أقلام حرة

أقلام حرة

تعلمنا في المدرسة العمومية ما بعد الاستقلال أن من يضع "طاقية الإخفاء على رأسه" يعش متسيدا، متمتعا بقوة خارقة وقد يتحكم في العباد. علمونا  أن (طاحونة الطلاسم) تمتلك الحلول لكل المشاكل وقد (حَوَتْ ما في العالمين) وتقدر على الفتك بالآخر في وقت وجيز، تسيد مراكز الفساد.. علمتنا النصوص القرائية أن نخاف من الجن الخفي حتى وإن كان مرحا(أو أو... أنا عفريت...)، وكذا من الشياطين التي تتربص كل لحظة بنا (الرمح المسحور). تعلمنا من مرفقات الحياة  ألاّ نستصغر لهيب النار في الغابة، ولا فورة الماء في الوادي الهائج، ولا ثلج الجبل الشديد الانكسار، ولا فيروس (كوفيد 19) المسجد الذي يلبس (طاقية الإخفاء). تعلمنا، بعدها في الجامعة المغربية أن يوم النضال (لا ينتهي، في ساحة لا تنتهي، في ليلة لا تنتهي...).

كان تعليمنا بسيطا بالعين المجردة، وبلا حتى مجهر يدوي، ولا مكبر إليكتروني كاشف عن الوجه الحقيقي لفيروسات الفساد النائمة. تعلمنا أن نتعايش مع شتى التلقيحات بأمن وقائي، ومرات متقطعة كانت تفتك (الكوليرا) وحمى المستنقعات. كان تعليمنا يغلب عليه الغيبيات من (الرمح المسحور)، وقصبة (زوزو) يصطاد السمك، وقد أوصل تعليمنا الجن إلى تعلم الرقص (أحمد والعفريت). كان تعليمنا، يزودنا بما ورد في المعلقات من قصائد الجاهلية بالثانوية، ولماذا سميت بالمعلقات؟ وعن بحور شعر سوق عكاظ ، وعن شعر الهجاء بين الفرزدق وجرير، وتكسب أبي الطيب المتنبي بشعره في مدح الملوك.

علمونا، أن أحقية الجزاء والعقاب من الله عز وجل. علمونا، أن بعد حساب ثلة اليمين، نعيم الجنة والحور العين، لكن لا أحد منَّا يكون مستعدا للموت ليلتحق بجنة الخلد. علمونا، أن الله واجب الوجود، ويرانا سواسية من السماء العلوية، وأن هنالك ملائكة بشمال أيدينا تدون الشر، وأن الملائكة التي تتربع على اليمين هي من تدون أفعالنا الخيرة. علمونا، ونحن صغار السن أن نبصق على اليسار في لعنات تستهدف الشيطان، وبقينا نبصق يسارا، و بتنا نخاف من أن نكون مع كثلة اليسار الجذري. علومنا، البصق على ثيابنا الداخلية إن ذكر الجن، ونتعوذ من شر الشيطان الرجيم،  ونَلْعن إبليس جهرا. تعلمنا، أخيرا أننا لن نستطع القضاء لا على الشيطان في الأرض السفلية، ولا على شيطان الفساد والريع (حلال) بالبصق.

 علمونا، أن (الله يرانا) حتى وإن تسترنا على فساد الذات والآخر. علمونا، اعتقاد المرجئة في تطبيق القانون الدنيوي (عفا الله عمَّا سلف !!). علمونا، عرفيا أن تلك (العاهرة) بعد موتها تخرج ليلا على شكل (بغلة للقبوو)، ولها حرية تعريض من نال من لحمها الطري دنيويا بالرفس.

 تعلمنا، من عرف الخرافة أن (لالة عيشة) تخرج ليلا ورجلاها مثل أرجل البقر، وتطلب المساعدة الذليلة، ويمكن أن تغدر بمن أركبتها خلفه على ظهر بغله أو حصانه.

تعلمنا، سبل اختيارات الخير والشر، ومصاحبة الأخيار، والنهي عن مرافقة الأشرار، وكأن الأشرار حظهم أنهم خلقوا بقدر ممارسة الشر ومعاونة إبليس اللعين. تعلمنا، من الفلسفة السؤال الماكر (من له بداية له نهاية) ، لكنا لم نتمكن أن نحول غاياته الكبرى إلى تفكيري متجدد، بل بقينا نمارس سفسطة (الطواحين الهوائية) والجدال الرخو بين نصرة التقليد على الحداثة.

 تعلمنا، أن من علو الجبل تتصعد الصدور، لكن خوفنا من الحرابة وقطاع الطرق، أسكننا في قمة الجبل. أسمعونا في المذياع  قصة (عنترة بن شداد) العبد العبسي الأسود، وشعر الفروسية وحبه لعبلة بنت مالك. أسمعونا مدى قوته البدنية والتي فاقت (شمشون) العهد القديم، و(طرزان) الغابة. أسمعونا، قصة (سيف بن ذي يزن) الملك المتزوج من الجن والإنس، والذي خاض حروبا صُحبة (عيروط) والساحر (برنوخ) والجنية (عاقصة). علمونا، الاتكال والكل يزداد برزقه حتى وإن لم نخطط له وجاء عرضا (حادثا)، وأن المال قد يصنع التعساء في قصة (الغني والاسكافي). علمونا، القناعة والاقتناع الطوعي، وأن اليد الواحدة أو العشرة يمكن أن تشبع من قصعة الطعام الصغيرة، إنه بحق أحمد بوكماخ الذي علمنا القراءة والتفكير الغيبي، والرضاء بالقدر خيره وشره.

كان تعليمنا والحمد لله، يُفتقُ فينا الخيال والتأويلات الخرافية.كان تعليمنا، خطابة، ومتن، ولغو، وحشو، وتنابز بالألفاظ. كان تعليمنا، لا يُلْزمنا التفكير العقلاني (المنطقي) قدرا ما يشحننا بالمعارف التراكمية، مثلما نشحن بطاريات هواتفنا الذكية اليوم. كان تعليمنا، لا يعير للسن مكانة وليس بالإلزامي (قَرَى حَتى تَتْعْيَا) ويُمكن أن تَحلقَ لحيتك وأنت بالمتوسط الأول. كان تعليمنا، بالمواجهة وما أدراك ما قصة المواجهة والعلقة. كان تعليمنا، لا يرتكز على (موضة) الدعم والدروس الخصوصية. كان تعليمنا، (قاصح) ويتلذذ بالضرب، والتنكيل بالأجساد الطرية (الفلقة)، و من قول الآباء، كان تعليمنا يستمد قوته وطغيانه (أنت اذبح وأنا أسلخ) !! كنا مثل سيدنا إسماعيل يفكرون برؤيا ( الذبح )، ويخافون على أعناقهم إن هي أينعت، فقد يأتي من يقطفها داخل الفصل الدراسي.   

***

محسن الأكرمين

إن الأديان السماوية في العراق متعددة والله يخلق المعجزات والعبر والمواعظ لعل الإنسان يستطيع أن يفرق بين الأصح له والذي يجب أن يتبعه في حياته ويمكن العودة الى المعتقدات والممارسات الدينية التي كانت، الأكاديون الساميون الشرقيون والاشوريون والبابليون ومن ثم آمن بها المهاجرون الاراميون " في هذه الارض الطاهرة الذين كانوا يعيشون في بلاد ما بين النهرين (منطقة تشمل العراق الحديث وجنوب شرق تركيا بها السومريون وشمال شرق سوريا (وهي الحضارات التي كانت تحكم المنطقة لمدة 4200 سنة، منذ الألفية الرابعة قبل الميلاد في جميع أنحاء بلاد ما بين النهرين وحتى القرن العاشر تقريباً بعد الميلاد في آشور. . الإيمان بأكثر من آلهة كانت الديانة الوحيدة في بلاد ما بين النهرين القديمة طوال آلاف السنين قبل الدخول في فترة من التراجع التدريجي والتي بدأت بين القرن الأول والثالث بعد الميلاد. حدث هذا التراجع بسبب الانفتاح على الديانة المسيحة الشرقية الأصلية المميزة (السريانية المسيحية مثل:

الكنيسة الاشورية الشرقية والكنيسة السريالية، وكذلك المانوية والغنوصية واستمرت حوالي ثلاثة إلى أربعة قرون، حتى اندثرت أغلب التقاليد الدينية الأصلية للمنطقة مع بقاء آخر الآثار الموجودة بين بعض المجتمعات الاشورية النائية حتى القرن العاشر بعد الميلاد.في هذه المقدمة لقد وددت ان انقل جزء يسيرمن تاريخ الديانات التي مرة في العراق حتى جاء الاسلام ليتعايشو معاً ولم تكن في العراق قيادات يتم تعينها من قبل الحكومات بل وفق شروط وعلمية يتم الاتفاق عليهم من قبل قيادات وقواعد هذه الأديان وكان العيش رغم كل الاختلافات مشترك وأظهرت دراسات التعداد السكاني في العراق عام 1977 وهو يعتبر آخر تعداد سكاني أجري في العراق أن المسلمين في العراق يمثلون 97% من السكان، ويتكون السنة من اربعة مذاهب رئيسية هي الحنفي والشافعي والحنبلي والمالكي اضافة المذهب الشيعي الاثني عشري الذي يمثل الاغلبية 60% من مسلمي العراق. وأما توزيع الأديان الأخرى فقد كان كما يلي: المسيحيون 2.14%، والصابئة كانوا عام 1977 حوالي 16 ألف نسمة، وكان اليهود حوالي 400 نسمة ومن هنا يثبت بأن عدد المسلمين هم الاكثرية وكانت قيادات هذه الديانات منصبة من الاديان نفسها ولا علاقة للاخرين بتلك المهام والدستور يقول . "نحنُ شعبُ العراق الذي آلى على نفسه بكلِ مكوناته وأطيافه ان يقرر بحريته واختياره الاتحاد بنفسه، وأن يتعظ لغده بأمسه، وأن يسُنَّ من منظومة القيم والمُثُل العليا لرسالات السماء ومن مستجدات علمِ وحضارةِ الانسانِ هذا الدستور الدائم/ إنّ الالتزام بهذا الدستور يحفظُ للعراق اتحاده الحر شعبا وأرضاً وسيادةً " نحنُ ابناء وادي الرافدين موطن الرسل والأنبياء ومثوى الائمة الأطهار ومهد الحضارة وصناع الكتابة ورواد الزراعة ووضاع الترقيم. على أرضنا سنَّ أولُ قانونٍ وضعه الانسان، وفي وطننا خُطَّ أعرقُ عهد عادل لسياسة الأوطان، وفوقَ ترابنا صلى الصحابةُ والأولياء، ونظَّرَ الفلاسفةُ والعلماء، وأبدعَ الأدباء والشعراء"الدستور العراقي لعام 2005 الديباجة.

ان سحب المرسوم الجمهوري الذي صدر برقم (147) لسنة 2013 دون سند دستوري نصه الدستور أو قانوني، بشأن تعيين الكردنال لويس ساكو هو اجراء صحيح ليس من شأنه المساس بالوضع الديني أو القانوني للكاردينال لويس ساكو كما جاء في بيان رئاسة الجمهورية، كونه معيناً من قبل الكرسي البابوي بطريركاً للكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، بل جاء لتصحيح وضع دستوري عمل به خطأً وليقطع دابر الخلاف الموجود داخل المكون الكلداني نفسه، الدستور العراقي لا توجد فيه مادة تنص على اصدار مثل هذا القرار ولا يعطي الرئاسة ولا يجبر رئيس الجمهورية باصدار مراسيم جمهورية بتعيين رؤساء للديانات والاختيار هو من شأن من يعتقد بتلك الاديان والمذاهب و ينهي مطالبة رؤساء كنائس وطوائف أخرى بإصدار مراسيم جمهورية مماثلة غير منصوصة عليه في الدستور، ان الاعتقاد السائد اليوم لدى كل عراقي هو ان يعيش بهدوء وطمئنينة والتوجه الى البناء والاعمار ومساعدة الحكومة التي تسعى الى اصلاح ما خرب خلال الاربعين سنة الماضية ومن دمار والشعب ما عاد يتحمل التفرقة والتشتت بعدوان اثارة مثل هذه الدعوات والمطالب ليست في صالح المجتمع العراقي الذي يأن من الجراح والام والمطلوب من مثل هذه القيادات الى الوقوف مع الشارع في اصلح الاخطاء بدل اثارة مواضيع غير موجبة ومثيرة المرسوم الجمهوري لا يقلل من شأن الكردنال ساكو او ينقص منه شيئ ومن الضروري له الابتعاد عن الصراعات السياسية والدعوة الى وحدة المجتمع الديني والقومي كما نص في الدستور العراقي"كتفاً بكتف، لنصنع عراقنا الجديد، عراق المستقبل، من دون نعرة طائفية، ولا نزعة عنصرية ولا عقدة مناطقية ولاتمييز، ولا إقصاء،لم يثننا التكفيرُ والارهابُ من أن نمضي قُدماً لبناء دولة القانون، ولم توقفنا الطائفية والعنصرية من ان نسير معاً لتعزيز الوحدة الوطنية، وانتهاج سُبُلِ التداول السلمي للسلطة "و بدل ان يريد كل طرف تقوية نفسه على حساب الآخر، ويحاول إضعاف الطرف الآخر، معتقداً أنّ إضعاف الآخر، قوة لها

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامياء والتزم بت

(من أجل فهم أفضل)

- علامات المثقف ثلاث: الفهم، والصدق، والشجاعة!     

- ببعض الفهم والإرادة يمكن تحقيق أهداف أو حل مشاكل، وذلك بفهم أن هذه الأهداف والمشاكل تافهة أو وهمية، أو أن هذه الأهداف  مجرد وسائل!

- العقل هو أحسن أداة لتحسين نفسه، وتحسين الواقع، لكن عندما يختلّ يعمل العكس!

- العلم مطرقة والجهل سندان؛ بينهما يعاني الإنسان!

- عبارة (العميق) أو (الدقيق) العامة، تعني (المطابق)؛ المطابق للموجود أو المقصود؛ للحقيقة الموجودة أو المقصودة!

- عندما نتعامل مع صوابات الآخرين أو أخطائهم، كأنها صواباتنا أو أخطاؤنا، تتغير حياتنا وطريقة حياتنا ونظرتنا إلى الأمور، بشكل كبير!

- من دون فعل حكيم وشجاع يبقى الحق والحقيقة حلماً أو وهماً أو ثرثرةً!

- النقد والحرية أحدهما يصنع الآخر.

ولا نقد بلا حرية، ولا حرية بلا نقد!

- الإنسان مسؤول عن الفعل وعن عدم الفعل.

وقد تكون مسؤوليته عن عدم الفعل أكبر وأخطر!

- فقير الخيال يكون فقير المعرفة، وفقير المعرفة يكون فقير االخيال!

- التعبير عن الألم، يكون أحيانا علاجاً، وأحيانا يكون ألماً آخر أو مضاعَفاً!

- السعادة في أجمل معانيها، هي القدرة على فعل الصواب!

- أفضل أشكال الإختيار هو صنع البدائل وإبداعها!

- لا وطن لمن لا بيت له، ولا بيت لمن لا وطن له!

- تجهل البشرية أن هناك هاوية عليا تسقط إليها بالتقدم بكل أشكاله!

- القوة تحمي الحق من الضياع، والحق يحمي القوة من الطغيان!

- الشجاعة التي تواجه قوة طاغية هي أكبر وأشرف من الشجاعة التي تغلب قوة طاغية!

 - إساءة كبيرة  للحقيقة أن نعبر دائماً، عن القوة بالعنف أو القهر!

- أي نقد إما أن يقوم على الحق والخير والجمال، أو على الباطل والشر والقبح، وليس ثمة خيار ثالث!

- هناك بشر لا يخطئون أخطاء كبيرة، لأنهم لا يجربون أشياء كبيرة، كما أن النعاج والحمير أيضا لا تخطئ أخطاء كبيرة!

- العجز مصنع ينتج غضباً وكراهية، ومنتجات أخرى ضارة!

- من يتتبع حسنات وميزات أعدائه وخصومه ليستفيد منها خير ممن يتتبع سيئات وعيوب أصدقائه ليضرهم بها!

- الحقيقة والوهم يتعاونان على جعل الأشياء معقدة وغامضة وصعبة!

- كثير من أخطائنا ناتجة عن توهم أننا نفهم كل ما نركه أو نعرفه. والحقيقة أن الإدراك شيء وافهم شيء آخر!

- العلم والعمل متكاملان. أحدهما حياة للآخر، يسقط ويموت بدونه!

- كل حق هو واجب قبل أن يكون حقاً!

- الحق والواجب هما الخط المستقيم نفسه؛ قبل أن يعوّجه البشر!

- قد يكون الشيء حقاً أو خيراً في ذاته، لكن يستعمل كوسيلة سيئة من أجل الباطل والشر!

- أساس العدالة هو الشريعة، لأن أساس الشريعة هو العدالة!

- لو أننا ندرك ونفهم بشكل كافٍ، الإختلافات أو الصراعات بيننا وبين أنفسنا، لزالت العداوات والصراعات بين البشر!

- أحياناً، يكون العلم الناقص جهلاً، وأحياناً لا يكون كذلك!

- يكون اللفظ السيء قبراً للمعنى، ويكون المعنى السيء قبراً للحقيقة!

- الوسائل التي تستعملها هي أيضا تستعملنا!

- إما أن نختار، أو يختار لنا الآخرون!

- يهرب الإنسان من الواقع إلى الخيال، ومن الخيال إلى الواقع!

- يحتاج الطفل إلى التربية، لكن المربي يحتاج إلى التربية قبل الطفل وأكثر من الطفل!

- سؤال من ذهب أفضل من جواب من حجر؛

سؤال كبير فاعل أفضل من جواب صغير غير فعال!

- كانت مهمة الخوف هي المحافظة على الحياة، وليس تدميرها كما حصل لاحقاً!

- الله يريد منا أن نكون واقعيين، والشيطان كذلك يريد من أن نكن واقعيين. لكن يوجد فرق كبير بين واقعية معمرة وواقعية مدمرة!

- العدل ملح العالم، فإذا فُقد العدل فسد العالم!

- دناءة المطلوب تصنع دناءة الطالب!

- قد تتمثل الثورة في أسئلة ثورية أو في أجوبة ثورية!

***

جميل شيخو

لا اختلاف ان مقولة من "يضع حجرا على حجر" للكاتبة المصرية منى نور الدين هم اصحاب المقام الرفيع، الا انه ومع الاسف هذه المقولة لا تنطبق على العراق بكافة المقاييس، لسببين هما:

١. ان الاعمار الجاري لا يستجيب لحاجة الجمهور الفعلية.

٢. ان طابعه استثماري ربحي بحت دون أية دراسة.

بالفعل هذا ما يجري، فالمجمعات السكنية والمباني الشاهقة ليست في متناول اغلب الطبقات مع وجود اكثر ثلاثة الاف عشوائية في بغداد وحدها، وتكدس المولات والماركتات الكبيرة ليست ضمن الحاجة الفعلية للشعب مع عديد الجامعات الاهلية والمستشفيات الخاصة التي تكلف المواطن مبالغ باهظة... بما يشبه الفوضى الحقيقية في ظل غياب التنظيم العمراني وطمس الهوية الأصيلة للمدن العراقية وحتى تغيير ديمغرافيتها بانتقال اصحاب الاموال الى مراكز المدن المهمة مثل بغداد والمدن المقدسة في كربلاء والنجف الاشرف.

ان ما يجري ينذر بخطر كبير، فليس من المعقول ان لا نستفيد من تجارب الاخرين، فهل يعقل ان نكرر تجربة مدن الصفيح في امريكا اللاتينية التي تمتاز مراكزها الرئيسية بناطحات السحاب والرفاهية المفرطة بينما تخفي خلفها مدن الصفيح المتهرئة والتي تضم غالبية الشعب... انها مغامرة مستقبلها اظلم وحالك على الأجيال المقبلة فالكلام على التوازن الاجتماعي والهوة السحيقة بين الطبقات ليست في مصلحة احد، بين طبقة مخملية جديدة ظهرت في مجتمعنا وطبقات محرومة ومهمشة لا تستطيع توفير قوت يومها.

فالمتر في المجمعات السكنية الاستثمارية الجديدة يتراوح بين الف دولار وتسعة الاف دولار في بغداد وباقي المحافظات بينما متوسط دخل الفرد العراقي السنوي لا يتجاوز ٧ ملايين دينار حسب وزارة التخطيط اي ما يعادل اقل من خمسة الاف دولار... فمن الذي يشتري في هذه المجمعات؟، والقسط السنوي في المدارس الاهلية يعادل نصف دخل الفرد العراقي في المدارس المتوسطة مثلا!!! ودخول مستشفى اهلي معناها فواتير طويلة من الخدمات باهظة الثمن التي تفوق مثيلاتها في دول الجوار... فمن يوقف هذا الاستغلال ويضع ضوابط وتعليمات صارمة تنصف كل الطبقات من عمال وموظفين وكسبة ومتقاعدين وبسطاء مهمشين؟.

ان كامل المسؤولية يقع على الدولة التي تمنح المستثمرين مشاريع دون أية شروط او ضوابط ليحققوا الارباح الهائلة على حساب الكادحين من ابناء الشعب، من خلال تخصيص جزءا من ميزانياتها لبناء دور منخفضة الكلفة في متناول الطبقة البسيطة وان تحسن من الخدمات الصحية التي تقدمها وترفع من جودة التعليم الحكومي، وان تفرض على المستثمرين في المجمعات السكنية نسبة ٢٠ بالمئة مدعومة للطبقة المتوسطة وكذا في المدارس الخاصة والمستشفيات الخاصة، حتى تتوقف فوضى ما يسمى بالاعمار ونحافظ على الجزء اليسير مما تبقى من طبقات المجتمع. فبعد ان استباحت الدكتاتورية البلد لخمسة وثلاثين عاما والاحتلال والارهاب لعقدين ونصف وبعد كل النضال والدماء التي سالت نقدم مقدرات البلد على طبق من ذهب مجانا تحت يافطة الاستثمار؛ لافراد لا يملكون اي فضل او انجاز سوى ان لديهم علاقات.

***

جواد العطار

أعتذر مقدماً، لأنني ساعيد تذكيركم بما فعله المرحوم لي كوان عندما قرر أن يضع بلاده "سنغافورة" على قائمة البلاد المتطورة.. كلما تحدث سياسي عراقي أتذكر حكاية سنغافورة ومعجزتها. وكلما مضت البلاد نحو الفشل، أتذكر حكاية كوريا الجنوبية واستقالة رئيس وزرائها بسبب غرق عبارة، وكلما تذكرت مئات المليارات التي نهبت، أتذكر خطابات ساستنا "الأفاضل" عن ضرورة محاسبة الفاسدين. في هذه البلاد تُلقى الكثير من النكات، لكني لم أسمع نكتة مثل التي ألقتها قبل أيام النائبة عن ائتلاف دولة القانون" ضحى القصير" التي طالبت فيها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بأن يعلن للعراقيين أسماء الفاسدين، ولكي تضع السيدة النائبة توابل لهذه النكتة أخبرتنا بأن كل الأمور المتعلقة بالفساد المالي هي من مخلفات حكومة الكاظمي.. وهكذا اكتشفنا والحمد لله أننا كنا نعيش في مرحلة ذهبية من النزاهة مع الحكومات السابقة.

ماذا نقول أيها السادة، وماذا نكتب، ونحن نرى بلاد الرافدين منذ سنوات تحتل "باقتدار" ذيل قوائم الرخاء والتنمية والصناعة والتعليم، ماذا أفعل وأنا أقرأ التقرير الذي يقول إن الجواز العراقي من بين الأسوأ عالمياً في 2023؟.حيث أخبرنا أصحاب التقرير بأننا في المرتبة ما قبل الأخيرة، لكن الحمد لله تفوقنا على الصومال. أتمنى أن لا تسألني من احتل المركز الأول عالمياً، لأنني سأعيد عليك حكاية سنغافورة، فقد احتلت هذه الجزيرة المرتبة الأولى بأفضل جواز عالمي، مثلما احتلت الإمارات المرتبة الأولى عربياً ومراتب متقدمة دولياً.

لا يعترف المسؤول الفاشل بالخطأ ويعتقد أن "الخطأ والصواب" لا علاقة لهما بما يجري من خراب .. حين تحول العراق، من أغنى دولة عربية إلى بلد بلا خدمات، فالأمور لا تتعدى "تجارب تخطئ وتصيب" وحين نتقدم سُلّم البلدان الأكثر نهباً للمال العام، فإن الأمر يدخل أيضا في قائمة "تجارب الهواة"، فلا مشكلة أن يتدرب "الفاشلون" لإدارة مؤسسات الدولة.

كان السنغافوري لي كوان عندما يتحدث مع أصدقائه يشير إلى تأثير الكتب والى جانبها الحرص الوطني على مسيرته السياسية، وعندما رفع شعار من أجل حكومة نظيفة، كتب في مذكراته التي أسماها "من العالم الثالث إلى العالم الأول": "لقد عانينا من انتشار الفساد والطمع بين عدد كبير من المسؤولين، فالمناضلون من أجل الحرية لشعوبهم تحوّلوا إلى نهّابين لثرواتها، ولهذا حرصت من أول يوم تولّيت فيه السلطة على إخضاع كلّ دولار من الإيرادات العامة للمساءلة، والتأكد من أنه سيصل إلى المستحقّين من القاعدة الشعبيّة من دون أن ينهب في الطريق".

منذ أعوام ونحن نكتب عن الفساد ومئات المليارات التي أُهدرت وسرقت، وأصبحنا نقرأ ونسمع عن مسؤولين فاسدين وظّفوا موازنة مؤسسات الدولة لمنافعهم الشخصية، وغادروا من غير أن يتركوا منجزاً واحداً.

***

علي حسين

لا نحب العسل ونميل إلى التلذذ بالسم في العسل، فما أكثر السموم المعسلة، التي نلتهمها بإندفاعية مهلكة.

وهذه الظاهرة السلوكية إستثمر فيها الطامعون بوجودنا، ويأتي في مقدمتهم تجار الدين، بأنواع عمائمهم التي تقطر عسلا مؤدينا، ممزوجا بسموم الفرقة والعدوانية والبغضاء الشرسة، والكراهية المقيتة والطائفية العتيدة.

وإن واجهتهم سيقولون أنهم يتكلمون بالدين، والحقيقة يكذبون ويعملون ضد الدين ويتاجرون به، ويتخذونه وسيلة لتأمين رغباتهم ونوازع ما فيهم من أوامر النفس السيئة.

فدينهم أهواؤهم، وفيما يصرحون به لا تجد آية من القرآن، فكلامهم الذي يسمونه دينيا، لا يعرف الدين، أو أنه يتحدث عن دين مزعوم يقضي بتدمير الدين.

وتجدنا أمام ألاعيب عسلية، ذات تطلعات شريرة، تهدف لسفك دماء المسلمين بإسم الدين، فهم يكفّرون الآخرين ويزندقونهم، ويفتون بوجوب قتلهم، لأن دينهم هو الدين وغيرهم عدو الدين.

بل أن البعض صار يحسب سفك دم أخيه المسلم من طقوس الدين، فكم  من الأبرياء إنتهكت حرماتهم وفاضت أرواحهم بتهم لا وجود لها.

وأصبح تلغيم الطيبات من الأساليب المنتشرة في بعض المجتمعات، فالفضائل محشوة بالرذائل، والإستقامة بالفساد، وما هو إيجابي بالسلبي، وأي خير محقون بشر، حتى تفتت المجتمعات وتغيبت الأوطان، وصار الناس في كينونات متصاغرة تمثل الهوية وتوفر الحماية، وكأن الناس تستجير بما يفرقها ويمزقها لكي تبقى إلى حين.

وبموجب ذلك، تجد أنظمة الحكم ذات ألسنة تقطر عسلا، وأفعال مروعة، فالمهم القول لا العمل!!

فاسأل المنابر عمّا يصدح فيها، وعن الدنيا وما فيها!!

***

د. صادق السامرائي

12\4\23

خلال عقد التسعينات عاش العراقيون ظروفا معيشية صعبة، حيث شهدت تلك الحقبة حصارا قاسيا هدد حياة قطاعات واسعة من الشعب عن طريق حرمانهم من السلع الضرورية من أجل البقاء على قيد الحياة وقد تعددت طبيعة المعاناة واختلفت في انواعها وشدتها من شخص الى أخر وكان تأثيرها الأشد صعوبة وقسوة على المدمن السلبي والايجابي على حد سواء، فهو اضافة الى معاناته في توفير اساسيات الحياة من مأكل ومشرب فان عليه توفير ما يشبع رغبته في الأشياء الأخرى المدمن عليها والتي يسبب الانقطاع عنها حالة من التوتر وعدم الاستقرار، وتظهر المعاناة بشكل جلي في أوقات الأزمات الاقتصادية التي يشح فيها المال وعدم القدرة على توفير الحاجات الأساسية، وكانت شريحة المثقفين من بين الشرائح التي تعرضت لضغوطات قاسية من العوز والفاقة دفعت الكثير منهم الى افتراش الارصفة لبيع كتبهم من أجل توفير لقمة العيش لعائلاتهم، كما ان المدمن على القراءة تعذر عليه متابعة الاصدارات الجديدة والحصول على الكتاب الذي يعد زاد المثقف والنافذة التي يطل منها على الانجازات الجديدة في الساحة المعرفية وذلك بسبب غلاء اسعار الكتب، فنحن المدمنين على القراءة ومتابعة الاصدارات عشنا في منتصف تسعينيات القرن الماضي وفي ايام الحصار تحديدا أوقاتا صعبة ممثلة بشحة الطعام والمال وعدم القدرة على شراء الكتب المهمة والضرورية لإدامة تواصلنا الثقافي واشباع رغبتنا في التعرف على الاصدارات الجديدة التي يصعب علينا التخلي عن متابعتها وقراءتها وكان المال أيامها يقف حائلا امام توفيرها حيث شهدت تلك الفترة ارتفاعا كبيرا في اسعار الكتب يقابله انخفاض منسوب المال في جيوبنا، ووقتها اهتدينا انا وأحد الاصدقاء وشريكي في هذه المحنة الى حل هذه المشكلة التي ظلت تؤرقنا وهو ان نتعاون على شراء الكتاب الغالي الذي نعتقد ان جمهورا كبيرا من أصدقائنا لديهم الرغبة في قراءته ومن ثم استعادة ثمن الكتاب عن طريق دفع مبلغ نقدي بسيط لا يشكل ارهاقا ولا يتسبب بمشكلة لميزانية الصديق الذي يقوم بقراءة الكتاب وساهمنا ايضا في تذليل صعوبة الحصول على الكتب النادرة عن طريق استنساخ الكتاب وتداوله بيننا، وبهذه الطريقة تمكنا آنذاك من قراءة الكتب المهمة وعبور تلك المرحلة العصيبة والخروج من سوادها بوجه أبيض .

***

ثامر الحاج امين

هكذا دائما ماتعقد المقارنة بين ما يُراد له أن يكون نظاما اجتماعيا عصريا دون محددات وبين محددات استثنائية لهذه العلاقة في مرحلة مضىٰ عليها أربعة عشر قرنا، في الواقع أن الله تعالى لم يُحرم ممارسة الجنس عن تراضي انما فقط أراد الله أن يكون ذلك في إطار تنظيمي تُحفظ من خلاله الانساب والحقوق، نعم سيكون محرما إذا كان دون إطار تنظيمي فأنه سيكون زنا بصرف النظر عن كونه بالتراضي أو دون اراضي والفارق هنا اذا لم يكن بالتراضي فأنه سيكون اغتصابا له حكمه ولكنه في الحالتين لن يكون مشروعا لأنه سيتسبب بضرر اجتماعي بالغ قد لا تظهر أعراضه حين ارتكاب الزنا ولكنها ستكون كارثية على الأجيال اللاحقة وهذا ما يحصل واقعيا الان في مجتمعات المساكنة والبوي فريند، لأنه تصور انت أن هذه الممارسة الجنسية عن تراضي كما تسميها سيكون من المحتمل دائما أن ينتج عنها مولود وعلى الأرجح غالبا سيهرب هذا المُحب المتراضي بخطيئته ليبحث عن فتاة أخرى هاربة بعد أن تجاوزت الخامسة عشر وأنت تعرف أن الطفل يحتاج إلى أسرة تحتضنه وليس لأم لن تستطيع حمايته والاعتناء به فتضطر هي الأخرى أن تضعه في دار الرعاية أو في صناديق في جدران المدينة «آخرالحلول البائسة التي ابتدعتها دور الرعاية في بعض دول المساكنة البائسة » ليصبح بعد ذلك مجهول الهوية ومن ثم بعد اجيال سيكون المجتمع كله مجهول الهوية فقط لأن الشهوانية الشيطانية تحكم هذه المجتمعات هدماً للأسرة التي تمثل القاعدة العقلانية لبناء المجتمع، لاحظ أنه عندما يكون ذلك مُباحا فأن فكرة الزواج ستُصبح منتفية موضوعيا فما الحاجة للزواج إذا كان التراضي يوفر لك في كل يوم فتاة جديدة

لأن الفكرة جميلة ومحببة إلى النفس البشرية التي بطبعها تبحث عن الانفلات من القيود، في الواقع أنه جنس دون تكلفة بعد ذلك انخفاض شديد في عدد المواليد لأنه في الغالب الجنس بالتراضي ليس من أهدافه الانجاب الا مايحدث خارج الإرادة وذلك يعتبر قليل جدا وربما بعد خمسون سنة من الآن ستشيخ هذه المجتمعات وربما ستنقرض وذلك فيه دراسات وأبحاث احصائية دولية تبين أن عدد من الدول على رأسها اليابان وعدد من دول أوربا من بينها ايطالياوالمانيا

تجاوزت نسبة 28 بالمئة ممن تجاوزت أعمارهم 65 إلى 70عام.

ملك اليمين والعين المعاصرة

اما ملك اليمين الذي يُقدم على أنه جريمة أخلاقية تعادل أو تتفوق على ممارسة الجنس بالتراضي على اعتبار أنها تتم بالارغام فإن الأصل فيها هو إدارة أزمة مابعد الحرب وماينتج عنها من واقع وجود أرامل وايتام مع الأخذ بالاعتبار الفارق في النظر إلى الأمر بعين المرحلة والبيئة الاجتماعية والثقافية لتلك المرحلة التاريخية التي كان من مقتضياتها وجود العبيد والأماء كنتيجة حتمية يجب التعامل معها وإدارتها بما يتناسب مع أدوات تلك المرحلة لذلك كان تعبير ملك اليمين يعبر عن حكم خاص كان الغرض منه إدارة ماينتح عن الحرب من حالات إنسانية كبقاء المرأة دون زوج والأيتام وغير ذلك من حالات الأمر الواقع وهي على كل حال تعتبر صيغة تنظيمية تعادل الزواج في حيثيات ماسينتج عن هذه الرابطة فهي ستكون مؤمنة الحاجات والأصل في ذلك العبودية التي كانت قائمة في الاسلام رغم أن الإسلام يدعوا الى تحرير العبيد والذي كان سائدا في كل المجتمعات في تلك المراحل لذلك كان من المتعذر التغيير دفعة واحدة لذلك وضع الاسلام هذا الأمر على مسار الحل التدريجي لذلك كان من كفارات الذنوب في الشريعة هو عتق رقبة بمعنى منح العبد حريته أو شراء حريته بالمال لذلك عندما تتصور المشهد بعد الحرب وأنت أمام مجموعة من النساء دون رجال ولاتجد صيغة لتقنين هذا الواقع فإن الاحتمال الآخر الأرجح سيكون ارتكاب الفاحشة ربما وذلك لأن الحاجة الجنسية هي حاجة واقعية بايولوجية لابد منها وعند ذلك سيصل المجتمع إلى ممارسة الجنس بالتراضي دون أن تترتب عليه مسؤوليات من الطرفين.

في الواقع انا أقر بأن الأمر معقد ولايمكن أن يحل بكلمتين ونحن في عصر مختلف لذلك لايمكن أن نرسم صورة واضحة ومتكاملة عن ذلك الزمن ولايمكن ان ننظر بعين الحاضر الى ماحدث في الماضي بسبب اختلاف العوامل والمعطيات وشكل البيئة الاجتماعية وكذلك شكل الادوات المتاحة لمعالجة حالات استثنائية تعادل حالة طوارئ احتماعية في هذا العصر لذلك نحن كمؤمنين ولثقتنا بالحكمة الإلهية والعدل الإلهي علينا أن نقبل بالأمر على أنه أفضل الحلول الممكنة بما يتناسب مع نمط المرحلة بدليل أن ذلك الحكم أصبح معطلا واقعيا في هذا العصر رغم أنه كان يمارس إلى زمن الدولة العثمانية .. بحسب فهمي كان ذلك خلافا للشريعة لأن أصل مايسمى بالفتوحات لم تكن حروبا مشروعة بل إنها كانت بهدف الاستحواذ والطمع والنساء يعني أن بيئة واقع مابعد الحرب على طول فترة مايسمى بالخلافة الاسلامية كانت بيئة مصطنعة لهذه الاغراض وليست أمرا واقعا مفروضا ..

***

فاضل الجاروش

عندما كنا طلابا صغار في السن كانت أحداث التاريخ المصاغة كمنهج دراسي تذهلنا وكم تمنينا ان يعيد التاريخ نفسه ومعه اؤلئك الابطال الذين صنعتهم الحكايات المدرسية ليحكموا من جديد فمن منا في وقتها لم يعجب بدهاء معاوية وبناءه دولة قوية على حدود الروم ومن منا لم يحفظ نداء (قتل رستم) ومن منا لم يحسد ابن أبي سرح يوم وهبه الخليفة كل غنائم أفريقيا بعد غزوه لها ومن منا لم يتمنى ان يكون هو صلاح الدين ليحمي القدس من غزوات الصليبيين بل من منا نسى صرخة تلك المرأة العربية على أطراف عمورية (وا معتصماه) وتمنى ان يكون هو قائد تلك الخيل البلق لاجابة ذلك النداء البعيد ولما كبرنا اكتشفنا ان كل ذلك زيفا ولم يكن معاوية غير شخصا طامحا للحكم وعميلا للروم وان الخليفة وهب بن أبي سرح الغنائم لأنها خالية من الجواري ذات العيون الملونة والاجساد البضة وكلهن افريقيات وان صلاح الدين لم يكن صالحا وارتكب جرائم يندى لها الجبين خجلا واباد الفاطميين عن بكرة ابيهم وان المعتصم لا يعرف أين تقع عمورية ولم يسمع صرخة تلك العربية الموهومة إذ لايوجد عربا هناك ولو كان المعتصم عربي الهوى لما سلط بغا ووصيف وغيرهم من الأتراك على رقاب العباد يعيثون فسادا في بغداد يستحلون المحارم ويأخذون الاتاوات ويذلون العرب ويقتلون من يعترض طريقهم وان تاريخنا عبارة عن قمامة نتجت عن شراء الحاكم المتجبر لذمم كتبة التاريخ واغراهم بالمال ليستعيروا له حسنات غيره ويسلبوا اعدائه حتى محاسنهم والا كيف يكون الجبان فاتحا ومن يلاط به اميرا وضعيف الارادة حاكما والكذاب مصلحا والوضاع وبائع الذمة مؤرخا والصحابة كلهم عدول؟

ان تاريخا مثل هذا يجب أن لايعتد به ولايعتمد عليه وإنما يجب أن يعامل بالطمر والحرق مثل اية نفايات أخرى والا سنظل اسري تاريخ مكذوب نختلف ونحترب عليه كل يوم ونتهم بعضنا بعضا بالطائفية التي تحولت إلى تهمة تلصق بكل من يؤشر زيف وخداع في تاريخ أمة لم يكن سوى أكاذيب وضعها حاكم فاسد ودونها من باع ذمته له.

***

راضي المترفي

بكل الأسف، أدركت متأخرا جدا أنني قد قصّرت بحق نفسي وجسدي اللذين وضعهما الله أمانة في عنقي، بدليل قوله سبحانه وتعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً"، وفطنت أني لم أحسن إليهما أيام كنت أقوم قواماً، ولم أراع متطلباتهما أيام كنت وأكثر لياقة في بدني وأكثر فروسية في تعاملاتي، وكان  حد هورمون السعادة "السيروتونين" يفوق لدي منسوبه الطبيعي،  وهرمون التوتر "الكورتيزول" في أقل مستوياته المطلوبة.

نعم لقد أهملتهما أيما إهمال - كما فعل ويفعل وسيفعل غيري كثير ممن كانوا يظنون مثلي أن والظواهر والمشكلات والكوارث الاجتماعية والاقتصادية لا تحدث إلا للآخرين، وان احتمالية اختلال تناسق حياة الإنسان، واضطراب توازن وظائفه الصحية والحركية والإدراكية والمزاجية، هي فقط من نصيب الأغيار، كما في قصة الفلم الفرنسي Ça n'arrive qu'aux autres  - الذين كان بطلاه يعتقدان أنهما في مأمن من نوائب الزمان، وأنها لا تحدث إلا للغير، حتى فجعهما الموت في طفلهما أثمن ما ملكا ..

نعم أهملت النفس والجسد، لأنه لم يكن يخطر لي على بال أن يأتي اليوم الذي أجدهما  وقد أبتليا فيه  بكل ما يصاب به الإنسان من إعتلالات و أوهان وأمراض، الخفيف منها والمزمن، من زكام وحمى وضغط ومعدة وقولون عصبي، وكافة الأمراض الروماتيزمية من تورم المفاصل والتهاب الرقبة والكتف وأسفل الظهر والركب  التي أضرتها الأنسجة الرخوة وهشاشة العظام والتيبُّس  الحركي وتكلس الأقدام بالملاح، والتي أرغمتني على المشي المتثاقل المسنود بالعصا، وغيرها كثير من العلل التي جعلتني أنام وأصحو على الآلام المبرحة،التي زادت من شدتها الاضطرابات المزاجية القوية، المصحوبة بكثرة النسيان وضعف استدعاء المعلومات، التي أفقدتني قدراً كافياً من التوازن الاجتماعي والنفسي والعاطفي، وأغرقني في الشعور بالملل والفراغ والوحدة والاكتئاب، الذي رمى بي في أحضان المسكِّنات، وركنني في زمرة مستهلكي المهدئات وملتهمي المكملات الغذائية والمستحضرات الكيماوية

وفي ختام هذه الخاطرة ، أدعو كل من لا يعاني –إلى حد الساعة-من أوجاع صعوبة  التنفس، ولا من تعذر الاستنشاق، أن يحسن إلى نفسه وعقله، الآن وقبل  تقدم العمر، ويراعي متطلبات جسمه والمحافظة على لياقته، وتحسين جودة حياته التي لا يتطلب إلا نشاطاً بدنياً بسيطا، تتحرك فيه عضلات الجسد، كاستثمار في الصحة البدنية، وبلسم واقي من أمراض الشيخوخة، وعصا سحرية تجعل القلب والعقل يعملان في تناسق وتوازن تامين وبكفاءة عالية، بما تفرزه في أجسام ممارسيها من هرمونات "السيروتونين" المسؤول عن السعادة.

***

حميد طولست

يصعب تعريف الإبداع لسريانه الشديد وتواكب النظريات المتصلة به، والتي تحاول إثبات أنها على صواب، وكل نظرية ربما تنسف التي سبقتها لتظفر بما تراه مصيب.

فالإبداع ناجم عن عدة عوامل تتفاعل فيما بينها بمعادلات إدراكية وعيوية في بوادق الخيال، التي تغلي على جمرات الأجيج الدافع نحو غاية أو مرام.

فالإبداع ديناميكية متحركة لا تعرف السكون، ومن يريد تعريفه كأنه يطارد موجة في نهر يجري بعنفوان يسابق دوران الأرض.

ويرى البعض أن الإبداع يتألف من ثلاثة محاور هي الإعمال والمحتوى والإنتاج، والإعمال أي التفاعل ما بين العناصر المنسكبة في قارورة الإبداع التي تغلي، فتصنع مركباتها وتحرك عناصرها وتواشجها.

والإعمال إنفراجي التوجهات ومطلق الغايات، فلا يُعرف له حدود أو أسوار تحيطه، فهو إندلاق على أديم الرؤى والتصورات.

والبعض يقترب من الإبداع على أنه حالة تتجمع فيها الأفكار، ولا يكون فكرة لوحدها، ويمكن القول أن الإبداع ناجم عن قابلية المبدع على الإحساس بالمشكلة التي يواجهها أو يتصدى لها، وإمتلاكه سيل متواصل من الأفكار، وقدرة على شدها لبعضها والتعبير عنها بالكلمات.

كما أنه يكون مطاوعا ومتكيفا مع التغيرات الحاصلة في فضائه.

ولكي يبدع الشخص عليه أن يمتلك دافعا قويا لما يتفاعل معه، فيستطيع إستيعاب المشكلة وفهمها قبل التصدي الإبداعي لها.

والإبداع في مفهومه المعاصر تعبير عن تغيير واقع الحال، وليس تعبيرا عن واقع الحال، لأن الصورة الفوتوغرافية هي التي تعبّر عن واقع الحال وليس الإبداع.

فهل نبدع لنغير أم نتغير لنبدع؟!!

وهل أن الإبداع هرولة على أديم رمضاء؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

العلم نشاط عقلي، والدين  إنتماء عاطفي قلبي، ولا يمكنك أن تحاجج متدين بأدلة عقلية، لأن ما ينتمي إليه يسخره لتسويغ وتأكيد وتعزيز ما يعتقده، ولهذا يكون مفهوم المقدس، الذي لا يُمَس ولا يصح الإقتراب منه.

الذين يمزجون بين الدين والعلم، يخلطون بين حالتين متقاطعتين، وقد خاض محاولات المزج بينهما الخليفة المأمون (198 - 218) هجرية،  فانتهى به الأمر إلى إضطرابات تفاعلية ذات آليات عقلية صرفة، مما دفعه إلى التوهم بأن هذه الفرقة التي تجعل العقل إماما ومنطلقا لرؤيتها وفهمها للأمور هي الجواب القاطع على ذلك، مما أدّى إلى توريط الأمة في محنة خلق القرآن (218 - 233) هجرية.

وفي بداية القرن التاسع إنطلقت الدول الغربية بعقلها المتفاعل الفعّال، بعد أن إنتصرت على طغيان الدين وتجميده لإرادة الإبتكار والإبداع المطلق.

وفي بعض مجتمعات الأمة لا تزال الدعوات قائمة أو متوهمة بأنها بالدين لوحده ستصنع وتتقدم، ولا يوجد دليل على أن الدين يبني حضارة لوحده، فالدين يرسخ القيم والأخلاق اللازمة للحضارة التي تبنيها العقول، فحضارة الأمة في مسيرتها المعروفة، كانت منسوبة لعقول أبنائها الذين أبدعوا في ميادين العلم والمعارف المتنوعة، ولم تكن من نتاج دين بعينه.

فهل يوجد دليل على أن الدين يبني حضارة؟

الواقع البشري يؤكد أن الحضارات وليدة العقول، ولو فتشتم في أي حضارة فسيكون العقل بارزا فيها، أما الدين فلا يوجد ما يشير إلى أنه يبني حضارة.

قد يغضب يعض أبناء الأمة، وفي حسبانهم أن الدين هو الذي صنع حضارتها، وعندما يتحدثون عن الحضارة سيذكرون أسماء العلماء والفلاسفة الذين تم النيل منهم بإسم الدين، وقصصهم كثيرة وما عانوه شديد.

فالدين ربما أنار الطريق للعقول لكي تنير!!

فهل لأمة يعقلون ويتفكرون أن تتعقل؟!!

***

د. صادق السامرائي

عندما نقرأ أن مجلس القضاء الأعلى وجه بتشديد الإجراءات بحق مرتكبي جرائم الإساءة إلى الرموز والمعتقدات الدينية، وفي الوقت نفسه نعرف جيدا ان هناك قرار من القضاء يمهل الكاردينال روفائيل ساكو 48 ساعة للحضور أمام القاضي وإلا سيتم اعتقاله، نضع أكثر من علامة استفهام.. أليس الكاردينال رمزاً دينياً لطائفة شريكة في هذا الوطن تحملت الكثير من المصاعب، من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية للعراق؟.

وكيف سمح القضاء بأن تتم إهانة هذا الرجل الذي لم يُضبط يوما باثارته لنعرات طائفية او مذهبية، وكيف سمح بأن تتم مطاردته ليضطر إلى مغادرة بغداد، بعد أن شنت عليه رئاسة الجمهورية حملة سمتها دستورية، لكنها في الحقيقة ظالمة؟، لا يزال السيد رئيس الجمهورية يخرج علينا في اليوم سبع مرات ليخبرنا أنه يحترم الكاردينال ساكو ويعترف به رمزاً دينياً، لكن قرار سحب المرسوم جاء لإصلاح خطأ قانوني كما يقول مكتب الرئيس.. تخيل جنابك. ثلاثة رؤساء جمهورية لم يكتشفوا هذا الخطأ الفادح، والان بهذا التوقيت تم الكشف عنه !! . في مقال مهم نشره القاضي هادي عزيز، وهو من رموز القضاء العراقي، أكد فيه أن المرسوم الصادر عام 2013 وهو مرسوم التولية المسحوب لم تلحقه شائبة العيب، ويضيف أن المرسوم "تعبير عن مصلحة تخص تشكيلاً مهماً من تشكيلات الشعب العراقي"، ويتساءل القاضي عزيز: ما هي الأسباب التي دفعت مكتب رئيس الجمهورية إلى سحب المرسوم الخاص بالكاردينال ساكو بينما أبقى على كافة المراسيم الجمهورية المناظرة للمرسوم 147 لسنة 2013؟، ليصل كاتب المقال إلى نتيجة يلخصها بهذه الجملة ان الامر " يبعث على الريبة والشكوك في أسباب صدوره".

عندما يصر أكبر مسؤول في الدولة ويحمل صفة حامي الدستور على مطاردة رجل دين ذنبه الوحيد أنه لا يملك ميليشيا مسلحة، ولا حزباً له مصالح مع أحزاب السلطة، عليك عزيزي المواطن أن تدرك أنك لا تعيش تحت ظل دولة لها مؤسسات دستورية، وإنما في ظل أحزاب، تجد أن قانونها أهم وأبقى من دستور.

عندما نسمع ما قاله السيد رئيس هيئة النزاهة من أن رفع الحجر عن أموال نور زهير وزوجته صدر بأمر القضاء ومعرفته، فإننا أيقنّا جيداً أن الخراب قد حلّ، وعندما نقرأ أن نور زهير متهم لم تتم إدانته حتى الآن، فعلينا أن ندرك بأن عصر الكوميديا السياسية يعيش أزهى مراحله.

أتمنى أن يتوقف السيد رئيس الجمهورية ومكتبه عن إصدار بيانات التبرير لما جرى "للمسكين" الكاردينال روفائيل ساكو، ماذا يعني أن يُهجّر رجل دين مسيحي؟، ألم يُهجّر آلاف المسيحيين وتنهب أملاكهم تحت بصر وسمع الحكومات منذ 2003 وحتى لحظة مغادرة الأب ساكو مدينة بغداد؟

***

علي حسين

في كل مرة نكتشف أن هناك إنجازات كبيرة تتحقق في المحافظات، منها ما أخبرتنا بها الأمم المتحدة، أن محافظة المثنى أفقر محافظات العراق وان 52 % من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر. هل هناك أخبار مفرحة؟ نعم بعض المدونين يشكرون السيد محافظ البصرة لأنه هدم جامع السراجين،

لسنا أيها السادة بحاجة إلى شواهد تاريخية، ولا أحجار تخبرنا أن هناك إنساناً عاش على هذه الأرض وعَمرها منذ آلاف السنين، ألم يخبرنا "فيلسوف الجنّ والإنس" كاظم الحمامي أننا أحفاد كائنات فضائية؟ .فاكتشفنا في النهاية أن السيد الحمامي ترك الكائنات الفضائية وخمط عمولات من مشاريع وهمية، ثم سافر ليتمتع بالأموال. ولهذا ياسادة لاتتعجبوا عندما يكتب البعض أن جامع السراجين مجرد حجارة.

ولأننا في زمن العجيب والغريب فقد اعتقلت القوات الأمنية قبل أكثر من أسبوع شاباً من شباب ذي قار جريمته الوحيدة أنه قام بحملة لإزالة القمامة من شوارع وساحات مدينته، ورسم صوراً لبعض شخصيات الناصرية، ولأن كل شيء بالمقلوب فقد اتهم الشاب لاري عباس بأن الصورة التي رسمها للشاعر الراحل عريان السيد خلف تشبه صدام.. وعندما لم تنفع هذه التهمة لانها تهمة كوميدية، قالوا له أنت عميل لأنك تتلقى دعماً من منظمة "تعافي"، وبعد أن اطلقت القوات الأمنية سراحه حذرته من القيام بتنظيف الشوارع والساحات، فقمامتنا ونحن أحرار بها. تخيل جنابك أن شاباً يسجن لأنه تلقى دعماً من منظمة أمريكية سبق لها أن قدمت الدعم للكثير من المشاريع الثقافية والفنية، وهي منظمة تعمل بمعرفة الجهات الحكومية، لكنها تتحول إلى عميلة ومخربة عندما يتعامل معها بعض الناشطين. بماذا يذكركم هذا الأمر؟، بالتأكيد بالشباب والفتيات اللواتي قتلوا في البصرة لمجرد التقاطهم صورة مع القنصل الأمريكي، فيما معظم مسؤولينا الكبار يجلسون بكل أريحية إلى جانب السفيرة الأمريكية .

لعلّ ما جرى في حادثة الشاب لاري في الناصرية يؤكد أنّ أشياء كثيرة لم تتغيّر، وأن هناك من لا يريد أن يتعلّم.

هناك دول تنهض من ركام العدم لتصبح أغنى الاقتصاديات وتتفوق في الرفاهية والعدالة الاجتماعية، ودول تتحول إلى تجارب فاشلة للحكم، وأرقام سعيدة للسلاح الذي بيد الدولة والذي ترى فيها الحكومة أنه يبهج الشعب الذي يعاني أيضا من شعار"البطالة حتى الموت". تقول أرقامنا السعيدة إنّ نسبة البطالة بين الشباب تجاوزت الـ 40 بالمئة

نعيش مع وجوه متعددة للفساد، بل يمكنك عزيزي القارئ ان تقول انك نشاهد كل يوم مسرحية "الفساد للفساد"، فساد من من كل لون، بدأ بإغراق المجتمع بخطب وشعارات فاسدة، واستمر الفساد ينمو وينتشر، حتى وصل إلى التهام الشباب بالعمالة .

***

علي حسين

هؤلاء ليس لهم من سبيل سوى الحلم بالخراب الأبدي للافراد والجماعات وتنفيذ مخططهم الجهنمي بالسيطرة والهيمنة على تاريخ وجغرافيا الوطن المثخن بالجراحات والانكسارات والمؤامرات......

لن ندعهم في سلام طالما يعلنون الحرب......

إن البلاد التي انجبت عباقرة وافذاذا وجحافل من المكافحين في كل المجالات عبر اجيال متعاقبة،ليس

غريبا عنها الصمود أمام كل المؤامرات والوقوف شامخة مثل النخيل السامق على أرض صلبة والذهاب باحلام هذه الأجيال في التحرر الوطني والعدل الإجتماعي والتنوير الثقافي الى اقاصي العالم.

إن تونس اليوم، في هذه المرحلة التاريخية المفصلية،ليس لابناءها وبناتها، سوى الوقوف وقفة رجل واحد عبر التسلح برؤية إستراتيجية بعيدة المدى تمس كل القطاعات الحيوية المرثرة مباشرة في حياة المواطن.

كل الشعوب الطامحة للتحرر والنهوض تعرف هؤلاء الواهمين، وبامكان الأحرار والشرفاء ان يحاصروهم، لكن المكتوين بجمرات المعارك الكبرى الصانعة للتحولات الجذرية في المجتمعات الرازحة تحت سيطرة رأس المال، هؤلاء لا ترهبهم لهيب المعارك والخسارات التي قد تحدث هنا وهناك.. يسيرون باجسادهم المنهكة إلى ضفاف الحلم دون ضجر أو تراجع عن بهاء المسيرة....

قلنا وكتبنا عديد المرات ان تونس أخرى ممكنة،طالما ان الإيمان بصواب الفكرة ومشروعية التغيير الجذري راسخ في الصدور وثابت في العقول. إذن، لا هروب من هذا التغيير الراديكالي الضارب في أعماق كل القطاعات دون إستثناء. على هؤلاء  المؤمنين بهذا المشروع الحضاري الكبير ان يتوحدوا ويقطعوا دابر التشرذم والتشتت الذي يلعب على حباله الخصوم.

إذا وصلنا الى هذه المرحلة المهمة من التوحد والتحالف الإستراتيجي بين القوى الديمقراطية والتقدمية المدافعة عن الجمهورية الإجتماعية الحاملة لقيم المواطنة وعلوية القانون والسيادة الوطنية..فلا

خوف بعد ذلك على مواصلة المشوار بعزيمة المكافحين الأشاوس الذين خبرتهم الساحات والميادين هنا وهناك...المعركة لا يقودها الجبناء والإنتهازيون، بل تقود رحاها وفصولها سواعد وعقول ابناء الوطن الحالم بالخروج من جراحاته وإنكساراته.

***

البشير عبيد / تونس

- كاتب سياسي مهتم بقضايا التنمية والمواطنة ورصد الصراعات والنزاعات الإقليمية والدولية.

في صبيحة 14 تموز 1958 تفجّر البركان العراقي وانطلق  بكل ابنائه من كل المكونات في ذلك اليوم،ليؤيد تلك الثورة الوطنية والشعبية حيث شارك بتفجيرها الضباط الأحرار بالتنسيق مع  الجبهة الاتحاد الوطني التي ضمت ممثلين من «الحزب الشيوعي»، و«الحزب الوطني الديمقراطي»، و«حزب الاستقلال»، و«حزب البعث العربي الاشتراكي»، وعدداً من المستقلين الديمقراطيين. (تشكّلت لجنتها الوطنية العليا من: جمال الحيدري عن الحزب الشيوعي، محمد حديد عن الحزب الوطني الديمقراطي، صديق شنشل عن حزب الاستقلال، فؤاد الركابي عن حزب البعث)، كما وقّع الحزب الشيوعي اتفاقاً ثنائياً مع «الحزب الديمقراطي الكردستاني» ـــــ العراق، تضمّن إلى جانب الأسس العامة لميثاق الجبهة، الاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي، ومن ضمنها الحكم الذاتي لكردستان العراق"،  حيث شارك الضباط الأحرار بتفجيرها بالتنسيق مع جبهة الاتحاد الوطني "ونالت التأييد الكامل من الشعب العراقي والشعب العربي وجميع شعوب العالم الحرة.واقسم المشاركون فيه وهذا ما كان قد ذكر في البيان الأول للثورة، البيان رقم واحد الصادر من القائد العام للقوات المسلحة الوطنية ومنه:

"لقد أقسمنا أن نبذل دماءنا بكل عزيز علينا في سبيلكم، فكونوا على ثقة واطمئنان بأننا سنواصل العمل من أجلكم وان الحكم يجب أن يعهد إلى حكومة تنبثق من الشعب وتعمل بوحي منه وهذا لا يتم إلا بتأليف جمهورية شعبية تتمسك بالوحدة العراقية الكاملة وترتبط برباط الأخوة مع الدول العربية والإسلامية وتعمل بمبادئ الأمم المتحدة وتلتزم بالعهود والمواثيق وفق مصلحة الوطن بقرارات مؤتمر باندونغ. وعليه فإن الحكومة الوطنية تسمى منذ الآن (الجمهورية العراقية). وتلبية لرغبة الشعب فقد عهدنا رئاستها بصورة وقتية إلى مجلس سيادة يتمتع بسلطة رئيس الجمهورية ريثما يتم استفتاء الشعب لانتخاب الرئيس. فالله نسأل أن يوفقنا في أعمالنا لخدمة وطننا العزيز إنه سميع مجيب"

فتحية لذلك الجيش البطل وللشعب العراقي في عيد الثورة بذكراها الخامسة والستين، والتي تشكل درسا وطنيا لكل عراقي مقبل اليوم على الثورة ضد المحتلين وعملائهم لترفرف راية التحرير خفاقة في سماء العراق. و التي غيرت وجه العراق وقدمت العديد من المنجزات للشعب العراقي رغم عمرها القصير، في حين لم يقدم الحكم الملكي قبلها خلال فترة حكمه البالغة نحو أربعين عاما ما قدمته، ان الحديث عن هذه الثورة، دون الحديث عن مبررات تفجيرها، يفسح المجال أمام أعدائها، على اختلاف اتجاهاتهم، للانتقاص منها والتشكيك بمشروعيتها في أي وقت. فالبعض وصف الثورة بأنها مجرد انقلاب دبرته الدوائر الاستخباراتية البريطانية. او ان معظم قيادتها من الضباط، الذين درسوا في المعاهد العسكرية البريطانية، او خريجي كلياتها العسكرية ارتبطت بهذه الدوائر، او في أحسن الأحوال، وصفوا قادتها مغامرين  و متهورين. في حين وصفها اخرون، بأنها أسست لمرحلة لاحقة من انقلابات وحروب، جعلت العراقيين يحنون الى النظام الملكي. ومن المؤسف انتقال هذه العدوى الى بعض المثقفين والسياسيين، لكن بلغة منمقة وملتوية، بصرف النظر عن حسن نواياهم.،بلاشك ان كل الحكومات التي تعاقبت منذ 2003 وحتى اليوم خلال عشرون عاما ما قدمته ثورة 14 تموز خلال أربع سنوات ونصف أدق شهادة بهذا الخصوص جاءت من المستشرق الفرنسي المعاصر البروفيسور مكسيم رودنسون الذي قال: بأن “ثورة 14 تموز العراقية هي الثورة الوحيدة في العالم العربي”. وكانت انقلاباً عسكرياً في لحظة وقوعها، ولكن حولتها الجماهير في لحظات إلى ثورة جماهيرية التحمت فيها الجماهير بالقوات العسكرية المسلحة، الأداة المنفذة للعملية،

ان ما حدث انما هي ثورة مجيدة اذا ما اعتمدنا على نقطتين أساسيتين. الأول موقف الجماهير الشعبية منها هل كانت الجماهير ضد الحدث أو معه، متفرجة أو مؤيدة لها، فقد كان موقف الجماهير موقفاً مشرفاً ما أن سمعوا من على الراديو البيان الأول 'للثورة' حتى ونزلت الجماهير من أقصى العراق إلى أقصاه في الشوارع والساحات وكانت الجماهير في حالة جنون وغليان تطالب بالثأر من رجال الحكومة . مئات الألاف من المواطنين الذين انطلقوا من مناطق بغداد المختلفة يهزجون بهتافات الثورة وهم في اندفاعة لم نشاهدها في مختلف الانتفاضات التي سبقتها. كانوا يتراكضون نحو الشوارع بهتفات مختلفة  تكبر باسم الثورة وبأسماء زعمائها. الثانية هي في حين عم الحزن والهلع في معسكر الدول الاستعمارية. حيث أصدرت الولايات المتحدة الاميركية اوامرها في اليوم التالي، أي يوم 15 تموز، بأنزال قوات الأسطول السادس المتواجد في البحر المتوسط في لبنان، للتأهب للدخول إلى بغداد واعادة النظام الملكي، وبصرف النظر عن وجهة نظر المعجبين به ومحبيه فان التحليل المنصف والمحايد يشير ان الثورة كانت عاملاً ايجابياً في حياة العراق السياسية وأن صناع الحركة ومن اسهم فيها كان لهم الفضل بجني ثمارها وهي الانجازات المميزة لتلبية طموحات الشعب والتي قدمتها في سنواتها  التي لم تتجاوز الاربعة والنصف..لقد أدت روح التنافس بين القادة إلى الافتراق 'تحالفت عدد من القوى السياسية والعسكرية من أعضاء تنظيم الضباط الوطنيين لحركة يوليو / تموز 1958 التيارات المختلفة لحزب البعث وبعض التنظيمات والشخصيات القومية والمستقلة , مع بعض الشخصيات العسكرية من الأعضاء السابقين لتنظيم الضباط الوطنيين لحركة 14 يوليو / تموز 1958 والذين أعادوا تفعيل التنظيم مجددا وقيادات عسكرية اخرى من المعارضين لسياسة عبد الكريم قاسم الذي قال في خطابه وكان لها اثرها السلبي في النفوس وهو في مستهل تبوئه منصب رئاسة الوزراء ولم تكن هناك أي مشكلات سياسية بين بغداد والقاهرة , عندما قال 'لن اكون تابعا لأحد' ,والتحول من مرحلة النضال المشترك إلى مرحلة الخصام والتآمر لإسقاط هذه الثورة، في 8 شباط 1963، و لتنتقل بعد ذلك من مرحلة العفوية الثورية إلى مرحلة التخبط الحزبي والسياسي الذي ساد الموقف بعد ذلك بسبب عدم الانسجام وزيادة الطموحات

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ «التوبة 5»

ربما هذه هي الآية الوحيدة في القرآن التي اتفق على معناها بعض او كثير من المسلمين جهلا منهم مع الملحدين وكثير من المتمردين على الاسلام اما جهلا او غَرضاً على ان الطرفين قد اتفقا على وضع اسم او عنوان لهذه الاية وهو آية السيف علما ان هذه التسمية غير موجودة وليس لها اصل ولكن ذلك ماتهوى انفسهم، لقد تم استخدام هذه الآية للطعن على الاسلام وتصويره على صورة الارهاب في مشهديات مصنوعة بحرفية الميديا الاعلامية التي تصور المسلمين وكانهم يحملون سيوفهم ويجوبون الطرقات والازقة للقبض على المشركين وقتلهم في مايشبه ملاحقة الالمان لليهود في المخابئ والطرقات للتنكيل بهم وقتلهم والواقع أن هذه الاية من سورة التوبة قد تم عزلها من سياقها القراني وكذلك بتر اولها وجعل الابتداء فيها كلمة «اقتلوهم حيث وجدتموهم» وما لهذه العبارة من أثر سلبي من الناحية النفسية الانسانية والاخلاقية والواقع انها ليست اية السيف وانما حولوها الى سيف يضربون به المسلمين بان دينكم دين ارهابي انتشر بحز الرقاب اما انا فسؤسميها «اية الرحمة» وهي كذلك بلا شك ولا ريب فهي اية تصف بيئة الحرب التي كانت قائمة بين المسلمين والمشركين والتي يحدد الله تعالى فيها ماعلى المسلم أن يفعل بحلول الأشهر الحرم وهي تعتبر عهدا بين المتحاربين على أن لايعتدوا على بعض، بمعنى أن لايخرقوا الهدنة لذلك فأن الله تعالى هنا يشير إلى ضرورة الالتزام بالهدنة واحترام العهود بقوله تعالى « فأذا انسلخ الأشهر الحُرُم فاقتلوا المشركين » بمعنى أنه إن حصل أن وجدتموهم قبل ذلك لايحق لكم قتالهم أو قتلهم، ان الآية تتحدث عن أجواء الحرب ولاتتحدث عن قتل المشركين حيث وجدتموهم في أجواء السلم ! وهذه هي نقطة الالتباس التي تثار دائما عند اخذ عبارة فاقتلوهم من سياقها وتصوير المسلمين وكأنهم يحملون سيوفهم في الأزقة بحثا عن المشركين فيترصدوهم ليقتلوهم الحقيقة ان هذه الآية عبارة عن إعلان لقواعد الاشتباك بالمفهوم الحديث لحالة الحرب بعد انقضاء الهدنة مع إنقضاء الأشهر الحرم وماينتج عنها من احتمالات

لاحظ أن الله تعالى برحمته وعطفه يضع المشرك المحارب امام أحد ثلاث خيارات أولها أن يُقتَل وهو محارب وهو هنا في محل يمكن له أن يقتُل أو أن يُقتَل أو أن يقع في الاسر « فإن تابوا فخلوا سبيلهم أن الله غفور رحيم» أو أنه كما جاء في الآية التي تليها والتي يقفز المتصيد عليها وهو قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ﴾ «التوبة اية 6». لاحظ هنا، يقول لك الله، أن اقتلوهم حيث وجدتموهم ليس لأنهم مشركين وانما أن كانوا مشركين محاربين معتدين ناكثين للعهود فكيف يقول لهم اقتلوهم حيث وجدتموهم ومن ثم يقول لهم وان أحد من المشركين استجارك فأجره ! ثم اسمعه كلام الله بمعنى ادعوه إلى الإيمان ومن ثم أبلغه مأمنه لاحظ هنا أمر دقيق وهو أنه لماذا على المسلم أن يبلغ المشرك مأمنه !! اتعرف لماذا؟

ذلك لأنه مشرك غير محارب في أجواء الحرب وقد يُقتَل بالشبهة أو غيلةً وكل ذلك مرتكز على قدسية العهد في الاسلام لذلك تم ترتيب كل هذه الأحكام بين المتحاربين والأخذ بالاعتبار غير المحاربين من المشركين كل ذلك بلحاظ العهد بعدم القتل والقتال في الأشهر الحرم وذلك قول الله تعالى في الآية 4 من سورة التوبة والتي يضع فيها الله تعالى بيئة الحدث ومايناسبه من حكم شرعي أمامك لكي تنظر ببصرك وتحكم ببصيرتك لا أن تقفز فوق الآية 4 وتنتقي الآية 5 وتعزلها عن السياق وتبتر أولها لتخرج بنتيجة مشوهة بدوافع هوى النفس الإمارة بالسوء، بأن الإسلام دين بالقتل لذلك اعود من حيث ابتدأت واقول إن الإسلام « قواعد عامة وليست قواعد تامة » لذلك ليس من العقل أن تقول إن داعش مثلا قتلة. الاف الايزيديين وهم في الواقع يقتلون اي مخالف لمنهجهم المنحرف عن حقيقة الدين التي تحددها قاعدة عدم الاعتداء في الآية المباركة

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ « البقرة 190 »

وما هو سبيل الله الذي يأمرنا أن نقاتل دونه الا سبيل الاستقامة؟

***

فاضل الجاروش

الأحداث إبنة زمانها ومكانها، ومهما حاولنا فإقتراباتنا منها ستكون ذات نسبة من الخطأ، والأجدى التركيز على الحاضر والسعي للمستقبل، دون تفسير ما هو قائم بما مضى وما إنقضى في وعينا الجمعي.

الأمم تمر بأحداث متنوعة، فتتعلم منها وتتجاوزها، وتنهمك ببناء حاضرها، وفي القرن العشرين، جرت حروب شديدة وفي مقدمتها الحرب العالمية الأولى والثانية، والدول المنهزمة في الأخيرة كألمانيا واليابان وإيطاليا، بنَت حاضرها، وما تدثرت بما أصابها بسبب هذا القائد أو ذاك أو الفئة وغيرها، فالشعوب الحية تسير إلى الأمام ولا تثنيها المطبات.

وواقعنا الثقافي يزدحم بالمنشورات المأساوية الرثائية البكائية اللوامة، التي تجعل الأحداث الغابرة ذرائع  للتفسيرات والتعليلات والتأويلات والتبريرات، اللازمة للترقيد والتخميد والتجميد.

"ما فات مات، وما هو آتٍ آت..." قالها قبل الإسلام خطيب العرب المفوّه، قس بن ساعدة، وما تأملنا مواعظه، ولا نظرنا في نصائحه وحكمه العميقة، بل أن ما فات يعيش فينا ويحكمنا، ولا نؤمن بما هو آت، فالقهقري ديدننا.

الأمم بتأريخها عندما تستوعبه وتتعلم منه، وتأريخنا طويل وغني بالحياة، والأجيال تتجاهله، أو تغفله، ولا تعرفه، وتتوهم الهوان والإنكسار، وأمم الدنيا تحسدنا على تأريخنا، وتسودنا أمية تأريخية متوارثة، وعدوانية سافرة على وجودنا بأبعاده الزمنية الثلاثة.

وتجدنا أمام عدد من النخب الذين ينشرون السلبي المعادي للحياة الطيبة، ويستجمعون المفردات الخبيثة ويبثونها بين الناس، ويرجمون كل شيئ بحجارة الجهل والغفلان.

المطلوب مصابيح نخبوية منيرة، ومشاعل مضيئة، تساهم في وضوح الرؤية أمام الأجيال المتدفقة من الأرحام.

أما الكتابات النواحية، والعبارات البائسة، فرصاصات إهلاك وخراب لمعاني الوجود الإنساني القويم.

فهل لنا أن ننظر بعيون الحاضر والمستقبل، ونحدّق في مرآة الأمام؟!!

***

د. صادق السامرائي

-المواطن الليبي يعيش ضنك الحياة منذ ان تم تعويم الدينار بنسبة 70% انه يمر بمجاعة لا تكاد توصف في بلد النفط والغاز نتيجة ارتفاع اسعار السلع والمواد الغذائية، أما عن الخدمات العامة فإنها شبه معدومة .

السيد الكبير الشخص الوحيد الذي حافظ على موقعه منذ اعتلائه بعيد قيام الثورة، محاولات عديده لم تفلح في زحزحته، بما فيها اقالته من قبل مجلس النواب وتعيين بديلا عنه، لأنه وبكل بساطة يقوم بتنفيذ اجندات الغرب الذين نصبوه، ربما شعر هذه المرة بان السيل يجري من تحته وقد يجرفه من مكانه، من خلال التفاهمات التي حصلت بين المجلسين الذين كانا على طرفي نقيض من كافة القضايا .

الكبير لم يعد يحتمل رؤية انسان يتمتع بخبرة في المجال المالي (ابومطاري)، وتولى وزارة المالية في عهد السراج، لمجرد علمه انه مرشح من قبل المجلسين لتولي ادارة البنك المركزي، الكبير متهم بانه وراء اختطاف ابومطاري بالعاصمة بواسطة جهاز الامن الداخلي احد الاذرع الطويلة التي تحمي جراثيم الفساد التي استولت على مؤسسات الدولة، وقد تبين ان المختطف ليس مطلوبا لدى النائب العام، وبالتالي فإنها محاولة يائسة طائشة من قبل المحافظ ورئيس الحكومة، لشعورهما الاكيد بانهما يواجهان خطر الازاحة عن منصبيهما، وقد كانا على وفاق تام خلال المدة الماضية لانهما ينهلان من نفس المصدر، الخزينة العامة بيت مال الليبيين. وعندما يشعر بعدم الاطمئنان فانه يمارس عمله من خارج البلاد في كنف اسياده الذين نصبوه وعملوا جهدهم للمحافظة عليه، إنه يجتمع مع رؤساء الدول والمؤسسات العالمية، ما يعني انه لم يعبأ باي من المسؤولين بل يرى نفسة صاحب افضال عليهم.

الدبيبة من جانبه اوعز الى اذرعه الامنية التي يغدق عليها الاموال الطائلة بسحب مستندات سفر بعض اعضاء المجلس الاعلى للدولة لانهم اعلنوا بالتوافق مع مجلس النواب عن رغبتهم في تشكيل حكومة جديدة موحدة للتهيئة والاشراف على الانتخابات التي طال انتظارها.

رئيس الحكومة ومحافظ البنك المركزي مسؤولان عن الفساد المستشري في البلاد ولا توجد هناك عدالة في توزيع الثروة، ولقد تم تسريب بعض المستندات المالية التي تثبت فتح اعتمادات وتسييل قيمتها لشركات تقوم بتوفير الإعاشة والدعم اللوجستي للتشكيلات المسلحة في المنطقة الغربية، تقدر قيمتها بحوالي نصف مليار دينار، ناهيك عن الرواتب التي جاوزت الملياري دينار.

المضحك في الامر انه عندما يطالب البعض بوقف تصدير النفط لان ساستنا يتصرفون بعائداته وكأنها اموال تخصهم وحدهم، يخرج علينا المستفيدون من اهدار المال العام وبالأخص وزير النفط بتبيان الخسائر الناتجة عن وقف التصدير وكأنما الشعب مستفيد من بيعه ويعيش في بحبوحة من العيش، ان ابقاء النفط والغاز في باطن الارض افضل بكثير من بيعه وعدم استفادة الشعب منه، ولتعلن الحكومة القوة القاهرة كما تشاء يكفيها ما سرقته من الخزانة العامة التي اصبحت شبه خاوية.

زيادة المرتبات والمهايا خلقت حالة تضخم مستمر، لن ولا بد من العمل على رفع قيمة الدينار امام العملات الصعبة، ربما اختفت الطوابير على السيولة والوقود، وذلك يدل على انها ازمات مفتعلة لإلهاء الجمهور عما تقوم به الفئة الحاكمة من هدر للمال العام بلغ حدا لا يمكن السكوت عليه، إنها محاولة من حكامنا الميامين وعلى راسهم رئيس الحكومة ومحافظ البنك المركزي وهو مخطط اجرامي هدفه ائراء البعض المتمثل في ابناء العمومة والاصحاب على حساب الشعب المغلوب على امره وفي احسن الاحوال يسمح لبعض النشطاء بالتجمهر بعيدا عن الاعلام بميدان الجزائر، لم يعد الراتب يكفي لشراء الاشياء الضرورية، ربما اختفت الطوابير على المحلات التجارية لكنها في حقيقة الامر تدل على ان هناك طوابير لها اول وليس لها اخر انها طوابير الفقر والمجاعة التي تغص بها البيوت. إننا نتوق الى ذلك اليوم الذي تسقط فيه كافة براثن الفساد وتقدم الى العدالة ويعاد بناء الدولة وتحفظ كرامتها بعدم تدخل الغير في الشأن الداخلي للبلاد كفى قتل وتشريد وتدمير ونهب لثروات الشعب.

***

بقلم: ميلاد عمر المزوغي

ربّ يوم بكيت فيه فلما

صرت في غيره بكيت عليه

بعد عقود الجور والقمع والبطش، والحروب والحصار والحزب الواحد والقائد الأوحد، حل علينا عام 2003 فكان به -على ما ظننا- الخلاص من تلك السنين، غير أن الخلاص من مفردة الدكتاتورية جاء مشوبا بمفردة الاحتلال، فبتنا كما قيل سابقا:

المستجير بعمرو عند كربته

كالمستجير من الرمضاء بالنار

وبتحصيل حاصل، فقد أنعم علينا العم سام بتخليصنا من ذاك الكابوس، ولو أعدنا النظر الى ماكان يحمله الكابوس من أضغاث أحلام، للمسنا أن هناك صراعا مريرا دام على مدى أربعة عقود، دارت رحاه فطحنت الشيب والشباب من أبناء البلد، وكان طرفا المعادلة معلومين، وبالإمكان تسميتهما والإشارة اليهما بكل بساطة، فالطرف الأول هو صدام، أما الثاني فهو الشعب.

اليوم بعد مضي أكثر من تسعة عشر عاما على انقشاع الطرف الأول -صدام- كذلك انقشاع النظام بحزبه الدموي النازي، وأزلامه ومجرميه وأدوات إجرامهم، من المفترض أن يلمس الطرف الثاني -الشعب- انفراجا في كل تفاصيل حياته، ويشهد البلد الذي كان يئن تحت نير الدكتاتور وسياط حزبه الفاشي، انبثاق فجر جديد لحياة مشرقة بعيدا عن الاضطهاد والتمييز، لاسيما وقد تغير الحزب والقيادة والوجوه، كذلك تغير لدينا نمط الحياة السياسية، حيث يشير المواطن الى الشخص المناسب بسبابته، لينتخبه ويضعه في المنصب المناسب.

لكن واقع الحال عكس غير ماكان مؤملا، فتلاشت الآمال بعين المواطن شيئا فشيئا على مر السنين العجاف، وأتت الرياح بما لايشتهي، بعد أن اتضح له زيف الشعارات التي رفعها أشخاص، كان قد رفعهم بسبابته البنفسجية الى مناصب مرموقة، وسلمهم وكالة (عامة مطلقة) بحاضره ومستقبله وثروات بلده، فكان الخذلان حصيلة ماحصده في التجارب الانتخابية التي مضت من عمره وعمر العراق.

وما زال دأب المنتخبين خذلان ناخبيهم، بما استطاعوا من خلال منصبهم ومكانتهم في سلم الوظيفة والمسؤولية، وهذا ديدن رؤساء الكتل وزعماء الأحزاب والائتلافات، في مسيرة المليون ميل في العملية السياسية، والتي لاندري متى تبدأ الخطوة الأولى بالاتجاه الصحيح فيها، إذ على ما بدا أن عقدين غير كافية لتصويب الخطى وتوحيد الرؤى، حيث بات مانلمسه من تقدم في المسيرة بضع خطوات، يعقبه تقهقر فيها وانعكاس باتجاهها أضعافا مضاعفة. وبلغ ما يتفتق من رحم ساستنا من خروقات بحق الوطنية والمهنية فضلا عن الإنسانية والأخلاقية، حدا يصعب معه التصحيح والتصليح، فما يقابله من حلول خجولة، لاتكاد تصيب من عين النجاح ومرمى الفلاح إلا بقدر مايصيب الأعمى مرماه. ولعلي أصيب إن شبهت حال ساستنا في المشاكل وحلولها بمثلنا الدارج: (الشگ چبير والرگعة صغيرة) والأمثلة في هذا كثيرة لايحتويها عمود او صفحة او عدد من صحفنا. ومثلنا القائل: (الإيده بالثلج مو مثل الإيده بالنار) ينطبق هو الآخر تماما على مايحدث في الهوة الكبيرة التي تفصل بين قبب مجالس الدولة الثلاث، وبين المواطن المسكين الذي وضع يد الانتظار على خد الصبر الذي طال ونفد بدوره، وتداعى في ساحات التحرير الى صرخات لا أظنها صمتت، بل هي سكتت إلى حين.

***

علي علي

الأنا هي الصورة الذاتية والطاقة الفعلية، التي تحرك آليات السلوك القائمة في الأعماق البشرية.

ويمكن تشبيهها بالمحرك الذي يحرك السيارة والطائرة والقطار، وغيرها من وسائط الإنتقال المبتكرة.

وقد تكون الأنا (أربعة سلندر) أو ستة أو ثمانية أو أقل أو أكثر، وذلك يعتمد على الظروف التربوية والبيئية والوراثية، والثقافة المختمرة في وعي ولا وعي الأجيال، والمتدفقة في قنوات الصيرورة الذاتية للإنسان.

ولكل فرد نوع من (الأنا)، ولكل أمة ومجتمع (أنا).

والمجتمعات القوية تبني (الأنا) القوية، بواسطة ما تقدمه من إنجازات تعزيزية، وآليات تقوية وإسناد وتدعيم لعناصر ومفردات (الأنا).

والمجتمعات الضعيفة تصنع (الأنا) الجمعية المتفقة مع حالتها القائمة، وتوفر المسوغات والإحباطات والخيبات والعثرات، والمعوقات اللازمة للإمعان بالإضعاف والسحق القاسي لمعالم (الأنا).

وعندما تكون الأنا الجمعية مستضعفة، ومفرّغة من ملامح الوجود اللائق بدورها وإرثها الحضاري والمعرفي، فأن (الأنا) الفردية تحاول أن تستجمع وتختزن طاقات أخرى لكي تعبّر عن الذات المفقودة، أو الحقيقة الغائبة والمطمورة في تراب الإستضعاف والإنهاك والدونية الماحقة.

وهذا يعني أن هذه المجتمعات تتسبب في إضطرابات شديدة للأنا الفردية، وتساهم برعايتها وتوظيفها للتعويض عن مرارة إندحاراتها وتفاقم عجزها.

ويتجسد ذلك بوضوح فيما يسمى بالتفاعلات السياسية، حيث يتحول الذين يحسبون أنفسهم ساسة، إلى حالات متصارعة أو متناطحة، ترفع رايات "وما اجتمعت بأذوادٍ فحول"!!

فتصول على بعضها البعض حتى تتحطم قرونها وتتهشم رؤوسها، وتصاب بأنواع النزيفات الداخلية التي تفقدها صوابها وتجردها من قواها العقلية والمنطقية، فتستكين لهواها وإنفعالاتها وغضبها المسعور الفائق الأجيج، وبهذا تتحقق الحرائق والدمارات القاسية في المجتمع.

لقد تضخمت (الأنا) وانتفخت في واقعنا العربي، وتحولنا بسبب ذلك إلى بالونات فارغة، أو براميل متدحرجة في صخب المأساة، والتفاعلات الناجمة عن هذا التصادم المتنامي الشديد.

وعاشت "أنا"، ولتسقط كلّ "أنا"!!

***

د. صادق السامرائي

الحرب بتعريف موضوعي أو قياسي بعيد عن المجاز تعني علاقة تغالب، أو عملية تغالب، عدائية، عنفية أو غير عنفية، بين كيانين بشريين أو أكثر، تستخدم فيها وسائل وطرق وأسلحة ملائمة، يهدف فيها كل طرف إلى غلبة عدوه بفرض إرادته عليه أو انتزاع شيء ذي قيمة ملائمة منه أو تحصيل امتيازات مادية أو معنوية ملائمة.

في الحرب يخسر الجميع ماعدا الطغاة وتجار الحروب . وإن خسارات الجنود المنتصرين الحقيقية والواقعية بعيدا عن الشعارات والدعايات، قد لا تكون أقل من خسارات الجنود المهزومين!

وتكذب الحرب عندما تقسم البشر المقصودين إلى أصدقاء وأعداء، أو منتصرين ومهزومين!

وهي دليل صارخ على فشل العقل أمام الجهل، وفشل الحضارة أمام الهمجية !

 تُظهر الحروب الصفات أو الأخلاق السيئة للبشر، بشكل مكشوف، أو  تحت غطاء زائف وخادع من الصفات والأخلاق الحسنة، والشعارات الخادعة!

الأخلاق السيئة تصنع الحروب، والحروب تنتج وتنشر المزيد من الأخلاق السيئة، وتصنع مشاكل جديدة وزائدة للبشر بدلا من حلها كما يدعي أربابها!

الحرب نار والبشر البؤساء حطبها المفضل! إنهم يفرحون ويفخرون بأن يكونوا حطبها المفضل! فيها يصير البشر شيئا آخر مختلفا. إنهم يتحولون إلى أدوات تخريب وتدمير وقتل منظمة نشيطة!

في الحروب يتخفى البشر وراء هياكل الجنود البائسين، حيث النفوس اليائسة والقلوب الجريمة والآمال المحطمة والمستقبل المجهول المظلم!

الحرب آفة التقدم والأخلاق الحسنة والقيم النبيلة. وهي مصنع للقبور والمقابر والمعاقين!

عندما يجتمع الترف الطاغي مع الحماقة الغاضبة يتشكل أفضل وقود للعنف والحرب!

زعامات وتجار الحروب يزرعون الأخطاء ويحصدون الخطايا. وليست الحرب أكثر من زرع أخطاء وحصد خطايا!

قبل أن تبدأ، تضع الحرب القيم الجميلة فوق رأسها: الحق والخير والعدالة والكرامة ...!  وبعد أن تنتهي منتصرة أو مهزومة تنسى هذه اقيم تحت أقدامها، تدوس عليها وتحطمها وتوسخها وتلطخها بالدماء والوحل!

تجهل الحروب أو تتجاهل أن الشجاعة لا تعني المشاركة الحمقاء في عنف أعمى متبادل! وتجهل أو تتجاهل أن البطولة خارجها أصدق وأنفع من البطولة داخلها!

***

جميل شيخو

تعقد الحكومة العراقية الآمال على مشروع "طريق التنمية ويعد مشروعاً استراتيجياً مهماً للمنطقة، ويحمل 7 إيجابيات اقتصادية وتجارية وعمرانية ويدفع لولادة مدن جديدة عبر ممرات ستمر من خلال 9 محافظات، وبالتالي فإنه يمثل إعادة إحياء طريق الحرير القديم لإحداث نقلة نوعية وتطور استراتيجي في مستقبلها، ويجعل بغداد محطة رئيسة وهمزة وصل للتجارة العالمية التي تربط بين الشرق الأوسط وأوروبا، إلّا أن المشروع يواجه تجاذبات ومواقف جدلية بين القوى السياسية.

لاشك في أن هناك من هذا الطريق فوائد ستعود على العراق، الذي سيحصل على عوائد "الترانزيت" وعوائد تصدير بعض السلع المحلية التي يعتزم العراق تنشيطها وأهمية دولية كبيرة للطريق وتلقي بلاده طلبات من دول في آسيا وأوروبا وإفريقيا للمشاركة في مشروع الذي سيربط جنوب العراق بالجانب الأوروبي عبر تركيا؛ من حيث تقليل تكلفة نقل البضائع بين أوروبا وآسيا وصولا إلى الهند والصين والتي تعول على هذا المشروع في زيادة صادراتها إلى أوروبا عبر الموانئ في العراق وتركيا، كما تعول عليه تركيا أيضا التي تريد أن تزيد من ميزانها التجاري مع العراق".

طريق التنمية أو القناة الجافة وهو مشروع عراقي لربط سككي وشهد العراق مؤتمرا ناقشة ضم السكة الحديد الخاصة بمشروع العراق، مع سكك الحديد الخليجية، وهو ما يربط بين الخليج وتركيا، و"سيساهم في تنشيط التجارة من موانئ عُمان وصولا إلى أوروبا" وبشكل عام، سيلعب المشروع دورا محوريا في تنشيط الحركة التجارية، وزيادة العلاقات بين أوروبا والشرق، إلى جانب تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة؛ في ظل احتياج الطرق الجديدة إلى التأمين وكذلك طريق بري بين تركيا وأوروبا شمالاً والخليج العربي جنوباً، لنقل البضائع بين الخليج وأوروبا، سيصب هذا المشروع الضخم كذلك في مصلحة قطاع المياه في العراق، حيث يتضمن خطة لتحلية مياه البحر، في الوقت الذي يشهد فيه العراق أزمة شملت مياه الشرب. وكان وزير الموارد المائية العراقي مهدي الحمداني قد صرح بأن مخزون المياه في البلاد انخفض العام الماضي إلى النصف مقارنة بعام 2021. وأن المشروع سيخدم المنطقة اقتصادياً وسينقل البضائع من أوروبا إلى الخليج وبالعكس عبر العراق، وكلفته تصل الى 17 مليار دولار وسيُنجز بمدة قياسية، ابتداءً من سنة 2024 حتى سنة 2028. أن هذا المشروع يعد إحياء لمشروع "البصرة-برلين" الذي كان قد اتفق عليه الإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني والسلطان العثماني عبد الحميد الثاني قبل أكثر من قرن من الزمان، بهدف ربط الشرق الأوسط بالقارة الأوروبية.ويبلغ المشروع طوله   1200 كيلومتر، والذي يمتد من الحدود مع تركيا في الشمال إلى الخليج في الجنوب، سيكون حجر الزاوية لاقتصاد مستدام لا يعتمد على النفط، ويساهم في التكامل الإقليمي.

والمشروع يبدأ من ساحل الخليج  حيث ميناء الفاو الكبير العراقي في جنوب العراق إلى منفذ فيشخابورالعراقي في شمال العراق المتاخم للحدود التركية، طول السكة 1175 كيلومتراً، وطول الطريق البري بين الفاو ومنفذ فيشخابور 1190 كيلومتراً، ولكل من سكة الحديد والطريق البري مسار، فلا يلتقيان إلا في شمال محافظة كربلاء فيستمر سيرهما متقاربين حتى منفذ فيشخابور، وإن هذا الطريق الستراتيجي "سينقل البضائع بمختلف أنواعها من أوروبا إلى تركيا عبر العراق وإلى الخليج، وتمر السلع والموارد الخليجية من الخليج عبر العراق، ثم تركيا وأوروبا"، والطريق لا تريد له الحكومة أن يصبح ترانزيت، بل ترغب بأن يتحول هذا الخط البري والسكك الحديدية إلى طريق وشريان حيوي للاقتصاد، وهناك مخططات مدن صناعية ومدن إسكان تحاط بالطريق، وسيشهد عبور آلاف الشاحنات المقبلة من 25 دولة.

وعلى الرغم من ترحيب دول الجوار العراقي بالمشروع، إلّا أن مراقبين يرون أن قد تكون هناك تحفظات من البعض منهم  ربما تثير بشأن "طريق التنمية" الذي قد يحرر العراق من التبعية  الاقتصادية.

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

 

كل ما تكتبه وكتبته عن تاريخ الخلافات بين السنة والشيعة التاريخيه القديمة والحديثة ليس لها اي تاثير مثمر في تحرير وعي الإنسان الغارق في الصراعات القبلية من قبل الاسلام وهي حروب قبليه واسرية تنفجر بسبب خلافات حول المواريث وخلافات شخصية تتفاقم الى الثارات وتنتج عنها تكتلات وحروب شاملة ....

و الثارات القبليه والمناطقيه التي تشتغل الان مثال لكشف الستار عن طبيعة وشخصية الانسان اليمني البسيطة الفقيرة المحرومة من التعليم  والمتغلقة على ذاتها المتوحشة نتيجة  ظروف الحياة المعيشية الصعبة لدرجة تدفع الانسان للعنف والحروب والتدمير وتحقيق انجازات بأي وسيلة يستطيع اتخاذها لفرض رايه ومكانته في هذه الحياة

ويستثمر فيها الحوثي والدول الخارجية ايضا تستثمر في هذه البيئة الاجتماعية المعقدة يستثمرون في جهل القبيلة اليمنيه تستمع تلك الطبقات الخاكمة في الجهل العميق في الاسرة اليمنيه لكي تطمئن من شرها وطموحها في التحول الى مجتمع منافس قوي حديث لا يمكن استغلاله في حرب مذهبيه ولا يمكن ان يؤمن بالخرافة اذا تمكن من المعرفة وتخرر من ثقافة العنف

وهو الذي يقلق الخليج ايضا صحوة القبيلة اليمنيه ونجاح دولة مدنيه فاعلة في اليمن وتوحد القبائل اليمنيه  ولو اتيحت الفرصة لو سمحوا لها بالعلم والمعرفة وكل بيت فيه مهندس او طبيب ومعلم وطيار ومحامي لو تحررت القريه والمدينه من المقوت والفلاح وبائع الشمة وراعي الاغنام والخباز وبائع البطاط وسوق السلاح والمخدرات

سوف تكون انسان محترم كما ينبغي له هيبه ومكانه عالميه وكانت نظرة العالم لليمن نظرة ايجابية ورأيت الاستثمار في اليمن من دول العالم نظرا لموقعها الجغرافي وطبيقة مناخها وتاريخها الثقافي والآثار والمواقع النادرة الاثريك فيها

وتحقيق انجازات بهذا النستوي خطر كبير علي الخليج والدول المجاورة وتحدي كبير وما وصلو اليه من الخارج  وخطر عل السلاليه والكهنوت والطبقات التي تحكم اليمن وتدمر الافراد في اليمن من الداخل

كما يقول المثل اليمني اذا كنت انا امير وانت امير فمن يقود الحمير

لكن التغييرات الاقليمية اقتحمت اليمن و الحداثه صنعت تاثيرا في اليمن ايضا في اشكال مختلفه ولم يعد الموضوع سياسي واستطاع التعليم تدمير مكانة السباسي الامي مكانته الاجتماعية لم تبقي ثابته واظهرت الحداثه حراك سياسي وثقافي منافس

الكون اليوم مفتوح لتحرير الانسان الظلم والقمع كما وصفه الله وكرمنا بني ادم وهذا ما يريده الله سبحانه وتعالى في اليمن وتحاول الطبقات التي تضيق الخناق علي الانسان اليمني

ان تدمر الإنسان اليمني ثقافيا وعقائديا وتتاجر به في حروبها السياسية والاقليميه وتستهلك امكانياته في حروب قبليه وعرقيه وفئوية التي تتزعمها قيادات تدعي الحق الإلهي في حكم الأمة الإسلامية وتحارب العلم والابداع والسلام والديمقراطية والحرية.

***

بقلم صالح العجمي

القصيدة: سبعة أبيات وأكثر

الشعر: كلام خالد؟

هل ما نكتبه على أنه شعر يستحق تسميته بالشعر؟!!

فلابد من التساؤل عن الضوابط والمعايير التي تمثل صفة الشعر، وهل القصيدة تؤدي المعنى وتبلغ الغرض، وعن القدرة البيانية للكاتب، والطاقة اللفظية والفنية لرسم الصورة المجسدة للمعنى وجوهر الفكرة، بجمالية وإيقاعات منسجمة مع نبضات الأعماق الإنسانية.

هل للشعر لغة خاصة ومفردات متميزة؟

هل كل ما هو موزون أو منثور شعر؟

ما هي أسرار لغة الشعر؟

أسئلة تتعدد الإجابات عليها وفقا لمنظور الإقتراب منها والتفاعل معها، لكنها تستوجب الحضور في وعي الكاتب عندما يرى بأنه يكتب شعرا أو نصا شعريا أيا كان نوعه.

عندما نضع النصوص تحتها، يكون من الصعب العثور على نص يستوفي شروط الشعر، بمعناه الجمالي والحسي وعذوبة كلماته ورونق منطقه.

ما هو سائد إمعان بوهم المعنى، الغاطس في الرمزية والغموضية والإدغام والإستتار والعبثية، وبألفاظ مضطربة وبيان ممجوج، حتى لتهرب من المكتوب من أول عبارة!!

والنادر القليل الذي يمنحك إحساسا بالجمال، ورؤية لها قيمة إدراكية تنويرية، تقدح في خيالك ما يلهم ويستحضر أفكارا ذات أثر إبداعي رهيف.

البعض يتجنب قراءة النصوص الموصوفة بالشعر، لأنها تخدش الذوق السليم، وتزعزع ملكة تَمَثُّل المقروء بحس فني قويم.

فهل ما نقرأه شعر أم ما يشبه الشعر؟!!

والجميع مُدان حتى تثبت براءته!!!

***

د. صادق السامرائي

4\9\2021

ما ان سقط النظام الديكتاتوري السابق في العراق، حتى برزت للسطح مجموعة من الظواهر العجيبة والغريبة والرهيبة، ومن هذه الظواهر، هي ظاهرة (تلفيق السِيرة الكاذبة) وتبديل وتغيير الاقنعة الفاقعة من قبل ازلام وايتام وخدم ومخبري وكتّاب تقارير ذلك النظام القمعي والقاسي الى حدٍّ وشكلٍ وطرائق خارج الكلام والوصف والتصوّرات.

الّا ان الادهى من اولئك وهؤلاء هُم الذينَ يدّعونَ انهم: شعراء وقاصين وروائيين وكتّاباً وصحفيين واعلاميين، كانوا هم من يقف وراء صناعة ونفخ وتفخيم وديمومة الماكنة الاعلامية والخطابات السياسية والعسكرية والوهمية للنظام ورئيسه وأزلامه القساة والدمويين والهمجيين والحمقى الذين كانوا يحكمون ويديرون شؤون البلاد والعباد من فنادق الدرجة الاولى ومضارب وبيوت (الغجر / الكاولية) والمقبور: علي الكيمياوي نموذجاً، حيث قد تم فضحه وكشف حقيقته السطحية والرديئة والحمقاء من خلال عشرات الفيديوات الخليعة والتافهة التي تمَّ نشرها في اليوتيوب) ، وبالعودة الى محاولتنا  في تسليط الضوء على ظاهرة تجميل (سِيَر) شعراء وكتّاب وصحفيي تلك الفترة الاكثر ظلامية وقسوة وتفاهة في تاريخ العراق، فأننا نريد في هذه الاشارة التذكيرية ان نقول لهؤلاء الشعارين والشعارير والشحاذين والكتبة والمرتزقة ومرضى القلوب والعقول والضمائر، ان قصائدكم العمودية ودواوين مدائحكم القذرة والبشعة والدموية وأغانيكم الكاذبة التي كنتم تمجّدون فيها (القائد الضرورة، وصكَر البيدة، وعجيد الكَوم، وغيرها الكثير جداً)، مازالت موجودة في ارشيفات دور النشر والصحف والمجلات وجوجل واليوتيوب.

وحتماً سيأتي اليوم الذي سيثور فيه شعبنا المظلوم، ثورة حقيقية، وسيكنسكم انتم والخونة والعملاء وسياسيي الحكومات الطائفية والقتلة والسفلة واللصوص الى مزابل التاريخ. وفي هذه المناسبة الاستذكارية الموجعة والمؤثرة، فأنا لا اريد ان استثني البعض من: كتّاب التقارير القذرة الذين حتماً سيقرأون مقالتي هذه، وسوف يقومون من جديد بكتابة تقارير سود وملوّثة مثلهم، قاصدين الإخبار عني والاساءة لي وترهيب كلِّ المبدعين الحقيقيين، لا لشيء الا لأننا لن ولم نسكت على افاعيلهم السيئة الصيت وسيرهم الملفقة. وسوف نبقى نقول الحقيقة، وليستْ سوى الحقيقة.

***

سعد جاسم

سنة 2000 وعند اشتداد أزمات العراق الداخلية والخارجية، اقتصاديا وسياسيا ونحن ندخل النفق المظلم تحت حصار قاسي واجهه الشعب العراقي، تواجدت ما يسمى بالمعارضة العراقية في سوريا الحبيبة وشعبها الذي ساعد الكثير من العراقيين حكومة وشعباً بالسماح بالعمل والإقامة دون قيد او شرط، عكس باقي الدول التي اتخذت سياسة حازمة منعت فيه العمل أو الإقامة .

فكانت المعارضة العراقية تعمل تحت الغطاء الديني بشكل صريح وعلني بتشكيلات إسلامية (حزب الدعوة ومنظمة العمل الإسلامي والحركة الإسلامية) مع بعض الشخصيات الذين يمثلون وكلاء لمراجع الدين في لبنان وايران ولكن وخلال فترة ليست بقصيرة لم تظهر أي ملامح للعمل السياسي الحقيقي حتى الاجتماعات الحزبية كانت معطلة ومقصورة على الشخصيات القيادية المعروفة فقط وكان العمل يجري بشكل سري لا أحد يعرف عنه شي، ولكن المشاهدات الحياتية اليومية أثبتت أنه عمل هامشي ولا يصب في صالح المشروع الوطني ويتلخص بأغلب المتواجدين ضمن المنطقة الجغرافية المحصورة كان يعمل بالبيع والشراء اليومي (التجارة) وعمليات التهريب التي كانت تجري تحت مسمع ومرئ القوات الأمنية من خلال تهريب الأشخاص ضمن الخط العسكري الى لبنان – بيروت بدون المرور بعملية التفتيش،للعيش والعمل في المنطقة الجنوبية أو لأغراض أخرى .

وهناك الكثير من الذين يعملون بعمليات التزوير والترويج لها من خلال تزوير جوازات السفر بعد تبديل الصورة ووضع صورة للشخص الذي يريد السفر خارج سوريا طلباَ للجوء الإنساني وهناك مجموعات لشراء وبيع هذه الجوازات ولكل جواز سعر خاص، عند فترة الظهيرة، يكون اغلب العراقيين متواجدين في الحسينية الزينبية الشيرازية التي تقوم بتوزيع  (التمن والقيمة) والأكل بعد أداء صلاة الظهر ثم تغادر هذه الجموع الجائعة الحسينية والذهاب للراحة كل حسب حاجته للسكن أو العمل.

أما فترة المساء فكانت مخصصة للخطب الدينية وكان الشيخ الخطيب الحسيني (عبد الحميد المهاجر) الذي كان متمكن ماديا في ظل الأوضاع الاقتصادية وكان أغلب الذين يحضرون للاستماع الى محاضراته البكائية والتي تستمر ساعة أو أكثر بعدها يأتي دور الملة باسم الكربلائي أو ملة جليل الكربلائي أو أي رادود أو ملة أخر يحل بديلا عنهم بعد أن تتشكل حلقات دائرية استعدادا للطم بصدور عارية استذكار لمقتل الحسين (ع)، وهكذا ينتهي يوم أخر في مسيرة المعارضة الوطنية بمراسيم عاشوراء اليومية، والنظر لقيم الماضي كأنها واقع حياة يومية أن ردة الفعل كانت تشعرنا بالصدمة أن هذه المعرضة تتقمص اسم المعرضة من اجل المنافع الشخصية ولا تملك مشروع سياسي وطني فكان الحكم عليها أنها لا تمثل المشروع العراقي وإنما تمثل نفسها. وفعلا بعد ستة اشهر من الضياع الفكري والمعاناة النفسية وتأنيب الضمير حول هاوية الضياع في الداخل بعد أن تم تضيق الخناق على كل فكر مخالف لفكر حزب البعث العربي أو فكرة التعبير عن قبول رؤية جديدة، فكان الخوف يملا قلوب الكثير من الوطنيين أن يكون البديل هزيل ولا يملك مشروعاَ والنتيجة أن التغير سوف يحصل دون أن تكون هناك معارضة سياسية وطنية تدافع عن قيم الشعب العراقي والتخطيط لمشروع أسقاط الدولة يسير على قدم وساق،بعد أن استحوذ الإسلاميون على فكر المجتمع دون معاناة او تنازل عن الأفكار الداخلية التي يؤمنون بها، والوصول للحكم الذي مكنهم من السيطرة التامة على حكم العراق والمؤسسات الحكومية  تحت بمبدأ الديمقراطية المزيفة بالألية للوصول دون الفلسفة التي يرفضها هؤلاء المتعصبين لمنهاج الدول الحديثة والرافضين لها، فحل الخراب.

***

احمد فاضل المعموري

خلال زيارتي الأخيرة لبلاد الكنانة مصر، وفي لقاء ودي مع ثلة من الأهل والمعارف المصريين، طرح علي السؤال التالي: ما هي "تمغربيت"؟ فقلت دون تردد، هي مجمل أشكال السلوكيات والممارسات الإيجابية، الدينية منها والعلمانية، المبنية على القيم الأخلاقية والقناعات الفكرية والمواطنة الإيجابية والهوية المواطِنة والمواقف السياسية، التي تميز المجتمع المغربي عن باقي المجتمعات، بما فيها تلك التي تشاركه الكثير من العناصر الثقافية والجغرافية والتاريخية، والتي لا تستطيع لا العولمة و لا التحولات الجيوستراتيجية التي حولت العالم إلى غابة يلتهم أقوياؤها ضعافها، أن تعبث أو تشوه النمط الثقافي المغربي والاستثنائية الوطنية المغربية،التي يُرمز إليها بـ"تمغربيت" والقائمة على احترام الآخر، وتقوية الروابط الاجتماعية والأسرية، وترسيخ العيش المشترك، المبنية على السلوك المثالي والقدوة المتجسدة في روح مسؤولية الآباء والأمهات والمربين - معلمين وأساتذة- ومختلف المرافق التربوية المباشرة وغير المباشرة المساهمة في تنشئة الأجيال، كالإعلام ودور العبادة والأندية الثقافية والجمعيات الاجتماعية والرياضية المنفتحة بذكاء على العالم والمعززة للعيش المشترك الوطني وتدبيره حسب القناعات الفكرية والمواقف السياسية المرتكزة على النقد العقلي التنويري المتحرر من الانتماءات الهوياتية الطائفية والتصنيفات الأيديولوجية المذهبية التي يجسدها الإنسان في شتى مجالات الحياة .

"تمغربيت" هي مجمل ما يتحلّى به الإنسان المغربي -بنسختيه الدينية والعلمانية - من الأخلاق الفاضلة، التي تميزه عن باقي البشر، كخلق الاحترام الذي جعله سلوكا وطقساً وعادةً ومبدأ لحياته، والذي على رأسه بر الأبناء لآبائهم واحترام الآباء لأبنائهم - والذي نجح لاعبو المنتخب المغربي لكرة القدم في إظهار مفاهيمه الإنسانية الرائعة أمام ملايين المتفرجين، ولاسيما الشباب، حيث ستبقى صور أشرف حكيمي وسفيان بوفال مع والدة كل منهما رمزاً إنسانيا رائعاً لوفاء الابناء، وقيمة الأمومة الذي سوق له في مونديال قطر - إلى جانب احترام جميع خلق الله، بصرف النظر عن موقعهم وأعمارهم وعلاقاتهم الاجتماعية والوظيفية، كاحترام التلاميذ لمعلميهم والمدرسين لتلاميذهم،واحترام الموظفين لرؤسائهم، والرؤساء لمرؤوسيهم، والتعامل معهم جميعهم بما يتصف به من سماحة الطبع وجبر الخواطر والإنتصار للمواطنة والافتخار بها، والتي لا ولن تلغي أبدا سلوك التعايش الساعي لبناء المشاريع المجتمعية المعززة للعيش في المشترك الوطني وتأمينه وتحصينه، سواء تعلق الأمر بالمجال أو الموارد أو العلاقات المشتركة التي أنبتت "تمغربيت"هذه الهوية الفريدة المغربية التي لا تعادي من يختلف معها على مستوى العقيدة، ولا تصنف من يقاسمها الأرض ولا تفضل بعضهم على بعض، لا جنسيا ولا عرقيا ولا عقديا، لأنها اختلاف أمازيغي خالص، لا يمكن لأي كان استنساخه أو قرصنته، لأنه نابع من مشيئة الله وتلاقح الإنسانيات .

حسبت واضعوا السؤال اقتنعوا بسردي لما تحمله عبارة "تمغربيت" من معاني الخصوصية المغربية، وما تحيل إليه من دلالات الاختلاف والتنوع، لكنهم فاجؤوني بسؤال آخر هو: ما موقف المرأة المغربية من "تمغربيت" ؟ السؤال الذي لم تأتي المفاجأة من غرابته، لبداهته، لكنها جاءت من كوني ما كنت انتظر منهم سؤالا يميز بين الرجل والمرأة في تأثير "تمغربيت" في الإنسان المغربي عامة، حيث كنت أتوقع منهم أن يسألوني عن أصل عبارة "تمغربيت" التي هي كلمة أمازيغية منحدرة من كلمة "المغرب" الاسم الرسمي للمملكة المغربية، التي تمت تمزغتها بإضافة تاء التأنيث في مقدمتها وآخرها لتنطق "تمغربيت" التي تحيل،في المتخيل الجمعي، على نمط حياة متميزة ومنظور خاص للعالم وطريقة معينة في التسيير والتدبير والتأقلم مع السياقات المختلفة والمتغيرات المجتمعية، التي تميز المغاربة عن غيرهم - كما سبق أن ذكرت في بداية المقالة- بسعيهم في أن تكون بلادهم،إقليميا وجهويا ودوليا، أكثر تنافسية مقارنة مع باقي الدول الصاعدة، رغم تكالب أعداء الوحدة الترابية وعملهم على فرملة التقدم الحاصل أو التشويش على المكتسبات التي راكمها المغرب وكانت روافع مساعدة في تحقيق نهضته ورفاه مواطنيه..

بعد هذا التعريف الموجز جدا عن "تمغربيت" والشرح المقتضب للأصل العبارة الذي لم يطلب مني تبيانه، سأحاول الإجابة عن السؤال المطروح حول تأثير "تمغربيت" على المرأة المغربية، الضارب مساره في تاريخ تطور حالة المرأة المغربية، كحاجة مجتمعية، والتي ربما هي أكثر تشبعا بها، ثقافيا واجتماعيا ونفسيا من الرجل ، السؤال الغير السهل كما يُعتقد،في ظل الانطباعات والصور النمطية التي يحملها العالم أجمع، شرقاً وغرباً، عن حال المرأة المغربية - والذي تفنده العديد من الوقائع التاريخية، كالحدث الذي تابعه العالم أجمع المتمثل في خروج المرأة المغربية لمقاهي وشوارع كافة المدن المغربية للاحتفال بفوز المنتخب الوطني لبلدها، والذي تحدثت عنه كثيرا الأدبيات الثقافية والتاريخية والسياسية .

ـــــ وما يصعب الإجابة عن مثل هذا سؤال وبدقة، هو وجوب المقارنة والمفاضلة بين المرأة المغربية وبين نظيراتها العربية والكشف عن الفوارق والمفارقات العديدة التي تفضح سر تفوق المغربية عليهن، والذي لم يعد لغزا محيرا، و يعود في جوهره إلى ما اشتهرت به من جمال أخاذ وأنوثة طاغية،إضافة إلى تشربته من قيم"تمغربيت" من أمها وجدتها واقعا وثقافة وفكرا، وتعلمته منهما المتمثل في أن تكون شعلة نشاط في بيتها، تحترق من أجل أن تجعل منه رقعة كبيرة من السعادة بكل أبعادها، والتي لا تعلو فيها إلا كلمة زوجها، الذي تركزت تربيتها على أن تكون له لديها المكانة الأسمى، والأولوية الدائمة، مقدما حتى على أبيها وأمها و أبنائها، على اعتبار أنه كل ما لديها - الأمر الذي أغرى الرجل الخليجي والعربي عموما بجميع مستوياته باتخاذ المغربية زوجة له، وتفضيلها عن غيرها من نساء بلدانهم لجمالها وطيبتها ودينها واحترامها وثقافتها وأناقتها وتألقها وتجددها الدائم على مدى الأزمان،والذي تبقى "تمغربيت" في الأول والأخير السبب الرئيسي في كل ذلك.

وفي الختام أشرت على من يريد من واضعي السئلة حول "تمغربيت" والتعمق فيها،بالإطلاع على كتاب "تمغربيت" لسعيد بنيس، أستاذ التعليم العالي والباحث في العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس الرباط، أو كتيب "تكتل تمغربيت للإلتقائيات المواطنة" الذي أعده الأستاذ عبد الله حتوس، مع فريق عمل من أعضاء المجلس الوطني لجمعية "تاضا تمغربيت" كتصور أو برنامج للجمعية.

***

حميدطولست

ان ارتفاع نسبة الطلاق في العراق خصوصا في السنوات الأخيرة يعد مؤشرا خطيرا وأن الأرقام المسجلة في دوائر المحاكم الشرعية مخيفة مع تراجع ملفت للنظر في الإقبال على الزواج خوفا من تبعاته والعلاقات التي تبني الأسرة من الجانبين الشاب والشابة لأسباب عدة وللمشاكل الكثيرة التي اجتاحت الأسرة العراقية والتبدلات التي ألقت بظلالها على الفرد العراقي وسلوكيات جديدة وخطيرة غزت المجتمع نتيجة المخطط المرسوم في تدمير الشعوب ونسيجها الاجتماعي والأسري بالذات والتي راح ضحيته الشباب من كلا الجنسين علما أن هذه الحرب الشعواء زادت وتيرتها في السنوات الأخيرة المنصرمة وأصبحت أكثر شراسة وتعقيدا لحياة الإنسان الجديد في وسط الصراع الدائر بين المشروع الغربي التدميري والحلول التي لا ترقى إلى حجم هذه التأثيرات التي تعصف بالشباب لعقلياتهم وسلوكياتهم وأفكارهم ومن الأسباب التي تُعزى لهذا العزوف هي جملة عوامل منها على سبيل المثال.

أولا: أن أعداد الإناث في تزاد مستمر قياسا للذكور حسب الإحصائيات الرسمية مما سبب مشاكل عديدة في نسبة التفاوت بينهما مما سبب في استخدام وسائل متعددة وغير مشروعة من قبل بعض الفتيات للحصول  على شريك الحياة إما عن طريق برامج التواصل الاجتماعي بدون دراية ولا دراسة لشخصية الشاب أو الشابة ولا معرفة مسبقة للأهل وهذا ما سبب في قصر عمر الزواج.

ثانيا: الخوف من الأمراض الخطيرة التي ظهرت في الآونة الأخيرة على الأطفال منها التوحد الشائع الآن ومرض السرطان والتشوهات الخلقية التي تسبب المشاكل الزوجية.

ثالثا: عدم الإدراك الواعي لمفهوم الزواج وبناء الأسرة الجديدة وتبادل الأدوار الحقيقية بين الزوجين وتحديات الزواج وبناء الأسرة من كلا الطرفين حيث يعتبر الكثير من الشباب أن الزواج هو إشباع للرغبات النفسية والجسدية وسد الفراغ فقط. وغيرها من الأسباب الكثيرة لا مجال للتوسع فيها.

ومن هنا تأتي المناشدة التي يجب أن ترتقي لمستوى التحديات وأن تكون الحلول جماعية تضامنية من الجميع وعلى رأسها المؤسسات الحكومية والتجمعات المدنية والمؤسسات الدينية من خلال عدة ممارسات وتطبيقات نفسية واجتماعية ودينية تأخذ على عاتقها الشروع ببرنامج مُعد موحد  منها.

أولا: أعادة النظر في المناهج التعليمية التي تخص المجتمع وبنائه والأسرة مثلا أعادة مادة التربية الاجتماعية والأسرية مع بعض الإضافات التي تساهم في رفع مستوى فهم الطالب وخصوصا في المراحل المتوسطة والإعدادية وإدخالها إجباريا كمادة أساسية وليس هامشية بأشراف أساتذة أكفاء من علم النفس والاجتماع والفلسفة  كون هذه الشريحة في سن حرج وخطر يتأثر بسرعة بمن حوله وصيد سهل من قبل الأعداء.

ثانيا: تأهيل الشباب المقبلين على الزواج قبل عقد القرآن في المحاكم الشرعية المختصة بإقامة دورات تثقيفية لمفهوم الزواج والارتباط والحياة الزوجية الجديدة لهما من قبل أساتذة من علم النفس والتربية والاجتماع متدربين ومنتدبين من قبل المحكمة محاولة منها رسم الصورة الحقيقية للحياة الزوجية وطريقة التعامل مع هكذا مشروع مستقبلي ورفع مستوى الجاهزية للزوجين لما يحمله من تعقيدات ومغريات حياتية.

ثالثا: عرض مشروع الزواج بكل ما يحمله من مسئولية وصعوبات أسرية وعائلية وعرفية لكلا الزوجين من قبل الشيوخ ورجال الدين والوجهاء الذين يمارسون أجراء عقد القرآن خارج المحاكم الشرعية وهو ما يجري في مجتمعنا الإسلامي والعربي كعرف سائد منذ القدم بإجراء محاضرات صغيرة تمهيدية توضيحية أمام الأهل والأقرباء لإفهام وتعريف الزوجين كيفية إدارة حياتهم والإحاطة بمدى المسئولية الملقاة عليهم كخطوة أولى في هذا المشروع الجديد والتركيز على الوفاء بهذا العقد المبرم بينهما أمام الله تعالى أولا وأمام أنفسهم وأمام الأهل.

***

ضياء محسن الاسدي

الثابت أن الموجودات في وعائها الدوّار تتغير ولا تستطيع الثبات على حالة واحدة، فما كل موجود يغيّر لكن كل موجود يتغيّر.

النشاطات التي يمارسها المخلوق الحي تتسبب بتغيِّره، وربما تغيَّر شيئا مما حوله، لكن القول بأنها ستغيِّر حتما لا يوجد دليل قاطع عليه، فالبلايين من البشر التي سعت فوق التراب تغيَّرَتْ، والقليل جدا منها غيّر.

وهذا ينطبق على كافة ميادين الحياة، فالشعراء – على سبيل المثال – ربما يتغيرون بعد كل نص يكتبونه، لكن النص لا يغير ما حوله، ومعظم الشعر يمر كالماء فوق الرمال، ويوجد شعراء قليلون غيَّروا ما حولهم وكان لهم أثر على سلوك البشر، وهم المقربون من الكراسي الفاعلة في المجتمع.

وفي ميدان الكتابة الإبداعية بأنواعها، الذي يكتب يغير نفسه، ولا يغير ما حوله، والذين يظنون أن الأقلام تساهم في صناعة ما يريدون، عليهم أن يعيدوا النظر في تصوراتهم، فالكلمات تفقد قيمتها في الزمن المعاصر، الذي إنتشرت فيه الصورة والتدوين الحي للمشاهد والتفاعلات.

ويبدو أن الكلمة ستفقد دورها في مسيرة البشر، وسيتحول العالم إلى موجود روبوتي تتحكم فيه قدرات فائقة عن بعدٍ أو قرب.

فالقرن الحادي والعشرون، يمثل مطحنة الوجود في وعاء يعمل فيه خلاط لا يتوقف، وبسرعة ثابتة وتأثيرات متعددة، ويستمد طاقته الدورانية من إرادة الأرض التي صار يعبّر عنها بعنفوان.

وعندما يصبح الكلام هو العمل، فلا قيمة له ولا معنى، ولا داعي لتضييع الوقت مع القلم، فهو الأضعف تعبيرا عن واقع الحياة في عصرنا المعلوماتي الدفاق، المزدحم بالصور والأفلام التوثيقية لكل حدث.

ما تحصل عليه من قراءة كتاب يأتيك بلمحة بصر على شاشة صغيرة منطوقا أو معروضا بإنبهارية عالية، فيجذبك ويمنحك جوهر ما في مئات الصفحات.

ما تقدم ليس ضد الكتابة، بل تعبير عن واقع معاصر غرقنا فيه، فغيَّرنا جميعا وما غيرناه، ومن صنع عالمنا العولمي بضعة أفراد، وصارت البشرية تتبع وتلتصق بإدمانية عالية بمعطيات ما أوجدوه، وأطلقوه في مجتمعاتنا المستسلمة للمستجدات.

فلا تقل أعمل لأغيِّر، وقل أعمل لأتغيَّر، وعندما يتغيّر الأفراد يكون المجتمع قد تغيّر، وتلك آلية قرن ما عهدته الأرض من قبل.

فكن فيها منيرا دون ذبول!!

***

د. صادق السامرائي

الشخصيات VIP المهمة من رؤساء ووزراء ورجال أعمال كبار يحتاجون إلى حراس شخصيين مدربين على مواجهة أي خطر، متيقظين لاي حركة، إذا كانت الشخصيات المهمة تحتاج إلى حماية ألا تعتبر عقلك أهم من كل شيء يحتاج إلى حماية خاصة؟ حتى لا تتسرب إليه عناصر خطرة تدمره أو تزوده بمعلومات خاطئة يتغذى منها ثم تكون أحكامه الصادرة في غير محلها، توجه بوصلة الحياة نحو وجهة مجهولة لأن كل مشاكل الإنسان العويصة من تعصب وانغلاق وسودوية وأحادية فكر وضبابية الرؤية وتشوه الروح نابعة من أمرين اثنين لا ثالث لهما:

الأمر الأول: معلومات ناقصة.

الأمر الثاني: معلومات مغلوطة وخاطئة.

فالذي يترك عقله بلا حراسة فكرية عميقة أساسها العلم الصحيح والفكر العميق والرؤية الاستشرافية للمستقبل يضل ويتيه ويكون عالة على مجتمعه وأمته فالتشوهات الفكرية الخاطئة التي تصيب العقل تدمر الشخص نفسه قبل مجتمعه ولاحظنا ذلك في فكر التطرف والانغلاق وإلغاء الآخر واحتكار الحقيقة وعدم الانفتاح على ثمرات الفكر الإنساني فالإنسانية مهما اختلفت معتقداتها فهي تستفيد من بعضها البعض وتتبادل التجارب والخبرات فلا بديل لها من أجل عالم يسوده السلم والأخوة إلا بالاتفاق على المشترك الإنساني الذي يجمعها حتى تنأى عن التعصب الأعمى الذي سيخلق أزمات طاحنة ومدمرة..

يقول د.أسامة جابر العبد: "إن تغليب سيادة العادة والهوى، وتبنّي الخرافات، والترويج للشائعات، والانشغال بالأغاليط والتمسك بالتبعية الفكرية والتعصب الأعمى يقود إلى أزمات في الفكر والاعتقاد، ويملأ النفوس باليأس والقنوط، ويسهّل الخضوع لعوامل الهزيمة النفسية التي نجحت أن تُدخل في روعهم لفراغ عقولهم أن الانحلال من ضروريات المدنية والتحضر، فاستهوتهم مظاهر الحياة الغربية.

كم من مصائب ونكبات، وهزائم وانتكاسات، أصابت الأمة في مقتل جرَّاء الانحراف الفكري الذي أصاب العقول نتيجة لفراغها من محتوى ثقافي يحفظها، ومصادر معرفية تستند إلى مرجعية إسلامية، وتثبت في منهج تلقي العلم وتوثيق المعلومات وإثبات الحقائق.

لا نريد لعقولنا أن تأخذ موقف التبعية والتقليد الأعمى، أو تتبنّى ثقافة الاستسلام للموروث الثقافي، وتنتهج مناهج الغير المنحرفة دون تأملٍ ونظرٍ واستدلال.

كم ساعدنا الدول الغربية بعقولنا المسلمة الفتيّة، ثم قصرت تلك العقول عن النهوض بأمتنا، فتقدم الغرب وتخلّفنا، فلا إنجاز يُذكر، ولا مبادرة تُحمد.." (1).

ومن الحراسة الشخصية على العقل حتى يستفيد من تجارب الأيام ومواعظها أن يقرأ الإتسان كتب المذكرات للشخصيات المؤثرة التي تركت بصمة في الحياة فقراءة سير العظماء ومذكراتهم هو تحصين للعقل من الوقوع في الأخطاء والزيغ عن الطريق السوي فهذه القراءة المثمرة النافعة تنضج العقل وتمده بخبرات متراكمة تنير له الطريق وتمنحه الحكمة والبصيرة ..

وقد صدق الأسناذ عبد الله بن عبده نعمان العواضي حينما قال: "ومما ينفع الإنسان: أن ينظم حياته الدينية والدنيوية، وأن يسير على خطط واقعية مرسومة بعيدة عن الفوضى والعشوائية، وأن يستفيد من أخطاء الماضي؛ لئلا يعود إليها في المستقبل، وأن يستفيد من مواعظ الأيام ومرور الزمان ومن تجارب الآخرين وعقولهم؛ لتزداد فضائله وتنتظم أمور معاشه.

وكتبُ المذكرات والذكريات الحياتية النافعة للشخصيات الصالحة، والتاريخ وأحداثه، والواقع ومجرياته معارف مغذية للعقول التي يريد أهلها أن تتشكل تشكلاً صحيحاً لتنتج نتائج صحيحة.

والعقل منظم الحياة، فإذا تشبع بمعارف صحيحة وإضاءات سليمة كانت مخرجاته وآثاره كذلك، والعكس بالعكس"(2) .

فما أحوج امتنا أن تعلم ابناءها كيف يحرسون عقولهم ويحمونها من الضلال والانحراف فهذه الحراسة الشخصية على العقل تمكنهم من اتخاذ قرارات صحيحة تجعلهم ينجحون في حياتهم فيبدعون ويبتكرون، ينفعون أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم فهذا أعظم استثمار تستثمره الدول في أبنائها...

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية

 شدري معمر علي

.....................

 هوامش:

1- د.أسامة جابر العبد، حراسة العقل، موقع شبكة الألوكة.

2-عبد الله بن عبده نعمان العواضي،الحفاظ على نعمة العقل،موقع الخطباء.

تتأرجح مهامنا المكلفون بها عادة بين مرضية وخاذلة، والأخيرة هذه غالبا مايصاحبها الإحباط واليأس في إعادة المحاولة بإنجازها، وقطعا تتولد مبررات وعلل كثيرة، نلقي عليها اللائمة لعلها تمدنا بعذر يقينا اللوم والتقريع، وتنجينا من المحاسبة والعقاب، وقد جرت تسميتها "شماعات" وصرنا نعلق عليها مسببات إخفاقاتنا وكبواتنا، فتكون حصانة لنا من أصابع الاتهام في حال توجيهها صوبنا.

من هذه المسببات مفردة (ضغوط)، وفي خطابات ساستنا وتصريحات مسؤولينا ولاسيما القياديين منهم، تكاد تكون هذه المفردة من أوسع الكلمات انتشارا واستخداما من بين كلماتهم المتداولة والجارية على ألسنتهم. فهم لايألون جهدا في التشكي من ضغوط الحزب الفلاني، او الكتلة العلانية، أو التحالف سين، أو السياسي صاد، وقطعا قبل هذا وذاك الضغوط الدولية والإقليمية. وعلى مايبدو ان الشماعة التي دأبوا على تعليق أخطائهم عليها، باتت مزدحمة بسلبياتهم وإخفاقاتهم، فاستحدثوا شماعة جديدة لتعليق مااستجد منها، ليوهموا بها أنفسهم ويخدعون رعيتهم، فكأنهم قرروا وعزموا ان لايقدموا شيئا يخدم البلاد والعباد، مقابل هذا هم يقدمون أعذارا ومسوغات جاهزة. وقد ظنوا ان اتباعهم هذا السلوك في التملص من إتمام المسؤوليات الملقاة على عاتقهم، ينجيهم من وضعهم في قفص الاتهام عاجلا ام آجلا، وقطعا هذا ناتج عن أمنهم واطمئنانهم من سوء العاقبة والعقاب، فقد قيل سابقا: (من أمن العقاب ساء الأدب). فكأن المماطلة والتسويف في المواعيد والعهود، صار ديدن من يتبوأ مقعدا في منصب حساس، لاسيما مناصب صنع القرار والبت فيه وتشريع مايخدم المواطن والمصلحة العامة، في الوقت الذي كان حريا بمن يتسنم موقعا كهذا، ان يسخِّر طاقاته لاختزال مايمكن اختزاله من الزمن، من أجل اللحاق بالأمم التي سبقتنا بالتحضر زمانا ومكانا ومكانة.

أرى أن الضغوط التي يتشبث بتلابيبها أصحاب القرار ويتحججون بها، كان حريا بهم أن يجعلوها محفزا ودافعا لهم باتجاه الإسراع والإصرار بإنجاز أعمالهم، فالتحدي في مسيرة العمل خير داعم للإرادة، وأٌقوى سند يقي من تعثر الخطوات في سيرها. كما أن الضغوط التي يدعي ساستنا أنها تؤثر على منجزاتهم، ليست موجهة ضدهم وحدهم، فالمواطن أيضا يعاني اكثر مما يعانونه من ضغوط قسرية في حياته، تضيق عليه الخناق، وتضعه في زاوية لايحسد عليها، فلا يجد في نفسه بدا غير أن يثور رافضا واقعه، وهذا مايحدث بين الفينة والفينة، بتظاهره وخروجه معلنا نفاد صبره في تحمل ظروف معيشته المريرة، مطالبا بالحلول الناجعة والجذرية والفورية، بعد أن مل الوعود والكلام المعسول، فكأني بالمواطن هب من موقعه يردد ما قاله شاعرنا الرصافي:

هبوا واملأوا صكا للعلا

فإني على موتي به لموقع

نعم، فالضغوط تفضي الى ناتجين، إما الانفجار وإما النفاذ الى حلول تفك الضغط الى الأبد، وهناك مقولة كنت قد استشهدت بها في مقال سابق.. أراني اليوم أتعلل بأسبابها ثانية، ولاغرابة إن فعلتها ثالثة ورابعة وعاشرة، تلك المقولة مفادها: "اذا تم كسر بيضة، بواسطة ضغط خارجي، فإن حياتها قد انتهت، أما إذا تم كسر بيضة، بواسطة ضغط داخلي، فإن هناك حياة قد بدأت، فالأشياء العظيمة تبدأ دائما من الداخل."

أقول، لاأظن أن اثنين يختلفان على أن حلولا كثيرة لما وصلنا اليه من ضغوط داخلية وخارجية بأيدي ساستنا، وعليهم فقط تقع مسؤولية انفجار المواطن من الضغط الذي يتعرض اليه.

***

علي علي

 

1 ــ غدأ ايها الزعيم، تعود وعيونك تتغرغر بدموع الغضب، جئت في اول جمهورية عراقية وطنية، في ثورة الرابع عشر من تموز / 1958، وعدت في انتفاضة تموزية عام 1963، بقيادة النائب العريف حسن سريع، وعدت في الأول من تشرين / 2019، انك المشروع الوطني للعودات الوطنية، حتى تكتمل لحظة الأنفجار الأخير للغضب العراقي، عودة الزعيم عبد الكريم قاسم، ليس خيالاً او خرافة، كما أدمن عليها الأخرون، لتحسين شروط الفتنة الوطنية والأرتزاق، انها عودة تولد من ارحام الأجيال العراقية القادمة، عبر تراكم وعي، تفرزه المعاناة التاريخية للمجتمع العراقي، انها غضب الأرض والأنسان، على واقع لا يليق بالحقيقة العراقية.

2 ــ يعتقد البعض اني قاسسمي، ولو إني استحق هذا الأنتماء، لأعلنته فخوراً، لكني وكأي عراقي يريد وطناً، احبه بقوة، لا لأنه عبد الكريم فحسب، بل لأنه آخرالنزهاء والأكفّاء والبواسل، صاحب الأنجازات العظيمة، والعظيم الذي يسكن ضريحه، في ميا دجلة الخير، والمتأهب ان يعود عظيماً، احبه لأنه الوحيد الدي اعطى العراق ولم يأخذ منه، جاء في زمن الأراذل فقتلوه عظيماً، وسيعود عظيماً في زمانه، ومع اني تجاوزت عمري، لكني على ثقة عالية، سأعيش عودته القادمة، وسأجد أخيراً قطعة وطن، حتى ولو كانت لموتي.

3 ــ ايها الزعيم الشجاع، أوصيت ابنتي، ان ادفن في غربتي، وتكتب على لحافي الثلجي، (ابي يرقد هنا، كان يوماً يحب العراق ويريد وطناً)، لو عدت سيدي الكريم، احملني الى قريتي "الدويمه" في ناحية السلام جنوب العمارة، هناك مقبرة للفقراء، عمرها الاف السنين، اريد ان  ادفن فيها، ليغمرني تاريخ اجدادي، لا اريد ان ادفن في مقبرة اخرى، يدفن فيها القاتل والقتيل، وقد يجاورني فيها، ناظم كزار ومفتدى الصدر، او تقلق سكينتي، فضائح الفساد والأرهاب، لمجاهدي البيت الشيعي، سيدي على حدود العزل الطائفي العرقي، بين شيعي وسني، وعربي وكردي، وككل عراقية وعراقي، فقدت هوية موتي، في وطن سرقه محترفي الخيانات.

4 ــ عد بنا ايها الزعيم،  لنعود  فيك، عد مشروعاً وطنياً، يسترجع العراق، ليعيد اعماره لكل العراقيين، حثالات الأحتلال، سرقوا الوطن والناس وأسماء الله ايضاً، وجعلوا من مذهبهم، لصاً محتالاً وقاتل مجهول، كم ايها الزعيم الشهيد، ظلموك وخذلوك وقتلوك ومثلوا بك، وبقيت وحدك، اسم ومسسمى شامخ في الذاكرة العراقية، تنشده الأجيال مشروعاً وطنياً "عبد الكريم كل القلوب تهواك" اما اسمائهم الملوثة بالولاءات الخيانية، تموت كل يوم كالذباب، حول "فطائس السحت الحرام"، وحدك المنتظر، والعائد غداً او بعد غد، وفي كفك وطن. 

***

حسن حاتم المذكور

13/ 07 / 2023        

تحاول الولايات المتحدة الأمريكية؛ بث الدفء في علاقتها مع الصين، التي شهدت في الفترة الأخيرة برودة اعتراها الكثير من المطبات. وزير خارجية الصين وصف تلك العلاقة بأنها هي الأدنى مستوى، في السنوات الأخيرة، فقد انقطع إلى حد ما الاتصال المباشر بين الدولتين وشابها الكثير من الغموض وعدم الثقة. زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة الأخيرة للصين؛ كان هدفها، هو تجسير منطقة الفراغ بين الدولتين، وتأمين الاتصال والتواصل بينهما، لدرء أي سوء فهم، وأي خطأ في تقدير الموقف من قبل الطرفين، وأيضا محاولة أمريكا إبعاد الصين ولو بدرجة ما عن روسيا.

مما يلفت الانتباه أنه ما أن انتهت زيارة الوزير الأمريكي للصين، إلا ووصف الرئيس الأمريكي في تصريح له مؤخرا؛ مثيله الصيني بالديكتاتور. لم تتأخر الخارجية الصينية في الرد على الرئيس الأمريكي، على لسان الناطقة باسمها؛ التي قالت فيه؛ إن قول الرئيس الأمريكي هذا، استفزاز متعمد وإهانة للكرامة الصينية. إن كلا الدولتين لا يمكنهما أن تثقا بسياسة كل منهما اتجاه الأخرى، بطريقة متبادلة؛ لأن أهدافهما وخططهما مختلفة جدا، إنما من الجهة الثانية ليس أمامهما، على الأقل في الأمد المنظور إلا إيجاد منطقة تفاهم مشتركة في حدودها الدنيا؛ التي بها تمنعان أي سوء فهم من الاستمرار والتوسع والتراكم؛ الذي إن استمر سوف يعمق التباعد بينهما، وقد يقود إلى الصدام المباشر مستقبلا. أما محاولة أمريكا سحب الصين عن مساحة المشتركات بينها وبين روسيا؛ فأعتقد أن هذا امرٌ قد يكون مستحيلا. القيادة الصينية تعلم يقيناً؛ أن أمريكا تنظر لها مستقبلا، وحتى حاضرا، كمنافس قوي على جميع الصعد، وتشكل خطرا مستقبليا، على هيمنتها على مراكز صناعة القرارات الدولية في العالم. هذا ليس سرا؛ إذ أن المسؤولين الأمريكيين يصرحون علنا به هذا أولا، وثانيا تدرك الصين؛ أن أمريكا تحاول بمختلف الوسائل تطويقها، أو تطويق ومحاصرة برامجها في الحزام والطريق، وثالثا محاولة أمريكا فتح جبهات مشاغلة معها في بحر الصين الجنوبي والشرقي، وفي المحيطين الهادئ والهندي وفي آسيا الوسطى، وفي المنطقة العربية وجوارها. أمريكا من جانبها هي الأخرى تدرك وتتوجس من نمو الصين عسكريا وتجاريا واقتصاديا، وتنمية شراكاتها وعلاقاتها مع بقية الدول في المناطق سابقة الإشارة لها، في برامجها في الحزام والطريق. إن الذي يدفع أمريكا إلى التفاهم مع القيادة الصينية في هذا التوقيت؛ هو وضع كوابح، أو التفاهم معها حول عدم دعم روسيا عسكريا، ولو بطريقة سرية، وأيضا تجنب زيادة مساحة التباعد بينها وبين الصين، وربما لاحقا؛ الصدام بينهما. ففي الفترة الأخيرة، وبالذات عندما قامت أمريكا بإسقاط المنطاد الصيني، الذي تقول عنه أمريكا بأنه منطاد للتجسس، بينما الصين تقول عنه إنه للأغراض العلمية، وأيضا الدعم الأمريكي السياسي والاقتصادي والعسكري لتايوان؛ دفع الصين لتغيير سياستها العسكرية تجاه تايوان؛ بالطائرات التي أخذت في مناوراتها المستمرة، الدخول في مجال الدفاع الجوي التايواني، الذي لم تدخل في السابق إليه بهذه الأعداد وبهذه الوتيرة المستمرة، وأيضا السفن الصينية الحربية، التي أخذت تقترب، أو تطوق سواحل الجزيرة؛ حتى أنها أخذت تمنع السفن الحربية الأمريكية من الاقتراب من المياه الإقليمية للجزيرة، التي هي حسب القانون الدولي؛ مياه إقليمية صينية. أمريكا والصين تريدان؛ فتح قنوات اتصال دائمة منعا لتراكم وتوسع هذه الأخطاء وسوء الفهم بينهما، ووفقا لهذه الحسابات من الجانبين الأمريكي والصيني؛ اعتقد من وجهة نظري؛ أن أمريكا حتى لو أن الصين قامت باجتياح الجزيرة سوف لن تتدخل لحمايتها، كما أن الصين لن تقوم بإعادة الجزيرة، إلى البر الصيني الأم في الوقت الحاضر، وفي الأمد المنظور على الأقل. لكن أمريكا في المقابل؛ تقدم دعما عسكريا لتايوان، وفي جميع الأصعدة الأخرى، وفي الوقت ذاته تلتزم لفظيا بسياسة الصين الواحدة على قاعدة الغموض الاستراتيجي في السياسة الأمريكية تجاه الصين، كما تقول عنها الصحف الأمريكية «الواشنطن بوست» مثلا. بعد أيام قليلة من انتهاء زيارة وزير خارجية أمريكا للصين، في 22 يونيو/حزيران 2023؛ تم إبرام اتفاقية للتجارة بين أمريكا وتايوان؛ لتعزيز وتوسيع وتعميق التجارة بين الدولتين، بما يتناقض تماما مع سعي أمريكا إلى تهدئة الأجواء مع الصين، التي يستفزها الدعم الأمريكي لتايوان. أما اذا تمعنا في السياسة الصينية؛ بقراءة عميقة، نلاحظ أن الصين ليست في عجلة من أمرها في ما يخص سعيها إلى إعادة تايوان إلى البر الصيني الأم؛ لمعرفتها أن الزمن يعمل لصالحها من ناحية الحرب في أوكرانيا. إن النتائج التي سوف تتمخض عنها هذه الحرب؛ إذا ما انتهت لصالح روسيا؛ سوف يكون لها تأثير في هيمنة أمريكا على العالم وعلى أوروبا، وأيضا؛ ستلقي ظلالها على الأوضاع في جزيرة تايوان. فإن نجاح العملية الخاصة الروسية (حسب التسمية الروسية)، لهذه الحرب، وتحقيق روسيا ما تريد وما تسعى إليه من نتائج؛ سوف يؤثر في موقع صدارة الولايات المتحدة في العالم، ومن ثم إزاحتها عن هذه الصدارة لصالح عالم عادل جديد بدأ يتبلور. هذه التطورات إن قيض لها وتحولت إلى واقع؛ ستؤثر في دعم أمريكا لتايوان، حكما وكنتيجة لا بد منها. كما أن هذه التطورات المفترضة؛ ستفتح الطريق واسعا وسالكا للصين لاستعادة الجزيرة، أو ضمها لها، سواء باستخدام القوة بشقيها الناعم والخشن، حسب تطورات وتبدلات الأحوال والظروف؛ لأن هذه التطورات أيضا سوف تؤثر تأثيرا بالغا، معنويا ونفسيا، في الداخل التايواني لصالح وحدة البر الصيني مع الجزيرة التايوانية. عليه فإن العلاقات الصينية الأمريكية لا يمكن لها أن تكون على حساب علاقات الصين أو شراكة الصين مع روسيا، لأنها لا تفيد مصالح الصين، تكتيكيا واستراتيجيا. أما الحديث عن تبريد أو تهدئة العلاقات الصينية الأمريكية؛ فمهما قيل عنها، أو أنها علاقات متلائمة على قاعدة التنافس المشروع من دون التصادم والاحتكاك ولو بالإنابة أو بالوكلاء؛ فهو أمر أو واقع مرحلي تفرضه ظروف الصين وخطط الصين الطموحة في الاستثمار المكثف للزمن. كما أن أمريكا هي الأخرى تعرف وتدرك تماما اتجاهات السياسة الصينية حاليا ومستقبليا؛ لجهة التكتيك الصيني المبرمج والمدروس بما يجب أن تكون عليه مفاعيله، الخالية من المماحكات والاشتباكات، لصالح الخطاب السياسي والاقتصادي الصيني اللذين يتمحوران على محور يركز على الحوار والمفاوضات والوساطات لإيجاد حلول للنزاعات الإقليمية والدولية؛ الوساطة الناجحة بين إيران والسعودية، وخطة الصين لوضع حلول مرضية لطرفي الحرب في أوكرانيا. هذا التكتيك الصيني تستخدمه الصين باستمرار وعلى قدر إمكانها، وبما تسمح به ظروف الصراعات في العالم؛ في بناء وتأسيس قواعد صلبة لها في جميع جهات المعمورة؛ تخدم الاستراتيجية الصينية. لذا، فإن أمريكا تستخدم التكتيك ذاته، إنما بطريقة معاكسة، تصلّب دفين ومرونة ظاهرة. عليه؛ تظل هذه العلاقات، علاقات تهدئة مرحلية؛ تحمل في داخلها؛ عوامل التصادم والاحتكاك، ولا أقصد هنا هو التصادم العسكري المباشر والمفتوح، فهذا أمر بعيد جدا، إن لم أقل إنه مستحيل بما يحمل من كوارث وفناء لكليهما. يدرك الندان؛ أن لا سبيل لمعالجته إن حدث، وهو ربما وربما كبيرة جدا؛ لن يحدث..

***

مزهر جبر الساعدي

جمال: صفة تلحظ في الأشياء وتبعث في النفس سرورا ورضا. الحسن والبهاء.

جمال إسم تردد في مجتمعاتنا، والعديد من الذين أعرفهم إسمهم "جمال"، ويمكن معرفة أعمارهم من الإسم، لأن إسم "جمال عبد الناصر" كان طاغيا في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن العشرين، ولهذا تجد كثرة إسم "جمال"، وهذا شأن مجتمعاتنا على مر العصور، فالأسماء تعبر عن حضور المتنفذين والمشاهير.

كلمة جمال منتشرة في دول الأمة، والتعبير عنها لا وجود له إلا فيما ندر.

فهل فكّرنا بجمال مدننا؟

هل يخطر على بالنا الجمال بمعانيه؟

هل عرفنا الجمال في نشأتنا وتربيتنا وتعليمنا؟

وعبارة "تسر الناظرين" موجودة في القرآن، ومنها ربما جاءت "سرّ من رأى"!!

الغفلة الجمالية (إعفال الجمال بمعانيه) تعترينا، فمدننا لا تضاهي مدن الدنيا بجمالها ورونقها وعمارتها المعاصرة، وكأن لدينا ميل عجيب للهدم والتخريب، والتمترس بالأنقاض.

وعلى هذا المنوال تتحول مدننا الحضارية إلى أنقاض، تنعق فيها الغربان.

الجمال قوة وعافية حضارية، والدول التي لا تعتني بعمرانها وتؤسس لمنظومة جمالية معاصرة، تكون من الخاسرين المنضوين تحت أقدام الجائرين.

الجمال تربية إنسانية، وتأكيد عملي على مقام الإنسان في المكان، فهل من يقظة جمالية، يا أمة إن الله جميل يحب الجمال؟

وأين زخرف الأرض وزينتها؟

***

د. صادق السامرائي

 

قال لي أحد قراء مقالي ذات مرة خلال فترة تكرار خروج التظاهرات الرافضة لأداء الحكومة والتي تطالب بوضع أفضل: "أنت تنتقدين الحكومة كثيرا ولاتنتقدين الشعب الذي يرضى بوجودها".. يومها تذكرت معضلة البيضة والدجاجة التي دوخت الفلاسفة، وتساءلت: هل تصنع الحكومة الفاسدة شعبا منافقا، ام يصنع الشعب المنافق حكومة فاسدة؟!

كانت التركة ثقيلة كما تذرعت كل الحكومات التي تعاقبت على العراق منذ عشرين عاما، ولم يكن الشعب منافقا كبيرا كما يتصور البعض لأنه تقبل كل عيوب الحكومات بل تم تدجينه ليرضى بالقليل وينسى حقوقه أو يؤمن بأنه عاجز عن الحصول عليها، وعندما حاول ان يكسر قيود الخوف واللامبالاة والعجز ويخرج الى الشارع، أدت التظاهرات الى مقتل العديد من المتظاهرين او تغييبهم،وتم تصفية عناصر شاركت في التظاهرات،وهنالك من المتظاهرين من اكتشف بأنه كان مخدوعا من الجانبين، الجانب الذي شجعه على التظاهر، والجانب الذي يفترض انه حامي الدستور الذي يكفل حق التظاهر .

إذن، تصعب الأمور كثيرا عندما تتغير الحكومات، أما عندما يتغير الشعب فالأمر يصبح أصعب، وقد تغير الشعب فعلا منذ أن ذاق ويلات حروب متعاقبة لم يكن له يد فيها، والحرب تجعل منا جميعا حمقى كما قال أحد الكتاب لأنها الفوضى بعينها، وهي تحولنا الى أشخاص لم نكن نتخيل يوما أن نكون مثلهم، وعندما تتناسل الحروب وتتنوع مناشئها واسبابها ونتائجها ويتخللها عنف طائفي وتنظيمات ارهابية، فلابد أن تفك مطارق الحروب الثقيلة لحام الشعب، ولابد ان تغيب أشياء كثيرة كالضمير والشرف والقيم ويحل محلها الفساد والخيانة والجريمة، واذا كانت هنالك أسباب جديدة جاهزة لتبرير ذلك كانتشار وسائل التكنولوجيا وتأثيرها على المجتمع بطريقة سلبية وانتشار المخدرات والفقر وغير ذلك كثير، فإن الشعب ليس بريئاً لأنه مجرم بحق نفسه حين ارتضى حمل جلاده على اكتافه عشرات السنين..

كيف لنا أن نغيّر الشعب إذن، وهو الأساس في الدولة وهو الذي يقوم بانتخاب حكومته وممثليه في البرلمان؟ نحن نعلم ان لافائدة من تغيير الحكومة طالما أن الشعب لم تتغير ثقافته وتكوينه ووعيه وقد تأقلم على الخضوع وتبرير افعاله كالرشوة والمحسوبية والمحاباة والوساطات.. وطالما ان قوة القوانين هي التي تجعل الشعب قوياً فلن نجد بصيص أمل مع ضعف دور القانون وانفلات المجتمع وولاءاته المتعددة التي لاتتحد في ولاء للوطن وحده ..

ويبدو ان ماقاله ونستون تشرشل قبل عقود طويلة من إن كل شعب فى العالم ينال الحكومة التى يستحقها ينطبق على شعبنا لأن سوء حكوماته يجعله هشا ً سريع العطب، وتغيير مثل هذا الشعب يحتاج الى وعي كبير وانتماء للوطن ورفض للظلم والفساد وقبل كل ذلك، توحد في الرأي والاختيار والولاء ..

***

عدوية الهلالي

تعكس قيادة السيارات في دول العالم شرقا وغربا ثقافة شعوبها ومفاهيمهم التاريخية وتتعكس مدى اهتمامهم بالأخرين وحمايتهم وأماتهم او أنانيتهم المفرطة.

وما بين قيادة السيارة في بريطانيا شمال الطريق، ويمينها في معظم بلدان العالم تختلف سيكولوجية القيادة.

بل ان قيادة المرأة للسيارة تختلف في ظروفها عن قيادة الرجل، ووفقا لدراسة وإحصائية دولية في الولايات المتحدة أجريت مؤخرا، فان نسبة 70 بالمئة من نساء العالم تهوى قيادة السيارة داخل المدينة، بينما الرجل يحب القيادة على الطرق السريع، و انا افسر ذلك انه بسبب الشعور بالأمان.

وقد أكد علماء النفس بأن المرأة تكون أكثر حرصا وخوفا من الدخول في مغامرات السرعة الكبيرة بالقيادة خلاف الرجل الذي يفضل السرعة بالقيادة، كما ان المرأة تشعر بأمان أكثر وهي تراعي قيادة السيارة ضمن سرعات أمان يحددها خبراء المرور في مختلف أنحاء العالم حفاظا على سلامتها وأمنها، بينما الرجل يشعر بالملل والضيق من قيادة السيارة في المدن ويضيق من التقيد بالسرعات ومراعاة القوانين المرورية لذلك يهوى القيادة على الطرق السريعة

وتتباين ثقافات الشعوب في القيادة وسلوكياتها من بلد لأخر، ويرجع بعض البريطانيين قيادة السيارة شمال الطريق الى نظرية منذ العصر الروماني حيث يستخدم المحاربون اليد اليمنى بينما يمتطون ظهور الجياد من اليسار . كما ان الجيوش الرومانية كانت تسير إلى يسار عربات الحرب وهو التقليد الذي توارثه البريطانيون حتى اليوم.

بالرغم من شدة صعوبة اختبارات قيادة السيارة والحصول على رخصة في بريطانيا تحقيق القيادة سلمية تحمي الأرواح وتحقق السلام، وفي كثير من البلدان تستطيع ان تحكم على شعوبها من قيادتها ورغم ان بعض البلدان لديها قوانين مرورية صارمة الا ان ثقافة القيادة نفسها قد ترتبط بنوازع النفس البشرية من الانانية والمصلحة الشخصية على مصالح الاخرين، فمثلا تجدهم لا يستخدمون الإشارات الضوئية ولا يلتزمون بها . والسير بالعكس في الشوارع الفرعية كذلك الوقوف أمام المحال التجارية حيث تقف السيارات عرضاً على بعد حوالي عشرة أمتار من الرصيف، فكل واحد يخاف أن تقف خلفه سيارة تمنعه من الخروج عندما ينتهي من التسوق.

المنظور الثقافي للالتزام بقواعد المرور ومستجدات انظمة أمنها مثل أحزمة الامان وغيرها، نجد النسبة تتفاوت من بلد لأخر، الى حد دفع اربعة سائقين امريكيين بعدم دستورية مثل هذا القانون استنادا الى استجابة محكمة النقض بولاية الينوي عام 1969برفض قانون إلزام سائقي الدرجات النارية بارتداء الخوذات ورأت انه تقييد للحرية الشخصية، ومع ذلك رفضت المحكمة اعتراض السائقين على احزمة الامان ورفضت المحكمة احتجاجات الأمريكيين الذين استجابوا لتطبيق هذا القانون بعد شهرين فقط من اطلاقه رغم رفضهم له.

بينما تم فرض غرامة 75 دولار على من لا يلتزم بأحزمة الامان في صربيا، ورغم رفض السائقين لها الا انهم كانوا يتحايلون على القانون فيضعون الاحزمة على اكتافهم فقط ولا يربطونها وكذلك.

***

سارة طالب السهيل

فقدنا من ضمن جملة المفقودات في السنوات الأخيرة حاسة الفضول، ليس من مواطن يسأل ويتساءل: كم هم عدد المسؤولين الذين يحتفظون بعلاقات مودة مع الناس؟، كم نائباً يعرف قضايا مواطنيه وكيف يعيشون؟، كم مسؤولاً يذهب إلى الناس ويصغي إلى شكاواهم وآرائهم وانطباعاتهم؟، اتمنى أن لا تخدعكم بيانات المنجزات الوهمية التي يقول اصحابها اننا نعيش ازهى عصور الرفاهية والتنمية .

لا يتذكر المسؤول سوى نفسه، يضرب حوله سياجاً دائرياً من الحرس والعيون ولا يترك ثغرة في هذا الجدار تدخل منها هموم الناس.

قبل اكثر من " 800 " عام خصص "ابن الجوزي" كتاباً سرد فيه أخبار الحمقى والمغفلين ووضع فيه وصفاً للحمق قائلاً: "معنى الحمق والتغفيل هو الغلط في الوسيلة والطريق إلى المطلوب، بخلاف الجنون، فإنه عبارة عن الخلل في الوسيلة والمقصود جميعاً، فالأحمق، سلوكه الطريق فاسد ورؤيته في الوصول إلى الغرض غير صحيحة".

تذكرت ابن الجوزي وكتابه، وأنا أشاهد على منصة تويتر فديو مثير لمجموعة من المواطنين يهتفون بحياة النائبة عالية نصيف ويقدمون الذبائح عند قدميها، عرفانا وشكرا للمنجزات التي قدمتها للشعب العراقي .

سيقول البعض إنه فديو من معجبين بالسيدة النائبة لا يستحق أن تخصص له هذه الزاوية، وكان يفترض أن تكتب عن الانجازات الكبيرة التي تتحقق كل يوم ومنها بالتاكيد اجبار تركيا على اطلاق المياه .

من المدهش أن نقارن معنى الحماقة في المعاجم والقواميس، ولدينا نماذج كثيرة تفوق ما جاء في لسان العرب الذي فسر، الحُمُقَ بأنه وضع الشيء في غير موضعه.

ويبدو أن مفهوم الحماقة اليوم بدأ يشمل الشعوب التي تسلم أمرها بيد مسؤولين فاقدي الصلاحية والأهلية ويكفي أن نأخذ عينات من الحكومات السابقة كي نرى حجم الاستخفاف بالإنسان، فشراء الذمم وتزوير إرادة الناس وسرقة المال العام والمحسوبية والرشوة، جعلت من المواطن المسكين لا يملك إرادته ويعيش على هامش الحياة، وقد تكون إحدى دراسات المفكر المصري د.جلال أمين عن هذه المشاهد مدخلاً نموذجياً لفهم ما يجري في أنظمة "الحمقى". يقول أمين: "إن الحكومات الفاشلة دائماً ما تعتبر الناس مذنبين إلى أن يبرهنوا عكس ذلك، هذا هو أول سطر في ثقافة الحكومات الفاشلة التي تسعى إلى إفراغ الإنسان من مضمونه الآدمي، وتحوله إلى مجرد صدى أو رد فعل لما تريده هي".

بناءً عليه ندعو الله أن تكون النائبة عالية نصيف صادقة في نيتها الى تحويل العراق الى سنغافورة جديدة، وأن تثبت الأيام أنّ أهالي بغداد مغرمون بها، وأنّ بعض الحاقدين من أمثالي مجرد "ثلة" تريد النيل من المنجزات التي تحققت في مدن العراق جميعاً.

***

علي حسين

السائد في المنشورات المتنوعة، التركيز على الزمن الجميل، والمقصود به الزمن الذي مضى، فما تلاه أتعس واقبح، هكذا توحي الصور والكلمات المتداولة عبر وسائل التواصل الإجتماعي.

فهل يصح في الأفهام هذا؟

لم أعثر على هكذا إقتراب في الدول التي خسرت الحرب العالمية الثانية، بل الذي ساد فيها بعد ذلك هو العزم والإصرار والتوثب إلى أمام، فتحققت أهدافها وإزدهى مستقبلها الذي نسميه حاضرها اليوم.

ويبدو أن مجتمعاتنا ذات نزعة نواحية، وعاهة تظلمية، وإستلطاف للنكد والقهر والجور في ربوعها، فهي إن لم تجد مَن يجلدها، تجتهد بصناعة جلاديها.

ومن النادر أن تجد كتابات متفائلة، وإن وجدت فهي منبوذة وذات مقروؤية متدنية، ويتهم أصحابها بأنهم يتخيلون أو يتهيأ لهم، ولا يمكن تصديق ما يذهبون إليه.

ويظهر ذلك واضحا، فالقصائد النواحية البكائية الندبية – على سبيل المثال – تلقى آذانا صاغية، أما التي تحث على الجد والإجتهاد والتحدي فتشيح عنها الأسماع والعيون.

الأمم تبنيها العزائم القوية المتوثبة المؤمنة بأنها ستتقدم وتكون، وتستثمر في طاقاتها وتؤسس لوجودها المعبر عنها، ولا تكون بالخنوع والمشاعر السلبية الخالية من الجدية.

ألمانيا تحققت، وإيطاليا واليابان، والكوريتان بعد حروبهما، وكذلك فيتنام، والصين ودول عديدة أخرى إنطلقت من ركامها في بدايات النصف الثاني من القرن العشرين، والعديد من دولنا بدأت في الربع الأول منه، وبقيت متأسنة بل ومتقهقرة إلى الوراء الأليم، تجتر ماضيها الذي تحسبه مشرقا وحاضرها الذي تراه أسودا قاسيا.

مجتمعاتنا التي أطفأنت أنوارها الروحية والفكرية والإبداعية، وأوقدت نيران الخراب والدمار، والإندحار في متاهات التبعية والدونية والخنوع لإرادات الآخرين، الذين قبضوا على مصائرها بحزم وتوحش.

ولن تكون إن لم تتحرر من وطأة المشاعر السلبية، وأهوال الإذلالية والتبعية، وتؤمن بذاتها وموضوعها، وتستثمر ثرواتها المادية والبشرية، وتنطلق في فضاءات عصرها المزدحم بمعطيات العقول الحرة الطامحة إلى أمجاد المطلق البعيد.

فهل سنؤمن بمستقبل سعيد؟

***

د. صادق السامرائي

 

في شهر واحد (ابريل 2015) توفي الفنان المسرحي خليل شوقي في هولندا، وتوفي الفنان التشكيلي محمد مهر الدين في الاردن. وفي دمشق هنالك مقبرة خاصة بالعراقيين. كتب على احد قبورها. الشاعر محمد مهدي الجواهري. في ليبيا توفي ودفن هناك اشهر عالم نفس عراقي في النصف الثاني من القرن الماضي. دكتور نوري جعفر. وفي السويد توفيت في (1998) رائعة المسرح العراقي الفنانة زينب. ولفّ نعشها بعلم عراق 14 تموز مكللا بباقات الزهور تتقدمه دراجتان ناريتان وخلفه عراقيات وعراقيون بألوانهم المتعددة وشخصيات عالمية. سياسية وفنية وثقافية، وصف موكبها في حينه بأنه لم تشهد السويد مثله. والفاجعة، ان معظم المدن العربية والاوربية تكاد لا تخلو مقابرها من مبدع عراقي في العلوم التطبيقية والانسانية والعسكرية والفنون الجميلة.

واليوم . يلتحق بالقائمة استاذ الجماليات بكلية الفنون الجميلة، والسناريست المبدع الصديق (ثامر مهدي) ليموت غريبا في مدينة هاليفاكس الكندية.

لا عتب على حكومات (الزمن الديمقراطي!) ان تقيم تأبنا لثامر، فبسببها هاجر الالاف وقتل الالاف ، لكننا نرجو من نقابة الفنانين ومحبي ثامر ومن كانوا طلبته في المسرح والسينما ، اقامة حفل تأبين يستعرض منجزاته العلمية والفنية.

لا انسى موقف ثامر مهدي يوم اثنى على برنامجي الدرامي الأذاعي (حذار من اليأس) امام مدير عام الأذاعة والتلفزيون محمد سعيد الصحاف واقترح عليه تقديمه في التلفزيون ايضا.

خسرك الوطن والفن والثقافة يا ثامر. وحسرة في القلب اننا لسنا الآن بين الذين يحملون تابوتك!

***

د. قاسم حسين صالح

في المثقف اليوم