالي (19) غزوة كان مع المقاتلين ثمان منهن فقط فلو كان قتالا ودفاعا عن بيضة الإسلام ومبادئه ونصرت دينه لكان الأولى به المشاركة في جميعها كقائد عسكري ومفكر يشحذ الهمم ويثبت أنصاره وملهم لأصحابه في الشجاعة والثبات على العقيدة التي جاء بها من ربه تعالى والدليل الآخر على ان النبي لم يؤمر بالقتال الصريح والغزو إلا اضطرارا وفق مبادئ الإسلام وتعاليمه حيث ورد أن عدد الغزوات التي لم يدرك المشركين أو يحدث في قتال ومواجهة حوالي (25) حادثة كما أن الغزوات بدأت في السنة الثانية من الهجرة الشريفة حتى السنة التاسعة منها فقد بلغت مجموع الغزوات والسرايا (70) سرية وعدد الغزوات التي دار فيها القتال هي (9) فقط . كما ذكر المؤرخون عدد قتلا غزوات الرسول الأعظم والمشركين حوالي (1000) ألفا قتيل وشهيد مع حوالي (600) قتيل من اليهود في المدينة المنورة فقد كان عدد الضحايا في

-يوم بدر: 14 مسلم مع 70 مشرك .

- يوم أحد 70 مسلم مع 30 مشرك.

- يوم خيبر 16 مسلم مع 93 من اليهود .

- يوم حُنين 5 مسلم مع 70 مشرك .

أما معركة مؤتة الخالدة فهي ليست معركة متكافئة في العدة والعديد حيث بلغ عدد المسلمين بـ (3000) آلاف مقابل (200) ألف من الروم مجهزين بأحدث الأسلحة حيث ألتحم جيش المسلمين مع طلائع جيش الروم على غير موعد للقتال فكانت النتيجة مؤلمة على رسول الله تعالى وأصحابه حيث كان الروم بجيشهم هذا هو غزو المسلمين في عقر دارهم من بوابة مكة المكرمة بتواطؤ بعض أهلاها فكانت خسائرهم جسيمة . فلوا كان معنى الغُزى هو تجهيز المسلمين لقتال المشركين والكفار لكان الأولى قتال المشركين في مكة المكرمة وهي دار الكفر والنفاق والإشراك بقياداتها الذين آذوا المسلمين والرسول وظاهروا على إخراجه من بين ظهرانيهم قبل الفتح بأكثر من تسع سنين من الهجرة المباركة لتأمين حدود دولته الفتية بعد ما أستتب له الأمر بفضل الأنصار من الأوس والخزرج حيث وجود الدافع والهمة والسبيل لإعادة كرامتهم وأموالهم ومراكزهم الاجتماعية وتأمين دعائم دولته مبكرا كل هذه الدوافع لكن الرسول دخل مكة المكرمة منزوع السلاح والعدة ومسالمين ومؤمنين المشركين من بطش المسلمين كما جاء في القران الكريم في سورة الفتح لكن المسلمين كانوا رسل سلام وأصحاب مشروع ونظام إلاهي إنساني لكل العالم سلمي قيمي لقيادة رسول من أنفسهم عزيز عليهم رؤوف رحيم.

***

ضياء محسن الاسدي

 

الصراع السياسي بين جمهورية ايران الاسلامية والمملكة العربية السعودية اسبابه كثيرة، لكن اشدها وضوحا هو: ان إيران ضد المشروع الامريكي في المنطقة، والسعودية هي الحليف الرئيسي لأمريكا في المنطقة، وأمريكا تحارب إيران وأدواتها في المنطقة، لذلك الصراع كان حتميا، لكن المفاجأة الآن ان يتم الصلح! حيث كانت العلاقات بينهما دوما متوترة منذ بداية الثمانينات،وقد قطعت العلاقات الدبلوماسية منذ سبع سنوات، فأتى البيان المشترك بين الرياض وطهران وبكين ليعلن أن البلدين اتفقا في مباحثات قادها رئيسا مجلسي الأمن القومي فيهما بدعم صيني على طي صفحة الخلافات بينهما، وتطبيع العلاقات التي شهدت توترات عديدة.

ويشار إلى أنه تم الاتفاق بين السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح السفارتين والممثليات الدبلوماسية في غضون شهرين، وتم التوصل إلى هذا الاتفاق عقب مباحثات جرت في بكين مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، وقد تضمن اتفاق البلدين تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، والاحترام المتبادل، والالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

تصريحات تؤكد التغيير

المتابع للتصريحات الرسمية للبلدين سيكتشف التوجه الجديد، حيث جاءت تصريحات المسؤولين في البلدين لتؤكد التوجه الجديد في إدارة العلاقة بينهما، إذ قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان: "إن دول المنطقة يجمعها مصير واحد يجعل من الضرورة أن تتشارك لبناء نموذج للازدهار".

وعلى الجانب الإيراني قال وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان: "إن سياسة حسن الجوار أمر محوري، ونواصل العمل نحو مزيد من الخطوات الإقليمية"، وأضاف عبد اللهيان: "أن عودة العلاقات الإيرانية السعودية توفر إمكانات كبيرة للمنطقة والعالم الإسلامي".

لماذا الصين؟

الكثير يتسائل عن السبب لتدخل الصين؟ وانها هي من ترعى هذا الصلح؟ حيث تناقلت الوكالات الخبرية أن الاجتماعات الأمنية السابقة كانت تهدف إلى التأكد من أن الحكومة الإيرانية قادرة على حماية المنشآت الدبلوماسية، كما تنص على ذلك الاتفاقيات الدولية، وقد قدمت طهران في هذه الصدد ضمانات كافية، كما أن السعودية أرادت ضمان احترام السيادة الخاصة بالدول وتوازن العلاقات الدولية والإقليمية، خاصة أن الرياض تعيد ترتيب علاقتها مع تركيا وإيران.

أما إيران، فقد عانت من عزلة بسب علاقاتها المتشنجة بدول الجوار، ولكن هذا التقارب سيمكن الطرفين من الحوار الدبلوماسي.

وعن تدخل الصين ومغزاه؟ فأجاب الجانب السعودي في تصريحات اعلامية: "أنها أكبر دولة تربطها علاقات اقتصادية مع السعودية ودول الخليج، وهي الشريك الاقتصادي الأكبر لإيران، وهو ما مكنها من لعب دور حيوي وضمان الأمن والاستقرار في المنطقة".

ان دخول الصين كطرف في المحادثات، لشعور الصين باهمية الجانب الامني وحلحلة الصراعات، لكي ينجح مشروعها الكبير (طريق الحرير الجديد)، فان الصين تفكر بالمستقبل.

فتح ملفات المنطقة

بعد اعلان الصلح واعادة الحوارات بين البلدين فمن المؤكد انه سيتم اعادة فتح ملفات المنطقة، وقد صرح العديد من الساسة والمهتمين بالشأن السعودي-الإيراني، من أنه يمكن أن تكون عودة العلاقة بين السعودية وإيران طريقا لفتح الباب واسعا لمناقشة كل الملفات في المنطقة، منها الأمن البحري وأمن الطاقة، وملفات سوريا، والعراق، ولبنان، وحرب اليمن، مشيرا إلى أنها فرصة مواتية لحل القضايا العالقة في المنطقة، وكل هذه الملفات الجانبين على الضد، لذلك الحوارات الهادئة يمكن أن تشكل فرصة تاريخية لحلحلة المشاكل العالقة في العقدين الأخيرين.

اما الكيان الصهيوني المؤكد انه غير سعيد بالاخبار الاخيرة، فهو يعتاش على الحروب والخلافات، فهي لا تريد أي تقارب "إقليمي – إقليمي"، بل تطمح دائما إلى زرع التقسيم بين البلدان.

***

الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي

الثوابت في المنطقة العربية ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية تتلخص في أن العلاقة بين إيران والعراق والسعودية يجب أن لا تستقر، وبين العراق وسوريا متوترة، وباقي الدول العربية والإقليمية عليها أن لا تتقارب، وأي خلل في هذه المعادلة تترتب عليه تداعيات خطيرة.

فكيف سيواجَه التقارب السعودي الإيراني، والتقارب العراقي السعودي؟

لا يمكن التنبوء بما سيحصل في المنطقة، لكن الدول الطامعة فيها ستعمل ما بوسعها لتأمين مصالحها، وخصوصا الهيمنة على منابع الطاقة التي تقرر مصير الإقتصاد العالمي.

فالقرن العشرون هو قرن النفط بإمتياز، والقرن الحادي والعشرون سيكون قرن الطاقة المتنوعة والغير مسبوقة، وسيحاول الإنتصار على النفط، الذي ربما سيقتل الوجود الأرضي إذا تواصل زخم الإستهلاك الفاعل فوق التراب بتعجيل متزايد.

والقوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية تأمر ودول المنطقة تذعن لمشيئتها، وما جرى فيها من أحداث وتطورات وتداعيات بتخطيط منها، لمنع التقدم والتمتع بثروات النفط، ولكي تبقى الدول ضعيفة وتستنزف طاقات بعضها وتبدد قدراتها، فالمنطقة بدولها العربية والإقليمة إذا تقاربت ستكون القوة المهيمنة على الدول الأخرى، لأن فيها أكثر من سبعين بالمئة من طاقة الأرض، ومعظم الممرات المائية الضرورية للنقل عبر القارات.

هذه التطلعات والأهداف الراسخة، والحكومات المذعنة والمنفذة لإرادة الطامعين بثرواتها، ليس من السهل التنازل عنها والتعامل معها بندية وآليات دبلوماسية وسياسية، إنها إعتادت أن تنفذ أوامر ولا تنبس بكلمة غير السمع والطاعة، وكم من حكامها أصبحوا في أسوأ الأحوال عندما حاولوا بناء بلدانهم وتأمين حقوق مواطنيهم، وتقربوا من جيرانهم.

والمنطقة كما هو معلوم ممنوعة من التكامل الإقتصادي وغيره، وعليها أن توظف العدوانية، وتستثمر أموالها في الدول الأجنبية، ولا يسمح لها ببناء الأوطان، بل لا بد من التصارعات الداخلية والحروب العبثية، والإستكانة لجلاد تؤازره القوى الطامعة بكل شيئ في البلاد.

وعلى هذا المنوال مضت العقود منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين ولا تزال نواعيرها تدور.

فهل حقا أن المنطقة مقبلة على مرحلة تساهم في تفاعلاتها دول جديدة، ستواجه ما إعتدنا على تسميته بالدول الكبرى؟!!

الجواب في صدر السنوات المتبقية من الربع الأول من القرن الحادي والعشرين!!

***

د. صادق السامرائي

 

ان دول منطقة الشرق الأوسط أجمع تواجه مصيرا مشتركا وتنتمي الى اسرة عظيمة واحدة وموطن بعض أقدم الحضارات الإنسانية وعانت من الظلم التاريخي والتدخل الخارجي والصراعات العرقية والدينية والإقليمية التي لا تنتهي على مدار القرن الماضي رغم انهم سادة مستقبل المنطقة ومصيرها وربان سفينتها، ويجب أن تكون شؤون أمنها في أيدي دولها ؛ لذلك ان اعادة العلاقات بين بعض دول المنطقة من جديد وخاصة بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والمملكة السعودية والتحرك الجدي لها والانفتاح نحو دول الخليج الفارسي في اعادة علاقاتها مع دولها في إطار سياسة حسن الجوار وتحريك المياه المتجمدة بين سورية وتركيا وتحريك الصين نحو حل المشاكل والخلافات بين أطراف هذه الدول، مثل هذه اللحظات التاريخية في المنطقة، تمثل مرحلة جديدة، من خلال النظر إلى الفرص الواعدة التي تفتح الآفاق التي تسهم فيها، سواء من خلال مجالات الشراكة والبنية التحتية وتعزيز السياسة الدبلوماسية الوطنية للدول ما يؤدي إلى تحقيق التقدم والإنجازات وستؤدي إلى إعادة بناء شرق أوسط جديد يتعزز فيه الأمن والسلام ويتعايش شعوبه من أجل التنمية وستشعر مجتمعاته بالطمأنينة، بعد أن يتبدل الظلام الى نور وتتحول العداوة إلى أخوة وتتحرر فيها الأجيال القادمة من قيود وكراهية المراحل الماضية بما فيها من محطات سيئة في التاريخ الإنساني.

لقد كانت الخلافات وانعدام الثقة بين دول منطقة عقبة أساسية أمام مسار تحقيق التنمية الاقتصادية داخل المنطقة؛ الأمر الذي يخدم مصالح الأعداء القادمين من خارج المنطق، والعقبات التي تخلقها تلك الجهات طمعاً في أن تبقى متوترة وضعيفة لكي يسهل العمل على حماية مصالحها وكانت تحتاج الى تغليب لغة الحوار وتحسين النوايا والتعايش فيما بينها والتعامل وتوسيع التعاون السياسي والأمني والاقتصادي والثقافي وصد التدخلات الاجنبية غير البناءة والوقوف بوجهها لتؤدي الى تسريع وتائر النهوض بحجم التعاون الجماعي أكثر فأكثر وحتما يؤدي الى تعزيز الأمن والاستقرار والرخاء لشعوب المنطقة ليتسنى لها حل الخلافات في إطار عمل جماعي متجهة نحو بناء منطقة قوية ومزدهرة.

لا ينبغي أن يجعل من الماضي عقبة في طريق السلام، والاستفادة من تجارب الأمم الإيجابية لمجتمعات تقدمت وسبقت غيرها عندما قررت التحرر من صراعات الماضي وأغلالا الثقيلة، وطمحت في غد أفضل بالحوار والتسامح وقبول الآخر. ومن الطبيعي أن دروس التاريخ علمت البشرية أن الصراعات والحروب لا تصنع مستقبلاً ولا تضمن رفاهاً، وأن مستقبل الشعوب يكمن في التمسك بالسلام والتعايش، والبحث عن نقاط الالتقاء لا البحث عن مبررات التباعد. ويكون السلام هو ركن أصيل في نهج دولها وجوهر فلسفتهم السياسية، يتناغم مع رؤاها الواقعية وتتم ترجمتها كل يوم في خطط ومبادرات وعلاقات واسعة لكل شعوب الأرض من مختلف الأعراق والأديان، ومد يد السلام فيما بين ونشر الاعتدال والوسطية، ومد يد التعاون والشراكة والحوار الإيجابي من أجل غد أفضل لشعوبها وجيرانها وكل مكونات إقليمها. ولاشك أن السلام ليس مجرد شعار، بل سلوك وممارسة ونهج يتحقق على أرض الواقع، برؤى التي لا تحيد عن المبادئ الراسخة للتعايش الإنساني والتسامح واحتواء الصراعات وإحلال السلام وصون الحقوق، بخطوات عملية يسجلها التاريخ لبلدانها عبر جهود الحقيقية لحل النزاعات وتقديم المساعدات في زمن الأزمات لكل من يحتاجها في شتى بقاع الأرض.

من الممكن صناعة التعايش في مواجهة النزاعات، عند العمل على مواجهة التهديدات المشتركة وتوحيد القوى والجهود نحو حل القضايا الراهنة في المنطقة والعمل على تجاوز التحديات والمصاعب التي تعرقل مسارات الانماء، عبر التعاون بين الدول والتحول إلى نوع جديد من الفكر الذي يستند على توحيد الرؤى لإنجاز الأهداف المشتركة، والعمل للسلام يمثل تأكيداً على وجود الفرصة لدى كافة الشعوب بإمكانية التعايش كجيران وأصدقاء، وأنهم لديهم القدرة للتحول من العداء إلى التعاون للتعامل مع التحديات المشتركة، وهذه لا تتحقق الى بالزيارات المتبادلة بين الشعوب التي تتيح وتعمل على القضاء بين الخلافات، فالسلام يتحقق عندما يشعر البشر جميعاً بقدرتهم على التوحد لحل المشكلات، وعند اقترابهم ومعرفتهم من بعضهم البعض. على ان تكون معاهدات السلام، فرص لبناء المزيد من العلاقات الدولية التي تعمل على تغليب عوامل التعاون والتشارك لمواجهة الصراعات، والعمل على البناء المشترك، لأن الخبرات المتراكمة وتبادلها، تعد الطريق الأمثل نحو تحقيق السلام وإنجاز الرخاء والرفاهية للشعوب.

***

عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي

 

عينت رسميا كمهندس شاب مختص في مجال الإحصاء والاقتصاد التطبيقي بوزارة الداخلية كملحق بعمالة إقليم سيدي قاسم في 21 نونبر 1991. بأفضال عبد الرحمان اليوسفي أدركت زمنيا أن هناك مغربين، مغرب ما قبل 1998، ومغرب ما بعدها. بمتابعتي لتفاصيل أنشطته ومواقفه تملكت القدرة السياسية لتتبع تراكمات أحداث زعامته مستوعبا بعمق معنى الخصوصية المغربية في العهد الجديد. كاتبته مرتين في مناسبتين مختلفتين. الأولى بعدما حصلت على دبلوم الدراسات العليا في التهيئة والتعمير سنة 2001، فتوصلت بجواب من الوزارة الأولى بمضمون الالتحاق بالوزارة الكبرى التي يقودها محمد اليازغي. والثانية، وضعت رهن إشارته دراسة بالفرنسية تحت عنوان "دور العمالة أو الإقليم كسلطة لامتمركزة في سياسة إعداد التراب والتنمية المحلية"، فزهوت بجواب تنويهي على مبادرتي وأهمية مضمونها. تأثرا برقي شخصيته أدركت معنى العمل الوطني الجاد. قررت عدم الالتحاق بأي وزارة أخرى. مارست السياسة والثقافة والإدارة والإعلام والبحث السوسيوسياسي. تعلقت بنظرية "الفاعل والمنظمة" (L’Acteur et l’Organisation)، فقضيت أكثر من خمس سنوات بجامعة بوردو 3 بفرنسا كباحث في سلك الدكتوراه في موضوع "أشكال التمدين المختلفة، منطق الفاعلين المحليين ورهانات السياسة الحضرية بالمغرب".

أحببت اليوسفي واحتضنني وجوده بدون أن تتاح لي الفرصة يوما لمقابلته. بادرت لكتابة هذا الكتاب كممارس لأعبر للمغاربة بإيمان شديد أن سجل اليوسفي السياسي والفكري الزاخر بالقيم الفاضلة يبقى مفتوحا ولن تطوى صفحاته أبدا. إنه من القلائل الذين استماتوا في حب الوطن بشغف بدون انتظار المقابل الذاتي. تملك طفلا مسؤولية الدفاع على تحرير البلاد. ترعرع مناضلا صامدا لإعطاء مدلول تاريخي لثورة الملك والشعب. فاوض بحكمة وتبصر وهدوء الكبار مدافعا على حق المغاربة في نظام ملكي ديمقراطي قوي. حول المؤتمر الاستثنائي لسنة 1975 وإقرار استراتيجية النضال الديمقراطي إلى محطة محورية تاريخية. قاد حكومة التناوب التوافقي سنة 1998. الاستحقاقات البرلمانية لشتنبر 2002 كانت قائمة على التزام ثابت وقوي وعلى رهان تجاوز التوافق بعدما تعدى ذاته ومرتكزات وجوده.. غادر سنة 2003 سفينة العمل السياسي التي تقل مغربا آخر.

صرح قبل وفاته بسنوات قليلة لجريدة العربي الجديد: "اليوم بعد قرابة 16عاماً أقول أن رؤيتي كانت في محلها، ولم يخب ظني، فالملك الشاب كان عند حسن تقدير الشباب المغربي.. المراقبون يلاحظون اليوم أن المغرب بلد متوازن ويسير في الاتجاه الصحيح".

***

الحسين بوخرطة

 

ملك المغرب منزعج من حزب العدالة والتنمية والسبب ” دولة بني صهيون “لان الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية قد أعربت في بيان أصدرته قبل أيام عن استهجانها لما قالت، أنه مواقف أخيرة لوزير الخارجية “يبدو فيها وكأنه يدافع عن الصهاينة في بعض اللقاءات الإفريقية والأوروبية.

الانزعاج اتى ضمن بيان صادر عن الديوان الملكي الذي يذكر المغاربة واحزابهم السياسية أن “السياسة الخارجية للمملكة هي من اختصاص الملك المغربي، بحكم الدستور، ويدبره بناء على الثوابت الوطنية والمصالح العليا للبلاد، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية. وتابع البيان ان موقف المغرب من القضية الفلسطينية لا رجعة فيه، وهي تعد من أولويات السياسة الخارجية لجلالة الملك ورئيس لجنة القدس، الذي وضعها في مرتبة قضية الوحدة الترابية للمملكة، وهو موقف مبدئي ثابت للمغرب، لا يخضع للمزايدات السياسية أو للحملات الانتخابية الضيقة”.

ترى ما هي الثوابت الوطنية والمصالح العليا للبلاد؟ هل في فتح السفارات وتدشين خطوط النقل الجوي ومخالة تلميع تصرفات المحتل والعمل على ان يكون هناك تطبيع شعبي؟ ماذا ستجني المملكة من التطبيع؟ بالتأكيد اوامر عليا من أمريكا بهدف دمج الكيان المحتل في شعوب المنطقة ومن ثم شراء اسلحة صهيونية؟ ترى هل المغرب في حاجة ماسة الى التسليح؟ ا لا توجد مصادر أخرى لشراء الاسلحة ان كانت ولا بد؟ هل ستستخدم الأسلحة في سبيل ارجاع السيطرة على جيبي سبتة ومليليه من الاسبان ام في ضرب الشعب الصحراوي الاعزل؟ الذي ينهب المغرب خيراته ويعيش في خيام بمساعدات من الامم المتحدة. ام في اثارة المشاكل مع الجارة الجزائر ليكون شمال إفريقيا ساحة صراع؟

وختم البيان، أن استئناف العلاقات بين المغرب و"إسرائيل" تم في ظروف معروفة وفي سياق يعلمه الجميع، ويؤطره البلاغ الصادر عن الديوان الملكي بتاريخ 10 ديسمبر 2020، والبلاغ الذي نشر عقب الاتصال الهاتفي بين الملك المغربي والرئيس الفلسطيني، وكذلك الإعلان الثلاثي المؤرخ في 22 ديسمبر 2020. نحن كجمهوري مغاربي نعلم جيدا تلك الظروف التي ادت الى التطبيع، وهي ان لم يطبع هؤلاء الحكام فان الأمريكان سيرفعون ايديهم عنهم ويتركونهم وشانهم للجماهير التي حتما ستقتلعهم من جذورهم، اما بشان الحديث مع الرئيس الفلسطيني بالخصوص، فماذا بإمكان الرئيس الفلسطيني ان يفعل، ان كان جل الحكام العرب يسعون الى إرضاء العم سام لأنه ولي نعمتهم وسبب بقائهم في السلطة؟.

اوكل الزعماء العرب، ملك المغرب ملف القدس، المدينة التي تشهد طرد سكانها ومحاولة تهويدها، على مرأى ومسمع العالم الحر المتحضر، أما الحكام العرب فليس لديهم سوى الشجب والاستنكار والادانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ترى ما الذي فعلته لجنة القدس برئاسة امير المؤمنين؟ لقد اصبح عدد الصهاينة بالمدينة ما لا يقل 150 الف مستوطن ضمن مشاريع استيطانية تلتهم كل القدس لتصبح عاصمة موحدة ابديه لدولة الصهاينة، واكثر من 500 الف مستوطن بالضفة الغربية.

لقد افسد حكامنا كل شيء وجعلونا اذلة نستجدي حقوقنا وكأنها منّة منهم، ونقبل اياديهم المرتعشة امام الاعداء، ماذا نتوقع من هؤلاء غير مزيد من التفريط في المقدسات وسلب الخيرات وتجويع شعوبها لإخضاعها فتساق كالقطيع؟.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

ذات فترة أيام الشباب كانت تردني رسائل من فتاة جامعية فقررت أن أذهب للتعرف عليها في كليتها، لكنها لم تحضر فعدت أدراجي، وبعد أيام وصلتني رسالة منها عنوانها "الحقيقة أغرب من الخيال"، وبقيت العبارة عالقة في ذهني، حتى وجدتنا في عصر هزيمة الخيال، وتجاوزه بمسافات ضوئية.

فما نعيشه اليوم أبعد من أي خيال عند الأجيال السابقة، وما ستعيشه أجيال ما بعد منتصف القرن الحادي والعشرين سيكون أبعد من خيالنا.

فهل خطر على بال مخلوق، أن الإنسان سيرسل مركبة إلى المريخ ويتحكم بها من الأرض؟!!

وهل خطرت على بال، وسائل التواصل الإجتماعي وفضاءات الإنترنيت بأنواعها؟

إن المتكلمين بلغة الخيال ما عاد لهم مكان في عصر ما بعد الخيال، فالواقع المعاصر صار خيالا، والتفاعل معه تواصلٌ مع خيال اللحظة، ومنطلقاتها المحلقة في فضاءات ما وراء الدراية والتصور والإدراك.

ويبدو أن البشرية كانت تتخيل ما لا تستطيع القيام به، وتعجز عن إنجازه، أما اليوم فأية فكرة يمكن تصنيعها وتحويلها إلى موجود يشاركنا الحياة.

فالواقع المعاصر لا يعرف المستحيل، وما عادت هذه المفردة ذات قيمة ومعنى.

ويبدو أن مفهوم الخيال أصبح فارقا بين التقدم والتأخر، فالمجتمعات المتقدمة تَصنع ما ترى وتحوّله إلى كائنات مادية فاعلة، فالتطور التقني يفوق خيالات البشر المشغول بموضوعات بائسة، والمتخندق في تداعيات غابرة، لا يستطيع التحرر من أسرها.

فالدنيا تسبَح في محيطات خيال وتمتطي خيول خيال، وتطوف أرجاء الإستطاعة والتمكن والإقتدار، وبعض مجتمعاتنا غاطسة في وحل الذي مضى وما إنقضى، ومستعبَدة بالأضاليل اللازمة لصناعة القطعان المُخمَّدة العقول، والتي تذهب طواعية إلى المجهول.

فهل من المعاصرة الكلام عن الخيال في مجتمعات تدوس على عقولها سنابك قيل وقال؟!!

***

د. صادق السامرائي

بحيرة سد الموصل على وشك الجفاف وظهرت فيها الآثار الغارقة، فماذا عن مشروعي سد بخمة وتحلية مياه الثرثار؟ لكي لا نتهم بالإدمان على (النحيب على الأطلال) من قبل المثبطين ودعاة اليأس والتيئيس نطرق اليوم موضوعا يتعلق بالحلول الممكنة لتفادي الكارثة المحدقة بالعراق وانهاره. يعتمد العراق في توفير مياه الشرب والقليل جدا من ري البساتين، فزراعة الحبوب قد انتهت أو على وشك الانتهاء، يعتمد على ما تبقى من خزين مياه لا يتجاوز ثمانية مليارات متر مكعب في جميع سدوده كما قال وزير الموارد نفسه قبل أيام قليلة، واكبرها خزين يوجد في سد الموصل الذي انخفضت مياهه بنسبة الثلث وربما الآن بنسبة النصف أي أنه لا يحتوي ربما على أكثر من ستة مليارات متر مكعب من المياه، وهو الذي يعتمد عليه العراقيون الآن في توفير مياه الشرب في الصيف القادم. لقد فرطت الدولة العراقية بمشاريع سدود كانت كافية لإنقاذ الوضع من حدوث مأساة. ومن هذه المشاريع سد بخمة وسعته سبعة عشر مليار متر مكعب، الذي وصلت نسبة الإنجاز فيه إلى ثلاثين بالمئة قبل الاحتلال الأميركي وتوقف العمل فيه مع فرض الحصار الغربي على العراق وحين جاء نظام المحاصصة الطائفية والعرقية أُلغي المشروع ونهبت معداته وبيعت الى دول الجوار من قبل زعامات المليشيات والاحزاب النافذة الحليفة للاحتلال والسبب هو أن مسعود البارزاني رفض اكمال هذا المشروع لأنه كما زعم يقسم الاقليم الى نصفين ويضم اراضي عشرة برازان، رغم انهم استلموا تعويضات مجزية عن هذه الأراضي التي ستغمرها مياه السد من قبل النظام السابق.

وهناك مشروع تحلية مياه منخفض الثرثار بالفائض من مياه دجلة، والثرثار يحتوي على ما يعادل ايرادات مياه دجلة والفرات معا لسنة كاملة، وهذا المشروع لو نُفذ لكان سيُخرج العراق نهائيا من الارتهان المائي التركي الإيراني، ولكنه أهمل ولم يكتمل انجازه ايضا بسبب الحصار ايضا، وهكذا ضاعت الفرصة بسبب تقاعس الحكومات العراقية الفاسدة قبل وبعد الاحتلال.

فهل مازلت الفرصة قائمة اليوم لتنفيذ هذين المشروعين أم ينبغي الاستسلام للعدوان التركي الايراني على مياه انهارنا وتوديع دجلة والفرات والالتحاق بدول الخليج العربي التي تعيش على مياه البحر المحلاة؟

معروف ان ظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي لها وجهان: الجفاف من جهة والأمطار الطوفانية والفيضانات والسيول من أخرى. وهذه الحالة تجري أمام أنظارنا حتى في العراق. ولذلك ينبغي الاستعداد للوجه الثاني منها واستكمال مشروعي سد بخمة وتحلية الثرثار وربع أموال التبادل التجاري شبه الاجباري مع تركيا وإيران والبالغة اربعين مليار دولار سنويا كافية جدا لتنفيذ هذين المشروعين وغيرهما. وسأعيد نشر مقالتين مطولتين هما فصلان من كتابي "القيامة العراقية الآن" الصادر قبل عشرة أعوام حولهما خلال الأيام القادمة، اضافة الى تنفيذ مشاريع سدود وخزانات صغيرة في المحافظات لجمع مياه الأمطار والفيضانات والسيول المحتملة ومنها سد متحرك على شط العرب ومحطات لتحلية مياه الخليج في البصرة..مع التذكير بالحل الفوري المتمثل بتدويل مشكلة الرافدين وتقديم شكوى إلى مجلس الأمن والمحاكم الدولية وقطع التعامل التجاري مع دول المنبع التي تحتجز مياه الرافدين وروافدهما.

ان من لا يشارك اليوم في معركة الدفاع عن الرافدين ومواجهة خطر زوالهما ليس من حقه ان يبكي من العطش غدا، وكما قال الراحل العلوي: "إذا سمح العراقيون لتركيا وايران بإزالة دجلة والفرات من الوجود فسيكونون أهون على الله من بعوض المستنقعات"!

وأخيرا، ومما يوضح حجم الكارثة المحدقة بالعراق وشعبه فقد قرأت على مواقع التواصل قبل أيام الخبر المعبر أدناه عن الوضع الحالي في بحيرة سد الموصل:

أدى انخفاض منسوب مياه سد الموصل إلى أكثر من 30% "من سعته التخزينية هذه الأيام الى ظهور مدرسة أثرية ومقبرة ومزار بازيد المعروفة للإيزيديين في ناحية خانكي.

هذه المنطقة الأثرية غمرتها مياه سد الموصل واختفت في عام 1985 اي قبل 38 عاماً" .

***

علاء اللامي

لا شك ان مجرد التشكيك بالفرح الذي غمر المنطقة لتصالح السعودية وايران، سيبدو غريبا وناشزا، ومخالفا بشكل شديد لـ "تسونامي" التحليلات والبيانات وكل ما قيل حول الموضوع، والتي تكاد تخلو من أية إشارة الى سبب للتشكيك والقلق.

وهذه البيانات لا تقتصر على بيانات حكومية لدول تابعة مثل مصر والعراق، انما أيضا لدول كبرى كالصين التي رعت الاتفاق ودول أوروبية، وكذلك شمل التفاؤل ثوار اليمن والمقاومة اللبنانية، وان كان والحق يقال، بحماس اقل بكثير من الآخرين وحذر أكبر بكثير.

ومن ناحية أخرى فأن مراكز سياسية ووسائل الإعلام المعادية لمحور المقاومة أكدت تشاؤمها من تأثير الاتفاق على إسرائيل، وشمل هذا تصريحات مسؤولين إسرائيليين وصحف أمريكية كبرى.

إن الكتابة ضد هذا السيل الجارف، يبدو جنونا، ورغم ذلك، المنطق يفرض نفسه! فهذا التفاؤل قام على دفن مجموعة من الحقائق الصلبة وهي على قيد الحياة، وبالتالي فهناك خطأ! وبغض النظر عن المشاركين في هذا الدفن، فأنا لا انوي المشاركة بهذه الجريمة، بل أطرح رأيي، ورأيي أن هناك امر غير طبيعي، ولذلك فالتفاؤل بما يجري غير سليم!

لكن كيف نميز ان كان الأمر المطروح "طبيعي" ام غير طبيعي؟

يكون السيناريو او التفسير "طبيعيا" وقابلا للتصديق حين لا يناقض اية حقائق ثابتة. وهذا لا يتوفر في "التفاهم" المفاجئ بين إيران والسعودية وبالطريقة التي يطرح بها إعلاميا.

فحين يتفق قطبان متنافران، فهو يعني أن تنافرهما قد زال او قل الى حد كبير، وأن كل منهما قد تخلى عن (بعض) مواقفه التي كانت تزعج الآخر مقابل أن يفعل الآخر الشيء نفسه، ليلتقيا في منطقة ما بين موقفيهما السابقين. فما الذي يمكن للسعودية ان تتنازل عنه، وما الذي يمكن لإيران ان تتنازل عنه؟

بالنسبة للسعوديين، الأمر سهل جدا من ناحية، وصعب الى درجة المستحيل من الناحية الأخرى. سهل، لأن ما يضايقون به إيران من مواقف، ليس له اية علاقة بمصالحهم القومية، وبالتالي فالتنازل عنها "لا يكلفهم شيء". وهو صعب لدرجة المستحيل لأن السعودية "لا تستطيع" تقديم تلك التنازلات بنفسها، فهي ليست مخيرة بذلك بل هي دولة تسيرها اميركا الى درجة شبه كاملة، بل أن اتجاها معينا في اميركا هو الذي يسيرها وهو الحزب الجمهوري – واللوبي الإسرائيلي في اميركا.

وهنا قد يخطر في البال ما اشيع حول استقلالية السعودية في موضوع النفط واوبك، وجوابي اني لا اعتقد ان ذلك قد تم بسبب سيادة سعودية مفاجئة على ثرواتها، وكتبت مقالة تفصيلية في الموضوع.

أما إيران فلا تملك ما تتنازل عنه سوى مبادئها ودعمها للمقاومة وبرامجها العسكرية والاقتصادية المستقلة، والحكومة تقول انها لا يمكن ان تتنازل عن أي من هذه النقاط. وهذا مفهوم، إنما السؤال هنا: مقابل ماذا سيقدم السعوديون تنازلاتهم (إن تمكنوا من ذلك)، او لماذا يقبل الامريكيون الذين يمسكونهم بتقديم تلك التنازلات؟

إن التصور بأن هذا الاتفاق قد تم بالفعل وكما تم طرحه وأنه سينفذ بالفعل، يعتمد على تفكير- امنيات لا أساس له، بأنه أما 1- ان السعودية امتلكت سلطتها على نفسها فجأة وتخلصت من الضغط الأمريكي، أو 2- أن الأمريكان قرروا السماح للأمور ان تجري في الشرق الأوسط بما يدمر سلطتهم عليه، وبدون أن يحركوا ساكنا لمنعه!

إن تصديق أي من الاحتمالين يحتاج الى سذاجة غير طبيعية!

لذلك، فالاحتمالات الواقعية هي أما أن هناك اختراقا في فريق التفاوض الإيراني جعله يقدم تنازلات غير معلنة، وبما يكفي لتفسير مثل هذا الاتفاق، أو ان السعوديين (الأمريكان) قدموا مشروعا كاذبا للتصالح لغرض شرير، وأحاطوه بهذه الهالة الإعلامية الشديدة القوة ودعموه بتنازلات مؤقتة وقوية تكفي لإقناع إيران والصين وغيرها بأن هناك جدية في الأمر.

في كلتا الحالتين المعقولتين: (تنازل إيراني أو اتفاق مخادع من اميركا) فالأمر لا يدعو الى التفاؤل. والحقيقة ان مثل هذه الخدع الكبيرة وعلى المستوى الدولي، ليست غريبة. فقبيل اشعال التظاهرات المدمرة في سوريا، اعادت اميركا علاقاتها مع دمشق واعادت فتح سفارتها، وكذلك طور اردوغان علاقته بسوريا بشكل لم يسبق له مثيل. وبالطبع فأن هاتين الحركتان تم استغلالها بشكل كبير لإنزال الدمار الذي حصل، بسوريا. وكمثال آخر من الفترة الحالية، نذكر اتفاق مينسك حول أوكرانيا، والذي اعترفت ميركل أنه كان فقط لغرض إعطاء الناتو الوقت لتسليح الجيش الأوكراني، وكانت النتيجة أيضا خسائر اكبر بكثير في روسيا، التي لعلها كانت أيضا متفائلة بذلك الاتفاق في وقته.

***

صائب خليل

 

ربما لايوجد مفكر من أبناء الأمة على مدى القرن العشرين، إلا فيما قل وندر، لم يعتمد في قراءته ورؤيته على الأجانب، ومعظم مفكرينا أبعد ما يكونون عن تراث الأمة والمستشرقون أعلم به منهم، وهم الذين أدلونا عليه، وما إنطلت عليهم فرية ان هولاكو ألقى بتراثنا في نهر دجلة فذاب بالماء.

فهم الذين إكتشفوا حضاراتنا، وفكّوا رموز لغاتها، وبعيدا عن نواياهم وأهدافهم وما نضمر لهم، وما نتهمهم به، فقد قدموا لديارنا وقالوا لنا أن بلدانكم فيها أصل الحضارات، فأظهروا حضارات وادي الرافدين والنيل وغيرها من حضارات المنطقة، ولا يوجد من أبناء الأمة مَن سبقهم.

وفي الواقع العربي لكل مفكر إمامه الأجنبي، فالمجددون والحداثيون بأنواعهم ومشاربهم لديهم أئمة أجانب يقلدونهم، ولعبت جامعة السربون دورها الأكبر في خلع الأمة من ذاتها وهويتها، فخريجوها سيطروا على الوعي الجمعي العربي في القرن العشرين، وما أنتجوه ربما أسهم بإيصالها لقيعان العصر.

لا يحق لنا لوْم المستشرقين والتشكيك بما قاموا به، فهم يدرسون وفقا لمناهجهم وما يرونه سيوصلهم إلى هدف معرفي ما، وإن كان لا يعجبنا، والسبب أننا تركنا ميادين الدراسات التراثية والآثارية لهم، فلا نمتلك الخبرات والمعارف اللازمة للخوض بدراسات تدلنا على أنفسنا، وتكشف ماضينا، وتجد مرابعنا أهدافا لبعثات وحملات جامعية إستكشافية متواصلة.

وما أظهروه لنا جعلنا ننظر إليهم بعين العجب والخجل، وتجسدت فينا المشاعر الدونية والميل للتبعية والإستسلام لإرادة الأجنبي، الذي يعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا، ويدرسنا بعلمية ومنهجية لا نتدبرها.

وربما يكون السبق الإستجلائي والطرح المدهش الذي عرضوه لنا عن أنفسنا من الأسباب التي جعلتهم المقياس، الذي بموجبه نقرر مدى قبولية وصلاحية ما نقوم به في ميادين الإبداع كافة، فتوهمنا بأننا لكي نكون علينا أن نقلدهم، ونترسم خطاهم، فأنكرنا ما عندنا وتشبثنا بما عندهم.

وعندما نتصفح أية دراسة أو بحث نجد معظم المصادر أجنبية، ونبخس الدراسات ذات المصادر العربية.

فمن الذي أصاب ومَن المدثر بأسمال الخياب؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

أزمة ثقة مع الغرب عموماً وازدواجية المعايير...

ليس خافياً على أحد بانه من المعايير الأمريكية المزدوجة عدم جواز معاملة كيان الفصل العنصري الإسرائيلي كما تعامل السعودية بالنسبة لحقوق الإنسان.. لأن الملف الإسرائيلي مرتبط بالعداء للسامية أما سعودياً فهو مرتبط بإرهاب الدولة.. فلا عجب!

إذْ قدم كلٌّ من العضوين في مجلس الشيوخ: الديموقراطي كريس ميرفي والجمهوري مايك لي، مشروعَ قرارٍ اليومَ الأربعاء قد يجبر إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على إعداد تقرير عن سجل حقوق الإنسان في السعودية وربما يؤدي إلى إعادة تقييم المساعدة الأمنية الأمريكية للمملكة.

وبعد تلقي التقرير، ينص القانون على أنه يجوز للكونجرس تبني قرار مشترك من مجلسي النواب والشيوخ لإنهاء أو تقييد المساعدة الأمنية لتلك الدولة أو السماح باستمرارها.

وإذا نال مشروع القرار الموافقة، سيتعين على الإدارة الأمريكية تقديم التقرير في غضون 30 يوما، أو ستتوقف جميع المساعدات الأمنية للبلد تلقائيا.

وليس خافياً على أحد بأن مشروع القرار يأتي رداً على الاتفاق السعودي الإيراني الذي أبرم في بكين مؤخراً.

والجدير بالذكر أن هذا الإجراء لا يحدث عادة إذا كان الجاني هو الطرف الإسرائيلي والمجني عليهم هم الفلسطينيون.

ثم ألم يسأل الأمريكيون أنفسهم عن أهم أسباب انفضاض حلفاء أمريكا عنها في الملمات؟

فالسعودية التي تعرضت للنهب والحلب من قبل ترامب دون شبع أو تقديم المقابل، هي ليست نفسها في ظل عالم يعاني من مخاض التغيير نحو تعدد الأقطاب.. ومحمد بن سلمان أدرك ذلك وغلب مصالح بلاده على مصالح حلفائه الذين اعتادوا الأخذ دون مقابل في ظل سياسة الاستخفاف والتمنر.

ويبدو أن ولي العهد السعودي بن سلمان لديه تحالفات بديلة مع الصين وروسيا، وصاحب قرارات تغييرية.. وقد تعلم من أخطائه الكبرى كما يبدو وتحولت مخرجات سياسته التحولية الجريئة إلى بشائر على ارض الواقع.. وقد توسعت حدقة الرؤية السعودية طردياً مع استقلالية القرار عن الحليف المُسْتَحْوِذْ.. وهذا سيسهم في إنجاح خطة بن سلمان التنموية المستقبلية 2030.

إنها عدم الثقة بالغرب عموماً.. وهذا لا يتعلق بالسعودية فحسب بل بالخصوم الكبار أيضاً.

فوفقاً لصحيفة "فاينانشيال تايمز" الأمريكية فإن الأصول الصينية تغادر سويسرا والغرب عموماً بسرعة مريبة.. فهل ظلت هناك ثقة بالمصارف الغربية بعد إخراج روسيا من نظام سويفت.. سؤال يطرق رؤوس أصحاب القرار في الدوائر السياسية لحلفاء أمريكا بمن فيهم الرياض.

فلا لوم على السعودية في محاولاتها الجادة للتحرر من سطوة العم سام الذي بات لا يحسن إلا التلويح بالعصا.

أما بالنسبة لملف حقوق الإنسان في السعودية؛ فلتبدأ أمريكا بنفسها وبتل أبيب!

وعلى راي الإخوة المصريين "في المشمش".

***

بقلم بكر السباتين

15 مارس 2023

 

تصريحات بعض السياسيين، هل يمكن أن تكون علاجاً لمشاكل العراقيين؟، هذه التصريحات والشعارات الرنانة تثبت لنا بالدليل القاطع أن البعض يحاول أن يستغفل الناس ويسرق منهم حتى الحلم بمجتمع آمن مستقر مزدهر.

وتعالوا نتساءل؛ لماذا أصبحت غالبية الناس تكره شيئاً اسمه السياسة؟ السؤال لم يعد مختلفاً عليه ووجدنا سياسيين كثيرين بدأوا يتحدثون علناً عن أزمة ثقة بين الطبقة السياسية والمواطن وتجارب و"ومهازل" سابقة جعلت المواطن يفقد الثقة في كل شيء تفعله الكتل السياسية ومعها البرلمان حتى لو كان صحيحاً.

في تقديري المتواضع أنه يمكن رصد آلاف الأسباب التي تدفع المواطنين إلى عدم الوقوع في غرام ساستنا.. وبالطبع لا يوجد عاقل يقع في غرام هذه الطبقة السياسية..

أسباب الجفاء بين المواطن والطبقة السياسية في العراق متعددة ويسهل الاتفاق عليها لكن، هل هناك أسباب تدفع المواطنين لحب ساسة منشغلين بمصالحهم الشخصية؟

أحد الخبثاء لديه نظرية متكاملة مفادها أن السياسيين في العراق تركوا أزمات المواطنين ومعاناتهم كي يؤدبوا المواطن ويجعلونه لا يفكر في شيء سوى الهتاف للسياسي، أياً كان، " بالروح بالدم".

وإذا كان ساسة العراق يحاولون الخروج من المأزق الحالي، فعليهم أن يعيدوا للشعب ممتلكاته الحقيقية.. يجب أن يعرف العراقيون من يسرق ثرواتهم.. وأين ذهبت أموال البلاد، ومن حصل على آلاف الأمتار من الأراضي مجاناً في قلب بغداد، ومن سكن القصور الحديثة، ومن يمنح أملاك الشعب للانتهازيين، ومن يتستر على الفساد ومن يتاجر في أرواح وأرزاق الناس.

ياسادة نريد منكم قوانين تساعد فقراء هذا البلد، قوانين تساعد المحرومين وتنهض بالشباب، قوانين تمنع سرقة المال العام، قوانين تمنع المسؤولين من تزوير شهاداتهم -إذا كانوا حقاً يملكون شهادات-، قوانين تمنع تحويل مؤسسات الدولة إلى إقطاعيات خاصة، قوانين تمنع المسؤول من احتكار السلطة إلى أبد الآبدين، قوانين تحفظ حريات الناس وتمنع رفع الشعارات الكاذبة التي تهدد الحريات الشخصية، قوانين تعطي للمرأة كل حريتها بما فيها حق الحصول على منصب سيادي، قوانين تمنع المتخلفين فكرياً وعقلياً من إدارة شؤون مجالس المحافظات، قوانين تحترم عقول العراقيين.

عليكم أن تدركوا أن حلم هذا الشعب العدالة وكرامته، وأن الديمقراطية حق ينتزع، وليس هبة يمنحها الحاكم أو يمنعها.. ثمة ثقافة جديدة تتشكل في كل مدن العراق تقول: الحاكم هو نحن.. الشارع.. الناس.. وليس "القائد الملهم" الذي يسعى لتنظيم تظاهرات تهتف باسمه.

***

علي حسين

المتعارف عليه أن إبراهيم النبي الأوري العراقي، ذهب إلى أرض أخرى بعد أن نجا من النار، وتوطن الأردن أو فلسطين، وزوجته (سارة) بلغت من العمر عتيا ولم تنجب، وبشرتها الملائكة التي جاءت رسلا إلى إبن عمه أو أخته (لوط)، بأنها ستكون أما لطفل، وكان الوليد المعجزة (إسحاق)، ومن نسله (يعقوب) وسلسلة الأنبياء التي إنتهت بعيسى.

و(هاجر) زوجته الجارية المصرية التي أنجبت (إسماعيل)، وألقى به وبأمه في بلادٍ دعى ربه أن تكون آمنة، فانطلقت فيها (عين زمزم)، وبعدها السعي بين (الصفا والمروة)، وما حصل من تطورات،  وصار إسماعيل أبو العرب، ومن نسله جاء نبي الإسلام.

وينسب إلى ذريته ثلاثة أديان رئيسية حسب المتوارد مكتوبا ومنقولا، وهي اليهودية والمسيحية والإسلام، وأخذنا نمسمع عن الديانات الإبراهيمية، ديانات أولاد العم الذين قتلوا من بعضهم البعض ما لا يُعد ولا يُحصى من الأبرياء.

وفي زمن الإسلام وحتى نهاية الخلافة العثمانية، لم يعتدِ المسلمون على كنيسة أو كنيست أو معبد لديانات أخرى إلا فيما قل وندر.

أي أن الأديان تعايشت في ظل الدولة التي ترفع رايات الإسلام، ولا توجد ديانة غيرالإسلام أوجدت التعايش بين الأديان، فالأديان بطبيعتها تتصارع وتسفك دماء غيرها بإسم ربها، وما فترت نوازعها العدوانية على بعضها إلا في النصف الثاني من القرن العشرين، وبقيت العديد منها في نوبات تصارعية متوحشة لا يستوعبها خيال.

وفي دول عربية عديدة هناك مسجد وجامع ومعبد متجاورة أو قريبة من بعضها، مما لا يبرر الهبة الإعلامية المثارة حول بناء ما يمثل الديانات الثلاثة في موقع واحد.

هذا التقارب الرمزي بالعمران، لا يعني ذوران الأديان ببعضها، فهو سلوك ليس بالجديد، ولا بالغريب، ويبدو أن الضجة الإعلامية تهدف لتنمية إرادة التطرف، وتعميق الخلافات بأنواعها، لتأمين غنائم القائمين عليها.

الأديان إنتماءات قلبية ولن تزعزعها المجاورات العمرانية، أو المحاورات، ومحاولات إقناعها بما لا تراه دينا، فكل دين يرى أنه الدين وغيره لا دين.

وعندما تقنعون شخصا يعبد فأرا، أنه يجب أن يغير دينه، فعندها تكلموا كما يحلو لكم عن الديانات الثلاثة التي ستبقى هكذا إلى الأبد، فتلك إرادة الدوران والصراع اللازم لديمومة ما فوق التراب.

فعن أي إبراهيمية يتكلمون؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

جيد هذا الاهتمام الذي يبديه الرئيس عبد اللطيف رشيد بموضوع كارثة جفاف الأنهار في بلد الرافدين منذ تبوئه هذا المنصب، مع ان ذلك من صلب واجباته، ولكنه في تصريحاته الأخيرة بدا وكأنه يكرر الحجج التركية الباطلة مثله مثل رئيس مجلس الوزراء، كالقول ان العراق يهدر المياه التي تصل إليه وان القوانين الدولية لا فائدة منها ..ترى ألا يعتبر حجز تركيا لأكثر من سبعين بالمئة من مياه دجلة والفرات خلف سدودها لتوليد الطاقة والزراعة  هدرا أو احتكار للمياه على حساب دولة المصب أي العراق أو شبيها بالهدر ومخالفة للقوانين الدولية؟ ثم أين هي تلك المياه التي يهدرها العراق منذ ثلاثة عقود وقد صعد اللسان الملحي من الخليج حتى أعالي شط العرب ودمر غابات النخيل وحرم العراقيين في البصرة من المياه العذبة وهم يشربون الآن من قناة البدعة المحتضرة، وخصوصا بعد ان قطعت ايران مياه نهر الكارون والذي كان يزود الشط بثلث المياه؟  أليست هذه المشكلة، إن صح وجود الهدر، هي مشكلة الدولة العراقية التي سكتت على الاستهتار التركي بحقوق العراق فبنت تركيا مئات السدود وقطعت ايران عشرات الروافد عن انهارنا دون تشاور أو تنسيق مع العراق دولة المصب؟

ثم أليست غالبية إن لم تكن جميع أنهار العالم الكبرى، وامامنا نهر النيل والامازون والرون مثلا، تصب في البحار والمحيطات بسبب النظام الهايدروليكي والجيولوجي  فهل اتُهمت دولة أخرى بالهدر غير العراق؟

ويقول الرئيس رشيد "لا يمكن فرض شيء على دول الجوار بالاستناد إلى القوانين الدولية "، هل هذا كلام معقول يصدر عن رئيس دولة؟ لماذا إذن سموها قوانين دولة؟ لكي يعزفوا عليها الموسيقى؟ أم أنها قوانين دولية غير قابلة للتطبيق على تركيا وإيران فقط؟ وهل جرب العراق تدويل المشكلة ولجأ إلى القانون الدولي وفشل في ذلك؟

يقول الرئيس "تركيا كانت تطلب منا حسم ملف المياه على أساس الماء مقابل النفط، ولكن بجهودنا وجهود الفنيين في العراق تمكّنا خلال المفاوضات من تغيير هذا الشرط، والتعامل على أساس الحصة العادلة للجميع"! أ ليست هذه المعلومة، التي كنا نظنها شائعة او مجرد تصريح تركيا مفبرك، هي  فضيحة من الدرجة الأولى توجب اتخاذ موقف وطني من العدوان التركي الذي يريد الاستيلاء على نفطنا مقابل مياه انهارنا؟ وهل فعلا تغير الشرط التركي لجعل مياه الرافدين مقابل النفط؟ ألا يعني الاستيراد العراقي شبه الإجباري من تركيا والذي يصل الى عشرين مليار دولار سنويا صيغة غير مباشرة لصيغة المياه مقابل النفط؟ أليست الموافقة على هذه الصيغة اعترافا بأن المياه تركية والرافدين تركيان كما تزعم تركيا بمختلف حكوماتها وحكامها؟ واخيرا، لماذا تتردد الحكومة العراقية في اتخاذ أية خطوة حقيقية عمليا باتجاه تدويل المشكلة بتقديم شكوى إلى الأمم المتحدة وهيئاتها ومحاكمها الدولية او تستدعي سفراء دول المنبع او تهدد مجرد العديد لمراجعة التبادل التجاري أحادي الجانب ووقفه معها؟ هل تنتظر الحكومة ان يبدأ العراقيون بالموت عطشا بالآلاف؟

أدناه فقرات مقتبسة من كلام الرئيس رشيد: "رأى رشيد، أنّ أحد أسباب الأزمة الرئيسة يتعلق بـ "هدر

كميات كبيرة من المياه داخل البلاد، والظاهرة تمثل ور ضغط على العراق من قبل دول الجوار"، مشيرًا إلى أهمية "تحسين طرق الزراعة في العراق وتطوير شبكات الري والتخلص من أحواض الأسماك التي لا تحتاجها البلاد، ومنع هدر المياه بطريقة عشوائية في الأراضي المفتوحة".

وأكّد رئيس الجمهورية، أنّ حلّ الأزمة "يتمثل في التعامل مع دول الجوار بالطرق السلمية والتفاهم والتنسيق، حيث لا يمكن فرض شيء على دول الجوار بالاستناد إلى القوانين الدولية"، وكشف رشيد، أنّ "الاتفاقية الوحيدة للعراق حول المياه تتعلق بنهر الفرات مع سوريا، والبقية لا تعدو مذكرات تفاهم مع إيران وتركيا"، موضحًا أنّ "تركيا كانت تطلب منا حسم ملف المياه على أساس الماء مقابل النفط، ولكن بجهودنا وجهود الفنيين في العراق تمكّنا خلال المفاوضات من تغيير هذا الشرط، والتعامل على أساس الحصة العادلة للجميع".

وأخيرا، صدق من قال " اللهم اكفني شرَّ اصدقائي أما اعدائي فأنا كفيل بهم"! وعذرا عن وجود العديد من الأخطاء الطبيعية لأنني اكتب من هاتفي المحمول.

***

علاء اللامي – كاتب عراقي

...............

رابط يحيل الى التقرير الاخباري:

https://ultrairaq.ultrasawt.com/%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%84%D9%85-%D8%AA%D8%B9%D8%AF-%D8%AA%D8%B7%D9%84%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B7-%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%87%D9%86%D8%A7%D9%83-%D8%B4%D8%B1%D8%B7-%D9%85%D8%B9%D9%82%D9%88%D9%84/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7-%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9

 

الإدراك نشاط عقلي باهر وإرتقاء إنطلاقي نحو آفاق ذات إتساع مطلق.

والإدراكية هي تدريب الدماغ على الإنطلاق من معاقل المكان وظلمات الأوان، وصندوق الجمجمة إلى فضاءات الأنوار الساطعة.

الإرتقاء الإدراكي ينتقل بالقدرات الإدراكية إلى مدارات علوية، يتلقى أفياض أفكار تأهلت لإستقبالها بدوائر عُصيبية ذات طاقات إنجذابية.

الحدس هو الوصول إلى حالة الدوران القصوى التي تستحضر مستلزمات الدراية الواعية لنتائج تفاعل المتغيرات بعناصرها المتنوعة.

لا بد من الإرتقاء إلى حالة التواشج والتداخل مع الطاقات العلوية المطلقة، ويتحقق بالإمساك بالقدرة الكفيلة بوضع الموجود في مسارات المدارات الكبرى.

الحكمة  أن تعرف كنه الإدراك، وتصل إلى ذروته اليقينية فيتحقق الإبصار، وتنكشف الحجب وتزول الأغطية.

فقهاء الدين يترجمون الفوقية المعرفية ويرفضون القول بأن الناس أصحاب عقول.

فقهاء الدين قتلوا العقول وألبوا السلاطين على كل عقل يريد أن يفكر ويتدبر ويبتكر، لأنهم يعتقدون بالجمود وبإخماد الناس وإعتبارهم أنعام.

الإنتحار اللذائذي هو أحد أبواب الرفود والخلود، ومنهج ربما يكون مستنبطا من الحوارية ما بين هابيل وقابيل، أي سلوك هابيل المعبَّر عنه بآليات متوافقة مع موقفها والحالة التي تريد التمثل به .

وقد تكرر في التأريخ وذروة ترجمته كانت ملحمة الحلاج، وما آل إليه السهروردي وجهابذة الفكر والمعرفة ومنهم إبن رشد، إنه خيار الموت الخالد.

الإنتحار اللذائذي أن يَقدِمْ المرء على تأليب القوى، التي يريدها أن تقضي عليه لكي تبوء بإثمه، ويعيش خالدا في موته.

النبوة ظاهرة تفاعلية ما بين القوة الإدراكية والقوة الكونية، وبحاجة إلى مجاهدة تؤهلها للإعراج إلى كنه الذات العلوية.

الكشف والحدس تفاعلات إدراكية ما بين مدارات العقول العلوية، وفضاءات الكونية وتواشجها وتشربها بأنوار الدهشة والإمعان واليقظة العرفانية.

الكون كرة متناهية في الصغر لكننا نعيها مطلقة الكِبر، وفي الكرة المجهرية دروب ومسارات تأخذنا إلى الطوفان في أرجائها، فيمكن للعارف بمنافذ سبلها العلوية أن يعرج من مكان إلى آخر في الكون بلمح البصر، ووفقا لذلك فالمعراج قد حصل والإسراء قد تم، لأن الذي يقوم بهما إنكشفت أمامه أبواب كن وترامت قسمات الذات الأبدية.

العقل المفتوح يتسع لفضاءات الأكوان، ويستوعب مديات الأزمان،  ويتماهى مع الجوهر الكوني الفعال، وتنتفي حدود المدارك وينطلق الوعي المعبِّر عن المحتوى الكوني الأكبر.

فرضية وجود عالمين (دنيا – آخرة) تبنى عليها رؤى وتصورات وفلسفات غيبية المنطلقات، لا يمكن الجزم بها عقليا أو علميا، لنسبية العقل ومطلق الغيب، لكن العقل النسبي القدرات توصل إلى ما هو نسبي وليس مطلق لعجزه عن بلوغ المطلق، فالثنائية نسبية وليست مطلقة أو برهانية.

النبوة إرتقاء إدراكي وتواصل  مع مدارات الأفكار العلوية، فالإنسان يستطيع الإرتقاء إلى علويات إدراكية متفاوتة، تستوعب مطلق العقول في كون يزداد إتساعا ونماءً وقدرة على التوالد الأصيل.

السياحة الإدراكية ممكنة إذا إمتلك الإنسان مهارات الرياضة العلوية، وتسلق بمداركه سلالم الوجود الكوني المطلق، وفاز بمنافذ المسالك الكونية وطرقات التجوال في ميادينها التي تصبح في تناوله.

إبن سينا يحاول مزج العقل بالنفس وهذا مستحيل فالنفس تستعبد العقل، وهو أمر سهل للطرفين، أما أن ينتصر العقل على النفس، فذاك بحاجة لجهدٍ جهيد ونشاط مطلق ويقظة دائبة.

الفيلسوف يُعمِل عقله والنبي لديه خبرات نفسية وروحية وموهبة معرفية بالسلوك البشري، فينقاد له البشر عاطفيا وإنفعاليا وليس عقليا لأنه يجيد مخاطبة النفوس، وبضاعته الغيبية ينجح بتسويقها للناس عامة.

الفلسفة مبعثها السؤال الواعي أو الغير واعي، أي المصحوب  بالإندهاش والحيرة والإضطراب من ولوج عالم مطلق الأبعاد والإحتمالات.

فالمخلوق ينطلق من رحم أو بيضة، من عالم صغير آمن إلى عالم كبير يزدحم بالمخاطر، ويجابهه بحواسه وما عنده من قدرات إدراك، وتمثل وإستيعاب لما يحصل فيه من التفاعلات والتداخلات، التي بحاجة لجدٍ وإجتهاد للوصول إلى كنهها وفهم غاياتها وإستكناه ما فيها.

إنه التحدي الأعظم الذي يواجه أي مخلوق منطلق من كينونته الإبتدائية إلى مسارات البحث عن نهايته ورسم معالم خاتمته.

هذه التساؤلات المتراكمة المتزاحمة تصنع ما نسميه بالفلسفة أو البحث عن المعرفة اليقينية، التي هي ديدن الموجودات وأهم ما يدفعها للبقاء والرقاء، وتكرار محاولات البحث عن الجواب الذي تطارده كأنه السراب.

ولن تصل المخلوقات إلى جواب قاطع، لأن ذلك يعني أنها قد فقدت مبرر وجودها وديمومتها، مما يحتم إنتهاء حياتها.

أي أن خاتمة الحياة في أية بقعة كونية مرهون بقدرة أحيائها على القبض على جوهر اليقين وحالما يتمكنون فأنهم سينتهون، وهذا ما يشير إليه تجلي اليقين على جبل الطور، وما رافقه من تحذير وآيات معجزات ونذير.

الإدراك والتدارك عملية فيضوية متداخلة ذات نفحات برهانية وإستحضارات يقينية خلابة، تنعكس في مرآة الروح الولهانة للعشق النوراني الوهاج.

فهل ندرك حقا أم نتوهم الإدراك؟!!

وما هي آليات إيقاد المدارك وتمزيق الحجب؟!!

***

د. صادق السامرائي

كان الشاعر والفنان التشكيلي العراقي المعروف عبد الرحمن طهمازي معلما قبل عقود مضت ..وقد روى لنا ذات يوم احدى الحوادث التي مرت به حين كان يمارس مهنة التعليم في احدى القرى العراقية الصغيرة ..يقول طهمازي انه كان يسكن في بغداد ويذهب يوميا الى قرية خارج العاصمة ليمارس مهنة التعليم ..ذات يوم، هطل المطر بغزارة شديدة وغرقت المدرسة في بركة من المياه ..كان على المعلم الشاب ان يخوض في المياه والطين ليصل الى الشارع الرئيسي حيث يمكنه الحصول على واسطة نقل تنقله الى بغداد ..

حين خرج من الباب الرئيسي للمدرسة، فوجيء بعدد كبير من الطلبة وقد اصطفوا واحدا جنب الآخر لتتقارب اقدامهم ويتمكن المعلم من ان يدوس عليها بمساعدتهم حتى يصل الى الشارع دون ان يلطخ الطين حذائه ...اذهل المنظر المعلم وخجل من السير على اقدامهم لكنهم اصروا على ذلك فهذا ابسط ما يمكن ان يقدموه للمعلم الذي ينير طريقهم يوميا بالعلم والمعرفة ...

وحدثني زوجي أيضا عن معلمه الذي أخذه في بداية السبعينات مع طلبة الصف السادس الابتدائي من قريتهم الى مركز المحافظة ليقيم معهم في احدى المدارس طوال أيام الامتحانات الوزارية ويطهو لهم بيديه ويراجع لهم دروسهم وياخذهم الى المركز الامتحاني يوميا وبدون أي مقابل مادي، واذكر مدرسة اللغة العربية التي كانت تأتي الى مدرستنا يوميا في السادسة صباحا طوال فترة الامتحانات لتساعد الطالبات على المراجعة قبل الامتحان وبدون أي مقابل مادي أيضا ..

في المقابل، أرى أغلب اهالي الطلبة اليوم وهم يشاركون في سلف او يضحون برواتبهم لدفع اجور معاهد او قاعات الدروس الخصوصية التي يضطر الطلبة الى الالتحاق بها بسبب تقصير بعض المدرسين في ايصال المواد لطلبتهم او استسهال الطلبة انفسهم لعملية الدراسة بالاعتماد على غيرهم وهي معادلة أفرزتها الظروف التي مرت بالبلد وألقت بظلالها على التعليم فلم يعد الطلبة يمتلكون الأمل والطموح ذاته الذي كان يغذينا ويدفعنا الى بذل الجهود الفردية المضنية لتحقيق النجاح بمساعدة معلمين ومدرسين يخلصون لعملهم ويعتبرونه رسالة تسهم في صنع الأجيال وبناء الوطن ..تلك المعادلة التي أفقدت المعلم مكانته كرسول يستحق التبجيل ويمكن ان يتعرض للضرب والاهانة من طلبته او اهاليهم او القوات الامنية اذا ماخرج في تظاهرة ليطالب بحقوقه والتي جعلت الطالب يكره الدراسة وينتظر القرارات الجديدة من دخول شامل ومنح دور ثالث لينال النجاح او ربما ينتهج اساليب الغش وشراء الذمم ليعبر مراحل الدراسة بسهولة . وبعد ان كان الامتحان معركة يكرم المرء فيها او يهان أصبح التعليم مرحلة يمكن عبورها باستخدام وسائل مساعدة عديدة آخرها دخول كليات اهلية ترهق الأهالي لكنها تستقبل الطلبة مهما كانت مستوياتهم ضعيفة وباتالي يمكن ان يتساوى المجتهد مع الخائب ..

في عيد المعلم الذي استقبلنا به هذا الشهر سنظل نأمل ان تعود للتعليم هيبته وتعود للمعلم مكانته ويعود للطالب طموحه وجديته وسنظل نقتات من ذكرياتنا عن التعليم في سنوات مضت وعن المعلمين الكبار الذين احترقوا كالشموع ليضيئوا لنا دروبنا .

***

عدوية الهلالي

حول التلفيقية المنشور بصحيفة المثقف في 12 مارس 2023

بادئ ذي بدء اشكر الأستاذ علي فضيل العربي على اهتمامه وتواضعه في الرد على مقالنا، لكن ومن باب حق الرد أوضح بعض النقاط التي أراها أساسية لحساسيتها

أولا: أشار الأستاذ علي فضيل العربي إلى أن تكسير الطابوهات يعني التجديد والعصرنة والتطوير، في حين يمكن القول أن تكسير الطابوهات يعني إزالة الكبت والغموض والتحفظ عن اشياء ربما لم تكن مقدسة ولكن أعطيت لها هالة القداسة.

ثانيا: مصطلح الإخوان أعطيت له صبغة سياسية، لأن الكثير من وظف الإسلام في الممارسات السياسية ومنهم من استغل حبّ الإنسان لدينه فانجرف بعاطفته في أمور لم ينادي بها الإسلام كالعنف، ثم أن مصطلح الإخوان أطلق على الجماعات الإسلامية في مصر قبل أن يعمّم وتتبناه بعض الأحزاب الإسلامية في الجزائر وهي حركة مجتمع السلم، وكان رئيسها ابو جرة سلطاني يلقبونه بـ: "مراقب الإخوان"، ليس مهما طبعا أن نعرف إن كان هذا المصطلح قديما أم حديثا، ما يهم هنا كيف تم توظيفه سياسيا، وإن قلنا قديما فلماذا لم يطلق على أهل الكهف إذن اسم الإخوان؟، أما "الخلان" هم الإخوان الخلان أي المتحابون، الذين تجمعهم عقيدة واحدة ولهم قواسم مشتركة، والخلّان الذي تحدث عنهم الزاوي كل واحد له عقيدته (مسلم، مسيحي ويهودي) ولكن جمعتهم قضية واحدة هي مناهضة الاستعمار، والفرق شاسع طبعا .

ثالثا: لقد حاول صاحب التعليق أن يستدل بآيات قرآنية وهذا أمر عادي ولا غبار عليه، ولن أجادل في كلام الله لأني لست مؤهلة لذلك ولكن اقول أن ورود كلمة الإخوان في القرآن تشير إلى أمور كثيرة وهي تشمل صفات كالصدق والتضحية والعمل الجماعي والتآخي والتآزر، لا الأنانية والخيانة والإنقلابات، فكل جماعة تحمل هذه الصفات يطلق عليها الإخوان، والسؤال الذي أوجهه للأستاذ علي فضيل العربي طالما عبارة الإخوان واردة في القرآن، لماذا لم تجتمع الحركات الإسلامية في العالم العربي على كلمة سواء ولماذا فشلت في مسعاها في النهوض بالإسلام ونصرته وأنت القائل ان الأخوة مرتبطة بالإيمان وفقا لقوله تعالى (إنما المؤمنون إخوة)، ثم ألا يلاحظ الستا علي فضيل أن السياسة فرقت بين التيارات الإسلامية وشتت صفوفهم، فالإسلام يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يشتت، يسامح ولا يعادي و..و..الخ

رابعا: أراد الأستاذ علي فضيل العربي أن يغلط القارئ (العربي) بإقحامه ما يحدث في الجزائر والصراع حول اللغة التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من الهوية، لاسيما اللغة العربية التي هي لغة القرآن، في حديثه في الفقرة الي تلت الأبيات الشعرية وسؤاله إن كان في الجزائر شَعْبَانِ، ربما الأستاذ فضيل لم يفهم ما كنت أرمي إلى قوله، فحديثي هو عن الشتات العربي في العالم العربي وما يعانيه المسلمون من قمع استعماري وتهجير ونفي أو في الحروب الأهلية مثلما نراه في فلسطين وسوريا لبنان والعراق، كذلك بالنسبة للجزائر والأستاذ فضيل عاش الأحداث التي وقعت في الجزائر منذ الربيع الأسود إلى غاية الحراك الشعبي مرورا بالعشرية السوداء، كل هذه الأحداث خلقت الانقسامية بين الجزائريين سواء في الجانب السياسي أو الثقافي (صراع النظام مع المعارضة، الصراع العروبي الأمازيغي والصراع العروبي الفرانكفوني) لكن وللأسف أجد أن الأستاذ فضيل المحترم استعمل عبارة استفزازية بسؤاله: هل في الجزائر شعبان أحدهما عربي والآخر جزائري؟ الحقيقة الأستاذ علي فضيل العربي طرح سؤالا ليثير قضية، أو أنه يريد توريطي في مشكلة ما، الحقيقة لم أكن أنتظر من مثقف أن يؤوّل الأفكار ويميّعها بهذه الطريقة، إلا إذا كانت له غاية معينة، خاصة حديثه عن الكرامة الإنسانية والحياء والقيم الأخلاقية والإنسانية.

 خامسا: أمّا عن فلسفة الروائي أمين الزاوي إن كانت مبنية على فلسفة إخوان الصفاء أم لا، أظن أن الكاتب أو الصحفي من حقه أن يطرح اسئلة للتبسيط والتوضيح وللإثارة أيضا، ولدفع الكاتب توضيحها او كشف حقائق مغيبة ومدفونة، أوضح هنا فقك أن الإثارة ليست من أجل الإثارة أو لخلق بلبلة أو زرع الفتنة أو إحيائها، بل لمعرفة ماهي دوافع أمين الزاوي أو كاتب آخر لاستعمال هذا المفهوم بالذات ( الخلاّن) لماذا لم يستعمل مصطلحا آخر كـ: ( الأصدقاء، الرفاق، الأصحاب، الأخيار، الشركاء وغير ذلك) أما استعماله الخلان فهذه الكلمة لها معنى أكثر عمقا، كونها تحمل مفاهيم مذهبية ارتبطت بفرقة من الفرق الإسلامية.

في الأخير:

أ‌- لقد أراد الأستاذ علي فضيل أن يوظف في مقاله النقدي مفاهيم لا علاقة لها بمقالي ولا حتى رؤية أمين الزاوي لها، عندما تكلم عن الحب والعشق، أراد توظيفه بهدف التمويه ولفت انتباه القارئ بأن المقال فيه نوع من "الرعونة"، فالحب والعشق لا يعني علاقة تربط بين رجل وامرأة فقط، فكثير ما نقرأ عن "عشاق الله" وقد أسهب شعراء الصوفية كثيرا في هذا المجال، ولن أدخل في هذا الموضوع، لأنه سيفتح بابا آخر للنقاش.

ب‌- أما أنه يرى اني اتبنى فلسفة تلفيقية فهذا شانه فلكل قناعاته، من جانبي ارى أن الناقد الحيادي ينتقد ذاته أولا، قبل ان يسلط لسانه وقلمه على ما يكتبه ويراه الآخر، وجب أن نحترم فكر الآخر حتى لو كنا نختلف معه في كل شيئ أو كان على غير ديننا، وهذه من سمات المثقف الملتزم.

ج- وبخصوص الوسطية أردت من خلال مقالي بأن ألفت القارئ إلى رؤية الزاوي إلى مفهوم الوسطية ومن هم المفكرين الذين يقفون مع المفهوم ومن يرفضونه، في الأخير أقول أن الأستاذ علي فضيل العربي حاول ان يميع بعض الأفكار بغرض التمويه ولا اقول الإساءة وعذرا.

***

علجية عيش

..................

للاطلاع

التلفيقيّة في مقال: أمين الزاوي ناقد تنويري كسّر بفكره وقلمه كل الطابوهات / بقلم: علي فضيل العربي

إثر اصدار السيد جواد الشهرستاني، "الوكيل المطلق" للسيد السيستاني في ايران، بيانا ادان فيه "اعمال الشغب" في ايران، أصدر مكتب السيد السيستاني في النجف على الفور، بيانا نصه: " باسمه تعالى، ننوه إلى الجميع أن سماحة السيد السيستاني دام ظله ليس لديه أي وكيل يعبر عن مواقفه السياسية. ويمكن معرفة مواقفه السياسية من خلال موقعه الرسمي فقط."

والحقيقة ان لا "الموقع الرسمي" للمكتب، ولا اية جهة أخرى باسم المرجعية، قد قدمت في الفترة الأخيرة أية مواقف سياسية، عدا حالة واحدة، وهي اقرب الى الشذوذ الذي يؤكد القاعدة، حين زار البابا المرجع في النجف، وحينها عبر السيد السيستاني عن مواقفه الإنسانية وبشكل خاص أعطى القضية الفلسطينية مكانة خاصة من الخطاب.. ثم ساد الصمت من جديد! ونلاحظ هنا أن زيارة البابا كانت إطلاقا لفعاليات لمؤامرة الديانة الابراهيمية، وربما لولا أهمية تلك المؤامرة بالنسبة لمن يدير الموقف، وحاجتها الى الزخم، لما جاء البابا ولما رأينا السيد لفترة أطول!

لقد بدأت ملاحظتي لاختفاء السيد من الساحة السياسية العراقية بشكل خاص بعد فشلنا في إيصال رسالة له كان تحتوي طلبا من السيد السيستاني من خلال مكتبه، تبيان موقف المرجعية من التطبيع بفتوى رسمية تبين بوضوح الموقف الشرعي من قضية التطبيع بالذات، وليس القضية الفلسطينية بشكل عام. وقد مر على الرسالة اكثر من عامين، ولم يصلنا أي جواب عنها حتى اليوم! ولم يكن الدافع وراء تلك الرسالة التي وقعها معي اكثر من 350 مشاركا، التأكد من موقف السيد السيستاني او اختباره، فموقفه من القضية الفلسطينية واضح تماما، إنما كان استعانة بمنزلته الكبيرة لدى الناس واستعمال فتواه حجة دامغة بوجه محاولات التطبيع النشطة والخبيثة التي تجري في العراق وبشكل خاص بعد زيارة البابا وحتى اليوم، وسيطرة الإعلام المعادي وسهولة وصول كلمة السيد إلى الناس لتنهي ما قد يكون لديهم من تردد، خاصة وأن هناك جهات تدعي الدين شيعة وسنة، ومن الشيوخ والسادة أولاد المراجع، ممن ساروا في ركاب التطبيع، ودخلت البضائع الإسرائيلية العراق ثم تجرأ أحد الأحزاب الجديدة ليعلن بصلافة وقوفه مع التطبيع وكذلك عقد مؤتمر تطبيع في أربيل شاركت فيه وزارة الثقافة بشكل غير رسمي، وأخيرا وليس آخرا، تم إقرار قانون وافق عليه البرلمان، وتحت اسم "قانون تجريم التطبيع"، كان الهدف الواضح منه، فتح ثغرة في قانون منع التطبيع السابق بسماحه بالزيارات الدينية، والتي يعلم الله الى اين ستقود.

كل هذه الأحداث أكدت ان قلقنا ودوافعنا لطلب عون السيد السيستاني كان في محله، وان من اعترض على ذلك بحجة ان الموضوع غير مطروح، ولو كان كذلك لبادر السيد بنفسه الى اصدار بيان به، كان مخطئاً، وان الخطر قائم بالفعل ويتقدم بنشاط متزايد. لم نحصل حتى اليوم، أنا وال 350 الذين وقعوا معي على جواب او تبليغ بوصول رسالتنا للمرجعية، رغم اننا ارسلناها خلال ما لا يقل عن خمسة طرق تبرعت بإيصالها.

ومثل هذا الموقف الذي ينتظر من السيد ان يقدم موقفا كما اعتدنا منه، مرت مواقف حرجة عديدة وتعرض البلد الى فتن متعددة ومخاطر كثيرة لكن الصمت كان دائما يلف مكتب المرجعية، وسط حيرة الناس ومحاولة الكثير من محبي المرجعية الدفاع عن ذلك الموقف والتأكيد ان كل شيء على ما يرام في المكتب. لكن هذا الدفاع لم يكن مقنعا، ومع مرور الوقت واستمرار الصمت، تزداد القناعة بين الناس بوجود مشكلة في المكتب وصمته، ويزداد القلق.

فعلى سبيل المثال، تم إيقاف خطبة الجمعة التي اعتاد الناس على متابعتها، ومن خلال ذلك، الاطلاع على موقف المرجعية من مختلف الأحداث التي تمر بالبلد، اثر جائحة كورونا. لكن المدهش ان إيقاف الخطبة استمر بعد انتهاء الجائحة وعودة التجمعات الدينية (مثل اربعينية الإمام الحسين) وغيرها. وكان هذا القرار باستمرار إيقاف او تعليق الخطبة اشد الإجراءات دهشة وتساؤلا لدى الناس. وقد حاول السيد الصافي تبرير ذلك الصمت في فيديو له، بالقول:

"للأسف ان بعض الكيانات السياسية لم تكن تستجيب لكثير مما بينته المرجعية. نعم الناس قد تطمئن وترتاح وهناك صوت يدافع عنها. لكن المرجعية لا تريد ان تخطب فقط، تريد ان الخطاب يؤثر. البعض كان استجابته ضعيفة جدا مع تكرار مضمون الخطبة في اكثر من مرة، الاستجابة كانت ضعيفة جدا. فإلى الآن لا يوجد قرار قريب في إعادة الخطبة، ما لم تكن هناك ضرورة اكبر من قضية التعليق." (الفيديو موجود على اليوتيوب).

هذا الكلام ملفت للنظر وغير مقنع. ان كان يكفي أن "بعض الكيانات السياسية" لم تكن تستجيب "لكثير" مما بينته المرجعية، لكي تتوقف المرجعية عن تبيان موقفها، يعني أن المرجعية تشترط ان تستجيب "كل" الكيانات السياسية لمعظم ان لم يكن كل بياناتها! وهذا شرط غريب وتعجيزي وغير معقول. وهو شرط يخرج المرجعية من المهمة التي اناطت نفسها بها. بل ان مثل هذا الشرط يتيح لـ"بعض الكيانات السياسية" الفاسدة، الفرصة لتتعمد اسكات المرجعية، بمجرد "عدم الاستجابة لها"، وتتخلص بذلك من تأثيرها الذي يهددها. إن مثل هذا الموقف قد يكون مفهوما لو أنك "تعاتب" القوى السياسية، وليس أن تحارب الفاسدة منها، كما هو المفروض.

هل كانت كلمة "بعض" رمزية فقط، والمقصود أن كل أو معظم الكيانات السياسية لم تكن تستجيب للمرجعية؟ حتى هنا يطرح السؤال: وهل تتكلم المرجعية من اجل ارشاد الكيانات السياسية ام المسلمين؟ من الواضح ان الكثير من خطابها كان موجها مباشرة الى الشعب، ان لم يكن كله. فمثلا الدعوة الى التصويت على الدستور، لا علاقة له بالكيانات السياسية! وهذا ينطبق على بقية البيانات لو راجعناها. وفي فتوى الجهاد ضد داعش استجاب الناس بشكل كبير جدا وبشكل كفى لدحر الخطر عن العراق!

وفوق ذلك، من غير الصحيح ان "الكيانات السياسية" لم تكن تستجيب للمرجعية! فالمتداول ان المرجعية من الجهات التي لا تستطيع حكومة ان تشكل بدون موافقتها او مباركتها، أو على الأقل عدم اعتراضها. وقد ذكر ذلك علنا احد قادة الفصائل المقاومة في لقاء علني على التلفزيون إجابة عن سؤال حول كيفية الاتفاق على المرشح لرئاسة الحكومة.

كذلك فقد أضاف عادل عبد المهدي في كتاب استقالته من منصبه، انه فعل ذلك نزولا عند رغبة المرجعية! وبالفعل كان لدى المرجعية من خلال خطب ممثليها، دعوات واضحة للبرلمان لتغيير السلطة! ونلاحظ هنا أن المرجعية (او مكتبها) قد مارس سلطة لم يمارسها حتى الآن الولي الفقيه في إيران. فلم يسبق له ان طلب من البرلمان اقالة حكومة أو من رئيس حكومة منتخب ان يستقيل! وهذا أمر يستحق التوقف عنده كثيرا، فمن الناحية العملية فأن مكتب المرجعية يمارس بالفعل صلاحيات الولي الفقيه، رغم عدم اعترافه بها كمبدأ أساسي في سياسته!

إذن، فللمرجعية تأثير هائل، وهي اكثر جهة تحظى بالطاعة في العراق، وبالتالي فأن السيد الصافي لم يقل الحقيقة حول سبب "تعليق" خطبة الجمعة، ولا نعرف السبب الحقيقي وراء القرار. ولنلاحظ أيضا، ان طريقة كلامه لم يقل بشكل مباشر أن قرار تعليق خطبة الجمعة هو قرار من السيد السيستاني نفسه. ولا تحدث عن تاريخ صدوره ولا تفاصيل رؤية السيد السيستاني لاحتمال عودته ومتى، بل كان يتحدث بشكل اقرب إلى من يتحدث عن قراره هو شخصيا ويعبر عن "غضبه شخصيا" من عدم استجابة الساسة!

ويصبح هذا ملفتا للنظر، إن تذكرنا ان السيد الصافي سبق ان اعلن بعد بيان له، اثار لغطا، ان ذلك البيان كان رأيه الشخصي ولم يكن رأي السيد السيستاني! فكم يا ترى مما قال السيد الصافي سابقا هو رأيه الشخصي، مما لم يثر اللغط ليدفعه للاعتراف بذلك؟

إن غياب المرجعية التام عن الوضع السياسي العراقي مباشرة بعد تسلم عميل السفارة الكاظمي الحكم وارتكابه الجرائم الأكبر بحق العراق، أمر يثير الاستغراب والقلق. كذلك مثير للقلق عدم ابداء السيد السيستاني رأياً في مضي السوداني بكل العقود المدمرة التي وقعها الكاظمي وزاد عليها، ومضي السوداني ليوقع عقود التراخيص الخامسة مع شركات مشبوهة ومحظورة في القائمة السوداء في العراق وتصريحه المشين بحاجة العراق لبقاء الجيوش الأجنبية فيه واستخدامها العراق كمرر لوجستي الى سوريا التي تحتلها!

هذا إضافة إلى أن التكتم العام على السيد السيستاني عموما، غير مفهوم. فلم ير الناس السيد إلا في مناسبات نادرة جدا ربما لا تزيد عن مرتين في تصوير قصير جدا. وقد أتاح ذلك للبعض اثارة بعض البلبلة بالادعاء أكثر من مرة، بأن السيد (اطال الله عمره) قد فارق الحياة! والملفت للنظر ايضاً ان حالات التصوير النادرة التي نقلت، ومنها لحظة لقائه بالبابا، كانت بدون صوت! فما هو المبرر لذلك؟ وما الداعي لكل هذه السرية والتكتم على ظهوره؟

هذه المقالة هي الثانية والأخيرة في موضوع غياب السيد السيستاني بشكل عام، وقد نشرت الأولى أمس بعنوان " ما موقف المرجعية من قانون الانتخاب ومن يزوره"، والتي ركزت على خطبة ممثل المرجعية السيد أحمد الصافي والتي كان قد هاجم فيها نظام الانتخابات النسبي للمحافظات بشدة ووصفه بالمنحاز للأحزاب وغير المنصف، وبينت من خلال فيديو آخر للحاج حامد الخفاف أن كلام السيد أحمد الصافي لا يمكن أن يكون من السيد السيستاني لأن السيد السيستاني هو نفسه من ألح لإقرار قانون الانتخابات الذي وصفه السيد الصافي بالتحيز وانعدام الإنصاف وغيرها من الصفات.

لقد ترددت طويلا في نشر هذه التساؤلات لحساسية الموضوع، لكني اشعر أن البلد يسقط بسرعة في يد اعدائه ويسير في نهج التطبيع، ولست متفائلا بتلك المسيرة، ولا مفر من استدعاء كل ما يمتلك البلد من قوة ومن أهمها مرجعية السيد السيستاني لوقف الانهيار. فلم يعد انكار وجود مشكلة ممكنا، بل ان التصور ان السيد السيستاني يعلم بكل شيء ويسكت عنه بإرادته، اتهام ابرئ السيد منه لما عرف عنه من مواقف عظيمة في الماضي انقذت العراق مرتين على الأقل، من التدمير. لذلك فإن تجمع كل هذه التساؤلات يثير علامات استفهام غير مجاب عنها، وهي تنتشر ليس فقط بين المغرضين ضد السيد السيستاني بل أيضا يثير هذا الغياب القلق والتساؤل، بين محبيه واتباعه، ومازال بدون جواب، مثل رسالتنا التي طلبت فتوى عن التطبيع قبل أكثر من عامين، ولا تفسير لذلك غير انها منعت من الوصول اليه، مثلما منعت الاخبار التي لا يراد لها ان تصله، فلم يكن له منها موقف.

***

صائب خليل

 

"اعمل ليومك وكأنه آخر يوم في حياتك، فأحدها سيكون كذلك"

مقولة فيها من الموعظة الكثير، وتتضمن التحذير والإنذار والحث والنصح، ولعل فحواها شجعني على إتمام مشروع كنت قد شرعت فيه منذ سنتين، إلا أن الساعات الأربع وعشرين اليومية، لم تكفني ولم تسعفني على المضي فيه نحو الكمال، وها أنا أعود الى حجر أساسه لأكمل ماتوقفت عنده.

ذاك هو مشروع جمع مقالاتي وطبعها في سلسلة كتب، وقد قال لي أحد القائمين على هذا: عليك ان تبوِّب موضوعاتك حسب نوعها، والغاية التي كُتبت لأجلها.. أقول:

معلوم ان إنشاء أي مقال او أية مادة إعلامية مقروءة كانت او مرئية او مسموعة، يتطلب من كاتبه مقومات عدة ليضمن وصول مايهدف اليه أمام أنظار القارئ والناظر او الى مسامع السامع، وفي صدارة تلك المقومات وحدة الموضوع. إذ تعلمنا ان تحديد موضوعنا ووضعه داخل إطار اهتمامنا، يعد حجر أساس للمقالة اوالبحث اوالتحقيق اوالخبر الصحفي الذي نروم إنجازه، ومن داخل ذاك الإطار نتنقل بين جوانب الحديث، ونتناول ما يسهم في إيصال الفكرة والغاية من طرحها، وبهذا نضمن ان لايتشعب الموضوع ويتميع الهدف ويتوارى عن القصد من جملة العمل الإعلامي.

وبما ان الشـأن العراقي في كتاباتي هو الغاية والقصد، وفي ذات الوقت هو الوسيلة والحجة، فأني بوضع حجر الأساس لأي سطر من سطوري هذه، أشعر باني عراقي بأضعاف كثيرة، تربو على الأربعين مليون ضعف، فانا الكاتب وانا القارئ، وانا القاصد وانا المقصود، وانا الذي أعاني- ولطالما كنت كذلك- وانا الذي أنقل المعاناة، وأنا المرسِل وأنا المرسَل اليه، وأنا الذي أزف البشرى-ونادرا ما أعثر عليها - وأنا الذي أفرح بها. وبهذا أشاطر أساتذتي وزملائي صائغي الكلمة الحرة والصادقة بأداء خدمة وطنية وإنسانية في كتاباتنا، أرى انها أقل مايمكن ان نقدمه للفرد العراقي.

لكن المعضلة التي تعترض سبيلنا وتقف (سكين خاصرة) في طريق تحقيق غايتنا، هي الآذان التي نقصدها ونطرق بابها، لنريها ماننزفه على الورق من هموم بلدنا وشعبه، إذ عادة ماتكون تلك الآذان صماء، ويتناسب صممها طرديا مع مركزها في البلد ووجاهتها في المناصب، لاسيما تلك التي تجلس وتتربع على كرسي تحت قبة من القبب، اوفي مجلس من المجالس، او تحت وصاية كتلة او حزب يخال ان العراق ملك صرف له ولـ (الخلفوه)، وقطعا من يكون هذا حاله يتبوأ مقعده خلف حصانة منصبه ومرتبه وحمايته وقد يأتي مدده من خارج الحدود، واضعا بهذا كتلا كونكريتية بينه وبين رعيته فشعاره غالبا مايكون: (ياروح مابعدك روح) وهو الذي انتخبه الشعب ليحقق له بعض مابخسه السابقون.

نعم، فمداد أقلامنا ملأ دجلة والفرات، ومع هذا فسياسيونا على مابدا لايجيدون قراءة هموم شعبهم، في وقت هم ملزمون على أداء ما منوط بهم من واجبات، في إزالة همه وتوفير سبل العيش الكريم له، وهذا قطعا من صلب واجبهم.

وعود على بدء، فأنا ملزم بوحدة موضوعي في كل عمود وسطر أنزفه، والتزامي هذا مزدوج، فهو مهني وانساني في آن واحد وآنية واحدة. لكنني في حقيقة الامر أعاني حين أبحث عن وحدة لموضوع العراق، فهو بكل همومه وأحزان شعبه، بأفراحهم وأتراحهم، بأمنهم وقلقهم، ببناهم التحتية ومشاكلهم السياسية والاقتصادية والخدمية، بالعاطلين عن العمل، بانواع الخلل والفسادات المالية والإدارية، الى استشراء الرشاوى، الى تدهور الكثير من الشؤون العراقية، كلها تجتمع في موضوع واحد، ليس بالإمكان تجزئته، فالإنسان العراقي هو وحدة واحدة لاتتجزأ، لذا فمن الصعب ان يكون موضوعي متعلقا بشأن عراقي دون باقي الشؤون، او بعراقي دون الباقين، ولا أظن ان هناك فرقا بين كاتب وقارئ، فالكل يعيش في هذا البلد، والكل يستنشق هواءه الـ (عذيبي) فينعم به، وإذا كان (شرجي) فالكل يصدع رأسه على حد سواء، وبهذا تكون وحدة الموضوع في عراقنا متداخلة ومتشابكة وليس بالإمكان تجزئتها.

***

علي علي 

متربع على عرش اكبر مؤسسة مالية ليبية (البنك المركزي -بيت مال الليبيين) لأكثر من عقد من الزمن، أثناء الأزمات يقيم بالخارج خوفا على نفسه، لم يفلح البرلمان الذي  يعتبر السلطة التشريعية في اقالته، لأنه  مدعوم  من الغرب، يجتمع مع السفراء والمسؤولين الأجانب، يلبي دعوة داعميه الأجانب، يسافر اليهم على عجل، يسمع توجيهاتهم، ينفذ أوامرهم بالخصوص، غير ابه بمن هم في السلطة بطرابلس، كثيرا ما نراهم يطلبون وده لتسييل الاموال لهم لتثبيت اركان حكمهم من خلال دعم الميليشيات الجهوية، والأمر لا يخلو من وجود مصالح مشتركة بينه وبين مغتصبي السلطة بالعاصمة.

احد المسببين في استنزاف الاموال العامة من خلال عقود استيراد السلع التي لا يورد معظمها، بل تذهب مبالغ تلك العقود الى حسابات اصحابها بالخارج، لم يمتثل المحافظ لأي جلسة استماع من قبل البرلمان، وبالتالي يعمل بحرية مطلقة، إنه الحاكم الفعلي او لنقل المندوب السامي المفوض بتسيير الشؤون المالية لدولة لا تزال تحت الفصل السابع، أما الحديث عن استقلالية الدولة والمطالبة بعدم التدخل الاجنبي في شؤون البلاد من قبل بعض ساستنا عندما لا تتماشى الامور وأهواءهم، فنقول لهم، في احسن الأحوال انكم من تسببتم في ايصالنا الى هذا الوضع المتدهور اقتصاديا وامنيا على مدى عقد من الزمن.

لا يشك احدا ان هناك تدميرا ممنهجا للاقتصاد الليبي، فارتفاع الاسعار من خلال رفع الدعم الحكومي عنها ادى الى رفع الرواتب الأمر الذي لم تتحمله الخزينة  العامة، فاستوجب تعويم العملة المحلية بنسبة 80% ،ما ادى الى ارتفاع السلع مجددا، فلم يعد الراتب  يكفي لشراء السلع الضرورية للعيش

تعويم الدينار جاء من قبل لجنة مختصة لتسوية مصروفات الاقتتال الداخلي والتغطية على  الفساد المالي من قبل الاجهزة المختلفة ، على ان يراجع سعر الصرف بصفة دورية وكبح جماح التضخم، ليستعيد السوق عافيته ويتمكن المواطن من سد احتياجاته.

كلام الكبير مؤخرا بانه لا يمكن  خفض سعر الصرف لان الدولة تعتمد كليا على بيع النفط كلام مردود عليه، فهناك عديد الدول تعتمد ميزانياتها على ايرادات النفط والغاز فقط ومنها الدول الخليجية ورغم ذلك فان عملاتها لاتزال تحافظ نسبيا على قيمتها الشرائية ولم يتأثر مواطنيها كثيرا بالأزمة  الاقتصادية العالمية.

حديثه عن تنويع مصادر الدخل لإحداث وفرة في الايرادات،ترى ما الذي منعه وحكوماته المتعددة من تحقيق ذلك خلال العقد المنصرم، هل قدم لهم الراي والمشورة بالخصوص لكنهم لم يستجيبوا لذلك؟ خلال العقد الماضي لم نلاحظ انشاء أي قلعة صناعية او زراعية من شانها التخفيف من الاستيراد وتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي، بل شاهدنا وبكل اسف تدمير القلاع الصناعية المختلفة والمشاريع الزراعية التي كانت قائمة، والنتيجة اغراق السوق الليبي بمنتجات الدول التي لها مصلحة في بقاء الوضع الحالي وللأسف فان غالبية السلع المستوردة لا تتوافق والمواصفات القياسية الليبية وبعضها منتهي الصلاحية.

اما بخصوص لو تم خفض سعر الصرف فان ذلك سيؤدي الى الالتجاء الى الاقتراض من الخارج وبالأخص صندوق النقد الدولي وشقيقه البنك الدولي، فأقول هذا هو المخطط الذي ينوي وجماعته تنفيذه ،فليبيا رغم الظروف التي مرت بها، لكنها لم تقترض من المؤسسات المالية الرأسمالية التي تهدف الى تجويع الشعوب واخضاعها لسيطرتها، من خلال الطلب من الحكومات رفع أسعار السلع والخدمات، للإيفاء بإعادة القروض وفوائدها التي عادة تكون مرتفعة، ومن ثم اثقال كاهل المواطن وتبدا دوامة الاضرابات والمطالبة برفع الاجور وخفض الاسعار التي لن تنتهي ويحدث الصدام بين الشعب والحكومة وذاك ما يريده الغرب وينفذ بأياد محلية همها الاثراء الفاحش على حساب الشعب.

لقد اتضح لنا وبجلاء ان السيد محافظ  البنك المركزي وعلى مدى 12 عاما الماضية، يعد أبرز معاول الهدم والتدمير لاقتصاد بلد لم تلتجئ يوما الى صناديق اذلال الشعوب وتجويعها.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

الكلمة فقدت قيمتها، والكتابة أضاعت بوصلتها، والأقلام تحولت إلى حِراب للطعان.

فأين الفكر؟

ليس تشاؤما ولا إنهزاما، بل مواجهة صريحة قاسية مع واقع يأكلنا وأنياب تمزقنا، ونحن في ذروة السكر والغفلة والغثيان، كأن الأرض تدور بنا لوحدنا.

أيامنا نواعير دموع ودماء، ولنحيبها وأنينها أصداء في أرجاء المعمورة الطافحة بالمستجدات.

ملكنا كل شيئ وما فعلنا شيئا!!

ركبنا حصان الأوهام وغرنا على أهوال السراب، وعدنا بخفي حنين!!

وما ألقينا عصانا ولا إسترحنا من مسيرٍ بلا أمل!!

الساميات تحولت إلى نفايات، والرذائل إلى فضائل، والدين إلى أنين، وكل مَن عليها مات بإسم الدين الذي حوّلوه إلى بضاعة للمتاجرة بالبشر المرهون بالتضليل، والمقبوض على أعناقه بأساطين الخداع والضغينة.

كانت الدنيا مشرقة فأمست مغبرة ذات عقابيل إنتهاء وبلاء حتى أكلَ الخسيسُ الطيبَ، وغابت ملامح التفاعل السامق مع الأيام.

كنا نتحدث بلغة الحب، وإذا بنا كالخرسان نجيد التواصل بالإشارات المبتورة والطاقات المهجورة.

مَن أودعَنا في أوعية الخراب والدمار؟

مَن قهرنا بما نملك؟

وأحرقنا بنار النفط، وبأموال الغادرين؟

إنها لعبة الإستحواذ على مصير أجيال تلهو ببعضها، والمتربص بها يأكل منها كما يشتهي.

والعمائم المفتونة بالغنائم، تترنم بفتاوى إنتهاك حرمات الوجود، وتسعى بإسم ربها لإستعباد البشر، وترى أنها تنوب عن الإله.

وقل طارت عمامة وحطت عمامة، والبشر تحت رحمة عمامة، ولكل منها إمامه!!

***

د-صادق السامرائي

 

في الجزء الأول من الفيديو المرفق (رابط في الأسفل) يتحدث ممثل المرجعية السيد أحمد الصافي، عن ضرورة تغيير قانون الانتخاب النسبي المطبق وقت الخطبة، إلى قانون "منصف" و"لا يتحيز للأحزاب والتيارات السياسية" و "يمنح فرصة حقيقية لتغيير القوى التي حكمت البلد...إذا أراد الشعب تغييرها"!

السيد الصافي يلمح تلميحا واضحا (دون ان يذكر صراحة، وهذا خط رجعة احتياطي يستعمل للإنكار إذا تبين خلل المنطق في الادعاء المذكور) الى ان النظام النسبي الذي كان معمولا به وقت الخطبة كان متحيزا للأحزاب وغير منصف ولا يمنح فرصة حقيقية لتغيير الحكومة حتى اذا أراد الشعب ذلك!

هذا طبعا خطأ كبير وخلط للمفاهيم لا يمكن للمرجعية (السيد السيستاني) المطلع بشكل جيد حسب علمي على القوانين، ان يقع فيه. فالدارس لأنظمة الانتخابات يستطيع الاطلاع على مميزات كل نظام، وسيعرف ان النظام النسبي هو الأفضل والأكثر تمثيلا للناخبين، ومناسب خاصة بالنسبة لبلد مثل العراق، وان النظام الفردي (الذي كان المرشح الوحيد كبديل في الإعلام ويكثر الحديث عنه، ولم يعترض عليه السيد الصافي) ليس فقط هو الأسوأ بينها على الإطلاق، وانما، (وإن كان يبدأ بترشيح نواب مستقلين)، ينتهي غالبا بعد دورة أو أكثر، بتقسيم البلد الى كتلتين انتخابيتين كبيرتين يكاد يستحيل تغييرهما لاحقا! وانصع مثال عليها هو بريطانيا التي تتبعه والمقسمة بين "العمال" و "المحافظين"، ويكاد يستحيل على الشعب تقديم بديل لهما بالانتخابات!

لكن هذا ليس اخطر ما في موضوعنا. الأخطر هو أن ادعاء السيد الصافي لا يمكن ان يكون صادرا من السيد السيستاني نفسه، لأن ألسيد السيستاني هو من بذل الجهد والضغط ليفرض هذا النظام نفسه الذي يهاجمه الصافي باسم المرجعية، ويلمح بأنه "غير منصف" ومنحاز ولا يمنح فرصة حقيقية لتغيير الحكام! وقد جاء ذلك على لسان ممثل المرجعية في لبنان الحاج حامد الخفاف، كما يبين الجزء الثاني من الفيديو، والذي جاء حديثه بعد تغيير نظام الانتخابات الأول، وبين كم بذل السيد السيستاني من جهد وإصرار على إقرار ذلك النظام الذي طالب الصافي بتغييره ولمح بعدم انصافه الخ! فكيف تهاجم "المرجعية" نظاما كانت هي السبب الرئيسي وراء إقراره وتتهمه بعدم الإنصاف؟

وهنا قد يقول قائل: نحن رأينا حالات نواب محددة تبين "عدم انصاف" النظام النسبي (الذي يسميه البعض سانت ليغو) حيث يفوز نائب ويخسر آخر رغم ان الخاسر حصل على أصوات اكثر من الفائز، فكيف تفسر هذا النظام الظالم الذي يقول الخفاف ان المرجعية فرضته؟

هذا يحتاج لشرح طويل بمقالة خاصة به، لكن حتى ذلك الحين اليكم هذا التوضيح المختصر:

الحقيقة هي ان هذا "الظلم" من قبل النظام النسبي، لأفراد مرشحين، هو ظلم ظاهري فقط تم استغلاله بشكل بشع فترة تظاهرات تشرين وقبلها من المشبوه اثير ادريس لشيطنة نظام الانتخاب النسبي. والخلل "ظاهري" فقط، لأن النائب الفائز بالأصوات الأقل، يكون قد فاز بأصوات حقيقة مضافة اليه، أعطاه إياها بشكل غير مباشر، ناخبون من خلال التصويت لكتلته، ولم تحتسب باسمه عند الفرز. وهذا ليس خللا حقيقيا ولا يعيب أساس النظام لأنه لن يرفع كتلة لتفوز بأصوات أقل ويخفض كتلة لتخسر ولديها أصوات أكثر. بالمقارنة فأن النظام الفردي هو الذي قام بهذه العمل المختل ورفع كتلة الصدريين الفائزة بعدد اقل بكثير من الأصوات وسلمها مقاعد اكبر من الإطار الفائز بالأصوات الأكثر بكثير!

يبقى ان نقول كلمة لإكمال الموضوع وهي ان النظام النسبي للمحافظات ليس متحيزا للسنة كما قد يفهم البعض من كلام الحاج الخفاف. وهو ليس متحيز، لأنه لا يمنحهم إلا ما تستحق نسبة سكان محافظاتهم وفق الدستور. إنما توجه السيد السيستاني الى ذلك لإصلاح خلل مؤقت تسببت به قيادات السنة في وقتها بتحريم الانتخاب فحرمتهم "حقهم" من المقاعد، وهدد الوضع بجعل التمثيل السياسي "شيعي – كردي" فقط، فأعاد السيد السيستاني للسنة حصتهم ومنع حدوث ذلك الخلل بحقهم. والآن وقد انتهى هذا الأمر، ربما يكون للعودة الى نظام الدائرة الواحدة (وهو نسبي أيضا مثل نظام المحافظات السابق الذي دعا اليه السيد السيستاني) خطوة الى الأمام، كما أوضح الحاج الخفاف في نهاية الفيديو. وطبعا السيد الصافي لم يكن يقصد هذه العودة الى الأفضل لأن النظام النسبي برأيه لا "يمنح فرصة حقيقية لتغيير القوى التي حكمت البلد"!

وهكذا نرى أننا أمام كلمتين متناقضتين تدعي كل منهما انها قادمة من المرجعية، ومن الواضح أيهما هو الصحيح والمدعوم بالمنطق والإشارة إلى أحداث حقيقية، وهو رأي الحاج حامد الخفاف برأيي. وبالتالي نستنتج أولا ان المرجعية لا تدعم وربما لم تبد أي رأي في موضوع تغيير نظام الانتخابات بعد تشرين، وبالتالي لا يوجد أي مانع من العودة الى النظام النسبي. ومن ناحية أخرى فهو يعني ان السيد أحمد الصافي لم يعد اليها بل كان يتكلم ممثلا أما عن نفسه أو جهة أخرى!

وكيف يتجرأ السيد احمد الصافي ان يفعل ذلك باسم المرجعية؟ لا تفسير لذلك إلا ان تكون المرجعية محاصرة لا يتم اطلاعها على ما يجري في البلد، سوى ما تسمح به المجموعة المحيطة بها!

https://www.youtube.com/watch?v=ANwTDHF42v0

***

صائب خليل

فيض نهر

عند كل فجر ينصب فخاخه

تحت الأشجار الوارفة

كفزاعة الطير ينتظر

ينسى بأن المطر من عشقه للعصافير

يصير نهرا

لكي يزداد الأفق زرقة

يفيض النهر عشقا وسفرا

لكي يزداد الشجر الشامخ خضرة

تفيض المياه وديانا

يصير النهر شلالا

فتضيع نتف الخبز

وأسلاك الفخاخ

فسلاما لفيض الماء

وسلاما لتدفق المطر

وسلاما لأجنحة الطير

وهي تنشر فوق مياه النهر سلاما

**

نور وأنوار

لاشيء يخفي نور الشمس

إذا ماهي سطعت

لا القمر يبقى في عليائه  قمرا

ولا ضياء النجم يبقى  ضياء

فسلاما على نورها وأنوارها

في البر والبحر

إن هي أشرقت

***

عبدالرزاق اسطيطو

 

الشبهة الرابعة

تكاد تُجمع المصادر التاريخية المتواترة أن عمر النبي محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه هو خمس أو ست وعشرين سنة حين تزوج السيدة الجليلة سيدة نساء العالمين خديجة بنت خويلد عليها السلام إلا أن الاختلاف والخلاف في عمر السيدة خديجة حيث تراوحت المصادر والروايات التي قدرت عمرها الشريف بين ( 25-45) سنة وهل كانت بكرا أو ثيبا هنا آراء المؤرخين والرواة كالآتي.

- قال أبن عباس رضي الله عنه 28 سنة.

- قال أبن إسحاق أن عمرها 28 سنة.

- قال أبن كثير نقال عن البهيقي عن الحاكم أن عمرها تراوح بين 25-35 سنة.

- قال أبن الأثير 25 سنة.

- وذكر كثيرا من رجال الدين وكما تناقلته الكتب والسير القديمة أن عمرها حين بنا بها رسول الله صلوات الله عليه هو 40 سنة حيث أنها ولدت قبل عام الفيل بثلاث سنوات وأنها عاشت 15 عاما قبل البعثة المباركة وعشر سنين بعد البعثة النبوية.

وأختلف المؤرخون في عمرها حين توفيت بين 50-52-64-65سنة وتوفيت في السنة العاشرة من البعثة كما ذكر البلاذري وأبن شهر آشوب أن السيدة خديجة بنت خويلد عليها السلام كانت عذراء على العكس من كثير من كتاب السيرة والأحاديث والمرويات التي تصدت لهذا الأمر وهم كتاب متأخرين عن الحدث حيث أن

- محمد بن إسحاق المطلبي توفي سنة 151 هجرية.

- النيسابوري توفي سنة 405 هجرية.

-البهيقي توفي سنة 458 هجرية.

-أبن كثير توفي سنة 774 هجرية.

أن الرواة وكتاب السيرة لم يذكروا لنا دين السيدة خديجة بنت خويلد بوضوح وهل كانت من الموحدين والحُمس القريشيين أم كانت نصرانية على دين أبوها وعمها وأبن عمها ورقة بن نوفل ولو استعرضنا حياة السيدة الفاضلة خديجة وزواجها من النبي المصطفى تواجهنا كثيرا من التساؤلات والشبهات التي دسها الرواة والكتاب المحسوبين على السلطة و ذلك يستوجب الوقوف أمامها لاستبيان الحقائق المستخلصة منها ومن هذه الشبهات هو عمرها حين تزوجها النبي وهو ال 40 سنة وقد أنجبت له كما تذكر المصادر ولدان وثلاث بنات علما أن هذا السن الحرج لا يسمح للمرأة بالإنجاب عقلا وفسيولوجيا لجسد المرأة.

وهناك سؤال يدور في الأذهان كيف لفتاة بكر كبيرة في العمر كما يدعون تتزوج من شاب في مقتبل العمر (25) سنة كان راعيا للأغنام فقيرا أميا لا يقرأ ولا يكتب ومن قوم ضعاف من وسط بني هاشم مقابل مكانتها المرموقة اجتماعيا وماديا ودينيا حيث أن أباها خويلد سيدا في قومه وأبن عمها ورقة بن نوفل بمرتبة الأنبياء الفترة من الديانة الحنفية وفي مجتمع قبلي قاسي لا يقبل هذه الفكرة كما أن ليس هناك مبرر على أن يتزوج النبي محمد صلوات الله عليه من سيدة ثيبا تكبره في العمر بعد زوجين قبله كما يزعم المؤرخون ولا مصلحة سياسية ولا اجتماعية ولا مادية في زوجه عليها السلام تزداد عليه الوجاهة في المركز الاجتماعي والمالي خصوصا نحن نعلم أن السيدة الفاضلة ليست ببعيدة عن بني هاشم ولا عن ديانتهم التوحيدية الحنفية وصلتها المقربة من النبي حيث تلتقي به عند جده الأعلى قصي بن كلاب وهذا دليل على معرفتها به ومعرفته بها جيدا وهذا صعب التصديق لما نقل عن هذا الموضوع حيث أن النبي الكريم يعرف أنه حامل لواء مشروع الرسالة السماوية للناس جميعا كنبي مرسل من الله تعالى لقومه وللأمة العربية والزواج بهكذا طريقة سوف يسبب إحراجا وتهما من أعدائه على أنه إنسان وصولي ومادي وانتهازي واستغلالي لأموال زوجته مستغلا حبها وهو نقصا نفسيا ومثلبة وموضع انتقاد في المستقبل للنبي الأعظم وخصوصا بعد إعلان دعوته الإسلامية. فلماذا كل هذه الضوضاء والأحاديث عن زواجه الشريف والمتاهات التي رسمها كتاب السيرة النبوية حول عمر السيدة خديجة وأشبعوها بالصور والآراء التي ضاع في ممراتها المسلم والغير مسلم الباحث عن الحقيقة فهناك الكثير من علامات الاستفهام لهذه المقاصد والغرض منها واضحا وهو ضياع سيرة النبي محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه والإساءة له في كل شيء وما زال العالم الإسلامي يدور في فلك الرواة والإخباريين القدامى المصرين على دفن الحقائق.

***

ضياء محسن الاسدي

في المثقف اليوم