أقلام حرة

أقلام حرة

الطغيان في اللغة مجاوزة الحد والعصيان، فكل شيء جاوز القدر فقد طغى.

وطغى البحر: هاجت أمواجه. وطغى السيل: إذا جاء بماءٍ كثير.

 "ونذرهم في طغيانهم يعمهون" "فأما ثمود فأهلِكوا بالطاغية" " إنا لمّا طغى الماء" الحاقة 11.

وعندما نعرّف الطغيان بالمفردات النفسية والسلوكية، فأنه يعني الفعل الظالم الناجم عن فقدان الأمان.

فالطاغية يكون في موقف محكوم بخيارين، فأما المواجهة أو الفرار، وتتغلب فيه حالة المواجهة على الفرار، لأن نتيجة الفرار قاسية وصعبة وخالية من الحوافز والمسوغات ولا تحقق الرغبات.

فالمواجهة رغم صعوباتها لكنها ذات محفزات ومعززات لا محدودة، تدفع بالطاغية إلى الإمعان بسلوكه الإستبدادي حتى النهاية.

وكأنه في سباق نحو الهاوية، وكل ما يقوم به ويفكر به ويقرره، من أجل إطالة مسافة السباق وحسب.

فالطاغية ليس غبيا أو جاهلا، وإنما يتمتع بقدر متميز من الذكاء الذي يسخره لمشروع إطالة مسافة سباقه وصراعه مع الآخرين، الذين يمنحهم المواصفات والمسميات التي تبرر محقهم والفتك الفظيع بهم.

ومنبع السلوك الطاغي فقدان الأمان الداخلي، ومعظم الطغاة فقدوا هذا الشعور في طفولتهم، وصار الشك والتوجس والخوف والظن بالسوء معيار سلوكهم.

فإن كانوا في عائلة فأن سلوكهم الطغياني يتكشف، وإن كانوا في دائرة أو منصب حكومي أو سياسي سيكون تعبيرهم أوضح.

وكلما إمتلك الشخص قوة أكبر إنطلقت آلياته الدفاعية، المنبثقة من بركة عدم الشعور بالأمان المتأسنة في أعماقه.

وتبدو حالة عدم الشعور بالأمان كالدملة المملوءة بالأقياح، والتي تريد الإنفجار وإطلاق ما فيها من الصديد.

وبعض العلماء والباحثين يرى أن العلاقة قوية ما بين الشخصية السادية والطغيان البشري، وآخرون يحسبونه تعبيرا عن المشاعر الشريرة الدونية الغابية الكامنة، وغيرهم يرى أنه من إنتاج النرجسية الفاعلة في السلوك، والتي تسببت فيها الطفولة المحرومة من الأمومة والشفقة وتقدير المشاعر والأحاسيس، أو الطفولة المهملة والمنبوذة.

وفي واقع السلوك الإستبدادي أنه إستجابات لمنبهات خارجية تدركها آليات الشك والخوف والحذر، وتمعن في رد فعلها العنيف عليها، حتى أن بعضهم يتملكه الشعور بأنه يعرف أعداءه من نظراتهم وملامح وجوههم، وفي هذا إمعان بالشك والبرانويا الوهمية، التي تدفع إلى إجراءات تعسفية قاسية ومرعبة.

ولهذا فأن الطغاة يفتكون بأقرب الناس إليهم، ولا يوجد في عرفهم وفاء أو صداقة، وإنما كل الآخرين أعداء ويتحينون الفرصة للفتك بالطاغية، ولهذا فعليه أن يتغدى بهم قبل أن يكون على مائدة عشائهم.

ومن رؤى الطغيان وتفسيرات سلوكه أن البشر إذا وضع في مجاميع تتنافس على مصادر قليلة، فأن التفاعل فيما بينها سيكون فتاكا ومبررا للفظائع والمجازر والجرائم المرعبة.

وفي واقع ما يدور هو إستحضار آليات الغاب وتأكيدها، والعمل بموجبها للوصول إلى ذروة الوحشية والإفتراس الشرس للآخرين.

وما يقوم به الطغاة المعروفون من أفعال لا يمكن التصديق بها، إذا حسبناهم من البشر، ولا بد من وضعهم في خانة أخرى، ونتصور بأنهم يظهرون كالبشر، لكن سلوكهم لا يمت بصلة إلى آدميتهم أو بشريتهم، وكأنهم مخلوقات أخرى بهيأة آدمية.

فالتصرفات الوحشية الإفتراسية التي يقوم بها الطغاة العتاة، لا يمكن للخيال أن يتصورها، ولا يتمكن عقل إنساني من إستيعابها والتصديق بها، والتاريخ يزدحم بشواهدهم المروعة.

وما بقيت المجتمعات في دوامة الحاكم والمحكوم فالطغيان يدوم!!

***

د. صادق السامرائي

 

حينما كتبت الصحفية الكندية الشهيرة نعومي كلاين كتابها المعروف: عقيدة الصدمة الذي تحدثت فيه عن صعود رأسمالية الكوارث التي تقوم على استغلال كارثة سواء كانت انقلابا ام هجوما ارهابيا ام انهيارا للسوق ام حربا ام إعصارا من اجل تمرير سياسات اقتصادية واجتماعية يرفضها السكان في الحالة الطبيعية... كان تحليلها صائبا وقائما على وقائع سابقة لكن ما لم يدر في بالها ان تستخدم هذه العقيدة المدمرة ضد حلفاء الرأسمالية ذاتهم.

تقول في كتابها نقلا عن كينز عالم الاقتصاد الشهير الذي يقول: "ما من وسيلة أدق او اضمن لقلب ركيزة المجتمع القائمة غير الحط من قيمة العملة، فهذه العملية توظف كافة القوى الخفية في القانون الاقتصادي لصالح التدمير"، وهو بالفعل ما يجري في ايران وسوريا ولبنان واليمن حاليا لانها خارج اطار المحور الامريكي ومقاومة له.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا حرب العملة مع العراق؟ وهو حليف الولايات المتحدة الامريكية والذي تفتخر دائماً بانها من صنعت الديمقراطية فيه منذ إسقاط النظام عام ٢٠٠٣، هل السبب وصول حكومة السوداني وقيادات الاطار التنسيقي الذين تتهمهم امريكا بانهم موالين لإيران ام انها استكمال لستراتيجية تدمير الهلال الشيعي من طهران الى بيروت مرورا ببغداد ودمشق.

لا يمكن ان تفسر ضغوط وزارة الخزانة والبنك الفيدرالي الامريكي وإجراءاتهم القاسية الا بانه استهداف للعملة العراقية وتحضير لزلزال او تسونامي جماهيري يعصف بكل شيء برعاية وتخطيط خارجي، قد يقلب كل الموازين لا سامح الله اذا لم تنتبه الحكومة العراقية وتعمل بشكل جدي لدعم الشرائح البسيطة والمهمشة باسلوب الاشتراكية التي بادت لا باسلوب الرأسمالية التي سادت لان خيوطها بيد صانعيها ولن تجدي نفعا ولن تغني او تسمن من جوع لاحد؛ ما دام الفساد قائما في الدولة والسوق.

***

جواد العطار

في أثناءِ ثورةِ ينايرَ ازدحمَ المشهدُ بالنخبِ والساسةِ منْ كلِ الإتجهاتْ، وتصارعَ الكلَ في تجميلِ صورتهِ، أنهمْ كانوا جميعا ضحايايُ النظامَ، بما فيهمْ منْ عملٍ معَ النظامِ سرا وعلنيةً " وخرجَ علينا منْ قدمَ استقالتهُ على الهواءِ أثناء الأحداث في الميادين، منْ التنظيمِ السياسيِ للنظامِ، فقدْ عاشتْ الجماهيرَ العربيةَ البسيطةَ الحلمَ الجميلَ، واستيقظتْ منْ كابوسٍ على الواقعِ المرِ، للأننا لمْ نتعلمْ جميعا معنى كلمةِ الوطنيةِ لدينا الأنانيةُ " الأنا والأنا العليا " فالكلّ وضع صورِ الجماهيرِ في الميادينِ خلفَ صورتهِ واستعرضَ أمامَ البرامجِ " التوكْ شو " أنهُ القائدُ والمنقذُ والثوريَ والملهمَ ' ' لمْ نتعلمْ شيئا حتى منْ أعدائنا ' وبدأَ الكلُ يستعرضُ عضلاتهِ أمامَ شاشاتِ التلفزةِ. وبدأتْ وصلاتٌ منْ الردحِ والبطولاتِ الوهميةِ، وتركوا الميادينَ للصراعِ على السلطةِ والكراسيِ، والوعودُ كلُ يومِ ارفعْ رأسكَ يا أخي ولمْ يعلموا أنَ السقفَ لهُ سيفٌ سيقطعُ كلَ الرؤوسِ، وأنَ الثورةَ الفرنسيةَ ظلتْ 70 عاما حتى حكمتْ، وأنَ مزاجَ الشعوبِ مزاج متغيرٍ حسبَ الواقعِ فقبلَ شهورَ وقفِ الشعبِ الفرنسيِ أمامَ القصرِ الملكيِ في عيدِ جلوسِ الملكِ يعطي التحيةَ ويحتفلُ بجلوسهِ على العرشِ وبعدَ قيامِ الثورةِ بشهورِ وقفِ الشعبِ يهتفُ في نفسِ الميدانِ بإعدامِ الملكِ، لقدْ كثرتْ البطولاتُ الوهميةُ أمامَ قصةٍ حقيقيةٍ لرجلٍ ظهرَ في شوارعَ بيروت الغربيةِ أثناءَ الحربِ الأهليةِ وكانَ يتنقلُ في بعضِ شوارعَ بيروت متسول، رث الثيابِ، كريه الرائحةِ، وسخُ الوجهِ واليدينِ حافي القدمينِ، أشعث شعرَ الرأسُ واللحيةُ، وهوَ فوقَ ذلكَ أبكمُ (أخرس)، لمْ يكنْ يملكُ ذلكَ (المتسولَ الأخرسْ) سوى معطفْ طويلٍ أسودَ بائسٍ ممزقٍ قذرٍ يلبسهُ صيفا وشتاءً ؛ وكانَ بعضُ أهلِ بيروت يتصدقونَ على ذلكَ (المتسولَ الأخرسْ)، وكانَ عفيفٌ النفسِ إلى حدٍ كبيرٍ، وكانَ دائمٌ البسمةِ، مشرقُ الوجهِ، مؤدبا لطيفا معَ الصغيرِ والكبيرِ. لمْ يكنْ لهُ اسمٌ يعرفُ بهِ سوى: الأخرسْ... لمْ يشتكِ منهُ أحد، فلا آذى إنسانا، ولا اعتدى على أحدٍ، ولا تعرض لامرأةٍ، ولا امتدتْ يدهُ إلى مالِ غيرهِ، ولا دخل إلى بناءٍ لينامَ فيهِ، فقدْ كانَ يفترشُ الأرضَ، ويلتحفَ السماءَ. سنواتٌ كانتْ الحربُ الأهليةُ الطاحنةُ ما زالتْ مشتعلةً، وكانَ الحديثُ عنْ ظروفِ الاجتياحِ. ودخلَ الجيشُ الإسرائيليُ بيروت، واجتاحها، وعانى أهلُ بيروت منْ القصفِ الوحشيِ والقنصِ المخيفِ والقذائفِ المدمرةِ، واستغرقَ ذلكَ عدةَ أشهرٍ، بينما كانَ (المتسولُ الأخرسْ) غيرُ عابئٍ بكلِ ما يجري حولهُ، وكأنهُ يعيشُ في عالمٍ آخرَ. ولأنَ الحربَ تشبهُ يومَ القيامةِ { لكلِ امرئٍ منهمْ يومئذٍ شأنٌ يغنيهِ} فلمْ ينفعْ تنبيهُ بعضِ الناسِ (للمتسولِ الأخرسْ) عنْ خطورةِ وصولِ الجيشِ الإسرائيليِ إلى تلكَ الشوارعِ والأزقةِ التي كانَ يتجولُ فيها وينامُ على قارعتها في بيروت الغربيةِ. ومعَ اشتدادِ ضراوةِ الحربِ ووصولِ طلائعِ الجيشِ الإسرائيليِ إلى بيروت الغربيةِ يئسَ الناسُ منْ (المتسولَ الأخرسْ)، فتركوهُ لشأنهِ، ووقف بعضهمْ عندَ زوايا الطرقِ وأبوابِ الأبنيةِ يراقبونَ مصيرهُ. وتقدمتْ جحافلُ الجيشِ الإسرائيليِ واقتربتْ منْ (المتسولَ الأخرسْ) عربةً عسكريةً مصفحةً تابعةً للمهماتِ الخاصةِ، وترجلَ منها ثلاثةُ ضباطٍ، واحدا برتبةَ مقدمٍ، واثنانِ برتبة نقيبٍ، ومعهمْ خمسةُ جنودٍ، ومنْ ورائهمْ عدةُ عرباتٍ مدججةٍ بالعتادِ، مليئةً بالجنودِ. كانتْ المجموعةُ التي اقتربتْ منْ المتسولِ _ الأخرسْ يحملونَ بنادقهمْ المذخرة بالرصاصِ، ويضعونَ أصابعهمْ على الزنادِ، وهمْ يتلفتونَ بحذرِ شديدٍ. كانَ الجوُ رهيبا، مليئا بالرعبِ، والمكانُ مليءٌ بالجثثِ والقتلِ ورائحةِ الدمِ، ودخانَ البارودِ تنبعثُ منْ كلِ مكانٍ. تقدموا جميعا منْ (المتسولَ الأخرسْ)، وهوَ مستلقٍ على الأرضِ، غيرَ مبالٍ بكلِ ما يجري حولهُ، وكأنهُ يستمعُ إلى سيمفونيةِ بيتهوفنْ (القدرُ يقرعُ البابُ). وعندما صاروا على بعدَ خطوتينِ منهُ انتصبَ قائما، ورفعَ رأسهِ إلى الأعلى كمنَ يستقبلُ الموتُ سعيدا، رفعُ المقدمِ الإسرائيليِ يدهُ نحوَ رأسهِ، وأدى التحيةَ العسكريةَ (للمتسولِ الأخرسْ)، قائلاً بالعبريةِ: باسمِ جيشِ الدفاعِ الإسرائيليِ أحييكمْ سيدي الكولونيل العقيدَ وأشكركمْ على تفانيكمْ في خدمةِ إسرائيلَ، فلولاكمْ ما دخلنا بيروت! رد (المتسولَ الأخرسْ) التحيةِ بمثلها بهدوء، وعلى وجههِ ذاتِ البسمةِ اللطيفةِ، وقالَ مازحا بالعبريةِ: [ لقدْ تأخرتمْ قليلاً، وصعدَ العربةَ العسكريةَ المصفحةَ وتحركتْ العربةُ المصفحةُ وخلفها ثلاث عرباتِ مرافقةٍ، تاركةً في المكانِ كلَ أنواعِ الصدمةِ والذهولِ، وأطنانا منْ الأسئلةِ، كانَ بعضُ المثقفينَ الفلسطينيينَ ممنْ يتقنونَ العبريةُ قريبينَ منْ المكانِ، وكانوا يسمعونَ الحوارُ، وقدْ ترجموا الحوارُ، لكنهمْ عجزوا عنْ ترجمةِ وجوهِ الناسِ المصدومةِ منْ أهالي تلكَ الأحياءِ البيروتيةِ التي عاشَ فيها الجاسوسُ الإسرائيليُ المتسولُ الأخرسْ سنواتٍ ليعلمنا هذا الجاسوسِ كيفَ نعيشُ منْ أجلِ إسعادِ وأمنِ الآخرينَ، ويعلمَ كلُ العربِ التضحيةِ منْ أجلِ شعبِ بإرادتهِ سنواتٌ على الأرصفةِ متسول. وكريةُ الرائحةِ وقدْ اعترفتْ السيدةُ (لأفي) التي تولتْ حقيبةَ الخارجيةِ في إسرائيلَ أنها مارسهُ علاقاتٍ غيرَ شرعيةٍ معَ أمراءَ ومسئولينَ عربٍ وساسةٍ منْ أجلِ المصلحةِ العليا لإسرائيل أثناءَ ماكنتْ تعملَ مربيةً في فرنسا وإنجلترا في بيوتِ ساسةِ عربٍ. أثناءَ عملها في جهازِ الموساد وبررتْ ذلكَ منْ فتوى لحاخامٍ إسرائيليٍ لمصلحةِ الوطنِ ؛ وللأسفِ في أخطرِ مرحلةٍ منْ الحراكِ الثوريِ تناحرنا معَ بعضِ وأصبحنا مثل قبائلَ الأوسْ والخزرجْ نقاتل بعضنا منْ شارعٍ إلى شارعٍ لنعيشَ سنواتِ " التيهِ " باسمٍ الوطنيةِ المزيفةِ منْ قبلٌ أمراءِ الحربِ في سوريا واليمنِ وليبيا ومنْ تجارِ النهبِ والسرقةِ والخرابِ في بلدانِ الخريفِ العربيِ الذي تساقطَ أوراقهُ قبلَ دخولهِ مبيت شتويٍ طويلٍ!! "

***

بقلمً: محمدْ سعدْ عبدِ اللطيفْ - مصرَ

كاتبٌ وباحثٌ مصريٌ في الجيوسياسيةِ

 

نفير المقاومة في ظل المواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي يطغى على كل الخيارات، وصوته المجلجل أشد وطأة على كيان الاحتلال الطارئ من ثرثرة الساسة المتمترسين خلف الحلول السلمية ومخرجاتها من اتفاقيات عقيمة وعلى راسها اوسلو.

فنفير المقاومة ليس حالة طارئة ضحلة ؛ بل بئر عميقة متصلة بالتاريخ ومتخمة بالحجج القانونية والتاريخية والإنسانية وفيها ما يخطف الأبصار وينعش الضمائر ويتملك القلوب ويمنحها الاستقرار ويؤجج في أعماقها الأمل بالنصر المبين، مقابل ما تنتجه من رهاب مزمن يهز قلوب الصهاينة المتحجرة ويفند مزاعمهم الأسطورية بدءاً من حقهم المزعوم بفلسطين وأكذوبة أنهم ضحية تاريخية وأن جيشهم لا يقهر وجبهتهم الداخلية متماسكة وقد خابوا خاسرين.

فعملية كالتي نفذها الشاب الفلسطيني خيري علقم في القدس ما هي إلا رسالة مخضبة بالدماء الزكية تتضمن كل ما قلناه آنفاً. وتثبت للعالم بأنه لا يموت حق وراؤه مطالب، وبعدما يتعب الذئب من العواء الذي لا يجدي نفعاً ستباغته الهزيمة لأن صاحب الحق لا ينام على ضيم.. افلا يعقل المتغطرسون!

هذا مدخل يأتي بحجم مهابة عملية القدس الأخيرة كونها جاءت كفاتحة المواجهة مع أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفاً، والتي نفذها الشهيد خيري علقم مساء الجمعة 27 يناير الجاري في قلب الحي الاستيطاني "النبي يعقوب" شمالي القدس المحتلة، وأصاب نحو 12 شخصاً توفي 8 منهم على الفور، وعملية سلوان التي أعقبتها وتسببت بمقتل إسرائيليْن من بينهما ضابط إسرائيلي كان في إجازة، إذ تجدر الإشارة إلى السبب المباشر لحدوث العمليتين والمتعلق باجتياح مخيم جنين الأخير الذي تسبب بارتقاء 8 شهداء أبرار.. حيث اتهم جيش الاحتلال الإسرائيلي المقاومين الفلسطينيين الذين تمركزوا في إحدى البنايات "بالتورط في تخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية كبرى عديدة ضد مدنيين وجنود إسرائيليين (وفق تعبير البيان)" مع أن الشواهد تؤكد العكس تماماً، أي أن سلسلة العمليات الأخيرة كانت فردية، فعملية القدس الأخيرة خير مثال على ذلك فهي جاءت بمبادرة مستقلة من شاب حرّكه الشعور بالظلم الذي لا يكترث به العالم بمكاييله المزدوجة، على اعتبار أن الاحتلال بحد ذاته هو المحرك الرئيس للمقاومة بكل اشكالها.

هنا تكمن خطورة العمليتين وما سبقهما حيث أن جميع منفذيها لا ينضوون تحت راية أي تنظيم فلسطيني وعملياتهم ارتجالية الطابع لكنها بالمقابل محكمة التنفيذ وتنم عن طبيعة من يقف وراءها من شباب يؤمنون بقضيتهم في إطار المقاومة كخيار استراتيجي، ولا يؤمنون بالسياسة التي أجْهِظَتْ عبر عقود من التنازلات قدمتها سلطة اوسلو ما جعلها تردّ على عدوان جنين الأخير رداً جاء متأخراً؛ بوقف التنسيق الأمني المهين في سابقة يمكن احتسابها لسلطة فاشلة عودت الشعب الفلسطيني على التنازلات وخاصة أنه قرار اتخذ في ظل سلطة يمينية يقودها نتنياهو.

نعم.. العمليتان الأخيرتان وفق كل الأعراف تمثلان شكلاً من أشكال الدفاع عن الشعب الفلسطيني بعيداً عن الأجندات السياسية.

فمنذ بداية الشهر الجاري فقط، قتل ما لا يقل عن 29 فلسطينياً (بينهم مسلحون ومدنيون ) على أيدي القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

وفي العام الماضي، لقي في الضفة الغربية ما لا يقل عن 150 فلسطينياُ مصرعهم، جميعهم تقريبا بأيدي القوات الإسرائيلية.

وفي المقابل، لقي نحو 30 إسرائيلياً (مستوطنون مسلحون ومنهم جنود يقضون إجازاتهم) مصرعهم على أيدي مهاجمين فلسطينيين بواسل في سلسلة من العمليات خلال العام الماضي.

وكدأبها فقد سارعت السلطات الإسرائيلية إلى الدفع بتعزيزات أمنية وإغلاق المنطقة، كما أغلق جيش الاحتلال الحواجز العسكرية التي تربط القدس المحتلة بشمال الضفة الغربية وجنوبها.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن حكومته قررت اتخاذ إجراءات فورية ردا على هجوم القدس، وقد عقدت الحكومة اجتماع أمني مصغر،يوم أمس السبت.

وهرع وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير وتبعه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى موقع الهجوم وسط إجراءات أمنية مشددة وقد أصيبا بالذهول.

واستقبلهما جمهور إسرائيلي غاضب بهتافات "الموت للعرب" ما يعكس خوفهم من المستقبل الذي يتمنى الإسرائيليون خلوه من الفلسطينيين وقد خابت رؤيتهم العنصرية، لذلك هتفت حناجرهم محرضة الحكومة على تنفيذ خطوات انتقامية واسعة ضد الفلسطينيين، مستنكرين أن يقع هذا الهجوم خلال ولاية هذه الحكومة الأكثر تطرفاً حيث استحوذت على ثقتهم فخيبت آمال الذئب بالغنم.

من جانبه، توعد بن غفير برد قوي وبتغيير قواعد إطلاق النار لدى قوات الأمن الإسرائيلية.. أي أنه يؤمن بالمبادرة بالقتل والقصف دون إبداء الأسباب غير مدرك بأن المقاومة لديها الوسائل الممكنة لضبط الأمور وفق ساعتها.

ويرى مراقبون بأن طبيعة الرد اللإسرائيلي على المدى القصير سيتخذ طابعاً تقليديا من خلال الاقتحامات المتكررة للضفة الغربية وعلى راسها مدينتي جنين ونابلس، واعتقال الفلسطينيين والتنكيل بهم، ومنح المستوطنين هامشاً أكبر لقتل الفلسطينيين والاعتداء على أراضيهم وتوفير الحماية القضائية لهم، وربما قصف غزة وفق مبدأ تغيير قواعد الاشتباك مع المقاومة التي باتت موحدة.

أما على المدى البعيد استراتيجياً فتنفيذ أجندة نتنياهو في الضفة الغربية من خلال تقسيمها أمنيا ً وإدارياً وتهميش سلطة أوسلو .

وهذا يذكرنا بصفقة القرن التي ما تزال تعشش في عقل نتنياهو العنصري جامعاً فيها بين تسويق الاحتلال الإسرائيلي عربياً في سياق الاتفاقية الإبراهيمية وغلق ملف القضية الفلسطينية إلى الأبد تحت شعار سياسة الأمر الواقع.

وفي هذا السياق يبدو بأن حكومة نتنياهو مصابة بالعمى والصمم كونها لم تدرك بعد بأن المقاومة الفلسطينية الموحدة والمتماسكة أشد عناداً في سعيها اللحوح لانتزاع حقوق الفلسطينيين المهدورة.

***

بقلم بكر السباتين

29 يناير 2023

 

تتنكر للآيات المسطورة على جبينك، وتتحايل على المعرفة المحفورة في صدرك، وتتغافل عن القيم النبيلة التي نقشتُها على صفحة مسيرتك، وتسألني يا سيدي مفتخرا بكرسيك، ومزهوا بعباءتك السوداء الموشاة بالحزام الأخضر:

- من تكون أيها الماثل أمامي؟

فأجيبك والدمع البلوريُّ يتلألأ في عينيّ:

- أنا مواطن مغربي من الدرجة الثانية.. عفوا سيدي؛ ما أنا إلا متهم.

تحك رأسك الصلعاء وتتمايل في كرسيك، ثم..ثم تسترسل في بسط أسئلتك المسكوكة المكرورة:

- أنت متهم بإهانة موظف أثناء مزاولة عمله و..

- عفوا سيدي القاضي، كيف تتهمني بالإهانة وأنت تعلم، والله أعلم إن كنت تعلم فنسيت، أني منذ ولدت وأنا أرتع في الإهانة.. بل في الإهانات.

تنظر إلى زملائك الرابضين جانبيك، فتسألني مستوضحا:

- فصّل كلامك على قدر المقاسات المتاحة لك.

وأجيبك مفصلا:

- أهنت منذ ولدتُ في بقعة هامشية معدومة من كل شيء: أهنت في كرامتي لأن لا بيت يأويني، وفي المدرسة لأن البرد القارس والمطر الموجع يفترسانني، وفي الشارع لأن إسفلته أكل قدميّ الحافيتين، وفي المقاطعة والجماعة والمستشفى.. لأني لم أجد من يعطيني هوية محددة، ولا اسما يليق بي؛ فسميتُ نفسي، منذ نعومة أظافري، مواطنا من الدرجة الثانية..

- ولكنك درست ونجحت، والآن صرت أستاذا..!

- وهذه خطيئتي يا سيدي؛ لأني اخترت أن أكون أستاذا مربيا للأجيال..

- وما يضيرك في هذه المهنة الشريفة.. مهنة الأنبياء والرسل؟

تذرف عيناي مجددا، وأجيب بحيرة:

- كانت مهنة شريفة حين كان المجتمع يشرف صاحبها، ومهنة الأنبياء والرسل حينما كان صاحبها يحترفها دون خوف من الرفس والسحل والسباب والسجن..

- لا أحد حملك على ارتكاب هذه الأفعال والسلوكيات المنسوبة إليك..

- كلا سيدي القاضي؛ بل حملتني الكرامة على الخروج إلى الشارع، وعبوره طولا وعرضا في سبيل كرامتي..

- نحن هنا لسنا في مقام سماع تأوهاتك وشكواك..

- نعم سيدي، لا وقت لديكم ولا سعة صدر لتسمعوا شكواي، ولكنّ ورائي قوما آخرين يتعذبون كما أتعذب، ويقاسمونني همومي وتوجعاتي..

- لا شأن لنا بهم.. قل لنا رأيك في ما نسب إليك.

- إني حزين سيدي: حزين على نكرانك جميل من علمك وثقفك حتى بلغت ذاك المقام.. حزين على وقوفي أعزل ذليلا أمامكم.. حزين على أن حبي لهذا الوطن انقلب إلى معاناة أبدية.. حزين على أني أعلم وأربي أجيالا تحاكمني..

- أنت قمت بواجبك، وأنا سأقوم بواجبي تجاهك خدمة لهذا الوطن؛ ألست أنت من ربيتنا على القيام بالواجب مهما كانت الظروف التي قد تمنعنا من تأدية الأمانة؟

لما تجرعت مسامعي هذه الكلمات قلت في خلدي سأحتج، سأثور، سأتمرد؛ وسأتوج، أخيرا، احتجاجي وثورتي وتمردي بالصمت. لذلك ألزمت الصمت مدة طويلة ظل خلالها القاضي يدق المائدة المستطيلة بقلمه، ولما استبد به الانتظار أخذ يمج كلماته كالشهب:

- خلصت المحكمة الموقرة، محكمة الأرض، أن المتهم لم يستطع الدفاع عن نفسه أمام التهم الموجهة إليه، ومن ثم، سنخوض في المداولات..

لم أسطع الصمت أمام عجلة هذا القاضي، لهذا سأتحدث وسأقول ما يتلظى به قلبي:

- سيدي القاضي، قبل أن تخوضوا مداولاتكم فإني أعرف أحكامكم يا أهل الفناء.. فلئن كان حكمكم قاسيا فإني سأضعه إكليلا على رأسي ليبقى شهادة للأجيال الآتية على أني حكمت ظلما، وأن تهمتي هي أني اخترت الأستاذية، ومحاربة الجهل والظلم والإهانة، وغرس العلم والعدل والكرامة..

توقفت حتى ألملم شتات كلماتي، ثم تابعت:

- وليعلم الجميع أن لي في الأنبياء والرسل، وفي سقراط أسوةً حسنةً؛ لذلك، فلتسمعوا وتعوا، وإن وعيتم فانتفعوا: فالمحن والإحن التي تنزل على رؤوس الحكماء والأنبياء هي الإكليل الذي يتوج مسيرتهم..

جمع القاضي أوراقه متعجلا، وتوجه نحو باب خلفي ورفاقه خلفه يجرون ذيول أثوابهم الفضفاضة. أما أنا ومن آزرني من المعذبين في الأرض، فإني بقيت أعد الدقائق التي قضتها الهيئة في مداولاتها، وبعد كل دقيقة تمر أخمن في مصيري.

ها هي الهيئة الموقرة تخرج، وها هم أعضاؤها يطلون علينا بوجوه مقطبة واجمة، وكل واحد منهم يتأبط أوراقا مبللة بحيرته، وبعدما جلسوا ووقفتُ، وبسطوا أوراقهم أمامهم وبسطتُ يدي على قفص الاتهام، قال القاضي:

- بعدما تداولت هيئة المحكمة الموقرة التهم الموجهة إلى المتهم "مربي الأجيال" أو "مواطن من الدرجة الثانية" كما سمى نفسه، خلصتْ إلى الحكم النهائي: سنة سجنا موقوفة التنفيذ.

بلغت صدمتي منتهاها، وأخذت أنظر إلى الحاضرين نظرات الاستغراب والضعف، فعلمت أني ضعيف أمام الجلاد، وأن في نفسي كلاما كثيرا لم ولن أقوله، ولكني رددت بصوت مرتفع:

- عند محكمة الله تلتقي الخصوم، و"يا ويل لقاضي الأرض من قاضي السماء".. ثم غادرت المكان منكسرا لا أدري الوجهة التي أقصدها.

***

محمد الورداشي

 

في الماضي كان الشعراء خصوصا والكتاب من المثقفين عموما يحاولون إيصال أشعارهم وأفكارهم للناس ويخافون عليها من الضياع والسرقة مع حاجتهم للشهرة وهامش ربح بسيط من بيعها فيقومون بطباعتها على شكل دواوين أو مجاميع أو غيرها وفيهم من يطبع على نفقة جهات رسمية وهناك من يطبع على حسابه الخاص وفيهم من يستدين مبلغ الطباعة على أمل الوفاء من مردود البيع وذلك بسبب عدم وجود نوافذ يطل منها الكاتب على القراء عدا الصحف والمجلات وهي قليلة جدا ولا تنشر إلا ضمن مقاسات معينة وكان لهم في ذلك بعض العذر .. لكن الآن ماعذرهم ووسائل التواصل الاجتماعي تطرح يوميا ما يعادل عشرات الأطنان من الغث والسمين على صفحاتها وتحول جراء هذا الكرم الفيسبوكي (الكرعه وام الشعر) إلى شعراء وروائيين وقصاصيين ونقاد ومحللين و (كل حاجة) وأصبحت وسائل التواصل نفسها تشكو ليس شحة القراء إنما ندرتهم إضافة الى أن لا مردود مالي للمطبوع بسبب عدم وجود من يشتريه واتذكر قبل عام كنت متواجدا في مقر مؤسسة ثقافية للطباعة والنشر وكان هناك حفل توقيع مطبوع لإحدى الكاتبات لكني لاحظت مظاهر فرح وحلوى واغاني وعصائر وكرم واضح في التوزيع على الحاضرين وبدلا من نسخة من المطبوع تحمل توقيعها المبارك نفحت كل شخص من الحضور بنسختين لكن أحد الحاضرين ويبدو أنه قد تمرس بحضور هكذا افراح رفع صوته مطالبا صاحبة المطبوع ب (لفات كباب) لأنه وقت غداء والحلويات والعصائر لا تسد الجوع فكلفت من يعد الحضور وأرسلت امها التي كانت معها لجلب المطلوب وهي مسرورة بذلك وبعد استلام حصته من الكباب إضافة للحلوى والعصائر كتب أحد (العظامة) على النسخة الثانية التي كانت بدون توقيع .. (هدية مع الكباب والجكليت والعصير) فتسائلت مع نفسي من اين يأتي الكتاب الحقيقيون بالمال الذي يغطي كلفة حفل التوقيع الذي يحتاج إلى كباب وحلوى إذا كانوا لا يملكون من حطام الدنيا شيئا ؟) وكم حاولت إقناع نفسي بأن ديوان الشعر أو الرواية أو المجموعة القصصية المعمد بالكباب والحلوى تكون قراءته ألذ ويسهل هظمه لكني فشلت بعدما رأيتهم وضعوا في بطونهم الكباب وحملوا في جيبوبهم (الجكليت) وتركوا نسخ المطبوع على الكراسي .

***

راضي المترفي

هذه الكلمات فسرت بأساليب متعددة، وما ترجمت بصيغة عملية، وحسبها الكثيرون أنها جوهر الديمقراطية كما يتصورونها، مع أنها ترجمت بوضوح منذ دولة المدينة وحتى قيام الدولة الأموية، ففي زمن حكومة المدينة، وفترة الخلفاء الراشدين، مضى الحكم على مبادئ الإستشارة، فكان القادة يستشيرون ذوي الدراية والعلم والمعرفة قبل إتخاذ القرار.

فالنبي كان يستشير، وكذلك أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فهم يقررون بموجب ما يتوفر لديهم من إستشارات ورؤى وتصورات.

أي أن الأمة ترجمت "وأمرهم شورى" على أنها "الحاكم المُستشير"، وهي صيغة حكم مُثلى، إنتهجتها في الزمن المعاصر الدول الديمقراطية.

فبالرغم من وجود مجالس نيابية منتخبة، ولكل عضو فيها دائرة إستشارية، وفي المجالس لجان تخصصية تدلي برأيها وتوصياتها، فأن لكل حاكم في هذه الدول مؤسسات إستشارية، وطاقم إستشاري مستنير ومتعمق في القضايا على مائدة التداول.

فحكام الدول المعاصر أشخاص يستشارون، ويعبرون عن خلاصات الدراسات والبحوث والإستنتاجات المتمخضة من المراكز الإستشارية بأنواعها.

وفي مجتمعات الأمة ودولها، أغفلنا جوهرها، وحولناها إلى خيال أو سراب نطارده دون جدوى، ولهذا ترانا نتحدث عن الشيئ ونأتي بما يناقضه لأننا نجهله.

فالديمقراطية تحولت في ديارنا إلى دمقراطية، وأصابت مجتمعاتنا بمقتل، لأميتنا بجوهرها وصيغها وأساليبها ومغزاها.

فحسبناها صناديق إقتراع نفرز أصواتها، ونتقاتل بعدها، ونتهم بعضنا البعض بالتزوير.

وما أفلحنا، بل دحرجنا دولنا إلى ما بعد الوراء بسنين وسنين!!

فهل من مُشير ومُستشير؟!!.

***

د. صادق السامرائي

قلت منذ زمان وكتبت قبل ايام انهم سيبقون يتباكون على ضياع الفريسة.. كاتب هذه السطور يعرفهم جيدا ومن كان يستند في تحركاته ونشاطه السياسي على قوة السلطة القاهرة حين كان يحكم مستعملا كل الاساليب المتناقضة جوهرا وموضوعا مع منظومة قيم الأخلاق لا تستغرب منه في أي لحظة الخروج عن سباق المنطق والذهاب سريعا إلى قانون الغاب.. هذا الاسلوب تعرفه جيداً الضباع التي تمزج في خططها للانقضاض على الفريسة في الزمن والمكان المناسبين.. لا تستطيع الضباع الذهاب بخطتها الممنهجة وتحقيق هدفها ألا بالمزج بين التكتيك والاستراتيجا مستلهمة هذا النهج الافتراسي من طبيعة الحياة والعقيدة السياسية للاحزاب الفاشية….

للأسف، ضاعت البوصلة وصار الاخوان يبحثون عن الحجج الواهية لتبرير عشرية حكمهم السوداء… لكن حركة التاريخ لها احكامها…

ما يحدث الآن في تونس المثخنة بالجراحات والانكسارات يجعل المتايع للاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية وما تتخللها من تداعيات وصراعات بين اطراف متنازعة ومختلفة واحيانا متناقضة فكرا ونهجا ورؤيا.. هذه الاطراف الحاملة لمشاريع سياسية واجتماعية متناقضة لا تستطيع ان

تتقاطع في أي مسالة لأن التناقض والصراع جوهري ويمس الآسس الفكرية والايديولوجية المحددة لطبيعة أي مشروع سياسي واحتماعي لهذا الطرف أو ذلك.. يمينا أو يسارا…لا يخفى لا أحد ان الصراع المحتدم بين الأطراف السياسية والاجتماعية والحقوقية والنقابية في تونس الراهنة مرده كما اسلفنا سابقا هو الإختلاف الجوهري بين اطراف الصراع .. الحكم من جهة والمعارضة من الجهة المقابلة… والملفت في هذه المسالة ان كل طرف له مبرراته ومشروعيته الفكرية والسياسية مثلما يقول قادة هذا المعسكر أو ذلك…..

ما ينتظره التونسيون الآن وليس غداً هو الخروج من ظلام المرحلة باخف الاضرار والذهاب بالبلاد إلى بر الامان بعيدا عن شعبوية الخطاب السياسي لكل الاطراف والجلوس إلى طاولة الحوار العميق حول كل القضايا العالقة والتاسيس الفعلي للدولة الديمقراطية بافقها الاجتماعي ودستورها المكرس للحقوق والحريات وعلوية القانون والسيادة الوطنية بعيدا عن المحاصصات الحزبية…

إن المخاض في دلالاته الرمزية في اللغة والثقافة والفنون على اختلاف الشعوب والحضارات والأديان.

هو المعبر الحقيقي عن الولادة وعسر خروج الوليد من رحم الأم الى الدنبا والعالم.. في عالم السياسة يكون المخاض هو الجسر الذي تعبره الحشود ،فرادى وجماعات للخروج من ضفة الياس الى ضفة الأمل وتأسيس مرحلة جديدة قوامها التحرر والإنعتاق وتركيز دولة الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية وعلوية القانون والسيادة الوطنية والقطع مع أي مشروع سياسي يدعو الى الشمولية والاستبداد والإستغلال..

تونس الراهنة. المكتوية بالجراحات والانتكاسات والخيبات والخيانات، ليس لها من سبيل للخروج من مسار الانحدار الكبير سوى التوحد حول مشروع سياسي واجتماعي واقتصادي يلتف حوله الشعب

بكل اطيافه السياسية والمدنية وتعبيراته الفكرية والفنية والاكاديمية لفرض هذا المشروع الديمقراطي الحقوقي والاجتماعي والثقافي التنويري....

هذا المشروع لا مكان فيه لخصوم الحرية والمساواة

والعدالة الاجتماعية والتقدم والتنوير الثقافي..

- كاتب صحفي مهتم بقضايا التنمية والمواطنة

والنزاعات والصراعات الإقليمية والدولية.

***

البشير عبيد / تونس

الفقراء في بعض المجتمعات يعيشون ويموتون مثل حياة الجاموس البري الافريقي. يركض من لحظة نزوله من بطن امه هربا من المفترسات ولحين موته على ايدي المفترسات، متحولاً الى وجبة طعام كبيرة.

يشرب الماء وهو مرعوب ويأكل وهو مرعوب ويقضي يومه راكضاً من مكان الى مكان خوفاً من القتَلَة المتربصين.

لا يحق له الموت بهدوء وعلى فراشه، وليس له الحق في تقاعد مريح واسترخاء في نهاية العمر، بل يستمر في الركض والخوف وبمجرد ان يضعف او يمرض او يتقدم في السن ويعجز عن الفرار، يتحول الى وليمة.

الفقير مثله مثل الجاموس البري، يكون مطارداً من قبل كل العالم، الكل تقف ضده وتحمله مسؤولية اوضاعه المتردية مع انه في الغالب ضحية اوضاع لاقدرة له التحكم فيها.

شاهدنا عجائز، نساء ورجال، وهم يتجولون بصعوبة لبيع سلع بسيطة على المارة ووجوههم مرهقة ونظراتهم زائغة.

شاهدنا اطفالاً صغاراً وهم يعملون باعمال صعبة لاعالة عوائلهم.

نساء ارامل وعوائل كبيرة بلا معيل وشباب يبحثون عن فرصة عمل شريف وخريجين لايعرفون سوى الدولة لتوفير وظيفة.

انهم اشخاص يشعرون بانهم مطاردون دائماً ولايستطيعون التوقف عن الركض في كل الاتجاهات بحثاً عن سبيل النجاة ولكن دون جدوى.

حمّال عمره تجاوز السبعين، وحمّال آخر يحمل عدة شهادات واطفال يحضّرون واجباتهم المدرسية وهم يبيعون سلعة ما على الرصيف ..

انهم يعيشون في عالم الجواميس السفلي حيث لايشعر بهم أحد.

الحجة القوية التي يستخدمها الاشخاص المُغرِضون لتبرير اهمال هؤلاء الفقراء هي، اننا في العراق الحالي، نعيش في مجتمع رأسمالي حيث التفاوت الطبقي والتشرد هي من مظاهر الاقتصادات الرأسمالية !!!

المستفيدون يرفعون عالياً هذا الشعار للتخلص من المسؤولية والانصراف الى عمليات النهب المنهجي.

انهم يتناسون او لعلهم يجهلون، ان الرأسمالية لم تنتج فقط التفاوت الطبقي والتشرد، بل انتجت اعظم اقتصاديات واعظم اختراعات وتكنولوجيا واعلى مستويات المعيشة.

***

د. صلاح حزام

 

الذين يتهمون التأريخ العربي بالدموية والوحشية، يجهلون أو يتجاهلون حقائق موضوعية سلوكية لها علاقة بالبشر منذ الأزل.

ومنها أن السلطة في المجتمعات البشرية تخضع لقوانين الغاب، ولم تتمكن من تهذيبها إلا بعد الثورة الفرنسية في الربع الأخير من القرن الثامن عشر.

ومنذ ذلك الوقت والبشرية تسعى للتحرر من شرائع الغاب الكرسوية، ولا زال العديد منها في قبضتها.

وعندما نقرأ التأريخ العربي في وعائه المكاني والزماني، نجده أكثر إشراقا ونصوعا من سلوكيات الأمم الأخرى آنذاك.

فالعرب أقل دموية ووحشية من شعوب الدنيا الأخرى، وما قتله العرب من البشر العربي وغير العربي، لا يمكن مقارنته بما قتلته وأبادته شعوب أخرى من بعضها البعض.

فتجدنا نتحدث عن حرب داحس والغبراء، وهي بين بضعة قبائل وإستمرت لأربعين سنة في ذلك الزمان، وأخمدها حكيمان عربيان خلدهما زهير بن أبي سلمى في معلقته المشهورة، التي فيها خلاصة الموقف العربي من الحرب.

بينما حرب المئة عام (1337 - 1453) بين فرنسا وإنكلترا، والتي دامت (116)، لا يتحدثون عنها، وحرب داحس والغبراء التي حصلت قبل (1500) سنة، وقتِل فيها بضعة عشرات أو مئات، لا زلنا نتكلم عنها، ونحسبها مثلبة سلوكية عربية وتمثل الطبع العربي.

وهذا مَثل من القراءات الغير موضوعية للتأريخ، والإنجراف نحو السلوك الصَدَوي، الذي يُراد لنا القيام به لتمرير إرادة الطامعين بالأمة.

فتجد العديد من المغفلين يتكلمون بلغة عدوانية عن العرب، ويغضون الطرف عن مساوئ الآخرين، ويحسبون تأريخ الأمم والشعوب الأخرى ملائكي، وتأريخنا شيطاني، ومترع بالشرور.

أنظروا ما يجري في الزمن المعاصر، وما يُكتب عنه بمداد اليأس والإحباط والإنكسار، والتدمير الذاتي والموضوعي، فيقدمونه على أن شعوب الأرض لم تشهد حروبا أهلية، ولا طائفية ولا عنصرية، بينما القرن العشرون يزخر بالملايين التي أبيدت في الحروب الأهلية، إذ قتلت (54) مليون من البشر في العديد من شعوب العالم، وفي الحربين العالميتين قُتِل (75) مليون إنسان!!

وما تقدم ليس تبريرا لما جرى ويجري في مجتمعاتنا، وإنما لتوضيح الصورة، فعلينا أن نعيد النظر بقراءاتنا المنحرفة لتأريخنا!!

***

د. صادق السامرائي

 

 

القوة تطورت مع الزمن من الحجارة والعصا إلى الأدوات الحادة كالسكين والسيف والسهم، وغيرها مما يتوفر في الطبيعة من أدوات تستعمل للنيل من الآخر.

وأصبحنا في عصر بلغت فيه مفردات القوة متنوعة، وفاقت التصورات بقدراتها التدميرية الهائلة الفتاكة، وإتجهت الدول القوية لزيادة خسائر الهدف وتقليل خسائرها، لكي تضمن النصر الساحق على أعدائها أو لمحقهم.

وفي القرن الحادي والعشرين وصلت وسائل التعبير عن القوة ذروتها، وإنطلقت في ميادين ذات تأثيرات مروعة، فأصبحت التفاعلات عبارة عن ألعاب إليكترونية يتحقق تأثيرها بمداعبة أزرار.

ومع هذا التقدم المتسارع في تنمية القوة التدميرية، توجهت العديد من القوى إلى إستعمال الكلمة وإنتبهت إلى قدرتها التدميرية، التي تحيل الهدف إلى عصف مأكول بإرادة عناصره، خصوصا بعد توفر وسائل التواصل السريعة وسهولة إيصال المعلومة إلى الناس، وفقا لآليات وضوابط تضليلية مخادعة تتمكن من إيقاعهم في حبائلها.

وبموجب ذلك أصبحت الكلمة من أسلحة التدمير الشامل التي تبيد مجتمعات، وتقضي على أمم بدون ضجيج ولا خسائر تذكر من القوة المستهدفة لها، فيتم العمل على زعزعة الهدف بذاته وموضوعه وهويته ولغته وثوابته الروحية وبمعتقداته، وتحويله إلى كينونات متصارعة متماحقة، حتى تتآكل مصادر القوة فيه وينتهي كالعروش الخاوية، فيتم إحراقها بسهولة وتحويلها إلى رماد.

وأمتنا مستهدفة وبشراسة بالكلمة، فيروَّج لما يعادي لغة الضاد، ويهين المرتكزات الأخلاقية، ويعزز الشعور بالدونية والتخلف والإمعان بمحق ذات الأمة، وتجد هذه التوجهات العدوانية الناعمة تتسرب إلى وعي الناس، ويتداولها المغفلون فتؤثر على سلوكهم ومواقفهم وهم لا يشعرون، لأنها تقدَم بآليات مدروسة ووفقا لنظريات نفسية وسلوكية تخاطب العواطف والغرائز وتؤجج الإنفعالات وتعطل العقول.

وبموجب ما يدور في الواقع التواصلي بين الناس، فأن التفاعل العقلي تضاءل والتصارع الإنفعالي المشحون بالعواطف السلبية يتنامى، مما تسبب بتداعيات متراكمة ومتوالدة، أبعدت الناس عن التحديات التي تواجههم وألقت بهم في أتون الإبادة الذاتية والموضوعية.

فهل لنا أن نستيقظ ونأخذ الكلمة محمل الجد ونرى ما رواء السطور؟!!

***

د. صادق السامرائي

6\12\2020

 

شكّل دورة خليجي 25 التي أقيمت في مدينة البصرة جنوب العراق نقطة تحول مهمة في علاقة العراق مع جيرانه، وتحديداً دول الخليج التي تنظر إلى العراق بترقب في خطوات التحول الديمقراطي، فكانت نقطة الالتقاء المهمة في التقارب بينهما، وعكس الصورة الحقيقية للوضع السياسي للبلاد، لذلك ربما كانت "كرة القدم" هي الوسائل التي عبر فيها العراق عن رسالته نحو جواره الإقليمي، والدولي إلى حد ما، وهذا ما شكّل بداية لتحول في السياسية المنتهجة في التعامل مع مختلف القضايا المصيرية والتي ترتبط بالعراق وجيرانه، بالمقابل تغيرّت نظرة العرب ودول الخليج نحو العراق، لتكون نقطة انطلاق جديدة في الرؤية المستقبلية بين العراق وجيرانه.

تحوّل العراق نحو السوق الأوربية وتحديداً ألمانيا وعقد الشراكة بين العراق وشركة"CEMENS" المتعدد الأغراض أعطى دفعة قوية للعراق في ضرورة تسخير طاقاته وخيراته والظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم من أجل البدء بنهضة تنموية تشكل جميع القطاعات وفي مقدمتها قطاعات الكهرباء والصحة والبنى التحتية للبلاد، وعلى الرغم على الرغم من التعهدات التي أطلقتها الولايات المتحدة تجاه العراق، بحماية أمنه واقتصاده منذ اجتياحه عام 2003، وتوقيعها ورقة الاتفاق الاستراتيجي بين البلدين، إلا أن مؤشرات هذا الدعم مفقودة تماماً على الأرض، فلا نجد أي دلائل للدعم في تبني البناء والأعمار للبنى التحتية أو المشاريع الكبرى، أو دعم مأسسة الحكومة وحماية المال العام من السرقة، وبقيت كل هذه الوعود والتعهدات حبرا على ورق، ولم تصل إلى درجة التطبيق بسبب السياسية الأمريكية المنتهجة تجاه العراق.

بات من الضروري على حكومة السيد محمد شياع السوداني أستثمار حالة الصخب والصراع بين القوى العالمية، في البدء وسريعاً بعقد الاتفاقات التي من شانها تطوير البنى التحتية لمؤسسات العراق، وفق مبدأ المصلحة الوطنية للبلاد، وفتح قنوات تواصل مع باقي الشركات العالمية، التي تعمل في مجال البناء والإنشاء والبنى التحتية، مع الحفاظ على التوازن في بين واشنطن وبين هذه الشركات، وبما يعزز الشراكة المتوازنة من جانب، والانفتاح من جانب آخر، وبالتالي تحقيق الشراكة مع الجميع والسيطرة على الاقتصاد العراق داخلياً وفق منهج مدروس وواقعي فعال..

بعكس ذلك فستبقى حكومة السيد السوداني ومن خلفها البلد، رهينة لرغبات دول أخرى، وسياسات ومصالح تلك الدول، .. بل عرضة للإسقاط في أي لحظة، لان تلك الدول تبحث عن مصالحها لا مصلحة العراق وشعبه.. وفي مقدمة تلك الدولة امريكا، وهي دولة ليست التي يستهان بها وبتأثيرها الاقتصادي أو السياسي، خصوصا في وضع دولة مثل العراق ما زالت لم تستقر سياسياً وأقتصادياً.

***

محمد حسن الساعدي

من المسلمات التي يؤمن بها المسلم والتي ينقاد لها الإنسان على وجه الأرض وفي جميع العصور ضمن تطورات العقل البشري وتعقيدات حياته ومعتقداته وخصوصا المسلم الذي يؤمن بالكتاب المقدس الذي نزل على خاتم الأنبياء والرسل سيدنا محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه (القرآن الكريم) والمصحف والكتاب المبين والذكر الحكيم كامتداد لكل التعاليم التي سبقته كمصدر للتشريع الألهي لبني البشر بآياته وتعاليمه الخاتمة للبشرية حتى قيام الساعة بآيات بينات لا ريب فيها هدى للمتقين المعتقدين بالله تعالى خالق الكون ومخلوقاته تسليما وانقيادا لتعاليم هذا المصحف ومنزله الله تعالى والإيمان المطلق بربوبيته وألوهيته منذ آدم عليه السلام وحتى نبينا المصطفى محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه لجميع سكان الأرض من الجن والأنس والملائكة وجميع مخلوقاته المحسوسة والغير محسوسة وأن هذا الكتاب مرسل ونذير وبشير ومبلغ للبشر من قبل خالق الأكوان والمخلوقات فلا يمكن إلا أن يكون عارف بطبيعة وعقلية وتفكير مخلوقاته وخصوصا البشر الذي خلقه على قدر عال من الفهم والإدراك الواعي المميز بجوهرة العقل المفضل به على جميع المخلوقات ومنظم حياته ومسير الطبيعة بقدرته ونظامه وحفظه وأسلوب أدارته فقد نزل هذا الكتاب فيه تبيان لكل شيء يحتاج له البشر والمجتمع وفق أطار العقل البشري وفهمه وحسب ديمومته في الحياة على الكرة الأرضية وهو المنهل الذي يفيض على الإنسان بالمعرفة والعلم والأخلاق وتنظيم حياة الفرد فكل الأمم تستطيع أن تنهل من هذا القرآن الكريم ما تحتاجه في حياتها اليومية إذا استطاعت فهم وإدراك ما فيه من تعاليم وشرائع وطريق مستقيم للهداية نحو الحق بعقل سليم متفتح واعي متجرد من الفوقية والعناد والسفسطة وال (أنا) والكفر بنعم الخالق ومواهبه على البشرية بغض النظر عن الجنس والألوان والمكان والزمان والأقوام .

وبما أن الإنسان متطور في حياته وأسلوب العيش في مجتمعه وحدود عقله على ضوء عصره ومكانه فلا يستعجل في الكمال لفهم النظرية السماوية والإدعاء بعلمه المطلق الكامل  بما جاء بها ويفرض على نفسه وعقله القاصر وعلى غيره أمام التطور الفكري للإنسان وأسلوب العيش وختم معرفته بها نهائيا وإجبار الآخرين على عدم الخوض في الولوج إلى عمق فهم هذه النظرية والبحث والتنقيب والأخذ منها بما يفيد عصره ومكانه حيث أن الله تعالى أراد من خلقه العمل والتفكير والتفكر والبحث في رسالته بآياتها كمصدر تنظيم حياتي للعيش في المجتمعات المتفرقة في عوالم الله تعالى . فالأجيال تتطور في كل فترة زمنية بعقلها ومفاهيم حياتها وتعاملاتها مع أبناء جنسها أو الطبيعة التي تعيش معها ضمن الرقعة الجغرافية التي خلقها الله تعالى فالقرآن الكريم متجدد بفهم آياته فالأجيال تتطور في كل فترة بعقلها ومفاهيم حياتها وتعاملاتها   فأن القرآن متجدد بفهم آياته ومرادها ومعرفة كيفية أدارة الحياة البشرية المتطورة والمتجددة بمنهاج فكري نظري حي فلا يحق لأي إنسان أن يحتكر أو يفرض أسلوب تفسير والمعرفة المطلقة لهذا الكتاب المقدس (القرآن الكريم) من قبل رجال الدين حصرا بزمن معين الماضي منه والقادم والإصرار على تسويقها للآخرين على أنها الأفضل والشاملة  وفرض علمه ومعرفته بهذه النظرية وتفسير ما جاء بها وفق عقله وعدم المساس بها وغلق باب الخوض والبحث والنقاش من جديد على ضوء تطورات الزمن والمجتمع وتغيير نمط حياة الإنسان الجديد المعاصر بفكره وعقله وأسلوب حياته واتهام الآخرين  المجددين والباحثين عن الحقيقة أنهم خارجين عن الدين ومارقين وتكفيرهم أو تفسيقهم علما أن الله تعالى حي يخاطب الأحياء من عباده وخلقه فلا يمكن إلا أن يكون هذا الكتاب المقدس حي متطور حسب المكان والزمان ما عدى المحرمات البينات التي لا لبس فيها المذكورة في آياته والباقي هي نظم الحياة اليومية الاجتماعية للأمم جميعا في كيفية التعايش والتعامل مع بعضها البعض بأسلوب حضاري يرتقي إلى عظمة الخالق والمخلوق فالقرآن الكريم هو المنهل العلمي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والفكري والسياسي الشامل الكامل الصالح لكل المجتمعات والأزمنة فعلى رجال الدين والمؤسسات الفكرية الدينية أن تفسح المجال أمام الخوض المتجدد العلمي الواعي والبحث في الموروث الفكري والتراثي العربي الإسلامي لمواكبة تطورات العصر في حدود الثوابت للعقيدة والإيمان والشرائع المنصوص عليها في القرآن بدون تشدد وتعصب للموروث والتراث الفكري القديم بل يجب فسح مساحة خصبة للنقاش والحوار المتمدن والمتفهم الواعي الذي يوازي تطور الإنسان الفكري والحياتي المنقاد لتطورات العصر الحديث وأدواته.

***

ضياء محسن الاسدي

السريالية: إتجاه معاصر في الفن والأدب يذهب إلى ما فوق الواقع، ويعول خاصة على إبراز الأحوال اللا شعورية.

قال صديقي مهاتفا: لا أقرأ ما يكتبون، فالكتابة صارت سريالية!!

قلت: وماذا تقصد

قال: لا يمكنك أن تعرف عمّاذا يتحدثون...أ يريدون القارئ أن يكتشف ما يقصدون، هذه كتابة سريالية!!

المعروف أن السريالية مدرسة في الرسم، وتسربت إلى شعر العرب وإمتدت إلى ما يكتبون، تحت ذرائع غريبة كالرمز والغموض والتمويه، وغيرها من أساليب عدم الوضوح والإبهام الإبداعي، الذي يسمونه كما تقتضيه أبجديات الأمية الإبداعية الفائقة الحضور.

وفي المجتمعات المتقدمة لن تنشر الصحف موضوعا إن إختفى فيه الوضوح، والقدرة على وضع الفكرة في كلمات دالة عليها بسهولة ومباشرة، وكم يعاني الكاتب من الأخذ والرد مع المحررين حتى تستقيم عبارات المقال أو الدراسة.

هذه العبارة مبهمة!!

هذه المفردة تعطي معنى آخر!!

الفكرة غير مترابطة!!

لابد من إعادة سباكة المقال!!

وغيرها من الملاحظات التي تبني مهارة التفاعل مع القارئ، فلا ينشرون المبهم الغامض، لأنه سيتسبب بالعزوف عن الصحيفة، ووصفها بالتيهان وعدم القدرة على التعبير عن الفحوى، ولم يهضم صاحب المقال الفكرة التي يتناولها، أو لم يدرسها بعمق ومراجعة بحثية جيدة.

إحترت مع صديقي الفنان المثقف الموسوعي، وكيف أواجه إستياءه مما ينتشر في الصحف والمواقع وحتى في الكتب.

- أ تتصور يمكنني أن أقرأ كتابا؟!!

- إن المنشور غثيث!!

- يا صديقي علينا أن نقرأ، وبدون "إقرأ"، لا وجود لحياة إنسانية!!

- نعم .. ولكن لا وجود لما يستحق القراءة!!

- لا أظنك لا تقرأ !!

- أقرأ ما كُتب في القرن العشرين!!

- ما عدتُ قادرا على المحاورة مع صديقي، لكنه جعلني أغرق في دوامة تساؤلات!!

- فهل من مجيب؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

غداً ستاتي العاصفة ويكون الجميع على مقربة من الخراب الذي اسس له " اقطاب "من عاشقي السلطة والمتيمين ببهرج الحكم وامتيازاته على مستويات النفوذ المالي والسياسي والتوغل في تفاصيل التفاصيل للدولة التي كادت أن تنهار في لحظات فارقة من تاريخ هذه البلاد المنهوبة والمغدورة من ابناءها والمستهدفة من اعداءها...

بيت القصيد في هذا الموضوع ان المارقين على القانون من مافيات التهريب والمال الهارب من الجباية والمشتغلين بالسياسة صدفة أو عبر استهداف العملية السياسية بتشويه صورتها لدى الشعب الكادح الباحث عن لقمة الخبز في عز الظهيرة وفي الصقيع البارد،هنا وهنا، في كل تخوم العاصمة والمدن الكبرى والقرى والارياف المنسية...

أن عملية خلط الاوراق بدهاء نادر ومكر لا مثيل له، جعل اللعب على الحبال في المشهد السياسي التونسي المراوح بين الياس والأمل هو المسيطر بإمتياز وصاحب المبادرة لتغيير قواعد اللعبة تبعاً لتموقع هذا أو ذلك من أصحاب النفوذ المالي وتداخله مع عالم السياسة الذي صار واضحا لدى الجميع اقترابه الفعلي من عالم الدعارة....

في السياسة ليس هناك نوايا فقط..بل برامج ورؤى وتكتيك واستراتيجيا...دون أن ننسى الدهاء والمكر  واستبلاه العقول والضحك على الذقون في وضح النهار وفي دجى الليل....لكن غاب عن هؤلاء الأبالسة ان الممارسين للسياسة في الوطن العربي وليس في تونس فقط، بامكانهم استغفال البسطاء والسذج ومن سار في درب القطيع بعيدا عن التساؤل والمساءلة والحوار المستفيض حول الاستراتيجيات وأهم الملفات الحارقة في القطاعات الحيوية التي تهم مشاغل وشواغل الطبقة الشغيلة الكادحة بالفكر والساعد ..هذه الطبقة المكتوية منذ عقود بالمخططات التي يسمونها زورا وبهتانا تنموية والحال أنها برامج الطبقة الأورستقراطية الممثلة الشرعية للفكر النيوليبرالي المهوس بالنهب والإستغلال وضرب القطاع العام الحكومي في المقتل وتعبا لهذا النهج الجهنمي يقع السيطرة بالكامل ولو بشكل تدريجي على مفاصل الدولة وإعلان العبودية المعاصرة المقنعة بشعارات العولمة والإنفتاح علي إقتصايات العالم......

إن السيطرة على إقتصاد البلاد وكل مشاريع الاستثمار وضرب المرفق العمومي الذي تتحكم فيه الدولة التونسية المنهوكة نتيجة سياسات الحكومات السابقة اللاشعبية  المدعومة من قبل صندوق النهر الدولي.... الأمل الحقيقي للشعب التونسي الطامح للحرية والعدالة الاجتماعية هو التاسبس الفعلي على ارض الواقع للدولة الديمقراطية ذات الأفق الاجتماعي

هذا المشروع الطموح الذي ناضل من أجله جحافل وقوافل من النشطاء والمناضلين والفاعلين في الساحة السياسية والحركة الحقوقية والنقابية والاكاديمية والإعلامية البعيدة عن سيطرة لوبيات رأس المال..هذا المشروع الوطني الديمقراطي الاجتماعي ليس بعيد المنال لتراه العيون مجسدا على أرض الواقع اذا توفرت له الشروط الموضوعية للتاسبس ونعتقد يقينا ان الشرط المركزي لهذا التاسبس هو تجميع كل الشركاء المؤمنين بهذا المشروع فكرا ونهجا ودربا بعيدا عن المحاصصات الحزيبة الضيقة الفجة والتكتيكات المرتهنة للمصالح الشخصية المتناقضة جوهرا وموضوعا مع أي مشروع وطني للتحرر والإنعتاق الإجتماعي.......

***

البشير عبيد

كاتب صحفي مهتم بقضايا التنمية والمواطنة والنزاعات والصراعات الإقليمية والدولية.

 

ربما يصيبنا المرض أو الحزن أو الأذى لكن ذلك لا يمنعنا من العيش لكي نعود إلى الحياة مجدداً وهذا ما يبعث الأمل في أنفسنا ويحقق رجاءنا في عودة الحياة إلى الوطن وإسترجاع الصورة العراقية الحقيقية التي طالما رُسمت في الأذهان  “عراق الأصالة والكرم و الشجاعة والنخوة والطيبة” .. العراقي ربما يحزن ويقتله الحزن من أجل وطنه المُمزّق لكنه يتداوى ولايموت .

أتحدث هنا مابعد خليجي  25 الحدث الكروي الرياضي العظيم الذي أثّر في مكانة العراق بين الدول وفي قلوب الناس التي لم تهفت في الوصول إلى ملعب البصرة وصارت تهتف ” بالروح بالدم نفديك ياعراق” وتصيح لماجد وأحلام ” هلا بيكم هلا ” ويشارك كاظم الساهر من حفل الرياض ” هلا باليلعب طوبة هلا برجال الطوبة ” ثم  يرسل الشاعر كريم العراقي من غرفة العمليات في المستشفى كلماته:

الشمس شمسي والعراق عراقي

ماغـــيّر الدخلاءُ من أخلاقي..

*

داس الطغاة على جميع سنابلي

فتفجّر الأبداع من أعماقي ..

*

أنا منذ فجر الأرض ألبس خوذتي

ووصية الفقراء فوق نطاقي

نعم هذا العراقي.. هو حمزة القادم من الأنبار إلى البصرة ليشّجع المنتخب لكن زحمة الجماهير حالت دون إحتضانه فرحة الفوز وتوفي في موجهة التدافع بين زحمة الناس في جذع النخلة، ليعود به أهالي البصرة إلى الأنبار لكن ميتاً ، هذا العراقي أبو حسن الذي ذرف الدموع ليس من الفرحة  بل لشدّة فقره الذي منعه من إستضافة الأشقّاء العرب فكان يبكي ويقول : ماعندي شي أقدمه الكم ، هذا العراقي “يقدم الكهوة والشاي والكيمر والكاهي والبرياني والدولمة ضيافة بدون ثمن” فرحاً وتقديراً لخطوات ضيوفه حتى أصبحت البصرة البيت الكبير الذي جمع العرب والعراقيين ، فذابت فيها الطبقية والعنصرية والطائفية ، حتى وقع في عشقها المحبين وباتت صعوبة فراقها كما يودع مفارق عزيزه على أمل لقاءه مجدداً.

لم تكن البطولة ملعباً أخضر وكرة أو كأس بل كانت حدثاً وحديثاً مليئاً برسائل المحبة والرومانسية والشجن والطيب والكرم ، فأصبحت مجداً تأريخياً فريداً على المستوى المجتمعي والرياضي والإقتصادي لتصُّب الفرح بين البيوت وتمسح المآسي من القلوب وتزرع الفخر بين النفوس وتبني معبداً للعشّاق .

***

ابتهال العربي

 

القلم كلام ولسان، ينطق الحق ولو على أهله، حر نزيه نبيل سامي يكدح لإظهار الحقيقة وبث الأنوار ولو كره الكارهون، وهذا القلم ملعون، مستهدف وقد يوصف بالجنون في زمن تتركع فيه الهامات تحت أقدام الكراسي والعمائم وذوي السلطات، أصحاب المال والسلاح والعتاد، الرتع الأمعات الذين يسبّحون بحمد أرباب العصابات.

القلم جمرة ما بين السبابة والإبهام، يتأوّه يتألم ويبعث أنينا ودخانا، لكنه يكتب رغم صولات الوجيع وتيارات الآلام، ومخاطر تحفه وتهديدات تطارده، وقوات لا تفتأ تتابعه وتراقبه، وتخطط للقضاء عليه ومحق وجوده.

فالزمن للنار والدخان، ولا يُسمح فيه ببث الأنوار، فالمطلوب عماء عقلي وأمية طاغية، وجهل يترعرع فوق تراب الويلات والقهر والحرمان من أبسط الحاجات، ولا بد من تبع رتع في ظلال عمائم تتنعم بما رزقت من حيث لا تحتسب، لأنها تؤدي طقوس الإذعان وتنفيذ برامج العدوان.

وقد قالوا في الكلام واللسان، ويمثلهما القلم في هذا الزمان، ومن الأقوال:

"ربَّ كلامٍ أقطع من حسام"

"ضربة الكلمة أقوى من ضربة السيف"

"مقتل الرجل بين فكيه"

"لسانك حصانك إن صنته صانك"

"بلاء الإنسان من اللسان"

"سلامة الإنسان في حفظ اللسان"

"في اللسان هلاك الإنسان"

"ويل للرأس من اللسان"

لكن الأمة حية ولا يمكنها أن تنكسر وتنمحق وتغيب، وإن إنحنت لصولات الويلات فأنها ستستقيم، وتنطلق، وكم عصفت بها الخطوب، وداهمتها الحروب، وتعود أمة حية ذات أروب، ولن تتكسر أقلامها، ولسوف تنتصر على العدوان الآثم البغيض، ولو قتلوا ألف قلم وقلم، فأن الأمة ستنهض بأنوارها وستشع ويشرق جوهرها وتتألق لغتها، وتكون كما يجب أن تكون، ولن تهزموا أقلام أمة ذات نون!!

***

د. صادق السامرائي

22\2\2021

 

1 - لا قضية وطنية او قومية او حتى انسانية، تستطيع تحقيق اهدافها او بعض منها، ان لم تقف خلفها قوى ذات مصداقية عالية. وعلى قدر وافر من النزاهة والكفاءة  والشجاعة، الى جانب الأيمان بعدالة القضية، ومن يتصدرها يكون مشهوداً له، بالشرف والضمير والأيثار، واستعداد غير محدود للتصحية، حينها تستطيع القضية، استقطاب خيرة ابناء  المجتمع، وتغطية استثنائية من رأي عام، على مستوى جيد من الوعي، اما اذا  ركبت موجتها، مجاميع من الحثالات المغامرة، حينها ستتلوث القضايا، بالسلوك الأرتزاقي والممارسات القمعية، هذا ما  حصل في العراق، بعد عام الأحتلال، في 09/ نيسان الأسود 2003، حيث كل الذين، ركبوا قطار الأحتلال، كانوا ملوثين بأنقلاب 08 / شباط 1963، دون استثناء.

2 - أمريكا تفتقر الى المصداقية، اطماعها ومصالحها دليل آثم ، على جرائمها الدموية، في تغيير الأنظمة (حتى ولو كانت وطنية) في العالم، هكذا فعلتها في العراق، عندما ارادت تغيير النظام البعثي، فجهزت له معارضة من حثالات الأحزاب الطائفية والقومية، ومثلما جهزت قطار 08/ شباط /1963، لأسقاط اول جمهورية وطنية، ومثلت بالزعيم الوطني عبد الكريم قاسم، استبدلت الجلاد بمعارضته، فكان هجين من القوميين والأسلامويين، الأكثر دموية من جلادها، لأحتلال العراق في 09/نيسان/2003، فكان الهجين الجديد، احزاباً وشخوصا وريثاً، لذات الهجين الذي اشترك بذبح العراق والعراقيين، في الأنقلاب الأسود عام 1963، كلاهما بلا شرف ولا قضية، ومن طينة ارتزاق تاريخية واحدة. 

3 - اذا حاولنا تجاوز العتب، مع قادة التشيع في العراق، كونهم لا قضية لهم على الأطلاق، يرون الوطن من خلال المذهب، ويوظفون المذهب للقفز على السلطات والثروات، واشباع ساديتهم في تجاوز حدود تعدد الزوجات، فهم طائفيون الغائيون ودنيئون بلا حدود، وجرائمهم حتى ولو كانت بشعة، يؤطرونها بألوان الشعوذات الجهادية، ويخلدون قتيلهم القاتل، بخمسة امتار مقدسة، في مقبرة النجف الأشرف، ولكل من افراد عائلته، راتب تقاعدي، حتى ولو كان قناصاً سافل، او مرجع محتال، ولو سألني احدهم، كم المسافة بينه وبين جهنم، لأجبتهه (انتم فيها في الدنيا قبل الأخرة) وانتم" كمن قتل الناس أجمعين". 

4 -على الشعب الكردي، الا يترك مصير قضيته، معلقة بارصدة الحزبين الرئيسيين، في اربيل والسليمانية، ويأخذوا العبرة من نهاية القضية الفلسطينية، حيث استطاع النظام العربي. ان يجعل من ياسر عرفات، رجل دولة وهمية، وليس قائد ثورة، بعد ان افسدوه وقياداته، بالمال والوجاهة، رموا وقضيتة في مستنقع التطبيع، هكذا حصل بالنسبة للقضية الكردية، بعد ان ادخلتها القيادات، في مزادات السلطات والثروات، داخل المنطقة الخضراء، على الوطنين الأكراد، ان يحرروا قضيتهم، من لعبة المصالح والأطماع الدولية، ويعودوا بها الى فضاءات الوطنية العراقية، ومن يبيع قضيته، يبيع معها الشرف والضمير، هكذا يحصل الآن، مع اشقاء لهم في الجنوب والوسط، فأن لم يتدبر العراقيون امرهم، سوف لن يفرقوا، لمن زاخو ولمن الفاو، بعد ان تصبح الأرض ومعها الأنسان، عملات صعبة، في أكياس المنتفعين.

***

حسن حاتم المذكور

24 / 01 / 2023

 

خرج وزير التعليم والتكوين الفلامنكي بان ويتس أثناء الأسبوع الجاري بخطة غريبة، وهي معاقبة أولياء الأمور الذين لا يبذلون جهدا لتعليم أطفالهم ما يكفي من اللغة الهولندية خارج ساعات الدوام المدرسي. وكان قد توصل بحث أجري على 400 مدرسة أولية إلى أن 14 بالمائة من الأطفال في الصف الثالث قبل ولوج المرحلة الابتدائية حصلوا على درجات غير كافية في مجال اللغة الهولندية.  

وتتمثل العقوبة التي طرحها الوزير في سحب المستحقات المالية التي تتلقاها الأسر شهريا على أبنائها. وتعرف بإعانة الطفل، وهي إعانة اجتماعية تخصصها الدولة لكل والد أو ولي أمر يوجد طفل أو أطفال تحت رعايته الأسرية. وقد تجاوزت مخصصات إعانات الأطفال لعام 2023 خمسة مليارات يورو على مستوى منطقة الفلاندر التي يصل عدد سكانها ستة ملايين ونصف مليون نسمة. وقد حددت إعانة كل طفل فيما يعادل 170 يورو شهريا لكل طفل مولود بعد 1 يناير 2019، بينما يخضع الأطفال المولودون قبل هذا التاريخ لنظام الإعانات القديم.

وقد تلقى الوزير انتقادات شديدة على هذه الخطة المقترجة، سواء من داخل التحالف الحكومي الذي ينتمي إليه أو من طرف المتابعين السياسيين ووسائل الإعلام والرأي العام الوطني. فيما يتعلق بالحزبين المسيحي والليبرالي الديمقراطي المشاركين في الحكومة الحالية فقد رفضا هذا المقترح الغريب، حيث اعتبر وزير الشباب بنيامين دال أن هذا الاقتراح ليس في مصلحة الطفل، وأن هذه العقوبات المالية سوف تقلل من فرص الأطفال في المدرسة. وعلى المنوال نفسه، لم توافق وزيرة الشؤون الاجتماعية هيلده كريفيتس، التي ترى أن معاقبة أولياء الأمور ليست فكرة جيدة، لأنها ستعمق من الضعف الدراسي والتأخر اللغوي، ولم تخصص هذه الإعانات العائلية في الأصل إلا لمنح الأسر والأطفال المزيد من الفرص.

ثم إنه باستثناء الحزب اليميني المتطرف "المصلحة الفلامانكية"، فإن الأغلبية الحزبية والسياسية اعتبرت ما صدر عن وزير التعليم بمثابة مناورة لتحريف المشاكل الحقيقية التي تواجه وزارته.

أما الأوساط التعليمية الفلامانكية، فقد شجبت رؤية الوزير بسخط وهي تردد: "أنت لا تساعدهم بأخذ أموالهم". وعلى إثر هذا المستجد، سجلت وسائل الإعلام مختلف ردود الأفعال التي نددت بخطة وزير التعليم. تقول مدرسة في إحدى الثانويات بمدينة بروكسيل: "نواجه أيضا الكثير من الطلاب الذين يتحدثون لغة مختلفة للأسف. يتم تدريسهم باللغة الهولندية في المدرسة، وفي الشارع يتكلمون اللغة الفرنسية، وفي المنزل شيء آخر. هذا لا يحل بأخذ أموالهم، لا سيما إذا كان ذلك يرتبط بالوضعية الاجتماعية الفقيرة التي يوجدون فيها. عليك أن تدعم هؤلاء الأشخاص من خلال تلقي التعليم أو الدعم اللغوي الإضافي. إن أخذ أموالهم هو مجرد حماقة".

وتذهب المتحدثة باسم مؤسسة الأسرة في بلجيكا إلى أن هذا الإجراء سوف لن يكون له أي تأثير محفز، لأنه لا يمكن حل التأخر المدرسي بحزمة عقوبة مالية، فالعديد من العائلات بحاجة ماسة إلى هذه الأموال، خاصة الآن بعد أن أصبح كل شيء أكثر تكلفة ومصاريف الحياة في ارتفاع متواصل.

وبعد رصدنا لهذا المستجد وقراءتنا لمختلف ملابساته وما ترتب عنه من مواقف وتداعيات، يمكن تسجيل ملاحظاتين، نلخصهما فيما يأتي:

الملاحظة الأولى: لا يخلو هذا الاقتراح من عنصرية مبطنة، لأن الأطفال الذين يعانون من التأخر اللغوي في المدرسة البلجيكية والفلامانكية هم بالدرجة الأولى أبناء الشرائح المجتمعية الأجنبية والمسلمة، ومع أن الوزير يعي هذه المسألة أيما وعي، ويدرك بعمق أسبابها الثقافية والتربوية والسوسيو- اقتصادية، فإنه قام بطرح هذه المبادرة الغريبة التي تتسق مع رؤية واستراتيجية الحزب الليبرالي الذي يمثله بخصوص الفئات المسلمة والأجنبية، في الوقت الذي كان عليه أن يعتمد مقاربة تربوية واقعية. وهذا تماما ما يعكسه التعاطي البلجيكي والفلامانكي مع أطفال اللاجئين الأكرانيين الذين يتم إدماجهم تعليميا وقانونيا اجتماعيا واقتصاديا بدون شروط من أول يوم يضعون فيه قدمهم على التراب البلجيكي. وهذا ما تؤكده التقارير الرسمية، التي تذكر أنه غالبا ما يتعرض الأطفال المسلمون للتمييز في المدرسة، وقد رصد 61 في المائة من المدرسين العام الماضي حالات عنصرية داخل الفصول الدراسية، وعادة ما تتمثل في الإهانات والإساءات اللفظية، ويتجاوز الأمر ذلك في التعليم الثانوي إلى أعمال العنف والتخريب.

الملاحظة الثانية: أمام تفاوت الفرص اللغوية والمعرفية والمادية في المجتمع الفلامانكي من شريحة إجتماعية إلى أخرى، لا يمكن التعاطي مع مختلف الإشكالات التعليمية بالمعايير التقييمية نفسها، وهذا ما ينطبق إلى حد كبير على مشكلة التأخر اللغوي. إن الطفل الفلامانكي الأصل تعتبر اللغة الفلامانكية/ الهولندية لغته الأم التي يتعلمها سليقة منذ الولادة، وتظل لغته المستعملة في التخاطب اليومي ومتابعة الإعلام والدراسة والشارع ومختلف الأنشطة الثقافية والرياضية الموازية. أما الطفل من أصل أجنبي، فيتلقى لغة أم مختلفة قد تكون التركية أو الأمازيغية أو إحدى العاميات العربية أو الإفريقية، وتأتي اللغة الفلامانكية في المرتبة الثانية أو الثالثة أحيانا إذا كان الوالدين من أصلين مختلفين (تركي/ عربي، أمازيغي/ عربي، إفريقي/ أسيوي، عربي/ أوروبي، إلخ). وما يزيد الطين بلة هو إشكالية الامتزاج اللغوي الهجين وغير المعقلن، حيث فئة مهمة من الأطفال والشباب من أصول أجنبية ومسلمة يأخذون من كل لسان بطرف دون أن يتقنوا لسانا معينا بشكل جيد وسليم. وهذا ناهيك عن التفاوت العميق في الفرص المادية والاجتماعية والمعرفية، حيث تساعد الرواتب العالية والتقاليد الاجتماعية الأسر الفلامانكية الأصلية من تهيئة مختلف الظروف المواتية للطفل (سكن، ملبس، رفاهية...)، بينما لا تُوفر هذه الظروف لأطفال الأجانب الذين يعيشون في ضيق وخصاص ولا استقرار.  

***

بقلم: التجاني بولعوالي

 

لا تعترف معاجم السياسة في العراق بمفردة "الاستقالة"، فالديمقراطية العراقية الحديثة تنص على أنه غير مسموح بمغادرة المنصب إلا بعد أن تمتلئ خزائن المسؤول بما تم نهبه من المال العام، عند ذاك يقرر "مسؤولنا " أن يغلق ستار المسرحية ليتفرغ لمشاريعه التجارية الخاصة.

في هذه البلاد العجيبة والغريبة يجلس المواطن العراقي كل يوم أمام شاشة التلفزيون في انتظار أن يسمع خبر الانتهاء من أزمة الدولار، فيبشره السيد نوري المالكي بان الازمة ستطول وعليه ان يشد الحزام.. منذ ان حول أيهم السامرائي اموال الكهرباء الى حسابه الخاص، واخبرنا حسين الشهرستاني اننا سنعيش أزهى عصور الإعمار والرفاهية"، أدركنا أنه سوف المسؤول العراقي سيلازم الشاشة يتحدث عن الأخلاق والفضيلة، وأن الشعب لا يحتاج إلى المصانع والمعامل والمزارع، وإنما إلى تغريدات عالية نصيف .

تعلمنا، من الخراب الذي يحاصرنا منذ سنوات، أنّ المسؤول والسياسي العراقي، ما أن يجلس أمام المايكرفون حتى يتراءى له، أنه مصلح اجتماعي، ولذلك ضحكت وأنا أسمع جمال الكربولي يتخدث عن النهزاهة والحفاظ على المال العام .

أسوأ أنواع الخطباء، من يتصور أن الناس لا تملك ذاكرة، ولهذا تجده فاقد الإحساس والخجل، ويفعل ما يشاء، دون أن يقول له أحد؛ يارجل كان بإمكانك أن تعيد أموال الهلال الأحمر أولاً، قبل أن تتحدث عن جيوب المفسدين.

بسبب "هواية" الاستقالة التي يتباهى بها المسؤولون الغربيون، خرجت علينا رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن لتعلن أنها ستتنحى عن منصبها بحلول السابع من شباط المقبل، قائلة "ببساطة.. لم تعد لدي طاقة كافية للاستمرار في السلطة أربع سنين إضافية".

تحدثت وهي تبكي: "كوني رئيسة للوزراء كان أعظم شرف في حياتي، وأود أن أشكر النيوزيلنديين على الامتياز الهائل لقيادة البلاد على مدى السنوات الخمس والنصف الماضية". وأضافت "لا يمكنك ولا يجب عليك القيام بالمهمة ما لم يكن لديك خزان ممتلئ، بالإضافة إلى احتياطي قليل لتلك التحديات غير المخطط لها وغير المتوقعة التي تأتي حتماً".

تخيلوا امرأة تبكي وتقدم استقالتها في وقت "عصيب"، يحتاج منها أن تُمسك بالكرسي بيديها وقدميها، لكنها ياسادة "قِلّة" خبرة، وضعف في "الإيمان" بأن الشعب لا يطاع له أمرُ، وغياب لمبدأ "ما ننطيها"..

هل "جنابي" يكتب هذا المقال من أجل أن يكون لدينا في حكومتنا العتيدة نموذج مثل رئيسة وزراء نيوزيلندا؟، لا. سوف يكون عندنا "روزخونية"، وأعضاء برلمان بلا حرص وطني وبلا كفاءات، وسوف يكون لدينا من يعتقد أن وجوده في حياتنا "هبة" ربانية، وأنه ثروة وطنية، لا يمكن مقارنتها بمئات المليارات التي نُهبت. والاهم ان جميع مسؤولينا لديهم خزانات لا تزال بحاجة الى مليارات جديدة.

***

علي حسين

 

تحظى بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم، التي تقام في مدينة البصرة العراقية، بإشادة واسعة، في الوقت الذي خطف حفل افتتاحها مساء الجمعة، أنظار المتابعين العرب وحول العالم، ورأى مراقبون أنها تعزز الهوية الخليجية والعراق عند الجمهور .

وحرصت الجماهير العراقية خلال الأيام الماضية، على التعبير عن سعادة كبيرة باستضافة البطولة بمدينة البصرة وتأكيد العلاقات الأخوية الوثيقة التي تربط بين شعوب المنطقة، في حين اختلطت الاحتفالات بين مختلف الجماهير الحاضرة، في مشاهد تبرز الهدف النبيل من هذا التجمّع الخليجي .

البصرة أول مدينة بناها العرب المسلمون في زمن الخليفة عمر بن الخطاب عام 14 للهجرة، على يد القائد العربي عتبة بن غزوان، لتسجل كأولى المدن العربية تأسيساً ونشأة مع توأمها الكوفة بوسط العراق، وكانت البصرة منطلقاً للعرب في فتوحاتهم نحو الشرق، حيث جابت جيوشهم أرجاء العالم إلى أن وصلت حدود الصين .

تثير بطولة "خليجي-25" التي تستضيفها محافظة البصرة جنوب العراق الشهر المقبل من السادس وحتى الـ 19 من يناير المقبل، كثيراً من الجدل في البلاد بين مؤيد لها ومعارض لإقامتها، بخاصة أنها قد تجرى في ظروف صعبة وقت تسيطر عليها أحداث سياسية أثرت على الاجواء في العراق وإنه من غير الممكن أقامت هكذا حدث وهو استحقاق للعراق مما يدفع البعض من اعتبارها محاولة لإظهار أن البلاد باتت مستقرة نتيجة لما هو واقع حال .

إذا كانت السياسة أسقطت كل سلبياتها وسَوْءاتها على المشهد الرياضي العراقي، طوال أربعة عقود من الزمن، فإنها هي ذاتها السياسة يمكن أن تفتح الأبواب الموصدة من جديد .

وبشهادة الجميع تقريباً، أثبتت الصورة جلياً لـ بطولة خليجي 25 في مدينة البصرة العراقية، ابتداءً من السادس من كانون الثاني/ يناير الجاري، نجاحاً مبهراً ومتميزاً، ربما لم يسبق له مثيل خاصة بعد ما مر به العراق من ظروف قاسية، منذ انطلاق هذه البطولة في عام 1970 من البحرين، حتى نسختها الـ 24 في دولة قطر عام 2019 .

بدا واضحاً أن العراق، عبرت مختلف مؤسساته الحكومية وغير الحكومية المعنية بملف تنظيم البطولة وإنجاحها، يخوض غمار تحدٍّ كبير جداً، لا يحتمل في أي حال من الاحوال أن ينتهي بالفشل والإخفاق، ولا سيما أن استضافة العراق للبطولة انطلق قبل أكثر من عشرة أعوام، حين كان مقرَّراً أن يستضيف البطولة في نسختها الـ 21، بيد أنه الظروف حالت دون ذلك، لأسباب فنية، لم يتحقق ذلك، وتكرّر الأمر مع البطولات اللاحقة الـ 22 والـ 23 والـ 24.

إن الذي بدأ في السادس من يناير/ كانون الثاني الجاري والذي اختتم الخميس -يأتي ضمن مساعي العراق لطي صفحة عقود من العنف وعدم الاستقرار والعزلة .

إن خليجي 25 فرصة ثمينة يمكن أن تساعد في تعزيز العلاقات بين العراق وبقية دول الخليج، مضيفا أن استضافة البطولة تمثل علامة على التعافي بعد السنوات العجاف والاضطرابات السياسية على الرغم من وجود منغصات من هنا وهناك وهذا شيء طبيعي في كل الأمور.

إن استضافة البطولة - التي تقام كل عامين وتشارك فيها دول مجلس التعاون الخليجي الست إضافة إلى اليمن والعراق - شكلت أول فرصة للعديد من مواطني الخليج لزيارة العراق والتعرف على الثقافة العراقية وكرم أهله وطيبه .

وإن الكرم العراقي اللافت لنظر الجميع هو ليس شيء مفتعل من أجل المباهاة والغرور .. لا وإنما هذا شيء قد تربى عليه العراق منذ ان نشأت حضارته وأنه صفة يلازم كل بيت عراقي فما بالك كرم البيت العراقي الكبير وهو الوطن وعراقته وأصوله وطيب جذوره .

إذ أن البطولة مثلت فرصة نادرة لسكان العراق لمشاهدة حدث كروي دولي في بلادهم، والأهم من ذلك التعبير عن اعتزازهم بوطنهم وسعادتهم بما يمثله الحدث الرياضي من تضامن عربي دولي إقليمي بمثابة لم شمل الأوطان بوطن الحضارة الأولى في التأريخ حضارة وادي الرافدين ليكون بلد واحد ويد واحدة وقلب واحد .

أن مظاهر الكرم العراقي اللافت والذي ترجمه الاحتفاء الشعبي أشقائنا وإخواننا من كل دول خليج ماهو إلا إصرار على إعطاء العالم صورة عن الأخوة بين الأوطان كوطن واحد الذي تدفقوا عليه لحضور هذا الحدث الرياضي بدوره فتح العراق أبوابه وبيوته لأهلنا وأحبتنا

وإخواننا من دول الخليج ولأي مواطن عربي شريف وغيور

فتح العراق أذرعه وهو يوفر تسهيلات جمة لدخولهم البلاد من دون تأشيرة، على هامش بطولة كأس الخليج العربي ٢٥، المقامة حاليا في محافظة البصرة (جنوبي العراق)، في مشهد عكس عمق الروابط عززته إرادة الحكومة العراقية بتمديد جميع التسهيلات لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي حتى بعد انتهاء البطولة.

و ينتهج العراق خطوة وخطا ًجديداً بالتقرب من المحيط العربي مستفيدا من هذا المحفل الرياضي مناسبة اجتماعية كبرى، ففي حفل أقيم للوفود الخليجية - السبت الماضي - وصفت فيه البطولة بأنها تحولت إلى عرسٍ عربي، ولقاءٍ أخوي على أرض العراق، بما هو أكبر من مجرد مناسبة رياضية .

وأن التسهيلات التي رافقت البطولة على الحدود ستستمر إلى ما بعدها، وأن العراقيين يرحبون بـ أشقائهم من دول الخليج ومن جميع الاوطان حين تؤازر هذه الجموع بلد اخوي لهم .

الحضن العربي

وإلى هذا النحو إن الجميع أدركوا ضرورة الاقتراب من الحضن العربي، الذي لا بديل عنه باللجوء إلى خيارات إقليمية أخرى لا تفكر بسوى مصلحتها والابتعاد عن كل تقارب عربي أخوي غايته تفكك هذه الأوطان وأضعاف يده لاحتضان اخوتهم العرب والذي على أساسه أطلق عليه بالوطن العربي وخليج عربي واحد، مبينا أن شخصية هذا الوطن شخصية حاضنة لأبناء العرب كافة دون حياز وتمييز حضانة عروبية متفهمة لكل العرب في هذه المرحلة .

ظهرت هناك أن متغيرات مفصلية جعلت العرب يغيرون بعض الصور النمطية المرسومة عن العراق . وشددوا على أن ما يجمع الدول العربية وأنظمتها أكثر مما يفرقها، وهي بحاجة ماسة اليوم للتوحد أكثر وتعزيز التقارب والتكاتف وصنُع المُشتركات التي توحدهم كوطن عربي واحد .

وأن الارتياح الذي لاقوه أخوتنا وأهلنا من دول الخليج كافة كان سمة بارزة في هذا الاحتفال الجماهيري والحدث الكروي الذي غاب عن العراق سنين عدة .. وعلى المستوى المجتمعي هناك مزاج عام عربي وعراقي يتجه لتعزيز العلاقات هذه إن شاء ألله، وهذا ما تحتم على الظرف العام على اتخاذ خطوات لتقريب المواقف أكثر .

***

بقلم: أحمد القيسي

 

مصطلخ: إشارة إلى عدم الإصلاح والفائدة

من عجائب عوق الأمة أن نخبها تتمسك بالمصطلحات المستوردة من بلاد الآخرين، وتراها حسب ما تتوهم، وتفرضها على واقع لا يعرفها، ومنها العَلمانية من العالم، أو العِلمانية من العلم، وإختصروا الموضوع بفصل الدولة عن الدين، وتمرغت الأجيال بهذا التوصيف المدمر المشين، فلا إستطاعت أن تساير الدنيا بأنظمة حكمها، ولا بعلومها فأضاعت الإتجاهات.

الكثير من المفكرين أو النخب، مصابون بعاهة الإنبهار بالآخر البعيد، ومنقطعون عن تراث الأمة ومحطات توهجها الحضاري.

وهناك مصطلحات أخرى كالإزدواجية التي حشر المجتمع فيها، وهي ليست قدحا بل مدحا لأن بشر الدنيا فيه أكثر من إزدواجية بعشرات المرات وتحركه بوصلة مصالحه الشخصية.

وهذه العلة مستشرية ومستوطنة في ديارنا، وتفرض وجودها على الأجيال، ويشترك بتعزيزها معظم المفكرين والفلاسفة، وأصحاب الأقلام الذين يكتبون بالعربية.

ويمكن القول أنها من العوامل التي فعلت بسلبية في الواقع العربي، وجردته من طاقات الإبداع الأصيل،  والإبتكار الأثيل اللازم للتعبير عن جوهره وتطلعاته، وأوهمته بالدونية والتبعية والخنوع لإرادة الآخر، الذي يصنع ويزرع، ويدير دولة بدستورية عالية وقوانين عاتية.

ولا بد للفاعلين في المجتمع أن ينطلقوا من أعماقه، ويشيّدوا معالم كينونته الكبرى، ويتحرروا من أمراض الإنبهار، والتأثر المغفل بالآخر الذي يحتضن تراثنا في دياجير المكتبات والمتاحف، ويطلق منها ما يشاء ويخفي ما يشاء، ليوهمنا بأننا أمة جهل وفقر ومرض وهمجية حمقاء وسفه عقائدي وتوحش ديني، يتمثل بالحركات التي يصنعها ويمدها بما يؤهلها لتدمير الوجود العربي في كل مكان.

أيها المفكرون عليكم الرجوع إلى عناصر الكينونة العربية، بعيدا عن مفردات الحالة الأجنبية، التي تخدعكم وتضللكم لتأمين مصالحها ومشاريعها الإستحواذية على وجود أمة ذات ثراء معرفي كبير.

فهل من رؤية موضوعية جادة ذات قيمة حضارية ساطعة؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

صرخت إمرأة بحدية إحساساً بالظلم الشديد بين حشد من النازحين الذين تظاهروا في وقفة سلمية أمام ممثلية التربية في أربيل، لإنصاف الطلبة النازحين والتنديد بقرار وزارة التربية بتقليص المدارس في أربيل، وحرمان هؤلاء الأطفال من حقهم في التعليم إلى جانب مظلوميتهم من التهجير والإهمال والضياع.

إن منظومة التعليم تحتاج إلى تطوير كبير ليس فقط في مضاعفة أعداد المدارس والرحلات رغم أن المدارس حتى اللحظة ليست كافية لأعداد الطلبة .. فالطالبات والطلّاب يجلسون على الأرض ونحن في عام ٢٠٢٣، ومقاطع الفيديو المنتشرة على المواقع الإلكترونية دليلاً كافياً على قولي، فضلاً عن ضعف طرق التدريس وتعنيف بعض المعلمين للطلبة وإهمال بعض المعّلمات لواقع الطلبة التعليمي ومستواهم الدراسي وإنشغالهن في تصوير السنابات والإعلانات على السوشال ميديا التي حوّلت العقلاء إلى مجانين، بل وصلنا إلى حال أن تبعث المعّلمة عنوان الدروس لأهالي الطلبة على قناة التلكرام أو الواتساب وتقول : هذا الواجب تعالوا حافظين ! فهل أصبح دور الأهالي أن يتحملوا مهمة التدريس إلى جانب عبأ المصاريف!؟ وزادت المصاريف باللجوء إلى التدريس الخصوصي، لكي يتخرج طالب الإبتدائية على يد معلمات الخصوصي ثم يتخرج من الإعدادية ليدخل جامعة أهلية، كونها تتكاثر يوماً بعد يوماً لتتحول منظومة التعليم من مشروع علمي إلى تجاري إستثماري .. وزارة التعليم أهملت كثيراً من الملفات وذهبت إلى  تحديد المدارس في أربيل، ما أثار غضب النازحين هناك كونهم شريحة فقيرة لا تستطيع أن تُسفّر أولادها لكي يتعلموا في الخارج مثل أولاد المسؤولين، مايعد قراراً مجحفاً بحق ٧٥ الف طالباً .

أتساءل هل هذا القرار يتلائم مع حقوق الإنسان والدين الإسلامي الذي تتحدث عنه الأحزاب الإسلامية والدستور العراقي؟ في ظل عودة المعلمين إلى مناطقهم ليبقى الطلبة بلا هيئة تدريس إلى جانب تقليل المدارس مايجعل الأهالي يذهبون إلى المدارس الأهلية.

كلمة أخيرة يقول الإمام علي: إياك والظلم فمن ظلم عباد الله كان الله خصمه .

***

ابتهال العربي

ليلة أمس كانت امتحانا رهيبا ..

نقترب من تحقيق الحلم فتعيدنا الأقدار واقدام العمانيين وصافرة الحكم إلى خانة الصبر المر ..

يحلق بنا ابراهيم بايش من بوابات الصبر إلى حافات الحقيقة

لكن احيائي عمان وصافرة الحكم الروماني يعودون بنا القهقرى عند استذكار أجنحة حلمنا يوم ارادوا له الإجهاض في ملعب اريا مهر عام ١٩٧٧ ومرارة صبرنا عام ٢٠٠٧ لكن جلال حسن كان له رأيا آخر

لعبنا ولعبوا

اجدنا واجادوا

سجلنا وسجلوا

اوقفنا اصرارهم بهدف جميل

فاوقفوا فرحنا قبل ثواني من إعلانه

عضضنا على النواجذ حين استطال الزمن

فصمدوا لنا حتى ارهقوا كاهلنا

اقتربنا من اليأس

كاد صبرنا أن يخون

لكن عزيمتنا لم تفتر

وفي لحظة مجنونة لا نعرف لأي زمن تنتمي

جاء امجد عطوان بالبشارة

فاشرأبت الاعناق شكرا للسماء

وصدحت تهليلتنا في الإرجاء

لكنهم لم يمهلونا إلا تسعين ثانية

فخاب مرة أخرى الرجاء

ومشينا نحو ضربات الجزاء

ونام الحلم وخف الرجاء

حتى ايقظه قبل دقائق الانتهاء

فتى ملؤه الكبرياء

وكان فيه للعراق وفاء

وأنهى الملحمة حكم اللقاء

فقبلت عمان بنصيبها

وزين النصر راس عراق الإباء

***

راضي المترفي

 

شتان ما بين إقترابات القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين، وفي كل مرحلة إنتقالية ما بين قرنين تتداخل الرؤى والتصورات في الربع الأول من القرن الجديد، وهذا يحصل في الواقع المعرفي اليوم.

وستندثر قدرات القرن السابق، غير أننا لا نزال نرى وسائل الإعلام بأنواعها تحتشد بما لا يمت بصلة للقرن الحادي والعشرين، ومنها التركيز على التلميج والتلويح والغموض والمعنى في قلب الكاتب، وغيرها من الموضوعات التي يرفضها القرن الحادي والعشرون.

فالذين لا يستوعبون المتغيرات المتسارعة سيتواصلون في مراوحتهم في ذات البقعة الخاوية، ويتوهمون بأن أجيال القرن الحالي ستتأمل وتجتهد في إستنباط ما يعنيه الكاتب أو المبدع بنصه، وهذا الزمان قد ولى وإنتهى، والمطلوب الوضوح الساطع والمباشرة، والقدرة على وضع الفكرة بكلمات تدل عليها وتبينها، لا تدعو القارئ للكشف عما يريده الكاتب، وتحسب ذلك من لذة القراءة والتواصل مع النص، اللذة تكون بالفكرة الجلية حتى توفر للقارئ الوقت والجهد وليس العكس.

فعلى سبيل المثال، أجيال القرن الحادي والعشرين لن تجد فيهم نسبة كبيرة يستمعون للأغاني الطويلة، بل يريدون الأغاني القصيرة ذات الإيقاع السريع.

وعلى هذا المنوال لن تجد مَن يقرأ ما هو غامض ومبهم، لأنه سيشير إلى عجز صاحبه عن وضع الفكرة في كلمات تدل عليها، فالإبداع التجريدي إنتهى.

وصياغة الفكرة في عمل إبداعي يشير إليها هو المطلوب، حتى في العمارة، وما تأتي به طاقات الإبداع المادية والأدبية والعلمية.

فالدنيا تقدمت ووصلت إلى ما هي عليه اليوم بالأفكار الواضحة، التي تحولت إلى موجودات تشاركنا الحياة، ولولا الوضوح والسطوع لما أوجدنا العديد من الحالات والمبتكرات.

فتحرروا من أوهام الغموض والتعتيم والتلميح وغيرها من مفردات التعويق العقلي والإبداعي.

فالشمس ساطعة وتخبرنا عن معنى الحياة!!

*** 

د. صادق السامرائي

 

منذ اشهر والعراق في دوامة ارتفاع الاسعار، وقد بدات المحنة مع قيام ساسة السوء برفع سعر صرف الدولار، وكان العراقيون ينتظرون ان تتشكل الحكومة الجديدة ونتخلص مما فعله ساسة السوء، وحكومتهم بقيادة المهرج، الذين شرعوا رفع سعر صرف الدولار! نكاية الشعب وقبولا بارادة خارجية، ثم بعد ما حصل من جريمة بحق العراق وشعب العراق لم يتغير شيء، بل الغريب ان تستمر الاسعار بالارتفاع! ليعيش المواطن مرحلة خطيرة تهدد استقراره ومستقبله، ويعاني الموظفين والعسكريين من حالة ضغط نتيجة ثبات مبالغ الرواتب بمقابل ارتفاع سعر صرف الدولار، حيث كأن حكومة المهرج ومن كان يقف معها قامت باقتطاع جزء كبير من رواتب الموظفين عندما رفعت سعر صرف الدولار، ليغرقوا في بحر انخفاض القدرة الشرائية.

جميع الشرفاء يؤكدون على ضرورة ارجاع سعر صرف الدولار الى ما قبل فعلة خونة الامة، وهذا يحتاج لارادة سياسية.

سكوت غير مبرر!

قضية ارتفاع اسعار المواد الغذاية خطيرة جدا، وتحتاج لوقفة من جانب النخب والشرفاء والكتاب، والا فلا مبرر لكل هذا السكوت، فالملاحظ ذلك الصمت الرهيب ممن يمكن ان يحدثوا تاثير وفارق، وهو تقصير لا يغتفر! ان كل كاتب او مثقف لو قام بنشر منشور ضمن مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر)، او كتب مقال عن الموضوع، وبحث في ايجاد الحلول لاصبح هناك قوة للكلمة، ولتشكل عامل يدفع الحكومة للتحرك باتجاه رغبة الجماهير بالخلاص من قيد رفع سعر صرف الدولار.

يجب ان يخصص كل كاتب مقال اسبوعي عن جريمة رفع الاسعار، ويسلطون الضوء على تجار السوء والاحزاب الحاضنة لهم، وان يتم الاشارة للحلول، ليتكشل ضغط للحل.

الحرب ضد تجار العملة

لا يخفى ان ارتفاع اسعار المواد الغذائية سببه تلاعب تجار العملة باسعار صرف الدولار، واعتقد حان الوقت لاعلان الحكومة الحرب ضد تجار العملة، الذي ساهموا بشكل كبير في عملية تحطيم الدينار العراقي مقابل الدولار، وهم ليسوا اشباح بل شخوص تعمل وتتحرك بالعلن، نعم ممكن ان يكون هنالك دور خبيث لبعض سفارات الشر، لكن بالتاكيد عبر ادوات محلية، لذلك اذا كانت الحكومة صادقة في محاربة الفساد والدفاع عن الوطن والمواطنين فعليها بتقييد تحركات المتلاعبين الكبار، وان يسن البنك المركزي تعليمات حول اسعار البيع والشراء للعملة ومن يزيد عليها يعاقب حسب القانون العراقي، وهنا ياتي دور السلطة التنفيذية في منع التلاعب باسعار صرف الدولار.

هذه الحرب يجب ان تنطلق وباسرع وقت لايقاف التلاعب بمصير البلد والجماهير، والا عد قبولا او خضوعا مع ما يحصل حاليا من جريمة بحق الوطن واهله. 

اخيرا:

علينا جميعا (مثقفين، طلاب، كتاب، فنانين، اساتذة، مفكرين، شعراء) ان لا نسكت عن قضية ارتفاع اسعار المواد الغذائية، لانها تمس كرامة الانسان وتشكل خطر عل حياته، بل الوقت الحالي هو وقت الجد والعمل والتضامن، وان نكتب يوميا عن محن الشعب من ارتفاع الاسعار، وان نفضح ما يجري ونكشف حقيقة الارتفاع، وهل هنالك مخطط يتم طبخه في واشنطن ولندن، وان تتم تعرية الادوات القذرة التي ساعدت القوى الظالمة في فرض هذا الواقع المزري.

هذه السطور هي دعوة للحكومة والنخب، للدفاع عن الوطن والشعب، امام كيانات وعصابات منحرفة عديمة الضمير، تعمل على تخريب قيمة العملة المحلية وجعلها اقل قيمة.

***

الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي

هل نكذب على أنفسنا؟ نعم، ما حدث البارحة من فوز لمنتخبنا الوطني بكأس الخليج العربي 25، هو أمر جيد، نأمل أن يكون بداية استعادة شاملة وسريعة للوعي الوطني العراقي التي غيبها التضليل الطائفي السلطوي، ولكن لنكن صريحين، ونعترف بأنها لم تكن فرحة شاملة للعراق الجغرافي كما عرفناه، وبذلك الزخم القوي الذي تمنيناه. لقد ظهرت ندوب وكدمات التخندق الطائفي والقومي التي أنتجها نظام حكم الطائفية السياسية الذي جاء به الاحتلال الأميركي ودعمته وروجت له المرجعيات الطائفية المحلية!

لنكن صريحين، فمدن محافظات الإقليم الثلاث شمالا - باستثناء تظاهرة سيارات حاشدة في السليمانية- ومحافظة صلاح الدين باستثناء شباب مدينة سامراء ومحافظة الأنبار باستثناء تظاهرة في شوارع الرمادي، باستثناء ما ذكرنا هنا، فلم تكن هناك مشاركة واسعة وملحوظة في مظاهر الفرح التي اجتاحت محافظات الوسط والجنوب والعاصمة. تحية محبة للوطنين العراقيين في الرمادي والموصل وسامراء والسليمانية، الذين قفزوا على جراح التخندقات الطائفية وقبضوا على جمر الثوابت الوطنية!

* ولنكن صريحين، فالسوط القومي الفارسي "الإيراني" أثبت جدواه وفاعليته وتنكرت غالبية الساسة والإعلاميين المشتغلين في أجهزة الإعلام الحكومي والحزبي والمليشياوي لعروبة الخليج وغاب اسم البطولة الرسمي "كأس الخليج العربي 25" إلى "خليجي 25" وقد تساوى في ذلك الحلبوسي والسوداني والمالكي والعامري وقناة البزاز وقناة الجزيرة الإخوانية أما إعلاميو " قناة العراقية" فقد فاقوا الجميع في بؤسهم وتبعيتهم، وكان بعضهم إذا زل لسانه وذكر اسم "الخليج العربي" عاد مذعورا وصحح زلته في جملة لاحقة!

* أما السوداني فرغم أنه عاد واستعمل اسم "الخليج العربي" في مقابلته مع قناة "دوتشه فيله" الألمانية، وبعد أن عدَّل اسم الخليج العربي الذي قاله في خطاب افتتاح البطولة، ولكنه توقف لاحقا عن استعمال الاسم ولم يعد إليه كما توقعنا بالضبط!

* الطريف والمعبر هو أن حاملي السوط القومي الفارسي الأوائل، والذين بدأوا هذه الحملة الضارية ضد البطولة الخليجية العربية في بصرة العراق، بعد صمت دام نصف قرن، كانوا من الإيرانيين غير الفرس بل من المتفرسين كما يتبين من أسمائهم ومنهم مثلا الناطق باسم الخارجية ناصر كنعاني وهو من أصول عربية والنائب ولي الله بياتي من أصول تركمانية كما يؤكد لقبهما.

*أما الذين أخرِجوا من المشهد الحكومي أو اضطروا إلى الخروج فقد ثبتوا على موقفهم، وأصروا - كما فعل السيد الصدر- على تسمية البطولة باسمها الرسمي "كأس الخليج العربي 25" في تحدٍ شجاع للغطرسة القومية الفارسية لدى حكام طهران؛ هؤلاء الحكام الذين تخلوا عن اسم بلادهم "بلاد فارس" منذ سنة 1935 واستبدلوه باسم "إيران" ولكنهم يصرون على تسمية الخليج العربي بالاسم الفارسي في عهد جمهوريتهم الإسلامية، ويرفضون أي حلول وسط في هذا الخصوص!

خلاصة القول: لا يمكن أن يعود العراق والعراقيون إلى الفرح الجماعي الشامل إلا بزوال العامل الذي مزقهم وقسمهم حسب هوياتهم الفرعية الطائفية والعرقية وهذا العامل الذي يجب أن يزول هو حكم الطائفية السياسية ودستوره المكوناتي المدمِّر!

ولاحل إلا بحلها

***

علاء اللامي

...............................

* أعتذر – من باب الحِيطة والتحفظ - عن عدم ذكر أي تظاهرات فرح أخرى، في حال وجودها، ولم أطلع عليها حتى الآن في المناطق الغربية والشمالية.

 

تجاوز رئيس المجلس الصلاحيات

يتعرض النظام البرلماني في العراق لانتقادات شديدة على أكثر من مستوى وفي أكثر من مناسبة ولأكثر من سبب، ومن أهم عيوب  هذا البرلمان هي آلية اتخاذ القرار إزاء الملفات والقوانين المهمة التي تعاني من وجود أزمة ثقة بين الكتل البرلمانية الممثلة في البرلمان العراقي، والتي تخضع لحالة من الصراعات الحزبية داخل مجلس النواب والتي تعصف بمنصب رئيس المجلس بسبب الاختلافات التي تم اثارتها من قبل كتلته (السيادة) والانشقاقات داخلها ومحاولة فرض الارادات لقيادات الكتلة على الاعضاء،وخروج الرئيس عن النظام الداخلي في الصلاحيات بطرد الاعضاء دون الرجوع الى المجلس والتصريحات الخطيرة لرئيس مجلس النواب في الاردن حول الانبوب النفطي الذي يربط البصرة جنوب العراق بالعقبة جنوب الاردن ووقع البلدان بشكل مبدئي في 9 أبريل/نيسان 2013، كفكرة تطرح للمناقشة ولدراسة مد هذا ألانبوب لنقل النفط العراقي الخام إلى مرافئ التصدير في ميناء العقبة، بكلفة إجمالية للمشروع قدرت في ذلك الوقت بـ 18 مليار دولار والذي هو لازال تحت الدراسة ولم يتخذ اي قرار بتنفيذه من عدمه، ولزم الصمت  في الحديث عن ميناء الفاو الكبيرالاستراتيجي الذي سوف يدر على العراق اضعاف ما يعطي ميناء العقبة من اموال لو انجز ويفتح ابواب افاق اقتصادية للاجيال القادمة  وموارد مالية كبيرة ولا يكلف حتى نصف ما قدر لانبوب العقبة اذا ما عرض للاستثمار ونقطة تحول لدور العراق الاقتصادي في المنطقة، لكن الواضح أن الكثير من خبراء القانون والنظام السياسية العراقيين يعتقدون أن هذا المجلس عجز عن حل مشكلات العراق الداخلية ودار ظهره عنها، ومحاربة الفساد والضعف السياسي، وتشتت قوة السلطة وغياب المسؤولية، ناهيك عن اعتقاد الكثير من الأوساط أنه لا يتلائم مع طبيعة الوضع الاجتماعي السياسي العراقي الذي يتطلب مجلساً قوياً فاعلاً قادراً على اتخاذ قرارات تتناسب مع خطورة التحديات وصعوبتها، والمخاطر والتهديدات، الذي يتجسد بالنظام البرلمان الذي لم يتميز به طيلة الحكم في الدولة العراقية قبل عام 2003،ويعاب اكثر على النظام الحالي الذي اطلق عليه 'بالديمقرطي' وهذا الرأي هو للكثير من المحللين ورجال الدولة الوطنيين الغير عاملين والعاملين في مفاصلها الإدارية وقطاعات شعبية واسعة ان عمل المجلس لا يتناسب مع ضرورات المرحلة.

تختلف مسؤولية اعضاء المجلس ورئيسه مع غيرها من المسؤوليات المقررة مثل الوزراء اومع رئيس الحكومة والسلطة القضائية، والسلطة التشریعیة ھو الافضل استخداما للتسمية كون ھذه السلطة تعد من السلطات المھمة داخل الدولة وھي مؤسسة دستوریة لھا اختصاصاتھا المحددة في تشريع القوانين وتجنب التدخل في شؤون السلطة إلا كمراقب في حالة الضرورة، وعضو البرلمان لا یعد موظفا عاما، وانما یعد شخصا ً مكلف بخدمة عامة، وھذا الشخص یتمتع بحقوق وامتیازات، وایضا یترتب علیه واجبات مقرر في النظام الداخلي للمجلس، وفي اطار ذلك یمكن أن یخل العضو بالتزاماته وصلاحیاته فیتعرض لعقوبات من داخل المجلس، ویمكن ایضا ان نسمي ھذه العقوبات بالتأدیبیة كون الغایة منھا تأدیب العضو من أجل حمله على اداء واجباته بأمانة ویعد تشریع القوانین من ابرز واھم ھذه الاختصاصات لذلك فلا ضیر من تسمیتھا بالسلطة التشریعیة، وھذا ما ھو معمول به والبرلمان كمؤسسة دستوریة تضطلع بمھمة اساسیة ھي سن القوانین المنظمة للمجتمع داخل الدولة ويقر او يرفض الاتفاقات الدولية لاي سبب يراه ولا يتدخلل في تنفيذه انما يتابع،ومراقبة تطبيق تلك القرارات والقوانين وتتكون ھذه المؤسسة من مجموع من الاشخاص المسمین بالبرلمانین او اعضاء البرلمان المصوت عليهم بأسلوب الانتخاب في اختیارھم، ویعد ھذا الاسلوب ھو الغالب والاكثر وتعبیرا عن اردة الشعب بأعتبار أن اعضاء البرلمان یمارسون السلطة نیابة عن الشعب وكما وان هناك اختلاف في الية اختیارھم من دولة الى اخرى، بعض الدول تأخذ باسلوب التعیین والوراثة في اختیار ھؤلاء الاعضاء، وأخرى تأخذ والقاعدة العامة ھو عدم مسؤولیة العضو عما یصدر عنه في التقيم من افعال بأعتبار أنه یتمتع بحصانة برلمانیة منظمة وفق القانون تحول دون مسائلته على ان لا يمس فيه حقوق الوطن او الاساءته للمواطن. وصلاحيات رئيس المجلس لا تقر إلا بموجب نصوص صريحة تدرج في الدستور وواجب على عضو البرلمان اذا ما أنتھك العضو الدستور سواء من خلال ارتكابه جريمة ماسة بأمن الدولة الداخلي او الخارجي، او حالة الحنث عن الیمین الدستوریة، فإنه يسأل وفق القوانين المعنية او النظام الداخلي او القانون ويحدد مع الاختصاصات الممنوحة وعلى رئيس المجلس ان يتقيد بتلك القواعد وعدم الاخلال بها أو تجاوزها لضمان عدم الإساءة للسلطة وضمان عدم التدخل في الصلاحيات الغير الممنوحة له  للمحافظة على هيبته ومن الأفضل أن يلتزم بالمسؤوليات تلك وعدم خلق مشاكل تثير السلطات الاخرى.

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

 

في ذِكرى الاِمامِ الباقرِ(ع)، ولقبُ الباقرِ لَقَبٌ لَقَبَهُ بهِ جَدَّهُ رسولُ الله صلى الله عليه وآلِهِ وَسَلّم، والبقرُ مأخوذٌ من: بقرَ العلمَ وشقَهُ وأخرَجَ خفاياه، وتَوَسَّعَ فيهِ. وهكذا كانَ الامام الباقر بَقَرَ العلمَ وَشَقَّه وَأَخرجَ خفاياه.

 وبهذه المُناسَبَة (ولادَة الامام الباقر)، أَقَفُ عندَ مُفردةِ البَقْرِ التي يمكن ان تصعدَ بالانسانِ لِتَجْعَلَ منهُ باقِراً لِبَطنِ الارض ومستجرجاً خباياها، ومعادِنَها النفيسة. أوباقراً لِآفاقِ السماء ليضعَ قَدَميهِ على سَطْحِ القمر والكواكب.

 هذا البقرُ في الامورِ المادِيّةِ، وهناك بَقْرٌ في الامورِ الْمَعْنَوِيَّةِ كالبقرِ في الافكارِ والمعارف والغوصِ في أعماقِها لاستكشافِ أَسرارِها، وقد بَرَزَ مفكرونَ وفلاسفةٌ بَقَروا بَطْنَ المعارفِ والأفكارِ وقَدَّموا لنا فلسفاتٍ وأَفكارٍ عميقَةٍ. الامامُ الباقرُ(ع) وصَلَ القِمَّةَ في بقرِ العلومِ واستكشافِ خباياها.

هذا الجانبُ المُشْرِقُ، وَجانِبُ الصُّعُودِ والتألُقِ لِمُفرَدَةِ "البَقْرِ"،  وهناك جانِبٌ آخَرَ للبقرِ، هو الجانبُ المُظلِمُ، والجانبُ الدامي من هذه المفردةِ، التي قَبّحَتْ وَجْهَ تأريخِنا وحاضرنا. ففي معركةِ أُحُد أَمَرتْ هندٌ غلامَها وحشي ببقرِ بطنَ حمزةَ عم الرسولِ (ص)، وامرتهُ باستخراجِ كَبِدِ الحمزة ولاكتهُ. هذا لونٌ من البَقْرِ يُمَثِّلُ الانحطاطَ والهبوطَ والانحدارِ. ولونٌ آخر، جَسَّدَهُ الخوارج بقتلهم "عبدالله بن خبّاب بن الارت" وقتل زوجهِ الحاملِ وبقرِ بطنها، بسبب ثناء عبدالله على عليٍّ عليه السلام. ولونٌ آخر من البقر مارسَهُ الدواعِشُ المجرمون من قطعِ الرؤوسِ وبقرِ البُطون. وقد شاهدنا مافعلهُ احد الدواعش من اكل قلب انسان. ومازالت الارضُ المُحْتَلَّةُ تشهدُ سلسلَةً دامِيَةً من بقر البطون وتمزيق الاشلاء بأحدثِ الاسلحةِ.

 وفي الخِتامِ، البَقْرُ اِما ان يصعدَ بالانسانِ ويسمو به ويجعله من المتألقينَ، فيبقرَ العِلمَ، كانموذجِ الامامِ الباقرِ(ع)، وِاِمّا أنْ يهبطَ بهِ هبوطاً مُزرِياً بشعاً فَيَبْقُرَ البطونَ ويلوكَ الاكباد.

***

زعيم الخيرالله

 

الفرق بين التفكير الشرقي والغربي كبير، ومن الصعب التقارب بين الحالتين، فالعقول مبرمجة وفقا لبيئتها وما يُراد لها أن تكون عليه وتتفاعل معه، وربما من الصعب الفهم المشترك بين الطرفين حول ما يراه كل منهما.

فالشرق شرق والغرب غرب، والشمال شمال والجنوب جنوب!!

البعض سيقول إننا نعيش في زمن العولمة والتواصلات السريعة بين البشر، وهم على صواب، غير أن الموضوع يحتاج لأكثر من جيل لتشترك العقول برؤاها وإقتراباتها مما يحيطها إن إستطاعت، أما في العقود العديدة القادمات فالأحوال لن تتغير كثيرا، وكأن البشرية تسير على ذات الدرب الذي سلكته منذ الأزل، فالعزلة قد تكون نفسية أو إنفعالية، وهذه أكثر تأثيرا من العزلة المادية.

وما يقلق أن البشر أصبح منشدا إلى أجهزة إليكترونية وملتصق بشاشات متنوعة الأحجام، ولا يستطيع الإبتعاد عنها ولو لدقائق، مما يعني أن التفاعل البشري – البشري الحي سيصبح مجهولا، وستفقد الأجيال مهارات التواصل الإنساني مع بعضها، وسيؤدي إلى تنامي العدوانية، والتفاعلات السلبية، التي ربما ستقضي على الوجود الحضاري في الأرض.

فالدوران له قوانينه وسلطانه الذي يغيب عن مداركنا، ولسوف يفرض إرادته على سكان المعمورة الغير قادرة على التوقف أو إبطاء سرعتها ولو للحظات، لأنها ستتسبب بكوارث إفنائية.

والمشكلة أن العقول تتباين، ولا يوجد شخصان يتطابقان عقليا، فكيف بمجتمعات ومجتمعات، فالتمترس بالمعتقدات والرؤى والتصورات من المخاطر الشرسات الفاعلات في الحياة على مر العصور، ولن يشذ عنها عصر مهما توهمنا ورأينا.

وهذا يفسر كيف أن القوى الغربية تعقّد المشاكل الشرقية، لتفاوت الفهم والإدراك وإختلاف الثوابت والمعايير.

فالقول " أهل مكة أدرى بشعابها" يصح في كل مكان وزمان، أي أن أصحاب المشكلة أعرف بحلها، أما الأجنبي فلن يحلها لهم، وسيعضلها ويستنزفهم بها، وفي واقع المنطقة العديد من التحديات التي تطورت وتعضلت، بسبب الإقترابات المتباعدة بين أطرافها.

فهل لنا أن ندرك هذه البديهية السلوكية، وننكر حياة المغفلين؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

أثناء الحرب العالمية الثانية وخلالها وما بعدها أستطاع اللوب الصهيوني مع النظام الأمريكي السياسي أن يخدع المجتمع الدولي وخصوصا الدول المتضررة بآثار الحرب المدمرة واقتصادها المنهار وإقناعهم بإيداع أموالهم في بنك أمريكي تقوده الصهيونية العالمية بذكائها المعهود لحمايته من الحرب وتداعياتها مدعوم بأرصدة من الذهب تحت مسمى البنك الدولي (صندوق النقد الدولي) استطاعت من خلال هذه الأرصدة الهائلة من تمرير أخطر خديعة ما زال العالم يعاني منها بإنشاء عملة ورقية موحدة جديدة للتعامل بها في دول العالم وتعاملاتها التجارية مع أمريكا ودول العالم وربط اقتصادها بعملة أسمتها (الدولار) أن لعبة الدولار أصبحت كالحبل الممدود بطرفين أحدهما بيد  السياسة الأمريكية الصهيونية والآخر بيد أنظمة الدول العالمية والملتف حول عنق المواطن والشعوب المهيمن عليها وهو الخاسر الوحيد من هذه اللعبة القذرة وتجاذبات السياسة الاستعمارية والتي راحت ضحيتها شعوبا ودولا كثيرة بسبب غباء سياسيها وضعفهم وتبعيتهم لولي أمرهم الأمريكان وعدم قدرتهم من مجارات النظام العالمي الجديد المهيمن عليه الدولار فقد كان هذا المشروع الذكي على حساب غباء القادة الذين ربطوا مصيرهم ومصير شعوبهم به حيث ما زال الصندوق يستنزف ثروات وأموال هذه الشعوب والبلدان وسرقة أموالهم وخصوصا الدول العربية نتيجة ضعف السياسة الاقتصادية لها وعدم وجود رؤى تخطيط لانتشال الواقع الاقتصادي وتحريره من التبعية والهيمنة السياسية لصندوق النقد الدولي الصهيوني بقيادة الدولار الذي أذل الشعوب وبقي هو المتسيد على مقدرات البلدان وخصوصا الفقيرة منها من خلال المضاربات به صعودا ونزولا .

فان كانت الأنظمة العربية حريصة على مصالح شعوبها وحفاظا على ثرواتها الوطنية وإنعاش اقتصادها عليها الخروج من جلباب الهيمنة الأمريكية وسياستها النقدية وتسلطها على السياسة النقدية العالمية بهيمنة الدولار على أسواقها وتعاملاتها التجارية بتوحيد عملتها وجعلها عملة واحدة قد تكون الريال أو الدينار العربي للتخلص من الإذلال الأمريكي وسيطرة الدولار الذي يتلاعب بمصير أسواق الشعوب العربية وخصوصا النفطية منها وهذا المشروع العربي يحتاج إلى قرار وطني موحد بعيدا عن التبعية والعمالة لأمريكا وموقف شجاع للتخلص من سياسة النقد الدولي الصهيوني خدمة لمصالح الشعوب العربية التي تستنزف ثرواتها المالية وتضعف أسواقها وخصوصا ما نراه في العراق من مضاربات بعملة الدولار وتأثيره على الأسواق المحلية العراقية والمتأثر به الوحيد هو المواطن العراقي بالرغم قدرة العراق ماليا وقوة اقتصاده إذا أستغل بشكل صحيح وسياسة نقدية علمية وطنية وهذا يحتاج إلى نظام سياسي حاكم يجرد اقتصاده من هيمنة أمريكا ودولارها المقيت.

***

ضياء محسن الاسدي

لا ابالغ لوقلت ان التناخر مستمر بين الاحزاب والكتل السياسيية منذ عام 2005 ولحد اليوم رغم اختلاف بعض الوجوه السياسية وغياب كتل منهاعن العمل السياسي ممن يدعون الاصلاح والديمقراطية سواء كانوا نوابا اوكتل وتيارات سياسية وغيرهم الذين يسعون حسب ادعائهم لوضع الامور في نصابها الصحيح او معالجة القضايا المتراكمة، او وقف هدر المال العام ومعالجة الفساد المستشري في اغلب مؤسسات الدولة التي يروح ضحيتها عادة الشعب العراقي المظلوم الذي بات يعيش في حالة قلق مستمر وترقب لما ستؤول اليه الامور رغم ان هناك منهم من لايرى املا بجميع الحكومات المتعاقبة التي تقول اكثر ما تفعل! بعد ان انكشف امام الملاء انه لم يتوقف سيناريو افتعال الازمات وتمرير الصفقات واختلاق الصراع والتناحر والتخبط . وهنا نتساءل: ماذا قدموا للعراق وشعبه الصابر المحتسب طيلة 20 عاما؟ ماذا اصحلوا وعمروا وشيدوا وأنجزوا؟ اين التنمية وتسخير الميزانيات الانفجارية التي اصبحت حلم يراودنا ولكنه سرعان ما يتلاشى عندما نصحو على واقعنا المرير؟ّ!  واليوم نسمع عن سرقة القرن وتهريب النفط من قبل قوات حكومية" امنية ومدنية". يضاف اليها فضيحة البنوك والمصارف، وكشف مئات الالاف من الموظفين الفضائيين عسكريين ومدنيين اضافة الى الاف من الذين يتقاضون رواتب مزدوجة تابعوا ما يحدث من سرقة اموال العراقيين من اناس ينبغي وبموجب القانون انهم حماة تلك الاموال، هل هذه الديمقراطية التي يتشدقون بها و صدعوا بها رؤوسنا التي جاءت بها امريكا راعية الديمقراطية؟ ام ماذا نسمي مايحدث من فرض ارادات الاحزاب بالتشكيلة الحكومية؟ هناك من المروجين والمداحين واصحاب المصالح الخاصة الذين نراهم على وسائل الاعلام يرون ان من الطبيعي ان تشهد الديمقراطية كل ذلك ومن الطبيعي ان يحدث كل  ذلك، لكنهم تناسوا ان كل ذلك انعكس على الشارع العراقي الذي مل سماع هذه الاسطوانة المشروخة التي يرددها ببغاوات الاحزاب،نتمنى ان ترسخ كل مفاهيم الديمقراطية وفق ثقافة الإصلاح الحقيقي ومنع الفساد كلنا اليوم نردد ونكرر سؤالا واحدا: أين هؤلاء الذين حملوا على أكتافهم الدستورالعراقي ويتبجحون بالالتزام به والنهوض بمجتمع ديمقراطي واع؟! ولكن لا مجيب. العلاج لا يتوقف عند شارع متهالك، وتفشي ظاهرة الجريمة و النزاعات العشائرية ولا بتجارة وتعاطي المخدرات ولافي السطو المسلح وضح النهار والعلاج لا يسجل في فواتير المخالفات المرورية على اصحاب سيارات الاجرة والتكاتك فقط ولا بنقل هذا الموظف واقصاء ذاك، إنما العلاج ينتظر من البعض تطهير أنفسهم من آثام المحاصصة والطائفية والعشائرية والحزبية في المواقف والعمل من أجل العراق وشعبه أولا وأخير. وان يتحرر الساسة ويتخلصوا من مرض المحاصصة والطائفية ونهب المال العام الذي أصبح فيروسا منتشرا  بعد ان اوصلوا بعض البسطاء بتقديم النذور وطلب المراد من الخروف وعمود الكهرباء والجرار الزراعي ونحن في الالفية الثالثة ونعيش عصر التحول الرقمي.!!

***

د. شاكر كريم القيسي

منذ تولي الحكومة الجديدة أعمالها قبل ثلاثة اشهر، وشعارها الرئيسي حكومة خدمة وطنية تهدف الى دعم وتمكين الشرائح البسيطة من حياة حرة كريمة، لكن انخفاض قيمة الدينار العراقي المفاجيء امام الدولار وزيادة اسعار الغذاء والدواء واغلب الخدمات... عقد الموقف وصعب المهمة على رئيس الحكومة وكابينته التي ما زالت جديدة!!!. فما هو الحل لهذا التحدي الخطير؟ الذي قد يتفاقم او يخرج عن السيطرة اذا لم تتخذ اجراءات فعالة لايقاف تدهور الحالة المعيشية للطبقات المهمشة.

ان خروج الدينار العراقي عن سكة السعر المقرر من البنك المركزي قبل اقل من شهرين من الان جاء بفعل خارجي تمثل بقرارات وزارة الخزانة الامريكية والبنك الفيدرالي الامريكي، وايا كانت اجراءاتهم صارمة صحيحة ام خاطئة يبقى السؤال: لماذا الان؟ ولماذا لم تتم قبل عشر سنوات او على مراحل؟، هل الهدف إسقاط مشروع السوداني في دعم الفقراء لان ارتفاع الدولار يعني زيادة الثقل على ذوي الدخل المحدود وزيادة نسب الفقر بين كافة ابناء الشعب، ام ان الهدف هو القضاء على فساد مزاد العملة وهذه مسؤولية العراقيين وهناك مؤسسات دستورية مختصة بهذا الامر.

ان كل الحجج والذرائع لتوقيت تطبيق اجراءات الشفافية على مزاد بيع العملة الاجنبية وفقا لشروط الفيدرالي الامريكي، تسقط اذا ما علمنا ان اكبر المتضررين هو الشعب العراقي المسكين اولا؛ والحكومة الجديدة ثانيا؛ والاستقرار الذي نأمله ثالثا؛ بعد مخاض لاكثر من عام قبل تشكيل حكومة السوداني. فهل تستحق هذه الإجراءات روح المغامرة بتنفيذها الان، سؤال امام الساسة وصناع القرار وحتى الامريكان.

***

جواد العطار

في ظل نظام اعتقدنا أنه ديمقراطي، وفي ظل مؤسسات قيل إنها منتخبة، مازال البعض يعتقد بأنه يحمل تراخيص لإذلال الناس وتعذيبهم والحط من آدميتهم.. اليوم نحن أمام عملية ممنهجة لاستعادة ممارسات الطغيان والتسلط.. ففي الأيام الماضية جرت وقائع وأحداث كثيرة أعادت إلى الأذهان ما كان يجري في أقبية المخابرات والأمن أيام نظام القائد الضرورة، وسط صمت متواطئ مع قطعان الوحوش التي تهتك أعراض واجساد المعتقلين، الأمر الذي دفع وزير العدل إلى معاقبة وإعفاء عدد من مدراء السجون على خلفية فديوهات لنزلاء داخل أحد السجون وهم يناشدون الحكومة لإنقاذهم من ممارسات إدارة السجن التي تجبرهم على شراء المخدرات والهواتف النقالة بمبلغ مليون ونصف المليون دينار عراقي.

سيقول البعض إن هذه حالات فردية متناثرة هنا وهناك، ونقول إنها رسائل رعب ترسلها الجهات الحكومية، لكل من يختلف مع منهجها التسلطي، خصوصا وأن أجهزتها الأمنية تمارس الوداعة مع عتاة الفساد وتسهل لهم أن يعيشوا مرفهين، حيث تفتح لهم أبواب السجون متى أرادوا.

بعد 2003 كانت الناس تأمل أن تجد أمامها مسؤولين أقوياء في هدوئهم، فقد عانوا طويلاً من عهود سادت فيها قرارات الجور والظلم والتعسف، التي أوقعت جميع العراقيين في مصائب كثيرة، وهزائم كبيرة مازالوا يدفعون ثمنها حتى الآن.

ظلت الناس تنتظر أن ترى أمامها مسؤولاً، لا ينحاز لطرف على حساب طرف آخر، مسؤول يتعامل مع الجميع على مسافة واحدة من الجميع، مسؤول شعاره العدالة أولاً، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام عقليات سياسية خربة تتعامل مع المواطن باعتباره عدواً وعميلاً يجب اجتثاثه، كانت الناس تريد مسؤولين يعبرون بالبلاد من عصر الفساد والقمع إلى عصر الحريات، فوجدوا أمامهم مسؤولين يريدون إعادة العراق إلى زمن القرون الوسطى.

اليوم علينا جميعاً أن ندرك أن لا استقرار لوطن يمارس فيه الجلاد وظيفته بقوة القانون، وعلينا أن نقولها، مرة ومرتين وإلى ما لانهاية، إن الجلادين ومن يقوم بحمايتهم يجب ألا يفلتوا من قبضة القانون، وعلينا أن ندرك جميعاً، أن لاعدالة مع مثل هكذا مؤسسات أمنية، ولا استقرار مع قوانين عرجاء، تقفز كلما أرادت الناس أن تحاسب المفسدين والسراق والمزورين والقتلة، وتصمت عندما تُنتهك آدمية الإنسان، ولا مستقبل لبلاد يقودها مسؤولون يرون الجريمة وينكرونها وكأنها لم تحدث.

ليس هناك قدر محتوم على البشر فيه أن يتحولوا إلى ضحايا لوحوش بشرية، لكن أنظمة القمع والاستبداد هي التي تصر على أن نبقى أسرى نظام استبدادي لا يؤمن بالآخر، نظام يعيش على وهم "عصر المؤامرات "، عصر السجون المخيفة، عصر الهتافات، تلك هي صورة العراق التي يريدون لها أن تبقى مرسومة في أذهان الناس.

***

علي حسين

 

"قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا"

عليك أن ترى ما ترى، وأرى ما أرى، فلا تحشر نفسك فيما أرى، فلكل منا عقله ومداركه، وعقولنا كبصمات أصابعنا لا تتشابه أبدا.

ولا تقل أنك عارف بالدين وغيرك يجهل وعليه أ يتبع ما ترى وتقول، وتعطي لنفسك حق الإفتاء فغيرك ليس ملزما بما عندك، فالذي يعبد ربه يعرف كيف يقوم بذلك، ولا يحتاج إلى وسيط من أمثالك، فهذا تشويه للدين وإستعباد للتاس أجمعين.

فالتقليد إستعباد وتعطيل للعقل، والإرتماء في أحضان القطيع من أفظع التفاعلات التي تدعو إليها رموز المتاجرة بالدين، فكل ما هو مؤدين مدنس بنوازع النفس الأمّارة بالسوء.

عندما يتساءل البشر لماذا أنا موجود، فأنه يقر بإرادة الإختيار، ويستحضر ما عنده من الطاقات ليعبر عن وجوده الذي يراه وفقا لمنظومته الإدراكية المنبثقة في مدارات عقله المتفاعل مع دماغه.

فالإنسان المتخلف عقليا أو الذي فقد قشرة دماغه، بلا قدرة على إستجلاء خياراته وتقرير مساره ومواضع خطواته.

اما أن يتم مصادرة عقل البشر ورهنه بعقل فرد ما، فممارسة إستعبادية إضطهادية تنفي وجوده كأنسان، وتؤكد تحويله إلى شيئ أو بضاعة والبعض يراه رقما بلا جدوى.

إن الإعتراف بوجود العقل الآخر من ضرورات البقاء الإيجابي، والتفاعل الإنساني المطلوب لصناعة الحياة الحرة الكريمة، وبدون التكافل الفكري والتعاون المعرفي لن تتقدم البشرية، التي وفقا لتفاعلات عقولها الحرة أنجزت ما لديها من الإبداعات المادية والمعنوية.

فهل يجوز لنا النظر بغير عقولنا؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

نُمسك الهاتف وندخل إلى حساباتنا في "السوشال ميديا".. فنرى عالماً من المحتوى الصوري والفيديوي منه الصاخب والساخر والتافه، ونسمع ونستمتع بمتابعة رسائل متنوعة ومختلفة في قيمتها وأهدفها.. لكن أصبح الهدف الأهم منها هو " الترند".

قمّة الترند هي التي تجمع الإعجابات والمشاهدات  بغض النظر عن قيمة وأهمية ما تقدّمه للناس، بل أن التفاهة هي أفضل ماتقدمه اليوم للمجتمع لتجمع الدولارات، لأن التفاهات هي بضاعة حديثة يطرحها ويسوّق لها بعض أصحاب الصفحات الإلكترونية المؤثرة لكي يستفيدوا منها في جمع أعداد هائلة من المتابعات.

يقول المثل  "كل شي يزيد عن حده ينقلب ضده " ويحدث ذلك مع غياب الثقافة والرقابة وحب الشهرة والمال، وأصبحت بعض التفاعلات تأتي عن طريق الخروج عن المألوف في التعبير والتصوير والإباحية والتسقيط  ومهاجمة الآخر، وبدأت تبالغ بعض البلوكرات في الإعلانات عن البضائع فتصدّر نفسها بضاعة، أما جلسات التصوير فقد إختلفت عن صبغتها وإنحرفت عن مسارها وتأثرت بعالم التفاهة.. لتكون أيضاً مادة دعائية للشهرة والترويج للذات وسط مجتمع يتلّقى الفضائح والقيل والقال برحابة صدر وينتقد المحتويات السخيفة لكنه بذات الوقت ينشرها! هذا ماشجّع البلوكرات والفاشينستات وغيرهن ممن لا عمل لهن أن يطلقن على أنفسهن لقب إعلاميات لكي تصبح إحداهن معروفة عَبر المحتوى الصادم الذي تقدمه الفاشينستا بكلامها أو ملابسها أو جلساتها التصويرية فصارت كما نقول بالعراقي "بلا ملح".. وتطورت الجلسات من أماكن الطبيعة والبحر والأستوديو إلى المقابر و نصب الشهيد وساحة التحرير بالملابس العسكرية !.

هذه المشاهد وغيرها أثارت غضب الكثيرين لكنها تنّبهنا لنرى مدى هبوط مستوى وعينا و تدني ثقافتنا مع تطور العالم الإلكتروني وتراجع النظام الرقابي الذي من شأنه أن يضع حداً للمشاريع الدعائية والترويجية الصفراء ويكافح المجتمع من أثرها الوبائي.

***

ابتهال العربي

لعل الكثير من قراء هذه الزاوية، لم يذهبوا يوماً إلى فيتنام، لكن معظمهم بالتأكيد يحفظ الكثير عن صلابة شعب هذه البلاد، ويعرف اسم قادتها بدءاً من هوشي منه وليس انتهاء بالجنرال جياب، وبالتاكيد هناك من ردد ذات يوم مع الراحل عريان السيد خلف قصيدته الشهيرة

هلبت.. مات

" جيــــفاره.. ؟"

اوهلبت.. " هوشي منه "

انكَطعت اخباره ..؟

ما تزال سيرة هوشي منه تسحر الأعداء قبل الأصدقاء، وما يزال الفيتناميون مغرمين بحكايات ومواقف زعيمهم، الذي ترك لبلاده سيرة نضالية ومعها ساعة قديمة ونظّارتان كانت كل ما يملكه، فقد كان يقول للذين يسألونه عن حالة التقشف التي يحيط بها نفسه، حتى بعد أن وقفت الحرب وأصبح زعيماً للبلاد: "الزعامة ليست في حاجة إلى المال، إنها بحاجة أكثر إلى عقل يفكر جيداً."

وأرجوك ألا تقارن بين ما قاله هذا الرجل النحيل، الذي ترك بلداً يتقدم اليوم بخطوات ثابتة إلى عالم الرفاهية، وبين ما نهَبه اليوم رجال الزعامة في العراق، إذ دخل النهب للمال العام في أبشع أشكاله إلى العراق، وهي جريمة لا استثناء فيها لأحد حتى من يسمون أنفسهم "التكنوقراط"، وجميع من جلسوا على كرسي الوزارة أو تحت قبّة البرلمان.

في كتابه " قصة موجزة عن المستقبل" يروي المفكر الفرنسي جاك أتالي حكايات السنين المقبلة، والمستقبل الذي ينتظر بلداناً مثل الصين والهند والبرازيل وفيتنام. يقول أتالي: "هناك دول اختارت أن تحجز لها مكاناً في الصفوف الأولى من عربة المستقبل"... فيما تقول احوالنا اننا اخترنا أن نتحول إلى بلاد الى طوائف واحزاب .

خاضت فيتنام حرباً شرسة ضد الأميركان راح ضحيتها مئات الألوف، وماتزال صور المآسي تحتفظ بها هانوي في متاحف خاصة، فيما تعجّ العاصمة الفيتنامية اليوم بالسيّاح الأميركيين والاستثمارات الأجنبية وعلاقات متميزة حتى مع الدول التي شنت حروباً عليها، وعادت سايغون مدينة تفتح ذراعيها للجميع، كان هوشي منه ينبه قادة الجيش أن "الدفاع عن البلاد ليست منّة يتحملها الشعب، فالتاريخ لا يصنعه شخص واحد."

بالأمس قرأت خبراً مثيراً من بلاد العم هوشي منه يقول إن الرئيس الفيتنامي نجوين شوان فوك، قدم استقالته من منصبه، وسيتوقف عن العمل كعضو فى المكتب السياسي، بناءً على طلبه الشخصي.

وقالت الصحف الفيتنامية إن فوك كان زعيماً استطاع أن يقوم بالكثير من المهام الجيدة منها إدارته لجهود مكافحة الفساد والسيطرة على جائحة كورونا . لكن هذا الرئيس يتحمل اليوم مسؤولية فساد بعض الوزراء ولهذا كان عليه أن يقدم استقالته من الوظيفة والحزب.

لو كنت مواطناً بأي بلد آخر في العالم، وأصغيت إلى مثل هذا الخبر، لفكرت بعدها بالانتحار. لكن العراقي يسمع الأخبار ويذهب إلى النوم مطمئناً.

***

علي حسين

التنوير مصطلح نشأ في فرنسا قبل ثورتها المعروفة، وله رموزه من المفكرين والفلاسفة والمبدعين، وبموجبه إنتقلت البشرية إلى عوالمها المعاصرة، وقد ظهر والكلمة تعني العمل أو تخبرنا عن عمل، فكان تثويرا لواقع يسعى لإنجازية ذات قيمة حضارية.

وفي مجتمعات الأمة إنطلق التنوير منذ بداية القرن التاسع عشر، ولا زلنا نتمنطق به، وما تحقق ما يجب أن يتحقق بموجبه، ووجدتنا نزداد تقهقرا وإمعانا بنكران ذاتنا ومسخ هويتنا، وتدحرجنا على سفوح التبعية والشعور بالدونية، ونرفع رايات التأخر وفقدان القدرة على التفاعل الإبداعي الأصيل مع العصر.

كما أن المجتمع إندحر في كينونات تجاوزتها الدنيا، وغطس في توجهات مؤدينة ذات نوازع عدوانية على الدنيا والدين.

وهنا ينهض سؤال أين التنوير وما معناه وقيمته، ولماذا أصبح مصطلحا مبهما يفيد التفاعل السلبي مع التحديات؟

ويبدو الجواب واضحا، بأن العمل في ديارنا كلام وحسب، أما روح العمل والجد والإجتهاد والعزيمة والإصرار فبلا دور، فالفعل كلام، ولهذا المنابر الإعلامية تزدحم بالكلام الخالي من الفعل الجاد والمؤثر.

وتجد المتسلطين على البلاد والعباد يقومون بأفعال مخالفة للمواثيق والحقوق الإنسانية، والمقهورين يتفاخرون ويتنافسون بالكلام الموسوم بالتشكي والتظلم، والتهكم والتهجم، والفاعل فيهم يواصل فعله، وكأنه يقول دعهم يتكلمون وعلينا بالعمل فلا قيمة لكلامهم، فالديمقراطية أن تتكلم وكفى الله المؤمنين شر القتال، إنها من وسائل أضعف الإيمان.

فهل سيغير الكلام ما تأتي به الأيادي وتفعله النفوس الأمّارة بالفساد؟

فأين التنوير؟

إنه تعثير وتدمير وتخوير، ومَن في الكرسي يتعبّد في محراب السلب والنهب ويسبّح بإسم الفساد، والدين وشاح أمين، ما دام القطيع راتع مستكين!!

فلتتكسر الأقلام وينتفي الكلام، أنه محض كلام، فالخائن إمام!!

***

د. صادق السامرائي

 

عقد المؤتمر بالأردن حضرته 12 دولة غالبية الدول ساهمت وبشكل مباشر في ايصال العراق الى وضعه الراهن، ظاهره اعادة اعمار العراق ومساعدته في انتهاج لغة الحوار بين ابنائه ،ولكن السبب الرئيس لاجتماعهم خوفهم على انظمتهم القبلية والعشائرية، واولئك الذين يعتقدون انهم ظل الرب في الارض،انهم يخافون من تنامي قوة داعش الاجرامية التي صنعتها امريكا وبتمويل عرب النفط لإحداث بلبلة في دول المنطقة، والاستفادة من الاسعار التشجيعية للنفط العراقي، على عهد صدام لم يكن هناك تنظيم اجرامي تحت أي مسمى، فكان بلدا امنا مطمئنا، لم تجرؤ أي من دول الجوار على التطاول عليه، على مدى عقدين من الزمن اراضيه مستباحة والرافدين نضب ماؤهما واوشك مجراهما على الجفاف بفعل كثرة السدود  التي أقامها الاتراك خلال الفترة الماضية، العراق اليوم لم يعد قادرا على تامين حدوده والجام الفصائل المناوئة للنظامين الايراني والتركي المقيمة على اراضيه ما جعل الطائرات الايرانية والتركية تخترق اجواءه، بحجة ملاحقة التنظيمات المسلحة المناوئة للنظامين الايراني والتركي.

الاعراب الذين يذرقون عل العراق دموع التماسيح ساهموا وبكل ما اوتوا من قوة عسكرية واموال نفط في تدمير البلد، وبدلوا جهودا مضنية في سبيل دلك وسخروا مؤسساتهم الدينية لإصدار الفتاوى بوجوب استقدام القوات الاجنبية بقيادة امريكا في شن الحرب عليه ودعموا الحصار الخانق على الشعب العراقي مما ادى الى مقتل مئات الالاف شيوخا واطفالا ونساء وها هي النتائج ماثلة امام انظار الجميع لما فعلته الانظمة العربية والغربية.

انهم السبب الرئيس فيما وصل اليه حال العراقيين الى الان؟ لمادا لم يعمل العرب خلال ازمة الكويت على حلها عربيا بدل استدعاء الولايات المتحدة التي كانت تنتظر الفرصة للنيل من العراق الذي دخل عصر التصنيع الحربي، خدمة للكيان المغتصب لفلسطين؟ العرب واسيادهم الغرب هم من مهدوا لإيران بالتدخل في الشأن العراقي، يريدون ابعاد ايران عن العراق ويتناسون ان حلفاء ايران هم من يسيطرون على مقاليد الحكم في العراق، رئيس الوزراء العراقي الحالي، السوداني ينتمي الى الاطار الشيعي الموالي لإيران.

غالبية الدول العربية التي تتحالف مع الامريكان، نجدها تقيم علاقات واتفاقيات وتطبيع مع الكيان الصهيوني ضمن اتفاقية ابراهام، تأتيها الاوامر والتوجيهات من البيت الابيض في علاقاتهم مع جيرانهم ومع الدول الاخرى، للأسف الشديد العرب ليسوا اسياد انفسهم انما تُبّع للسياسة الامريكية المتعجرفة. التقارب السعودي الايراني ممكن  بشرط عدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير.

لن ينهض العراق طالما تواجد نظام المحاصصة الطائفية والمذهبية، ويتم التستر على كل من اهدر المال العام واثرى على حساب الشعب العراقي الذي يعيش ازمات اقتصادية متتالية. والعمل على فك الارتباط مع كل القوى الاجنبية التي تقوض استقلال العراق ،وبناء جيش وطني عابر للطوائف والمذاهب قادر على حماية حدود البلد، بدلا من الاتكاء على الميليشيات المؤدلجة، حفظ الله العراق واهله.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

القرآن فيه إشارات لإحترام الله للعقل، ومنها قوله: "...وما أمر فرعون برشيد"، ومحاورته المعروفة مع إبليس عندما رفض السجود لآدم، "قال يا ابليس ما لك الا تكون من الساجدين"، " قال يا ابليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي استكبرت أم كنت من العالين"

والبشر لا يحترم عقل أخيه البشر، بل ينسفه ويسفهه، وربما يقتله لأنه رأى غير ما يراه ويعتقده بموجب علقه، وينسى "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"، ويتجاهل "الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون".

وتلك من طبائع النفوس الأمارة بالسوء والبغضاء، التي تحث على المآثم والخطايا والشرور والعدوان على الآخر، وتسويغ السلوك الإجرامي بعقل مستعبد هضيم.

إن إحترام العقل من أساسيات التفاعلات الإنسانية المتقدمة المؤدية للرقاء والنماء القيمي والأخلاقي، وتحقيق الأمن والسلام والحرية والكرامة، والعناية بحقوق الإنسان وتأمين حاجاته اللازمة للحياة.

البشر يحتقر العقل ويرفضه، ويميل للتبعية والخنوع وتحميل المسؤولية لغيره، لكي يريح نفسه ويعبث بأيامه دون عواقب، فيقوم بما يقوم به وفقا لتوصيات وإرشادات مَن يتبع ويقلد، وبموجب فتاوى وتبريرات المسخرين له لتحقيق مآربهم الدنيوية بإسم الدين.

والمجتمعات التي لا تحترم العقل تصاب بالويلات والتداعيات، ويكثر فيها النهب والسلب وسفك الدماء وتدمير العمران والإنسان.

والتي تحترمه وصلت ذرى المجد وطافت آفاق الوجود الإقتداري، المسلح بالعطاءات الأصيلة والطاقات المتحركة بإتجاهات صاعدة إلى الأعلى المطلق.

العقل الحر ينبوع الإبداعات اللازمة لحياة حرة كريمة، وبتقيده وتعويقه تفقد الحياة أهم عناصر تكوّنها المتجدد وتفاعلاتها المتميزة.

ولابد من الموازنة بين الحرية العقلية والرؤية الواقعية، أي يكون الإحترام معيار التواصل مع الآخر، فلابد من الإحترام المتبادل، لكي يكون العقل فاعلا ومؤثرا في صناعة الحياة.

فكيف سنرى قناعات الآخرين؟

هل سنزدريها أم نحترمها ونمضي في بناء الحياة بحرية ومصلحة مشتركة؟

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم