أقلام حرة

ثامر الحاج امين: لا أحسد ُمسؤولاً

حب السلطة والتهافت على المناصب واحدة من أكثر الظواهر شيوعا بين العاملين في الميدان السياسي خصوصا في المجتمعات الشرقية ومنها مجتمعنا العراقي، وكان من ابرز الذين رصدوا هذه الظاهرة وحذروا منها هم الشعراء حيث قال فيها احدهم:

حب الرئاسـة داءٌ يحلق الدنيـا

ويجعل الحق حربا للمحبينا

*

يفري الحلاقيم والأرحام يقطعها

فلا مروءة تـبقى ولا دينا

وبالرغم ما قيل في السلطة من ذم وتحذير واستهجان الا ان هناك الكثيرين ممن يحسدون المسؤول على ما لديه من منصب ومال وابهة ويتمنون حياة البذخ التي يعيشها متجاهلين الطرق التي سلكها هذا المسؤول للوصول الى مبتغاه من استعمال المال الحرام والتزوير والرشوة والابتزاز وبعد نجاحه في الوصول الى السلطة يبدأ حياة جديدة من الخداع والمراوغات السياسية وتضليل الرأي العام من أجل المنفعة الشخصية، كما لم يدرك الحاسدون ان المسؤولين خلال فترة سلطتهم يعيشون فاقدين للحرية على حد وصف الكاتبة " نوال السعداوي " انهم (يعيشون في خوف ويموتون في خوف)، أنا بدوري اشفق على الهائمين في حب السلطة وامتيازاتها فهم لم يتعرفوا على قول افلاطون (أغلب الناس عند السلطة يصيرون أشرارا) كما انني لا أحسدُ مسؤولا عما يتنعم فيه من امتيازات توفرها له السلطة وأحسب نفسي انني أفضل منه بكثير فعندما انظر الى حياتي مقارنة بحياة المسؤول أجدها أكثر نظافة وزهوا، فعلى الرغم من حياتي التي فاتها تحقيق العديد من الأماني، الا انني سعيدٌ بها كثيرا، فلدي عدد من الصحبة والخلان الخلص الذين لا استبدلهم بكنوز الأرض، كما أشعر براحة الضمير لأنني لم أظلم أحدا، وأعتز كثيرا بحريتي ومواقفي التي لم تخضع يوما للبيع والشراء والمساومة، لذا وسط هذه السعادة والقناعة بنصيبي فانا لا أحسد أي زعيم سياسي أو ديني على ما لديه من مال حرام وسلطة محروسة بفوهات البنادق وجاه كاذب وحاشية واتباع وحراس  فكلها في نظري غيمة عابرة لن تمطر على رؤوس اصحابها سوى اللعنة والعار نتيجة ما اقترفوه بحق الشعب من جرائم وآثام، فلا خير في سلطة ومال تخسر من أجلهما سمعتك وانسانيتك وحريتك، فحياة هؤلاء ليس كما هي حياتي، انا اسافر حرا الى حيث أشاء واستمتع بمباهج الدنيا بدون اقنعة للتنكر وبلا حمايات و قلق وقيود، في حين هم لا يخرجون الى الشارع مالم يحيط بهم سور من البنادق وجوقة من الطبالين وهتافات المتزلفين، كما اني أقضي الليل بقراءة الشعر وسماع الموسيقى وأنام مرتاح الضمير متوسدا احلامي الجميلة في حين هم يقضون ليلهم خائفين وقلقين من الخيانات والغدر، ينامون والبنادق ساهرة على حياتهم ويفتقدون الحرية في تنقلهم وجولاتهم في حين امتلك كامل حريتي في التجوال اليومي اقف حيث اشاء واتحدث الى من أشاء، صح هم يملكون عدد من القصور والنساء ولكن في النهاية بيت واحد ينعم بالأمان والطمأنينة يكفي ان تعيش فيه سعيدا، كما اني اظهر تحت الشمس واستمتع بوجوه وأحاديث اصدقائي بينما هم غارقون في الوهم لا يسمعون سوى نفاق الوجوه الصفراء المحيطة بهم  .. ان الحياة تبدو لي أقصر من أن تعيشها وأنت تؤذي وتمثل وتكابر، فتبا للذين لا يعرفون قيمة الحياة .

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم