أقلام حرة
من اختطف جاسم الأسدي؟
لا تزال الأجهزة الأمنية ومعها الحكومة والبرلمان يتخذون موقف المتفرج من عملية اختطاف الناشط البيئي البارز جاسم الأسدي، ولم يجد المواطن ولا عائلة المختطف سوى أن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، أكد فيه عملية الاختطاف وكالعادة أخبرنا أن "الجهات الأمنية ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق مرتكبي هذا الفعل الإجرامي مهما كانت انتماءاتهم".
تلحّ الدولة بكل أجهزتها على أنها حامية للمواطن، وأنها لن تسمح لأي جهة غيرها بأن تمتلك السلاح، وأصبح شعار "السلاح بيد الدولة" مثل معزوفة موسيقية تعزفها الأجهزة الأمنية مع كل عملية خطف أو اغتيال.. أما البحث عن الجاني فهذه مسؤولية المواطن.. مضى ما يقارب الأسبوعين على اختطاف المواطن "جاسم الأسدي"، من دون أن تعلن الدولة موقفاً من عصابات الخطف.
إن المشهد يبدو مثيراً للأسى حين تستنجد عائلة عراقية، بأجهزة الدولة من أجل إعادة أحد أبنائها إلى حضنها، في مشهد يثير الحزن والغضب في نفس الوقت ظهر شقيق المختطف يقول إن الأجهزة الأمنية تعرف الجهة الخاطفة. الأستاذ جاسم الأسدي أمضى حياته يدافع عن الأهوار وأهلها، ويشرح للعالم مأساة هذه المنطقة التي نُكبت بسبب أمزجة السياسيين والحكام، وقدم للعالم صورة مشرقة عن العراق وحضارته، والرجل ليس طالب سلطة ولا يزاحم ساستنا الأشاوس على الكعكة العراقية، ولا يهمه من سيصبح محافظاً أو رئيساً للوزراء، ومن سيلفلف أموال البلاد والعباد، ما كان يسعى إليه أن تعود الحياة إلى الأهوار العراقية، فهل هذه جريمة تتطلب خطفه وتغييبه؟.
ربما يسخر مني البعض ويقول: يارجل عشرات عمليات الاغتيال والخطف تمت خلال السنوات الماضية، والنتيجة أن الدولة تضع الملفات في أحد الأدراج، مثلما وضعت من قبل ملفّات جسر الأئمة وتفجيرات بغداد الجديدة وجريمة سبايكر وملف قتل المتظاهرين، ولهذا علينا أن نعرف جيداً أن كل أعضاء اللجنة التي حققت في اختطاف جاسم الأسدي، ذهبوا مطمئنين إلى النوم العميق، بعد أن أوهموا العراقيين بأن الحكومة اقتصّت من المجرمين. لا شيء تغيّر، إلا مأساة أهالي الضحايا التي ازدادت هولاً وضخامة وفجيعة، وكان آخرها صرخة عائلة الاستاذ جاسم الأسدي.
وأكرّر ما قلته سابقاً إن المسألة هنا تتعلق بفضيحة كبيرة: هناك أطراف تعرف جيداً أن الدولة لا تملك سلطة معارضتها، ولكن هل يعقل ياسادة أن يُخطف مواطن عاش حياته لخدمة بلده؟.. أليس الأمر أشبه بعار سيظل يطارد هذه البلاد التي لا تحترم مواطنيها؟.
هل تدرون ان في كل قضايا القتل والاختطاف.. لم يُحاسب المتسببون، لأن التقارير الرسمية، تنكر كل ما يقال عن هذا الموضوع ونردد هذه النغمة التي مل الناس منها " الوضع تحت السيطرة " .
***
علي حسين