أقلام حرة

أقلام حرة

ربما للوهلة الأولى يجد القارئ أن الأزمة بين الحكومة الاتحادية وبين حكومة إقليم كردستان لاحل لها، وأن الملفات بين الطرفين غلقت والمباحثات والنقاشات انتهت، وهذا ما تعكسه بعض الفضائيات والأقلام التي تحاول تخريب وتأزيم وتعكير أي علاقة بينهما، أو التشويش على انجاز الحكومة في هذا الملف الحساس والمهم.

بعد أكثر من خمسة أشهر على تشكيل حكومة السيد السوداني ربما يراهن البعض على إن الجمود السياسي قد يواجه الأخير، خصوصاً بعد الأزمة الأخيرة بين حكومته وبين إقليم كردستان، ما يهدد تقويض جهوده للاستقرار ولملة ميزانية الدولة التي بات المواطن العراقي بأمس الحاجة لها، حيث تعهد السيد السوداني بإصلاح الاقتصاد ومحاربة الفساد وتحسين الخدمات العامة المتدهورة ومكافحة الفقر والبطالة.

الحزبان الكرديان (الوطني- الديمقراطي) ومعهما من الأحزاب الإسلامية الأخرى شكلوا جزءًا مهماً من أئتلاف إدارة الدولة والذي أستطاع بسرعة وحكمة من تشكيل حكومة السيد السوداني، ويمتلكون الجدية في حلحة الملفات العالقة بين كردستان وبغداد، وبما يخدم المصالح المشتركة للشعب العراقي بكل مكوناته، ما جعل ملف الخلافات يفتح من جديد، ولكن هذه المرة على أساس الشفافية والثقة والجدية في حل الأزمة والانتهاء منها، بعيداً عن لغة التخوين بين الطرفين، وبدون قيود من اجل إنهاء هذه الخلافات معتمدين في حلها على بنود الدستور والقوانين التي كفلها الدستور.

العلاقة الجادة والهادئة بين حكومة السوداني وإقليم كردستان من شانها أن تكون اللبنة الأولى في توثيق عرى الثقة بين الطرفين، والركون إلى الحوار الجاد، ومناقشة الملفات بروج الأخوة بعيداً عن التخوين أو الاتهامات المتبادلة، خصوصاً وأننا نتابع إن هناك وفوداً كبيرة ورسمية مهمة تأتي من الإقليم إلى بغداد وعقدت الكثير من الجلسات الحوارية والمناقشات المستفيضة من أجل الوصول إلى الحل النهائي لكل المشاكل العالقة بين الطرفين.

نجاح حكومة السيد السوداني مرهون بتماسك حكومته، والثقة المتبادلة بين القوى السياسية في أئتلاف إدارة الدولة، والذي هو الآخر جاد تماماً في إنجاح حكومة الأخير، وبما يحقق الاستقرار السياسي والاقتصادي، وتحقيق التعهدات التي تعهد بها السوداني أمام الإطار التنسيقى والقوى السياسية الأخرى المنضوية في أئتلاف إدارة الدولة.

أي خلاف أو نزاع بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان من شانه أن يوتر الأجواء السياسية، ويعكر العلاقة بينهما، وهذا ما تريده بعض الأطراف التي تراهن على فض التحالف الذي شكل حكومة السيد السوداني، لذلك أعتقد وكما يرى الكثير من المراقبين على جميع الأطراف في أئتلاف إدارة الدولة الانتهاء من هذه الخلافات والذهاب إلى تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد .

***

محمد حسن الساعدي

بعد اعوام من القطيعة، ويقين كلا الطرفين بانهما لا بد من ايجاد سبل لإدارة الخلاف بينهما، والمحاولات الحثيثة من العراق وسلطنة مسقط لتهدئة الامور والسير في ركب التنازلات المتابدلة،تمكنت الصين من جمع الخصمين على الطاولة واعلان عودة العلاقات بينهما التي وبدون شك ستساهم في حل العديد من مشاكل المنطقة ومنها الحرب في اليمن، واستمرار الازمة السياسية في لبنان، لان لكل منهما انصاره، لعبة المصالح لن تتوقف، لكنها ستعترف بحق الاخرين في اللعب على الساحة التي اصبحت محل صراع الدول الاقليمية ومن خلفها الدول العظمى.

الدولتان تمثلان جناحي الامة الاسلامية حيث تمثل السعودية الجانب السني وايران الجانب الشيعي، فالسعودية تملك أدوات تأثير ديني واقتصادي كبير، لكونها تضم مكة والمدينة اهم معلمين اسلاميين، وأحد أكبر وأهم منتجي النفط في العالم، وتتمتع بثقل ديموغرافي كبير نسبياً، اما إيران فإنها دولة تمتلك قدرات وموارد بشرية ومادية وعلمية وتكنولوجية كبيرة نسبياً، بالمقارنة بباقي دول الخليج، يمكن القول إن من مصلحة إيران القيام بكل ما هو ضروري للحيلولة دون حدوث تقارب سعودي مع الكيان الصهيوني، ولضمان عدم مشاركة السعودية في أي مخطط يستهدف ضربها. ومن مصلحة السعودية خشيتها من تعرض منشآتها النفطية الضخمة للتدمير في حال إقدام الصهاينة أو الولايات المتحدة أو كليهما على شن عمليات عسكرية ضد إيران بسبب برنامجها النووي والصاروخي بعيدة المدى والطائرات بدون طيار. ولأنها لا تستطيع في هذه الحالة الاطمئنان كلياً إلى ضمانات الحماية الأميركية، بدليل تمكن جماعة الحوثيين من توجيه ضربات موجعة للمنشآت النفطية السعودية، فمن شأن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع طهران على مستوى السفراء، المساعدة على تجنب وقوع أية اخطاء في الحسابات قد ينجم عن سوء التقدير أو سوء الفهم.

بالتأكيد هناك من لا يسعده التقارب بين الدولتين، ومنها الدولة العبرية ودول التطبيع معها، فهؤلاء يشككون في استمرار العلاقة بين الدولتين ويحاولون باي وسيلة لعرقلة التفاهم، لانهم يعيشون على المتناقضات وسيختفون فجأة ويعودون الى سابق مواقعهم الهامشية.

التقارب بين ضفتي الخليج سينعكس ايجابيا على امن المنطقة واستقرارها، خاصة وان العالم اصبح يتشكل من جديد والسعي الى عالم متعدد الاقطاب،لن يكون هناك مستقبلا من يفرض سيطرته على الغير وجر المنطقة الى حيث يشاء، اذا ما شعرت دول المنطقة بشيء من الاطمئنان، فانه ولا شك لن تكون هناك حاجة لانفاق القسم الاعظم من ميزانياتها في شراء الاسلحة المختلفة لتصاب بالصدأ والتخريد، بل لانفاق تلك المخصصات المهدورة على التنمية التي تعود بالنفع على شعوب المنطقة، كما انه لن تكون هناك حاجة الى الاحتماء بالأجنبي، والعمل على فك الارتباط العسكري معه، والطلب اليه اخلاء القواعد العسكرية من الاجانب ليعودوا ادراجهم الى بلدانهم.

ندرك جيدا ان هناك الكثير من العراقيل التي ستوضع في طريق التكامل بين شعوب المنطقة التي يجمعها دين واحد وان اختلفت المذاهب، ربما تكون هناك بعض الاختلافات في الرؤى لكنها لن تكون عائقا لإعادة اللحمة بين الشعوب، نتمنى ان يفوت الطرفان الفرصة على اعداء الامة ويسعيان الى لم الشمل والاستفادة من الموارد المتاحة لصالح شعوب المنطقة.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

العلاقة بين العقل والدين غامضة ومشوشة، فالإنتماء للدين ليس عقليا، وإنما قلبيا، أي أن الإيمان يسبق العقل، وجميع الأديان تنطلق من أن ما يؤمن به البشر، أيا كان نوعه – لا ريب فيه.

وحالما يتم إقحام العقل في الدين، فالشك سيكون المنهج المطلوب العمل به، ومسألة العقل والنقل قديمة قدم الأديان، وموجودة في المجتمعات الأخرى.

العقل لا بد له أن ينفصل عن الدين ليراه، وحالما يتم ذلك تقع الواقعة، لأن رؤية الشيئ من داخله تختلف عن رؤيته من خارجه، فالبشر يسبح في مياه الدين ولا يستطيع رؤية غيرها ويمضي عمره غريقا بالدين، أما إذا فعّل عقله وتبصر في الأمر وعاينه من الخارج، فالعديد من التداعيات ستتوافد إليه، ويصبح في محنة إدراكية وتيهان معرفي، قد يجبره على الإعتقاد بأن ما يبصره عين المطلق، وغيره لا يرى الدين كما يراه، وفي جهل وغواية وإندحار بما لا يمت بصلة للدين.

ومعظم الأديان أصابها ما أصابها من النوازل والصراعات القاسية بسبب إقحام العقل في منطلقاتها وما تسعى إليه، والمشكلة أن الإقحام سينجم عنه تصورات ورؤى مناوئة لما هو متداول، فيحسب الذي أدرك بعقله أن الذين يمارسون الدين وفقا لإنتماءاتهم القلبية، في غفلة وجهل شديد.

ويتناسى أدعياء العقل الفاعل في النصوص الدينية، أنهم كغيرهم لا يعرفون إلا ما تتمكن منه عقولهم المأسورة بالمعارف المتوفرة أمامها، وتتناسى أن فوق كل ذي علم عليم.

وفي الإسلام تجربة المعتزلة خير دليل على التفاعل العقلاني مع النص الديني، وكيف صاروا يحاولون إجبار الناس على إتخاذ منهجهم على ما يرونه هو الدين القويم.

وبعدهم إبن رشد (520 - 595) هجرية في الأندلس، أقحم العقل في النص الديني وما أفلح في بناء المنهج المعرفي اللازم للدين المعقلن، مع أنه فقيه ومتبحر بالفلسفة وعلم الكلام.

وتجدنا في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، أمام جمهرة من الذين يدعون لإعمال العقل بالنص الديني، ويتوهمون بأن ذلك سيقدم الدين على طبق من ذهب للأجيال، والدين يسير وواضح وهمهم أن يعسروه، وكأنهم مسوقون للمتاجرين بالدين.

والجميع يعرف أن العقل البشري سبب الخراب الديني، وبتفعيله أبيدت الملايين من أبناء الأديان، وحصلت الصراعات المقدسة، التي أستبيحت بها دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والسيوخ، ومجازر الأديان يزدحم بها التأريخ، في شرق الأرض ومغاربها، وما خلت بقعة أرضية منها.

وأشار إليها إبن الجوزي (510 - 592) هجرية في كتابه (تلبيس إبليس)، وما تعلمنا، ولا يزال ناعور إعمال العقل في النص الديني يذبحنا من الوريد إلى الوريد.

***

د. صادق السامرائي

 

ليس من السهل الإجابة على سؤال كهذا، لأن موت أي دين ربما يعني أنه مُختَرع بشري، والموت لا يعني إنتفاء العقيدة والدين كطقس، وإنما غياب العمل بالدين وتحقيق الحياة الحرة الكريمة، والأمان والألفة المجتمعية وفقا لمبادئ وقيم الدين.

إذا كان الدين مفردات متخيلة لا تمت للواقع بصلة واضحة فهو مصنوع بشري، أما إذا كان يترجم بصدق وقوة ديناميكية الوجود بعناصره المتنوعة، فأنه فوق قدرات الموجود المحكوم بقوانين ذات سلطات علوية لا يدركها، وتتوطن أبراج الغيوب.

ويبدو أن الغيب هو الطاقة التي أوجدت الأديان، والعلة الكبرى، فهو أصلها ومنبعها، فجميعها تريدك أن تؤمن أولا، وترى أن ما تراه لا ريب فيه، وبعد أن يترسخ الإيمان فيك، عليك بتسخير العقل لتبرير ما أنت عليه.

فالإعتقاد بدين ضابط سلوكي للبشر المنتمي للدين، ولكل دين آلياته السلوكية وطقوسه اللازمة للتعبير عن الإيمان، وتأمين التواصل التكراري مع مرتكزاته ومنطلقاته التفاعلية.

فهل أن الأديان حية فينا كجوهر سلوكي، أم أنها إتخذت مسارات أخرى مغايرة لحقيقتها وطبيعة منطواها؟

لا يمكننا أن نحكم ونتسرع بالإجابة، فكل دين يحسب هو الدين وغيره لا دين، ولا فرق بين السماوي والدنيوي، وحتى بين الأحزاب والمذاهب والفئات والجماعات.

فكل يدّعي أن المطلق في قبضة يديه!!

فأين الدين؟

الأديان تسفك الدماء وتكفّر وتزندق، وأذاقت البشرية الويلات، وأبادت الملايين تلو الملايين، ولو تكلمت السيوف لأفصحت عن عدد الأعناق التي بترت عبر التأريخ.

أما اليوم وقد توفرت أسلحة فتاكة، فالأديان ربما إتخذت مسارا آخرا، وتعبيرا مخادعا لتأمين الإبادة البشرية الفظيعة الخاطفة، الجالبة للأهوال بإسم الدين.

في بعض المجتمعات ذات الدين الواحد، صار الناس يبيدون بعضهم، ويحسبون قتل إبن الدين من طقوس ومراسيم التقرب إلى ربهم الذي يعبدون، وكم تعددت الأرباب بتعدد الأهواء!!

يبدو أن أهل أي دين تقاتل الدين الذي تدّعيه، وهذا يثير أسئلة لا تعرف الأجوبة، وتفسرها قوانين الغاب وحسب، فهل أن الدين دستور غاب؟!!

وإن الجواب خلف حجاب!!

***

د. صادق السامرائي

 

اقامت منظمة حكماء العراق بالتعاون مع جامعة صلاح الدين في اربيل وجامعة جدارا الأردنية للفترة بين (7-10 آذار/مارس 2023) مؤتمرا علميا يستهدف دور الجامعات العربية في اشاعة ثقافة مجتمعية نابذة للعنف والارهاب، شارك فيه أكاديميون من جامعات عربية وعراقية وباحثون عراقيون من دول اوربية.

وفي ختام الجلسة الأخيرة الذي شرفنا المؤتمر برئاستها، خاطبنا الحضور، مستهدفين الأخوة العرب لقصد.. بالقول:

اعرف انكم تعرفون ان العراق بلد الحضارات، ولكن أشير فقط الى:

- ان اول عهد للانسان بتعلم الزراعة.. كان في العراق قبل تسعة آلاف سنة قبل الميلاد،

- وان العراق هو اول من بدأ الكتابة في العالم في الألف الرابع قبل الميلاد.

- وأن قانون حمورابي، يعد أول الشرائع المتكاملة في العالم.

- وأن أول آلة موسيقية، واول نص غنائي.. ابتكرا في العراق.

- بل أن اول كأس بيرة.. انتج في العراق.. وكانت (سيدوري) تغني وتسقي الزبائن.. وسقت جدنانا كلكامش اول كأس بيرة في حياته.

والآن ايها الأخوة الأكاديميون والباحثون العرب، اصبح العراق.. ابو الحضارات.. في اشد حالات التخلف، لأن الذين استلموا السلطة هم افشل وافسد من حكم العراق في تاريخه السياسي، وان صناع القرار السياسي.. بينهم دجالون.. يجيدون تضليل الناس.. وبينهم من هو مصاب بـ(حول عقلي).. يعتبر طائفته هي الحق وغيرها باطل، وينسون ان الشعب العراقي فيه اثنا عشر تنوعا.

وهم يدعون انهم احفاد النبي ويتجاهلون قوله (لو أن فاطمة سرقت لقطعت يدها) فيما هم استفردوا بالسلطة والثروة وسرقوا المليارات وسكنوا القصور وافقروا 13 مليون عراقي باعتراف وزارة التخطيط.. واوصلوا حتى بغداد التي كانت عاصمة الدنيا الى أسوأ عاصمة في العالم.

وناشدنا الأشقاء العرب ان يساعدوا العراقيين على التغيير السلمي والحفاظ على نظامهم الديمقراطي.. وكشفنا لهم عن خطر كبير خفي يتهدد العراقيين هو ان من بيدهم الامور الان في صنع القرار يخططون بخباثة الى جعل العراق دولة اسلامية.. دليل ذلك انهم اصدروا في 20 شباط /اغسطس 2023 قانونا يحرّم الخمور، برغم وجود حقائق تطعن فيه.

الاولى: ان النظام في العراقي ديمقراطي وليس اسلامي، وان قانون تحريم الخمور يتناقض ومضامين المادة الدستورية الثانية التي تمنع اية تشريعات تتناقض مع الحقوق والحريات الفردية.

الثانية: ان الدستور العراقي كفل حرية الأديان المسيحية والأيزيدية والصابئة والمندائية، وبينها من لا تحرم الخمر، وان قانون تحريم الخمور يعني حرمان اتباع هذه الأديان من حق كفله لهم الدستور.

الثالثة: ان الحكومات المتعاقبة في العراق منذ تأسيسه عام (1921) لم تصدر قانونا يحظر بيع الخمور طوال مئة عام، وان الحكومة العراقية الحالية فيها مشاركون لا يؤيدون هذا القانون.. ما يعني ان الأحزاب الشيعية في البرلمان هي وراء اصداره.

الرابعة: وهي الأهم.. ان المرجعية الدينية دعت الى قيام دولة مؤسسات مدنية وليس دولة دينية.

وهم يخططون الآن لأصدار قانون آخر ضد حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي التي كفلها الدستور في المادة 38، ليس فقط لحماية انفسهم بل.. لتحويل العراق الى دولة اسلامية.

وقد فوجيء كثيرون بحقائق اخرى كشفناها لهم، وحملناهم رسالة ايصالها الى شعوبهم تكشف حقيقة ما يعانية اشقاؤهم العراقيون الذين يعيشون في حال بائس، مع ان وطنهم هو الأغنى بالمنطقة وأحد اغنى عشرة بلدان في العالم، ويمتلك كل المقومات لأن يعيش أهله بكرامة.

***

أ.د. قاسم حسين صالح

مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

10 /3 / 2023

تخطط الحكومة الإسرائيلية بالتنسيق مع أمريكيا وحلفائها الإقليميين على المكشوف لحرب أهلية في الضفة الغربية فيما ترد عرين الأسود في العمق الإسرائيلي (فلسطين المحتلة عام 48)، من خلال العمليات الفردية التي تنفذ دون غطاء فصائلي، من قبل أفراد مستقلين يؤمنون بخيار الكفاح المسلح لتحرير فلسطين كاملة، أو يردون بعملياتهم الجريئة على جرائم الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المستوطنين الذين ينكلون بالفلسطينيين جهاراً نهارا، وفق ما يصدر عن بعضهم من وصايا ملهمة تنشر عبر الفضاء الرقمي بعد استشهادهم.. وفي نصب أعينهم أن عرين الأسود هي مثلهم الأعلى.

وفي سياق متصل، قالت شرطة الاحتلال الإسرائيلي بأن الفدائي الفلسطيني معتز الخواجا، نفذ مساء يوم أمس الخميس عملية إطلاق نار فدائية في شارع ديزنغوف في مدينة تل أبيب (تل الربيع المحتل) نجم عنها خمس إصابات في صفوف الإسرائيليين واحدة منها خطيرة.. فيما قتل- ارتقى شهيداً- منفذ العملية.

وصرحت وسائل إعلام إسرائيلية بأن منفذ العملية هو معتز الخواجا “23 عام” من قرية نعلين غرب رام الله، وأنه "ينتمي لحركة حماس"! وسجن سابقاً مرتين بتهمة الإنتماء لها.

ولكن كما يبدو فقد نفذ الخواجا العملية فردياً دون التنسيق مع قيادته لأن حماس لم تصدر بياناً تتبنى فيه العملية.. أي أنها مدرجة في قائمة عمليات عرين الأسود التي وضعت هذا النهج الكفاحي الجديد.. وذلك ليس تنقيصاً من دور حماس المقاوم والرادع باقتدار؛ بل حفاظاً على هذا الشكل الفاعل من المقاومة الفردية المُجْمَعْ عليها جماهيرياً في ظل سلطة تُتْهَمَ ْبأنها انهزامية.

وفي تطور نوعي، فإن وسائل إعلام إسرائيلية قالت: بأنه تم التبليغ عن الاشتباه في وجود عدد من المسلحين في منطقة مستوطنة "بيتار عليت" بعد العثور على عبوة ناسفة أخرى تحت حافلة، ويبدو أنه تم زرع عدد من العبوات في المنطقة؛ وفق قولها.

وهذا يعني بأن تطوراً تقنياً قد طرأ على هذا النوع من العمليات الفردية من خلال زرع العبوات الناسفة للإيقاع بأكبر عدد من الضحايا في صفوف القتلة من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين رداً على مجازر جيش الاحتلال الإسرائيلي والشاباك في نابلس وجنين والقدس والخليل.

من جهتها علقت "عرين الأسود" التي أصبحت القدوة في هذا النهج الكفاحي من باب الاستعداد لأي رد إسرائيلي متوقع على العملية، قائلة:

"تحية للشهيد معتز الخواجا وشهداء جبع- فهذه- رسالتنا للشباب الثائر.. فأنتم في عيوننا وقلوبنا وكلنا ثقة بكم ، في حال دخول قوات الاحتلال كونوا معنا في الميدان بأصواتكم بتكبيراتكم بحجارتكم بزجاجاتكم الحارقة بإطاراتكم الملتهبة".

ولا ينكر أحد بأن هذا النوع من العمليات بات يحرج الموقف الأمني الإسرائيلي الذي عجزت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عن معالجته جذرياً في ظل ما يعانيه كيان الاحتلال الإسرائيلي من تشرذم سياسي وجماهيري مقلق بين اليسار واليمين المتطرف الذي يضم المتدينين المسيطرين تمثيلياً على حكومة نتنياهو، وكان آخرها خروج التظاهرات الجماهيرية الضخمة ضد محاولات الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة من إضعاف القضاء، وذلك من خلال مشروع يتعلق بالرقابة القانونية؛ بتغيير لجنة تعيين القضاة، ومنع المحكمة العليا من إلغاء قوانين أساسية، أو إجراء تعديلات فيها، تمهيداً للتصويت على ذلك في الكنيست، ما استرعى من نتنياهو - كما يبدو- الاستنجاد بالأمريكيين كي يضغطوا على السلطة بشتى السبل من خلال مشاركة جميع الأطراف في مؤتمر العقبة الأخير؛ لمعالجة موضوع استفحال المقاومة في الضفة الغربية متمثلة بعرين الأسود، وضربها في الصميم بغية اجتثاثها، رغم استنكار السلطة لدورها في ذلك.

لا بل ذهب بعضُ المراقبين عبر الفضاء الرقمي إلى أن أمريكيا تضغط باتجاه إشعال حرب أهلية في الضفة الغربية بين الفلسطينيين أنفسهم، يدور رحاها بين مؤيدي المقاومة باشكالها، وجماهير سلطة أوسلو المنتفعين من وجودها أو المراهنين على النهج السياسي والمؤمنين بالأمر الواقع.

وهذا لو صحت بياناته، سيؤدي إلى تدخل قوات أمن سلطة أوسلوا لفضها بالقوة وفق السيناريو المرسوم بعناية، وحتى تتمكن من ذلك مستقبلاً فقد وضع الأمريكيون ضمن أجندتهم خطة تعزيز قوات أمن السلطة بالعناصر الجديدة ودعمها بالسلاح المناسب، ومن ثم الإجهاز على ما يرون بأنه آفة اسمها المقاومة، ما سيؤدي إلى القطيعة بين الشعب الفلسطيني الذي يحتضن المقاومة، وعرين الأسود إذا ما تم استفزازها وجرها إلى الفخ المنصوب لها، حيث تعتبر جزءاً من المقاومة الفلسطينية الموحدة ميدانياً، والتي تتبنى خيار المقاومة المسلحة بديلاً عن خيار الحل السياسي الذي فشل تماماً واستنزف حقوق الفلسطينيين.

ويستند اصحاب هذا الرأي إلى تصريحات محافظ نابلس إبراهيم رمضان (وهو من فتح) بسبب ما أدلاه من تصريحات مستفزة وغير مسؤولة لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، معبراً عن انزعاجه من مواصلة مجموعات “عرين الأسود” مقاومتها للمحتل، ودفاعها عن الضفة الغربية المحتلة ومخيماتها المنتهكة من آلة البطش الإسرائيلية، وكأنه يتحدث بلسان حال اليمين الإسرائيلي، الأمر الذي أشعل معه حالة من الغضب والسخط داخل الأوساط الفلسطينية وعبر الفضاء الرقمي، في الوقت الذي يرتكب فيه جيش الاحتلال المجازر بحق الفلسطينيين فيما تُتَّهَمُ السلطةُ بملاحقةِ شبابِ المقاومةِ واعتقال من تطوله الأيادي؛ لمجرّد أنّهم يقاومون الاحتلال.

وحينما اتَّهَمَ الفلسطينيون المحافظ بالخيانة والعمالة إلى جانب تعرضه لتهديدات من قبل المقاومة، أصدرت حركةُ فتح في بيت لحم بياناً هددت فيه كل من تسوله نفسه الاعتداء عليه.

هذا يعني بأنه لو تعرض المحافظ المستفز للاغتيال فستكون الشرارة المنتظرة لحرب أهلية مخطط لها بإحكام، فتعيدنا إلى مرحلة الاقتتال الفلسطيني البيني ببيروت في سبعينيات القرن الماضي.

لقد خابت مساعيهم، فعرين الأسود ما لبثت يقظة، فلا توجه عملياتها الفردية إلا ضد الاحتلال الإسرائيلي الغاشم المصاب برهاب المقاومة، وفي العمق الإسرائيلي، كعملية تل أبيب يوم أمس. وفي المواجهات معهم أثناء الاقتحامات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية كما يحدث تباعاً في جنين الصامدة على الضيم ونابلس جبل النار.. وقد برهن الشهيد معتز الخواجا على ذلك.. ففي خرب الإرادات ينتصر صاحب الحق المبين بلا منازع.

***

بقلم بكر السباتين

10 مارس 2023

 

لفت نظري وانا في الطريق من مطار أربيل الى الفندق عددا كبيرا من البنغاليين، كانوا في المطار وفي الأسواق والمحلات والفنادق، رايتهم كذلك ليلا في الحديقة المقابلة لقلعة أربيل يبيعون الشاي والقهوة والعاب الأطفال ولمست من اهل المدينة تعاطفا كبيرا تجاه هذه الشريحة ويصفونهم بالصدق والأمانة، ويبدو ان الحكومة المحلية هناك لا تريد ان تتعرض لهم بسوء لأنهم يسدون حاجة المدينة الى اليد العاملة الرخيصة علما باني كل من سألته من البنغاليين عن الإقامة قال بانه لا يحمل أي إقامة مشروعة.

كان سكني في فندق مقابل قلعة أربيل يعني وسط المدينة تماما حيث المطاعم والمقاهي ومحلات بيع الحلويات والكرزات والملابس، رأيت البنغالي حارسا لمسجد وعامل نظافة وبائع فواكه وتمور وحتى اللبلبي والباقلاء وكلهم يتكلمون العربية بلهجة عراقية.

يبدؤون عملهم في الصباح الباكر ويستمر طوال النهار لينتهي بعد منتصف الليل عندما تغادر العوائل مقاعد حديقة النافورة مقابل القلعة ويهرع كل واحد منهم الى فراشه علما بانهم يسكنون على شكل مجموعات في البيت الواحد وقد ينام في الغرفة الواحدة اكثر من سبعة اشخاص.

وفي الفراش ومع ظلمة الليل تبدأ الهواجس والمواجع وتهيج الاحزان وتزداد الاشواق الى الاهل والزوجة والأطفال، كلهم عندهم موبايلات وفي كل لحظة ينظرون الى الشاشة لعل رسالة او خبرا يأتي عبر الواتساب او الفيسبوك وقد يلجأ البعض الى الأفلام الإباحية لإشباع رغباته الفطرية وهروبا من الكبت الجنسي المفروض عليهم، كلهم بلا نساء وما عساهم وهم بشر يفعلون امام جمال النساء المتواجدات في الأسواق والحدائق واجسادهن المغرية وما اكثرهن في مدينة سياحية مثل أربيل.

رجال بعواطف مكبوتة لا يحق لهم احتضان امرأة وتقبيلها فضلا عن الاقتران بها كلهم بلا نساء فاين تذهب شهواتهم ورغباتهم.

كلهم بلا اقامات وبلا كفيل وفيهم من كل الاعمار اشكالهم متعبة ومنهكة عليها اثار الذل والارهاق ولكنهم رغم ذلك يضحكون وقد يتبادلون النكات والطرائف وهناك ألف سؤال وسؤال في عيونهم ويبتسمون دائما لأنهم ضعفاء وغرباء، لا يستطيعون السفر لأنهم لن يتمكنوا من العودة ثانية، وتتخلل السنوات الطويلة التي يقضونها هنا موت الإباء والامهات وزواج الاخوان، أولادهم يكبرون، الشهور تتعاقب والسنوات تمر والعمر ينقضي وهم يذوبون في المنافي كالشمع، هؤلاء  كانوا يوما أطفال يتطلعون الى العيش الرغيد والمستقبل الضاحك وكانوا قرة عين لوالديهم، فرحوا بهم وقضوا طفولة بهيجة رغم الصعوبات بصحبة اهاليهم وعندما كبروا وجدوا انفسهم في وضع مزري مليء بالبطالة والمرض والجهل والمشاكل والفقر ولم يبق امامهم سوى الهجرة  وكانت المحطة القادمة أربيل وكانت أربيل رحيمة بهم وقد وصلوا من قراهم ومدنهم عبر رحلة سفر شاقة ومتعبة، قطارات مطارات مدن نقاط تفتيش بهذلة اهانات خوف من حرس الحدود وشرطة الداخل ومن بلد الى بلد الى ان وصلوا واستقروا في اربيل، وكل بنغالي في النهاية عبارة عن حقيبة سفر فيها بعض الصور والعطور الرخيصة  والملابس وجواز سفر منتهي الصلاحية ، يقيمون ولكن بصورة غير قانونية في بلد غريب.

عدت الى غرفتي في الساعة الثانية عشرة ليلا وصورهم تتقافز في ذهني وظللت افكر بهؤلاء وبحياتهم الصعبة ثم شعرت بالنعاس ولعلي نمت ولكن فجأة رأيت ان باب الغرفة مفتوح على مصراعيه ليدخل منه عشرات المهاجرين من البنغاليين وتزاحموا حول سريري فجلس البعض على الأطراف والبعض ظل واقفا، امتلأت الغرفة بهم هذا يضحك وذاك ساهم وغارق في الخيال واحدهم كان يبكي، مسحت دموعه وكانت ساخنة جدا انهم يشتاقون الى اعزاءهم ومرابع صباهم وطفولتهم، كنت اتفرس في وجوههم وأقول كم من البنغاليين يتواجدون الان في لندن ونيويورك ودول الخليج ينعمون بالعيش الرغيد والاستقرار.

عندما استيقظت في الصباح علمت بأنهم زاروني في حلمي من كثرة تفكيري بهم فكانت ليلة بنغالية بامتياز ولكن في أربيل وتساءلت قائلا: اذن متى يستقر هؤلاء وأين وكيف وهم بلا اقامات ينتظرهم يوم اسود يصاحبه اعتقال وسجن وتسفير قسري، وقد بدأت حملات التفتيش فعلا في بغداد ضد المقيمين بصورة غير قانونية واعتقالهم وسجنهم ثم تسفيرهم قسرا والعودة الى المربع الأول من المعاناة.

ملاحظة: ان المثال البنغالي ينطبق على جميع اللاجئين والباحثين عن العمل من مختلف الجنسيات في مختلف دول العالم.

***

د. حسين أبو سعود

 

تعد مشكلة المياه من المصاعب الرئيسية للعراق، تماشيا مع كونها تحتل مكاناً بارزاً في صدارة المعضلات التي تواجهها الدول، فغالبا تكون السياسات التي تتبعها (دول المنبع) تؤدي إلى خلق الأزمات بين الدول المشتركة..  تركيا من الدول التي تنتهج سياسة القطع والتحكم، من خلال عدم السماح لمرور كميات كافية من المياه إلى سوريا والعراق، وعلى الرغم من أستحقاق العراق لكامل حصته المائية في نهري دجلة والفرات، بوصفهما نهريين دوليين يخضعان للقوانين الدولية، التي تحكم العلاقة بين الدول المتشاطئة والمطلة على الأنهار في ضمان حصتها من المياه.

من الأوضح أن تركيا تتصرّف، وكأن العراق ما زال في فترة الحرب في تسعينيات القرن الماضي، وكما لو أن "اتفاقية التعاون وأمن الحدود" لعام 1983، التي فتحت الطريق أمامها للقيام بالعمليات، ضد حزب العمال الكردستاني في الداخل العراقي ما زالت فاعلة.

شكّلت هذه الاتفاقية أرضية مشروعةً للعمليات ضد حزب العمال الكردستاني حينا، وكان قد تمّ توقيع بروتوكول أمني عام 1984 فتح الطريق أمام القوات التركية، لدخول الحدود العراقية إلى عمق خمسة كيلومترات.. فراهنت الحكومات التركية المتعاقبة على الخلافات الداخلية العراقية، ولا تزال سياستها تدور حول النفوذ الإقليمي وحول مسألة الموصل كركوك، وما يتصل بها من قضايا الحدود والنفط، وحول مسألة المياه.

تركيا التي تتحكم بالحصة المائية للعراق، لا يمكنها أن تتجه بهذا الاتجاه ما لم تكن مدفوعة من مصالحها الخفية، والتي ترتبط إلى حد كبير باستهداف العراق ومياهه،وأدت الى حرمانه من التمتع بكامل حقوقه من مياه النهرين، كما ان سياستها المائية لا تؤثر فقط في نصيب العراق من المياه من الناحية الكمية والنوعية فحسب، بل يمتد تأثيرها في تحديد السياسة المائية وتوجيهها لبقية الدولة الأخرى .

السياسة المائية التركية تجاه العراق زادت حدة، وبات لها تأثيرات سلبية كبيرة على الوضع المائي، وعمقت أزمة المياه فيه، بعد قيام الجانب التركي بإنشاء العديد من المشاريع الاروائية والسدود على نهري دجلة والفرات، لتحقيق مصالحها وخلق مشاريع تنموية في منطقة جنوب شرق الأناضول، واستخدام المياه كوسيلة ضغط سياسية مع العراق، مخترقة بذلك القواعد والقوانين الدولية المنظمة لحقوق الدول وحصصها المائية، إلى جانب مخالفتها لمبدأ عدم الإضرار بغيرها، من خلال استمرارها في أنشاء السدود والخزانات على نهري دجلة والفرات، دون مراعاة لحقوق العراق المائية.

الاعتداء التركي على الحصة المائية للعراق، يجب أن تعده الحكومة العراقية عملا عدائياً، يستلزم اتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة تجاهه.. وبما أن بغداد لن تستطيع تحشيد الجيوش على حدود تركيا كما فعلت في عام 1990 لأسباب عديدة ، إلا أنها تستطيع استخدام الملف الاقتصادي، الذي يشير إلى أن حجم التبادل التجاري يصل لأكثر من 20 مليار دولار، معظمها بضائع من تركيا عبر المنافذ الحدودية، وبالتالي أصبح العراق اكبر سوق للبضائع التركية في المنطقة، والتهديد بقطعها او في الأقل وضع ضرائب إضافية عليها، هو كورقة ضغط اقتصادية بالإضافة لتحريك الجانب الاممي عبر قناة الأمم المتحدة،لدفع أنقرة وثنيها عن التمادي في تجفيف العراق وقتل الحياة فيه.. وهي أدوات ضغط يمكنها أن تحقق لنا مكاسب في هذا الملف الحيوي.. وغيره.

***

محمد حسن الساعدي

ربما هذه الملاحظة خاطئة، وأتمنى أن تكون كذلك، فهل حقا أن عدد الذين يكتبون فاق عدد الذين يقرأون؟

التطورات المعاصرة أتاحت فضاءات لا محدودة للكتابة والنشر، وأصبحت كتابة كتاب تستغرق بضعة أيام، ووجدتنا أمام حشود من الأقلام التي تكتب وتنشر.

ولو تصفحت أي موقع ستجد آلاف الكتاب المشاركين، وفي بعض المواقع التي عهدتها مبكرا، كان عدد الكتاب فيها يتجاوز أصابع اليدين بقليل، وتنامى بسرعة حتى صار بالآلاف.

فهل هذه ظاهرة صحية وحضارية؟

معارض الكتاب تقام بين فترة وأخرى، وهي أشبه بالمهرجانات الترفيهية  لقضاء الوقت، وربما لتصفح بعض الكتب، أما الشراء فلا أظنه كما كان في سابق عهده.

زرت بعض معارض الكتاب وما وجدتها تزدحم بالناس، وتغص بالأكشاك الصامتة، وعندما تتساءل عن مبيعاتها تعرف أنها بالحضيض.

بعض شوارع عرض الكتب تحولت إلى محافل للنشاطات الإجتماعية واللقاءات، الكتب منثورة على جوانب الشارع، والناس تتجول، والقليل منهم يحمل كتبا.

أرجو أن تكون هذه الملاحظة غير صحيحة، لأنها تنذر بفاجعة حضارية، فالكتاب يفقد دوره، والكلمة قيمتها، ويختلط حابلها بنابلها، وتغيب القدرة اللازمة لصناعة الحياة الواعدة بالإبداع الأصيل، وكأننا أمام سيل عرمرم من الكتابات والكتب الساعية للرقود في رفوف وصناديق مظلمة، فأنوار الكتب تخبو بوضعها في دهاليز الإهمال والنسيان.

الكتب غيرت أفكار الأجيال وبنت الحضارات، والأقلام صنعت أنواع الإبداع الذي تتمتع به البشرية.

فهل أن الأقلام صارت تكتب فوق وجه الماء؟

وهل أن مدادها دم ودموع فتنفر منها الأنظار؟

وهل تحولت الأقلام إلى سهام لقتل القراء؟

إنها تساؤلات  مرعوبة في زمن بلا معالم، ويخلو من خارطة طريق أمين!!

***

د. صادق السامرائي

 

عاش الأتراك كأمة، وقبائل متعددة ولغات متباينة في آسيا الوسطى محصورين بين حضارتين عظيمتين؛ حضارة الصين الكونفوشيوسية، وفارس الساسانية معتمدين على الرعي والزراعة والغزو والإغارة على المدن المجاورة من كلا الحضارتين ...

وبعد ظهور الإسلام وامتداد الفتوحات الى أقاصي بلاد أسيا الوسطى اعتنق الأتراك الإسلام تدريجيا ونزح منهم الكثير نحو حواضر الشرق الإسلامي بحثا عن المكانة والثروة والاستقرار، الى بغداد ودمشق والقاهرة ...

وقد لعب الأتراك دورا مهما في الحضارة العربية الإسلامية كأهم الأمم الإسلامية بعد العرب والفرس، لكن في البداية كان لهم دور تدميري في التاريخ العربي الإسلامي بسبب غلظتهم وقوة أجسامهم وانتهاجهم العنف في تصريف أمور السياسة والحكم، وحداثة عهدهم بالحضارة والتمدن ..

وكتب التاريخ حافلة بأعمالهم في بلاط العباسيين، والمعروف تاريخيا أن أبناء الرشيد الثلاثة اختلفوا واعتمد كل واحد منهم على أرومة تسانده، الأمين اعتمد على العرب، والمأمون اتكأ على الفرس، والمعتصم على الترك ...

وبعد عصر المعتصم تعاظم دورهم السياسي الى درجة كبيرة، فالمتوكل على الله قُتل هو ووزيره الفتح بن خاقان من طرف الأتراك ...

والمنتصر بالله بعده قُتل مسموما من طرفهم ...

والمستعين بالله مات في سجنه ...

المعتز بالله مات في السجن بسبب التعذيب ...

المهتدي بالله لقي نفس المصير في الحبس حتى الموت .

المعتمد على الله استطاع أن يكبح جماح الأتراك بأن جعل قيادة الجيش ومحاربة الثورات المتمردة على العباسيين بيد أحد أمراء البيت العباسي ...

غير أن نفوذهم عاد مجددا في عهد المقتدر بالله، بل إن خادمه التركي مؤنس الخادم قتله، والمدهش والعجيب أن المقتدر بالله حكم لمدة خمسة وعشرين سنة ...

وتعاظم نفوذهم وتأثيرهم الى أيام المتقي بالله إذ قام توزن التركي بخلعه لكن لم يقتله ...

وكان هذا آخر نفوذ للأتراك الذي استمر قرنا من الزمن، وظهر بعدهم البوهيون والسلاجقة.

***

عبدالقادر رالة

قبل أيام معدودة ظهرت علينا السيدة وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق لتقول في برنامج تلفزيوني إنها الآن تشعر بالأمان مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وإنها تشعر بفخر لأنها جزء من هذه الحكومة.. كلام السيدة إيفان لا غبار عليه فالمسؤول سيعمل بشكل أفضل مع فريق متجانس.. هل انتهت الوزيرة من حديثها؟،

بالتأكيد لديها إضافة فقد قالت إنها تمنت أن تنتهي الحكومة السابقة "اليوم قبل باجر" – السيدة إيفان كانت وزيرة الهجرة أيضا في حكومة الكاظمي وخرجت منها بعد الانتخابات حيت تحولت الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال وأصبحت السيدة إيفان نائبة في البرلمان – لماذا كانت السيدة الوزيرة تتمنى أن "تنقلع" حكومة الكاظمي؟، لنستمع إليها وهي تقول: "كانت هناك انقسامات وكنت جداً متخوفة من أن أبقى في الحكومة"، بعدها تكمل السيدة الوزيرة حديثها لتعلن أنها تعرضت إلى التهديد من رئيس الوزراء السابق، وتروي لنا حكاية عن صدامها مع الكاظمي.. ثم تخبرنا السيدة الوزيرة بأنها قالت للأمين العام للأمم المتحدة إن الكاظمي هددها وإنها لم تكن تشعر بالأمان معه، وتقول "كنت أشعر بالغبن كامرأة".. جميل جداً أن تكشف لنا السيدة الوزيرة السابقة والحالية ما كان يجري في حكومة الكاظمي من تهديد للوزراء، فهذه شجاعة تحسب لها، وصراحة مطلوب أن نصفق لها طويلاً.

قلت لأحد الزملاء: حديث السيدة الوزيرة مثير ومهم، وقبل أن أكمل كلامي قال لي الزميل: هل كنت تتابع حوارات السيدة إيفان فائق من قبل؟، كشفت له عن جهلي وأنني للأسف كنت مشغولاً بتقلبات محمد الحلبوسي، لايهم ما فاتني، لأرى ماذا كانت تقول السيدة الوزيرة عن الكاظمي عندما كانت وزيرة للهجرة في حكومته.. في فيديو تظهر فيه تقول:" كانت لنا إنجازات، وهذا تم بدعم من مصطفى الكاظمي الذي هو داعم للمرأة"، وقبل أن أفيق من صدمة ما قالته، استمعت إليها وهي تقول داخل اجتماع مجلس الوزراء الذي كان يرأسه الكاظمي وليس السوداني : "إن شاء الله ياربي يخليك خيمة للعراقيين – تقصد الكاظمي – أشكر دعمك لي كامرأة، حقيقة إحنه كابينه وزارية استثنائية".

وقبل أن أضرب أخماسا فى أسداس، استمعت إليها في مداخلة تلفزيونية تقول: "حقيقة أن السيد مصطفى الكاظمي هو داعم أساسي لتواجد أربع نساء في مجلس الوزراء، لن ننسى تشجيعه الكبير لنا". هل انتهت المسرحية؟ لا ياسادة إسمحوا لي أن أنقل لكم هذا المشهد، السيدة الوزيرة تجلس في اجتماع لكادر وزارتها لتقول؛ رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي مؤمن بإمكانيات المرأة ونشعر معه بالأمان.

مبروك للعراق شجاعة السيدة الوزيرة، حيث سيستطيع المواطن أن ينام ملء جفونه مطمئناً إلى أن هناك وزراء شجعان، ودوام الكرسي للسيدة الوزيرة .

***

علي حسين

 

جرت العادة ان تتخذ الاحرف الاولى من كل كلمة للتعريف بالمسمّى "الوليد" الجديد ليسهل نطقه وكتابته والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها في عالمنا العربي"امل وحماس"، وفي الاول من الشهر الاول من العام 1965 تشكلت حركة فلسطينية مقاومة لأجل تحرير الارض والعباد من براثن العدو الذي كان يسيطر فقط على الاراضي التي اعترفت له الامم المتحدة بها اي ان الضفة والقطاع في ذلك الوقت كانتا خارج السيطرة الصهيونية،اسمت نفسها حركة  تحرير فلسطين لتكون التسمية المختصرة "حتف" ولأن الكلمة الاختصار نذير شؤم فقد تم قلبها "عكس احرفها"  لتكون "فتح" ولتكون فاتحة خير على الشعب الفلسطيني.

استبشر العرب بالحركة خيرا وقال عنها عبد الناصر انها انبل ظاهرة في التاريخ المعاصر وعمل كل ما في وسعه للتعريف بالحركة وأهدافها واصطحب معه في احدى زياراته المناضل ياسر عرفات الى موسكو وكانت اول زيارة له. ثم كانت دعوة عرفات من قبل الجزائر التي ترأست دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة للتحدث عن فلسطين حيث قوبل خطابه بترحاب كبير من مندوبي كافة الدول وخاصة التي عانت ويلات الاستعمار والجور.وأصبحت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

وكانت احداث ايلول الاسود 1970 التي راح ضحيتها عديد الفلسطينيين، وانتقال الزعيم الراحل عبد الناصر الى الرفيق الاعلى، وفي ظل الانقسامات العربية شهدت الحركة تباينات في الرؤى بين اعضائها حيث استمالت كل دولة بعض الاعضاء فحدثت انشقاقات في كوادرها وان استطاعت الحركة البقاء ككيان موحّد تحت راعية عرفات، ثم كانت الضربة القاسمة للحركة بخروجها من لبنان.

هرم قادتها التاريخيون واثّرت فيهم السنون والنكبات ارتحل بعضهم عن الدنيا، ومن تبقّى ارتحلت آمالهم الى عالم آخر،حاولوا مجاراة الواقع فكان مؤتمر مدريد، دخلوا في مفاوضات ثنائية مع الاعداء "اوسلو" علّهم يظفرون بجزء يسير من تراب الوطن لكن تلك المفاوضات لم تكن تحت راية الامم المتحدة لتكسبها

" الشرعية " فاعتبرت أنها مفاوضات بين ميليشيات، ليس هناك اي التزام دولي بمقرراتها،عادت كوادر الحركة الى الضفة لتحاصر نفسها في مقر مقاطعة رام الله وليتقاضوا رواتبهم من اعداء الشعب الفلسطيني وليرسلوا بأبنائهم الى امريكا وأوروبا ليتعلموا بها ولتكون لهم شركات كبرى ليزدادوا ثراءا مقابل ان   يكونوا حراسا للعدو فأجهضت الانتفاضات التي استعمل فيها الشبان الفلسطينيون الحجارة،لم تنطلق اية رصاصة من الضفة صوب المستوطنات التي تحاصرهم والتي تقترب منهم كل مطلع شمس. ويستمر هؤلاء في التفريط بالأرض والعرض ويدخلون في مفاوضات مع العدو "مقابل اموال" ووعود كاذبة لتستمر المستوطنات تزحف نحو ما تبقّى من اراضي. وأما عن غزة فإن ابناءها من مختلف الاعمار هم الذين حرروها بفعل صمودهم وصبرهم وتقديم الشهداء ورغم صغر مساحة القطاع فإنهم يطورون الاسلحة للدفاع عن النفس وتحرير الضفة التي يتربع عليها عظماء فتح،قالوا عن الصواريخ انها عبثية ولكن تبيّن للجميع ان مفاوضاتهم مع العدو هي العبثية وتفضي الى قضم المزيد من الاراضي وازدياد عدد المستوطنات.فمسلسل العطاءات لبناء وحدات جديدة مستمر وكبادرة حسن نية لبدأ المفاوضات اعلن العدو عن إنشاء وحدات سكنية جديدة، إن المفاوضين من الجانبين يدركون جيدا ان مشروع الدولتين سراب .

تكتب بمقدمة سيارات الإسعاف الكلمة مقلوبة حتى يستطيع الذي يقود سيارته امامها ان يقرا الكلمة صحيحة "بعد قلبها " من خلال المرآة فيفسح لها الطريق، لتصل بالمريض الى المستشفى في اقصر زمن لإنقاذه، انني لا اشك في نية من قلبوا كلمة "حتف" لأنهم ضحوا بأرواحهم وبأموال استجدوها " شحتوها" من الاخرين لأجل شراء سلاح او اطعام مساكين، ولكن الذين يتولون زمام الامور في الحركة اليوم من خلال تصرفاتهم وأقوالهم فإنهم قلبوا الكلمة "فتح" لتعود الى اصلها "حتف" ففلسطين على ايديهم ذاهبة الى حتفها المحتوم، إنهم سيتركونها إلى بلاد الافرنج حيث ابناءهم وأحفادهم وطيب المأكل والمشرب والقصور الفارهة. وأقول للـ "حتفاوييين" اننا متفطنون لما تقومون به، وان السيارة التي تركبونها ستلقي بكم في مزبلة التاريخ فما قيمة الحياة وانتم تساهمون في قتل الوطن وقبض الثمن فتعسا لحياة الخونة المهرولون خلف اطماعهم، الذين يبيعون اوطانهم ببطونهم، لقد تفوقتم بعملكم الخياني حتى صار "بروتس" خلفكم بعد ان كان امامكم " الذي جاء بعدي صار قدامي". وأتمنى ان تثور الجماهير لتزيحكم عن الكراسي قبل ان تزيحوها من الوطن.

مجازر في كل انحاء فلسطين. جزين ترسم ملحمة النضال ونابلس واريحا ويأتي حاكم نابلس الذي يتبعكم ويسفهه تضحيات الشباب ويدعوهم الى الاستكانة فلا فائدة حسب زعمه من محاربة العدو. لقد أضاعت السلطة الفرصة بعرض انتهاكات العدو بمجلس الامن (الاستيطان المستمر)، والوعود بتخفيف حدة التوتر.

لقد اصبحتم ايها الفتحاويون واجهة للسلطة الفاسدة، المستفيدة من المساعدات التي تقدمها الدول نظير استسلامها وانبطاحها ،وان الشجب والاستنكار والادانة لسان حال الخونة والمرتدين وعباد الكراسي، الجاثمين على الشعب الفلسطيني.

انه من المؤسف حقا ان تتخلى فتح عن دستورها القاضي بتحرير البلاد والعباد من السيطرة الصهيونية، لا نقول من النهر الى البحر، بل من الاراضي المعترف بها دوليا اي حدود ما قبل الخامس من حزيران يونيو 1967 .وان تتحول لاءات عدم الاعتراف بكيان العدو الى تنسيق امني يمنع قيام المقاومين باي اعمال فدائية ،وقد اشاد العدو الصهيوني بنجاعة التنسيق بل وصل الامر الى التبليغ عن المقاومين ما يسهل على العدو مطاردتهم بكافة انحاء الضفة الاخذة في الانحسار، نتمنى على الشرفاء من الحركة ان يعلنوا انسحابهم منهم والاعلان عن وفاتها، ان بقاءهم بها يجلب لهم الخزي والعار.

***

بقلم: ميلاد عمر المزوغي

 

راهب: تعبّد وتخشع.. اعتزل الناس

من أخطر التحديات التي تواجه الأمم والشعوب أن تنعزل نخبها بأوعيتها الفنتازية المحلقة في فضاءات التصورات والتهيؤات الهرائية، والهذيانات التفاعلية ما بين الرؤى البعيدة عن أديم الأرض ومجالها البيئي.

المجتمعات البشرية تقتلها نخبها المتنرجسة الغارقة في ذاتها والمنسلخة عن هموم الجماهير ومعاناتهم اليومية القاهرة، التي تتسبب بها أنظمة الحكم الجائرة، التابعة للطامعين بالبلاد والعباد، والتي تنشغل بالإستحواذ على ثروات الوطن الذي تسلطت فيه.

والعجيب في أمر العديد من النخب أنها تجاري الواقع المأساوي وتبرر للكراسي، فتسوّغ مظالمها وإنتهاكاتها لحقوق الإنسان، وتستحضر من تحليقاتها الفنتازية ما يؤمّن لها مقاما مؤثرا في مدن الكراسي المسوّرة بالويلات والتداعيات الجسيمة.

فالمجتمعات التي تغيرت وتحضرت وأنجزت مشاريعها المعاصرة إنتقلت إلى آفاق القوة والإقتدار بعزيمة نخبها ورؤاهم الجريئة المتحدية، التي زعزعت الثوابت وغيرت المسارات وأحرقت المناهج القاضية بالإستعباد والخنوع.

فالبشرية تكونت بإرادة التحدي وقوة أفكار النخب الباسلة القائدة لمسيرة الأجيال، بما قدمته من آليات تفاعلية ومشاريع نهضوية ذات مفردات إنجازية متنامية.

وفي عالمنا المنهوك بنا، أكثر نخبنا ترقص على إيقاع الكراسي وتتعاضد معها للنيل من المواطن، وتكبيل الإنسان بالمآزق والمواجع والمكابدات المريرة، وعلى رأسها الحرمان من الحاجات الضرورية للحياة، ومنها الكهرباء والماء الصالح للشرب وفقدان الأمن والأمان، وهوان المؤسسات الخدمية ودوائر الدولة المحكومة بالتابعين والممولين من الآخرين، لتنفيذ برامجهم وتعزيز نواياهم للوصول إلى مآربهم العدوانية على الوطن والشعب.

فلماذا لا تكون النخب لسان حال الشعب؟

ولماذا يميل القسم الأعظم منها نحو الكراسي يتبرك بقوائمها ويركع أمام الجالسين فيها، وكأنهم من نسل إله عظيم؟

إنها تحديات نخشى الكلام فيها، والحقيقة المريرة أن العيب في النخب وليست في الشعب!!

***

د. صادق السامرائي

 

دُعِيْتُ يوم أمس 7 مارس2023 في الخامسة مساءً لحضور مهرجان "الوفاء لفناني الزمن الجميل" في المركز الثقافي الملكي، من قبل رئيسة جمعية سماء الثقافة الأديبة هيام فؤاد ضمرة، فلبيت الدعوة برفقة بعض ضيوفي الشخصيّين.

وقد سبق لي حضور بعض مهرجانات "سماء الثقافة" المتميزة من حيث الضبط والتنظيم ما شجعني على حضور هذا المهرجان وقد جذبني عنوانُهُ اللافت، كونه يتعلق بتكريم الفنانين الرواد الكبار الذين تُقْنَا لمشاهدتهم بعد أن أدّوا دورهم بإخلاص فيما أهملتهم السنون.

وكانت القائمة موفقة وإن تغيبت عنها بعض الأسماء الكبيرة، مثل: عبير عيسى وربيع شهاب وغيرهما؛ وذلك لضيق الإمكانيات كما تبين لنا لاحقاً.

ولا أخفي عليكم بأنني توقعت أن يكون المهرجان متميزاً كعهدي بالجهة المنظمة، ووفق فقرات البرنامج المنشور، والمعدة باحتراف، حيث اطَّلَعْنا عليه مسبقاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.

فقد انتهت فقرة تلاوة القرآن. تلتها كلمة راعي المهرجان، رجل الأعمال ظاهر العمروا الرئيس الفخري لجمعية سماء الثقافة، أعقبتها كلمة ترحيبية لرئيسة الجمعية المنظمة للمهرجان، رحبت فيها بالحضور، والمُكَرَّمين، ووزيرة الثقافة الدكتورة هيفاء النجار، حيث أثنت على اهتمامها بهذا المهرجان كما هو دأبها في المشهد الثقافي الذي يشيد بدورها التنموي الفاعل، ثم أعلن عريف الحفل الفنان المبدع سعد خليفة بصوته الفخم أولى الفقرات، وكانت قراءةَ بعضِ الآيات القرآنية بصوت الشيخ محمد رشاد الشريف، أعقبها بداية موفقة للفرقة الموسيقية..!

وفجأة فُغِرَتْ الأفواهُ بسبب الخروج المفاجئ لوزيرة الثقافة بعد تبكيرها في تسليم الدروع.. حيث قيل بعدها بأنها خرجت لارتباطها بموعد هام، دون أن تلقي كلمتها التكريمية الموعودة. ليس هذا فحسب، بل أنها لم تترك على المِنصة من ينوب عنها في إكمال الحفل فطلبت من القائمين على إدارة المهرجان بأن تنهي فقرة تسليمها المبكر للدروع ، وذلك قبل البدء بفقرات المهرجان، ثم تُسْتَأنَفُ تلك الفقرات بعد مغادرتها القاعة.

وللأسف. فالفوضى والأحاديث الجانبية شتت الجمهور على غير المألوف، ودروع التكريم لم تكن مرتبة على الطاولة بَعْدْ وفق الأصول؛ لأن فقرة التسليم كانت آخر الفقرات، أي أنه كان هناك الوقت الكافي لترتيبها وفق قائمة الأسماء كما هو مخطط لها  فبكرت الوزيرة بتسليمها.. فحصل إرباك اثناء تفقدها وتسليمها تباعاً في بداية الحفل، ورغم ذلك انقضى الأمر على خير.. ثم ارتبكت الفقرة الموسيقية التي كانت بدايتها موفقة.. وخلافاً لما هو معهود في الجماهير الثقافية فقد دبت الفوضى بين الحاضرين الذين دخلوا في هرج ومرج وبدأوا بالخروج خلف المُكَرَّمين الذين كان عليهم إتمام الحفل الذي نظم لأجلهم! ناهيك عن تدفق بعض الحضور وراء الوزيرة لالتقاط الصور التذكارية معها. وطويت الفقرات بعد ذلك الواحدة تلو الأخرى مفتقرة للضبط بسبب الفوضى التي عمت المهرجان.

كنت اتمنى للمهرجان النجاح لأهميته في زمن النسيان الذي غمر الرواد وتجاهَلَ عطاءَهم.

ويقتضي التنويه إلى أنه لا ذنب لجمعية سماء الثقافة ورئيستها الأستاذة هيام ضمرة فيما جرى من تجاوزات فنية وأخطاء غير مقصودة كوني كنت من ضمن جماهير بعض تجاربها الناجحة.. وكان من الممكن أن يكون هذا المهرجان التكريمي أفضلها لو تضافر الجميع على إنجاحه كل حسب دوره المنوط به وفق الخطة المتفق عليها والتقيد بالفقرات بدقة وثبات.

راجين الاستمرار في جمعيتهم الناشطة في ظل وزارة الثقافة التي نقدر وزنها بيننا وأهميتها في تطوير الشأن الثقافي باقتدار .

فلا ضير من استفادة جميع المعنيين بالشان الثقافي من الأخطاء لتطوير الأداء وتحقيق الأفضل.

***

بقلم بكر السباتين

8 مارس 2023

 

منذ أن أعلن عن ما يسمى بـ"سرقة القرن"، والمواطن العراقي واجه أطناناً من الكلام والخطب استهلكت معظم وقت الفضائيات، وخرج علينا من يعلن القضاء على الفساد وأنه قُبر وإلى الأبد، واستغرقنا في مناقشات ومشادات كلامية عن بطولة الذين كشفوا عن أسرار السرقة، وشاهدنا المتهم الأول نور زهير وهو يجلس بكامل قيافته خلف القضبان،

واستمعنا إلى تحليلات هيثم الجبوري عن براءته، وخرج علينا من يهتف باسم النائب "الهمام" الذي أعاد أموال العراق للعراقيين، وبسرعة البرق توقف الحديث عن ملفات فساد كبيرة وانشغلنا بتغريدات تحيي جهود الحكومة بالحفاظ على المال العام.

لكن اللافت أن موضوع "سرقة القرن" تم توظيفه في تثبيت تلك الصورة المصطنعة عن أن الحكومات السابقة لحكومة الكاظمي حافظت على المال العام، وحاربت الفساد، ولكن ماذا نفعل للإمبريالية الأمريكية التي فرضت علينا الكاظمي؟، ولأن النواب والسياسيين يعتقدون أن هذا الشعب ينسى بسرعة وأنه يملك ذاكرة سمكة وأن العراقيين لا يتذكرون أن أكثر من 80 مليار دولار نهبت من أموال الكهرباء وأن ميزانيات كاملة وبعشرات المليارات تم نهبها قي وضح النهار، وأن أموال الحصة التموينية حولها فلاح السوداني لحسابه الخاص، وأن أموال طبع الكتب المدرسية أوصلت مثنى السامرائي إلى قبة البرلمان، ولهذا كان لابد من اعتبار "سرقة القرن" هي الأخطر، بينما ما سرق من أموال منذ عام 2005 وحتى عام 2020 حق مشروع لمسؤولين ناضلوا في سبيل رفاهية هذا الشعب .

لقد جرت عمليات تشويه للحقائق بطريقة ممنهجة من الأكاذيب، حتى تصور الناس أننا كنا نعيش في دولة تحتل القائمة الأولى في سلم النزاهة والتنمية والتطور، وإذا بحكومة الكاظمي تضعنا على سلم البلدان الأكثر فساداً.

أتمنى أن لا يتوهم البعض ويعتقد أنني أدافع عن حكومة الكاظمي، فقد كتبت في نقدها عشرات المقالات، لكن ياسادة أن يسعى البعض لمحو 17 عاماً من الخراب ويوهمنا أن البلاد كانت تعيش في ربيع النزاهة، فهذا أشبه بنكتة سوداء.

لعل السؤال هو: كم مسؤول متهم بتبديد المال العام وسرقته؟ ثم ــ وهذا هو الأهم ــ من الذي يتحمل مسؤولية ضياع عشرات المليارات من الدولارات في مشاريع وهمية؟. بلغة الحساب لدينا أكثر من تريليون دولار من عائدات النفط دخلت إلى الموازنة منذ حكومة أياد علاوي وحتى حكومة عادل عبد المهدي ونريد أن نعرف أين ذهبت ولماذا ظل الحال على ما هو عليه .

إنسوا أن نور زهير خرج منتصراً ويعيش الآن في فيلته بشارع الأميرات وتعالوا نقر بأن الكاظمي ارتكب مخالفات مالية وإدارية وأن ملفات الفساد التي يتحدثون عنها الآن بها قدر كبير من المصداقية، ولكننا نسأل؛ أليست هناك ملفات فساد كثيرة يضعون تحتها عبارة " ممنوع الاقتراب"؟!

***

علي حسين

المراقب للوضع العام في العراق يجد تفاوتا في الانشغال بين المواطن والساسة، فالساسة مشغولين بترتيب اوراقهم حول قانون انتخابات مجالس المحافظات المقبلة ونظام سانت ليغو وما رافقها من جدل بين ممثلي الشعب داخل قبة البرلمان، بينما المواطن يئن تحت ضربات غلاء المعيشة وارتفاع الدولار وضحة المياه وقرب رمضان.

هذا التفاوت في الاولويات يزيد من الهوة بين الطبقة الحاكمة رأس الهرم واسفل القاعدة العريضة عامة الشعب، وهذا التباعد ينعكس سلبا على عدة مستويات منها: نسبة المشاركة في الانتخابات القادمة اولا؛. ثقة الجمهور بالطبقة السياسية ثانيا؛. دعم الشعب لمشاريع السلطة السياسية ثالثا؛ والذي سيتأثر بسبب عدم التناغم بين المطالب والاولويات.

ان دعوات الحكومة لدعم الطبقات البسيطة والمهمشة لا يتوافق مع اهتمامات البرلمان والقوى السياسية التي تخطط للبقاء في السلطة دون العمل الحقيقي والجاد على: ترجمة أقوال الحكومة الى قرارات وقوانين اولا؛ تنصر المواطن البسيط وتدعم ذوي الدخل المحدود.وكسب ود الجمهور بالعمل على تحقيق مطالبهم ثانيا؛ باعتبارها وسائل شرعية وبوابة للفوز بالانتخابات القادمة.

ان نشاطات بعض النواب الفردية التي نلمسها في تقديم الخدمات الى بعض المناطق هي استثناء من القاعدة بسبب غياب وتجميد مجالس المحافظات ذات الاختصاص، وهي محاولة لكسب جمهور تلك المناطق المنكوبة خدميا في اغلبها... وان كان الاستثناء ذا فائدة لانه يحقق اهداف وتطلعات شرائح احياء سكنية كبيرة، فما بالك لو تعمم هذا الاستثناء واصبح قاعدة وتوافقت جهود الحكومة مع دعم البرلمان والنواب على تحقيق تطلعات المواطن ودعمه في معيشته ومعاشه وسكناه ومعاناته.

انها دعوة الى القوى السياسية والبرلمان، لن ينفع إقرار قانون للوصول الى السلطة بطريقة سهلة وميسرة سانت ليغو او غيره، وليس من المعقول ان تتركوا معاناة الشعب وتنشغلوا باقرار قانون خاص لكل انتخابات، بينما اقصر الطرق الى كسب ود المواطن وصوته الانتخابي ونجاح العملية الانتخابية مهمل وليس ضمن حساباتكم؛ وهو ببساطة الاستجابة الى مطالبه والإحساس بمعاناته وتناغم اهتماماتكم مع اهتماماته.

***

جواد العطار

من سبقوه من عرب وعجم لم يفلحوا في حل الازمة الليبية، ربما لعدم الخبرة والاطلاع على الشأن الليبي، ربما لبعض العراقيل التي وضعتها القوى الخارجية، لأنها مستفيدة من استمرار الازمة، ايا يكن الامر، فان السيد باتيلي ابن القارة السمراء التي رزحت تحت المستعمر الغربي لعقود، يدرك فداحة ما وصلت اليه الامور في ليبيا، وعدم جدية متصدري المشهد من برلمان ومجلس دولة وحكومة في انهاء الازمة المستفحلة لأكثر من عقد من الزمن ، لتحقيق مصالحهم الشخصية او لتنفيذ اوامر الداعمين لهم خلف الحدود.

اعلن باتيلي نيته في انهاء الفترة الانتقالية التي طالت كثيرا من خلال لجنة تقوم بإعداد دستور مؤقت يتم بموجبه عقد انتخابات تشريعية ورئاسية قبل موفى العام الحالي 2023 ، الا ان السلطة التشريعية بغرفتيها البرلمان والدولة اعلنا ان ذلك يعتبر تدخلا سافرا في الشأن الليبي، وهذان الجسمان ومنذ نشوئهما لم يتفقا على النقاط الرئيسية لحلحلة الامور وبالتالي يعتبران من المعرقلين الأساسيين، فالتعديل الثالث عشر الذي صاغه البرلمان ووافق عليه مجلس الدولة غير كاف لإجراء الانتخابات ولكنها محاولة منهما لتعطيل خطة المبعوث الاممي، اما رئيس الحكومة المنتهي الولاية فانه يطالب بان يكون هناك استفتاء شعبي على الدستور المؤقت ليصبح قابلا للعيش لفترة، يحقق وجماعته من خلالها ما يطمحون اليه من اهدار للمال العام من خلال شراء ذمم بعض النواب والشخصيات الفاعلة والانفاق على الميليشيات الجهوية لتثبيته في السلطة اطول مدة ممكنة.

 الاخوان ومن معهم لا يريدون انتخابات رئاسية بل يطالبون بإجراء انتخابات تشريعية وان لزم الامر انتخاب رئيس الدولة من البرلمان المنتخب، لأنه بإمكانهم شراء اصوات النفوس الضعيفة لتنصيب رئيس محدود الصلاحيات، كما حدث عند انتخاب المجلس الرئاسي وحكومته وذلك بشراء ذمم بعض اعضاء لجنة ال75 فهي ورغم عمرها القصير نسبيا الا انها الحكومة الاكثر فسادا على مدى 12 الماضية.

يستطيع باتيلي الخروج بالبلاد الى بر الامان متى توافرت الارادة الدولية التي يمثلها في حل الازمة الليبية، وفي ظل الازمة الاكرانية يحاول الامريكان تحجيم الدور الروسي في ليبيا وهذا لن يتأتى الا بإجراء انتخابات حرة ونزيهة ينتج عنها انتخاب رئيس ذو صلاحيات تسمح له باتخاذ قرارات مصيرية يثبت من خلالها حيادية الدولة وعدم انجرارها خلف اطراف الصراع الدولي في اكرانيا، ومن ثم الطلب من كافة القوى الاجنبية المتواجدة على الأرض الليبية بالخروج وفق مدد زمنية محددة .

نكرر بان الدساتير تكتب في حالة السلم وليس في حالة الفوضى، البلد يعاني ازمات عدة ومنها المطالب الجهوية بشرق الوطن المطالبة ظاهريا بالفدرالية بينما في حقيقة الامر تدعو الى الانفصال، كذلك الإخوة الامازيغ الساعين منذ 12 عاما الى جعل لهجتهم التي يعتبرونها لغة، لغة رسمية في البلاد ويرفعون علمهم في مناطق نفوذهم، وهو ما يؤدي مع مرور الزمن الى انفصالهم وتكوين جسم سياسي جديد. أي ان الانفصاليون في شرق الوطن والمتشددين الامازيغ يسعون الى تشرذم البلد وتكوين اجسام قزمية، وهذا ما يسعى اليه الغرب الاستعماري وتنفذه اياد محلية للآسف.

نتمنى للسيد باتيلي النجاح في مهمته، ليفوت الفرصة على الساعين لحصد المزيد من الاموال ، والاخرين الراغبين في تقسيم الوطن. سيظل الوطن موحدا بفعل الشرفاء من أبنائه.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

هكذا صاغ فرج فودة استغرابه في إشارة إلى تناقض منطقي يقع فيه المؤمن بالإسلام .. !!!؟

في الواقع أن هذه النتيجة التي خرج بها الكاتب المصري حول هذا الموضوع انما هي نتيجة تعبر أما عن فهم قاصر للإسلام أو أنها نتيجة تتلائم مع ما يُحب ان يكون عليه الاسلام لأننا لايمكن أن نغفل أن الإنسان تحركه النوازع والأهواء وهذا وارد على كل انسان، ومن هذه النوازع ستجد الأنانية وحب الذات ومحاولة إثبات هذه الذات من خلال ماتحصل عليه من تأييد ودعم في مفصل مهم من مفاصل التأثير وهو أن يكون في نقطة الجدل التي دائما ماتحتمل التفاف المريدين والمؤيدين وتأثير ذلك سايكولوجيا على من يقف في نقطة الجدل ولا أدري إن كان مهتما بالعبودية التي لم تعد موجودة عند المسلمين ام بالخمر الذي يحرمه الاسلام !...؟

لماذا لم يحرم الاسلام العبودية!؟

في الواقع أن هذا السؤال من أعقد الاسئلة التي تُطرح في ساحة المسلمين والتي غالبا ما تواجه باجابات تقليدية تتراوح بين الاستنكار على السائل والتشكيك في نواياه وهذا دال على العجزعن اجابة السؤال وبين اجابة مكررة وهي أن الإسلام قد اكرم العبد واوصىٰ به خيرا ووحث على عتق الرقاب وغير ذلك مما لايجيب عن السؤال ويبقيه معلقا، في الواقع لم اشأ أن أذهب إلى بحث الموضوع بطريقة تقليدية لكي لا أخرج بجواب تقليدي متأثرا بما سبق من اجابات لعناوين لها أثر في جعل البحث مقيدا بحكم خصوصية ذلك الاسم او العنوان

فذهبت إلى البحث المنطقي مستعينا في ذلك بالله تعالى ومرتكزا على ماجاء في كتابه مما يتعلق بالمالك والمملوك أو العبد والسيد فوجدت مايلي

 اولا: ان مما كان سائدا في تلك الحقبة الزمنية في الجزيرة العربية  ‏بل في المجتمعات البشرية هو وجود طبقة الاسياد وطبقة العبيد وهي في الواقع كانت تمثل ماكان معتادا بين الناس ولم يكن الأمر مستنكرا او مُخزيا أو يمثل عارا بل أن من كان لايملك عبيدا يُنظر له نظرة دونية تحط من مكانته الاجتماعية وكل ذلك كانت تحدده القدرة المالية، لذلك فكلما زاد عدد العبيد كلما دل ذلك على غنى مالكهم ومقدرته ودرجته في قومه بل أن العبيد كانوا يتفاخرون على بعضهم بعبوديتهم احيانا عندما يكون عبدا عند سيد ذو شأن.. من هنا نفهم كم كانت العبودية متجذرة اجتماعيا ..

ثانيا: وهذا هو الأهم والاكثر تأثيرا وهو أن العبيد في ذلك الزمن كانوا يمثلون مساحة كبيرة من التبادلات التجارية فهم يمثلون أقيام مالية لأصحابها وهي معدلات مالية كبيرة إذا عرفنا أن أشكال الحركة المالية كانت موضوعاتها لاتتعدى عدد الاصابع وقد تكون هذه التجارة من أكثرها قيمة .. فكيف بعد ذلك من الممكن أن تأتي إلى هؤلاء لتقول لهم أن شرط إسلامهم أن يتخلوا عن أموالهم !!!؟ طبعا هذا غير متصور

لذلك فقد تعامل الاسلام مع هذه الحالة المعقدة كأفضل ما يمكن حيث حدد ثلاث معايير لهذه القضية:

الاولى: أنه من كان يملك عبدا فهو ملكه وله أن يحتفظ به إلى أن يسترد ماله أو أن يعتقه لوجه الله تعالى، لاحظ الدقة والحساسية في التعامل مع الأمر، حيث أنه تعالى قد ثبت للمالك ملكيته ولم يسلبها منه وجعل استرداد القيمة المالية هي أحد أسباب العتق أوأنه يتخلى طواعية عن تلك القيمة المالية لوجه الله تعالى وهذا ايضا فيه استبدال طوعي يتعلق بإيمانه فعلا أن الله سيعوضه عن ماله خيرا أو أنه لايستطيع أن يتصور هذه الحقيقة الإيمانية لنقص في إيمانه فياتي من هو أكثر يقينا فيشتري ذلك العبد ومن ثم يعتقه لوجه الله تعالى

المعيار الثاني: هو أنه لايجوز بعد ذلك استعباد من كان حراًبمعنى أن الحديث في اولا كان يتعلق بمن كان في واقع الأمر عبدا يساوي مالا لصاحبه، أما بعد الإسلام فلا يجوز ان تُجرى معاملة جديدة للرق والعبودية .. بمعنى أنه لايحق لصاحب مال أن يشتري حُرا لايملكه أحد، لأن معاملة البيع والشراء لابد لها من مشتري وبائع فأن كان حُرا فمن الذي يملك حق البيع لمشتري جديد!؟

المعيار الثالث: هو أن مايجري على اولا من تثبيت حق المالك يجري في مقابله تثبيت حقوق المملوك من حيث اكرامه وعدم الاضرار بانسانيته، لذلك ستجد في كتاب الله كثير من الآيات التي تنظم هذه العلاقة بين المالك والمملوك إلى أن تنفض هذه العلاقة بالعتق في أحد الأوجه التي ذكرتها وقد ثبت بالتجربة الواقعية أن خيار الاسلام في التعامل مع هذه القضية الشائكة كان هو الخيار الأفضل، لذلك تجد الان أن المسلمين بعمومهم ينظرون إلى العبودية على أنها أمر مخزي وغير عادل وغير أخلاقي وغير انساني دون الحاجة إلى حكم بالتحريم

***

فاضل الجاروش

 

 

1 ــ كوني من الجنوب العراقي، اتذكر ما كان الأمر عليه هناك، امي مثلاً، توفيت ولا تعلم انها مسلمة، كل دينها ودين أغلب الناس الذين حولها، انهم يحبون علي والحسين وابا الفضل العباس (ع)، كل مساء جمعة، تذهب والبعض من نساء القرية، لزيارة كنيسة قديمة، يعتقدن انها قبر السيدة مريم، يشعلن الشموع ، ويذرفن الدموع، وكل تقدم طلباتها، تقول امي، ان مريم "تطينه مرادنه" أي تشفي المريض وترزق المحتاج..لخ..، قرى عشيرة الأزيرج أنذاك كعائلة واحدة، تجمعها الأرض والمحبة والفرح الشحيح، بينها المسلم والمسيحي والصابئي المندائي واليهودي، وكذلك منفيي الأيزيديين في العهد الملكي، انتقلنا نحن الشباب الى بغداد، سمعنا هناك اننا "شروكيه" ولم نسمع اننا شيعة، وجمعت اغلبنا مدينة الثورة، فتحت امامنا ثورة/ 14 تموز الوطنية، فرص التعليم والعمل، فخرج من تلك المدينة، الشعراء والكتاب والفنانين والأعلاميين والأساتذة والأكاديميين. وعاد الدارسون في الخارج، فغرقت بغذاد بخيرة ما انجبته، "يتيمة الزعيم" الثورة.

2 - بعد الأنقلاب الأمريكي، في 08 / شباط / 63 الأسود، رفعت الطائفية رأسها، واصبحنا بقدرة قادر "شيعة"، ولو تقصى اي منصف، في النتاج الفكري والأدبي، لموهوبي ومبدعي بنات وابناء، الجنوب العراقي ووسطه، لما وجد فيها، نفساً طائفياً او قومياً، لكن وبالتحديد، بعد الأحتلال الأمريكي، الذي رافقه الأجتياح الأيراني، تغولت الهويات الفرعية، وانفلت التطرف الطائفي العرقي، وعبر التوافق الأمريكي الأيراني، على وأد الهوية العراقية، وتمزيق المشتركات الوطنية، بين المكونات المجتمعية، وضع حجر الأساس، لمشروع التقسيم على طاولة، مجلس الحكم الموقت سيء السمعة، فتم تحاصص العراق، ثروات وجغرافية ووطن ومواطن، على اساس مكوناتي، للبيت الشيعي رئآسة الحكومة، للبيت السني رئأسة البرلمان، وللأكراد رئأسة الجمهوية، فضاع العراق، بين التشيع والتسنن والتكريد.

3 - بتخطيط وخبث موروث، شاركت المراجع الدينية، في النجف وكربلاء بشكل خاص، في انجاز مشروع تقسيم العراق، عندما افتت على التصويت العاجل، لدستور الخدعة، والأشتراك في انتخابات التزوير، تصرفت كمندوب سامي، لرعاية المصالح والمطامع الأيرانية في العراق، ثم اصبحت وبيتها الشيعي، ركن أساسس في دولة الفساد والأرهاب، صاحبة مليشيات حشدية، ومصارف خاصة عملاقة، ولها في عواصم الكون، عقارات واسعة، فجعلت من مذهب اهل البيت، واجهات واعلانات تجارية، وحوانيت للأتجار بأعراض الناس والمخدرات، اننا هنا نتحدث عن بيت شيعي، من اعلى مرجع، وحتى اسفل قناص، يعاني من تلوث فساد تاريخي، فضائح الفساد والأرهاب، اسقطت عنه كامل الأقنعة، فأصبح التشيع الأيراني في العراق، وصمة لا تليق بالقيم العراقية، وحالة شاذة لا تنسجم، وعراقة لالمجتمع العراقي، ووجب على العراقيين، تحرير النجف وكربلاء، من تلوث النفوذ الأيراني، وادارة شؤونها من قبل رجال دين عراقيين، مشهود لهم بالوطنية والنزاهة والكفاءة المعرفية.

4 -انتفاضة الأول من تشرين/2019، رفعت اسمال المصداقية، عن جلد التشيع الأيراني في العراق، وكشفت عن فضائح ملفاتهم، للفساد والأرهاب، ولم يبق من عرش اكاذيبهم، سوى الأحتيال ومنطق الذخيرة الحية، واثبتوا انهم، لا يستحقون البقاء في العراق، ولا حتى الأقامة الموقتة، كانت انتفاضة بنات وابناء الجنوب والوسط، تعبيراً عن غضب الأرض والأنسان، لا بقاء لضيوف، يسرقون رغيف خبز من استضافهم واكرمهم، النجف وكربلاء عراقيتان، لا مكان فيهما لبراغيث الفتنة، حول اضرحة الأئمة، الغضب العراقي لا يحتمل اكثر، ان يدفع العراقي، دمه وثرواته وكرامته وسيادة وطنه، ضريبة لولائيين، من تحت خط الأنحطاط، وارضنا لا مكان عليها لأقدام الحثالات، عقدين من اللصوصية والخذلان، وجب على ضيوف التشيع الأيراني، ان ينصرفوا، قبل لحظة الأنفجار للغضب العراقي، ودم الشهداء، ساخن ثائر لا يتخثر، قبل اخذ ثأر ضحاياه، من مشروع التشيع الأيراني في العراق.

***

حسن حاتم المذكور

07 / 03 / 2023

 

مكن اليوسفي البلاد باستحقاق من فرص المرور إلى تنمية الديمقراطية بعدما لم يكن أحد، سواء في الداخل أو الخارج، ينتظر منها أن تحقق ذلك. انتخابات 27 شتنبر 2002 كانت منعطفا حقيقيا لترسيخ ارتباط السياسة بالتنمية. لقد كانت قائمة على التزام ثابت وقوي وعلى رهان تجاوز التوافق بعدما تعدى ذاته ومرتكزات وجوده. هذا الأخير كان قويا بين الطرفين اللذين اقتسما بشكل من الأشكال الشرعية الوطنية التاريخية في مغرب ما بعد الاستقلال.

أقيلت حكومة عبد الله إبراهيم سنة 1960 وتم توقيف جهود تحرير الاقتصاد الوطني، وعين السيد إدريس جطو رئيسا للحكومة سنة 2002، وبقي سؤال المآل المرغوب سياسيا مطروحا إلى اليوم. المؤتمر الاستثنائي لسنة 1975 في هذا المسار السياسي الزاخر بالأحداث كان محطة محورية. بعدما قاوم الوطنيون من أجل الاستقلال وعودة الملك محمد الخامس إلى عرشه، كان إقرار استراتيجية النضال الديمقراطي، عكس ما حدث آنذاك بمجتمعات الجوار المغاربي والعربي، بمثابة تعاقد واضح ورسمي من أجل العمل على تقوية النظام الملكي المغربي إقليميا وجهويا وإفريقيا بخيار الديمقراطية السياسية وتوطيد الإجماع الوطني للدفاع على الوحدة الترابية للمملكة.

المعركة اليوم من أجل بناء اقتصاد وطني حر وتثبيت الاستقلال الكلي للوطن صعبة وشرسة للغاية. عرقل طموح تشييد المغرب العربي مبكرا وأجهض التعاون والتضامن في شمال إفريقيا. عطلت وعسرت "القوة الثالثة" مراحل الانتقال الديمقراطي لمدة تجاوزت أربعة عقود، وعجلت من تفاقم الأوضاع العامة وتدهورها إلى أن تم التعبير الملكي عن ذلك بكون "المغرب مهدد بالسكتة القلبية".

خاطر حزب الزعيم بحجم وطن ولبى نداء الإيمان بالمستقبل، وتجاوب بصدق شديد وبدون حسابات سياسية مع تشبث ملك البلاد بإحداث التغيير منتصرا لمستقبل الشعب المغربي، وكان السند الشعبي للتجربة واضحا.

ترشح اليوسفي مرة واحدة في الانتخابات البرلمانية في حياته. لم يستحضر يوما ذاته. لم يسبق له يوما أن مرر إشارة انتهازية ولم يتبادل قط رسائل تواطئية مع أي جهة أخرى داخلية وخارجية. لم يفز وبقي متشبثا بالإرادة الشعبية كمصدر للشرعية الانتخابية. قرر منذ ذلك الحين عدم الترشح مرة أخرى.

عاد متفائلا. قاد مرحلة تواصل مكثفة طامحا الوصول إلى توافق صادق بنفس المنطلقات والمخرجات. تزعم الجهاز التنفيذي. نجح في إنقاذ البلاد من السكتة القلبية. عاش وضعية تنظيمية مؤرقة. امتعض من الخروج عن المنهجية الديمقراطية. تطورات الانتخابات الجماعية لسنة 2003 أرغمته على مغادرة سفينة العمل السياسي التي تقل مغربا آخر. تساءل في مذكراته كما حكاها للأستاذ بودرقة: أين نسير؟ مذكرا المغاربة بتفاصيل عرض محاضرته الشاملة ببروكسيل سنة 2003.

جوابا على سؤال لجريدة "العربي الجديد" يوم 11 أبريل 2015 قال اليوسفي: "شباب المغرب اليوم موضع اعتزاز، لأنهم يقبلون على العلم والثقافة بنهم وانفتاح، فقد باتت لدينا ثروة شبابية كبيرة، والشباب يحتلون مواقع هامة في البلاد. يؤدي الشباب دوراً ثقافياً واقتصادياً متميزاً، وتُشكّل مصدر قوة المغرب. وأملنا أن يعي هؤلاء الشباب مسؤولياتهم تجاه بلدهم وينفتحوا على العهد الجديد، وأن يقوموا بتجديد المغرب، لا سيما أن مكونات الشباب اليوم لا تقتصر على الرجال لوحدهم، بل تشمل النساء أيضاً. فالمرأة المغربية باتت ذات شأن وهي حاضرة بقوة في كافة الميادين، لذا نعوّل كثيراً على شبابنا".

لقد ذكر اليوسفي في نفس الحوار بدعوته للمغاربة وهو رئيس لحكومة التناوب إلى عدم تفويت فرصة وجود ملك شاب في حكم البلد. وأضاف: "واليوم بعد قرابة 16 عاماً أقول أن رؤيتي كانت في محلها، ولم يخب ظني، فالملك الشاب كان عند حسن تقدير الشباب المغربي، وتفهّم مشاكلهم على نحو جيد، وبالقدر نفسه على مستوى طموحات المغاربة جميعاً، بدليل أن المراقبين يلاحظون اليوم أن المغرب بلد متوازن ويسير في الاتجاه الصحيح".

***

الحسين بوخرطة

ان الزيارات المتكررة والمتعددة على العراق من قبل المجتمع العربي والدولي واللقاءات الجانبية والمباحثات السياسية والأمنية والاقتصادية مع بعض الدول وعلى مستوى عالي من التمثيل الدبلوماسي لدى هذه الدول دلالة على أن العراق يسير بخطى واثقة وثابة وعلى الطريق الصحيح في ظل التوازنات السياسية في العلاقة مع المجتمع الدولي وكذلك على الأهمية التي يمتاز بها والمكانة التي يحاول استعادتها وكل هذا يصب في مصلحة العراق دولة وشعبا تستطيع الحكومة العراقية من خلالها استثمار مصالحها الاقتصادية والأمنية والسياسية للشروع في بناء العراق من جديد والتخطيط السليم لإعادة البنى التحتية من خلال جذب الأموال والمشاريع إلى داخل العراق لتحسين الوضع ألمعاشي المتردي للفرد العراقي. فان هذا  الحراك الحكومي وهذه الثقة الحكومية في القيادة تساهم في تقوية الحكومة وزيادة ثقة المجتمع الدولي فيها فكلما شعرت الدول المحيطة به بالأمان والطمأنينة على مصالحها داخل العراق وسياسة الحكومة في الحفاظ عليها ومراعاتها يكون الدور فاعلا في مد يد العون للشعب العراق من خلال دخول الأموال الأجنبية لبناء الاقتصاد والمشاريع التي تساهم في إنعاش اقتصاد العراق الذي ينعكس طرديا على الواقع ألمعاشي للمواطن . فعلى الحكومة العراقية الاستمرار بهذا النهج الصحيح المدعوم من الدول الكبرى والمنظمات الدولية المؤثرة في سياسة العالم وقيادته وهيمنتها على اقتصاده لتكون الداعم الرئيسي الذي يستظل بظلها العراق وعدم تفويت هذه الفرصة المتاحة  من قبل المجتمع الدولي بعد خروجنا من مخاض عسير من التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية التي رافقت الحكومات العراقية السابقة والإرهاصات التي رافقت مسيرتها الصعبة أما الآن فأن المساحة المتاحة للحكومة العراقية العمل تحت غطاء المجتمع الدولي وخصوصا الحاضنة العربية الراغبة في إعادة العراق إلى حضنه العربي ومد يد العون بحسن النية وبدعم دولي واضح وصريح ومعلن وفق خارطة طريق جديدة تلبي طموحات الجميع في ظل التحديات العالمية والمتغيرات السياسية والصراعات التي تعصف بالعالم فأن قوة العراق بحكومة وطنية يكون فيها بمأمن من هذه الصراعات وتداعياتها التي تلقي بظلالها على الواقع العراقي وتأثيراتها على المواطن العراق وهذا ما لمسناه في الزيارات الأخيرة والوفود التي زارت العراق والفرق المنسقة مع الجانب العراقي كدولة حاضنة للقيام بدورها الفاعل في تقريب وجهات النظر في الخلافات الدولية وخصوصا المؤثرة على الواقع العراقي منها الجولات المكوكية بين إيران والسعودية والمؤتمر الأخير للبرلمانات العربية المنعقد في بغداد وزيارة الأمين العام للأمم المتحدة  والمناسبات الرياضية  التي يحتضنها كلها تضع العراق في موقعه الريادي والقيادي السابق مما يجعل العراق موضع اهتمام واعتبار لهذا الدور الذي يقوم به ونقطة التقاء لدول العالم على أرض العراق الحبيب كما كان سابقا عندما في وهجه وقوته وتأثيره الدولي.

***

ضياء محسن الاسدي

الدنيا ومنذ الأزل تقودها قوة واحدة، وفي مسيرتها لا توجد أكثر من دولة قائدة في وقت واحد، وهذا ديدن التفاعل الدولي على مر العصور، حيث تبرز قوة وتقضي على غيرها وتتسيد وتبقى على حالها المهيمن حتى تظهر قوة أخرى فتزيحها وتتسنم قيادة الدنيا بدولها كافة.

ولا يوجد في التأريخ ما يسمى عالم متعدد الأقطاب، فالدنيا أحادية القطبية وليست متعددتها، إنها في محنة الثنائية المتصارعة دوما.

وتجدنا اليوم وكأننا في دنيا غير دنيانا، ونتحدث عن عالم متعدد الأقطاب، وهذا أمر لم تعهده دول الأرض، ولا يمكنها أن تتواصل بظله.

فالقول بأن القوى الصاعدة ستتمكن من التفاعل المتكافل، حالة متخيلة لا تسمح بها إرادة الأرض الداعية للتصارع الدائب على ظهرها لتوفير طاقة الدوران السرمد.

فالذي سيحصل أن الأقطاب المتعددة التي سنظهر إن إستطاعت، ستدخل في دوامة تصارعية شرسة حتى تفوز واحدة منها بالقيادة والهيمنة.

ومن الواضح أن الدول الأوربية إستقرت نسبيا بعد الحرب العالمية الثانية بعد أن هيمنت عليها قوة ذات قدرة على توجيهها وفقا لمصالحها، وتجدها على شفا الإنحدار إلى ما كانت عليه قبل الحرب العالمية الثانية، فالحرب الدائرة أخذت تضع الأحجار على رقعة تفاعلية مغايرة، مما يعني أن الحروب الكبرى أخذت تزحف على جميع الأطراف.

فإلى أين تسير الدنيا؟

إنها أمام خيارين، أما أن تذعن القوة المهيمنة لإرادة القوى الطالعة، وتوفر لها ميادين التصارع والإنهاك، أو أنها ستواجهها ولن يفوز أي طرف في الصراع، بل ستتخرب المدن وتستباح الحياة، وربما سينتفي النسبة الكبرى منها، وتبدأ دورة البقاء من جديد.

والمطلوب جمهرة حكماء يديرون اللعبة الدامية المستعرة النيران، فأدوات الشر الفتاكة لها زئير في سوح المصير العسير!!

***

د. صادق السامرائي

 

قالت إحدى النائبات: يتمنى والدي لو كنتُ معلمة وإلى اليوم بعض الآباء يريدون لبناتهم أن يعملن في مجال التربية أو الهندسة أو الصيدلة بإستثناء السياسة.

بعض النساء تختار أن تكون في البرلمان والعمل في المجال السياسي وهذا أسوأ ما قد يحصل للعائلة ! لأن الأنثى في المنطق الذكوري خُلقت لتكون في البيت، وكثير من النساء يقعن ضحية للذكورية والإضطهاد والتَحكّم والعنصرية والضغط الإجتماعي العرفي والعشائري، فمنهن من منعها والدها من الدراسة وأخرى حرمها أخيها من الدخول إلى الجامعة وأخريات من القاصرات والمراهقات تزوجن بالفرض والغصب بسبب النهوة والفقر، ولغاية اليوم تعيش بعض الفتيات تحت القهر والجبر في دائرة الممنوع والعيب لا تستطيع الخروج إلا بإذن من والدها أو زوجها ولا تسافر أو تعمل أو تقضي وقتاً ممتعاً مع بعض الصديقات بذريعة الخوف والحفاظ ونظرة الناس وقسوة المجتمع .

لكن من حسن الحظ القسوة لم تطال بعض النساء اللواتي استطعن الوصول والحصول على وظائف ومراكز مهمة في الحكومة والسياسة والبرلمان ونجحنَ في اختيارهن العالم السياسي والجلوس في قاعات الدولة والمشاركة في الحلقات والإجتماعات النقاشية وحضرن الفعاليات والمؤتمرات ومثَّلن حكوماتهن في الدول، لكن حتى الآن لم تصل المرأة إلى تفعيل دورها السياسي في القيادة أو القرار فجميع قيادات الإئتلافات والأحزاب أو التيارات السياسية “رجال فقط ”، وربما يُمثِّلن النساء جزءاً كبيراً من البرلمان العراقي لكن التمثيل يتعلق بالعدد وليس الحضور أو القرار فلم تستطع إحداى النائبات تفعيل قانون العنف الأسري مثلاً لأن هنالك رجال في البرلمان رفضوا القانون .. لذا فإن النساء لا تمتلك دوراً حقيقياً وريادياً في المجتمع وهذا ليس نقصاً في عقلية وإمكانية وقرار المرأة لأن النساء الأوربيات أبدعن وأنجزن ومثلهن بعض النساء العربيات اللواتي أثبتن صلاحيتهن وقدرتهن في القيادة والنجاح في مزاولة المنصب .

لن تحصل المرأة على الأهمية في المحور السياسي تحت خط الصراع مع الذكورية والتخلف الفكري والقانوني الذي لا يخدم أو يدعم النساء الضعيفات المُضطهدات والمُعنفات .

***

ابتهال العربي

 

 

أبي زيد ولي الدين عبد الرحمن بن خلدون (1332 - 1406) ميلادية، المؤرخ العربي المشهور بمقدمته التي كتبها في خمسة أشهر سنة (1377) ميلادية في قلعة إبن سلامة في الجزائر، وهي الجزء الأول من كتابه (كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر).

مضى على تلك المقدمة (646) سنة ولا تزال ذات صدى وتأثير، وتعتبر حجر الأساس لعلم الإحتماع، وقد تناول فيها مواضيع متنوعة كالدين والبيئة والجغرافية  ومراحل العمران ونظم الحكم وشؤون السياسة والظواهر الإقتصادية وما يتعلق بها  من صناعات وكذلك الأمور النفسية، وغيرها العديد من الموضوعات التي تخص التفاعل البشري .

وما يثير الإنتباه في المقدمة ربطه بين الفكر واليدين، وإعتبرهما الميزة التي تفرق الإنسان عن باقي المخلوقات.

ولابد من الإشارة إلى أن الدماغ آلة العقل، وبدون الدماغ لا وجود للعقل، والدماغ يحرك أعضاء البدن ويوجه اليدين ويعينهما على إكتساب المهارات والقدرات التصنيعية، فبدون اليدين لا يمكن للبشر أن يأتي بمصنوع، ولو نضجت الفكرة في رأسه وتجسمت.

وعندما نريد الوصول إلى تعريف العقل، فهو نشاط الدماغ الكهرومغناطيسي، فالأدمغة محاطة بمجالات كهرومغناطيسية متوافقة مع قدراتها التوصيلية وما فيها من عُصيبات ناشطة، وبهذه الخاصية تتفاوت قدرات الأدمغة على جذب الأفكار وتصنيعها، وتطويع اليدين لإنجازها.

فالأفكار مبثوثة في الفضاء والأدمغة تجذبها بقدراتها الكهرومغناطيسية، وهذا التفاعل الفيزيائي بين الدماغ والأفكار يسمى العقل، الأفكار مثل الفوتونات الضوئية أو الأمواج الضوتية، وسيأتي اليوم الذي نتمكن من إختراع الأجهزة القادرة على تسجيلها.

وعودة إلى إبن خلدون الذي فقد أبويه في مطلع صباه بسبب الطاعون، والعديد من أساتذته، وكذلك عائلته وهي مبحرة لتكون معه في مصر.

هذا العالم العربي إهتم بالسلوك البشري الفردي والجمعي، ووضع نظريته في دراسة المجتمع وفقا لمنهج علمي واضح لا يختلف كثيرا عن مناهج الدراسات العلمية المعاصرة، فأحدث ثورة فكرية وثقافية وأطلق آليات التفاعل المبدع مع البيئة والمجتمع.

وأحيانا يبدو وكأنه قد فسر علاقة الأفكار بالسلوك وبالحالة النفسية للفرد والمجتمع، وهو دليل على أن الأمة تكنز طاقات إبداعية ومعرفية أصيلة، فعلينا أن لا نبخس بضاعتنا، ونرى أنفسنا بعيون العزة والثقة بالحاضر والمستقبل، وبأننا حتما سنكون!!

***

د. صادق السامرائي

 

فُطِرَ الانسانُ على عِشْقِ الجَمالِ وَكَراهيةِ القبحِ، ولكن للاسف رُبِّيَ انسانُنا على أَنْ يَرى القبحَ جمالاً والجمالَ قبحاً، من خلالِ الافكارِ المُتَطَرِفَةِ التي يُغَذيها تَأريخٌ من الدَمِ والقتلِ والاحقادِ والصراعاتِ والحروبِ والفتن. كُلُّ هذا القبح يغذيهُ كتابُ الفتنة وخطباء السوء، الذينَ يثيرونَ  الفتنة ويغذّون الاحقاد، وينشرونَ القتلَ والرُّعبَ.

 مردُّ ذلكَ كلِّهِ-في نظري-، الى فقدانِ الذائقةِ الجماليَّةِ. والاّ كيف يمارسُ التّكفيريُّ هذا الاجرامَ من قطعِ الرؤوس، وتكميم الافواه، وسبي النساء، بدمٍ باردٍ. لو كان هذا التكفيريُّ يتذوق الجمال، ولهُ ذائقةٌ تُمَيِّزُ الجميلَ من القبيح، لما ارتكب كلَّ هذا القبح. الذائقةُ الجماليَّةُ عند هذه الاجيالِ التكفيرية ارتكست ومسخت بحيث صار يرى أن مايمارسهُ هو الجمال بعينهِ، ومايراهُ الاخرون قبحاً هو الجمالُ بعينهِ.

 وعليه؛ اذا كنّا حريصين على انقاذ اجيالنا وشبابنا ومجتمعنا من هذا القبحِ الذي استطالَ شرُّهُ على ظهرِ هذا الكوكب؛ علينا أنْ نضعَ مناهجَ جديدة تشحذ الذائقةَ الجماليّةَ، وتعيد لهذا الشاب فطرتَهُ العاشقة للجمال بعد أن مسَخَها الافاقون. وَأعتقدُ أَنَّ كتاب "المراجعات" الذي كان حواراً رائعاً مفعماً بكل ماهو جميل، هو أفضل مقرر دراسيٍّ يقدم لهذا الجيل. الكتاب كان حواراً رائعاً كتب باسلوبٍ أدبيٍّ أَخاذٍ، وتضمن هذا الحوار أدبٌ جمٌّ، في عباراتهِ وكلماته التي تفوحُ منها رائحةُ الحب والمودة، بلا شتائم ولاسباب، كما نراها اليوم على الفضائيات التي تفوح منها رائحة الحقد والكراهية. والحوار كان بين علمين كبيرين، من علماء المسلمين، السيد عبدالحسين شرف الدين، احد كبار علماء الشيعة، والشيخ سليم البشري شيخ الازهر، العالم السني الكبير. هذا الكتاب يجب ان يدرس لاعادة الذائقة الجمالية لشبابنا الذي افترسته الحركات التكفيرية وملأت قلبه وعقله بكل ماهو قبيح. لو اصبح الجمالُ قيمةً ساميّةً تدرس في مراحل الدراسة لانشأنا جيلاً يمتلك ذوقاً جمالياً سليماً يصعب اختراقهُ ولحمينا هذا الجيل من كل ماهو قبيح، ولحصّناه بالجمال من اختراق الافاكين والمتطرفين.

***

زعيم الخير الله

 

 

لا أعرف على وجه الدقة ما هو العمر السياسي للنائب ورئيس مجلس النواب الأسبق محمود المشهداني، ربما عشق السياسة منذ ريعان الشباب، أو أنه تعلق بها على كبر ! لكنه حتماً استطاع وبشطارة تُحسب له أن يحول سنوات السياسة إلى بنك متنقل يحصد من وراءه مئات الملايين سنوياً،

ورغم أن الرجل يعترف بأنه "لا يعرف ما هي الدولة"، لكنه مشكوراً يخرج علينا بين الحين والآخر ليبث همومه ومصاعبه في خدمة الوطن والتي تتطلب منه جهداً يأخذ من وقته الثمين الكثير.. السيد المشهداني كشف لنا عن سر خطير، فقد اتضح أن مشاكل العراق لا تتعلق بنقص الخدمات وارتفاع الدولار والسرقات التي لا تنتهي، والانتهازية السياسية، وإنما بأشخاص يريدون أن يسيئوا للعراق، فنجده يصرخ وهو يتهجد "عمي هذا العراق"، وحين يقول له مقدم البرنامج: ألا تعتقد أن هذا تكميم للأفواه؟ يجيب بحماسته المعهودة "لو بيدي أخيط الأفواه".

للأسف هناك من يعتقد أن الظهور الإعلامي، يكفي لكي يحول أي شخص إلى سياسي، وهذا ما وقع به الكثير من النواب الذين تصوروا أن الفشل في الحياة يمكن أن يفتح لهم أبواباً في مجالات أخرى ولتكن السياسية.. ولعل الذاكرة لا تزال تحتفظ بالعبارة الشهيرة لرئيس مجلس النواب السابق محمود المشهداني الذي خرج علينا ذات يوم منتقداً الدستور لأنه يضم مواد تحترم الحريات، فقال بالحرف الواحد "نحن عندنا تبويب للدستور، لأن هذه الفقرات تخرب المجتمع وتؤدي إلى نشوء جيل (دايح)" على حد تعبيره.

يردد المشهداني في كل حوار معه اننا دولة اسلامية ، وكأن الشعب العراقي كان يعيش عصور الجاهلية قبل ظهور محمود المشهداني ، والآن دعوني أتساءل هل من الاسلام أن أكثر من ربع العراقيين تحت خط الفقر؟ فيما يحصل الرجل " الزاهد " محمود المشهداي على راتب تقاعدي يصل إلى الأربعين مليون دينار في الوقت الذي تحرم الأرامل والأيتام من الفتات؟

للأسف ينسى البعض أن التصدي للسياسة يعني أن تكون قادراً على صنع موقف والدفاع عنه، يعني أن تؤمن بأنه قد تأتيك ثقة الناس في لحظة لكي تقوم بدور حقيقي.

ليس لديَّ موقف شخصي من الدكتور محمود المشهداني الذي اشتهر بتعليقاته الغريبة، وكان ابرزها حين قال بالحرف الواحد :" نحن لايهمنا من يصبح رئيساً للوزراء، .. اللي ما ينطينا ما لاتنا نزعل عليه، واللي ينطينا نرضى عليه، ومراح نفكر بأن هذا رئيس وزراء مهني لو مو مهني، يشتغل زين لو ما يشتغل زين، هاي مسألة ما تهمنا، المهم ينطينا المالات ".

السيد محمود المشهداني ببساطة الناس تعرف وتدرك انك ترفع شعارات عفا عليها الزمن.

***

علي حسين

 

 

نحاة: جمع نحوي :علماء النحو: علم يُعرف به أحوال أواخر الكلام إعرابا وبناءً، والنحوي: العالم بالنحو.

المناظرة المشهورة التي حصلت  بمجلس هارون الرشيد (170 - 193) هجرية، بين سيبويه والكسائي واختلفا فيها خلاصتها : أن بعض الأعراب تقول "قد كنت أظن أن العقرب أشد لسعا من الزنبور، فإذا هو هي"، ورأى ذلك سيبويه، فقال الكسائي: وقالوا...فإذا هو إياها" بالنصب، وإنحاز أكثر الحاضرين إلى الكسائي، فهزم سيبويه، وخرج مهموما مكمودا، فمات بعد أيام، في حضن أخيه.

هذه المناظرة تشير إلى عظيم الإهتمام الدقيق التفصيلي باللغة العربية، وقد حظيت لغتنا بهذا المقام دون غيرها، وبرز نحاتها الذين أرسوا دعائم مجدها الخالد.

وما أعظمهم وأكثرهم إبتداءً بأبو الأسود الدؤلي والفراهيدي وتلامذتهم الذين أصبحوا أفذاذا وأساطينا في علوم لغة الضاد.

ولا تزال العربية تلد علماء أصفياء يجيدون سبر أغوارها النحوية، ويقدمون للأجيال نفائس مفرداتها وتراكيبها وعباراتها البلاغية، ولا يمكن لفرد أن يلم بالعربية بمشاربها ومضاربها، ولا بد من عقول متخصصة متفاعلة تساهم في المحافظة على وضوح الطريق اللغوي للأجيال.

فالعربية ترسخت وتطورت وتفاعلت مع العصور بفضل أفذاذٍ نذروا أعمارهم للتبحر فيها، والغوص في أعماقها ليأتونا بجمان ما تحتويه من النفائس والخرائد البديعية.

ومن حقنا أن نفخر بلغتنا الثرية بمفرداتها ومطاوعتها وقدرتها على إستيعاب المستجدات، والتآلف مع اللغات الأخرى، وتستضيف مفردات من غيرها، كما فعلت وتواصلت على مدى القرون، ومنها إكتسبت العديد من اللغات مفردات وعبارات.

ترى هل أن الغيرة اللغوية لا تزال متوقدة في أذهان الأجيال؟

والجواب أن الأمة تصنع في أجيالها رموزا من النحاة المجاهدين لرفع لواء اللغة، وإدامة أنوارها المعرفية وتطويعها لكل زمان ومكان.

وتبقى رسالة العرب الأولى نشر لغة الضاد في أرجاء الدنيا، فهناك جوع معرفي إنساني لتعلم اللغة العربية!!

فهل سنلبي نداءات لغتنا؟

***

د. صادق السامرائي

 

 

كان أول لقاء لنا بالخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، على صفحات كتاب السنة الخامسة ابتدائي إذ لم تخني ذاكرتي، في نص أدبي حول تلك المرأة أم لصبيان جياع، وقد وضعت حجارة في القدر على أنه طعام حتى يناموا.. تلهيهم حتى يرقدوا.. فلما اقترب منها الخليفة دون أن تعرفه عبرت له عن سخطها من الخليفة فما كان منه الى أن أسرع واحضر لها الدقيق وطبخه لهم بنفسه.. ولم يغادرهم حتى أكلوا وشبعوا وترك الأطفال يضحكون بعد أن كانوا يبكون جوعاً...

هذا أول موقف من مواقفه العظيمة رضي الله عنه رسخت في وجداني وعقلي رغم ما قرأته فيما بعد من كتب السير عن عمر الفاروق، لأني أدركتُ في ذلك السن المبكر أن التدين ليس صلاة وصوم وإنما رحمة وإنسانية وتحمل للمسؤولية ...

وثاني لقاء به أيضا كان بسبب امرأة، وربما في أحد خطب الجمعة، ولا أتذكر الزمن، لكن الموضوع هو مكانة المرأة في الإسلام، إذ كيف يمكن لامرأة أن تقول لأمير المؤمنين لا ...لا .. ويعترف الخليفة الورع والعالم والمصاحب للرسول صلى الله عليه وسلم لسنوات، ويقولقولته المشهورة أصابت امرأة وأخطأ عمر.. والقضية كانت قضية تحديد للمهور رأفة بالشباب وتشجيعا للزواج...

وثالث لقاء، أيضا امرأة، وهو لقاء مؤثر، قرأته في أحد الكتب،، وهو من المواقف العظيمة يعكس قوة القرآن الكريم حينما يغزوا القلوب فيحولها من شأن إلى شأن أخر، بل ومعاكس تماما، وتلك المرأة لم تكن إلا أخته فاطمة لما تحدته وقالت له بأنها أسلمت هي وزجها وليفعل ما يشاء وإنها لا تخافه ...وأخذ منها الصحيفة التي كانت في يدها وقرأها ....

قرأها وتأثر وتحرك قلبه وقال ما أحسن هذا الكلام وأكرمه.

***

بقلم عبدالقادر رالة

 

يقدم آلاف الأشخاص على الإنتحار في الدول الأوروبية لسببين ضعف الإيمان والإدمان على المخدرات وشفافية المشاعر، لأن الإنسان خاضع لمشاعره ورغباته أكثر من أي شيء آخر، لذا تتزايد حالات الموت وجرائم القتل، أما هنا في المدة الأخيرة أصبحت تتزايد حالات التعنيف والإغتصاب و الإنتحار وصار الموت يقترب أكثر، لأن الأسباب تعددت مابين الفاقة والبطالة والخذلان العاطفي والمخدرات. والأهم من كل ذلك الإكتئاب الجاثوم الخطر الذي يسحبنا إلى قتل أنفسنا، لكوننا لم نعد نشعر بطعم الحياة ونفقد اللذة بكل شيء ولم يعد لنا رغبة بالإستمرار بسبب الحزن الشديد .

قبل أيام شاهدت في التلفاز شاباً من إحدى المحافظات الجنوبية رمى بنفسه من أعلى الجسر وكان متعاطياً للمخدرات، لأنه عاطل عن العمل وربما كان قراره ليس صحيحاً، لكنني شعرت بالأسى لهذا الوضع المساوي الذي يحيط بشبابنا ويقتلهم وتبادر لذهني أن هنالك من يُقتل بطلقة أو لغم أو مفخخة وهنالك من يُقتل بالحزن والمخدرات وكلاهما سُم قاتل، والأتعس أن هؤلاء الشباب يتعرضون للإنتقاد في حياتهم ومماتهم من الناس دون أن يفكر أحدهم في ظروفهم القاسية ومعاناتهم وآلامهم لاننا دأبنا على أن ننتقد دون أن ينتقدنا أحد، لذا أود القول أن العديد من حالات انتحار الشباب وتعاطيهم للمخدرات ليس عبثاً أو إنحلال بقدر ما هو ضعف وحزن .. إن المتعاطي أو المدمن ليس إلا انساناً تعيساً متهالكاً ومهموماً ومتعباً غارقاً في الحزن، يستعين بالمخدرات وتصبح ملجأه الوحيد للهروب مما هو فيه من التعاسة أو الكبت أوالندم أو الحرمان أو النقص أو عدم الثقة بالنفس أو عدم الإهتمام أو عدم الإرتباط أو العمل، و ربما نراه يأكل ويشرب وينام ويعيش، لكن هو في الحقيقة إنسان غير طبيعي لأنه يحمل بداخله ثقلاً كبيراً.

من الصعب أن نمنع الشبكات المستفيدة من ترويج وتجارة المخدرات لأن أبوابنا مفتوحة لها ومن الصعب أن نمنع الفساد لأنه في الأنفس قبل أن يكون في المؤسسات، لذا ليس لنا إلا الإيمان والنظر إلى النصف المملوء والأشياء التي نملكها ولو كانت قليلة ونحافظ على خيط رفيع من الأمل عسى أن نتنفس بلا حزن، فعندما تستبد فينا لحظات الحزن واليأس نغرق في الكآبة ونموت .

***

ابتهال العربي

 

ماهي الوسائل والسياسات التي يجب اتباعها لتحويل العراق كل العراق الى واحة خضراء اعتماداً على الفائض النفطي وقلة الحاجة العالمية للنفط؟

ماذا نفعل ان بدأ انخفاض تصدير النفط من عام 2025 وسيزداد الانخفاض حتى تبلغ حاجة العالم الى حوالي الثلث عام 2030؟ ماذا سنفعل بالثلثين؟ استطيع ان أقول وبكل ثقة اننا بما تبقى من الثلثين نستطيع ان نحول العراق الى واحة خضراء، نستطيع ان نحقق مشروع (العراق الأخضر) فيكتفي العراق من كل حاجاته للمنتجات الزراعية من حنطة وشعير ورز ومختلف الفواكه والخضروات فضلاً عن النخيل، ونحول الصحارى الى غابات ونعيد الاهوار الى سابق عهدها ونقضي على التصحر، فالأرض العراقية هي ارض رسوبية وهي خصبة من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب ولكن مشكلتنا هي المياه؛ ابتداء يجب احتساب النقص في المياه، والنقص يمكن ان يعوض من وحدات تحلية مياه البحر، والطاقة المستخدمة لوحدات التحلية يجب ان تكون غير ملوثة للبيئة واقتصادية وذلك اما عن طريق الطاقة الشمسية او من الهيدروجين الناتج من تصفية النفط في المصافي الخضراء، أي بمعنى آخر نستخدم ثلثي النفط لتحلية المياه من دون احداث أي تلوث للبيئة؛

مثل هذا الطرح يحتاج الى دراسات متعددة فضلاً عن كلفة (مشروع العراق الأخضر)، الدراسات يمكن ان تكون مجانية بشكل كامل اما مشروع العراق الأخضر فيمكننا ان نحصل على منح تغطي 50٪ من كلفة المشروع من خلال صندوق المناخ الأخضر

(Green Climate Fund) GCF

حيث تم تخصيص 100 مليار دولار سنوياً ضمن مؤتمر التغير المناخي / وهناك عتب على مجموعة من الدول ومن ضمنهم العراق بسبب قلة استخدامهم لهذه المنح، فللأسف العراق لم يستفد من هذا الصندوق خلال خمس سنوات غير حوالي 4 مليون دولار دفعت الى وزارة البيئة عن مشاريع بسيطة، اما دولة مثل مصر فقد حصلت على منح تجاوزت المليار ومئتي مليون دولار مع تبرعات أخرى دفعت لمصر تبلغ نصف مليار دولار في مؤتمر شرم الشيخ للتغير المناخي لهذا العام، الهند استفادت حوالي 4 مليار دولار وبنغلادش استفادت بحدود 2 مليار دولار !!!!!

للأسف بسبب الحكومات المتعاقبة التي يفتقر معظم وزراءها الى الكفاءة والنزاهة والمهنية بسبب المحاصصة فالبلد بعيد عن مثل هذه المشاريع والمؤتمرات بل متجه الى الانهيار.

ومن هذا المنبر ادعو فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد اللطيف رشيد لدعوة الأمم المتحدة لعقد مؤتمر التغير المناخي لعام 2024 في العراق مع تهيئة كافة الدراسات اللازمة لتحقيق اكبر فائدة في هذا المضمار للعراق.

***

محمد توفيق علاوي

 

 

تُخْتَزَلُ الثقافة بمكناس بنوع من أنشطة فئة المريدين والأتباع والمصفقين بالعادة. تُخْتَزَلُ في توقيع منشور أو كتاب أو قراءات شعرية. تُكَرِسُ الثقافة بمكناس منطوق التكريمات من النوع الورقي السميك، مَرَّة أَنْتَ من مكرمي منصة الخطابة، ومرة أُخرى يصبح المتلقي القديم خطيب المنصة، وبختم صور للتكريم.

هي ثقافة (أّمُولاَ نُوبَة) بمكناس. ثقافة تتحرك فقط بمعيار الائتلافات والفصائل، ولما لا حتى تكتل نيل حصص الدعم والمحاباة. ثقافة حبيسة بقاعة باردة من (ولي الله) بالقبة الخضراء، وتستنسخ البرنامج السنوي بتغيير التواريخ والألقاب والصفات والمهمات. في مكناس الفريد من نوعه بامتياز سؤال: من قتل الثقافة؟ حين الجواب تختلط الثقافة بالموسيقى وبالدقة العيساوية وبالرقص الحضري... تختلط بمعايير التنقيط والتصنيف والمصاحبة والولاء، ولما لا حتى التبضيع والاستغلال بتلميع الصورة. هي الثقافة (الوسائطية) وسنة بعد سنة ينال الإنهاك من ثقافة مدينة مُبْتكرة عن بعد، ويسأم الجميع من تلك الموائد الثقافية الرخوة.

الفراغات في الحقل الثقافي بالمدينة تزيد بياضا، وكانت سببا مِعْوليا في نسف البناء الثقافي النظيف، والذي كان يشهد له الجميع بالقيمة التفاعلية مع قضايا الوطن والمدينة والمجتمع. الفراغ الإبداعي أنشأ شبكة من متحكمي الفعل الثقافي باستنساخ الوجوه والأنشطة المتراكمة بلا أثر مندمج. الفراغ زكى علماء فقه الثقافة واللغة بالتفرد بالمدينة، وباتوا من منظري زمن عطايا الدعم (المنح)، وفي وجود المثقف النفعي.4897 مكناس

قد تكون أزمة مكناس تنموية في غياب المثقف الجذري والمفكر المبدع. هنا غير ما مرة نبهنا بالفضل لا بالتشديد في غياب رؤية واضحة لمديرية الثقافة بمكناس، حول الفعل الثقافي بالمدينة . فالمثقف (الطبقات الشعبية) ضربت عليه العنكبوت بنسجها، وبات يلازم ندوات تسويغ التدجين، وقد يفرح بتكريم ورقي، ويتناول الشاي وقوفا، ويوزع الابتسامات المطيعة، ويأخذ صور تحط مباشرة في المواقع الاجتماعية.

 المثقف بمكناس ولن أعمم القول، أصبح من مستهلكي الحفلات والمهرجانات ذات الفائدة الربحية، أو ينتج مهرجانا لتوظيف الفرصة الثانية. المثقف تخلى عن الوعي الرزين، وقد يبيت يمارس (الهذرة) في الندوات الرخوة التي لا أثر لها، أولا على الفعل الثقافي والثقافة، ولا على مستوى إنشاء الوعي الحضاري بالمدينة.

أقول ولن أسحب القول: مدينة مكناس مدينة الفراغات الثقافية، مدينة الفعل الثقافي الرخو، مدينة الأنشطة الموازية ونسميها حتما الفعل الثقافي. لن نكذب، فالمدينة لا تحمل مشروعا ثقافيا مهيكلا بمراحل ووقفات رمزية ، وبدراسة الجدوى. المدينة تخبط خبط عشواء في المنصات الثقافية، وتخطط للفعل الثقافي وفق العوائد النفعية منذ البدء. نعم، مكناس تنتج الثقافة اللاوعي، تنتج ثقافة الاحتفاليات والمواسم، وتغيب ثقافة القيم والعلم والوجود الإنساني التفاعلي مع المحيط والعالم، من تم لن أسمي مكناس حتما بمدينة الثقافة !!

حين نتكلم عن المثقف، لا نتكلم عن المبدع/المفكر الذي يمتلك التجديد لا الاجترار والدوران في حلقة مسدودة  داخل القبة الخضراء. فالمدينة تحتاج إلى بنيات تحتية توزع الفعل الثقافي التجديدي بالعدالة على مجموع الأحياء القصية. تحتاج إلى مجلس ثقافي (يخلو من المحاباة). مجلس يدرس الحاجيات الثقافية بالمدينة بالتنوع، ومن جهة الالتقائية مع رؤية الدولة في أدوار الفعل والفاعل الثقافي المكون للإنسان (المندمج مع قضايا الوطن والوسط الاجتماعي والتنمية). مدينة تحتاج إلى مبدعين لا لمستهلكي ثقافة الفرصة الثانية، ومُتصيدي الريع (حلال/ الدعم/المنح). مدينة تُنتج الفعل الثقافي النظيف، وتتخلص من مهرجانات (الفرصة الثانية). مدينة تنفتح على مواطنيها بالتأكيد الثقافي البنائي. مدينة تستنشق الثقافة الوجودية والكونية، لا الثقافة النفعية واستغلال الجفاف في الوجوه الثقافية.

***

محسن الأكرمين

 

 

الشبهة الثالثة هي نقل صورة مشوهة وغير دقيقة عن المسلمين في مكة المكرمة على أنهم مضطهدون معذبون. والمهاجرون مع رسول الله محمدا إلى المدينة المنورة أذلاء فقراء خُمص البطون لكن إذا تتبعنا الصحابة الكرام ففيهم الأسماء والشخصيات  الميسورة الحال والتجارية وذات النفوذ الاجتماعي والمالي منهم الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وأبو بكر الصديق وجعفر بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم وأرضاهم حيث أعتمد عليهم النبي محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين في إدامة زخم دعوته الجديدة ماديا ومعنويا بعدما بعثهم بأموالهم إلى الحبشة للتجارة فيها ونشر دعوته خارج الجزيرة العربية وهذا ما اتضحت آثاره في المدينة المنورة بعد الهجرة الشريفة حتى واقعة خيبر .

فقد كان لرسول الله نظامه المالي المنظم وفق سياسة مدروسة يديرها بحنكة أدارية حكيمة واعية كنظام دولة إسلامية فتية بأسلوب مالي بديع تجبى له الموارد المالية من خلال ما يسمى بيت المال بمثابة وزارة المالية أو البنك الاقتصادي في نظامنا الحالي من مصادر عديدة شرعها الله تعالى له تارة أو بعقليته الإدارية وهي

(الزكاة – الخراج – الجزية – الغنائم – الفيء – الأوقاف – الخُمس) .

أما أمواله الشخصية العائدة له شخصيا والتي ورثها من أجداده ووالداه وزوجته فهي كالآتي

- ميراثه من والديه حيث ورث من أبيه الجارية أم أيمن رضي الله عنها وخمسة من الإبل ومولاه شقران وأبنه صالح

- ورث من أمه رضي الله عنها دارا في مكة المكرمة في شعب أبي طالب

-ورث من زوجته خديجة بنت خويلد عليها السلام دارا بمكة المكرمة بين الصفا والمروة وأموالا وفيرة من تجارتها قبل وبعد البعثة النبوية الشريفة

- خُمس الأنفال من غزواته ومواقعه الحربية في المدينة المنورة وسبعة ضياع وبساتين أكبرها بستان فدك ومزارع يهود خيبر وبني النظير.

وهذا يدلل على أن النبي الكريم لم يكن فقيرا حسب ما نقله لنا كتاب سيرته بل على العكس كان ذا مال وجاه ومكانة اجتماعية معروفة لدى أهل مكة وأنه امتداد لعائلة متنفذة ذات نفوذ سياسي واجتماعي ومالي من جده عبد المطلب وعمه أبو طالب سيدا قريش لم يتزعموا قومهم بدون مال وبنين وخصوصا في مجتمع عربي ذكوري قبلي سلطوي أما الحديث عن المسلمين الذين هاجروا معه ومن بعده فقد استفادوا من ظروفهم الجديدة وتحسنت أوضاعهم المعيشية ومكانتهم المجتمعية في المدينة المنورة حيث استطاع النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه في إرجاع أموال الأنصار التي في ذمة المهاجرين حين أخاهم مع بعضهم وأصبحت لديهم الكثير من الأموال والأملاك ومن هذه الشخصيات على سبيل الحصر .

1- الزبير بن العوام: بلغت ثروته (40) ألف درهم إلى جانب الأراضي الزراعية والماشية والدور في الكوفة والبصرة والمدينة المنورة ومصر .

2- عثمان بن عفان رضي الله عنه: بلغت ثروته بعد مماته (150) ألف من الدراهم وأملاك في وادي القرى وحُنين .

3- عبد الرحمن بن عوف: ترك أموال على شكل سبائك من الذهب وأراضي شاسعة زراعية وترك (1000) من الإبل) و(3000) رأس غنم و(100)حصان

4- طلحة بن عبيد الله: ترك ثروة بقيمة (2,200) ألف من الدراهم و(600)ألف دينار ودورا في العراق .

5-علي بن أبي طالب عليه السلام: كانت لهم أراضي يزرعونها في المدينة وأموالا من ميراث جدهم وضيعات من الخُمس والفيء في المدينة المنورة .

6-سعد بن أبي وقاص: ترك ثروة قدرت ب(250)ألف درهم .

7-عبد الله بن مسعود: حوالي(90)ألف درهم .

8- خباب بن الأرت: ترك (40)ألف درهم .

حيث أن الفقر والزهد والفاقة ليس من سنن الله تعالى على عباده وهي نقص في الإنسان وهذا لا يليق بالأنبياء كذلك كما قال العزيز الحكيم في حث الناس على العمل والكسب المشروع الحلال والغنى الحلال من الدنيا كما قال الله تعالى (ولا تنسى نصيبك من الدنيا) و(قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق.. ......) وخاطب نبيه (ووجدك عائلا فأغنى) وقال (وهو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) و(ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهم حسبه أن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا).

***

ضياء محسن الاسدي

 

بعد مرور أكثر من عاماً على اجتياح الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، وإسقاط نظام صدام، والذي يُعد من أكثر الأنظمة الديكتاتورية فتكاً وهتكاً للحرمات وسفكاً لدماء شعبه، هناك إجماع على إن الحرب كانت خطأً فادحاً، وعلى الرغم من الإجماع والدعم الدولي، إلا إن عملية إسقاط النظام شابها الكثير من الأخطاء والمعوقات التي حالت دون بقاء النظام السياسي والدولة.

ما يعزز هذه القناعة هو حالة الفوضى التي سادت عملية إعادة بناء العملية السياسية في البلاد، وما شاب من عمليات الفساد الكبيرة التي رافقت عمليات الأعمار سواءً تلك التي كانت تحت رعاية الحاكم المدني"بول بريمر" أو التي كانت سبباً في بقاء عمليات الفساد المنظمة التي رافقت تشكيل الحكومات المتعاقبة، وما رافقها من قوانين واجتهادات لبريمر، والتي كانت من أهم أسباب بقاء عمليات السرقة المنظمة وهب المال العام من كبار الساسة الذين تربعوا على قيادة العراق، حتى وصل الحال إلى إن أغلب البنوك الإقليمية والدولية تعمل بالأموال العراقية المهربة إليها.

في عام 2003 قدّر البنك الدولي الناتج المحلي للعراق بحوالي 21.9 مليار دولار، في حين وصل الناتج المحلي في عام 2021 ما يقرب من 208 مليار دولار، وبذلك ارتفعت المقاييس للحياة في العراق وتنوعت، وعلى الرغم من الضربات التي وجهت للنظام السياسي بعد عام 2003، وما شابه من عمليات الفساد التي ضربت مؤسسات الدولة كافة، إلا إن هناك تحول ديمقراطي جيد وانتخابات تنافسية وليست كما يروج لها قبل عام 2003 والنتيجة تكون فيها محسومة.

الأمر الأكثر دهشة وعلى الرغم من قناعة واشنطن إن العراق أصبح تابعاً لطهران، ويعمل تحت رايتها وقراراتها، وخصوصاً بعد انسحاب القوت الأمريكية عام 2011 بأمر من الرئيس الأمريكي"باراك أوباما"، ولكن في نفس الوقت لم نرى أو نلمس هذا النفوذ في مراحل تشكيل أي حكومة، بل أن هناك دعماً ملموساً في أي حكومة تتشكل وموقفاً سياسياً رافضاً لأي أنقسامات في الداخل العراقي تتسبب في التدهور الأمني وعدم الاستقرار في الشارع الداخلي .

لقد أثبت السيد السوداني انه ليس يد إيران في العراق، وله موقفاً سياسياً وقرار مستقل من أي موقف إقليمي أو دولي، وينبغي للعراق أن يكون بلداً مستقلاً بعيداً من التدخلات التي تضر بمكوناته أكثر ما تقوي عنصر الثقة بينها، وعلى الرغم من ترشيحه من ق الإطار التنسيقي القريب من طهران، إلا انه يبدي حالة التوازن بين ما يخدم مصلحة العراق وشعبه ، وبين ما يكون سبباً في التهدئة في المنطقة عموماً من خلال رعاية العراق لطاولة الحوار بين الأطراف سواءً طهران ودول الخلي حاو طهران والولايات المتحدة .

حالة التوازن التي أعتمدها السيد السوداني في سياسته تجاه القضايا الخارجية أثمرت كثيراً في حالة الاستقرار السياسي في البلاد، على الرغم من ما ساد من فوضى قبيل تشكيل حكومته، إلا أنها تشكيل هذه الحكومة كان الأسرع منذ 2003 وخرجت هذه الحكومة بمخاض يسير جداً وبوقت قياسي، وان له موقفاً من بقاء القوات الأمريكية في البلاد، والذي ينبغي أن يكون للبرلمان الموقف الأساسي والرئيسي بعيداً عن أي ضغوط سياسية تمارس هنا أو هناك.

يبقى الخطر الأكبر والأبرز الذي يهدد الدولة العراقية هو الفساد المستشري الذي بدأ يضرب أركان الدولة المهمة ويصل إلى القيادات السياسية، والذي يعد احد الموروثات السلبية للتدخل الأمريكي في العراق، وساعد في تكوين طبقة من المليادريرية فيه، حيث تصل شهرياً ما بين مليار إلى ملياري دولار أموال من البنك الفيدرالي الأمريكي لدعمه في رواتب موظفيه، وتوفير رأس المال للمشاريع والاتفاقيات التجارية الخارجية، فتوفرت بيئة للفاسدين من سرقة المال والتلاعب به حتى وصل الحال إلى اختلاس مليارين ونصف المليار في صفقة وصفت بأنها الأقوى والأكثر فساداً في القرن الحالي.

يبقى شي مهم هي الخطوات التي تقوم بها حكومة السيد السوداني في أصلاح المنظومة السياسية والحكومية، وطرد الفاسدين، وإعادة الأموال المهربة إلى الخارج، وتقوية الاقتصاد، وغيرها من برنامج عمل تعهد به خلال فترة رئاسته للوزراء، ومدى قدرته على هذه التعهدات وسيبقى السؤال الأكثر جرأة في إمكانية حكومة السيد السوداني من الإطاحة بالرؤوس الكبيرة للفساد في وقت قياسي بعيداً عن الضغوط السياسية وأن الشعب العراقي ينتظر هذه الخطوات ليكمل طريقة وخلاصه معه.

***

محمد حسن الساعدي

وعاء الروح بدن ترابي الطباع هبائي المحتوى ناري المنطوى، لا يساوي شيئا في مسيرة الوجود، وكأنه عصف مأكول، مرهون بزمان معلوم، ولا يمكنه أن ينتصر على نوازع الإتلاف الكامنة فيه.

هذا الوعاء تتوطنه روح، والعلاقة بينهما ذات تفاعلات وتداعيات وتنافرات وتجاذبات وربما تنتقم الروح من البدن!!

بدن يتعفن يتآكل تدوسه سنابك الزمن وتسحقه، والأرض بدورانها تطحنه وتعيده إلى أصله الترابي الفاعل في الوجود.

الأرض تعيد تصنيع الأبدان، والأرواح طاقات خفاقة محلقة في الأكوان، تبحث عن مأوى بدني تمتطيه في رحلة إدراك سفلية!!

الأبدان واحدة والأرواح واحدة، لكن آليات التفاعل متنوعة وممهورة بمكنونات النفوس الفاعلة في التراب، فالنفس ترابية الطباع وتمثل كنه وإرادة التراب، ولهذا فنفوس الخلق تتوافق مع كينونات التراب، وما فيه من طاقات حياة وتجدد وإنطلاق.

تراب يتفاعل مع الماء فيلد ما لا يخطر على بال من الموجودات في زمن لا يعرف الثبات.

والروح تدور في دائرة مفرغة من التساؤلات والتطلعات، والتراب كينونة كنّازة لمهماز وجود، متأهب للظهور على أكتاف مصير مستدير.

هكذا تبدو العلاقة ما بين الحي والتراب، ولا قيمة لبدن بلا روح، ولا معنى لروح لا تباري نفسا، ولا بدن يكون من غير إرادة روحية ذات عزيمة تؤون!!

فقل روحي ولا تقل بدني، فالتراب سلطان الوجود!!

***

د. صادق السامرائي

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في زيارته الى بغداد يوم الاربعاء المصادف ٢٠٢٣/٣/١  الى “كسر دائرة عدم الاستقرار ومواصلة العمل على طريق تحقيق الازدهار والحرية"، وقائلا: "نحن فخورون بما يمر به العراق من أمن واستقرار وهو عراق يختلف عما كان". وأضاف: "نحن نرحب بجهود العراق بالسماح بإعادة العراقيين المقيمين في الخارج لتحقيق الأمن والازدهار". ورحب غوتيريش بجهود رئيس الوزراء في محاربة الفساد وتحسين الخدمات العامة والتنويع الاقتصادي من أجل خفض البطالة وإيجاد فرص للشباب". ودعم “حقوق الإنسان في العراق” إنتهى.

إن مسألة العلاقة بين السياسة والمجتمع واضحة لدينا، فأننا نعتقد أن التوجهات السائدة في المجتمع واخلاقياتهُ هي إنعكاس لتوجهات وأخلاقيات أفراد السلطة الحاكمة، لذا “العراقيين” لا يمكن لهم أجراء أي تغييرات وإصلاح من داخل هذه العملية “السياسية” ويمكن الاختصار بدليل واحد هو حتمية نتائج الانتخابات وتزويرها المعلن ولا إرادة للمجتمع في تحديد الخيار النهائي للسلطة التنفيذية وهيمنة السلاح والمال السياسي عليها في وضح النهار.

عدة نقاط أطلقها أنطونيو غوتيريش لابد من توضيحها:

⁃ الأمان وعدم الإستقرار: إن هذا الأمان في العراق مشروط وليس مطلق، أي أنه يخضع لتفاهمات واختلافات افراد السلطة الحاكمة، فالاسلام السياسي الحاكم بشقيه الشيعي والسني والقومي "الكردي" مدجج بالسلاح وأي خلاف ما بينهم أو خلاف داخل الشق الواحد ينهار الأمان. لذا عن أي أعادة لعراقيين الخارج وعن أي أمان واستقرار تتحدث.

⁃ محاربة الفساد: الفساد الاداري والمالي في العراق مقنن ورسمي وهو منهاج “نظام” حاكم جاءت به امريكا وأسسه برايمر بدستوره وقوانينه ومنهجه وافراده الحاكمة وليس مسألة فردية شخصية هنا أو هناك، في حين كل رئيس وزراء يأتي يعلن عن “محاربة الفساد” اما يترك الأمر اعلاميا فقط أو يصفي بعض الخصوم السياسيين تحت يافطته المتهرئة.

⁃ تحسين الخدمات: إن مليارات الدولارات التي تُصرف على الخدمات يمكن بها بناء اليابان مرتين، وندعو أنطونيو غوتيريش الى جولات ميدانية في الأحياء السكنية ليرى الخدمات وتفاهات الرتوش التي تسميها الحكومة ومسؤوليها “انجازات”.

⁃ التنوع الاقتصادي والقضاء على البطالة: لا يخفى على أحد أن الايراد المالي الوحيد للعراق هو النفط لا غير. وان اعداد العاطلين عن العمل ما يقارب ١٢-١٣ مليون عاطل حسب احصائية وزارة التخطيط وليس هناك أي خطة للعملية السياسية لحل هذه المسألة.

⁃ حقوق الانسان في العراق: أن الاسلام السياسي الحاكم لا يعترف في الانسان داخل العراق وانما يستخدمه في الاعلام فقط هذا من جانب ومن جانب آخر: لا يوجد ادنى درجات الحقوق السياسية والاعلامية والمجتمعية للانسان في العراق.

نُذكر أنطونيو غوتيريش والأمم المتحدة بأنكم شركاء بما يحدث لنا من مأساة داخل العراق. حيث نذكركم بدعمكم للحصار الاقتصادي علينا وموت مليون طفل من الجوع، وسكوتكم عن جرائم صدام في الانفال وحلبجة والمقابر الجماعية والاعدامات والتعذيب داخل السجون، ودعمكم لاحتلال العراق في ٢٠٠٣ للمنافسة الدولية وتوازن القوى العالمي الرأسمالي وما جرى من طائفية وجريمة منظمة وفساد مالي واداري وتنظيم القاعدة وداعش والجماعات المسلحة وانعدام الحريات والخدمات.

لذا هذه الزيارة هي من اجل دعم العملية السياسية واستمرارها والتي تجني لكم الارباح وليس من اجل "العراقيين" الذين جعلتوهم على مر التاريخ فريسة تتاجرون بها.

***

حسام التميمي

الداخل هو المنظومة التي لليوم لم نستغلها جيدا وحتى لا نعرف كيف نُشَّغِلْ أجهزتها الكثيرة.. او المُشَّكِلة لها.. المعقدة منها والبسيطة.. يدير تلك المنظومة ويتحكم بها بدقة عالية ويشرف عليها جهاز كومبيوتر متطور جداً لا يضاهيه اي جهاز تم انتاجه.. صغير بحجمه ووزنه لكنه كبير بتقنيته التي لم تقترب منه كل اجهزة الكومبيوتر التي اُنتجتْ.. لأنه ببساطة متجدد.. و يديم نفسه بنفسه وهو من يصنع الطاقة اللازمة لتشغيله والمحافظة عليه وادامته ذاتياً.

و فيها ساعة اكثر دقه من بك بن ومن اي ساعة اُنتجت لليوم .. ساعة لم يشاهدها احد ولا يعرف عنها الكثير ولا تحتاج الى بطارية او جهاز شحن ميكانيكي.. تتحرك عقاربها دون ان يراها احد وتُنَبِهْ على الوقت دون صوت .. لا يستطيع احد ضبطها او تحريك عقاربها الا صاحبها

و فيها منظومة انارة متميزة.. بطاقة متجدده لا يظهر نورها للغير

وفيها واسطة نقل من احسن ما تم انتاجه.. يمكن السير بها بإضافات او بدونها.. بإطارات او واقيات متنوعة الاشكال والاحجام والمواد الداخلة في تصنيعها.. او بدونها.. هي من تنتج الوقود اللازم لحركتها ولا تلوث البيئة..

وفيها منظومة تكييف ممتازة ودقيقة.. لا تتعطل.. استعارها العالم في كل انتاجه من اجهزة التكييف الصغيرة والكبيرة .. تعتمد على نفسها في تأدية واجبها دون تدخل من احد خارج ذلك الكومبيوتر.

و فيها كاميرا دقيقة لا تخطيْ وتُنظم نفسها حسب شدة الضوء وفي كل الاوقات.. لا يستطيع احد استنساخ تصاويرها.. تنقل الحركات والالوان والابعاد والمسافات بدقه كبيرة ولا تحتاج الى تنظيم او تحديد زوايا .. وفيها مضخة سحب ودفع تعمل بانتظام ودقة لعشرات السنين دون ان تحتاج الى ادامة او صيانه او تبديل قطع غيار

فيها اجهزة استشعار عن بعد حسية وغير حسية.. تستطيع ان تُميز الصور والاصوات والروائح والابعاد والالوان

فيها اجهزة تنصت واستلام وتوزيع وخزن وتفسير وتحليل لكل الاشياء سواء كانت الوان او اصوات او روائح او ابعاد او وقت

فيها ثنائيات متماثلة حد التكامل لن تجد بينهما من فوارق لو قضيت عمرك تدقق بها.. كل تلك الاجهزة مُنتجة من مادة لا تصدأ ولا تتغير مكوناتها وهي تعمل لعدة عقود.. تقوم بكل تلك الواجبات وبتلك الدقة والحساسية وهي من الرقة والدقة والتنوع تفوق كل ما اُنتج من مواد.

تلك المنظومة تستخدمنا ونستخدمها او نستعملها او نشَّغلها دون طاقتها التصميمية او لا نستفيد من كل امكاناتها وهي متاحة وبيسر وسهولة ولا نعرف مقدار كفاءتها.. من شَّكلها وصممها وجَّمعها واطلقها وشغلها اول مرة لم يترك معها دليل بالاستخدام او مواصفات تلك الاجهزة او اي معلومات عنها.. تركها لصاحبها طالباً منه ان يدرسها قبل ان يدرس المحيط بها من غيرها.. و لليوم ومنذ مليارات السنين لم يتوصل احد لتحديد مواصفاتها ودقتها.. احد هذه الاجهزة بحجم حبة الفاصوليا.. حاول الانسان صناعة جهاز يؤدي نفس وظائفها فكان بحجم سيارة حمل كبيرة.. فيها مضخة تم انتاج شبيهتها لكنها تحتاج كل فترة لأمدادها بالوقود.

نتصرف مع هذا الداخل المنتج للضياء.. هذا الداخل الرقيق والدقيق والحساس كما يتصرف شخص مع هاتف نقال حديث لا يعرف منه سوى الاتصال الهاتفي

اعتقد نحتاج الى مراكز تدريب لنتعلم تشغيل تلك المنظومة من الأجهزة

ونحتاج من يضيف لما تقدم حول فعاليات تلك الاجهزة وتوافقها ونتائج تلك الفعاليات والتوافقات..

من يريد ان يضيف فليتفضل فالموضوع فيه من الممكن الكثير بهذا الاتجاه.

***

عبد الرضا حمد جاسم

 

كتب أحدهم: " للحظة ما خلال تلك الهزة ستتخيل أن القيامة قامت وليس هناك أي فرصة للنجاة، نعم، ساكنًا مكانك لا تستطيع فعل أي شيء سوى الخوف والدهشة، فتخيل من شدتها كيف انتقلت في ثوان معدودة من تركيا إلى بلاد الشام ومصر واستمرت زمنا لا يتجاوز الدقيقة حسبناه من شدته يوما كاملاً .. فكيف لو ضربت مثلُها الأرض واستمرت لدقائق لرأينا الأرض كلها ركاماً، فما أضعفك أيها الإنسان وما أصغرك ! في ثوانٍ معدودة يصبح كل شيء عمّرته خرابا ودماراً " .

من دون شك أن الزلازل حدث مخيف ومقلق ومهول يستدعينا إلى توقع الهلاك في أي لحظة والتفكير بأن الموت قريب وهذا ماتخبرنا وتعظنا به الآيات الربّانية لكن دون جدوى، إننا مهووسين وغافلين بالدنيا وغرورها الساحر، دون أن ندرك ماقد يصيبنا فجأة، ولو وقع ألف زلزال وتوفت عشرة آلاف نفس لن تخشع قلوب الفاسدين ولن تتحرك عقول الجاهلين ولن تحيا ضمائر السماسرة وتُجّار السياسة والدين .. هذا الزلزال لا يختلف عن الزلازل والصاعقات والعذابات التي وقعت قبل آلاف السنين من السماء إلى الأرض بسبب فساد وشح الأنفس والقلوب لكي تقول للبشر أن الإنسان مهما زادت عظمته فهو من تراب ومهما بلغت قوته فهو كائن ضعيف يرتكب السيئات أكثر من الحسنات ويتذكر السوء قبل الخير وينسى النعمة ويتذكر النقمة، ذهبت مئات الضحايا لكي نلتفت إلى العِبرة وننتبه إلى عيون الله التي تراقب كل شيء دون أن يغيب عنها شيء .

أغرب ماحدث هو خروج أطفال أحياء كانوا تحت أطنان من الصخور! خمسة أيام وأكثر تحت الأنقاض مايعادل مئة وأكثر من عشرين ساعة بلا طعام ولا شراب ولا هواء، لم يصابوا بكسر واحد! أليست هذه رسالة مغزاها العَظمة والقدرة؟ أليس في هذه الحادثة إرادة ومشيئة بالإحتفاظ في جسد وإفناء جسد آخر؟ ربما يتوفى الله نفساً لتعيش نفساً أخرى وتهتدي نفساً أخرى، ولاشك أن زلزال تركيا وسوريا رسالة فتحها الكثيرون وقرأوا سطورها وفهموا كلماتها ومغزاها لأن المقصود ليس الأموات بل الأحياء.

***

ابتهال العربي

الاحتلال الإسرائيلي يعجل من صنع عوامل فنائه بيده الملطخة بدماء الإبرياء الفلسطينيين؛ وذلك من خلال سيطرة اليمين المتطرف من المتدينين على الحكومة الإسرائيلية، ما أدّى إلى احتجاجات إسرائيلية ضمت كل التيارات اليسارية ضد نتنياهو وحكومته المتطرفة التي تحاول السيطرة على القضاء الإسرائيلي (الجائر بحق الفلسطينيين) الذي لم يعد مستقلاً كما ينبغي، فأخذت تتخبط في قراراتها حتى لا تحشر في الزاوية .

ناهيك عن ممارسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بكل أطيافها من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين والتي تبدّت أكثر في سياسة حكومة نتنياهو الراهنة القمعية وممارسة التطهير العرقي الممنهج ضد الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم وبناء المستعمرات في الضفة الغربية والانتهاكات التي تتعرض لها المقدسات في القدس المحتلة وخاصة المسجد الأقصى؛ الأمر الذي أجج مواقد المقاومة الفلسطينية الشعبية بمبادرات فردية، على نحو جماعة عرين الأسود في نابلس وجنين وذلك في سياق المقاومة الفلسطينية الجماهيرية الموحدة مع المقاومة الفصائلية المسلحة، التي بلغت ذروة قوتها في غزة حيث تمتلك الصواريخ الرادعة للاحتلال والتي يُصَنَّعُ معظمُها محلياً إلى جانب ما تحصل عليه من محور المقاومة، واستحواذها على قواعد الاشتباك ما أدّى إلى شعور الإسرائيليين برهاب المقاومة.

وتجدر اإشارة إلى أن المقاومة الفردية وضعت سلطات الاحتلال في مأزق أمني كبير.. كونها تثنَفَّذُ خارج سياق العمل المنظم الذي تنتهجه الفصائل الفلسطينية.

إذْ تنمو مثل هذه العمليات الفاعلة كفكرة في رأس المقاوم بفعل ما يتعرض له من انتهاكات لحقوقه المشروعة، ثم تتطور كخطة لا يطلع على تفاصيلها أحد وتكون محفوفة بالسرية، وصولاً إلى مرحلة التنفيذ والاشتباك مع العدو فتؤدي غرضها المعنوي من خلال المباغتة وموت الدليل مع المنفذ؛ الذي يرتقي شهيداً دون أن يترك اثراً لتنظيمات يسهل استهدافها بالرد عسكرياً وإعلامياً، سوى القيام بهدم منزل عائلة الشهيد وربما اعتقال المقربين منه.. وهذا لم يردع الشباب من إعادة الكرة من جديد في ثبات يدب الرعب في قلوب الصهاينة، وكأن على كل باب يقف مقاوم يتربص بمن يحتلون أرضه.

العملية الفلسطينية الأخيرة في نابلس خير مثال على نهج المقاومة الفردية. فقد هاجم فلسطيني مسلح مستوطنيْن في حوارة جنوب نابلس فأردياهما قتيلين.

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، الأحد الماضي، بأن القتيليْن أصيبا بعدد كبير من طلقات بندقية "أم – 16" وهو نوع من السلاح الذي يحصل عليه الفلسطينون من عملائهم في مخازن السلاح لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي.. وهذا يشكل اختراقاً خطيراً له.

وقالت "القناة 12" إنّ سيارة منفذ العملية صدمت سيارة الإسرائيليين، قبل أن يترجل منها ويطلق النار عليهما ثم يلوذ بالفرار. ولم تشر القناة إلى ثبات المنفذ وثقته بنفسه وإيمانه بقضيته العادلة.

وجاءت العملية رداً على الجريمة النكراء التي اقترفها جيش الاحتلال الإسرائيلي-كدأبه- في نابلس بالتنسيق مع الشاباك واسفرت عن ارتقاء 12 شهيداً و"102 إصابة، بينها 6 إصابات خطيرة على الأقل" و"82 إصابة بالرصاص الحي" تتلقى جميعها العلاج في مستشفيات المدينة وفق بيانات وزارة الصحة الفلسطينية.

ووصف رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة العملية التي وقعت في حوارة بـ "الصعبة". وهذا اعتراف بجدوى المقاومة الفردية وخطورتها.

وقال رئيس المجلس الإقليمي، يوسي دغان، من موقع الحادثة: "أطالب الحكومة بقلب الطاولة على السلطة الفلسطينية، وإعادة الوفد من الأردن الذي يشارك في مؤتمر العقبة، وشنّ عملية عسكرية".

قال ذلك دون أن يعلم داغان بأن ما يدعو إليه إنما يمثل إحدى مطالب المقاومة التي لا تؤمن إلا بالمقاومة المسلحة بعد موت المشروع السياسي "أوسلو".

من جهته قال الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حازم قاسم إن العملية هي رد فعل طبيعي على جرائم الاحتلال، مشدداً على أن المقاومة في الضفة ستبقى حاضرة ومتصاعدة، ولن تستطيع أي خطة أو قمة أن توقفها. بدورها، باركت حركة الجهاد الإسلامي العملية التي وصفتها بالبطولية، مؤكدة أنها جاءت وفاء لوعد المقاومة بالثأر لدماء قادة سرايا القدس محمد الجنيدي وحسام اسليم ورداً طبيعياً ومشروعاً على جرائم الاحتلال (برمتها منذ احتلال فلسطين عام ثمانية وأربعين).

من جانبها، أشادت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعملية إطلاق النار، مؤكدة أنها تشكل رداً حقيقيا على قمة العقبة التي جاءت لمحاولة إخماد انتفاضة الشعب الفلسطيني.

وبمقتل هذين المستوطنيْن يرتفع عدد الإسرائيليين من الجنود والمستوطنين الذين قتلوا في هجمات فلسطينية منذ مطلع العام إلى 13 قتيلاً، فيما وصل عدد الفلسطينيين الذين ارتقوا شهداء على يد قوات الاحتلال والمستوطنين خلال هذه المدة إلى 64 شهيداً.

وإمعاناً في الغطرسة واستعجالاً لعوامل زوال الكيان الإسرائيلي كما قلنا في المقدمة، فقد طالب كل من وزيرة الإسكان الإسرائيلي ورئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة الغربية المحتلة يوسي ديغان بتبني استراتيجية الهجوم بدلاً من الدفاع ضد الفلسطينيين.

ومقابل ذلك فإن واقع الاحتلال الذي يضطهد الفلسطينيين يسترعي من المقاومة استمرار مهاجمة كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي يمارس سياسة التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني، بكافة الأسلحة حتى الصاروخية منها وإلا فما مبرر وجودها!

لنقتدي بالجزائر التي قدمت مليون شهيد لتحرير البلاد التي ضرب أهلها مثلاً في الكرامة والشرف. وتستمر المقاومة حتى النصر المبينز

***

بقلم: بكر السباتين

1 مارس 2023

الإدارة الناجحة غالبًا ما يتم إثرائها بالتعليم والتدريب والخبرة، وقد يسأل البعض هل الادارة علم ام فن ام مهنة، للحقيقة هي تجمع الاثنين معاً ولذلك نجد أن الصين تحارب بالإنتاج والإبداع، والإنتاج نشأ من تربية المجتمع على قيم العمل لا قيم الرفاهية، ونشأ الإنتاج أيضاً من الحاجة. ونشأ الإبداع من احترام والاهتمام بالتعليم. وعندما سئل «تيم كوم» رئيس شركة أبل «لماذا تصنعون هواتفكم الآيفون في الصين؟» قال «إن الاعتقاد أن اختيار الصين بسبب رخص الأسعار هو اعتقاد خاطئ، 'اذ لا يوجد أي مكان في العالم به عدد المبرمجين (حوالى مليونين) الذين يعملون في نظام IOS مثل الصين بالإضافة إلى عدد كبير من العمالة الماهرة في نقطة التقاء العمالة الفنية والمبرمجين وعلماء 'و يجب ألا يمتلك المدير القدرات اللازمة للقيادة في الإدارة الناجحة فقط، بل يجب أن يمتلك أيضًا مجموعة من المهارات الأساسية المكتسبة من خلال الوقت والخبرة والممارسة، وينطوي فن الإدارة على تصور رؤية لكل منظم تم إنشاؤه من أجزاء فوضوية والتواصل وتحقيق هذه الرؤية و، الادارة علم وفن لأنها تنظم المواهب البشرية وتستخدمها هي حجر الأساس لتقدم مختلف القطاعات وذلك لأنها تعين المجموعة على إنجاز أهدافها بالشكل الذي يحقق النتائج المرجوة ويضمن لها التقدم على غيرها، تعدّ مهارة إدارة الوقت من المهارات التي يجب إتقانها في الإدارة الناجحة، ولتتقن هذه المهارة يجبن الالتزام بجدولة المهام المراد إنجازها من قبل الفريق وتحديد الزمن المناسب لها، ووضع خطة يومية، والبدء بإنجاز المهام بحسب أولويتها، والأخذ بعين الاعتبار أهمية توفير وقت كافٍ لحل المشكلات التي يواجهها العاملين وتقديم التوجيه المهني لهم بما يساعدهم في النمو الوظيفي لهم، كما يمكنك التعاون مع الموظفين في وضع إستراتيجية مناسبة لإكمال أيّ مشروع ضمن الوقت المخصص له، وممّا يساهم في تنمية هذه المهارة لديك: تجنّب تعدد المهام سواءً لك أو لموظفيك، وعدم تأجيل أي مهمة مُجدولة أو المماطلة بأدائها.

ومن اول العلامات الوفاء للعمل وهو واحد من تلك الصفات التي بدونها سيكون العالم مكانا غير مستساغ إلى حد كبير، والمثابرة على الاستمرار في أن نكون أوفياء ومخلصين، هي تأكيد بأن لحياتنا معنى في النهاية، وهي الصفة التي تحدد ما يجب أن نفعله أو لا نفعله، ولأننا كائنات أخلاقية فإن الوفاء بآدميتنا وفي سبيل ذلك تتحمل الرئاسة الإدارية الكثير من المسؤوليات اذا ما كانت وفية لعملها والوفاء بمعانيه من حفظ للعهود والوعود، وأداء للأمانات، واعتراف بالجميل، وصيانة للمودة والمحبة، هو الإخلاص أو الولاء، ومعناه الأصلي هو الواجب المتصل بالولاء والإخلاص، وفي أسواق المال في مدينة لندن تم استخدامها تقليديا بالمعنى المشمول في الشعار ” كلمتي هي ميثاقنا “، فالوفاء بالكلمة ووعود المرء، وعهده إلى الله أمرا في غاية الأهمية، وهذا يجب أن يكون واضحا، لأننا نعيش في زمن الخيانة الجماعية، والذي يتم فيه نقض العقود، فلا يتم ممارسة الخيانة الزوجية في الزواج فحسب، بل في مختلف العلاقات الأخرى بين الناس، ولهذا نجد أن الطلاق يزداد يوما بعد يوم، فلقد تخلى العديد من الرجال والنساء المتدينين عن التزامهم الدائم ووفائهم .

هناك العديد من الخطوات التي تسير ورائها االقيادة الناجحة لتحقيق أهداف المشاريع ومن اهمها، استغلال الوقت بشكل صحيح، وذلك بالإعتراف بأهمية الوقت وضرورة المحافظة عليه فلا يمكن ألأي مجموعة عمل ان تنجح دون أن تكون مدركة جيداً لأهمية الوقت وتعرف جيداً كيف تستغله في انجاز أهداف المؤسسة، واي مجموعة في اي مؤسسات اذا عرفت كيف يمكن إنجاز الوظائف والمهام قبل الوقت المحدد تنجح في الادارة، وهذا يعتبر أحد أهم أسرار تقدمها على غيرها، يجب الإبتعاد عن التعسف في تنفيذ قواعد، وقوانين المشروع كما يحدث في بعض المؤسسات لأن الأسلوب التعسفي والتقييد باللوائح البيروقراطية يقضي على روح الإبداع والإبتكار، ولكن من الأفضل ان تعد القوانين وتتغير بين حين وآخر لتواكب التطور والتقدم بجانب ذلك من الضروري فتح باب الحوار البناء مع العاملين بالمؤسسة، تقبل الفشل دون تعقيد لان المؤسسات التي نجحت في التقدم على غيرها عانت في الفشل في بداية الطريق، ولكنها عرفت كيف تحول فشلها إلى نجاح وذلك بفضل المدراء الذين وقفوا لدعمها، وإدارة الأزمات والمواقف الصعبة التي تعرضت لها المؤسسة أو المنشأة بشكل صحيح، والمسؤول الاول عليه أن يجعل كل فرد يعمل بالتخصص في المجال المناسب لمؤهلاته، ومهاراته ويمكن أن يقوم المدراء بتشكيل فرق عمل، ويخصص لكل فريق مهام محدد، ويحفز كل فريق على انجاز ما هو مطلوب في الوقت المحدد له ولا مانع من مكأفأة الفريق الموهوب

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

 

في طريقي إلى لبنان جلست بقرب شخص عائد وعائلته لزيارة الاهل وحتى يلتقي أطفاله باجدادهم وهو ما يقوم به كل المهجرين المعروفين " بالمغتربين.

العائلة عائلة عاملة ويتعب الزوج والزوجة كما أخبرتني ليل ونهار حتى كون نفسه في المغترب، وكما معظم الذين كتب عليهم التهجير يلعن الساعة ومن أوصل لبنان الى ما وصل أليه من فوضى وفقر وتشرد واستضعاف وظلم وتهجير ...وكما نقول بالدارج من "تعثير" التعبير الذي يختصر ضروب وصنوف المعاناة…

هبطت الطائرة في مطار بيروت فإذا بصاحبنا يفتح جهاز التلفون ويستبق مكالمته بقوله بدنا نتصل بالشخص الذي اعطونا أسمه حتى يسهل خروجنا، ولكن ما لفتني تعليق الزوجة وبمرارة وصراحة فعلاً "رجع لأصله واردفت هيك اللبناني ما بيتغير".

رغم "الواسطة" خرجنا سوياً وخرجنا لأخذ الحقائب وبقي الشخص الوسيط بجانب المغترب ونصحه بنقد عامل المطار بعض المال " اعطيه شي" حتى ينقل لك الحقائب فنقده المسكين مبلغ كبير جداً حتى ان الوسيط امتعض قائلاً: "ليك بعدو مادد إيدو"

وكان المغترب الذي يعاني الأمرين و"يحترق سلافه" بعمله ينوي زيادة المبلغ لولا كلمة الوسيط نفسه، والذي وأمثاله يخالفون القانون لاسباب تافهة، وهنا مربط الفرس لو ان هناك نظام لا يوجد فيه ابن ست وابن جارية حتى لانهاء معاملة الخروج من المطار او غيرها من المعاملات التي تتم بطرق ملتوية او ما يسميه اللبناني الحربوق " الخط العسكري".

وبانتظار استلام الحقائب دار حديث لبعض الوقت بين " المغترب " والوسيط الذي كان يتبجح بكلامه عن شطارة اللبناني وكأنه اول من انزل اول مركبة فضائية على سطح القمر اي والله اللبناني "حربوق".

في هذه الاثناء أحسست ان ضغط الدم عندي ارتفع الى درجة قياسية كادت ان تفقدني صوابي، ولكني كظمت على غيظي وتمالكت اعصابي، وبدأت أحدث نفسي اللبناني حربوق "بشو يا ربنا".

رئيس ما في، حكومة يبعث الله، مجلس نيابي نوابه في واد والشعب في واد، قضاء قضي عليه تحت قوس المحكمة وادارات إن فتحت أبوابها لا تعمل الا بالفساد والرشوة.

اما الخدمات ما شاء الله كهرباء 24 على 24، الدولار عاقد قرانه بالسر وبالعلن على أكثر من 10 أسعار ويضرب عرض الحائط شرف الليرة وحسبها ونسبها، أما المصارف فإنها تصرف وتتصرف بكل شيء كأنه ملك أصحابها الشخصي ومبدأها أجلكم الله" من بعد حماري ما ينبت حشيش".

وحدث ولا حرج عن وضع الطرقات المفتوحة على جهنم هذا إذا وجد البنزين والذي تحدد أسعاره حسب رغبات ألمستوردين وأصحاب المحطات ، أسعار المواد الغذائية تحلق فوق أسعار الدولار حتى الفاسدة منها والتي تؤمن لك بطاقة دخول مجانية الى المستشفى وهناك الطامة الكبرى حيث يجب الدخول إلى الصندوق اولاً وإلا الله يرحمك وإذا احتجت إلى دواء فهذه معاناة إضافية هل هو موجود ام غير موجود وقس على ذلك ولا نريد التحدث عن الوضع النفسي والاجتماعي للبناني الحربوق.

اذا كان وضع البلد بهذا القرف كيفما نظرت ولا يسر "العدوين" وما زلنا نصدق أنفسنا أننا حرابيق فقلت عندها على لبنان ألسلام أكثر وأكثر لان هذه الذهنية لا تبني اوطان.

***

عباس علي مراد

في المثقف اليوم