أقلام حرة
إبن خلدون وما أتى!!
أبي زيد ولي الدين عبد الرحمن بن خلدون (1332 - 1406) ميلادية، المؤرخ العربي المشهور بمقدمته التي كتبها في خمسة أشهر سنة (1377) ميلادية في قلعة إبن سلامة في الجزائر، وهي الجزء الأول من كتابه (كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر).
مضى على تلك المقدمة (646) سنة ولا تزال ذات صدى وتأثير، وتعتبر حجر الأساس لعلم الإحتماع، وقد تناول فيها مواضيع متنوعة كالدين والبيئة والجغرافية ومراحل العمران ونظم الحكم وشؤون السياسة والظواهر الإقتصادية وما يتعلق بها من صناعات وكذلك الأمور النفسية، وغيرها العديد من الموضوعات التي تخص التفاعل البشري .
وما يثير الإنتباه في المقدمة ربطه بين الفكر واليدين، وإعتبرهما الميزة التي تفرق الإنسان عن باقي المخلوقات.
ولابد من الإشارة إلى أن الدماغ آلة العقل، وبدون الدماغ لا وجود للعقل، والدماغ يحرك أعضاء البدن ويوجه اليدين ويعينهما على إكتساب المهارات والقدرات التصنيعية، فبدون اليدين لا يمكن للبشر أن يأتي بمصنوع، ولو نضجت الفكرة في رأسه وتجسمت.
وعندما نريد الوصول إلى تعريف العقل، فهو نشاط الدماغ الكهرومغناطيسي، فالأدمغة محاطة بمجالات كهرومغناطيسية متوافقة مع قدراتها التوصيلية وما فيها من عُصيبات ناشطة، وبهذه الخاصية تتفاوت قدرات الأدمغة على جذب الأفكار وتصنيعها، وتطويع اليدين لإنجازها.
فالأفكار مبثوثة في الفضاء والأدمغة تجذبها بقدراتها الكهرومغناطيسية، وهذا التفاعل الفيزيائي بين الدماغ والأفكار يسمى العقل، الأفكار مثل الفوتونات الضوئية أو الأمواج الضوتية، وسيأتي اليوم الذي نتمكن من إختراع الأجهزة القادرة على تسجيلها.
وعودة إلى إبن خلدون الذي فقد أبويه في مطلع صباه بسبب الطاعون، والعديد من أساتذته، وكذلك عائلته وهي مبحرة لتكون معه في مصر.
هذا العالم العربي إهتم بالسلوك البشري الفردي والجمعي، ووضع نظريته في دراسة المجتمع وفقا لمنهج علمي واضح لا يختلف كثيرا عن مناهج الدراسات العلمية المعاصرة، فأحدث ثورة فكرية وثقافية وأطلق آليات التفاعل المبدع مع البيئة والمجتمع.
وأحيانا يبدو وكأنه قد فسر علاقة الأفكار بالسلوك وبالحالة النفسية للفرد والمجتمع، وهو دليل على أن الأمة تكنز طاقات إبداعية ومعرفية أصيلة، فعلينا أن لا نبخس بضاعتنا، ونرى أنفسنا بعيون العزة والثقة بالحاضر والمستقبل، وبأننا حتما سنكون!!
***
د. صادق السامرائي