"إننا في كل مرة نقف فيها أمام مظهر من مظاهر اللافعالية في المجتمع الإسلامي نرى أنفسنا مجبرين على ربطه بـ"عالم أفكارنا" لأن في هذا العالم تكمن أدواؤنا" المرحوم مالك بن نبي1.
في ظل التغيرات العالمية والتحولات السريعة في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، برزت ظاهرة الاختطاف الفكري كإحدى التحديات البارزة في العالم العربي والعالم النامي ككل. حيث يُشير الاختطاف الفكري إلى توجيه وتشكيل الأفكار والثقافات لمجموعات معينة بما يخدم أجندات خارجية، ويُعدّ من أبرز أشكال الهيمنة الثقافية الحديثة. لذا نطرح إشكالية مهمة:
إلى أي مدى يُمكن أن تستمر ظاهرة الاختطاف والاستنزاف الفكري في التأثير على المجتمعات العربية والنامية ككل وما هي الاستراتيجيات الممكنة لمواجهة هذه التحديات وتعزيز الهوية الثقافية الوطنية؟
الاستنزاف والاختطاف الفكري في العالم المقاوم للإستعمار الجديد المروج له من قبل المنظمات الإمبريالية الثقافية هو موضوع معقد ومتشعب. هناك منظمات عالمية على طول الدول الغربية، تشتغل بكل شراسة لفرض هيمنة ثقافية وفكرية على الشعوب المستضعفة في جل المستويات من خلال وسائل متعددة، الإعلام، التعليم، والسياسات الثقافية، تسهيلات اللجوء وما هنالك من تقنيات الاختطاف باسم إرساء الديمقراطية. هذا الاستنزاف وخصوصا في صورة الاختطاف يؤدي إلى تسقيط مشاريع التحرر وتهميش الثقافات المحلية وإضعاف الهويات الوطنية وتهديد الأمن العام للدول المقاومة للإمبريالية، كما هناك شخصيات مثقفة بالعالم العربي تم استغلالها من طنجة إلى مسقط، وتشمل العديد من المثقفين والفنانين والإعلاميين والأكاديميين والمعارضين السياسيين الذين تم توظيفهم لنشر أفكار معينة تخدم أجندات الإمبريالية. على سبيل المثال، بعض الكتاب والفنانين في الخليج وشمال افريقيا ومصر، لديهم علاقات مشبوهة مع منظمات غربية لنشر أفكار تتماشى مع مصالح تلك المنظمات والدول الاستدمارية، مما يؤدي إلى تسقيط الثقافة العربية والاسلامية وتقديم صورة مشوهة عن الواقع والعمل على ضرب الاستقرار الاجتماعي والسياسي وأحيانا بالتعاون مع مؤسسات ومنظمات عربية..
مما شكل تحديات كبرى وخطيرة على أمن الدول ومستقبلها وجعلها في صراعات أنهكت ميزانياتها التنموية والإصلاحية مثل ما حصل بالعراق الجديد وكذلك ما يحصل بأمريكا اللاتينية وافريقيا، ومن أهم التحديات البارزة:
1. التبعية الثقافية: تزايد تأثير الثقافات الأجنبية على المجتمعات النامية أدى إلى ضعف الهويات الوطنية واندثار بعض العناصر الثقافية الأصيلة.
2. التضليل الفكري: استخدام وسائل الإعلام والمنظمات الثقافية لنشر أفكار تتماشى مع مصالح الدول المهيمنة، مما يؤدي إلى تشويه الواقع وإبعاد المجتمعات عن مشاكلها الحقيقية.
3. استغلال المثقفين: توظيف مثقفين وأكاديميين لنشر أفكار وأجندات خارجية، مما يساهم في تفريغ العقول المحلية من إمكانياتها الحقيقية.
4. السيطرة على الأنظمة التعليمية: تدخل الدول الأجنبية في المناهج الدراسية والأنظمة التعليمية لتعزيز تأثيرها الثقافي والفكري. وخصوصا ضرب الهويات الدينية والثقافية المحلية وتعطيلها أو تغطيتها بتعبير الراحل إدوارد سعيد من تفريغ الشخصية من الوطنية والدين الصحيح..
5. الصراع الثقافي: خلق صراعات بين الثقافات المحلية والثقافات المستوردة، مما يعيق التعايش السلمي والتفاهم المتبادل.
وخير مثال على الاستنزاف الفكري، المنظمات الفرنكوفونية من دكار إلى بيروت التي تجتهد في الاستغلال الفكري والثقافي عبر إفريقيا مدعومة من قبل الحكومات الفرنسية المتعاقبة وهناك مشاريع أخرى من قبيل المثلية والنسوية الأوروبية وما نشهده كل عام من التكريمات الثقافية لكتاب وممثلين وموسيقيين وحتى سياسيين في بعض الدول الأوروبية، كل هذا لا يمكن أن يُفهم إلا على أنه جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى الحفاظ على النفوذ والسيطرة في المستعمرات القديمة. هذه الدول قد تسعى إلى تحقيق عدة أهداف من خلال استقطاب المثقفين والصحافيين الأفارقة والعرب والأمريكيين اللاتينيين:
1. التأثير على الرأي العام: من خلال دعم المثقفين والصحافيين الذين يروجون لأفكار تتماشى مع مصالحهم، كما كان هناك محاولات التأثير بخصوص القضية الفلسطينية ومع انطلاق طوفان الأقصى ومحاولات التوجيه نحو سياسات ثقافية معينة تخدم الإمبريالية العالمية عبر التعتيم والتشويش والتمويه.
2. تعزيز الهيمنة الثقافية: من خلال نشر الثقافة والقيم الغربية، هذه الدول عملت على تعزيز هيمنتها الثقافية وتقليل تأثير الثقافات المحلية منذ منتصف القرن الماضي وما قبله عبر مشاريع تدميرية للأسس الثقافية للمستعمرات وفرنسا تعتبر الرائدة ذلك بين دول الامبريالية العالمية. مستهدفة بذلك تهميش الهوية الثقافية الوطنية وإضعاف الروابط الاجتماعية.
3. الترويج لأجندات سياسية واقتصادية: دعم المثقفين الذين يروجون لسياسات اقتصادية أو سياسية تخدم مصالح الدول الغربية عموما والأوروبية خصوصا، مما يساعد في تمرير هذه السياسات بسهولة أكبر في الدول النامية والصامدة في وجه المخططات الامبريالية
4. إضعاف الحركات الوطنية: من خلال استغلال المثقفين والصحافيين، يمكن لهذه الدول إضعاف الحركات الوطنية التي تسعى إلى تحقيق الاستقلال الحقيقي والتنمية الذاتية. عبر اثارات إشكاليات تاريخية واستفزازات نقدية في ظاهرها تحرير العقل ومراجعة التاريخ، لكن في باطنها فتنة الناس عن قضاياهم الوطنية والإنسانية والحضارية.
5. التحكم في الموارد: من خلال التأثير على السياسات المحلية، يمكن لهذه الدول ضمان الوصول المستمر إلى الموارد الطبيعية والاقتصادية في الدول النامية.
هذه الاستراتيجيات تُستخدم تحت غطاء الإنسانية والديمقراطية وحرية التعبير والتعاون الثقافي والاستثمارات الاقتصادية، لكنها في الواقع تخدم مصالح استعمارية جديدة تهدف إلى الحفاظ على النفوذ والسيطرة في افريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية. من المهم أن يكون هناك وعي ونقد لهذه السياسات لضمان تحقيق التوازن والعدالة في العلاقات الدولية.
فالصراع الثقافي ومحاولة الصدام بدلاً من التعايش هو نتيجة طبيعية لهذه السياسات الامبريالية. بدلاً من تعزيز التفاهم والتعاون بين الثقافات المختلفة، تسعى المنظمات والاستخبارات الغربية إلى خلق انقسامات وصراعات تخدم مصالحها. مما أدى إلى تفاقم التوترات بين الشعوب وأعاق الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة والتعاون الدولي.
و حتى لا ننسى هناك نوعًا من "الاختطاف الفكري" للعقول العلمية والمثقفين في الدول النامية من قبل الدول الغربية المهيمنة. والذي يتم عبر عدة وسائل، منها:
1. المنح الدراسية والبحثية: تقدم الدول الغربية منحًا دراسية وبحثية للمفكرين والعلماء من الدول النامية، مما يؤدي إلى جذبهم للعمل والدراسة في الغرب. هذا يمكن أن يؤدي إلى "هجرة العقول" حيث يبقى هؤلاء المثقفون في الدول الغربية بدلاً من العودة إلى بلدانهم الأصلية. وهنا يتم استغلال ظروفهم في بلدانهم وابتزازهم عبر الوقت لاستثمارهم في مخططات استدمارية كما حدث مع العديد منهم في بريطانيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا لضرب الهويات الثقافية والقيم الدينية في بلداهم عبر توظيفهم كنقاد ومعارضين لأنظمة الحكم وللثقافات الشعبية في بلدانهم.
2. التمويل والدعم: تقدم المنظمات الغربية تمويلًا ودعمًا للمشاريع البحثية والثقافية التي تتماشى مع أجنداتها. هذا يمكن أن يؤثر على توجهات البحث والفكر في الدول النامية. فمثلا هناك مراكز أبحاث لها علاقات عميقة ووطيدة مع حكومات غربية تمولها وتدعمها للقيام بأبحاث في عدة ميادين ترتبط بدراسة الشعوب والعقليات والاختلافات الثقافية والعقدية وأسس الخلافات وكذلك اختلاق قصص حول شخصيات عظيمة في تلك البلدان، كما حدثت محاولات تشويه مؤسس الدولة الجزائرية وهذا المخطط كان من صنع رواد الاستعمار الجديد.
3. الإعلام والنشر: تسيطر الدول الغربية على العديد من وسائل الإعلام ودور النشر الكبرى، مما يمكنها من الترويج لأفكارها وثقافتها على حساب الثقافات المحلية. كما لا ننسى أن هناك مؤسسات إعلامية في العالم العربي وافريقيا وأمريكا الجنوبية، تم صناعتها بأيدي إمبريالية وهناك اتفاقيات سرية تتحكم في أصحاب هذه المؤسسات وتفرض عليهم مخططات خطيرة للهيمنة على الدول وكذا تصفية الحسابات والاجتهاد في تغطية جرائمها عبر العالم النامي.
4. التعاون الأكاديمي: يتم استغلال التعاون الأكاديمي بين الجامعات والمؤسسات البحثية في الدول النامية والغربية لنقل الأفكار والسياسات التي تخدم مصالح الدول الغربية وتختطف العقول الرائدة في جميع العلوم والمعارف.
هذه السياسات يمكن أن تؤدي إلى تهميش الثقافات المحلية وإضعاف الهوية الوطنية والتشكيك في عقائد الناس وأديانهم وعلاقتهم التاريخية الإنسانية والحضارية، مما يخدم مصالح الدول الإمبريالية في الحفاظ على نفوذها وسيطرتها. من المهم أن تكون هناك جهود لتعزيز التعاون العادل والمتوازن بين الدول، ودعم المثقفين والعلماء في الدول النامية لتحقيق التنمية الذاتية والمستدامة وليس الاختطاف والاستنزاف للطاقات، أي أنه من الممكن أن تكون لدينا مؤسسات ديمقراطية دون ثقافة مدنية واسعة النطاق. وهذه هي حال البلدان حيث الديمقراطية حديثة العهد أو فرُضت من الغرب (مع مشاركة ضئيلة من المواطنين)؛ أي أنها تلك الحالات التي يمكن تلخيصها تحت عنوان فرض الديمقراطية، هذه الحالات، لن تستفيد من الديمقراطية بدون ثقافة مدنية وطنية واسعة النطاق، وستكون هشة ومعرضة للأزمات دائماً..
على سبيل المثال فكرة حرية التعبير تعد من أهم ركائز الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكنها يمكن أن تصبح سلبية وتؤدي إلى تهديد واقع ومستقبل الشعوب في حالات معينة، منها:
1. التحريض على العنف والكراهية: عندما تُستخدم حرية التعبير لتحريض الناس على العنف أو التمييز ضد فئات معينة من المجتمع، يمكن أن تؤدي إلى نشوب صراعات وتفاقم التوترات الاجتماعية.
2. نشر المعلومات المضللة: استخدام حرية التعبير لنشر الشائعات والأخبار الزائفة وطرح الإشكاليات التمويهية التي يمكن أن تضلل الرأي العام وتؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مستنيرة، مما يؤثر سلباً على المجتمع ككل. كفتح نقاشات حول مسائل تاريخية ودينية أو فلسفية على المستوى الجمهور وليس بين المختصين وهذا يوحي بأن هناك مخطط مهدد للوعي الثقافي عند الناس، فالمسائل الحساسة لا تنطلق في الساحات العامة وإنما بين الخاصة ليتم البث فيها بحكمة ونباهة.
3. الإساءة للكرامة الإنسانية: عندما تتجاوز حرية التعبير حدود الاحترام المتبادل وتستخدم للإساءة أو السخرية من الأشخاص أو الجماعات أو الشعوب أو الدول على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو الثقافة أو اللغة، فإنها تساهم في تعزيز الكراهية والانقسامات، وهذه الأمور استثمرها الغرب الامبريالي بإستضافة مثقفين ومنحهم الجنسيات والشهرة والجنة المزيفة من أجل ضرب أوطانها ودينها وتاريخها وهويتها وبالأخير الانقلاب عليها بعد إتمام مهمتها وهذا في الغالب عمل الاستخبارات الامبريالية
4. إعاقة السياسات العامة: يمكن أن تعرقل حرية التعبير غير المسؤولة السياسات والإجراءات الحكومية الهادفة إلى تحقيق الصالح العام، خاصة عندما تُستغل لعرقلة الجهود الرامية إلى التنمية والتقدم. خير مثال على ذلك هي القضية الكوبية التي لاتزال صامدة ومقاومة كل المؤامرات والاغراءات، والمعروف رغم المضايقات الاقتصادية والسياسية إلا أن كوبا في مجال التعليم والطب وعلوم الزراعة وصناعة السجاد والسياحة.
5. تدمير التعايش السلمي: عندما تُستخدم حرية التعبير لتأجيج الكراهية والصراع بين الثقافات المختلفة، فإنها تهدد السلام الاجتماعي وتعيق الجهود الرامية إلى بناء مجتمع متنوع ومتسامح ومتعاون في حماية مقوماته الحيوية لنهضة الوطن ورقيه.
لهذا، من المهم أن تُمارس حرية التعبير بشكل مسؤول ومحترم، مع مراعاة حقوق الآخرين واحترام التعايش السلمي، لضمان أن تسهم في بناء مجتمع عادل ومتقدم بدلًا من تهديده وتشويهه وشيطنته..
و عليه وقبل مقاربة بعض سبل مواجهة التحديات، نشير لطرح المفكر الجزائري مالك بن نبي -رحمه الله- في بعض مؤلفاته، تحديدا كتاب الصراع الفكري في البلاد المستعمرة، حيث ركز في بعض صفحات هذا الكتاب على قضية الصراع الفكري التي هي نتاج الاستنزاف والاخطاف الفكري داخل البلاد العربية، وما نتج عن ذلك من غرس المفاهيم الفكرية للمستعمر الفرنسي والمستعمر الإنجليزي، وكشف عن الهدف الاستعماري، بفكرة (القابلية للاستعمار)، بما يستهدفه من تغيير في النظرة النفسية والسلوكية للشعوب التي استهدفت من الدول التي قامت باحتلالها قسرا، وإرغاما في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، وهذه الأهداف تتوخى كما يرى بن نبي، هو الأخطر من الاستعمار نفسه، لأن ذلك يتعلق بتقبل فكره ونموذجه ليسهل له ما يراه في نجاح خطوته الاستيطانية، لتصبح هذه الشعوب تابعا له في كل توجهاتها الفكرية والثقافية، وقابلة بذلك التوجه. هكذا بات من البديهي لنا كعرب ومسلمين أن نستوعب أنه الفائت والقادم قبل أن يكون سياسي واقتصادي وعسكري واعلامي هو بالأساس ثقافي- فكري، فالتوظيف الإمبريالي الغربي للعقول العلمية والمثقفين في الدول النامية هو نوع من "اغتيال الهوية الوطنية". عندما يتم استغلال هؤلاء المثقفين لخدمة أجندات خارجية، فإن ذلك يؤدي إلى تهميش هويتهم الثقافية والوطنية. لذلك، من المهم أن يكون هناك وعي نقدي ودعم للمثقفين الذين يسعون للحفاظ على هويتهم الوطنية والثقافية، أو العودة إلى أحضان أوطانهم، وهذه هي أول دعامة في مواجهة مشاريع الاختطاف والإستنزاف الفكري في عالمنا العربي وبالعالم النامي ككل من قبل الإمبريالية الغربية العالمية، طبعا مع التركيز على النقاط التالية:
- التركيز على تعزيز الهوية الثقافية الوطنية من خلال التعليم والإعلام والأدب والفنون.
- الترويج للتراث الثقافي المحلي وإحياء التقاليد واللغات الأصلية.
- دعم وسائل الإعلام المحلية المستقلة التي تقدم محتوى موثوق وموضوعي.
- تشجيع التفكير النقدي وتحليل المعلومات بدلاً من قبولها بدون تساؤل.
- تطوير مناهج تعليمية تعزز القيم الوطنية والتفاهم الثقافي.
- تطوير أداء المؤسسات التعليمية وترقية الخطاب المسجدي وتفعيل دور الأسرة والمنظمات المدنية في مجال الفكر وبناء الانسان.
- تجاوز الخطاب الوعظي المتكلس وتطوير الخطاب الثقافي الواقعي
- تعليم الشباب مهارات التفكير النقدي لتحليل وتقييم المعلومات بشكل سليم.
- توفير المنصات والدعم المالي للمثقفين والفنانين والأكاديميين المحليين. وابداع مشاريع تعرف وتخلق وعيا ثقافيا بالهوية الوطنية والدينية والإنسانية الحضارية.
- تشجيع التعاون بين المثقفين المحليين وتبادل الأفكار لتعزيز الوعي والتفاهم بمخططات الإمبريالية العالمية.
- تشجيع التبادل الثقافي المتوازن والعادل بين الدول العربية لتعزيز التفاهم المتبادل.
- التصدي للهيمنة الثقافية من خلال تعزيز التعاون والشراكات التي تحترم التنوع الثقافي.
- وضع سياسات حكومية تحمي الثقافة الوطنية وتدعم الإنتاج الثقافي المحلي.
- مقاومة الضغوط الخارجية التي تهدف إلى تهميش الثقافات المحلية في الفعليات والمؤسسات الدولية
- نشر الوعي حول مخاطر الهيمنة الثقافية والاستنزاف الفكري بين أفراد المجتمع.
- تنظيم حملات توعية وندوات وحوارات تساهم في تعزيز الوعي والتفاهم بالجامعات والمكتبات ومنصات التواصل الاجتماعي.
بتعزيز هذه النقاط، يمكن للدول العربية التصدي للتحديات التي يفرضها الاستنزاف والاختطاف الفكري والعمل على بناء مجتمعات قوية ومستقلة فكريًا وثقافيًا.
في الختام، من الموضوعية أن لا ننكر النكسة الفكرية العابرة لمواطن الثقافة في العالم العربي وتعتبر الأساس الخفي وراء تضخم ظاهرة الاستنزاف والاختطاف الفكري، ومن بين ظواهرها المعروفة للعامة والخاصة في مشهدنا الثقافي العربي البطالة الفكرية التي لا تنتج معرفة ولا تتقن مناهج النقد البناء، لهذا كان العبور نحو الإبداع الفكري والثقافي لا يعني الانغلاق أو الهروب نحو الآخر وإنما اكتساب الشجاعة والنباهة والذكاء في مواجهة العبث والعفن والسوقية والخيانات وكل الأدواء التي تنخر وتستلب وتغتال العقول والوعي في جغرافيتنا، وكما عبر المفكر الراحل مالك بن نبي رحمه الله : " إن هناك حركة تاريخية ينبغي ألا تغيب عن نواظرنا، وإلا غابت عنا جواهر الأشياء فلم نرَ منها غير الظواهر؛ هذه الحركة لا تبدأ بالاستعمار، بل بالقابلية له، فهي التي تدعو2."
***
ا. مراد غريبي
...........................
1- مولاي الخليفة لمشيشي، مالك بن نبي دراسة استقرائية مقارنة. دمشق: دار محاكاة للنشر والتوزيع، 2012، ص128.
2- وجهة العالم الإسلامي، مالك بن نبي، الفصل الثالث فوضى العالم الإسلامي الحديث العوامل الداخلية، ص93. دار الفكر معاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق – سورية، طبعة 2002.