أقلام حرة

أقلام حرة

الشبهة الثانية

حين بدأ النبي محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وسلامه دعوته الشريفة في قومه قريش لم يجد لها آذان صاغية ولاقت الصدود والصد والمقاومة الشرسة على مدى ثلاث عشر سنة لم يؤمن بها على أرجح الأقوال من الرواة الثقات مائتين فقط والذين هاجروا معه أو من بعده على العكس نرى على مدى عشرة أعوام من الهجرة إلى المدينة (يثرب) حيث ثقل اليهود والنصارى كانت لدعوته الجديدة أصدائها الواسعة والإيمان بها والاستجابة لها سريعة حيث سمية آخر سنة من الهجرة عام الفتح حيث دخل الناس فيها أفواجا وهم يبايعون النبي الكريم والإيمان بدعوته الإسلامية ونصرته وهذا دليل على أن أكثر اليهود المنصفين منهم كانت لهم المعرفة الكاملة والدراية بهذا الدين الجديد والنبي الخاتم والشريعة بتعاليمها الإنسانية المذكورة في كتبهم وشرائعهم وأدبياتهم الدينية القديمة قبل تحريفها من قبل رجال الدين ورهبانهم .

لذا نرى أن ثلثي القرآن الكريم يُخاطب اليهود والنصارى ويحذرهم من التمادي في تحريف شرائعهم الموسوية ورفض الدين المحمدي ويظهر لهم ما درسوا منها وعدم الممانعة والمعارضة للدين الإسلامي الحنفي الذي يريد تصحيح شرائع موسى وعيسى والنبيين من قبلهم وبعدهم عليهم السلام لذا نرى أن النبي محمدا وعلى لسان كتابه المقدس القرآن الكريم له المعرفة الكاملة بأحكام التوراة والإنجيل والشرائع الباقية التي سبقته الغير المحرفة وكان يُجيب السائلين منهم ويحكم بينهم وفق ما جاء في شرائعهم إذا لم يكن له المعرفة المسبقة والثقافة والإلمام الكامل بالشريعة الموسوية والعيسوية التي أستودعها الله تعالى عنده على مدى أربعين سنة من عمره الشريف قبل البعثة المباركة بكتب لديه محفوظة من قبل الله تعالى والتي أخفوها عن الناس وأتباعهم لقرون عديدة على العكس ما يرجونه رجال الدين أن النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أنه لا يقرأ ولا يكتب وأنه أمي على حد زعمهم علما أن النبي محمد كان معروف لدى الكثير من علماء بني إسرائيل والنصارى كمخلص لهم والذين يسمون بالشيعة النصرانية أو الآراسيىة أو الأميون أو الحنفاء منهم على سبيل الذكر ورقة بن نوفل وزيد بن نوفيل وأبي بن كعب وبحيرة الراهب وغيرهم . لكن التيار المعادي للدين الإسلامي الجديد كان وما زال له الصوت الأعلى في محاربة الدعوة المحمدية وحامل لوائها منذ زمن الرسول الأعظم وبعد وفاته فكان مشروعهم الذي خطوه بمباركة الروم وبعض قيادات قريش الذين تضررت مصالحهم التجارية ومناصبهم الدنيوية وخصوصا بعد انتقال النبي إلى الرفيق الأعلى بتأجيج الصراع على السلطة وخلافة الرسول في المسلمين وزجهم في حروب داخلية وشن حملة تكميم أفواه المعارضة لمشروعهم وأبعادها إلى خارج دائرة الصراع ومركز الدولة في كذبة أسموها الفتوحات الإسلامية التي تحولت ضد الغسلام والنفور من مفاهيم الدين الإسلامي السمحاء الإنسانية وتحريف مبادئ الإسلام وقيمه وشوهت الدعوة ونظريتها ومراد الله تعالى ونفرت العالم وشعوبه من الإسلام واستطاعت من مشروعها التآمري تحييد الإسلام وتضييق نطاقه وحولته من العالمية إلى المناطقية ضمن شبه الجزيرة العربية فقط تحت مسمى المسلمين بأركانه الخمسة والشعوبية والقومية العربية ... يتبع).

***

 ضياء محسن الأسدي

 

لن أنسى ما حييت تلكم المسرحية الشبابية الصادقة والواعدة التي قدمتها ثلة مبدعة من طلبة معهد الفنون الجميلة ببغداد صيف العام الماضي / 2022 ضمن فعاليات المؤتمر العلمي الدولي التاسع الذي أقامته الاكاديمية الامريكية الدولية للتعليم العالي والتدريب بالتعاون مع وزارة البيئة العراقية،حيث أحدثت المسرحية وكانت بعنوان (كوكايين) دويا هائلا في عقلنا الجمعي، وشكلت لنا عصفا ذهنيا لم أشف منه على المستوى الشخصي حتى كتابة السطور،وأخالها كذلك فعلت بجميع الحضور، بعد أن استدرت دموعهم الحرى، واستدعت تصفيقهم الحار، لتطرح سؤالا مفتوحا على مرأى ومسمع من الجميع، وأمام عدسات الإعلام،خلاصته "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ومكافحة آفة المخدرات القاتلة والتوعية بخطرها الداهم ولن يعفى أحد من المسؤولية قط بدءا بالفرد مرورا بالاسرة والمجتمع والمدرسة والمعهد والكلية والجامعة، وليس انتهاءا بالسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية فضلا على السلطة الرابعة ..فلماذا كل هذا التراخي والتهاون والتماهل واللامبالاة والإهمال ..ياقوم ؟" ولاسيما وأن المسرحية قد وضعت السبابة والإبهام على مواطن الخلل لتدق ناقوس الخطر من كارثة إدمان المخدرات وتعاطيها والاتجار بها مستعرضة أسبابها أسوة بمقدماتها المروعة، ونتائجها المرعبة، وبالأخص بين شريحة الشباب !

ولاشك أن المراهقين والشباب هم الضحايا الأبرز لهذه الآفة الفتاكة بوجود 17 الف متهم بالتعاطي والاتجار قد ألقي القبض عليهم خلال 22 شهرا فقط، بعمليات نوعية ضبطت في بعضها (8) ملايين حبة مخدرة بحوزة المتهمين والمهربين !

وكارثة المخدرات هذه عادة ما تبدأ بالتعاطي ومن ثم الإدمان المفضي إلى الترويج وصولا الى الإتجار، فيما أطلقت جمهورية مصر العربية التي تعاني من تداعيات الكارثة على مدار عقود طويلة حملات شعبية عديدة وبعناوين براقة نحو "أنتَ أقوى من المخدرات" و" قرية بلا ادمان"، قابلها عراقيا الوثيقة العشائرية الزرقاء لمواجهة السموم البيضاء، لتمثل الحملات بمجملها خلاصة الجهود المبذولة وعلى أعلى المستويات لمواجهة خطر المخدرات، فهل تراها ستنجح بكبح جماح الظاهرة قبل استفحالها أكثر، أم أن لعصابات الجريمة المنظمة وشبكات تهريب المخدرات ومن يقف خلفها فضلا عن المتعاونين معها رأي آخر؟

أما عن خارطة السموم البيضاء فلها طرق ومنافذ ووسائل عدة حيث تتربع أفغانستان وجنوب شرق آسيا على عرش تجارة الخشخاش، أما الكوكايين فإنه إحتكار أمريكي جنوبي بإمتياز، يقابلها القنب الهندي وهو احتكار شمال افريقي وجنوب غرب آسيوي، أما المخدرات الصناعية وأخطرها الكريستال، والكبتاغون أو حبة (صفر - واحد) فهذه باتت تصنع في كل مكان تقريبا، كذلك الاستروكس وهو عبارة عن دواء لعلاج الاكتئاب الشديد يخلط مع دواء لعلاج الشلل الرعاش ويضاف اليه مبيد حشري - ولك أن تتصور حجم الدمار الهائل الذي يحدثه بعقول وصحة شباب في مقتبل العمر قد أدمنوا تعاطيه - إضافة الى الشابو وهما الاكثر تعاطيا في مصر، بينما يعد الكرستال والكبتاجون الاكثر شيوعا في العراق، وكلها مخدرات فتاكة تسبب هلاوس سمعية وبصرية خطيرة للغاية،والنتيجة المروعة لكل هذا الهراء، أن 75 % من جرائم الاغتصاب والقتل والسرقة والانتحار والعنف الاسري تحدث بسبب المخدرات، والحل الأمثل يكمن بتفعيل القوانين الرادعة، وبتكثيف حملات التوعية اليومية، المشفوعة بزيادة عدد مراكز التأهيل لعلاج المدمنين، فضلا على تكثيف الجهد الاستخباري وزيادة الرقابة على النقاط الجمركية ومسك الحدود ومتابعة شحنات المخدرات التي يتم ضبطها والاسراع بإتلافها ميدانيا وموضعيا لأن بعضها قد يعاد تدويره من قبل ضعاف النفوس، فهل ستفعل الحكومات العربية قوانينها وتضبط حدودها وتعمل على تفكيك شبكات المخدرات لاجتثاث شأفتها وقبل فوات الآوان ؟ ***

احمد الحاج

الواقع تفاعل مفردات وعناصر والإدراك تمثلها، وما بين التفاعل والتمثّل فجوة معلوماتية وباحة إستشعارية، وطاقة إحتوائة، وقدرة تنافرية وتجاذبية ذات مجالات قوية، تساهم في إستحضار المفاهيم المعنوية والمادية اللازمة لتوصيف الفعل، وتقدير النتائج وصيانة الذات والموضوع، وتفتيق المدارك وفتح أبواب الدخول إلى مرابع الخفايا والمكنونات الجوهرية، التي تشير إلى حقيقة ما يحصل في بودقة الصيرورات الإنسانية.

وهذه الفجوة التي تتسع أو تضيق، هي العامل الأهم في تحديد قدرات التعرف على الواقع المحتدم التفاعلات والدائب المتغيرات، والذي يخضع لقوانين واضحة وخفية، وعوامل مساعدة ومعوقة في آنٍ واحد، مما يجعل النظر معقدا والتصور مشوشا والتفسير قاصرا، لأن ما يصح في لحظة زمنية ومكانية لا يدوم ويصلح في غيرها، بفعل الدوران وقوة الجذب والشدّ والإنقباض والإنبساط التفاعلي الدفاق.

وعليه فأن القول بإدراك واقع ما إنما يشير إلى حالة معينة من التفاعل معه، وقد لا يصل إلى وعيه وتفسيره وفهم محتواه، فالفهم عليه أن يكون متواكبا ومتجددا ومتأثرا بالمتغيرات المفروضة على أية حالة تفاعلية كائنة في الحياة، والخاضعة لمبررات الديمومة وتفادي الإنتهاء.

ومن هنا فأن المفكرين والمنظرين يتصدون لصيرورات زئبقية الملامح والتجليات، ولا تنصب في قالب نظري وتتشكل وفقا لهيأته، ففي ذلك تعارض أو تقاطع مع ديدن الدوران، وتناقض مع قانون التجدد والتوالد والنماء.

وكثيرا ما نقع في خطيئة حشر الحياة في قوالب نظرية وأشكال هندسية جامدة، ونحسب ذلك معرفة وقوة وقدرة على السيطرة والتمكن من إدارة دفة المفردات، الساعية نحو مركباتها وإرادتها الإنتاجية المتنوعة، وفي ذلك خدعة ومحاولة للإنتصار على الضعف البشري، والتوهم بالقوة والإقتدار.

كما أننا ننكر الواقع ونتجاهله، ونبقى مصفدين في صناديق النظريات والتخيلات والتهيؤات، المقطوعة عن أصل ما يتحقق في قلب الموجودات، التي لا تعرف السكون والثبات.

ولهذا فأن لكلّ نظرية عمر بايولوجي بعده تتآكل وتنتفي قيمتها ويغيب دورها، ما دام كلّ مَن عليها فان!!

***

د. صادق السامرائي

11\2\2015

 

 

عندما ذهب المدنيون في شمال سوريا إلى الفراش في 5 فبراير، فعلوا ذلك بينما كان الصراع العسكري في حالة هدوء نسبي. لم يعلموا أن أقوى زلزال يضرب المنطقة منذ ما يقرب من ١٠٠ عام سيضرب أثناء نومهم. بعد ١٢ عاما من الصراع الوحشي الذي استخدم فيه النظام السوري تقريباً كل سلاح متاح ضد سكانه، فإن مستوى الدمار الذي ألحقه الزلزال بشمال غرب سوريا لا يمكن مقارنته بشكل وثيق. وقد تضررت المناطق التي يسيطر عليها النظام الآن بشدة من جراء الزلزال والهزات الارتدادية اللاحقة أيضاً. ويوماً بعد يوم يزداد عد الضحايا بسب هذا الزلزال المريع. ولا يزال المئات، إن لم يكن الآلاف، من الناس تحت الأنقاض. عندما يتعلق الأمر على وجه التحديد بشمال غرب سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة، فإن كارثة طبيعية مثل هذه لا يمكن أن تصيب السكان الأكثر ضعفاً. قبل وقوع الزلزال، كانت المنطقة تمثل واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية حدة في العالم. يعيش أكثر من ٤،٥ مليون مدني هناك، في جيب من الأراضي لا يمثل أكثر من ٤ في المائة من سوريا، وحوالي ٣ ملايين منهم نازحون. ما لا يقل عن ٦٥ في المائة من البنية التحتية الأساسية مدمرة أو متضررة بشدة، ويعتمد ٩٠ في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية، التي تأتي عبر معبر حدودي واحد فقط عبر تركيا، في باب الهوى. وقالت كورينا فلايشر، المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية: "إن مخزوننا ينفد ونحتاج إلى معبر لجلب مخزونات جديدة"، مشيرة إلى الدعوات إلى إعادة فتح المعبر عند باب السلام، إلى شمال غرب سوريا أيضاً (وصول المزيد من المساعدات إلى ضحايا الزلزال في سوريا لكنها ليست كافية). وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة: "في هذه المرحلة، لدينا معبر حدودي واحد. سنحاول الحصول على أكبر قدر ممكن من المساعدات من خلال هذا المعبر. أعتقد أننا بحاجة إلى اتخاذ الأمور خطوة بخطوة لنرى بالضبط أين توجد الاحتياجات وما يمكن تلبيته من خلال الخطوط المتقاطعة، وما يمكن تلبيته من خلال الحدود" (زلزال قد يعمق الانقسامات في سوريا).

وجهود المعونة العابرة للحدود عملية ضخمة تنسقها الأمم المتحدة. كانت هناك ثلاثة معابر تستخدم للمساعدات عبر الحدود في شمال سوريا، لكن روسيا أجبرت اثنين منها على الإغلاق باستخدام حق النقض الفيتو في مجلس الأمن الدولي. في السنوات الأخيرة، هددت روسيا بإغلاق باب الهوى تماماً، مما أثار تحذيرات من هيئات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية من أن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى كارثة إنسانية. ومنذ وقوع الزلزال، أغلق المعبر بالقوة. ولحقت أضرار جسيمة بالطريق الرئيسي الوحيد الذي يربطها بالمناطق الداخلية التركية وأصيبت البنية التحتية للمساعدات التابعة للأمم المتحدة بالشلل. ويعاني عمال الإغاثة من نفس مصير ملايين آخرين يعيشون في المنطقة المنكوبة. هذا حقاً سيناريو كابوسي، كارثة طبيعية كارثية تضرب أحد أكثر السكان ضعفاً في العالم، مخلفة آلاف المباني المدمرة وآلاف الضحايا وسط طقس الشتاء القارس، ولا يوجد طريق واحد مفتوح للمساعدات. ويجب أن يظل المجتمع الدولي ملتزماً بسياسته الطويلة الأمد المتمثلة في دعم المعونة عبر خطوط التماس وعبر الحدود لمساعدة جميع المحتاجين. وينبغي النظر في توسيع نطاق المساعدات التي يتم توجيهها عبر دمشق مؤقتاً، ولكن فقط إذا تم توفير تصريح للقيام بالشيء نفسه في الشمال الغربي. يتمتع النظام بسجل ثابت يمتد لعقد من الزمن في التلاعب بالمساعدات الإنسانية، وتحويلها وسرقتها وإفسادها. كما يكسب النظام مبالغ هائلة من خلال فرض أسعار الصرف التي تم التلاعب بها على الأمم المتحدة، وبالتالي سرقة نصف كل دولار مساعدات يتم إرساله إلى سوريا. ويشكل الافتقار إلى المرافق الطبية ومياه الشرب النظيفة والمواد الغذائية الأساسية والمأوى الآمن والصرف الصحي والتدفئة في أعماق الشتاء الاختبار الأكثر إلحاحاً. وستعتمد كيفية مواجهة هذا التحدي الملح بشكل متزايد على الحكومة السورية. وحذر أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة ان "المزيد من المساعدة في الطريق، ولكن هناك حاجة إلى أكثر من ذلك بكثير" (رأي الأوبزرفر حول الاستجابة غير الكافية للزلزال من قبل الحكومتين التركية والسورية).

إذا أدار النظام السوري ظهره للعروض الأجنبية أو فرض شروطاً مستحيلة عليها، فمن الواضح أن هذه الأزمة ستؤدي إلى عواقب أكثر حدة. قبل الزلزال، كانت سوريا تحدق في هاوية من الانهيار الاقتصادي، والمعاناة الإنسانية، وعدم الاستقرار السياسي والعرقي والطائفي المستعصي. السبب الجذري لكل هذا، النظام الحاكم، الذي لا يظهر أي علامة على الانفتاح على التسوية. في عام ٢٠٢٢، ارتفعت الهجرة غير الشرعية للسوريين إلى أوروبا بنسبة ١٠٠ في المئة. مع آثار هذا الزلزال الكارثية كما هي، سترتفع هذه الأرقام بشكل ملحوظ بمجرد حلول الربيع. لسنوات عديدة، اختار المجتمع الدولي اتخاذ أنصاف الحلول عندما يتعلق الأمر بالسياسة السورية، أو تجاهل أسبابها الجذرية، أو تجاهلها تماماً. هل سيتحمل بشار الأسد مسؤولية عدم وصول المساعدات إلى المناطق المتضررة؟ هل سيعمل على تعزيز البنية التحتية للتخفيف من آثار مثل هذه الكارثة الطبيعية في المستقبل؟ لا يبدو أن الجواب واضحاً بالنسبة لسوريا وشعبها، مما يشير إلى أن الوضع لن يتغير في أي وقت قريب.

***

شيرين ميخائيل

...................

المراجع:

https://news.un.org/en/story/2023/02/1133362

https://www.csis.org/analysis/earthquake-may-deepen-syrias-divides

https://www.theguardian.com/commentisfree/2023/feb/12/the-observer-view-on-the-inadequate-response-to-the-earthquake-by-the-turkish-and-syrian-governments

1 - بغداد لا تعرف شيء عن نفسها، ولا نحن عنها، من يدخلها من يخرج منها، بنت من وزوجة من، وعرسها القادم وأ خر المغتصبين، ما تحت بساطها شيء، وما فوقه آخر، لو استعرضنا شعارات احزابها وتياراتها، القومية وألأسلامية، يوم كانت معارضة، للجلاد الذي سبقها، لوجدناها أكاذيب، تفيض عن تاريخ زائف، بعد ان استلمت كامل ادواته، تمارستها الآن بوجشية ثأرية عمياء، فوقف الجوع العراقي معارض لها، في الساحات والشوارع والطرقات، كل ما تريده ملايين العوائل المدمرة، استعادة وطناً كان لها، حينها نهظت بغداد، بكامل عذريتها وطلتها الوطنية، تغسل وجه الأرض، بدماء شهدائها وجرحاها، ومعاناة مقعديها ومغيبيها، وصراخ اراملها وثكلاها وايتامها، فسقطت اقنعة الفضائح، عن وجه الدكتاتور والسمسار، والقناص والمرجع المحتال، جميعهم ملثمون، بملفات الفساد والأرهاب.

2 - العراق على رصيف اللامعقول يكتب وصيته، دولته تمزق سيادتها، حكومته تؤجر نفسها وشعبها، وتتحاصص اضلاع العراق، للبيت الشيعي سلطته التنفيذية، والتشريعية للبيت السني، ورئاسة الجمهورية،  للبيت الكردي، والقضائية مزاد لعرض نعش الكرامة، اما حصة العراق، ليس سوى شرطي متقاعد، بيوتات التحاصص، كل له مليشياته، وحصة من داعش، فداعش احدى اهم مؤسسات العملية السياسية، في فوضى التحاصص، فقد العراق حروفه (حدوده) الأربعة، يحده من الشمال (كرديتان!!) ومن الجنوب (ميناء مبارك!!)، وشرقه يبتلع غربه، محافظاته غريبة الأطوار، اربيل والسليمانية، عاصمتي  الشمال، النجف  وكربلاء، عاصمتي العمة الشرقية للمذهب، وبغداد قضاء تابع للمنطقة الخضراء، او عاصمة بلا مسمى، عراق اللا معقول  هذا، لا يملك منه اهله سوى عظامه، والجوع والتاريخ الوجع القديم، وموجة تشرينية بحجم الكون، سيغتسل بها العراق، من اعراض النكبة، بغداد تبكينا ونبكيها، والأرض تبكي دموع الله، حول نعش العدل والأنسان.

3 - تحدث المشاركون في (خليجي 25)، عن كرم البصريين، ونسوا ان 40% من البصريين تحت خط الفقر، في احياء تفتقر للحياة، من اين جاء هذا الكرم، ان لم يكن، من بقايا الرغيف الحافي لخبز الملايين المعدمة، ان لم يكن مسروقاً، فمتى زرعوه وحصدوه، ثم تكرموا به للضيوف، في استعراضات لا تخلوا من السخف، مثل هذا المديح المفرط، جاء اضعافه لكرم المسيرات المليونية، طائفية الشكل الغائية المضمون، سيخسر فيها العراقيون حقيقتهم، لتتوغل المراجع الأيرانية اكثر، في مفاصل الدولة والمجتمع، على حساب الوجود العراقي، لا ضرر من ممارسة، كامل المكونات العراقية، شعائرها وتقاليدها، وتأكيد ثقافاتها وموروثاتها وخصوصياتها، شرط ان لا تكون اهدافها، طائفية عرقية الغائية، وتجنب فرض الذات والعقيدة، عبر المظاهر والألقاب وشعوذة المواطن العراقي البسيط.

4 - على المواطن العراقي، عربي كان ام كردي او تركماني او كلدو اشوري، وعلى معتنقي الديانات التاريخية، مسلمة او مسيحية او ايزيدية او صابئة مندائة او يهودية، ان تتحرر من عقدة، اضطهاد الأغلبيات للأقليات، فليس هناك اغلبية او اقلية، هناك الحق التاريخي للأنسان على ارضه، من خارج موجات الغزو والتدمير، تلك الحقيقة، يجب ان يدركها ويستوعبها المواطن العراقي، قبلها يجب نبذ الفرقة والتمزق والتكفير، الثغرات التي ينفذ منها العبيد، لأستغفال واسعباد الملايين وافساد وعيهم الوطني، ويبقى العراق الآخر، هدف ودليل عمل، لأكمال مشروع التغيير والأصلاح المجتمعي، فالأرض وما عليها وتحتها، حق مقدس للأنسان العراقي، ونبذ خرافة "هذا لي وذاك لك" فالعراق للجمع والجميع للعراق.

***

حسن حاتم المذكور

16 / 02 /2023

 

ليس من المعقول ان تبني دولة أكثر من 500سد على مجاري الأنهار وتخزن أكثر من600مليار متر مكعب من المياه ويكون هدفها توليد الطاقة الكهرومائية أو لتحسين البيئة والمشاريع الزراعية..

فهذا أمر لا يُصدق..

كمية المياه المخزنة في سد (أتاتورك) على نهر الفرات تصل إلى 48 مليار متر مكعب وفي سد (أليسو) على نهر دجلة تصل إلى 10 مليار متر مكعب.. هذان سدان فقط ناهيك عن السدود الأخرى التي يصل تعدادها إلى أكثر من500سد وتقدر كميات المياه فيها إلى أكثر من600 مليار متر مكعب

هذان السدان أمرهما يمس أمن العراق وسوريا على وجه التحديد ولابد من التركيز عليهما لأنهما يقعان ضمن خط الزلزال وهذا خطر داهم قد يقع الزلزال في أية لحظة ودون إشعار مسبق كما حدث في الزلزال الاخير الذي دمر مدنا في جنوب غرب تركيا وكان لايبعد عن سد اتاتورك سوى 100كم تقريبا هذا اولا...

وثانيا ان كمية المياه هذه في سد اتاتورك لو انطلقت بشكل مفاجئ بسبب الزلزال او بفعل متعمد ستسبب كوارث لا تعد ولا تحصى ليس للعراق وسوريا فحسب بل لدول عدة ليست بحساباتها ان يصلها الضرر مثل الأردن وفلسطين والسعودية حتى...

هذه المياه استخدمها أوردغان كسلاح لإخضاع دول المنطقة والسيطرة عليها واذلالها...

و محاصرة هذه الدول بين خيارين: اما الموت عطشا أو الهلاك بالفيضانات وتخريب المدن و إهلاك الحرث والنسل.

ومن خلال هذين الخيارين يضغط أوردغان بهدف إذلال العراق وسوريا والسيطرة عليهما وابتزازهما باعتبارهما جزء من الإمبراطورية العثمانية البائدة وما عليهما إلا دفع الخراج الى الباب العالي في الاستانة...!

لا أحد يعرف من الذي شجع أوردغان على اتباع هذه السياسة؟ كما ولا أحد يعلم من هي الدول التي شجعته و منحته الأموال لبناء هذه السدود المخيفة التي وصلت تكلفتها إلى 100مليار دولار....!

* حقا سد اتاتورك سد مخيف مرعب بسبب حجم الكتلة المائية الهائلة التي تحوي طاقة كامنة لو تحررت الى طاقة حركية بسبب انهيار السد المفاجئ ستسبب كارثة لم يشهدها التاريخ من قبل، وعلى المختصين من المهندسين دراسة و حساب هذه الطاقة وتأثيرها وتقديمها إلى الجهات المختصة...

  في تقديرنا لو قدر لهذه الكتلة المائية ان تتحرك بخط مستقيم بلا حواجز وموانع وتضاريس أرضية لأصبحت تهدد مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس وكما يقولون: (فرض المحال ليس محال)...!

كميات المياه المخزنة في سدي (اتاتورك وأليسا) كافية لأغراق العراق وسوريا وتدمير حوض الرافدين بمدنه وحواضره وتاريخه ومحو آثاره وإفناء سكانه..

وبناءً على هذا فكل دول المنطقة خصوصا العراق وسوريا و دول جامعة الدول العربية معنية تماما بعقد اجتماع عاجل لمواجهة هذا الخطر وتوجيه طلب إلى مجلس الأمن الدولي ومنظمة المؤتمر الاسلامي والمنظمات الدولية الأخرى بالضغط على حكومة أوردغان لتفريغ السدود إلى مستوى زوال الخطر على البلدان المجاورة لتجنب كارثة متوقعة اذا ما وقعت فهي لا تبقي ولاتذر.

وتحميل الحكومة التركية مسؤولية وقوعها لان المعلومات الواردة من داخل تركيا تؤكد تصدع سد اتاتورك من أثر الزلزال بحكم قربه منه..

ولابد من السماح للخبراء الدولين الكشف على حالة السدود ومستوى درجة الأمان فيها درءً للأخطار المتوقعة...

على الحكومة العراقية متابعة هذا الأمر على وجه السرعة فإنه أمر لايقبل التأجيل او التراخي في متابعته...

***

جواد السَّعَـيّد العبادي

 

 

لم يكن الموقف الأمريكي والأوروبي من الزلزال المدمر الذي وقع في تركيا وسوريا فجر السادس من فبراير مستغربا، فمنذ بداية الأحداث في سوريا عام 2011 كانت الأجندة الأمريكية والأوروبية واضحة جدا، وهي إسقاط الدولة السورية ونشر الفوضى فيها، كما حدث في العراق أبريل 2003 وليبيا 2012 عبر دعمها المعلن للجماعات المتطرفة والمسلحة التي رفعت السلاح في وجه الدولة، وتسببت في قتل الآلاف من الشعب السوري وتشريد مئات الآلاف، وبعد أن فشلت في إسقاط الدولة السورية وتقسيم البلاد إلى دويلات طائفية قامت بفرض عقوبات جائرة على سوريا ومنها قانون قيصر سيء الذكر.

وفي الوقت الذي تضامنت فيه جميع دول العالم ومنها الولايات المتحدة وأوروبا مع تركيا في مصابها الأليم، وقامت بإرسال المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة للمتضررين في المناطق المنكوبة، فإنها لم تقم حتى بأبسط الأمور مثل تقديم واجب التعزية للشعب السوري في هذا الزلزال المدمر، مما يكشف بكل وضوح زيف ادعاءاتها السابقة بأن عقوباتها القاسية على سوريا تهدف إلى تحرير الشعب السوري من "الدكتاتورية والطغيان" حسب مزاعمها الكاذبة، فها هي الأحداث تكشف من جديد زيف هذه المزاعم وبطلانها.

ولكن الأحقر من المواقف الأمريكية والأوروبية، هو موقف بعض الإعلاميين الذين يقدمون أنفسهم كـ"معارضين" للنظام، الذين تجردوا من كل فضيلة وإنسانية، وبدلا من نسيان الخلافات السياسية باعتبار أننا الآن أمام قضية كارثية وطنية وقضية شعب ووطن، سخروا حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي للدعوة إلى عدم إرسال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى سوريا، ودعوة الولايات المتحدة إلى الاستمرار في عقوباتها الظالمة والجائرة على سوريا.

نحن نعلم تماما أن كثيرا من هؤلاء "الإعلاميين" أو بمعنى أصح "الأبواق المأجورة من الولايات المتحدة" كانوا طوال السنوات الماضية يرقصون طربا بعد كل هجوم صاروخي على دمشق، ويدعون نهارا جهارا دون أي حياء إلى تدخل عسكري أمريكي في سوريا للإطاحة بالنظام، وكأن هؤلاء نسوا أو تناسوا نتائج التدخلات العسكرية الأمريكية في العراق وليبيا وأفغانستان وغيرها.

وفي الوقت الذي كشف فيه الزلزال المدمر الذي تعرضت له سوريا زيف الادعاءات الأمريكية ونفاق المواقف الأوروبية، فإنه أظهر أيضا الموقف الإيجابي لبعض الدول العربية وأصدقاء سوريا مثل روسيا وإيران التي سارعت إلى إعلان تضامنها مع الشعب السوري ومواساته على هذا المصاب الجلل، كما قامت بإرسال مساعدات عاجلة إلى الشعب السوري.

وكان لسلطنة عمان الموقف المشرف في هذا الحدث، حيث اتصل جلالة السلطان بعد الزلزال مباشرة بالرئيس السوري بشار الأسد، وأكد خلال اتصاله تضامن السلطنة مع الجمهورية العربية السورية ومساندتها لها في هذا الحدث للتخفيف من آثاره، كما أصدر جلالته أوامره السامية بتسيير جسر جوي لنقل المواد الإغاثية إلى سوريا وتركيا.

كما سارعت العراق ومصر ودولة الإمارات العربية والجزائر وتونس وليبيا والأردن بإرسال طائرات تحمل المساعدات إلى سوريا بالإضافة إلى روسيا وإيران والهند وباكستان وفنزويلا.

إن كسر الحصار الجائر على سوريا يجب أن يصبح مطلبا عربيا وإسلاميا ودوليا، وعلى أحرار العالم أن يمرغوا أنف قانون قيصر الجائر في التراب وأن ينتصروا للقيم الإنسانية على القوانين الأمريكية الجائرة.

***

صالح البلوشي

 

شهدت مرحلة تولي حكومة السيد السوداني الكثير من العقبات، والمعرقلات التي كانت احد أسباب بطئ الاجراءات التي تقوم بها الحكومة، فحالة الخلاف السياسي ما زالت دائرة بين القوى السياسية، فبعضها يقف عند إجراءات الحكومة في معالجة السلبيات في إدارة الدولة، والبعض الآخر يذهب الى طريقة تعاطي السيد السوداني مع هذه الملفات، ولكن بالمقابل وقفت مشاكل جمة امام حكومة السيد السوداني، وتركة ثقيلة من الحكومة السابقة، فالغت الكثير من القرارات والاجتهادات الشخصية التي قامت بها حكومة السيد الكاظمي، وتاخرت كثيراً في معالجة الكثير من الملفات السياسية والخدمية، إذ وبعد مرور مئة يوم على تشكيل الحكومة لم يتم معالجة ملفات مهمة وعدت الحكومة بمعالجتها.

ملف وجود القوت الامريكية من الملفات المهمة والحساسة، والتي دعمتها حكومة السوداني حيث عبرت عن موقفها المعلن لمهمة الولايات المتحدة والذي يبدو للقارئ انه تحول مفاجئ من بغداد، الا انه في نفس الوقت يعكس تحركاً ثابتاً نحو واشنطن في السنوات الاخيرة، كما ان القادة العسكريون انفسهم قد أقروا بضرورة تواجد هذه القوات، لذلك هذا الملف هو من الملفات التي حسمت من قبل مجلس النواب العراقي، وان أي قرار يتخذ من الضروري ان يكون من خلال نافذة مجلس النواب حصراً.

عمد السيد السوداني الى ان يكون نقطة توازن مهمة في العلاقات الخارجية، وتحديداً العراق مع محيطة الاقليمي والدولي، ويكون نقطة اللقاء بين القوى الخارجية المختلفة على الارض العراقية، فكان يبتعد عن المحاور لئلا يقع في مستنقع التصارع السياسي الدائر بين هذه القوى الخارجية وتحديداً (واشنطن-طهران) والتي تسعى بكل ثقلها بالمنطقة من اجل أضعاف الطرف الآخر، ولكن ما أثر على المنطقة عموماً وجعل واشنطن تعود الى وضع المدافع والمراقب، دخول الصراع الرسوي الاوكراني على خط الازمة العالمية، وأستشعار واشنطن بضرورة ان يكون هناك منفذ ثاني للطاقة في العالم، وان يكون مصدر هذه الطاقة هو العراق، لذلك بدأت واشنطن بالسماح لحلفائها بعقد الاتفاقات الاقتصادية مع بغداد ومنها (المانيا، فرنسا، وسنجد هناك اتفاقات أقتصادية مع آخرين).

من الضروري جداً ان يسعى العراق الى تبني مبدأ التوازن في علاقاته سواءً سياسياً أم أقتصادياً، وفق مبدأ وقانون"مصلحة العراق" وان تسعى حكومة السوداني الى الانفتاح السياسي والاقتصادي مع الجميع، وتحديداً الوضع الاقليمي الذي ينتظر من العراق صفحة جديدة ومتميزة بالعلاقات وتبادل المصالح وفي كافة الصعد.

العامل الدولي مؤثر جداً على المشهد السياسي والاقتصادي على حد سواء، وبات يدخل في المتغيرات على الارض، لان الواقع الاقتصادي يرتبط أرتباطاً وثيقاً بالواقع السياسي، لذلك نجد أن القوى الغربية تتحكم بالمشهد الاقتصادي بالعالم من خلال منظمات تراقب عمل وحركة الدولار في العالم وتراقب عمليات التهريب التي تمارسها بعض الجهات ومن ضمنها العراق، والذي أثرت عمليات التهريب الى دول الجوار الى أقتصاده، وأثرت بالسلب على قيمة الدينار امام الدولار، ما ساهم فعلاً في صعوده وتأثيره السلبي على حياة المواطن وقوته اليومي.

حكومة السيد السوداني مطالبة اليوم بإيجاد السبل الكفيلة والمهمة في معالجة التلكئ في ملف العلاقات الخارجية بين العراق ووضعه الاقليمي والدولي بالاضافة الى إيجاد ألية واضحة للملف الاقتصادي في البلاد، وربما نجد هناك حلول قريبة لهذا الملف ولكنها لن تكون سريعة وآنية، لذلك من الطبيعي أمام المشاكل التي تقف عائقاً امام حكومة السيد السوداني ان تنتظر الحلول البطئية، خصوصاً وأن التركة ثقيلة وكبيرة ، ولا يمكن باي مقاييس سياسية او حتى اقتصادية يمكن حلها بسرعة، لذلك أي إجراء تقوم به حكومة السوداني في معالجة هذا الملف سيكون كفيلاً بالتغير الايجابي نحو اقتصاد حر ومستقر في العراق.

***

محمد حسن الساعدي

لا تزال الأجهزة الأمنية ومعها الحكومة والبرلمان يتخذون موقف المتفرج من عملية اختطاف الناشط البيئي البارز جاسم الأسدي، ولم يجد المواطن ولا عائلة المختطف سوى أن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، أكد فيه عملية الاختطاف وكالعادة أخبرنا أن "الجهات الأمنية ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق مرتكبي هذا الفعل الإجرامي مهما كانت انتماءاتهم".

تلحّ الدولة بكل أجهزتها على أنها حامية للمواطن، وأنها لن تسمح لأي جهة غيرها بأن تمتلك السلاح، وأصبح شعار "السلاح بيد الدولة" مثل معزوفة موسيقية تعزفها الأجهزة الأمنية مع كل عملية خطف أو اغتيال.. أما البحث عن الجاني فهذه مسؤولية المواطن.. مضى ما يقارب الأسبوعين على اختطاف المواطن "جاسم الأسدي"، من دون أن تعلن الدولة موقفاً من عصابات الخطف.

إن المشهد يبدو مثيراً للأسى حين تستنجد عائلة عراقية، بأجهزة الدولة من أجل إعادة أحد أبنائها إلى حضنها، في مشهد يثير الحزن والغضب في نفس الوقت ظهر شقيق المختطف يقول إن الأجهزة الأمنية تعرف الجهة الخاطفة. الأستاذ جاسم الأسدي أمضى حياته يدافع عن الأهوار وأهلها، ويشرح للعالم مأساة هذه المنطقة التي نُكبت بسبب أمزجة السياسيين والحكام، وقدم للعالم صورة مشرقة عن العراق وحضارته، والرجل ليس طالب سلطة ولا يزاحم ساستنا الأشاوس على الكعكة العراقية، ولا يهمه من سيصبح محافظاً أو رئيساً للوزراء، ومن سيلفلف أموال البلاد والعباد، ما كان يسعى إليه أن تعود الحياة إلى الأهوار العراقية، فهل هذه جريمة تتطلب خطفه وتغييبه؟.

ربما يسخر مني البعض ويقول: يارجل عشرات عمليات الاغتيال والخطف تمت خلال السنوات الماضية، والنتيجة أن الدولة تضع الملفات في أحد الأدراج، مثلما وضعت من قبل ملفّات جسر الأئمة وتفجيرات بغداد الجديدة وجريمة سبايكر وملف قتل المتظاهرين، ولهذا علينا أن نعرف جيداً أن كل أعضاء اللجنة التي حققت في اختطاف جاسم الأسدي، ذهبوا مطمئنين إلى النوم العميق، بعد أن أوهموا العراقيين بأن الحكومة اقتصّت من المجرمين. لا شيء تغيّر، إلا مأساة أهالي الضحايا التي ازدادت هولاً وضخامة وفجيعة، وكان آخرها صرخة عائلة الاستاذ جاسم الأسدي.

وأكرّر ما قلته سابقاً إن المسألة هنا تتعلق بفضيحة كبيرة: هناك أطراف تعرف جيداً أن الدولة لا تملك سلطة معارضتها، ولكن هل يعقل ياسادة أن يُخطف مواطن عاش حياته لخدمة بلده؟.. أليس الأمر أشبه بعار سيظل يطارد هذه البلاد التي لا تحترم مواطنيها؟.

هل تدرون ان في كل قضايا القتل والاختطاف.. لم يُحاسب المتسببون، لأن التقارير الرسمية، تنكر كل ما يقال عن هذا الموضوع ونردد هذه النغمة التي مل الناس منها " الوضع تحت السيطرة " .

***

علي حسين

أربعون ثانية استمرت الهزة الأرضية أو استمر الزلزال في سورية وفي تركيا. ما حصل هو شيء مخيف، ومرعب، ويدمي القلوب. الرحمة والغفران لمن رحلوا، والشفاء العاجل لمن هم في عداد المصابين.غالبية الدول العربية مثل الجزائر وتونس وليبيا ومصر والأردن والعراق ولبنان والإمارات العربية المتحدة وعمان والمملكة العربية السعودية، غالبية الدول العربية قامت بتلبية نداء الإستغاثة وأرسلت، ولا تزال ترسل إلى حين كتابة هذا النص مساعدات عينية ومادية إلى سورية، نقولإلى الشعب السوري، مثلما أوفدت فرق الإنقاذ وفرق المتطوعين لإنقاذ من دمرت بيوتهم وسقطت الأبنية على رؤوسهم ورؤوس أطفالهم. وعبر الشعب السوري قيادة وشعبا من خلال وسائل الاعلام، او من خلال الاتصال المباشر، عبرعن شكره وتقديره لهذه المواقف النبيلة ولروح النخوة العربية الحقة هذه.

لا أنسى أن أذكر مساعدات الدول الصديقة والحليفة مثل إيران والصين وروسيا الإتحادية وفنزويلا وأرمينيا ... لهذه الدول نقول: العرفان بالجميل محفوظ في القلوب أيتها الشعوب الصديقة.

ما دفعني لكتابة هذه السطور هما أمران إثنان: الأول - هو إمتناع الدول الغربية عن إرسال المساعدات والمعدات وفرق الإنقاذ إلى سورية تحت ذريعة أن ذلك يخالف (قانون قيصر)، الذي لا يمكن أصولا إعتباره قانونا كونه صادرا عن دولة تحارب الدولة السورية، وتحتل قسما من أراضيها، وتنهب القمح السوري والنفط السوري، وتصدره عن طريق شمال العراق، أو ما يسمى إقليم كردستان العراق، إلى جانب رعايتها ومساندتها لقوى الإرهاب مثل داعش والنصرة وغيرها، في حين أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة وفريق من الساسة الغربيين كانوا ولا زالوا يدعون أنهم أرسلوا قواتهم إلى العراق وسورية لمحاربة الإرهاب. هذا يذكرنا بمن يقوم بفعل القتل ويمشي خلف جنازة القتيل. دعونا نعتبر (قانون قيصر) نظريا، نعتبره قانونا. ألا يعرف كل خبراء القانون أنه في حين ظهور قوة قاهرة مثل الزلازل أو الأعاصير وغيرها يصبح ذلك القانون غير ساري المفعول.ثم من يمتثلون اليوم لبنود (قانون قيصر) المشؤوم هذا... هم أنفسهم في زمن الحرب الكونية على سورية، منذ بداية الأحداث إلى يومنا هذا لم يمنعهم القانون الدولي المعروف والقائل بعدم التدخل في شؤون الدولة المستقلة - ذات السيادة، او خرق حرمة حدودها الجغرافية، إذ عرفوا بل تفننوا بعملية - كيف تخترق الحدود، وكيف لا تحترم السيادة، وكيف القيام برعاية قطعان الإرهاب بجميع أشكالها. الا يذكركم هذا بالمثل الشعبي العراقي (يم ابن عمها...) ساسة الغرب يقدمون لنا أمثلة متضاربة : فهم حين اللزوم يقومون بخرق الأعراف الدولية والقانون الدولي، ومن جهة أخرى يحترمون بنود نص وضع فقط من قبل دولة محتلة للأرض السورية، و هي خصم في المسألة السورية. حقا إنه نفاق سياسي مكشوف.

الأمر الثاني - هو عدم إستيعاب فريق كبير ممن يكتبون إلى صحيفة المثقف الغراء، عدم فهمهم، وعدم إستيعابهم لما جرى على أرض سورية منذ أواسط آذار عام 2011 حتى يومنا هذا. فهذا يقول (النظام السوري)، وذاك يعتبر ما جرى حربا أهلية.

سوف أبدأ من بعيد. أنا أيها السادة، أيها المثقفون أقيم في روسيا منذ بداية السبعينات، أي أصبح زمن إقامتي هنا في بلد الإغتراب يتجاوز ثلاثة وخمسين عاما، بينما عمري الآن 75 عاما، نستنتج من ذلك أنني لست موظفا في الدولة السورية، ولست أحد أساتذة واحدة من جامعاتها، ولا أنتظر وظيفة أومكافأة بسبب كبر السن.. من هنا يجب النظر إلى قولي بشكل موضوعي، كون شهادتي كما يقال ليست مجروحة.

من لا ينظر إلى تاريخ الأحداث منذ إنهيار الإتحاد السوفييتي إلى اليوم ويأخذ العبر يكون واقعا في شبهة تاريخية.إن إنهيار الإتحاد السوفييتي، وحل المعسكر الإشتراكي، وتجزئة يوغوسلافيا، وقصف صيربيا – كل هذا لم يكن ليحصل إلا من خلال شراء الضمائر، والتدخل المباشر ماديا وإعلاميا وماديا، أي بفضل نشاط البنوك الغربية والمؤسسات الغربية وتدخل عناصر من الجهات الخاصة في شؤون دول أجنبية –ذات سيادة، بقرار من قبل أمريكا ومن يقف في صفها من حكومات، حتى أن لدى الإدارة الأمريكية توجد جوائز وميداليات منحت لبعض الرجال تحمل أسم (ميدالية إنهيار الإتحاد السوفييتي).

في منطقتنا نحن – أي في عالمنا العربي. من مننا نسي محاصرة العراق مدة من الزمن؟ ومن مننا نسي تجويع أبناء العراق بحجة أن صدام يمتلك أسلحة دمار شامل؟ قتِلَ صدام، وسقطت بغداد وتم إصدار أول قرار لبريمر يقضي بحل الجيش العراقي، وكل مؤسسة تابعة للقوات العراقية، وبعد التفتيش لسنين لم يحصلوا على ما يثبت أدعاءهم عن أسلحة الدمار الشامل. في حين كانت ماكينة الإعلام الأمريكية تبث أن أمريكا صديقة للشعب العراقي، وخصمها فقط هوالحاكم صدام حسين. السؤال لماذا إذن قام بريمر بحل الجيش العراقي؟ بل لماذا تم قتل العلماء العراقيين؟ ولماذا نهبت المتاحف العراقية؟ ولماذا نهبت مؤسسات الدولة في العراق؟

أما عن ما سمي بالربيع العربي، فقد كان الرهان أنهم أي الفريق الغربي سوف يضحون برأسي بن علي ومبارك للحصول على رأسي القذافي والأسد. الكل يعرف الرواية الفرنسية، وكيف القذافي قدم الدعم لحملة ساركوزي الإنتخابية، وكلنا سمع القذافي في الجمعية العامة منتقدا منظمة الأمم المتحدة، وكلنا سمع عن فكرة القذافي في العمل على تأسيس منظومة نقدية أفريقية يتم بفضلها الاستغناء عن الدولار. من هنا نستنتج أن أحداث ليبيا ليست ثورة كما ظن البعض بل تدخل غربي مباشر للقضاء على دولة ذات سيادة. سورية لم توقع إتفاق صلح مع إسرائيل - هذه الدولة التي تحتل أراضي عربية سورية - بل وتحتل كل فلسطين وقرى لبنانية، وتمتلك سلاحا نوويا، وسلاحا كيميائيا، وجيشها يشكل خطرا على كل دول المنطقة بما في ذلك إيطاليا واليونان وقبرص وتركيا وإيران، ناهيك عن هذا الخطر الذي يهدد كافة الدول العربية المجاورة والبعيدة.

حين سقطت بغداد لم تأت القوات الأمريكية بدباباتها وجنودها فقط، بل جلبت على ظهر دباباتها عملاء لها ومنظري سياسة خدمة الغرب، إلى جانب منظري تقسيم العراق على أسس عرقية وطائفية ومذهبية، في هذا الوسط الذي أوجدته القوى الغازية نبتت أفكار معادية للعرب وللقومية العربية، إذ صرنا نرى وبكل وضوح دعوة أستنكار لأي فكر يستند إلى وعي الذات القومية. على هذه التربة المعادية للعرب وجد الفكر الإسلاموي طريقه لتشكيل تنظيمات على أساس ديني متعصب، على هكذا تربة نبت تنظيم ما سمي داعش وغيره.

ردا على سيدة تسمي ما حدث في سورية حربا أهلية أقول : سيدتي أنت مشتبهة ! الفرق التي ادعت أنها تقاتل لأجل الحرية والديمقراطية هدمت المصانع والمعامل، وقصفت أنابيب الغاز والنفط، ودمرت محطات توليد الكهرباء، أما زعماء من أدعوا أنهم زعماء معارضة ارتموا بأحضان الغرب وقطر وغيرها للحصول على الدعم بالسلاح والمال، أرجو من حضرتك الاطلاع على المقابلة، التي أجراها الإعلاميون مع حمد بن جاسم عن نشاطه السياسي والمالي لمحاربة الدولة السورية، وكمية الأموال التي قدمتها قطر لهذا الغرض..... كانت هناك مشاريع غربية،أقرت في الغرف السوداء لتسليم الشرق الأوسط لتنظيم الإخوان المسلمين. في سورية لم تسلم من بطش الإرهاب لا المؤسسات الطبية ولا الصيدليات ولا المشافي، حتى أنهم دمروا معامل الأدوية في غوطة دمشق مع صيحات التكبير. ووصل الأمر إلى قدس الأقداس، إذ أنهم دمروا المساجد التي بنيت في عهد الأمويين، ودمروا الكنائس، حتى أنهم دمروا قواعد الصواريخ المضادة للطائرات، ودمروا المرصد الكبير في شمال سورية، إلى جانب تدميرهم لمختبرات البحث العلمي التابعة للجيش العربي السوري، و قاموا بقتل الخبراء مع إغتيال الطيارين السوريين بعد عودتهم من دورة في روسيا. أما عن إغلاق المدارس وتحويلها إلى أوكار لرجال العصابات والتنظيمات الإرهابية فحدث ولا حرج. أريد أن أختم كلامي بالقول أنه مع الأسف الشديد كثيرون من مثقفينا أسرى للمنهل الاعلامي الغربي، الذي يدار من قبل أجهزة لا تحترم العرب بل تكن لهم العداء. كلنا يذكر حادثة طائرة لوكربي التي ليس للدولة الليبية أي علاقة بها، بل هي ناتجة عن تصفية حسابات داخل الأجهزة الإستخباراتية الأمريكية نفسها، وبشكل وقح قاموا بعملية إستثمار لهذه الحادثة على حساب الشعب الليبي....ما حدث ويحدث في سورية كونها لم تقم بتوقيع إتفاقية سلام مع الدولة الصهيونية المعتدية، ولم تذهب نحو التطبيع حسب شروط الغرب، وكونها دعمت وتدعم حتى هذه الساعة قوى المقاومة في لبنان وفلسطين. وأخيرا أقول يجب التفريق بين ما هو سياسي وما هو وطني، من يختلف مع الدولة في السياسة، عليه التفريق بين السياسة وحب الوطن. لا يجوز أن تعاقب الوطن كونك تختلف مع قادة هذه الدولة في السياسة.

***

بقلم إسماعيل مكارم

......................

* الفزعة: هي التوجه لإنقاذ المستغيث، ومن يطلب العون والمساعدة.

عندما سقطت الخلافة العباسية في بغداد (8\2\1258) تذكر كتب التأريخ أن الناس أخذت تتحدث عن نهاية الدنيا، ولا مفر من الإستسلام للمشيئة المقدرة.

وعندما هزم الملك المظفر (قطز) جيوش هولاكو في معركة (عين جالوت) في (14\8\1260)، تناسى الناس ما كانوا يتوهمون وتمسكوا بالحياة وبنائها.

وفي الزمن المعاصر كلما هبت أعاصير على بلدٍ ما، قالوا إنه غضب مسلط عليهم وإنتقام منهم، وبعضهم يقول أنه مذكور في كلام هذا وذاك قبل عدة قرون، وموجود في القرآن وما إلى ذلك من التبريرات والتأويلات الواهية.

وحينما حصلت الهزة الأرضية في باكستان قبل عدة سنوات وراح ضحيتها عشرات الآلاف، وجدت الأخوة الباكستانيين يبررون ذلك بأنها غضب من الله لأن الناس أصبحت كذا وكذا.

وقس على ذلك الكثير من الظواهر والحوادث الجارية فوق التراب.

ومنها يتضح بأن مجتمعاتنا محكومة بآلية إستلابية إذعانية لا تتحرر منها وتتوارثها الأجيال تلو الأجيال، وما نراه اليوم في وسائل التواصل والإعلام، أن المتاجرين بالدين، أخذوا يستثمرون بما يحصل من كوارث لتخويف الناس وإشاعة الذعر في نفوسهم، للنيل منهم وإستعبادهم بإسم الدين.

ولو بحثتم عن إسطوانة علامات الساعة في بطون الكتب التأريخية، لوجدتموها تتكرر مرارا، وما وقعت الواقعة ولا فار التنور، ولا تزال الأرض تدور وتطحن ما عليها كعادتها منذ الأزل.

هذا لا يعني أن الأرض لن تنتهي ذات يوم، شأنها كأي جرم سماوي ينتظر دوره ليبلعه ثقب أسود، وعندها تكون النهاية خاطفة وبلا علامات.

فالأجرام السماوية والمجموعات الشمسية تنتهي بغتة وبلا سابق إنذار، فسرعة شفطها من قبل الثقب الأسود خارقة لا تتمكن منها الابصار.

فعلينا أن نتحرر من دوامة التغفيل والترويع، ونعمل كأننا نعيش أبدا!!

وتبا للكلام الفارغ الذي يصم الآذان، وهلموا إلى خير العمل!!

***

د. صادق السامرائي

 

﴿ وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ ۖ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ ﴾ - القمر- ٢٨

حبس الماء عن الخلق جريمة يعاقب عليها الله ويحاسب عليها القانون الدولي وهذا مانصت عليه الاتفاقيات الدولية بخصوص تنظيم المياه بين الدول المتشاطئة...

تعمدت الحكومات التركية المتعاقبة ومنذ عقد السبعينيات من القرن المنصرم بانتهاج سياسة عنجهية اتجاه جيرانها العرب في سوريا والعراق وتعاملت معهم بمنتهى الخسة واللئم والتعالي...

فرفعت شعار الماء مقابل النفط بعد أن قررت إقامة السدود على مجاري نهري دجلة والفرات ومنعت تدفق المياه إلى سوريا والعراق فتحولت أراضي العراق الخصبة إلى يباب و الأهوار الى مستنقع آسن وخربت الطبيعة بشكل كامل وتغير المناخ إلى أسوء حال في كل فصول السنة أما المياه فصار الفرات العذب ملحاً أجاجاً وشط العرب لا يصلح للاستعمال حتى في البناء دون الاستعمال البشري...وتضررت الزراعة والثروة الحيوانية إلى حد كبير في الوسط والجنوب.

وتشير التقارير إلى أن كميات المياه المخزنة في سدود تركيا إلى ما يزيد على 600مليار مكعب وهذه الكمية الهائلة تستخدمها تركيا في الزراعة وتوليد الطاقة الكهرومائية  التي بدورها تستخدم في تشغيل المصانع  العملاقة... مع العلم ان هذه السدود تقع ضمن منطقة حيوية في جنوب شرق تركيا يعتمد الاقتصاد التركي عليها اعتمادا كبيرا.. علما ان هذه المنطقة تقع ضمن نطاق الزلازل المعروف عالميا لكن الحكومة التركية لم تعبأ بذلك ولم تنظر إلى خطورة الوضع الجيولوجي في المنطقة وافرطت في إقامة الإنشاءات والمصانع العسكرية والموانئ...

وأشار بعض المتخصصين في علم الجيولوجيا والزلازل ان احد اسباب الزلزال كانت هذه السدود الخرسانية وكميات المياه المخزنة الهائلة التي ساعدت على تخلل التربة مما يسهل عملية الانهيار عند وقوع الزلزال.

لا ننسى ان منطقة الزلزال في جنوب شرق تركيا هي منطقة حيوية اقتصاديا وتضم مكونات سكانية معارضة للنظام السياسي التركي وهذا خطر يهدد الدولة التركية بالتقسيم ومن المحتمل وقوع حرب أهلية في الأيام القادمة وبدعم خارجي وهذا ما يقلق حكومة أوردغان على الرغم من نفوذه السياسي والشعبي وسيطرته على القوات المسلحة.

اذن لم يكن الزلزال كارثة طبيعية مروعة فحسب بل وضعت حكومة اوردغان في وضع حرج للغاية وأصبحت حكومته تعاني من وضع سياسي ينذر بالانفجار وهذا يحتم عليه فرض السيطرة الكاملة على المنطقة ولهذا رفض تدخل القوات الأمريكية في عمليات الإنقاذ تخوفا من مساعدة الكرد لإقامة دولتهم أو إقليمهم في جنوب شرق تركيا.. وكذلك هناك أزمة اقتصادية حادة بسبب دمار المصانع والطرق ومحطات توليد الكهرباء إضافة إلى كميات مياه هائلة مخزنة تهدد هذه المنطقة الحيوية بالغرق منا يزيد الأحوال سوءً، فهو واقع بين خيارين أحلاهما مر:

الأول: أما أن تبقى السدود مغلقة وهذا يعرض المنطقة إلى الفيضانات والغرق وتخريب الأرض والمنشآت والطرقات وسكك الحديد وتزداد المنطقة دمارا..

الثاني: أن تفتح السدود لتتدفق المياه إلى الأراضي السورية والعراقية وهذا يؤدي إلى نقص في كميات المياه التي تعتمد عليها محطات توليد الطاقة التي تزود المنشآت والمصانع وهذا سيودي إلى توقف محطات توليد الكهرباء ومن ثم تتعاظم الأزمة الأقتصادية.

وهنا سيتعرض كل من سوريا والعراق إلى خطر داهم في حالة فتح السدود بشكل مفاجئ دون التنسيق بين تركيا وسوريا والعراق، فتصريف المياه وبهذه الكميات الهائلة سيعرض الدولتين إلى الفيضانات وغرق المدن وتخريبها وتدمير أراضيها وهذه أضرار بالغة تتحمل مسؤوليتها الحكومة التركية وهذا ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية الخاصة بتقسيم المياه بين الدول المتشاطئة لأن تركيا ملزمة بالتنسيق مع سوريا والعراق قبل فتح المياه ليتخذا استعداداتهما تجنبا لحدوث أي طارئ مثل انهيار السدود او الفيضان وما ينتج عنه من اضرار بالزراعة بتخريب شبكات الري وتغيير مجاري الأنهار والإضرار بالزراعة والمنشآت الصناعية والصحة وغيرها...

- أما ما يتوجب على الحكومة العراقية اتخاذه من تدابير وخطوات:

* استخدام هذه الورقة للضغط على الحكومة التركية لسحب قواتها من الأراضي العراقية في الشمال.

* اشعار الحكومة التركية بخطورة الموقف وتحذيرها اذا ما فتحت السدود بشكل مفاجئ دون التنسيق مع العراق. وتتحمل كافة المسؤوليات بما فيها دفع تعويضات الخسائر وفقا للاتفاقيات التي تنظم توزيع المياه بين تركيا والعراق.

* اشعار المنظمات الدولية المختصة بتنظيم الموارد المائية بين الدول بتصرفات الحكومة التركية.

* تعبئة الرأي العام العراقي والاقليمي والدولي ليكون ضاغطا بمطالبة تركيا على تحمل المسؤولية.

* تشكيل خلية أزمة لمتابعة كل مايجري ووضع الحلول السريعة خصوصا قرب العاصمة بغداد و المدن الكبيرة.

* استعداد القوات المسلحة والدفاع المدني لمواجهة الفيضانات.

* الاستعانة بالعشاير في المناطق الريفية.

*اعداد خطة لتأمين الغذاء و تهيئة المخازن لاستقبال اكبر كمية من المواد الغذائية.

نأمل أن لا يرتكب أوردغان حماقة بفتح السدود بشكل مفاجئ فيعم الضرر كل دول المنطقة وسيكون قد ارتكب جريمتين في حبس المياه واطلاقها لاغراق بلدين جارين واخرابهما وايذاء شعبيهما.

***

جـواد السَّـــعَيــّْد العبـــادي

 

اكتسبت رحلة وفد العراق، برئاسة وزير الخارجية السيد فؤاد حسين أهمية وحساسية تختلف عن سابقاتها..

فرغم أن هكذا زيارات تجري عادة، لمناقشة العلاقة بين بغداد وواشنطن، والقضايا المشتركة بين الجانبين، وأهمها الاتفاقية الإستراتجية بين الجانبين، والتي ترسم العلاقة بين الطرفين، لكن تزامنها مع الأزمة الاقتصادية الخطيرة، التي عصفت بالدينار وجعلته ينخفض، بصورة لافتة أمام الدولار، جعلها مهمة لمصلحة العراق واقتصاده..

الواقع أثبت أن بغداد ما زالت بحاجة إلى الدعم الأمريكي، في معالجة الاقتصاد الداخلي وأهمها تقوية الدينار العراقي، كما أن موارد العراق جميعها تقريبا، أمست بيد واشنطن خصوصاً، وأن العراق ما زال يخضع لقانون البنك الفيدرالي الأمريكي، وسياسة البنك الدولي، في آليات الحصول على الدولار، لتمشية أعمال الحكومة ومشاريعها وتغطية واردتها.

عملية التلاعب التي بدأت في "مزاد العملة" والذي بدأته الولايات المتحدة عام 2004 للسماح للمصارف العراقية بالوصول إلى الدولار وبأسعار تفضيلية، لتمويل المشاريع بالإضافة إلى السلع الواردة له، ويتم ذلك من خلال حساب عراقي، في بنك الاحتياط الفيدرالي ومقره نيويورك، ويتم من خلاله توجيه عائدات النفط.. لكن عمليات الفساد الكبيرة التي والتلاعب من خلال مافيات الفساد، وتهريب الأموال إلى دول الجوار، عبر شركات وأشخاص وهميين، في محاولة لتهديد الاقتصاد العراقي، جعل واشنطن والبنك الفيدرالي الأمريكي ينتبه لهذه العملية الخطيرة في تهريب العملة، ويحذر بغداد من هذه المافيات الخطيرة..

يقال في أروقة الاقتصاد السياسي، أنه ومنذ عام 2012 ما يصل إلى 80% من مبيعات المزاد بالدولار، كانت مرتبطة بصفقات غير قانونية، يتم تحويلها إلى الخارج!

عام 2015 قيدت واشنطن مؤقتاً، تدفق الدولار لإيقاف عمليات التحويل، ولكنها تراجعت عندما احتجت بغداد، ووافقت على إجراء بعض الإصلاحات التي وصفت بالتجميلية، على عمليات التحويل التي يقوم بها "سوق الأوراق المالية" وبسبب القلق المستمر من إمكانية وعدم الاستقرار في العراق، عمدت واشنطن إلى إلقاء الوضع الاقتصادي العراقي في أزمة كبيرة وخطيرة، من خلال إيقاف تدفق الدولار لبنكه المركزي، وإيقاف تمويل الواردات العراقية، وقننت هذه الواردات حتى وصلت إلى النصف.

يعتقد كما يرى كثير من المحللين السياسيين، أن البنك المركزي العراقي لديه الإمكانيات الجيدة، للسيطرة على عمليات التهريب المنظمة، وإجراء إصلاحات اقتصادية على سوق العملة، وملاحقة عمليات التهريب، التي تقوم بها عصابات الجريمة، عبر منافذ متعددة في العراق، ومكافحة غسيل الأموال.

حكومة السيد السوداني مطالبة اليوم، بإيجاد آليات عملية وحقيقية، لمعالجة ملف سعر صرف العملة، وربما هناك حلول قريبة كما يتداول، ولكنها لن تكون سريعة وآنية، وهذا طبيعي أمام المشاكل الكبيرة المتراكمة، فلا يمكن بأي مقاييس سياسية أو اقتصادية، أن يكون حلها سريعا.. وأي إجراء تقوم به الحكومة، لمعالجة هذا الملف وغيره. سيكون كفيلاً بالتغير الإيجابي نحو اقتصاد مستقر.

***

محمد حسن الساعدي

إذا فقد الطير قوادم جناحه أو جناحيه فأنه يعجز عن الطيران، ويكون عرضة للإفتراس من قبل بعض الحيوانات السائبة أو الداجنة، والطيور الجارحة، التي تنقض عليه ما أن تلمحه في محنة التمسك بالتراب.

ولكي تفترس أي مجتمع  عليك بقص قوادمه، وقوادم المجتمع حكوماته ونظام دولته، فخربهما وعليك أن تفعل به بعد ذلك ما تشاء.

فالمجتمعات الفاقدة لقوادمها، تتمحن في ترابها وتتناحر مع بعضها، من شدة الخوف الذي يعتريها، فتتوهم بالقوة والإحساس بوجودها وبقائها عندما تتصارع مع بعضها.

والطيور الجارحة تترقب وتختار فرائسها كما تشتهي.

وكم من مجتمعاتنا خلعت قوادمها بنفسها، فانهالت بمناقيرها على أجنحتها ونزعت تلك القوادم ، وأنِسَت أن تتدثر بخوافيها، وترفرف بأجنحتها، التي لا تساعدها على النهوض والتحليق في الهواء.

وتلك مجتمعات الخوافي المنكودة، المهضومة الحقوق، المأسورة بصولات التراب القابض على مصيرها، وستتعثر ببعضها من شدة جذبه لها، وستصول عليها السوابغ التي أعلنت إحتفاليتها فوق رؤوسها، فهي تحوم حولها وتنقض عليها حين تريد.

ومن المعلوم أن "الحوم" يجذب "حوما" آخر، وهكذا تتعدد المنقضات عليها، والقادمات من كل حدب وصوب، لأكلها والتمتع بلذيذ صيدها السهل، فما دامت الطيور بلا قوادم ، فلا تستطيع أن تناور وتقاوم، وتلك مأساة مجتمعات تخلصت من قوادمها بمناقيرها.

فهل سترعوي مجتمعات الخوافي، وتتعاون على تنمية قوادمها، وعدم خلعها، والمحافظة على قوتها وثباتها في أجنحتها.

وهل تندرك أن خلع القوادم أو قصها يعني إنتحارها وسقوطها في مهاوي الوعيد.

إن ذلك الإدراك بحاجة لكدح وزعزعة وفهم أكيد.

وعاشت القوادم والخوافي في جناح عتيد!!

***

د. صادق السامرائي

زلزلت الارض زلزالها في جنوب تركيا وشمال سورية، في المدن الحدودية بين البلدين، وكان زلزالا كبيرااحدث كارثة انسانية لم تشهد مثلها المنطقة منذ سنين. الخسائر البشرية كبيرة فضلا عن الخسائرالمادية، مدن انهدت مبانيها على سكانها، في ظروف مناخية قاسية أيضا. السلطات لم تكن متهيئةللإغاثة المطلوبة في البلدين. في سورية تعكس الصعوبات وجها للعقوبات المفروضة واستمرارها.. الأرقامعن الضحايا تزداد كل ساعة، لا يعرف مداها اليوم. ولكن الصور المباشرة التي تقدمها الفضائيات تشرحالكارثة وتكشف زلزالا مصاحبا في الضمير الإنساني، عراه امام الجميع وفضحه ما مورس فعليا امامالمأساة، الكارثة البشرية خصوصا. خارطة الطائرات التي نشرت اخبارها لارسال مساعدات للمنكوبينفي تركيا ولم ير مثلها في سوريا، وجميل من رسم قلوب حب مرسلة الى الشعب السوري على الخارطةمقابل طائرات الغرب وبعض العرب المتسابقة في تعرية نفسها واعلان ذاتها.

بكل الاحوال كشف زلزال الطبيعة زلزالا في الضمير الانساني لمن زعم بملكيته في الاعلام والتكاذباليومي وغسيل الادمغة المتسابقة مع آلام الكارثة وادعاءات البكاء على الضحايا او صور ماساتهمالموزعة في وسائل الاعلام المختلفة، ولا سيما الناطقة باللغة العربية واسماء اصحابها مرسومة علىطائرات المساعدات التي وصلت تركيا وحدها دون اي خجل او ادعاء ضمير مضمر فيها. والتركيز عليهافقط دون اشارة لاي مساعدات اخرى من بلدان اخرى..

حجج بعض من تلكأ او ناور او عبّر عن ازدواجيته المعروفة به، قرارات العقوبات الغربية الاحادية علىسورية، والتي للاسف لو توفرت محاكم دولية عادلة ومستقلة لحكمت على هذه القرارات واصحابها بجرائمالحرب وابادة جماعية وجرائم ضد الانسانية، وهي تنتهك القانون الدولي وحقوق الانسان ومواثيقالمنظمات الدولية.

فلا حجة امام الكارثة، ولا سببا امام طفلة تحمي راس اختها تحت ركام بيتها، ولا مبررا امام طفلة لم تجداهلها معها في مستشفى مكشوف، وتتوالى الايام ولم يتحرك لهؤلاء الذين تفرجوا على الكارثة.. ستبقىوصمة عار كبيرة على وجوههم ومن يصمت عليهم.

لا وقت للتفرج امام الكارثة الإنسانية.. لقد زلزل الزلزال الطبيعي الضمير الانساني واصبح الامر محكا لهولمن يزعم به.

كل الفخر بكل من هزه ضميره وتحرك باي شكل لمساعدة منكوبي سورية الان بعد ما حصل وجرى امامالجميع.. وكل التقدير لمن هزته الكارثة ووقف مع المنكوبين حتى ولو بالكلمة..

وامام كل ما نرى، لما حصل من زلزال طبيعي في تركيا وسورية، وما تعقبته من هزات حصدت اعدادا غيرقليلة من البشر والحجر.. ومن ازدواجية معايير واخلاق وممارسات، من اصحاب القرار السياسي والحكمفي كل البلدان، تصبح المطالبة بزلزال شعبي يحدث مقابلا في رفض قرارات الحصار والعقوباتومحاكمة المصرين عليها او المروجين لها وفتح كل الفرص والحدود والمجالات امام المساعدات والدعموالتضامن وانقاذ الضمير الإنساني..

انها ساعة الاختبار ..

زلزال شعبي يهز الضمير الإنساني ومحاكمته في الواقع والتأريخ.

***

كاظم الموسوي

ينعقد السبت 11 فبراير 2023 مؤتمر يضم قادة ثوار البلاد بمدينة الزنتان، بالتأكيد لدراسة الاوضاع المزرية التي يعيشها المواطن على مدى 12 سنة، ترى ماذا بإمكان المدعوين فعله؟ فساد مالي واقتصادي متراكم نغّص على المواطن عيشه، فاصبح غير قادر على تحمل متطلبات اسرته وتدهور امني متراكم ساهم في تفسخ القيم المجتمعية بفعل انتشار السلاح المشرعن.

وجود مجالس محلية عسكرية حتى الان يدل على ان من توالوا على الحكم لم يؤسسوا لدولة العدل والقانون والتداول السلمي على السلطة، والتي كان ينادي بها الثوار وربما كانت السبب في انتفاضتهم على النظام، ترى ماذا حقق الثوار خلال الفترة الماضية والتي حكموا البلاد خلالها بمفردهم ولم ينازعهم احد؟، حيث استبعدوا اركان النظام السابق من خلال قانون العزل السياسي، مقدرات الدولة الثابتة والمنقولة اصبحت تحت تصرفهم، يفعلون ما يشاؤون فلا حسيب ولا رقيب.

ربما لم يطرأ تغيير على حياة المواطن خلال السنتان الاوليتان من الحكم، لان الخزينة العامة تركها النظام السابق ملآى بالعملات المحلية والعالمية القابلة للتداول، كما ان مخازن المؤسسة الوطنية للسلع التموينية التابعة للدولة، كانت تحوي سلع كانت كافية لتلك الفترة لسد احتياجات المواطن وما ان نفذ المخزون حتى تم القضاء على المؤسسة، فاستحوذ التجار على الاعتمادات وارتفعت الاسعار وخيّم شبح الجوع على غالبية السكان وباعتراف بعض المسؤولين بالحكم.

ماذا عساهم ان يخرجوا علينا عقب ملتقاهم؟ هل سيقومون بمراجعة ذاتية ونقدية بناءة (الاعتراف بالخطأ فضيلة) لما ارتكبوه من اخطاء جسام في حق الوطن من خلال جلب المرتزقة والقوات الاجنبية واقامة قواعد لهذه الدولة وتلك وتقديم امتيازات لها لمساعدة الاطراف المتنازعة على السلطة وما لحق بالمواطن من  ظلم وجور وقتل وتشريد وتدمير لممتلكاته والسعي لتعويضه عن ذلك.

قد يقول بعض الثوار بانهم لم يكونوا في السلطة؟ اقول ولأنكم القوة الفاعلة وانتم من مهدتم الطريق لهؤلاء الفاسدين والمجرمين، فإنكم مسؤولين بالدرجة الاولى عن كل ما حدث، بقاءكم متفرجين على المشهد لا يعفيكم مما ارتكب من جرائم في حق الشعب، فالذي يبدا الشيء (التغيير) عليه ان يكمله على احسن وجه لا ان يتركه للغير يعبثوا به، ويكون التغيير نحو الاسوأ، ليبيا في راس قائمة الدول الفاسدة ماليا وإداريا، هناك عوائل نازحة لم يتم ارجاعها الى اماكنها في اكثر من مكان.

نجزم ان البلد في حاجة ماسة الى اعادة النظر في كل ما جرى خلال العقد السابق، الأجدر بالثوار قبل انعقاد ملتقاهم ان يكونوا قد فتحوا ملفات فساد واهدار المال العام لبعض الساسة وانتهاك حرمات المواطنين ومن ثم تقديمها الى القضاء ليقول كلمته وليحاسب كل على ما قعله، لا يمكن للأمور ان تستمر هكذا، لا يمكن ان تظل دولة بدون رئيس طوال الفترة السابقة، البلد في حاجة الى تصحيح المسار الذي انحرف كثيرا، بالإمكان الاصلاح ان خلصت النوايا والرهان على اناس وطنيين يسعون الى خدمة المواطن والعمل بأقصى سرعة على حل الميليشيات والمجالس العسكرية المحلية، وترحيل المرتزقة والطلب من الدول المعنية بمغادرة  قواتها واخراج البلد من الفصل السابع.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

 

كلما استيقظت من نومي قلتُ في سرّي "الحمد لله الذي بعثني من مرقدي ولو شاء لجعله سرمدا" فلا أحد يعلم إن كانت وفاة الأنفس التي في منامها سوف تستمر إلى يوم البعث، أم ثمة حياة جديدة يهبها الله تعالى لعبده إلى حين آخر.

وأول شيء اقوم به عند الإستيقاظ هو النظر إلى جهاز الموبايل لمعرفة آخر الأخبار العاجلة، فمنذ ان تسربت العولمة السائلة إلى بيوتنا والأخبار تُترى علينا كل لحظة، وبعضها بمثابة زلزال سياسي لانشعر به حتى نتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

الأثنين الماضي جاء الفجر بأخبار زلزال أرضي مُروّع أصاب بلديّن شقيقيّن هما تركيا وسوريا..وسرعان ماتبدى لنا حجم الدمار الهائل الذي أحدثه الزلزال في مدن تركيا وسوريا وكأن ماحدث مشهد من مشاهد القيامة.

تابعت أخبار الزلزال من جهاز التلفاز..تأملت المشاهد بعمق وكاد أن يخنقني غبار البنايات والمساكن المنهارة كما لو أنه يتسرب إلى أنفي من شاشة التلفاز.

وأكثر ما آلمني مشاهد الاطفال الناجين، سيما في المدن السورية المنكوبة من قبل ومن بعد،  وذهولهم البريء مما يجري، وتمنيت لو أن ساسة العالم "المتحضر" يتأملون المشهد مثلي ويفكرون بمصير آلاف الأطفال، السوريين وسواهم، الذين يعانون بسبب حصار أو حروب وصراعات دموية صنعتها الكراهية والغطرسة وأحقاد البشر وسياسات عمياء لاترى سوى المصالح الأنانية.

ولعل السؤال الأهم الذي يطرح نفسه الآن هو هل سيؤدي زلزال الأثنين إلى صحوة ضمير لدى الذين اغرقوا سوريا وقبلها العراق في مستنقع الدم؟.

الذين حسبوا أنهم آلهة وأباطرة العالم..الذين قاموا بتشييد اهرامات من الحقد والكراهية وفرضوا بإسم (المجتمع الدولي) عقوبات لتجويع شعوب بأسرها..هل بوسع هؤلاء أن يقرأوا رسالة الزلزال ؟، وكل زلزال رسالة.

نتألم ونواسي ونتمنى لو أن بوسعنا ان نمدّ يد العون لمن فقدوا أحبتهم ومساكنهم، ولكن لايكفي ان نتضامن كبشر في وقت الزلازل، بل لابد ان نتضامن ونكافح معا لإيقاف الزلازل السياسية المرعبة التي يتسبّب بها تجار الحروب وصناع الكراهية وباعة الدم والضمير.

 بوسعنا إعادة بناء دمار الزلازل الأرضية.. بوسعنا أن نحترس من تداعياتها الارتدادية، لكن من بوسعه إعادة تأهيل نفوس شوهتها الأحقاد..من بوسعه إيقاف طوفان سياسات معولمة تقوم على تدمير الضمير؟!.

من حقي أن اشكك في عبارات التضامن مع الضحايا التي تصدر عن ساسة هم أشدة قسوة على البشرية من الزلزال ذاته.

ألم تقل "مادلين اولبرايت" في حوار مع "ليزلي ستال" على قناة "سي بي اس" عند سؤالها عن مشاعرها تجاه مصرع نصف مليون طفل عراقي بسبب الحصار الأميركي على العراق: "أعتقد أن ثمن ذلك كان مناسباً" !!.

لم تُجب اولبرايت بدبلوماسية، وهي سيدتها آنذاك، وليت نظراءها لهم ذات الصراحة حتى لا تخدعنا العبارات المطرّزة بدماء الأبرياء..وليتهم يقرأوا رسالة الزلزال قبل أن ينهار كل شيء.

***

طالب الأحمد

 

في لحظة فارقة من الزمن، ضرب الزلزال العنيف بعض الأقاليم من الجمهورية العربية السورية وجارتها تركيا مخلفا وراءه آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين والعالقين تحت الأنقاض والمشردين في الشوارع بال ماوى..هذه هي الصورة الموجعة التي خلفت حزنا كبيراً وانكسارا لا مثيل له امام الكارثة التي اصابت البلدين..لكن المفارقة العجيبة التي حدثت تمثلت حسب القراءات الموضوعية للمراقبين النزهاء ان التعامل العربي والدولي لم يكن على قدم المواساة بين سوريا وتركيا رغم ان الكارثة لا خلاف ولا إختلاف حول ماساويتها والإنسان هو الإنسان هنا او هناك..لكن للسياسة احكام ومصالح واجندات. بيت القصيد في الموضوع ان الإمبريالية الأمريكية لا يعنيها الشعب السوري الصابر المكافح الذي ذاق مرارة الحصار المضروب عليه منذ سنوات نتيجة قانون قيصر والعقوبات الدولية التي فرضتها  أمريكا وحلفاءها من دول الاتحاد الأوروبي والرجعيات العربية المتعفنة..لكن يبدو ان الحكمة البالغة  التي افرزها هذا الحصار الظالم نسيها أو يتناساها خصوم سوريا العربية قيادة وشعبا بكل اطيافه الفكرية والسياسية ان الخنوع لا يعرفه هذا الشعب المكافح والخضوع للضفوطات الأمريكية والدول الأوروبية المساندة للكيان الصهيوني الغاصب،ليس في قواميسه وتاريخه السياسي  والحضاري على مدار عقود متكاثرة من الزمن، قديما وحديثا..

سوريا العربية التي قاومت جحافل الغزاة وآخرهم الإستعمار الفرنسي البغيض ف العصر الحديث، ليس في تقاليده السياسية الخضوع والخنوع أي كان نوعه وشكله وهويته الفكرية والسياسية، لكل هذه الأسباب وتبعاً لمشروعية الخصال الكفاحية والنضالية الغالية لكل اطياف هذا الشعب الصبور تواصل الحصار وما تبعه من معاناة لكل افراده صغارا وكبارا، ميسورين وفقراء مسحوقين من الطبقة العاملة..من الجهة المقابلة تواصل الصمود والشموخ والكبرياء في وجه السياسات العدوانية للامبريالية الأمريكية وخلفها دول القارة العجوز والكيان الصعيوني البغيض والرجعيات  العربية المتحالفة معها نظرا لطبيعة هذه الأنظمة  الاستبدادية والشمولية المتناقضة فكريا وسياسيا مع الدولة السورية الرافعة راية المقاومة والممانعة والرافضة للوصاية الأمريكية على المنطقة وفرض  الكيان الصعيوني وغرسه في الأرض العربية بالقوة ..

هذه هو جوهر الموضوع  ومربط الفرس..الغاية الأولى والأخيرة من الحصار الظالم والعقوبات الدولية التي كان نتيجتها ضرب إقتصاد سوريا في المقتل وجعلها منعزلة على المستوى الدولي إضافة الى إحتلال مساحات واسعة من اراضيها شمالا من قبل الإحتلال الأمريكي ونظيره التركي دون نسبان اللعب على المسالة الكردية لخلط الأوراق وتفتيت الوحدة الوطنية سياسيا وترابيا وتفكيك الدولة  وارجاعها الى العصر الحجري مثلما حدث في العراق وتركيز حكومة برايمر في بغداد..

لا يختلف عاقلان أن كل هذه المعطيات بتفاصيلها المتعشعبة وحيثياتها وطبيعة الصراع مع الكيان الصهيوني المتحكم في منعطفات الملف،لا تعلمها القيادة السورية المتسمة بالحنكة والسيطرة على الأعصاب في احلك الأزمات واصعبها وما تتطلبه من قراءة موضوعية لطبيعة الصراع وموازين القوى والتحالفات الدولية مع محور المقاومة وتشكيل قطب سياسي واقتصادي عالمي جديد منتصر للشعوب الطامحة للتحرر الوطني والإنعتاق الإجتماعي ورفض سياسات الهيمنة الأمريكية والأطلسية على شعوب العالم.. واضح وجلي ان قيادة الجمهورية العربية السورية وحلفاءها في الجبهة الوطنية التقدمية تعي جيداً تفاصيل الصراع وما تتطلبه المرحلة من حسابات وتحالفات والعمل بلا هوادة على تفكيك محور دول " الاعتدال العربي" وابعادها تدريجيا ولو على مراحل عن الوصاية الأمريكية..

إن سوريا التي إنتصرت على الارهاب واعطت لكل شعوب العال، شرقا وغربا، بامكانها الخروج مرفوعة الرأس من جديد باعادة إعمار ما دمره الزلزال العنيف ومواصلة الدرب بعزيمة المقالتين الأشاوس وجعل محور الممانعة مع كل القوى الوطنية التحررية الطامحة للتغيير وفرض إستقلالية القرار الوطني السيادي إقليميا ودوليا..

وحدهم الشرفاء والأحرار يعرفون بهاء المعارك..

- كاتب صحفي مهتم بقضايا التنمية والمواطنة

و النزاعات والصراعات الإقليمية والدولية.

***

البشير عبيد / تونس

الموت هذا الوجه الآخر للحياة، الذي لا يراه الجميع عن قرب، إلا حين تغصّ بالموتى الأرض.

ففي لحظة وثوان معدودات غاب وجه الحياة، وقام زلزال في تركيا وسوريا، كادت أن تنهار أمامه الجبال واستسلم أمام قوته أولي القوة من الرجال، لتبقى الصرخات من تحت الأنقاض لصغارٍ ضعفاء تصم الآذان

إسمعوهم ومايقولون:

- يا أعتى الوحوش العسكرية التي قامت بأفظع الحروب الدموية، لايمكنكم أن تكونوا بمثل قوتنا ونحن نعانق الحياة.

- ياأيها الجبابرة الطغاة تعلموا منا نحن الأطفال الضعفاء أن الحياة ليست حكرًا على الأقوياء

- يا أيتها الوحوش البشرية التي تعاني انفصام الضمير

أليست هذه الدماء التي تبحثون عنها الآن بدعوى الإنسانية لإنقاذ من أصيبوا بفقر دم تحت الانقاض أو بنزيف حاد هي نفسها الدماء التي هدرتموها بفظائعكم الدموية؟

- ياأيها المستبدون ألم نسقط سلطة الإنسان أمام سلطة الإنسانية، فكل شئ في آن صار مقسّم بين بني الإنسان: أموالهم، دماؤهم، وقتهم، دموعهم، ...إلخ

فكيف أمكن للإنسان مقاسمة كل شئ في لحظات وعجز أن يتقاسم الأرض بفروقاته الاثنية والعرقية والدينية؟

- ياأيها الإنسان هل أصبحت في كل آن بحاجة إلى كوارث طبيعية كي تكترث بالإنسانية؟

- يا أيها المغيبون إستوعبوا درسنا، فنحن قد عشنا بضعة أشهر وبضعة أيام في هذه الحياة، ولانملك أية حسابات بنكية، لكننا امتلكنا بقوة ضعفنا وقلة حيلتنا أكبر المساعدات المجانية، ممن عاشوا أعواما في هذه الحياة يجمعون أموالهم كما يجمعون الاوكسجين لرئاتهم.

 إننا بدهشة نظراتنا لا ندرك فداحة واقعنا ونحن تحت سقف يقع على رؤوسنا، وأعمدة بنايات منهارة تحيط ببنيات هشاشة أجسادنا، إننا لانحتفي بالموت الذي تريدون، ولانعرف شيئًا عن الهوية التي لقرون وأنتم حولها تتقاتلون.

إننا في هذه اللحظة لانريد سوى أن نلقّنكم الحياة، أنتم الذين لاتحسنون سوى تلقين الموت.

- ياأيها المستبدون، الطغاة، العنصريون الحياة لاتُمنح بالهوية ولاتحسن وضع المساحيق، لكنها ستهوي بضمائركم الميتة في واد من اللعنة سحيق.

- يا أيها الساخرون الذين سخرتم من زلزال تركياوسوريا شماتة في المسلمين، قد سقطتم في فجور الكراهية و في أسافل البهيمية، فماأحدث الزلزال في إنسانيتكم من شقوق لايمكن أن تنفذ إليها أية أنوار، ولو أتوا لكم بكل فلاسفة عصر الأنوار، لأنكم آثرتم عيشة الزبون الذي يشتري مايشتهي من غير أن يفكر في العطاء، كبالون فارغ، كلما حاول الإمتلاء وجد أنه لايملؤه سوى الهواء.

ولايخرجكم من ليلكم المدلهم سوى نور الإسلام الذي جعل الرحمة أكبر قوة تجمع بين بني البشر، فلم يميز بين ذكر أوأنثى، عربي أوعجمي، أبيض أو أحمر.

و رغم مانبديه أمام صنيعكم من نكران واستياء إلا أننا لانجعل في ذلك من بعض المسلمين استثناء، أولئك الذين كلما وقعت واقعة طبيعية راحوا يصيحون تلك غضب من الله عز وجل أو هي أمارة من أمارات الساعة، فلتقفوا أنتم وتتفكرون لساعة:

- هل هذا أقصى مابلغه وعيكم بدينكم؟

- هل أنتم وكلاء الله في أرضه، فتوزعون على هذا رحمته وعلى ذاك سخطه؟

- هل بهكذا وعي ندافع عن الإسلام؟

إن حكمة الله الواسع العليم لن تبلغها حكمة بشرية ولو بلغتها لبلغت بذلك الربوبية،  فعن أي حكمة تتحدثون؟ وأنتم المسؤولون عن مثقال ذرة تعملوها، أما هو جل شأنه فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون .

إنه لجدير بكم بدلا من السؤال لماذا الله تقدّس في عليائه قد فعل ذلك أن تسألوا أنفسكم:

1. ماذا ينبغي أن نفعل؟

2. ماهي العبادة الوقتية التي علينا الآن القيام بها؟

3. كيف نظهر لله عز وجل خيرًا من أنفسنا؟

4. كيف نبدي لله العزيز القهار الضعف والإفتقار؟

5. كيف نتنافس في إنقاذ من هم تحت الأنقاض فندافع عن قرآننا الكريم بأن نمشي به في الناس ونبين للعالمين رحمة المسلمين، ونعلمهم ماتعلمناه من كتابنا الذي يقول فيه الله عز وجل:".. مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جميعًا .." سورة المائدة الآية 32

وأن قرآننا لايميز بين من سمعنا صيحاتهم لأيام تحت الأرض وبين من سمعناها لأعوام فوق الأرض، أولئك الذين يعيشون لسنوات لأواء الحروب الساخنة والباردة في سوريا، العراق، اليمن، فلسطين وكأنهم بعيدين عن الأنظار ولاتدركهم الأبصار.

وأن كتابنا العزيز فيه جميع الناس سواء، ولا يسمح بظلم الأقوياء للضعفاء، يقول تبارك وتعالى:"وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ"...سورة سبأ الآية 42

وأن قرآننا لايدعو إلى سباق التسلح بل إلى سباق التسامح.. يقول عز وجل: "ولا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ ولا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هي أحْسَنُ فَإذا الَّذِي بَيْنَكَ وبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأنَّهُ ولِيٌّ حَمِيمٌ" ...سورة فصلت الآية 34

وأن قرآننا يدعو إلى التسابق في الخيرات :

 قال جلّ وعلا: "أولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ"...سورة المؤمنون الآية61

فلا داع أن تنتفضوا في المظاهرات لأجل حرق القرآن الكريم إن لم تحترق قلوبكم لأجل إخوانكم، فإسلامنا ليس طقوس وثنية بل هو قيم للنهضة ربانية....انتهى درسكم.

***

بادية شكاط - كاتبة في الفكر، السياسة وقضايا الأمة

ممثلة الجزائر في منظمة اعلاميون حول العالم الدولية في النمسا

بعث الله تعالى نبينا محمد بن عبد (ص) خاتما للأنبياء والرسل ومكمل الرسالات السابقة ومتمم الشرائع القديمة وأتم نعمته على العالم حين أختاره لهذه الرسالة الخاتمة الإنسانية الشاملة شخصية مختارة بتمعن وامتيازات وإعداد مسبق من لدن خالق عظيم حيث تربى صلوات الله عليه وسلامه بتفرد عن غيره من البشر والأقران من خلال اختياره من الأصلاب الطاهرة المطهرة والأعداد في التربية ضمن المواصفات والطريقة التي أعدها الله تعالى لها لتكون قائدا للإنسانية والأمم على مختلف ألوانها وأجناسها ومكانها وزمانها فآن الأوان أن نُزيل كل الشبهات وأن ندفع وندافع عن هذه الشخصية الفذة التي حملت الرسالة السماوية الوحيدة في العالم وعلى مدى أربعين سنة من النبوة وثلاث وعشرين من الرسالة الثقيلة التي تحمل من الصدامات والصدمات والأذى من قومه الذين رفضوا دعوته ونصبوا العداء من بعده حين شوه وأساءوا وزوروا حياته الشريفة قبل ولادته وطفولته وتكليفه وحتى بعد استشهاده صلوات الله عليه بقصد أو بدون قصد عليه يجب أعادة كتابة سيرة حياته العطرة الحقيقية بعد التنقيب والبحث لاستخراج الدرر المكنون من بطون الكتب المنصفة التي أعطت حقها ومكانتها التي أرادها الخالق العظيم لحمل رسالته .

ومن هذه الافتراءات والشبهات التي صاغتها أقلام كتاب السيرة النبوية هي قصة ولادته وبداياتها وموضوع مرضعته حليمة السعدية وقد نقلها المؤرخون على أنها عادت جرت عليها العرب في مجتمعهم (قريش بالذات) وهي إرسال أطفالهم لمرضعات البادية ليُرضعن أولادهم كي يتعلموا الفروسية والفصاحة وللرد على هذه الشبهة . أولا ليس من المعقول والمنطق حرمان السيدة آمنة بنت وهب من طفلها الرضيع اليتيم الأب وهي صحيحة البدن من غير علة عن رضاعة طفلها وهو بأشد الحاجة لحنان والدته ثانيا لم نسمع أو نقرأ أن أحدا من العرب أو قريش من قبله أو بعده ما عدى عمه الحمزة بن عبد المطلب والحارث فقط وهم من بني هاشم حصرا ثالثا وهو الأهم في نطاق سلسلة الأحداث الخطيرة لهذه الشبهات أن جده عبد المطلب عليه السلام كان يعرف علم اليقين القاطع مكانة حفيده محمدا كنبي مرسل من قبل السماء إلى العرب والعالم أجمع فكان حريص عليه كل الحرص لحمايته بشتى الطرق لإبعاده عن أنظار اليهود والمتربصين به لقتله قبل البعثة وهذا ما لمسناه مع بحيرة الراهب وتجار قريش من بني هاشم وعمه أبو طالب عليه السلام وهم ينتظرون ظهوره ويبحثون عنه في الجزيرة العربية بالعلامات والآيات التي يعرفونها في كتبهم والآيات حين ولادته الشريفة كانشقاق إيوان كسرى وانطفاء نيران المجوس وارتجاج عرش الروم وغيرها فكيف لعبد المطلب أن يجازف ويفرط بحفيده لإرساله إلى جهة خطرة لبضعة سنين بعيدا عن حمايته وأنظاره بل على العكس رأينا حرصه الشديد في رعايته وتفضيله على أبنائه ونفسه رابعا أن سبب إرساله لبادية بني سعد للتعلم على الفصاحة أليس من الأجدر أن يبقى في  مكة وهي المدينة ذات الثقافة ورجالات الفكر والشعر والأدب والأسواق الأدبية وأصحاب المعلقات وفطاحل الشعراء الذين يفدون إليها ويحجون يوميا والقسم الأعم تسيدوا مكة المكرمة قبل ولادته وبعدها.

***

ضياء محسن الاسدي

(تتحرك دكةُ غسلِ الموتى أما أنتم فلا تهتزُ لكم قصبة).. النواب

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة جوية لحركة الطيران الدولي في أجواء شرق البحر المتوسط بعد ساعات من وقوع الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي شرق سوريا؛ تظهر في الصورة سماء سوريا خالية تقريبا من حركة الطيران، فيما ازدحمت السماء التركية بالطائرات التي تنقل المساعدات! وشاعت في تلك الآونة "طرفة" سوداء تقول إن الحكومات العربية والإسلامية "توجه تعازيها إلى سوريا والمساعدات المادية إلى تركيا"! لا ريب أن الشعب التركي الجار المنكوب يستحق المساعدة، ولكن النقد واللوم ينصبان على تردد وإحجام الدول العربية والإسلامية والغربية خصوصا تلك المتشدقة بحقوق الإنسان والديموقراطية في تقديم الدعم والمساعدات الطارئة إلى الشعب السوري الذي لا تقل نكبته وخسائره عن تلك التي حلت بتركيا فداحةً وفي ظروف أقسى هي ظروف الحرب المدمرة والطويلة (من الأمثلة المهينة على هذه المساعدات من الدول الغربية، أعلنت ألمانيا أنها ستتبرع بمليون دولار للشعب السوري!).

إن المساعدات التي وصلت إلى سوريا من دول عربية وغير عربية، كانت قليلة جدا ورمزية وتهدف لإبراء الذمة ورفع العتب غالبا. ويسجل للحكومة الجزائرية إنها كانت أول المبادرين وفي الساعات الأولى التي تلت الكارثة إلى إرسال المساعدات دون تردد أو انتظار موافقة من أحد! 

كما أن استمرار الحصار الأميركي على سوريا ضمن "عقوبات قيصر" وسرقة ثرواتها من نفط خام وحبوب غذائية جهارا نهارا من قبل القوات الأميركية المحتلة والمفاضلة بينها وبين دولة أخرى منكوبة بالزلزال هي تركيا والتي غمرتها المساعدات من كل حدب وصوب (وشعبها الجار المنكوب يستحق تلك المساعدات كما أسلفنا)، وتردد أو امتناع دول تابعة عن إرسال المساعدات مباشرة الى سوريا الشقيقة والمحاصرة، لدرجة جعلت لبنان يضع مطار بيروت تحت تصرف سوريا كبديل لمطار دمشق كما نقلت الأنباء؛ كل هذه التفاصيل كشفت وبضربة واحدة عن السقوط الأخلاقي والمعنوي النهائي لما يسمى العالم الحر ومعه سقوط الضمير الجمعي للقيادات العربية الحاكمة!

أما الحكومة العراقية فقد ترددت طويلا ولساعات عديدة قبل أن تعلن أنها ستنشئُ جسرا جويا لنقل المساعدات الطارئة إلى دمشق، ثم تبيَّن لاحقا أن هذا "الجسر الجوي" تألف من طائرتين وصلتا فعلا، ولم تبادر بغداد حتى الآن إلى إرسال قوافل برية للإمداد بالغذاء والوقود الدواء إلى سوريا كما كان ينتظر وكما فعلت الحكومة السابقة مع لبنان عندما حدثت كارثة انفجار مرفأ بيروت فأرسلت قوافل الوقود عبر سوريا نفسها! ويبدو أن بضع شاحنات قد أرسلت لاحقا من بغداد في نهاية ذلك النهار الحزين، وسارع المدافعون عن الحكومة لنشر صورها على مواقع التواصل رغم أن الجهات الرسمية لم تعلن عن إرسالها رسميا في ما يبدو أنها محاولة لتفادي غضب السيد الأميركي! إنها سوريا التي آوت واحتضنت وأطعمت حكام بغداد الحاليين أيام كانوا "يدوحون" كمعارضين ولاجئين من بطش حاكمهم المستبد في شوارع دمشق ويعرضون خدماتهم على السفارات الغربية لاحقا! فهل يحتاج الأمر إلى موافقة هاتفية مباشرة من الكاوبوي العجوز جو بايدن (كما فعل قبل أيام حين هاتف السوداني بحضور الملك الأردني وأمره بتنفيذ مشروع أنبوب نفط البصرة العقبة دون إبطاء وإلا!) حتى يتحرك رؤسائهم ويقوموا بواجبهم في إغاثة الشقيقة سوريا وكسر الحصار الغربي المغروض على شعبها كسرا مباشرا وسريعا؛ إنَّ أي تهاون أو تردد في أداء هذه المهمة لن يكون أقل سوءا وإيلاما من الزلزال المدمر ذاته!

قضية أخرى تواصل جميع الأطراف المعنية إهمالها وعدم الالتفات إليها رغم خطورتها ألا وهي مستوى سلامة وأمن السدود التركية العملاقة والبحيرات الاصطناعية خلفها على نهري دجلة والفرات والواقعة في منطقة نشاط زلزالي مستمر، وضرورة إيلاء هذه القضية أهمية خاصة واستثنائية بهدف تفادي أي كوارث محتملة قد تفوق في خطورتها الزلزال نفسه إذا انهار أو تصدع أحد هذه السدود بفعل الزلزال وهذا ما حذرت منه أوساط علمية دولية وعربية منذ زمن طويل وعادت ونبهت إلى خطورته بمناسبة زلزال مرعش المدمر الأخير. وفي هذا الصدد يؤكد الخبراء المتخصصون أنَّ انهيار سد واحد منها يعقبه انهيار إحدى البحيرات ستتبعه سلسلة انهيارات للسدود الأدنى منه بما يؤدي إلى حدوث طوفان حقيقي وليس أسطوريا هذه المرة، قد يكون كفيلا، بحسب المتخصصين، بإغراق العراق من شماله إلى جنوبه ومناطق شاسعة من الشرق الأوسط نزولا حتى منطقة الخليج العربي. وقد تحدث أحد الخبراء العراقيين - أصبح وزيرا للموارد المائية العراقية لاحقا هو السيد حسن الجنابي عن هذا الاحتمال في رسالة شخصية إلى الراحل هادي العلوي مؤرخة في 16 آذار 1996، وهي محفوظة في أرشيف رسائله الشخصية، وقال فيها "إن سد أتاتورك يحتجز الآن 40 مليا متر مكعب من المياه وهذا يعادل تصريف نهر الفرات لمدة أكثر من عام، فإن تطلق هذه الكمية مرة واحدة (في حالة تدمير السد) يعني أن المياه ستجرف نصف العراق وتقذفه في الخليج".

***

علاء اللامي - كاتب عراقي

 

مما عُرف عن إنسان المجتمعات المتقدمة أنه يفكّر أكثر مما يتكلم، ويعمل أكثر مما يتحدث، وينصت أكثر مما يهذر، ويقتصد في ما هو مطلوب من الكلام، ويقتصر فيه على الاختصاص، ويعود إلى الخبراء فيما لا خبرة له به فيه، بينما ينهمك بشر المجتمعات المتخلفة، في تعويض الفعل بالثرثرة، واستبدال التفكير بالهذيان، الذي يذهب فيه بعيدا عن عمق المفاهيم، ويغرق في بحور الحذلقات اللغوية والرطانات اللفظية والمصطلحات الشعبوية والشعارات المفرَغة من أي مضمون ذوقي أو روحي أو أخلاقي وأي منجز حقيقي ملموس على الأرض، الذي يعوضونه بشغف الكلام في كلِّ شيء وعن أي شيء، حتى الذي لا يعرفون عنه في الغالب أي شيء، أو الذي لا يعرفون منه غير الاسم أو العنوان، والذي غالبًا ما يخطئون في التلفظ به، وخاصة حين يتعلق الأمر بالكلام عن الدين والفقه والتفسير، الذي ساد الشغف به مجتمعنا المغربي وباقي المجتمعاتِ العربية والإسلامية، إلى أن وصل عند بعض المتعالمين المتفيقهين بها حد الهذيان الذي يصور لهم أن الله سبحانه وتعالى فوّض لهم وحدهم التحدث باسمه لمختلف الناس، وكأنهم أهل العلم والخبراء.

ربما يتعجب البعض من هذا الكلام الطبيعي والمسلم به، لكن تعجبهم سرعان ما يزول بعد الإطلاع على ما تعرفه الساحة الإعلامية من تحامل وتهجم غير مقيد بضوابط الشرع أو الأخلاق ولا حتى الموضوعية على موتى الفنانين، وبعد الوقوف على سيل التعريض والتعرية الدافق الذي أطلقت فيه العديد لألسنة والأقلام المزيّفة للعديد من الحقائقة الدينية المتعلقة بالترحم على الفنانين والدعاء لهم بالرحمة والغفرة، والتي يحرمها المصابون بداء الثرثرة في الدين، الذين قست قلوبهم وانهارت أرواحهم وفسدت أذواقهم وخرفت عقولهم ممن يسمون أنفسهم رجال دين أو إعلاميين ومثقفين، بدعوى "أن عامة أهل الفن والتمثيل، من أهل الفسق المغلظ، والفجور في المعاصي" الحكم المتعارض مع السنة النبوية، لما فيه من غيبة محرمة ومستفز لمشاعر الناس عامة، وكشف وتشهير يلحق الأذية بأرحام من غيبه الموت من الفنانين، والمنافي لما زخر به ديننا الحنيف من دعوات احترام الموتى، والحث على الدعاء لهم ولكافة موتى المسلمين بالرحمة والمغفرة بدليل قوله تعالى :" واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات " وقول نبيه صلى الله عنه وسلم: "اذكروا محاسن موتاكم، وكفُّوا عن مساويهم ".

وعليه فنحن مطالبون بالتبصر والواقعية وتحكيم العقل الاحتراز قبل إطلاق الأحكام الغير المضبوطة لا شرعا ولا أخلاقا، والتي تعتدي على ثوابت المجتمع وتزيّف حياة الناس وتقطع الأواصر بينهم وتشعل فيهم الفتن التي تقود إلى النفور من الدين، وإننا مدعوون جميعا إلى حماية الأجيال الجديدة من الضجيج والهذيان والهذر باسم حرية دينية نارية، بلا حياة روحية نضجة، ولا ضمير أخلاقي يقظ، ولا مواقف صادقة .

وفي الختام أرجو الله العلي القدير -وضدا في المثرثرين فيما ليس لهم فيه من الدين-أن يشمل الفنان الأصيل صاحب القلب الطيب والصدر الرحب الفقيد العزيز محمد الغاوي بالرحمة والمغفرة والرضوان، و أن يفسح له سبحانه وتعالى جنة الفردوس، كما نسأله تعالى أن يلهم أسرته وذويه وأحبائه الصبر الجميل والسلوان المتواصل وإنا لله وإنا إليه راجعون.

***

حميد طولست

الأسبوع الأول في كلية الطب، كان المحاضر مصريا وإسمه "طلعت"، وكان يدرّسنا كتابه في المادة التي ندرسها، وبدأ بتعليمنا كيف نقرأه، وأوضح لنا أن المهم الأفكار الأساسية في الكتاب، وما بعدها تفصيل وإسهاب.

أذكر تلك المحاضرة جيدا لأنه سأل مستفهما عن إسم أحد الطلبة وهو من أعماق الأهوار، وكان غريبا بالنسبة له فقال، أريد أن أعرف هل أنه خطأ أم الإسم صحيح، وكان الإسم "تمن"، فقال "إيه يعني إسمه رز"!!

أستمعُ كثيرا لملخصات كتب لخبراء متمرسين بالقراءات السريعة، ويمكنهم أن يقدموا الكتاب مهما كان عدد صفحاته بأقل من ساعة، والسر في ذلك أنهم يقدمون الأفكار الأساسية الكبيرة أو الجوهرية، فمعظم الكتب فيها فكرة واحدة وما عداها حشو ممل لا يقدم نفعا.

وتجدنا أمام أعداد من الأسماء التي يُنسب إليها تأليف عشرات الكتب، وهي تريد الإنتساب إلى حالات معرفية متقدمة، فهل أنها كتب ذات قيمة ثقافية حقا؟

وهل أنها تجد مَن يقرأها؟

معظم الكتب المطبوعة لا يتجاز عددها العشرات أو بضعة مئات لا أكثر، ولا تُشترى إذا عرضت في المكتبات، ومعارض الكتب تكشف هذه العورة بوضوح.

وما يحصل أن مؤلفها يبدأ بإهدائها لمعارفه وحسب!!

فما الفائدة من طباعة كتب لا تنفع؟

يبدو أن الذين أمعنوا في التأليف من أجيال القرن العشرين، الذين يحسبون إغراق السطور بالكلمات يعبر عن ثقافة ومعرفة ستنفع الأجيال، والكتاب يُعرَف من عنوانه، وخير الكلام ما قل ودل، وكم برع أجدادنا بالتلخيص والتكثيف والتركيز، لإيصال الفكرة إلى القارئ، فحتى قبل قرون عندما كان هناك وقت عند الناس، لم تكن قراءة الكتب شائعة.

وهذه من العلل التي نكررها في مسيرة الأجيال، ولا نتعلم منها، فالمهم ليس تأليف الكتاب، وإنما ما نقدمه للقارئ من أفكار وموضوعات لها علاقة ببناء الحياة.

بينما المجتمعات المتطورة تهتم بتوضح الأفكار، وإختصار ما يدل عليها بكلمات تفصح عنها بسهولة وإتقان، أما نحن فنصول على السطور كالحصان الجامح، ونحسب أننا نكتب، فهذا هو العبث!!

فهل لنا أن نكتب ما يُقرأ؟

***

د. صادق السامرائي

 

ليست بعيدة الاحداث الاقتصادية التي تجري في العراق وتقلبات اسعار العملة عن الضغوط الامريكية على ايران، فلا يخفى على احد ان العقوبات على ايران هي أحادية الجانب فرضتها الولايات المتحدة الامريكية بشكل مستقل للضغط عليها في جانبين:

- مفاوضات الملف النووي.

- سياسة ايران في المنطقة.

وان هذه العقوبات ليس لها صفة دولية ولم تطرح في مجلس الأمن الدولي ولم يصدر بشانها اي قرار دولي... لذا فهي باطلة من الأساس ولولا سطوة الامريكان وقوة اقتصادهم لما تمكنوا من فرضها وتشديدها بهذه الطريقة على ايران.

ورغم قوة العقوبات الامريكية وصرامتها وضغطها الشديد على كافة مناحي الحياة في ايران، الا ان الاخيرة تمكنت لفترة طويلة الإفلات من تأثيراتها السلبية بنجاح وهي على ابواب الاحتفال بالذكرى ٤٤ لقيام ثورتها.

ولكي لا نجافي الحقيقة ان وضع العقوبات في عهد بايدن اخف بكثير منها في عهد ترامب، الا انها أثرت بشكل او بآخر على ايران لكنها لم تثنيها عن سياستها ومواقفها الداخلية والخارجية، وليس للمدى المنظور من تغيير لإيران على مواقفها مهما اشتدت العقوبات.

لكن الواقع والتجارب اثبتت ان سياسة العقوبات المشددة من الاسلحة الناعمة المدمرة لذا يجب الانتباه اليها والعمل للتخفيف عن تأثيراتها بشكل عاجل بدلا من الانتظار؛ لان نهاية المطاف يصبح من الصعب معالجة آثارها مهما كانت صغيرة او هامشية، كما يجب ابعاد شعوب المنطقة عن تأثيراتها، وافضل الحلول وانجحها هو الحوار وابعاد المنطقة عن الضغوط الاقتصادية لانها لن تغير سياسات بل تؤذي وتؤثر فقط على الشعوب المسكينة المغلوبة على أمرها.

***

جواد العطار

قبل عدة أيام، هز العالم خبر انفجارٍ وقع بمسجد في بيشاور بباكستان خلال صلاة الظهر، راح ضحيته أكثر من 100 شخص كانوا في لحظة صلاة لربهم في المكان الذي ينبغي أن يكون أكثر أمانا من غيره لأنه مكان عبادة، وهل هناك شخص في العالم- أيا كان دينه أو فلسفته أو قوميته- يرضى بقتل الأبرياء المجردين من الأسلحة الدنيوية والمتسلحين بسلاح الإيمان في محراب الصلاة؟!

هذا المسجد الذي وقع فيه التفجير الإرهابي الذي تبنته بداية حركة طالبان باكستان ثم سحبت تبنيها، يقع داخل مقر للشرطة ويخضع لحراسة مشددة في ظل وجود 400 شرطي بهذه المنطقة وقت الانفجار، مما يؤكد أن الجماعات الإرهابية المتطرفة استطاعت أن تخترق أكثر الأماكن الأمنية حراسة، خاصة وأن المجرم الذي فجر نفسه كان يقف في الصف الأول ويرتدي ملابس الشرطة بحسب الأخبار المتداولة.

وبعيدا عن ملابسات الحادث الذي تحقق فيه الشرطة الباكستانية، يبقى السؤال: كيف يقوم إنسان أعطاه الله نعمة العقل والتفكر والتدبر بتفجير نفسه داخل مسجد يصلي فيه الناس؟ خاصة وأن هؤلاء الناس من نفس دينه وعقيدته؟ وما هو الفكر الذي يصل بالإنسان إلى ارتكاب هذا الفعل الإجرامي البعيد عن تعاليم الإسلام والأديان وينبذه العقل السليم والفكر المستقيم؟

هذه الحادثة تعيدنا إلى الوراء، حيث مئات الهجمات الانتحارية على المساجد في العراق وأفغانستان وباكستان والسعودية والكويت ومصر طوال السنوات الماضية، والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء الذين تواجدوا في المسجد وقوت وقوع التفجير الإرهابي.

وبالإضافة إلى المساجد، فقد شهدت أفغانستان بعد وصول حركة طالبان إلى السلطة باتفاق أمريكي وقوع تفجيرات انتحارية طالت مدارس للأطفال في كابل، نعم أطفال صغار كانوا يخرجون من المدارس فرحين ومتجهين إلى بيوتهم بعد انقضاء اليوم الدراسي ولكن لم يكونوا يعلمون أن هناك أشخاصا حاقدون تجردوا من كل القيم الدينية والإنسانية، يتربصون بهم بكل خسة ونذالة من أجل التلذذ بقتلهم ورؤية أشلائهم تتبعثر هنا وهناك، حتى يقيمون دولتهم الإرهابية التي يبشّرون بأنها تقيم العدالة في الأرض وينعم بظلالها الكافر قبل المؤمن، وكأن دولة هؤلاء لا تقوم إلا على أنقاض المساجد وأشلاء الأطفال.

إن الخطابات المتطرفة لا تنتج إلا أشخاصا متطرفين وإقصائيين، لا يرون الحقيقة إلا في أنفسهم فقط، وبالتالي يقصون كل خطاب يخالفهم أو يرون أنه يعارض خطابهم، وأصحاب هذا الخطاب الإقصائي المتطرف يعتقدون أن كل من يخالفهم فدمه حلال، وبالتالي يتقربون إلى الله بسفكه، وللأسف الشديد فإنه بدلا من معالجة هذه الخطابات المتطرفة ومواجهتها فكريا، فإنه يكتفى بالحل الأمني أو العسكري الذي فشل حتى الآن في القضاء على التطرف وأسبابه، ولا ننسى أن حركة طالبان وصلت إلى السلطة في أفغانستان في أغسطس عام 2021 باتفاق أمريكي، وفشلت الجامعات والمنظمات الإسلامية حتى الآن في توعية الشباب فكريا من هذه المنظمات الإرهابية المتطرفة، بل وجدنا للأسف من يبرر لها ويدافع عنها وينعي قادتها.

 ولذلك فإن معالجة الإرهاب والتطرف الديني كما يقول الدكتور علي حرب في كتابه “الإنسان الأدنى.. أمراض الدين وأعطال الحداثة”، تقتضي العودة إلى جذر المشكلة التي يتهرب الجميع من مواجهتها.

***

صالح البلوشي/ كاتب عُماني

كتب طه حسين (1889 - 1973) كتابه (في الشعر الجاهلي) سنة (1926)، وأقام الدنيا ولم يقعدها، وكتب بعده مَن كتب، وتبددت طاقات الكتاب والمفكرين فيما لا ينفع.

فما قيمة القول بأن المعلقات ليست من ذلك الزمان، وفقا لمنهج الشك وتحكيم العقل، وتقييم حالة داستها سنابك القرون؟

أثبتنا عقليا أم لم نثبت ماذا سنجني؟

وهل أن العقل لوحده يكفي للإثبات والنفي؟

فليس كل ما يبدو مقنعا عقليا بصائب!!

الجاهلية مصطلح ربما لا وجود له في الواقع، فالمجتمعات وليدة زمانها ومكانها، فإن كان العرب من الجاهلين بما تعنيه الكلمة من توصيفات متعددة، فالمجتعات من حولهم كمثلهم أو هم كمثل غيرهم، فهم على تواصل مع مجتمعات الدنيا بوسائل الحياة المتاحة آنذاك.

ومن الأدلة البينة التي لا تحتاج إلى تمحيص أن القرآن يخاطب المجتمع الذي إنتشر فيه، ولا يوجد ما يؤكد أن النبي الكريم كان يشرح ويفسر للناس ما تعنيه الآيات، بل أنه مكث بينهم ثلاثة عشر عاما يخوض مناقشات وحوارات، وما قتلوه، ولو كانوا كما يُراد تصويرهم لأجهزوا عليه منذ البداية، ولما تحملوه طيلة بقائه في مكة.

بعيدا عن الحفريات والآثار المادية، فالبراهين السلوكية تؤكد أن العرب قبل الإسلام كانوا أمة متحضرة وفقا لمفردات عصرها، ولديهم قدرات فكرية ومعرفية ذات قيمة حضارية وإنسانية، وعندهم نظامهم الذي يساهم في الحفاظ على قوتهم وبقائهم العزيز.

وهم مجتمعات ذات أخلاقيات ومبادئ وأعراف أشبه بالقوانين والدساتير، ويعرفون معطيات زمانهم وقيمة مكانهم، وتفكيرهم إقتصادي وتجاري، وهو أساس القوة والإقتدار، وهذا ما تفتقده المجتمعات العربية المعاصرة، خصوصا التي بلّدها النفط.

وعودة على الشعر ما قبل الإسلام، لا يمكن إنكار موطنه وزمنه، والقول بأنه صناعة عباسية لا يستند على براهين ذات قيمة، وهو مجرد لعبة عقلية تنطلق من أرضية الشك، التي لا تصلح لكل شيئ، فالعقل ليس مطلق الإقتدار، ومحكوم بما يتوفر له من المفردات والعناصر المعرفية، وكلما عرف يرى أنه لا يعرف، فكيف لقطرة ماء أن تحدثنا عن المحيط الذي تتوطنه؟

لنبتعد عن هذه الإقترابات الإلهائية المبددة للطاقات والمحاصرة للقدرات!!

وهل لنا أن نتفاعل مع مكاننا وزماننا لنعاصر ونكون؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

أنه التناقض الذي تقع فيه حركات الإسلام السياسي عند مقاربة الواقع بأدوات لاتتناسب معه حيث أن نظرية الحكم في الاسلام السياسي ترتكز على قواعد ليست واقعية ولايمكن تفعيلها في ظل نظام دولي يعتمد العلاقات السياسية إقليميا ودوليا كأساس لبقاء هذه الأنظمة من حيث حتمية ارتباطها أمنيا واقتصاديا بمجموعة من الحلقات والدوائر التي تكون هذا النظام العالمي بمؤسساته وشكل العلاقة بين هذه المؤسسات

وبين كل نظام قائم بذاته، وقد أثر وغير هذا الارتباط مجموعة من المفاهيم التي كانت سائدة، ومن أهم هذه المفاهيم التي لم تعد تمثل الواقع والتي تغيرت هو مفهوم (السيادة الوطنية) حيث كان هذا المفهوم حقيقة محتملة ولو نسبيا عندما كان يرتكز على مفهوم اخر وهو (الاكتفاء الذاتي) الذي ايضا لم يعد محتملا رغم أن هناك بعض الدول. تتمتع بالاكتفاء النسبي ذلك فأن مفهوم الاكتفاء الذاتي كان يحتسب على مجموعة الحاجات. الأساسية للمجتمعات وبعض من الحاجات المكملة من خارج دائرة الحاجات الأساسية والتي كان يوفرها النظام العالمي متعدد الأقطاب، والذي كان يوفر غطاءا أو جدارا يمكن الاستناد عليه في توفير مايلزم مما هو ضروري لتحقيق وتعميق مفهوم السيادة الوطنية دون التعرض للضغط أو المساومة على إرادة القرارالسياسي. ولكن ذلك الواقع قد أصبح من الماضي. بعد سقوط وتفكك الاتحاد السوفيتي وتفكك وانهيار النظام العالمي متعدد الأقطاب وانفراد الولايات المتحدة كقوة عظمى. تتحكم بها النظام السياسي ومفاصله الاقتصادية وسيطرتها على حركة الأموال وجعل الدولار متحكما بالتبادلات التجارية وفرضها القوانين على مختلف المنظمات الدوليةباعتبارها دائما الممول الأكبر لهذه المنظمات كذلك كان للتحول. في شكل الحاجات الأساسية وارتفاع معيار هذه الحاجات أثرا بالغا في تحديد مفهوم الاكتفاء، لذلك ولكل ماتقدم فأن القول بالسيادة الوطنية يعتبر قولا لايعدوا أن يكون شعارا أو عنوانا للتسويق السياسي ومن هنا فإن حتمية الحاجة في العلاقات الدولية. أصبحت ملازمة لبقاء النظام وليست سببا في سقوطه عندما يفهم النظام الحاكم معادلة القطب الواحد ويغادر ما لم يعد موجودا وهو نظام تعدد الأقطاب الذي كان يمثل رافعة سياسية لمفهوم السيادة الوطنية، لقد بقيت كثير من الأنظمة السياسية وخصوصا تلك الأنظمة التي كانت تستظل بالنظام السوفيتي عالقة

في عنق الزجاجة لعدم استيعابها ماحصل من متغير جوهري. في النظام العالمي وأن المطلوب هو التماهي مع الواقع ومغادرة مربع السيادة الوطنية إلى مربع حماية الوطن والمواطن من تبعات هذا المتغير . الاكثر من هذا الاستعصاء في عنق الزجاجة لتلك الأنظمة هو ماطرأ على المشهد السياسي من نشوء حركات الإسلام السياسي التي لم تكن تعرف الفارق بين النظام القديم والنظام الجديد لأنها في الواقع. لم يحدث أن استلمت

سلطة الحكم في نظام متعدد الأقطاب حيث كانت نظرية الحكم مجرد نظرية مركونة يراد لها أن تحكم. لذلك فأن مشكلتها اكبر وأعمق وأكثر استعصاءا وربما لن تخرج من هذه الزجاجة التي دخلتها في بعض التجارب الا بقطع عنق الزجاجة. مما سيؤدي حتما إلى جروح بليغة ربما لايمكن الشفاء منها لأن من يحكم بقوانين أرضية يمتلك أو يستطيع أن يجد المسوغات الأخلاقية لاي تحول في شكل الحكم من خلال قوله بتغليب المصلحة أو أنه يقبل مرغما ولكن من يحكم باسم الله بزعمه فأنه لايملك حلولا وسطية للتحول أو التماهي أو الرضوخ لمنطق القوة ، الا أن يقبل بحقيقة أنه يمارس السياسة الواقعية التي يفرضها النظام العالمي ، وعند ذلك لن يبقى معنى. للشعار السياسي بالعنوان الاسلامي ، لذلك ستكون أمام ثلاثة احتمالات هي، أن تصر على أن تحكم بأدوات الشعار الإسلامي الذي تحمله وهذاسيؤدي بك إلى احتمالين هما الانكفاء داخل الزجاجة والموت لاحقا والثاني أن تحاول الخروج من فُتحة صغيرة لاتتناسب مع راسك الكبير وهذا يحتمل الموت كذلك والاحتمال الثالث وهو أن تصغر راسك وتضع بعض الزيت للخروج بأقل الخسائر وهنا ستكون قد مارست نفاقا سياسيا لاعلاقة له باسم الله .

***

فاضل الجاروش

يقول لي إن أقلامنا ممنوعة من الصرف!!

قلت: ماذا تقصد؟

قال: لا يُسمح لها بكتابة ما ينفع؟

قلت: وما هو الذي ينفع؟

قال: الدنيا تتحرك على مسارات إقتصادية وتكنولوجية فائقة السرعة، وأقلامنا تكتب عن الباليات!!

وأضاف: لو بحثت عن مقالات تمت بصلة لما يحصل في عصرنا، فستجدها قليلة أو مغيبة تماما، فتأمل ما يُنشر في أي موقع يُسمى ثقافي، فستظهر أمامك العناوين الخاوية الخالية من نسغ الحياة المعاصرة.

قلت: هذا ديدن ما نسميه ثقافة، فالمهم أن ندّعي الشعر، والقصة والرواية ونستنسخ من الآخرين  ما يبدعونه ونتوهم بأننا نبدع مثلهم، أما حكاية العلم والإقتصاد ومفردات الحياة، فلا تعنينا، لأن وعينا الجمعي غاطس في الحالة الموتية التي فيها سنكون ونتجسد.

فالواقع المرير، أننا مجتمعات يُراد لها أن تعادي الحياة وتتخلى عن شروطها ومؤهلاتها، ولهذا يتحقق إبراز تجار الدين لأخذ الناس إلى مهاوي سقر، وإفساح المجال للطامعين بالتفاعل النهم الجشع مع حقوقهم وثرواتهم، وهم في غفلة يعمهون، ونحو الموت يتسابقون للفوز بجنات نعيم ذات متع وملذات مطلقة.

ترى لماذا المواقع تهتم بقيل وقال، وتنأى عن الكتابات الداعية إلى بناء الحياة الحرة الكريمة؟

قد يرى البعض أن السؤال غير مناسب الطرح وفيه بعض التجني والعدوان، والحقيقة أن ما نكتبه في صحفنا ومواقعنا لا يمت للحياة الإيجابية بصلة، وهو تفاعل سلبي معها، وتأهيل متكرر ومواظب على تحبيب الموت وإلغاء معاني الحياة.

ولهذا فالمكتوب منكوب، والعجز مطلوب، والقضاء على الحياة مرغوب، وما عادت الدنيا قبائل وشعوب، فكل من عليها فان، وعلينا أن نتواصى بالعدوان، فالدين من أهم أسباب القتل والفتك بالإنسان، ولا قيمة لدين بلا أسنان.

فهل سنبقى نكتب حول السطور؟!!

***

د. صادق السامرائي

المتتبع للمشهد العراقي بجوانبه المختلفة يرى أنَّ عملية تشكيل الحكومات المتعاقبة كانت كلها عسيرة حتى الاشباع ولم يكن الخلاف بينهما على كيفية التعامل مع مطالب الشعب الاساسية والخروج من النفق السياسي الذي يبدو أنه طال ظلامه وبدا المشهد السياسي كأن لكل كتلة أو لكل سياسي نيته الخاصة التي تختلف عن نوايا المواطن واظهرت جميع الكتل عجزها عن السير إلى منتصف الطريق لتحقيق التوافق بينهما في سبيل إنقاذ العراق وتحقيق المصلحة العليا له للخروج من المأزق الذي يعيش فيه واصبح يتحكم به كل من هب ودب سنيين تصول وتجول به ارادات نفعية وتتحكم من اعطائها الحق وفي ان تتحكم بمصيره ولما وصل الحال بالقبول والرضوخ بهذا الواقع المفروض من قبل اناس لا هم لهم بمستقبل ابناء الوطن فلا معيشة ميسره ولا مؤسسات خدمية انما اقبية عبارة عن هياكل تتحكم بها عصابات من مختلف الاحزاب تستنزف ميزانياته السنوية بصفقات يتفق عليها، لكن نرى العمل في الضرائب على المواطن مستمر على قدم وساق ولا ينقطع، ومسكين ذاك الذي يبيع او يشتري اليوم يسلب حتى يعتري ليرضي مخمن الضريبة .

لقد انعكس الفساد في النظام المالي العراقي على الاقتصاد سلبًا من خلال انخفاض اسعار الدينار العراقي مقابل الدولار على قوته وقدرته على النمو بسبب مزاد العملة التي يتفذها البنك المركزي العراقي  وأدّى إلى جنوح 40% من السكان إلى ما دون خط الفقر في حين يعتبَر استخدام مزاد العملات في العديد من دول العالم حالة استثنائية للغاية، بما في ذلك خلق توازن واستقرار للعملة، ودفعَ العراق ضريبة  ثمن هذا الفساد خلال السنوات السابقة حين وجدت الحكومة نفسها عاجزة عن دفع الهيكل البيروقراطي الكبير الذي تدفع رواتبه عقب انخفاض أسعار النفط التي تمثل أكثر من 90% على اقل تقدير من ميزانيتها السنوية.

ان تزمت كل طرف برؤيته وضعف التنسيق وعدم الخبرة في التعامل مع المشهد السياسي جعلهم متشتتين ما بين مؤيد ومعارض والحاكم والمحكوم  ما بين القوى السياسية نفسها دون ارادة للمواطن في تقرير المصير وغالبا ما عصفت بها أزمات بين الفرقاء السياسيين على كل المستويات  سواء كانت على مستوى اختيار رئيس الحكومة أو أعضائها او على اختيار رئيس الجمهورية، الظروف الراهنة توجب وتتطلب من أبناء العراق من السياسيين الترفع عن صراع المصالح لأسباب غير وطنية والابتعاد عن تبادل الاتهامات وإلقاء كل طرف اللوم على الآخر بأنه السبب في إفشال أي حكومة، فهذا لا يحل الأزمة ولن يحقق المطالب الشعبية، المطلوب من الجميع اعتبار العراق ملفاً وطنياً ساخناً لكل التكتلات السياسية العراقية بالفعل والعمل لا بالكلام والمزايدة على الآخر، وعلى الزعماء العراقيين بكل أطيافهم أن يتحركوا لإنقاذ العراق الذي هو وطن جميع العراقيين. عليهم اصلاح الامور التي تهم وطنهم  العراق الذي تعصف به التحديات، وتتقاطع على ارضه مختلف المصالح والسياسات التي تُعقد الأمور أمام صانع القرار فيه،ولم تنجح الاتفاقات التي اتخذت منذ الخطوة الاولى لتشكيل الحكومات المختلفة   إلأ من خلال التوافقات بين تلك الكيانات والمجموعات السياسية التي تسيطر على المشهد السياسي العراقي منذ سقوط النظام البعثي في 2003.

بلا شك ان الإشكاليات والتقاطعات اثرت وأسهمت إسهامًا كبيرًا في تعقيد أزمة السيادة العراقية، وحتى إن سلمنا بالسيادة في الدستور العراقي النافذ عام ٢٠٠٥، والذي يحمل ثغرات كبيرة كشفتها التطبيقات العملية، أهمها والتي تطفح بين حين وآخر مع كل حكومة تتشكل  "أزمة نفط كردستان الأخيرة مع الحكومة العراقية هي أزمة قانونية ودستورية واختلاف الرؤى في هذا الملف دستوري قانوني بحت وليس خلافا سياسي مما سبب انقطاع الإيرادات النفطية من كردستان، والحكومة الاتحادية في بغداد ترى أن صلاحيات تطوير الحقول النفطية وعمليات التسويق والتصدير محصورة بيد وزارة النفط الاتحادية استناداً للقوانين المركزية النافذة حسب المادة 130 من الدستور العراقي، في حين ترى حكومة إقليم كردستان أن للإقليم حق تطوير الحقول وتسويق النفط والغاز دون العودة إلى الحكومة الاتحادية"، أو تلك التي لم يلتفت لها المشرعون، واخضع لمزاجية القوى السياسية التي شاركت في كتابته وإرادتها، وفُسرت الكثير من فقراته ومواده سياسيًا وفق رغباتهم، مما افقده الكثير من المعاني الحقيقية بوصفه القانون الاسمى للبلاد. فصار في كثير من الأحيان عامل فوضى وانقسام بدل أن يكون عامل حسم لإرادة الأمة، وعامل وحدة واستقرار لسيادته. أما إذا سلمنا بالسيادة المتمثلة بالسلطة التشريعية، أو المحكمة الاتحادية، فكلاهما قد اخضعت لمزاجية القوى السياسية والسلطة التنفيذية أيضاً. بموازاة ذلك، في التجربة العراقية بعد عام2003 ما تزال بعيدة عن السيادة الشعبية بمعناها الدستوري والسياسي، في ظل التلاعب بنتائج الانتخابات، وعدم نزاهة العملية الانتخابية،

لذلك فأن الظروف الراهنة توجب وتتطلب من أبناء العراق من السياسيين الترفع عن صراع المصالح لأسباب غير وطنية والابتعاد عن تبادل الاتهامات وإلقاء كل طرف اللوم على الآخر بأنه السبب في إفشال أي حكومة، فهذا لا يحل الأزمة ولن يحقق المطالب الشعبية، المطلوب من الجميع اعتبار العراق ملفاً وطنياً ساخناً لكل التكتلات السياسية العراقية بالفعل والعمل لا بالكلام والمزايدة على الآخر، وعلى الزعماء العراقيين بكل أطيافهم عليهم أن يتحركوا لإنقاذ العراق الذي هو وطن جميع العراقيين بكل اطيافه والشعب يريد ان يعيش بعزة وشموخ ومستقبل آمن لاجياله يريد ان يشعر بأمان واستقرار لا منة عليه ولا صدقة من أحد فيه وهو للجميع.

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

 

مثلما اكدت الأحداث في كل اقاليم الكون ان الأصابع المرتبكة لا تستطيع صنع التاريخ واحداث منعطفات كبرى في مساراته نظرا لفقدان  الجسد الحامل لهذه الأنامل فكرا مستنيرا ورؤية معرفية لكل شؤون الحياة، بامكاننا للتاكيد ان  الأيادي المرتعشة لا ولن تستطيع ان تذهب بعيدا وتخترق الحواجز والاشتباك مع المفاهيم والتصورات المختلفة بل المتناقضة مع قيم الحرية والتحرر والانعتاق ومواجهة قوى الاستبداد والاستغلال والظلامية سواء كانت انظمة سياسية أو حركات او تيارات..   

الأيادي المرتعشة ليست لها علاقة بميكانزمات وتحريك المياه الراكدة لانها تفتقد الجراة والفكر الاستراتيجي والرؤية المعرفية العميقة والشاملة..

كل المحاولات التي عرفتها الشعوب الطامحة للتحرر الوطني والإنعتاق الإجتماعي، وإن إتسمت بجسارة أصحابها وشجاعتهم النادرة، إصطدمت بالشروط الموضوعية التي صارت بمثابة الصخرة الصماء التي تكسرت عليها طموحات اجيال متعاقبة من المكافحين الأحرار الحالمين باوطان تسود فيها قيم المواطنة والحرية والعدالة الاجتماعية وعلوية القانون..

الشروط الموضوعية التي نقصدها هي التحالفات والتكتلات السياسية والاجتماعية المتناقضة جوهرا وموضوعا مع أي مشروع وطني تحرري مناهض للسياسات النيوليبرالية التي ليس في اجنداتها رفاهية وتقدم الشعوب هنا أو هناك من اقاليم الكون..

لن ناتي بالجديد اذا قلنا ان هذه المشاريع الوطنية التحررية ذات الأفق الديمقراطي الإجتماعي والتنوير الفكري والثقافي، عادة ما تافل وتسير الى الانحدار.

إضافة الى الأسباب الموضوعية الناتجة عن طبيعة الصراع الشرس بين قوى متناقضة في الأسس الفكرية والايديولوجية، فان لهذا الانحدار الوارد حدوثه في أي لحظة نظرا لطبيعة التوازنات وموازين القوى.

و المصالح المتشابكة بين الأطراف السياسية والاجتماعية المتصارعة..هذا ما قصدناه بالشروط الموضوعية، لكن الاشكال الجوهري والمركزي في عملية تفسير وتفكيك العناصر المكونة لهذا الانحدار يتمثل اساسا في المسالة الذهنية والأبعاد الاستراتيجية للصفوة والقادة المباشرين لعملية تأسيس المشروع الوطني الديمقراطي الاجتماعي المنحاز فكرا ومنهجا وعقيدة ودربا كفاحيا لا يلين و لا يهدا مع مشاغل وشواغل والقضايا المصيرية والطموحات المشروعة للشعوب الطامحة للتحرر والإنعتاق وكنس سياسات الاستبداد والاستغلال ورميها في مزابل التاريخ بكل شجاعة وكتابة سطور مضاءة بمصابيح الحرية والكرامة والعادلة الاجتماعية..هنا وصلنا الى مربط الفرس مثلما يقول العرب القدامى.. كيف ستتصرف القيادة المركزية وصفوتها الأولى المؤتمنة على تسيير المركب والقافلة

بعيدا عن الأجندات الإقليمية والدولية المتناقضة جوهرا وموضوعا مع طموحات الشعوب وقضاياها المصيرية..هذا هو السؤال الحارق لكل ألأوراق..!

إن المنعطفات التاريخية الكبرى، لا تقوم بها الأيادي المرتعشة من خصوم شرسين، بل تصنعها السواعد التي تحركها رؤى استراتيجية في السياسة والاقتصاد والفكر والثقافة والاجتماع..و لنا امثلة نيرة قامت بادارة الصراع مع القوى المناهضة لمشاريع التحرر الوطني والإنعتاق الإجتماعي وفرض السيادة الوطنية على أرض الواقع،بحكمة وحنكة ودهاء نادر

..الزعماء الراحلون جمال عبد الناصر والهواري بومدين وفي السنوات الأخيرة شافيز وخليفته السياسي اليساري الثوري المحنك المتسم بالشجاعة والدهاء والديبلوماسية وقت اللزوم وفق متطلبات المرحلة وما تفرضه من تكتيك واستراتيجيا في الآن نفسه.. هذا ما ننتظره من  قيادات عربية لمشاريع التحرر الوطني.. لا سبيل للخروج من أي مازق سياسي واقتصادي واحتماعي سوى الأسلحة برؤية ثاقبة و بعيدة المدى وان لا تكون الأيادي مرتعشة.

***

البشير عبيد / تونس

 كاتب صحفي مهتم بقضايا التنمية والمواطنة والنزاعات والصراعات الإقليمية والدولية..

لا يمكن باي حال من الاحوال لحكومة الاطار التنسيقي ان تنجح بخفض سعر صرف الدولار، وفي نفس الوقت شركات وشخصيات وكيانات محسوبة عليها تقوم بتهريب الدولار، ليس لايران فقط، بل لكل المحيط العراقي.

وللامانة، فان كل المصائب، القديمة والجديدة، تفجرت بوجه هذه الحكومة المسكينة، وانا لا اعرف هل ان ذلك حدث عمدا ام هي صدفة؟

منذ اعوام، والعراقيين ياتون في المراتب الاولى في شراء العقارات في تركيا، الامارات، الاردن، ولبنان وغيرها (استراليا مثلا)، واغلبهم بالمطلق من الفاسدين السياسيين والنواب والاداريين بالدرجات العليا والميليشياويين وحتى العسكر، اضافة لغيرهم (معممين مثلا)، وكل هذا يتطلب تهريب الدولار وبكميات ضخمة جدا وجدا.

نعود لحكومة الاطار، التي تريد ارضاء ايران من جهة، وتحاول كسب الشارع العراقي من جهة ثانية، وهذا لن يحصل ابدا.

ايران تعتبر العراق بمثابة رئة تنفسية دولارية بسبب العقوبات الاميركية والغربية التي تخنقها، وحكومة الاطار تعتبر انه من "واجبها العقائدي" مساعدة ايران في محنتها المزمنة الى اخر نفس، لكن هذه المساعدة تلقي بظلالها الثقيلة على عموم العراقيين الساخطين من رفع الاسعار وتهديد لقمة خبزهم، لإرضاء جار لديه طموحات دولية خطرة ستقوده، او انها تقوده اصلا وفعلا، للاصطدام بالمجتمع الدولي، ويكاد هذا الجار ان يتحول الى دولة مارقة او منبوذة.

بطبيعة الحال، لا يجوز لأي منصف ان ينكر دور ايران في مساعدة العراق في التصدي لداعش الارهابي، ولكن ايضا التحالف الدولي كان له دعم حاسم في ذلك، وطبعا ايران لم تقدم رصاصة واحدة للعراق مجانا، باعتراف قيادات رفيعة في الجيش الايراني وفي الحرس الثوري الايراني، بل انها اخذت كل حقوقها حتى اخر فلس، لكن من غير المقبول ان تسعى حكومة الاطار التنسيقي لإنقاذ ايران من محنتها الدولارية على حساب الشعب العراقي، لان الشعب سيعاقب هذه الحكومة عاجلا ام اجلا.

سخط العراقيين على الجار ايران يرتفع ويزداد من خلال قطع ايران لمياه الانهر والروافد الداخلة للعراق، وحجب توريد الغاز لانتاج الكهرباء حسب مزاجها، ومنع العراق من التقارب مع جيرانه العرب لتجاوز مشكلاته الاقتصادية والخدمية، مع صمت وسكوت مشبوه من حكومة الاطار، وهذا يدفعنا للقول ان حكومة الاطار التنسيقي في طريقها للانتحار السياسي على محراب ايران، السائرة للمجهول اصلا، وعلى العراق التخطيط والعمل والاستعداد للتعامل مع ايران، لا يحكمها نظام جمهوري اسلامي شبه متشدد، لان دروس التاريخ واضحة امامنا جميعا، فلا بقاء ولا ديمومة لأي نظام سياسي او ديني اوعقائدي، مهما طال الزمن.

***

خدر خلات بحزاني

هل إنتهى الإبداع القصصي والروائي؟

سؤال يفرض نفسه في الواقع الثقافي ويدفعنا للنظر إليه بجدية، وموضوعية، ويعود السبب إلى تقدم فن التصوير وحضوره في كل مكان، فالجميع يصوّر ما يشاء بهاتفه النقال، ومعظم الناس تحمله ولا تفارقه أبدا.

فالصورة الحية تتكلم بدقة متناهية تتفوق على قدرات القصاصين والروائيين مهما إمتلكوا من مواهب ومهارات سردية.

قد يستطيع الكاتب أن يشد القارئ بأسلوبه وما يظهره من خفايا وديناميكيات تفاعلية ذات أبعاد إنسانية وفكرية، لكن الصورة الحية تقدم ما يثير في المُشاهد رؤى وتصورات، مبنية على مكوناته الذاتية المتفاعلة بحيوية وحرارة مع ما يرى.

فالصورة أصبحت أقوى من الكلمة في نقل المشهد الإنساني، ولا يمكن للكلمات أن تتفوق على الصورة في هذا المجال.

ربما سيتعجب البعض مما تقدم، غير أنها حقائق صادعة تؤثر في الوعي الجمعي للمجتمعات، وتأخذها إلى مدن الشاشات، والتفاعلات التواصلية السريعة الإبراق.

فكم منا قرأ قصة أو رواية في العام الذي إنقضى؟

يبدو أن النفوس البشرية تغيرت، وحتى الأغاني والموسيقى، أصبحت ومضية لا تتجاوز بضعة دقائق، فالناس لا تتلذذ بالأغاني الطويلة، التي عهدتها في القرن العشرين.

أما القصة والرواية فعليهما التحول إلى بحوث مكثفة مدونة بلغة أدبية فنية واضحة، وإلا فلن تجدا مَن يقرأ!!

***

د. صادق السامرائي

 

 

في الماضي كان الخوف موزع جغرافيا بشكل مدروس ففي المنطقة تخاف جارك البعثي وأصدقاءك وأعضاء الفرقة الحزبية الذين يذرعون الازقة والشوارع كل حين وتعرف مسؤول الفرقة الحزبية من خلال السماع وترسم له صورة مرعبة في خيالك المذعور حتى من قهقهة مع صديق وانت تسير في الشارع وعليك ان تجد تفسيرا مقنعا لهم عندما يحاصرك أحدهم بسؤال عنها وفي الدائرة كذلك إذ يتناثر الحزبيين هنا وهناك تعرف بعضهم وتجهل اخرين لكنك على معرفة تامة بشخص مسؤول الدائرة الحزبي الذي تكون سطوته فوق صلاحيات المدير وفي مراكز المدن يضاف خوفا آخر من عناصر الأمن والانضباط والشرطة من دون أن يكون لك ذنبا أو تهمة واضحة لان الهدف هو ان تعيش خائفا ومتهما على الدوام لكن هؤلاء جميعا رهنا بقرار المسؤول مهما كانت حدود مسؤوليته فاقصى ما يستطيع الحزبي المتواجد في أزقة المنطقة هو ان يخبر مسؤوله بشكوكه فيك ومن ثم يمنحه كل الصلاحيات وهكذا الأماكن الأخرى لكن أخطر من هؤلاء جميعا هم كتاب التقارير فانت لاتراهم وربما لا تعرفهم وتقاريرهم مهما كانت ظالمة ومحشوة بالكذب والافتراء فإن لها القدرة على ايصالك إلى مديرية الأمن ومن ثم محكمة الثورة وصولا إلى (ابي غريب) أو أعواد المشنقة أو كلاهما وكان الزي والسكن وطول المدة هي دلالات للتعرف عليهم .. أما الخوف في الزمن الحاضر فهو مختلف تماما بعد أن غابت رموز الخوف الماضي وحلت محلها رموز أخرى وحسب المراحل إذ كانت في البداية الرموز قوات محتلة وطائفية وعناصر إرهاب ومسلحين وحمايات مسؤولين وملثمين وكواتم ثم تحولت إلى (سوات) ومقاومة الشغب وأصحاب القبعات والطرف الثالث والمجهولين والرمي العشوائي والانسداد حتى وصلنا إلى لجنة (ابو خبزه) بعدها إلى آخر رموز الخوف في زمننا الحاضر وهو (ارتفاع الدولار) بشكل مجنون بالنسبة لنا ومدروس لغيرنا وارتفاع الدولار هو آخر أسلحة الصراع بين أمريكا وإيران على أرض العراق وسيواصل الدولار صعوده ليتناسب طرديا مع خوفنا حتى يصبح الدينار مثل ليرة لبنان أو ينتصر أحد الطرفين ثم يبحثون لنا عن رمز جديد للخوف .

***

راضي المترفي

يبدو أن المؤامرة التي تقودها الإمبريالية ضد تجربتنا الديمقراطية الرائدة تتخذ أشكالاً جديدة، فبعد محاولات فاشلة للحصول على خبرة عباس البياتي في الاستنساخ، ومحاولة البرلمان الاوربي الدنيئة لسرقة حذاء عالية نصيف الذي قذفته داخل قبة البرلمان، قررت الدوائر الإمبريالية إرسال الممثلة "الكافرة" "أنجلينا جولي" للتجول في قضاء سنجار والجلوس مع عوائل الإيزيديين والاستماع إلى معاناتهم، ولم تكتف بذلك؛ بل أصرت على أن تلتقط صوراً وهي تتحدث مع أطفال فقدوا عوائلهم .الممثلة "اللعينة" تريد أن توهمنا بأنها صاحبة رسالة إنسانية، لكن الحقيقة أنها تغار من نوابنا الذين يثبتون كل يوم أنهم في واد والشعب المسكين في واد آخر.

إذن المؤامرة تحاك في الظلام ضد هذا الشعب، والبعض يريد أن يصوّر للعالم أنّ سياسيينا "الأفاضل" ومسؤولينا "الأكارم" ونوّابنا "الأجلّاء" عاجزون عن الذهاب إلى سنجار، وهم الذين ضحّوا بالغالي والنفيس من أجل عيون هذا الشعب "الناكر للجميل".

بالفعل، تتعرض تجربتنا الديمقراطية إلى مؤامرة كبيرة، تشارك فيها قوى دولية، ومشاهير هوليوود، وإعلام لا يخاف الله، ينسى أن يلتقط صورة للنائبة حنان الفتلاوي وهي تتجول مع النائبة وحدة الجميلي وسط قرى سنجار وهما تذرفان الدموع.

المؤامرة كانت حاضرةً في تغاضي المدعوّة أنجلينا جولي عن الإشادة بملفّ مهمّ وخطير وأعني به ملفّ الإعمار الذي تفوّقنا به على سنغافورة، وملفّ التعليم الذي تحسدنا عليه اليابان. نعم هي مؤامرة لا يكفي معها تكذيب واعتذار، بل أن تكفّر أنجلينا جولي عن ذنبها وتترك أبناء سنجار الذين يحظون برعاية يحسدهم عليها أطفال السويد.

مع هذه الصورة للممثلة التي "للأسف" لا تلبس الحجاب ولا تكتب على صفحتها أهازيج ثورية، تذكر كيف يرفض مسؤولونا "الأفاضل" أن يراهم الناس في لحظة صدق بشري.. فكيف يمكن لمن حصل على الكرسي من خلال مزاد عقده أبو مازن، أن يجلس على الأرض تحيط به عوائل شهداء الانتفاضة؟!

سيدتي أنجيليا.. من هذه البلاد المليئة بالأسى والموت والكذابين، أرفع إليك التحية والتقدير، أليست اللمسة الإنسانية، أعظم من الصوت الفارغ؟ أليست يد حانية نضعها على رأس طفل مهجَر ويتيم، أطيب عطراً من كل شعارات الإرادة وهلوسات الكتلة الأكبر؟

مرة أخرى من هنا، من هذه البلاد المليئة بسقم الساسة وتهتكهم، أرفع لك التحية، لأنك شجاعة وامرأة صدق ومحبة وإنسانية، وحدهم الأنقياء يتجاوزون الخوف على مصالحهم وحياتهم، من أجل الخوف على حياة الضعفاء والمستضعفين.

ايها السادة ..المشكلة لم تكن في صور انجلينا جولي، ولا في معاناة اهالي سنجار، بل في الشعارات التي تملأ قاعة البرلمان العراقي والتي يطلقها البعض. وفي خداع الناس مرة ومرتين وعشراً .

***

علي حسين

لننظر الى ذلك بشكل موضوعي، ولنقرر اولا ما هي الإنجازات الفعلية وما هي المزيفة التي تقدم كرشاوي لخداع الناس.

أهم صفة للإنجاز انه يقدم وعدا بمستقبل أفضل، اما الرشوة فبالعكس تماما. تعطي راحة للمرتشي، لكن على حساب تخريب اكبر للمستقبل، او للوطن. يعني الصفة المميزة للرشوة هي: استفادة الراشي والمرتشي، وضرر يصيب الوطن او المستقبل أو الأجبال القادمة أو اية جهة أخرى غائبة عن الصفقة، وغير قادرة في تلك اللحظة على الدفاع عن حقها، او لا تعيه، فيسلب الراشي والمرتشي حقها.

لو فرضنا أنك اشتغلت بشكل افضل واكثر تنظيما والتزاما وبكفاءة اكبر، فتضاعف دخلك وصرت تصرف بالشهر 600 الف بدل 300 الف فهذا "إنجاز"! إنه يجعلك مرتاح وسعيد ويدفع بك الى الأمام ويحقق لك مستقبل افضل وبدون سلب حق أحد، ويحق لك ان تفخر به.

لكن ماذا لو انك لم تزد كفاءتك ولا عملت أفضل، وضاعفت مصروفك بالأخذ من مدخراتك؟

من الخارج سيبدو الأمر مشابها للإنجاز الأول، وستبدو سعيدا اكثر ومرتاح، لكنك تعلم انها سعادة مزيفة وانك تضحك على الناس وعلى نفسك. لا أحد يسمي هذا إنجازا. إنه رشوة من نفسك لحاضرك، على حساب مستقبلك وحقه عليك. فمن اي من النوعين هي "إنجازات" السوداني؟ لننظر:

توقيع الاتفاقات بذاته ليس انجازاً، لأن الاتفاق قد يكون في صالح الدولة (وعندها يسمى انجازا) وقد يكون لغير صالحها (وعندها يسمى خسارة). وعقود السوداني لم نعرف بعد، إن كانت لصالح الدولة ومستقبلها أم لغير صالحها، فكيف حسبها هذا النائب انجازا للسوداني؟ بل ان هناك مؤشرات قوية جدا بأنها عقود سيئة سلقت سلقا بدون دراسة ومفاوضات وبدائل ومنافسة. كذلك نعلم مثلا ان السوداني ماض بتنفيذ عقود توتال، التي قدم الاستاذ أحمد موسى جياد دراسات حذرت وطالبت بإلغائها لشدة مساوئها! وهناك اشارات بأن سيمنز طلبت اسعارا خيالية لعقودها.. في كل الاحوال لا يمكن التحدث عن إنجازات مسبقة إلا من قبل من يريد ان يطبل للسوداني بالحق والباطل.

خليجي 25 او اية بطولة رياضية هي مسألة صرف فلوس وإدارة، لا اكثر ولا أقل وتستطيع اية دولة أو حكومة مهما كانت تافهة، أن تقيم بطولة إذا كان لديها المال اللازم لذلك، فكل شيء يشترى في هذه الأمور بالمال: الملاعب والإدارة والشركات والعروض المبهرة وكل شيء. لو اعتبرنا تنظيم بطولة الخليج انجازا يبين قوة الدولة، لتوجب اعتبار قطر دولة عظمى لأنها نظمت قبل فترة قصيرة بطولة العالم ذاتها! لكنها قطر ليست دولة عظمى، وليس تنظيم حتى بطولة العالم انجازا، وبالتأكيد لا يمكن اعتبار خليجي 25 انجازاً. إن الفرح بالبطولة مفهوم ومقبول، لكنها في حقيقته ليس إنجازا حقا، اذا كان كل من يملك المال يستطيعه. إذا كانت إدارة الأموال والبطولة ممتازة، ربما يكون هناك ما يفخر به بشكل بسيط، لكن هذا لا يشبه كمية التطبيل للإنجاز الذي قيل ان السوداني قد حققه بالبطولة (ومتابعتها شخصيا طبعا، كما يفاخر اعلامه الذي ينسب كل فضل له شخصيا، وبشكل خطر). ومما حدث اثناء البطولة لا نستنتج ان ادارتها كانت متميزة على كل حال. وإذا تساءلنا عن الأموال التي صرفت عليها ومدى حاجة بنية العراق التحتية اليها. هذه الحقائق تم خنقها ودفنها من قبل حملة إعلامية رهيبة ومنظمة لقمع كل من يقول شيئا عنها، وباستخدام كل الأسلحة الإعلامية، وحتى الطائفية منها، واصبح الحديث عنها مرتبطا بمشاعر سلبية شديدة مرفوضة.. لكن الحقائق تبقى حقائق، ولا تعتمد على مدى تقبلنا لها. إنها لم تكن إنجازا، بل رشوة مميزة وأدت دورها بإعطاء انطباع مزيف جميل بأن هناك تغييرا إيجابيا كبيرا قد حصل، وتتوج ذلك بفوز الفريق العراقي، مما اسهم في تقوية هذا الإحساس بحجم الإنجاز. ومعروف ان استخدام كرة القدم لتقديم بديل للكرامة المهدورة، مسألة تاريخية عالمية يلجأ إليها عديد من الحكام لتهدئة شعوبهم، كما فعل موسوليني في اسبانيا.

ماذا عن منح المواطنين قطع أراضي، وتحويل مساحات من اراض زراعية الى اراض لغرض السكن لتوزيعها؟ إنها نفس الحيلة ونفس الخدعة ونفس الرشوة بالضبط! إنها تكلف الدولة أمولا (بشكل أراضي) وتضع ثقلا على حكومات المستقبل لنتائج هذا التوزيع الاعتباطي وضرورة تقديم كل الخدمات لساكنيها.

تحدث السوداني في مقابلته الأخيرة عن خطته لبناء "مدن"، وتوزيع بعض بيوتها على الفقراء مجاناً. هل هذا انجاز ام رشوة؟

إنه أيضا رشوة سياسية وبهرجة إعلامية أكثر مما هو انجاز أو حل لمشاكل الفقراء. فالسوداني حريص على "شكل إنجازه" وظهوره وكأنه هو بالذات من انجزه، اكثر بكثير من محتوى "الإنجاز". وهذا واضح من زيارته الشخصية لمستشفى الكاظمية لتفتيشها بنفسه بدل الاجراء المنطقي بتكوين فريق تفتيش مختص يشرف عليه الوزير (لكنه هنا لن يظهر في الصورة كثيرا). وكذلك استعراضه المخزي لكمية من الأموال على أساس انه قام باستردادها، ثم تسليمها شخصيا الى البنك امام التلفزيون – استعراض رخيص للغاية يثبت فيه انه محتال رخيص أيضا، وانه مستعد ان يجعل من نفسه اضحوكة من أجل شكل "الإنجاز" وليس الإنجاز نفسه.

"توزيع البيوت على الفقراء مجانا" هو واحد من هذه الاستعراضات الرخيصة. إنه طبعا مجرد "وعد" لم ينفذ وعلى الأكثر لن ينفذ الا ربما بشكل عدد رمزي، لكنه يؤدي وظيفته حتى حين يكون "مجرد وعد" وهذا ما يدركه مديري أوركسترا الطبالين للسوداني. وما يكشف زيف هذا الإنجاز هو حجم الوعد المستحيل التحقيق، وشدة لمعانه، وخطأه من الناحية العملية. فكم بيتا لكم فقير ستمنح؟ ولماذا هذا القفز الهائل من عائلة تسكن الصرائف، الى عائلة تملك بيتاً فجأة؟ امتلاك البيوت ليس أمرا سهلا ومن الحقوق الأساسية للإنسان، وأنا مثلا اسكن هولندا منذ عشرات السنين قضيت معظمها كمهندس حاسبات كشركة من شخص واحد، ولا املك بيتا ولا شقة، واعيش بالإيجار.

الطبيعي هو ان تبني بيوتا بسيطة قدر الإمكان للفقراء، ثم "تؤجرها" لهم بمبلغ بسيط، وان يكون سكنهم فيها مرهون بكونهم فقراء. فإذا صار لديهم ما يكفي من المال، أعطيت لمن هو افقر منهم، وهكذا؟

لماذا لا يفعل السوداني ذلك؟ لأنها عندئذ لن تملك بهرجة الإعلان، بأن السوداني "منح" الفقراء بيوتا! ولن يترك الجميع يحلم بأن القدر والحظ سيصله لكي يحصل على البيت! يعني كل الهدف من المشروع سيزول!

ماذا عن "تثبيت الآلاف من اصحاب العقود"؟ او تعيين آلاف الموظفين الجدد؟

لو كان هذا بفضل انشاء مشاريع انتاجية ناجحة مثل بعض المعامل او المزارع، لأمكننا اعتبارها "انجازا". أما تحشيد الموظفين بدون اية زيادة في الإنتاج فهو بدون شك رشوة غير امينة للناس، وعمل خبيث يعلم صاحبه ان نتائجه المستقبلية ستكون سيئة على البلد، لكنه لا يهتم! لكن كم هو عدد الموظفين المناسبين في كل شركة أو وزارة؟

طبيعي صعب تقدير هذا بدقة، لكن بعض الوزارات الإنتاجية تسهل الأمر. فلدينا إحصائية بالنسبة لوزارة الكهرباء مثلا، والتي يعتمد عدد موظفيها بشكل تقريبي على كمية الكهرباء المنتجة، وهو 2 ميكا واط لكل موظف وعامل.

لدينا اليوم بحدود 22 كيكا واط مع الاستيراد. واذا حسبنا الاستيراد مثل الإنتاج (وهو أقل بكثير)، يفترض ان يكون في وزارة الكهرباء اليوم 11 ألف موظف. فما هو عدد الموظفين الفعلي في وزارة الكهرباء؟

وزارة الكهرباء كان لديها 180 الف موظف في زمن حيدر العبادي. يعني أكثر من 16 مرة بقدر الرقم الطبيعي! وكان لديها 103 الف موظف بعقود! وقام الوزير لؤي الخطيب في زمن عبد المهدي بتثبيت هؤلاء فصار العدد في الوزارة اكثر من 280 ألف موظف! يعني كل 25 موظف يقومون بعمل موظف واحد! ولا ندري كم وصل العدد الآن وكم هي النسبة المخيفة التي وصلت اليها. وهكذا حال كل الوزارات والمؤسسات التي قام السوداني بتثبيت عقودهم!

فهل هذا "إنجاز" ام رشاوي تدمير للبلد ليقال عنه خوش آدمي؟ نعم ان من حق الناس العمل، لكن بأن تبني لهم مؤسسات إنتاجية وليس بإضافتهم الى جيش البطالة المقنعة التي تنهك الدخل الوطني، بكل انعدام ضمير. فإذا جاءت غدا ازمة أسعار نفط، لم يكن لديك رواتب لهم!

الصحيح ان تقدم الخدمات البسيطة أولا، كبناء المدارس قبل بناء الملاعب، وان تعبد الطرق المدمرة، قبل ان تتعاقد على "قطار طائر" لتبهر السذج وتدمر ثروة البلد. فلولا ثروة النفط التي حار الاحتلال واتباعه مثل السوداني بكيفية تبديدها قبل ان يبني الشعب العراقي بها بلده ومستقبله، لحلت كارثة في هذا البلد.

الصحيح هو ان تسعى الى ابعاد كل امريكي تستطيع ابعاده، عسكريا كان ام مدنيا، من البلد. فهم يستلمون رواتبهم وتصرف عليهم الأموال بهدف تدمير البلد ليس إلا. ومأبون من يدرك هذا ويصر على تسويقهم كأصدقاء وحلفاء وشركاء ليطيل خداع الشعب. إننا نعيش بفضل ثروة الأرض، وهم يعملون بجد لتنتهي هذه الثروة بأسرع وقت، وعندها سيدرك الجميع متأخرين أنها لم تكن إنجازات، بل رشاو لهم لتفويت فرصة بناء البلد وإنقاذ المستقبل. لكن البلد ربما يكون قد تحول إلى مسلخ يتذابح فيه عشرات الملايين من الجياع من اجل قوتهم.

***

صائب خليل

1 شباط 2023

 

لاشك في أن الملاحم التاريخية التي صنعتها الجماهير المغربية، والصور الحضارية الراقية والقيم الإنسانية التي مررها منتخبها الوطني خلال مشاركته في مونديال قطر، والإنجاز الكروي الكبير الذي حققه ببلوغه دور نصف نهائي كأس العالم قطر، كسابقة أولى من نوعها في تاريخ كرة القدم المغاربية والعربية والإفريقية، وغيرها كثير من العوامل المشرفة التي أشادت بها كبريات الصحف والقنوات الدولية، إلى جانب مشاركة أندية شهيرة عالميا- من قبيل فريق ريال مدريد الإسباني وفريق فلامينغو البرازيلي والأهلي وأوكلاند سيتي النيوزلندي وسياتل ساوندرز الأمريكي، والهلال السعودي والوداد الرياضي- هي من أهم العناصر التي ستساهم في إنجاح بطولة كأس العالم للأندية الذي يحتضنه المغرب، والتي ستشكل فرصة سانحة لأعداد كبيرة من عشاق كرة القدم في العالم، للتوجه نحو البلد الذي أبهرهم في مونديال قطر 2022، لمتابعة المباريات المختلفة النكهات، المغربية والعربية، والإفريقية، والأوروبية، والأمريكية التي ستنظم بملعبي الأمير مولاي عبد الله بالرباط وملعب طنجة الكبير، كما سيكون لها دور كبير في استقطاب أعداد السياح التواقين لاكتشاف ما يزخر به المغرب من مؤهلات سياحية كبيرة ومتنوعة، وما يحبل به من تاريخ ثري وحاضر يغري بالمعايشة، لما يتسم به أهله من حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وما تنعم به أجواؤه من أمن واستقرار، يساعده على ذلك ما يمتلكه من بنيات تحتية متميزة، ووسائل نقل عصرية - كالقطار فائق السرعة " البراق"-  وموارد بشرية مؤهلة وقادرة على تنظيم و احتضان أحداث كروية قارية كبيرة، يحضرها عدد مهم من المنتخبات، كما هو الحال بالنسبة لكأس إفريقيا للأمم 2025 الذي ترشح المغرب لاستضافته،  الاستضافة التي شاع عبر مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات، وغيرها من وسائل الإعلام العالمية، أنه مستحق لها، وبجدارة، ضدا في منافسيه الذين لم يوفقوا في تنظيم بطولة إفريقيا للمحليين "الشان" الذي اتسم مند افتتاحه بالتنافي مع المبادئ الرياضية، وانتهاك نظمها الأساسية، بما تضمنته كلمة الافتتاح التي ألقاها المرتزق حفيد مانديلا من تهجم على السيادة المغرب، إضافة إلى هتافات الجماهير العنصرية المسيئة للرياضة، والتي اضطرت الإتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، لاستفسار الكونفدرالية الإفريقية للعبة، عن معايير اختيار الضيوف، وعن انخراط الأحداث التي رافقت "الشان" في الأمور ذات الطبيعة السياسية، والتي تستوجب على "كاف" فرض عقوبات على مرتكبيها، إتحاد كرة القدم الجزائري.

***

حميد طولست

طريقة الخصخصة مللنا ونحن نشرحها ونشجع الجميع عليها منذ أكثر من ثلاثة عقود وقلنا للجميع "رحبوا بالانفتاح الاقتصادي"أهلا وسهلا" بالاقتصاد الحر"أفسحوا الطريق ولا تحرمونا من "رؤوس الأموال الأجنبية"، نعم الكثيرين معارضين ورافضين بل ويعتبرونها خيانة عظمى لا تغتفر وأنا معهم لأن كلمة الخصخصة عند البعض "كلمة حق يراد بها باطل"، وأذكر عندما كنت سائح إلى أحد الدول العربية وجدت عدد من الشباب محتشدين وهم يرددون شعارات غاضبة وتوجهت إلى أحد الشباب لكي أعرف سبب تجمعهم، وإذ يجيبني بأن حكومته قررت بيع مصنع، جده كان يعمل به وأبيه وهو أيضا كان يحلم بأن يتوارث عمل جده وأبيه ويعمل بنفس المصنع، لكن الآن تم وضع المصنع في المزاد العلني.

نحن لا نطبق الخصخصة بتاتا، نحن نطبق أسلوب "التخلي عن المسؤولية "ونظام "إعلان الإفلاس" بحذافيره، ودعني أقدم نموذج المصنع الذي ذكرته في بداية موضوعي، حيث يجب على الدولة أن تبيعه بسعر مرتفع لكن ما يحدث في دول كثيرة وعندنا تحديدا يتم بيعه بسعر بخس للغاية أغلب الأحيان أقل من ربع سعره، وكذلك بعد البيع لا نخلق فرص عمل لمن كانوا يعملون في المكان الذي تم بيعه ويرمون للمجهول، كذلك بعد أن قمنا بالبيع بسعر بخس نجد أن الدولة تأخذ المبلغ لتصرفه كرواتب للموظفين لفترة قصيرة، أي أن المبلغ لم يتم استثماره لكي تعم الفائدة على الجميع .

***

بروفسور حسين علي غالب بابان

أكاديمي وكاتب مقيم في بريطانيا

العقل ينتصر على نفسه ويدفع بالأصل الإبداعي إلى مواطن الفرعية والتبعية والإذعانية لما أوجده.

فالبشرية بدأت عصر الذكاء الإصطناعي المذهل، الذي يعني أن الآلة ستقود البشرية وأجهزة الحاسوب تقرر وتستخلص النتائج وتحسم المواقف.

العقل البشري، إخترع أجهزة حاسوبية تتعلم أسرع منه، وأكثر دقة وقدرة على هضم المعلومات وتمثلها، والخروج بمقترحات وتوصيات بموجبها.

هذه الأجهزة عندما تنطلق في مسيرة التعلم، فأنها تتفوق على العقل وتدفع به إلى زوايا الصمت والقنوط.

فالعالم المقبل، سيكون مسيرا بالحاسوبات الذكية، التي ستدير معظم مفاصل الحياة، وبسبب ذلك سيضمر دماغ البشر، وسيصغر حجم رأسه مع توالي القرون.

فالبشر سيمتلك رؤوسا أصغر من الرؤوس التي إعتدنا عليها، وقدرته على التفاعل مع محيطه ستكون من خلال أجهزة الحاسوب الذكية، التي ستقرر له ما تراه وهو الذي يتبع.

ويمعنى أوضح، أن البشر سيكون مستعبداً بالذكاء الإصطناعي ومسيّراً بموجب معطياته.

قبل أعوام قال لي أحد الزملاء من بلاد الإختراعات المذهلة، أن البشرية ستستغني عن عقلها، فهي تصنع عقولا ذات قدرات لا محدودة؟

قلت: هذا خيال علمي

قال: سننتظر، وربما سنرى ذلك في حياتنا

كان هذا الحديث في نهاية القرن العشرين، وبدت علائم الإستغناء عن العقل في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، فإلى أين المسير؟

إنها مغامرة العقل للإنتصار على العقل!!

***

د. صادق السامرائي

22\10\2022

 

عند استلامي أول راتب في حياتي الوظيفية وكان في نهاية شهر أيلول سنة 1973م قصدت سوق السراي الذي كان يعج بالمكتبات القديمة، واستوقفني في أحدى المكتبات كتاب (تاريخ الأدب العربي) لمؤلفه حنا الفاخوري، وتصفحته فأعجبني جداً، فسألت البائع عن سعره؟ فأجابني: عشرة دنانير!! وهو ثمن باهظ جداً بالنسبة لي يومذاك!!

كان راتبي الشهري ثلاثة عشر ديناراً فقط!! إذ كنت عاملاً بسيطاً في الشركة العامة لصناعة الحرير براتب ضئيل؛ وقد حصلت على عملي هذا بعد بحث طويل ودوران متعب بين الدوائر والشركات والمعامل في المدن القريبة من دون جدوى؛ إذ كانت سنة تقشف بعد إعلان تأميم النفط (1973م)، وكنت محارباً من الدوائر الأمنية لانتمائي قبلها إلى جهة سياسية معارضة (أنا نادم الآن على كل حياتي السياسية في شبابي أشد الندم!!)، لذا وافقت على هذا العمل الشاق والراتب الزهيد بسرور بالغ لتأمين لقمة عيشي وإكمال دراستي!!

أعود لقصتي مع كتاب حنا فاخوري، إذ بعد لحظات من تقليبي له تذكرت أن في جيبي عشرة دنانير فقط، وهي تعادل سعر هذا الكتاب فقط!! إن دفعتها وأفرغت جيبي منها!! فكيف سأعود لمدينتي المسيَّب؟! ولو افترضت عودتي ماشياً بقناعة وطيب خاطر لأكثر من ستين كيلومتراً من أجل هذا الكتاب!! فكيف سأتدبر مصروفي الشخصي لشهر كامل وهو أمر مستحيل!!

لاحظ صاحب المكتبة حيرتي من خلال ما ارتسم على وجهي من حرج!! وهو رجل كبير وخبير بعمله وقراءة وجوه المرتادين لمكتبته يومياً فقال: هل تعرف يا أبني ما هي مشكلتنا في بيع الكتب؟! فنظرت إليه صامتاً وبخجل!! فواصل الكلام: أغلب من يحبون الكتب ويقبلون عليها ويتمنون قراءتها هم من الفقراء والعاجزين عن شرائها!!

وصدق الرجل في كلامه!! فأغلب محبي الكتب وقرائها - كما رأيت - من الفقراء المعوزين !! أما أغلب الأغنياء فهم يعيشون في عالم آخر، ويهيمون عشقاً بمقتنيات لا صلة لها بالثقافة وتفاصيلها!!

أعدت الكتاب بهدوء وحزن واضح إلى مكانه، وغدرت المكتبة بصمت وألم مودعاً صاحبها وشاكراً له على صبره وحكمته البالغة التي لم تغادرني طوال العقود الماضية، وكانت درساً بليغاً لي ..

وتكملة لهذا الموقف أقول ظلت صورة كتاب حنا فاخوري (تاريخ الأدب العربي) حلماً جميلاً في مخيلتي، حتى إذا وجدته بعد سنوات وقد تحسنت الحال المادية معروضاً بنسخة نظيفة جداً في إحدى مكتبات شارع المتنبي، فاندفعت لاقتنائه مسرعاً والحصول عليه بلهفة قبل أن أسأل عن سعره!! وكان سعره الجديد ضعف السعر السابق!! فحملته بفرح كبير لا يوصف من دون أي انتظار أو مراجعة أو مماكسة للسعر، واستعدت صورة موقفي الأول الذي لم يغب عن بالي إلى الآن!!

***

جواد عبد الكاظم محسن

 

طلب زميل عزيز أن أشرح له كيف تحول سامي العسكري إلى "كسينجر العراق" بعد أن صدر قرار تعيينه بمنصب المستشار السياسي لرئيس الوزراء. ياعزيزي؛ إن الدولة مصرة بجميع فروعها على مواصلة مسلسل "التسالي مع المواطنين" على أساس أن مجلس النواب لم يصادر حق أحد من المواطنين في أن "يتسلى"، بدليل أن النواب تركوا أزمة ارتفاع سعر الدولار وانشغلوا بصورة ناهدة الدايني الجديدة والتي تسعى من خلالها منافسة عالية نصيف، ولأن موجة جديدة من الكوميديا السياسية لا تزال تضرب العراق صباح كل يوم، فقد قرر النواب الأفاضل تكريم النائبة الدايني بتعيينها رئيساً للجنة منظمات المجتمع المدني. يمكنك عزيزي القارئ أن تضع معظم قرارات مجلس النواب في خانة التسالي، طبعاً هذا الكلام لا يعد انتقاصاً من جهد السادة النواب في إطلاق التصريحات التي تعيد عجلة التطور في العراق سنوات وسنوات إلى الوراء.

إسمحول لي بأن أترك سامي العسكري وتقلبات النواب، وأتحدث عن كاتب أميركا اللاتينية الشهير ماريو فارغاس يوسا والذي تم اختياره عضواً في الأكاديمية الفرنسية، ربما يقول البعض؛ يارجل تترك شخصية بوزن وحجم عزت الشابندر وتكتب عن الأكاديمية الفرنسية؟، ياسادة المثير في الخبر أن الكاتب الكولومبي وجه الدعوة لملك أسبانيا السابق خوان كارلوس، ليشاركه الاحتفال، والمثير الذي علينا أن نعرفه أن الملك الأسباني السابق كان قد تعرض لمشاكل مع الصحافة اتهمته فيها بتهربه من الضرائب واطلاق نار على فيل، فقرر أن يغادر أسبانيا بعد أن صفّى حساباته مع هيئة الضرائب والعدالة الأسبانية. اتمنى ان تعرف ان اطلاق نار على فيل وتهرب من الضرائب كانا السبب في منع كارلوس من المبيت ثانية في القصر الملكي، اطلاق النار على فيل وليس قتل ٧٠٠ متظاهر. يتذكر يوسا أنه عندما حصل على الجنسية الأسبانية عام 1993، اتصل به الملك خوان كارلوس في الثامنة صباحاً ليعرب له عن سعادته "لأني صرت من رعاياه". إياك عزيزي القارئ أن تظنّ أنّ "جنابي" يهدف إلى السخرية من جنابك، لأنك حتماً ستقول: ما لنا ومال يوسا وملك أسباني "والدولار" الإمبريالي يحاصرنا من جميع الجهات؟.. تعرف "جنابك" أن الديمقراطية العراقية تقضي بأن يبقى المواطن العراقي متفرجاً، فيما جميع الساسة شركاء، يضمن كلّ منهم مصالح الآخر، حامياً لفساده، مترفّقاً بزميله الذي يتقاسم معه الكعكة في السرّاء والضرّاء..

يلعنُ ساستُنا الفساد على شاشات الفضائيات صباحاً، لكنهم يجلسون معه مساءً في الغرف المغلقة، ولا أعتقد أن القارئ العزيز بحاجة إلى أن أعيد لملك أسبانيا الذي سحبت منه الامتيازات الملكية.

ولأنّ التغريدات والتصريحات هي المتحكم الرئيس في كل حياتنا فيصعب أن نعثر على قرار واحد يدين احد حيتان الفساد، فالديمقراطية العراقية تتساهل مع الزعماء، وتلاحق شباب الاحتجاجات.

***

علي حسين

في المثقف اليوم