أقلام حرة
الخصومة بين الدين والدنيا!!
الدين والدنيا في خصام أزلي وسيتواصل، وتلك حالة الوجود الأرضي ولا مناص منها، ولهذا أصاب الأديان ما أصابها، وما إستطاعت أن تتواءم وتتوافق وتتلاءم، فالخصام ديدنها، ولكل وجهته ومنهجه ومنطلقه، وإرادته الإدراكية الفاعلة في مسيرته.
الدين والدنيا في خصام بسبب النفس الأمارة بالسوء الحامية في البشر، وبنوازع فطرية ذات رغبات فورية التحقيق يتعارض معها أي دين، ولهذا فالمعارك شرسة ما بين المخلوق والدين، الذي يُراد له أن يتخلق بتعاليمه ومنطلقاته السلوكية، التي تهذب الحياة وترتقي بها إلى آفاق الإنسانية العلياء.
وهي حالة تعبيرية عن الصراع القائم ما بين المثالية والواقعية، ما بين الطبع والتطبع، فالدين يدعو إلى التطبع بالتعاليم المنشودة، والطبع قائم في المخلوق ومتأجج، ويعبّر عن إنعكاسيته التفاعلية المتنوعة الآنية الإستجابات.
والمعضلة العسيرة ضعف قدرات التوافق ما بين الطبع والتطبع، ويميل الطبع للمخاصمة والهروب من التطبّع، لأنه يستدعي مجاهدة وعناء، والطبع جاهز متأهب الحضور والتعبير، ولهذا يسعى معظم البشر للطبع، الذي تحول إلى سلوك جماعي وتقليد فاعل في الأيام، ولكي يتطبع فأنه يمضي وقتا منقطعا عن طبعه، لكنه يعود إليه حالما ينتهي من إنقطاعه.
وذلك واضح في الأديان، إذ ترى التناقض الصريح ما بين ما يتحقق في مجتمعاتهم، وما يتأكد من ممارساتهم الطقوسية بأنواعها.
وهذه مشكلة قائمة بين الأجيال ولن تنتهي، مهما حاولنا وتوهمنا وفسرنا وحللنا وتفلسفنا، وإخترعنا من مصطلحات ونظريات، فالعلاقة ما بين الطبع والتطبع تبقى في تناقضها وتنافرها، وما ينجم عن ذلك من تداعيات وويلات تدفع بعجلات الحياة، وتديم البقاء وفقا لإرادة الأرض القابضة على وجود الأحياء.
والحل أن تكون العلاقة بين الدين والبشر ذاتية تفاعلية بآليات إنسانية مع الغير، وليعمل بموجب ما تمكن من فهم وإدراك، وبذلك يشع محتواه في مجتمعه، وبتفاعل الإشراقات الإيجابية يتأكد دور الدين في الحياة بمعانيه الجوهرية الرحيمة السمحاء!!
و"إنما الأعمال بالنيّات ولكل إمرءٍ ما نوى"!!
***
د. صادق السامرائي
9\22\2020