أقلام حرة

أقلام حرة

واجهت حكومة السوداني الكثير من العقبات وكان أهمها عبور حالة الصراع التي تولدت في داخل القوى السياسية من جهة ، وحالة اللامقبولية التي أظهرتها بعض القوى السياسية أمام تشكيل الحكومة، ورفضه المشاركة فيها،ما سبب حالة عدم توازن بين القوى السياسية برمتها،ولكن وعلى الرغم من هذا الصراع إلا أن السوداني كان جادا في حل المشاكل وإنهاء حالة الاتكالية والرتابة في تسيير أمور الدولة العراقية .

السوداني بدأ خطواته نحو الفساد بصورة واقعية بعيدا عن الإيهام والشعارات التي تركت مال العراق عبثاً بيد الفاسدين والسراق ، فالمبالغ التي هربت تقدر بأكثر من ٣٠٠ مليار دولار بين تهريب وشراء عقارات واسهم لشركات في داخل العراق وخارجه، بل تعدته إلى سرقة المال العام في وضح النهار وبأساليب شيطانية وتحت غطاء القانون .

السوداني بدا حرباً شاملة على كل أنواع الفساد، وحيّد الأحزاب عن أي تدخل بالشأن الاقتصادي او الأمني،إلى جانب انه استطاع أن يستقل بقراراته المركزية بعيدا عن أي تأثير حزبي من هنا أو هناك معتمدا على وجوده في كافة مفاصل الحكومة،فهو اعتلى أول منصب عندما كان قائمقام واخذ يتسلم المناصب العليا حتى وصل إلى رئاسة الوزراء .

أهم ما يمكن أن يكون حلاً سريعاً لمشكلات العراق هو الملف الاقتصادي، حيث أن المؤشرات تشير وبصورة واضحة إلى أن الأمور كانت متجهة في عام 2020 إلى الانهيار، وكان النظام السياسي والقوى السياسية تعيش خطر حقيقي بفعل هذه الأزمة، وكانت هذه القوى تبحث عن حلول سريعة، ولكن بعد تلاشي خطر الانهيار وارتفاع أسعار النفط أعادت النخبة تبني السياسات المتبعة منذ2003، وتخلت عن كل الأفكار التي تتعلق بتغيير النهج الاقتصادي .

أن الفرص التي أتاحها التدفق النقدي لرؤوس الأموال من الخارج، وتطور سوق الأوراق المالية لم تكن كافية في إصلاح الهيكل الإداري للمال في العراق،بل كان ينبغي العمل على تنوع أبواب الاقتصاد من خلال تنوع الإيرادات وعدم الاعتماد على النفط، بل ينبغي الإسراع في إيجاد أبواب جديدة لرفد الاقتصاد العراقي بإيرادات جديدة من خلال أبواب استثمار في مجالات متعددة أهمها السياحة والتي تعتبر نبض العراق، ومن أهم العناصر الأساسية في إثراء ميزانية الدولة بمليارات الدولارات سنوياً.

الآن وبعد مرور أكثر من ستة أشهر على تشكيل حكومة السيد السوداني ينبغي الوقوف على أهم المعرقلات في إصلاح النظام الاقتصادي، وأهمها ينبغي أن يكون الإصلاح متسقاً تماماً مع الإصلاح السياسي وبشكل لا ينفصل عنه،إذ لايمكن أصلاح ملف بمعزل عن الآخر،كما من المهم جداً إيجاد الثقة الضرورية بين الجمهور وبين هذه الطبقة السياسية وبما يعزز قوتها في إجراء الإصلاحات الضرورية على الهيكل الأساسي للدولة.

لاينبغي الاعتماد كلياً على الارتفاع الطارئ لأسعار النفط العالمية، بل ينبغي الإسراع بوضع إستراتيجية اقتصادية تعتمد على أإيجاد خزين هائل من المال والذهب في البنك المركزي العراقي، لذلك ربما ستعود نفش المشاكل السابقة التي برزت في 2020 إذا ما أداركنا الموقف وعالجت الحكومة الملف الاقتصادي بالتوازي مع الملف السياسي،لذلك فأن الاقتصاد العراقي الحالي غير مستدام،لان الحكومة وفي المستقبل القريب ستكافح من أجل توفير رواتب الموظفين والمتقاعدين، ناهيك عن الحفاظ على المحافظة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي للفرد العراقي وعلى نطاق كافٍ لمنع أي اضطراب اجتماعي محتمل وإعادة شحن للشارع العراقي مستقبلاً.

***

محمد حسن الساعدي

إبتكر: أنشأ أبدع ما هو غير مسبوق

ثقافة الإبتكار تكاد تكون غريبة في مجتمعاتنا، بل ومستهجنة، ويُحسب أصحابها من المجانين أو (المخابيل)، من الخبل: فساد العقل.

في صباي كان جارنا من المخترعين الأفذاذ، فهو قادر على تصنيع أية فكرة، وكان المجتمع يصفه بالمجنون، بل ونبذه، فاعتزل في الريف.

وذات يوم كنت في مستشفى الكرامة، أدير العيادة الخارجية للأمراض النفسية والعصبية، وإذا بإمرأة تأتيني بشاب في مقتبل العمر، تريد علاجا لجنونه، وعندما تحاورت معهما وجدت أنه من المخترعين النابغين، وأمه ترى ما يقوم به جنونا!!

في القرن العشرين تنبأ المؤرخ توينبي في كتابه تأريخ البشرية، أن قدرات البشر الإختراعية والإبتكارية ستتعاظم وتتسارع، لزيادة العدد وإطالة العمر، وتوفر الفرص اللازمة للتعبير المادي عن الأفكار، وقد صدق في توقعاته وقراءته للتأريخ.

ومجتمعاتنا فيها مئات بل آلاف العقول المبدعة المفكرة، القادرة على تحويل الأفكار إلى موجودات فاعلة في الحياة، والعلة أن المجتمع وقياداته بأنواعها ذات أمية إبتكارية، ومرهونة بالأفكار السلبية ومتأثرة بالضغط الواقع عليها من قبل القوى المفترسة لوجودها.

فالسائد ثقافة إستهلاك وتبعية وعجز وشعور مروّع بالدونية، وعدم القدرة على المواكبة والتفتح والإنطلاق، وإن الأمة فاقدة للأهلية العلمية، ولا تمتلك طاقات إبداعية أصيلة.

وهذه فرية كبيرة، فلا فرق بين الأمم والشعوب إلا بقادتها وهممها وعزائمها وما تفكر به وتراه، فالأمم التي إنطلقت آمنت بقدراتها ورعت شبابها، وتبنّت أفكارهم وإستثمرت فيها وطورتها، لتكون مبعثا لقوتها وهويتها الحضارية المعاصرة.

وشبابنا وشاباتنا لديهم القابليات الإبداعية المتميزة، التي تؤهلهم لقيادة مسيرة الإبداع الإصيل المظفر في ربوع دولنا.

فالمطلوب قيادات تؤمن بإراداتنا الشبابية، وتوفر الرعاية المعنوية والإستثمارية لأفكارهم، وإبداعاتهم، فالعصر الذي نعيشه، عصر تصنيع الأفكار، ونحن أهل لهذا الإنجاز، وأجدادنا الأفذاذ قدوتنا وموئل ثقتنا بأنفسنا.

فهيا للإبتكار والإبداع الأثيل، يا قادة الدرب الطويل!!

***

د. صادق السامرائي

نَحْن على مَتْن الحيَاة عابرون، وقطار الحيَاة يُعبِّر بِنَا كُلُّ فُصُول اَلسنَة لِندْخل مَحطَّة اَلخرِيف، تَتَساقَط عليْنَا أَورَاق اَلخرِيف لِندْخل فِي مبيت شَتوِي؛ لِتبْدأ الحيَاة الأبديَّة.. إِنَّ قِطَار اَلعُمر مسافاته قَصِيرَة لِلْمحَطَّة الأخيرة مَهمَا طال اَلعُمر، القطَار سريعًا والْمحطَّة الأخيرة سَوْف يَتَوقَّف بِنَا القطَار جميعًا، سيخْرج القطَار مِن على القضْبان، العاصفة والتَّضاريس والْأَرْض اَلوعِرة، سيتوَقَّف القطَار يوْمًا دُون عَودَة، كُلنَا عابرون لِلْحقيقة الحتْميَّة الموْتَ..!!

(قلَّ إِنَّ الموْتَ اَلذِي تفرُّون مِنْه فَإنَّه مُلاقيكم، ثُمَّ تردُّون إِلى عَالَم الغيْب والشَّهادة فينبِّئكم بِمَا كُنتُم تعْملون) نَستهْلِك الوقْتُ والزَّمن والْوَقْتُ فِي سَعْي دَائِب ونحْن نُخطِّط لِمصير قَادِم غَامِض لَا نَعلَم إِطْلاقًا إِنَّ كُنَّا سنشْهَده يوْمًا، نعيش صِراعًا دَاخلِيا مِن الأنانيَّة المفْرطة صِرَاع الرَّأْسماليَّة المتوحِّشة. اَلتِي أَصبَحت مِن سِمَات العصْر.. بَعْد إِعلَان رحيل عزيز عليْنَا نَتَقاسَم مَا تَركَه المرْحوم ويعيش الآخرون على مَارْكَة مِن صِرَاع مادِّيٍّ خاض صِراعًا مِن أَجلِه، ويعيش الورَثة صِراعًا آخر على الاسْتحْواذ.. وَننسِي المرْحوم ويعيش غُرَباء وأحْفَاد عَلِي مَارْكَة. لِيتمَتَّع آخرون بِمَا حرم نَفسَه مِنْه فِي حَياتِه أَنهَا الحيَاة الغريبة.. نَحْن عابرون يَا سَادَة تمامًا ومَا نَحْن إِلَّا" قَبضَة مِن تُرَاب "، فِي مَرْحَلة العيْش نَمِر (كالتَّائهين المشرَّدين)، نُعبِّر حَدِيقَة زُهُور فِي مَرْحَلة الشَّبَاب كمَا نُعبِّر صَحارِي وتلالا وَصخُورا فِي مَرْحَلة المرض والشَّيْخوخة، نَمِر بِالْمَوْتِ كُلَّ لَحظَة نَفقِد أعزَّاء كَانُوا مَعنَا بِالْأَمْس اَلقرِيب، ومَا حَقِيقَة الموْتِ إِلَّا مَعبَر فقط لِحياة أَبدِية أُخرَى.. كُلمَا ذَهبَت إِلى المقابر نُودِّع جُثْمانًا إِلى مُسَواة اَلأخِير أَتخَيل العالم الآخر.. نعيش فِي عَالَم أَنانِي جِدًّا بِمَا يَكفِي لِأن تملَّ السَّيْر فِيه عَالَم مُتَوحش.. حَتَّى العلاقات بَيْن البشر فِي هذَا العصْر، تَتَلاشَى تدْريجيًّا، وَإِن كَانَت رَوابِط اَلدَّم هِي الرَّائدة فقد تَقطعَت أَواصِر اَلوِد والرَّحْمة.. مَنْع جُثْمان مِن الدَّفْن فِي قُبُور عَائِلة بِحجَّة أَنَّه لَا يَربُطهم قَرابَة.. رَغْم أنَّ اَلقُبور حَفنَة مِن تُرَاب؛ بَعْد شُهُور ويتساوى اَلكُل غنيًّا وفقيرًا أَبيَض وأسْود، عَامِل وأمير.. اَلكُل تُرَاب.

وفِي ظِلِّ عَصْر مادِّيٍّ بَحْت. ساد الحوَار اَلعقِيم بيْننَا اَلذِي لِأنْفع ولَا لَيِّن يتخلَّله، نَجلِس فِي السُّرادق المقَام نَحتَفِل بِرحيل عزيز عليْنَا لَا نَسمَع آيات الذِّكْر اَلحكِيم مِن اَلقُرآن اَلكرِيم، فَرِح وَلكِن اَلعرِيس هُو الغائب. أَتُوق لِعالم آخر يَكُون فِيه مَفهُوم لِلْموْتِ مَوعِظة، وللْحبِّ مَفهُوم عظيم، اَلحُب بِأشْكاله المخْتلفة بِداياته رَهِيبَة تَخطِف فِيه الرُّوح لِأزْمَان مَدِيدَة، تظلّ فِيه المشاعر والْأحْداث. فِي أَعمَاق القلْب ذِكْرى وَذِكرَى وَإِن أَمضَت التَّضاريس قَرَار الفرَاق، هذَا الكوْن مُخيفٍ جِدًّا لَا أَمْن ولَا دَوَام لِهدوء حالٍ، لِلْأمانة، فَأنَا أَهرُب دائمًا مِن هذَا الكوْن، دَربُه مليء بِالْعثرات والْحَفْر اَلتِي يكيدَهَا ويحسِّن حَفرُها أَقرَب المقرَّبين، مَاذَا لَو أَصبَح دَرْب يسير سَهْل مُرتَّب بِالْورود الباسمة الملطِّفة لِأَلم اَلسنِين، أَوَان تَملَأ اَلبُيوت سُكيْنَة لَا تَزُول. قِبل أن نُغَادِر هذَا العالم.. فاخْتفاء الأرْواح وفقْدانهَا لَا يَعنِي أَنَّه مَوْت الرُّوح، لَن تَتَوقَّف الحيَاة ولن يَكُف الكوْن عن البقَاء، عِنْدمَا تَفقَّد كائنًا قد يَنطَفِئ قَلبُك بَعْض الشَّيْء وَلكِن سُرْعان مَا يَنبِض قَلبُه مَكانَة قَلبِك المنْطفئ لِرحيله.. مِن يَتَمسَّك بِالْحياة بِشَكل إِيجابيٍّ كَمَحطَّة عُبُور لَا خُلُود أَدرَك تمامًا المعْنى الحقيقيُّ" لِكيْنونته".. اَلتِي تَغيَّب عن اَلكثِير. وإنِّي أَعنِي مَا أَكتُب الآن وأصْدق مِن ذِي قَبْل، لِأقول مازلْزلْني حدث أشدُّ على رُوحيٍّ مِن فَقْد أَروَاح لَهُم ذِكْرى مَعنَا، إِنَّ فِقْدَان اَلأُم، والْأب والْأخ، والصَّديق؛ أَنَّه لِحَدث عظيم جِدًّا تَوقفَت حِينهَا الأحْلام والْمشاريع وانْقطعتْ اَلوُرود مِن الحدائق، وَتَغيرَت نَكهَة طَعْم الثِّمَار، كان طَعمُه مُخْتلِفًا جِدًّا جِدًّا عن الآن.. مَا جِئْتُ لِأسْرد تَفاصِيل الفقْد ومَا اِنْجر عَنْه وعن المنْعرج اَلكبِير اَلذِي سلكتْه، لَكنِّي أُفكِّر كثيرًا مَاذَا لَو لَم يَحدُث هذَا الفقْد، مَاذَا لَو بَقيَت أُمِّي وَأبِي.. أرى أُمَّهات وآباء كُثُر يتألَّمون بِآلام مُختلفَة مِن فَقْد أبْنائهم، مِن داءٍ يَسلُب نظَّارتهنَّ وَوجَع يُقسِّم ظُهورَهنَّ، مِن دَهْر عصيب يَقضِم شبابهنَّ.. أَتَساءَل لَو تَآكلَت أَعضَاء أُمِّي لَو أنْهكَهَا التَّعب والشَّقاء، أرى أُنَاسا يعيشون هذَا الألم وأشاركهم الأحاسيس مِن نظراتي فِي عُيونِهم الحزينة، أَجزِم أَنِّي لَن أَقوَى على التَّحَمُّل، لَن أَقوَى على اِتِّخاذ أيِّ قَرَار مَصيرِي فِي تَغيِير المكَان يَسمَح لِي أن أُغادرهَا، فَقْد غادرتْني.. أَتخَيل مَا يَشعُر بِه أيُّ شَخْص يَتَألَّم مِن ضَعْف سَندِه.. رُبمَا غِيابهمَا المفاجئ كان بِمثابة زِلْزَال وَعاصِفة هَوْجاء وبرْكَان مُدوِّي لَكنَّه هدأ، هدأ تدْريجيًّا، لَا يَعنِي هذَا أنَّ مُرُور اَلسنِين، تُسَاعِد على النِّسْيان، هِي تُعَالِج نِسْبيًّا لَا كُلِّيًّا فقط مُسكنَات وَقتِية.. مَا اِسْتنْتجتْه أنَّ كُلَّ شَخْص تَكمُن قُوتَه فِي صَبرِه اَلكبِير الأوَّل لِلْأشْياء المؤْلمة، الفجْأة الصَّادمة وللْمنْعرج اَلخطِير الأوَّل اَلذِي يَعبُره، إنَّ اَلمصِير اَلذِي كتب لَه هُو اَلذِي يَقوَى على حَملَة لَا غَيْر.. كُلنَا راحلون كُلنَا مُسافرون والطَّريق وَاحِد كَمَحطَّة عُبُور لَا خُلُود أَدرَك تمامًا المعْنى الحقيقيُّ لِكيْنونته..!!"

***

مُحمَّد سَعْد عَبْد اَللطِيف

كَاتِب وَباحِث مِصْرِي ومتخَصِّص فِي الجيوسياسيَّة

الأديان كالقنابل تتشظى، فما أن تلامس البشر حتى تتحول إلى فرق ومذاهب وجماعات، وكل على شاكلته يرى ويفعل، لأن النفس الأمارة بالسوء تجد في الأديان ضالتها، رغم أنها جاءت لتهذيبها، لكنها ما أفلحت كما ينبغي، ولهذا تجد في كل دين تفرعات لا تعد ولا تحصى.

وفي الإسلام بدأ التشظي في أول أيامه، ولا يزال قائما، وسيتواصل إلى الأبد.

ومن أهم أسباب الإنشطارات المآرب الدنيوية، والتوهم بأن الدين يصلح للسياسة.

الإسلام تفرّع وتفرّق لأن المسلمين توهموا بأن الدين سياسة، وتصارعوا على أن يكون في الكرسي، وأغفلوا أن للكرسي أحكامه وضوابطه التي تأكل مَن يكون فيه.

الكرسي آفة تبتلع مَن يقترب منها، فلا ينجو من سطوته حزب أو عقيدة أو فرد أو دين، إنه يسرط، وهكذا تجدنا أمام أديان مسروطة، وعقائد إبتلعها الكرسي، وعبرت عن مذهب الكرسي وتناست مذهبها.

وكل مدّعي بدين يمتلك سلطة يدمر الدين الذي ينتمي إليه، والأمثلة كثيرة، والذين يقولون بوجود دولة دينية على خطأ، فالدول عائلية والإسلام مطيتها، وديدنها القبض على مصير العباد.

فالدين وسيلة للحكم وليس في الحكم.

لم يجلس الدين على الكرسي، وإنما وظفه الكرسي لتأمين إرادته، فالدين عبد الكرسي وليس العكس، فالدين منزوع الجوهر، ومعلوم المظهر.

الدول المعروفة الأموية والعباسية والعثمانية، وما بينهما من دول وإمارات إتخذت الإسلام وسيلة للحكم، فلا تستطيع فرض سيطرتها وقبضتها دون رادع ديني.

وهذا ديدن أنظمة الحكم منذ فجر التأريخ، فجميعها تجعل الدين أداة للحكم، فكانت الآلهة تحكم، وأبناؤها، وأنصاف الآلهة، وغير ذلك

وأول المؤسسات العامة التي شيدها البشر المعابد، التي يخضع فيها الناس لإرادة عليا قوية.

وفي عصرنا تحول الدين إلى مؤسسة سياسية، مجرد من جوهره الروحي، وكأي حزب له أب روحي ومنظّر لا يخطيئ، وعلى الجميع أن يتحرك على إيقاعه، لأنه يمثل رب العالمين وعلى الجهلة أن تستكين!!

وحشر مع الناس عيد منهج المغفلين!!

***

د. صادق السامرائي

يندهشُ المؤرخ أو الباحث في التاريخ لما يقرأ ما كتبه المسلمون أو العرب حول الحروب الصليبية التي استمرت لقرون من الزمن، وكان عدد حملاتها سبعة، واحتلت الشام كله وجزء من مصر وهددتْ العراق والمدينة ومكة ...

وتعرض سكان هذه الرقعة الجغرافية إلى أبشع أنواع التقتيل والتشريد ومصادرة الأملاك.. ورغم ذلك لم ينسبها المؤرخون العرب الى الصليب أو إلى الدين المسيحي، وإنما أسموها حروب الفرنجة نسبة الى دولة الفرنجة أي الفرنسيين الذين كانوا أول من دعوا لها وروجوا وحمسوا الأوروبيين، لحروب مقدسة تسترد القدس من العرب الأشرار!... فشاركهم الألمان والطليان والانجليز واللاتين والصقليين في تلك الحروب الإجرامية...

بينما ينسبها المؤرخون الأوربيون الى الصليب فخراً، فينعتونها بالحروب الصليبية؛ إشارة الى صليب المسيحية، والمسيح والمسيحية بريئان من تلك الأعمال الوحشية التي ارتكبت باسم دين يدعو للسلام والتسامح ...

والمسيحيون واليهود كانوا يعيشون في بلاد الشام في سلام ورخاء مع إخوانهم المسلمين وتحت حمايتهم، ولم يشتكوا يوما ظلما أو حيفاً أو تهديدا في الأرواح أو الأملاك، فلا عجب أن ضمت جيوش صلاح الدين وغيره من المدافعين عن الأرض ضد الهجمات الصليبية الكثير من العرب المسيحيين ...

***

عبد القادر رالة 

يواجه قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي رفضاً من نواب مستقلين وبعض الكتل مثل الجيل الجديد وامتداد لمواجهة مسودة القانون الذي صار مصدر لإثارة الجدل منذ طرحه في عام 2006، حيث تلّقى رفضاً قاطعاً من قِبل النواب المعارضين لكونه يحمل في طياته تناقضاً كبيراً يتعلق بالأختلاف بين مفهومي حرية التعبير والتظاهر، وتزامنت مع حملة التواقيع للتصويت على القانون تظاهرات ترفض مسودّة القانون، والسؤال هو لماذا يذهب البعض إلى تشريع القوانين المُتخلّفة والديكتاتورية بعيداً عن الديمقراطية التي يفترض أن البرلمان تأسس على أرضها؟.  يقولون ان الدستور والقانون قائم على الشريعة الإسلامية وينسجم مع التطور الإجتماعي والديمقراطي الذي واكبته دول المنطقة والعالم، لكن لايخفى على الجميع أن هنالك ثلّة من المتَنّفذين يسعون إلى تكميم الأفواه وإغلاق نافذة حرية التعبير عبر قانون ساري يحرم المواطن من قول كلمته، الغريب أن الإسلام دين ينص على الحرية والتعبير والقبول والرفض والتشاور وإحترام الكلمة هذا من جانب، ومن جانب آخر فأن الدستور يكفل حرية التعبير لكونها حقاً من الحقوق الإنسانية التي تتعلق بوجود الفرد وكيانه وشخصيته في وطنه ومجتمعه، لكن المصالح السياسية والمكاسب النفعية تريد أن تجرّنا إلى مسلك الإستبداد، والأغرب من كل ماذكرته أن هؤلاء لو حدَّثتهم تجدهم ينتقدون النظام السابق ويسبّوه ويلعنونه وكأنهم حمامات السلام ورعاة الحق وأنصار الديمقراطية، إلا أنهم يمثّلون على مسرح الحياة التأسلم والتدين والنزاهة والوطنية والشرف والأمانة، ولو كان هنالك مرآة للحقيقة لعكست واقعهم وفضحت أكاذيبهم من أجل تكميم الأفواه ولصقها لكي لاتتكلم عن فسادهم.

لازلت بعض القوى السياسية تحاول تمرير القانون رغم أنه يتعارض مع المادة 38 في الدستور التي تنص على أن الدولة تكفل حرية التعبير في الرأي والطباعة والنشر والإعلان والتظاهر السلمي، وتتخذ بعض الجهات من قضية ضبط حرية التعبير ذريعة لمنع الكلمة من تأدية دورها وممارسة قوتّها على السياسيين.. أنهى البرلمان القراءة الأولى للقانون بالتزامن مع مطالِب كثيرة من الشارع العراقي وبعض السياسيين والقانونيين بعدم تفعيله وإعادة الديكتاتورية من جديد مرتدية عباءة تشريعية من أجل تمريره.. فما السر وراء الإصرار على فرضه الآن؟ أعتقد أننا كشعب، لا نحتاج لقانون يقنّن تعبيرنا نحن بحاجة لبرلمان يطبّق الدستور ويمنح الفرد حرية التعبير والتظاهر السلمي.. فالبرلمان واجبه خدمة الشعب وحماية حقوقه.

***

ابتهال العربي 

كنت أنتظر مقالاته التي تنشرها مجلة العربي تحت عنوان "فلاسفة معاصرون"، وأعرف أنني لا أفهم كثيراً مما يقوله صاحب المقال. ولكني أشعر أن هذه المقالات على صعوبتها فتحت أمامي أبواباً جديدة، وساهمت باعادة ترتيب أفكاري، وأن صاحبها أشبه بساحر يأخذ بيدي إلى كل ما هو عجيب وغريب.

كان هذا الساحر اسمه زكي نجيب محمود، لا أعرف حتى هذه اللحظة كيف أسمي هذه المقالات التي كان يكتبها، والتي سعى من خلالها الى خالق عالمٍ تنويريٍ من خلال كتبه ومقالاته ، كما أنه حاول أن يكون عقلانياً من خلال مؤلفاته، وفي السير مع الفلسفة بكل اتجاهاتها وعمقها وتعدديتها، وكان يؤمن أن التخلف الذي يسود حياتنا، لا يمكن التخلص منه إلا بإغراق حياتنا بالفكر الإبداعي الحديث،ليس على صعيد التكنولوجيا فقط، وإنما على صعيد الفكر.. ولعل زكي نجيب محمود بهذا يكون أول مفكر عربي تجرأ وأصر على أن يُدخل إلى عالمنا فلسفة يتحدى بها الخطاب السائد والتقليدي، وليفتح بها عقول الناس. في كتابه تجديد الفكر العربي نجد هذه العبارة التي ستلازمنا طويلاً: "أعتقد أن أهم نقلة تنقصنا الآن، هي أن نستخدم عقولنا في مجال لا نستخدم فيه عقلاً، وهو أن نقرأ ".

منذ الأيام الأولى لهذه الزاوية حاولت أن أقدم بعض الخلاصات للكتب التي أقرأها، لكني في مرات عديدة كنت أخشى أن يتهمني القارئ العزيز بالبطر، فمن يهتم بحديث الكتب في بلد يعجز فيه البرلمان عن إقرار موازنة الدولة.. هل قرأتم يوماً أن بلداً استمرت فيه مناقشة الموازنة أشهر وأشهر ثم تتحول إلى أعوام؟، من يصدق أن نواب الشعب وهم يناقشون الموازنة يسعون إلى تفصيلها حسب مصالح أحزابهم وكتلهم السياسية؟

طوال الفترة الماضية، كان أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة، يزيدون ويُعيدون في حكاية الموازنة، فيما المواطن البسيط ينتظر أن تتكرم الدولة عليه وتمنحه قليلاً من السكر والطحين وكثيراً من الخطابات الزائفة.

إننا أمام عملية فساد منظمة، أبطالها يستغلون مناصبهم في الاستيلاء على أموال البلاد، والحصول على امتيازات يتمتعون بها هم وعوائلهم ومن يهتف باسمهم.

أيها السادة عندما يستسهل المسؤول الكبير، الضحك على مواطنيه، يصبح كل شيء آخر بسيطاً أو مبسطاً. كالسطو على المال العام وبثّ الفساد في مؤسسات الدولة،

إنها خرافة السياسة التي تشبه خرافة الشعارات التي انتقدها زكي نجيب محمود في كتابه "خرافة الميتافيزيقيا" عندما كتب: "فقد اعتادت الألسنة أن ترسل القول إرسالاً غير مسؤول دون أن يطوف ببال المتكلم أدنى شعور بأنه مطالب أمام نفسه، وأمام الناس، بأن يجعل لقوله سنداً من الواقع الذي تراه الأبصار وتمسه الأيادي".

ينبهنا زكي نجيب محمود الى أنه : "حينما فرط إنسان في حقه ظهر لذلك الحق طاغية يستبد به" وما أكثر الطغاة في بلادنا.

***

علي حسين

الافراط في الاحترام والتقدير للطرف المقابل من اكبر الاخطاء التي يقع فيها الناس الطيبون حيث ان المبالغة فيه تجعل الطرف المقابل يسيء فهمك فيظنك تتزلف اليه وبالتلي يضعك في خانة المرائين والمنافقين في غير محلك الصحيح فيستضعفك ويستصغرك، وربما يحتقرك وربما ايضا يظنك ابلها اخرقا.. فيتجاهلك ويجرحك حتى الاعماق.. جرحا يدمي القلب ويفتت الكبد.. فيؤلمك شديد الالم.. ربما عن حسن نية وربما عن قصد وربما دون ذلك،.. لذا اوصي الناس بالوسطية في كل شيء حتى في المعاملات بين بعضهم البعض.. وفي العلاقات العامة والخاصة وجعل مسافة امان بينه وبين الاخرين.. لذا اقول وجب العمل بحكمة العرب التي تقول "حبُّ التناهي شطط وخير الأمور الوسط " انها لحكمة بليغة.. وهي في الحقيقة توصية حسنة وجهوها للناس عن تجارب مروا بها.. واذا رجعنا الى القرآن الكريم وتمعنى فيه جيدا لوجدنا الله سبحانه وتعالى امرنا بالوسطية وذلك  في بعض السور القرآنية الكريمة حتى نعمل بها قال الله تعالى في سورة الإسراء الآية [29]: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىَ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مّحْسُوراً}أي فتوسط بين الأمرين في الإنفاق.

وفي وصف بقرة موسى قال الله تعالى في سورة البقرة الآية [68]:{قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبّكَ يُبَيّنَ لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ لاّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ}أي وسط بين الكبر والصغر في السن.

وفي قوله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء الآية 110 : {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} وهذا السبيل هو الوسط في القراءة والدعاء.

وقال الله سبحانه وتعالى في مدح عباده في سورة الفرقان، الآية [67]: {وَالّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}أي وسطا في المعيشة.

  وقال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة الآية143:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}هذه شرعة شرعها الله تعالى ونهج الاجدر بنا العمل بها وأنا ارى الافراط في كل شيء والتبذير في رمضان وفي غيره وخاصة في مناسبات الاعراس والختان وافراح النجاح والامسيات بين العائلات لا حد لها تقريبا من الاسراف فيه التباهي والمفاخرة والمنافسة احيانا تخالها شرسة كحرب باردة بين العائلات والاصدقاء و الصديقات رغم الفحش في غلاء الاسعار الا انهم يتهافتون عليها بغاية المفاخرة  واشتراء السمعة كما يقول البعض "الي سماك علاك"...

***

الكاتبة: فوزية بن حورية الجمهورية التونسية

أغلبنا يذكر ماكان يتبجح به صدام في جلساته ولقاءاته، إذ كان يقول إن "من يريد ان يتسلم العراق فسنسلمه ترابا".

وهو قطعا بهذا الكلام يثبت انه لم يتسنم رئاسة العراق إلا لأجندة مكلف بها، ويقول البعض انه تلميذ تمرد على أسياده، فإن كان هذا حقيقة فصدام لم يعمل صالحا لا لأعدائه، ولا لأبناء جلدته، وهو بهذا كان حريصا على أن يكون ضرره ذا تأثير طويل المدى، فعمل على تأسيس بلد متهاوي الأركان منخور الداخل، وعمد إلى تغيير كثير من مفاصل البلد، وكذلك عمد إلى إدخال الخراب في أصغر خلية في المجتمع وهي "الفرد العراقي". وما نراه من سيئين اليوم على واجهة الحكم والسلطة ومراكز صناعة القرار، فإن بعضهم ماهو إلا وليد ذلك النهج، وبعضهم من هو سيئ بالسليقة، والسوء فيه طبع وغير هذا مكلف عليه وقد قيل سابقا:

الظلم طبعك والعفاف تكلف

والطبع أقوى والتكلف أضعف

ماذكرني بصدام وسياسته، هو الآثار التي خلفها وراءه والشخصيات التي تظهر على سطح الأحداث، حاملة النهج والسياسة ذاتهما، حتى بعد زوال سيدهم "القائد الأوحد" حكما وجسدا وروحا وحزبا وأزلاما وعائلة، وعلى وجه الخصوص الشخصيات التي تتصدر المراكز الأولى في إدارة زمام أمور البلاد وملايين العباد. وأظن خير مثل ينطبق على حالة كهذه هو المثل القائل: "يروح معيط يجي أمعط". وأمعط هذا هو الذئب الذي يتنطط على الأشجار ويتسلقها بمهارة، فتنتف أغصانها بعضا من شعره، فيبدو "أمعط". وللمثل حكاية معروفة.

ما يعزز كلامي هذا هو ظهور نشاط من قصدتهم على حلبات المنازعة، خلال الحكومات التي تعاقبت على العراق بعد عام 2003. ولا أظن أحدا ممن يتابعون سير اجتماعات الساسة لم يلمس هذه الحقيقة على مستويات عدة. فلو عدنا بالزمن الى الوراء مايقرب العقدين، لوجدنا من الأمثلة على هؤلاء الكثير، فرؤوس السلطة في مؤسسات الدولة، لم يعملوا في مناصبهم بما يدل على أنهم مكلفون بخدمة الشعب، لا من قريب ولا من بعيد، وما تداعيات تأخير إقرار الميزانية العامة كل عام، إلا دليل على سوء الإدارة المتعمد من قبل المجلسين التشريعي والتنفيذي، إذ يدرك المجلسان جيدا أن عصب إدارة الدولة يكمن في اقتصادها، فوجهوا اهتمامهم إلى العمل بالضد في كل مامن شأنه تحسين اقتصادها.

ولو أحصينا مايعمله آخرون من الذين مازالوا في سدة الحكم، لوجدنا أن لهم التأثير ذاته إن لم يكن أكثر سوءا، فمناصبهم في ظرف كالذي يمر به العراقيون، يحتم عليهم التصرف بواعز الضمير والأخلاق والنزاهة والمهنية، ويحتم عليه كذلك التحلي بخصال الإيثار والحرص والشهامة والمرجلة والغيرة والرأفة والحنان، لكن الذي حصل -ومازال يحصل- من تداعيات تنذر بمخاطر جمة على البلاد، حيث ما تقدم من خصال بعيدة عن مسؤولينا تماما، وكما يقول المثل: "بعيد اللبن عن وجه مرزوگ".

إنه لمن المخزي والمعيب ان تكون مسؤولية رعية على عاتق أشخاص ليسوا بكفء على حملها، والأدهى من هذا أنهم يتمادون في سرقة رعيتهم في ظرفهم العصيب، وأظن صفحة واحدة من صفحات الفساد، تكشف حجم السرقات والاحتيال على المال العام والخاص على نحو سواء.

فهل نقول صدق صدام في مقولته، وصدق في أفعاله بإدخال الخراب إلى الفرد والمسؤول والسياسي، ليعم الخراب بعدها كل بقاع العراق، وبذا يكون إن سلمه فسيسلمه ترابا؟

***

علي علي 

ما يهيمن على وعينا الجمعي ويظهر في معظم نشاطاتنا، الإنغماس بالدين وجعل الحياة فيه، وقلة وعينا لجوهره ومعانيه، وعدم قدرتنا على التحرر من أصفاد التأريخ، فلكل حالة صورة في تأريخنا المسطور بمداد الأهواء والمواقف والتطلعات، وتندر فيه معالم الحقيقة وصدق الإخبار، فالتأريخ المدوَّن لسان حال الكراسي المتسلطة على الناس في حينها.

ومن المعروف أن البشر يُحكَم بالقوة وبالدين، وأول ما بنى المعابد التي على البشر أن يتوافد إليها، ويخضع لقوة مجهولة أدرى منه بعالم الغيوب.

وعلى مر العصور تحقق الإقران بين الدين والقوة بأنواعها، وتحكمت فئات وعوائل وأفراد بمصير الناس بهاتين القوتين.

وتجدنا اليوم في عدد من مجتمعاتنا تحت رحمتهما، وتحقق توظيف التأريخ بأحداث مفبركة أو منتقاة، ليكون عاملا ثالثا مدمرا للوجود المعاصر.

وتجد مجتمعاتنا في محنة المؤازرة بين الدين والتأريخ وتفاعلهما المروع، وصارت القوة مشاعة ومنفلتة وتبطش بالخلق بلا مساءلة أو قانون.

التأريخ يبلدنا، والدين يعطل عقولنا، والقوة تنهرنا، وكلنا أسرى السمع والطاعة، وعدم الخروج عن منهج الجماعة، فلا بد لنا من توطن الحظائر، والتمرغ بالمخاطر، فكل من عليها فان، وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو، ولا تشغل البال بما لا يدوم، وكن فاعل خير لأن الموت سلطان.

وهذه الثنائية ذات القطب الثالث القوي المبيد، ترسم معالم وجودنا المعاصر، وتدفعنا إلى ما وراء أفق الحياة، وتبعدنا عن مواطن النماء والرقاء، فالحياة في الدين وفي التأريخ، ولا تقل أنا إبن الحاضر وأسعى لمستقبل سعيد، فالمستقبل الأزهى في الموت العظيم.

إنها منظومة سلوكيا تعقر الأجيال، وتمنعها من التفاعل الواعي مع الحياة، وتأخذها إلى مدائن عدم.

فهل لنا أن نرى؟!!

***

د. صادق السامرائي

الى/ طبيبُ تَجميلِ النِّساء بلا تَّحية..

كيفَ يرتضي جرّاحٌ ذو طبِّ مُعتَبرٍ لذاته أن تكونَ بلا ذوقٍ وبلا أدب، وأن تسقطَ ذاتُهُ في جُبٍّ مَجٍّ بلا وازعٍ ولا مبررٍ ولا سبب.

أما علمَ أنَّ العلمَ نورٌ، وأنَّ درجةَ الطبِّ أتت ضمن أعلى رُتب، وأنَّ تخصصَ الطبَّ ذو سقفٍ عالٍ لا ينالُهُ كلُّ مَن دَّبَ فَهَبَّ وطلب.

ورُغمَ أنَّ طالبَ الطبِّ جاهدَ لينالَ شهادةً مُعتبرةَ اللقب، بيدَ أنّ منهم مَن إنتكسَ على رأسهِ فإرتكسَ ليجَعلَ رأسَ شهادتهِ هو الذَّنب،

ومامِن تفسيرٍ لذا إنتكاسٍ وإرتكاسٍ وذا جَعلٍ إلّا تأويلَ أنَّ الذَّنبَ لا ينجذبُ فيلتويَ إلّا مع قرينٍ من ذنب.

فهلّا دَرَى طبيبَ الدُبُرِ والأرداف أن التَّجميلَ -ماخلا إزالة تشويهٍ وعيبِ بالضرورة- محَرَّمٌ شرعاً وهو مستهجنٌ عُرفاً، وهو بينَ النّاسِ غيرُ مُستّحب،

وهلّا إنتهى الى أنَّ دَراهمَ الحريمِ لن تجعلَ منه رجلاً ذا وزنٍ وقيمةٍ في مجالسِ الحسب والنسب. وإنَّ إحترامَ الذَّاتِ فرضٌ وواجبٌ قد وجب.

إنَّ تجارةَ أو مايُسَمَّى زوراً ب (عَملياتِ) تَجميلِ النِّساء قد ذاعَت بلا رادعٍ ولا شجب، فشاعَت في النِّساءِ من حضرٍ ومدرٍ أرجاء إمَّةِ العَرَبِ، فضاعَت وجوهُهُنَّ فبات الرَّجلُ لا يَميزُ رأسَ إحداهُنَّ من الذنب! وترى الحريم يَنَمنَ جنبَ بعولتِهنَّ تحتَ أضغاثِ أحلامٍ بطنينٍ وهلوسةٍ بأنينٍ وندب؛

" وي! إنَّ خشمي وسيم لوما أنه ههُنا عطب، وكذا فيما ههُنا عطب، وخدّي سليم لو أنَّ بهِ غمازةً بثقب، وحنكي حميم لوما أنّهُ مُربَّعٌ كدولابِ " خالتي عمشة" من خيزران الخشب، وخصري قويم لولا طياتُ شحمٍ متراكمٍ بإربٍ وبلا سبب ..".

ثمَّ تراهن يُصبحنَ في صبحِهُنَّ فيَجنحنَ من فورِهُنَّ إلى جُحر طبيب الأرداف وكأنَّه ثعلبٌ مُتَربِّصٌ بهنَّ مُحتَجَب، ليُحَوِّرَ أنفَ الحُرمةِ إيّاها الى عجوةٍ يَبَسٍ نَقَرَ جنبَيها غرابٌ ذو شَغَب أو لحُصرمةٍ مُتخرِّمةٍ سَقطَت في حالكِ قيعةٍ لبقيةِ شتلاتٍ من عنب!

وأمّا الشِّفاهُ فيُصيَّرهنَّ نسخةً لدُبُرٍ مُحمَّرٍ لرضيعٍ بَدينٍ يَصرُخُ من غُسلِ غائطهِ بصَخَب!

وأمّا رُموشُ العيونِ فما عادت رموشاً إذ ضاعَ عنها جذرُها وطُمِسَ الهَدَب، فأمسَت الرموشُ أسلاكَ عسكرٍ شائكةٍ تحاذي مبزلَ ماءٍ آسنٍ غشَّاهُ القصب.

وثَمَّ الحاجبانِ! أو هكذا كانت تسمِيَتَهما قبل إنقراضِهما والدّيناصور بنيزكٍ صامتٍ بلا صخب، فقد أُصيبَا بلفحةِ (ليزرٍ) بِتَبب، والليزرُ هو نارٌ بلا فتيلٍ ولا دخانٍ وبلا لَهَب!

لقد أضحَتِ الحُرمةُ في بلدان العرب تقفُ في مطبَخِها ولكأنّها رُزمةُ عيدانٍ من حطب، ونبراتُ صوتِها كمثل نبراتِ تيكَ التي كانوا يُنادونها "حمَّالةُ الحطبِ".

بيد أنَّ الشيئَ الذي يبعثُ في النَّفسِ العَجَب، أنَّ تهي المرأَةَ المُحَوَّرةَ المُطَوَّرَةَ قد ظُنّت أنَّها نالت رقمُ العجيبةِ الثَّامنُ في سلسلةِ الدنيا العَجب !

قد شاهَت وجوهُ الحريم وبرزنَ متمايلاتٍ بوجوهٍ مُصَنَّعةٍ مُقَنَّعةٍ وكأنَّهنَّ وجوهٌ من صفيحٍ أو كقاعِ مُستنقعٍ قد نَضَب! فمَن شاءَ منكم أن يرتبط بأحداهنَّ فلا يختارُ من زفةٍ عرسٍ بصخب ، فتعسَ الاختيارُ ذاك وبئسَ الحظ المنتخَب، بل ينتخبها من عزاءٍ بلطمٍ وبعويلٍ منتَحَب.

مهلاً طبيب، لرُبّما نساءُ قومِ (سيدِنا لوط عليهِ السلامُ) كُنَّ للتَّجميلِ مُدمِناتٍ بإسرافٍ غيرِ مُقتَضَب، فترى قُلُوبَ بُعولتِهُنَّ قدِ اشْمَأَزَّتْ وتّقطَّعَ فيهم من القلبِ العَصَب، فإستبدَلوهنَّ مكرهين بذكرانِ لقضاء حاجةِ مُضطَرٍّ مُضطَرِب، فيا لخوفي على رجالات العرب أن يُصيبَهمُ مثل ما أصابَ ذكران قومِ لوطٍ من فاحشةٍ ومن سوءٍ في المُنقَلَب.

رَحِمَ الرحمنُ الأمَّ والجَدّة والعَمَّةَ والخَالة، فقد كنَّ جميلاتٍ ذوات كياسةٍ ونسبٍ وحَسَب! وما عرَفْنَ تحايلاً ولا إحتَرَفنَ تمايلاً والصُّبغُ ما تجرأ على أظافرِهُنَّ إن يقتَرَب. وإذ كُنَّ هُنَّ سيداتٌ الجمالِ الطَّريٍّ الفطريِّ الذي وَلَّى وذَهَب. وإذ كانَ الوجهُ فيهنَّ كمثل لؤلؤٍ مكنونٍ أو كعقيقةٍ على خاتمِ من ذهب. ذلك الجمالُ جمالٌ نديٌّ نقيُّ بهيٌّ غيرُ منفوخٍ ولا مَمزوجٍ بعصارةِ دهانٍ من كَذِب. جمالٌ آسرٌ ساحرٌ غيرُ مُكتَسَبٍ ولا مُحتَلَب. ذاك أنه جمالٌ مُتَفَجِّرٌ من بين أصابع بديعِ السَّمواتِ وربِّ النَّحلِ والنَّخلِ وربِّ كلِّ حقبٍ وعقب. وإنَّما الجمالُ هبةُ الوهّابِ لا تُصَنَّعُ على طاولةٍ خلفَ جدارٍ ولا تُكتَسَب. فمتى يعلمُ سماسرةُ الطبٍّ أنَّ العلمَ نورٌ، وأنَّ الطبَّ في سُلَّمِهِ في أعلى رُتب. فبالأمس كانَ الطبيبُ هو المؤتَمَنُ على العرضِ في ديار العرب، واليوم أضحى الطَّبيبُ مؤمِناً بالأردافِ ربَّاً والشّحومِ ديناً والشِّفاهِ رسولاً مُؤيَّداً بما في أروقة الطِّبِّ من زُبرٍ ومن كُتب. وذلكم هو عينُ السقوطِ في هاوية السَّفاهةِ والشغب واللعبِ بصخب.

ثمَّ تحيةٌ لكلِّ طبيبٍ من بقيةٍ من نخب، لم يزلْ ملتزماً بشرفِ هذا اللقب، وتراهُ لا يحتسي عصائرَ من زغب وشطائرَ من شحومٍ مكبكبةٍ فوقَ الرُّكب، وما برحَ يستحي من قيلِ الأنام إن هجاهُ قولاً أو إن كَتَب، وتراه يحسِبُ حسابَ كلَّ عيبٍ وملامةٍ و حتى العتب.

***

علي الجنابي

(شنو المشكلة إذا الدخانية وكعت براس واحد وقتله عادي تصير بكل مكان) .. هذه المقولة أطلقها السيد "الجنرال" السابق عبد الكريم خلف وهو يسخر من تضحيات شباب تشرين ويعلن بكل أريحية أن تظاهرات تشرين "كذبة"، ولم يكتف بذلك بل أعلن أن استهداف المتظاهرين بالقنابل "أمر طبيعي" ولا يستلزم إجراء تحقيق.

كنت أظن أن السيد عبد الكريم خلف سيختفي من المشهد، ويجلس في البيت يشاهد التلفزيون ويتذكر أيام ما كان يدور على الفضائيات يشتم حكومة حيدر العبادي ويطالب بالعصيان المدني ودخول المنطقة الخضراء و"سحل" السياسيين جميعاً.. تلك التغريدات التي كان يكتبها أيام تقاعده، فنجده يقبض الملايين من خزينة الدولة وفي الوقت نفسه يحرض على العنف.. لكن الرجل مصر على أن يقدم مشاهد كوميدية من عينة أن الدخانيات التي قتلت المتظاهرين ربما أطلقتها جهات من داخل ساحة التحرير .

سيقول قارئ عزيز؛ وما الجديد؟، ألم يخبرنا السيد عبد الكريم خلف بشحمه ولحمه أن المتظاهرين يملكون قذائف وأسلحة ثقيلة؟. الجديد ياسادة هو التوقيت الذي تقرر فيه بعض الفضائيات إعادة استعراضات عبد الكريم خلف التي مللنا منها.

قبل أن يتولى السيد عبد الكريم حلف مسؤولية الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة في حكومة السيد عادل عبد المهدي، كان يجلس في الاستوديو يقدم تحليله الستراتيجي عن أوضاع العراق، ويطالب الشعب بالانتفاض في وجه السياسيين، بعدها يعود إلى البيت لـ "يغرد" طالباً منا نحن المواطنين أن نخرج إلى الشوارع لإزاحة الفاسدين وأن نقوم بانتفاضة كبرى داخل المنطقة الخضراء، ونجده يحذر بتاريخ 14 تموز عام 2018 من أن التظاهرات "لن تنتهي حتى يتم طرد جميع الفاسدين"، ولأن نص الفيلم الذي يعرضه علينا السيد عبد الكريم خلف هذه الايام تّغير لصالح الحكومة، فإن ما سيخرج من تصريحات لن يؤدي إلا إلى مزيد من الأكاذيب، وهكذا، دوائر وحلقات لا تنتهي من الخطب والبيانات واللقطات، الكاذب منها والمزيف. وطالما يعتقد "الجنرال" بأن العراقيين أسرى لدى الحكومة ومن حقها في أية لحظة أن تصول عليهم صولة رجل واحد، وبدلاً من أن يعتذر الناطق السابق عن الأحداث المؤلمة التي جرت في احتجاجات تشرين، أخبرنا وهو يبتسم: اطمئنوا لا شيء حدث، فقط القتلى واحد.. فلماذا تشغلون أنفسكم.. إنه قتيل واحد، ياجماعة!!

هكذا تحول موضوع خطير ومصيري في حياة العراقيين، وأعني به قتل المتظاهرين إلى مجرد مهرجان غير منظم لتصريحات تفتقر إلى العقلانية والموضوعية. لا أتصور أن أي عاقل يمكن أن يقرأ تصريحات عبد الكريم خلف التي يطلقها هذه الايام دون أن يضرب كفاً بكف على هذه القدرة العجيبة على خداع الذات قبل الآخرين

***

علي حسين

المأمون (198 - 218) الخليفة العباسي السابع، ولد من جارية فارسية إسمها مراجل، توفت بحمى النفاس بعد ولادته بأيام، وهناك قصة مشكوك بها مفادها أن إمرأة لعبت الشطرنج مع هارون الرشيد (170 - 193)، وعندما فازت عليه، طلبت منه أن يواقع أقبح جارية، فذهب وإختار مراجل فحملت بالمأمون.

ويُقال أن زبيدة هي التي ربّته، وهذه قصة أخرى مشكوك بها، لأن المتعارف عليه أن أولاد الجواري يتم قتلهم من قبل نساء الخلفاء، وذلك للحصول على ولاية العهد لأولادهن، وأكثر الظن أن عائلة البرامكة هي التي رعته وأنشأته، وحمته من غائلة الموت الحتمي.

والدليل على أن زبيدة لم تقم بتربيته، أنه إذلها إذلالا شديدا بعد أن تولى الخلافة.

المأمون هو الإبن الأكبر لهارون الرشيد، والأمين (193 - 198) يصغره بستة أشهر، لكن زبيدة وبنو هاشم أجبروه على إعلان ولاية العهد للأمين وهو في سن الخامسة، وبعد أن بلغ المأمون سن الثانية عشرة من المحتمل أن البرامكة أرغموه على إعلان ولاية عهد ثانية له.

وقد جاء هارون الرشيد بسابفة، إذ أخذ ولديه وهما صبيان معه للحج، وأعلن عهدته لهما على أن يكون الأمين ولي عهده ومن بعده المأمون، ووزع الدولة بينهما وأشهد عليهما، وعلق العهدة في الكعبة.

ويبدو أنه حاول تفادي ما حصل بينه وبين أخيه الهادي (169 - 170)، الذي أراد خلعه من ولاية العهد ووقف معه البرامكة وأثنوه عن التنازل له.

وبعد ذلك يبدو أن الأمور أخذت تتضح أمامه وكأنه صنع مأساة، فجعل إبنه المؤتمن ثالث ولي عهد، ربما ظنا منه لتحقيق التوازن بين الطرفين.

ومن المعروف أن المأمون والأمين قد تلقيا عناية تربوية وثقافية قل نظيرها، فهما من أكثر قادة التأريخ علما وثقافة، ولا يمكنهما أن يكونا في مقام واحد، فالطبيعة البشرية تحتم عليهما التماحق والفوز لأحدهما.

والرشيد عاش أصعب أيامه بعد نكبة البرامكة (187)، وأمسى تحت رحمة أولياء عهده، حتى توفى في مدينة طوس بخراسان وصار الأمين خليفة، ويروى أنه أفرج عن المحتجزين من البرامكة، وبدأت الصراعات ما بين العرب المؤازرين للأمين في بغداد، وأخوال المأمون الملتفين حوله في خراسان، حتى إنتهى الأمر إلى إجتثاث الأمين، وما يتصل به من أولاد ونساء، ويقال حتى الحوامل منهن تم قتلهن، وقضي على ذريته، وجيئ برأسه إلى أخيه المأمون، ولاقت أمه زبيدة العربية الهاشمية إذلالا مروعا.

وربما أصيب المأمون بصدمة وهو يرى رأس أخيه، ولهذا ما جاء لبغداد إلا بعد سنتين أو أكثر، ولم يعهد لأبنه بالخلافة من بعده، بل لأخيه المعتصم (218 - 227)، وهذا القرار أدى إلى تآمر إبن المأمون على عمه المعتصم، وإنتهى بقتله.

هذه قراءة مكثفة لما ترشح في الذاكرة عن الواقعة المأساوية التي نجمت عن سلوك هارون الرشيد، والذي يشير إلى أنه كان رمزا لما يقوم به البرامكة قادة كل شيئ حتى نكبتهم، والعُهدة على كتب التأريخ وما حوته.

ويبقى المأمون بكل ما له وما عليه من أعلم القادة، وحامل مشعل التنوير الإنساني العلمي والمعرفي على مر العصور، فالعقل إمامه، وصراطه المستقيم، وما أنجبت البشرية قائدا كمثله!!

التواريخ: هجرية

***

د. صادق السامرائي

لا شك في أن للذكاء الاصطناعي (AI) تأثير كبير على سوق العمل، ومن المرجح أن يستمر هذا التأثير في المستقبل القريب والبعيد. حيث سيتم أتمتة بعض الوظائف أو إلغاؤها بالتمام، بينما سيتم إنشاء أو تحويل وظائف أخرى.

يمكن للآلات والبرامج التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أداء المهام الروتينية والمتكررة بسرعة ودقة أكبر من البشر، وقد يؤدي هذا طبعا إلى إلغاء الوظائف في بعض الصناعات مثل السيارات والنقل وخدمات العملاء.

غير أنه مع انتشار الذكاء الاصطناعي، سيتم من جانب آخر خلق فرص عمل جديدة في مجالات مثل علوم البيانات، والتعلم الآلي وغيرهما . وتتطلب هذه الوظائف مهارات مطلوبة بشدة ويمكن أن توفر لأصحابها رواتب عالية.

من جانب آخر ونظرًا لأن بعض الوظائف ستصبح مؤتمتة، سيحتاج العمال إلى اكتساب مهارات جديدة ليظلوا قادرين على المنافسة في سوق العمل. ستصبح برامج إعادة تشكيل المهارات وصقلها ذات أهمية متزايدة للعمال ليظلوا جاهزين للتوظيف.

قد تتطلب بعض الوظائف مجموعة مختلفة من المهارات أوالمؤهلات نتيجة لتوظيف الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، قد يحتاج ممثلو خدمة العملاء إلى المعرفة بأنظمة الذكاء الاصطناعي لمساعدة العملاء بشكل أفضل.

على مستوى الكفاءات والمهارات يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في زيادة الكفاءات والإنتاجية في العديد من الصناعات، مما يؤدي إلى زيادة الأرباح وارتفاع نمو الوظائف في بعض المجالات.

بشكل عام، سيعتمد تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل على العديد من العوامل، بما في ذلك وتيرة التقدم التكنولوجي، وتوافر اليد العاملة الماهرة، وقدرة الحكومات والشركات على التكيف مع هذه التغييرات.

في حين أنه قد يكون هناك فقدان بعض الوظائف على المدى القصير، فمن المرجح أن يكون التأثير طويل المدى للذكاء الاصطناعي على سوق العمل إيجابيًا، مع إمكانية زيادة الإنتاجية والابتكار والنمو الاقتصادي ويمكنه أيضًا أن يساعد الشركات على اتخاذ قرارات أفضل، وخفض التكاليف، وتحسين تجارب العملاء، مما قد يؤدي إلى زيادة الأرباح .

وختاما من المهم ملاحظة أن فوائد الذكاء الاصطناعي لن يتم توزيعها بالتساوي في جميع الصناعات ومهارات اليد العاملة. قد تكون بعض الوظائف أكثر عرضة للأتمتة من غيرها، وقد يحتاج بعض العمال إلى اكتساب مهارات جديدة ليظلوا قادرين على المنافسة في سوق العمل.

***

عبده حقي

 

صدر عن دار النشر سليكي أخوين بطنجة..المغرب. الطبعة الأولى 2023 من كتاب أدبي للباحث المغربي الدكتور محمد شداد الحراق.. تحت عنوان:

(كتب الرحلة بين الهوية الإثنوغرافية والحساسية الأدبية)

وهو دراسة تحليلية لإحدى الرحلات الداخلية المغربية التي ضمت مادة معرفية علمية وفنية غنية.. وقدمت خدمة جليلة للدرس العلمي وللبحوث الانثربولوجية. بحيث كشفت حفرياتها عن كثير من خبايا المجتمع المغربي سواء فيما يتعلق بالقضايا الثقافية والسياسية والاجتماعية أو فيما يخص المجتمع الديني والطقوس والعادات والذهنيات المتحكمة في العقل المغربي خلال القرن 12ه/18م

الرحلة بعنوان: الرياحين الوردية في الرحلة المراكشية) للأديب والمؤرخ الناصري محمد المكي بن موسى الناصري الدرعي...

ختم الكاتب منجزه بما يلي:

لقد استطاع أدب الرحلة فرض وجوده الأدبي، وتمكن من اكتساب هويته الخاصة التي منحته موقعا معترفا به ضمن الأجناس الأدبية، إلى درجة أصبح معها انتماء الرحلة إلى حقل الأدب مسلمة ثابتة لا تحتاج إلى دليل أو مبرر. فبالرغم من ارتباط هذا النوع الأدبي بالأدب الجغرافي وبالكتابة التسجيلية والرصد الإثنغرافي، فقد أثبت أنه خلق أدبي يزحف إلى كل المجالات، ويسير في كل الاتجاهات، وينفتح على كل الخطابات، ويذيب الحدود مع الفنون الأخرى، ويزخر بكم هائل من الظواهر الخطابية المختلفة. فالمدونة الرحلية أكثر من كتاب، فهي منجز فسيفسائي غني بالمضامين الإثنوغرافية اامتنوعة التي تعتبر المادة القاعدية في الدراسات الأنثروبولوجية، ويجمع بين ثناياه مختلف المعارف وركاما هاما وزاخرا من المواد التاريخية والعلمية والثقافية والدينية والأدبية وكل ما يساعد في استجلاء العديد من الحقائق المنسية، وفي إضاءة الكثير من المساحات المعتمة والبؤر المظلمة في التاريخ السياسي والثقافي لكثير من اامجتمعات.

***

 

ما دام النفط يتدفق من أرضنا فلن تعرف السعادة، فالنفط أسود ويستحضر كل لون أسود، فهل وجدتم سعادة ذات لون أسود؟

اللون الأسود يمتص جميع الألوان، والنفط في بلادنا عدو الإنسان، لأنه يستحضر مفردات قتل سعادته وتدمير معالم حياته.

فالحضارات التي نتغنى بها في ديارنا تألقت بغياب النفط، وما أن برز المارد النفطي حتى تدهورت أحوالنا نحو الأسوأ، وكلما زادت عائداته، أصابتنا ويلاتها، فهي النقمة لا النعمة.

لو تفحصنا أحوال بلادنا في النصف الأول من القرن العشرين لوجدناها أفضل مما عليه في النصف الثاني منه، والعامل الأساسي الفاعل في النصفين هو النفظ الذي تزايد الطلب عليه وإرتفعت أسعاره، وصارت عائداته تمول مصانع الأسلحة في الدول الصناعية، فتأتينا منتجاتها لتقتلنا وتدمر وجودنا.

فعندما بلغت عائدات النفط ذروتها دخلنا أطول الحروب، وفي القرن الحادي والعشرين، ومع تعاظم العائدات النفطية، تفاقمت التفاعلات التدميرية والتخريبية في أرجاء البلاد، وفتكت بالعباد، حتى صارت تنادي حي على الرحيل والهجرة إلى بلاد الآخرين.

فالحديث عن السعادة الوطنية في زمن النفط أشبه بمطاردة السراب على أنه ماء.

فلا سعادة ما دام النفط سلطان.

ربما سنشم بعض نسائم السعادة الوطنية في النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين عندما يأفل بريق النفط، وتجد الدنيا بدائل له.

فالمجتمعات الريعية الرتعية لن تعرف السعادة، لأنها تتحقق بالجد والإجتهاد، وقطف أثمار العمل الجاد المبدع الأصيل.

ومَن يرضع  نفطا من أثداء الأرض، لن يجيد صناعة الحياة الطيبة والرقاء.

فمجتمعات النفط تعيسة لأن قلة يصبحون أثرياء وكثرة يُمسون فقراء، ويتأسد الأثرياء على الناس الذين أفقروهم.

فالسعادة تولد عندما نتمكن من قتل النفط، والتحرر من لونه الأسود!!

***

د. صادق السامرائي

منذ عشرون عام والعراق يعيش نظام رواتب حكومي طبقي، يعطي الكثير للاقلية من الموظفين! ويحرم غالبية الموظفين، ولا ينفع مع هذا الظلم أي تعديل للرواتب اذا بقيت الامور التي سنذكرها بالمقال على نفس الحال المائل، دعني اقول لكم ان بعض الهيئات المستقلة والوزارات ينتفع موظفيها بكل وسائل العيش الرغيد، لكن اغلب الوزارات يعيش موظفيها برواتب لا تسد متطلباتهم الشهرية، حيث أسس نظام مخصصات عجيب غريب، يمنح لبعض الوزارات والهيئات، ويحجب عن الاغلبية! فهل سمعت بمخصصات بريمر التي تمنع لبعض الموظفين والتي تصل الى مليونين دينار بالشهر! وهي تحجب عن اغلب موظفي العراق! أو ان تعطي بعض الوزارات والهيئات لموظفيها 14 راتب في السنة، وأغلب الوزارات فقط الراتب العادي (12 راتب بالسنة)، وبعض الوزارات والهيئات تعطي ضمان صحي لموظفيها، وأغلب الوزارات تمنع الضمان الصحي عن موظفيها.

انها طبقية عالم الوظيفة التي أسسها نظام سياسي فاشل كان لا يفهم ما يحصل بسبب هذه التفرقة بالعطاء.

وسنذكر هنا اهم أسباب الطبقية بين الموظفين ومطالبا لتحقيق العدل:

1- توزيع قطع اراضي للبعض:

خلال العشرون سنة الماضية قامت امانة رئاسة الوزراء والبرلمان والهيئات المستقلة ووزارة النفط بتوزيع قطع اراضي لموظفيها ومرات عديدة، وفي مناطق مهمة، بحيث الموظف بعد عام من التعيين يمنح قطعة ارض في مكان مميز، اما باقي الوزارات فلم تعطي حتى متر واحد، بل ان بعضها اذا توزع فهي توزع قطع اراضي في النهروان، تلك الصحراء التي هي قطع الأرض لا تنفع للسكن ولا للبيع!

والاقلية من الموظفين يستملون قطع اراضي قرب المطار او في الكرخ او على نهر دجلة، انه قانون ظالم يخدم الاقلية.

- اليوم نطالب بتوزيع قطع اراضي على كل موظف لم يستلم، وهذا لتحقيق العدالة، ورد الظلم، فما حصل طيلة عشرون عام ظلم كبير جدا وقاسي فاق ما فعله الطاغية صدام بحق العراقيين.

2- مخصصات مالية للبعض:

بشكل وقح وغير منصف تم تخصيص ابواب مالية للصرف لبعض الموظفين دون باقي موظفي العراق، حيث فتحت الخزانة أمام موظفي امانة رئاسة الوزراء، وموظفي البرلمان، وموظفي البنك المركزي، وموظفي النفط، وبعض الهيئات المستقلة، ليحصلوا شهريا على رواتب كبيرة جدا تجعل الحياة مرفهة.

وتصل المخصصات لهؤلاء الموظفين المحظوظين الى نسبة 600% يعني ست اضعاف الراتب الاسمي، بالمقابل الآخرون لا تزيد نسبة المخصصات عن 75% من الراتب الاسمي، فانظر لحجم الفارق والظلم الذي يتعرض له اغلبية الموظفين، عبر قانون ظالم ينفع الاقلية ويظلم الاكثرية.

بل هل سمعت بمخصصات بريمر! والتي تصرف لبعض الموظفين المحظوظين! وتصل وحدها الى مليونان دينار في الشهر! فتخيل حجم الثروة والرفاهية التي يعيشها الاقلية عبر قانون ظالم لم ينصف اغلبية الموظفين.

- لذلك مطلبنا بتعديل المخصصات لباقي موظفي الدولة بحيث تكون زيادة في صرف المخصصات وليس فقط زيادة نسبية بسيطة في الراتب الاسمي.

3- ضمان صحي للبعض:

في بعض المؤسسات الحكومية يوجد ضمان صحي للموظفين، من قبيل امانة رئاسة الوزراء وموظفي البرلمان ووزارة النفط، بحيث اي مراجعة الطبيب يتم صرفها من الضمان الصحي، او أي عملية يجريها الموظف وعائلته، يتم تحمل تكاليفها من الضمان الصحي، بهذا الحال يكون الموظف محمي ضد أي طارئ، والغريب عنده ضمان صحي وهو يستلم راتب ضخم جدا، مع ان المستحق للضمان الصحي هو الموظف الذي يستلم راتب قليل وهم اغلبية الموظفين، فانظر لظلم القانون الذي يعطي كل شيء للاقلية من الموظفين! ويمنع كل شيء عن غالبية الموظفين.

- نطالب بتوفير الضمان الصحي لكل موظفي الدولة، اسوة بالاقلية المدللة من قبل الدولة، ونتمنى من النقابات أن تساهم في المطالبة بهذا الحق الشروع والمغتصب منذ سنوات طويلة.

4- ايفادات وسفر للبعض:

في السابق كانت الايفادات تتوزع بالتساوي بين الوزارات والهيئات حسب الحاجة، وسعيا لتطوير الكوادر الوظيفية، لكن بعد الخلاص من الطاغية تغير الامر، واصبحت الايفادات محصورة بفئة معينة، مثلا تتاح الايفادات والسفرات بشكل كبير ومتكرر خلال السنة الواحدة لموظفي امانة رئاسة الوزراء والبرلمان ووزارة النفط، وتمنح تماما أمام موظفي باقي الوزارات. مثل التربية والزراعة والصناعة والتجارة والكثير.

في وزارة التعليم العالي تمنح فقط لاصحاب اللقب العلمي، وتمنع تماما عن باقي الموظفين، حيث الطبقية في ابشع صورها تمارس داخل الوزارة ومنذ عشرون عاما.

- لذلك نطالب بتوفير فرص ايفاد لجميع موظفي الدولة، حتى لو مرة كل سنتين لتطوير كفاءته وتحقيق العدالة، فما يحصل منذ عشرون عاما هو القبح الشديد ولا شيء غيره.

5- حوافز مالية للبعض:

الاقلية من الموظفين (المدللين) يستلمون حوافز بعضهم كل ستة اشهر وبعضهم كل سنة، وهي مبالغ كبيرة جدا، بالمقابل يحرم غالبية موظفي الدولة من الحوافز، هذا الأمر كان يمكن أن يحل بعض مشاكل اغلبية الموظفين، فمع غياب الضمان الصحي والمخصصات الكافية وعدم توزيع قطع اراضي، يكون بعض القبول لو تواجد موضوع الحوافز، والذي يمنح بشكل مستمر للموظفين المدللين، لكن يحرم منه الاغلبية مع انه حق اصيل لهم.

- لذلك نطالب بتوزيع حوافز كل السنين السابقة على الاغلبية المحرومة إحقاقا للعدل المغيب بسبب فئة متسلطة من الفاسدين وعديمي الضمير.

- اخيرا..

نتمنى من اهل القرار الاهتمام بمطالبنا، في سبيل إعادة الحقوق لاهلها، وانهاء حالة الظلم التي تعشعش بها اغلبة وزارات الدولة، فالناس بحاجة لفرحة العدل ورد المظالم، ويجب انهاء حالة الطبقية بين الموظفين التي حصلت بسبب الظلم في توزيع عطايا الدولة على من يقدم عمره لخدمتها.

***

الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي

ان مفهوم الإصلاح انما هو تعبير عن حاجة اجتماعية للتقدم خطوة إضافية في مسيرة الكمال، حيث أن مفهوم الإصلاح مرتبط دائما بوجود نقص يحتاج إلى إتمام بمعنى أن النقص يعتبر خراب واتمام النقص يُعد إصلاحا من هنا نفهم أننا أمام مفهوم متحرك حيوي مرتبط بفعل وفاعل وليس مفهوما تعبيريا جامدا، ولان اي فعل يحتاج إلى أدوات يستخدمها الفاعل فإن أصل الإصلاح سيكون متعلقا بشكل الادوات المستخدمة والتي ستمثل المدخلية المناسبة أو غير المناسبة لتحقيق خطوة مضافة إلى الأمام في مسيرة التكامل الإنساني وفي ذلك منهجين هما (التعيين والتقنين) ..

الأول .. التعيين

وهو تشخيص العلل ووصف المعالجات بمعنى أنها مرتبة البحث والتداول في الموضوع ومن ثم وضع وتقرير العلاجات المناسبة وبعد ذلك نشر النتائج .. في الواقع أنها مرتبة تمثل دراسة بحثية للواقع الاجتماعي أخلاقيا سياسيا واقتصاديا، ثم خذ هذه الدراسة القيمة وقم بتنضيدها بشكل جيد وبغلاف جميل وعنوان اجمل وضعها بيد الواعظ، طبعا سيرتقي المنبر ويعرض ما توصلت إليه الدراسات من نتائج على مستوى المقدمات والنتائج والأمراض والعلاجات وسيجعل تنفيذ خطة الإصلاح على مسامع الجمهور ويذكرهم بمراد الله في خلقه وأن الله تعالى يحب الصادقين ويبغض الكذب والكاذبين بقوله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

(يا ايها الذين امنوا لم تقولوا ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون *) صدق الله العلي العظيم .. ثم ينزل من المنبر ويذهب كلٌ المؤمنين إلى بيوتهم يتداولون إمكانية الخطيب في الخطابة وكيف أنه كان يقول الحقيقة وان المجتمع فعلا يحتاج إلى إصلاح ومراجعة ولكن هل أن هذا الخطيب المفوه الحريص على ان يحدث فارقا يمتلك أدوات مناسبة للقيام بذلك ام أن حدود مايمكنه القيام به هو شرح هذه الدراسة الإصلاحية التي هي موجودة في أصل الدين والذي يمثل طريقة حياة وليست فقط طريقة تدين طبعا لايمكن لأحد أن يقول أو يدعي بان الفقيه او الخطيب يمتلك تلك الأدوات المطلوبة لتحويل هذه القواعد الإصلاحية النظرية إلى واقع عملي، لأن تلك الأدوات انما هي أدوات السلطة الحاكمة التي تمتلك سلطة التقنين التي تجعل السلوك الاجتماعي باركانه المختلفة اقتصاديا وثقافيا وسياسيا وغير ذلك مرتبط باالمحاذير القانونية لذلك فأنك عندما تأخذ نسخة من هذه الدراسة وتضعها بيد السلطة الحاكمة فإنها ستذهب إلى آليات التشريع القانوني والى اليات إنفاذ القانون، وبعد ذلك لن يكون لهذا الكتاب الجميل مكان الا في أروقة المكتبات لمن يريد المراجعة.. اما النسخة الأولى فإنها ستبقى تتنقل بين أيدي الوعاظ الى أن تبلىٰ دون أن تصلح شيئ لأن مدخلية الإصلاح مرتبطة بامكانية التكليف كما يقال في الحكمة

(عمل لا يكلف به أحد لن يقوم به أحد). لذلك لن يكون الإرشاد كافيا للإصلاح وانما هو فقط وعلى الأرجح سيكون حجة على الناس بأنهم قد تم تذكيرهم فنسوا ماذكروا به وتم وعظهم ولم يتعظوا وهذا ليس خاصا بالمسلمين وانما هي قضية سايكولوجية تتعلق بأثر ودور الرقابة والقانون في جعل الإنسان ينصاع، ومن ثم بعد أن يصبح الانصياع للقانون سمةً اجتماعية يتحول السلوك القانوني إلى عادة اجتماعية تُوَرَث، عند ذلك فقط يمكن القول إن هذا المجتمع مجتمعا منضبطا وحينها تصبح قضية الإرشاد كذلك مقننة كما يحدث عندما تقوم السلطة الحاكمة بإدخال الناس في دورات التنمية البشرية او التعليمية أو دورات الإصلاح وغير ذلك الفارق هنا في المجتمعات الإسلامية

ان الواعظ لايملك سلطة الارغام القانونية لذلك يبقى الإرشاد عبارة عن اقتراح لمن يريد هو أن يأخذ به بمعنى أنه بدون ضابطة تحدد مايترتب على الالتزام أو عدم الالتزام ..

***

فاضل الجاروش

.. ارتبطت مقدرات الشعب وأرزاقه وقوت ابنائه بمشاكل البرلمانيون وصراعهم الذي لاينتهي، فلا توجد دولة في العالم الحديث يتكرر لديها مثل هذا الخلاف المعقد على إقرار الموازنة في كل سنة كدولتنا ويستمر الخلاف بلا توقف لشهور عديدة حتى نتجاوز منتصف السنة والموازنة لم يتم إقرارها بعد، فهي الطاقة المحركة لحياة المجتمع الاقتصادية من داخل وزارات الدولة بما فيها التعيينات والقروض والسلف والأعمال وأموال التعويضات وباقي المشاريع المتوقفة بسببها، أن الشعب من شماله لجنوبه يقف حائراً بانتظار مايخلص إليه البرلمانيون والحكومة بخصوص الاتفاق وخاصة أصحاب الآراء المتصلبة منهم ... يبدو أننا لانمتلك حل لهذه المشكلة التي صارت تتعقد سنة بعد أخرى فالجميع لايرضى بحصته من التخصيصات الهائلة التي لو منح تخصيص محافظة واحدة من محافظاتنا الى دولة مثل السويد أو بلجيكا او الأردن لاستطاع شعبها ان يعيش في نعيم لسنتين متتاليتين .. يبدو أن الحل الوحيد هو الاستعانة بالأمم المتحدة من أجل تخصيص خبراء بإشرافها لكونها مؤسسة دولية تعنى بشؤون الدول الغنية المنهارة كدولتنا بغية تنظيم حياة مجتمعاتها الاقتصادية والحفاظ على ماتبقى من أموالها وأموال أجيالها القادمة من الضياع فقد راحت تهدر بطريقة عجيبة لم تحدث مثلها حتى في الحرب العالمية الأولى والثانية ... اتضح بعد التجارب الطويلة المكللة بالخيبة والفشل والخسران بأننا نفتقر الى العقول الاقتصادية المدبرة وغير قادرين على التخطيط بهذا الشأن لأننا نفتقر إلى أصحاب الخبرة الشاملة من جانب ونعاني من الفساد المالي ونهب الأموال من الجانب الآخر فلماذا لا نسلم أمورنا إلى الأمم المتحدة لتنظيم شؤوننا ونخلص !!!.

***

ماهر نصرت / بغداد

دار حوار بيني وبين إحدى المعارف في مجلس نسائي حول المقالات التي أكتبها والقصص المكتوبة وبعض الفيديوهات التوعوية المسجلة  عبر تطبيق سناب شات في نطاق ضيق نوعاً ما والتي تتناول التاريخ والقضايا الإجتماعية والتحليل النفسي والفلسفة والأساطير مع محاولة تقريب الصورة للمشاهد بالأزياء والأماكن.

قالت: أنا هدفي الشهرة وسوف أفعل أي شيء لأحقق أكبر عدد من المتابعين وأدخل لهذه الحياة الفارهة فما سوف أحصله من عدة إعلانات أضعاف دخل موظف عادي لعام كامل، لو كنت مكانك لما ترددت لحظة واحدة في طريق الشهرة والنجاح تملكين محتوى لا بأس به لكنك "ساذجة ومثالية" زيادة عن اللزوم.

لم أناقشها كثيراً فقط رددت أني لا أمانع إيصال ما أقوم به للناس ويسعدني أن أرى الوعي لديهم وتأثرهم بآرائي وإتساع زوايا نظرتهم للأمور لايهمني عدد المتابعين وان كثروا بمجرد أن أسمع أنني إستطعت إلهام شخصاً واحداً وجلب السعادة لقلبه فهذا نجاح عظيم بالنسبة لي..

بعد إنتهاء السهرة فكرت بكلامها كثيراً وحللته كعادتي من عدة جهات ، كانت على حق فيما ذكرته حول الوضع الإقتصادي وتحقيق ثروة هائلة تتطلب خمسة عشر عاماً ربما من الإدخار من راتبي الشهري والذي لن يفيدني حتى بتحقيق ربع قيمة أرباح مشهورة من مشاهير مواقع التواصل هذا عدا عن أن الشهرة بحد ذاتها ليس هدفاً صعباً خاصة هذه الأيام ، أعني كفتاة فإن الأمر لايتطلب سوى قدر من الجمال أو ميزانية لعدة عمليات تجميل بسيطة حتى يتأمن مبلغ كافٍ للمزيد منها ، تسوق ، شرح خطوات ماكياج "في البداية فقط" ، شلة من صديقات الأنس  حيوان أليف ،وتغطية كاملة لكل جزء من حياتها حتى تصل بعد فترة للتوثيق وتبدأ الشركات والمطاعم والمقاهي والأسر المنتجة بنيل رضاها للإعلانات لكن بالرغم من كل هذا ، فإن دراسة الجدوى بمشروع بهذا الشكل يحمل الكثير من المخاطر.

أولاً الحفاظ على هذه القاعدة الجماهيرية يعتبر تحدي كبير وذلك بسبب:

١- إنعدام الموهبة الحقيقية.

٢- أهداف سهله ومتاحة للجميع ولا تتطلب مجهود شخصي أو سعي مضني لها.

٣- عدم وجود معايير عالية للتميز.

٤- الهوس وضياع الوقت.

٥- المخاطرة المالية وعدم ثبات الدخل.

ثانياً: رأس المال معتمد بشكل أساسي على نسبة المتابعين وتحت تصرفهم بشكل كامل حيث أن تلك الثروة تتناقص وتتقلص تدريجياً حال ظهور منافس شرس ( أجمل وألطف أو حتى أكثر سخافة) فإنه سوف يسحب تباعاً نصف أو ثلاثة أرباع الجمهور والدعم  خاصة كماذكرت أن معايير النجاح هنا هي في متناول الجميع الصغير والكبير والمراهق والسخيف.

مما يتطلب من الشخص البدء ب"الشحاتة" الحديثة تحت إثارة الجدل لزيادة المشاهدات

إما بالإستعطاف والإستجداء بخلق نوع من الدراما وإفتعال مشاكل مع أي شخص آخر من زملاء المهنه مثلاً معدة بسيناريو مسبق يخدم مصلحة الطرفين (نلاحظ ذلك بوضوح إذا انتبهنا لأعداد تناقص المتابعين عند طرفي النزاع) 

أو القيام بأفعال مشينه والتصريح بآراء صادمه وواسترضاء الناس حيث يصل المشاهير إلى مرحلة أشفق عليهم فيها كثيراً وهي أنهم لايملكون حياة خاصة ولا يملكون حتى المطالبة بها لأنهم هم انفسهم من كشفها من البداية فتنتهك حياتهم مثلما تنتهك إنسانيتهم بحملات شرسة من التنمر والمضايقات.

مما يزيد وطأة الإضطرابات النفسية والسلوكية التي تصيب الفرد من هذه الفئة والسم الذي يبثه يومياً لحياة الآخرين الذين يتابعونه بدافع الحب أو الفضول أو الإستهزاء فقط.

في آخر الأمر أن لاشيء سوف يدوم وهذه الأضواء سوف تنطفيء يوماً ما لكن الدمار الناتج عن هذا الهدف لايمكن إصلاحه لشخص تناقصت قيمته الذاتية ونظرته لنفسه ونجاحه بزوال كل من كان يصفق له يوماً ما..

لذلك فإن كل من شهر بلا موهبة وبلا قضية ما تخلد انجازاته بعد إنطفاؤه حتماً ..لن يعود من جديد

طريق الوصول إلى النجوم اللامعة في السماء... مظلم

***

لمى ابوالنجا 

توجيه رئيس مجلس الوزراء لجميع الوزراء في انهاء التقييم الشامل لأداء وعمل المديرين العامين في وزاراتهم خلال مدة أقصاها ١٢ آذار الماضي كان وراءه تقييم للوزراء انفسهم، وعلى ما يبدو ان الفكرة بدأت تؤتي اكلها بما يتسرب من اخبار عن نية لتغيير بعض الوزراء المتلكئين في الحكومة الحالية التي مضى على تشكيلها اكثر من ستة اشهر في إشارة واضحة الى جدية هذه الحكومة بالعمل والإنجاز والاستفادة من الوقت بعد ان تأخر تشكيلها اكثر من عام.

فهل فشل هؤلاء الوزراء في تقييم فترة الستة اشهر الاولى من عمر الحكومة؟ ام انهم لم يحققوا المطلوب انجازه في البرنامج الحكومي المعلن للسيد السوداني؟. وبعيدا عن علامات الاستفهام اعلاه، هل يستطيع رئيس الوزراء تغيير وزرائه دون الرجوع للكتل التي رشحتهم ؟ وهل تقبل الكتل المشكلة للحكومة المساس بحصصها الوزارية ؟ والذي تعتبره استحقاقها وجزءا متكامل من اتفاق تشكيل الحكومة.

الامر برمته يحتمل اتجاهين: 

الاول - ان تقوم الكتل نفسها بترشيح وزراء بدلاء، وهنا لا تغيير سوى بالأشخاص.

الثاني - ان تخول الكتل السياسية؛ السوداني ترشيح وزراء مستقلين من التكنوقراط المهني المتخصص بديلا للفاشلين، وهو امر جيد ان تحقق، ولكنه مستبعد.

وان سار الامر بالاتجاه الاول فان فرض اسماء من نفس الكتل على رئيس الوزراء يحتمل اتجاهين أيضاً:

الاول - ان تعي الكتل مسألة الفشل السابق وترشح بدلاء اكفاء، وهو امر ممتاز حتى وان كانوا ذا خلفية حزبية لكن هدفهم خدمة الوطن والمواطن.

الثاني - ان تكرر الكتل السياسية ترشيح غير المؤهلين، وبالتالي تعاد دورة الفشل وفي هذا خسارة للسوداني اولا؛ والإطار التنسيقي ثانيا؛ وللوطن بشكل اكبر ثالثا؛ والمواطن على المدى القريب والبعيد رابعا؛ وخسارة للوقت خامسا.

ان مهمة عمل الحكومة ونجاحها تتحملها جهتين فقط دون غيرهما: رئيس الوزراء وائتلاف قوى الدولة الذي اوكلت اليه مهمة تشكيل الحكومة والذي تمثله اليوم قوى الاطار التنسيقي، والذي صرح في حينها وقبل التصويت على الحكومة برلمانيا بانه يتحمل المسؤولية التاريخية في بذل كل الجهود لانجاح هذه الحكومة واوكل المهمة الى السيد محمد شياع السوداني في رئاسة مجلس الوزراء ونال ثقة البرلمان بكابينته الوزارية وبرنامجه الحكومي، ومع الخطوات الجيدة نسبيا للأخير وسعيه الدؤوب لتنفيذ برنامجه الحكومي والوقوف على الثغرات واسباب الفشل بين فريقه الوزاري من خلال فكرة التقييم الشامل، لذا فانه يجب ان يتمتع بالقرار المستقل القادر على تغيير وزرائه بآخرين ممن يجده مناسبا للمهمة والمنصب دون ضغوط من احد أيا كان، عليه فانه بحاجة ماسة الى دعم من رشحه اولا ومن ساهم في تشكيل الحكومة ثانيا ومن جمهور المواطنين ثالثا... للسير بخطوات ثابتة نحو حاضر ومستقبل افضل للوطن والمواطن.

***

جواد العطار

إستغربَ صوت ناشط لأن أحدهم إعترف بدوره، وأثنى على أعماله التي تخدم الوعي العام وتنير العقول، وكان في دهشة لإفتخار إبن وطنه به.

فالسائد في واقعنا السلوكي، واحدنا يسعى لتحطيم رأس أخيه، والنيل منه وإظهار مثالبه وإنكار فضائله، فليس من عادتنا الإعتراف بفضل بعضنا، وبدورنا في صناعة الحياة الطيبة.

إذ نمتلك طاقة تخريب غابية، ونجتهد بالوصول إلى أهدافنا التدميرية، التي تشعرنا بالفخر والإعتزاز والقوة، فما أشد قسوتنا على بعضنا.

هذه حالة فاعلة فينا عبر الأجيال، وتنخر وجودنا وتستهلكنا، وبموجبها نتحرك بإنحدارية فائقة نحو الحضيض.

فلدينا أرفع الإمكانيات والقدرات في كافة المجالات، وترانا في آخر ركب الدنيا وقاع الزمن المعاصر، وطاقاتنا فذة وأصيلة، وعقولنا مبدعة وكبيرة، والتفاعل السلبي يهلكها ويفرغها من الإنتاج الجيد البديع، القادر على شق المسارات الصاعدة.

ونؤكد في سلوكنا أن "مغنية الحي لا تطرب"، ونتشبث بالغريب الطارئ ونتخذه راية وقدوة، ونحسب التقدم في التبعية والإمتثال لما عند الآخرين من عطاءات متنوعة.

والعجيب في أمرنا أننا لا نستوعب معنى التقدير والإفتحار والتعزيز ونعتبر ذلك مديحا، فما أن تتباهى بزميل ومبدع حتى يتوهم بأنك تمدحه، ولا يستوعب أنك تثمن جهوده وتشجعه على العطاء المتميز.

وإذا حاولت إظهار أصحاب الإنجازات الصالحة، وشددت على أيديهم، سيحسبون ذلك مديحا، وهذه كارثة سلوكية، لأننا في مهلكة المديح والقديح ولا نفهم غيرهما.

إن المجتمعات الواثقة من نفسها تتكاتف وتكون كالبنيان المرصوص، أما المجتمعات الممزقة فتتناثر وتتعادى، وتستغرب إذا أبدى أحد أفرادها مشاعرا ذات قيمة إنسانية، خصوصا عندما يخرج من قبضة منظومة القطيع.

فلماذا لا تتكاتف عقولنا؟!!

***

د. صادق السامرائي

ان الهجوم على الكرملين بالطائرات المسيرة يعني ان الحرب تزداد شعلتها ولم يكن الغاية هو قتل الرئيس الروسي بوتين بقدر ما يكون ضربة معنوية كي تؤثر على مسار الحرب الأوكرانية الروسية وقد يكون جزء من هجوم الربيع المضاد وقبل احتفال روسيا بعيد النصر على النازية ولا شك أن الرد سوف يكون قويا من قبل روسيا  لمقرات حكومية داخل أوكرانيا ولن يكون الرئيس الأوكراني وحكومته في مأمن وطبعاَ غالباَ ما سوف تكون للحلفاء دور من الممكن في العملية  قد يكون من الداخل الروسي من قبل عملاء دول المتحالفة مع أوكرانيا وعلى رأسهم الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وسوف تكون الحرب أكثر صرامة وضراوة مما كانت عليه وسوف يكون عنيفاَ وضربات تقسم ظهر اوكرانيا ولعلها سوف تحسم الحرب، وحلفاء أوكرانيا يريدن بهذه المحاولات الفاشلة والبسيطة تخويف بوتين وترهيبه للرجوع والانسحاب  كما تعتقد ولاشك ان الاماكن الحساسة لن تكون بعيدة عن انظار القيادة الروسية لتضرب بالكامل وبدون تردد وتكون الخسائر كبيرة بلا شك ويحدث نقلة نوعية هائلة  في تطوير مجريتها ويفضي الى تطورات في نتائج وتداعيات أمنية واستراتيجية دولية على المديات المختلفة البعيدة والقريبة المدى وتحدث دماراً واسعاً للبنية التحتية لأوكرانيا.. ان محاولة قصف مقر بوتين تضع جميع مقرات زيلنسكي وداعميه في خطر الهجوم المرتقب التي تعد له اوكرانيا والذي يراهن عليه حلف الناتو والولايات المتحدة الامريكية سيكون بمثابة الضربة الموجعة النهائية والحاسمة في سعي أوكرانيا استرجاع أراضيها التي ضاعت منها في المراحل الماضية ولعلها تظن ان  هذه الضربة سوف يحسن موقفها في حالة التفاوض حول التسوية السياسية الشاملة كما ان الغرب لن يقبل بخسارة اوكرانيا في هذه الحرب مهما كان حجم التكاليف او الخسائر المدفوعة فيها، لان هزيمة اوكرانيا سوف يكون هزيمة للناتو وضياع لكل ما تعتقد له ويراهن عليه الحلف. أما بالنسبة لروسيا فأن هذه المعركة لن تقل أهمية عما تمثله بالنسبة لأوكرانيا .ان العمليات العسكرية الروسية واجهت مجموعة من الاخطاءمن البعض من القيادات وبمرو الوقت تم اعادة النظر في تلك الاستراتيجياتوترتيب الاوراق وبدأت تنفيذ تكتيكات وخطط حكيمة تضرب اهم المواقع والمدن لشل خركة الجيش الاوكراني وفعلا حصلت البعض من النجاحات ورغم ذلك ان هناك البعض من النقاط هناك حاجة للتفات اليها وخاصة بالمساعدات الكبيرة التي تعد بالمليارات من الدولارات من الاسلحة المتطورة والحديثة بمشاركة بريطانيا والمانيا مما سببت اعادة البعض من الاراضي الاوكرانية،ومن هنا لابد ايضاً الاشارة الى الثبات الروسي وارسال رسائل مباشرة بقوتها التي لا يستهان بها وصمودها، واستفادة من ان تكون قوة اكبر مما كانت علية في العالم اليوم وزاد تقاربها مع الصين والهند وإيران والبرازيل وجنوب افريقيا وتضعضع الدولار والتحول نحو الاستفادة المتبادلة من العملات الاخرى للدول فيما بين، ولاك ان الغرب هو الخاسر الاول نتجية بيع الولايات المتحدة الامريكية العاز والنفط بخمسة اضعاف اقيامها ليؤدي الى التضخم والركود وغلاء الاسعار في كل المواد الاساسية والغذائية وزيادة نسبة البطالة مما فاقم الاحتجاجات والتظاهرات في كل ارجاء اوروبابعد افول الرفاهية في دولها والدخول في انفاق الظلام، كما ادى الى التقارب الروسي الخليجيورفض دولها حل ازمة الغاز والطاقة في اوروبا وزيادة العلاقة بين روسيا ومنظمة اوبك وتخفيض نسب بيع البرميل من النفط ليرتفع به اسعارها مما اغضب تلك الدول والمطالبة بعدم الانصاع للهيمنة الامريكية اولها فرنسا وعلى لسان رئيسها ماكرون . ولا ننكر دور الصين لتغيير النظام العالمي، ولا ننكر ابداً اتفاقاتها مع دول الخليج مثل السعودية والامارات وتغير استراتيجياتها الاقتصادية وحتى السياسية  نحو بكين وكذلك دول اخرى في منطقة الشرق الأوسط بمليارات الدولارات ومن مصلحتها استقرار المنطقة والتحلي بالهدوء لهذا هي تسعى من اجل ان يكون لها دور لحل المشاكل بين بلدان المنطقة ولعل التقارب الايراني السعودي نموذج من المساعي الحقيقية في دورها .وسوف نسمع ظهور عملات جديدة يتم التعامل معها تنافس الدولار ولعل اليوان الصيني مرشحاً قويا في المنافسة استناداً لحجم الإنتاج الصيني ونصيبها المتزايد من التجارة العالمية واكبر دولة مصدرة مستثمرة ومن الدول التي حطت جناح تجارتها في كل مكان في العالم.

***

عبد الخالق الفلاح - كاتب واعلامي

العالم يتطور بسرعة. تجاوز بشكل قطعي قوة العمل المعتمدة على العضلات الجسمانية. تم المرور بسرعة واضطراريا إلى الاعتماد على العقل. لقد تحول هاجس وواجب العناية بالجسم بالمأكل والمشرب والرياضة موازاة مع تنمية الروح بالأخلاق والجدية والترويح على النفس بالترفيه إلى مجرد آلية إجبارية لإعداد العقل لرفع التحديات المستقبلية بكفاءة القيام بالأعمال اليومية المضنية التي تزداد صعوبة وتعسرا. لقد تغيرت بشكل جدري التمثلات في شأن شعار "ما بعد التعب راحة" متجاوزة مفهوم الجسد وأدواره لتختزل في تعب العقل والروح والنفس في الكدح المتواصل.

مطرقة الرقمنة لا ترحم، واستخداماتها التي تكتسح كل مجالات الإنتاج والخدمات والمعرفة والتعليم والتكوين والصحة خلقت تحولا مروعا وهداما لتقاليد الوجود السابقة. فحتى بعض المهن الجديدة في المدينة والبادية التي أينعت منذ إعلان النظام العالمي الجديد تهددها اليوم مخاطر الانقراض، لتبرز إلى الوجود مهن جديدة لخدمة المستقبل الديمغرافي للبشرية.

أزمة الكوفيد 19، كمرحلة تجريب وتعويد على أنماط عيش جديدة دقت ناقوس الخطر. تم إدخال أفراد الأسر إلى منازلهم وتم فرض الحجر الصحي، وأعطيت الانطلاقة لمشروع تغيير مشهد الأنشطة البشرية بشكل عميق. الصين بفيروسها تحولت إلى زعيمة لنمط حياة بشرية جديد في العالم. تأزم جزء من منظومة الأجور، وازدهر جزء جديد بأساليب عمل متنوعة وغير متجانسة، وبرزت قطاعات النشاط الضامرة والاحتياجات الجديدة في فضاءات الحياة البشرية كونيا.

لم يعد لأطفالنا وشبابنا وطلبتنا خيارات أخرى سوى بذل الجهود لفهم التحولات بأفق الاندماج في أنماط عيش جديدة. الوظائف المستقبلية في تحول سريع، والبحث عنها يتطلب اليوم تكوينات أكاديمية ميدانية جديدة. فلذة الأكباد المرتبطين بالإفراط في اللعب في الأزقة والشوارع سيتعرضون مستقبلا بلا ريب إلى تهميش مهول ومن تم سيتحولون إلى ضحايا إدمان المخدرات والدعارة والتجارة في البشر.

على الأسر أن تستفيق من سباتها وتعوداتها النفسية وتركز على القطاعات المزدهرة التي تختزن الفرص الزاخرة لأبنائهم. على الدولة كذلك ألا تتقاعس في إلقاء الضوء على وظائف المستقبل الأكثر توظيفًا لتيسير المهام أمام آباء وأمهات وأولياء التلميذات والتلاميذ  في اتخاذ الخيارات الصحيحة.

*** 

الحسين بوخرطة

أجهزة التنسيق الأمني تنكل بالمتظاهرين عقب استشهاد الأسير خضر عدنان!

وصدام مسلح فلسطيني بيني- محدود- حول المقاطعة في جنين، أدى إلى اعتقال الناشط غسان السعدي وسط غضب جماهيري عارم..

وأسئلة حول هجوم سيبراني غامض على القبة الحديدية الإسرائيلية أفشل تصديها لصواريخ المقاومة الدقيقة.

حدث كل ذلك صباح أمس الثلاثاء بعد استشهاد الأسير الفلسطيني الشيخ خضر عدنان، بعد إضراب عن الطعام في معركة البطون الخاوية استمر 87 يوماً رفضاً لاعتقاله.

وكانت سلطات الاحتلال تتوقع بأن تداعيات عملية الاغتيال بما بات يعرف بالقتل السريري الممنهج من خلال الإهمال الطبي، ستؤدي إلى مواجهات مع الفلسطينيين؛ لذلك، فوزير الأمن القومي الإسرائيلي في حكومة الفصل العنصري اليمينية بن غفير الذي يتبنى أجندة التطهير العرقي بحق الفلسطينيين تحت شعار يهودية الدولة، أمر من فوره برفع مستوى التأهب في سجون الاحتلال وخاصة أن الضفة الغربية شهدت مسيرات جماهيرية احتجاجاً على اغتيال الشيخ الأسير خضر عدنان.

وكان من المنتظر أن تتصدر سلطة أوسلو الموقف الرسمي برفض سياسة قتل الأسرى الممنهج باتخاذ مواقف حادة ضد حكومة نتنياهو على أقل تقدير فالأوراق الضاغطة كثيرة لو أُحْسِنَ التصرفُ بها بعيداً عن التبعية المذلّة؛ لكن المخجل في الأمر يتجلى بقيام الأجهزة الأمنية الفلسطينية مساء أمس الثلاثاء، بالاعتداء الوحشي الموثق رقمياً، على مسيرة فلسطينية خرجت للتنديد باغتيال الشهيد الأسير خضر عدنان في مدينة جنين المحتلة.

وأفادت مصادر محلية- شبكة القدس وغيرها- أن عدداً من الشبان أصيبوا في قمع الأجهزة الأمنية للمسيرة.

وهو إجراء مشين، ومن شأنه أن يدرج سلطة أوسلو في موقف إسنادي للاحتلال وفق ما غرد به فلسطينيون عبر الفضاء الرقمي.

ليس هذا فحسب، بل اعتقلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية الناشط غسان السعدي خلال قمعها مسيرة جنين، وعقب ذلك جرى تبادل لإطلاق النار مع عناصر الأجهزة الأمنية في محيط مقر المقاطعة في جنين ترجمة لاتفاقية التنسيق الأمني المشينة، والمرفوضة جماهيرياً إلى درجة مواجهتها بالسلاح كما يبدو، لولا الانتباه إلى عدم منح سلطات الاحتلال فرصة إشعال حرب فلسطينية أهلية.

من جهتهم، قام السجناء في سجن عوفر العسكري بحركة تمرد واسعة وصلت إلى حد قيام أحد السجناء برشق الزيت الساخن على مجموعة من ضباط السجن.

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية أن اختناقات بالغاز حدثت في صفوف الأسرى بعد توتر واستنفار في سجن عوفر الذي شهد اغتيال الشهيد البطل الذي قاوم الاحتلال بإضرابه عن الطعام حتى النهاية المشرفة.

وقالت مصلحة السجون الإسرائيلية بأن الحركة الأسيرة في سجن عوفر العسكري الإسرائيلي أغلقت جميع أقسام السجن، رافضة تسلُّم الطعام، معلنة النفير العام.

ومن المحتمل دخول الأسرى من جديد في معركة البطون الخاوية التي أثبتت نجاحها في فضح الاحتلال الذي لا يعير اهتماماً بالمعايير الدولية لحقوق السجناء الأساسية، ما أدّى إلى اغتيال الأسير خضر عدنان (44 عاماً) عن سابق إصرار.

وعليه فقد طالبت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين بتسليم جثمان الشهيد فوراً من أجل "تشييعه بشكل يليق بتاريخه النضالي" وقالت إنها علّقت العمل أمام المحاكم العسكرية لدى الاحتلال اليوم احتجاجاً على استشهاد الأسير الذي خاض معركة البطون الخاوية دون هوادة حتى نيله الشهادة، وهو أسمى ما قدم لأجل قضيته العادلة، العصية على التصفية، بوجود المقاومة المظفرة بأشكالها.

من جهتها لم تقف المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها الجهاد الإسلامي التي ينتمي إليها الشهيد، حيث قصفت غلاف غزة برشقة مركزة من الصواريخ، ما أثار الهلع في صفوف المستوطنين الذين لم يدخروا جهداً في اضطهاد الفلسطينيين، والاعتداء على أراضيهم ومقدساتهم في عموم فلسطين المحتلة.

إلا أن الرد الإسرائيلي المحدود بقصف مواقع المقاومة في غزة لم يلجم الأسئلة في عقول الإسرائيليين وعلى كافة المستويات، حول جدوى القبة الحديدية التي فشلت في رصد الصواريخ الفلسطينية المتطورة ومن ثم إسقاطها.. وهذه فضيحة مدوية وفق كل المعايير، إذْ أماطت اللثام عن ضعف أداء تلك القبة الأسطورية في أتون المواجهات مثلما حدث يوم أمس.

الإعلام العبري من جهته انبرى لتوضيح ملابسات ما جرى حيث عزى فشل القبة إلى دقة صواريخ المقاومة التي -كما يبدو- تستخدم للمرة الأولى متجاوزة نظام القبة الحديدية.

فيما ربط آخرون ذلك بجهود المقاومة السيبرانية في غزة التي عطلت مؤقتاً انظمة القبة الحديدية الرادارية ربما بمساعدة الجيش السيبراني الروسي مبتغياً ضرب القبة الحديدية التي زودت بها تل أبيب الطرف الأوكراني، في عَقْرِ دارِها.

ليس هذا فحسب، بل أشارت مواقع إسرائيلية بأن منظومة الإنذار الراداري الإسرائيلي (كوموتاه) المرتبطة بالقبة الحديدية تعرضت خوادمها لهجوم سيبراني أمس الثلاثاء ما تسبب في تعطيل موقعها على الويب، لكن التطبيق والإنذارات سرعان ما استعادت طاقاتها.

وفي المحصلة فإن وحدة المقاومة الفلسطينية الميدانية في عموم فلسطين وسجون الاحتلال وفي الفضاء الرقمي تجلت في ردود الأفعال الناجمة عن استشهاد الشيخ خضر عدنان الذي قضى في تحديه للاحتلال الإسرائيلي في أتون معترك البطون الخاوية.. والله ولي الصابرين.

***

بقلم: بكر السباتين

3مايو 2023

هل استعجلت امريكا انهاء الحرب في اكرانيا؟

سعت امريكا منذ تفكك المنظومة الاشتراكية وحلف وارسو الى التمدد شرقا ومحاصرة روسيا لأنها ترى فيها الوريث الشرعي لتلك المنظومة ومن ثم منافستها على زعامة العالم.

ما كان للحرب في أكرانيا ان تستمر هذه المدة لولا الدعم الامريكي والغربي المنقطع النظير والذي كلفهم أموالا طائلة، والخاسر الاكبر في هذه الحرب هي اوروبا الغربية التي تنفذ اوامر امريكا بدءا من حظر استيراد الغاز الروسي، وضرب أنبوب  نقل الغاز، فأوروبا استفادت كثيرا من الغاز الروسي. واستيراده من امريكا بأضعاف ثمنه من روسيا، وكذلك توجيه امكانياتها نحو التصنيع الحربي وترك بقية المجالات الأخرى التي تعود بالنفع على رعاياها، للأسف الشديد ان غالبية  حكام الغرب لم يدركوا حجم المأساة التي وضعتهم فيها امريكا من خلال  زجهم في حرب لا ناقة  لهم  فيها ولا جمل.

لا شك ان الحرب قذرة ولا تعرف رحمة ولا إنسانية، الروس خلال عام من الحرب، لم يستهدفوا التجمعات السكانية، كما فعلت امريكا ومن معها بالعراق وفيتنام وكل البلدان التي  دنستها، بل طال القصف المواقع التي تغذي الحرب وتساهم في استمرارها.

امريكا  وفي عديد المرات ، تقول بانها لا تشجع الجانب الأكراني  بضرب العمق الروسي خوفا من  امتداد الحرب الى بقع أخرى، وقد تطالها هي.

محاولة ضرب مقر السلطة في موسكو بالمسيرات ليس بالأمر الهيّن، ان دل على شيء  فإنما يدل على مدى انزعاج امريكا من عدم تحقيق أي تقدم يذكر للقوات الاكرانية التي تدعمها، وهجوم الربيع المنتظر، وتخوفها من انشقاق بعض الزعماء الغربيين مثل فرنسا وتركها وحدها، قد يكون مشروع مارشال لإعادة اعمار اوروبا حقق بعض المكاسب للقارة، لكنها وللأسف ظلت تخضع للإرادة الامريكية وتنفذ اجنداتها على مدى عقود.

الذي لا شك فيه ان الأوكرانيين  لم يقدموا على مثل هذا الفعل إلا بعد استشارة أمريكا وحلفائها، والسؤال  المطروح هل استعجلت امريكا أنهاء الحرب في أكرانيا؟ ولكن أي ثمن سيتم دفعه؟ ومن سيدفع الثمن؟ .فأمريكا تشاهد وبأم عينها ان العالم بدأ  يتشكل من جديد، وان عهد القطبية  الاحادية ولّى الى غير رجعة، وان نفوذها آخذ في  الانحصار، هناك تكتل اقتصادي يضم دول كبرى (البريكس)، يسعى جاهزا الى فك الارتباط بالدولار الامريكي والتعامل  بالعملات المحلية للدول المعنية، كما ان دول إقليمية اخرى لها وزنها الاقتصادي، تريد الخروج من العباءة الامريكية والانضمام الى البريكس. كذلك نجد ان الصين وروسيا تتوغلان في  القارة الأفريقية للاستثمار فيها وبعض الدول الافريقية تعلنها صراحة انها لم تعد في حاجة الى المساعدات الاوروبية البسيطة والمذلة، ولا ننسى ان الاتحاد السوفييتي كان يناصر حركات التحرر الأفريقية، كما ان روسيا اخذت في بناء علاقات اقتصادية مع دول أمريكا اللاتينية والجنوبية التي يعتبرها الامريكان حديقتهم الخلفية .

المؤكد ان الكرملين لن يقف مكتوف الايدي امام المحاولة القذرة التي تطال راس النظام، وسوف يرد وبأقصى إمكانياته على ذلك، وان لم تجنح امريكا ومن معها  للسلم وحل النزاع بالطرق السلمية، وتطورت أساليب الحرب واستخدمت كافة الأسلحة المتوفرة غير النووية، فلا شك ان اوروبا بمجملها ستكون ساحة صراع  رئيسية لقوى عظمى، ولن يكون هناك مشروع مارشال جديد لإعادة اعمارها،بل ستصبح قارة اشباح .

***

ميلاد عمر المزوغي

أمضينا أكثر من قرن ونصف في مستنقع النظريات المعتقة في ظلمات الرفوف، والبعيدة عن الواقع والمستعبدة للرؤوس.

فهل وجدتم نظرية تمكنت من الحياة في واقعنا المنهوك؟

هل إستطاع مفكر أو حركة أو حزب تطبيق نظريته؟

نظرياتنا أقوال فارغة، ومن معطيات خيال وهْمي مألوس.

فكيف تفسرون فشل النظريات في بناء القوة والحياة؟

يتضح وجود خلل حضاري صارخ في آليات تفكيرنا، فالعلاقة بين التفكير والعمل تناقضية بحتة، فالسائد أن الأقوال تناهض الأفعال، وتمكنا من التعبير عن ذلك بتواصل فظيع، فالأحزاب أنجزت ما يتقاطع وشعاراتها ورسالاتها، والمعتقدات تنكر جوهرها، والمشكلة أن فينا عاهة مدمرة خلاصتها، أقوالنا أفعالنا، وتنعدم في وعينا مفردات ومهارات الربط بين الكلمة والفعل، فالفكرة قول وحسب، أما تمثلها وتحويلها إلى منجز فاعل في الحياة، فلا يخطر على بالنا.

المجتمعات تقدمت بقدرتها على تصنيع أفكارها، وتدهورنا لعجزنا عن ذلك، والذين أسهموا في بناء الحضارة عند مبتدئها العربي، كانوا يجيدون مهارات تصنيع الأفكار، ونحن الذين خسرناها أو تجاهلناها، وأصبحنا من القانطين.

فالأمة فيها العديد من المفكرين والمهتمين بنهضتها ومعاصرتها، وما قدموه نظريات ومشاريع مطمورة في صفحات الكتب، وما وجدنا آلية لترجمة المشروع إلى فعل يومي مفيد، بل أن معظمهم يدّعون التفكير، وهم يؤازرون قوائم الكراسي الآثمة، ويزيدون من غفلتها وإمعانها بالجهل والعماء السياسي.

نظريات وما أدراك ما هي، ما أمّنت من خوف ولا أطعمت من جوع، بل إستهلكت وقتا وورقا وحبرا، وخمدت أنفاسها فوق السطور، فلا تيار معرفي يهدف للتغيير، ولا قوة ثقافية ذات قيمة تنويرية، بل نظريات، ترضعنا حليب سراب.

فكيف لا نخور، وصراطنا أعوج وملبد بالغيوم؟!!

***

د. صادق السامرائي

لم أكن من متابعي الدراما المغربية بصورةٍ كبيرة، سواء في عموم منتوجاتها عامة، أو في ما يخصص لموسم رمضان، الشهر الذي يتسابق المنتجون لاستغلاله لطرح أعمالهم الدرامية حتى الخالية منها من أي مضمون أو هدف، غير التواجد في السباق، أياً كان مستوى ذاك التواجد وقيمته، ولو كان مجرد تكرار لقديم الأعمال الرمضانية السالفة، والتي لم تكن يوماً عملا مصورا لحقيقة مجتمعنا،أو معبرا عن قيمه الإيجابية،أو معززا لها، وكان في مجمله مجرد إعادة لتهريج الثقافات الخرافية، ما يطرح العديد من الأسئلة حول الحدود الفاصلة بين حق صناع العمل الفني في الإبداع وواجب بث المعلومات الصحية الموثوقة المسهمة في رفع الوعي بمخاطر القضايا المؤثرة سلباً على المجتمع،والمساندة لمجهودات الجهات المعنية بحل قضاياه الاجتماعية  المستعصية، كما هو الشأن بالنسبة لقضية "التبرع بالأعضاء"  التي أثارها المسلسل التلفزيوني "كاينة ظروف" والذي وجهت له أصابع الاتهام بإحباط المجهودات الكبيرة التي بذلها المغرب في مجال تشريع التبرع بالأعضاء، الذي كان المغرب فيه من الدول العربية السباقة لتقنينه، ليصبح بعيدا من حيث الترتيب وراء السعودية ومصر وتونس، بما ينشر من سخف المعلومات المغلوطة المفسدة لعقول المتابعين واهتماماتهم، التي تزرع التخوف في قلوب المتبرعين، وتبث اليأس في نفوس مرضى الفشل الكلوي الذين ينتظرون الأمل في الحياة، الأمر الذي لم تتمكن  المؤسسات الدينية بأساليبها التقليدية من علاجه،-أو أنها لا تريد ذلك أبدا - وربما أسهمت  في تفاقمه، بصمتها المطبق عن ما يرد في الكثير من الأعمال الدرامية -التي يتناسب انتشارُها تناسبًا طرديًا مع تفشي الجهل وانحطاطِ الوعي- من معلومات خاطئة وأفكار رديئة وأكاذيب وأوهام وخرافات، لا تُفقر العقلَ فقط بل تُنوّمه، وتجعله عاجزًا عن التفكير العقلاني بأيّ شيء يوقظ العقل ويجعله يفكّر منطقيًا.

صحيح أنه لا تغوي فتنة تلك التوصيات والوصفات المتلاعبة بالمشاعر والمنافية للتفكير العقلاني العميق، الحكماء اليقظون الذين يعتمدون العقل لحماية أنفسهم من الانزلاق في متاهات الخرافات والأوهام والجهالات، ولا يقع في شراكها إلا المغفلون، الذين لا يفكّرون بتأملٍ ورويةٍ وتدقيق، في مضامينها ومفاهيمها وعباراتها وشعاراتها التي - مع الأسف - يسكن إليها الكثير منهم، لظنِّهم بأنها تروي ظمأهم الروحي، وتستجيب للاحتياجات المعنوية التي يبحثون عنها، فتؤثر بذلك في بناء عقولهم وأرواحهم وقلوبهم وسلوكياتهم ، وتقوض قناعاتهم و وثوقياتهم، لأن الجهل بيئة خصبة لتفشي هذا النوع من الإنتاجات، التي يتذوق الجهلة نكهة حواراتها ومضامينها المبلِّدة للعقل والمشيعة للغباء، كما تتذوق الأشياء العذبة، وكما يقال: "النقود الرديئة تطرد النقود الجيدة من السوق".

في الختام أطرح نفس التساؤل الذي أطرحه كل مرة :متى سنرتفع بمستوى مضامين أعمالنا الدرامية المحلية إلى صورة التي تليق بها وببلادنا وبمواطنينا ؟ التطبيق الذي سيبقى ناقصاً ومنقوصاً، خاصة فيما يخص التأليف والسيناريو والحوار، أما التمثيل فقد أثبت الممثلين والممثلات مقدراتهم الإبداعية في الكثير من المسلسلات وعلى رأسها مسلسل"كاينة ظروف" رغم ما يعرفه من وانتقادات عبر وسائل التواصل المختلفة .  

*** 

حميد طولست

هذه المقولة البعض ينسبها للأصمعي وآخرون لإبن المقفع، وتدل على النضوب وتجمد قدرات العقل، وعجزها عن إستحضار الأفكار وتأجيج لذة الإبداع، فيتوقف المبدع عن العطاء.

والحالة يمر بها المبدعون كافة، فلا بد من قترة إستجماع وإعادة تكرير وتخليق متوافقة مع ما بلغه المبدع من مستويات إدراكية، إتسعت فيها بصيرته وتنامت معارفه وخبراته ومهاراته التعبيرية.

وتجد العديد من المبدعين مروا بفترات توقفوا فيها عن العطاء، وقائمتهم طويلة، وهم من الكواكب الساطعة؟

والعبارة جواب على سؤال : لماذا توقفتَ عن الكتابة؟

فالإبداع يحتاج إلى محفزات، وعندما تتراكم الإحباطات وتتعاظم التحديات يجد المبدع نفسه في محنة التواصل، لأن خيبة الأمل تتملكه، فتخرسه وتدفعه إلى الصمت والغياب، ولتوهم المبدع بعطائه سيغير الأحوال ويبني ما يريده في دنيا التراب دور في ذلك، بينما الأحداث ترسم خارطة المسيرة المجتمعية للناس.

والتأريخ يقدم الأدلة الكثيرة على أن الأحداث بتفاعلاتها تصنع الحالات القائمة وتمازجها وتوالدها، فتيار الوجود يجري بعنفوان وفقا لإرادة الدوران، فيصنع ما يشاء من التبدلات اليومية اللازمة للديمومة والبقاء.

ومَن يتوهم أنه رقم صعب وقوة مؤثرة عليه أن يرعوي، ويستعيد رشده ويتبصر بموسوعية وموضوعية، فالمبدع الحقيقي الذي يأنس بما يُبدع، لا أن يقيس قيمة إبداعه بما يؤثر في الآخرين، فذلك أمر آخر مرهون بالنفس ونوازعها ومعطياتها الكامنة، فلا تكونن من المتوهمين بما لا يعين.

إصنع رائعتك الإبداعية، ودعها تتدحرج كموجة في التيار الجاري إلى الأبد، فقد تطفو وتبين، أو تغطس في قاع أمين.

***

د. صادق السامرائي

بعد متابعة دقيقة وقراءة متمحصة لنية وسلوك رئيس الوزراء العراقي والقرارات التي صدرت والتوجهات العامة له في رئاسة الوزراء وادارة دولة العراق، وبعد تاكد اي من المتابعين لما يعانيه العراق من المشاكل العويصة المزمنة ومنها تجذرت واصبحت امراضا سياسية واجتماعية وتوريث  التعقيدات التي فرضت نفسها منذ سقوط الدكتاتورية، ومن خلال التحليل المحايد والعادل لمسيرة السوداني خلال هذه الفترة، يتبين لدى الجميع انه نجح نجاحا كبيرا مقارنة لما سبقوه وما بدر منهم خلال نفس الفترة لحكمهم وتعاملاتهم مع القضايا الانية والدائمية، فهذا يفرض على المتتبع سؤالا على نفسه لبيان سبب النجاح، هل هو ذاتي نابع عن فكر وتوحهات واخلاق وفلسفة وسياسة السوداني ذاته ام انه نابع عن الاسباب الموضوعية والتي فرضت نفسها على ان تواكب مع المرحلة وتلصق بها، واستفاد السوداني شخصيا من هذه العوامل المساعدة في نجاح مهامه اولا، ومن ثم اتعض هو بنفسه مما حدث لمن سبقوه وادى الى فشلهم وسار هو بدقة متناهية لحد الساعة وتسبب نجاحه المتميز، ومن ثم هناك امور يمكن ان يعتقد الجميع بانها حاءت مع تسنم السوداني لزمام الامور، من التوازنات السياسية والتغييرات التي حدثت في المنطقة موازيا لما افادته داخليا من التغييرات المضوعية سياسيا، وخارجيا بالاخص تقارب ايران والسعودية وتاثيرات هذا التقارب على ما يجري في جميع المنطقة بما فيها العراق، هذا ان لم نحسب ما هو عليه البلد من الوفرة المالية والاريحية في وجود السيولة وانتعاش الاقتصاد العراقي بشل ملحوظ في هذه المرحلة بالذات لو قورنت مع بعض الفترات البائسة لما كان عليه العراق في بعض الفترات من قبل من نصل الى ما نحن عليه.

مهما كانت الاسباب، الا انه يحسب للسيد السوداني كل خطواته الجريئة التي اتخذها لحد الساعة وتاتي داعما لنفسه اولا  ودافعا كبيرا  لنجاح مهامه الصعبة.

الخطوات البارزة لحركة السوداني تبرز لنا نياته السليمة في عمله في كل خطواته وما يعمل عليه وهدوءه المشجع وتعامله الناجح مع ادق القضايا التي  يعتبر الخوض فيها مفتاح النجاح في مسيرته السياسية. من الملاحظ ان المرحلة الاحالية فرضت حتى التباطؤ في التدخلات الدولية للعراق مما اتاح للسوداني فرصة مشجعة على ان يركز على العمل الداخلي. ولابد ان نذكرمدى وضوح الطريق التي يتبعها في الحكم في جو يبرز فيه التصالح المفروض داخليا بشكل تلقائي او طبيعي وان اعتقد البعض بانه مؤقت، نتيجة انسحاب الصدر ومؤيديه من العملية السياسية، مما اتاح فرصة ذهبية للسوداني دون غيره من اجل التركيز على مهامه الخدمي قبل اي عمل سياسي يمكن ان تبعده عنة المسار الصحيح له.

ولابد ان نذكر ان السيد السوداني لايزال على طريق تنفيذ ما يمكن ان نمسيه بعملية تصريف الاعمال لما وصلت اليه مما كانت السلطة عليه سابقا دون الخوض في الامور الستراتيجية التي تفرض الاستقرار النهائي للعراق، ومنها امور تاجلت او فرضت المستجدات السياسية على تاجيلها، ولا يمكن التاكيد على بقاءها منكمشة ومؤجلة للنهاية ومنها الاتفاقات النهائية مع اقليم كوردستان والقوانين المهمة الضرورية التي لم تصدر من قبل البرلمان لحد الساعة والمشاكل الكبيرة للاقليم التي يمكن ان تنعكس على العراق لو لم يشارك في حلها واستغلها القومجية كنا يفعلون ازاء كل قضية تهم العراق قبل اقليم كوردستان ايضا، نتيجة تربيتهم الايديولوجية التي اعتادوا عليها ولم يدخلوا مرحلة ما تفرضه الانسانية والليبرالية والعولمة لحد اليوم.

ما يجب ان يحذر منه السيد السوداني هو الحذر ممن يلعب على مجموعة من القضايا العالقة بين الاقليم والمركز لصالح القوى التي لا يهمها  ما يقع فيه العراق مستقبلا وما يمكن ان يستفاد منه بعض القوى البعيدة عن ما يهم مصلحة العراق، ولابد ان يستغل السوداني المرحلة الجيدة المناسبة من كل الزوايا لانهاء المشاكل والقضايا التي لا يمكن ان يجد مرحلة مناسبة اخرى اكثر مما هو عليه اليوم وربما تتعقد الامور اكثر في وقت لا يمكن ان يجد الحل المناسب له اكثر من ملائمة الظرف الراهن. وعليه نعتقد بان  حكم السوداني بدات بداية موفقة لحد اللحظة ولابد ان ننتظر لما ياتي وما يحل، واننا نعتقد فان النية السليمة للسيد السوداني تساعده  من ثم تدعمه في تحقيق مهامه اكثر من اي شيء اخرلان ما ينتظره هو تحقيق الاهداف العظيمة جدا.

***

عماد علي

"اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرون ثم اكذب أكثر حتى تصدق نفسك".. جوزيف غوبلز وزير الدعاية الألمانية إبان حكم هتلر.

(الأمثال تضرب ولاتقاس) مثل يمر دوما على مسامعنا في محافل عدة، ونردده بدورنا ونستشهد به في محافل عدة أيضا، غير أنني لا أظنه يصح في كل الأحوال، ولا ينطبق على كل المواقف، فكما أن هناك أمثالا تضرب وتقاس، وأخرى تضرب ولاتقاس، هناك ثالثة لاتضرب ولاتقاس البتة. ومن الصنف الأخير الأمر الذي ينطبق على الألعوبة أو الأضحوكة التي مافتئت رئاستا المجلسين التشريعي والتنفيذي، تمارسانها كل عام على العراقيين الطيبين حد السذاجة، تلك هي ألعوبة الموازنة العامة، فجسدت مثلنا القائل: (يومية هزي رطب يانخلة).

فقد ذهبت موازنات أعوام ماضية هباءً منثورا، ولم تثمر كل الصيحات والمطالبات والتظاهرات التي نادت من خلالها شرائح الشعب كافة، بسرعة قراءتها وإقرارها لينعم بها المواطن، وقد تداعت بسبب تأخير إقرارها كثير من مصالح الناس، وها نحن على مشارف منتصف السنة، ومازالت الموازنة في مخاض عسير، لاتلوح أية بارقة أمل بقرب موعد ولادتها.

فإن صح التعبير، فإن الـ (طبخة) ترسل من قبل المجلس التشريعي إلى لدن مجلس النواب، لتمر بطور القراءة -وما أطوله من طور- وقطعا ستكون قراءة تفصيلية وتمحيصية وتحليلية وتصحيحية، وهنا يصح ويقاس ويضرب المثل القائل: (لگمة الشبعان على الجوعان بطيّة)، إذ ستأخذ القراءة الأولى ردحا من الزمن، يدفع ثمن التأخير والمماطلة فيها المواطن وحده، وإذا كُتب لها -الموازنة- الوصول الى دفة القراءة الثانية، فهذا يعني (جيب ليل واخذ عتابه)، وبالتالي يدفع المواطن نفسه ثمن العتابة، وكذلك يتأمل آناء الليل وأطراف النهار إقرارها، والحديث يطول إذا كانت هناك قراءة ثالثة ورابعة وعاشرة.

وهذا يذكرنا بالماضي القريب، إذ بنظرة سريعة على اجتماعات مجلس النواب في "صولاته" السابقة، نرى ان إرجاء المناقشات وتأجيل القراءات هو "سُنة" متبعة لدى رئيس المجلس وأعضائه، وأهم ما يسوفون بمواعيد قراءته ويماطلون بإقراره هو قانون الموازنة، غير آبهين بالمطالبات والتظاهرات الشعبية الواسعة التي تخرج بين الحين والآخر، من اجل الضغط على البرلمان والكتل السياسية لإقرار الموازنة. كما يذكر المواطن جيدا كيف أهملت حملات جمع التواقيع أكثر من مرة، من اجل حث الكتل المتنافرة والمتناحرة، على إدراج الموازنة في جدول أعمال جلسات مجلس النواب ولكن، كان كل هذا نفخا في رماد. والأدهى من هذا تنحى بعض الكتل إلى الابتعاد عن كل ما من شأنه الإسراع بقراءة الموازنة، كمقاطعة جلسات البرلمان، أو المطالب التعجيزية بغية تأخير إقرارها، ولم تنفع فقرات النظام الداخلي لمجلس النواب، والتي تنص على محاسبة المتخلفين عن حضور الجلسات بعقوبات شتى، وكالمعتاد.. كان النفخ في رماد أيضا، ورحم الله الشاعر عمرو بن معد يكرب حين أنشد:

ولو نارا نفخت بها أضاءت

ولكن أنت تنفخ في رماد

الصورة اليوم في رئاسة مجلس النواب الحالي -علاوة على رئاسة مجلس الوزراء- هي الصورة ذاتها، والرماد هو الرماد ذاته، ولن ينفع النفخ فيه، مادام النصاب لايكمله إلا الأشخاص الذين كانوا سببا في عدم إكتماله بالأمس، ومادام المال العام والثروات التي تدعم الموازنة، نزلت في جيوب الفاسدين من المسؤولين عن إكمالها وإخراجها للتطبيق، ومادامت الأعذار والتبريرات جاهزة تسوغ التلكؤ فيها، كتدني سعر الدينار العراقي، وتذبذب سعر النفط وغير هذا وذاك كثير، تكون الموازنة وفق المعطيات هذه، أشبه بحليب العصفور، لانراه حتى في الأحلام.

***

علي علي

الكتابة مهنة في مجتمعات الدنيا قاطبة، إلا في مجتمعات لغة الضاد، حيث يبدو الكاتب وكأنه العدو والمارق الذي على المجتمع أن ينال منه.

فلا يوجد كاتب في بلداننا يعيش بكرامة بقلمه، بل يدفع ثمنا باهضا، وكأنه المجرم الذي عليه أن يثبت براءته.

ومعظم الكتاب يزاولون الكتابة كعمل ثانوي، وقد قال ذات يوم أحد الروائيين المعروفين: "لو كنت طبيبا لما إستطعت أن أكون كاتبا"، وكان موظفا في دائرة ويكتب بعد الدوام.

فالكتابة تحتاج لجهد وإجتهاد ومثابرة وبحث ووقت، وما نقرأه لمعظم الكتاب لا ينفعهم ماديا، بل يتسبب لهم بأضرار جسيمة في أكثر الأحيان.

في بعض المجتمعات حصل إضراب للكتّاب بسبب تدني أجورهم، وثارت ثائرة الدوائر الإعلامية بنشاطاتها المتنوعة، لأن إحجام الأقلام عن الكتابة سيتسبب بتداعيات إقتصادية وإنتاجية كبيرة.

أما في مجتمعاتنا فليصمت الكتّاب، لأنهم بلا دور ولا تأثير في الواقع المعرفي والثقافي والإعلامي، وغيابهم أفضل من وجودهم في عرف أنظمة الحكم، التي تبحث عن أبواقها الراقصة على إيقاعات مظالمها وآثامها النكراء.

فكتّابنا لايمتلكون الحوافز المغرية التي عند كتاب المجتمعات الأخرى، ومع ذلك يتواصلون في كتاباتهم، وكأنهم في جهاد ونضال محتدم لإستنهاض مجتمعاتهم، وتنوير الأجيال وتوعيتها بآليات وضرورات تقرير المصير بحرية وإرادة سيادية صادقة.

وتجد في مواقعنا وصحفنا مقالات تتساءل عن أسباب إستمرار الأقلام بالكتابة، وهذه العناوين لا وجود لها في المجتمعات الأخرى، لأن الكتابة مهنة وحرفة وصنعة لها مردوداتها المادية.

وعليه فمعظم كتابنا يستحقون التقدير والإحترام والفخر والإعتزاز، لأنهم يقدمون جهودا تنويرية وتثقيفية مجانية وبدوافع ذاتية بحتة، وما منهم حصل على حافز مادي عما يكتبه وينشره، بل العكس، فالمحبطات تتفوق على المحفزات.

فعندما يعيش الكاتب الحر حياة رغيدة بجهد قلمه، حينها سندرك أننا مجتمعات معاصرة، ذات قيمة معرفية ودور حضاري، فمجتمعاتنا تهين مبدعيها في حياتهم، وتبجلهم بعد رحيلهم، بينما كانت أقلام كتاب الأمة تقطر ذهبا في عصور سطوعها الإبداعي المنير.

وتبقى الأقلام تكتب وتحطم المصدات، وتقتلع أسوار الصمت الرهيب!!

***

د. صادق السامرائي

منهم قراء الفيسبوك؟

بعيدا عن النخبة والكتاب وأصحاب الأغراض والنوايا الواضحة والمعلنين أدون هنا ملاحظاتي عن عموم قراء الفيسبوك الذين لاغاية لهم من القراءة إلا مايصرحون به في تعليقاتهم ..

يقسم قراء الفيس إلى أقسام متعددة لكن اهمهم الذكور أو ما اصطلح على تسميتهم بـ(الزواحف) وهؤلاء ما أن يشموا رائحة أنثى أو يلوح لهم في الأفق اسما انثويا إلا وحجوا له قبل الحجيج بعام وعلى ما اذكر أن احداهن كتبت على صفحتها ما اعتبره هؤلاء نصا شعريا قالت فيه:

(أن طلاء الأظافر الأخضر

لا يناسب رؤوس اناملي

ولايهمس لها بالحب لذا جافيته)

وخلال أكثر من ساعة وصلت التعليقات إلى رقم مدهش (٧٣٦) كلها تتحدث عن جمال النص الذي عجز الفحول عن الإتيان بمثله وكم هو طافح بالموسيقى والبلاغة المدهشة ويجب أن يغنى إضافة إلى جمال اناملها واظافرها وقوامها وبسمتها وحتى (زنود الست) عندها واستعداد الجميع لمحاربة هذا اللون البغيض الذي لايهمس لاظافرها بالحب، والنوع الثاني من قراء الفيسبوك هم المتملقون والذين أطلق عليهم صفة (اللواحيك) وهؤلاء أكثر شر من أولئك وفيهم الكثير ممن يدعون احتراف الأدب وهؤلاء يلاحقون بقراءتهم وتعليقاته (المسؤولين) في كل المجالات السياسية والأدبية وأذكر قبل عام كتب مسؤول ما يسمى مؤسسة أدبية ما معناه: (عندما اكل الطعام واشبع لا أشعر بالجوع ) وخلال ساعة واحدة تعدت تعليقات أعضاء تلك المؤسسة وأصدقاء الرئيس (١٥٠) تعليقا كلها تشيد بادبه وتمدح فلسفته وتعترف بحكمته ويطالبونه بالمزيد من هذا السرد الأخاذ والنوع الثالث من القراء هم الراكضون خلف (الصورة) وهؤلاء لا هم لهم غير مشاهدة الصور والتعليق عليها حسب ما يجيش في صدورهم هم لا يعنيهم مقال ولا يتوقفون عند اسم كاتب ولا حتى لماذا وضعت هنا الصورة ولايهمه من هو صاحب الصورة وفيهم من يحدد عمر صاحبة الصورة وصفتها (أربعينية صاكه) حتى أن أحدهم علق على صورة تبع موضوع ادبي عن القرن التاسع عشر بما يلي.. (الله هاي الثلاثينية الجادة هم عدها صفحة ع الفيس) .

وهناك أقسام كثيرة لا يسع المجال لذكرها لكنها في العموم لا تخرج عن هذا السياق.

***

راضي المترفي

إبتذال: إحتقار، إنحطاط، تفاهة، وضاعة.

ظاهرة سائدة في العديد من الحالات مما يتسبب بإنتشار الوضيع والتافه وتمكنه من وعي الناس، وعلى شتى المستويات والتفاعلات والعطاءات، ومنها عالم الإبداع بأنواعه.

فالمبتذل ينتشر كالنار في الهشيم، والرصين المتين ينحسر في زوايا حادة، وأقبية مظلمة، فالناس تعشق الإبتذال وتنكر الرزانة والعفة والصون والأدب والإحتشام في القول والتعبير.

فعندما تتناول موضوعا تافها فأنه يصل إلى أكبر عدد من القراء، كالنكتة الفارغة الوقحة والتصريحات الفجة المستقبحة، وهذا أكثر المتداول في وسائل التواصل المتعارف عليها.

يقول أحدهم أن شعبية أي قلم تتناسب طرديا مع كثرة المفردات المبتذلة التي يوظفها فيما يكتبه، أيا كان نوع ما يطرحه، من الشعر إلى المقالة والتعليق، فالمبتذل سريع الهضم ويغذي حاجة في نفس البشر، ليجد ضالته بالتماهي معها بتبني ما يلوح أمامه ويرده من حالات الإبتذال المثيرة للجدل.

عندما يتناول القلم شخصا ما وينهال عليه بمفردات الإبتذال، فالقارئ يحسبه عملا بطوليا، ويساهم في رقعة إنتشاره والتلذذ بقراءته والتفاعل به مع الآخرين، وكثيرا ما يأخذك العجب مما يردك من رسائل ونصوص، تفوح منها رائحة الإبتذال، وتحتار في دوافع ترويجها.

فهل النفس البشرية ميالة للإبتذال؟

ذات مرة قال لي أحدهم ونحن نتحاور حول شخص يُعرف بالعفة والمثالية الدينية، وقد فعل ما فعل من أمر لا يخطر على بال، قال: البشر لا يُظهر حقيقة ما فيه، ويرتدي قناعا يواريه، وفي سره ليس كما في علانيته، وما يقوله يناقض ما يقوم به، فالنفس صندوق أظلم.

الجواب ليس سهلا، غير أن الدلائل تشير إلى أن البشر يضع على رأسه تاج الباء ليحميه مما فيه، ومن الواضح أن الكتب الوعظية والإصلاحية والحركات المسمات دينية بأنواعها، هدفها تهذيب النفوس الأمارة بالمساوئ والعدوان على وجود الإنسان، فهي التي تعتاش على معطيات الإبتذال والإنشغال بما يحقق الكراهية والإذلال، وتتشفى بسقوط كل نجم ساطع، وتتمنى للناجحين الفشل والخسران.

فهل أن الإبتذال قانون في مجتمعات تحتقر القانون؟!!

***

د. صادق السامرائي

ظهرت كثيرا من الدراسات والبحوث والندوات النقاشية والكتب ورجالا تولوا المسئولية بإعادة دراسة الموروث التراثي والفكر الإسلامي والعربي العقائدي ودراسة تفسير الآيات التي لها ارتباط بالعقيدة والعبادات والآيات التي ترتبط بحياة الإنسان أولا والمسلم بالرغم من الظروف الصعبة التي يواجهها هذا التيار المتنور العصري أمام التيار الديني السلفي المتعصب والمتطرف للتراث والتأريخ التي تقوده المؤسسات الدينية القديمة بطراز عقلية القرون الماضية والتي جعلت شخوص التأريخ ورجالها بموضع القداسة وتعتبر تجاوز تراثهم هو عملية انقلاب على الفكر الإسلامي وتشويه الدين وأنه تيار مادي أجنبي دخيل يعمل ضد الإسلام وعقيدته وهذه التهمة ألصقت لكثير ممن تناولوا هذا المسار الجديد بحداثة وتنور في البحث والتنقيب والتشذيب للموروث الديني والتاريخي الذي بات ضعيف أمام التغيرات الاجتماعية والفكرية التي حدثت للعالم الجديد ولعقول الأجيال الحاضرة علما أن الاختلاف في الآراء ووجهات النظر المتعددة للمثقفين وأصحاب الاختصاص تحت مظلة  الالتزام بالثوابت وشروط البحث والتقصي والمراجعة لما سبق من الآراء ضمن المنهج والمضمون وعدم خروج عن السياق العام للمادة المراد بحثها تعتبر حالة صحيحة وصحية في عصرنا الحالي وعلى مثل ذلك استطاعت الأمم الأخرى من التقدم الفكري والتقني والسير نحو الأمام بأفكارها وعقلياتها بتجاوز كثير من الماضي على العكس من مجتمعنا الإسلامي والعربي الجامد والمتزمت بأفكاره وتأريخه الذي بنا عليه الدهر ما بنا من تخلفات وغبار الماضي السحيق في هذه المرحلة علينا لملمت شتات أفكارنا وعقولنا وخزين معرفتنا ونوحدها في بودقة علمية فكرية واضحة المعالم صالحة للأجيال القادمة والحالية ومتقبلة لديهم لنزرع للجيل الجديد الوعي الصحيح وإذكاء الشعور المعرفي والفخر والاعتزاز بالفكر العربي الصحيح الذي حمله الكثير من رواد المعرفة الفكرية على مر الزمن من خلال الالتقاء مع الفكر المتنور مطابقا للاكتشافات الجديدة التي ظهرت في الآونة الأخيرة وخصوصا في العالم العربي آثارا تناولت العقائد وقسم من تراث بعض الأديان وكتاباتهم التي تؤكد التقارب الكبير بين هذه الأديان والملل والشرائع كونها مشرّعة من مصدر واحد هو الله تعالى الواحد الأحد تشمل القيم والمبادئ والأخلاق السامية والتعايش السلمي بين البشر والحضارات وتوضح العلاقة الصحيحة بين الخالق والمخلوق التي توصل إلى الثواب والعقاب بسبل واضحة لكن مع الأسف نرى الغموض والتعتيم وعدم الشفافية في أظهار هذه الاكتشافات مثلا لفائف قمران ومصحف صنعاء بخط اليد والمعاصر للرسول محمد صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه والنُسخ الثلاث للقرآن الكريم الذي عُثر عليه في الشام والمخطوط بعد حوالي الثلاثين سنة بعد الرسول الأعظم وأكتشف مخطوطات بالخط الكوفي والحجازي بلغت 4500 في جامع صنعاء الكبير سنة 1972ميلادية ويُعتقد أنها بخط الأمام علي بن أبي طالب عليه السلام والعثور على مخطوطة من القرآن الكريم حوالي 35 ألف ومخطوطة لكتاب النبي داوود عليه السلام الزبور الذي يعود لأكثر من 8 آلاف سنة مضت .فإذا أردنا أعادت أمجادنا وجهود علمائنا ومفكرينا الذي ساهموا في النهضة العربية وإثرائها يجب أن تتكامل وتتضافر جهود الحكومة والمؤسسات الدينية والإعلامية والفكرية والعلمية جميعا باستخدام التكنولوجيا الحديثة من الأجهزة الإلكترونية (السونار) للكشف عن المعادن النفيسة والكنوز في باطن الأرض واستثمارها في أراضينا العربية التي شهدت النهضة والحضارة التي ساهمت في تقدم الأمم الأخرى والوقوف على ما خفية وأندثر من معلومات وآثار كانت حاضرة وشاهدة والتي تثير الجدل الآن بين المسلمين لتساعد المفكرين والباحثين في فك رموز الحقيقة وأعادت تأريخنا وموروثنا الأدبي والديني من جديد لحلته الأصلية بواسطة هذه التقنيات الحديثة ليكون لنا المتسع من الوقت في تقويم ودراسة عقيدتنا وإظهارها كما هي لأبعاد التشوه والمغالطات والمغالاة والتطرف بالرأي من طرف واحد حتى وصل إلى حد التقديس لرجالا أصبحت أفكارهم وتراثهم الأدبي من الماضي البعيد عن المنهج الحقيقي ولا يستسيغه عقل الجيل الجديد.

***

ضياء محسن الاسدي

للسودان من بين كل الدول والشعوب العربية وضع خاص في الوجدان الشعبي المصري، تجلى حتى في ابداع سيد درويش الذي غنى قبل ثورة 19 أغنيته الشهيرة " دنجي دنجي" وجاء في كلماتها: " ما في حاجة اسمه مصري، ولا حاجة اسمه سوداني.. نهر النيل رأسه في ناحية.. ورجليه في الناحية التاني". وعام 1948 غنت أم كلثوم من كلمات أحمد شوقي: " فمصر الرياض وسودانها.. عيون الرياض وخلجانها"، وتغنى المطرب السوداني المعروف عبد الكريم الكابلي منشدا: " مصر يا أخت بلادى.. يا شقيقة.. يا رياضا عذبة النبت وريقة." وهي علاقات تعود إلى عصر الدولة الفرعونية والحكم الروماني، وفي ذلك يقول الرحالة الفرنسي " بران روليه " الذي قام برحلات طويلة في السودان (1840-1852): " يعلمنا التاريخ أنه طالما كانت هاتان الأمتان مصر والسودان متحدتين عن طريق المصالح المشتركة والدين والأخلاق والعادات والتقاليد استطاعت مصر أن تشغل مكان الصدارة بين الأمم وأمسى من العسير على أعدائها غزوها". ولعل الملح الأكثر أهمية في كل هذا هو ذلك الوجدان التاريخي المشترك بين الشعبين والذي يتميز بالسماحة وكراهة العنف، وهو الانطباع الذي يتركه الانسان السوداني في الآخرين، محملا بالدماثة والمحبة. لذلك فتح أهالي أسوان بيوتهم للأخوة السودانيين وتسابقوا على استضافتهم، وبلغ عدد الأخوة السودانيين الذين دخلوا مصر عبر معبر أرقين نحو 17 ألف مواطن، علاوة على أربعة ملايين سوداني يعيشون في مصر من دون أي تمييز. ويذكر كل ذلك بما قاله العالم الفرنسي لويس باستور مكتشف البسترة: " في المحنة لا يسأل أحدنا الآخر: ما هو بلدك.. ما هي ديانتك؟ كل ما يقوله له: إنك تتألم، يكفيني أن أعرف هذا". وإذا نحينا جانبا تاريخ العلاقة الانسانية العريق فسنجد أن ما يجرى في السودان حلقة من حلقات تدمير الدول العربية وهو المخطط الذي بدأ بالعراق ثم ليبيا وسوريا واليمن، والذي يؤدي إلى تطويق مصر بدويلات صغيرة تمزقها إما حروب أهلية أو نزاعات عسكرية وعرقية فتجد مصر في كل ذلك ما يستنزف أمنها وسلامتها وقدرتها على التقدم. من ناحية أخرى فإن تلك الحلقة من المخطط تهدف إلى هدم الدولة السودانية التي يشكل وجودها الشعبي والرسمي حائط صد أمام مشروع سد النهضة الرامي لتعطيش مصر. ولكل ذلك فإن ما يجري في السودان سوف تنعكس نتائجه سلبا أو إيجابا علينا، والاقتتال الدائر يدمر في ما يدمر حتى المصالح الاقتصادية المشتركة، ففي السودان يوجد أكثر من مئة مشروع صناعي مصري، وتتحرك فيه استثمارات مصرية تبلغ أكثر من عشرة مليارات دولار، كما أن الاقتتال، واحتمالات هدم الدولة، ستغلق الطريق أمام أي فرصة للتكامل الذي يسارع بتأكيد قوة البلدين، إذ أن المساحة القابلة للزراعة في السودان الشقيق تشكل 48 % من الأراضى الزراعية في العالم العربي، مما يطرح مختلف مشاريع التكامل لمصلحة الشعبين. وتبقى السودان أخت بلادي، وراية الأساطير التي وصف محبتها الشاعر الكبير محمد الفيتوري بقوله:" هذه الأرض التي أحملها ملء دمائي.. والتي أعبدها في كبرياء.. هذه الأسطورة الكبرى.. بلادي". السلامة للشعب السوداني، والتكامل، والتحرر، والتقدم.

***

د. أحمد الخميسي. قاص وكاتب صحفي مصري

كتبت يوم أمس عن ظواهر موجودة على الفضاء الأزرق يدينها البعض ويسعى البعض الآخر لتكريسها بقوة مما يولد صراعا خفيا لا يتيح لمدينها الرد رغم رفضه الواضح لها لذا يلجأ لسلوك آخر يعتبر ردا عليها حتى لو كان غير مباشر، ومعلوم أن في الفيس شخصيات فاعلة كثيرة في الجانب الإيجابي تركت بصمتها على صفحاته وحظيت بمتابعات وقراءات وحوارات بين القراء لكن كثرة المرفوض من قبل هذه الشخصيات الفاعلة خصوصا من أصحاب الجنس الأدبي الذي يعملون عليه دفعهم إلى تغير مساراتهم على صفحات الفيس ولو إلى حين عل الأمور تتغيير نحو إلاحسن ومن هذه الشخصيات ..

(١) ابراهيم البهرزي:

شاعر متفرد من شعراء هذه المرحلة ذا بصمة خاصة وذوق جميل في اختيار مفرداته وقدرة تامة على تناول المواضيع المهمة في شعره مع خط شعري واضح يميزه عن غيره لكنه بدأ في الفترة الأخيرة بالتحول من كتابة الشعر على صفحات الفيس إلى الصحافة الفنية التي نجح فيها خصوصا وانه يتناول في كتاباته زمن ما اصطلح على تسميته بالفن الجميل بعد ما رأى أن الشعر تحول من سوق عكاظ إلى سوق (الهرج) .

(٢) نصيف الناصري:

شاعر لا يقل جمالية عن البهرزي حفظا ودراية لكن الفرق بينه وبين البهرزي أن البهرزي وضع لنفسه اطرا مهنية قد تكون أخلاقية ولم يحيد عنها في حين مارس الناصري ضياعا على طريقة (الحصيري) مصحوبا برفيقة أطلق عليها اسم (الشفيعة) تشاركه البعد عن الشعر والضياع والانغماس في بنت الحان واستذكار شعراء المجون وليذهب الشعر إلى الجحيم مادام اختلط الحابل بالنابل على صفحات الفيس .

(٣) تحسين كرمياني:

روائي مرموق ذا بصمة ورأي وسعة اطلاع اذهلته تلال الروايات التي تتعالى كل يوم على رفوف الفيسبوك من دون أن يجد في بعضها بارقة أمل تسمو بالرواية العراقية خصوصا والأدب عموما نحو مسارات تليق به فاغلق شبابيك الرواية في بيته ومارس هذيان الفلاسفة على شكل ومضات ونصائح وانتقادات ربما لا يطلع على أغلبها من سخموا الصفحات الكثيرة بما يطلقون عليه اسم (رواية) .

(٤) أنمار رحمة الله:

قاص مقتدر جميل يميل للغرائبية في كتابة قصصه ويمزجها بالاحلام احيانا اذهله نزف الأحبار وجبال الورق المستهلك في تسطير ما يطلق عليه جزافا (قصص قصيرة) فاشاد لنفسه صومعة في بيته بعيدا عن القص والقصاصين واراح أنامله ووهب قلمه استراحة مقاتل وفتح سمعه على مصراعيه فازدحمت فيه الاغاني الرومانسية وخصوصا الأجنبية منها املأ بأن يشغل صخب ما يسمع عينه وروحه عن النظر إلى ما يكتب تحت مسمى (القصة القصيرة) ولو إلى حين .

***

يتبع

راضي المترفي

ليست الطبقة العاملة كما تعرفها الطبقات الحاكمة (الرأسمالية) باعلامها الممول بانها فئة محددة في نوع من العمل أو شكل معين من أشكاله، وانما تشمل الطبقة العاملة أولئك الذين يعملون مقابل راتب أو بأجر، (كل الموظفين الحكوميّن (دائمي، عقد، اجير يومي) بكافة مسؤولياتهم ومراتبهم العلمية والعملية- وكافة العاملين في القطاع الخاص - وطلاب الجامعات (مشروع عامل)- والعاطلين عن العمل (عامل مُعطل).. الخ) وبمعنى آخر/ كل إنسان يرتبط بعلاقة مع وسائل الإنتاج فهو عامل.

يردد الوعي المعرفي للعمال بالأول من أيار: نحن نعرف حق المعرفة أن الأغنياء لا يخاطبوننا بأي خطاب إلا ليستغلونا.

إن هذه المناسبة ليست عيداً للأحتفال بل يوم تضامن العمال العالمي والإحتجاج ضد بشاعة وأستغلال وظلم وعدم مساواة من قبل البرجوازية الرأسمالية وليست عطلة في أغلب الدول التي تعد قواتها الأمنية لقمع تظاهرات العمال في هذا اليوم مثل فرنسا وتركيا وكوريا الجنوبية ودول امريكا الجنوبية والفيلبين وغيرها.

وهو يوم تذكير البرجوازية بجرائهما ومعتقلاتها وإعلامها المأجور وكتابها ومثقفيها وإقتصادييها ضد الطبقة العاملة الدارة لهم الأرباح والتي تمكنت الطبقة العاملة عبر تأريخها وتضحياتها من فضح سياسات اللامساواة والعنصرية والتحرش الجنسي.

اما العراق؛ يتمتع العمال في هذا اليوم بعطلة رسمية فرضت نفسها نتيجة لنضالاتهم منذ أول إضراب قاده عمال "مسفن دوكياد" في البصرة عام 1918 وأضراب عمال الزيوت النباتية عام 1968 وتم فتح النار عليهم وتلفيق تهم الدعارة ضد العاملات بعد أربع أشهر من سيطرة البعث المقبور على السلطة؛ هنا كانت الحركة الأولى في العراق لتفتيت الطبقة العاملة وكل حركة لكسب حقوقهم فأنها ستواجه بالقتل والإتهام، وحول صدام كل مصانع ومعامل وزارة الصناعة الى التصنيع العسكري لفرض القوانين العسكرية على العمال.

بعد عام ٢٠٠٣ والاحتلال الامريكي للعراق قرر "برايمر" منع مختلف أشكال التنظيم العمالي وسلب حق الإضراب والتظاهر في القطاع العام حتى صرح "ديك تشيني" نائب الرئيس الأمريكي آنذاك (بوش الابن) بخشيته من وصول مسودة "قرار برايمر" للإتحادات والمنظمات العمالية في العراق، لكن سارع البرلمان بسن قوانين التقشف والخدمة المدنية والحريات النقابية وخصخصة المصانع والتعليم والصحة كي لا يكون دور للإتحادات والمنظمات العمالية لتنظيم الطبقة العاملة وأخذ حقوقهم وحمايتهم.

ما قامت به البرجوازية الرأسمالية العالمية على مر التأريخ وليومنا هذا حيث بابسط ازمة اقتصادية للطبقات الحاكمة ترمي كرة الازمة على رقاب العمال، لذا على المجتمع أن يضغط بكل الأشكال على الدولة بأخذ مسؤوليتها في توفير الأمان الإجتماعي والسياسي والإقتصادي للجميع وإيجاد فرص عمل أو ضمان بطالة للعاطلين، وإطلاق كافة الحريات وصيانتها وتنظيمها بقانون، وإتاحة حرية التنظيم والإضراب والتظاهر وحرية الإعلام والتعبير عن الرأي، وتفعيل قانون العنف الأسري ضد النساء والأطفال.

يثبت الأول من أيار ان الطبقة العاملة قوة هائلة واغلبية على الصعيد الاقتصادي والعددي والمجتمعي وبامكانها أن تطيح بعالم اللا مساواة، عالم من جزئه الصغير الى الكبير يسير بالمقلوب.

***

حسام عبد الحسين 

نحن في حاجة إلى نخبة واعية متشبِّعة بقيم العقيدة الوطنية، تقول الحق ولو كان مرّا، دون الخوف من لومة لائم، وتقف سدّا منيعا أمام كل محاولات التمييع التي تطال القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية في هذا الوطن الذي ابتلي بالعديد من الأمراض، ما ولّد حالة من اللامسؤولية تجاه الوطن؛ فالنخبة بغيابها تركت في مناسبات عدّة المجال للغوغائيون، الذين ركبُوا الموجة وأضحوا يحلّلون ويناقشون قضايا الأمة ويحاكمون حتى النوايا، حيث تحوَّل “الإنسان الرقمي” الذي يُحسن التعامل مع تكنولوجيا الإنترنت، إلى فاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، ينشر الأخبار ويبث الصور والفيديوهات ويبدي آراءه حول مسائل جوهرية، تهمُّ الوطن والمواطن، في ظل اختفاء العقل النخبوي، الذي اغتال نفسه منذ زمن لان النخب هي التي تقود قاطرة النهضة والتنمية في بلدان، وهي العقل الذي تفكر به المجتمعات الراقية، عبر تسيّدها المشهد في كل الميادين، وانخراطها في مجمل النقاشات العامة حول القضايا التي تشكل الصالح العام، فإنّ حالها في بلادنا على النقيض من ذلك تماما؛ فهي منزوية ومنطوية على نفسها، ومستقيلة من دورها في التخطيط لمستقبل البلاد ة وفي زرع الاخلاق الواعية بين ساكنته،وعليها ان تشارك في إيجاد الحلول لكافة الآفات التي تنخر المجتمع، وهي غائبة للأسف عن المشاركة في صناعة القرارات المصيرية. البعض يقول: “إنّ هناك تجنيا مع سبق الإصرار والترصد في حق النخبة الوطنية، التي تعاني الإقصاء والتهميش بلا سبب”، في حين يرميها البعض الآخر بسهام النقد، وستظهر محطات مهمة كانت النخبة خارج مجال التغطية فيها، فهل فعلا صفوة المجتمع المشتغلون بالثقافة والعلم، مغيّبون أم غيَّبوا أنفسهم؟ لماذا لا نجد لهم أثرا في النقاشات العامة. اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى مطلوب من العقول النيرة والتي تشعر بالوطن ومعانته من الخروج من هذه القوقعة سواء فُرضت عليها أم فرضتها على نفسها، وأن تكون في الطليعة، وتنخرط في كل المسائل الحياتية، بالدراسة والتحليل والتخطيط والاستشراف، لا أن تترك المجال للعابثين والمصطادين في المياه العكرة. كما عليها أيضا الفكاك من المنزع النرجسي وعقدة التعالي، التي تجعل من العالِم حبيس برجه العالي، ويرفض أن يتزحزح منه، ليُحاكي واقعه.

إن دور النخب في البناء الحضاري هو فهم واجب القيادة والمقصد منه، ويتمثل في مواكبة التطور بالجديد والمفيد في ميادين التكنولوجيا، والتقدم الصناعي والعلمي، وتشجيع المفكرين والمبدعين، وفسح المجال للعلماء وأرباب الفكر في صناعة التقدم والحضارة، وبذلك تنمو الحياة بشكل متكامل ومتنامي من جميع الجوانب، وعلى كافة الأصعدة والاتجاهات، ومقدرته على مواجهة الأزمات والتحديات المعاصرة.ومن منظور آخر كيف قامت الأمم السابقة بواجب الاستخلاف، ومن ثم الفهم الشامل والصحيح للحضارة المعاصـرة بالانفتاح عليها انفتاحاً منضبطاً بضوابط الوحي، لأن الانفتاح المنضبط نحوها أمر ضروري للتبادل الحضاري الصحيح، لكون هذا الفهم هو الذي يمكن من الانتقاء والاستفادة العلمية والفنية الصحيحة، دون مساس بالقيم والعقائد والهوية

***

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

كان في الماضي الاعتياد أن تقرأ في الصباح جريدة ما وانت تحتسي قهوتك أو تشرب الشاي هذا إذا كنت من (الفايخين) ولك مكتب خاص بك وربما سكرتيرة بظفائر وتنورة قصيرة وسيقان من مرمر وابتسامة كابتسامة  (بروك شيلدز) أو دلع وضحكة (معالي زايد) أما إذا كنت من الذين وضعتهم اقدارهم في رهط (مكتوب عليهم قلة الراحة) فأنت أيضا تقرأ الجريدة صباحا حتى إذا كنت (لبّاخ) أو (تجبن جص) لكن الاختلاف في القراءة حيث تصلك (لفة الريوك) ملفوفة بجريدة مع علمهم انك تهتم للقراءة وليس لتاريخ الاصدار وبما أن زمن الجرائد ولى وسقطت دول المرابطين والموحدين والخرفان وأصبح (ابن العميد) قهوة مستوردة وعبد الحميد حكاية لا يذكرها إلا (نصيف الناصري) بعد عبور (النص) بصحبة كما يسميها (الشفيعة) لم يبق لنا جريدة تقرأ صباحا إلا (الفيس بوك) خصوصا وأن هذا المخلوق لا يشبه الجرائد من حيث تقسيم الصفحات والإخراج مع التأكيد بأننا كنا في الأزمنة الغابرة نقرأ تلك الجرائد من (وره) اي نبدأ من الصفحة الاخيرة حيث أخبار الفن وصور الحسان مفضلينها على الصفحة الأولى التي تحمل صورا مكفهرة وأخبار مستفزة ووعود كاذبة وافتتاحيات تنظر لحياة (السعالى) و(الطناطل) لكن الفيس هذه الأيام استولت عليه أربعة جهات لم تراعي فينا نحن قرائه الله وتوزعت هذه الجهات مساحات الفيس المسماة بالزرقاء فأخذت المنشطات الذكورية حيزها فارضة شعارها المؤدب الخجول (طول.. ضخامة.. تأخير) مع تزاحم اغلظ الإيمان بالله والكتاب المقدس والأئمة أن هذا المنشط هو الغاية والمبتغى وانه خالي من المواد الكيميائية وتحريض فاضح على أذية النصف الآخر (خليك كدها ولاتخليها تنام للصبح) أما الجهة الأخرى فهي صفحات الأدعية التي ربما عجز عن الإتيان بمثلها (مفاتيح الجنان) ومن لايحضره الفقيه والبخاري ومسلم ودعاء للرزق واخر لجلب الحبيب وثالث للغنى ورابع للسلطة وكلما كان المطلب نفيسا كان الدعاء طويلا مع عبارة (ارسله إلى كل من في صفحتك) وعندما تقرأ هذه النصيحة تجد أن كل أصحاب الأدعية ذا قلوب محبة خالية من الأنانية تريد الخير للجميع ومع كثرة المنشطات والإصرار  على قوة مفعولها وطول الأدعية وضمان الاستجابة لم نسمع شكوى حتى إذا خارج المحكمة عن طلب احداهن الطلاق بسبب فحولة المتعاطي كما لم نر الملايين في غير جيوب اللصوص الفاسدين .

يتبع

راضي المترفي

في المثقف اليوم