أقلام حرة

أقلام حرة

هل يمكن تلقيح (تطعيم) البشر بأمصال ضد الكلمات؟

السؤال غريب، وظاهره فقدان الكلمات لدورها في صناعة الحياة الحرة الكريمة توجب طرحه.

الكلمة لها قيمتها وإلتزاماتها في مجتمعات الدنيا المعاصرة، وعندنا لا قيمة لها ولا أثر في الحياة، ودليلنا أن الإعلام تناول التحديات وتدارسها وحللها، ووضعَ المقترحات لمداواتها، وما فطن لها  كرسي،  وصار تعبير (كلام جرائد) يعني الهذربة، واللاجدوى واللامعنى، فما قيمة الكلام في أمة تضام ونورها ظلام؟

إن بناء المناعة ضد الكلمة بدأ منذ مطلع القرن العشرين، حيث تحقق إفراغ اللغة من أهميتها والإستعاضة عنها بلغة المستعمر، الذي  أجهز على ذات الأمة وهويتها، فصارت لغة الضاد غريبة، ومعانيها مغيبة ، فيتعلم التلاميذ مفردات لغة أجنبية أكثر من مفردات اللغة العربية.

ومن ثم جاءت الأنظمة الشمولية التي لا تسمح بالكلام، ولديها القرار الفصل بكل مقام، فأصبحت الأجيال تخاف الكلمات، لأنها قد تقضي إلى فقدان الحياة، " لسانك حصانك، إن هنته هانك وإن صنته صانك"

وموضوع الكلمة والحياة، مأساة عربية منذ قديم الزمان، وهناك أشعار وأقوال تصف كيف أن اللسان بكلمة واحدة يتسبب بقطع الأعناق.

وفي زمن التواصل السريع، إنطلق الكلام على عواهنه، تحت شعار حرية التعبير عن الرأي، فالكلام لا يطعم من جوع ولا يأمن من خوف، وقافلة الظلم والفساد والنهب والسلب تسير على هديها، وقل ما يحلو لك من الكلام.

ولهذا نجد الأقلام بارعة في الكتابات التهكمية الهجومية، والمعني بالأمر يضحك ويزداد شرها وإمعانا بالإستحواذعلى المزيد من الثروات، ما دام الرقيب غائب، والكلام سائب، والنهب والسلب واثب، والناس في مصائب، والوطن أنفال وغائب.

وبموجب ذلك، فالكراسي لا ترى ولا تسمع، وتجيد مهارات اللفظ السريع والسرط الفظيع.

فما قيمة الكلام الذي يُكتب؟

فهل مات الكلام، وعم الخصام، وتأكد الحطام؟

وتقطعت الأرحام والناس في سقام وإنهزام!!

إنها محنة الكلام بالكلام، وكل كرسي إمام!!

***

د. صادق السامرائي

يقدر معدل إيراد المتسول يوميا في العراق بـ 50 الف دينار عراقي اي مايعادل 35 دولار امريكي وإذا افترضنا أن هناك 2500 متسول لكل مليون من عدد السكان البالغ 40 مليون وهو رقم تقديري معقول حيث لاتوجد احصائيات مؤكدة، فإننا أمام رقم مقداره 100 الف متسول؛ وهم على أشكال مختلفة تنقسم مابين التسول بسبب الحاجة وبين امتهان التسول أضف إلى ذلك المتسولين الأجانب من جنسيات مختلفة،. وبضرب 100 الف متسول × 50 الف دينار

= 5000,000,000 × 365 يوم

= 1,825,000,000,000

اي ما يعادل تقريبا مليار و 225 مليون دولار امريكي، قد يبدو هذا المبلغ ضئيلا بالقياس مع ميزانية الدولة العراقية وكذلك بالقياس مع مايُسرق من هذه الميزانية من المستأمنين عليها ولكن الحقيقة ان هذا المبلغ الذي يذهب إلى خزائن المتسولين هوالأخطر على الاطلاق بحسب فهمي طبعا،فهي اخطر من سرقة الأموال واخطر من هدر الأموال على الاقتصادالعراقي على المدى المتوسط والبعيد؛ ذلك أن كل مايُسرق وما يهدر من أموال سيبقى يدور في حركة السوق كأموال سائلة بصرف النظر عن نوع ملكيتها أو عائديتها وبذلك تبقى الكتلة النقدية موجودة في واقع حركة الأموال الا هذا المبلغ فإنه يذهب إلى خزائن المتسولين بلا عودة فهو عملية إعلان وفاة لكل دينار يخرج من جيبك إلى جيب المتسول لأنه لن يصرف منه شيئ ابدا وبحساب بسيط ستجد أننا في العشرين سنة الماضية قد أصدرنا شهادات وفاة لـ 36,500,000,000,000

ستة وثلاثون ترليون وخمسمائة مليار دينار دون أن يتحول يوما هذا الفقير الى مكتفي على الأقل ولن يتحول الى مكتفي يوما .

***

فاضل الجاروش

ربما  لان الحقائق تخالف احلام الكثيرين، فتغيب العقول مختارة بكامل إرادتها لتغيب الحقيقة؛ لا تجبرها سوى العواطف ...أو ربما لأن النفس تحتضن ظمأً مضاعفاً فيرعبها أن لاتجد قطرات الأمل في يوما ما، إن انشغال المشاعر عن الحضور في اللحظة الراهنة وبقاءنا في ذلك المستقبل الموهوم، لان الانشغال هو السبب الرئيسي في ضعف الوعي المطلوب لحماية النفس والروح من أي صدمات أو نكبات أو سوء اختيار، بعيداً عن المشاعر التي كثيراً ما تحكمها الأوهام ليهبط الإدراك حينها إلى أرض الواقع بعد أن كان محلقاً في أعالي الوجود .. والعيون لا ترى إلا ما تشاء أن تراه، وهي الأحاسيس التي ترفض أن تعيش إلا ما تحبه وترضاه ، ذلك هو الغباء الاختياري الذي تمليه عليه العواظف، أما الطبيعي منه فأصحابه من ذوي المسؤوليات والطامحين  الحقائق ستبقى غائبة عنهم وبالتالي لا تعنيهم كل تلك المتاعب ولن يصحو يوماً وعيهم لإدراك الفرق الشاسع بين الحقيقة والوهم، ذلك الذي نراه اليوم في عقول البعض من سياسينا مع الاسف يتشبثون بغير الحقيقة بقناعة ذلك الحدس الذي ينتمي لاصواتهم الداخلية، يتشبثون بغير الحقيقة بقناعة ذلك الحدس الذي ينتمون له ولكن الجمال والأمل وحدهما ماثلان أمامهم وقد تُمزق وتخرس وتتبرأ من همساتهم المؤلمة . 

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

يمر الإنسان بمراحل نمو مختلفة ومن خلالها يتأثر بالمحيط الذي حوله وتبنى شخصيته التي سيتعامل وفقها مع الآخرين ولكل مرحلة أهمية كبيرة في تشكيل هذه الشخصية، فتبدأ من الطفولة والتي تعتبر النواة الأولى للفرد فمن خلال الاستقرار النفسي والعاطفي للطفل سيجعل من شخصيته تتبلور بشكل واضح فسن الطفولة يحتاج إلى عناية كبيرة من قبل الأبوين واستعمال العقل والعاطفة ضروري في هذه الفترة، فلا يُحبذ مثلاً تدليل الطفل أكثر من الازم وأيضاً عدم إهماله عاطفياً من خلال الحديث معه وتعليمه أمور حياتية كثيرة وكذلك الاهتمام بالجانب التربوي، وخلال هذه الفترة سنهيئ الطفل للوصول الى أصعب مرحلة في حياته وهي مرحلة المراهقة (والتي هي محور حديثنا اليوم).

و تبدأ المراهقة من عمر عشرة أعوام تقريباً، تعتبر وفق تقرير منظمة اليونيسيف في أنها مرحلة حرجة جداً في حياة الإنسان وذلك لما يصاحبها من تغيرات هرمونية وجسمانية فتجعلهم يشعرون بأنهم بالغون ويستطعون التعامل مع كل ما يواجههم من مشكلات وهذا أمر خطير نوعا ما.  فهم لا يميزون بين الصواب والخطأ ويجعلهم يطلبون المشورة من أشخاص  غير مؤهلين لإعطاءهم النصائح وربما يكونون أكثر حاجة منهم للدعم والمساندة، والسؤال المهم هنا كيف نتعامل مع المراهقين في هذه الفترة ؟ إن أهم ما في الأمر هو فهمنا لما يحتاجه المراهق ومن خلال فهمنا سنجد الحلول بكل تأكيد ولعل أهم الأمور التي تثير المراهقين هو تصورهم بأنهم بالغين وأن لا أحد يفهمهم لذلك من الواجب على الآباء إختيار أوقات معينة ومناسبة للطفل المراهق والاستماع لكل ما في خاطره من افكار والمناقشة معه بطريقة عصرية ومناسبة حتى لا يبحث المراهق عن أشخاص آخرين ويثق بهم بدلاً من الأبوين الذين يكونا أكثر حرصاً على أبنائهم من غيرهم . أما الأمر المهم الآخر فهو يتمثل في جعل الطفل المراهق يشعر بأخطائه وتبين عواقب تلك الاخطاء ومن الامثلة على ذلك مثلا ترك أصدقاء السوء وما سيحصل له عند تركهم من (نجاح والوصول إلى الأهداف وووو.... الخ) .كذلك يحتاج المراهق إلى نوع من الإهتمام مثل مدحه بشكل غير مبالغ فيه، وبنفس الوقت الحرص على عدم توجيه الأوامر له وإنما يكون بشكل طلب بطريقة لطيفة وكذلك عدم توبيخه على أقل خطأ يقوم به فبعض التجاهل مهم أيضاً . المراهقة فترة من فترات العمر لكن أكثر شيء مهم فيها هي إنها تعتبر البداية لنجاح الفرد وتكوين شخصيته فوجب علينا الإهتمام بها والتنبيه عليها من أجل السمو ونشأة جيل واعٍ وناجح.

***

سراب سعدي

يعتقد الكثير من الموضوعيين، بأن عن الأمم والشعوب الأخرى يرجع بالأساس إلى الفهم الخاطئ للدين، وليس لبعدهم عن الدين، كما يروج جل الشيوخ والوعاظ في خطاباتهم الدينية المشكلة لثقافة المجتمع ونظرته إلى الحياة،والمنتجة لسلسلة من الأجيال المهزومة المتنكرة لآدميتها وإنسانيتها، التي تقضي عمرها تعمل، من الولادة إلى الموت، كالدابة، تأكل وتتناسل وتتكاثر، مفضلة البقاء في دفء القطيع والسير معه، موثرة السلامة -حتى المنطوية منها على الهلكة - على التمرد على حراس معابد الجهل والرجعية، أو حتى الاختلاف مع أنصار البلادة الفكرية ونخبها المتاجرة بعقول الغوغاء، والمشرعنة لكل ما يصنع الشعوب والمجتمعات "الخبزية" التي لا حق لها في التعبير أو النقد أو المطالبة بما لا يتماشى مع أيديولوجيات مشايخ الفكر الظلامي النكوصي المتدخلة في كل شيء باسم التراث العشائري الببغاوي الماضوي، المرتكز على الخرافة والأساطير المقوضة للحريات والحقوق، والمشوهة للقوانين والدساتير، والمحرمة للعلوم الحقة، والمشيطنة للسؤال الفلسفي، والمسفهة لبراهينه المنطقية المحرضة على تبني التفكير المخلخل ليقينياتهم المتجاوزة، والمشجعة على ارتكاب النقد المزعزع لغيبياتهم المتخلفة، والداعية للتحليل الكاشف لحقيقة منتوجهم التجاري الذي يمكنهم من ملء البطون والجيوب، ويضمن لهم الاغتناء الفاحش على حساب الأتباع الذين يعيشون، كالبقر الحلوب في الزرابي ومرابط البهائم، التي تأكل ما لا تزرع، وتلبس ما لا تصنع، وتستغل ما لا تخترع، وتخوض في ما لا تفهم، دون أن تترك بصمة في مصيرها أو أثرا في تاريخ البشرية،وحتى عند مواجهتها لما يشتدّ ويتعقد من مشاكلها و ينغّص عيشها، من فساد مالي وفقر وجوع ومرض وغلاء أسعار، بالدعاء على من يخالف رأي وعقيدة المشايخ الذين يعبدون.

 وللعلم فإن هذا الوضع الاجتماعي المقلق والمؤرق جدًا، والذي آلت إليه أحوال هذه الأمة بسبب رجال الدين فيها، ليس بوليد اليوم، وإنما هو صراع قديم قدم التاريخ، صراع بين الحق والباطل، بين الخير والشر، بين الأصيل والدخيل،بين الظالم والمظلوم، بين الحاكم والمحكوم؛ صراع شبيه بما عاشته أوروبا في القرون الوسطى، التي عظم خلالها شأن رجال الدين، وازدادت سطوتهم في المجتمع، وتضخمت هيمنتهم وسيطرتهم عليه، إلي أن وصلت إلى التحكم في أفكار وأحلام ومعتقدات الناس، إلى أن بزغ "عصر التنوير" الذي جعل عامة المتدينين المسيحيين يفهمون الكتاب المقدس دون وساطة الكهنوت الكنيسي ورجاله، الفهم الذي كان وراء الثورة العارمة التي عزلتهم عن الدولة، وأراحت العباد من كل أشكال الكهنوت الديني..

فهل حان للأمة الإسلامية أن تتحرر من وصاية الشيوخ، وهيمنة الفقهاء، وتحكم الدعاة وتسلط الرقاة والحجامة، وعودتها إلى مصادر دين الله الحق كما نزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم الذي جاء لإتمام مكارم الأخلاق ولمعالجة المشاكل الحياتية الطبيعية، ولفتح مسارات التطور، دون وساطة فتاوى التخلف بكل مسمياتها وتنوع تذرعاتها،، المتكئة على الدين الذي تأخذ صداها ومداها في عقول البسطاء باسمه، وتصبح أشبه بالعقيدة التي تحول المخدرين والمغيبين منهم، إلى مجرد دمى مؤدلجة تصدق كل الخرافات الواردة في كتب الجهل الرعوي المقدس التي تعج بالأخطاء الفاضحة، والركاكات المقيتة، والتناقضات المستفزة التي يهدف من خلالها علماء التبرير، وجهابذة الخداع،إلى تغيير البنية الأساسية للمجتمعات الإسلامية ، وجعل غالبيتها تعبد الدين بدل عبادة الله، و تستطيب ارتكاب الفواحش –ما بطن منها وما ظهر -وتنتهك كافة حقوق الغير،وتدمر وصايا الدين الحق وتعاليمه،وتضرب أخلاقه وقيمه النبيلة وتصد الأذهان عن التفكير في دين الله صلى الله عليه وسلم

نعم لقد حان أوان تحرر وانعتاق هذه الأمة، بكل تأكيد، بدليل أن الأمر نفسه الذي عرفه الكهنوت الكنسي في أوروبا، قد بدأ يحدث خلال العقود القليلة الأخيرة، مع صناع المحتوى الديني الرديء من المتمشيخين الجدد،الذين بدؤوا يفقدون بعضا مما كان لهم في نفوس المستغفلين من القدسية والاحترام والتبجيل قبل أن يستفيقوا من غفلتهم بعد اكتشافهم لبعض أساليب النصب والاحتيال المسلطة عليهم، وذلك بفضل ثورة تكنولوجيا المعلومات التي فتحت الأعين ونورة العقول ومكنتها من القدرة الفائقة على الفرز والتجنيب وعدم التقصير فى حق الله والنفس والغير، في إطار من الأخلاق المتؤثرة على سلوكيات الشخصية للأفراد، وتمكنها من التعامل بصورة أفضل مع التحديات والمواقف الصعبة المختلفة، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية، أول سلم رتقي الشعوب والأمم والمجتمعات وبناء علاقات أكثر إيجابية بينها.

***

حميد طولست

اثارت تحركات القوات الامريكية على الاراضي العراقية في الايام الاخيرة، الكثير من الاسئلة وعلامات الاستفهام؛ عن الاهداف التي تريدها امريكا، او تسعى إليها في هذا الوقت تحديدا، من هذه التحركات لقواتها في العراق، وفي مياه الخليج العربي. وقد رافق هذه التحركات الامريكية؛ اتفاق امريكي عراقي في الذي يخص التواجد الامريكي العسكري في العراق، ومهمات هذه القوات.. وقد انتج ايضا عن هذا الاتفاق؛ اتفاق بين العسكريين العراقيين والامريكيين على تشكيل لجان مشتركة لضبط الحدود العراقية السورية؛ لحماية امن العراق. وبالفعل فقد انتشرت نقاط مشتركة بين القوات العراقية والامريكية، على طول الحدود العراقية السورية، لمراقبتها جوا وبرا، كما صرح بذلك  مسؤولو القوات الامريكية. ماهي الغاية من هذا التواجد الامريكي وبهذا العدد والعدة والنوع من القوات الامريكية في هذا الوقت تحديدا؟.. كثرت في هذا الاتجاه، الكثير من التحليلات السياسية، وايضا التكهنات؛ عن مرامي التحرك الامريكي هذا؛ في ظل اوضاع عربية واسلامية مجاورة حبلى بالمتغيرات المستقبلية، بتحرك امريكي فعال على هذا الطريق؛ لتأسيس واقعا مستقبليا، ليس بعيدا زمنيا من الآن؛ الذي يمهد او يعد الساحة لشرق اوسط جديد. امريكا قامت في الايام الأخيرة بحشد قواتها سواء البرية او البحرية او الجوية في العراق وفي مياه الخليج العربي؛ من اجل تنفيذ خططها الجديدة والقديمة في المنطقة العربية وفي الخليج العربي وفي الجوار، تحت مختلف الحجج التي ليس لها مسوغا واقعيا في وقت تشهد المنطقة انفراجا واضحا بين الدول الاقليمية الكبرى فيها. تركيا قد اعادت جميع علاقتها الى سابق ما كانت عليه قبل ما سمي (بالربيع العربي)، كما ان ايران منفتحة الآن على تبريد الاجواء بينها وبين دول الخليج العربي ودول المنطقة العربية الاخرى، وكان اخرها؛ هو الاتفاق السعودي الايراني؛ الذي يتواصل ترجمته على ارض الواقع، ليس اعادة التمثيل الدبلوماسي والزيارات المتبادلة، هو اخرها. امريكا حشدت قواتها على الحدود العراقية السورية وزادت من تواجدها على ارض العراق بالشكل الملفت للنظر، وقامت بأغلاق تلك الحدود؛ ليس لأن قواتها في قاعدة التنف، تعرضت في الايام الأخيرة؛ الى هجمات من قبل الرافضين لوجودها سواء من المواليين للنظام السوري من السوريين او من غيرهم الداعمين لهم على اهميته، إنما الدافع الاساسي؛ هو للتضييق والضغط على النظام السوري، ولأغلق طريق الامداد لهذا النظام، عبر الارض العراقية، اضافة الى ان امريكا؛ ربما هي في الطريق الى توسيع مساحة تواجد قواتها على ارض سوريا، ليشمل دير الزور والبو كمال. هذا التحرك الامريكي ايضا لا يمكن فصله باي شكل او باي صورة من الصور؛ عن ما هو يجري في الوقت الحاضر على الحدود اللبنانية الاسرائيلية من تهديدات بين المقاومة اللبنانية وبين اسرائيل، وايضا عن الاوضاع الاقتصادية المتدهورة في لبنان. من الجهة الاخرى وفي تزامن ملفت؛ تم عقد مؤخرا؛ اجتماع ضم دول عربية ومسؤولين امريكيين واوربيين في سلطنة عُمان؛ للبحث ومناقشة مشروع اوبك لشرق البحر الابيض المتوسط للغاز، يضم دول الخليج العربي، ومصر والاردن والعراق. هذا المشروع المفترض، الغاية منه هي؛ تأمين البديل المستدام للغاز الروسي، بالإضافة الى محاصرة منافذ تصدير الغاز الروسي. روسيا بوتين في الاشهر الأخيرة وعند استغناء دول الاتحاد الأوروبي عن الغاز الروسي؛ اعلن بوتين عن نية روسيا بالاتفاق مع تركيا اردوغان على اقامة مركز تخزين وتصدير الغاز الروسي عبر تركيا الى دول العالم. المشروع الاوربي الامريكي العربي المفترض؛ هو لمحاصرة روسيا في هذا المجال. ان جميع هذه التحركات والمشاريع والمشاريع المضادة؛ هي في نهاية المطاف ترجمة فعلية لصراع القوى الدولية والاقليمية على الارض العربية، كما انها من الصعوبة او من غير الممكن فصلها عن اسرائيل، بل ان الصحيح تماما؛ ان جميع هذه التحركات والمشاريع المفترضة؛ هي ذات علاقة عضوية تماما بإسرائيل. من وجهة النظر الشخصية؛ ان مشروع اوبك شرق البحر الابيض المتوسط للغاز؛ لن يرى النور في المستقبل المنظور، بل هو مشروع مستقبلي؛ سوف يخضع للمساوات والمناورات؛ ويرتبط تنفيذه حكما بعملية التطبيع بين الدول العربية واسرائيل وبالذات مع السعودية، التي تريد كثمن لهذا التطبيع؛ استجابة الجانبين الامريكي والاسرائيلي، لمطاليبها المعروفة. كما انه ومن الجانب الثاني، سوف، ايضا، يرتبط تنفيذه مع تنفيذ الاجندة الامريكية الجديدة والقديمة في المنطقة العربية وفي الخليج العربي وفي جوارهما الاسلامي، على ارض الواقع. من هنا تكتسب التحركات العسكرية الامريكية في الايام الاخيرة؛ الاهمية والخطورة في آن واحد. ان هناك من بين التحليلات السياسية او الاستقراءات؛ من يقول ان هذه التحركات الامريكية سوف تشهد رد فعل من بقية القوى المناوئة لها، في العراق او من قبل ايران او من غيرهما. من وجهة النظر الشخصية؛ ان اي من هذه الردود العسكرية؛ ربما كبيرة جدا؛ لن تحدث. ان مسؤولو ايران ليسوا من الغباء بحيث يتم جرهم الى مواجهة عسكرية بالإنابة عنهم مع القوات الامريكية المتواجدة في العراق، أو بالشكل المباشر في مياه الخليج العربي؛ فهذه المواجهة لا تخدمهم لا أنيا ولا مستقبلا، بل انها سوف، اذا ما حدثت وهي لن تحدث؛ سوف تقلص مساحة تأثيرهم ونفوذهم في العراق، ان لم يكن اكثر من ذلك. كما ان المواجهة البحرية المباشرة؛ سوف تدفع دول الخليج العربي الى الجانب الامريكي، اكثر كثيرا مما هي عليه في الوقت الحاضر. من المحتمل جدا ان تقوم امريكا في سوريا في توسيع مناطق تواجد قواتها؛ ان هذا التوسيع، سوف يشهد مقاومة من قبل من الموالين للنظام السوري، سواء من السورين او من غيرهم. إما من الجانب الروسي، فأن الرفض الروسي لهذه العمليات الامريكية ان حدثت وصارت واقعا على الارض؛ لا يتعدا الشجب والاستنكار، أما المواجهة العسكرية بين القوات الروسية والامريكية على الاراضي السورية، فهذا امر مستحيل. اسرائيل تضرب ومنذ سنوات سواء مواقع الجيش السوري او مواقع القوات الداعمة له من ايرانيين وغيرهم، ولم تقم روسيا باي رد فعل، مهما كان صغيرا، اي ان هناك ضوءا اخضر من جانب روسيا. ان جميع هذه التحركات العسكرية الامريكية في العراق وفي مياه الخليج العربي؛ ترتبط بالحرب في اوكرانيا، بالإضافة الى الارتباطات الاخرى التي اشرت لها في هذا المقال. ان هذا يعني وفي اوضح صورة لمشاهد الصراعات في العالم؛ ان جميع القوى الدولية العظمى والكبرى، تريد من هذه الصراعات؛ توسيع مناطق نفوذها على مساحة العالم. ان المنطقة العربية بما فيها من ثروات معدنية واخرى، وبما هي عليه من موقع استراتيجي؛ في البحار وفي الارض؛ عليه، فأن من يجعل منها مناطق نفوذ له؛ سوف يسيطر ويتحكم في اسواق الطاقة، وممرات التجارة والملاحة الدولية، في البر وفي البحر. ان امريكا على الرغم من تراجعها، الواضح في السنوات الأخيرة، الا انها مستمرة في سعيها الجدي والممنهج، بما تمتلكه من قوة عسكرية، وقدرات اقتصادية كبيرة، ووكلاء ينوبون عنها؛ على اقامة شرق اوسط جديد، وجعل اسرائيل دولة طبيعية في الشرق الاوسط الجديد المفترض. ان اقامة شرق اوسط جديد، على قواعد واعمدة لابد منها لنجاح امريكا في اقامة مشروعها هذا، بتبريرات مقنعة، لجهة الفائدة والتنمية والتطور في عموم المنطقة العربية. إنما هذه التبريرات المقنعة تحمل في داخلها حيتان تبتلع حقوق وثروات الشعوب العربية بطريقة او بأخرى، وايضا تزدرد هذه الحيتان، حق الشعب العربي الفلسطيني في دولة ذات سيادة. من اهم هذه الاعمدة؛ هي طريق التنمية، بشقيه البري والسككي، واقامة منظمة لشرق المتوسط للغاز، وعمليات التطبيع. عندما يصل هذا المشروع الامريكي.. الى مساحة محددة من حركته؛ سوف يصطدم بمشاريع اخرى، صينية؛ الحزام والطريق، وروسية؛ طريق الجنوب، بين ايران وروسيا الى اواسط اسيا وروسيا، ومشروع ايران بالوصول الى مياه البحر الابيض المتوسط عبر العراق الى الموانيء السورية. من وجهة النظر الشخصية؛ ان في هذه المنطقة من تصادم المشاريع؛ مع ما يصاحبها تزامنيا قبل بلوغها هذه المنطقة؛ من تغيرات في البيئة والظروف السياسية، التي تنتجها؛ إرادات اقليمية وعربية ودولية، لناحية المعارك المباشرة او معارك الوكلاء؛ عند هذه المنطقة، تبدأ المساومات والمناورات التي تقود بحكم هذه الظروف المتخلقة من المعارك المباشرة او معارك الوكلاء، وتقاطع الإرادات والاهداف؛ الى المقايضات والتسويات.. من الواجب  الوطني الذي تفرضه فرضا، هذه التحولات والتغيرات المرتقبة، على الشعوب العربية وقواها الحية؛ النضال والكفاح بمختلف الوسائل والطرق المتاحة او التي تجترحها وتبتكرها، الشعوب العربية وقواها الحية، ليس الوقوف ضدها، إنما تعديل مساراتها بما يخدم قضايانا الوطنية والقومية في وقت واحد. ليكون للعرب فيها؛ قرارهم المستقل والسيادي في بناء واهداف هذه المشاريع المفترضة مستقبلا. بما ينتزع من افواه الحيتان الدولية الكبيرة أو الحيتان الاقليمية الصغيرة؛ حق الشعب العربي الفلسطيني في اقامة دولته السيادية المستقلة. وايضا وهذا هو الاهم والذي ينتج او ينتزع الحق الفلسطيني المشار إليه؛ ان يتم التعامل مع الأوطان العربية والشعوب العربية؛ كمجموعة اقليمية كبرى، متجانسة ثقافة ولغة وتاريخا مورثا واهدافا؛ بما يجعل من العرب؛ قوة دولية فاعلة في المحيط الدولي؛ لحيازتهم على الثروات الكبيرة، احتياطا وانتاجا، من مصادر الطاقة، وغيرها، اضافة الى ان الجغرافية التي سوف تقام عليها هذه المشاريع، هي جغرافيتهم السياسية، في البر والبحر ومضايق وممرات، والكثافة السكانية. ان هذا لا يمكن ان يحصل الا بالضغط المنتج والفعال في اتجاهين؛ الضغط على الأنظمة العربية، جماهيريا وسياسيا واعلاميا، اولا بحق الوصول الى المعلومة، وثانيا؛ المطالبة بالكشف الموثق عن الاتفاقات في هذا المجال، وثالثا الضغط جماهيريا واعلاميا، ضغطا  فعالا ومنتجا؛ لتعديل اعوجاجها كليا. ان هذه المشاريع ليست ابنة هذه الايام، بل هي مشاريع يجري او جرى التخطيط لها منذ سنوات، إنما لم يتم الكشف عنها، لا من امريكا، ولا من الانظمة العربية المشاركة فيها، الا في الوقت الحاضر؛ إنما حتى هذا الكشف، كان بصورة محدودة جدا، اي انها لم تزل صورة ضبابية، تظللها مساحات رمادية. على الرغم من ان هذا الكشف المحدود؛ لكن هذه المشاريع ظلت تحيط بها السرية، وفي بنودها والتخطيط لتنفيذ هذه البنود على ارض الواقع مستقبلا. ان السرية او التعمية عليها؛ هي من تدفع المتابع للتشكيك فيها، وافتراض الاعوجاج مسبقا فيها وفي جميع بنودها.

***

مزهر جبر الساعدي

حزب: كل قوم تشاكلت أهواؤهم وأعمالهم

إسلامي: متاجر بالإسلام

ربما لا يوجد في التأريخ كلمة إسلامي، ولا في معاجم اللغة،  يوجد مسلم وإسلام ومسلمون، وما ورد مصطلح (دولة إسلامية) في مسيرة دول الإسلام، فهناك الدولة الأموية والعباسية والعثمانية وما بينها من دول كالفاطمية والبويهية والسلجوقية وغيرها.

ولا يُعرف مَن الذي إبتدعه، وكيف تحقق تسويقه والتمسك به، ويبدو أن هناك أيادٍ مغرضة سخرته لتأمين مصالحها والنيل من الدول التي تدين بالإسلام، فهي دول مسلمة وليست إسلامية.

الإسلامية فيها نوازع سياسية ودوافع عدوانية، والدليل على ذلك أن ما أقترن بكلمة (إسلامية)، عبر عن السوء، وقدم سلوكيات مناهضة لأبسط معاني وقيم الإسلام كدين.

فهل وجدتم أي حركة، حزب، دولة سميت بالإسلامية وقدمت خيرا للناس؟!!

وفي بعض الدول هناك أحزاب تسمي نفسها إسلامية، وتأملوا ما فعلته، وجلبته للبلدان التي تسلطت فيها.

فأين الإسلام في مصطلح الإسلامية؟

إنها قناع مضلل مخادع لتدمير الإسلام، فما يُسمى إسلامي، معناه الإجهاز على الإسلام كدين.

ولا يحتاج هذا الإستنتاج إلى براهين، لأن الواقع السلوكي أوضح من الشمس في رابعة النهار، وما أكثر السيئات والمظالم والموبقات، فالفساد دين ومذهب، ومصادرة حقوق الناس عقيدة، والإستحواذ على الثروات والإثراء الفاحش صراط مستقيم.

فعن أي إسلام يتحدث أصحاب الإسلامية؟!!

إنها إصلامية من الصلم أي القطع!!

***

د. صادق السامرائي

الأعرابية هي تلك المظاهر الشاذة المنافية للذوق والأخلاق التي يتسم صاحبها بالجفاء والغلظة وفقدان الذوق والتصرفات السيئة في أماكن تنطلب السكينة والهدوء..

استنبطت هذا الاسم من السلوك الأعرابي البدوي الجاف المستمد من بيئته الصحراوية القاحلة وقد ذكر القرآن الكريم الأعراب وما اتصفوا به كفر وتفاق..

قال تعالى: (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)الآية (97) سورة التوبة

قال ابن عاشور في (التحرير والتنوير): الأعراب: هم سكان البوادي بالأصالة.

وقال الشوكاني في (فتح القدير): الأعراب: هم من سكن البوادي، بخلاف العرب فإنه عام لهذا النوع من بني آدم سواء سكنوا البوادي أو القرى.

ويبين الأستاذ أبو الهيثم محمد درويش هذه الصفات فيقول: " الجفاء والغلظة والبعد عن العلم ومجافاة الشرع صفات لبعض الأعراب وتنسحب على كل من جمع مثلها من الصفات نفس الأحكام: منهم الأشد نفاقًا، ومنهم المتربصون المنفقون للصد عن سبيل الله والتربص بأهل الدين وإمداد أعداء الله بكل مددٍ وعون ممكن. ومنهم المؤمن المنفق الحامل لهم الدين المنسلخ من كل الصفات السلبية المذكورة آنفًا" ..

مع الملاحظة أن ليس كل الأعراب بهذه الصفات السلبية  فهناك من يتسم بالصفات الإيجابية التي يوضحها القرآن الكريم في سورة التوبة، قال تعالى: { وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّـهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ ۚ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ ۚ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّـهُ فِي رَحْمَتِهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [التوبة:  99].

وعندما نتأمل في واقعنا الاجتماعي نجد لهذه الأعرابية الجافة البعيدة عن الذوق الرفيع والسلوك القويم تمظهرات اجتماعية في كثير من المجالات ونعطي أمثلة على ذلك.

أولا: داخل المساجد: كأن ينحدث الإنسان بالهاتف ويرفع صوته ويترك هاتفه يرن بالموسيقى والناس في الصلاة ويتكرر الأمر دون أن يطفئ صاحبه هاتفه.

ولاحظت ايضا بعد الخروج من المسجد فبعض المصلين ما إن يبتعد بخطوات عن باب المسجد حتى يشعل سيجارته أو يضع في فمه الشمة في منظر مقزز وكأن هذا الشخص لم يكن قبل قليل يذكر الله ويدعوه ويقف في بيته راكعا ساجدا...

ثانيا: في الطرقات: البصاق وعدم غض البصر حتى الإنسان مع زوجته وأبنائه لا يسلم من تلك النظرات المريضة المتربصة..

ثالثا: في الإدارات: تجد المواطن في طابور لاستخراج وثيقة ما والموظف أو الموظفة منشغل أو متشغلة  بالحديث بالهاتف مع القهقهات وعدم المبالاة بهؤلاء الذين تركوا اشغالهم من أجل قضاء مصالحهم في اسرع وقت ممكن..

هذه بعض الأمثلة من واقعنا وقس عليها في الأعراس والأسواق والمدارس والشواطئ..

فكل السلوكات المنافية للذوق هي نماذج للاعرابية المعاصرة...

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية

 شدري معمر علي

الأبعاد الفكرية للمشروع الوطني

إن أي شعب من شعوب العالم، عندما يمر بمنعطف تاريخي حاسم في وجوده الحضاري والإنساني، يبرز اتجاهين في مسار هذا الشعب مسار النخبة الوطنية التي تدفع بالفكر والأبداع وهو مسار ثقافي واحتياج مجتمعي لخلق الحراك الذي يطلق عليها حركة  الجماهير الواعية والاتجاه الأخر هو مسار الدولة باعتبارها القابضة على السلطة والمالكة لمؤسساتها التنفيذية، وحسب النظريات الدستورية المعروفة وهذا ما يمثل نقطة التحول في مشروع الدولة المدنية التي هي الدولة المؤسساتية وهذا يمثل هاجز وطموح النخبة .

أن النخبة المثقفة في العراق والتي ابتليت بالسياسات الفاسدة والحروب العبثية والسياسات الاقتصادية والتي ولدت الأزمات النفسية في المجتمع  وعطلت الكثير من الطاقات البشرية وهي تملك مقومات الفكر الإبداعي وتبحث عن فرصة  لتقديم العطاء الذي يخدم المجتمع وهذا العطاء مرة يأتي عن طريق فكر أو عن طريق رؤية أو عن طريق ابتكار يخدم المجتمع والشعب وكل هذه العطاءات تحتاج الى جهة أو مؤسسة تحتضن هذه الطاقات الشبابية  لتوليد قوة وعي مجتمعي في مسار الدولة وعكسها ضمن المؤسسات الاجتماعية مثلما في دول الغرب وهذا لم يتوفر على مراحل تكوين دول العالم النامية ومنها العراق لعدم وجود الحرية السياسية أو الحرية الدينية والتي هي مفتاح الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي ولم تكن الصدمات نتيجة الحروب أو الحصار كافية لبروز مثل هذه الأمر وهي حاجة ورغبة اجتماعية واقتصادية في مضمار النسيج الاجتماعي أولاً وديمومة الدولة ثانياً، وهي بداية النهضة الحقيقية لخلق ما يسمى (بالكتلة السياسية التصحيحية ) حتى يكون العمل مشروع ومعروف وخاضع  للإرادة الوطنية لتغير مسار ونمطية المجتمع من الانكفاء والتبعية الى النهضة والإصلاح .

أن نطاق ومشروعية  أي كتلة أو مؤسسة تحت أي مسمى كانت لخلق هذا التيار الجماهيري وترصين أبعاده الفكرية والفلسفية ليكون قادر على التصدي للانحرافات السياسية الضدية في المجتمع أو الدولة، واستيعاب هذه (التيار الجماهيري) الذي سوف ينبثق عنه ولادة (الكتلة السياسية المدنية) والتي هي من سوف تصحح مسار الدولة كمؤسسات خدمة وأعمال سيادة لمجتمع يريد الحقوق والحريات الدستورية الحقيقية وتوحيد رؤيتها ضمن شمولية الأحداث والتي ينظر لها في برامج وأهداف الدولة كواقعية سياسية واجتماعية،وهناك عدة أفكار يمكن تطبيقها على ارض الواقع الاجتماعي ضمن أولويات ومهام المرحلة الأولى من خلال:

1- رصد الحالات الاجتماعية وتفسير الظواهر وتقديم  الحلول التي تمثل مشكلة او أزمة في النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وفق الحاجة والتغيرات الاجتماعية

2- إيجاد وخلق النخبة الفاعلة على المستوى المواطن وإعادة فكرة العمل على  المشتركات الثقافية والتنويرية والحد من الثقافة الرجعية .

3- أعادة تقيم كافة المؤسسات التي هي جزء من الحكومة ومدى فاعليتها  وفق رؤية المنظور المستقبلي ومدى استفادة المواطن منها وإعادة هيكلة هذه المؤسسات وتقديم أفكار الشراكة مع القطاع الخاص الممول أو المدعوم عند الضرورة التي تخدم المجتمع .

4- وأخيرا وضع سياسة بعيدة الأمد من اجل خلق حوارات عراقية وعربية وإقليمية لتأسيس شركات توظف رأس المال في مشاريع تخدم الأنسان العراقي والعربي من خلال التكامل والتسويق على مستوى البحث والإنتاج والإدارة  .

5- التوسع في دعم مراكز الأبحاث والدراسات السياسية والاقتصادية والقانونية لإيجاد حلول على مستوى المشاكل الأنية أو البعيدة للمجتمع أو الدولة

إن النخبة الاجتماعية التي يمكن تكوينها وتجميعها تحت شرط أساسي واحد تأخذ بشرط الحاجة المستقبلية وتأثيرها العملي في الوسط الشعبي. أن بقاء الحكومات بعيدة عن هموم المواطن  سوف تبقي هذه السياسات المجتمع مجرد مجتمع هامشي لا يمكن أن يستمر بالتقدم والمسير نحو الحضارة العالمية القادمة بكل تجلياتها دون تقديم تضحيات على المستوى الفكري والعقائدي لمواجهة الثقافات الغريبة  دون بلوغ هذه الحريات والحقوق المدنية وان عدم وجود معارضة حقيقية واضحة على المستوى السياسي لتمثيل الأخر من المجتمع والتي تأخذ من قضايا الدولة والشعب مواضيع للإصلاح  السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد، كلها تصب في خانة فساد الطبقة السياسية .

أن المرحلة القادمة هي مرحلة صعبة ومرحلة تحدي بكل تجلياتها الفكرية والاقتصادية والسياسية وهي مرحلة خطيرة على وجود ومستقبل الجيل القادم والتي كبر وترعرع في ظل اللازمات والإرهاصات التي هي بداية إعادة رسم الخارطة الإقليمية الجديدة تحت ما يسمى خارطة الشرق الأوسط الكبير في ظل هذه التحديات وهي تحديات صعبة وخطيرة وما على الشعب الذي تمثله النخبة الوطنية إلا أن يعمل من اجل المستقبل والرهان سوف يقع على عاتق الشباب والبروز ككتلة سياسية وطنية من اجل الحرية والأمن والاستقرار والاستمرار كدول وشعوب  صاحبة تاريخ وحضارة ومنجز بشري واضح على مستوى العالم والحفاظ على المستوى اللائق لهذه الشعوب من خلال الحفاظ على ثقافتها وكرامتها وكيانها الجغرافي .

إن ابتعاد النخبة الشبابية عن الحدث أو صنع الحدث سوف يحرم الشعب من اي فرصة لتحسين واقعه الاجتماعي والاقتصادي والغالبية العظمى من الجيل الشبابي بعيد عن المسؤولية،وليس بالضرورة أن القيادة تعني التزعم حتى يكون التصدي للمشهد وأجب المهم من يرى أنه أهلا لهذا التصدي وجب عليه العمل بكل الطرق المشروعة والإمكانيات المتاحة ولا يمكن خلق مجتمع واعي دون وجود نخبة وطنية تتحمل المسؤولية .

***

احمد فاضل المعموري - محامي عراقي

قول منسوب لبوذا استوقفني كثيرا وهو يصف المعابد بقوله إن المعابد «منابت النفاق» ذلك أن الارتكاز الوجداني عند المسلمين أن للمسجد مرتبة خاصة في إقامة الصلوات حيث يُنسب للنبي عليه افضل الصلاة والسلام الحث على الصلاة في المسجد والترغيب فيه وان للصلاة في المسجد تفضيل واضح حيث ان الصلاة في المسجد تعدل سبعة وعشرون صلاة في غير المسجد وفي روايات أخرى أضعاف ذلك من الثواب، عندماانظر لهذا الفارق في الثواب اجد الأمر غير متناسب مع مايبذله المصلي لمجرد ذهابه إلى المسجد !! فليس من المعقول أن يكون اجر بضعة خطوات إلى المسجد كل هذا الفارق، اذن كيف يمكن أن نفهم هذا الفارق بين قول بوذا الذي يوصف بأنه رجل حكيم موحد وفي بعض الأخبار أنه من انبياء الله، وبين ترغيب نبينا عليه الصلاة والسلام للذهاب والصلاة في مايصفه بوذا بأنه منبت للنفاق !! أن النظر إلى الامرين حرفيا سيخلق التباسا من الصعب فهمه الا اذا نظرنا إلى ماخلف ذلك من مرامي في التوجيهين، فهل كان بوذا يقول ذلك بقصد منع أتباعه من الذهاب الى المعابد !؟ بمراجعة بسيطة للتاريخ ستجد أن صلاة اتباع بوذا كانت منحصرة في المعابد واستمرت على ذلك، اذن فإنه لم يكن يريد من هذا القول إن لاتصلوا في المعابد وانما للإشارة إلى مايترتب على تلك الصلاة مما لايترتب على الصلاة في غيرها

بمعنىٰ أن الصلاة في المعبد «المسجد» ينتج عنها ما لاينتج عن الصلاة في غيرها

ماذا يحدث في المعبد

الحقيقة أن الصلاة في المعبد لاتختلف عن الصلاة في غيره من الناحية الاجرائية الشكلية فهي إما مجموعة ترانيم مكررة او دعاء مكرر او عدد من الركعات المحددة في عددها وتوقيتها بالنسبة لمن يصلي في المسجد من المسلمين اذن فأن الفارق ليس شكليا وانما فارقا موضوعيا يجعل ماقاله بوذا عن المعابد كونها منابت للنفاق وماحث عليه نبينا الأكرم عليه السلام متطابقا من الناحية الموضوعية رغم الاختلاف الشكلي لأنه وبحسب فهمي للأمر أن الحضور إلى المعبد أو المسجد سيضع المصلي في مواجهة المجتمع بمعنى أنه سيكون تحت النظر عند إقامته للصلاة لذلك فأن وقوف هذا المصلي وهو يؤدي صلاته تحت نظر العامة سيجعله بالضرورة يقيم لهم وزنا لذلك ترى أن من يذهب للمسجد غالبا يحاول أن يكون مظهره على أفضل حال مما لايفعله في البيت وقد يكون أداءه للصلاة من الناحية الشكلية كأفضل مايمكن وستجده أكثر انضباطا، فضلا عن توفر مجموعة من المواضيع تحت نظره هو لذلك سيكون تحت اختبار المشاهدة والنظر إلى الآخرين بعين ذاته الداخلية، والمفاضلة والقياس والتكبر احيانا والتذلل احيانا ومجموعة من السلوكيات والافعال وردود الأفعال على مايحدث ضمن الجماعة المجتمعة في المسجدوما يصاحب ذلك من عُجب وكِبر، في الواقع أن الأمر كله يتعلق بدخول المؤمن في اختبار صعب يستحق عليه الفارق عن صلاته في البيت إذا خرج من هذه القاعة لامتحانية بمعدل نجاح يستحق معه هذا الفارق في الأجر والا فإنه سيكون قد مارس نفاقا يُرائي فيه الناس ونسي أن الله يراه ...

***

فاضل الجاروش

الوثنية إستعداد نفسي متوارث، وقائمة في الأجناس البشرية منذ الأزل، ومن الصعب الإنتصار عليها والتحرر من أسرها.

وهذا يفسر أن الدعوة التي بدأت في مكة، إستمرت ثلاثة عشر سنة دون جدوى كبيرة، حتى إستطاعت القوة أن تلغيها كسلوك ظاهر ، لكنها لم تنهها كحالة متوطنة في النفوس.

فلا يعني تحطيم الأصنام إقتلاعها من الأعماق، فالوثنية تواصلت وتجسدت بآليات متنوعة.

وفي واقع الأمة تحولت الكراسي إلى أوثان، فالجالس عليها يكون معبودا بشتى الأساليب، ويتحقق دفعه إلى التفرد بالقوة والسيادة والسلطة، وتأمين الطاعة المطلقة له، بل وتجاوز ذلك حدود الواقع البشري، وصار الجالس على الكرسي مقدسا ويحكم بأمر الله، وتخنع له الرقاب وأمره مطاع مستجاب.

وهذا السلوك ليس جديدا، بل عهدته البشرية منذ بدايات التكونات الإجتماعية، وفي حضارات وادي الرافدين والنيل، والأمثلة الكثيرة على أن الحاكم إله، أو إبن إله، أو ما يماثلها، وتطورت الفكرة وتجسدت في الديانات المتعددة وخصوصا الإبراهيمية،  التي هي ثورة على التوهم بتأليه البشر، فحررت الإله من قبضة مخلوقاته.

لكن الأمر لم يتوقف، وفي عصرنا الحالي هناك العديد من المجتمعات الوثنية، التي تتخذ من الأشياء الحية والجامدة  أوثانا تعبدها، وتذعن لإرادتها المتصورة.

وفي مجتمعاتنا تحققت الوثنية الجارفة في الذين يدّعون المعرفة بالدين ويمثلونه، فصارت معظم الرموز أوثانا يتعبد في ظلالها الناس الذين يحسبون أنفسهم يجهلون معنى الدين، وتجدهم بها يتبركون ويقلدون ويتبعون خنعا ركعا، تعطلت عقولهم وألهبت نفوسهم بالتصورات والأمنيات الغيبية، المسلحة بالترغيب والترهيب الرهيب!!

وتلك حكاية الوثنية الفتاكة الفاعلة في مجتمعاتنا بعد أن صار الدين عنوانها.

فالوثنية التي حاربها الدين، إلتفت عليه وحققت إنتصارها ودامت فاعلة في الأجيال!!

***

د. صادق السامرائي

9\9\2021

العراق بلد الحضارات السبع وبلد الماء والوفرة والخضرة. أطلق عليها بلاد الرافدين.

دجلة والفرات اللذان مرت عليهما احداث واخبار وقصص واساطير فهما للعراق كالسوار الجميل حول المعصم وهم رمز الحياة. حيث كان النهر يشكل جزءًا أساسيًا من حضارة ما بين النهرين العراقية القديمة. وكان ماحولهما يعرف بـ "الأرض الرطبة" أو "الرافدين"، حيث ازدهرت حضارات عديدة، مثل سومر وبابل وآشور وما بعدها. فشاهدا العديد من الأحداث والقصص المهمة على مر العصور. ومرت عليهما حضارات متعاقبة مثل حضارة سومر أقدم حضارة معروفة في العالم،والتي  نشأت على ضفاف نهري دجلة والفرات. فتوفر المياه بخلق جوًا من الاستقرار والبناء والزراعة ونمو المدن والتجارة والتعليم والفنون في هذه الحضارة القديمة.

كما كانت ايضا حضارة بابل أحد أهم الممالك في المنطقة. قامت عاصمتها بابل على ضفاف نهر دجلة، وبني فيها برج بابل الشهير من عجائب الدنيا السبعة فحضارة بابل معروفة بتقدمها في العلوم والرياضيات والفلسفة والتجارة.

كما مرت على النهرين ايضا حضارة الأكد التي قدمت العديد من الإسهامات في المجالات الهندسية والفنية والأدبية للبشرية، وقد بنوا مدينة بابل ومعبدها الشهير ماردوخ.

و كما الاساطير والحضارات دونت حول دجلة وتناقلتها الاجيال كانت قصيدة العملاق  الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهر

يا دجلة الخبر يا ام البساتين

توجد العديد من الأساطير والقصص المتعلقة بنهر دجلة في الأدب القديم والأديان المتعددة. في الأساطير البابلية القديمة، كان دجلة مرتبطًا بالإلهة تيامات، إلهة المياه والخصوبة. وفي القصص اليهودية والمسيحية، يُشار إلى دجلة كأحد الأنهار الأربعة في الجنة التي تجري من حديقة جنات عدن.

احد الاساطير كانت  حول ملك في العراق القديم يُدعى "جلجامش". كان جلجامش ملكمدينة أوروك، وكان يعتبر نصف إله ونصف بشر. كان جلجامش شجاعًا وقويًا، لكنه كان يعاني من الوحدة والبحث عن الخلود.

في رحلته للبحث عن الخلود، قرر جلجامش السفر إلى نهر دجلة للعثور على نبات يمنحه الخلود. قاده النهر إلى أرض الإلهين الخردة والهواء، حيث ينمو هذا النبات السحري.

عندما وصل جلجامش إلى ارض الإلهين، نام تحت شجرة تحمل ثمار هذا النبات. ولكنأثناء نومه، سرقت ثعبانة الشجرة النبات وهربت به. استيقظ جلجامش وأدرك أنه فاتتهالفرصة للحصول على الخلود.

عاد جلجامش إلى مدينته أوروك وأدرك قيمة الحياة البشرية والبحث عن الإرث والأعمال العظيمة. أصبحت رحلته إلى نهر دجلة رمزًا للبحث عن المعنى الحقيقي للحياة والخلود.

هناك ايضا أسطورة الطوفان الهائل الذي يجتاح الأرض ويغمر كل شيء ويغرق المكانكله، وفي هذه الاسطورة كان دجلة والفرات هما النهران اللذان تسببا في الطوفان. يقال إن الإلهين إنكي وإنليل قد حذروا بطل الأسطورة من الطوفان وأمروه ببناء سفينة لإنقاذ نفسه وبعض الحيوانات. وقد دونت هذه الاسطورة على لوح الطوفان وهو اللوح الحادي عشر من ملحمة جلجامش.

اما أسطورة إينانا ودجلة تدور حول إينانا، إلهة الحب والحرب والجمال في الأساطير السومرية. ترتبط إينانا بنهر دجلة بصورة وثيقة، وتقوم برحلة إلى العالم السفلي لزيارة زوجها دموزي وتنقذه من الموت. خلال رحلتها، تعبر إينانا نهر دجلة وتعيش تجارب مختلفة يمكنكم البحث عنها .

اما الاسطورة المرتبطة بقصة خلق نهري دجلة والفرات كجزء من خلق العالم هي الملحمة البابلية الشهيرة بعنوان "إنوماإليش" (Enuma Elish). وهي واحدة من أقدم الملحمات المعروفة في التاريخ. ملحمة "إنوما إليش" تروي قصة خلق العالم وصراع الآلهة القديمة في الأساطير البابلية. تتناول الملحمة صعود الآلهة وظهور المرتزقة الأولى وقيام مدينة بابل وعبادة إله المدينةمردوخ (Marduk). وتتضمن الملحمة أيضًا الإشارة إلى أنه تم خلق الفرات ودجلة كأحدالأنهار الرئيسية في العالم.

تعتبر ملحمة "إنوما إليش" من الأعمال الأدبية الهامة التي كانت تتأثر بها الثقافة البابلية القديمة والمناطق المجاورة، وتعد من الشواهد الهامة على التفكير الديني والفلسفي فيتلك الحقبة التاريخية.

و مازال دجلة يحمل في طياته الكثير من الاسرار التي ربما سيقرأها من هم بعدنا فهل انتهى فعلا عصر الاساطير؟!

***

سارة طالب السهيل

الماهية ومنطويات الدلالة

للطغيان والاستبداد والديكتاتورية؛ طريق واحد، وكي يستمر هذا الطغيان.. بمفاعيله على هذا الطريق، وتتعمق وتتوسع وتتجذر هذه المفاعيل؛ فهو بحاجة إلى أرضية صلبة ومستوية، وصالح للسير في طريقها بأمان واستقرار في الحركة مهما كانت سرعتها، وهو بحاجة أيضا لمصدات تمنع أو تتصدى للانحراف عن هذا الطريق. إن الطغيان والاستبداد، لا ينحصران فقط بدول العالم الثالث، كما يروج له في الإعلام الغربي وغير الغربي من إعلام الدول العظمى والكبرى، بل إن هذه الدول تمارس الطغيان والاستبداد والديكتاتورية أيضا، ولكن بطريقة مختلفة تماما من حيث المكان ونوعية شرائح المجتمع التي تتعرض لهذا الطغيان.. ومن حيث النية في مبتدأ الحركة والغايات النهائية لأهدافها.

من المهم الإشارة هنا إلى أن الطغيان والاستبداد لا يولدان من فراغ حكما، إنما يجب أن تكون هناك أرضية وبيئة ينموان ويتطوران فيها. على الوجه الحصري في هذا الاتجاه؛ دول العالم الثالث وفي مقدمته؛ دول وأنظمة المنطقة العربية، ففي الأنظمة البديلة عن الأنظمة الديكتاتورية التي اختفت تماما في العقد أو في العقدين الأخيرين؛ تم ويتم تأسيس قوات موازية للجيش الرسمي، يختلف عنه من حيث الولاء والتدريب والتجهيز والامتيازات. الغاية أو الهدف منه؛ هو التصدي لأية محاولة؛ لتغيير الوضع القائم، حتى لو عن طريق صناديق الاقتراع، بطريقة أو بأخرى يجري الالتفاف على هذه النتائج. أما الأنظمة التي ليست لها أية علاقة بجوهر الديمقراطية؛ فتتم الاستعانة بالقوات الموازية الموالية لها، بالتصدي لأي محاولة لقلب النظام من الجيش، أو من وحدات معينة من الجيش ولقادتها الذين يطمحون للسلطة؛ كما حدث في ثورات (الربيع العربي)؛ فقد تم الالتفاف على ثورة الثوار، وسرقتها، وتربع النظام الجديد المولود من رحم النظام القديم على عرش النظام المنهار. بالعودة إلى أصل المقال أو إلى عنوان المقال ألا وهو الشركات الخاصة بالخدمات العسكرية؛ فإن الدولتين العظميين أمريكا وروسيا تقومان بتأسيس، أو أنهما فعلا أسستا ومن سنوات ليست قليلة؛ شركات خاصة بالخدمات العسكرية، تعمل في الأعم الأغلب، خارج حدودهما الجغرافية؛ في افريقيا وفي المنطقة العربية وفي غيرهما، إن دعت الحاجة لذلك، مرة لدعم عمليات الغزو والاحتلال، ومرة لدعم أنظمة ديكتاتورية ومستبدة وطاغية في افريقيا، أو في المنطقة العربية أو في غيرهما، ومرات أخرى بما تفرضه ثورات الناس على الطغيان والاستبداد والديكتاتورية؛ بالتراجع ومن ثم الانهيار والسقوط؛ بإنتاج بدائل في الميدان من صلب الثورات ومن خارجها في آن واحد؛ من خلال رفع شعارات الثورات بأذرع وافواه وبنادق تدافع عن ثورات الثوار العرب على طريق نوايا مسبقة مضادة؛ تنتهي بتشويه الثورات، وخلط الأوراق، وتداخل الخنادق، وبالتالي تحويلها إلى إرهاب يستوجب حشد العالم ضده والقضاء عليه، وما أقصده هنا هو ثورات (الربيع العربي). روسيا استعانت بقوات فاغنر التي تم تأسيسها في عام 2014 بأمر من بوتين، شاركت هذه القوات في غزو أوكرانيا وفي دعم النظام السوري وفي دعم أنظمة موالية لروسيا في افريقيا، أو أن روسيا بوتين تريد لها أي للأنظمة في افريقيا أن تكون مستقبلا موالية لها. أمريكا هي الأكثر ومنذ سنوات، أو منذ عدة عقود قامت بتأسيس شركات خاصة بالعمليات القتالية العسكرية، وفي الحقيقة هي لخدمة أهداف أمريكا في جميع أرجاء العالم، خاصة في الوطن العربي. فقد شاركت قوات بلاك ووتر القوات الأمريكية في غزو واحتلال العراق، واستمرت وربما إلى الآن، تحت أغطية مغايرة لأصلها وعنوانها؛ بحماية قوات الاحتلال الأمريكي على أرض العراق. عندما أقول إن الطغيان والاستبداد.. موجود حتى في الدول العظمى والكبرى وبقية الدول المتقدمة؛ أستند في هذا إلى حقائق واقعية وموضوعية، وإن اختفت تحت أغطية حرية الفرد وحرية الكلمة إلى أبعد فضاء من فضاءات الحرية، وأيضا إرادة الشعب في اختيار من يمثله في حكومة وبرلمان منتخب، وفي الوقت ذاته فإن هذه الحقائق الواقعية والموضوعية، هي أيضا من حيث سيرورتها والنتائج التي تولدها هذه السيرورة؛ حقائق كاذبة ومخادعة. من ناحية حرية الفرد في الغرب المتقدم، وفي الدول الأخرى العظمى والكبرى؛ هي حرية كاملة، ولكنها في الوقت عينه؛ حرية منقوصة أو مستلبة بإرادة الفرد ذاته من غير ضغط مباشر، جل المجتمع الغربي والأمريكي وحتى الروسي؛ يعيش على الهامش، ليس بمعنى العيش تحت سطوة الفقر، بل خارج دوائر صناعة المعرفة والإعلام وصناعة الرأي العام؛ بسبب ضعف دخل الفرد، الذي يجعله مرغما؛ على الابتعاد عن موارد صناعة الذات المبصرة والمتحسسة للظلم والقهر. وهنا أتحدث عن الأغلبية المهمشة، التي حتما فيها أقلية تبذل جهدا مضنيا لتنتقل من هذا الوضع إلى وضع آخر؛ وتستنهض قواها لتكون ذاتا فاعلة؛ وجودا ورأيا. هذه الشرائح المجتمعية تشكل القسم الأكبر من المجتمع الغربي والأمريكي وغيرهما في الدول الأخرى المتقدمة، وهي أيضا مستهدفة إعلاميا لجهة صناعة الرأي العام، خلال الانتخابات سواء الرئاسية أو البرلمانية، إذ تجري مخاطبتها بما يلبي حاجاتها المعيشية الآنية؛ وبما يؤدي إلى فوز هذا الحزب أو ذلك، هذه الشخصية أو تلك، بصرف النظر عن برامجها التكتيكية والاستراتيجية، غير المعلن عنها في أغلب الأوقات، والتي هي ضد المصالح بعيدة الأمد للشرائح المجتمعية في المجتمع الغربي والأمريكي وغيرهما. هذا هو ما يفسر لنا؛ كيف أن حزبين في أمريكا يتناوبان على رئاسة الإدارة الأمريكية، بلا منازع أو منافس جدي لهما، وهذا ينطبق تماما على بقية الدول الغربية. مع أن الساحة السياسية في أمريكا وفي الغرب تضج بعشرات الأحزاب والقوى السياسية. هذا المجتمع المهمش كي يكون له وجود؛ يتحول، ربما، مرغما إلى مقاتل مأجور في صفوف الشركات الخاصة للخدمات العسكرية. إن وجود الشركات الخاصة للخدمات العسكرية والقتال؛ هي نتاج مجتمع غير عادل من جانب، أما من الجانب الثاني؛ فهو انحدار لا إنساني في توظيف البشر ليكونوا أدوات للقتل. أما من الجانب الثالث فهذه الشركات هي لتنفيذ خطط الدولة التي تؤجرها، أو تتعاقد معها على القتال لذبح الناس في دول وشعوب خارج جغرافيتها؛ من أجل الهيمنة والاستغلال والنهب؛ ودعم وتنصيب التابعين لها في جهات العالم كافة. إن السياسة الاستعمارية، وإن اختفت ظاهريا تحت براقع كاذبة ومخادعة؛ من قبيل نشر الديمقراطية والمحافظة على حياة الناس وحقهم في العيش بكرامة وأمن وأمان؛ دمرت الدول والشعوب في المنطقة العربية، وفي غيرها من دول العالم الثالث؛ ودفعت بالملايين إلى الهجرة وترك أوطانهم بحثا عن الحياة الحرة والكريمة والآمنة، ليموت قسم ليس قليلا منهم في أعماق البحر، أو تتم إعادة القسم الآخر قسرا في بعض الحالات إلى أوطانهم التي هربوا من النيران المشتعلة فيها، أو احتجازهم مؤقتا في ما يشبه الأقفاص البائسة، حتى يتم بسط السلام في أوطانهم، وفي أوضاع أخرى عند الحاجة لهم كقوى عمل؛ يتم قبولهم للعيش في الغرب المتقدم، كما حدث في ألمانيا قبل سنوات، لكن هناك جانبا آخر، وهو الجانب الأكثر خطورة والأكثر لاإنسانية؛ يتم تجنيدهم كمقاتلين في الشركات الخاصة بالخدمات العسكرية؛ لخوض حروب، هي أصلا ليست حروبهم، بل هي التي شردتهم وحرمتهم من الحياة الحرة والكريمة، وحرفت ثوراتهم عن خط مسارها وأهدافها. هذه الشركات التي ربما في وقت ما أو تحت ظرف ما، كما جرى قبل عقود، وكما يجري في الوقت الحاضر؛ تقاتل تنفيذا لأهداف (دول الإمبريالية الكونية المتوحشة..) التي تعاقدت معها، ليقاتل أفرادها في الدول التي هربوا منها طلبا للعيش الكريم والأمن؛ دعما لأنظمة الاستبداد التي مزقت وطنهم وأفقرته، وزجت بهم في التيه والضياع، أو تعمل هذه الشركات لإزاحة هذا النظام أو ذلك النظام والإتيان بنظام آخر بديل لا يختلف عن المزاح قيد شعرة؛ الاختلاف الوحيد؛ هو أن النظام الذي يراد له أن يكون خارج السلطة؛ مواليا لتلك الدولة على عكس النظام البديل الذي يكون حكما مواليا لهذه الدولة، صاحبة الشركة الخاصة بالعمليات العسكرية.

***

مزهر جبر الساعدي

قد يبدو العنوان غربياً للقارئ العزيز، فمن هو هذا المثقف الذي تبلغ قيمته "200" دولار في العام، أي ما يعادل أكثر قليلاً من نصف دولار في اليوم الواحد؟.. كتبت هذا المقال، وأنا أخشى أن يتصور البعض بأنني أحاول أن أسيء لمكانة المثقف العراقي أو أنني أمارس نوعا من انواع البطر..

ولكن ياسادة ماذا أفعل وأنا أقرأ أخبار البشرى التي زفتها العديد من الوكالات الإعلامية ومعها مواقع التواصل الاجتماعي وجميعها تعلن أن منحة المثقفين ستوزع أخيراً. سيقول البعض أليس جميلاً أن تهتم الدولة بالمثقف وتخصص له مبلغاً من المال يعينه على مصاعب الحياة؟، وأنه تفتح خزائنه له، بعد أن تصور الجميع أن الدولة غير معنية بالمثقفين، وأنها مشغولة البال بتوفير أكبر عدد من كراسي المستشارين. لكن الحمد لله ها هي الدولة "بجلالة قدرها" تخصص مبلغ "317" ألف دينار عراقي عدا ونقدا لكل مثقف، ولا يأخذكم الخيال بعيداً وتتوقعون أن هذا المبلغ يومي أو أسبوعي أو حتى شهري. إنه ياسادة مخصص لعام كامل، عام به "365" يوماً ولو ضربنا وقسمنا المبلغ لكان نصيب المثقف كل يوم أقل من ألف دينار، فالبيان الذي نشره تحت عنوان "هام.. إطلاق منحة المثقفين" يقول بالحرف الواحد إن المنحة ستوزّع، بمبلغ (317000) للشخص الواحد. بعد هذا البيان سنقرأ الأناشيد الوطنية للنقابات والاتحادات التي تشكر "فخامة" الدولة لأنها ترعى الفنانين والأدباء والصحفيين وعموم مثقفي العراق الذين بلغ عددهم والحمد لله أكثر من نفوس سلطنة بروناي، فالسجلات الرسمية للنقابات والاتحاد تخبرنا بأننا الدولة التي يعيش على ترابها أكبر عدد من الصحفيين والأدباء والفنانين .

لعل أسوأ ما ابتليت به حياتنا هو ذلك النمط من المثقفين الذين يتحدثون في الفضائيات عن قيم الحرية والمساواة ويناضلون، فضائياً، ضد الانتهازية، لكنهم يتسللون خفية و"يتسلقون" لاستلام عطايا الدولة، يصدعون رؤوسنا بأحاديث عن استقلالية المثقف، ثم لا يتورعون عن التقاط صورة مع سياسي "لفلف الأخضر واليابس".

حاول المرحوم جان بول سارتر في كتابه "دفاعاً عن المثقفين"، أن يعطي تعريفاً للمثقف فكتب : " المثقف هو الشخص الذي يمتلك القدرة على الجهر بالحقيقة".

على مدى عام كامل ظلت المنظمات الثقافية تُمني النفس بأن تبادر االدولة إلى توزيع منحة المثقفين،، في الوقت الذي نهب فيه "ساسة الصدفة" مئات المليارات.، فيما يسعى الذين يَحسبون أنفسهم على خانة الثقافة إلى مغازلة المسؤول من أجل الحصول على عطاياه.

وانا اكتب هذه السطور لا انسى بالتاكيد ان هناك الكثير من المثقفين العراقيين الحقيقيين الذين يمثلون نموذجا للمثقف صاحب الرأي الحر والشجاع، والذي يرفض الوقوف في طابور المُنح .

***

علي حسين

الثورات التي تفتقد الى القيادة الحكيمة تكون عرضة لانتهاك الانتهازيين الذين يسعون الى تحقيق مصالحهم، وتنفيذ اجندات خارجية، وقد اتضح ذلك جليا بتدخل الناتو بذريعة المحافظة على حقوق المدنيين، ترى اين هم اليوم من الارواح البريئة التي تسقط تباعا؟ ام ان هؤلاء ليسوا بشرا؟، والنتيجة لازلنا الى اليوم تحت الفصل السابع أي اننا قصر وناقصي اهلية،كلما اقتربنا من الوصول الى حلول وان لم تكن مكتملة، تدخل هؤلاء لعرقلتها وتسفيهها، وان الذين تولوا مقاليد الحكم في ليبيا الذين كانوا يقيمون في الخارج بدعوى معارضة النظام ،رجعوا (محملين بكل نفيس معتبرين ذلك حصتهم من الثروة وثمنا لاغترابهم الطوعي على مدى عقود)الى الدول التي آوتهم وناصرتهم بعد ان حققت بواسطتهم هدفها غير المعلن وهو ان يعيش الليبيون في دوامة العنف وخلف الفتن بين مكوناته. 

في 2014 دمرت الميليشيات اساطيل النقل الجوي المدني بمطار طرابلس ،لم تقم الدولة (الحكومات المتعاقبة) بالتعويض عن الخسائر والنتيجة، أن مستخدمي تلك الشركات بدون رواتب وصلت العشرون شهرا، بينما يتباهى الدبيبة ويدعوا الى دعم القطاع الخاص للنقل الجوي، وفي العام 2023 الميليشيات المتحورة دمرت بدورها مراكز التعليم العالي / قسم النووية بكلية الهندسة، جامعة طرابلس، ولا عجب، فغالبية متصدري المشهد لا يملكون شهائد جامعية وان وجدت فهي مزورة، ولا يقيمون للتعليم العالي وزنا، فكل همهم الكسب السريع(البزنس).

 الذين يملكون السلاح والمال والوجاهة لأجل الحفاظ على مواقعهم، يتقاتلون بين الاحياء السكنية ليكون القتلى من المدنيين وتدمر مساكنهم على رؤوسهم ،فالحكومة لن تقوم بالتعويض كعادتها، وأبناء هذه الاحياء وللأسف هم الذين يغذون نيران الحروب بأرواحهم مقابل اموال مسروقة من الخزينة العامة للشعب.

التشكيلات المسلحة تتقاتل من اجل النفوذ على مدى عقد من الزمن، عديد المناطق طاله التدمير والتهجير والقتل واخرها الاقتتال بين قوات الردع واللواء444، منتسبو اللواء 444 رجع إليهم (كبيرهم)المختطف، فاطلقوا الرصاص ابتهاجا ؛أليس من حق أسر الضحايا من المدنيين إقامة الأفراح لان أبناءهم يعدون من الشهداء .المدنيون الذين يحتفلون بعودة آمر444 ومن هم على شاكلته، هم أولئك المستفيدون من تشغيل ابنائهم برواتب تفوق مرتب أعلى درجة علمية، ربما التجا الابناء الى الانخراط في التشكيلات المسلحة لأنها الباب الوحيد المفتوح للارتزاق، فالحكومات المتعاقبة لم تسعى الى ايجاد فرص لعمل لهؤلاء وكأني بها (الحكومات) تؤزهم للانخراط في التشكيلات المسلحة، لانهم يرون فيها (الميليشيات) بقاءهم في السلطة ما استطاعوا الى ذلك سبيلا.

إلى متى يظل من يطلقون على أنفسهم مشايخ وأعيان يغطون على جرائم أبناءهم المتهورين، الساعين إلى الكسب المادي مقابل إراقة دماء الاخرين؟، يامن تدعون المشيخة والوجاهة. كفاكم التغطية على ما يتم طبخه. فالطبخة احترقت.

لم نجد العذر لحكومة الاستقلال بتأجير الارض الليبية لدول اجنبية لاستخدمها كقواعد عسكرية، لأجل الحصول على بعض الاموال الزهيدة، لإعاشة الشعب الليبي حيث لم يظهر النفط بعد، اما اليوم فإننا نعد من يقوم بتأجير الارض الليبية للأجانب (قاعدة الخمس البحرية للأتراك-كمثال) لاستخدامها كقواعد عسكرية لتسع وتسعون عاما، ايا تكن الذرائع، خائنا بمرتبة عديم الشرف والكرامة.

*** 

ميلاد عمر المزوغي

اعلنت وكالات الأنباء ان السلطات العراقية أرجأت موعد انتخابات مجالس المحافظات من 6 تشرين الثاني/ نوفمبر إلى 18 كانون الأول/ ديسمبر المقبل بعد 10 سنوات على إجرائها آخر مرة، وفق بيان رسمي صادر عن مجلس الوزراء، جاء فيه أن "مجلس الوزراء يحدد يوم 18 من شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل موعداً لإجراء انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023، التزاماً بالمنهاج الوزاري الذي تبنته الحكومة، وأقره مجلس النواب في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي". يفترض ان يشارك فيها 23 مليون ناخبا في 15 محافظة مسجلين لدى المفوضية، دون ان تبرر أسباب التأجيل.

ونذكّر انها أول انتخابات مجالس محافظات محلية تجري في العراق منذ نيسان/أبريل 2013 التي تصدرت خلالها القوائم التابعة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي النتائج، وكان مقررا إجراؤها في العام 2018، تزامنا مع الانتخابات البرلمانية حينها، لكنها أرجئت أكثر من مرة بفعل احتجاجات شعبية غير مسبوقة ختمتها انتفاضة تشرين /اكتوبر 2019، التي تعاملت معها نفس هذه القوى كما لو ان المتظاهرين غزاة وقتلت منهم المئات معظمهم شباب طالبوا بـاستعادة (وطن) منهوب.

الأطار التنسيقي

تفيد آخر الأخبار عن وجود تصدعات او انشقاقات داخل الأطار التنسيقي، ابرزها انفراد ائتلاف دولة القانون الذي يترأسه المالكي، مستندا على الأرقام التي حصل عليها بالانتخابات السابقة وهي 34 مقعدا في البرلمان، وتوقعه ان جمهوره سيزداد بعد انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية وعدم مشاركته في هذه الأنتخابات بحال ينطبق عليه المثل القائل (خلا لك الجو.....). وثانيها تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، وائتلاف النصر برئاسة الدكتور حيدر العبادي سيشاركان في قائمة واحدة. وبعدم مشاركة التيار الصدري وتيار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ..سيكون ملايين الشيعة محددين باختيار (ممثليهم) من قائمتين: دولة القانون، والحكيم والعبادي، غير ان السيد المالكي يخطط من الآن نحو التحرك وإجراء حوارات لتشكيل التحالفات لانتخاب المحافظين، وتشكيل الحكومات المحلية بعد إجراء الانتخابات وإعلان النتائج، ومعرفة عدد المقاعد التي حصلت عليها الكتل والأحزاب السياسية.

نشير هنا الى ان رئيس الوزراء الأسبق السيد حيدر العبادي صرح في لقاء تلفزيوني بث مساء (15 آب 2023) قائلا (كنت قد حذرت اطرافا في الأطار التنسيقي من انهيار النظام).. ويقصد دولة القانون.وأضاف بما يؤكد اتهامنا لمفوضية الأنتخابات بضعف الرقابة على المال السياسي وأنها (لم تساءل مرشح يصرف بشكل غير معقول: من أين لك هذا؟).

ويبدو ان الحال سيكون افضل فيما يخص جماهير السنة، اذ يمكنهم انتخاب (ممثليهم) من قائمة تحالف تقدم بزعامة محمد الحلبوسي، وتحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر، والمشروع العربي برئاسة جمال الضاري، وتحالف الأنبار، وتحالفات اخرى جديدة.. مع انها تبدو متصدعة ايضا خاصة بين حزب تقدم -الذي يترأسه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي- والقوى الأخرى المناوئة له.ومعروف ان الكورد لا يشاركون في هذه الأنتخابات.

قوى المعارضة والتغيير

تعترف هذه القوى ومعها ملايين العراقيين بأن مجالس المحافظات أرضا خصبة للفساد، واعترضوا على عودتها لأنها بوصف النائب علاء الركابي رئيس كتلة امتداد المنبثقة، إن "الشعب العراقي بشكل عام ينظر الى تجربة مجالس المحافظات على أنها تجربة فاشلة وكانت أحد أبواب الفساد ولم تنتج شيئاً".. ومع ذلك لم تتخذ هذه القوى موقفا ضاغطا بوجه القوى التقليدية، لأسباب متعددة اهمها انها لا تمتلك برامج تضع تأمين الخدمات اولوية فيها، ولا تمتلك رؤية سياسية واحدة، وبينها شباب يفتقرون الى النضج السياسي.

يضاف الى ذلك عامل اهم هو اعلان التيار الصدري عدم مشاركته في انتخابات مجالس المحافظات (لحكمة ما يعرفهاش غير...) مع علمه، ان مشاركته ستقلل حجم الكثير من القوى التي تعتقد أنها تتسيد الساحة، وسيحد من حجم الفساد الذي يدعو الى القضاء عليه، ومع علمه ايضا ان انتخابات مجالس المحافظات ستكون بوابة رئيسية للانتخابات النيابية التي تنتظرها الأوساط السياسية والشعبية.

ولأن القوى التي اعلنت المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات، وتحديدا تلك التي نجحت في اعادتها، تمتلك المال السياسي ولن تستطيع مفوضية الأنتخابات منع غير المسموح به، وتمتلك السلاح ولن تستطيع الحكومة السيطرة عليه. ولأن توالي الخيبات اشاعت ثقافة التيئيس بين ملايين العراقيين وملايين اخرى مخدوعين ومضحوك عليهم، فان الجو خلا للفاسدين ان يحكموا ويسرقوا لعشرين سنة اخرى ما دام حيتان الفساد ..هم الدولة!

***

أ.د. قاسم حسين صالح

حين نسمع بالإعلان أول ما يتبادر للأذهان هو الترويج لسلعة ما!، لكن الإعلان هو ليس فقط لترويج عن السلع انما يشمل الاعلان أيضاً أفكار أو خدمات أو سلع، ووفقا لتعريف الاعلان عند (اوكستفليد) والذي نص على إن الاعلان هو عبارة عن عملية اتصال ويكون هدفها التأثير على المشتري من قبل البائع و على أساس غير شخصي ويتم من خلال وسائل الاتصال العامة (هذا ما سأتحدث عنه في هذه المقالة). اذن الغاية الاساسية من الاعلان هي التأثير على المستهلك من أجل أن تتم عملية البيع، وبغض النظر عن ما هية السلعة فأن المهم لدى المعلن هو أن يتم بيع منتجاته، ويعتمد في ذلك على عرض السعلة وما تحتويه من مميزات تجذب المستهلك (المشتري ) حتى يقوم بعملية الشراء . كان الاعلان في أول ظهور له أبسط مما نتخيل فكان مجرد كلام مكتوب على بردية منذ 3000 ق.م اعلن فيها عن عبد هارب. ولكن تطور الاعلان بشكل كبير عند ظهور الطباعة وذلك في القرن الخامس عشر، ولعل ظهور الصحف والمجلات جعل الاعلان يظهر بشكل أوسع واتجه اغلب التجار والمنتجين للإعلان عن سلعهم في تلك الوسائل، وكان لظهور التلفاز أثر كبير جداً في تطور الاعلان وعلى الرغم من ارتفاع الكلف أحياناً لكن فائدة المعلن تكون أكبر من نفقات الاعلان!.. فمن خلال التسويق للسلع والبضائع سيتعرف المستهلك على تفاصيل المنتج ومزاياه وسيختار ما هو بحاجته أو ما هو نافع له، فتزداد المبيعات وتزدهر التجارة وهنا تظهر أهمية الاعلان في التسويق. أما عن تطور الاعلان في الوقت الحاضر فيبدو أن الأمر اصبح اكثر تأثيراً خاصة أن الاعلان صار يتم بصورة سهلة وسريعة وبمتناول الايدي وذلك عن طريق وسائل الاتصال الحديثة فمن خلالها يستطيع المعلن نشر ما يريد أن يروج عنه ببساطة تامة اما بشكل مرئي أو مكتوب عن طريق ( الفيس بوك، الانستكرام، يوتيوب...الخ) . اما عن افكار الاعلانات فقد اختلفت تماما عنه اليوم فقد كانت بسيطة الى ابعد حد، في حين اليوم اصبحت بعض الاعلانات مصدر مهم جداً لجذب الانتباه، فقد يتم الاستعانة بخبراء من اجل فكرة الاعلان فقط ومن ثم يتم توظيف عدد كبير من الافراد من اجل انجاح الاعلان، ومن الامثلة على الاعلانات التي يجدر الاشارة لها هي ظهور المنتج في مسلسل تلفزيوني مثلاً وبشكل متكرر فينبه الجمهور لهذا المنتج وكذلك عمل افلام قصيرة تركز على مميزات البضائع أو السلع فتحفز الرغبة لدى المستهلك على شراءها، وبقيّ أن نذكر ما يعرف بالغش الاعلاني فقد نجد أن بعض المعلنين يستعمل الغش لترويج سلعته وذلك من خلال وضع مميزات غير موجودة في بضاعته أو انه يستعمل سعلة في الاعلان غير تلك الموجودة في الاسواق وبذلك سيخسر فيما بعد لأنه سيفقد ثقة المستهلك ببضاعته ومن الصعب جدا استعادة هذه الثقة، ولعل تنوع السوق وكثرة البضائع يجعل المستهلك في حيرة من أمره في اختيار ما هو اكثر فائدة له لذلك فأن الاعلان هو الذي سيبين للمستهلكين مميزات المنتج ويتم على اساسه اختيار ما هو اصلح واكثر فائدة لهم.

***

سراب سعدي

منذ تداعيات فيروس كورونا والحرب الدائرة شرق أوروبا وتداعيات علي الاقتصاد العالمي ونتائج علي دول هشة اقتصادياً.

من الواضح أن مصر تمر بأزمة اقتصادية خانقة، سببها انخفاض إيرادات العملة الصعبة. وارتفاع غير مسبوق في الأسعار ونتجت منها أزمة في استيراد منتجات الأعلاف مما أدى إلى ارتفاع في أسعار الدواجن واللحوم، ثم لعدم وجود عملة صعبة لشراء الغاز والمازوت وارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير نتيجة تعرض مصر للقبة الحرارية ومنخفض الهند.. مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن معظم مناطق الجمهورية لساعات، ثم أخيراً أزمة في" السجاير" لانخفاض الإنتاج لعدم وجود دولار لشراء التبغ وفلاتر السجاير. ويعاني حوالي 11 ألف مصنع من الإغلاق الكلى أو الجزئي نتيجة لعدم وجود خامات وآلات لهم. والبقية تأتي إذا استمرت تلك الحكومة في مواقعها... في تصريح خاص لمرشح سابق للرئاسة عام 2012 وأستاذ بجامعة القاهرة الدكتور مدحت خفاجي يقول:- ذهبت إلى سوق السيدة عائشة لشراء فأس لحديقة منزلي في الساحل الشمالي. واشتريت الفأس المصري ب150 جنيها مصريا ورفضت شراء الصيني بمبلغ 250 جنيها. وأدعى البائع أن الفأس الصيني مكون من قطعة واحدة والمصري من قطعتين ملتحمين. وخلاصة القصة. أن مصر تعاني من تدنى المستوى التكنولوجي لعدم تنميته على مدى عشرات الأعوام. وقد عانت الهند والصين من ذلك في بداية نهضتهما بعد استقلالهما،

ولكن ما هو الحل...؟!. مشكلة مصر هو انخفاض الإنتاج الصناعي الذي هو أساس التنمية الاقتصادية وتدنى المستوى التكنولوجي اللازم للصناعة. وإذا قمنا بزيادة الإنتاج ستحل المشكلة الاقتصادية لآن المنتجات يمكن تصديرها للخارج أو إحلال جزء كبير من الواردات بحيث ينخفض عجز الميزان التجاري أو تحويله إلى الإيجابي. والنظرية التي تعتنقها المجموعة الاقتصادية المصرية أن الإصلاح المالي سيؤدى إلى إصلاح اقتصادي عفا عليها الزمن منذ أكثر من 30 عاماً

 بعد فشلها. والأصل هو زيادة الإنتاج. ولذلك يجب إعطاء الأولوية في العملة الصعبة لشراء خامات وآلات المصانع المتوقفة وذلك بعد توفير احتياجات غذاء الإنسان من قمح وخلافه وغذاء الدواجن من ذرة وفول صويا. وبذلك تدور عجلة الإنتاج الصناعي

ثانيا:- يجب فرض جمارك أو رسوم 100 % على البضائع المستوردة وبالذات الصينية. حيث من الممكن تتناقص تدريجياً

 إلى الصفر % بعد حوالي 5 أعوام حتى تنافس في الأسواق الخارجية للتصدير. وهكذا فعلت اليابان وكوريا الجنوبية في بداية نهضتهما. ولعلاج الفجوة التكنولوجية يجب التوضيح للمستثمرين الأجانب أنه يجب أن يكون في مصر صناعة كاملة من الألف للياء وليس صناعة تجميعية لن تخدم سياسة الإنتاج من أجل التصدير لأنها لن تنافس أبداً في الأسواق العالمية. وذلك كما فعلت الهند عندما أصرت على أن شركة "إتيكون" الإنجليزية لصناعة الخيوط الجراحية وغيرها من الشركات تقوم بإنشاء مصانع كاملة فيها في الثمانينيات من القرن الماضي من الألف للياء في الإنتاج ومعتمدة في ذلك على السوق الكبير فيها من المستهلكين لبيع معظم الإنتاج. ومصر بها تلك الميزة النسبية لوجود أكثر من 100 مليون مستهلك. وبالإضافة للسابق يجب على الحكومة إنشاء آلاف المصانع سنوياً

على نفقتها وذلك لعزوف المستثمرين عن الاستثمار في مصر وذلك لوجود مخاطرة كبيرة لإنشاء تلك المصانع في وجود موظفين بيروقراطيين دون رقابة حقيقية على تصرفاتهم. وبعد أن تنتج تلك المصانع تباع للمستثمرين وسيقبلون عليها لانعدام المخاطرة التي أخذتها الحكومة المصرية على عاتقها. ويجب بيع الملكية الفكرية التي اكتسبتها تلك المصانع لمستثمرين آخرين حتى نضمن منافسة بينهم لتجويد الإنتاج ونضمن لهم تذليل أي عقبة بيروقراطية تقابلهم. وبالإضافة إلى زيادة الرسوم أو الجمارك 100 % على البضاعة المستوردة المماثلة المنتجة محلياً

 تتناقص تدريجياً لتصبح صفر بعد 5 أعوام حتى تنافس عالمياً ويزيد التصدير. وهذا ما فعلته اليابان بعد الحرب العالمية الثانية عندما عزف المستثمرون عنها لتحطم بنيتها الأساسية وأيضاً فعلت ذلك كوريا الجنوبية بعد عام 1965 بقيادة زعيمها بارك.. ومازال السؤال المطروح  احنا رايحين علي  فين ...؟!

***

محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث مصري

كان الشاعر الزهاوي معروفاً بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة في كيس صغير ليسهل عليه توزيع (آناتها) ثمناً لما يشربه الذين يلتفون حوله في المقهى مصفقين له بحرارة كلما ألقى بيتاً من الشعر. وينقل لنا المؤرخ الراحل خيري العمري أن أحد الساسة العراقيين كان شديد الإعجاب بنفسه محباً للشهرة التي تدفعه أحياناً إلى استئجار أناس يكيلون المديح له في المكان الذي يتواجد فيه نكاية بمعارضيه.

عن التصفيق والمصفقين قرأت كتاباً لمؤلف مصري غاية في التشويق والمتعة عنوانه "لماذا يصفقون" والكتاب في الحقيقة يتجاوز مسألة التصفيق عند إخواننا المصريين ليتناول تاريخ التصفيق عند جميع الشعوب وكيف تحول المصفقون إلى أصحاب مهنة تدر عليهم أموالاً.

تذكر كتب التاريخ أن الإمبراطور نيرون أسس مدرسة خاصة لتعليم فنون التصفيق وفي زمنه أصبحت مهنة المصفقين المأجورين رائجة، وأنه كان يأمر ما يقرب من خمسة آلاف فارس وجندي من أفراد الجيش بحضور الحفلات الموسيقية التي كان يغني فيها وهو يعزف على القيثارة؛ ليصفقوا له بعد أن ينتهي من الغناء والعزف.

وامتاز اليونانيون بكونهم أول من وضع قواعد لمهنة التصفيق،‏ فكان الشخص يحصل على مقابل مادي نظير التصفيق المتحمس لخطيب معين وكان بعض المؤلفين الذين يعرضون مسرحياتهم يؤجرون مجموعات من الجماهير تقوم بالتصفيق الحار لهم أمام لجان التحكيم.

يرى الفيلسوف ويليام جيمس أن التصفيق رمز مختصر للرضا فيما يؤكد عالم النفس فرويد أن التصفيق يكتسب أبعاداً كثيرة‏،‏ ليس من بينها الرضا على الإطلاق فالإنسان يلجأ إلى التصفيق تعبيراً عن الضيق والغضب،‏ فنحن غالباً ما نمارس التصفيق دون وعي مسبق،‏ ودون أن تكون لدينا معرفة فاحصة ودقيقة بوظائفه وأنواعه والآثار التي يمكن أن تترتب عليه.

يخبرنا مؤلف كتاب التصفيق بأن هناك أنواعاً عدة من التصفيق "يمكن التمييز بين نوعين منها التصفيق الأول تصفيق حر، يقوم به الشخص من دون ضغوط خارجية، وبمحض إرادته الكاملة، والثاني تصفيق إجباري، يقوم به الشخص مضطراً بسبب وجود ضغوط أو قيود تجبره على التصفيق. فالتصفيق مرآة تنعكس عليها علاقات السلطة بالناس".

ذات يوم، كان العالم آينشتاين يلقي محاضرة في إحدى الجامعات وبرفقته صديقه شارلي شابلن وما أن انتهى من المحاضرة حتى ضجت القاعة بالتصفيق. سأل آينشتاين "لماذا يصفقون إلى هذه الدرجة؟!"، رد شابلن "يصفقون لأنهم لم يفهموا شيئاً مما قلته".

يرتفع صوت السياسي ويرتفع معه التصفيق على الفور، لكنّ المصفقين لا يعلمون لماذا يصفقون أو لمن، المهم أنهم يصفقون عندما تصلهم الأوامر، غير مبالين إن كانوا يصفقون في الوقت الملائم أم في الوقت الضائع!

***

علي حسين

لأننا حديثو العهد بالديمقراطية، فسنحتاج إلى مدة طويلة من الزمن لنستوعب الفرق بين مصطلح "مستشار" وكلمة "مقرّب"، فحتى هذه اللحظة الناس تعتقد أن لا فرق بين المقرب والمستشار مادام الإثنان قريبين من صاحب السلطة، وأزعم أن مصطلح المقرب هو النموذج السائد الآن وهو التعبير الحقيقي عن الحالة الديمقراطية التي وصلنا إليها،

والتي نبهنا إليها النائب محمد الزيادي عندما أخبرنا بأن الأمم المتحدة اجتمعت وناقشت وقررت وأصدرت بياناً اعتبرت فيه الديمقراطية العراقية أفضل ديمقراطية في العالم. تتذكرون هذا النائب الديمقراطي؛ محمد الزيادي، الذي ما أن أعلن عن فوزه بمقعد في البرلمان حتى قرر أن يحضر الجلسة الأولى للبرلمان وهو يرتدي ملابس قديمة وبسيطة ، معلناً أنه يتضامن مع الفقراء، وأنه لن يرتدي الغالي والنفيس، فِعل جميل لو أن السيد النائب لم يكن يوماً عضواً في مجلس محافظة المثنى لسنوات ممثلاً لائتلاف دولة القانون الذي في زمنه حصلت المثنى على المرتبة الأولى في عدد الفقراء.

المتابع للشأن العراقي يكتشف أن جيشاً جراراً من "المقربين" يحملون صفة مستشارين، يتحكم في شؤون الحكومة، بل أن هناك معلومات مؤكدة بأن هؤلاء المقربين هم سبب الفشل الذي يحاصرنا من كل اتجاه.

كان العراقيون يأملون أن يسمعوا كثيراً عن وظيفة المستشار والذي وضعت له الحكومات المتقدمة ثلاثة شروط لتولي المنصب: أولها الخبرة في مجال الاستشارة، الصفة الثانية بالمستشار هي الأمانة في إعطاء المعلومة ونقلها، والثالثة عدم تولي منصب تنفيذي في جهة الاستشارة نفسها، المختصون في مجال السياسة يؤكدون أن المستشار يساعد صانع القرار من زاويتين: أولاً توسيع دائرة البدائل المتاحة أمامه، وثانياً طرح سلبيات البدائل المتاحة حتى يكون صانع القرار على علم بما هو مقدم عليه. ماذا لو أن صانع القرار لا يرى استفادة حقيقية مما يتلقاه من المستشار من استشارات؟ وماذا لو وجد المستشار أن صانع القرار لا يستجيب لنصائحه؟ من المفروض حتماً أن يكون، هناك طلاق سياسي بين صانع القرار والمستشار لأن مهمة المستشار هي مراعاة الصالح العام. في العالم أجمع نجد أن صناع القرار يعتمدون على مستشارين يملكون رؤية متكاملة، يساعدون فيها المسؤول التنفيذي في رسم وتحديد برنامج عمل الدولة، إلا في العراق، فالمستشار مجرد صديق مهمته الأساسية الموافقة على كل ما يتفوه به المسؤول، ففي عرف مستشارينا لا يجوز إزعاج صاحب القرار فهو أعلم بأمور البلاد والعباد، ولهذا يتحول المستشار إلى مجرد تابع يظهر أمام وسائل الإعلام لكي يقول إن كل شيء تمام وتحت السيطرة، وإن الخروج على القوانين إنما هو تجربة جديدة في الحكم ولكنها في الحقيقة رسالة تقول إننا نمثل على أنفسنا وعلى العالم، ونضحك حتى نموت على أنفسنا من الضحك.

***

علي حسين

اعمال الخطف لم تتوقف، بداية كانت من قبل العصابات الاجرامية بحق ميسوري الحال من المواطنين، طلبا للمال، ثم تطورت الامور فأصبحت التشكيلات المسلحة هي من تقوم بأعمال الخطف لأجل الارتزاق، ثم الابتزاز، والخطف على الهوية لإثارة الفتنة بين مكونات الشعب، وكانت الذروة عندما اختطف رئيس الحكومة الاسبق زيدان من مقر اقامته في احد الفنادق الفاخرة وقد بدا في ملابس النوم، سرعان ما قام تشكيل موال له بتحريره والمساعدة على تهريبه خارج الوطن، فتمت اقالته،وهو الذي يسعى اليوم الى تشكيل حراك سياسي يضم ابناء الجنوب الليبي.

منذ شهر تقريبا تم اختطاف وزير المالية في حكومة السراج واتهم محافظ البنك المركزي بتدبير ذلك لان الوزير السابق اعلن ترشحه لمنصب المحافظ،وتم الافراج عنه وتسوية الامور بعد التدخل القبلي والتهديد بإيقاف ضخ النفط وتصديره من بعض الحقول.

بالأمس القريب تم ايقاف امر اللواء 444 من قبل فوات الردع التي تتخذ من مطار امعيتيقه مقرا لها وتسيطر على المنفذ الجوي بشكل كامل، استنفار كامل في صفوف الجانبين ادى الى اغلاق الطرقات وتدميرا لبعض المباني وسقوط قتلى وجرحى من المدنيين وبعض منتسبي القوتين وقام كل طرف باسر بعض منتسبي الطرف الاخر.

كلما اعتقدنا اننا اقتربنا من الحل للمشكل المركب الذي طال امده وذلك من خلال توافق مجلسي نواب والدولة عبر لجنة (6+6)يقوم المعرقلين لهذا المسار ومنهم رئيس الحكومة بخلط الاوراق لئلا تحدث انتخابات الذي ستشرف عليه حكومة موحدة تبسط سيطرتها على كامل ترابط الوطن، فالسيد الدبيبة لا يريد التنازل عن الحكم الا لجسم منتخب شعبيا وهو في الاساس اتى الى الحكم عبر لجنة ال75 التي شكلتها الامم المتحدة، ويعترف الجميع بان المال السياسي قد لعب دوره، ونعتقد بان خسارة المشري لرئاسة مجلس الدولة يصب في نفس الاتجاه لأنه تواصل مع رئيس مجلس النواب وحاول الوصول الى توافق يفضي الى اجراء انتخابات برلمانية ورئاسية لا يهم ان كانت متزامنة ام لا فقط للخروج من المأزق الحالي.

السؤال: هل يتدخل العقلاء كعادتهم كل مرة لحل النزاع بين الطرفين الذين يتبعان الدولة ويتقاضى منسبيهما رواتبهم وبعض المزايا من خزينة الدولة؟، آم ان كل طرف سيسعى الى الدخول في تكتلات مع بقية المجاميع المسلحة وما اكثرها؟، وتشتد الازمة على المواطن ويكون الصراع قوي وقد تنجر بعض الدول للدخول في المعركة،ا لم تكفي المعارك العبثية التي شنها قادة الميليشيات وادت بصفة خاصة الى خسارة قطاع الطيران العام لمعظم مقدراته واسطوله من طائرات حديثة؟، فأصبح منتسبيه بدون مرتبات لأشهر عدة، بينما سمح بتكوين شركات طيران خاصة تلعب الاموال المنهوبة الدور الاكبر في ذلك ما نعتبره غسيل اموال.

وبعد، في ظل الاوضاع الراهنة فلن تكون هناك انتخابات موفي هذا العام او في المستقبل المنظور كما يتمنى المواطن، ويدعي امراء الحرب والقوى الدولية والاقليمية،وما يحدث من اجتماعات مجرد تمرير  للوقت ليس الا والدعوة لإجراء الانتخابات ليس له أي معنى.

***

ميلاد عمر المزوغي

تصمل: تصلب

الحياة نهر يجري بسرعة يحددها إيقاع دوران الأرض حول نفسها والشمس، والقرون تتبادل المواقع، وكل قرن مولود من رحم سابقه وما إستجد فيه وتفاعل وتطور.

وفي الربع الأول من كل قرن تتصارع قوى ما مضى مع قوى وقدرات ما سيأتي، وما يريد التعبير عنه القرن الجديد، وهذه الحالة التصارعية ظاهرة اليوم بوضوح ساطع، والبشرية تعاني من تداعياتها.

فما يحصل في الدنيا أن عقليات القرن السابق لا تزال متوهمة بأنها صالحة للقرن الجديد، فمعظم برلمانات الدول الديمقراطية فيها أشخاص من إنتاج القرن العشرين، ويحملون رؤاه وتصوراته، ويتوهمون بأنهم على طريق قويم، مما تسبب بأزمات ربما ستأخذ البشرية إلى صراعات فادحة الأضرار، كما يحصل في الربع الأول من كل قرن.

فالمحنة الحقيقية والمغفولة أن أصحاب السلطة والقرار في معظم دول العالم وكأنها متصلمة، فهي ميتة في حقيقتها لكن مظهرها يوحي بأنها لا تزال على صلة بالحياة، رغم توقف حركتها وفقدان مرونتها وقابليتها على التواصل الحيوي مع محيطها، وتزحف نحو التواري بالتراب.

ويبدو أن عامل الزمن هو القادر على إخراج البشرية من محنتها المصيرية، فالزمن تيار جارف، يأبى التراكم في مستنقعات تتعفن فيها الموجودات وتتصارع من أجل البقاء.

وما دام نهر الحياة لا يتوقف عن الجريان، فالصبر هو السلاح اللازم لمواجهة معضلة التفاعلات الشرسة بين المحاربين القدامى في البرلمانات وكراسي السلطات، وبين الصاعدين إلى قمرة القيادة الجديدة لسفينة الحياة الأرضية التي تداهمها الأمواج.

فهل وجدتم من أعاد الحياة لبدن متصمل؟!!

أيها الجاثمون على صدر القرن الحادي والعشرين،  دعوا الأزهار تتفتح ويفوح عطرها!!!

***

د. صادق السامرائي

الثقافة والحضارة هي نتيجة تدافع وتسير في الأرض منذ الحضارات الأولى، بعد ان حاول الإنسان كشف محاكاة ما ييسر حياته، ويفضي إليها بعد يسر، فكشف ما ستر عورته، وطوره إلى ما يزيده جمالا في اللباس والتمدن مرتبطة ببعضها عضويا وتتضمن مجموعة متكاملة تتكون من اللغة التي ترتبط بالهوية الإنسانية، ولا تهذب الثقافة بعيدا عن الحضارة.والثقافات تتعدد وتدافع وتهذب، ولا يمكن تحقيق ذلك بمعزل عن الحضارة.والذي لا يمكن إنكاره إن هناك علاقة وطيدة بين الثقافة واللغة، فلا ثقافة بلا لغة، ولا لغة بلا ثقافة ثم الدين والمعتقدات والقيم والأخلاق والفن والأدب والرياضة وغير ذلك مما يتعلمه الإنسان من مجتمعه ومحيطه من المكملات.

 الكورد الفيليين حالهم كحال كل المكونات بمختلف قومياتهم وطوائفهم وأديانهم، فهم موزعون على جهات وقوى وأحزاب مختلفة وليس لهم موقف سياسي معين يجمعهم فمنهم الاسلاميون والقوميون واليساريون..الخ، موزعون على أحزاب مختلفة وبالعشرات، وهذه من الأمور الطبيعية ولا يختلفون عن غيرهم،ولكن من البديهات أن يحافظوا على تراثهم ولغتهم وثقافتهم حتى لا تضيع هويتهم الاصيلة،

ان تطوير ثقافة الكورد الفيليين ولهجتهم المستقلة في ظروف تتسم بالتعقيد والتخندق والأنانية الفئوية وانعدام الثقة والتوازن الاجتماعي لا تتعارض مع انتمائهم القومي، والتي مع الاسف من القلة التي يستفاد منه ابنائهم بسبب التأثيرات السياسية ولا تجد احدا منهم يتكلم بلغته الأصلية الا ما ندر في المناطق التي يتكاثرون ويتجمعون فيها أو في القرى النائية، ولهم تراثا موحدا له خصوصيته،.. وباستطاعة العراقيين أن يميّزوا جملة من التقاليد والخصال التي يعيش عليها هذا المكون المسالم الذي يقف العمل في مقدمة قيمه اضافة الى المصداقية في التعامل اليومي،، ثم النظام والدقة.. وقبل هذا وذاك الإبداع من جانب والإخلاص سواء للوطن أو لروح الجماعة من جانب اخر.. فضلا عن التحمّل والصبر.

لقد سعى النظام البعثي طمس هويتهم من خلال ' تصفية الفيليين في أوسع عمليات تهجير قذرة شملت نصف مليون مواطن منهم في العام 1980 وكبسها في شاحنات مكشوفة تقودهم مجموعة من الاوباش والساقطين اخلاقياً لكي يُسمعوهم أرذل الكلمات والتعابير الخالية من الأخلاق والانطلاق بهم نحو الحدود مع إيران لإلقائهم وسط حقول الألغام.

لاشك فيه ان الدافع المذهبي أحد الأسباب الكامنة وراء حملة التهجير والظلم الذي لحق الفيليين تاريخياً في العراق و لأسباب ودوافع سياسية بسبب معارضتهم للنظام السابق وانتشار الفكر اليساري وسط أبنائهم، وانتماء الكثير منهم للحركات الكوردستانية وثوراتها أو تعاطفهم معها على الأقل، كما أنَّ أوساط رجال الأعمال والتجار الفيليين كانت احد مصادر التمويل المالي لتلك الحركات لهذه الحركات النضالية ... اثر هذه الجريمة البشعة ' اي التسفير' تم احتجاز الشباب من أبناء المهجرين في السجون الرهيبة في عمق الصحراء' سجن نقرة السلمان ' في بادية السماوة والذين طالتهم يد الغدر وتمت تصفيتهم جسدياً بعد قضائهم سنين طويلة في ذلك السجن الرهيب والسجون الاخرى للنظام. فيما تم مصادرة كل أموال وممتلكات وعقارات اهاليهم ومصادرة المستمسكات الرسمية التي تثبت عراقيته' المرقنة حتى هذا اليوم في دوائر الجنسية '  ولم يسمح لهم بأخذ أكثر من الملابس التي يرتدونها، أما من تبقى منهم فقد جرى ترحيلهم البعض منهم من مدنهم عبر التهجير القسري إلى وسط وجنوب العراق وإلى مدن الرمادي والسماوة والكوت والحلة وتخفى البعض منهم بألقاب وعناوين من اجل الابتعاد عن أعين السلطة، فيما محقت أسماء مدنهم وقراهم وقصباتها وتم ترقين أسماؤهم من سجلات النفوس لعام 1957'

ان اللغة الفيلية هي العمود الفقري للثقافة و العامل المتين لحفظ الهوية الاصيلة للتفاعل والتأقلم مع المجتمع ولهم انسجام واضح المعالم في المجتمع العراقي ومن اهم الامور التي تساهم مساهمة اساسية وفعالة في تطوير ثقافة ابنائهم بشكل خاص والثقافة العراقية بشكل عام الذي هم جزء مهم منه هو المحافظة على لغتهم الأم التي تضاف بشكل جلي لتوطيد أو صورهم مع الآخرين، والتنوع الثقافي في العراق نعمة يجب أن تحظى باهتمام جميع القوميات من أجل خلق مناخ صحي يتنفس فيه الجميع انسام الحرية الخلاقة، فلا تقدم ولا ازدهار دون شعار الحرية الذي يغمر شعوب العراق وأطيافه جميعا.

في واقع الحال تواجه اللهجة الكوردية الفيلية في العراق مخاطر حقيقية قد تؤدي الى انقراضها إذا لم يتم الاهتمام بها، والسعي الى تنشيط آدابها ومساعدة الكورد الفيليين على التكلم بها، خاصة اولئك الذين تعرضوا للتهجير والترحيل القسري من مناطقهم صغارا، حيث عاشوا في بيئة مغايرة لبيئتهم الكوردية وصاروا بمواجهة جديدة على مختلف المستويات، مما أدى الى تركهم التكلم بلهجتهم بحكم سياسة الأمر الواقع، فاللغة السائدة الرسمية هي العربية فضلا عن كونها لغة التخاطب الوحيدة في الشارع والمحلات والدوائر والمؤسسات الحكومية وسط العراق وجنوبه، وهي من العوامل التي تضعف الحس القومي، لذا نرى ضرورة الاهتمام باللهجة الكوردية الفيلية ودعم سبل انتشارها ما بين صفوف الكورد الفيليين وانشاء محطات اعلامية مسموعة ومقروءة ومرئية من أجل تنشيط آدابها واعادة الذاكرة الشعبية الى مجراها الطبيعي، ومساعدة الجيل الذي حرم من لغته وثقافتها التي حاول النظام البعثي طمس هويتهم الاصيلة في اسقاط الجنسية عنهم جراء دورهم الوطني وتهجير المئات من العوائل من النساء والأطفال والشيوخ ورميهم على قارعة الحدود، وتلك وصمة عار في التاريخ المعاصر للبلاد في زمن حزب البعث وتحتاج اعتذارا تاريخيا ومواصلة حقوقية واعتبارية كيترسخ اللحمة الوطنية، لازال الكورد الفيليون هم علامات مضيئة في ركب الحضارة الإنسانية، وشموع تنير دياجير الجهل أينما حلّوا وارتحلوا.

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي فيلي

أغلبنا يتذكر كيف كان وضع بلدنا في الربع الأخير من القرن المنصرم، وما شكل الأحاديث اليومية التي نتداولها بيننا، فآنذاك كان من المخاطرة الولوج بحديث يتناول ما يجري في البلد من أحداث سياسية، وما فتئ أهلونا -من باب الحرص على سلامتنا- يمنعوننا من ذلك بشكل او بآخر.

ولأنني كنت مجبرا مع باقي العراقيين على الإبحار (وراء العيشة فقط) لم يتسنَّ لي الخوض في لج بحر السياسة لا من قريب ولا من بعيد، إلا بعد الانفتاح والانفراج وماصاحبهما من مقبّلات اندلقت على صدور العراقيين دفعة واحدة عام 2003. ولكن، وأظنه لسوء حظ العراقيين وليس حظي فقط أن (الانفراج) كان (أكثر من180درجة) وما زاد عن حده ينقلب ضده، فغرقنا جميعا في لج بحر جديد، هو بحر أمواجه ساسة غير الذين أخافنا منهم أهلونا، وقادة غير الذين خبرناهم واعتدنا أساليبهم وطبائعهم وألاعيبهم.

فالساسة الجدد لايأبهون بنقد بناء او هدام، كما أنهم يتقبلون السباب والشتائم و (رحمات الوالدين) برحابة صدر منقطعة النظير، وقد كنا نظن بادئ الأمر أن هذه هي الديمقراطية بعينها، إلا أن الأمر ليس كما ظننا أبدا، فهؤلاء الساسة يعومون في بحور غريبة عن مفاهيمنا، وسواحلها بعيدة كل البعد عن المواطن الذي نأوا بأنفسهم عنه أيما نأي، وماعادوا يسمعون نداءاته واستغاثاته، بل هم يعدونها "لغوا وكذّابا"..! فأبعدونا عن السياسة أكثر مما كان يبعدنا عنها آباؤنا المساكين.

وهم قطعا -السياسيون- ليسوا سذجا او على نياتهم، ليتركونا بحال قد نتنبه يوما وننتفض على واقعنا الذي أوصلونا اليه، بل راحوا يتحايلون علينا بمعسول الكلام، ويغدقون علينا شفيف المصطلحات والآمال البراقة، والتي كانت في زمن الطاغية تدخل من أذن وتخرج من أخرى، أما في زمنهم فهي لاتدخل أي أذن منهما على الإطلاق، ذلك أنها مسميات عديمة النغم واللون والرائحة والطعم والجدوى. سأسرد بعضا منها بتعريف مبسط لها:

- (عنق الزجاجة): هو مكان وهمي يأبى السياسيون الذين اعتدنا السير خلفهم إلا ان يضعونا فيه، حيث يمنّون علينا بأنهم أخرجونا من قعر الزجاجة متفضلين.

- (حلحلة الأزمة): هي عملية تخدير، يكون حينا موضعيا وأغلب الأحيان عاما، يكثر قادتنا إجراءها على أكثر من مريض، يصل عددهم في العراق الى أكثر من أربعين مليون مواطن في نفس الآن والآنية.

- (شد الأحزمة): وهو مرحلة متقدمة من الحلحلة آنفة الذكر، يبلغ فيها السيل الزبى، ولكن ليس للمواطن حول ولا قوة فقد ابتلعهما الساسة وأرخوا أحزمتهم عن آخرها.

- (نهاية النفق): وهو ما يحصرنا الساسة بداخله بعدما (يوكع الفاس بالراس) إذ لامفر من المصير المحتوم.

- (الغد المشرق): وهو حلم غير قابل للتحقيق البتة، فهو لاينتمي الى احلام المنام، ولا الى أحلام اليقين. يستخدمه الساسة حين يفلسون من أمسهم ومن يومهم.

- (نزع الفتيل): وهو أكثر مصطلح يستعيره السياسيون (والعياذ بالله) ويصلح لعدة مواضع، ففي الازمات يستخدمون عبارة (نزع فتيل الأزمة). وعند اشتداد القنا وانزلاقهم بمعركة يستخدمون عبارة (نزع فتيل الحرب).

وهناك فتنة يسمونها الفتنة الطائفية، عادة مايثيرونها متعمدين ثم يتولون أمر إخمادها، فيقولون؛ (نزع فتيل الفتنة). وليتهم يقفون عند هذا الحد، فالخوف كل الخوف من تماديهم بنزع (فتايل) أخرى لايتحملها العراقيون، بعد أن ضاقت بهم مداخل الفرح و (مخارج) السرور..!

***

علي علي

محمد بن عبدالله، قائد لا يُضاهى وصاحب رسالة خالدة وقدرات إستشرافية خارقة، فلا يوجد في التأريح إنجاز كإنجازه، الذي أتمه في غضون عشرة سنوات، فما أن هاجر إلى المدينة، حتى حولها إلى عاصمة  لدولة مترامية الأطراف، فيها مَن يتبعه ويدين بدينه بلا حرب، أو إجتياحات جائرة كما يحصل أثناء بناء الدول والإمبراطوريات.

والذين يريدون القول بأن كذا كان يجب أن يكون هكذا، ينتقصون من قيمته ودوره ورسالته.

فهو الأدرى والأعلم بدولته ورجاله ومسيرة رسالته ومبتغاها، والذي يؤكد أنه كان على صواب في ترك الأمور شورى بين أصحابه، أن دولة دينه تواصلت من بعده وأسست أكبر الإمبراطوريات وأطولها عمرا.

ولمصداقية صوابيته إستمر الدين وإنضم الناس إليه أفواجا أفواجا، ويمثل أكثر من ربع سكان الأرض.

فهل كان محمد مخطئا؟

وهل كان أصحابه مخطئون، أم أنهم حملوا رسالته بصدق وأمانة ووعي فائق؟

ما حصل من بعده كان لتوطيد دعائم الدين، وتأكيد إرادة الحق المبين، وأفلح الخلفاء كل حسب إجتهاده وإدراكه لجوهر رسالة النبي الذي رافقه منذ إنطلاق دعوته.

أكثرهم رجال دولة ودين، وبعضهم رجال دين وحسب، لا يصلحون للقيادة والإدارة، وكان الرسول يعرفهم جيدا، ولهذا ولى على أمصار دولته من يجد فيهم الكفاءة القيادية، وما ولى من بني هاشم إلا القليل، ومن يبحث في ذلك سيراه بوضوح.

فهل يجوز أن يأتي مَن يسعى للتضليل على أن محمد كان غير مصيب  في أمور القيادة والخلافة، وما جرى من بعده ضد إرادته، فكيف يفسرون إنتشار الإسلام وبقائه، إذا كانت إنطلاقته مبنية على خطأ؟

لابد للعقل أن يكون واضحا في تناول الأمور بعيدا عن التكرار، والإنفعال الساعي لترسيخ إرادة التضليل والإمتهان.

لم يخطئ نبينا ولا أصحابه، ونحن الجهلة المستعبدون بضلال وبهتان عظيم!!.

***

د. صادق السامرائي

يسعى طلبة السادس الاعدادي مساعي كبيرة من أجل الوصول إلى مبتغاهم منذ أن بدأت احلامهم تشق طريقها نحو النضوج للوصول إلى مستقبلهم البهي الذي سيحدد مصيرهم في حياة مليئة بالأمل، وكذلك طموح ذويهم التي تعقد الآمال والتطلعات عليهم ويبذلون الغالي والنفيس من أجل ابناءهم للوصول إلى الأهداف النبيلة. تبدأ المسيرة الدراسية لدى طلبة السادس الاعدادي منذ عطلة الصيف قبل بدء العام الدراسي بين مُدرسين خصوصيين ومعاهد تقوية ومتابعة قنوات على منصة اليوتيوب.. وغيرها. بالتدريج إلى حين بداية العام الدراسي حتى الانتهاء من فترة المراجعة انتهاءً بالامتحانات الوزارية بين خوف وقلق وتوتر تنتهي الامتحانات وهنا تبدأ مرحلة الانتظار للمصير المجهول الذي ينتظره الطلبة وعلى الرغم من أن اغلبهم على علم بامكانياتهم في الامتحانات حتى أن البعض منهم ومن خلال ثقتهم بأنفسهم وبمستواهم العلمي يقوم بحساب درجاته اثناء الامتحان الوزاري وهو متيقن بها !، بالتأكيد منهم من يصيب ومنهم من تقل أو ترتفع درجته حسب التصحيح وحسب الإجابة. وبعد شرحنا لما سبق لابد لنا من توجيه كلمة للطلبة وذويهم على حد سواء وهذا أمر مهم جداً  للروح المعنوية للجميع. الحياة لا تتوقف على درجة دراسية معينة ولا على كلية ما، الحياة العملية لا تقتصر على الحياة الاكاديمية (الدراسية) فبعض الأهالي من يغالي ويعطي ويولي أهمية للدراسة والكلية التي سيقبل بها أبنائهم بحيث يضغطون على أبنائهم نفسياً ومن حيث لا يشعرون، وبذلك سيشعر الأبناء بالفشل وخيبة الأمل إن لم يحققوا مراد أهاليهم وطموحهم !، وبالتالي سيُولد لنا جيل قد انقسم إلى قسمين جيل نجح وفاز ورأى نفسه أنه وصل الى مبتغى حياته، وجيل قد فشل وأحبط واسودت الدنيا في عينيه وهنا تكمن خطورة هذه التربية فمنهم من تتولد لديه عقد وينطوي على نفسه ومنهم من يذهب الى ابعد من ذلك فنسمع أن البعض انتحر أو حاول الانتحار أو هرب  من البيت نتيجة شعوره بالفشل!، وهنا نوجه رسالة الى الآباء والامهات أن يعيدوا حساباتهم فأبناءهم ليسوا سلعة ولا  شيئاً مادي يتفاخر به الآباء وأنما هم أرواح و أمانة قد امنها الله عندهم، فالدراسة هي ليست غاية الحياة وإنما العلم هو جوهر الحياة. فكل الكليات ذات تخصصات منوعة تؤدي هدف واحد الا وهو خدمة البشرية وليس للمنفعة المادية...

***

سراب سعدي

في ظل هذة الأوضاع الاقتصادية. وصرخات المعذبين في الأرض من فقر مدقع والفجوة الكبيرة بين الأغنياء والفقراء. والفوضي وسياسة الرشح والتطبيل الإعلامي. حتى اصبحوا يطبلون للفشل ويدعون انه نجاح.. ويطبلون للهزائم ويدعون انتصارات.. ويطبلون للخسائر ويدعون انها ارباح.. حتى اصبح التطبيل هو اساس سياسي.. فابتعد المصلحون والناصحون والعقلاء.. عن المشهد.

هذه السياسة يمارسها اليوم شعبنا ويطبقها بحذافيرها..  

وهذه السياسة هي اساس الفساد والتخلف في معظم مفاصل الدولة..!

يقول "أفلاطون "في جمهوريته: الفقر المدقع والثروة المفرطة شر عظيم، والعدل أساس الملك، والفضيلة قوام الدولة، وأن أساس الفضيلة هو التربية والتعليم الذي انتقل الي أخطر قضية بعد فتح جامعات خاصة وأهلية للأبناء الأغنياء.ليحقق منظومة جديدة من صراع طبقي.. وغياب   مصلحة الجماعة فوق مصلحة الفرد، وأن الصالحين لا يحتاجون إلى قوانين ليتصرفوا بمسؤولية، وأن السيئين سيجدون طريقة للالتفاف حول القوانين.

لا تثق في بيئة سياسية يمارس فيها السياسيون سياسة الإقصاء..  فهؤلاء لايؤمنون بوطن ولا بشعب.

ويقول أفلاطون ايضا..

التفوق ليس هبة، ولكنّه مهارة تحتاج إلى التدريب. نحن لا نتصرّف بشكل صحيح لأننا متفوّقون، في الواقع نحن نصل إلى التفوّق من خلال التصرّف على نحو صحيح.

كثيرون من يشعرون بالإحباط لفشلهم، ويلقون باللوم على القدر وعلى حظهم. وغالبًا ما تسمع عبارات مثل "

لقد نجح في ذلك لأنه عبقري..!

لقد حقّق تلك المرتبة لأن ذو مال وجاه..!!

يا له من محظوظ..!

لكن الحقيقة ليست كذلك، كلّ منّا يمتلك مقوّمات النجاح والتفوّق، ولكننا جميعًا بحاجة لاستغلال هذه المقوّمات وتدريب أنفسنا جيّدًا. جميعنا نملك 24 ساعة في اليوم، وكلّنا نمتلك عقولاً بذات التركيب.. لكن الاختلاف يكمن في كيفية استخدام كلّ منا لوقته وعقله..!

  إن الفلسفة تستحق أن تدرس ليس من أجل أن نجد فيها أجوبة دقيقة على الأسئلة التي تطرحها، بل بالأحرى بسبب قيمة الأسئلة ذاتها. إن الأسئلة الفلسفية تعمل على توسيع تصورنا للممكن، وتثري خيالنا العقلي، وتقلل ثقتنا الدوغمائية التي تغلق الفكر وتسد عليه منافذ كل تأمل. لكن، وقبل كل شيء، يكتسي فكرنا العظمة والجلال، بفضل عظمة وجلال العالم الذي تتأمله. فيجب أن تكون الفلسفة مادة تدرس في جميع التخصصات بديلا عن جيل يتخرج تشبع بالمادية البحتة وبدون تفكير..!!

***

محمد سعد عبد اللطيف

كاتب وباحث مصري في الجغرافيا السياسية

هي معركة (عين جالوت) التي قضت على الهجمات الهولاكية، وأنقذت البشرية من صولات الإبادات الجماعية المؤيَّدة بأوهام وهذيانات إعتقادية مروِّعة.

وهي من الإنجازات البطولية الحقيقية المغيّرة لمسيرة التأريخ، والمستعيدة لهيبة وعزة الأمة، والمنطلقة بها إلى مواطن جوهرها، والمؤكدة لإرادتها الأبية المؤيدة بنصر عظيم ومقيم.

وهي دليل على أن الأمة لا تتحطم، وإن إنكسرت وتمكن منها الغدر والتعاون مع أعدائها والطامعين بوجودها.

فالأمة تبقى طودا شامخا، معبرا عن مسيرة الإنسان بما فيه، وما يمر به ويبدر منه، وهي المطواعة المتحملة المقتدرة الكانزة لطاقة القوة والإقتدار، وعلى أجيالها أن تفعّلها، وتنطلق من جذور منبتها الأصيل.

ولابد من الإشارة إلى أن فردا مؤمنا بجوهر أمته وإرادة صيرورتها الأبدية العلية، يستطيع إستنهاضها وتأمين مقامها الحضاري الرفيع.

ولنا أن نتعلم من سلوك (قطز)، الذي بعث الحياة في أمةٍ حسبت أنها ماتت ولن تقوم لها قائمة!!

"قطز" الذي حكم مصر لأقل من سنة واحدة (1259 - 1260)، الملقب بالملك المظفر سيف الدين، إسمه قطز محمود بن ممدود بن خوارزمشاه.

ولد في (2\11\1221)  ببلاد ما وراء النهرين، وأغتيل بالصالحية في مصر في (24\10\1260) من قبل الظاهر بيبرس، بعد خمسين يوما من نصره الذي غيّرَ مسار التأريخ.

وهو إرادة أمة تتجمع في فرد مؤمن مغوار أنقذها من رقدة العدم، وقد تجسدت هذه الإرادة الملحمية الإيمانية المطلقة في شخصه، وبموجبها إنتصر على التتار في معركة "عين جالوت" (3\9\1260) أي بعد أقل من سنتين من سقوط بغداد.

إذ خرج بجيش لا يمكن مقارنته بجيوش التتار، لكنه مسلح بإيمان مطلق بالله، وبأن الله سينصر عبده، ولا ينقض عهده، فكان له نصرا مبينا، وفتحا أمينا، وهزيمة نكراء لهولاكو وجنده، لم يتحمل هوانها فمات بقهره وذله بعدها!!

تلك المعركة الأسطورية التي لم يفها التأريخ حقها، إنها نور وأنوار، وإرادة أمة تجلت بصيحات أللهم أنصر عبدك وجندك على المارقين.

إنها معركة إنتصار حق على باطل، ومؤمن على غادر، وتعبير عن صوت الله الإيماني الهادر.

إنها حالة تتكرر في الأمة، وأظنها إقتربت من ظهور قطزها الذي سيعيد لها جوهر ما فيها من الإقتدار.

هذه الحالة الفريدة المتميزة الوهاجة الخارقة، لا نجد شاعرا واحدا يتغنى بها، أو يصف لنا سجالاتها، ويحدثنا عن قائدها الذي زعزع أركان المتوحشين المدمرين لمعالم الحضارات.

إنه لغز محير، من الصعب حله، مثلما لا تجد في شعر البحتري ما يشير إلى ملوية سامراء والجامع الكبير!!

فهل أن الشعر كان تجارة، وبموت القائد فقد سوقه وما عاد مربحا؟!!

وهل وجدتم شعرا عن الحالتين؟!!

***

د. صادق السامرائي

السيد النائب "...." لك في قلوب العراقيين الكثير من المحبة والإعجاب، كيف لا يحبونك ولا يقدرونك، وانت دائم السؤال عنهم، تتقصى أخبارهم، تتابع معاناتهم ، لم يتوقف سؤالك عن أحوال المواطنين الذين يعيشون ظروفاً سيئة في أحياء تفتقد أبسط الخدمات، كيف لا يحبونك وقد شمرت عن ساعديك قبل سنوات لإقرار قانون العفو عن مزوري الشهادات من السادة المسؤولين، فيما لا تزال تماطل في إقرار قوانين تساهم في رفع مستوى معيشة الناس، كيف لا نحبك ونحن نشعر بصدق أفعالك، وانت تصمت عن سرقات الحيتان الكبار، كيف لا نحبك وانت تعرض خدماتك بكل اريحية إلى دول الجوار، كيف لا نحبك وقد استطعت وبفترة قياسية، خلق طبقة جديدة من الانتهازيين سيطرت على موارد الدولة ومدت يدها في كل مكان.. طبقة سيطرت على كل الموارد فيما ملايين العراقيين يعانون كل ألوان الفقر وسوء الخدمات .. طبقة أوجدت ثقافة بائسة وفساداً في التعليم والصحة. كيف لا نحبك وقد سرقت من الناس فرحتهم بالتغيير وفاملهم بفتح أبواب الاستقرار والبناء والتقدم، ولكن ثمار التغيير تسللت إلى عدد من الأشخاص من الأقرباء والأحباء وأصحاب الحظوة. واستطعت بشطارتك ان تُجلس على أنفاس الشعب مجموعة تحول العراق بين أيديهم إلى إقطاعية خاصة يديرونها لحسابهم الخاص.

السيد النائب (......) من واجبي أن أصارحك بأنك نجحت وبامتياز في تدمير الحياة السياسية وفى إفسادها وتسميمها.، حتى مئة سنة مقبلة، لست وحدك بالطبع، فهناك آخرون إلى جانبك ساهموا في إفسادها، لكنك تقوم بالدور الأكبر، إن الفرق بينك وبين أي مسؤول آخر ساهم في الخراب هو أنك تبدو مقتنعاً بما تفعله، وترى فيه خدمة للوطن وصلاحاً للأمة ، بينما الناس ترى فيه فساداً وانتهازية ولصوصية. السيد النائب (..........)، لو أن هناك قانوناً يعاقب على عملية الفساد المالي السياسي، لكنت أول المسجلين في القائمة، وكنت أول من يطبق عليه هذا القانون. إنني أدعوك إلى أن تتخذ قراراً شجاعاً، ليس بالاعتراف بدورك في تخريب حياتنا، فهذا كثير ولا تقدر عليه، ولا أطالبك بدفع ثمنه، لكنني أدعوك إلى التوقف عن هذا المسلسل الطويل من الفرص الضائعة التي يعيش فيها العراقيين منذ ما يقارب الثمانية عشر عاماً، وكانت فرصة واحدة منها كافية لصياغة وطن معافى ومجتمع جديد، الناس ملت نجارب الفشل .

السيد النائب "...." الناس تريد ساسة ومسؤولين يتسارعون معهم نحو التنمية لاقتصادية والرفاخية الاجتماعية.الناس تريد برلماناً يفهمهم ويستوعبهم ويتفاعل معهم، برلماناً يعيش أوجاعهم ، المواطن يحتاج إلى نواب يرون ويسمعون ويقرأون الأحداث جيداً.

***

علي حسين

كان الألمان أو الجرمان من أقوى وأهم الشعوب في أوروبا منذ العصور الوُسطى، وتعاظم دورهم السياسي والحضاري مع عصر النهضة، ووصلَ ذلك الدور الى ذروته مع توحيد الإمارات الألمانية في نهاية القرن التاسع العشر من طرف الرجل السياسي العبقري بسمارك (1815ــ 1898).

ولم يستطع الألمان النأي بأنفسهم عن الحروب الدامية والتحالفات بين الإمارات والدول الأوروبية فشاركوا فيها متحالفين أحياناً، ومناوئين أحياناً أخرى للدول التي كانت تُحرك الحروب والأحداث في أوروبا من طليان، فرنسيين، انجليز، إسبان وروس ...

ودخلت ألمانيا الحرب العالمية الأولى بقوّة حليفة للأتراك والنمساويين لكنها انهزمت وتحولت الى جمهورية اتحادية لكن الشعور بالهزيمة لازم الألمان وسيطر عليهم فساهم ذلك في ظهور زعيم ورجل سياسي قوي اسمه أودلف هتلر أستطاع أن ينهض بألمانيا من جديد بل وأقوى، وكانت رغبته في الانتقام ومحو عار الهزيمة سبباً في اندلاع الحرب العالمية الثانية !

لكن رغم الانتصارات الخاطفة التي كان يحققها هتلر وحلفاءه الطليان واليابانيين، وتساقط العواصم الأوروبية أمام جنوده فإنه انهزم في النهاية وتم تدمير ألمانيا نهائياً وكليةً، ليتمَ تقسيمها بين القوتين الكبيرتان اللتان كانتا من خارج أوروبا المنهكة، شرقية يُسيطر عليها السوفيات، وغربية تابعة للأمريكان، ويفصل بينهما جدار برلين الذي أنشئ بعد نهاية الحرب بحوالي العشرين سنة، وبالتحديد سنة 1961 ...

وظل هذا الجدار يُؤرق الألمان كشعب قوي وأمة ناهضة حتى أُسقطَ سنة 1989 ...

واتحدت الألمانيتين في ألمانيا واحدة موحدّة قوية، وتلك القوة تتنامى يومٌ بعد يومٌ، إذ صارت القلب الاقتصادي النابض لأوروبا، وتكادُ أوروبا بدونها لا تُساوي شيئاً، ورغم ذلك لا تزال قوتها العسكرية والسياسية تحت المراقبة من طرف الولايات المتحدة والأوروبيين.

***

عبد القادر رالة

عرفت الباحث والتراثي والصحفي القدير جليل العطية كاتباً مهماً من خلال المؤلفات التي سجل فيها تاريخ أعلام النهضة العراقية،كما عرفته عن قرب مشغولاً بقضايا العراق ومسكوناً بالفكر المتنور ومهووساً بالكتب،لكن تلك الحصيلة من المعرفة والعمل الثقافي الذي استمر لعقود لم يشفع له بالحصول على مساندة جهة ثقافية رسمية تُسهل له نقل مكتبته النادرة من باريس إلى إحدى الجامعات العراقية أو إلى المكتبة المركزية، لكي ينتفع منها الطلبة.

العطية المشغول بأحوال مكتبته التي تضم تُحف معرفية توجه إلى الجهات الرسمية ليقدم لها المكتبة مجاناً، إلا أن معظم الجهات أدارت له ظهرها بحجة واحدة لخصتها عبارة تقول؛ "لا توجد مخصصات" تسمح بنقل المكتبة. وإذا عرفت عزيزي القارئ أن مخصصات أصغر مسؤول عراقي يذهب للنزهة التي يطلق عليها في بلاد الرافدين "إيفاد رسمي" تكون أضعاف المبلغ الذي يحتاجه جليل العطية لنقل مكتبته، ولا أريد أن أحسد مخصصات النواب والسادة الوزراء.

منذ سنوات أطرح على نفسي سؤالاً، أجوبته بالتأكيد معروفة؛ ما سبب إهمال الحكومات العراقية المتعاقبة لدور الثقافة، حتى أصبحت وزارة الثقافة خارج مطامح الكتل السياسية؟، هل لأنها وزارة لا يسيل لها لعاب المال السياسي؟. أو أنها وزارة بلا "خبزة" حسب التعبير المتداول عن بورصة الوزارات، حتى قرأنا أن إحدى الوزارات السيادية، وصل سعرها في سوق المضاربات أرقاماً فلكية.

ماذا يعني أن تقول مؤسسات رسمية إنها لا تحتاج إلى مكتبة أديب عراقي؟، الجواب على هذا السؤال يكمن في الجواب على سؤال آخر: مَن مِن الكتل السياسية لديها مشروع ثقافي؟ بالتأكيد المشاريع الآن كلها تتعلق بالمنفعة وبتقاسم السلطة وبتوزيع الكراسي.. ولو أجرينا استبياناً عن علاقة مؤسساتنا الرسمية بالثقافة والمثقفين لوجدنا أن نسبة كبيرة من المواطنين يرون أن نظامنا السياسي لا يشهد تحولاً ثقافياً حقيقيا أو لا يعير أهمية لموضوعة الثقافة لأنه يعتبرها نوعاً من أنواع الترف.. وقبل سنوات كان "العلامة" محمود المشهداني يرى في الثقافة نوعاً من أنواع الإلحاد الذي يجب أن نجتثه.

أنا أعتذر، لأنّ البعض يسألني دوماً، أليس لديك سوى الحديث عن الثقافة؟ ولا ذنب لي أيها السادة، فلست أنا من سرق أحلام مواطني هذا البلد بالتغيير الحقيقي، فأنا مجرّد كاتب يسطّر المأساة ويبحث عن نافذة للأمل، وكانت واحدة من هذه النوافذ ما قام به جليل العطية بتبرعه بمكتبته، رغم عدم تحقيق رغبته، وكان قبله قد تقدم الخطاط العالمي عبد الغني العاني مطالباً الجهات الثقافية بالحفاظ على مكتبته التي تضم كنوزاً فنية وثقافية، وكان الجواب أيضاً "لا نرى.. لا نسمع".

كنت قد كتبت عن متحف نجيب محفوظ في القاهرة، حيث بإمكان الزائر أن يشاهد الكتب التي كان يقرأها عميد الرواية العربية، في الوقت الذي تحول فيه بيت عميد الرواية العراقية غائب طعمة فرمان إلى مكب للنفايات.

***

علي حسين

في البدء اذكركم أن كنتم ناسين ايها الكويتين تاريخنا، نحن شعب أصيل صاحب الحضارات الأولى، ملحمة كلكامش وحمورابي من علم البشرية القوانين الوضعية، واشور بنيبال صاحب اول (براءة اختراع) في تأسيس اول مكتبة في مدينة الموصل،  ونبوخذنصر وجنائن بابل المعلقة إحدى عجائب الدنيا السبع، وسومر وأكد واشور وبابل، هل نسيتم أن العراقيين القدماء من علموا الإنسانية القراءة والكتابة والحرف، وبصرتنا وعلم النحو أضافة للكوفة يشهدون بتطوير علم اللغة العربية. نحن شعب المتنبي والحبوبي والرصافي والزهاوي والجواهري وبدر السياب وسعدي يوسف وعبد الوهاب البياتي، وعبد الرزاق عبد الواحد ولميعة عباس عمارة ونازك الملائكة وجواد سليم صاحب نصب الحرية في بغداد ونوري الراوي وفائق حسن وفنانين اخرين ومنا العلماء من أمثال علي جواد الطاهر وعلي الوردي وومهدي المخزومي ومهدي البصير ومصطفى جواد ومنا المهندسة العالمية زها حديد ابنت الوزير في حكومة عبد الكريم قاسم محمد حديد، والتي شكلت نقلة نوعية في مجال الهندسة المعمارية ومنا الفنانين المطربين من أمثال، يوسف عمر ومحمد القبانجي ووناظم الغزالي وعزيز علي وسعدي الحلي وغيرهم، ونحن شعب الانتفاضات والوثبات كما في ثورة العشرين ووثبة كانون أسقطت معاهدة بورت سموث الجائرة وو ثبات أعوام 52 و54 و56 وثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 المجيدة. هذه المقدمة للتذكير فقط أن نسيتم تاريخ العراق القديم والحديث.

واليوم انتم تريدون الزحف على ارض العراق ومياه، قد تجدون ضعاف النفوس من داخل العراق ومنهم من يتبوء مركز مهم في هذه السلطة او تلك ولقد لعبت الدولة الاستعمارية بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى والانتصار على الدولة الاستعمارية العثمانية المتخلفة، أقدم البريطانيين على أقامة إمارات ومشايخ في الخليج العربي، تخطيط منهم لنهب ثرواتهم هذه البلدان وخاصة معرفتهم المسبقة بوجود النفط ومركز وجودهم على الخليج الموقع الاستراتيجي الحيوي للنقل البحري لبضائعهم وجاءوا بعائلة الصباح لتكون قائمة مقام في قضاء الكويت وتبعوها إلى البصرة.

عندما اعتمد مجلس الأمن في قراره رقم 687 لعام 1991 في ماجاء بقراره في توصيفه للحدود بين العراق  الكويت، على رسالة للمندوب السامي البريطاني في 21 تموز عام 1932 على اساس ان نوري السعيد أعطى تو صيف للحدود ومزورة تحمل اسم نوري السعيد بدون توقيع فقط الاسم، لم يعثر على الوثيقة في سجلات وزارة الخارجية لاحقا، وتأكيد على هذا فقد ذكر صبحي عبد الحميد وزير خارجية العراق خلال عامي 1963_ 1964 أن أصرار الكويتين أيام وزارته على الدخول في مفاوضات لترسيم الحدود يدل على أنه (لوكان لديهم اتفاقيات سابقة او وثيقة حول الحدود مثل وثيقة نوري السعيد ,لقالو هذه حدودنا ثبتوها معنا).

وهل نسيتم أن عبد الله التميمي من أهالي البصرة وكان من صيادي السمك في هذا الخور والذي اطلق عليه خور عبد الله التميمي هو عراقي لايمكنكم أن تقولوا أنه جزء من الكويت وكان العراق قد خطط في القرن الماضي لأنشاء ميناء الفاو الكبير، والعراق محق في مطالبته في جزيرتي وربة وبوبيان ومياه خورعبد الله التميمي  ضمن الاراضي  والمياه العراقية ومع معرفتنا التاريخية أن الكويت كانت هي جزء من البصرة اداريا ونصبت عائلة الصباح كقائم مقام لقضاء الكويت، واليوم تريدون التجاوز على خط 162 لتزحفوا على حدود العراق لا ياسادة، شعب العراق لن يسمح لكم بتجاوز حدودنا، وعند سماعنا بتصريح وزير خارجية الكويت سالم عبد الله الجابر الصباح في تواجده في العاصمة العراقية ولقاءه وزير خارجية العراق وهو يصرح في مؤتمر الصحفي،وهو يشكر المدعو محافظ البصرة أسعد العيداني الذي يعمل من أجل طرد سكان البصرة الاصلاء من ام قصر، العراقيين لكي يستقروا كويتيين لتثبيت عائدية ام قصر إلى الكويت، حقدكم ايها الكويتين على شعب العراق واضح جسدتموه في ام قصر، والتي دافع أبطال القرية دفاعا بطوليا عن الوطن، ولن يتقدمون الأمريكان والبريطانيين بعد ان تكبدوا خسائر بالارواح والمعدات، لولاكم ايها الكويتيين والإيرانيين لبقيت المقاومة تعرقل دخول جيش العدوان، من جنوب العراق.

شعب العراق لن يتخلى عن شبر واحد من الوطن أرضا ومياها، كفوا عن رغبتكم الغير مشروعه في عراقنا. ولا تعتقدو ان شعب العراق اليوم في ضعفه نتيجة الاحتلالات لأراضيه بسبب من الحصار ومن ثم الغزو والاحتلالات الامريكية والبريطاني ودول الاتحاد الأوربي وبريطانياو ايران وتركيا وهيمنة حكام الطائفية المقيته والعملاء، أنه سوف يسكت عن حقه التاريخي، ولا تعتمدو،على كسب ضعاف النفوس من العملاء ومنزوعي الغيرة والضمير على الوطن، بالمال والرشى، والحق المشروع في حدودنا لا يضيع ما زال وراءه مطالبين وطنيين.

***

محمد جواد فارس - طبيب وكاتب

ما الفرق - في التقدم التكنولوجي والعلمي- بين العراق وأمم وُلِدت بعده بقرون؟

في أي مربع أو خانة بإمكاننا وضع عراقنا وفق معطيات مسيرته منذ عقدين؟

  قد يستسهل بعضنا الإجابة عن هذين السؤالين، فيما يقف آخرون صامتين أمامهما، إذ أن الخط البياني للتطور في بلدنا ينحدر بشدة مع خط التقادم الزمني، الأمر الذي ينذر بسوء المآل إن استمر الانحدار على هذا المنوال. وبما أن لكل شيء سببا، فإن هناك حتما سببا لهذا التدهور، ولو أردنا حصره بحقبة معينة فمن المؤكد أنها ستكون حقبة الربع الأخير من القرن المنصرم، وتحديدا ما بعد عام 1979، حيث أن معاول التهديم بان تأثيرها بين حروب وحصار فضلا عن التهديم المتعمد، فآلت الأحوال من سيئ الى أسوأ.

  من المعلوم أن بزوال المسبب تختفي الأسباب عادة، وباختفاء الأخيرة تتغير النتائج، فمن المفترض إذن، أن بزوال الصنم تختفي العلل، وباختفاء الأخيرة تنعكس النتائج الى حيث يهوى المسبب الجديد، أي أن المسبب له دور البطولة في مسرح الأحداث والنتائج على حد سواء.

  الذي حدث بعد عام السعد عام 2003 أن دور البطولة تسنمه شخص ثانٍ وثالث وعاشر… إلا أن الطامة الكبرى أن السيناريو بقي ذات السيناريو، والسياسة والنهج تلبسا قواما آخر مع الإبقاء على القطب ذاته يدوران حوله، ولاينكر أن تغيرا كبيرا حدث في سينوغرافيا المسرح، كذلك هناك تغير جذري قام به “الماكير” أما الإكسسوار فقد كان له الحظ الأوفر من يد التغير، فكان لهذه التغييرات -مجتمعة- بهرج وبريق لماع خدع المتفرجين وأغراهم بتأمل نهاية سعيدة للمسرحية. والمتفرجون في موقف لايحسدون عليه، فهم كما يقول مثلنا: “الغرگان يچلب بگشاية”، فراحوا يتابعون المسرحية التي طالت عليهم فصولها، ومازالوا يحلمون ويترقبون بشغف شديد تلك النهاية السعيدة.

  وبالعودة الى خط التطور البياني -خارج المسرح- ولكي لا أتهَم بالتشاؤم، أٌقول أن البلد بدأ يسير بخطى ثقال، مقارنة مع الطفرات العلمية والقفزات التكنولوجية التي استحدثتها بلدان العالم، في حين أن ماضي بلدنا يزخر بما تكتظ به ساحات العلوم والآداب والفنون، فقد ملأ أجدادنا المكتبات بأبحاثهم واكتشافاتهم واختراعاتهم في المجلات كافة، فيما اقترفت الحكومات المتتالية خطأ كبيرا في التعامل مع هذا الكم الهائل من الموسوعات، إذ ظن حكام العراق -السابقون واللاحقون- ان الإرث الحضاري يحفظ في الأدراج والدواليب، وعدّوه كنزا ضموه كملكية خاصة مع التيجان والأموال والقصور والضيعات، ليكون رصيدا يجيّر لحسابهم وحساب عوائلهم وأحفادهم وليس لأبناء هذا البلد. وبذا نهضت شعوب الأمم من حولنا وتنعمت بالرفاهية والحداثة في وسائل العيش، فيما حكام وادي الرافدين -لاسيما الحاليين- تشظوا في نياتهم وغاياتهم الى جهات عديدة، فمنهم من آلوا إلا أن يتعاملوا مع الظرف بانتهازية ووصولية وأنانية، بالتفاتهم الى مصالحهم الخاصة وإعلائها على مصالح البلاد وملايين العباد، ومنهم من تصرفوا بعدائية وضدية، بالتفافهم حول أعداء البلد في الداخل واستيرادهم آخرين من الخارج -وهم كثر-.

 وبين التفاف هذا والتفات ذاك، سجل البلد ومازال يسجل تأخرا في جانب وجمودا في آخر، حتى باتت النسبة والتناسب جامحة في السلبيات، وأضحت الخطوط البيانية في مجالات الحياة تنحدر بالعراقيين أيما انحدار، فيما يعج مسرح يومياتهم بأبطال و(كومبارس) يتبادلون الأدوار في الضحك على الذقون، وسط انعدام متعمد في الرؤية، وتشويش مقصود في الأجواء، لكي تبقى نهاية المسرحية مبهمة، ويخرج المتفرجون كما نقول: (مايعرفون راسهم من رجليهم).

***

علي علي

تعتبر قضية الطفولة من أهم القضايا التي يجب يُسلط الضوء عليها فالأطفال هم الجيل الواعد وشباب الغد وقادة البلاد، وكلما كان الاهتمام من قبل الدول موجه نحوهم بصورة جيدة ومتقنة سينعكس ذلك على تطور وازدهار البلدان في المستقبل. الطفل يحتاج للعناية الثقافية مثلها مثل حاجته للمأكل والملبس فالثقافة هي التي تُكون شخصيته وتصقل موهبته وتجعله ينفتح على العالم فيزداد طموحه وتطلعاته نحو آفاق كبيرة من شأنها أن تجعل منه انسان ناجح واثق من نفسه منغرس في روحه حب الوطن وبذل كل ما يمكن من قدرات من اجل جعل بلده في صفوف البلدان الناجحة على جميع الاصعدة (الاقتصادية والصحية والعلمية ...). لعل الاهل لهم الحيز الأكبر في تهيئة بيئة صحيحة في تنشئة الابناء وتوفير الأجواء المناسبة لتكوين البذرة الأولى لهم لكن للمدارس والمعلمين أثر مختلف في هذه التنشئة خاصة إذا كان المعلم محب لوطنهِ فمن خلاله تنغرس محبة الوطن لدى تلاميذه ويجعله يفكر منذ الصغر كيف يقوم بخدمة وتطوير وطنه. والسؤال المتبادر للأذهان ما دور الحكومة في تنشئة الطفل من غير البيئة البيتية والمدرسية؟ بكل تأكيد سنتوجه نحو دار ثقافة الطفل فيقع على عاتقها مسؤولية كبيرة قد تتمثل في النهوض الفكري لدى الأطفال ومن خلال متابعتي لدار ثقافة الطفل في بغداد وبعض المحافظات لابد أن اشيد بهذا الدور الفاعل فمن خلال مشاركتي وارتيادي لمعارض الكتب أجد أن دار ثقافة الطفل موجود في كل محفل ثقافي ومنشوراته من المجلات والمطبوعات المتنوعة حاضر بقوة مع اهتمام كبير بأسلوب البائع في تعامله مع الاطفال يحتوي الدار على اصدارات كثيرة من القصص التي فيها اثر كبير على تكوين وتنشئة الطفولة بصورتها الجيدة هذا من ناحية والحق يقال لكن من غير المهرجانات ومعارض الكتب لن نجد تلك المطبوعات إلا إذا ذهبنا إلى الدار مباشرة هنا يجب أن يكون لنا رأي آخر إذ لابد من للدار من نشر اماكن لتوزيع وبيع تلك المطبوعات أو اقتراح اشتركات لايصال المطبوعات للمشتركين حتى يتسنى للجميع الحصول عليها وتكون في متناول الايدي وتسهل على الاهالي اقتناءها لأبنائهم، وأيضاً لابد من الاهتمام بالجانب المرئي المتمثل بقناة متلفزة أو الجانب السمعي كأن تكون إذاعة خاصة بالأطفال!، فيجب على الدار أن يأخذ بعين الاعتبار هذا الأمر المهم لأن الأطفال هم صناع المستقبل وعلى ايديهم ستُعمر البلاد اكثر واكثر من خلال وضع خطط طويلة الأمد من أجل رفع الروح المعنوية والثقافية نحو حب الوطن واعماره والنهوض بالواقع إلى واقع أفضل وأجمل .. نتمى أن نكون قد ساهمنا في ايصال فكرة الى من يهمه الأمر..

***

سراب سعدي

يتزايد الحديث في العقود الأخيرة عن دور الإعلام في بناء السلام وتكريس قيم الحوار والتعايش السلمي، وتوظيف الإعلام في الحروب يتمثل في جزء منه في (الدعاية) التي تستطيع أن تحشد الرأي العام حول قضية بعينها من خلال المبالغة والتضليل والكذب في أسلوب عرض القضية وذلك لكسب التأييد والدعم، ومن يقدم الصورة السلبية للعدو يؤكد ذلك بعرض كل ما يبرز الصورة الإيجابية لنفسه من خلال محاولة حشد التأييد وتغذية الاعتقاد بأن ما ينوي عمله هو في فائدة كل البشر ومصلحتهم. والحال أن التاريخ الحديث يضع الإعلام في قفص الاتهام على خلفية مفعول التأجيج والتحريض الذي اضطلع به فاعلون في هذا القطاع الحيوي إبان العديد من النزاعات المسلحة. لقد كان الخبر المضلل والتحريض الخطابي دائما وقودا لحروب دامية، خصوصا في حقبة ما بعد الحرب الباردة. كما أن توظيف الإعلام في ترويج الأجندات السياسية لهذه القوة أو تلك أمرا غير جديد، فإن الحروب الكثيرة التي اشتعلت في التاريخ الحديث على الأقل دفعت بالفاعل الإعلامي إلى لعب أدوار بالغة الفظاعة في كثير من الاحيان، وعملت على زرع الرعب والتحريض على ارتكاب جرائم ضد الآخر من منطلقات مختلفة لهذا نشاهد اليوم أن الهدف الحقيقي من وراء التسخين والتصعيد في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا في الإعلام على أشده وسط مناخ دولي مضطرب واجواء دولية مخيفة ومشحونة عن آخرها بكل عوامل التازم والتوتر والخطر وتحسب ان الاجواء عاصفة وتنذر بكارثة كبيرة وشيكة قد تتجاوز حدود اوكرانيا الي ما هو أبعد منها بكثير وخاصة عندما تشاهد الرئيس الكوري الشمالي كيم جووهو يزور معامل انتاج الاسلحة ليحثهم في زيادة الإنتاج ومضاعفة الجهود، تراها اجواء لا ينقصها سوى صب المزيد من الزيت علي النار، بقدر ما تفرض على كافة الاطراف، توخي أقصى درجات الحذر و التعقل وضبط النفس... والأخبار التي تنشر في وسائل الإعلام أكثرها تثير الشعور بالخوف والقلق، منها ان الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ اون اصدر اوامره الى قياداته العسكرية للبدء فورا في انتاج المزيد من الاسلحة دون اشارة الى نوعياتها حتي نعرف طبيعة استخداماتها، مع التوسع في تقديم خدمات التدريب للقوات المقاتلة استعدادا لخوض حرب محتملة، دون توضيح أي حرب تلك التي ستخوضها بيونج يانج، وهل ستكون حربا ضد امريكا ام ضد حلفائها الآسيويين الكبار في كوريا الجنوبية وتايوان واليابان؟ وهل ستخوضها وحدها أم بالتحالف مع روسيا والصين كشريكين محتملين في هذه الحرب؟ وهل هذا هو التوقيت الصحيح لتفجير حرب جديدة في آسيا، لتصبح روسيا متورطة في حربين خطيرتين إحداهما في أوروبا والأخرى في آسيا في نفس الوقت؟ أم أن الهدف الحقيقي هو التحرش والتهويش وارباك خطط أمريكا وحلفائها في الناتو لتخفيف ضغطهم على روسيا في أوكرانيا وهو احتمال وارد بعد زيارة وزير الدفاع الروسي شويجو إلى بيونج يانج منذ ايام علي راس وفد عسكري كبير؟ وبمعنى آخر، لماذا تؤشر هذه الإيماءات الكورية الشمالية الاخيرة في تكرارها وإبرازها لتلفت الانظار اليها ولتترك لنا استنتاج مغزاها؟.

ان أمريكا تقوم حاليا بتدريب قوات حلف الناتو على توجيه ضربة نووية لروسيا بمساعدة دول اخرى غير نووية لم تفصح عن طبيعتها ولم تحددها وهل هي دول اوروبية وآسيوية؟، وكذلك دون توضيح السبب الذي يدعو أمريكا إلى تدريب قوات تابعة للناتو على استخدام الاسلحة النووية ضد روسيا بالذات اذا كان بامكان القوات الامريكية نفسها ان تقوم بهذه المهمة دون اضاعة الوقت في عملية تدريبية بالغة الخطورة والحساسية والتعقيد بلا مبرر يدعوها لذلك؟ وهل يعقل اصلا ان تكون هناك خطط امريكية كهذه التي يتحدث عنها الإعلام الروسي لتفجير حرب نووية ضد روسيا دون أن تخشى أمريكا وحلفائها في الناتو. ردا روسيا استباقيا عليها إحباطها وإجهاضها؟ والا تملك مثل هذا السيناريو من سيناريوهات الحرب النووية؟ و هل من الحكمة ان ينقل مثل هذا الأمر الخطير مجرد خبر علي شاشات الفضائيات وبهذه الدرجة من البساطة، ام انه كان يتطلب التعامل معه في سرية تامة بعيدا عن الاعلام ليصبح داخل دوائر اتخاذ القرار العليا في الكرملين وحدها أيا ما كانت طبيعة رد روسيا عليه؟ كل هذه التساؤلات تجعلنا نميل إلى استبعاد هذا الخبر من اساسه، مجرد تكتيك روسي في حرب الدعايات الدائرة بين الطرفين....

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

عالم الباص هو عالم مصغر لما نعيش فيه، حيث نجلس مع عينات مختلفة من المجتمع، ونسمع صوتها، شكواها، احلامها، وبعض جنونها، لذلك ننصت لنعرف اين وصل المجتمع، واحاول هنا توثيق ما نسمع من أصوات وأفكار تتبعثر بين كراسي الباص، يوم الاحد المصادف 6-8-2023 صعدت الباص المتوجه من حي العبيدي باتجاه بغداد الجديدة عند الساعة الثامنة صباحا، كان في الكراسي الخلفية شابان يتناقشان حول الشأن السياسي، وكان نقاشهم بصوت مرتفع، قد يكون السبب محاولة للفت الانتباه والاهتمام، وقد يكون لعقد نفسية متحكمة بذاته، لذلك يلجأون للصراخ للتنفيس عن العوق الداخلي، وقد يكون تجنيد من قبل جهات لنشر الأفكار الغبية داخل المجتمع.

كان نقاش حول كيفية إصلاح حال البلاد والنهوض به، مع جبل الخيبات الكبير الذي نعيشه.

نحتاج قائد طاغوتي ومتجبر

بدا الاول بطرح فكرة وهي: "ان العراق بحاجة لحاكم دكتاتور متجبر طاغية، كي نقضي على الفساد، ويصبح العراق اكثر امانا"، انه الحنين لزمن الذل الذي تعبر عنه فئة من المجتمع، والتي لا تعرف العيش بحرية، وبغياب لطاغوت يهينها، لذلك تعبر عن الحلم الذي تنتظره وهو طاغوت جديد يسيطر على البلد ويوزع الذل على الشعب.

لذلك نجدهم يحترمون من لا يحترمهم، ويسيرون خلف كل مجرم، ويعظمون كل من يتجاوز القانون ويعتبروه رجلا فحلا شديد الذكورة، ولا قيمة عندهم للاخلاق والقيم الانسانية، بل المبادئ هي ما يفعله الطاغوت، وما اكثر هذه الفئة التي تعبر عن شوقها للذل يوميا في الباص، كأنها منظمة لنشر أفكارها داخل المجتمع.

الشعب كله اكل حرام

كان اثنان يتناقشان حول أسباب تأخر البلد، وتسلط من لا يعمل للوطن طيلة 19 عام بعد زوال العفالقة فقال أحدهم: "الشعب كله اكل حرام، والشعب كله فاسد، والله يعطينا حكام على قدر أعمال الشعب، لذلك لن ينصلح حال البلد ابدا"، وكان الآخر موافق لكلامه ويؤيده.

لغة التعميم لا يستعملها الا الجهال، وهي لغة ظالمة تجمع الفاسد بالصالح، وتوجه التهم للكل وليس للظالم فقط، فاذا اردت ان تعرف الشخص المتكلم فانتبه لطريقة كلامه، فإن كان ممن يعمم فاعرف انه جاهل، وهذه الفئة في تكاثر عجيب مما يدلل على توسع الجهل في المجتمع، وهو هدف أساسي لبعض مكونات نظامنا السياسي الذي يزدهر عمله كلما ارتفعت نسبة الجهل الاجتماعي، لذلك نجد الخرافة والاسطورة لها سوق رائج وتصبح عند البعض حقيقة مطلقة يقاتل الاخر عليها.

خرافة الزمن الجميل

صعدت من كراج بغداد الجديدة متوجها الى باب المعظم، وما ان تحرك حتى بدا عجوز ذو شارب كث يتكلم عن زمن صدام ويقارنه بالزمن الحالي، فيقول:" كان العراق له هيبة كل الدول تخافه! وكانت الحصة التموينية الافضل في العالم! وجعلت العراقي لا يحتاج السوق! وكان الامان منتشر بسبب قوة صدام ونظامه العادل! وبقي غارق بهذه الاسطوانة العتيقة التي يرددها البعثية في الاماكن العامة بهدف جعلها ثقافة وحقيقة تجعل المواطن غير الواعي يؤمن بها، فخطاب بقايا البعث والعابثين هو تدمير الحاضر بأي وسيلة ممكنة.

في تلك اللحظة لم يسكت من في الباص، فكثر اللغط حتى قال شاب بصوت عال: "يا حاج انك تروج لحزب البعث المحظور، وهذا يدخلك في قانون الإرهاب، ويجب أن نسلمك لاقرب سيطرة"... فضحك كل من في الباص، وارتعد خوفا العجوز وتكلم محاولا تغيير الوضع المخيف الذي سقط فيه .. فقال: "كنت فقط امازحكم اي زمن جميل بل كان زمن الذل والعار والف لعنة على روح صدام المجرم".

نعم الكثيرون يرجون لزمن عار العراق (صدام) ويعتبروه الزمن الجميل في اكذوبة الهدف منها تدمير الذاكرة العراقي وتشكيل وعي منحرف يقبل رجوع بقايا حزب البعث المجرم.

 ***

أسعد عبد الله

یتمیز المجتمع الدولي بعدم الاستقرار الدائم فمتى ما تعارضت مصالح الدول الا وقام نزاع بینها، ولعل هذا ما یفسر سبب الصراعات الدولیة المستمرة حتى أصبحت هذه الأخیرة حقیقة من حقائق عالمنا اليوم.

ويقصد بالنزاع الدولي هنا هو كل نزاع توافر فیه عنصران اثنان:

الاول - ان یكون اطرافه دولا.

الثاني - أن یكون صراعا ظاهرا معبرا عنه بمظاهر سلوكیة معینة وهو يتوافق تماماً مع ما جاء في نص المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولیة.

لذا تعد مسألة الحدود الدولیة من أهم الموضوعات في القانون الدولي وخصوصا الحدود البریة الامر الذي استوجب حدودا وفواصل من صنع الإنسان لا یجوز للآخرین التعدي علیها وكل خرق لهذه الحدود یقود إلى قیام نزاع أو صراع دولي حدودي... وهذا بالضبط ما احدثه تصريح وزير الخارجية الكويتي قبل ايام ومن بغداد والذي تزامنت زيارته مع ذكرى الغزو في الثاني من شهر اب عام ١٩٩٠، حينما طالب بالمزيد من الاراضي العراقية - ام قصر، وفقا لقرارات دولية غير ملزمة وقعها النظام الديكتاتوري في تسعينيات القرن الماضي.

ولأهمية الموضوع يجب ان نثبت حقائق منها:

١. ان العراق الجديد يجب ان لا يعترف بكل ما وقع وتنازل عنه الطاغية بل ويطالب بما وهبه بغير وجه حق طيلة فترة حكمه، لانه جاء بديلا عنه... وهي ورقة ضغط مهمة على كافة الجيران الكويت والسعودية - الربع الخالي والاردن - الرويشد وحتى ايران بما يتعلق باتفاقية الجزائر وتركيا في التحرك بالمثلث العراقي السوري التركي. ولنا في تجربة فرانكو الديكتاتور الاسباني الذي حكم قرابة اربعين عاما افضل مثال حينما تنصل الملك والأحزاب الوطنية عن كل قراراته واتفاقاته مباشرة بعد وفاته عام ١٩٧٥.

٢. ان العراق خارج البند السابع الملزم وبالتالي هو الان دولة كاملة السيادة ولا يجوز المضي باتفاقيات سابقة كانت لها ظروف خاصة، لان العراق اليوم يختلف عنه قبل عام؛ بإجماع دول المنظمة الدولية وبضمنها الكويت التي كانت المعرقل الرئيسي لخروجه من هذا البند رغم ايفاءه بكافة الالتزامات ومنذ اكثر من عشر سنوات.

٣. ان الحكومة والأحزاب الحالية في السلطة كلها براء من تصرفات الطاغية وفترة حكمه، بل جلها كانت معارضة له... وبالتالي هي الأحق والأجدر بالتنصل من كل التزاماته لمصلحة العراق اولا.

ان استمرار الكويت بمطالبها اللامعقولة وضغوطها غير المبررة على ساسة العراق للتوسع على حسابه، لن يضمن لها الاستقرار والتنعم بالامان مع جار كبير وله عمق تأريخي مثل العراق كما انه لن يديم مباديء حسن الجوار المتعارف عليها دوليا... كما ان سكوت ساسة العراق وموافقتهم ومجاملاتهم للكويت وباقي دول الجوار لمصالح شخصية او حزبية او فردية لن يصب بمصلحة العراق ويحملهم المسؤولية.

انها دعوة للبرلمان الحالي لحماية اراضي العراق باقرار قانون تجريم التفريط باي شبر والتنصل التام عن كل اتفاقيات الحقبة الديكتاتورية والمطالبة بما وهبه الطاغية عبر القنوات الدبلوماسية والمحاكم الدولية وإلزام الحكومة الحالية والحكومات القادمة بتنفيذ ذلك... لان ارض العراق ليست ملكنا فقط بل ملك الأجيال القادمة اولا؛ ولايقاف مد المطامع التي لا تنتهي بهذا البلد الغني ثانيا.

***

جواد العطار

عندما تكتب عمودا يوميا أو زاوية يومية في مرات كثيرة تنزاحم في عقلك المواضيع والأفكار وتجد نفسك محتارا ايهما ينال شرف أن تسكنه على الورق وتحيطه بعنايتك واهتماماتك وفي بعض الأحيان تخونك الكلمات وتصاب بعطالة واحتباس فكري كما يحدث معي الآن في هذه اللحظات ، فكرت في كتابة موضوع عن مسؤولية الكاتب فما قاله صاحب كتاب: (الزمن الممزق) ثروة أباظة  وهو يتحدث عما يجب ان يكون عليه الكاتب للمسؤول محفز ومثير للعقل: "لأن الله حين منحه موهبة الكتابة أخذ عليه عهدًا غير مكتوبٍ أن يكون شريفًا، لا يخادع الناس، ولا يقول إلا ما يؤمن به، ولا يُفشي إلا الخير، ولا يدعو إلا لما هو الأسمى والأرفع من قيم الحياة، لقد وهب الله للكاتب قبسةً من نوره، وما كان لقبسةٍ من نور الله أن تكون خداعًا، أو غشًّا أو كذبًا، أو دعوة للسفول، أو اعتداءً على الحق، أو اعتسافًا لكرامة الإنسان، فإذا خان الكاتب العهد سقط عنه اللقَب، وأصبح حفنةً من تراب الحياة، ترابُ الموت بالنسبة إليها أمل، وأي أمل".

ولكنني انصرفت عن هذا الموضوع فما دخل لي بمسؤولية الكاتب؟ وسمعت صوتا داخليا يعاتبني ويقول لي: كيف لا تهمك مسؤولية الكاتب ؟ ألست  كاتبا، ترسم بكلماتك صور الجمال والإبداع وتصف مشاعر الإنسان وتقلباته وانكساراته في قصصك القصيرة؟

تجاهلت هذا الصوت الداخلي وفكرت في كتابة موضوع كان يشغلني منذ مدة وهو تأثيث الرواية، أي كتابة رواية مؤثثة بالغكر والفلسفة والفن فلم تعد الرواية الناجخة هي مجرد بوح وبكائيات وخواطر  يفرغها الكاتب على الورق فلا يشعر القارئ بأي جدوى من هذه السطور التي ضيع وقته في قراءتها فالرواية المؤثثة تتطلب كاتب باحث وقارئ متميز مبحر في اعماق التاريخ والفلسفة والدين والعنمران  فالرواية غير المؤثثة أشبه بمنزل يحتوي على جدران فقط يفتقد إلى التزيبن والاثااث والديكور والتناسق ..

ولازال ذلك الصوت الخفي يوسوس لي ويقول لي: أثث بيتك اولا ثم فكر في بيت الرواية...

قلت في أعماقي الملتهبة: عنده حق....

انا بخاجة إلى أثاث جديد في البيت...

انا مسؤول عن نفسي وكل كاتب مسؤول عن نفسه فلم هذا التفلسف واللعب بالكلمات...

نادتني ابنتي عبير للعشاء، تركت الكتابة ولم اصل إلى موضوع محدد أتكلم فيه، فلتعذرني عزيزي القارئ  ها أنا لم أكتب لك شيئا ذا بال....

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

شدري معمر علي

بمناسبة حلول عيد المراة التونسية اقول سلاما لكل امراة مناضلة تعيش بين فردتي رحى الزمن ورحى الرجل زوجا كان او قريبا او مدير مؤسسة او.. او.. او.. بطريقة او باخرى.. وصارعت كحبة قمح صلب لتخرج من فم الرحى حبة سالمة.. ناصعة دون شرخ ولا انكسار هدب..  باحدى الوزارات سنة 2023 وقع تكريم الموظفين والموظفات مع منحهم اوسمة الشغل باصنافها الثلاث من طرف الرئيس المدير العام نيابة عن رئيس الجمهورية المؤقت وكانت النسبة المائوية  99 في المائة من النساء،!.. بينهن رجلان فقط!.. كنوع من انواع الاغراء!.. والاغواء!.. والابتزاز من اجل الانتخابات!.. ان مثل هذه الحركات البهلوانية للمتحذلقين يكمن فيها استبلاه المراة التونسية المتعلمة والمثقفة الواعية،.. والمتبوئة لعدة مناصب.. ومراكز بمختلف الدرجات بالادارة التونسية.. ما هي الا نوع من انواع الاستخفاف بعقل المرأة لارضائها.. واستمالتها لحزب الرئيس انذاك .. وبث الرغبة في نفسها للانتماء اليه.!.. رغم انني امراة اقول هذا لاني لا احسبها اعمالا جدية،.. لو كانت كذلك لحاربوا العنف ضد المراة التي استبيح دمها وعرضها.. وتشرذمت كرامتها.. واستولوا على حقها.. وتم استغلالها في بعض الحالات الى حد العبودية.. تعمل في الشارع والمنزل وتعتني بالابناء.. وتقوم بشؤون المنزل في الداخل والخارج.. تدفع فاتورة الكهرباء والماء بنفسها.. وتتبضع بنفسها وتقابل المربين،.. وتذهب بابنها الى الطبيب.. اما مجاهدة وراعية لابناءها وزوجها واحيانا والديه.. وبعضا من افراد اسرته.. و.. و.. و.. كما يقول جدي رحمه الله : المراة مسكينة  مظلومة من طرف الرجل الذي "يريدها حراثة سناية وما تاكلش الشعير".. في حين ان المراة هي التاج الشرياني للحياة،.. وهي قلب الامة النابض،.. ان تسارعت دقاته او تتالت خفقاته اضطرب المجتمع وربما اختل،.. وان سكت اصاب الامة العرج،... وربما بعضا من الشلل.. المراة زهرة الحياة ونشوتها،.. واريج عبقها،.. شمسها وقمرها،.. امطارها وانهارها،.. وبحارها.. الارض بعطائها وصبرها.. دونها الحياة لا مبالاة،.. مقبرة بلا اموات..

***

الاديبة فوزية بن حورية

عندما نتساءل كيف يُكتب التأريخ، نحتار في الجواب، لأن المكتوب لا يمثل الحدث، وإنما يتناوله وفقا لرؤية الكاتب، وما إنعكس منه فيه أو عليه، ولا يوجد تدوين لحدث مطابق له بالتمام.

والذي يعترض على ما تقدم عليه أن يكتب ما يحصل في أيامه، ليرى كيف ستكون المسافة بين ما حصل وما دوّنه عنه.

لكي تعرف كيف كُتِب التأريخ عليك بكتابته، وتدوين أحداثه الجارية في مكانك وزمانك.

ولهذا فأن تعدد مصادر الكتابة عن أي حادث تجعلنا في محنة الإقتراب العلمي المنهجي، للوصول إلى إستنتاج قد يكون أكثر قربا من حقيقة ما جرى، لكنه لن يتوصل إلى جوهرها.

ما يحصل إبن مكانه وزمانه وحسب، والمكتوب تعبير وتأكيد لما تمخض عن الحدث وليس الحدث نفسه، ومن هنا، فنسبة الصدق في الكتابات التأريخية متباينة، وربما ضئيلة، لأنها تتعرض للتصورات والتحليلات والرؤى المعبرة عن الرغبات.

فالمدوَّن التأريخي يمثل ما يعتمل بالكاتب بسبب الواقعة أو الحدث، ولا يمكن لقلم أن يحيط علما بما كان، ولا يستطيع إستيعاب حالة يكون.

الذي مضى إنقضى، والكتابة عنه تكون بمداد الماضي الذي يزدحم بما ليس فيه.

ولكي نقرأ بموضوعية أكثر، لا بد من الإطلاع على الشعر في زمن الحدث أو حوله وقريب منه، لأن فيه صور ذات قيمة إدراكية ومعرفية تساهم بالإقتراب العلمي الأصلح.

فالتوثيق بالشعر، رغم ما عليه من تساؤلات، يقرّب الصورة ويطرحها بمنظار آخر، خصوصا عندما يكون واقعيا ومباشرا، لا ممعنا بالرمزية والتخيلية والغموض، وإضفاء مفردات المديح وإخراج الحدث عن واقعيته وأخذه إلى آفاق مبهمة.

التدوين بالشعر أرسخ وأكثر مصداقية من التوثيق بالكتابة العادية المتعارف عليها، وفي واقعنا المشوش، لا تترك الأحداث ما يمثلها إلا بالشعر الصادق الأمين، بما يسعى إلى ترسيخها في مسلة الأيام.

وربما أي كتابة توثيقية ستكون ضعيفة لإختلاط الآراء، وتنوع التصورات، وتأجج العواطف والإنفعالات، ولهذا فأن التاريخ الحقيقي مزيف ومحجوب!!

فهل في الشعر جواب قريب؟!!

***

د. صادق السامرائي

29\7\2021

في المثقف اليوم