أقلام حرة

أقلام حرة

العراق يلغي تأشيرة الدخول “الفيزا”  للإيرانيين وبعض الدول التي يتواجد فيها الشيعة،عربية وغير ذلك منذ فترة ليست بالبعيدة، والسلطات العراقية فتحت الحدود البرية مع ايران وقامت بإلغاء تأشيرة دخول الزوار بشكل رسمي،ومن المفترض أن تكون قوافل الزوار الايرانيين من قبل منظمة الحج والزيارة الايرانية بصفتها المعنية لتسيير الرحلات البرية للزيارات.

من العلامات الايجابية لجودة العلاقة بين الدول هو رفع تأشيرة الدخول او اعتمادها في المنافذ الرسمية.. ولكن سؤالي الى حكومتنا الموقرة ماهي الاستفادة العراقية من ذلك؟

وهل جرى الكلام حول موضوع المياه ومحاولة ادخال ملف المياه بين البلدين ضمن نفس الملف خصوصا وان هناك انهارا قد جرى تغيير مجراها او سدها بسواتر ترابيه ومنعها من دخول الاراضي العراقية؟.

في عالم اليوم السياسة تعتمد اسلوب المقايضة.. فما هو المثيل وما هو البديل الذي سيستفاد منه العراق وشعب العراق؟ خصوصا ونحن نتعامل بميزان تجاري مع ايران يقدر بأكثر من 20 مليار دولار كلها لصالح ايران، ناهيك عن تهريب الدولار الذي أصبح الكلام عنه من المحرمات وليس المستحبات.

أعداد الزائرين:

تشير المعلومات الى ان عدد الزائرين لهذه العام / 2023 للعتبات المقدسة الى انها ستتجاوز 20 مليون سائح ديني من جميع أنحاء العالم يتوجهون باتجاه العتبات المقدسة في العراق.. السؤال كيف نجعل من هذه الزيارات مردوداً اقتصاديا ينعش السوق العراقية ويحرر اقتصاده؟.

الاجابة ببساطة.. في الفكر الاقتصادي الغير ريعي يمكن للعراق ان يضيف ما لا يقل عن واحد مليار دولار يومياً للناتج القومي الاجمالي من خلال القطاع الخاص في آليات مدروسة وبعيداً عن تدخلات خارجية.. ماذا نحتاج لتحقيق هكذا هدف؟:

1- قرار شجاع، المطالبة بفرض حجز فندقي لكل سائح بفترة الاقامة وهذا معمول فيه بجميع دول العالم

2- عدم السماح لدخول العراق اي شخص لا يمتلك حجز فندقي مؤكد وهذا ضمن البروتوكول الدولي للسياحة

3- تفعيل الامن السياحي والاتمتة الفندقية وربطها مع الامن السياحي للمتابعة.

4- فك ارتباط العتبات الدينية المقدسة من سطوة رجال الدين المتنفذين وربطها بوزارة الثقافة والسياحة.

بكل بساطة هذه الادوات تنتج ضخ اموال تتجاوز واحد مليار دولار لكل يوم مضروبة في عدد الايام التي يبقى فيها السائح داخل العراق، يعني الارقام تتجاوز 20 مليار دولار سنوياً الى حساب القطاع الاقتصادي.

هل تعلم ان 20 مليار دولار اذا ما ضخ على القطاع الخاص وخاصة الفندقي خلال سنة واحدة ماذا يحدث :-

1- ثورة بناء في القطاع الخدمي لم يشهدها العراق منذ تأسيسه المستفيد من هذه المبالغ البنى التحتية من طرق وجسور واعادة بناء القطاع الفندقي.

2- تطوير جمع الاعمال المتعلقة في القطاع الفندقي من مطاعم وشركات تغذية وشركات سياحية ومرشدين وغيرها الكثير.

3- توفير ما لا يقل عن 500 الف فرصة عمل دائميه جديدة.

4- تطوير كامل لقطاع النقل ودخول خطوط المترو والترام وغيرها من وسائل النقل الحديثة.

5- امنياً تأشير كامل لتحركات الضيوف داخل العراق.

6- تقوية الدينار العراقي بنسبة 8،7 بالمائة من المعدلات الطبيعية خلال سنة واحدة والكثير من الفوائد التي ستكون لخدمة الوطن والشعب.

الضغوط المطلوبة:

أن تقليل حصة العراق المائية أو ألغاها تماماً من قبل الجانب الإيراني والتركي يقود لكوارث اقتصادية وبيئية وسياسية على النحو الاتي :-

1- ازدياد حجم التبادل التجاري العراقي بين العراق وتركيا ليصل الى 20 مليار دولار، وربما يتضاعف خلال سنوات قادمة.

2- ازدياد حجم التبادل التجاري العراقي الايراني ليتجاوز 12 مليار دولار، كذلك ربما يتضاعف خلال سنوات قادمة.

3- اغلب علاقاتنا التجارية والاقتصادية مع ايران وتركيا ذات ميزان مدفوعات مختل، أذ ان نسبة الاستيراد من هذه الدول الى العراق بين 90 الى 95 بالمائة، بينما نسبة التصدير من العراق الى هذه الدول ما بين 5 الى 10 بالمائة، معنى ذلك ان هناك مليارات الدولارات تخرج من العراق بدون عودة لهذه الدول لكي تعمل مصانعها ومزارعها وتنعش صناعتها وتجارتها ويحصل شبابها على فرص عمل، وتبنى هذه البلدان على حساب بلدنا او بالأحرى بسبب من يحكمنا، بمعنى اخر ان هذه المليارات لو تم انفاقها لأنشاء مشاريع عملاقة تتعلق بحصاد المياه وبناء السدود وتحسين الزراعة والصناعة لأصبح بلدنا قطب اقليمي تزحف هذه الدول وراءه لتنال رضاه.

4- خروج العراقيين الى أيران وتركيا كسياح في فصل الصيف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وانقطاعات التيار الكهربائي والعواصف الترابية وصرفهم مئات الملايين من الدولات في البلدين المذكورين، حتى المحطات الكهربائية العراقية الغازية تعمل بالغاز الايراني الذي سدد العراق أخر قسط منه البالغ مليار وستمائة وتسعون مليون دولار لعام/ 2020.

نتائج قطع المياه:

اليك تحليل مختصر لما يحدث بسبب تقليل وقطع المياه عن العراق:

1- اضعاف زراعة البلد : مما سيقود الى اضطرار العراق الى استيراد محاصيله الزراعية من الدول المجاورة.

2- ضعف الزراعة يعني ضعف الصناعة : ونعني كمثال لذلك اننا حينما لا نزرع الطماطم سنضطر لاستيراد معجون الطماطم من تركيا او ايران وهذا يعني اننا سنغلق مصنعاً لصناعة المعجون في العراق وسيتم فتح مصنع في تركيا او ايران وسيكون هناك بطالة في العراق ويكون هناك عمل وتحريك للاقتصاد في تركيا او ايران. وهكذا مع باقي الخضراوات والاغذية الاستهلاكية الاخرى التي تدخل في مجال الصناعة.

3- تراجع كبير في قطاع تربية الحيوانات (الدواجن والابقار والاغنام مثلاً): ولان المزارع سيتم غلقها، سيتم غلق مزارع الابقاء والاغنام ومشاريع الدواجن،وهذا يعني اننا سنستورد اغلب مشتقات الحليب من الالبان والاجبان من هذه الدول.

4- ارتفاع في درجات الحرارة وكثرة العواصف الترابية : حيث تسهم المياه الوفيرة في الحفاظ على عدم انجراف التربة عبر مسكها من خلال الغطاء النباتي مما سيقلل من حدة هذه العواصف. لا بل ان هذه العواصف ستدمر جزء مهم مما تبقى من زراعة وصناعة في البلاد.

5- كثرة السفر لأغراض سياحية : بحثاً عن اجواء معتدلة الحرارة، حيث سيضطر المواطن الميسور لقضاء اوقات العطلة والراحة في هذه الدول كونها تتمتع بأجواء مريحة في فصل الصيف وهذا يعني كذلك ان هناك قطاع كبير سينشط وهو قطاع السياحة وملحقاته ويعمل لديهم وان هناك مئات الملايين من الدولارات ستخرج خارج البلاد دون عودة.

في وقت يمتلك العراق بيئة مناسبة للسياحة (الدينية مثلاً) لو تم تطويرها لأصبح يستقبل سياح اجانب كما يذهب ابناءه للسياحة في الدول الاخرى.

6-المقايضة والمساومة بين الماء وموارد اخرى كالنفط والغاز والكهرباء: وهنا يدخل العامل الاهم وهو مساومة البلاد ما بين الماء ونفط العراق، حيث اننا لم نصل حتى الان الى هذا النوع من المساومة لكننا على بعد خطوات قليلة منها !.

7- ولكي اكون دقيق اكثر، السبب ليس بهذه الدول وهذا الموضوع لا يعتبر دعوة للحقد عليهم بل ان السبب بمن يقود دولتنا واضعافها بهذا الشكل التبعي المؤسف، أذ ان السياسة تتطلب جلب المصالح باي طريقة وهذه الدول تقوم بذلك لصالح شعوبها واقتصادها على اتم وجه.

***

شاكر عبد موسى الساعدي - كاتب وأعلامي

فنون التغلب على التحديات

الحياة تعتبر عن متاهات معقدة مليئة بالصعوبات والتحديات. ولكن إذا كان هناك شيء يجب أن نتذكره دائمًا، فهو أن التغلبعلى الصعوبات يمكن أن يشكل جزءًا أساسيًا من رحلتنا نحو النجاح والتطور الشخصي. في هذه المقالة، سنستكشف كيفيةمواجهة التحديات وكيفية تحقيق النجاح رغم كل الصعاب.

اولا: نفهم الصعوبات ومنشأها

تنوعت الصعوبات التي نواجهها في حياتنا من جوانب مختلفة. قد تكون ناجمة عن ظروف خارجية لا نستطيع التحكم فيها، أوتنشأ من صفات شخصية داخلية مثل الخوف أو عدم الثقة بالنفس.

ثانيا: مفاتيح التغلب على الصعوبات عن طريق

التفكير الإيجابي: قوة التفكير الإيجابي تكمن في رؤية النور في نهاية النفق والاستفادة من الصعوبات للتقدم وتطويرالذات.

التخطيط الجيد: يجب علينا وضع خطة تفصيلية لتحقيق أهدافنا والتعامل مع الصعوبات بحذر وتنظيم.

بناء العلاقات: الدعم الاجتماعي يمكن أن يكون عاملًا حاسمًا في تحقيق النجاح، فلنخلق علاقات مميزة وداعمة معالآخرين.

ثالثا: الحصول على القوة من التحديات

الصعوبات ليست عقبات تحول دون تحقيق أهدافنا، بل هي فرص للتقدم والتطور. عندما نتعلم الدروس من التحديات ونتعاملمعها بروح إيجابية، يمكن أن تصبح هذه التجارب الصعبة مفتاحًا لنجاحنا وتحقيق أهدافنا.

واخيرا

النجاح يأتي لأولئك الذين يتعاملون مع التحديات بسهولة ويستفيدون منها ليزيدوا في تطوير ذواتهم. عندما نستخدم التفكيرالإيجابي والتخطيط الجيد ونبني العلاقات الداعمة، يمكن للصعوبات أن تكون منصة لنجاحنا ومحركًا لتقدمنا نحو الافضل. فلنتعلم دائمًا كيف نتحدى الصعاب ونحقق النجاح في رحلتنا الشخصية.

***

بقلم: فاطمة العيسى

وهذه بعض الأبيات من شعره:

"فلو لم يكن في كفه غير نفسه

لجاد بها، فليتقِ الله سائله"

*

"رأى الله بالإحسان ما فعلا بكم

فأبلاهما خير البلاء الذي يبلو"

*

"فقالت أم كعب لا تزرني

فلا والله ما لك من مزار"

*

"محسّدون على ما كان من نعمٍ

لا ينزع الله منهم ما به حُسدوا"

*

"فتالله قد علمت سراة بني

ذبيان عام الحبس والأصر"

*

"بدا لي أن الله حق فزادني

إلى الحق تقوى الله كما كان باديا"

*

"فمهلا، آل عبد الله، عُدّوا

مخازيَ لا يدبُ لها الضرّاءُ"

***

العرب عرفوا كلمة (الله) قبل الإسلام بزمن بعيد، وتكرر لفظ الجلالة في أشعار الجاهلية، ومنهم زهير بن أبي سلمى (530 - 627) ميلادية .

كما أن إسم والد النبي (عبد الله)، الذي توفى قبل ولادة النبي، وهناك الكثير من الإقترابات التي تؤكد ذلك.

وهذه إشارات واضحة على أنهم كانوا على دراية  بكلمة (الله)، والديانات التوحيدية كانت منتشرة في المنطقة، وإتخذوا الآلهة لتقربهم زلفى إلى (الله).

فكلمة (الله) ليست مخترعا جاء مع الدعوة للإسلام، وإنما متداولة عند العرب ومعروفة لديهم، وربما تكون موجودة في الحضارات القديمة، ومنها وصلت إليهم، فأصلها من الصعب إثباته لقلة البحوث، غير أن الشواهد الشعرية تؤكد المعرفة العميقة بالكلمة ومعانيها التوحيدية عند العرب.

البعض يرى أن أصلها من الإله فحذفوا الهمزة وأدغموا اللام في اللام، فصارتا لاما واحدة مشددة مفخمة "الله".

فالعرب كانت تخشى الله وتتقيه فيما تقول وتفعل، وتقسم به، وتحسبه إذا أعطى أغدق وهو الحق الساطع المبين، وسموا به إنتسابا إليه، فهم تحت رحمته وقدرته، ومجموعهم عبيد الله، ومفردهم عبد الله.

الله الواحد الأحد الصمد وبأسمائه الحسنى، ربما كانوا يتقربون إليه ويتعبدون في كعبته وبيته العتيق.

فهل مَن بنى الكعبة عرَّفهم به؟!!

***

د. صادق السامرائي

لم تعد زيارة الأمام الحسين تخص طائفة.. نعم، كانت تخص طائفة يوم شعر الطاغية ان الزيارة الأربعينية صارت خطرا عليه، اما الآن فانها اصبحت تخص كل الطوائف والأديان والأقوام، وصارت اربعينيته، برغم انها اكبر تجمع ديني عالمي، أشبه بمؤتمر انساني عالمي للتلاقي الفكري والتواصل المعرفي والتلاحم الاجتماعي بين المسلمين من مختلف دول العالم، تسود ملاينها مشاعر المحبة والأخاء والأنسانية، ويوحدهم شعور نبيل وعظيم هو ادراكهم أن هدف ثورة الحسين هو تحرير الأنسان من الظلم والطغيان وان يعيش بكرامة في نظام قائم على العدالة الأجتماعية.

ليس هذا فقط، بل أن زيارة الأربعين وفرت، في سنواتها الأخيرة، فرصة استثنائية لأكتساب ثقافات وافكار جديدة من مجتمعات اخرى لديها ثقافات اخرى. وان الأجواء السيكولوجية للمناسبة اشاعت بين المشاركين روح التفاهم والتسامح والتعايش السلمي ونبذ الكراهية والطائفية والتعامل مع الناس بالتساوي.

وما يدهشك ان ثورات عظيمة في التاريخ، باتت الآن منسية، فيما ثورة الحسين تتجدد وتبقى خالدة رغم ان القائم بها كان رجلا واحدا، وانه مضى عليها اكثر من الف عام.. والسبب هو ان موت الضمائر وتهرؤ الاخلاق والزيف الديني هي التي تشطر الناس الى قسمين:حكّام يستبدون بالسلطة والثروة، وجماهير مغلوب على امرها.. فتغدو القضية صراعا ازليا لا يحدها زمان ولا مكان، ولا صنف من الحكّام او الشعوب.ومن هنا كان استشهاد الحسين يمثل موقفا متفردا لقضية انسانية .. عالمية مطلقة، مادامت هنالك سلطة فيها:حاكم ومحكوم، وظالم ومظلوم، وحق وباطل.. ما يعني أن زيارة الأربعين تكتنز قيماً ومبادئ اجتماعية ودينية وثقافية وسياسية ينبغي ان يوليها الأعلام العراقي اهتمامه بالتركيز عليها وتغليبها على الأنفعالات المبالغ بها بضرب الزنجيل وتلطيخ الرأس والوجه بالطين، التي ادانها الشيخ احمد الوائلي وخاطب الشباب أن (تادبوا بأداب الحسين، تخلقوا باخلاقه) ودعاهم الى ان يحملوا فكر الحسين. ومن جميل ما حصل في السنوات الأخيرة من شباب نقيض هؤلاء انهم نصبوا في طرق المشاة الخارجية من بابل والنجف الأشرف وبغداد الى كربلاء المقدسة سرادق ثقافية تعرض فيها الكتب والكراسات بعناوين ذات اهتمام الناس، وتحت شعار: "طالع ساعة واحصل هدية كتاب"، في تجربة متطورة لاقت اعجاباً وتفاعلاً من الشباب على وجه التحديد.

وقضية اخرى لم ينتبه لها كثيرون، ان ثورة الامام الحسين تنفرد بتعدد النظريات التي تفسر اسبابها، والشائع منها تمنحها هوية سياسية او اسلامية فيما الهوية الحقيقية لها انها ثورة اخلاقية. فلو كانت سياسية فان هدف القائم بالثورة يكون الوصول الى السلطة فيما الحسين كان يعرف انه مقتولا.ولو كانت اسلامية لما تعاطف معها مسيحيون وقادة غير اسلاميين بينهم غاندي، فضلا عن ان الحاكم (الخليفة) كان يحتاج الى الدين لبقائه في السلطة، وتلك قضية كانت غائبة عن الأعلام العراقي لسنين.

ودرس آخر نتعلمه.. يتعلق بـ (المبدأ)، فقد كان بامكان الحسين ان ينجو وأهله واصحابه بمجرد ان ينطق كلمة واحدة:(البيعة).. لكنه كان صاحب مبدأ: (خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدّي) والاصلاح مسألة اخلاقية، ولأنه وجد أن الحق ضاع: (ألا ترون أن الحق لا يعمل به)، ولأن الفساد قد تفشى وشاعت الرذيلة.. وكلها مسائل اخلاقية.

وكان عليه ان يختار بين: ان يوقظ الضمائر ويحيّ الاخلاق، أو ان يميتها ويبقى حيا.. فاختار الموت.. وتقصّد أن يكون بتلك التراجيديا الفجائعية ليكون المشهد قضية انسانية أزليه بين خصمين:سلطان جائر.. وجموع مغلوب على امرها، ورسالة واضحة المعالم الى كل الطغاة للكف عن أساليبهم في انتهاك حقوق الأمة، و أخرى للفقراء والمظلومين والمستلبين.. ان لا يأس مع من يقتدي بقيم الحسين، ويدرك أن هدف ثورته هو تحرير الأنسان من الظلم والطغيان وان يعيش بكرامة في نظام قائم على العدالة الأجتماعية.. ويتباهى ان الأربعينية صارت الآن اكبر تظاهرة دينية بهوية انسانية.. كربلائية.. عراقية!

***

د . قاسم حسين صالح

كنا في مناسبة اجتماعية  عندما تجاذبنا أطراف الحديث عن فعل الخير ومساعدة الفقراء والمساكين وحدثني أخ كريم  عن مجموعة أسسوها في الواتساب من الأصدقاء  لمساعدة الأرامل  يقدم كل عضو مبلغا من المال شهريا ويوجه لأرملة من الأرامل  و داوموا على هذا العمل منذ سنة 2018، هذه مقدمة لسؤال ماذا نستفيد من فعل الخير؟ ليس من الناحية الاجر والثواب فهذا الأمر مفروغ منه، بل هناك استفادة على مستوى الصحة العقلية والنفسية والجسدية فالذي يعاني من الاكتئاب علاجه الانخراط في عمل الخير، فلو كنت طبيبا متقاعدا تعيش الوحدة والعزلة وتشعر بفقدان المعنى، انخرط في أعمال الخير عالج مريضا فقيرا في بيته، تصدق ببعض المال، اكفل ارملة، ساعد محتاجا وستكتشف أن اكتئابك صار من الماضي والدراسات العلمية الغربية اكدت على ذالك

" وهذا ما أكده كتاب “خمسة تأثيرات جانبية للرفق” The Five Side Effects of Kindness  لـ”ديفيد هاميلتون” David Hamilton  في أن الأدلة العلمية أثبتت أن اللطف يغير الدماغ، ويؤثر على القلب والجهاز المناعي، وقد يكون ترياقًا للاكتئاب، وأننا كبشر مؤهلون وراثيا لنكون طيبين، وأن الرفق وفعل الخير اليومي له تاثيرات في جميع أنحاء أنظمتنا العصبية.

وفي دراسة قامت بها جامعة “أوهايو” الأمريكية تم تشجع الذين يعانون من الاكتئاب والقلق للإنخراط في أعمال الخير والأنشطة الاجتماعية، وحققت تلك المشاركة نتائح إيجابية، لذا اعتبروا أن فعل الخير قد يكون أكثر فعالية من تقنيات العلاج السلوكي السائدة، أما الذين يعانون الاكتئاب، فإن فعل الخير صرفهم عن التفكير في ذواتهم، وصرف انتباههم عما يعانونه من القلق والتوتر، وهو ما ساهم في تحسين صحيتهم النفسية والبدنية.

ومن الكتب الطريفة في هذا الشأن كتاب “تأثير الأرانب” The Rabbit Effect للبرفيسور ” كيلي هارديج” Kelli Harding

وهي طبيبة وباحثة أمريكية بدأت تجارب على الأرانب عام 1978 للبحث عن العلاقة بين ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم وصحة القلب، لكنها لاحظ أن الأرانب التي كانت تعاملها بلطف وعطف، كانت ذات صحة جيدة، وانطلقت ” هاردينج” من تلك الملاحظة للبحث عن التأثيرات الفيسولوجية والصحية لفعل الخير والعطف، وتقول ” كانت الأرانب مجرد بداية لقصة أكبر بكثير” ففعل الخير واللطف والعطف يجعل الإنسان أكثر أمنا وسعادة، وتلك من العوامل التي تبدو خفية لتحقيق الصحة، وربما هذا ما يؤكد أن جزءا من علاجات الإنسان القادمة قد تأتي من عالم الاجتماع، وليس من الصيدلية أو عيادة الطبيب.(1)"

لهذا انصحك أخي العزيز يا من تعاني من الاكتئاب بادر إلى فعل الخير و سارع في مساعدة غيرك إذا اردت ان يعينك الله و يسعدك فإذا أردت أن تَسْعَد أسعِد ..

وفي السنة النبوية الشريفة وردت أحاديث كثيرة تحث على فعل الخير منها :.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نفَّس عن مسلم كُربةً من كرب الدنيا نفس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).

وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (داووا مرضاكم بالصدقة). حسنه الألباني في صحيح الجامع

وهذا الحديث يؤكد ما وصلت إليه الدراسات الحديثة بأن فعل الخير يعالج كثيرا من الأمراض النفسية والعضوية...

***

الكاتب الكاتب والباحث في التنمية البشرية

شدري معمر علي

...........................

المرجع:

1- مصطفى عاشور، هل تستفيد من فعل الخير، إسلام أون لاين .

أصبح أحد أشهر فلاسفة العصر الحديث، ولا تزال كتبه تثير شهية دور النشر، الفرنسي إدغار موران والذي احتفل بعيد ميلاده "الثاني بعد المئة" قبل ما يقارب الشهرين، يرى أن الأزمة التي يمر بها العالم، أزمة شاملة، بل هو يراها أزمة فكر، ولهذا يطلق صرخته "لنستيقظ"، فنحن نيام وأول شروط اليقظة الاهتمام بالمؤسسات التربوية، وتقوية النقد والنقد الذاتي. وتشذيب مخالب البيروقراطية .

قبل أشهر أصدرت إحدى دور النشر السعودية، اتمنى ان ينتبه جنابك جيدا، قلت دار نشر سعودية تنشر لماركس ونيتشه وشوبنهاور وسارتر من دون ان يقتحمها رقيب، مثلما تفعل اجهزتنا الامنية وهي تقتحم شارع المتنبي بدعوى تقويم اخلاق القراء، آخر كتب موران بعنوان "مع ماركس وضد ماركس"، وفيه يحاول موران رد الاعتبار للألماني الذي مات معدماً، في هذا الكتاب يقرر موران الخوض في عالم شديد الغرابة والغموض، شديد التعقيد، ويحمل الكثير من المفارقات والسخرية السوداء، في صفحات كثيرة نجد موران لا يزال يحمل مشاعر دافئة تجاه كارل ماركس، يصرح دائماً بأنه كان ماركسياً، قبل أن يعتنق الماركسية، فهو لم يتوقف يوماً من التفكير والحوار مع ماركس الحقيقي، وليس ماركس الذي تريد له الأحزاب السياسية أن يعيش تحت أنقاض الماركسية .. وهو يرى أن تجربة الأنظمة الشمولية، التي فُرضت باسمه، أدت إلى تفاقم الانهيار الذي أصاب الأنظمة الشيوعية.

في بداياتي كنت متلهفاً لقراءة ماركس وكتابه كتاب رأس المال وحين حصلت على نسخة منه بترجمة السوري انطوان حمصي لم أستطع قراءة الجزء الأول وحاولت أن أجد ضالتي في كتاب الفيلسوف البنيوي لوي ألتوسير "قراءة رأس المال" فوجدته، يقول "إن القراءة الحقيقية التي يمكنها أن تكشف عن رأس المال هي القراءة الفلسفية، فقد قُرئ الكتاب من قبل علماء الاقتصاد والمؤرخين، ولكنه لم يُقرأ من قبل فلاسفة، يكشفون عن جوهره الحقيقي" .

يروي لنا الكاتب الراحل خالد القشطيني حادثة طريفة عن عمه المرحوم ناجي القشطيني الذي كان رقيبا في بغداد في بداية الخمسينيات، فقد أحضر صاحب المكتبة العصرية نسخة من راس المال لإجازته، فقرر الرقيب أن يأخذ نسخة الكتاب معه للبيت ليقرأه ومرت أشهر ولم يحصل صاحب المكتبة على جواب فاضطر إلى أن يراجع الرقيب.

* أستاذ ناجي هذا الكتاب فاتت عليه مدة طويلة، إما توافقون عليه حتى نوزعه وإما تمنعوه حتى نرجعه للناشر في بيروت.

- أي كتاب تقصد؟

* هذا اللي كتبه واحد شيوعي، يقولون عليه رأس المال؟

- تذكرت هذا أخذته للبيت، كل يوم أقرأ منه صفحة صفحتين فلا أفهم شيئاً، هو يعني إذا أنا ما أقدر أفهمه، الناس شلون راح تفتهمه؟ روح أخي، وزِّع هذا كتاب.

***

علي حسين

يُقال ان الاشياء لا تتسم بالعالمية، ما لم تلامس سكان العالم كلهم، وتعبر فوق ألوانهم وأشكالهم وما يعتنقون من مذهب وما يعتقدون به من افكار، فكل شيء يمكنه ان يجمع الناس بهذه الكيفية يسمى عالمي، فالموسيقى هي لغة عالمية، ليست بحاجة الى ترجمة لتصل الى وجدان الناس، كذلك مقطوعات الأدب العالمي، سُميت عالمية لانها تعبر عن الانسان وما يحمله من هموم، و ما يروم اليه في كل زمان ومكان و بما يحمله من انسانية، من الشرق او الغرب، فهي القاسم المشترك بين البشر.

كذلك الأمام الحسين (عليه السلام) لم يكن رمزاً أسلاميا، او عربياً او يمثل مذهباً يوما ما، بل كان مشروعاً للأنسانية منذ البداية، فقد أُختير له هذا الدور ليلعبه، وهذه المكانة ليشغلها وهذا المقام ليعتليه بلا منافس منذ اليوم الاول لولادته.

والدليل على ذلك لا يذكر لنا التأريخ بشكل واضح عزاء يتجدد بهذه الحرارة بعد الاف سنة لرجل عاش في هذا الكون، الأ للأمام الحسين، لذلك لم تعد أطروحة الأباء والثورة على الطغاة وصور البطولة والشجاعة التي سطرها الأمام الحسين وآله وصحبة، تفي لشرح او تعليل ما يحدث كل عام على طريق كربلاء.

من مشاهد البذل والعطاء في طريق الزيارة الاربعينة للأمام الحسين، فّلم يعد الأمر طقسأ دينياً او أحياء لشعيرة مذهبية، بل أصبحت ظاهرة أنسانية ونقطة جذب للبشر من مختلف انحاء العالم، فهو حدث عالمي، يتجدد وينمو ويفور بشكل متصاعد كل عام، نفهم من ذلك أن الحسين عالمي الوجود، يوجه رسائل للعالم من خلال المسيرة تحمل مدلاليل أهمها؛ ان البقاء للفضيلة لا للرذيلة، ان البقاء للأباء لا للخذلان والميعة، ان البقاء للعفة لا للتهتك والعري، ان البقاء للفطرة السليمة لا للشذوذ والمثلية، الذي يتجه العالم الغربي بهذه الموجه نحو الهاوية.

فالزيارة الحسينية هي بوصلة الانسانية الصحيحة، والحدث العالمي، الاكثر أحقية بتلسيط الضوء الأعلامي العالمي عليه، بدل من تسليط الضوء على احداث أخرى وشغل منصات الأعلام بمشاهد سطحية، ومهرجانات العُري، بل الأسوأ هو محاولة البعض الى تشويه هذا المسير من خلال، نشر ونقل مشاهدات سلبية، لا تمثل هذا الرّكب.

تتمثل عالمية الحدث في عدة نقاط اهمها:

- إنه التجمع البشري الأكبر عالمياً.

- إنه التجمع البشري الأكبر الذي لاينفق به الناس من أجل المأكل او المشرب او المبيت!

وهو بذلك يتعدى ميزانية الدول المجاورة

- إنه التجمع البشري الأكبر عالميا،الذي يكون بأنسيابية عالية في مدينة تعد صغيرة نسبياً، ومع ذلك تستوعبهم بنهاها التحتية وتكاد تخلو من الحوادث .

كل ما تقدم تنفرد به الزيارة الاربعينة بشكل عالمي، فلا يوجد حدث في العالم يتم بهذه الطريقة مطلقا.

لم يعد الجانب المادي وما يقدمه الفرد العراقي في سبيل احياء هذه الشعيرة، هو محور الدراسة كيف؟ ولماذا؟ ومن أجل من؟

بل هناك جانب روحي معنوي هو من يقود هذه الجموع المليونية ويحملها على المسير على الاقدام مئات الكيلومترات تحت حرارة الشمس وفي الجانب الأخر من الطريق الالاف التي تقوم بالخدمة بشكل جنونّي لأظهار الزيارة الاربعينة بهذا الشكل للعالم.

بادرت هذا العام وبشكل مسبوق المؤسسات الأعلامية العراقية متمثلة بهيأة الاعلام والأتصالأت العراقية التي ارسلت بدورها دعوات رسمية لعدد كبير من الصحفيين والاعلاميين العرب والقنوات الأجنبية، لتغطية هذا الحدث من على ارض الواقع، كذلك عقدت مؤتمراً ضم العديد من المحللين السياسيين، للنظر في الزيارة الاربعينة كونها الحدث المجتمعي الأبرز وإعادة دراسة المجتمع العراقي وفق الرؤية الاربعينة الحسينية.

وقد يسأل سائل ماذا قدمت لكم هذه الزيارة، في عالم يعاني شح بالموارد، وندرة بالغذاء ونقص بالمياه الصالحة للشرب، وتوجه عالمي لإقصاء البشرية للوصول الى المليار الذهبي!

اولا/ في ظل عالم يُسوق للجوع و(لتصنيع اللحوم في المعامل) بحجة أنها الأفضل والأرخص وبحجة أن الأنسان لا يمكنه استهلاك اللحوم الى ما لا نهاية، يطبخ خدمة الحسين اجود انواع اللحوم (الطبيعية) على مبدأ الوفرة وليس الندرة!

ثانيا/ في الوقت الذي يسوق الأعلام الاصفر موجة الكراهية والعنصرية بين المسلمين وغير المسلمين في العالم، يفتح الناس في العراق بيوتهم للغرباء للمبيت والراحة بل ويقومون على خدمتهم، وتزداد مشاهد الالفة والمحبة بين الناس بشكل لا يمكن فهمه او تفسيره، على الرغم من اختلاف الوانهم، وجنسياتهم فتجعمهم الأنسانية.

ثالثا/ في الوقت الذي باتت دول العالم بفرض أجناداتها المسمومة من نشر الشذوذ بين الاطفال بالمدارس وحثهم على تغيير (اجناسهم) رغم انها دول تدعي الحضارة والحرية والديمقراطية، الا انها تسير بالضد من الفطرة الانسانية السليمة، يشهد المسير الحسيني صوراً للزائرين بكل وقار وحشمة وحرية بدون أي تعدي على حرياتهم الشخصية.

لذلك ستستمر المسيرة الحسينية وشعيرة الزيارة الاربعينة، عاماً بعد عام، وستصبح طقساً من طقوس الانسانية. هكذا أرى وهكذا ستكون.

***

رسل جمال

صناديق الأقتراع ليست معيارا حقيقيا للديموقراطية في الكثير من البلدان، التي يتوجه الناخبين فيها الى صنادق الأقتراع بشكل دوري. فتعديل الفترة الزمنية للحكم من 4 الى 7 سنوات من قبل الحزب الحاكم أو زعيمه في بلد ما بتغيير فقرات دستورية، لا تمت للديموقراطية بصلة. والتعديلات الدستورية لزيادة الفترة الرئاسية من فترتين الى ثلاث أو أربع أو أكثر، تعتبر من الضربات القاسية لمفهوم الديموقراطية وممارستها. ووجود حزب أو حزبين فقط يتصارعان أنتخابيا في بلد ما، هو الآخر بعيد عن المنافسة الديموقراطية، إذ من غير الممكن أن يكون حزبان فقط يمثلان جميع الطبقات الأجتماعية في بلد تعداد سكّانه مئات الملايين، والأزدواجية في تقييم أنقلاب على الشرعية في بلدان مختلفة تبعا لمواقف دول معينة تجاه أنظمة معينة، هي تحريف لمفهوم الديموقراطية معنى وممارسة.

لو لم تحتل الولايات المتحدة العراق وتغيّر نظام الحكم فيه، لكان النظام البعثي الفاشي لازال يحكم البلد، ولكان التوريث هو نمط نظام الحكم فيه، وهذا ما أثبته واقع المعارضة العراقية الضعيف والمتصارع والمتشرذم وولاءات أحزابه الخارجية، وهذا الأمر أي عدم أستطاعة المعارضة العراقية من أسقاط نظام البعث الدموي، كانت تتحدث به أقطاب المعارضة ورجالاتها قبل الأحتلال، وبعضهم يقولها لليوم! وهذه السياسة أي سياسة التوريث نجحت  في سوريا، وكانت في طريقها للنجاح في مصر وليبيا لحدود معيّنة، على الرغم من عدم ممارسة تلك الأنظمة لجرائم كبيرة كجرائم البعث العراقي تجاه شعبه وشعوب المنطقة.

الغابون الغنية بالنفط والعديد من المعادن، حكمها ثلاثة رؤساء أوّلهم الدكتاتور ليون مبا 1961 – 1967، ليخلفه بعد موته الرئيس عمر بونغو 1967 -2009، ليرث السلطة بعد 42 عاما من حكمه أبنه علي بونغو سنوات 2009 – 2013 . الوريث وللتغيّرات الكبيرة في العالم بعد أنهيار الأتحاد السوفيتي، وبضغط من فرنسا والغرب أعتمد النظام "الديموقراطي" ففاز في أوّل وثاني أنتخابات بالبلاد وهذا أمر مفروغ منه في ديموقراطيات الموز إن جاز التعبير، وعلى الرغم من أصابته بجلطة دماغية قبل بضع سنوات الا أنه رشّح نفسه لولاية ثالثة جديدة وفاز بها. ولو ترك على بونغو حاكما للبلاد، لكان أبنه نور الدين بونغو رئيسا للبلاد بعد وفاته.

النظام " الديموقراطي" بالعراق لا يختلف كثيرا عن " ديموقراطية" الغابون، صحيح أن لا هناك توريث شخصي في الحكم الا في كوردستان العراق، الا أننا نجد توريث حزبي. فديموقراطية الموز بالعراق، لا يترشح منها قادة منتخبون ديموقراطيا، كون الديموقراطية عندنا معلّبة وجاهزة للأستهلاك المحلي. فصناديق الأقتراع تفرز قادة شيعة وسنّة وكورد في كل دورة أنتخابية، على الرغم من فشل هؤلاء القادة ومعهم أحزابهم في حل مشاكل البلاد، بل ولنكون منصفين في وصفنا، فأنّهم السبب الرئيس في تعميق مشاكل البلاد.

عشرات الدورات الأنتخابية المحليّة والبرلمانية منها والرئاسية عند وجود ضرورة عند زعماء المحاصصة لأجرائها مستقبلا، لا تنتج نظام حكم وطني يأخذ على عاتقه بناء عراق جديد. ولأننا جرّبنا حكم العسكر لعقود طويلة، وكانت نتائجها كارثية على مستقبل شعبنا ووطننا، فعلينا أن نرفض تجربة الغابون وغيرها من البلدان في أنقلاباتهم العسكرية لتغيير شكل السلطة. فنحن بالعراق اليوم لسنا بحاجة لأصلاح أو تغيير شكل السلطة، التي فشلت الأنتخابات السابقة والقادمة في تغييرها، بل نحن بحاجة الى تغيير شكل النظم السياسي بالبلاد، وهذا التغيير بحاجة الى حراك جماهيري واسع على غرار أنتفاضة تشرين، والى قوى سياسية جماهيرية نابعة من رحم المعاناة لتتقدم جماهير شعبنا المكتوية بسياسات المحاصصة التي نهبت البلاد والعباد. الجماهير اليوم يائسة تقريبا من تحسّن أوضاعها وأوضاع البلد، لذا نرى غالبيتها  لا تفّكر الّا بلقمة عيشها ، لكن أحساسها بالظلم والتهميش موجود في دواخلها، وعلى القوى الديموقراطية بالبلاد أن تصطف الى جانب شعبها وتبتعد عن المناكفات فيما بينها، لتعمّق هذا الأحساس عند الناس وتدفهم للأنفجار في وجه منظومة الفساد.

تستطيع العربة الخربة أن تسير أذا وضعت في أعلى طريق منحدر (مثل روسي). 

أستطاعت عربة المحاصصة أن تدمّر كل ما هو أمامها، فلنعمل على أن لا تستمر بالصعود لتصل الى أعلى المنحدر، لأنّ حينها يكون العراق أثرا بعد عين.

***

زكي رضا - الدنمارك

تتصاعد الانقلابات المتتالية في القارة الافريقية فبعد إعلان مجموعة من الضباط في الجيش الغابوني الاستيلاء على السلطة وإلغاء نتائج الانتخابات بعد دقائق فحسب من إعلان فوز علي بونغو بولاية رئاسة ثالثة، وصل عدد الانقلابات التي شهدتها منطقة غرب ووسط أفريقيا منذ 2020 إلى ثمانية. تأتي هذه "العدوى الانقلابية" بعد أن قطعت المنطقة شوطا خلال العقد الماضي للتخلص من سمعتها "كحزام للانقلابات" وتتساقط الحكومات الموالية لفرنسا في غرب ووسط أفريقيا الواحدة تلو الأخرى وتعرضت دبلوماسيتها خلال السنوات الماضية لمجموعة من الإخفاقات أظهرت تراجعا مطردا للنفوذ الفرنسي على عدة أصعدة وأعطى المجلس العسكري في النيجر الخميس تعليماته للشرطة بطرد السفير الفرنسي في نيامي. وبعدما منح العسكريون الانقلابيون مهلة 48 ساعة للمسؤول الدبلوماسي الفرنسي لمغادرة البلاد ويظهر من خلال دعوات تلك الانقلابات بخروج القوات الفرنسية من بلدانهم ولعل أكبر صدمة تلقتها باريس في السنوات الأخيرة هي من قبل الدول الاوروبية وامريكا، وكانت في سبتمبر/ أيلول 2021، حين ألغت أستراليا وبشكل مفاجئ "صفقة القرن" المتعلقة بشراء غواصات فرنسية بقيمة 56 مليار يورو، بعدما فضّلت كانبيرا غوّاصات أمريكية تعمل بمحركات نووية في إطار سمي باتفاق "أوكوس" بين أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا. الخطوة الأسترالية أحدثت صدمة لدى دوائر صنع القرار في باريس التي رأت أن فرنسا تلقت طعنة في الظهر مس هيبتها كدولة كبيرة. بعدها تأزمت العلاقات بين باريس وبرلين في سياق الحرب في أوكرانيا. ففي الوقت الذي تسعى فيه باريس لبناء استقلالية عسكرية وأمنية أوروبية، بلورت برلين رؤيتها الخاصة واختارت التزود بالسلاح الأمريكي بالدرجة الأولى في إطار حزمة مائة مليار يورو لتحديث الجيش الألماني. والخلافات بين البلدين تشمل أيضا مجالات استراتيجية أخرى كالطاقة على سبيل المثال لا الحصر.، في تطور اخر ملحوظ يشير بتغيير سريع تتضح ملامحه يوما بعد يوم في مفردات وقواعد اللعبة بتلك المنطقة من العالم. إعصار الانقلابات اجتاح تسع دول أفريقية خلال السنوات الثلاث الأخيرة،  وتتعزز المؤشرات التي تفيد بأن كل الانقلابيون قد يسلكون نفس الطريق الذي سلكه قبلهم أقرانهم في مالي وبوركينا فاسو، الذين استبدلوا حليفهم الفرنسي التقليدي، وجاءوا بحليف جديد هو روسيا التي يتعاظم نفوذها في أفريقيا بشكل كبير منذ سنوات. آخر هذه الانقلابات هي في  الغابون وتم تعيين القائد النافذ في الحرس الجمهوري الجنرال بريس أوليغي انغينا "بالإجماع رئيسا للجنة انتقال واستعادة المؤسسات ورئيسا للمرحلة الانتقالية وأن المظاهرات التي خرجت في الشارع تأييدا للانقلاب، ربما برهنت على أن هناك سخطا على سياسات النظام السابق ورفضا لاستئثار طبقة معينة بثروات البلد العضو في منظمة أوبك وسابع أكبر الدول الأفريقية إنتاجا للنفط، وسط اتهامات لبونغو بالمحاباة والمحسوبية، والغابون التي كانت مستعمرة فرنسية حتى عام 1960، ظلت تحت حكم بونغو وعائلته حليفا قويا لباريس، التي تعتبر من اغنى تلك البلدان وهو من أول منتجي الذهب الأسود في أفريقيا  وتعد إحدى الدول الأفريقية الأكثر ثراءً لناحية الناتج الإجمالي المحلي للفرد الواحد (8,820 دولاراً عام 2022)، بفضل النفط والخشب والمنغنيز، وعدد سكانه المنخفض (2,3 مليون نسمة  ويعيش فرد واحد من أصل كل ثلاثة تحت خط الفقر؛ وفق أرقام أُعلنت أواخر عام 2022، وفق البنك الدولي وتحتلّ الغابات 88 في المائة من مساحته البالغة 268 ألف كيلومتر مربع  واشتهرت نبتة الإيبولا التي تحتوي على مواد المؤثّرات العقلية، لمعالجة مدمني المخدرات أو مساعدة ضحايا اضطراب ما بعد الصدمة وتأتي من التصدير غير القانوني وهي شجيرة مستوطنة في الغابات الاستوائية في وسط أفريقيا. وتُستخدم في الغابون على شكل مسحوق لحاء يُستخرج من جذوعها، في احتفالات «بويتي»، وهي طقوس تقليدية، وقد اعلنت مجموعة من ضباط الجيش استيلاءهم على السلطة في البلاد، وإلغاء نتائج الانتخابات الرسمية الأخيرة، التي فاز فيها الرئيس علي عمر بونغو أونديمبا بولاية ثالثة  والذي اصبح اسم والده عمر بونغو بعد اعتناقه الإسلام  وهو الضابط السابق، الذي عمل مع الفرنسيين في أثناء مرحلة الاستعمار الفرنسي في أفريقيا وعملت فرنسا على إعداده بتأنٍ لسنوات شبكات «فرنسا الأفريقية». وفي عام 1967 أصبح رئيساً جديداً لدولة الغابون والذي قاد السلطة منذ 14 عاما في هذا البلد  . وقد انتخب علي عمر بونغو لأول مرة في عام 2009 بعد وفاة والده عمر بونغو أونديمبا، الذي حكم البلاد لمدة 41 عاما.، هذه القارة التي تضم من بين ترابها المئات من الطاقات المتنوعة التي وهبها الله لها دون أن تستفيد منها شعوبها التي تعيش حالة من الفقر الشديد وتنتفع من خيراتها دول اخرى وشعوب اخرى، والانقلاب يعني أن موجة الانقلابات مستمرة وان الحقبة الاستعمارية انتهت او تتجة الى النهاية وتحل محلها الحكومات العسكرية، والى انقلاب جديد في بلد أفريقي جديد.

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

تعبير آخر زمان يتكرر عبر الأجيال، يُذكر أن المسلمين توهموا بأنهم يعيشونه، والقارعة واقعة لا محالة، عندما إحتل هولاكو بغداد وأسقط الخلافة فيها.

وبين فترة وأخرى تنطلق أوهام آخر زمان، وفي الوقت الحاضر هناك أبواق راتعة في مستنقعات البهتان، تترنم بأوهامها التي تحسبها من علم اليقين، وتبرر ما يحصل من المآثم القبيحة والملمات الفظيعة على أنها علامات آخر الزمان.

وهذه الحالة تكاد تكون في أديان عديدة، والحقيقة أن الحياة دائرة مفرغة، لا يمكن معرفة بدايتها ولا نهايتها، فالأزل والأبد لا ينفصلان عن بعضهما، والقول بأن الدوران سيتوقف، وشعلة الحياة ستخمد، أشبه بأضغاث أحلام.

من المؤكد بتوفر المعلومات الأوسع عن الكون، أن الأرض، وربما المجموعة الشمسية بأسرها، قد تصبح فريسة لثقب أسود، وعندها ستنتفي، وتتحول إلى غبار كوني، تتلقفها كواكب لا تعد ولا تحصى، وقد يتكوّن منها فيها ما يتكوّن، أو تنمحق ولا يكون لها أثر.

أما القول بقيامة القيامة بأساليب واهية، فهو متاجرة بالبشر وأخذهم إلى ميادين سقر المطلوبة، لتأمين وجود الآخرين متسلطين عليهم ومصادرين لمصيرهم.

ويوم قيام الساعة، لا يعرف آخرا ولا أولا، إنها حالة مباغتة، وإحتماليات حصولها واردة، ونسبة ذلك مجهولة، لمحدودية معارفنا، لكنها تحصل بهجمة كونية إفتراسية، أو عندما تنظفئ الشمس، والأرض تتعب من الدوران، أو تتباطأ قليلا.

لكن البعض يبقى يتحدث عن آخر أيام الدنيا، ولابد من الفظائع لتأكيد أنها النهاية، التي تستدعي مَن يقوّم السلوك البشري، والأديان على مدى قرون عجزت عن تهذيب البشر، بل حولته إلى وحش كاسر بإسم الدين.

فالدنيا بلا أول ولا آخر!!

ومرّغ الناس بالأليم وحدّثها عن النعيم!!!

***

د. صادق السامرائي

مفردات هذا الجزء: هسه-هِطَر-هف –هللو – هِمَش-هوسة-هياته -هيوا - ورقة - وسادة -وياي:

 أبدأ بتكرار التعليق الذي كتبته ردا على عدد من تعليقات الأصدقاء والصديقات حول وجود بعض الكلمات في المنشور السابق في لهجات بعضهم العربية فهو ينطبق أيضا على كلمات هذه الحلقة من المفردات فأقول: لا شك في وجود بعض الكلمات التي أوردتُها في هذه المنشورات في اللهجات العربية الأخرى، لأن اللغة الأصل أي اللغة العربية الفصحى ولهجات القبائل العربية واحدة ولكنها تتنوع من إقليم إلى آخر، فما قد نجده في العراق قد نجده في المغرب الأقصى ومصر، ولا نجده في غيرهما. وما نجده في الجزائر واليمن قد لا نجده في اللهجة العراقية...وما كتبته من كلمات جاء من خلال معرفتي بلهجتي العراقية وليس بجميع اللهجات العربية الأخرى فكلمات مثل ملخ، أثرم، دحس، مسودن، يهرت، دحس، مزهلل ...إلخ، لا وجود لها في اللغة العربية المكتوبة الفصيحة المعاصرة ولا أستطيع الجزم بأنها موجودة في لهجة عربية معينة أخرى. وكلمات مثل بسط ومبسوط قد يكون لها معنى معاكس لمعناها العراقي (ضربه ومده أرضا) فهي في الشام ومصر تعني (جعله مبسوطا أي مرتاحا وسعيدا وراضيا). ومع ذلك فسيكون مفيدا جدا لو ذكرتم بالتحديد الكلمات المشتركة والموجودة في لهجتكم مع ذكر اسم البلد والمدينة ولكم جزيل الشكر سلفا.

كما يسرني أن أطلع على تعليقاتكم بخصوص الكلمات التي كتبتها بصيغة احتمالية أو متسائلة وغير قطعية انطلاقا من لهجاتكم أنتم وهل توجد فيها هذه الكلمات بهذا المعنى أم بغيره.

سيكون ترتيب الفقرات كالآتي: رقم الفقرة ثم الكلمة كما تلفظ في اللهجة العراقية ثم علامة مساواة وبعدها لفظ الكلمة في اللهجة المندائية بين قوسين ثم معنى الكلمة في المندائية فمعناها في العراقية فرأيي الشخصي بهذا التخريج مع التوثيق المعجمي. ولكم الشكر مقدما:

257- هسه =(هشتا) الآن، في هذا الوقت. وهذا اللفظ هو اختزال مشهور لعبارة " هذه الساعة" وتلفظ أحيانا في بغداد "هسَّ أو هسع" وفي مدن ومناطق أخرى "هسَّ / هسه". والمؤلف على علم بهذا التخريج ولكنه يصرُّ على رفضه ويقول (ولذلك ليس من المقبول ربط اللفظ بـ "هالساعة" بمعنى هذه الساعة! وهذا نوع من العناد الذي لا علاقة له برصانة الباحث العلمي المعجمي واللغوي عموما، فهذا النوع من الاختزالات موجود في جميع اللهجات العربية ففي اللهجات الشامية نسمع (هلق) التي تعني هذا الوقت، وفي مصر نسمع (دي الوقتِ)، وفي الجزائر نسمع (ضُروَّك - دورك) وتعني في هذا الوقت.

260- هِطَر =(هطر) تعني في المندائية ضرب. وفي العامية تعني ضربه أيضا. وفي اللغة العربية تعني الضرب بخشبة نقرأ في لسان العرب وفي المحيط (هَطَرَ الكلبَ يَهْطِرُهُ: قَتَلَهُ بالخَشَبَةِ، أو هو مُطْلَقُ الضَّرْبِ). وفي معجم المعاني (هطر الكلب: ضربه. 2- هطر الكلب: قتله بالخشبة).

261-هف =(هف) وتعني في المندائية يفرك، يصقل، يحك. وفي العامية لها معنى هطر أي ضرب بشكل مباغت وسريع. ومن معاني هفَّ في اللغة العربية الخفة والحركة السريعة فيقال (هفَّ الشَّخصُ: أسرع في سيره). هَفَّ الضَّوْءُ: لَمَعَ. هَفَّ الريحُ هَفًّا وهفِيفًا: هبّت فَسُمِع صوتُ هبوبها. هَفَّ الشيءُ هَفِيفا: خَفَّ وزنُه.

266-هللو =(إلو) وتعني في المندائية إذا لم. وفي العامية تأتي لتعني التعجب والاستغراب ويضرب لها المؤلف مثلا في قولهم (هللو، هذا منو؟). وهذا تخريج مضحك حقا فالكلمة تقال للتحية في العامية العراقية الحديثة نقلا عن (هللو) الإنكليزية (HELLO) وهي كثيرة الاستعمال وفي تعبيرات مختلفة وقصيرة قد تفيد إضافة الى التحية السخرية والتعجب والاستغراب حسب سياق الجملة.

271-هِمَش =(همشا) وتعني خمسة في المندائية. ويقول المؤلف "ويقصد بها في العامية خطف الشيء من مكانه بالقوة أو بالغفلة ولا يكون هذا الخطف إلا باليد من خلال فتح الأصابع الخمسة". وهذا تخريج ضعيف وكاريكاتيري. والكلمة عربية ونقرأ في (المعجم: الرائد، والمعجم الوسيط...الهَمِشُ: السَّرِيعُ العمل بأَصابعه، هَامَشَهُ في كذا: عاجَلَه فيه).

281- هوسة =(هوشا) اضطراب، معاناة، ألم. لا علاقة للكلمة في العامية العراقية بهذه المعاني، بل من معانيها "الفوضى"، أما كمصطلح فهي تعني نوعا من الأراجيز الحربية التي يرتجلها المقاتل العشائري أو المُهوال (الشخص التي يتولى ارتجال وإلقاء الأراجيز بنبرة حماسية) للشحن العاطفي والتحميس والتجييش وهي من تقاليد القبائل القحطانية في العراق خاصة. وقد تكون لها علاقة بمفردة "الهوس" التي من معانيها (حالة من الانفعال أو ارتفاع المزاج بشكل غير طبيعي، والإثارة).

289- هياته = (هانتا) ذلك تلك...وتستعمل في العامية كاسم إشارة. وهذا تخريج ضعيف والأغلب أن هذه اللفظة هي إدغام لعبارة " ها هو" بطريقة أسهل على اللسان وهي بعيدة عن "هانتا" المندائية وأقرب إلى اسم الإشارة هاته. التي يعرفها معجم المعاني كالآتي: هَاتِه: كلمة أصلها اسم الإشارة (هَاتِهِ) وجذعها (هاته). ومن الاختزالات الجميلة في اللهجة التونسية العربية يقولون "هاكه هوا" ويقصدون "هكذا هو الأمر"، ومن اختزالات اللهجة الجزائرية يقولون "كيراكم" ويعني "كيف أراكم؟ أو كيف أنتم"، وأحيانا يقولون (وشراكم؟) وهي عبارة مدغمة (وأي شيء أراكم؟) أي كيف حالكم؟!

291- هيوا = ويستنبط المؤلف من الكلمة السابقة في المندائية (هِيو =(هيوا) وتعني في المندائية حيوان بهيمة وفي العامية يوصف بها عدم الانضباط والتصرف غير اللائق)، يستنبط منها اسم رقصة عراقية جنوبية هي رقصة الهيوة وهي رقصة ذات جذور أفريقية يرقصها السمر العراقيون ذوو الأصول الأفريقية في البصرة وبعض دول الخليج. ونقرأ لأحد العارفين بهذه الرقصة "يبدأ تشكيل الهيوة من (الميدان) بعد ان تعلق في احدى جهاته راية، تسمى (الشنيار) ثم يتوزع الجالسون فيها بينما يترك الوسط فارغاً لممارسة الرقصة. ومن الآلات الموسيقية الأفريقية التي لا تزال تستعمل حتى الآن في هذه الرقصة: المسوندو وهي آلة ايقاعية مخروطية الشكل. وآلة الجكانكا: وهي آلة ايقاعية تشبه آلة المسوندو من حيث الشكل الخارجي والفتحات والجلد وطريقة الضرب ولكنها أصغر منها حجما/ مدونة على النت باسم (سماعي)". فما علاقة هذه الرقصة الأفريقية بالمندائيين؟

296- ورقة =(يورقا) في المندائية أخضر. يقول المؤلف (إن اللغة العربية أخذت هذه التسمية التي هي صفة لون الورقة من المندائية وعممتها تسمية لورقة النبات وورقة الكتابة) ويربط بينها وبين اللون الأخضر ومرض اليرقان. وهذا تخريج عشوائي آخر، ولا دليل عليه والكلمة موجودة في جميع المعاجم العربية القديمة والحديثة فربما كان العكس هو الذي حدث أو أنها لفظة مشتركة بين عدة لغات جزيرية "سامية". نقرأ في لسان العرب (الوَرَقُ: وَرَقُ الشجرة والشوك. من أَوْراق الشجر والكِتاب، الواحدة وَرَقةٌ)، وفي المقاييس نقرأ (الواو والراء والقاف: أصلانِ يدلُّ أحدُهما على خيرٍ ومال، وأصله وَرَق الشَّجر).

297- وسادة =(بيسادا). وتعني وسادة. وهو ذات المعنى لهذه الكلمة في المعاجم العربية وبلفظها نفسه (وسادة) وليس باللفظ المندائي البعيد "بيسادا"! نقرأ في معجم المعاني: الوِسادة بكسر الواو، جمع وسائد، المخدة = ما يوضع تحت الرأس عند النوم. وَسادة: (اسم) الجمع: وِسادات ووَسائدُ و ِساد؛ وَسادة / وُسادة / وِسادة. مِخَدّة، ما يُوضع تحت الرَّأس عند النَّوْم وسائدُ من صوف/ قطن. وفي لسان العرب نقرأ (الوِساد والوِسادَةُ: المِخَدَّةُ، والجمع وسائِدُ وَوُسُدٌ. الوِسادُ المِتَّكَأُ وقد تَوَسَّد ووَسَّدَه إِياه فَتَوسَّد إِذا جعَله تحت رأْسه، قال أَبو ذؤيب:

 فكُنْتُ ذَنُوبَ البِئْرِ لَمَّا تَوَشَّلَتْ .........وسُرْبِلْت أَكْفاني، ووُسِّدْتُ ساعد

301- وياي =(لوا) يرافق يذهب مع، يلازم. تخريج خاطئ تماما، لفظاً ومعنى. فاللفظة عربية فصيحة تلفظ دون همز في اللهجة العراقية واللهجات الخليجية وهي "وإياي/ وإياكم، وإيانا" وهي ضمير نصب منفصل للمفرد المتكلم بنوعيه مسبوق بواو المعية. ثم أن اللفظة المندائية (لوا) بعيدة عن العربية.

***

علاء اللامي

.......................

* للاطلاع على الأجزاء السابقة من الدراسة: لهجة عراقية اللامي

*مختصرات المراجع والمعاجم التي ورد بعضها في فقرات المعجم أعلاه:

اللسان: لسان العرب لابن منظور

التاج: تاج العروس في جواهر القاموس للزبيدي

المصباح: المصباح المنير لأحمد بن محمد بن علي الفيومي.

المقاييس: مقاييس اللغة لأحمد بن فارس القزويني الرازي

الجمهرة: جمهرة اللغة لابن دريد الأزدي

الصحاح: الصحاح في اللغة ويعرف أيضا بـ (تاج اللغة وصحاح العربية) لابن حماد الجوهري.

العباب: العباب الزاخر واللباب الفاخر للحسن بن محمد الصغاني

القاموس: القاموس المحيط للفيروزآبادي

المختار: مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي وهو معجم مختارات من معجم الصحاح في اللغة للجوهري.

الوسيط: المعجم الوسيط تأليف نخبة من اللغويين بمجمع اللغة العربية بالقاهرة الرائد: معجم ألفه اللبناني جبران مسعود.

الغني: معجم الغني الزاهر، ألفه المغربي الدكتور عبد الغني أبو العزم.

المعاصر: سلسلة المعجم العربي المعاصر للعراقي هادي العلوي

المعاصرة: معجم اللغة العربية المعاصرة للمصري أحمد مختار عمر

***

علاء اللامي

 

كان الإعلام ومازال سلاحاً ضد الظلم والاستبداد فمن خلاله تُكشف الحقائق ويظهر المستور ويزداد الوعي، وله دور كبير في نشر الثقافة والترفيه، ومن خلاله يتم تبادل الأخبار والمعلومات في جميع المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية. وللإعلام دور مهم في تغيير أنظمة استبدادية من خلال كشف فساد تلك الأنظمة ، فهو ينقل الوقائع بموضوعية دون تزييف أو تحريف أو تسويف أو استغلال فيكشف مكامن الفساد ويقترح السبل المناسبة لمعالجتها ، ويطلق على الإعلام بالسلطة الرابعة لما لها من أهمية في محاسبة كل المتخاذلين في خدمة البلاد وبذلك يكون لوسائل الإتصال والإعلام الحق في محاسبة الدول والحكومات من أجل أن تنعم الشعوب بالسلام والعدالة والحياة الكريمة. وتتجلى أهمية الإعلام ووسائله أيضا في أنه أقوى سلطة تؤثر على الشعوب وكما يقول مالكوم إكس: وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض، لديها القدرة على جعل الأبرياء مذنبين وجعل المذنبون أبرياء، وهذه هي القوة، لأنها تتحكم في عقول الجماهير، لذلك من الضروري إلتزام معايير وقيم وقوانين تنظم العمل الإعلامي بكل وسائله حتى لا يسوغ للبعض استعماله بطرق ملتوية وغير أخلاقية، ومن هنا فأن أهم ما يتميز به العمل الإعلامي الصحيح هو التزامه بالقيم والمبادئ التي تحدد سيره إلى الأمام ومن بين هذه الأمور المتبعة في العمل الإعلامي هو المصداقية في نقل الأخبار والأحداث بكل مهنية وموضوعية ويشمل ذلك كل وسائل الإتصال كالصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية ... وغيرها، فالالتزام بالمصداقية مهم جداً من أجل كسب ثقة الجمهور المتلقي للأخبار ، وكذلك الحال في نقل الصور وعرضها في وسائل الإتصال بحيث تكون الصورة دقيقة وصحيحة دون استقطاع جزء وترك الجزء الآخر أو حتى التلاعب بالصورة و إخفاء الحقيقة خاصة مع ظهور برامج لتزييف الصور والتلاعب بمصداقيتها . ومن أخلاقيات العمل الإعلامي أيضاً هو حماية الخصوصية وعدم التعدي عليها وكذلك إحترام الكرامة الإنسانية وذكر مصادر الأخبار وتحري الدقة في نقل الأخبار والمعلومات. وفي الختام من الضروري الإلتزام بأخلاقيات كل المهن وليس فقط العمل الصحفي فكل عمل وله أخلاقياته التي تجعل منه عملاً أصلياً وغير محرف أو زائف.

***

الكاتبة: سراب سعدي

هل تتغير عندما تتجاوز الأربعين أو الخمسين...؟!

نعم أنا أتغير..، هذا ما قاله لي رجل من قريتنا. شارف على ال80 عاما من العمر، فسألته: ما الذي تغير لديك...؟، يقول: فبعد أن كنت أحب أشقائي وزوجتي وأولادي وأصدقائي فقط، بدأت الآن أحب نفسي معهم...

فقد أدركت للتو أنني لست مثل“ أطلس ”في أساطير اليونان، والعالم لا يقف على ظهري. ولم يتوقف...!

نعم، أنا أتغير.

لقد توقفت منذ مدة عن مساومة بائع السمك والفواكه والخضار والجزار، في النهاية، لن تزيدني بعض القروش غنى، لكنها قد تساعد ذلك البائع المسكين على توفير مستلزمات الحياة والغلاء الفاحش وجنون الأسعار ومستلزمات المدرسة لأبنائه...!

صرت أدفع لسائق التوكوتك والسيارة الأجرة من دون انتظار الباقي. فقد تضع المبالغ الإضافية ابتسامة على وجهه. على أي حال إنه يكد من أجل لقمة العيش أكثر مما أفعل أنا اليوم...!

لقد تعلمت عدم انتقاد الناس حتى عندما أدرك أنهم على خطأ. فبالتالي لم يعد يهمني إصلاح الناس وجعل الجميع مثاليين. إن السلام مع الكل أفضل من الكمال الوهمي...!

صرت أمارس فن المجاملات بسخاء وحرية بلا نفاق. إذ تعلمت بالخبرة أن ذلك يحسن المزاج ليس فقط لمن يتلقى المجاملة، ولكن خصوصا بالنسبة لي أيضا...،

تعلمت ألا أنزعج عن تجعد يحدث على الجلباب او قميصي او اتساخ فية. او انزعج أمام المرايا من تجاعيد الوجة وشيبة الشعر...! بالتالي إن قوة الشخصية أهم بكثير من المظاهر...!

تذكرت انا  الفلاح الفصيح المثقف في قريتنا الشيخ صالح ابو قورة... قال لي يوما... يقابل الإنسان علي مظهرة. ثم يودع علي عقليتة...!

قال:- صرت أبتعد بهدوء عن الناس الذين لا يقدروني. فبالتالي قد لا يعرفون قيمتي، لكنني أنا أعرف جيدا من أنا...!

لذلك سمحت لك أن تقترب وتجلس وتحاورني. لمعرفة قيمة من يقدرني.!! وأصبحت لا أهتم لمن يخذلني فأنا أعلم أن الله يصرفهم عني لأنهم لا يستحقون أن يكونوا في دائرة أهل الفضل بل وانهم طردوا من باب الإحسان وتولوا معرضين...!

هل تغير الوضع في المجتمع الريفي والفوضي تجعلك عصبي...؟!

قال؛- لقد صرت باردا كالثلج عندما أواجه أحدهم يستفزني بعدوانية كي يدخلني في جدل عقيم على أي حال، في النهاية، لن يبقى من كل الجدالات شيء، وأنا لم أعد أتحمل...!!

نعم، لقد تغيرت...!

إنني أعمل كل ما يجعلني أشعر بالسعادة. وأن أستمتع بحياتي... فالعمر يمضي... والقطار سريع وانتظر القطار في المحطة القادمة...!!

المال والبنون زينة الحياة... كما أخبرنا القرآن الكريم.،

قال:- أولادي جزء من حياتي وليس كل حياتي... وأن أستمتع بعلاقتي مع الله... وأكثر من طاعاتي... لم بتبقي من العمر الكثير

قريبا سوف يذيع المذياع في القرية عن موعد جنازتي. وسوف يسأل رجل عابر من مات. ثم يسأل آخر من القارئ في السرادق المقام، ويشربون الناس القهوة. ويخرجون من السرادق ولا يذكرني أحد في اليوم التالي...!! فبعد موتي... كم من سيذكروني؟ ولمتى...؟؟

وبالتالي فهمت بأني أنا المسؤول عن سعادتي في الدنيا والآخرة...!!

***

محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث مصري

في الجغرافيا السياسية

لقد رفدت المؤسسات التعليمية روافد علمية وفكرية روافد معطاءة وقامات أدبية للمجتمع العراقي أستطاع العراق على أثره أن يثبت أقدامه بين دول العالم وأن يرتقي سلم العلم والرقي والثقافة والفن على مر الزمن من خلال ما تمتعت هذه المؤسسات باستقلالية كاملة الاحترام لكوادرها ومنهاجها وطرق تدريسها الراقي بعيدا عن هيمنة المؤثرات الخارجية كان المعلم يمتلك كل مصادر القوة والدعم المادي والمعنوي من الوزارة والمجتمع والحكومة وكذلك الهيبة والخوف والاحترام من الطلاب وهذا يفرض بدوره شخصية المعلم وتأثيره العلمي والأخلاقي على المجتمع أولا وعلى الطالب ثانيا أما الآن فقد سُلبت منه كل هذه المقومات التي كان يتمتع ويتحصن بها المعلم أثناء أداء عمله الوظيفي التربوي لهذا لم يعد للمعلم القدرة على العطاء العلمي .

أن أسباب فشل التعليم في العراق وتراجع مستواه بعدما كان في مصافي الدول المتقدمة منها رفع غطاء الحماية عن المعلم وتقييد يده في السيطرة على الطالب في المدرسة والصف وهذا ما يسبب عدم قدرة المعلم في بسط شخصيته وإيصاله للمعلومة العلمية إلى ذهن الطالب وكذلك ترك الكوادر التدريسية والتعليمية فريسة للعقليات الجاهلة والمتخلفة والنفعية وفسح المجال لسطوة الأعراف الاجتماعية والعشائرية التي سببت انهيار المنظومة التعليمية في العراق وكذلك تدخل بعض الأحزاب في عمل قمة الهرم للصرح التعليمي إلى مستوى القواعد حتى وصل الحال في التدخل بالمناهج المدرسية وغيرها من الأمور ساهمت هذه العوامل في انحدار المستوى التعليمي إلى حد فقدان هيبة التعليم وتدني مستوى الطالب أخلاقيا وعلميا وتكبيل يد وعقلية الأستاذ والمعلم وسط هذا التخبط في الحلول والمراجعات القاصرة البعيدة عن العقليات العلمية والأكاديمية حيث وصل الحال إلى خوف الإدارات المدرسية من الأهالي وذوي الأمور والأشخاص أصحاب النفوذ لتدخلهم السافر وتهديدهم لكوادر التعليمية وخصوصا المعلم الحلقة الأضعف الذي فقد الحماية من قمة الهرم نزولا إلى أدارة المدارس التي أصبحت لا تؤمن الحماية الكافية لنفسها وكوادرها لذا علينا المطالبة برفع الحيف والأيادي عن هذه المؤسسة العريقة من براثن الجهلة وإطلاق يد المعلم وإعطائه الحرية في ممارسة مهنته ضمن حيز وضوابط معرفته وقدرته العلمية لإيصال المعلومة والمنهج بشكل صحيح لنستطيع انتشال واقعنا التعليمي قبل الانهيار التام الذي يسبب في تدمير المجتمع والأسرة.

***

ضياء محسن الاسدي

القدوس في اللغة تعني النزيه في ذاته؛ لذلك لايستقيم القول بأن الله مُقدساً، لأن ذلك يُرتب فاعلا خارجيا يُنزههُ أو يُقدسهُ وذلك غير مُتصَور في ذات الله تعالى؛ فالنزاهةُ في جذر دلالتها اللغوية تعني «البعد» عن القبائح وهو فعلٌ ذاتيٌ وليس فعلا خارجيا، أما المُقدس فأنه وصفٌ لمن يريد أو يُحتَمل منه الابتعاد عن النقائص؛ وذلك أمر لايمكن التحقق منه على الظاهر الا بمقدار ما يظهر من النفس في الفعل الخارجي، لذلك تجد أن التقديس اصطلاحا يأخذ منحى آخر يتعلق بالنوازع النفسية للفاعل الخارجي وهو المُريد أو المُحب حيث يجعل هذا المُحب من يُحبه مُقدسا مُنزها عن النقائص مبتعدا عنها رغم أنه يعرف ويُقر بأنه لايُزكي الأنفس الا الله حيث لايكفي ذلك،. مايظهر منها للعيان أو ماتسمع منه الآذان، وذلك قول رسول الله صل الله عليه وعلى آله « أن الله لاينظر إلى اجسامكم ولا إلى اشكالكم؛ ولكن ينظر إلى قلوبكم التي في الصدور» !! وهذا يؤشر إلى عدم إمكانية النظر إلى مافي القلوب الا من قبل الله تعالى، وعليه فإن فرضية الطُهر تبقى في الاحتمال بناءا على تعذر التحقق منها على الدقة، ةمن هنا فإن القداسة تبقى هدفالمن يريد أن يسير في الطريق المنظور من قبل الله تعالى وليس عنوانا أو مرتبةً أو وساما نضعه على صدر من نحب ارضاءً لذواتنا أو نكايةً لذوات الغير، لأنك ستجد أن عدد المقدسين بعدد المُريدين

من هو المقدس حقا؟

بناءً على ما تقدم فأن الله تعالى هو القدوس «البعيد» في ذاته عن النقائص؛ والمُقدس من كانت له صلة تعيينية مع الله «مبتعدا» بفعله المنظور من قبل الله عن النقائص، لذلك اجتباه القدوس حجةً على الخلق نبيا أو رسولا أو وصياً ..

***

فاضل الجاروش

"إما أن تكتب شيئا يستحق القراءة.. أو أن تفعل شيئا يستحق الكتابة"

أول سؤال يواجه الكاتب هو لمَن يكتب؟

والمتحدث عليه أن يعرف مَن يخاطب!!

هل نكتب لأنفسنا، لبعضنا، أم للناس؟

السائد في الكتابات المنشورة أن الكاتب يكتبها لنفسه، والقليل منها يبدو مكتوبا للنخب، وتندر الكتابة للناس!!

وفيها تكمن قلة المقروئية!!

فالعيب ليس بالقارئ، وإنما بالكاتب!!

هل يقرأ مَن يصطلي بنيران القهر والحرمان والآلام، كتابات عن الحب والغرام؟

الناس في مآزق إنسانية قاسية، وأقلامنا تتمنطق بما لا يقترب من الواقع وينكره تماما، وتتفاعل مع سرابات عذبة تعوّضه عن الحرمان من الماء الزلال.

كيف يَقرأ الناس ما لا يُقرأ؟

الكتابات المقروءة هي التي تعالج المشاكل، لا تفسرها وتحللها، بل تمنح وصفة ذات قيمة عملية للوصول إلى مستويات أفضل من الحياة.

"الناس تتقلى والكاتب يتفلى"!!

ما قيمة نصوص الغزل والغموض والإبهام والرموز المحشوة بما لا يلائم النفس والعقل والروح؟!!

على الأقلام أن تحترم القارئ، وتعزز قيمته وثقته بنفسه وبإرادته القادرة على صناعة الحياة.

كتاباتنا تبعد الناس عن القراءة، وتكرِّههم بالحياة، وتستنهض فيهم المشاعر السلبية، وتحيلهم إلى رماد!!

ترى، هل نجيد إستحضار الكلمة الطيبة؟

الأقلام تتساءل والرؤوس تتجاهل!!

***

د. صادق السامرائي

يمكن القول من موقع مراقب إن شيئاً جديداً يتطور على طول الحدود العراقية - السورية مع ازدياد التحركات العسكرية الأميركية والتعديلات والنشاط المستمر  لهذه القوات منذ 15 من تموز/ يوليو الماضي في غرب العراق وشرق سوريا، وشملت إحياء تشكيلات عسكرية مسلحة جنوب شرق سوريا لإنشاء حزام عشائري عربي على طول الحدود العراقية السورية، إلى جانب تسريبات إعلامية لتدريبات تجريها القوات الأمريكية لفصائل سورية معارضة في ريف إدلب. بخاصة مع انطلاق عمليات تموقع جديدة تتمدد بين الحدود التركية والحدود الأردنية، يمكن أن يكون له تأثير كبير على ميزان القوى في الشرق الأوسط، ولا سيما في منطقة "الهلال الخصيب" من إيران إلى العراق فسوريا ولبنان إلى الأردن والأراضي الفلسطينية، للعلم ان القوات الامريكية  تبدو غير كافية لشن عملية واسعة، حتى وإن استعانت بالمعارضة في إدلب إلى جانب العشائر العربية وقوات قسد، إذ لا يتعدى تعداد القوات الأمريكية 1500 جندي

ولكن تظهر فوراً إرادة مشتركة للمحور الجديد"  المقاومة" هي الاقوى بعد فتح طريق استراتيجي بين طهران ودمشق، وعملياً بين "الجمهورية الإسلامية" والبحر المتوسط، وكان واضحاً أن الهدف في دفع واشنطن لصدام حسين إلى شنّ حملة ميدانية على الأراضي الإيرانية للإطباق على قواته  وهذا ما تحقق ولكن انقلب السحر على الساحر،و أن نتيجة الحرب العراقية - الإيرانية لم تأتِ لمصلحة العراق بل كانت كفتها الاقوى لصالح إيران، واستمر نظام صدام في غبائه، ولم تمرّ سنتان إلا وتمّ استدراج القيادة البعثية العراقية إلى اجتياح الكويت، واستدراج المجرم صدام  حسين لابتلاع "المحافظة الـ 19" ومحاولة ضمها، وكان الاعتقاد السائد أن التحالف الدولي سيسقط النظام في بغداد عام 1991، فتدخل قوات الحشد الشعبي في المعركة، وتفتح الجسر إلى سوريا، إلا أن نهاية حرب الخليج الثانية بقيادة جورج بوش الأول لم تحسم لمصلحة إيران على رغم أنها أنهت التفوق العسكري للعراق، فسقطت المحاولة الثانية لإقامة الجسر لاقامة قاعدة للوقوف بوجه امريكا في المنطقة، أما المحاولة الثالثة ونجحت عند أقناع المعارضة العراقية في المنفى، والتحركات الايرانية لدفع امريكا باسقاط النظام البعثي بقيادة بوش الابن وفعلا سقط النظام، باجتياح العراق "للرد على هجمات 11 سبتمبر (أيلول) كما كانت تدعي واشنطن ". فعادت المعارضة العراقية من المنفى إلى بغداد وبدأت في استلام مقاليد الحكم، فبدأ الجسر الإيراني إلى سوريا يتحقق تدريجاً، وبات حقيقياً مع انسحاب إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما من العراق نهائياً في أواخر 2011 ضمن الاتفاق الاستراتيجي، فباتت القوافل والأسلحة ا تتنقل  الى بيروت الجنوبية على الطريق السريع، وباتت المنطقة "أرض للمقاومة " من حدود أفغانستان إلى شرق المتوسط.

تقوية " ارض المقاومة" وتوسيعها دفعت الولايات المتحدة الأمريكية الى التفكير في  سبيل في ايجاد البديل لاضعاف توسع المقاومة ما دفعتها من أجل ايجاد البديل ولم تكن إلا ان تكون  "الخلافة الداعشية" في بلاد النهرين وبادية الشام، واستمرت حملة "داعش" بقيادة واشنطن حوالى خمس سنوات استمر خلالها إغلاق الجسر أمام المحور الإيراني، حتى تم تدمير الخلافة عسكرياً بشكل كامل مع إخراج "الدواعش" من الموصل والرقة ومن المثلث السني في العراق وبادية الشام في سوريا، ومع سقوط "داعش" تراكضت كل القوى التي قاتلتها لتسيطر على مخلفاتها على الأرض، فسيطرت طبيعياً القوات الأميركية والحلفاء على أكبر المساحات استراتيجياً ولكن بشراكة مع القوى كافة العميلة لها دون الحشد الشعبي  والجيش السوري، وسيطرت قوات الكوردية على الجزء الشمالي للحدود المشتركة من ناحية العراق، كما سيطر الجيش العراقي و"الحشد الشعبي" على الأراضي العراقية التي انسحب منها "داعش" جنوب كردستان العراق حتى الحدود مع الأردن، وتقدمت "قوات سوريا الديمقراطية" على طول الحدود المشتركة جنوباً حتى نقطة البوكمال، أما في الجنوب فتموقعت القوات الأميركية وحلفاؤها انطلاقاً من قاعدة "التنف" وصولاً إلى الحدود الأردنية. ولكن تبقى الرغبة الأمريكية في ردع تركيا عن شرق الفرات والحد من اندفاعها للتفاهم مع النظام السوري وروسيا ضد قوات قسد (قوات سوريا الديموقراطية) لا يمكن إغفالها أو فصلها عن الوساطات والجهود الروسية والتحركات الإقليمية لإحداث تقارب بين النظام السوري وأنقرة والعواصم العربية، ما جعل من النشاط العسكري الأمريكي عملية معقدة، تحوي قدرا كبيرا من الاستعراض وقدرا قليلا من العمليات الفعلية على الأرض والتركيز على حماية آبار النفط التي تستغل خيراتها لصالحا، في محاولة للتعامل مع هذه الخارطة المعقدة التي تكاد تخنق النفوذ الأمريكي، وتطيح به في العراق وسوريا والإقليم وايضا التردد في العملية ضد قوات الحشد الشعبي .

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

ما أن يذهب الوضع السياسي والأمني في العراق، نحو الاستقرار والهدوء، حتى تظهر مرة أخرى شرارة التصعيد، بألوان مختلفة وأدوات ومفاعيل مختلفة، تظهر بصورة سريعة ومفاجئة، لتعبر عن غاياتها وأهدافها في ضرب هذا الاستقرار.. على الرغم من كل الجهود التي تقوم بها حكومة السوداني، لإثبات قدرتها على النجاح، وعبور المرحلة وسط التصعيد السياسي، إلا أن هناك من يسعى إلى قلب الطاولة وضرب هذا الاستقرار، ليعيد إلى الأذهان صورة الأجواء التي سادت، في حكومتي السادة عبد المهدي والكاظمي.

قد تبدوا الصورة قاتمة غامضة لا وضوح فيها، فمسألة حرق نسخة من القران الكريم، على يد عراقي مسيحي يسعى للحصول على الجنسية السويدية، والذي كان أحد العناصر الموجودة في العراق، وجزء من القوى التي كانت تقاتل ضد داعش، تحت مسمى اللواء السرياني، وكان قريباً من قيادات سياسية، ليبعث بذلك رسالة مفادها، أن هناك من يحرك الخيوط الداخلية، وفق ما يريد ووقت ما يشاء.. هذا ما أنعكس في طريقة تعاطيه وتعامله، مع هذا الملف الحساس والمهم، والذي يلامس مشاعر ملياري مسلم في العالم . قطع العلاقات مع السويد وطرد سفيرتها، كانت قرارات قوية اتخذتها حكومة السيد السوداني، واستدعاء القائم بأعمالها في ستوكهولم، كان قراراً صائباً يعبر عن موقف رسمي، ضد هذا التجاوز على مقدسات المسلمين، بالمقابل يمثل اختباراً خطيرا لقدرة حكومة السوداني، على الحد من تأثير مفاعيل السياسة الداخلية، والتي أخذت كثيراً بجوانب السياسة العراقية، تجاه مجمل القضايا الخارجية، على حسابها وأولوياتها، المتمثلة بمتابعة العلاقة الإقليمية والدولية المتوازنة بين العراق والعالم.

السيد مقتدى الصدر دخل على خط الأزمة، في محاولة لعودتهم إلى الحياة السياسية، فمنذ اعتزاله الذي فرضه على نفسه، كان ينتظر باحثاً عن فرصة، لإعادة شعبيته وجمهوره إلى الشارع، في استعراض للقوة ضد الائتلاف الحاكم، والذي أصبح حدث حرق نسخة القرآن الكريم هو الوسيلة.. لذلك فان ردود أفعال السياسيين ومنهم الصدر، لها علاقة بالسياسة الداخلية، بقدر ما لها علاقة بدعم قدسية القرآن الكريم، وهذا دفع الحكومة العراقية للرد على، اقتحام أتباع الصدر للسفارة السويدية، بقطع العلاقات الدبلوماسية معها وطرد السفيرة، ولوقف زخم الصدر، وحرمانه من الحصول على منافع سياسية، واستغلال هذا الحدث، حول من هو المدافع الأفضل عن الدين والقرآن.

ربما مثل هذا الإجراء يهدد العلاقة مع حكومة تسمح بتدنيس القرآن الكريم، وقد يكون منحدراً زلقاً له عواقب وخيمة، على العلاقات الدولية العراقية، وربما ستجد الحكومة صعوبة في التخلص منه، حيث يحتمل حصول أحداث مماثلة، في وقت ما في دول أوربية أخرى ايضاً، وهذا الأمر سيضع السوداني باختبار صعب، في الحد من تأثير السياسة الداخلية، ولا سيما المنافسة بين السياسيين الشيعة، على أولويات السياسة الخارجية، المتمثلة في إدارة العلاقات الإقليمية والدولية المتوازنة.. كما أن رد الفعل العراقي، يعتبر أختباراً أيضاً حول قدرة حكومته، وبالتحديد القوى الأمنية في الوفاء بالتزاماتها القانونية، لحماية البعثات الدبلوماسية على النحو المنصوص عليه، في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961.

***

محمد حسن الساعدي

قد تصاب بالذهول حينما تسمع اراء الكثير من النساء يعتبرن ان اغلب الأذى يأتي على يد امرأة اخرى!! فأي خذلان وقعت به تلك المراة أو هذه السيدة ليكون هذا رأيها،، كم أضطرت بعض النسوة للسكوت والصمت والتغاضي عن افتراءات صديقات لها او إظهار مكامن الغيرة الحارقة القاتلة التي تستعر في صدر أقرب المقربات، بعضهن تعترف بشجاعة ان مشاهدة النساء لبعض النساء وقد اصبحن اكثر شعبية ومقبولية والتصاقا بالمجتمع جعلها مصدر اثارة غير حميدة بل وغير منصفة، لكن في كلا الأحوال ومهما كانت الاراء وتعددت التحليلات فأن هذا السلوك غير السوي من هكذا نسوة تجاه نساء مثلهن كن إلى وقت قريب من (أشد المقربات والصديقات) مرد ذلك دون شك واساسه (للتربية) فكم من فتاة وقفت في وجه قريبة لها من أجل أن لاتتزوج!! وكم من زوجة حرضت زوجها على اخته أو امه!! وكم من تصرف فردي لفتاة دمر مستقبل عائلة كاملة،

اما الغيرة على نطاق أوسع وأشمل، غيرة العمل، غيرة المؤسسات فأنه الاذى فيه يكون أشمل وأكثر أعمام وتأثير، لأنه للاسف سيحرم المجتمع المحيط من الاستفادة من الطاقات والخبرات الخيرة في كل مجال ممكن ان تنمو فيه بذرة الخير لتصبح شجرة يستضل تحتها الجميع، نعم هناك (استثناءات) وهي كثيرة من حولنا، لأن المرض النفسي داخل البعض هو حالة شاذة ممكن ان تنتهي بالعلاج نعم، في حين ان الأغلب منهن يتمتعن بطيبة (بنات البلد) حسب الوصف العربي للمرأة الطيبة النبيلة التي تحمل بداخلها (أيثار وتضحية ونبل وأخلاق)

ان هذا التصرف يصدر من النساء المريضات نفسيا نعم أو من مجتمع الذكور الذي يريد أن تضل المراة مهمشة ويزيحها من مجال العمل والابداع.

ان العداوة ليست صفة بالنساء ولكنها تعتمد على التربية وصفاء الشخصية، ونقاء السريرة.

***

بقلم / تهاني الطرفي - استراليا

مميزات العامية العراقية: مقارنة بالمندائية واللغات واللهجات الجزيرية السامية الأخرى بل وحتى باللهجات العربية في بلاد الشام ومصر يمكن اعتبار العامية العراقية من أقرب العاميات إلى اللغة العربية الفصحى؛

فمن حيث حروفها فهي تستعمل جميع حروف الأبجدية العربية بما في ذلك الحروف الروادف الستة (الثاء، الخاء، الذال، الضاد، الظاء والغين) كما هي ودون تحريف أو إبدال لفظي كما يحدث لها في اللهجات العربية الأخرى، إضافة إلى الأصوات غير الموجودة بهيئة حروف في الأبجدية العربية الفصحى فهي موجودة في العامية العراقية أيضا؛ كالجيم الثلاثية أي الكاف المكشكشة (چ) والقاف الحميرية (الجيم غير المعطشة گ) والباء البابلية المثلثة (پ) في عدد من الكلمات الدخيلة (ذات الجذور غير العربية)  من قبيل (پردة  - پنكة – پاچة)؛ في حين أنَّ الأبجدية المندائية فقيرة جدا وعدد حروفها 22 حرفاً وبعض حروفها الموجودة في أبجديتها لا تلفظ كما هي كحرف الحاء الذي ينقلب إلى هاء، والعين  التي تنقلب إلى همزة، مثلما يحدث لهذين الحرفين الجزيريين "الساميين" على ألسنة الأجانب الأوروبيين وغيرهم.

ومن حيث معجميتها فاللهجة العامية العراقية تحتوي في معجمها المنطوق على نسبة كبيرة من المفردات العربية الفصيحة المنقرضة أو النادرة التداول ولكنها مُمعْجَمَة في المعاجم القديمة، ومن حيث غناها بالمفردات الكثيرة من رواسب اللغات الرافدانية القديمة واللغات من بلدان الجوار كالفارسية والتركية.

لقد ضمَّنت في كتابي السابق (الحضور الأكدي والآرامي والعربي الفصيح في لهجات العراق والشام) قويمساً يحتوي شبكة واسعة من المفردات العربية القديمة الحاضرة في اللهجة العراقية المعاصرة. ومن هذا القبيل أوردنا المفردات التالية التي لا ترد في أي من اللهجات العربية المعاصرة، بل ولا تستعمل في اللغة العربية المكتوبة الفصيحة "الوسيطة" بما في ذلك في العراق ولكنها موجودة في العامية العراقية؛ وسأدرج أدناه مفردات في قائمة قصيرة كمثال على ما ذكرته في كتابي سالف الذكر، وسأضع الكلمة كما تلفظ في العامية العراقية والعربية الفصحى، ثم معناها وأخيرا أذكر التوثيق المعجمي مع اسم المعجم أو الكتاب الذي ورد فيه:

برطيل = رشوة - البِرْطِيلُ: بكسر الباء الرشوة / المصباح

مدردحة / دردحة = المرأة التي طولها وعَرْضُها سواء. والجمع: درادِحُ/ الوسيط

أريحي = الْوَاسِع الْخلق النشيط إِلَى الْمَعْرُوف يرتاح للندى وَالسيف/ مختار القاموس

نازك =أثلها هادي العلوي في معجمه المعاصر من عشبة الناسك وهي عشبة شديد الخضرة كما يقول الرائد، أرض ناسكة: خضراء حديثة المطر.

دحس=أدخل اليد بين جلد الشاة وصفاقها للسلخ. والداحوس قرحة او بثرة تظهر بين الظُّفر واللحم/ مختار القاموس

برطم= البرطمة الانتفاخ غضبا. وتبرطم: تغضب من كلام

ملخ= الملخ جذب الشيء وامتلخه: انتزعه. وامتلخ سيفه: استله / مختار القاموس. وفي اللسان: المَلْخُ: قبضك على عضَلَة عضّاً وجذباً.

دفر= الدَّفْرُ: الدفع. دَفَرَ في عُنُقِهِ دَفْراً: دفع في صدره ومنعه؛ يمانية. ابن الأَعرابي: دفَرْتُه في قفاه دَفْراً أَي دفعته/ اللسان. وفي القرآن روي عن مجاهد في قوله تعالى: "يوم يُدَعُّونَ إِلى نار جهنم دَعّاً"؛ قال يُدْفَرونَ في أَقفيتهم دَفْراً أَي دفعاً/ اللسان

أثرم= الثَّرَمُ: انكِسارُ السِّنِّ من أَصلها، وقيل: انكِسار الثَّنِيَّة خاصَّة، ثَرِمَ، بالكسر، ثَرَماً وهو أَثْرَمُ والأُنْثَى ثَرْماء/ اللسان

أجلح= الجَلَح ذهابُ شَعْر مقدّم الرأس، ورجلٌ أجْلَح/ المقاييس. وفي اللسان؛ الجَلَحُ: ذهابُ الشعر من مُقَدَّم الرأْس، وهو انْحِسار الشعر عن جانبي الرأْس، وأَوّله النَّزَعُ ثم الجَلَحُ ثم الصَّلَعُ.

ثخين = ثَخِين. المكتنز اللُّحْمة والسَّدَى من جَوْدةِ نَسجه ثَخين/ المقاييس. وفي اللسان: ثَخُنَ الشيءُ ثُخونةً وثَخانةً وثِخَناً، فهو ثَخِينٌ: كثُفَ وغُلظ وصلُبَ.

ثول= الأثول: الحمق، المجنون، والبطيء الخير والعمل/ مختار القاموس

ثرب= الثَّرْبُ: شَحْم رَقِيقٌ يَغْشَى الكَرِشَ والأَمْعاءَ، وجمعُه ثُرُوبٌ. الشَّحْمُ الـمَبسُوط على الأَمْعاءِ والمَصارِينِ/ اللسان

خبن= خَبَنَ الثوبَ وغَيرَه يَخْبِنُه خَبْناً وخِباناً وخُباناً: قلَّصَه بالخياطة. قال الليث: خَبَنْتُ الثوبَ خَبْناً إذا رفعتَ ذُلْذُلَ الثوبِ فخِطْتَه/ اللسان

أهدل = وهَدَلْتُ الشيء أهْدِلُهُ هَدْلاً، إذا أرخيته وأرسلته إلى أسفل/ الصحاح. زفي المقاييس/ الهَدَل: اسْتِرخاء مِشْفَر البعيرِ وكلِّ شيءٍ. يقال منه هَدِلَ. أهْدِلُه، إذا أرسلتَه إلى أسفل.

ختل= ختله: خدعه، وختل للصيد: تخفى له/ مختار القاموس.

*وهناك المزيد من هذه المفردات يجدها القارئ في هذا المعجم اهتديت إليها خلال بحثي عن جذور بعض الكلمات العربية العراقية التي حاول السعدي "مندأتها" وزجها في معجمه المندائي. ومن هذه الكلمات أذكر الأمثلة التالية:

باگ = سرق وكنت قد بحثت عن جذرها في المعاجم العربية من قبل ولم أصل إلى نتيجة ولكنني سررت بوجودها بهذا المعنى في المعجم الوسيط وفيه نقرأ (وَيُقَال باقت بِهِ، وَباقَ فُلَاناً وَعَلِيهِ غدر بِهِ وَيُقَال باقوا عَلَيْهِ اجْتَمعُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ ظلما، وَباق الشَّيْء سَرقه).

حْذاي = بجانبي وبالقرب مني. نقرأ في الصحاح في اللغة (قال ابن السكيت: حَذَوْتُهُ، أي قعدتُ بِحِذائِهِ)، وفي اللسان (ويقال: حُذ بحِذاء هذه الشجرة أَي صِرْ بحِذَائها).

مْزهلل= فعلها زهلل ويعني لمعَ وتألقَ وابيضَّ وانقشعت عنه العتمة ومزهلل مشتق منه (اسم مفعول)، ويعني أبيض وأملس ومطمئن القلب.. قال الشاعر الجاهلي تميم بن مقبل يصف ابتسامة حبيبته:

كأَنَّ ضَحْكَتَها يوماً إِذَا ابْتَسَمَتْ........ بَرْقٌ سَحَائِبُهُ غُرٌّ زَهَالِيلُ

وفي الصحاح (الزُهْلولُ: الأملسُ). وفي الوسيط (زهل: زهلاً ابيضَّ واملاس فَهُوَ زهل).

مسودن = مجنون، كما خرجها الشيخ جلال الحنفي، ربما جاءت من الإصابة بالسوداء التي تعني في اللغة العربية "مرض نفساني يؤدي إلى فساد الفكر في حزن هي متلازمة اكتئابية محددة تتمثل بحالة مزاجية سوداوية ودرجة من الحزن العميق والأسى وفقدان الأمل أي المنخوليا الاكتئابية" أقرب إلى السودة أو السوداء.

يصمد= تعني يكنز النقود ويخزنها، علاقتها التأثيلية والمعنوية واضحة بالفعل العربي صَمَدَ ونقرأ عنه في أحد معانيه في القاموس المحيط (صَمَدَ القارُورةَ ونحوها: سَدَّها بالسِّداد. وصِمَادٌ: سِدادُ القارورَةِ، أو عِفاصُها، وقد صَمَدَها).

باح = تعني لا يوجد. وللكلمة أساس في اللغة العربية وهي مستعملة في عاميات الجزيرة العربية ونقرأ في المحيط في اللغة (بَحْبَاحِ أي لم يَبْقَ‌ شَيءٌ (المحیط في اللغة/ ج2 - ص323). وفي "تاج العروس" نقرأ (بحباح مَبنيَّةً‌ على الكسر: كلمةٌ‌ تُنْبِئُ عن نَفَادِ الشَّيء وفَنَائِه، إِذا قيلَ‌ لنا: أَبقِيَ‌ عندكم شَيءٌ؟ قلنا: بَحْبَاحِ‌. أَي لم يَبْقَ‌.

بارية = حصير مصنوع من القصب. الكلمة أكدية تلفظ "بورو" وهي عربية أيضا وكثيرة الورود في النثر التراثي والفقهي رغم عدم تأثيلها في المعاجم القديمة. ذكرتُ مثالين على ورودها في التراث: نقرأ في "عقدة الصابرين" (فجعل يحمد الله ويثنى عليه حتى لم يكن له فراش إلا بارية).  في "البداية والنهاية لابن كثير" (وقعة درب الحجارة كانت لأصحاب الأمين، قتل فيها خلق من أصحاب طاهر، كان الرجل من العيَّارين والحرافشة من البغاددة يأتي عريانا ومعه بارية مقيرة ... (الأرجح هو أن العَيّار البغدادي المذكور كان يستعمل بارية مقيرة كزورق أو طوف على النهر / ع ل).

بخش =حفر، ثقب، خرق والكلمة عربية فصيحة وردت في معجم محيط المحيط (بَخَش: ثقب، نقب، خرق، حفر).

بَسَطَ = ضرب وصفع، وكلمة بسط بهذا المعنى أقرب لفظا ومعنى إلى العربية الفصحى بَسَطَ بمعنى مدَّ. يقال: بسطه أي مدَّهُ وطرحه أرضا بقرينة الضرب في السياق. ونقرأ في جمهرة اللغة للقالي (بَسَطْتُ الشيءَ أَبسُطه بَسْطاً، إذا مددته على الأرض. وتبسَّط الرجل على الأرض، إذا استلقى وامتدّ).

دغل = نباتات وأعشاب ضارة متشابكة وردت في اللسان بعدة معانٍ منها: "الدَّغَل: الشجر الكثير الملتفُّ، وقيل: هو اشتباك النبت وكثرته".

يهرت = تعني (يثرثر) نقرأ في معجم المعاني (تَهَارَتَ : تشدَّق وأَكثر من الكلام). وفي لسان العرب (يقال للخطيب من الرجال: أَهْرَتُ الشِّقْشِقةِ... وفي حديث رَجاء بن حَيْوة: لا تُحَدِّثْنا عن مُتهارِتٍ أَي مُتَشَدِّق مُتَكاثِر) وفي الوسيط نقرأ (ورجلٌ هَرِيتٌ: لا يكتُمُ سِرًّا ويتكلَّم بما هو مُستَقْبَح).

هرفي = وردت هذه الكلمة في كتاب طه باقر "من تراثنا اللغوي القديم" كمفردة أكدية، أي إنها أقدم من المندائية والآرامية بأكثر من ألف سنة، وتعني المبكر وهي عربية فصحى أيضاً. نقرأ في المعجم الوسيط (هرفَّت النَّخْلةُ: عجَّلت ثمرها. وهَرَّفَ القومُ إلى الصَّلاة: عَجَّلوا. والهَرْف: ما يُعجَّل من الثَّمر وغيره.

إنَّ هذا النوع من الكلمات العربية الفصيحة والمنقرضة أو تلك النادرة الاستعمال في اللغة العربية المكتوبة المعاصرة يمثل الكثرة الكاثرة والغالبية الساحقة من كلمات اللهجة العراقية إلى جانب ما سماها العلامة طه باقر الرواسب من اللغات العراقية القديمة المنقرضة وهذا كله إنما يؤكد العلاقة العضوية الجذورية والقواعدية والمعجمية التي تجمع اللهجة العامية العراقية بأمها اللغة العربية الفصحى وتجعل من أية محاولة لتغريبها عن حاضنتها الحقيقية نكتة سمجة وثقيلة بالأدلة الملموسة والموثقة من المعاجم العربية القديمة والحديثة توثيقا لا نعتقد أن هناك من سيغامر مجددا بالعبث أو التشكيك بعروبة وسامية لهجة العراقيين العربية العريقة.

يذكر السعدي أن هدفه "ليس حصر المفردة في مجال ضيق ودفعها وحشرها في اللغة المندائية بمقدار ما وجدنا أن عدم وجود تخريج مرجعي للمفردة فإن تقاربها في اللفظ والمعنى والقدم مع ما ترد فيه في اللغة المندائية يسجل لصالح هذا التقارب وليس ضده طالما أن بيئة اللغة المندائية هي الجنوب العراقي وأن هذه اللغة مازالت تحفظ اللفظ لمئات المفردات والكلمات الشائعة في العامية المحكية بل أن تلك المفردات وما طمس منها كانت هي الفصيحة قبل شيوع استخدام اللغة العربية. ص 12"، وسوف نثبت عملياً وبالملموس أن هذا الكلام ليس دقيقا البتة، وربما يذكرنا بالمثل العربي القديم "يكاد المريب يقول خذوني"، وأن هدف الكاتب كان على وجه التحديد هو "حصر المفردة -العامية العراقية - في مجال ضيق ودفعها وحشرها في اللغة المندائية" بهدف تكثير المفردات العامية العراقية التي يزعم أنها مندائية لتحويل المندائية كما يقول صراحة إلى اللغة العراقية الفصحى، من خلال تقديم تخاريج عشوائية وبتعسف تأثيلي متهافت يصل إلى درجة مثيرة للسخرية أحيانا.

وأصارح القارئ إنني عانيت شخصياً من الشعور السيء بأن مؤلف هذا الكتاب يسخر من عقلي ومن عقل قارئه عموما حين يشتط به الأمر كثيرا فيزج بكلمات عربية عريقة وموجودة في جميع اللهجات العربية من المحيط إلى الخليج في معجمه المندائي وبتخاريج ما انزل الله بها من سلطان؛ عندها ينتابني الغضب لشعوري بأن الرجل يسخر من عقلي وعقول قرائه وذكائهم فأتوقف عن متابعة قراءة كتابه والرد على تخاريجه لفترة ثم أعود إلى العمل بعد أن تكون أعصابي قد هدأت وتطامنت وتغلب فيَّ الشعور بالمسؤولية النقدية وخيار عدم السكوت وضرورة الرد العلمي الموثق عليه وتفنيده وكشف مصادرته ونقاط ضعفه وجهل كاتبه الفاضح في ميدان اللغة وعلومها كعلم التأثيل المفرداتي الإيتمولوجيا، والفيلولولجيا "فقه اللغة المقارن"، والفونولوجيا (علم وظائف الأصوات اللغوية) والمورفونولوجيا (علم الأصوات الصرفية - التشكل)، أو في ميدان التأليف المعجمي وسياقاته وقواعده.

***

علاء اللامي

....................

* حذفتُ الهوامش التوثيقية من نسخة النشر كمقالة صحافية وأبقيت عليها في مقدمة الكتاب.

منذ عام 1990 والى ان غزت امريكا العراق واحتلته في عام 2003، رزح العراق تحت طائلة بنود الفصل السابع، حتى الوقت الحاضر، على الرغم من ان العراق كان قد أُخرِجَ من طائلة البند السابع في يونيو 2013 ورسميا بصورة تامة لجهة القانون الدولي في عام 2022، كما ورد في مقال اخر للكاتب فوزي الزبيدي، نشره المعهد في 21اب اغسطس من هذا العام. وبالتالي فقد العراق؛ الكثير من فرص التنمية والتطور، وبناء جيش قوي يحمي الامن الداخلي والحدود. ان الجزء الاكبر من هذه الفرص الضائعة، يتحملها الجانب الامريكي؛ بقصد امريكي، مخطط له مسبقا، وليس كما يدعون خطأ في السياسة وحساباتها، اضافة الى المحاصصة وسوء الادارة والفساد. معهد واشنطن وهو مؤسسة بحث استراتيجي امريكي، يضم عدد كبير من الباحثين، ويقدم الدراسات الى المؤسسات الامريكية صانعه السياسات والقرارات الدولية، اي انه يقدم اجابات اجرائية لجهة العمل في الميدان للأسئلة التي تولدها حرارة المواجهة المكشوفة او الخفية، في المناطق الساخنة. وفي المقدمة منها؛ الوضع في العراق، وما سوف يفضي او ينتهي إليه هذا الوضع في خاتمة المطاف. اتمنى ان تكون الخاتمة ايجابية بما يؤدي او يتم فيها بناء الاستقرار المستدام والامن والسلام والتنمية، وترسيخ مؤسسات قانونية؛ تتجذر فيها، الممارسة الديمقراطية، وعلى مساراتها، وبناء علاقات ندية متكافئة على اسس الشراكة والمنفعة المتبادلة، مع جميع الدول بما فيها امريكا وايران. معهد واشنطن، صدر عنه مؤخرا؛ دراسة عن الاوضاع في العراق؛ تضمنت عشرين فقرة. عند دراسة هذه الفقرات بتأن وبروية وبتمعن، نلاحظ؛ ان هذه الدراسة فيها الكثير من التناقضات، واخفاء حقائق موضوعية، وراء جميع الذي حصل ويحصل الى الآن في العراق. منها على سبيل المثال لا الحصر؛ حل الجيش العراقي، وتدمير بنيته التحتية، وبقية مؤسسات الدولة ذات الصلة، من قبل سلطة الاحتلال الامريكي؛ مما عرض العراق الى الانفلات الامني، والذي نتج عنه تغول القاعدة واخواتها، وتاليا بعد سنوات، ادت هذه الفوضى واضطراب الامن الى تغول داعش واخواتها التي احتلت ثلث اراضي الوطن في عام 2014. ان من تداعيات كل هذا الذي حصل للعراق؛ أن جعل من ارضه؛ مركزا للإرهاب. معهد  واشنطن في احد الفقرات التي تضمنتها دراسته؛ يقرر مطالبة الحكومة العراقية؛ بأن لا يكون العراق موطنا للإرهاب الذي يهدد الدول الاخرى؛ في وقت ان العراق في اوضاعه الحالية، والتي سببها امريكا وغيرها، والفساد وسوء ادارة القائمين على شؤونه؛ ليس بقادر على تهديد اضعف دولة في الجوار، لا في النية والهدف ولا في الامكانية والقدرة. هنا تناسى هذا المعهد ان من اوجد البيئة لتواجد الإرهاب على ارض الوطن هي امريكا وسياستها عندما احتلت البلد. في فقرة اخرى من هذه الدراسة تشير هذه الفقرة؛ ان على العراق ان يقوم بتفعيل الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق وامريكا، والقضاء على الإرهاب وهو هنا أكد على الفصائل المؤيدة لإيران حسب رؤيته لها، كما ورد في المقال او الدراسة، والتبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع بلا ادنى عنف، وحقوق النساء؛ حسب، تقول الدراسة؛ الفقرة 32من القرار الاممي 2622الصادر في 2-2- ،2022 وابلاغ مجلس الامن الدولي عن اي نشاط ارهابي يهدد الدول الأخرى وايضا الامن الداخلي؛ بخلاف ذلك؛ لن يشهد البلد اي حركة اعمار واسعة وعميقة. ان هذه كأني بها تدفع الادارة الامريكية؛ لممارسة الضغط على الحكومة العراقية سواء الحالية او التي سوف تحل محلها في المقبل من الزمن؛ حتى تستجيب للطروحات الامريكية ان لم اقل الشروط الامريكية، التي تقوم امريكا بتقديمها بلغة ناعمة، إنما بحروف حمر. من الجهة الثانية تشير هذه الفقرات الى ان اخلال او عدم الالتزام من قبل الحكومة العراقية بالفقرات الواردة في اعلاه، وبالذات في الذي يخص الإرهاب او تهديد دول المنطقة بهذا الإرهاب؛ وهو يقصد هنا في هذه الدراسة، أو في هذا المقال، وفي هذه الفقرة بالذات؛ هو امن دولة الاحتلال الاسرائيلي؛ عبر توصيف المليشيات الموالية لإيران بالمنظمات الارهابية، كما ورد حرفيا، في احد فقرات هذه الدراسة (التي هي بالأساس مقال، لكن ومن وجهة النظر الشخصية المتواضعة؛ انها دراسة بكل ماتعني الدراسة من معاني محددة، وبما تحمل سطورها من معاني التقييم والإحاطة، والقراءة الاستباقية للمستقبل)؛ سوف يؤدي عدم التزام العراق بهذه الفقرات؛ الى تفعيل الفصل السابع مرة اخرى. ان هذا يعني ان البند السابع هو السيف المسلط على رقبة سيادة العراق وحكوماته. في جميع الفقرات تقريبا، ركز المعهد في دراسته هذه (مقال...)؛ على اهمية تفعيل الاتفاقية الاستراتيجية بين امريكا والعراق؛ كدولة حليفة لأمريكا. واذا نظرنا عميقا في الذي تحويه هذه الدراسة من فقرات، هي في جميعها؛ تريد من العراق ان يكون منطقة نفوذ امريكي موثوقا جدا، وغير قابل لتقلبات الاوضاع سواء الداخلية او الاقليمية او الدولية، اي ضبط ايقاع المشهد السياسي في الداخل العراقي، حاضرا ومستقبلا. هنا اقتبس، بما معناه وليس حرفيا، ما كتبه الدكتور جاسم يونس الحريري في مقال له، قبل ايام، نشره في صحيفة الراي اليوم "هنا قد كان للوكالة الامريكية للتنمية الدولية؛ دورا كبيرا في عمليات غسيل الدماغ لشباب والشابات، التي بدأت العمل في الوطن، في الأيام الاولى للاحتلال. من اهم وابرز ما قامت به، هذه للوكالة، وتقوم به حتى هذه اللحظة: اولا تقوية مجلس المحافظات بالدعم المالي، وحثها على اتخاذ القرارات بمعزل عن الحكومة المركزية في بغداد. ثانيا، نشر قيم الحداثة بالطريقة التي تفقد الاسرة العراقية، وحدتها الاسرية ونسيجها الاخلاقي، وليس الاستفادة منها في عصرنة القيم والتقاليد والتاريخ والمورثات، بما يتمشى مع روح الحداثة. ثالثا، اجبار الحكومات العراقية المتعاقبة على اعتماد اقتصاد السوق؛ مما ادى بالنتيجة؛ التأثير على الصناعة والزراعة تأثيرا كبيرا جدا؛ حتى بات العراق يعتمد كليا على واردات النفط؛ في توفير الرواتب وغيرها، اضافة الى تلبية حاجات الناس، حتى من الخضر والفواكه، اللتان كان العرق مكتفيا ذاتيا بها. رابعا، التشجيع على حرية الجسد؛ الذي كان من نتيجته؛ الحاق الاضرار البالغة بالقيم والتقاليد. خامسا، انتاج قيادات شابة، تؤمن بالموضة الامريكية، ومبتعدة كليا عن روح الوطن، تاريخا وقيما وحضارة." انتهى اقتباس معاني ما كتبه الدكتور جاسم يونس الحريري. في عدد من الفقرات الأخرى، التي تؤكد على؛.. وكي يصبح العراق دولة طبيعية ويندمج في المجتمع الدولي؛ عليه ان يقوم بالتالي؛ اولا ضبط مجلس الامن القومي في العراق؛ بما يتماشى مع ما ورد من فقرات في الاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين، ثانيا؛ دمج المليشيات( البعض من فصائل الحشد الشعبي) مع كيانات الدولة كمنظمات مدنية او دمجها مع الجيش. ثالثا حل الخلافات المتبقية بين العراق ودولة الكويت، اي تصفير تلك الملفات، ملف الحدود، والمفقودين، والارشيف الكويتي. رابعا الابتعاد عن التعاون مع الصين، وتعزيز الشراكة والتعاون والتحالف مع امريكا، كحليف موثوق للعراق في الصراع الاقليمي. رابعا؛ حل الاشكالية المالية بين الدولتين والذي يعتبر شائكا ومعقدا؛ بما يؤدي الى تفكيك الخيوط المتشابكة والمعقدة؛ بما يفضي الى الشفافية والوضوح في حقل المال والاعمال بين الدولتين، وينهي غسيل الاموال. خامسا؛ خلق البيئة الملائمة، وتغيير القوانين السابقة التي جعلت من اقتصاد العراق، اقتصادا مغلقا؛ حتى يكون قانونيا مهيأ، لاستثمار الشركات الامريكية والاجنبية في العراق. سادسا؛ ان هذه العوامل والتي هي في حقيقتها شروط امريكية؛ من المهم ان يقوم السوداني بتنفيذها كحزمة واحدة؛ حتى يمكن في هذه الحالة او في هذه الاوضاع؛ ان يعود العراق كدولة طبيعية وهنا كما تقول الدراسة؛ ينتهي عمل الامم المتحدة، اي انهاء عمل بعثة الامم المتحدة يونامي، التي يشكل بقائها بالأشراف على عمل الحكومة العراقية، بطريقة او بأخرى؛ دليل على ان العراق لم يزل خاضع للوصاية الدولية كما تقول الدراسة، أو المقال. الحكومة العراقية سواء الحالية او حتى الحكومات التي سبقتها باستثناء حكومة الكاظمي؛ تتصرف مع امريكا وطروحاتها سواء السياسية او الاقتصادية بطريقة برغماتية. فهي وللأمانة في الكلمة؛ لا تريد ان يكون هناك وجودا عسكريا امريكيا، او غيره على ارض العراق مستقبلا، وان لا يكون العراق مقيدا امريكيا؛ في الإرادة السياسية او في غيرها في علاقته مع الدول الأخرى سواء العربية او في الاقليم او في الفضاءات الدولية. لكن من الجانب الثاني لم تعمل بجد على هذا الطريق؛ في ارساء دولة المؤسسات، وبناء اقتصاد قوي، وقاعدة اجتماعية صلبة، والقضاء بجدية على الفساد وسوء الإدارة. أذ، لم تزل الى الآن هذه الاوضاع تنخر في جسد العراق. يتحتم على الحكومة العراقية، العمل بجد ونشاط على بناء عراق قوي في الاقتصاد وفي السياسة وفي جميع الملفات؛ التي تقود حتما في هذه الحالة الى تأسيس قاعدة اجتماعية صلبة؛ داعمة لعراق قوي ومستقل وبسيادة غير مجروحة. هنا يصبح من السهولة بناء علاقات ندية ومتكافئة مع جميع دول المجتمع الدولي، ويصبح من السهولة ايضا في ظل التحولات الدولية الحالية، وفي الاستثمار العراقي لها بحرفية وهمة عالية؛ التخلص من تبعات القرارات الدولية المجحفة، التي تهدد بها امريكا حكومة العراق، ضمنيا، وبقفازات ملساء الملمس الخارجي، وخشنة في داخلها حين تدخل يد العراق فيها.

***

مزهر جبر الساعدي

هناك أناس مبدعون خاصة يسجّلون أسماءهم في صفحات الخلود ويمضون، تاركين وراءهم آثارًا طيبة لا تمحوها الأيام ولا تعاقب السنوات، آثارًا تستند إلى هموم عامة يشاركون فيها آخرين من أبناء شعوبهم. من هؤلاء يبرز رسام الكاريكاتير الفلسطيني المبدع ناجي العلي، ابن قرية الشجرة المهجّرة، الذي قضى برصاصة حمقاء أطلقها عليه موتور مأفون في لندن، في مثل هذا اليوم(29-8-2023)، قبل ستة وثلاثين عاما، فوضعت حدًّا لحياته القصيرة الغنية، ومكّنت كاتم الصوت من كتم صوته، بعد أن امضى سحابة عمره العملي في الصراخ: لا لكاتم الصوت.

لقد قيل الكثير عن ناجي العلي وسوف يقال الكثير، لأهميته في مسار المطالبة بالحق الفلسطيني بالعودة إلى البلدة والبيت، ويعرف الكثيرون ان هناك فيلمًا سينمائيًا يتحدث عن حياته ونضاله قام بأداء دوره فيه الفنان العربي المصري نور الشريف، وربّما يكفي للتدليل على أهمية العلي أن نذكّر بأن صحيفة يابانية اعتبرته، منذ سنوات بعيدة، من أوائل عشرة فناني كاريكاتير في العالم.

منذ رحيل ناجي القسري، قدّمنا العديد من المحاضرات والاحاديث الادبية، وطالما تحدثنا عن حنظلة ناجي العلي الذي ولد في العاشرة وقال عنه مبتدعه إنه لن يكبر إلا بعد عودته إلى بلدته الحبيبة السبية الشجرة، كما أن محبيه لن يروا وجهه إلا هناك، وبالفعل لم يرَ جمهوره وجهه إلا بعد نكسة 1967، بعد أن أدار وجهه مرّة واحدة ووحيدة.. لكن رافعًا أصبعه الوسطى لعالم افتقد ما افتقر إليه من أمن، امان واستقرار.

اتذكّر في هذه المناسبة المؤلمة أنني كنت في السبعينيات المتأخرة أتردّد على مقهى ومطعم الصداقة بإدارة الصديق الرائع مصطفى اسعيد، ابو نضال طابت ذكراه، من قرية رمانة، وحدث أنني دخلت الى المطعم ذات يوم فهرع نحوي شخص لا أعرفه مائة في المائة وراح يحتضنني، فاستغربت ولم أفق من استغرابي إلا عندما راح يحمد الله أنني نجوت، أنا ناجي...، من محاولة اغتيالي في لندن، وسألني مُحتضني يومها عن أحوالي فقلت له إنها على ما يرام وبرنجى.. وعال العال، وتوجّهنا إلى طاولة هناك تُطل على الشارع الرئيس في لناصرة.. وواصلنا الحديث وبيد كلّ منّا فنجان قهوة.. حتى اليوم على ما اعتقد ما زال ذلك الشخص المُحب الرائع يعتقد أنني ناجي العلي بشحمه ولحمه.. أنا راضٍ بأن يقترن اسمي باسم ناجي العلي ابن قرية الشجرة القريبة من قريتي المهجّرة سيرين، وهو راضٍ لأن ناجي العلي الذي احبه من جماع قلبه.. لم يمت.

كانت لنا في مطعم الصداقة، مجموعة من الاصدقاء، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر كلًا من المرحومين العظيمين محمد أبو حسين- أبو علي من رُمّانة، وأحمد حبيب الله- أبو هشام، من عين ماهل، طيب الله ذكراهما، كما أذكر الاخوة الاعزاء: عمر سعيد من كفر كنا، منصور طاطور من الرينة، سليمان أبو ارشيد وباسم داوود من دبورية، وليد ياسين من شفاعمرو، عفيف سالم من الناصرة- رحمه الله، إضافة إلى صاحب المكان ومديره مصطفى اسعيد،.. ليعذرني من لم اذكر اسمه من الاصدقاء والاحباء من ابناء تلك الفترة فهم كثر..، أقول كنّا نجلس في الاصباح المبكّرة، لنتصفح الصحف في مقدمتها صحيفة "الميثاق"، وكان أكثر ما يجذبنا إلى تلك الصحيفة أنها كانت تنشر على صفحتها الاخيرة كاريكاتيرًا يوميًا لحبيبنا الغائب الحاضر ناجي العلي، ضميرنا الحيّ ومُجسّد محبتَنا للبلد والولد. لقد كانت تلك من أجمل أيام العمر، فقد كانت العيون تفيض بالبِشر والامل، كلّما وقعت على الصفحة الاخيرة من صحيفة الميثاق، وما زلت أتذكّر عندما وقعت العيون على كاريكاتير يُمجّد قمر فلسطين ويقول إنه أجمل من قمر عين الحلوة، وعلى كاريكاتير آخر يُصوّر سفينة تقلّ مقاتلي فلسطين من بيروت إلى المنفى، وهناك مَن قذف نفسه منها إلى الماء رافضًا المغادرة وقائلًا: اشتقنا لك يا بيروت.

يومها قال محمد أبو علي وفي عينيه وميض حافل بالمحبّة والامل.. ما دام هناك مثل هذا الرجل في عالمنا، فإننا سنعود مهما طال الزمان.. وسوف ننعم في دافئات المُنى..

ستة وثلاثون عامًا مضت يا ناجينا مثلما يمضي لمح البصر.. ويكبر الحلم ويمتدّ النظر، ولا حق يضيع ووراءه مَن يطالب به.. على خطاك تمضي القوافل. فنم قرير العين.

***

ناجي ظاهر

هنالك مغالطات كثيرة حول التاريخ ومن يكتبه. وهل هو مكتوب بحيادية وبدون تزييف؟! .. حين نذكر كلمة التاريخ ستجول في خواطرنا السنوات التي عشناها قبل عشرين سنة على الأقل أو ما عاشه آباؤنا وأجدادنا أو حتى حياة أشخاص لم نعرفهم مضى على سيرتهم قرون!، وكما هو معروف أن من يكتب التاريخ هم علماء يطلق عليهم المؤرخون لديهم دراسات وبحوث وشواهد عن كل ما يكتبون عنه ولعل المصادر والوثائق هي ما يبحثون عنها من أجل إثراء معلوماتهم فهم يكتبون عن حياة وتاريخ أشخاص أو وقائع معينة وكذلك يكتبون عن الشعوب والثورات ويبدءون بتفسير التاريخ وفهمه مستندين في ذلك على مناهج سردية معينة أو أسس علمية من إظهار وتبيين الحقائق. ومن أشهر المؤرخين وأقدمهم هو هيرودوت والذي لقب بـ أبا التاريخ ويعتبر أول من كتب في التاريخ، وظهر بعده كتاب كثر منهم المؤرخ والعالم الصيني سيما تشيان، ومن أشهر المؤرخين العرب أبن خلدون الذي يعتبر من الأسماء المهمة في تطور علم التاريخ والفلسفة. ومن الأخطاء والاعتقادات الكثيرة عن التاريخ والتي تدعي أنه محرف أو غير متقن أو أنه يحتوي على الخرافات وأشياء لم تحصل لكنها دونت بصورة مشكوك فيها !، التاريخ يختلف عن الخرافات والأساطير التاريخ هو ناتج عن أحداث حدثت وكتبها أشخاص موثوقون كتبوا معلومات حصلت ومتأكدين منها من خلال دراسة الأشخاص والوقائع وجمع واستقصاء المعلومات ثم تدوين ما حصل، أما عن الحروب والمعارك فقيل أن من يكتب تاريخها هم المنتصرون فقط لكن ذلك غير صحيح لأن المعارك أحيانا تدون من خلال أشخاص حيادين ينقلون أدق التفاصيل من خلال أما معايشة الأحداث أو لقائهم لشخصيات كانوا في تلك المعارك والحروب والأخذ بنظر الاعتبار كل الأطراف ومن ثم تدون تاريخياً . وبكل تأكيد أن الباحث عن الحقيقة سيبحث عن مصادر كثيرة يستنبط من خلالها الحقائق وسيصل إلى كل ما يريد الوصول له. وفي النهاية وبالمختصر أن التاريخ هو القيام بدراسة تعتمد على حقائق الماضي وما حدث في السابق وكذلك أخذ نظرة شاملة عن الظروف التاريخية وتفسيرها فمنهج البحث التاريخي من أهم ما يمكن أن يتعلمه المؤرخون والباحثون ..

***

سراب سعدي

واختر قرينك واصطفيه تفاخرا

إن القرين إلى المقارن ينسب

منذ آلاف الأعوام ووادي الرافدين بساط أخضر، أطلق عليه أرض السواد لكثرة زرعه، وتنوع مايطرحه من ثمار على مدار السنة من دونما انقطاع، وماذاك إلا لتعدد مصادر المياه بين أمطار وأهوار ومياه جوفية، فضلا عن دجلته وفراته، الممتدين برشاقة يغدقان الجبال والهضاب والصحارى والسهول، بما جعل الله منه كل شيء حي، فيزدهر به الزرع ويرتوي الضرع.

وبذا من المفترض ان يكون خليفة الله في هذه الرقعة من الأرض، مخصوصا بالعيش الرغيد ومتنعما بالحياة المرفهة، ولكن واقع الحال يبعد كل البعد عن هذه الافتراضية، وسكان وادي الرافدين ينأون كل النأي عن الحد الأدنى من الهناء والدعة والطمأنينة، بل هم يعلّون كأس الفقر والفاقة والعوز علا، ويعبّون من قدح الضيم والظلم وشظف العيش عبّا، فيما ينهل سلاطينهم وحكامهم وأولو أمرهم من القدح المعلى، ويرفلون في النعيم والحرير والزبرجد والسندس. وكلنا يذكر الأيام الأولى لسقوط النظام بعد التاسع من نيسان عام 2003 وكيف بعث هذا الحدث في نفوس أغلبنا -وليس جميعنا- أملا كبيرا لتحول كبير في حياة العراقيين، لاسيما الذين جايلوا عقود السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، والذين ذاق أغلبهم مرارة السياسة المتبعة آنذاك، والنهج الذي كان مفروضا عليهم رغما عن أنوفهم. فكانت أيامهم سائرة ككابوس في ليل بهيم، كانت الأرواح أبسط ما يخسره العراقيون فيها، فضلا عن الأبناء والأهلين والأصدقاء، حتى صار التغرب والترحال عنوان العراقيين في أسقاع المعمورة.

وها نحن اليوم تحت مظلة حكومة لم تأت عن طريق الإرث ولا القمع والفرض، كما كان في عهد النظام السابق، وقد كان مرجوا أن يكون اختيار رئيسها أعضاء المجلس التنفيذي، وفق وحدات قياس صارمة وضوابط حازمة، من دون الركون الى الفئوية والحزبية والمحسوبية، التي كانت السبب في تدني مستوى أداء الوزارات في الحكومات السابقة، وعادت بسلبيات ضيقت الخناق على أهل البيت العراقي بشرائحهم كافة، وياليت رئيس حكومتنا يقرأ بيتين أنشدهما ابن الرومي إذ يقول أولهما:

عليك بدارٍ لا يزول ظلالُها

ولا يتأذى أهلُها بمضيق

وقطعا هذا لن يتأتى يارئيس حكومتنا من الفراغ، او من الجلوس خلف عرش السلطة من دون النزول الى أرض واقع العراقيين، حيث العامل والعاطل عن العمل، والطالب والمعلم، والمرأة وكبار السن، والموظف والمتقاعد، والطفل والمريض وباقي شرائح المجتمع، فهم جميعا باتوا أمانة بعنقك وأعناق كل من يتسنم منصبا قياديا في البلد، والعمل على إنقاذهم والنهوض بهم لايتأتى بالكلام المعسول، والخطابات واللقاءات والاجتماعات والمؤتمرات التي أرهقت نفسك في إقامتها وحضورها مذ تسنمك زمام السلطة.

نعم يارئيس الوزراء، الكرة استقرت في ساحتك منذ عشرة شهور، وعليك التهديف والتصويب بدقة وذكاء، والمواطن ينتظر منك بذل الطاقة القصوى، والعمل الدؤوب وانتهاج سبل حدية وصارمة، مع من يتهاون في أداء واجبه بالشكل السليم، للحد من تداعي كثير من السلوكيات التي ظهرت عبر تراكم السنين الماضية من عمر العراقيين، بين حصار وحروب واحتلال، ولتتوج بهمّتك نيتك السليمة في خدمة البلد وتقديم ماهو أفضل له، فبالآمال والأمنيات والنيات الصافية وحدها، لاتُبنى لِبنة واحدة من صرح البلد، وأكمل لك قراءة البيت الثاني لابن الرومي حيث قال:

فما يبلغُ الراضي رضاهُ ببُلغة

ولا ينقعُ الصادي صداه بريق

***

علي علي

"إنما هذه المذاهب أسباب.. لجذب الدنيا إلى الرؤساء"!!

المذهب: طريقة، قصد، رأي، وجهة نظر، أو المعتقد الذي يُذهب إليه. والقمقم: وعاء يكون ضيقا في رأسه.

المذاهب أوجدتها التأويلات وهي ليست أربعة أو خمسة بل عشرات وربما مئات، وما بقي منها يخدم السلطات في أي زمان.

والتأويل ليس ملزما، ويمثل وجهة نظر لعقل ما توصل إليها، وفقا لما توفر لديه من أدلة وبراهين، قد تتغير مع الوقت.

ومثلها الفتاوى فهي وجهات نظر، وفقا لما لدى أصحابها من معرفة، وهي ليست ملزمة، ويتحمل العامل بها مسؤوليتها.

المذاهب ليست دين، فالإسلام هو الدين!!

فكيف يضيع الإسلام في المذهب، وينتصر التأويل على جوهر الدين؟

الأمة تمضي في طريق يزداد بعدا عن الدين، وكأن الزمن عدسة مقعرة تشتت المسلمين، وتحولهم إلى فرق وجماعات وفئات، كل منها تدّعي وفقا لتأويلاتها، بأنها تمثل الدين، وغيرها ضد الدين.

ويغذي أعداء الدين النعرات التدميرية ، ويوفرون الوسائل الكفيلة بالتعبير عن دين هذه الفئة ضد غيرها المتخندقة بما تراه دينا.

وفي الزمن الذي صار السلاح متطورا ومبذولا، أصبحت الفئات المتمرغة بتأويلاتها تحمل السلاح ضد بعضها!!

فأين نحن من الآيات التاليات: "إنما المؤمنون أخوة"الحجرات: 10

"وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" المائدة:2

"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" آل عمران: 103

والحديث: "كلكم لآدم وآدم من تراب"

وهل لنا أن نتأمل قول أمية إبن أبي الصلت:

"إذا كان أصلي من تراب، فكلها...بلادي، وكل العالمين أقاربي"!!

***

د. صادق السامرائي

كما هو معروف للكثير منا أن للإعلام وظائف عديدة منها الوظيفة الإخبارية والتعبير عن الآراء والتوعية والإرشاد وزيادة الثقافة والإعلان بالإضافة إلى التسلية والترفيه .. والذي هو صلب موضوعنا لهذا اليوم، وكما نعلم أن وسائل الإتصال أنواع وهي المقروءة والمسموعة والمرئية وكلٌ منها لابد أن يتناول مواضيع وبرامج مختلفة ومن ضمنها البرامج الترفيهية للجمهور وهذا الأمر لابد منه، فالجمهور يميل إلى الترفيه أكثر الأحيان، وتُخصص في الصحف أبواب وصفحات لهذا الجانب من الإعلام (الإعلام الترفيهي) تتناول فيه الصحيفة أو الجريدة مواضيع ترفيهية كالأدب والفن والرياضة والحوارات و الألغاز ... وغيرها، وأما في الإذاعة فتهتم بالجانب الترفيهي أيضاً من خلال برامج التواصل المباشر مع الجمهور مثل (ما يطلبه المستمعون أو سؤال وجواب .. إلخ) أو اختيار أغاني أو أخبار الفن والرياضة وغيرها، وعن طريق التواصل المرئي كالتلفزيون فهناك برامج كثيرة للترفيه كبرامج المسابقات والفن والبرامج والمسلسلات الكوميدية وغيرها الكثير، ورغم ذلك لا يمكن اعتبار البرامج الترفيهية برامج سهلة وبسيطة فهي بحاجة إلى فكرة وإعداد جيد وإخراج متميز كذلك تحتاج إلى دعم لوجستي ومادي حتى يستقبلها المتلقي بشغف وتؤثر عليه بإيجابية . وتتطلب البرامج الكوميدية رزانة في اختيار أفكارها وموضوعاتها فبعض البرامج قد تؤثر سلباً على المتلقي وخاصة إذا كانت البرامج تمس العاطفة أو التقليل من احترام البشر أو الاستقرار النفسي للجمهور أو قد تحرض على العنف وقلة الأدب أو قد تدعو إلى تبني أفكار وسلوكيات سلبية كما يحدث في بعض البرامج الترفيهية التي تعرض على بعض القنوات الفضائية، ونجد أن برامج الترفيه عند أغلب القنوات التلفزيونية محصورة في أوقات معينة من السنة مثل البرامج والمسلسلات التي تُعرض في شهر رمضان المبارك، فنجد غزارة كبيرة في الإنتاج وعدم توزيع إنتاجها على بقية الأشهر من السنة فكل قناة تنتج أربع أو خمس برامج في هذا الشهر وتقوم بإعادة عرض البرامج على ما تبقى من أشهر السنة ! فتصيب المتلقي بالملل وعدم الاكتراث لما يتم عرضه، ومن أجل إيجاد الحلول المناسبة لهذا المشكلة هو إيجاد برامج ترفيهية سهلة التنفيذ كبرامج التواصل الجماهيري مثل المسابقات طلابية أو برامج عن التاريخ والحضارة يتم إعدادها بشكل جميل يجذب الجمهور لحب البلد والاهتمام بحضارته وتأريخه، وكذلك برامج الامثال والحكم وبرامج عن المهن والحِرف .. فمثل هذه البرامج مسلية وممتعة وفيها الكثير من الفائدة وبإمكانيات مادية غير مكلفة وسهلة الاعداد . بقي أن نذكر أن الإعلام بصورة عامة أمانة وشرف وهو سلاح ذو حدين يجب العمل فيه بموضوعية ومهنية تامة حتى تصل الرسالة الإنسانية بصورة صحيحة وبموضوعية تامة.

***

سراب سعدي

تزايد عدد المتدينين في العراق بشكل حاد بعد عام 2003 على أثر سقوط النظام البعثي في العراق (1968- 2003) والذي حكم العراق بالحديد والنار، وخاصة الشيعة الذين تعرضوا للظلم والاضطهاد خلال تلك الفترة المظلمة من تاريخ العراق الدموي .

التدين السلطوي المتحزب تسبب في جذب الناس اليه عن طريق الأحزاب الدينية وماكنتهم  الإعلامية بعض رجال الدين، مستغلين المناسبات الدينية والأحداث التي مر بها العراق أثناء حقبتي الحكم الأموي والعباسي وما تعرض اليه أهل بيت النبوة رضوان الله عليهم من قتل وتشريد، من أجل تحشيد الملاين من المسلمين الشيعة في كافة أنحاء المعمورة لزيارة مدينة كربلاء المقدسة وبالتالي صرف مئات الملايين من الدورات عليهم نتيجة الخدمة المجانية التي تقدمها الحكومة العراقية  وبعض السياسيين وميسوري الحال، حتى أصبح استلام السلطة في العراق من قبل أحزاب دينية، مغامرة كبيرة.

ولطالما كان عزاء الشيعة على مقتل الإمام الحسين(ع) الذي يستمر طوال شهري محرم وصفر، يفقد حالته المعارضة ويسلط الضوء على ذكر المصيبة وتهييج الأحاسيس للبكاء فقط.

وأحياناً يصطبغ بروح معارضة مستلهماً من الحالة الشيعية الثورية، إذ ينادون بالعدالة والحرية ونفي الاستبداد طوال عزائهم للحسين وأصحابه.

ولكن مشكلة البعض أنهم لا يعترفون بالتطور العلمي ومخرجات الحضارة الغربية التي أحدثت انقلاباً كبيراً في مستوى المعيشة  ونمط التفكير  وقادت ثورة كبرى من الصعب تجاهلها ولكن بعض المتأسلمين لازالوا يعيشون في القرن الأول الهجري، بينما العالم يعيش في القرن الحادي والعشرين .

وقد يحاول بعض رجال الدين من مدمني المنابر العاجية الرجوع بالناس إلى الماضي البعيد بكل سلبياته وإعادة صياغتها بثوب جديد فيه نغمة حزن وتأسي على ما فات،تحت شعار إن هناك من سلب الحقوق من أحفاد النبي محمد (ص) وقاتلهم بحد السيف، وكأن الخلافة الإسلامية نزلت من السماء على ارض الكوفة  ويجب إن تبقى فيها إلى يوم القيام، وبما إن ذاك لم يحصل سوف يأتي مخلص من السماء ليعيد الحقوق المسلوبة إلى أصحابها ويحاسب المارقين والناكثين والقاسطين، وينشر العدل والسلام في الأرض .. ومثلهم هاذ كمثل من يبكي على أجداده الذين ماتوا قبل مائة عام ولم يراهم، ولكنه سمع بطولاتهم من جدته الطاعنة بالسن، التي بدورها ورثتها من أمها المتوفاة في بداية القرن العشرين.

يجب إن يفهم هؤلاء بان التجديد ضروري وان البكاء على الماضي البعيد نوع من الرياح العاتية التي تقتل الحرث والنسل.

من المعروف للعامة إن طريقة حياة الناس أو ثقافتهم يصنعها عملهم ودخلهم فقط، وبالتالي فإن الاقتصاد ومستوي معيشتهم هو الذي يحدد طريقة تفكيرهم،  وليس العكس : أي أن نوع العمل وأدواته والأشكال القانونية التي تضمن وجوده مثل الاتفاقيات والتعاقدات والقوانين المنظمة للعمل.. هي التي تحدد مكانة الناس في مجتمعاتهم، ومكانة المجتمعات نفسها في العالم، أي تحدد مدي سلطة كل منهم علي الآخرين.

الإسلام بالأمس:

الإسلام : نعم قامت قيامته على السلطة السياسية ولولاها لما انتشر ولظلت دعوته مركونة في أرض نجد والحجاز، وقد ينقرض كما انقرضت كثير من الدعوات وأصحابها، ولا يمكن الفصل بين الإسلام والسلطة قبل قيام الدول الحديثة والدساتير العالمية،لذا فكل إحداث الصراعات السياسية لا يمكن فصلها عن الإسلام ،إذ كان الخليفة والحاكم يمثل ظل الله في الأرض وخليفته فيها.

 والآن الحركات الإسلامية والجهادية بكافة عناوينها تريد العود بنا إلى ذلك الزمن الغابر، اليوم نستطيع القول إن الأنظمة السياسية الحالية في الدول الإسلامية لا تمثل الإسلام بكل تفاصيله، ولا يوجد حاكم يقول : أنا ظل الله في الأرض، فقد أصبح الدين عبارة عن طقوس ومناسك يؤديها عموم الناس كالصلاة والصوم والذهاب للمسجد، وغيرها من الأمور التعبدية .

لكن المشكلة في كتابة تاريخ وسير الحكام من قبل بعض الكتاب الإسلاميين حينما كتبوا عن أولئك الحكام والقادة أمثال (صلاح الدين الأيوبي ومعاوية بن أبي سفيان وخالد بن الوليد وأبو العباس السفاح).. وغيرهم، كتبوا عنهم بصفتهم حاملي مشاعل الإسلام، وإنهم منزهون وأخطاءهم تغتفر بأمر الله ولا يسمح المساس بهم .. لهذا حسب ما قاموا به بأنه عمل ديني قائم على أحكام الشريعة .

 فالدولة العباسية مثلاً كسابقتها الدولة الأموية قامت على سفك دماء مروعة في دمشق، وانتهت بسفك دماء أشد ترويعاً في بغداد.

وبالرغم من أن حكم مؤسسها أبو العباس السفاح (عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس أبن أبي طالب) لم يتجاوز الأربع سنوات، لكن السيف كان منطقه، وسفك الدماء منهجه، وفرض الإرادة بالقوة ديدنه، وكان متأجج التفاعلات شديد الصولات، حتى تمزقت البلاد التي كانت تحت إمرة بني أمية، "وتقسمت ممالك الأرض عدة أقسام، وصار بكل قطر قائم يأخذ الناس بالتعسف، وينكبهم بالقهر".

مأساتنا إننا اعتبرنا كل أفعال رجال الحكم منذ عهد الخلفاء الراشدين إلى إعلان انتهاء الخلافة العثمانية دين وممنوع المساس به، يا جماعة الصحابة حاربوا بعضهم البعض وآلاف المسلمين قتلوا في هذه المعارك وعشرات من المسلمات اغتصبن (الم يأمر مسلم بن عقبة بن رباح المري قائد جيش بني أمية باستباحة مدينة رسول الله لجيشه فقتلوا واغتصبوا ونهبوا عشرات من الصحابيات في هذه الموقعة إي موقعة الحرة وعشرات من صحابة رسول الله قتلوا على يد جيش مسلم)، هذا أيضا في تاريخنا . لماذا نتغنى بالانتصارات على الروم والفرس والفتوحات في شمال أفريقيا والأندلس ونتناسى جرائمنا بحق خلق الله، هل هذا يرضي رب العالمين بأن تساق فتيات آمنات في بيوت إبائهم إلى سوق النخاسة؟ هل يقبل إي شخص بأن يحدث هذا لأبنته؟ طبعا لا فكيف يقبل منك رب الرحمة أن تفعل بخلقه ما لا ترضاه على نفسك .

واليوم تغضبني جدا الشعارات البراقة التي يطلقها البعض من ضعاف الوطنية، بالأمس كان كل من في الساحة السياسية قد جلس مع الامريكان وتفاوض معهم وتقاسم الكعكة مع البريطانيين ووافق على شروط الفرنسيين وقبل ايدي الايرانيين شكرا وفضلا لإيوائهم وقبل الدعم من حكومات الخليج والعرب بمختلف مسمياتهم وكان البعض منهم يتباهى في الليل والنهار بالتعاون معهم ومع اجهزتهم الاستخبارية ويتلقى الدعم بالملايين من الدولارات وكان من المساعدين والداعمين لقانون ما يسمى (تحرير العراق) الذي اتخذته الحكومة الأمريكية شعاراً لحصارها الاقتصادي و الذي اودى بحياة الاف العراقيين .

ولم تكن قوات احتلال بل كانت قوات صديقه ومحررة حتى اتخذوا اليوم الذي سقطت فيه بغداد بأيدي الغزاة اول الامر عطلة رسميه وسموه يوم التحرير وحرموا قتالهم ومن يقاومهم مكانه السجن والتهمة ارهاب.

فجأة انقلب كل شيء وارتفع سقف الشعارات وانقلبت الامور راسا َعلى عقب وتبادل السياسيون الادوار والتهم،واصبحت لدينا قوات الاحتلال بعدما كانت قوات تحرير وهناك المقاومة بعد الارهاب ومن يرغب او يرحب بهم فهو خائن للوطن والعرض والدين بعدما كان هو المضحي والخاسر.

***

شاكر عبد موسى / كاتب وأعلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ « لقمان34 »

يقول الملحد ان العلم قد اثبت بطلان مضمون هذه الاية المباركة حيث ثبت ان غير الله قد اصبح قادرا على ان يُنزل الغيث بالاستمطار الاصطناعي كذلك اصبح الانسان يعلم مافي الارحام بل اكثر من ذلك اصبح يتحكم بتحديد جنس الجنين ذكرا او انثى ولا أخفيكم سرا أن هذه المستجدات العلمية قد أرهقت المؤمنين كذلك؛ من حيث أنها أوجدت مايُشبه التناقض بين ماقرره الله تعالى وماتوصلت له التقنيات العلمية ولكن الحقيقة أن هذا الذي يبدو تناقضا ماهو الا شُبهة وانت تعرف أن الشبهةسميت شُبهة لانها تُشبه الحق والأمر كله لايحتاج منك الا أن تتدبر كلام الله لتجد تطابقا بين دلالات الآية وبين ماتوصل اليه العلم، سبحان الله كم ان هذه الاية صيغت بدقة متناهية بحيث انها تُجيب مُسبقا على اشكالات الملحدين وعلى استغراب المؤمنين، فهي تضع اجابات منطقية وواقعية لهذه التساؤلات فهي تتناول القضايا المطروحة على شكلين من التحكم يجري مابين الحصر والتفويض فهي تبتدئ في المقطع الاول بحصر معرفة علم الساعة بالله تعالى وهو علم الغيب للمستقبل بتعبير « عنده» وهذا يعني ان ماعنده لن يكون عند غيره وعندما يتناول موضوعة الغيث لايجعل امكانية انزال الغيث متعذرة على غيره بقوله « ويُنزل الغيث» وهذه لاتفيد الحصر وهي دلالة واضحة على انه سبحانه قد جعل امكانية الاستمطار مُتاحة للانسان عندما يبلغ مبلغا من العلم يخوله ذلك وعندما تتحدث الاية عن الأجنة تجد ان الله تعالى كذلك لايجعل العلم بما في الارحام متعذرا على الانسان عندما يمتلك ادوات العلم الكافية لذلك بقوله « ويعلم » وهذه ايضا لاتفيد الحصر وذلك بالتاكيد لايعني ان غيره لايمكنه ان يعلم، بعد ذلك تعود الاية الى سياق التخصيص عند الحديث عن المستقبل « وما تدري نفس ماذا تكسب غدا » والـ « ما » نافية لامكانية ان تدري نفس ماذا تكسب غدا، فياتيك جواب الملحد بأن النفس كثيرا ماتستطيع أن تدري ماذا تكسب غدا ؛ بدليل أن الإنسان يخطط للمستقبل وينفذ ماخطط له !! ولكن الحقيقة أنه كما قال الله تعالى وليس كما يظن، حيث أنه فعلا يخطط ودائما ماينفذ مخططاته ولكنه لايستطيع ابدا ان يظمن ذلك مسبقا لأنه لايضمن أنه سيكون حاضرا حيا يرزق إلى الغد

وذلك ماجاء في ذيل الآية بهذا المعنىٰ « وماتدري نفسٌ بأي ارض تموت »

***

فاضل الجاروش

"ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون..." إبراهيم:42

"فويل للذبن ظلموا من عذاب يومٍ أليم" الزخرف : 65

"سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" الشعراء: 227

كم من العمائم المؤدينة تعترف بهذه الآيات، وكم تعتبرها منسوخة ومدسوسة، أو تؤولها على هواها، فدينهم هواهم.

أما الأصنام التي أزيلت يوم فتح مكة، فعادت آلافا وآلافا، مرتديةً أزياءً بشرية.

فما أكثر البشر الذي يتعبدون عند قدميه، ويحسبون ما ينطق به وحيا يوحى!!

إنه مأزق الدين بالدين!!

المسلم يكفّر المسلم، ويخطفه، ويقتله، وذلك من طقوس الدين القويم!!

فلكل آثمة فتوى، وبما أن الدين صار إتبع، إقبع، إخنع وقلد، فالفتوى فوق كل شيئ، ودع النفوس الأمّارة بالمساوئ  تفتي،  وعليك أن تنفذ ما قال مَن تقلد، فإتبعه بعد أن عطل عقلك، وأجج نفسك الشريرة، وألبسها ثياب الفضيلة والخير.

فافعل ما تؤمر به، فأنت تابع أمين.

أ هذا هو الدين يا أمة الرحمن الرحيم؟!!

"والظلم من شيم النفوس، فإن تجد...ذا عفةٍ، فلعلةٍ لا يظلم"!!

فما يقوم به المسلمون ضد المسلمين، يندى له الحجر، وترتعد منه أوصال الدين!!

إن الذي يحصل عدوان على الإسلام، تقوده العمائم المؤدينة المتواطئة مع أعداء الدين.

وإلا كيف تفسرون كثرة العمائم وزيادة المظالم؟!!

"وما من يدٍ إلا يد الله فوقها...ولا ظالمٍ إلا سيُبلى بأظلم"!!

***

د. صادق السامرائي

في العودة إلى المدرسة عودة لسؤال: أين توقف الإصلاح الهيكلي للمنظومة التربوي؟ وأين هي البداية؟ إصلاح الإصلاح والامتداد الزمني الذي لن ينتهي، يتجدد عند كل موسم دراسي. من فرحة العودة، كان تلاميذ جيل (ما بعد الاستقلال) يتغنون بنشيد (مدرستي الحلوة...)، فيما اليوم فقد باتت المدرسة تشكل ذاك الكابوس المفزع للأسر والتلاميذ على السواء، وحتى الأستاذ(ة) وهيئة الإدارة فقد باتوا في مرمى من حجر إكراه عوز (تضخم) العودة إلى المدرسة (كما كانوا قد طلقوها بالفرحة عند محضر الخروج !!). عودة قد تكون في ظل الاختلال البنيوي المتفحم بالتقادم في مفاصل المؤسسات، وما تم تسريبه من فصول وترتيبات نظام أساسي لم يعالج المشاكل في عمومياتها الكلية !!

يعود التلاميذ إلى الفصل الدراسي، وهُمْ في انشغال تام بلهو العطلة وتعطل التفكير، ورَبْو تام في ميزانية الأسرة، وامتلاك مُحولات التفاهة الإليكترونية وتبعاتها!! يعود التلاميذ بتلك الخطى البطيئة لاقتحام أبواب المدرسة (من أجل مدرسة ذات جودة للجميع !!)، وكأنهم في عَوْد دخول نحو الاعتقال الطوعي، بعد إفراج سراح العطلة. تعود هيئة الإدارة والهيئة التربوية بمتمنيات الأمل والحلم والتجديد، لكن في دخول الموسم الدراسي الجديد يتشكل حديث التخوف من  تمفصلات النظام  الأساسي الجديد لموظفي الوزارة، والذي يتمتع بمضامين (مجحفة)، تغرق في التمويه، بدل الحلول الإجرائية. وقد يتساءل البعض : أين هي لائحة العطل؟

حقيقة، لم تكن هنالك (مدرسة حلوة) في الواقع الوطني، إلا في أحلامنا وتمنياتنا العامة. لم تتحقق هذه المدرسة الحلوة (الطوباوية) إلا في نشيد (قولوا معانا يا لي تحبوها... تحيى مدرستي الحلوة...). لم تبق هنالك مقاربة الإنصاف والمساواة إلا في حق الولوج إلى الصف الدراسي، بينما الفروقات تظل قائمة بين مدرسة العالم القروي والحضري والشبه الحضري (الأحياء الناقصة التجهيز). حاضرة، وتتمسك بخطاب التسويف وصناعة أمل (خارطة الطريق) الجديدة، بل قد يزيد الطين (مستنقعا) تلك التباينات بين التعليم العمومي المنهك بالمتاعب الداخلية والخارجية، والمدرسة الخصوصية لأبناء (القشدة ) الاجتماعية، وأولاد (الفشوش) الجدد.

لن نمارس الضغط بالكسر والتفتيت على حلم الأمل، ولكنا قد ننقل الحقيقة التي جعلت من المدرسة العمومية تعمل على نمط التعليم (الإلزامي)، ولمن وصل سن التمدرس يجد حتما مقعدا، ولو في قسم الاكتظاظ !! لن نمارس سلطة تحطيم المدرسة العمومية من شموخ وطنيتها الأولى، ويتم الرفع من منسوب شأن مدرسة (الخواص) !! ولكنا قد نعلن أن المدرسة العمومية في خطر النكوص وفي غياب مخرجات الجودة !! قد يقول قائل: أن النتائج المتفردة تصنعها المدرسة العمومية (البكالوريا). هنا لا نختلف البتة، ولكنا قد لا نشتغل على جمع القلة، بل نفكر بجمع الكثرة والذي باتت المؤسسات الخصوصية المتنوعة تُنَاورُ عليه بالحيازة، وذلك عبر تقليعات جديدة ( التدريس بالنمط الأمريكي/ الانجليزي/ الكوري ...). نعم، معادلة الإنصاف والجودة في (مدرستي الحلوة) لم تتحقق ولن تتحقق. فيما معادلة الجاذبية والجدوى فهو طموح الوزارة والدولة، ولا زالت مدرستي (الحلوة) تُفتش في حجم الرافعات، والمشاريع المندمجة، والريادية الجديدة، وتخطيط خارطة الطريق.

 نعم ، مدرستي (الحلوة) أهلكها الإصلاح (غير المتوقف) والترميم و(ماكياج) الصباغة، وغابت عنها سنة التجديد. مدرستي (الحلوة) بقيت في تدبير نمطية المعيارية التقليدية (العمودية)، ولم تقدر على تحطيم حواجز الإخفاق بالاستقلالية و بدايات التدبير بالنتائج، والنهوض الشمولي بمكونات المجتمع المدرسي والاجتماعي.

كل المؤشرات، والتي تصدر من التنسيقيات والجمعيات المهنية (المارقة) عن المؤسسات النقابية، تُواعدُ على موسم (صفيحي) ساخن من الاحتجاز والعصيان المهني. بحق الله، هذا الموسم شعاره البديل (النظام الأساسي لموظفي الوزارة) بامتياز، في ظل غياب معادلة الإرضاء الكلي، وحل المشاكل العالقة بنهايتها. موسم جديد في (مدرستي الحلوة) قد ينطلق بالبطء، في غياب المحفزات المعنوية والمادية، وغياب ميثاق الثقة بين رؤية الوزارة (العمودية)، وبين مسؤوليات الأسرة ومهام المدرسة، وبين معايير نتائج ومخرجات الجودة الوطنية والدولية.

العودة معلومة التواريخ والترتيبات، فيما أداء العودة وأثرها النوعي قد يبقى معلقا لما بعد صدور (النظام الأساسي لموظفي الوزارة). وبعدها قد يخلق هذا النظام الأساسي المرتكز على مفاوضات (0 درهم من الاعتماد المالي) الحدث الملوث للدخول المدرسي، ومن المنتظر أن تتصارع النقابات فيما بينها !! وتصبح (مدرستي الحلوة) قاب قوسين من قرارات التنسيقيات والجمعيات المهنية!!.

***

محسن الأكرمين

الأخ الدكتور صالح الحسناوي

أتحدث مع جنابك الكريم بصفة صديق يمتلك صفات راقية، وزميل التقينا في مؤتمرات وندوات علميه.

كنت اتوقع انك ستأتي بي مستشاراً للصحة النفسية.. للأسباب الآتية:

- ستكون أول وزير صحة يقدر دور علماء النفس، ولا يجعل مستشاريه في الصحة النفسية مقتصرا على الأطباء النفسيين كسابقيه.

- ولأنني اول من أسس مركزاً للإستشارات النفسية كان مقره في القبة الفلكية، عمل معي أطباء نفسيون.. ثلاثة منهم يعملون الان في ابو ظبي.

- ولأنني اول من أسس جمعية نفسية عراقيه في  ٢٠٠٣  وانتخبت رئيسا لها.

- ولأنني اول سيكولوجست عراقي تسمى جائزة عربية باسمه يتنافس في الحصول عليها علماء النفس العرب عام 2022.

- ولأنني أجريت دراسات على نزلاء سجن ابو غريب بينهم محكومون بالاعدام، واول دراسة عراقية وعربية وعالمية على البغاء بحجم ٢٧٧ مومس وسمسيرة ، وتطبيق خمسة اختبارات.....نوقشت في ندوتين.. أكاديمية وحقوقية.

- ولأنني عملت باحثا علمياً في مركز البحوث العلمية بوزارة الداخلية..واقمت ندوات ومؤتمرات ناقشت دراسات ميدانية على مجرمين وشاذين جنسيا.

-  ولأنني عملت في مستشفى الرشاد ( الشماعية) لثلاثة اشهر،واجريت دراسات على نزلائه بينها دراسة تحليليه لرسوم ولوحات.

- ولأنني شاركت في مؤتمرات عربية ودولية في الصحة النفسية.

- ولأنني كاتب اشهر برنامج درامي اذاعي وتلفزيوني استمر 17 سنة و يعد الأطول على صعيد الأذاعات العربية ، شكل بصمة في الاذاعة العراقية وما يزال يتذكره العراقيون الآن لأنه يتصف بالمصداقية في عرض مشاكل اسرية وعاطفية ونفسية، وكنت استضيف اطباء نفسيون لتقديم المشورة العلمية لحالات تدخل في تخصصاتهم.

- واظنك تتفق معي أن شخصا بهذه المواصفات ينبغي أن تستفيد منه الوزارة ..ويسجل تقدير لعلماء النفس في العراق..باسمك.

أنا شخصيا.. أجهل الأسباب..لكنني متاكد انك تعرف انني لا اهدف من ذلك منصبا ولا مال، واعرف  أنك طيب لا يغير طيبتك منصب.

نبقى اصدقاء دكتور صالح

تحياتي وتقديري

قاسم حسين صالح

16 آب 2023

.................

ملحوظة:

هذه الرسالة كنت بعثت بها قبل عشرة ايام للسيد الوزير..ولأن معاليه لم يجب او يعلّق، فأنني اضطررت أن انشرها في وسائل التواصل الأجتماعي.

فهل كنت على حق بشأن ما طلبته من السيد الوزير؟

في أركان الوجود الاجتماعي يشكل الأخلاق ركنا أساسيا منه و سر بقاء الأمم، قال تعالى في سورة الأحزاب: اية 21 (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)  أنّ الحياة الفرديّة للإنسان، لا لَطافةَ ولا شفافيّة لها بدون الأخلاق. ولن تصل البشرية  إلى برِّ الأمان من دونها، ولكنّ الأهمَّ من ذلك هو الحياة الإجتماعيّة للبشر، فما لم يتمسك أفراد المجتمع بالأخلاق، فستكون نهاية المجتمع أليمة وموحشة جدّاً. ولا بقاء لأمة تفرط في أخلاقها وتتهاون في قيمها ومبادئها الروحية وفي حياة المجتمعات الإنسانية لا تستقيم من غير القيم الأخلاقية، ويمثل نسقا حيويا في نسيج الحياة الإنسانية المعاصرة. وهو نظام يوجه حياة الفرد وينهض بها إلى أرقى مستوياتها القيم الإنسانية. والإنسان لا يحقق جوهره الإنساني إلا في صورته الأخلاقية، والصورة الوحيدة في مملكة الكائنات الحية الذي يضحي برغباته وميوله على مذابح السمو الأخلاقي، سعيا إلى تجسيد قيم الحق وكل القيم والفضائل التي تشكل جوهر الحياة الأخلاقية وغايتها.مثل الخير، والجمال، والشرف، والكرامة، والإيثار، والتسامح، والشجاعة، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين) 133، 134 آل عمران

ويقول الشاعر معروف الرصافي:

هي الأخلاق تنبت كالنبات...اذا سقيت بماء المكرمات

تقوم إذا تعهدها المربي... على ساق الفضيلة مثمرات

ان أهميّة  الأخلاق العظيمة للفرد تتجلى في العديد من الأفعال والسلوك، حيث انها  تمنح الفرد إمكانيّة اختيار السلوك الصادر عنه، و الإسهام في تشكيل شخصيّة الفرد، وتحديد أهدافه في الحياة. و الشعور بالأمان؛ والتّحلّي بها كي يتمكّن الفرد من مواجهة ضعف نفسه، ومجابهة التّحديات والعقبات التي تواجهه في حياته، وتساعده على ضبط شهواته وهواه ومطامع نفسه وتنسق على ضوء ما يتحلّى به من الأخلاق الحُسنة. وتسمو بالإنسان فوق الماديّات المحسوسة، فيرتفع الإنسان بالأخلاق إلى درجاتٍ رفيعةٍ من الإنسانيّة. و تُكسِب الاخلاق الحسنة  الفرد جزاءً حسناً في الحياة الآخرة بالجزاء و الأجر الكريم، والثواب الحَسن من رضا الله تعالى، والقبول منه، والفوز بجنّته.

المقصود بالقيم  هي عدم التعدي اللفظي على أي شخص، وعدم الخوض في تجارب سيئة، وعدم فعل الفواحش، وعدم ارتكاب أي فعل مخالف للآداب العامة.

القيم العقلية: تلك القيم التي يستوجب فيها حفظ العقل من التلف، ومن أهانته بالتفكير في المحرمات و إن الضمير هو الذي يخبر في  ما هو الخير والشر. الشعور بالواجب : ليحقيق الخير أو السعي إليه، وعلينا ان نتصور حياة مجتمع أهملت فيه الأخلاق الفاضلة، وسادت بين أفراده الخيانة والفسق والكذب والغش والسرقة وسفك الدماء، والتعدي على الحرمات والحقوق، كيف يمكن أن تكون هذه الحياة؟ لا شك في أن هذه الحياة تكون جحيماً لا يطاق، ويتحول الناس إلى وحوش ضارية بعد أن تخلوا عن كل المعاني الإنسانية، ويشقون شقاء ما بعده شقاء، لأن الإنسان سيكون في هذا المجتمع أداة هدم وتدمير، سيكون وحشاً ضارياً لا يهمه إلا تحقيق أطماعه وإشباع غرائزه ونزعاته؛ نزعات التسلط والتجبر والأنانية والانتقام والكبر والطغيان، وإذا استخدم هذه القوى في الفساد أهلك الحرث والنسل، وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ [البقرة: 205].

يقول الفيلسوف البريطاني المعاصر "برتراندرسل" أن الإنسان أكثر تعقيداً في نزعاته ورغباته من أي حيوان آخر، فهو ليس اجتماعياً تماماً مثل النمل والنحل، ولا هو انفرادي تماماً مثل الأسود والنمور، ولأننا لسنا اجتماعيين تماماً فنحن في حاجة إلى أخلاق لتوحي لنا بالأهداف، وإلى قواعد أخلاقية لتفرض علينا قواعد التصرفات، واخيرا فأن أكثر المسائل الاخلاقيّة لها أثرها في واقع الحياة الإجتماعيّة للإنسان، سواء كانت ماديّة أم معنويّة، فالمجتمع البشري إذا تجرد من الاخلاق، سينقلب إلى حديقةِ حيوانات " اجلكم الله " لا يُجدي معها إلاّ الأقفاص، لِردع أفعال الحيوانات البشريّة عن أفعالها الضّارة، وستُهدر فيها الطّاقات، وتحطّم فيها الإستعدادات، وسيكون الأمان والحريّة لعبة بيد ذوي الأهواء، وستفقد الحياة الإنسانية مفهومها الواقعي.

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

في العام الماضي احتفلت بلدان أوروبا بمرور مئة عام على صدور رواية "يوليسيس" للكاتب الأيرلندي جيمس جويس، ونقلت لنا وسائل الإعلام كيف خرج الآلاف ليحتفلون بذكرى كاتبهم المفضل، وفي بريطانيا لم تتردد الحكومة في أن تضع صورة الكاتبة جين أوستن بدلاً من تشرشل على عملاتها النقدية،

فيما تصر روسيا على أن تعامل تراث تولستوي ودستويفسكي وغوغول وبوشكين على أنه الجزء الأهم من تاريخ البلاد.. فيما يعتقد معظم ساسة كولومبيا حكومة وفصائل مسلحة، أن بلادهم لا مكان لها في خارطة العالم من دون ماركيز.

بالأمس شاهدت فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث فيه ابنة العلامة الراحل علي الوردي بأسى وهي تقدم التماساً إلى رئيس الوزراء ووزير الداخلية وللمسؤولين تتتمنى فيه أن ينصروا علي الوردي الذي أصر أحد "الشقاوات" على أن يستولي على بيته في مدينة الكاظمية. لا أريد أن أذكر اسم الشخص فقد تحدثت عنه ابنة الوردي بإسهاب، لكن الغريب أن السيدة صاحبة الشكوى بعد أن عجزت، التجأت إلى رئيس عشيرة الشخص الذي استولى على البيت، وبدلاً من أن ينصرها احتراماً لشخصية علي الوردي، إلا انه قرر وبكل شجاعة أن يستولي هو على البيت إذا خرج المؤجر منه .. بماذا يذكرك هذا المشهد العشائري؟، بالتأكيد بما يحصل في جمهورية العراق العشائرية والتي كان آخر أخبارها، إغلاق عيادة أحد الأطباء في مدينة العمارة، بسبب تهديدات من عشيرة ذوي أحد المرضى المتوفين، تحت شعار "فصل عشائري".

ابنة علي الوردي لا تريد أن تسكن في البيت وإنما تسعى مع عائلتها إلى تحويل بيت والدها إلى متحف، بعد أن تنكرت الجهات الرسمية لصاحب مهزلة العقل البشري.

كان علي الوردي يصر دائماً على أن يكون صحيحاً، وأن يقول صحيحاً، وأن يكتب صحيحاً، وأن يكون صورة لمثقف الشعب ومرآة العقل والإرادة يدافع عن المبادئ النقية ويظل نقياً يقاتل في معركة الحرية من دون أن يكترث للربح والخسارة.

ينظر علي الوردي اليوم إلى بغداد فيرى شوارع لم يألفها، ويرى نفسه غريباً ومغترباً وهو يشاهد شارعه الأثير "الرشيد" تحول إلى خرائب، لأن هناك من يريد اجتثاثه، وأن بغداد التي كانت تزهو بلوحات فائق حسن وموسيقى سلمان شكر وخطوات جواد علي وحوارات عبد الرزاق الحسني، وإطلالة جلال الحنفي، وثورة نازك الملائكة، يسيطر عليها اشباه نور زهير.

ان تحويل بيت على الوردي الى متحف اصبح ضرورة وطنية ، فيما تظل مهمة تقديم كتبه للاجيال مسؤولية المؤسسات الثقافية، لنقول للاجيال هذا هو تاريخكم الفكري والثقافي .بدلا من ان نرسخ فيهم مفاهيم العشائر التي تريد استبدال القانون بـ "نظرية الكوامة" .

***

علي حسين

عندما نتأمل في سيرة الكتاب المشارقة خاصة المصريين نجدهم أصحاب مؤلفات كثيرة فهذا عباس محمود العقاد فاقت كتبه المائة وكذلك طه حسين ومصطفى محمود فاقت الثمانين مؤلفا ومحمد عمارة وصلت إلى الثلاثمائة ويوسف القرضاوي جمعت مؤلفاته في أكثر من مائة مجلد ولو أحصينا الأحياء ايضا من المؤلفين والكتاب لوجدناهم أصحاب إنتاج غزير وقد يتساءل القارئ ما هو سبب هذه الغزارة والسيولة في الكتابة؟ وفي الحقيقة أن السبب الرئيسي هو المداومة على الكتابة اليومية وعلى مر الزمن تتراكم اعمال الكاتب من مقالات وأبحاث فيتسنى له جمعها في مجلدات وكتب ..

بينما الكاتب الجزائري إلا قلة قليلة منهم أصابهم الكسل والعجز والإحباط فتجد أحدهم كتب طوال مسيرته الإبداعية التي تجاوزت نصف قرن ديوانين أو كتابين من الحجم الصغير لو كانت له إرادة لكتبهما في شهر أو شهرين وليس نصف قرن ورغم ذلك يبقى كاتبا طول حياته يعيش على بعض سطوره مجدا غير مستحق فمن المفروض الذي لا ينتج باستمرار يطرد من مملكة الكتابة والأدب..فالكاتب الحق يكتب باستنرار يعبر عن رأيه في قضايا امته وما يدور في العالم من أحداث ولابكتف بتأليف كتاب أو كتابين ثم يختفي سنوات حتى يطل علينا بكتاب آخر، وعلى الكاتب الجزائري أن ياخذ بنصيحة الشوكاني ..

يقول الشوكاني: أوصاني أحد العلماء فقال: لا تنقطع عن التأليف ولو إن تكتب في اليوم سطرين. قال: فأخذت بوصيته، فوجدت ثمرتها.

وما أروع حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي يبين فيه ضرورة استمرار العمل ولو كان قليلا.

فعن ‌عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سددوا وقاربوا، واعلموا أن لن يدخل أحدكم عمله الجنة، وأن أحب الأعمال أدومها إلى الله وإن قل.»

فقليل من للكتابة دائم خير من كثير منقطع ..

فيا أيها الكتاب الجزائريون اكتبوا ولو سطرا كل يوم واخرجوا من دائرة العجز والكسل...

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية

شدري معمر علي

وزيرة خارجيتنا لم تظهر على الاعلام منذ فترة، البعض تكهن بانها قد ترغب في ترك الوظيفة والتفرغ لحياتها الشخصية والاقامة الطوعية بالمهجر، ربما للكتابة عن مسيرتها على راس الدبلوماسية الليبية على مدى 18 شهرا كانت حافلة بالمؤتمرات واللقاءات ذات الشأن المحلي والاقليمي والدولي، وتتحفنا كغيرها من المسؤولين الليبيين عما عانوه وكابدوه بسبب تحملهم المسؤولية في زمن قلّ فيه من يتحمل المسؤولية، لم تطل فترة التكهن فالإعلام الصهيوني فرقع البالون، وتكشفت بعض الامور .       

وزير خارجية العدو يعلن لقاءه وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش الاسبوع الماضي في روما برعاية وزير خارجيتها انطونيو تاياني، وتطرق الحديث عن أهمية الحفاظ على تراث اليهود الليبيين بما يشمل تجديد المعابد والمقابر اليهودية في البلاد”.

المؤكد ان اللقاء لم يكن الاول بل جاء تتويجا للقاءات سابقة بين مسؤولين ليبيين وصهاينة في مختلف بقاع العالم وربما بفلسطين المحتلة، في زيارات سرية، وبغض النظر عن من هم في السلطة فان الشعب الليبي كان السباق في مؤازرة القضية الفلسطينية حيث ذهب متطوعون ليبيون الى فلسطين العام 1948 واستشهد الكثيرون منهم ومن عادوا سردوا لنا مشاركاتهم في الحرب ووثقوا ذلك منها، كتاب “مواقف من جهاد العرب الليبيين بفلسطين” لصاحبه المجاهد السنوسي محمد شلوف، وكتاب صراع الفدائيين (الفدائيون الليبيون في حرب فلسطين 1948) لصاحبه المجاهد محمد حسن عريبي، وتقول بعض المصادر ان اعدادهم اكبر من بعض الجيوش العربية.

وعلى نهج التطبيع الذي سلكته معظم الحكومات العربية لإرضاء امريكا والمحافظة على بقائها السلطة ضمن اتفاقية ابراهام للتطبيع العربي مع الكيان المغتصب لفلسطين، قام وزير العمل في حكومة الدبيبة المدعو علي العابد بزيارة الى الضفة الغربية للتعاون المشترك بين فلسطين وليبيا  في مجال قطاع العمل. والزيارة تمت بموافقة صهيونية.

من جانبه محمد الرعيض، رئيس اتحاد الغرف التجارية الليبية، أعلن مؤخرا دخوله على رأس وفد من رجال الأعمال الليبيين إلى الضفة الغربية مرورا بمعبر الملك حسين الأردني. وأكد الرعيض أن دخول الوفد جاء بعد تسهيلات أجرتها السلطة الفلسطينية.

التزم الدبيبة والمجلس الرئاسي ومجلس النواب الصمت حيال اللقاء بينما اكتفى خالد المشري رئيس مجلس الدولة السابق بالتنديد والاستنكار وطالب بإقالة الوزيرة.

 الشعب الليبي الذي يرفض التطبيع مع كيان العدو، قامت مظاهرات شعبية بكل من تاجوراء والزاوية منددة بالتطبيع .

وزيرة الخارجية لم ولن تتحرك من تلقاء نفسها، لم يعد امام الحكومة الا الظهور اعلاميا وتبيان الحقيقة  بالخصوص، ايا تكن المبررات فعلمية التطبيع خط احمر، مؤازرة الشعب الليبي لحركات التحرير الفلسطينية على مدى عقود لن تذهب سدى .

 وهذه الحكومة منذ ان اتت تحاول جاهدة التمسك بالسلطة رغم قرار سحب الثقة منها من قبل مجلس النواب،أي انها غير شرعية ولكنها تستمد وجودها من الدعم الدولي والتشكيلات المسلحة التي تغدق عليها الحكومة الاموال الطائلة. هل سيكون اللقاء القشة التي تقصم ظهر الدبيبة واعوانه؟

***

ميلاد عمر المزوغي

الموضوع الذي تهابه الأقلام هو دور الفقهاء في تدمير أمة العلماء، فالتأريخ يحدثنا أن الفقهاء بأنواعهم أسهموا في النيل من العلماء.

خذ أي عالم دعى لتفعيل عقول الأمة، وستجدهم وقفوا له بالمرصاد، وأقنعوا الكراسي بالقضاء عليه أو النيل منه ومحاصرته.

وحتى في زمننا المعاصر، تضامنوا للنيل من العقل الذي يتبصر ويفكر ويستفهم ويستنتج، فأي عقل فاعل يعتبر عدوهم، والخطر الذي يهدد مصالحهم الدنيوية السيئة المبرقة بالدين.

تأملوا مصر في القرن العشرين، وماذا فعل فقهاؤها في العقول التي إجتهدت، ودارت عليهم إسطوانة التكفير والزندقة.

الزندقة بدأها المهدي إبن أبي جعفر المنصور، وأمعن بها الهادي، وأطفأ نارها هارون الرشيد ؟

ومثلها فرية (خلق القرآن)، التي أطلقها المأمون، وجسدها المعتصم وأمعن بها الواثق وأوقفها المتوكل.

واليوم تجدنا في بعض اليلدان التي تأدينت أحزابها وتعممت كراسيها، صار العقل ممنوع من الصرف، وجريمة لا تغتفر إن قلت بأن المتداول غير مقبول، فالقصص والروايات المفبركة تتزاحم وتتراكم، والناس في دوامة التجهيل والتخنيع والتركيع، والمنابر المُرائية تصدح بما يخدّر الجموع المأسورة بالقهر والحرمان والرعب الشديد.

إنهم الفقهاء كما يسمونهم، وما يعرفونه من الدين يتصل بمصالحهم، وأي حالة تتعارض ورغباتهم تحسب عدوانا عليهم، فيفتون بالقضاء عليها، ويرمون بالمسؤولية على ربهم الذي ينوبون عنه، وكأنهم أولياء أمور الأنبياء.

إنها لعبة الفقهاء وآثامهم، ولهذا جمع سليمان القانوني فتاواهم لتدفن معه، فما فعله بتفويض شرعي منهم.

وحتى ما أقدم عليه هولاكو كان بتفويض فقهاء ذلك الزمان، الذين تعبّدوا في محاريب الخيانة العظمى، وأجازوا له قتل الخليفة العباسي.

وكل فقيه في جوهره طاغية مستبد لا يرحم معارضيه، وتبرز فرديته عندما يجلس على الكرسي فتصبح السلطة دينية، فتجمّد العقول وتأبى أن تقول الله أعلم، فهي الأعلم، وعندها القول الفصل والختام!!

ولعنة الله على كل فقيه يتاجر بالكلام!!

***

د. صادق السامرائي

القيم هي تلك التي تتعلق بسلوك الفرد، وكيفية تصرفه وسلوكه مع الآخرين، والقيم الانسانية تلك التي تتعلق بالإنسان بصفته كائنًا حيًا، وتتضمن الكرامة والحرية والمساواة والتعاون والاحترام والتسامح والتضامن وغيرها. وتهدف القيم الإنسانية إلى تحسين جودة الحياة الإنسانية وضمان حقوق الإنسان الأساسية، والتي تشترك الإنسانية جمعاء فيها لخدمة بعضهم البعض أياً كان عِرقُه أو دينه، وتَعُدها من الثوابت التي لا تتغير بتغير الزمان وتعني الفضائل الاخلاقية والدينية والاجتماعية والعائلية  والمهنية التي يتميز بها الإنسان التي تقوم عليها حياة المجتمع الإنسانيّ وعبارة عن أهداف الإنسان المطلوبة التي تكون فعّالة من خلال مواقفه، ومُرتبة حسب أهميتها له، وتوجّه الإنسان نحو اختياراته، وتُقيّم سلوكه، وتتعدد مبادئها التي لا تغير القيم كمبدأ اخلاقي،والوفاء بالعهد وجبر الخواطر واحترام الصغير والعطف والعدل والمساواة واحترام الصغير للكبير واحترام المرأة والعلم والقراءة والمعرفة وإعانة المريض وتقديم النصح والإرشاد والتوجيه لمن يحتاج ذلك ومساعدة الضعيف وإكرام الضيف والحديث بصوت منخفض وإماطة الأذى عن الطريق وغض البصر عن المحرمات  وفي الامكان  من ان مفهومها وممارستها قد يتغيران من عصر إلى عصر ما بين العدل والحرية والكرامة والمساواة والعطف والرحمة. ولهذه القيم أثر عظيم على الأفراد فهي تدعو لنشر المحبة والود بين أبناء المجتمع الواحد، وتحض على نبذ الشر والحقد والظلم والكراهية.

وتبرز العلاقة بين الإنسان  والقيم  في کون الإنسان کائناً أخلاقياً،  والقيم في الوقت عينه مکون إنساني يؤثر کل منهما على الآخر ويؤثران بشکل مباشر في واقع الحياة الإنسانية والحضارية سلباً وإيجاباً. البشرية عبر تاريخها الطويل اكتسبت قيَمًا إنسانيَّةً عليا، ولم تبلغ تلك القيم كمالها إلا حينما اتصلت بخالقها عن طريق الرسالات السماوية التي تنادي بكل صراحةٍ وبكل يقين وجزمٍ بكل ما يقرب بني البشر بعضهم من بعض، ويعين على تجسير الهوة بينهم، ويندب إلى كل ما يعدُّ قيمًا مشتركة بينهم بغضِّ النظر عن دياناتهم وأعراقهم وألوانهم وأوطانهم يقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ (لعصر: 1 – 3)

ولكن حينما تسود أهواء البشر، تُخلِد الإنسانية إلى الأرض، فتضِل وتنحَط قِيَمُها، والإنسان خاسرها الاول لان القيم الإنسانية والحضارية هي نتيجة تفاعل متبادل بين مکوناتها:  الإنسان والقيم والحضارة وهي معايير ومحکات تضبط سلوك الإنسان وفعله الحضاري. وإن المبادئ الحقيقية  قد ضمن کافة المنظومة القيمية اللازمة لحفظ کرامة وصيانة حقوق الإنسان، وأبرزها: کنماذج لکافة القيم الإنسانية والحضارية:الحرية،التسامح،،السلام المساواة،  العدل،  التشاور، العلم،  العمل، کنماذج لکافة القيم الإنسانية والحضارية ولا شك فيه فأن  القيم الإنسانية تشكل أكبر حافزٍ، وأعظم داعيةٍ إلى التعايش السلمي، والاحترام المتبادل بين مختلف الفئات البشرية، وقبول الآخر، وإلى التقدم والازدهار. فما أجدر أن تتكاتف المجتمعات الدولية كلها على التزامها، والتقيد بها، وممارستها في واقع الحياة، حتى تأخذ بحجز البشرية كلها من حفرة الشر، وحضيض الفوضى والاضطراب الذي يسود العالمَ كله اليوم بصورة لم يسبق لها مثيل الى حضن الخير والسعادة.

ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم.. ﴿وَلَقَدۡ ‌كَرَّمۡنَا ‌بَنِيٓ ‌ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا﴾ [الإسراء:70]. وهذا التكريم يعم البشر كلهم: المؤمن منهم والكافر، والمشرك، والمطيع والعاصي على حد سواء، فهم متساوون في هذه الكرامة الإنسانية بغضِّ النظر عن أجناسهم وألوانهم وأعراقهم وأديانهم وثقافاتهم.

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

عند اشتداد الصراع السياسي ووصول الأمور إلى نقطة اللاعودة واحتراق اوراق اللعب عند السلطة الحاكمة في مواجهة الثورة؛ تلجأ هذه السلطة المهزومة إلى آخر وأهم أوراقها وهي ورقة الضد النوعي؛ وهي ورقة تعتمد على استخدام الجماهير ضد الجماهير

بمعنى أنها تقف متفرجة على صراع بين طبقتين من الشعب وهما الطبقة الثائرة وهي في الغالب تمثل طبقة الفقراء والمسحوقين؛ وبين طبقة الأغنياء من التجار وأصحاب رؤوس الأموال وكذلك الطبقة الوسطى من الموظفين في القطاع العام والخاص أن هذه الشرائح الاجتماعية سوف تندمج وتتحول إلى طبقة واحدة في موقفها من الطبقة السياسية وهو بقاء الاستقرار بصرف النظر عن تحقق العدالة الاجتماعية؛ وهو سلوك فيه كثير من الأنانية وكثير من التوجس من اي اهتزاز للسوق وحركة الأموال والتي لاتهم الفقير في شيئ تجعل مواقفها السياسية مرتبطة ارتباطا وثيقا بجزئية الاستقرار ورفض أي حالة قلق يتعلق بالموارد وهي غالبا سيكون موقفها ساكنا عند حدوث الثورات إلى أن يتم الايعاز لها من قبل السلطة بشكل غير مباشر بالتحرك لإجهاض الثورة؛ أقول بشكل غير مباشر لأنها ليست بالضرورة مرتبطة بالسلطة تنفيذيا ، فهي ليست تجمعات أو تشكُلات حزبية أو مؤسسات سياسية لذلك يكفي فقط ان تتخذ السلطة الحاكمة بعض القرارات التي تجعل حركة الأموال قلقة وستجد أن هاتين الشريحتين من دون تكليف ستتبرعان بشيطنة الثورة وإسقاطها

كيف تحرك السلطة هذه الورقة؟

يكفي أن تغلق البنك المركزي والمؤسسات المالية بذريعةالحرص عليها من السرقة وهذا الاعلان سيشكل تهمة اولى بشكل ضمني للثوار باحتمال سرقتهم للمؤسسات المالية لتخلق بعد ذلك حالة من القلق العام في الأسواق مما يؤدي إلى ارتفاع في الأسعار يظهر تأثيره مباشرة على الطبقة المتوسطة من أصحاب الدخل الثابت من الموظفين في القطاعين الخاص والعام عند إشاعة أن هناك احتمالا لتأخر المرتبات الشهرية وكذلك حركة أموال التجار والمستثمرين حيث تصبح البيئة الاقتصادية كأنها غير آمنة مما يؤدي إلى ضعف أو توقف حركة التبادلات التجاريةوبذلك يُصبح الضرر عاماً

من هنا تبدأ حالة التذمر والحَنَق عند المجتمع الاستهلاكي ويبدأ بتحميل الثوار مسؤولية مايجري رغم أنه يعرف حقيقة ما يجري

أن أكثر مايؤلم في هذا الصراع هو ان هذا الفقير الثائر يُظلم مرتين مرة من قبل السلطة الغاشمة وهذا طبيعي ومتوقع ومرة من قبل الناس رغم أنهم يعرفون بأن السلطة ظالمة ولكنهم يصبحون اتباع لها لضمان مواردهم المالية أو لزيادتها؛ والاقسى من ذلك كله مايُلصق بالثوار من اتهامات تتراوح مابين الخيانة والعمالة للأجنبي أو الانحراف الأخلاقي عندما تحدث الثورة في مجتمع محافظ مثل المجتمع العراقي للتحول الثورة بعد ذلك إلى وصمة عار لايريد المواطن أن يناله منها شيئ ، عند ذلك تهرع الجماهير المكتفية ماليا إلى رجم هذا الفقير الثائر عقوبةً على عدم تحمله لسياط الفقر؛ فصراخ المظلوم لاتحتمله اذن الظالم ..

أنها صناعة احترافية لها اصولها وأدواتها

***

فاضل الجاروش

عندما قرر الراحل عبد الله الصراف أن يقدم مسكوكاته التي جمعها من شتى بقاع الأرض، إلى المتحف العراقي عام 1969، قالت له ابنته الشابة آنذاك ثريا الصراف: لماذا تريد إهداءها للمتحف إنها ثمينة؟! ضحك رجل الأعمال والتاجر الشهير، ليقول لها بهدوء إنه مكانها الطبيعي وستدركين بنفسك ذلك لاحقاً.. إنها للأجيال يا ثريا.. سيبقون يرونها دوماً هناك في المتحف العراقي وليس أي مكانٍ آخر.

رجل الأعمال العاشق للرسم والشعر والثقافة لم يكن يحلم بالشهرة ولا بالمكافأة، كان حلمه الوحيد الحفاظ على تراث العراق، هذا التراث الذي يتعرض كل يوم إلى سخرية من بعض ممتهني السياسة الذين يزعجهم كل شيء عراقي. رجل الأعمال الذي يتفنن باقامة المشاريع الناجحة، كان في الوقت نفسه سيرة حافلة بالمواقف الوطنية، وكتاباً غنياً لحقبة من الزمن الجميل.

ينتمي عبد الله الصراف إلى صف طويل من الذين يمثلون العراق الحقيقي، والذين أدركوا معنى أنهم يعيشون في بلد متنوع فسعوا إلى بنائه بالجد والعمل والحلم.. أقاموا الجامعات والمتاحف والمعامل، وبسبب من عقول أمثاله ووطنية رجال مثل ساسون حسقيل ومحمد رضا الشبيبي وجعفر العسكري وعبد المحسن السعدون والزهاوي ومحمد الصدر والكرملي وسواهم، بدأ العراق يأخذ مكانته واستحقاقه، لم يولد ضعيفاً، بل أخذ يتقدم الدول الأخرى، شريكاً وفاعلاً، وليس تابعاً كما يريد له البروفيسور في تغيير الكراسي نجاح محمد علي .

هل تعرفون من أعاد بناء قاعة عبد الله الصراف بعد عام 2022، ابنته ثريا التي كانت تستغرب وهي صغيرة من أن يضحي والدها بكل هذه الثروة النادرة ، فقررت أن تتكفل بكل مصاريف ترميم قاعة خاصة بمسكوكات والدها . تقول في حوار أجرته معها السيدة رجاء الشجيري ونشر في جريدة الصباح: "إن والدي كان يرعى هذه المسكوكات مثل واحدٍ من أولاده تماماً. وفعلاً بعد أنْ كبرت أدركت ما قاله لي والدي، رحمه الله، من أنَّ مكانها المناسب هو المتحف العراقي رابع أهم متحف في العالم، وأصبحت سعيدة جداً بقراره وما أراده".

أتذكّر سيرة عبد الله الصراف كلما عدت إلى ذكرى رجال خدموا العراق بعيداً عن الطائفية والمحسوبية، أتذكرهم وأنا أقرأ أخبار أثرياء العراق الجديد.

هذا هو وجه العراق الحقيقي، وجه صادق، أكثر اجتهاداً ومحبة لروح المواطنة، لا حديث عن الطائفة والمذهب، وإنما سجال عن عراقة العراق، ولهذا يظل عبد الله الصراف نموذجاً غريباً في عراق اليوم، فمن يريد عراقياً لا يتحدث بالمنفعة ونهب الاموال؟.

شكراً عائلة الصراف لأنك أثبتّمم لنا أنّ المكان والمكانة فقط لمواطنيين عراقيين يتبارون في حبّ هذه البلاد.

***

علي حسين

يَسوسونَ الأُمورَ بِغَيرِ عَقلٍ

فَيَنفُذُ أَمرُهُم وَيُقالُ ساسَه

فَأُفّ مِنَ الحَياةِ وَأُفّ مِنّي

وَمِن زَمَنٍ رِئاسَتُهُ خَساسَه

(أبو العلاء المعري)

***

لا أظن أحدا من الدانين والقاصين ينكر مافعله نظام صدام بمقدرات البلد إبان حكمه، حيث انقضّ طيلة الربع الأخير من القرن الماضي على أركان البلد، هادما مدمرا مخربا بعمد ودراية وقصد، وذكر أفعاله غني عن الشرح والتبيان، فضلا عن آثاره التي مازالت تخيم على سمائنا شئنا أم أبينا! يومها كان العراقيون لايفقهون في الأمور السياسية، إلا ماتمليه عليهم الاجهزة الاعلامية المسيَّسة، من خلال قنوات راديوية وتلفازية محلية لايتجاوز عددها أصابع الكف الواحدة، وكان الكثيرون لا يفكرون في يومهم إلا بلقمة العيش. واستمر الحال على هذا المنوال، والناس بين خائف وصبور ومتمرد ومعدوم ومسجون، او فارٍ من العراق الى حيث يدري ولايدري.

الى ان جاء الفرج وانزاحت (الغمّه من هالأمّه). انه يوم 9/4/2003 حيث الديمقراطية والحريات بأنواعها، تلقاها العراقي بتعطش يعود لعقود خلت، اهمها التكلم والبحث بالسياسة ونقد السياسيين وقراراتهم، والتظاهر اذا كان ثمة قرار لايصب في مصلحته. فسالت دماء منه في الدفاع عن حقوقه، حتى بدأ يشعر انه قادر على إجبار المسؤول على العمل لمصلحة البلد، وأن بإمكان الشعب أن يكون السلطة الحاكمة الكبرى، وإرادته فوق إرادة السلطات كما سمع هذا الموال في أكثر من مقام، وكان له ذلك، ولكن في النزر اليسير من حقوقه، فالبحر الذي خاض غماره عميق جدا، وفيه من الحيتان ما لم يكن بحسبانه، ومن الأمواج ما لايقدر على الصمود امامها، وجابه سفانين يجيدون فن مجابهة الرياح العاتية. و(لات حين مناص) فصار حاله اليوم كحال اولئك الذين قال لهم طارق بن زياد: اين المفر؟ العدو من امامكم والبحر من ورائكم، أوكما يصور بيت الشعر:

ليل وزوبعة وبحر هائج

لا أرى إلا السفينة تغرق

وهكذا انزلق العراق والعراقيون من جراء سياسات قادته المتعاقبين شر منزلق، وبات خروجه من مطب يعني ولوجه في مطبات أشد قسوة وأكثر ضيقا، ولكن فات السفانين ان عراقي اليوم غير عراقي الحقبة الماضية. فقد وعى وبات يميز اي السفانين يسير بالإتجاه الصحيح، وأيهم يسير وراء غايات بعيدة عن المرسى الآمن للبلاد، ولم تعد تنطلي عليه ألاعيب المغرضين، وعرف الشخوص التي تمسك بخيوط الدمى الخليعة التي تتصيد بالمياه الآسنة، وتعكر صفو الماء الزلال، والسياسة التي كانت (بعبع) أصبحت اليوم حديثا شيقا تعرف دهاليزه شرائح الشعب جميعها. وقبل نشرة الأخبار نجد رواد المقاهي على بساطتهم يحللون الاحداث، ويعرفون ماغاية (زيد وعبيد) من مقاله او تصريحه.

نعم، فالعراقي لم يعد فكره سطحيا عن السياسة وألاعيب الساسة، كما أنه بات على دراية تامة بما يدور حوله من أفانين وخزعبلات يسمونها سياسة. وما يدور اليوم في أروقة الحكومات على تعاقبهم لم يعد (طلسم) بعين المواطن، وعلى سبيل المثال الحراك الدؤوب الذي يقوم به رؤساء الوزراء جميعهم، أرى أن العراقيين باتوا يقيمونه بمنظارين، والاثنان لهما من الصواب الكثير من النصيب، أولهما أن الرجل يجود فيما هو يسعى اليه، إلا أن المعية والحاشية والـ (حبربشية) يعرقلون خطواته ويثبطون معنوياته، لغايات هي الأخرى لاتخفى على المواطن.

وأما المنظار الثاني، فهو أن الرأس الأكبر نفسه شط عن الأهداف المنشودة التي اعتلى بها منصبه، وانحاز قليلا -وبالأصح كثيرا جدا- عن طريق الإصلاح الذي رسمه على أجنحة الأحلام، وأجزل مواعيده المعسولة للمواطن بأنه عازم على الإقدام فيه. وفي الحالين والمنظارين لن يكون المآل حميدا على المواطن، وسيغرقه في لج بحر لن تقوم له قائمة بعد ذلك.

***

علي علي

في المثقف اليوم