أقلام حرة

أقلام حرة

احتراما وتقديرا لشخصيتي لن أتنازل عن عقلي الذي غذيته بجهدي ورسمت طريقه بهداية نفسي لا أضع نفسي مع قافلة الجهال في عتمة الظلام وأنا مغمض العينين أسير  مع القطيع ولا أبوح بثقل حملي للآخرين فأتصاغر أمامهم فهذا طريق قد سلكته باختياري ومحض أرادتي ولن أستعطف الآخرين حتى يجودوا علي بمنة فأن ما فات قد فات والآت حملا في رقبتي أتحمله وحدي فالصعود إلى القمة صعب المنال وعر السبيل لكن ليس بالمستحيل ما دامت الإرادة والعزيمة موجودة راسخة والثبات عليها ليس بالسهل اليسير ما دام القلب ينبض والعقل يعمل والقيادة بيدي فلا شيء إلا المضي للأمام بمفردي إذا كان الهدف والأمل يستحق التضحية فالهروب من المشاكل مؤقتا وبحكمة أفضل من البقاء فيها وأنت لا تملك مفاتيح الحل .سأصمت عن الكلام ولا أبوح عن ألمي أمام الناس كي لا يشمت بي عدوا ناصبني العداء وشمت بي فالألم لا ينسى إلا بالتجاهل والنسيان والعودة إلى البداية للشروع بالجديد نحو الأفضل خير من البقاء في قوقعة الحياة أندب الحظ والقسمة والنصيب

ولا أعتذر منكم سادتي ولا أدس رأسي بين أذرعي فالمصائب تختبر الرجال وتستبين معادنهم الرياح القوية لا تحب من يقف أمامها متحديا إياها بل الانحناء المحسوب المؤقت هو الوسيلة العقلانية لعدم الانكسار والخنوع فالوقوف بعد كل كبوة من شيم الرجال وهو الانتصار للنفس على النفس والعقل على العقل.

***

ضياء محسن الاسدي

في الذكرى 78 لدمار هيروشيما ونكازاكي بقنبلتين نوويتين صرّح الأمين العام (للأمم المتّحدة)  قائلا: " طبول الحرب النوويّة تدّق مرّة أخرى. إن انعدام الثقة والانقسام يتصاعدان. شبح الحرب النووية الذي كان يلوح في الأفق خلال الحرب الباردة قد ظهر من جديد. وتهدّد بعض الدول، بشكل متهوّر باستخدام أدوات الإبادة هذه. "

لقد حمل لنا يوم السادس من أوت / أغسطس من عام 1945 م خبرا مفجعا ضرب كل ّ كلّ القيّم الإنسانيّة عرض الحائط. جنون السياسة الأمريكيّة ألقت (بالولد الصغير) * على مدينة آمنة، آهلة بالسكان المسالمين، فحوّلتها إلى محرقة جهنّمية ومقبرة للعظام، المحترقة، المشويّة على نار حاميّة أرسلتها طائرة أمريكيّة باسم (الولد الصغير). وقضى في تلك المحرقة النوويّة  - على حين غفلة - أكثر من مائة وأربعين ألفا من أبناء آدم وحواء، كان أغلبهم يغط في نوم عميق. ومنهم من كان غارقا في حلم معسول. وبعده بثلاثة أيام، وفي التاسع من الشهر نفسه (أي بعد ثلاثة أيام)  والسنة نفسها ألقت طائرة أمريكيّة قنبلة ثانية (الرجل البدين) على مدينة نكازاكي فأأودت بحياة أكثر من أربعة وسبعين ألفا من الأبرياء. ولمّا تزل آثارهما الماديّة والنفسيّة شاهدة على فظاعة تلك الجريمة.

و لو قدّر لنا تخيّل حجم تلك المأساة النوويّة وهولها لحظة وقوعها، وكيف تلقّتها ساكنة هيروشيما ونكازاكي، لأصابنا الخرس والجنون المزمن.

وقعت الواقعة الرهيبة، وها هي ذكراها هذه السنة تمرّ على العالم في جوّ من التوتّر السياسي وفي غمرة الحرب الأوكرانيّة / الروسيّة، وحروب بينيّة وانقلابات وأزمات غذائيّة وصحيّة  في القارة السمراء.

و لأنّ من قام بإلقاء القنبلتين الذريتين على مدينتي هيروشيما ونكازاكي في بلاد الشمس المشرقة، هي الولايات المتحدة الأمريكيّة، القوّة العظمى على وجه الأرض - التي هي فوق القانون، ولا أحد يجرؤ على محاسبتها -  فقد مرّت الذكرى الأليمة في صورة عناوين على الصحف والمواقع الالكترونيّة لا غير، وكأنّ الذكريات التي آلمت البشريّة حتى العظم، لم يعد يذكرها سوى الموتى، أو ذهبت ألامها وأحزانها مع الضحايا.

إن الشعوب تستطيع أن تغيّر الحكومات والسياسات إذا ارادت وعزمت. مثلما تغنى بذلك الشابي، بلبل تونس الخضراء، رحمه الله: إذا الشعب يوما اراد الحياة.. فلا بد أن يستجيب القدر.

و في خضم الحرب الروسيّة الأوكرانيّة المجنونة عاد الحديث عن إمكانيّة استعمال اللأسلحة النووية لحسم أطوار النصر. وهو حديث ثلّة من المجانين، هم من سلالة (الولد الصغير) و(الرجل البدين)، وكأنّ البشريّة المعاصرة لا تقرأ التاريخ، أو لا تفهم ما تقرأه من صفحات التاريخ. ولم تتعظ ممّا حدث في شهر أوت عام 1945 م في هيروشيما ونكازاكي. إن العمى السياسي أشد فتكا على البشر من العمى البيولوجي. وإنّ الشعوب التي سلّمت مقاليد مصيرها إلى سلالة من السياسيين الرعن، الحمقى، المغامرين، المتهوّرين، تشبه جماعة سلّمت دفّة سفينتها في محيط هائج إلى ربّان أعمى، أصمّ، أبكم.

و من مصلحة الشعوب، بل ومن واجبها، ومن أحكم الحكم، أن تنتفض ضدّ انتشار الأسلحة النووية التي تهدّد كوكبنا الأرضي بالدمار والخراب والفناء. وتتّخذ هذه الذكرى الأليمة محطّة للتغيير. إنّ المطالبة بإزالة الترسانة النوويّة والبيولوجيّة والكيماويّة، أهم من المطالبة بالديمقراطيّة، بل أولى من الحريّة. أليس السلم والمحافظة على الحق في الحياة من أولويات حقوق الإنسان.

لقد انتفضت شعوب الأرض في جميع قارات العالم، منذ القدم ضدّ الديكتاتوريّة والاستبداد والظلم والعبوديّة والاحتلال، فلماذا هي عاجزة اليوم عن الانتفاض ضد الأسلحة النوويّة المدّمرة للبشر والحيوان والبيئة وللحياة كلّها. إنّ مصير الشعوب بين يديها، وليس بين أيدي أفراد من هواة السياسة ومحترفيها تحت مسمّى الشرعيّة الدستوريّة وأليات سلطويّة للدولة المعاصرة، كـ: الانتخابات(الحرّة) أو المزيّفة أو الانقلابات العسكريّة.

كان من المفروض، وقد وقعت الواقعة منذ 78 سنة، وألقي(الولد الصغير) و(الرجل البدين) على رؤوس الأبرياء في هيروشيما ونكازاكي، أن يرسّم (مجلس الأمن) الذي مقّره في الدولة المعتديّة (الولايات المتّحدة الأمريكيّة) شهر أوت من كلّ سنة، كشهر لمناهضة إنتاج الأسلحة النوويّة وانتشارها، وذلك بإقامة تظاهرات ومظاهرات ومحاضرات في الساحات والشوارع والجامعات والمخيّمات والنوادي والملاعب الرياضيّة، وتصميم شعار مثل: (لا للأسلحة النوويّة) أو (أوقفوا إنتاج الأسلحة النوويّة) أو (دمّروا الأسلحة النوويّة)، ويوضع – هذا الشعار - على جميع أقمصة الرياضيين، في مختلف الرياضات الجماعيّة والفرديّة، ويوضع كملصقات على جدران المدن والبلدات وعلى وسائل النقل المختلفة. إنّنا في حاجة – اليوم، لا إذا، وقبل وقوع الكارثة العظمى – إلى المرور من مربّع الكلام إلى مربّع الفعل.

و السؤال المحيّر، فعلا، هل توارثت الدوّل النوويّة الغباء عن أسلافها ؟ لمن تُنتج هذه الترسانة النوويّة ؟ ليخبرنا عقلاء القوم عن نوع هذا العدو الأرضي أو الكوني وحجمه، والذي تخشى منه البشريّة ؟

إنّها فوبيا الوهم والغرور التي انتابت هذا الإنسان الغربي المعاصر عندما فقد صلته بالسماء، ورمى القيّم الروحيّة وراء ظهره.

لقد صرّح رئيس الوزراء الياباني (ابن الدولة الضحيّة) فوميو كيشيدا بمناسبة إحياء الذكرى الأليمة، قائلا: " إنّ الطريق إلى نزع السلاح النووي أصبح أكثر خطورة بسبب الانقسامات الدوليّة العميقة والتهديدات النووية من قبل روسيا " وأضاف: " من الضروري إعادة تنشيط الزخم الدولي نحو عالم خال من الأسلحة النووية مرّة أخرى ".

و مهما قيل عن مظاهر الخوف والقلق والرعب التي صار يعيشها الإنسان من جرّاء انتشار الأسلحة النوويّة بين أيدي الأقوياء من العقلاء والمجانين، فإنّ الخطر الفعليّ المحدق، والتوجّس من وقوعه حقيقة لا شكّ فيها.

و لا ندري ماذا يخبيء لنا المستقبل ؟ وكم نخشى أن نستيقظ يوما ما، على فجر جهنّمي، وقد انبلجت ظلمته بفعل لهيب قنابله الذريّة، لا بنور شمس الصباح المشرقة ونسائم الفجر العليلة وزقزقة العصافير وهديل الحمائم البيضاء.

يا شعوب العالم، في الغرب والشرق، انتفضي ضدّ حفّاري القبور، فإنّ وجودك السلمي مهدّد، وهو بين يدي (ولد صغير آخر) لا عقل له أو(رجل بدين) لا قلب له.

***

بقلم الناقد والروائي علي فضيل العربي – الجزائر

حادي عشر- إقصاء العلوم الانسانية، كعلم النفس والاجتماع والتربية والتاريخ، وعلوم الألسنيات، من اهتمامات طلبة العلوم الدينية والمشتغلين في حقول التبليغ الديني خاصة، وعدم منحها الاعتبار الذي تستحقه في عملية التنمية المجتمعية ما أدى الى الجهل بطرق التأثير على المستمعين ودراسة حالاتهم الشعورية والنفسية، وفهم قدراتهم الذهنية، وتذليل المعوقات التي تعترض سبيل تقدم المجتمع وتخطيها، خصوصا وان مجتمعاتنا تعصف بها ازمات سببت اختلال منظومتها النفسية والاخلاقية. كل ذلك ترك فجوة بين الخطاب والمخاطبين. 

ثاني عشر- طرح المفاهيم التربوية بصورة مطاطية، هلامية، متداخلة، مشوشة. لم يتم وضع معايير أو قواعد وقوانين يمكن تطبيقها لتحديد أطر هذه المفاهيم الاخلاقية التهذيبية أو رسم الخطوط والحدود الفاصلة بين تلك المفاهيم مما أضر كثيرا بمقاصد الخطاب الديني التربوي. مثالا على ذلك مفهومي الدنيا والاخرة فتارة نجد خطابا يعتبر ان الاسلام يهجو الدنيا ويأمر بتركها وأنها رأس كل خطيئة ويأمر بالاهتمام بالاخرة فحسب، وتارة من يدعو الى عمارة الدنيا وأنها مزرعة الاخرة وعلينا ان نكتشف كل مصادر القوة فيها من مال وجاه وعزة الخ، واستثمارها والاستفادة منها في الخير والاصلاح. هنا يقع المستمع في حيرة من أمره، أي طريق يسلك؟ ولأي رأي يستمع؟. 

ومن أمثلة المفاهيم المتداخلة:

التداخل بين الغنى، والفقر.

بين الغيب، والشهود.

بين الجبر، والتفويض.

بين التوكل، والتواكل.

بين الكسل، والاعتماد على الله.

بين الشفاعة، والعمل.

بين الخيرة، وإلغاء دور العقل.

بين الزهد، والخمول.

بين انتظار الفرج، والهروب من المسؤولية.

***

مضر الحلو

نعرف من متابعة الأخبار في أرض الله الواسعة أن الهدف من تأسيس الأحزاب في الأنظمة الديمقراطية، هو رفد الحياة السياسية بوجوه جديدة تسعى لخدمة المواطن. في الديمقراطية العراقية وحساباتها "البنكية"، فأن الأحزاب تتشكل من أجل الحصول على مزيد من الأموال والامتيازات والجكسارات.

بالأمس دار حوار بيني وبين أحد الأصدقاء عن الأحزاب الجديدة التي رفعت شعار الدولة المدنية واختارت لها أسماء براقة عن الإصلاح والنزاهة والليبرالية، قال لي الصديق إن الفرصة سنحت له خلال الأيام الماضية لزيارة مقرات بعض الأحزاب التي تشكلت مؤخراً، والتي يدعي أصحابها أنها أحزاب مستقلة انبثقت من احتجاجات تشرين. فماذا رأيت؟ يقول الصديق؛ أحد الأحزاب يتخذ من بيت فخم له في اليرموك مقرا له، حيث تقف أمام المقر السيارات الحديثة، وحين تسأل أصحاب الحزب الناشئ: من أين لكم هذا؟، يسود الصمت. حزب آخر يدعي الليبرالية، ويطالب بإعادة الحكم الملكي يتخذ من منطقة الجادرية مقراً لليبرالية الجديدة، وأمام المقر تقف السيارات المضللة، وحزب آخر لا يبتعد عنه سوى عشرات الأمتار يدعي أصحابه أنهم يسعون إلى محاسبة الفاسدين. كل هذه الاحزاب " الواثقة " من نفسها تثير السوال المحير: من يموّلها؟. قلت للصديق العزيز: هؤلاء هم امتداد لأحزاب صعدت على أكتاف شباب تشرين، البعض منهم اصبح مستشارا في الحكومة والبعض الاخر تسلل الى مكتب رئيس الجمهورية، و لا ننسى الذين ذهبوا صوب مكتب رئيس مجلس النواب . وكنا قد شاهدنا من قبل مشاهد مثيرة، مثل مشهد عربة "التكتك" التي أبحرت ببعض النواب إلى قبة البرلمان، فيما اختار البعض أن يؤدي القسم الشعبي تحت نصب جواد سليم، وحاول بعض النواب آنذاك وهم يعبرون بخطواتهم عتبة البرلمان أن يقدموا للشعب مشاهد تبهجه، وفاتهم ان شؤون البلاد والعباد لا تدار بالتكتك ولا بالشعارات ولا بالهمسات والاتفاقيات الغامضة.. لا بد من أشياء أخرى مقنعة للناس وهذا ما يجب أن يتوفر في الأحزاب التي ترفع شعار التغيير وتنادي بإرساء أسس دولة مدنية. وحري بأهل هذه الأحزاب الجديدة أن يكون شغلهم الشاغل هو التكفير عن سيئات الأحزاب السابقة التي لا تزال تتخذ من تقاسم الكعكة العراقية منهجاً ثابتاً لها.

ولهذا يا أعزائي أيها السادة ساكني قصور اليرموك والجادرية والحارثية وما شابهها والذين يبدو أنهم "واثقون" من دخول قبة البرلمان، العراقيون اليوم وبعد أن قدموا آلاف الشهداء في المعركة ضد الإرهاب، وفي ساحات الاحتجاج يريدون أن يدخلوا مثل سائر البشر، عصر الحياة والرفاهية، والخروج من ذلّ الفشل والانتهازية .. يا أعزائي أصحاب الأحزاب الجديدة؛ الناس تريد أن تقرأ أرقام النموّ ومعدّلات التنمية، فقد ملـُّوا من قراءة الشعارات .

***

علي حسين

لقد فوجئنا عن طريق المصادر ووسائل التواصل الاجتماعي بخبر يؤلم الانسان هي عندما تصل الخيانة الى داخل مجلس الوزراء وقيام وزير بتسريب مناقشات المجلس الى جهة اجنبية والتعاون مع جهة خارجية  "الكويت" وتسريب معلومات عن طريق هاتفه تمس حدود الوطن ومواطنيه، مباشرة الى تلك الجهة في بادرة خطيرة تنم عن انعدام الوازع الديني وانتفاء الحس الأمني، وتنصلهم من الولاء لهذا الوطن العظيم وقادته الأوفياء وهم عبدة المال والسكوت المطبق دون اتخاذ اي اجراء بحق هذا الوزير من الاعلى  وهي من الخيانات العظمة،ولاشك أن السكوت عن هذه الجريمة هي من الخيانات التي لا رفق فيها اذا كانت هنا ذرة من الوطنية ورئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني يجب أن يكون شجعاً كما عودناه ويكشف عن المسرب بكل اباء دون محدودية كي لا تطبق بحقه مقولة  الشاعر الكبيرايليا ابو ماضي"سكت خوفا وقلت الصفح من خلقي ...ونمت جبناً وقلت الحلم من شيمي" لا يصدق أن إنساناً شريفاً نشأ فى أحضان الوطن وتربى على أرضه وكبر فى خيره ان يخون الوطن في تطوع بإعطاء معلومات هامة وسرية لعدوه يدمر بها وطنه، وهي من  أعظم وأكبر مما تحتمله أي نفس فكل فعل مشين يمكن للمرء أن يجد مبررا لفاعله إلا خيانة الوطن فإننا لا نستطيع ابدا ان نجد لها مبرر اى كان السبب .

ان المعيار الذي يعتمد لتحديد مدى انتماء المواطن إلى وطنه هو شعورهُ بقيمته في هذا الوطن، وضمان الحد الأدنى من الحقوق الأساسية التي تحددها القيم والطموحات التي يتبناها هذا الفرد ويحترمها، وليست قيم الوطنية المنزلة من عليّي البيروقراطية، تعد الخيانة خلقاً ذميماً شرعاً وعقلاً وعادةً ونظاماً، ويكفي في التنفير عنها أنها من الأعمال التي نص القرآن الكريم على أن الله لا يحب فاعليها، قال الله تعالى: (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ) 8 الانفال.

 ان العلاقات الممكنة بين معنى الوطن وبين القيم التي يتبناها الانسان  من أجل فهم أعمق لتلك الإشكالية، وكذلك مدى تأثير تلك القيم على المواطنين وانتمائهم إلى وطن أو حتى تصوراتهم عنه، حيث تتبدل الصور من صور ذات معنى في الذاكرة إلى مجرد ذاكرة وصفيه تتذكر الأماكن التي عاش أو يعيش فيها الإنسان، مع عدم الشعور بأي روابط نحوها. وبذلك ترتفع الأزمة لتدخل في مستويات إدراك المواطن الفرد لمحيطه وليس فقط في القدرة على العيش فيه.

الخيانة الوطنية من تلبَّس بها برهن على أن همته يمكن أن تلين أمام الاختبارات، يقبح بالمرء أن يخون وطنه، ويطعنه في ظهره مطلقاً، لكن يزداد ذلك القبح إذا حصل ممن كان سابقاً يدعو إلى غير ذلك، ويواجه الخائنين، وتتضمن محذوراتٍ متنوعةً، منها ما يتعلق بقبح الخيانة في نفسها، ومنها أن الخيانة الوطنية نكثٌ للبيعة، ونقضٌ للعهد، وحِنثٌ من الأيمان التي يقسم بها المسؤول أمام ولي الأمر فكيف به وهو وزير، ونقض البيعة من أشنع الأوزار بعد الشرك بالله؛ لما فيه من مخالفة لأوامر الله تعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ولما ينطوي عليه من المفاسد العامة؛ ولأنه يفضي إلى جر الأضرار الفادحة.

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

................

* "لكل غادر لواء يوم القيامة".. حديث نبوي شريف

ما منا أحد ينكر كم كانت صعبة -بل مستحيلة- الإطاحة بنظام صدام لو بقي الأمر على العراقيين وحدهم، وبدا هذا واضحا عقب الانتفاضة الشعبانية عام 1991 يوم صار سقوط النظام قاب قوسين أو أدنى من محافظات العراق جميعها، لولا إسعاف قوى الغرب صدام وفتح الأضواء الخضر له على الاتجاهات الأربعة، مامكنه من اتباع سياسة القمع الدموي التي فتكت بالثائرين ضد النظام آنذاك، والمطالبين بنهاية جثومه على صدور العراقيين، بعد أن انزلق البلد على يده شر منزلق، وضاع كثير من حقوق الشعب تحت أنقاض الحروب والسياسات الهوجاء التي مارسها ضد فئات البلد وشرائحه كافة.

والذي حدث هو عكس ما تشتهي السفن والسفانة تماما، فقد بسط هذا الشبح جناحه المرعب على مدن الوسط والجنوب، ومارس على سكانها كل مايمتلك من وسائل الانتقام، فأفرغ جام غضبه على المواطنين مستغلا الحصار يدا طويلة، وقد ضمها الى باقي أياديه الضاربة المتمثلة بأزلامه وحزبه، فغاب خلف قضبان السجون من غاب وزهقت أرواح بعضهم، ولم يجد بعض آخر من الأحرار بدا من الهجرة خارج أرض الوطن للخلاص بـ (العزيزة)، ولم يتغير الحال إلا الى الأسوأ حتى جاء عام له أسماء عدة، فمنا من أسماه عام التحرير، وآخرون أسموه عام الاحتلال، وكذلك عام السقوط، وعام الغزو، وهو في كل الأحوال تحقق فيه حلم واحد هو الخلاص من الصنم، وهذا بحد ذاته غاية المنى والطلب. ولكن الذي حدث بعد ذلك كان أكثر من مهول وأغرب من العجائب والغرائب، وقد هون العراقيون على أنفسهم وطأة الأحداث بإلقاء اللائمة في سوء ماحصل بداية الأمر، على طريقة الإدارة سيئة الصيت التي أنشأها بول برايمر حينها.

ولكن الأمر لم يقف على هذا الرجل لينزاح بانزياحه، فقد كان لمن أخلفه ومن تصدر عتبات المراكز القيادية في البلد شر إدارة، ولم يفلح أحد من مسؤولينا بتجاوز المحن التي صادفت البلاد، بل كان الأمر أكثر سوءا، لاسيما أن الهادمين أكثر من البنائين كما قيل سابقا:

لو ألف بانٍ خلفهم هادم كفى

فكيف ببان خلفه ألف هادم

وهذا الحال مازال قائما رغم العقدين اللذين مرا على ذاك العام متعدد الأسماء، ويالخيبة العراقيين حين يرون الحال أسوأ بفعل الهادمين يوما بعد آخر، رغم حجم أملهم بمن يترأسهم، ورغم ظنهم بان القفز فوق العقبات يسير على يديه بانسيابية، ولكن يبدو ان العراقيين قد قاربوا الى حد ما وصف الشاعر في بيتيه:

عجبا للزمان في حالتيه

وبلاء ذهبت منه إليه

رب يوم بكيت منه فلما

صرت في غيره بكيت عليه

وللعراقيين في القادم من الأيام خفايا من ساستهم ومبكيهم، ومن الذين يتبوأون مناصب عليا في مجالس الدولة، والذي يقفون على نهج الأولين بامتياز.

***

علي علي

منذ أقدم الأزمان لاحظ البشر أن التغييرات المناخية تتسبب له بأمراض، وما يصيبه في الشتاء غير ما يصيبه قي الصيف، وبما أن بقاع الأرض متنوعة فالحالات التي تتحقق فيها تتنوع كذلك.

والأرض حاضنة كونية، ومثلها ربما الآلاف أو الملايين من الحواضن في كوننا الشاسع.

الحاضنة تعني توفر الشروط المناسبة لحياة المخلوق الذي تختضنه، والأرض فيها ما لا يحصى من المخلوقات، وعليها أن توفر الظروف اللازمة لمعيشتها.

ومن قوانينها التعايش ما بين مخلوقاتها المرئية واللامرئية!!

والمخلوقات اللامرئية تفوق بأنواعها وأعدادها المخلوقات المرئية، والحيوان اللامرئي عدو المرئي، لأنه إذا هاجمه أو توطنه فسيقضي عليه.

وفي كل مخلوق مرئي أعداد من الكائنات اللامرئية التي تعتاش فيه وعليه، وفي موازنة مع غيرها من الكائنات اللامرئية، وأي إضطراب أو خلل بالتوازن القائم بينها، يتسبب بأمراض للمستضيف، وهو الكائن المرئي.

فأعداء الكائن المرئي في داخله، وفي مجابه متوازنة تمنع إستبدادها وتسيدها على المستضيف.

وهذه الحالة تنطبق على الكيان الحاضن الأكبر وهو الأرض، فالكائنات اللامرئية تسعى على ظهرها وأكثرها في حالة كمون وإحجام عن النشاط، لأنها محكومة بكائنات منافسة لها تردعها من الإنفلات لأسباب عديدة ومنها الظروف البيئية.

وما دامت المخلوقات المرئية وفي مقدمتها البشر، أخذت تعبث في الآرض وتتسبب بزعزعة موازين إحتضانها لمخلوقاتها، فالعديد من الكائنات اللامرئية الكامنة، ستنطلق أو ستنفلت وتهاجم المخلوقات المرئية.

وهذا يعني أن الأرض معرضة لموجات لا تنتهي من الأوبئة الشرسة المنبثقة من كوامنها.

وعليه فوباء الكورونا لن يكون الأخير، وربما البداية لسلسلة وبائية متزايدة الخطورة على المخلوقات المرئية بأجمعها وفي مقدمتها البشر!!

فهل لنا أن نعيد للأرض توازنها الإحتضاني ونفهم سلوكها؟!!

***

د. صادق السامرائي

كثير ما نقرأ أو نسمع عن مصطلح الإعلام التربوي ولعل أول ما يتبادر في الاذهان هو ما يخص التربية والتعليم لكن هذا أمر فيه شيء من الالتباس حاليا، أن اهم ما في هذا المصطلح هو ليس موجها إلى طلبة العلم وكوادرها وأنما اصبح يخص المجتمع بصورة عامة (كل فرد يعيش على أرض الدولة) من خلال ايجاد خطط تربوية توعوية للنهوض بواقع المجتمع وذلك من خلال تحشيد وسائل الاتصال بصورة عامة من أجل الوصول الى الأهداف المنشودة. أن استخدام وسائل الاتصال والتي تمثلت بالقنوات المتلفزة أو البرامج الاذاعية أو الوسائل المكتوبة أو تكنولوجيا المعلومات هي ما يميز هذا الاعلام عن غيره من خلال ايصال ما يمكن ايصاله للمجتمع بشكلٍ عام، اذ يستمد فلسفته من فلسفة المجتمع سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو صحية وغيرها من المجالات. وأهم أهدافه هو توعية الجمهور بكل مستجد أو توضيح امر ما أو سياسة ما.... الخ، وكذلك يعتبر الارتقاء بالقيم الإنسانية والاخلاقية من أهم برامجه وأهدافه.. ناهيك عن نقل التراث والقيم والمبادئ عبر الأجيال تعتبر من أهدافهِ الأساسية، ومن الجدير بالذكر أن التوعية هنا هي اساس وجوهر هذا النظام، أن أهم ما يساعد في انجاح هذه الأهداف هو الارشاد والتنظيم من قبل هذا النوع من الاعلام، وعلى الرغم من ان لهذا المصطلح تعريفات كثيرة ومسميات مختلفة وبغض النظر عن ذلك فأن وجوده في أي دولة مهم جداً وعلى الدول أن تاخذ به على محمل الجد لما له من أهمية عظيمة خاصة ونحن في وسط هذا الكم الهائل من المعلومات فمن خلاله توجه المعلومات بصورة صحيحة ومنظمة فينتج عنه جمهور واعي ومثقف حول كل ما يحيط به. ومن هنا يتضح أن هذا النوع من الاعلام يخاطب العقول والعواطف ويستخدم أساليب الترغيب والتفاهم والحوار المنطقي وطرح الأسئلة والاجابة عليها ليضفي واقعية وصحة على كل ما ينقله ويريد ايصاله للشعوب والافراد، بقي أن أضيف أن هذا المفهوم الحديث ظهر على وجه التحديد عبر منظمة اليونيسكو (المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم) للتعريف حول التطور في انظمة العلوم والثقافة بصورتها الحديثة..

***

سراب سعدي

الحمد لله انتهت مشاكل بلاد ما بين النهرين، وتم وضع العراق على قائمة الدول الأكثر تنمية وازدهاراً وبالتاكيد تطورا، وأخذت دول مثل سنغافورة واليابان والإمارات والمانيا تخشى أن تفقد مراكزها الأولى في الرفاهية، بعد أن انتهت أزمة الخدمات في العراق، وتمكنا من أن نصدر الكهرباء الى الصين حسب نظرية العلامة حسين الشهرستاني.

والزراعة في أحسن صورها، حتى أن أسواق أوروبا تتنافس على المنتجات العراقية، والمواطن يتمتع بضمان صحي يحسده عليه المسكين الذي يحمل الجنسية التايوانية، والتعليم كما أخبرتنا وكالات الأنباء مشكورة أن جامعات مثل هارفارد والسوربون وكامبريدج قد تقدمت بطالبات للاستفادة من مناهج التربية التعليم في بلاد الرافدين . هل هناك أخبار مفرحة أخرى: نعم أيها السادة فقد تظاهر آلاف اليابانيين مطالبين بمساواتهم مع المواطن العراقي من حيث الدخل الوفير، والقضاء على البطالة، والسكن الذي لن تجده حتى في فيينا التي أصبحنا ننافسها في ليالي الأنس. لكن، وآه من لكن التي تطاردنا ليل نهار، فلأننا نعيش في مجتمع الرخاء، فكان لابد أن تتآمر علينا الماسونية من خلال "الجندر" الذي انشغلت به مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات وأروقة السياسة وقبة البرلمان ودخل الى بناية الحكومة، حتى اعتقد المواطن أن هذا "الجندر" الملعون، لا يريد لقاطرة التقدم العراقية أن تسير إلى أمام. بعد اكتشاف المفكر حيدر البرزنجي أن الموسوعة البريطانية تعتبر الجندر "شذوذ" ، وبالتأكيد أنا أول من يبصم بالعشرة لما يقوله البرزنجي فالرجل خبير لغات، ويقال إنه ينافس المرحوم "بورخيس" بعدد اللغات التي يجيدها. ولم تنته أزمة "الجندر"، حتى ظهرت في الأفق "طلابة" المدعو تليغرام الذي اكتشفنا والحمد لله بأنه ينوي تسريب معلومات عن الدولة العراقية، وأتمنى عليك عزيزي القارئ أن لا تضحك، فقد يبدو الموضوع مضحكاً، لكن عليك أن تصدق أن هناك أسراراً عند الدولة العراقية لا يعرفها القاصي والداني ومطلوب منا جميعا أن نحميها.

ونحن نتابع معارك الجندر والتليغرام والتي ستضاف لها بالتأكيد معارك جديدة تطالبنا بأن نقف صفاً واحداً ضد المؤامرات "الجندرية" و"التليغرامية" ، وحتما هناك مؤامرات سيقودها المدعو مارك زوكربيرغ وتطبيقه المشؤوم فيسبوك، وعلينا أن لا ننسى أطماع صاحب موقع تويتر بالكعكة العراقية والتي يريد أن يخطفها من صاحب موقع "اللعب على الحبال" مثنى السامرائي.

ربما لا يعرف المواطن العراقي الذي يسكن بيوت الصفيح ماذا يريد "الجندر" منا، ولم يسمع يوماً باسم المدعو "تليغرام" ، لكنه يعرف جيداً أن في هذه البلاد حيتان سرقوا خبز أطفاله ونشروا الطائفية وشجعوا المحاصصة، وساهموا في خراب البلاد وتشريد العباد، ووضعونا على قائمة الدول الأكثر فشلاً.

***

علي حسين

المؤكد ان هناك نقابات مهنية بعديد المواقع الانتاجية والخدمية وهذه جميعها تشكل الاتحاد العام للعمال في ليبيا ومهمتها الدفاع عن حقوق الشغيلة في كافة القطاعات ومحاولة الرفع من مستواهم المهني لأداء عملهم على اكمل وجه، كما ان الاتحاد يسعى جاهدا الى الرفع من مستوى منتسبيه المعيشي بما يتناسب مع اسعار السلع والخدمات السائدة في البلد.

في عديد البلدان ومنها دول الجوار، كان لاتحادات العمال دور فاعل في التخفيف من الاعباء عن كاهل العامل بسبب الازمات التي عادة تسببها الحكومات، بتصرفاتها غير المسئولة من خلال عدم قدرتها على ادارة موارد الدولة مهما كانت بسيطة، فما بالك بدولة كانت والى الامس القريب تغص خزينتها بعديد الاوراق النقدية المحلية والعالمية اضافة الى اطنان من الذهب، ولان من يتولون زمام الامور في البلد سواء الذين تم انتخابهم او من اتوا بإيعاز من دول اخرى ومؤسسات دولية(البنك الدولي وتوأمه الصندوق)، تهدف بالأساس الى القضاء على تلك المدخرات والعمل على ارتهان البلد حاضرا ومستقبلا لاملاءات هذه الدول وتلك المؤسسات لتصب ايرادات البلد في خزائنهم من خلال اجبار البلد على الاقتراض بأسعار فائدة، وما يستتبع ذلك من ارتفاع فاحش في اسعار السلع والخدمات، ما يجعل العامل غير قادر على الايفاء بالتزاماته نحو اسرته ما قد يجبره في البحث عن عمل اخر لسد رمقه وقد يؤدي ذلك الى عجزه عن تعليم ابنائه، فيتركون مقاعد الدراسة ويتجهون نحو العمل غير المهني، وقد يؤدي ذلك الى وقوعهم في قبضة ارباب عمل كل همهم جلب المال وبأية وسيلة،  فتحدث الانحرافات وتضيع اجيال.

عديد الشركات العامة اصابها الافلاس بسبب عدم قدرتها على توريد بعض مستلزمات التشغيل بفعل تغير سعر الصرف،  الناتج عن تعويم الدينار الليبي بنسبة تفوق 75% وبعضها لحقت بها اضرار مادية جسيمة، نتيجة الحروب العبثية لأجل السلطة وتحقيق مصالحهم الشخصية ، فاصبح العمال بلا رواتب ولأشهر عديدة وصلت لسنوات من التأخير،  ومنها على وجه الخصوص الشركات العامة في مجال النقل الجوي،  بينما يغط الاتحاد في نوم عميق وكأنما الامر لا يعنيه،  فهل يفيق من سباته ويقف الى جانب الشغيلة التي كونته وارتأت فيه سندها عند اشتداد الازمات. 

الاوضاع الاقتصادية في البلد اصبحت لا تطاق، القبضة الامنية للميليشيات التي تتقاسم السيطرة مع حكومة الوحدة الوطنية(تبادل مصالح) اصبحت هي الاخرى احد معالم العاصمة والغرب الليبي على وجه العموم، فأعمال الاختطاف ومن ثم طلب الفدية او القتل لم تنقطع، خروج العامة في مظاهرات بالميادين والساحات للتعبير عن سخطهم وعدم رضاهم اصبح محفوفا بالمخاطر،  بالكاد يسمح للبعض بحمل بعض الشعارات المعبرة في ميدان الجزائر والذي اطلق عليه ولفترة محدودة ميدان قطر؟! وهو ميدان صغير وحضور اعلامي بسيط (مجرد رفع العتب).

الانتخابات التي يعوّل عليها الكثيرون في ظل الاوضاع الراهنة لن تكون ذات جدوى، فأراذل البشر الذين يحكموننا قد يعيدون تدوير انفسهم، فالمال الانتخابي والسطو المليشياوي سيكون الفيصل.

ربما وفي ظل الاوضاع الراهنة حيث فشلت كافة المحاولات لتحسن الاوضاع الامنية والاقتصادية، فإننا نعول على الاتحاد العام لعمال ليبيا ونعتبره الجهة الوحيدة القادرة على تحريك آلاف البشر للتظاهر بمختلف الميادين والساحات وإجبار السلطات(المدنية والانكشارية) على الاستجابة لمطالب الشعب بتحسين الاوضاع المعيشية والأمنية او الرحيل، ولنا في الاتحاد العام التونسي للشغل خير دليل، لقد قارع الحكومات التونسية التي كانت قبضتها من حديد، فالزم بعضها على التراجع عن قراراتها لصالح الناس، واجبر اخرى على الرحيل.

ترى هل يفعلها الاتحاد العام للعمال (الذي يضم كافة شرائح المجتمع ولم يتهم بالجهوية او الايديولوجية) ويكون الرقم الصعب بما يمثل من زخم شعبي؟ ام انه هو الاخر يتبع السلطة؟ ام انه يخشى على نفسه غضب السلطة ومليشياتها فيركن الى المهادنة؟ اسئلة الاجابة عنها برسم قادة الاتحاد، نتمنى ان يكون عند حسن الظن، فالجماهير سئمت تواجد الوجوه المقرفة.  

***

ميلاد عمر المزوغي

تأريخنا يطرح أسئلة كثيرة، ومنها أن العرب عرفوا الكتابة والقراءة، والجاهلية فرية لمحق تراثهم المعرفي، ولا يمكن الجزم بأنهم لم يدوّنوا ما جرى في مكة من أحداث على مر العصور ومنها عصر البعثة النبوية.

كما لا يُعقل أن أهل المدينة لم يدوّنوا شيئا، والقرآن كان له كتاب وحي فأين ما كتبوه.

والرسول منع التدوين لكلامه، مما يعني كان هناك تدوين؟

فكيف نفسر ما جرى في الواقع العربي آنذاك؟

هل أن الأمويين لم يدوّنوا؟

ومعاوية بن أبي سفيان يقرأ ويكتب، فلماذا لم يدوّن، أو يأمر بالتدوين؟

هل أن علي بن أبي طالب لم يدوّن شيئا طيلة سنوات ما قبل خلافته؟

هل أن الأمويين أحرقوا ما تم تدوينه في مكة والمدينة، وما دوّن في زمن الخلفاء الراشدين، وكتبوا التأريح على مزاجهم وكما وصلنا اليوم؟

المحق بالإحراق كان سهلا آنذاك لأن أعداد النسخ قليلة لندرة الورق أو إنعدامه.

أما في الفترة العباسية فانتشر التدوين ووجدت صناعة الورق في بغداد، وإنتعشت أسواق الوراقيين أو النساخين، فالكتاب كان ينسخ عشرات أو مئات المرات.

أما في العهد الأموي فالنسخ معدودة، ولهذا يكون الحرق وسيلة للقضاء على ما دوّن.

ويقال أن السيرة النبوية دوِّنت في زمن عثمان بن عفان فأحرقها الأمويون، والوحيد الذي نجا من الدمار هو القرآن، وركز الأمويون على نشره وحفظه والإهتمام به.

فالتأريخ كما هو واضح تعاد كتابته في كل عصر، وفقا لمعايير ذلك العصر وما يعارضها يتم القضاء عليه.

***

د. صادق السامرائي

ورد في موقع العربيّة أن أحد اليابانيين، اسمه "توكو" قد أنفق 22 ألف دولار أمريكيّ ليصبح كلبا، وقام الياباني توكو بنشر فيديو على حسابه الذي يضم قرابة 40 ألف مشترك على يوتيوب. يظهر فيه خلال اصطحابه في نزهة على الأقدام، قام خلالها بشمّ اللكلاب الأخرى في الحديقة والتدحرج على الأرض.

لقد حدث الأمر في العام الماضي عندما التقت قناة ألمانيّة بتوكو حسب ما جاء في صحيفة سترايخ تايم. ووفق الفيديو فقد قال توكو قبل النزهة أنّه يشعر بالتوتر والخوف قليلا من المغامرة في الهواء الطلق، لكن الفيديو أظهر أنّه تلقى ترحيبا حار من قبل المارة وحتى الكلاب الأخرى، وقال أنّه أنفق ما يعادل مليوني ين على الزي الكامل المصمم حسب الطلب ليجعله يبدو ككلب حقيقي. وقد حصدت فيديوهاته عشرات الآلاف من المشاهدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي. والغريب في القصة، أن هذا الـ (توكو) - وانطلاقا من مبدأ الحريّة الفرديّة التي كفلها له قانون بلده الليبيرالي، العلمانيّ - قد أنفق مبلغا ضخما، لو أنفقه في موضعه المطلوب، لأنقذ به عشرات الأسر في إفريقيا أو آسيا أو أمريكا اللاتينيّة، من الجوع والعطش والأمراض المعديّة. لكنّه أنفقه من أجل أن يصبح كلبا، وكأنّ مجتمع الكلاب يعاني من ضعف النمو الديموغرافي ونقص في الأنفس الكلبيّة. والأمر الآخر الذي يدعو إلى العجب العجاب، كيف اهتدى هذا المخلوق الآدمي، وهو الكائن الوحيد العاقل على أديم كوكب الأرض، إلى هذه الفكرة الكلبيّة والسلوك الغريزي، في الوقت الذي يسعى فيه الإنسان إلى مزيد من الرقيّ المادي والعاطفي، وينفق، في كل لحطة، المال الكثير والجهد الوفير والوقت الثمين، من أجل بلوغ مبتغاه وتجسيد احلامه الورديّة، بينا رام ذلك الـ (توكو) تحقيق حلمه الكلبي الذي يضعه في موضع أسفل السافلين، ويخرجه من دائرة البشريّة والعقلانيّة والعلمانيّة. إنّه لسلوك عجيب أن ينفق رجل (عاقل) آلاف الدولارات بغيّة تجريد نفسه من الصفات الآدميّة والتمرّد على هويّته الإنسانيّة والانضمام إلى سلالة النبح والعض والدبّ على أربع وأكل الجيفة، خلقها الله خلقا مغايرا لحما وعظما ودما وغريزة، لخدمة الإنسان في السرّاء والضرّاء.

و الأسئلة المطروحة: كيف كان شعور هذا المواطن الياباني توكو بعد انتمائه إلى " مملكة " أو " جمهوريّة " الكلاب؟ وكيف سيواصل حياته بين " إخوانه " الكلاب؟ وهل سيتزوج – مثلا – كلبة من عشيرته الكلبيّة الجديدة؟ أم أنه سيغري أنثى آدميّة لتنضم إلى ذويه الجدد وتتحوّل إلى كلبة كي يتزوجها، وينجبان سلالة جديدة من الكلاب المتحوّلة عن جنس البشر؟ ألم يكن جديرا به أن يكتب – وقد مرّ عام على مغامرته تلك – يومياته الكلبيّة، وينقل لنا – بكل أمانة – مشاعره لمّا تحوّل إلى كلب؟ أم أنّه قد أصبح - بعد هذا التحوّل، الذي فاق التحوّل الجنسي – مثل الكلاب لا يقرأ ولا يكتب ولا يتكلّم؟

إنّ الله قد خلق الإنسان في أحسن تقويم، وكرّمه بالعقل، بينما يضع هذا اليابانيّ نفسه في اسفل السافلين. لقد أوصلت الفلسفة الماديّة الإنسان في الغرب إلى مجرّد آلة إنتاج واستهلاك، وجرّدته من الروحانيات، وقطعت صلته بالسماء. وقد أفضى به المنهج المادي إلى أزمة روحيّة ونفسيّة أفقدته هويّته الآدميّة. وإلاّ ما معنى أن ينفق هذا الـ " توكو " الياباني كلّ هذا المبلغ الضخم من أجل التحوّل إلى كائن نابح يسير على أربع ويعض بأنيابه ويتبوّل على جذوع الأشجار ويتغوّط أمام الملأ، ويقذفه الأطفال بالحجارة إذا صادفوه في الطريق ويأكل الجيفة ومن المزابل والقمامات، أيّ أن التحوّل إلى عالم الكلاب سيترتّب عنه سلوكات كلبيّة لا عهد له بها. لكنّه – حتما - سيجد صعوبة في تعلّم المشي على أربع واكتساب ودّ الكلاب وكيفيّة النباح والزواج من كلبة تحبّه ويحبّها، بغية الإنجاب والمحافظة على السلالة الجديدة.

إن العالم المعاصر قاب قوسين أو أدنى من السقوط الانهيار وقد روت لنا قصص التاريخ أنّ نهاية الحضارات وسقوط الأمم والإمبراطوريات العظيمة لم يكن بسبب حروب الأعداء الخارجيين، أو جوائح اقتصاديّة وماديّة وإنّما كان سبب، سقوطها ونهايتها، تفكّك نسيجها الاجتماعي وفقدان بوصلة الوازع الأخلاقي وتخلّي الفرد فيها عن منظومة القيّم. إنّ سقوط الحضارات والمدنيّات القديمة وانهيارها وأفولها كان نتيجة حتمية عندما انحرف العقل عن سبل الرشد وبلغ سنّ اليأس. فالقوّة الماديّة ليست صمّام أمان لرسوخ الحضارة واستمرارها وازدهارها، وقد تتحوّل – غالبا – إلى قوّة سلبيّة رعناء، هدّامة. والمتأمّل لآثار الحضارات الآفلة في حوض النيل وبلاد الرافدين وبلد الشام وسواحل البحر المتوسط الجنوبيّة، يدرك – جيّدا – القوّة الماديّة لتلك الحضارات واتّساع نفوذها العسكري. إنّ أفول الحضارات وتفسّخها، ناتج – حتما – عن شعور الفرد فيها بالإشباع المادي والجفاف النفسي والفراغ الروحي، أيّ طغيان القوّة الماديّة وضمور الطاقة النفسيّة، ممّا يؤدي إلى شعور الفرد برغبة جامحة في البحث عن حياة خارج ناموس الفطرة الإنسانيّة.

يقول رونيه جيرار "محاضرة بعنوان: "عنف اليوم، العنف الدائم":

" إنّ عالمنا مهدّد أكثر من أي وقت مضى بعودة الشغف القرباني ومغامرات أخرى شيطانية يعجّ بها القرن العشرين. لكنه أيضا أكثر غنى بالوعود من كلّ العوالم السابقة. إنّ إمكانياتنا الإبداعية كما التدميريّة تزداد باستمرار. وما يشكّل خطرا في هذا القرن القادم لا ينفصل عمّا يجعل منه بشكل مؤكّد، الأكثر دهشة ونرجو ذلك، الأكثر سلمية في التاريخ الإنساني"*

نخشى أن يخرج علينا أمثال " توكو " الياباني بـ (تقليعات) أخرى، فينفقون أمولا ضخمة من أجل التحوّل إلى أبقار أو ثيران أو احصنة أو حمير أو بغال أو قطّط أو جرذان أو معزأو نعاج أو حشرات طائرة أو زاحفة (نمال أو عناكب أو بعوض) لأنهم وجدوا – حسب زعمهم - في هذه العوالم الحيوانيّة والحشريّة ما لم يجدوه في عالم الإنسان ؛ وجدوا راحتهم وأمانيهم ومعاني وجودهم.

إنّ الحياة البشريّة الفطريّة مهدّدة بالانقراض، مثلما انقرضت الديناصورات وكائنات أخرى، لا بسبب انعدام ضرورات، أو تغيّرات مناخيّة، كازدياد حرارة كوكبنا والجفاف أو جيولوجيّة، كالزلازل والبراكين والفيضانات،  أو بسبب أوبئة فتّاكة ومعديّة ومستعصيّة العلاج أو إقدام المجانين السياسيين والعسكريين على استعمال أسلحة الدمار الشامل في حسم الحروب، وإنّما الخطر الذي يتهدّدها هو السلوك البشري اللإنساني المنافي للفطرة التي فُكر عليها ابن آدم. وأخطرها على النسل الشذوذ الجنسي أو المثليّة، أو ما أُطلق عليه " مجتمع الميم " المُروّج له في الشرق والغرب، والمقنّن ضمن مباديء حقوق الإنسان. إنّ الحريّة حق فطري، وقد نصّت على ذلك وصانته كافة الأديان السماوية والقوانين الوضعيّة المناهضة للعبوديّة والاستغلال. وما "توكو" الياباني، فما هو إلاّ ثمرة مرّة من ثمرات الفلسفة الماديّة العاريّة من القيّم الروحيّة النبيلة. وقد يقول البعض: إنّ ما قام به "توكو" هو مجرّد سلوك فرديّ منعزل، وليس سلوكا نمطيّا يعكس المجتمعين الياباني والغربي. فأجيبه: إنّ أمثال "توكو" الياباني كثيرون في المجتمعات الغربيّة والشرقيّة. ومازالت بعض القبائل في أدغال الأمازون وأعماق إفريقيا وآسيا تعبد الأصنام وتـتّخذ بعض الحيوانات والحشرات آلهة تقدّسها وتعبدها وتقدّم لها القرابين من بني البشر. لكن الفرق بينها وبين " توكو " الياباني أن ّ بعض تلك القبائل البدائيّة لم يصلها علم أو دين ولم تتذوّق طعم حضارة القرن الواح والعشرين، أمّا " توكو " الياباني فقد تشبّع بالحضارة المعاصرة في مجتمع يقدّس العقل ويتنفّس العلم الدقيق ويمثّل قمّة التكنولوجيا المتطوّرة.

و السؤال الذي يشغل العاقل منّا، إلى أين تتّجه بنا فلسفة الغرب الماديّة؟ إلى أيّ مدى ستصل بنا في غمرة محاولة الذكاء الاصطناعي الهيمنة على الحياة البشريّة؟

ما الذي كان ينقص هذا الـ (توكو) الياباني في عالمه البشريّ؟ وهل حقّق سعادته واطمأنتّ نفسه عندما (زعم) أنّه تحوّل إلى كلب، ووجد ترحابا من إخوانه الجدد (الكلاب)، وتقبّلا من أبناء جنسه وتفهّما لما أقدم عليه؟ فلا حول ولا قوّة غإلا بالله العلي ّ العظيم.

***

بقلم: الناقد والروائي علي فضيل العربي – الجزائر

.......................

هامش:

* نصوص حول العنف بقلم، رونيه جيرار،  ترجمة: عبد الوهاب البراهمي، صحيفة المثقف 04 آب / اغسطس 2023 م.

بين الحين والحين تطرح قضايا المرأة على منابر مختلفة ففي بعض الأحيان تُطرح مواضيع تخصها وهي ضرورية قد تتمثل في اضطهادها أو سلب حقوقها أو تهميشها...الخ، لكن في أحيان أخرى قد تطرح عنها مواضيع تضعها في مكانة غير لائقة بها!، خاصة إذا كانت نابعة من فكرة ليست صحيحة. وجدنا في السنوات الأخيرة أن المواضيع التي تخص المرأة تضعها في خانة المظلومية المهينة والاستنقاص من شخصها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، الأمر المأسوف عليه هو أن هكذا مواضيع تطرح من قبل المرأة نفسها أو من الطرف الآخر ومن هذه المواضيع هو الهوس بحرية المرأة مثلاً فنجد أن هذا الموضوع مستهلك وكأنه سلم للصعود على حسابها!، فلو تناولنا موضوع الحرية فما هو مفهومها لدى البشر بصورة عامة ؟ لو تجردنا لوجدنا أن الحرية هي فكرة تتمحور في أذهاننا تُفسر بحسب احتياجنا لها نحن كبشر، مثل (ملبس، مأكل، تصرف....، وافضلها واسماها هي حرية الفكر وطرح الفكر دون التعرض للاضطهاد..) لهذا على المرأة أن تنظر من منظور افضل وتُوجه افكارها لنشر الايجابية وقوة الشخصية من أجل أن تنهي هذه المظلومية غير الصحية، فكل انسان يبحث عن الكمال لكن الكمال لله وحده، مع أن كل انسان معرض للاضطهاد بغض النظر عن كونه (رجل، امرأة) فالمرأة قد تضطهد من المرأة او قد تضطهد من الرجل وقد يحدث العكس... الخ لهذا لا نلقي باللوم دائما على الطرف الآخر ونحاول النهوض من هذا الواقع بنشر أن المرأة (حرة، ايجابية، قادرة على حمل المسؤولية) دون المداعاة وأنما بالعمل والمثابرة يتحقق كل ذلك...

***

سراب سعدي

يحظى الانجاب بأهمية وقيمة اجتماعية لدى الاسرة والمجتمع، فهو رمز لخصوبة الزوجين واعلاء شأن الاسرة من خلال الذرية الناتجة عن هذه الخصوبة، واذا كانت الذرية لدى بعض المجتمعات تعني استمرارية النوع البشري، فعند مجتمعات اخرى لها اعتبارات مختلفة ترتبط بالقيم والعادات والتقاليد وكذلك العامل الديني الذي تتبناه بعض المجتمعات والذي يحث على الخصوبة والتناسل ويرافق ذلك التشكيك بدعوات تنظيم النسل وتحديده بواسطة حبوب منع الحمل ويرون فيها مؤامرة من اعمال الغرب والكفار، والهدف من صناعة هذه العقاقير وارسالها الى بلدانهم هو التقليل من أولادهم.

والتفاخر بزيادة الأولاد ثقافة قديمة ساهمت في التشجيع عليها وترسيخها عوامل اجتماعية ودينية، فقد حفظ موروثنا الشعبي الكثير من الترانيم التي تغنت بكثره الابناء والتفاخر بعددهم، فأغاني الهدهدة التي تغنيها الامهات لأطفالهن كانت تفصح عن امنياتهن بالمزيد من الاولاد:

حلاة البزر خمسه وعشرين

خمسه يگعدون بدواوين

وخمسه يحيّون المجبلين

وخمسه يضبون الحزم زين

وخمسه يودوني لأبو حسين

وخمسه يطلعون من گلبي الونين

وحالات الحزن وما يصاحبها من نواعي ومراثي على فقد الأحبة لم تبتعد عن ذكر أهمية الأولاد ودورهم في التخفيف والتعويض عن الفقدان والغياب، فالمرأة الأرملة عندما تستعيد ذكرى زوجها تندب حظها انها لن تخلف المزيد من الأولاد كي يملؤون حياتها بالأمان والبهجة فتقول:

تمنيت بزرك ماي جاري

وترسوا عليه يا زين داري

واشݘيلهم ضيمي ومراري

كما لا يقتصر التفاخر بالذكور فحسب انما تحفظ الذاكرة الشعبية الكثير من النصوص والترانيم التي تشجع على زيادة النسل من البنات فالكثير منا يتذكر ترنيمة الامهات وهن يراقصن بناتهن الصغيرات وينشدن: (يمه البنات عشرة وأگول گليلات) وترنيمة اخرى تجسد نصيب البنات من حب الأمهات اللاتي يتمنين المزيد من البنات فهن يملئن البيت نشاطا وبهجة:

تمنيت عدي تلاث بنات

وحده تدﮒ الثبات

وحده تسويلي ثوابات

وحده تبݘي الگاعدات

ان الدعوة والعمل على المزيد من الانجاب يمكن ان يكون مقبولا وطبيعيا في المجتمعات التي يسودها الأمان والرفاهية والبساطة والقدرة على التربية مثلما كان عليه المجتمع العراقي قديما الا انه وفي ظل سوء الأوضاع الاقتصادية والخدمات المتردية التي تعاني منها بعض المجتمعات تصبح زيادة الانجاب والكثافة السكانية مشكلة كبيرة، ويصبح لزاما على الآباء الذين يشتكون من الحاجة ومن الفقر وعدم قدرتهم على مصاريف أبنائهم والقيام على تربيتهم ونشأتهم نشأة سليمة التوقف عن المزيد من الانجاب وان ينظروا الى خطورة الحال بجد ومنطقية بعيدة عن الغيبيات التي يتعلقون بها التي تقول ان الرزق مقسوم و(المولود يأتي ويأتي رزقه معه) وهذه كارثة كبيرة .

ان الذي قادني الى الحديث عن هذه الظاهرة هو الزيادة السكانية غير الطبيعية في بلادنا حيث أفادت وزارة التخطيط العراقية بأن عدد السكان في البلاد سوف يتخطى 43 مليون في نهاية عام 2023 الحالي وهو رقم كبير ومخيف في ظل الأزمات المختلفة التي يعيشها البلاد ومنها عدم وجود خطط وبرامج اسكانية واقتصادية لمواجهة هذا التضخم السكاني الكبير الذي تنعكس اثاره السلبية على حياة الشرائح الفقيرة التي تعاني الزيادة الكبيرة في عدد الأفراد، واسباب هذه مشكلة تختلف من مجتمع الى آخر، بعضها ثقافية متوارثة دوافعها الحفاظ على التراث الأسري وهي السائدة عند العرب، ولكن عند مجتمعات اخرى هناك اسباب مختلفة، وأطرف تبرير قرأته عن اسباب الزيادة جاء على لسان رجل مشكلته انه لا يعرف كيف يحدد النسل فيقول: نحن فقراء غير قادرين على الذهاب الى السينما او الحدائق فماذا نعمل؟ اننا ننام في ساعة مبكرة، وتجيء الأولاد .

***

ثامر الحاج أمين

 

سابعا- ظاهرة الازدواجية. اذ يرصد المستمع مفارقات مزعجة، وتناقضات منفرة عند بعض الخطباء، خلقت بين المتلقي والخطاب الديني عموما هوة سحيقة. حين يجلس الخطيب ساعة من الزمن يتحدث فيها عن مفهوم ديني معين وما ان ينتهي من خطابه حتى يمارس خلاف ما تحدث به تماما، بل ربما كان الأسرع إلى مخالفة ما قال، فكان من الطبيعي والحال هذه ان يزدري الناس هذا الخطاب، وينفكوا عنه، كيف وهو قد نصب نفسه اماما للناس وواعظا. فهو يعالجهم ببصاقه وبالادعية والأوراد ولكنه يقصد عواصم الغرب حين يمرض ويحتاج إلى العلاج، أو يكلمهم عن الزهد والتقشف في الحياة، ولكنه من اشد الناس تكالبا وحرصا على حيازة الدنيا وملذاتها، أو يحثهم على أخلاق التسامح والعفو وهو من أكثر الناس ضيقا مع من يختلف معه، أو يحث شباب المسلمين على ما يدعونه (الجهاد ضد الكفار) وهو يرسل ابناءه إلى (الكفار) ليزاولوا اتمام دراساتهم في ارقى جامعاتهم.

"الإنسان بطبيعته لا يهتدي إيمانيا إلا بالقدوة العملية الملهمة، تلك القدوة التي تسقيه الارتواء الروحي، وتمنحه السلام النفسي، وتغمره بالرأفة والشفقة، كي تخلصه من الاغتراب، وتشعره بالحماية والأمن في الحياة. الناس كي يؤمنوا، يفتشون دائما عن نموذج بشري مجسّد للإيمان... يحتاجون إلى من يشعرهم بوجود الله في حياتهم، لا من يثبت لهم وجوده كفكرة مجردة لا صلة لها بحياتهم".

 ثامنا- واحد من أهم الأسباب التي جعلت الخطاب الديني يفرّط بتأثيره في نفوس مريديه، ويخسر من قاعدته الكثير هو انشغاله بالأوامر والنواهي المتعالية على الواقع والتي يتعذر تحققها لتنافيها مع الطبيعة البشرية كالنهي عما يدور في صدر الكائن البشري من خلجات لا سلطة له عليها كالحسد وسوء الظن وغيرهما، وما ذلك الا نتيجة القراءة الخاطئة للنصوص الدينية التي وردت محذرة من هذه الصفات النفسية، والخلجات الداخلية، وناهية عنها اذ لا يتسنى للناس بحكم بشريتهم ان يتحكموا بما يعتمل في نفوسهم بحيث لا يسيؤون ظنا ولا يحسدون أحدا. نعم النهي الحقيقي إنما ورد عن ترتيب الاثر على الحسد أو سوء الظن، ولذا ورد عن النبي (ص) كما في حديث الرفع المشهور، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص‏): "رُفِعَ‏ عَنْ‏ أُمَّتِي‏ تِسْعَةٌ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَمَا لَا يُطِيقُونَ وَمَا لَا يَعْلَمُونَ وَمَا اضْطُرُّوا إليه وَالْحَسَدُ وَالطِّيَرَةُ وَالتَّفَكُّرُ فِي الْوَسْوَسَةِ فِي الْخَلْقِ مَا لَمْ يَنْطِقْ بِشَفَةٍ."، وقوله (ص): "إذا ظننتم فلا تُحققوا، وإذا حسدتم فلا تبغوا، وإذا تطيرتم فامضوا؛ وعلى الله فتوكلوا".

وربما كانت المشكلة عند بعض الخطباء والدعاة الدينيين في فقه النص سواءً كان آية قرآنية، أو رواية، وعدم القدرة على تفكيكه، وقراءته قراءة معاصرة منسجمة مع ظروف الاستشهاد به مما يسبب إرباكا لدى المتلقي يستحثه كي يتخذ موقفا سلبيا من الخطاب الديني عامة. كنت استمع إلى خطيب في دولة أوربية فذكر الحديث المشهور في كتب المسلمين عن النبي (ص) أنه قال: "لا تسلموا على تارك الصلاة ولا تجيبوا سلامه، ولا تسمحوا له، واذا مرض لا تعودوه"، ولم يدر في خلده أن هذا النوع من الخطاب يخلق فضاءً متنافرا مع الاهداف التي يسعى إليها، وبناءً عليه كيف بإمكانه أن يمارس مهمته التبليغية ويحقق النجاح بها وهو يعرض عن إلقاء السلام على غالبية الشباب الذين لم يتلقوا تعليما كافيا على أهمية العبادات ووجوبها على الفرد المسلم؟ ولم يلتفت إلى أنه لم يقدّر ظروف هؤلاء الشباب وكونهم يعيشون في مجتمع غير منسجم معهم دينياً، ثم كيف يتوقع أن يستجيبوا لوعظه ونصحه ويتأثروا به وهو يكف عن السلام عليهم؟ ثم ألا يترك هذا التصرف (الامتناع عن السلام على تارك الصلاة) انطباعا سلبيا عن رجل الدين وربما عن الدين برمته عند هؤلاء الشباب الذين من المفترض أن يكونوا هم هدف المبلغ الديني ومَن يجهد لهدايتهم؟. يتبع

***

مضر الحلو

تتسارع الأحداث وبوتيرة متصاعدة ومثيرة للقلق في عموم القارة السمراء وآخرها وليس أخيرها انقلاب (النيجر) بقيادة الجنرال عبد الرحمن تياني، البالغ من العمر 59 عاما، الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم (64 عاماً) وكان حليفاً رئيساً للغرب ولاسيما فرنسا، وقد طلب الانقلابيون الجدد المساعدة من مجموعة "فاغنر" الروسية، وقبلها كان هناك انقلاب (بوركينا فاسو) بقيادة النقيب إبراهيم تراوري، في ايلول 2022 الذي سارعت مجموعة فاغنر الروسية لوصف قائد الانقلاب الشاب بـ"الرجل الشجاع والابن البار" لبوركينا فاسو!

كل ذلك يجري فيما تزداد وتيرة الأحداث والصراع المحتدم في السودان سخونة بين الجيش بقيادة البرهان، وميليشيا الدعم السريع المدعومة من قبل قوات فاغنر الروسية بقيادة حميدتي، كنتيجة حتمية لخلافات على الحكم والسلطة والنفوذ ..ومناجم الذهب !

صدامات وانقلابات عسكرية عنيفة ومتتالية ظاهرها صراعات داخلية، وأزمات محلية، وجماعات انقلابية أو ميليشيات متمردة تحارب الانظمة الحاكمة، إلا أن باطنها المستتر المتواري عن الأنظار هو صراع كسر عظم " روسي- فرنسي - صيني " حتى النخاع للسيطرة على القرن الأفريقي الغني بالمعادن والثروات والمتخم بالخيرات برمته!

وبنظرة خاطفة على الثروات الطبيعية في كل من النيجر وبوركينا فاسو والتي لطالما سخر منها ما يسمى بالزعيم عادل إمام "في مسرحيته الزعيم " الملطوشة "من فيلم "الديكتاتور العظيم " إخراج و تأليف وتمثيل شارلي شابلن، تماما كمسرحيته " مدرسة المشاغبين" المأخوذة عن الفيلم البريطاني (إلى المعلم مع الحب) انتاج عام 1967، وتماما كمسرحيته "شاهد ما شافش حاجة "المقتبسة بالكامل عن قصة بعنوان "اليوم فيه 42.200 ثانية" للسير" بيتر أوستينوف " عام 1959، حيث أطال عادل إمام السخرية من أسماء الدول الافريقية ومن سفرائها ودبلوماسييها في مسرحية الزعيم بدءا بموزمبيق التي وصفها بـ "الزمبوق الكبير" ليثني ببوركينا فاسو، قائلا " فسو، ما فسوش ..واحنه مالنه !!" وكان حري بالدول الافريقية أن تقاضيه أمام محكمة العدل الدولية، لخرقه الأعراف والتقاليد الدبلوماسية لاضحاك الناس، ولله در خطيب المنابر عبد الحميد كشك، القائل " كنا ننتظر ظهور إمام عادل، فخرج علينا عادل إمام !" فهذه النيجر غنية بـ اليورانيوم والذهب والفوسفات والفحم وخام الحديد والقصدير، أما بوركينا فاسو فإنها غنية بالمنغنيز والذهب والفوسفات والحجر الجيري والرخام كما أنها تمتلك تنوعا بيولوجيا يضم أنواعا لاحصر لها من الحيوانات بعضها نادرة الوجود في أرجاء العالم، فلماذا هذا الصراع المحموم على أفريقيا ولمن ستكون الغلبة وبما يصدق عليه المثل الافريقي الشهير"عندما يتشاجر فيلان، فإن العشب هو الذي يتأذى"، ولاشك أن الفيلين اليوم هما روسيا وفرنسا، أما العشب الجميل الطاهر الأخضر فهي أفريقيا العذراء كلها ولكن وبما أن إفريقيا أسد لم يتعلم الكتابة بعد، ولم يزأر كما ينبغي له أن يزأر، فالنتيجة الحتمية لكل ذلك وعلى قول الأفارقة في حكمهم الشهيرة "إلى أن يتعلم الأسد الكتابة، ستظل كل القصص تمجد الصياد !".

لاشك أن افريقيا تحن اليوم الى ماضيها التحرري والثوري القريب الذي ذكرهم به بوتين - صوت وصورة - حين تغنى بباتريس لومومبا، ونيلسون مانديلا، وعبد الناصر، واحمد بن بله، وكوامي نكروما، وكينيث كاوندا، وعمر المختار، وسامورا ماشيل، وجوليوس تيريري، بعدما تكالبت عليها القوى العظمى مجددا لتستعبدها من جديد، فحيثما وجدت ديمقراطيات افريقية رخوة، واقتصادات هشة، وأزمات سياسية خانقة ومشاكل أمنية حادة، وأينما اكتشفت ثروات طبيعية هائلة ظهر الروس ليحلوا بدلا من فرنسا انطلاقا من "مبدأ التخلية قبل التحلية" أو "الإحلال والإبدال" ففرنسا ذات التاريخ - الاستدماري - العنيف والطويل في القارة السمراء لطالما عانت من السوفيات ممن أسهموا سابقا - ليس حبا بأفريقيا طبعا - وإنما كجزء وكرجع صدى للحرب الباردة في دعم حركات التحرر الافريقية لدحر فرنسا والتضييق عليها من خلال تقديم الدعم ماديا وعسكريا ولوجستيا للعديد من الجمهوريات الافريقية فيما تحاول روسيا اليوم إحياء شراكات استراتيجية سابقة نجحت فرنسا في فصم عراها واحدة تلو الاخرى بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، ولطالما شحذت روسيا - بوتين - الذاكرة الافريقية خلال القمم الروسية - الافريقية المتتابعة بحضور 43 رئيس دولة أفريقية لتذكرهم بانتهاكات حقوق الانسان الاوروبية والاستعمار الفرنسي القديم - الجديد مقابل تلكؤ فرنسا في دعم الجيوش الافريقية بمواجهة الجماعات المتمردة خشية الانقلابات العسكرية على الانظمة الموالية لها هناك بل وارسال المزيد من قواتها بدلا من ذلك وبناء المزيد من القواعد العسكرية الفرنسية ولاسيما في غرب إفريقيا والساحل ووسط افريقا ما يفسر محليا وافريقيا على أنه احتلال فرنسي جديد يتوجب إزاحته بمساعدة الروس الطامحين بثروات وخيرات افريقيا التي تتطلع الى السلام والرخاء والازدهار حيث مناجم الذهب والفضة واليورانيوم والألماس والثروات البشرية والطبيعية الهائلة والارض العذراء التي يسيل لها لعاب القوى العظمى والتي فشلت فرنسا باستثمارها على الوجه الأمثل تماما كفشلها باسترضاء شعوب القارة السمراء وما يزال وسيظل تاريخها الاستعماري الدموي حاضرا في القلوب، وماثلا في الاذهان، وكلما خبا اواره تجدد في أروقة القمم الافريقية - الروسية ما فسح المجال واسعا أمام البروباغندا الروسية والصينية أو" أجندة الدب والتنين " للتوغل والتغول افريقيا على حساب الديك الفرنسي - منتوف الريش - حاليا والنتيجة هي انقلابات عسكرية متتالية واضطرابات أمنية وعرقية وسياسية متلاحقة ونفوذ قبلي مسلح يتوسع باطراد تغذيه القوى العظمى المتنافسة فيما بينها بشكل أو بآخر لتبقى أجندات المتصارعين على افريقيا بعيدة كل البعد عن أحلام افريقيا المجهضة وشعوبها الجائعة، فالدب الروسي يبحث عن أطواق نجاة وعن مخارج آمنة للمأزق الأوكراني الخانق للنفاذ مع قبضة العقوبات المفروضة عليه، وتعويض نقص الإمدادات من خلال افريقيا ومعظم نخبها الحاكمة كانت قد تخرجت في الجامعات الروسية كما أن الدول الإفريقية هي الأكثر امتناعا عن التصويت لصالح فرض عقوبات على روسيا داخل أروقة الأمم المتحدة وفقا للإيكونوميست، أما بالنسبة للديك الفرنسي فإنه لا يتمنى لمستعمراته السابقة التي تبيض له ذهبا، وتفيض خمرا وعسلا أن تفلت من قبضة يده هكذا بين عشية وضحاها لتذهب الى غرمائه من دون ردود أفعال توازيها في القوة وتعاسكها في الاتجاه، ولايختلف الحال مع الصين التي تسعى جاهدة لتحويل افريقيا الى معين جيو - سياسي لاينضب، والى حديقة خلفية لطريق الحرير الصيني البحري والبري الجديد!

فهل ستنجح فرنسا وروسيا بإقصاء كل منهما أم أنهما سيكتفيان بتقاسم الكعكة فيما بينهما قبل دخول أميركا والصين منافسا على الخط؟!

وحقا ما قاله الأفارقة في أمثالهم قديما "عند رؤية آثار قط، فإنك لن ترى آثار فأر البتة " فمابالك إذا ما تحول المواطن الافريقي الجائع، النازح، المهجر، المثخن بالألم والندوب والجراح الى فهد أو نمر أو أسد فهل سترى في عموم افريقيا بعد ذلك جرذا - استعماريا - واحدا يعتاش على ثرواتها وخيراتها التي لاتحصى قط؟!

***

احمد الحاج – كاتب وصحفي عراقي

الكتابة اليومية تتطلب من صاحبها جهداً كبيراً، فصاحب هذه الزاوية مطلوب منه أن يُقدِّم شيئاً يتجاوز ما اطلعت عليه الناس في الأخبار، وشاهدته من خلال الفضائيات، فالعبور إلى جسر الناس يتطلب من الكاتب أن يسعى كل يوم إلى الاطمئنان على أنّ العلاقة بينه وبين القارئ لم تدخل في مرحلة "الضجر واللامبالاة"، وأن الكلمات حاضرة ومؤثرة.. وأن نافذته لا تزال تحمل طعم ومذاق مائدة عامرة.

سيسخر مني البعض حتماً ويقول: يارجل السياسة في العراق مادة دسمة للكتابة الساخرة، ولكن ياسادة ياكرام، سوف يظل الفارق كبيراً في الحجم بين ما نكتبه، وسخرية السيدة عالية نصيف التي اكتشفنا مؤخراً أنها: "نبض الشارع العراقي وصوته المدوّي" وأتمنى ان لا تجرف الصحافة السيدة النائبة، وتنافس الفقراء من أمثالي على أرزاقهم .

هل نحن شعب لا يحب السخرية؟ لماذا نصر على أن ندشّن كل صباح من أيامنا الكئيبة، بحثاً عن حزنٍ، لنجد أنفسنا حزانى، متشائمين، نتحرك فاغري الأفواه، ننظر إلى وجوه أبطال المسلسلات الباكية، ونبدو بعد انتهاء المسلسل، كأننا ناجون من محرقة، لم نحتمل وجود ساخرين كبار من أمثال "حبزبوز" الذي مات معوزاً، او المرحوم "ميخائيل تيسي " الذي أصدر أول صحيفة فكاهية أسماها " كنّاس الشوارع " أراد من خلالها انتقاد العادات والنواقص في الناس والمجتمع، فاختار لها المكنسة التي لم تجلب له في النهاية سوى المصائب بعد أن وجد نفسه ذات ليلة محاصراً بالعصي والسكاكين ليقرر على أثرها رمي المكنسة في نهر دجلة، .

في خضمّ أخبار الكآبة ووسط فوضى سياسية، ثمة أفعال وأخبار تبدو مضحكة أحيانا، من هذه الأخبار المضحكة، خبر الدب الذي قرر مسؤول عراقي ان يستورده للترفيه عن الكآبة التي تعاني منها عائلته بسبب انقطاع الكهرباء عنهم، وشحة راتب الوالد الذي لا يتجاوز الآلاف من الدولارات.

كان المفكر الإيراني الراحل، علي شريعتي، ، يقول "إن الكاتب الذي يتجرّد من مجتمعه، هو الخطر الأكبر على هذا المجتمع، حتى إنْ صعد على عرش المفكرين بالعالم، ليبقى مجتمعه على الانحطاط نفسه، ولو جاء أبو ذر الغفاري بدلاً من آلاف من أمثال الكتّاب الذين لالزوم لهم، لتخلّصت مجتمعاتنا من التخلف وأنظمتها الدكتاتورىة الحاكمة".

فيلم "الدبة" لن ينته لأنه يظهر لنا أن أنصار دولة الكوميديا أكثر مما نتوقع، وظهر أيضا أن أساطير السادة المسؤولين عن أنفسهم تجاوزت الحد المعقول، وان مفهوم السيطرة على البلاد والعباد، سيكون بديلا لمشروع الإصلاح وتقديم الخدمات، وأن حل مشاكل العراق يكمن في استيراد اكبر عدد من الدببة يضافون الى الدببة المنتشرة في مؤسسات الدولة .

***

علي حسين

قال: لا أفهم ما أقرأه مما يسمونه شعرا!!

قلت: الشعر للتذوق لا للفهم!!

قال: كيف تقول ذلك، ولازلنا نفهم قصائد أبو تمام، البحتري والمتنبي؟

قلت: الشعر يتأثر بعصره!!

قال: الشعر الحالي مبهم ومحشو بالرموز!!

قلت: قيل لأبي تمام لماذا تكتب ما لا يُفهم، فقال: لماذا لا تفهم ما يُقال!!

قال: شتان بين هذا وذاكَ!!

قلت: يا أخي تذوَّق الشعر، ولا تحاول فهمه!!

قال: نزار قباني واضح في شعره وتتذوقه، بينما محمود درويش في قصائده المتأخرة أمعن بالرمزية، حتى لتقرأ القصيدة ولا تخرج منها بنافع!!

قلت: إنهم يسمون ما يكتبونه شعرا، وعليك أن تصدقهم!!

قال: "السيف أصدق أنباءً من الكتب...."

ثم قال: "يا من رأى البركة الحسناء رؤيتها...."

وأضاف: "على قدر أهل العزم تأتي العزائم...."

ومضى يستحضر أشعارا من المعلقات وما بعدها لشعراء لا نزال نرددها.

وسألني غاضبا: هل تحفظ شيئا مما يسمونه شعرا؟

تسمرت في مكاني وإحترت بالجواب!!

وتساءلت: كيف نتذوق الشعر دون أن نفهمه؟!!

***

د. صادق السامرائي

من العاهات الأساسية المعوقة للأجيل على مدى القرون، تمترسنا في موضوعات سالفة غابرة، نستهدف منها إستحضار الأموات وتخويلهم قيادتنا.

تأريخنا لا يختلف عن تأريخ الأمم والشعوب، فيه الأبيض والأسود والرمادي، والغريب في سلوكنا أننا لا نعرف النظر لغير اللون الأسود وننكر باقي الألوان، وبسبب التركيز المتواصل المتكرر على اللون الأسود، أصبحنا نرى تأريخنا بعين التطرف، فإن نطقتَ بغير ذلك تُحسب من الأعداء المارقين.

وذات الآلية تنطبق على الدين، فالإسلام دين بين الأديان وليس الدين الوحيد، والفرق أن الإبتعاد عن الإسلام تنامى مع تزايد عدد المدّعين بأنهم يمثلونه، ويطرحون دينهم الذي يحمل ماركة تجارية متعارف عليها " دينهم هواهم"، أي الذي يؤمّن مصالحهم ويعزز جاههم وسلطانهم ويملأ جيوبهم، والدليل على ذلك أحوال بلدانهم التي يتمنطقون فيها بدين.

المسلمون يهتمون بالكلام والطقوس وردود الأفعال العاطفية، والأديان الأخرى تركز على السلوك وتقويم التفاعل الرحيم بين البشر.

ويبدو أن أعداء الأمة والدين تسللوا خلال هذه الثغرات وأجادوا اللعبة، ودُفع بالأجيال إلى التصارعات البينية العبثية المبددة للطاقات والقدرات، والمؤمّنة للمصالح والتطلعات والتحالفات التدميرية للذات والهوية.

والعجيب بالأمر أن بعض أبناء الأمة لديهم القابلية على التفاعل الإيجابي مع أعدائها، وتمرير مخططاتها وتنفيذ مشاريعها، وكأنهم جنود أوفياء لأسيادهم، الذين يجودون عليهم من ثروات البلاد، التي يضعون أياديهم عليها  بشتى الأساليب.

ولابد من القول أن تأريخنا فيه الغث والسمين، والمظلم والمنير، وعلينا أن نقترب منه بموضوعية وحيادية وعلمية، بعيدا عن الأحكام المسبقة والنظرات المغالية المتطرفة، وهذا ينطبق على الدين أيضا، فله ما له وعليه ما عليه، ولا يجوز التمسك بفترة ما أو بمرحلة وتسليط الضواء عليها من زاوية حادة ذات نفقية شديدة.

فلا توجد في التأريخ مسيرات مثالية، ولا يوجد بشر مؤلّه أو مقدس، فما داموا من لحم ودم، ففيهم من طبائع التراب ما لا يمكن عده.

فهل لنا أن نحترم أنفسنا ونقرأ تأريخنا وديننا بعيون العقل؟

فمتى ستتعقل أمة يعقلون؟!!

***

د. صادق السامرائي

نسمع كثيرا ونقرأ أكثر عن سيرة حياة شخصيات كان لها حضور مميز في مجتمعاتها، عاشت حقبة زمنية مخلفة تركات أثرت التاريخ وأثرت فيه، وطبعت في صفحاته بصمات لم تمحها عوامل التعرية وعواصف التغيير، ولم ينسها أفراد المجتمع بشرائحه كافة، بل جاوزت نطاق مجتمعاتها وحلقت الى أمم أثبتت حضورها فيها بكل اقتدار. كما صدح ذكرها هناك حيث الغريب والبعيد والمستطرق وعابر السبيل، فعلا بهذا شأن منبعها ومنبتها وعلا معها صيت مجتمعها وأهلها. ولكن ومن المؤسف أن يرافق هؤلاء شرذمة تعمل بالضد من المجتمع والمواطن على حد سواء، ومهما كان تعدادهم قليلا فإن لهم تأثيرا سلبيا لايمكن غض الطرف عنه.

في بلدنا العراق، لو أردنا إحصاء الشخصيات الإيجابية لتطلب الأمر منا مجلدات ضخام، ولجفت قبل إتمام العد أٌقلامنا، فأرض نشأت فوقها حضارة تمتد جذورها الى سبعة آلاف عام، لاشك أن تكون ولادة عطاءة لاسيما وقد كانت مهبط الأنبياء والرسل، وشهدت حياة بضعة أولياء من أبناء بضعة رسول الله (ص) وضمت فيما بعد جثامينهم في أرجائها، لم تندرس ولم يُمحَ ذكرهم رغم المكائد والمصائد والأشراك التي حيكت -ومازالت- على مدى قرون، بل على العكس، فقد غدا ذكرهم يسمو ويعلو دون أي تأثير للمتكالبين والمتطاولين والمتوعدين لهم بالشر زمانا ومكانا، إذ بات تأثيرهم كما قال شاعر:

دع الوعيد فما وعيدك ضائري

أطنين أجنحة الذباب يطير

ولمقلّب التاريخ يكشف في كل زاوية من زوايا وادي الرافدين أسماءً، طرزت سماءه منيرة باهرة زاهرة، مافتئت تذكر في كل مقام ومقال، ولم تبرح سيرتها كل بال ولسان مدى العصور. وبالمقابل، هناك أسماء اقترن ذكرها بالسوء والشر، وشكلت في حياة العراقيين نقطة سوداء في ذاكرتهم، وإنه لمن المؤسف أن هؤلاء في ازدياد وتناسل مستمر.

في مجلس ممثلي الشعب، عادة ما يبدأ أعضاؤه ورئيسهم عطلتهم التشريعية كل عام، وهي تمتد شهرا كاملا، ولو حسبناها (حساب عرب) يكونون ملزمين باستئناف دوامهم الرسمي بعد انقضائها، ومن المفترض أنهم سيأتون الى مواطنيهم بهمة ونشاط عاليين، وحافز ودافع قويين، ونستبشر بهم خيرا متمنين أن يحملوا لنا حلولا للمشاكل المستعصية الماضية، فضلا عن قطع دابر المصائب والمآسي التي أرهقتنا، ولاسيما ان تلك المشاكل لم تأتنا مع مطر تشرين، ولا مطر كانون، ولا مطر صيف، بل هي صنيعة أحزاب وكتل وشخصيات وجهات انتهازية.

وقد يحسبني قارئ سطوري هذه قنوطا ومتشائما إن كررت مثلنا القائل: (لاترجه من البارح مطر) او مثلنا الآخر: (بعيد اللبن عن وجه مرزوك). فبصراحة القول أن التجارب السابقة أعطت فكرة متكاملة إلى حد بعيد، حول ماسكي سدة الحكم في البلاد، وهم باتوا: (سيف المجرب) وما يؤسف أنه مجرب فيما لايفرح مواطنا عراقيا وضع جميع بيضه في سلتهم، ولو علمنا أن المواطن العراقي هو أبعد مايكون عن اهتمامات قادته وساسته، فهم يعمدون العمل بما لاينفعه، واضعين شعار: (أنا ومن بعدي الطوفان) صوب أعينهم واهتماماتهم، أما الذي انتخبهم بأصابعه البنفسجية فـ (إله الله). أما خيرات البلاد فمن حقهم العيث فيها، والعبث بها مشرع لديهم، أما الفضل قمة الفضل أن يتركوا للمواطن فتاتا يقتات عليها بأوطأ نسب الكفاف، ولعل صاحب الأبوذية صور هذا بإنشاده:

بس آني بلاني الهوه يو كل

اذب روحي عليهم تبل يو كل

أرَ غيري بكل العثك ياكل

وانا الحشفات مايصحن بديه

***

علي علي – كاتب وصحفي عراقي

منذ الغزو الاطلسي للبلاد والامم المتحدة التي تمثل الدول العظمى والاقليمية ما فتئت القول بانها تسعى الى ان يتوصل الفرقاء الى توافق سياسي يقود الى انتخابات شفافة ونزيهة تعاد من خلالها الطمأنينة للشعب وتهيئة الظروف للعيش الكريم، وأن البعثة لا تناصر طرف ضد اخر، ولا تفرض شروط عليهم، بل تقف على الحياد، بأثيلي لم ترق له التفاهمات المنبثقة عن لجنة 6+6 النيابية، ولجنة 5+5 العسكرية والتي ادت الى عدم قيام الحروب بين اطراف النزاع وهذا في حد ذاته يعتبر انجازا يجب شكر الذين سعوا لتحقيقه والبناء عليه.

وصف بأثيلي توافق مجلسي النواب والدولة بانه يصب في مصلحتهما، وبانه لا يقود الى نتيجة ويجب اشراك الجميع في العملية الانتخابية دون اقصاء،كلمات جميلة ورنانة تدغدغ عواطف الليبيين، ولكن هل يمكن ذلك دون تحقيق المصالحة التي يجب ان تحدث تحت اشراف الامم المتحدثة؟ بالتأكيد لم تحدث مصالحات، ولكننا نلاحظ ان هناك تحسن في اداء السلطة التشريعية وتجاوب معها مجلس الدولة من اجل الخروج من الازمة، ايا تكن الاسباب التي جعلتهم يتوافقون، اما خوفا على مصالحهم او خشية ابعادهم عن المشهد السياسي بتشكيل لجنة دولية على غرار تلك التي شكلتها ستيفاني وادت الى مجي السلطة الحالية التي نعتبرها اكثر فسادا واهدارا للمال العام من غيرها.

بأثيلي ومن ورائه المجتمع الدولي يريدون بقاء حكومة الدبيبة في السلطة لأنها تنفذ رغباتهم ما يعني ان أي محاولة لإقصائها ستبوء بالفشل، أي استمرار الفساد غلى اوسع نطاق، لقد ادرك ساسة ليبيا ومن ورائهم الشعب، أن باثيلي الذي تأملوا بتعيينه بارقة خير على الوطن، انه مثل اسلافه ان لم يكن اسوا منهم وانه ينفذ اجندات الغرب وان ما يردده من كلام منمق سبق لغيره قوله.

لقد اتضح ان الامم المتحدة لم تكن تستهدف النظام بذاته، بل تستهدف الشعب واحداث الفتن بين مكوناته واستلاب خيراته، ألم يكن بإمكانها ان كانت فعلا تنوي الخير والديمقراطية، اجبار الاطراف المتنازعة على الجلوس والتفاوض (وقطع الامدادات العسكرية التي لم تنقطع يوما) من اجل الخروج بقوانين انتخابية تتيح الفرصة لكل الليبيين بالترشح وليقول الشعب كلمته، واجبار تلك الاطراف على الاذعان لنتائج الانتخابات، ما يقوله باثيلي كلام حق اريد به باطل (الباطل في ثنايا الحق)، ولكن الى متى ستستمر معاناة الشعب؟ سؤال الاجابة عليه برسم القوى الحية.    

الذي يجدر قوله بشان الاوضاع المزرية والتدخلات الخارجية في الشأن المحلي: رهان القوى المحلية المختلفة المشارب وعلى مدى عشر سنوات، على السقوط الكامل للدولة من أجل تحقيق مصالحها الضيقة، وبدعم خارجي بطبيعة الحال، دون أن يدري هؤلاء أنهم عندما يعودوا الى رشدهم ان البلد قد سقط في ايدي الدخلاء الذين استجلبوهم او احتموا بهم ونجزم بانهم ذات يوم سيسقطون هم ايضا.

***

بقلم/ ميلاد عمر المزوغي

أنثى – ذكر

إمرأة – رجل

الحياة الكونية بأسرها مبنية على ثنائية متعارف عليها ، ففي كل موجود هناك قوتان متجاذبتان متفاعلتان، لصناعة ما يساهم في بناء الحياة وتأمين البقاء، وأي خلل أو إضطراب ما بين أطراف المعادلة الصيروراتية، الأزلية الأبدية، يتسبب بتداعيات مناهضة لإرادتها.

وهناك زيغانات سلوكية رافقت البشرية منذ أول عهدها بالمجتمعات، فكانت المثلية الطاغية بين الذكور، وموثقة بالكتب السماوية، والمدونات البشرية بأنواعها.

ويبدو أن البشر إذا تنامت أعداده، إزدادت ميوله للعدوان على معادلة البقاء، وكلما تطورت الأحوال الإقتصادية، وتحققت المدنية فالأمر يبلغ مداه، وفي التأريخ أمثلة على أن الحضارات عندما تطورت سادت فيها ثقافة الغلمان، فكان أصحاب الكراسي والجاه يمارسون الجنس مع الغلمان، ويتغزلون بهم، وهناك أشعار كثيرة فيهم.

ومن الغريب لا توجد مدونات  وفيرة عن علاقة الأناث ببعضهن، فالأمر ربما تألق في القرن العشرين،  وتواصل بمقبولية في بعض المجتمعات في القرن الحادي والعشرين.

وتجدنا أمام محنة وقوف الطفل أمام نفسه ليسألها هل أنه ذكر أم أنثى!!

لا يهم المظهر البدني البايولوجي، فالموضوع مرتبط بالكينونة النفسية للطفل، فأنا ولدت ذكرا وشعوري يشير إلى أنني أنثى والعكس صحيح.

ترى هل يوجد بشر خنثي؟!!

إن التوجهات الجديدة ستصنع مجتمعات غريبة، ذات إندفاعية إنقراضية عالية، تتوافق وإرادة الأرض التي سئمت من بشرها، وراحت تبحث عن وسائل كفيلة بتقليل الأعداد، وفي محاولاتها وكأنها تستعد لإعلان الواقعة، وما أدراك ما هي!!

فالبشر لديه ما يقضي به على نفسه وذلك ليس ببعيد!!

وإلا فما معنى التشكك بالكينونة البايولوجية للبشر؟!!

***

د. صادق السامرائي

خامسا- يراهن عدد غير قليل من الخطباء – من الذين أصبحوا نجوما على الفضائيات- على ما يدره خطابهم الطائفي المأزوم المتسخ بسباب الاخر، والنيل من مقدساته، ولعن رموزه، من الشهرة والمال اضافة إلى السلطة الروحية بأيسر الطرق وأقلها جهدا. وهؤلاء عادة ليس لهم حظ من التحصيل العلمي الجاد، ولم يتحلوا بثقافة عامة، فصار هذا الخطاب بضاعتهم الرائجة في مجتمعاتنا الاسلامية في السنين الاخيرة. مخالفين بذلك سيرة النبي (ص) وآل بيته الكرام، ضاربين بها عرض الجدار.

يلاحظ أن السمة البارزة لهذا الخطاب هي العدوانية تجاه الاخر المذهبي أو الديني مفترضا على الدوام وجود عدو، وخصم لابد من مواجهته، "وعادة ما تتلفع هذه الخطابات بغطاء، يصاغ عبر شعارات استنهاض واستغاثة تثير المشاعر، وتوقد العواطف، وتحرض على الانخراط في عداوات وحروب باسم الله"، والعقيدة. ما خلق شرخا في الأمة يتعذر رتقه في الأمد المنظور، ورسم حواجز منيعة بين إنسان وآخر سواءً بين المسلمين أنفسهم، أو بينهم وبين الآخرين. اضافة إلى زعزعة ونسف أسس العيش المشترك، كان أحدهم في خطبة عامة تبث على الفضاء يعتبر طائفة من البشر (الكرد) قوما من الجن يكره التزويج منهم! معتمدا على مرويات ضعيفة لم يُقم لها العلماء المتخصصون وزنا، إذ بناءً عليه يلزم عدم تكليفهم كتكليف الإنس! أسوق ذلك على سبيل المثال وإلّا فالشواهد أكثر من أن تحصى.

سادسا- أحد الأسباب الهامة لابتعاد الخطاب الديني عن التأثير في إصلاح المجتمع خضوعه لنمطين يغلبان عليه فهو:

إما كونه خطاب تبجيلي، تنزيهي، تمجيدي، تزلفي في الغالب، يُقرّ الناس على اخطائهم بل يمتدحهم عليها إرضاءً ومداراة.. يبتعد الخطيب فيه عن كل ما يجعلهم يستاؤون منه وبالتالي ينفضون عنه، يخشى ممارسة نقدهم في حال جانبوا الاعتدال في تمثلات الدين وتطبيقاته، لا يؤشر على عاداتهم السيئة وممارساتهم الخاطئة، وشعائرهم الدخيلة بل هو مواضب على كيل المديح لهم، وانهم الافضل من بين الامم على ما هم عليه من أخطاء، أو جهل وتخلف، وانهم الناجون الوحيدون يوم القيامة، وما خلقت الجنة الا لهم! لا لأنهم يعملون الصالحات بل لأنهم مسلمون وكفى!!

ولّد هذا النمط من الخطاب حالة من الزهو والرضا عن الذات يمتنع معها ان يفكر الانسان بحاجته إلى إصلاح منظومته السلوكية والفكرية، فضلا عن المبادرة بالإصلاح، ناهيك عن حالة التعالي على الاخر وازدرائه. يحصل ذلك في وقت احوج ما يكون مجتمعنا لمن يصارحه بمشاكله المعرفية والثقافية، وأمراضه الروحية والأخلاقية، ويمارس نقده في بعض أنماط حياته وعاداته. ما أحوج مجتمعنا إلى من يحمل مشرطا كمشرط الجراح ليزيل الكثير من الأورام الخبيثة التي انتشرت في جسده فأنهكته وأضعفت مناعته لدرجة أصبح يقبل كل ماهو غث وساذج، ولا يميز بين ما يضره وينفعه، بين من يريد به سوءا ومن يبتغي له رفعة وسموا. أقول ذلك

مدركاً ضرورة تعضيد الحالة النفسية لأفراد المجتمع، وتأكيد ثقتهم بأنفسهم والتركيز على النقاط المضيئة التي يتحلون بها.

مقابل هذا الخطاب هناك خطاب توبيخي، مغرق بالتقريع والانتقاد اللاذع الهدام، والطرق المستمر على رؤوس الناس، واستخدام عبارات قاسية محبطة، غير محفزة خصوصا حين يكون الخطاب موجه لشريحتي الشباب، والنساء الذين يعيشون فضاءً خاصا لايمكن تهذيبهم والتأثير عليهم بهذه اللغة العنيفة الجارحة مما يؤدي الى نفورهم من الخطاب الديني وسائر مخرجاته.

***

مضر الحلو

يقول الأبله البغدادي: "لا يعرف الشوق إلا من يكابده...ولا الصبابة إلا من يعانيها"، ويمكن القول على ذات الإيقاع: " لا يعرف الإنجاز إلا مَن يحققه.. ولا البطولة إلا مَن يوافيها"!!

البيئة في معظم دول الأمة، يتعزز فيها سلوك الطرد للإيجابي، وتأمين وترسيخ ما هو سلبي، لكي تبقى فريسة سهلة على موائد الطامعين.

ومن عجائب سلوكنا أصبحنا نطهي أنفسنا ونقدمها وجبات شهية للآخرين، ونأنس بما نقوم به، وننتشي بإنجازاتنا المدمرة لذاتنا وموضوعنا.

ودارت العقود العصيبة بناعور الويلات والتداعيات والتفاعلات الإستنزافية، والمحاولات الإتلافية اللازمة للتخميد والتقعيد والتقنيط.

وما جرى في دولنا على مدى أكثر من قرن، لا يخدم أجيالها، ويصب في مصلحة المُستهدفين لها، ولا نزال نتحرك بإندفاعية نحو تدمير وجودنا بإرادتنا المبرمجة ضدنا، فأساليب الإفتراس الحضاري الجديدة، أن تتحول عناصر ومفردات الهدف إلى عوامل مساعدة للإجهاز عليه، وهذا ما يحصل في ديارنا.

ووفقا لما تقدم، فالمشاريع النافعة توضع أمامها العراقيل، وتعيش في مواجهة قاسية مع الواقع الرافض للإيجابي، والمؤازر للسلبي الميَسر لتأمين الإرادة المضادة وإيصالها إلى مآربها المنشودة.

ومن المعروف أن الثقافة النفسية من العوامل التنويرية اليقظوية النهظوية، اللازمة لإعمال العقول وتحفيز التفكير، وجلاء الوعي ووضوح النظر، وتأهيل الناس لإمتلاك قدرات ومهارات تقرير المصير، وهذا يتقاطع مع أساليب تكريس المصالح الأجنبية، والحفاظ على المكاسب المتوخاة من الذين يتم تخويلهم بوكالة إدارة البلاد وقهر العباد.

فالدول التي تناهض الحياة وتنفي إرادتها، وتعشق التعفن في الحفر، تستحضر خمائر إتلافها ومنها تعطيل العقول، وتأجيج النفوس، وضخها بأسوأ الشرور، وحثها على التوحل ببعضها، والتواصل في غيها، ليكون الجهل مرتعها، وتبديد قدراتها الجمعية سلوكها المرهونة به رغما عنها.

وفي هذه البيئة الغابية المزدحمة بالجوارح والكواسر والوحوش، تتحرك الطاقات المؤمنة برسالة الصيرورة الحضارية الكبرى، وبأن الأمة أقوى من صولات العدوان والجبروت عليها.

وما دامت فيها مشاعل لا تنطفئ، فهي حية ومتوثبة، وستنتصر على مصدات تعويقها!!

***

د. صادق السامرائي

في زمن الحصار سافر العديد من حملة الشهادات العراقيين للعمل في ليبيا، حتى بلغ عدد حاملي الدكتوراه العاملين في ليبيا ألف شخص في مختلف الاختصاصات.

سألوا القذافي عن جدوي استقبال كل هؤلاء ومدى حاجة ليبيا لخدماتهم؟

أجاب القذافي: معدل رواتب هؤلاء هو ٥٠٠ دولار شهرياً، يعني ان كلفتهم الشهرية نصف مليون دولار وكلفتهم السنوية ستة ملايين دولار فقط!!

وهذا مبلغ تافه قياساً بالفائدة التي يمكن ان نحصل عليها منهم.. لقد وظفنا بعضهم مدرسين في المدارس والمعاهد في المناطق البعيدة...

وهؤلاء لو جلسوا في المقاهي وتحدثوا مع الناس فأنهم سوف يرفعون من مستوى ثقافة المجتمع..

كل حامل دكتوراه يكلف بلده بحدود مئة الف دولار، ونحن نأخذهم مجاناً.

قارنوا هذا المنطق المعقول بكلام رئيس دولة العراق في حينها، عندما تحدث في التلفزيون قائلاً:

نحن لانحتاج دكاترة الزراعة وبامكانهم ان يعملوا عمال في الطين !! اي عمال بناء !!

في الوقت الذي كان البلد يتعرض للحصار والتجويع وكان الأجدر بالدولة ان تُقِيم مراكز ابحاث زراعية يعمل فيها دكاترة الزراعة لتطوير سلالات جديدة من الحبوب والحيوانات لزيادة الإنتاج والانتاجية وتطوير اساليب الري وازالة الملوحة من التربة ومكافحة الامراض والآفات!!

كما فعلت اسرائيل عندما عملت على تطوير سلالات الأغنام العراقية !!

قرأت مقالة في التسعينيات نشرتها صحيفة: كريستيان ساينز مونيتور الامريكية، عنوانها: ليبيا مقبرة لحملة الدكتوراه العراقيين

Libya is a graveyard if Iraqi ph.d's

كانت تتحدث عن هجرتهم لبلدهم الذي استغنى عنهم في احلك الظروف وتركهم يقبلون العمل بادنى الاجور في ليبيا.

انه حقاً زمن جميل !!

***

د. صلاح حزام

المتتبع للأحداث المتسارعة التي صدرت مؤخرا من حكومات الدول الأوربية (السويد والدنمارك) والتأئيد الغربي لها من خلال السماح لأفراد شاذة بالاعتداء على اقدس الكتب السماوية وحرق علم العراق تحديدا والغريب ان ذلك يحدث مع وجود قرار من الامم المتحدة في 12تموز الجاري يدين اعمال الكراهية الدينية و نص “ (على ضرورة اعتماد قوانين وتشريعات لملاحقة مرتكبي الأفعال الرامية إلى إذكاء روح العداء للإسلام وسائر الأديان”)

وهذا يوضح بما لايترك الشك بان هنالك ثمة ازدواجية في حماية حرية التعبير لدى السويد وغيرها من دول الغرب؟

وبالرغم من قباحة الفعل الشنيع وتاثيرة بالنفس الا انه بالحقيقه اظهر لنا الوجة الحقيقي “القبيح” لتلك الدول التي لطالما كانت تختبى خلفه من قبيل ادعاءها احترام حرية التعبير والمعتقد وتوجيهها انتقادها اللاذع للطائفة والعرق والمذهب ولرب سأل يسأل لماذا في كل عملية حرق للقران يرافقها حرق علم العراق وأمام سفارته ولماذا تقع علية مسؤوليه الدفاع ومن ثم المواجهة مع تلك الدول المارقة وبطبيعة الحال الكتاب واضح من عنوانه فتلك الدول تعلم علم اليقين قوة وتأثير وصلابه العراق ذلك البلد الذي علم الإنسانية القراءة والكتابة وما وصلت له تلك الدول المارقة كلها الا بفضل العلوم التي استحوذت عليها من خلال استعمارها للعراق والدول العربية حيث نقلت كل تلك الكتب النادرة إلى مكاتبها واجرت عليها الدراسات لتخرج بالتبجة جيلا متنورا تاركة العراق والبلاد العربية تعيش في حاله من الفشل والعوز وتفاقم الصراعات الداخلية وضياع الهوية نعم لقد اعترف الجميع بأن ردة الفعل العراقية كانت هي الأصدق والاقوى والتي اكدت قوة وثابت العراقيين في الدفاع عن هويتهم الإسلامية رغم ان العراق يعيش حاله من الوهن والمرض على عكس الدول العربية والإسلامية التي هي في مصاف الدول المتقدمة لكن ردود أفعالها كانت خجوله جدا ليست بمستوى الحدث وكانت كلمات الادانه بلغة دبلوماسية عالية جدا وكانها تتحدث عن حادثه اعتداء على مواطن مسلم مثلا قي تلك الدول وليس حدثا كبيرا !

لقد اثبت العراق بأنه حجر عثرة امام المخططات التي تريد النيل من الاسلام ذو المليار انسان وثبت بانة المقصود دون الآخرين فإذا تمكن الغرب من إسقاط العراق وتركيعة ومن ثم اذلالاله فإن كل مخططاتهم في المنطقة ستمر دون أن يوقفها “حارس البوابه ” بدا من التطبيع وشاهدنا معظم الدول العربية والاسلامية كيف تهاوت امام مشروع التطبيع في حين بقى العراق صلدا رغم ضعفة فالذي يحدث الآن هو طمس الهوية الإسلامية الوطنية وانها هذة المرة سوف تهدم

بمعاول عربية وبعدها تنشر الفكر الميمي المنحل وتنشر الافكار الظاله المنحرفة الاخرى كـ(الجندرة) لتنهي كل ما بقى من هويه المسلم نكاية بتراث وحضارة اقدم البلدان

***

علي قاسم الكعبي

فحوى مقالة البروفيسور قاسم حسين صالح المنشورة في صحيفة المثقف على الرابط ادناه

https: //www.almothaqaf.com/qadaya/970468/

 يخص شريحة واسعة من تكوين المجتمع العراقي وهذه الشريحة مؤثرة اليوم في المشهد السياسي والاجتماعي العراقي.. عليه فمن الضروري بيان الرأي بما ورد فيها.

ورد في مقالة البروفيسور قاسم حسين صالح موضوع المناقشة التالي:

1 ـ [لو ان الانسان يعيش حاضرا يمنحه حياة كريمة ويؤّمن احتياجاته المادية ويحرره من الخوف وقلق المستقبل، فهل تبقى الطقوس الدينية بهذه الجموع الغفيرة؟]. وعن هذا السؤال يجيب البروفيسور قاسم حسين صالح في نفس المقالة بالتالي: (يقدم عراق 1959 اجابة عملية، ففي ذلك العام كانت الحكومة قريبة من الشعب، وفيه منح العراقيون عبد الكريم قاسم لقب (ابو الفقراء).. لأنه بنى مدينة الثورة لساكني الصرائف في منطقة الشاكرية، واكثر من 400 مدينة جديدة وعشرات المشاريع الاروائية، بفضل اختياره لوزراء وفقا لمعايير الكفاءة والخبرة والنزاهة ، ولأن الرجل، بشهادة حتى خصومه، كان يمثل انموذج الحاكم القدوة من حيث نزاهته)]انتهى.

*أقــول: في ص (17) من كتاب البروفيسور قاسم حسين صالح: (الشخصية العراقية من السومرية الى الطائفية) وتحت عنوان فرعي هو: (شواهد حديثة) وعن عبد الكريم قاسم وعام 1959 بالتحديد ورد التالي: [في 1959 سحل بالحبال وعلّق على المشانق اشخاص في الموصل وكركوك] انتهى

* أقــــول: هل اطلق العراقيين على عبد الكريم قاسم (أبو الفقراء) لأنه قام بمثل تلك الاعمال/ الجرائم او انها جرت في زمانه.. أي لأنه (سحل بالحبال وعلّق على المشانق.. ).. الرجاء الانتباه الى: (عَلَّقَ) التي يُفهم منها ان الزعيم عبد الكريم قاسم من قام بذلك.. انا لا اعرف هل انه قام بذلك؟

نعم إنجازات الزعيم عبد الكريم قاسم له الرحمة والذكر الطيب كثيرة ومهمة ولا تزال موقع اهتمام كل من يتعرض لتلك الفترة سواء من محبي الزعيم او الناقمين عليه حيث لا يمكن ان يحجبها أي غربال.. لكن هناك الكثير من الإنجازات التي وقعت او جرت بعد الزعيم عبد الكريم قاسم ولا يمكن انكارها مهما كان موقف الدارس من النظام الذي أُنْجِزَتْ فيه/ خلاله واقصد هنا القفزة العظيمة التي شملت كل نواحي الحياة في العراق وبالذات بعد انجاز عملية تأميم الثروة النفطية عام 1973.. تلك الأمور التي بدأت/حصلت قبل التأميم وبعده أي خلال الفترة من عام 1970 الى عام 1979

وهنا لابد من التأشير الى/على حال المدارس والجامعات (التعليم بشكل عام) والبروفيسور قاسم حسين صالح أكمل تعليمه الاعدادي والجامعي الاولي والعالي (ماجستير ودكتوراه) خلال تلك الفترة وهو (ماركسي) كما نقل لنا قول للراحل الوردي: (انا ما احب الماركسيين ولكن ليش احبك ما اعرف)!!! وكان البروفيسور قاسم شاهد ومساهم في القفزة الإعلامية والثقافية التي حصلت وكان احد العاملين المتميزين كما نقل لنا عن نفسه في المجال الإعلامي وقت ذاك.. وكذلك التطور الصناعي (المعامل والمصانع) وانا كنت اعمل في الصناعة واعرف حجم تلك القفزة الجبارة.. والقفزة التي شملت الرواتب والمعونات الاجتماعية.. وكذا الحال في مجالات الرياضة والفنون والطباعة والنشر والزراعة ومحو الامية وتوزيع الأراضي وارتفاع المستوى المعاشي للناس العناية الصحية للجميع دون استثناء.. كل ذلك فاق ما حصل على زمن الزعيم عبد الكريم قاسم مع الاخذ بنظر الاعتبار الزيادة السكانية؟؟؟

وقد أشار الى ذلك البروفيسور قاسم حسين صالح في مقالته: (العراقيون والغضب.. مهدات الى معهد غالوب) تلك التي نشرها بتاريخ 05.07.2022 حيث كتب فيها: [ونُذَّكر معهد غالوب ان الغضب عند العراقيين ما كان شائعاً في عقد سبعينات القرن الماضي ،لأنهم كانوا فيه بحالة اقتصادية جيدة وكانوا يقصدون الدول الأوروبية للسياحة يستمتعون بأجمل ما في الحياة من مسرات ويعودون حاملين حقائب من الهدايا يشيعون فيها الفرح بين المحبين] انتهى!!!!؟؟؟؟.

2 ـ ورد ايضاً: [والذي حصل عندها ان الناس توحدوا سيكولوجيا بحاضرهم وما عادت بهم حاجة لأن يستحضروا الماضي ويتوسلوا بأشخاص قضوا نحبهم.. ولهذا ما كانت هنالك طقوس دينية بهذه الجموع الغفيرة، بل كانت مناسبات احياء ذكرى لرموز دينية عظيمة تجري خالصة لأصحابها لتشبع فيهم محبتهم وتقديرهم اللامحدود لتلك الرموز الخالدة] انتهى

* أقــول: [الجموع غير الغفيرة في عام 1959 بالمقارنة مع حالها اليوم تعود كما أتصور الى أن سكان العراق عام 1959 ربما اقل من (6) مليون نسمة واليوم اكثر من (43) مليون أي ان هناك زيادة بحدود(37) مليون شخص أي ان الزيادة بحدود سبعة اضعاف عدد السكان.. من ال (6) مليون هناك من لا يعترف بهذه الطقوس ربما ثلثي الشعب.. ومن الثلث الباقي لم يساهم الأطفال والشيوخ والنساء كما يحصل اليوم ونضيف لهم (عام 1959)عسر الحال وانتشار الفكر غير الديني (شيوعي، بعثي، قومي.. مدني ،علماني) والبروفيسور قاسم حسين صالح اكيد يعرف حال العام 1959 وربما شارك مثلي في تظاهرات عيد العمال العالمي في الأول من أيار حيث كنتُ بعمر ثمانية أعوام وحملت مشعل الحرية في التظاهرة الكبرى التي جرت في مدينة الناصرية والبروفيسور اكبر مني عمراً وربما ساهم فيها.. و كان ولا يزال يعرفها ويتذكر أجواء عام 1959 افضل مني واحسن. .

3 ـ ورد: [والحقيقة السيكولوجية الخفية هي ان العقل الشعبي المشحون بانفعال الطقس الديني، لن يتحرر إلا بذهاب سياسيين خبثاء يوظفون الطقوس الدينية للبقاء في السلطة، ومجيء حكومة تؤمن لهم حياة كريمة آمنة، وعندها سوف لن تكون غاية الطقوس الدينية تفريغ هموم، او متعة سيكولوجية في استحضار الماضي هربا من الحاضر، او عرض مظالم على اشخاص قضوا نحبهم.. بل اشباع حاجات روحية آخروية وتعبير عن مشاعر حب وتقدير خالصين لرمز ديني يعدّ انموذجا للقيم الدينية والأخلاقية] انتهى

* أقــول: اعتقد كان زمن البكر ومن بعده صدام دليل على ذلك!!

اما موضوع: ( بل اشباع حاجات روحية اخروية.. ) فجوابي هو ما ورد في كتاب البروفيسور قاسم حسين صالح: (الشخصية العراقية من السومرية الى الطائفية)2016 ص13 حيث ورد عن الدنيوية والاخروية التالي: ( اسلافنا العراقيون دنيويون اكثرو الاسلاف المصريون أخرويون اكثر ولديهم قناعة بانهم سيبعثون ويعيشون الى الابد حياة سعيدة يمارسون فيها العمل الزراعي النبيل. هذا يعني سيكولوجيا ان الآخروي يميل الى الزهد بالدنيا والتسامح مع الاخر فيما الدنيوي يميل الى الخلاف مع الاخر لا سيما اذا تعلق الامر بالسلطة والثروة] انتهى

وهذا يعني ان مثل هذه "الطقوس" تجعل الانسان آخروي يفكر بالآخرة ذلك التفكير الذي يدفعه للزهد بالدنيا والتسامح مع الأخر وهذه كما افهم دعوة لتشجيع ودعم مثل هذه الطقوس "ركضة طويريج" من قبل بروفيسور بعلم النفس حيث خلص الى ان مثل هذه الممارسات تدفع للزهد بالدنيا ولهذا الزهد كثير من الانعكاسات على الانسان الفرد وعلى المجموع وهي من الأمور الحميدة وبالذات لتلازمها مع التسامح مع الاخر الذي يعني الكثير.

4 ـ ختم البروفيسور قاسم حسين صالح مقالته هذه ونسخها الثلاثة الاخريات بنفس الخاتمة المهمة حيث كتب التالي: [وتلك هي مهمة العقل التنويري في العراق.. علمانيا كان ام دينيا.. لم ينتبه لها بعد] انتهى

* أقــــــول: نعم تلك مهمة العقل التنويري.. و لا اعرف هل ان هناك من انتبه الى تلك المهمة من هؤلاء أصحاب التنوير من علمانيين ودينيين.. اعتقد ان هناك من شارك في هذا الموضوع.. لكن انا على يقين من ان البروفيسور قاسم حسين صالح انتبه الى ذلك والدليل هو نشره هذه المقالة وهي الإعادة الرابعة او الخامسة لنفس المقالة أكيد لأهميتها.. لقد تابعتُ تكرارها حيث وجدتها بنفس النص حرفياً "تقريباً" لكن مع بعض التغييرات الطفيفة في العناوين وكما التالي:

1 ـ: (الـطـقـوس الـديـنـيـة .. في دراسة سيكولوجية) بتاريخ 02/ كانون اول/2016

2: (ركضت طويريج 1885 2021) بتاريخ 20 آب 2021

3 ـ: (ركضة طويريج) بتاريخ 25 آب 2021.

4ـ: (ركضة طويريج.. تحليل من منظور علم النفس الاجتماعي) بتاريخ 30 تموز 2023 وهي الأخيرة او أتمنى ان تكون كذلك.

على كل حال هذه المقالات المتكررة بنفس الحروف والكلمات والعبارات هي تشير الى اهتمام البروفيسور قاسم بالموضوع وتفضله بالمتابعة .. فشكراً لانتباه البروفيسور قاسم حسين صالح لهذه الحالة المهمة وشكراً لمتابعته واهتمامه وهذا ليس بغريب على شخص كريم عزير العلم والعمل مثل البروفيسور قاسم حسين صالح المحترم .

كنت وسأبقى أتمنى على البروفيسور قاسم المحترم مراجعة ما ينشر قبل الارسال للنشر وبالذات تكرار نشر المقالة وذلكً بتصحيح الاغلاط/ الأخطاء الاملائية حيث كانت متطابقة في المقالات علاه كما التالي:

الاوركستيرا.. انعاكاستها.. وتسرتجع.. احتاجاته.. يستحظروا.. السياسييون.. الانظباط.. أما حرف الالف وتشعباته ف(حدث ولا حرج).

هذه الاغلاط/ الأخطاء وردت في كل النسخ الأربعة من المقالة!!

***

عبد الرضا حمد جاسم

ليست ثمة فائدة ترتجى من متابعة أخبار السياسة في بلاد الرافدين، والاستماع إلى الخطب التحريضية، لكن ظروف العمل تدفعنا مضطرين، لأن نغرق انفسنا مع التحذلق السياسي، ومع ساسة يعتقدون أن معركة العراق ليست مع الانتهازية وغياب الخدمات وسرقة مستقبل الناس، وإنما في إقرار قانون خاص للعطل، وقانون آخر للحصص الطائفية، وقانون جديد يحفظ للتوازن حقه .هكذا يبدو المشهد اليوم.

لقد أنجبت هذه البلاد الجواهري والرصافي والسياب وجواد سليم وعبد الله كوران وكوركيس عواد وعلي الوردي وطه باقر وجواد علي وهادي العلوي.. مصابيح للمعرفة، لم يكن أحد منهم جزءاً من لعبة السياسة، لكنهم صنعوا تاريخاً زاهراً لهذه البلاد، ومثلما لا يمكن أن تتخيل فرنسا من دون سارتر وروسو، واليونان من دون أفلاطون، وإيطاليا من دون دانتي، وألمانيا من دون ماركس، وتشيلي من دون نيرودا، وإسبانيا من دون لوركا، فإننا لا يمكن أن نتخيل بغداد من دون شاعر بأهمية عبد الوهاب البياتي الذي تمر اليوم -3 آب- ذكرى رحيله الرابعة والعشرين بصمت، أسوة بالإهمال والنسيان المتعمد الذي أصاب ذكرى رحيل الجواهري، علي الوردي، الأثري، جواد سليم، نكران لكل شيء قيم وجميل، والنسيان لشاعر كبير نتمنى عليه ألّا يغضب ولا يحزن لأننا اليوم نعيش عصر "عالية نصيف" والمحاصصة البغيضة والبحث عن الغنائم، والنواب الذين يهدون سيارات "تاهو"، عصر توزع فيه ثروات البلد بين سياسيين قلوبهم وعقولهم وأموالهم تصب في خدمة مصالح أحزابهم.

أيها الشاعر المكافح في سبيل عراق حر وديمقراطي، دعاة الديمقراطية اليوم تناسوك لأنهم مشغولون بمعارك المناصب والمنافع، كما أنك أيها الشاعر المتمرد لا تنتمي إلى حزب من أحزاب هذا الزمان، يجبر مؤسسات الدولة على استذكارك. ثم إن ذكرى رحيلك تحمل الرقم "24" وهذا رقم لا يهتم به مسؤولونا، فرقم الحظ عندهم يجب أن يتجاوز الأصفار الستة، وإذا كانت بعض شعوب العالم تحتفل بمفكريها وأدبائها الكبار فهذا لأنهم شعوب عاطلة، ويملكون وقت فراغ لا يعرفون ماذا يفعلون به. فلا تصدق أيها الشاعر الذي مات منفياً من أجل وطنه، أن هناك من يهتم بذكرى رحيلك، .

اليوم أيها الشاعر المنسي مدينتك الحبيبة "بغداد" يريد لها البعض أن تعيش زمن القرون الوسطى.. وأن تغرق في بحور من النسيان..، وبالتالي لا تحزن منا على هذا التجاهل، لكن بغداد التي تغنيت بها ستبقى مثلما وصفتها ذات يوم:

مهما طال حوارُ الأبعاد

فستبقى بغداد

شمساً تتوهج

نبعاً يتجدد

ناراً أزلية

رؤيا كونية

وسنُعلم الأجيال أن في هذه المدينة عاش شاعر سيكتب له ولذكراه البقاء والاستمرار.. في وقت تمر على بغداد هياكل سيكون مصيرها الزوال .

***

علي حسين

مما لاشك فيه هناك تفاوت في الثقافة والفكر والأنطباع لكل شخص، هذا بالإضافة إلى اختلاف الخبرة في جميع مجالات الحياة لدى جميع الفئات الجيلية، ولأن الموضوع يتعلق بذلك الاختلاف يمكن أخذ عينات أو فئات عمرية متفاوتة، لعل بعض الكبار يرفض وبشكل قطعي التطور والانصياع إلى التكنولوجيا. ليس السبب جهلاً او تكبراً منه فقد يكون السبب هو عدم تقبله للأمر بسبب تطبعه بتقاليد وسلوكيات اعتاد عليها .

ان التطور الكبير في تكنولوجيا المعلومات وتطور اشكال التواصل؛ سبب كبير عن عزوف الكثير من كبار السن عن التقاليد التي اعتاد عليها وشجع على ذلك اتصاله بالعالم بينما البعض الآخر رفض الفكرة رفضاً قاطعاً .

ان للتطور التكنلوجي الحاصل أثر كبير في نفوسنا صغارا وكبارا، وعلى الرغم من النشأة على عصر منفتح والتكنلوجيا المستمرة في التقدم إلا ان الفجوة الجيلية والتي تتمثل بأختلاف الرأي بين جيل وجيل لعل تلك الفجوة تكاد تكون محسوسة وواضحة بين الشباب وآبائهم أو اجدادهم وهذا ما يجعل صعوبة في تقبل هذا التطور في التكنولوجيا عند البعض .

لقد كان دخول الجوال الى الحياة طفرة نوعية في حياتنا وعند ظهور الهواتف الذكية أو اللوحية كانت الاكثر إثارة وربما ينظر البعض أن تلك الهواتف اشبه بالتلفاز المتنقل بلا كهرباء!، وقد أدى سطوع نجم هذه التكنولوجيا إلى ضمور عادات وتقاليد كانت جميلة لدى بعض الأجيال فكان للسينما والمسرح وغيرها اثرا كبيراً في حياتهم وان قلة أو شحة ممتعات الحياة بالنسبة لهم جعلهم يمقتون هذا التطور أو غيره ..

وخلال لقائي مع مجموعة من المعارضين لهذا التطور وسؤالهم عن سبب معارضتهم تلك، كانت الإجابات متقاربة فمثلاً (منهم من يفتقد سهرة الخميس التي كان لها وقعاً شديداً في تلك الأجيال خاصة بعد ظهور القنوات التلفزيونية المتخصصة، على الرغم من أن هناك قنوات خاصة بالأفلام مثلاً؛ ولكنهم رفضوا بحجة أن السهرة سابقاً لها نكهتها الخاصة).

في حين نجد البعض الآخر قد اغناه ظهور هكذا تقدم وتطور في التكنولوجيا إلى تحسن حياتهم من نواحي كثيرة، منها الاتصال والانفتاح التكنولوجي الواسع على العالم أجمع والاطلاع على حضارات وثقافات الشعوب بصورة عامة، لقد احدثت التكنولوجيا أثراً كبيراً سواءً بوجهات النظر السلبية أو الرأي الآخر المتمثل بالإيجاب.

ان ظهور التكنولوجيا في حياتنا غير مصطلحات كثيرة واظهر مصطلحات جديدة وربما حتى معنى المصطلح او المفهوم قد تغير معها وعلى سبيل المثال مصطلح (إبداع التواصل) يمكن أن يُفهم لدى المتقدم في العمر على انه الابداع في الكتابة أو إيصال وجهات النظر بشكلٍ جيد، ولكن بالنسبة للفئات العمرية العشرينية أو الأكثر من ذلك قد يكون معناه التواصل التكنولوجي المتمثل في المواقع المتعددة للاتصال (فيس بوك، انستكرام، تويتر ...الخ) وما إلى ذلك من مصطلحات، وغيرها من الفئات العمرية .

في كل زمان ومكان هناك فجوة بغض النظر عن التقدم الحاصل في مجالات الحياة لذلك يجب تسليط الضوء عليها ومحاولة تذليل أو التقليل منها ليصبح العالم أكثر سعادة وأكثر متعة للجميع .

***

سراب سعدي

انشات فرنسا منظمة للدول الناطقة بالفرنسية العام 1970، وهي منظمة اقتصادية وثقافية انظمت اليها أيضا بعض الدول الاخرى لأجل المصالح المشتركة، فاق عددها الثمانون دولة، وغالبيتها كانت تحت الاحتلال الفرنسي، وندرك بان الدول الاستعمارية الاوروبية ومنها فرنسا استغلت خيرات الدول الفقيرة كما انها استخدمت رعايا هذه الدول في اعمال شق الانفاق وإقامة الجسور وبناء المدن الحديثة على اكتاف الافارقة بأثمان بخسة، سمح لهم بالبقاء بها ويسكنون في احياء جد متخلفة.

فرنسا تقوم باستيراد المواد الاولية بأثمان رخيصة من مستعمراتها السابقة وبالأخص اليورانيوم الذي يستخدم في انتاج الطاقة الكهربائية، ولم تقم الدول الاستعمارية بالاستثمار في محمياتها السابقة لكي ينتعش اقتصادها، ما جعل الحياة بها جد صعبة ان لم نقل مستحيلة، ما اجبر السكان على الهجرة طلبا لحياة افضل، نحو اوروبا، التي وضعت حدا لدخول الافارقة الى اراضيها حيث يتم استخدامهم في الاعمال البدائية جني المحاصيل الزراعية واعمال النظافة التي لا يرتضيها السكان الاصليون للقارة العجوز، وعقد اتفاقيات مع دول جنوب البحر المتوسط (العبور) ومحاولة توطينهم بها مقابل مبالغ بسيطة، لتظهر للعيان وكأنها مشكلة افريقية بحثة ومن ثم خلق توتر سياسي واجتماعي بين البلدان المصدرة للعمالة والعابرين لها.

انقلاب النيجر الاخير احدث ضجة اعلامية واعتبر انه مخالف للديمقراطية وتعد على السلطة المنتخبة شعبيا، متجاهلين حالة البؤس التي يعيشها السكان وان من تم انتخاباهم انما هم دمى تحركها فرنسا للاستفادة من خيرات البلد.

حتما ستوجه اصابع الاتهام بشان ما يجري في النيجر وقبلها بوركينا فاسو ومالي الى روسيا والصين اللتان اخدتا تقيمان مشاريع استثمارية في عديد البلدان الافريقية لتعود بالنفع على الجميع، ولا ننسى الدور الايجابي الذي قامت به روسيا السوفييتية اثناء الحقبة الاستعمارية في شد ازر الحركات التحررية من ربقة المستعمر الغربي من خلال تزويدها بالسلاح وتدريب منتسبي تلك الفصائل لآجل طرد المستعمر ونيل استقلالها، إلا انه وللأسف اتضح انه استقلال شكلي ليس الا، فالذين جاؤوا الى السلطة اما ان يكونوا عملاءا له، او ان الدول الاستعمارية ناصبت الخيرين من ابناء الوطن العداء واسقطتهم لتستمر في نهب الخيرات.

اعلان كل من بركينا فاسو ومالي مباركتهم للانقلاب اغضب الدول الاستعمارية كما فرنسا التي لوحت باستخدام القوة ضد من اسمتهم بالمتمردين وارجاع من كانوا في السلطة الى سدة الحكم، لكن قرار وقف تصدير اليورانيوم الى فرنسا من قبل رئيس بوركينا فاسو فرمل التصرفات الصبيانية التي كانت فرنسا تنوي القيام بها ربما الى حين، ولكن تظل انتفاضة العسكر ووقوف الشعب الى جانبه خير دليل على الرغبة في الخروج من العباءة الفرنسية ومن ثم تتزعزع ثقة الدول بمنظومة الفرنكوفونية بفرنسا وتسبب في تشتتها، وقد تكون البداية لان تحذوها بقية دول القارة لأجل الاستقلال الحقيقي والاستفادة من الموارد المتاحة، ولا باس من التعاون مع روسيا والصين لتحقيق مكاسب افضل خاصة وان هاتان الدولتان لم يشهد لهما العالم بانهما دولتان استعماريتان، بل تنبذان كل اشكال الاحتلال والعبودية.

حقا ان المحافظة على الاستقلال اصعب من نيله، فهل تتوالى الصفعات على الخد الفرنسي الصفيق وتعرف قدرها جيدا ويكون ذلك عبرة لكل الدول الاستعمارية، ويشجع بقية الدول على الانتفاضة في وجه العملاء.

***

ميلاد عمر المزوغي

المثليون والمثليات ومزدوجو الميل الجنسي يمثلون ازمة حضارية ونذير شؤم على اي مجتمع وهم مغايري الهوية الجنسية وفئة متنوعة من الناس الذين لا يتطابقون مع المفاهيم المألوفة أو التقليدية عن أدوار نوعي الجنس، الذكر والأنثى. ويشار أحياناً " بالأقليات الجنسية والجنسانية والجسدية،. ومن الصعب تحديد هويتهم، وتقديم الخدمات الإنسانية لهم في الكثير من الاحوال بسبب العلائم الجنسية التي تحتلف عن الهوية الاصلية في ادوار مختلفة، وليس من السهل ضمان تلبية احتياجاتهم بشكل ملائم بسبب الرفض المجمعي في الكثير من البلدان وإنهم يتطلبون استجابات محددة في مجال الحماية، و أشكالاً محددة من المساعدة الإنسانية ويعيشون بين الرفض الكامل من المجتمعات المحافظة التي تحمل السمو الاخلاقي وخاصة الاسلامية و إلى التقبل من قبل الولايات المتحدة الامريكية،أصبحت الأفلام والمسلسلات الأمريكية لا تخلو من مشاهد المثليين، خصوصا في 10 سنوات الأخيرة لا يوجد فيلم أمريكي درامي اجتماعي بدون تقديم مشاهد للمثليين، حتى في مسلسلات الفنتازيا العلمية الخيالية يوجد مشاهد بين أصحاب القدرات الخارقة الذين جمعهم الحب في دور معاكس لطبيعة، رجل يعشق رجل وامرأة تعشق امرأة، رغم ذلك فأن المجتمع الامريكي يحتقر هذه الظاهرة ويرفضها على الرغم من دولة بايدن قط شرعة باصدار قوانيين يحمي هذه الفئة وقد كتبت صحيفة نيوزويك الامريكية في مقال لها، إن جرائم الكراهية ضد المثلين فى ازدياد بولاية كاليفورنيا الليبرالية، حيث تظهر البيانات ارتفاعا فى الجرائم ذات الدوافع العنصرية أو الدينية أو المستندة على التوجه الجنسى،، وكذلك البعض من الدول الاوروبية تؤيد هذه الظاهرة مما يدل على افلاسهم الحضاري والتي اخذت تدعم هذه الظاهرة وتحاول فرضها على البلدان التي ترفضهم مجتمعاتها ومحاولة اشاعتها و التطبيع لها واخذت تتغير المواقف الاجتماعية نحو المثلية على مسار السنوات الماضية في المجتمعات الغير متماسكة والضعيفة الاعراف مع العلم ان مجتمعات العصور الوسطى في أوروبا، كان لديهم تقبل للمثليين بين طبقات معينة من المجتمع، وخاصة بين طيف من البرجوازيين و في بداية القرن التاسع عشر اتفق الأغلبية على المثلية عمل غير أخلاقي، من قبل، أغلبية السلطات المتبنية للقوانين وكذلك الرأي الدين في هذه القضية واضح حيث ان التفاسير الدينية السماوية تعتبر الأفعال المثلية والمثليين بشكل عام شواذ لهذا نجد أن السلطات القضائية في عدد من الدول المحافظة الدول تجرم المثليين بإجراءات عقابية كالسجن مثلا.

في عام 1976اعتمدت الأمم المتحدة المؤسسة الدولية للمثليين والمثليات والمزدوجين والمتحولين جنسياً والانترسكس التي تعرف باختصار إيلغا، إلا أن المشروع فشل فشلا كبيرا لعدم الاستجابة له،  لكن في بداية عام 2001 شرعت هولندا في اعتماد زواج المثليين، بل سنت قوانين جديدة حول هذا الزواج وجعلته متوازن في الحقوق والواجبات مع الزواج العادي، بالإضافة إلى اعتماد شراكة مع المثليين بدأتها هولندا، وحركتها بلجيكا واعترفت بها معظم دول الاتحاد الأوروبي وفي 2011 وقعت أكثر من 96 دولة على زواج المثليين والرعاية الكاملة للمزدوجين والمتحولين جنسياً فيما يعرف عند العامة قرار بشأن حقوق المثليين، في اليابان هناك تحديات قانونية واجتماعية لا يواجهها غيرهم من المغايرين جنسياً، ولكنها تعتبر تقدمية نسبيا في المعايير الآسيوية و يعتبر النشاط الجنسي بين الرجال وبين النساء في اليابان قانونيا منذ عام 1880، وأظهر استطلاع عام 2013 أن 54% وافقوا على أن المثلية الجنسية يجب أن يقبله المجتمع، بينما عارض 36٪ ذلك وقدمت بعض المدن منذ 2015 «شهادات شراكة» رمزية للاعتراف بعلاقات الشركاء المثليين.

وللحقيقة فأن المثليين تمثل انهيار للقيم عند هذه البلدان وانتحارها و في الوقت الحالي يحاول البعض أن يفسر المثليين كظاهرة علمية مرتبطة بجينات الإنسان التي تجعله ميوله يتغير من الطبيعة العادية وهي حبه للمرأة، لكن هذا خطأ كبير لأنه سنة 2014 أجرى فريقٌ من الباحثين بجامعة نورث ويسترن الأميركية دراسة علمية شملت فحص الحمض النووي لـ400 ذكر من المثليين الجنسيين، لم يتمكّن الباحثون من العثور على جين واحد مسؤول عن توجههم الجنسي، يجب ان يدرك الصالحون هذا الغزو الجديد الذي تعمل عليه دول واتحادات دولية مثل الاتحاد الأوروبي برفع علم المثليين على اعلى سفارتها إحياءا لليوم العالمي للمثليين بتحد سافر وتحت غطاء منظمات انسانية في زماننا هذا أن السكوت على النّموذج الغربي الحالي ودرك خطورة انتشار هذه الظاهرة الغريبة و في التفكير لن يُنتج إلا الشذوذ.. وأنّ تحييد القيم والدّين عن الحياة والشأن العامّ سيفتح الباب أمام كلّ الجنايات الأخلاقية دون أي رادع والقانون العراقي ينص على عقوبة زواج المثليين وفق المادة 393 منه تعاقب بالإعدام في مثل هذه الجرائم، كذلك القانون 8 لعام 1988 عاقب على جرائم الدعارة بالحبس،و،القانون 234 لعام 2001 عاقب على الزنا واللواط والسمسرة بالإعدام، أيضاً المواد 215 و220 عاقبت بالحبس والغرامة على الإساءة لسمعة البلد بمثل هذه الجرائم، وأيضاً المادة 376 من القانون ذاته عاقبت بالسجن 7 أعوام على العقود الباطلة في عقود الزواج، وأيضاً المواد 401 وما بعدها وما يتعلق بهتك الحياء العرضي،

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

الديمقراطية المصدّرة للعديد من دول المنطقة، تطرح سؤالا مفاده هل عندنا رأي؟

وبوضوح أكثر هل يستطيع المواطن أن يكوِّن رأيا مستقلا، وينتخب بحرية؟

لا بد من القول أن الإستبداد بأنواعه هو السلطان!!

فالدنيا سارت على سكة التسلط الإستبدادي ولا تزال وإن تبدلت آلياته وإقتراباته.

فالديمقراطية كانت ذات قيمة في الدول المستعمرة للدول المانعة عن مواطنيها ما تمارسه في مجتمعاتها.

وفي القرن الحادي والعشرين، وبعد أن بلغت وسائل التواصل والإعلام ذروتها، وإمتلكت التقنيات والمهارات القادرة على تصنيع الرأي، وتشكيل القطيع وأخذه إلى حيث تريد الإرادات المتحكمة، أصبح الحديث عن حرية الرأي أشبه بالهذيان، ومَن يريد أن لا يُحشر مع الناس يكون مُستهدفا وممنوعا من الحياة، والتفاعل مع الآخرين، فزعزعة تبعية وخنوع القطيع من الجرائم المخلة بشرف الكرسي، المناط به تأمين مصالح الطامعين بالبلاد والعباد.

في الدول التي ترفع رايات الديمقراطية، وتدّعي بأنها تحميها وتريدها للناس أجمعين، يلعب الإعلام دوره الكبير في بناء الآراء وتوجيهها نحو الهدف المطلوب، وتستخدم الأكاذيب وأخواتها لتمرير المشاريع المطلوبة، وتنويم الناس وإلهائهم حتى تنتهي الإنتخابات ويفوز المطلوب، وعندها لا تنفع ندامة الكسعي.

وفي المجتمعات الخديجة ديمقراطيا، تفاعلت وسائل الإعلام والعمائم المؤدينة لإنجاز المهمات، القاضية بتحويل الملايين إلى شخص واحد، فلا بد من التبعية لفرد وتقليده، وإستعمال عقلة وتعطيل عقولهم، فما يقوله ويدعو إليه سيكون، ولهذا فلن تأتي الإنتخابات بما ينفع الناس، بل العمائم والمروجين للفساد والحرمان من حقوق الإنسان، التي لا يستحقها المواطن، وعليه أن يضحي بها ليفوز بجنان الخلد، ومَن يقلدهم يغتمون الدنيا وما فوق الأرض وفيها.

فهل توجد حرية؟

وهل أن الذاهبين إلى صناديق الإنتخاب، يعبّرون عن رأيهم المستقل أم ينفذون أمر غيرهم، ومهما كان عددهم فهو يساوي واحد؟!!

فهل ستتحرر عقولنا من أصفاد التبعية والتقليد؟!!

***

د. صادق السامرائي

على الصعيدين الرسمي والشعبي نكاد ننفرد عن دول العالم في نظرتنا الى المسؤول والتعامل معه، فعلى الصعيد الرسمي تمنح حكومتنا الشخص القيادي في هرم الدولة امتيازات واعتبارات تفوق أي مسؤول شبيه له في موقعه عند البلدان الاخرى، فهو يتقاضى مرتبا يزيد على اربعة اضعاف ما يتقاضاه الموظف المماثل له في الشهادة ولكنه يعمل في مواقع غير قيادية، حتى ان بعضهم يقبض خلال الشهر مرتبا يفوق ما يقبضه الموظف الآخر خلال العام كله، فضلا عن الامتيازات والتسهيلات من الحمايات الخاصة وقطع الاراضي المميزة والقروض والإيفادات المتعددة والجواز الدبلوماسي الذي يتيح لهم التنقل بين البلدان بدون متاعب وعراقيل وكلها تكلف الدولة أموالا طائلة مع ان الكثير من المسؤولين لا يتمتعون بشهادات حقيقية ولا يؤدون واجبات يستحقون عليها كل هذه الحظوة وهذا البذخ الذي تغدق به الحكومة عليهم ومن بين اكثر المسؤولين حظوة في الدولة هم اعضاء مجلس النواب الذين يتلقون هذه الامتيازات اثناء الخدمة وبعد مغادرتها ينتظرهم راتبا تقاعديا مميزا لا يتناسب ومدة خدمتهم أي استثناء من قانون التقاعد النافذ رغم ان النائب ليس موظفا حكوميا حتى يحال إلى التقاعد، بل إنه ممثل لناخبيه في البرلمان كما ان العدالة والمساواة تقتضي ان لا يكون هناك فارق كبير بين موظف وآخر مماثل له بالشهادة من المكلفين بخدمة عامة الا بحدود الظروف الي تتعلق بطبيعة عملهما، اما على الصعيد الشعبي فان جمهورا كبيرا من السذج واللاهثين وراء مصالحهم الشخصية ينظرون الى المسؤول على انه شخصا مختلفا وكائنا مقدسا لا يجوز المساس به او التعرض له ويأخذون نقد المسؤول على انه اهانة لشخصه واسقاطا لهيبته وليس ممارسة ديمقراطية هدفها تطوير عمل مؤسسات الدولة، كما لا يدرك هذا الجمهور ــ الذي غالبيته من البسطاء ــ ان الدستور كفل حرية التعبير ومن بينها توجيه النقد الى المسؤول مادامت وسيلة التعبير سلمية هدفها المصلحة العامة ولا تهدد الاستقرار والسلم الاهليين ناسين امرا هو من يتولى منصبا عاما عليه ان يتحمل ضرائب كثيرة منها النقد على قصوره في الأداء وانهم بسبب مناصرتهم للمسؤول الفاسد أوصلوا البلاد الى ما وصلت اليه اليوم، وتستحضرني في هذا المجال قصة الوزير الأمريكي الذي تعرض الى هجوم من الصحافة وشكا ذلك الى الرئيس (هاري ترومان 1884 ــ 1972) فما كان من الرئيس الا ان يجيبه ضاحكا (إما ان تتحمل حرارة الفرن او تخرج من المطبخ) . هذا التعامل وتقديم الامتيازات الهائلة للمسؤول وغياب المسائلة وعدم جرأة الحكومة على اعفاء المسؤول المقصر عندما تجد انه لا يحقق مصالح المواطنين جعله يشعر انه لا رقيب على تقصيره وفساده وانه فوق القانون واعلى شأنا من بقية افراد الشعب ونسي انه منتخبا من الشعب لمتابعة حقوقه وتشريع القوانين التي تنهض بشؤون حياته ومستقبل اجياله .

***

ثامر الحاج امين

منذ الأيام الأولى لهذه الزاوية المتواضعة حاولت مثل أيّ مواطن أن أفهم كيف يفكر السياسي العراقي، لكنني عجزت.. أحياناً أسمع كلاماً منمقاً عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحكم الرشيد. ثم راحت هذه الوعود تتناثر، ولم أعد أفهم لماذا يصرّ النائب العراقي على ترديد عبارات مثل " الخدمة العامة، ومصلحة الشعب، والمؤامرة الكونية التي تقودها البشرية ضده "، وهو يعرف جيداً أن المواطن يضحك كلما ظهر نائب على شاشة الفضائيات يُزيد ويُعيد في حكاية المؤامرة.

قبل أسابيع قليلة أعلن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون استقالته من البرلمان، والسبب أيها السادة لأنه انتهك القيود الصحية أثناء جائحة كورونا، وقام باستضافة بعض معارفه في مقر رئاسة الوزراء، وبعد أن قدم استقالته من منصب رئيس الوزراء، طُلب منه أن يترك البرلمان، فالمواطن البريطاني لن يقبل أن يجلس على تحت قبة البرلمان نائب خالف القانون. ولم يكتف حزب المحافظين الذي ينتمي إليه جونسون بالاستقالة بل أُجبر عدداً من النواب المقربين من جونسون على تقديم استقالتهم مع رسالة اعتذار، ونحن نقرأ مثل هذه الأخبار علينا بالتأكيد أن نتمعن في ما قاله عضو مجلس النواب العراقي بهاء النوري وهو يقول يجلس أريحية في برنامج أحمد الملا طلال ليقول : "أنا نائب وهناك من يتصل بي لمساعدته، وهذه مهمة النائب"، كلام جميل لو كان السيد النائب ذهب لإعانة عوائل فقيرة، أو زيارة أطفال مرضى في مستشفى السرطان، او وقف تحت قبة البرلمان ليسأل : اين ذهبت اموال الكهرباء ؟ لكن أن يشحذ كل همته لمساعدة سيدة تريد أن تحيل ضابطاً في الشرطة إلى التقاعد، وأن تجلسه في البيت " مع خواته"، فالأمر يتطلب منا أن نثير أكثر من علامة استفهام، خصوصاً إذا عرفنا أن السيد النائب اتصل بوكيل وزير الداخلية الذي هرع أيضاً لنجدة السيدة وطلب من ضابط المرور أن يتنازل عن الدعوى مقابل أن لا ينفذ أمر السيدة "ويكعد يم خواته في البيت".. النائب في الحوار التلفزيوني بدا منسجماً مع مقولات من عينة خدمة المواطن ومساعدته، وذهابه إلى مركز الشرطة جزء من واجبه النيابي، لأن المسألة إنسانية. وأنا أستمع لتبريرات النائب تذكرت الآلاف من المواطمين الذين لم يروا يوماً أحد النواب ذهب الى مراكز الشرطة من أجل الدفاع عن حقوقهم .

للأسف ما جرى يكشف بالدليل القاطع أننا أمام عملية فساد منظمة، أبطالها يستغلون مناصبهم في الضحك على عقول المواطنين، ومن ثم فإن الصمت أمام هذا الطوفان من الالاعيب يبدو غريباً ومثيراً للأسئلة، وكان حريّاً بمجلس النواب أن يوجه إنذاراً للنائب وهذا أضعف الإيمان، لأن الإيمان الحقيقي بدور مجلس النواب يتطلب منه أن يلغي عضوية السيد النائب "نصير المظلومين".

***

علي حسين

مفردات هذا الجزء: كَرَّكت الدجاجة، يتعزز، يتلگلگ، يتمسهد، يتنعوص، يتهدر، يچط، يچو، يرقان، يسوي، يشبي، يشور، يصنف، يطر، يعوِّر، يگر، يفش، يلعلع:

تذكير مكرر: لتسهيل قراءة قوائم المفردات، سأكتب المفردة أولا كما تلفظ في اللهجة العراقية، ثم علامة مساواة، وبعدها لفظ المفردة في المندائية كما ذكره المؤلف قيس مغشغش السعدي بين قوسين كبيرين، ثم معناها في المندائية وفي اللهجة العراقية، وأختم الفقرة بتعليقاتي أو استدراكاتي عليها مع التوثيق التأثيلي من المعاجم على كونها عربية وحسب ترتيب ورود هذه المفردات في الكتاب المذكور:

180- يتعزز =(أزز) وتعني يتمنع أو يتدلع بما يملكه على الآخرين. وهذا تخريج ضعيف وتلفيقي فالكلمة من "عزيز" وتعني يجعل نفسه عزيزا على الآخرين فيتدلل عليهم ويتمنع. والصيغة عربية فصيحة على زنة يتفعلل.

181-  يتلگلگ =(لگا) يتمتم، يتأتئ، يتلعثم. تأتي بمعنى التودد إلى المقابل للحصول على مغنم. (لقلقة) كلمة عربية ممعجمة لها المعنى المندائي نفسه تقريبا، نقرأ في معجم اللغة العربية المعاصرة": اللقلقة: حُبْسَة في اللِّسان "لقلقة اللِّسان: إعجاله في النطق فلا ينطق ولا يتثبَّت". حبسة فِي اللِّسَان وَالصَّوْت فِي حَرَكَة واضطراب يُقَال للنوائح لقلقَة (ج) لقالق. ولكن معنى المفردة في العامية بعيد عن هذا المعنى في المندائية والعربية فيتلقلق (يتلگلگ)، تعني يتملق، ينافق واللوقي (لوگي) هو المتملق والمنافق، وربما كان قد اشتق من صوت المنافق المتملق التي غالبا ما يتأتئ ويضطرب الشبيه بصوت طائر اللقلق. وقد يوحي بهذا المعنى ما ورد في معجم المعاني في شرح عبارة "لقلقة اللِّسان: إعجاله في النطق فلا ينطق ولا يتثبَّت".

182- يتمسهد =(سهد) يقول المؤلف "إن كلمة شهد يقابلها كلمة شهد في العربية"..."علما أن المعنى يبقى نفسه ولكن تستخدم كلمة يتمسهد في اللغة العامية ليقصد بها الضحك من الآخر وربما الاستهزاء به". ويضيف المؤلف: يظهر أن أساس الكلمة هو الفعل سهد الآرامي حين يطلب من شخص أن يشهد "يسهد" على آخر فربما يقول ما يجعل المقابل يحرج...إلخ ". وهذا التخريج ضعيف فالفرق كبير بين معنى يستهزأ و"يسخر من" و"يشهد على".

183- يتنعوص=(نصا) يجادل يخاصم. تخريج ضعيف وبعيد لفظا ومعنى. فالكلمة لا تعني يجادل ويخاصم بل يعني يتكلم بطريقة غريبة وكأنه يتكلم من أنفه وبطريقة فيها دلال ومبالغة وافتعال ما يزعج السامع. وقد سمعتُها بالغين أحيانا "يتنغوص".

184-  يتهدر =(هدر) يعاد، ينتظم، يعمل مرة أخرى. تخريج بعيد وضعيف لفظا ومعنى. وعبارة "يتهدر الطعام أو الشاي" تعني تركه على نار خفيفة حتى يهدأ ويصفو ويرق. ولم أتوصل إلى جذر الكلمة في المعاجم ولكني وجدت في معجم المعاني هذا الشرح فقد يكون ذا علاقة بالكلمة: "هدَرت القدرُ: غلى الماءُ فيها، هَدَرَ اللَّبَنُ: خَثُرَ أَعْلاَهُ".

185- يچط =(شطا) في المندائية يغلط يعمل عملا سخيفا، يتصرف بحماقة. والكلمة عربية فصيحة ويبدو أنها موجودة في لغات شقيقية أخرى، تلفظ بالجيم الثلاثية في العامية وبالشين بالعربية الفصحى، وتعني: "شطّ في الأمر: تجاوز فيه الحدَّ، أفرط فيه. شطّ في الحُكم: ظلَم وجار، شَطَّطَ فِي حُكْمِهِ: بَالَغَ فِي الشَّطَطِ، فِي الْجَوْرِ، فِي الظُّلْمِ، بَعُدَ عَنِ الْحَقِّ: لا تبالغ في الظّلم، والبُعْد عن الحقّ. شطّ في القول: أغلظ فيه". وفي لسان العرب نقرأ "واشتطَّ الرجل فيما يَطْلُبُ أَو فيما يحكم إِذا لم يَقْتَصِد. وأَشَطَّ... وقيل: هو من قولهم شَطَّني فلان يَشِطُّني شَطّاً إِذا شَقَّ عليك وظلمك".

186- يچور =(شور) تعني في المندائية يقفز يتحرك يثب وفي العامية "صيغة فعل لعملية الاستدارة" ويفهم من هذه العبارة الركيكة أنها تعني يكور، يجعل الشيء على شكل كرة. وهذا تخريج باطل فالكلمة عربية فصحى وهي يكور ولكنها ملفوظة بكشكشة ربيعة ولأن المؤلف يجهل هذه الكشكشة جعلها مندائية مع اللفظة المندائية البعيدة لفظا ومعنى عن يكور "يچور"!

187- يرقان=(يرقانا). مرض اليرقان المعروف. ولكن المؤلف زج بهذه الكلمة في معجمه المندائي مع أنها عربية من المحدث وموجودة في جميع المعاجم القديمة والحديثة لأنها كما يكتب بلغته الغريبة (ليس لتسمية المصطلح معنى في الكلمة المستخدمة في اللغة العربية، وإنما يأتي الاستخدام متطابقا مع معنى الكلمة في المندائية التي أساسها الفعل الثلاثي "يرق". فما علاقة "يرق" بمرض اليرقان (أو ما يسمى مرض الصفار الابيض، أو مرض ابو صفار، هو مرض ناجم عن تكون كمية زائدة من صبغة لونها مائل الى الصفرة في الدم، فينتج عن ذلك اصفرار الجلد والعينين)؟

ويضيف المؤلف قيس مغشغش السعدي: "وتتعزز التسمية بشكل أكبر حينما نعرف أن كلمة خضروات في اللغة المندائية هي "يرقوني". فما معنى هذا التخريج، وما المعنى المختلف الذي تعبر عنه الكلمة في اللهجة العامية العراقية، وهل يؤدي اختلاف المعاني الطفيف للكلمة الواحدة إلى إخراجها من معجمها وتحويلها إلى معجم لغة أخرى؟!

188- يستورح=(رها) يشم. يقال في اللهجة العامية يستورح أكثر من كلمة يشم. وكلمة "استروح" القريبة منها لفظا عربية فصيحة لفظا ومعنى. نقرأ في المعجم الوسيط: "اِسْتَرْوَحَ الطِّيبَ: تَشَمَّمَهُ" والفعل مزيد من ذات الجذر العربي والجزيري "السامي" روح. فأي الكلمات أقرب "رها" المندائية" أم "استروح" العربية؟

189-  يسوي =(شوا) يعمل. وهذا الفعل عربي فصيح وهو يسوي وسَوَّاهُ، نقرأ في المعجم: سواه أي قوّمه وعدله. وقد وردت الكلمة في القرآن في الآية السابعة من سورة الانفطار "الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ" والمعنى واللفظ واضحان!

190- يشبي =(شبا) وتعني في المندائية يعادل يساوي يبسط يوافق. ولتوضيح معناها في العامية العراقية يأتي المؤلف بهذا المثال (جبنا الثور يشبي الهايشة) ونلاحظ أن هذا التخريج لكلمة يشبي بمعنى يعلو وينكح لا علاقة له بالمعاني في المندائية أما في العربية الفصحى فنقرأ في عدة معاجم ومنها الوسيط والمعاني والمعاصر والقاموس المحيط أن معنى شبا يشبو هو علا يعلو أي يصعد فوق! وهو المعنى المراد بقولهم (جبنا الثور كي يعلو الهايشة) والهايشة كما أسلفنا تعني في ما تعني البقرة في عدة لهجات عربية.

191- يشور =(شرا) يسحق، يدمر. وفي مَعْجَمَتِهِ لكلمة (شارة) يكتب المؤلف (المعروف في اللغة العامية أن كلمة "شارة" تعني ظهور إشارة أو علامة على شخص بسبب الدعاء عليه بالمكروه من الضد ويقال هذا الإمام أو الولي يشور. وقد ظهر لنا أن كلمة شارة في اللغة المندائية هي اسم كائن سماوي يدل على القوة وتأثيره في الآخرين". أي أن المؤلف يحتج بتخريج يؤكد أن الكلمة ذات أصل عربي لتأكيد مندائيتها مدعما تخريجته بشرح ديني للكلمة في لغة أخرى، وهذا أمر عجيب حقا! ترى لماذا لا تكون كلمة يشور بمعنى "تظهر إشارته "الإمام أو الولي" في مَن دُعي عليه دعاءً بإلحاق الأذى" أليس هذا هو التخريج المنطقي للكلمة؟

192- يصنف =(صنف) يصرف، يعزف عن، يواري، يلف ويدور. وتعني الكلمة في العامية السخرية من شخص أو شيء. أما المؤلف يضيف أنها تعني التقليل من قيمة الشخص. وهذا تخريج ضعيف فالمفردة لا علاقة لها من حيث المعنى بمعاني الكلمة المندائية. ويمكن أن تكون استخدامها العامي استخداما مجازيا للفعل العربي يصنف عليه لتعني: ينظِّم فيه وعليه الطرائف، ويفصِّل ويصنِّف الأقوال والنوادر الساخرة.

193-   يطُر =(طرا) يدفع يصيب يفلق في المندائية. والفعل موجود في العربية بمعنى قريب جدا من المعنى العراقي فهو معجم المعاني: طَرَّ الثَّوْبَ: شَقَّهُ وطَرَّهُ بِالسَّيْفِ: قَطَعَهُ.

194- يعور =(أوارا) دمار تلف خراب. في العامية تعني الكلمة الإصابة بأذى كجرح أو رضة او ما شابه ذلك. والكلمة عربية فصيحة لها معان عديدة في المعاجم. نقرأ في معجم المعاني: "عوَّرَ يعوِّر، تعويرًا، فهو مُعوِّر، والمفعول مُعوَّر، عَوَّرَهُ: آذاه... عوَّرَ يعوِّر، تعويراً، فهو مُعوِّر، والمفعول مُعوَّر" وأيضا "عوَّرَهُ بِقَضِيبٍ: ضربه بقضيب فصَيَّرَهُ أَعْوَرَ... عوَّر الرَّاعي الماشيةَ: عرَّضها للتَّلف والضَّواري". وقد حدث في هذه المفردة انتقال في المعنى من الخاص "تعوير العين أي ذهابها وإلحاق الأذى بها" إلى إلحاق الأذى بالجسم كله أو حتى بالحيوان" وفي بعض اللهجات الخليجية تعني جَرَحَ.

195- يْفُرْ =(يطير). يقول المؤلف أن كلمة يفر في العامية العراقية تعني يطير، وهو المعنى نفسه في المندائية. وهذا تخريج ضعيف فالكلمة عربية تعني هرب دون تحديد طريقة الهروب سواء كانت وثبا أو جريا أو طيرانا. وللكلمة في العامية معنى آخر أهمله المؤلف هو (يفر = يدور، ومنها الفرارة لعبة أطفال المعروفة ومنها فر بمعنى هربَ من الخدمة العسكرية ويسمونه فراري).

196- يفشّ / أفيش =(فشش). ذكرناها في المفردة رقم 11 وقلنا عنها: (أفيش = (فشش) استرخى واستراح. وهذا صوت قريب من اسم الفعل المضارع أو التنهد، وحتى في لفظه فهو بعيد عن اللفظ المندائي (فشش). وفي معجم المعاني نقرأ "فشَّ الإناء ونحوه أخرج ما فيه من هواء وماء: فشَشْتُ الكُرةَ، فشَّ خُلْقَه في فلان".

197- يگر =(قرا) في المندائية تعني ينادي يلح يدعو والمؤلف يعتبر ورودها في العامية بمعنى يلح مندائية الأصل ويضرب لها مثلا في قولهم "الأم تگر على ابنها والحبيب يگر على حبيبته"، بمعنى تلح في الكلام.  وهذا تخريج خاطئ، والكلمة موجودة في لهجات عربية أخرى كالمصرية "بتقر علينا" بتهميز القاف. ولها مرادفات كثيرة في المعاجم منها ما يفيد الاستمرارية والدأب (قرَّ: ثابَرَ، ثَبَتَ، داوَمَ، دَأَبَ، لازَمَ، لامَ) ولعل أهم هذه المرادفات والذي ينطبق تماما على معناها العراقي والمصري هو "قرَّ: لجَّ (ثبت على الفعل بشيء من الإلحاح)".

198- يكرك=(كرك) وتعني في المندائية يحيط ويطوق، وفي العامية يضرب لها مثالا في ما (تقوم به الدجاجة التي تكرك على بيضها فتحيط به وتطوقه). والكلمة عربية فصيحة ونجدها بهذا المعنى في معجم لسان العرب لابن منظور، نقرأ (وقال يونس كَرَّكت الدجاجة وهي كُرُكَّة، ورأَيت في بعض حواشي. أَمالي ابن بري: أَكْرَكَت الدجاجة وهي كُرُكَّة، ونسب إلى الصاغاني" وفي شرح معنى الفعل نقرأ "وقفت عن البيض" وربما يكتمل المعنى بالقول "وقفت عن البيض لتكرك أو ترقد على الموجود منه". ومن الواضح أن الكلمة في اللهجة العراقية والخليجية أقرب إلى العربية الفصحى بل هي نفسها منها في لهجات عربية أخرى في مصر والشام حيث يستعمل فعل "ترقد الدجاجة على بيضها".

199-  يگزل = (گزل) يعرج. وهذه الكلمة عربية فصحى تلفظ في اللهجة العراقية بقاف حميرية أي جيم قاهرية ويقول عنها معجم المعاني: قَزِلَ قَزِلَ َ قَزَلاً: عَرِجَ أَسوأَ العَرَج. وقَزِلَ دَقت ساقه لذَهاب لحمها. فهو أَقْزَلُ، وهي قزلاءُ. والجمع: قزْلٌ.

200- يلعلع =(ليلاي) تعني في المندائية "نحو الأعلى"، ويقال في العامية لمن يعلو صوته "صوته يلعلع". وهذا تخريج بائس حقاً، فالكلمة عربية فصيحة وشائعة. نقرأ في المعجم المعاصر (لعلع، لعلعةً، فهو مُلَعْلِع، لعلع الرَّعدُ: صوَّت، دوّى "لعلع صوتُ الرَّصاصِ في الهواء"). وفي معجم المعاني نقرأ (لعلع الرَّعدُ صوَّت، دوّى: لعلع صوتُ الرَّصاصِ في الهواء). يتبع.

***

علاء اللامي

البعض من "رعايا" هذا البلد الجريح يتوهم ان لديه موهبة خارقة في الكتابة والثقافة والفن، والحال ان رصيدهم من اللغة وبلاغتها ومفرداتها وجمالياتها لا يتعدى معرفتهم كتابة الاسم واللقب وربما تحرير رسالة حب بسيطة لامراة تعيش خارج الزمان والمكان.. الواهم هنا هو مريض بازمات نفسية مزمنة والأمر يزداد خطورة اذا تسلح هذا الأخير بشراسة لا مثيل لها معتمدا الادعاء مع مهاجمة الخصوم بعدوانية تفوق التصور والخيال.......

هذا النموذج من  رعايا هذا الوطن لا يستطيع ان يخرج من نفق الحمق والكراهية لمن اختلف معه في الراي والفكر والتصور....

هؤلاء بكل بساطة هم السفهاء..ننصحهم بالذهاب الى حديقة البلفيدير وهناك بامكانهم ان يتعلموا كثيرأ من دروس الحياة...

لم يفهم هؤلاء الرعاع انهم المؤسسون لرداءة المرحلة وقد نالهم شرف التاسيس في لحظة تاريخية فارقة غاب فيها الأحرار والشرفاء عن صدارة المشهد العام بكل سياقاته..لكن فاتهم ان إعادة بناء المشروع الوطني الإجتماعي بتعبيراته الحقوقية والمواطنية دون نسيان التنوير الفكري والثقافي، لا يقوم بهذه العملية العسيرة والمنظمة إلا من تسلح بالقيم الإنسانية الكبرى مع مزج دقيق مع خصوصية الهوية الوطنية...لقد ساهم باقتدار مؤسسو الدولة الوطنية

بعد خروج الإستعمار المباشر في وضع اللبنات الأولى للكيانات السياسية الجديدة هنا وهناك، في المغرب والمشرق العربي، بعيدا عن المحاصصات الحزبية والفؤية الضيقة.. وهذا المسار التاسيسي بهناته وإخفاقاته، لم يأتي من فراغ، بل جاء نتيجة المكابدة وطول النفس والفكر الإستشرافي الإستراتيجي.....

بناء المجتمعات وإرساء النهوض والتقدم وقيم المواطنة، لا تقوم به العقول الراكدة والسواعد الغارقة في مياه النوم وتنتظر هطول المطر الغزيز من الذهب والفضة.....

***

البشير عبيد / تونس

إن صناعة الوعي تقتضي إدراك الأمور من جانبها التاريخي العقلاني، أي التفكير في كثير من المسائل، وإيجاد طرق علاج المشكلات من جذورها، فإذا ارذنا أن نصنع الوعي لابد من النظر غليه من منظوره الديني (الوعي الإسلامي، الوعي المسيحي، وكل انواع الوعي في ظل تحديات العولمة والتغيرات التي يشهدها العالم وتطور الرقمنة التي يصعب التحكم فيها لأنها تُدار من وراء البحر وإذا حققنا هذه المعادلةيسهل على الجميع تحقيق التغيير، فالمشكلة التي يعاني منها المجتمع العربي هي كيف نحاور الآخر؟ وماهو الأسلوب الذي نستعنله لإقناعه بفكرتنا؟ وهل نحن على استعداد لتقبله، فقبول الآخر واحترامه وسماعه شروط اساسية في صناع الوعي ومن ثم تحقيق التغيير.

التغيير درجات، فنحن لا نستطيع أن نغير سلوكات فرد تجذرت في ذهنه أفكار قد نراها نحن خاطئة وقد يراها هو صائبة، وقد يكون قد مر عليها زمن طويل ولم تعد صالحة للإستهلاك، لكنها متجذرة في ذهنه وبالتالي يصعب عليك وعلينا اقتلاعها وإقناعه بأنها خاطئة ولابد من تصحيحها وترجمتها إلى أفعال تخدم البشرية والإنسانية، إننا امام أزمة تتعلق بأنسنة الإنسان، وهذه تحتاج إلى نفس طووويييييييييل جدا، تحتاج إلى حكمة وصبر وتحدي ومقاومة، والإنسان الذي يريد التغيير يجب عليه أني يتحوّل إلى مشتلة يزرع فيها بذور الإنسانية في الآخر، والسؤال: كيف ؤسس مؤسسة اجتماعية ونحن عاجزين على مأسسة الإنسان الذي يدير مستقبلا هذه المؤسسة؟، هذا إذا كان الأمر يتعلق بفرد واحد، فكيف إذا كانت جماعة (تيار سياسي أو ديني معين) أو جماعات (شعب/أمّة)، ثم أن التغيير لا يأتي هكذا عبثا، أو عن طريق الصدفة.

فأول خطوة يقوم بها الإنسان الراغب في التغيير هي أن يغير نفسه أولا، ماذا قدم للآخر وما لم يقدمه بعد، لابد أن يخضع أفكاره للتحليل ويضعها في مخبر الحياة، كما عليه أن يفرق بين الشيئ وضده، (التعقل والتهور، التريث والإندفاعية..الخ)، فلا ينظر إلى الآخر بنظرة دونية، أو يصدر عنه أحكاما مسبقة غير مدروسة قد تعود عليه بالسلب وتفشل مشروعه في بناء الإنسان والمجتمع .

***

علجية عيش

ثانيا- أضحى الخطيب الديني غالبا يخوض في كل شيء إلا جوهر الدين وروحه، يتحدث عن مفردات خير ما يقال عنها انها جزئية هامشية ليس لها أولوية في حاضر المجتمع أو مستقبله، ولا هي من صلب الدين، كالحديث عن جزئيات صفات الحور العين، أو الملائكة، وتفاصيل الحياة في الجنة أو في جهنم، متجاهلاً إحياء الحالة الإيمانية، وتشييد العلاقة مع الله تعالى على أساس الحب، وحضوره تعالى في قلوب المؤمنين، وما يتبدّى عن ذلك من قيم روحية، ومبادئ إنسانية كالمحبة، والتسامح، وحب الخير للآخر، والرحمة، وهو بذلك يستبدل اللباب بالقشور، والجوهر بالعرض، والمضمون بالشكل، ويرسل - من حيث يقصد أو لا يقصد- رسائل خاطئة لمستمعيه مفادها ان هذه العرضيات والشكليات هي التي تعبر عن حقيقة الدين وغايته، يكفي للوصول الى الله التمسك بها فحسب. فأضحى المجتمع بتأثير هذا النوع من الخطاب قشريّا، سطحيّ الوعي، ساذج الثقافة، يعاني من خواء داخلي، يتهالك على التمسك بالظواهر، يؤمن بكل مايطرق سمعه من أفكار مهما بلغت درجة سذاجتها. تمتلئ بأفراده المساجد في الجمعات والأعياد، في وقت ترزح بلدانهم تحت وطأة التخلف والفساد.

ثالثا- الاعتقاد الشائع خطأً لدى غالبية عظمى من الناس، أن الخطيب إنما ينطق عن الله تعالى، فهو وكيله والناطق الرسمي باسمه، وحلقة الوصل بينهم وبينه، والمتحدث نيابة عنه، وفي هذا السياق جاء من لا همَّ له سوى تحقيق مصالحه، وبسط نفوذه للإستحواذ على الهيمنة والسلطة والقوة والمال. مكرّسا هذا الفهم الساذج في وعي الناس، ومؤكدا عليه ليفتح الباب على مصراعيه في ان يقول ما يشاء مما لا يقبله عقل ولا منطق، ومما لا شاهد عليه من كتاب الله أو سنة النبي وأهل بيته الكرام (ع)، ويخوض في ما لا دراية له به ضامنا قبول الناس به، وإيمانهم المطلق بما يقول فضلا عن أن يفكر أحد بالمجازفة بنقده أو الاعتراض عليه ومسائلته. أذكر بهذا الصدد موقفا حصل معي شخصيا وكنت حينها مدعوا لإحياء مجالس عاشوراء في لبنان فجاء من يسألني بكل رهبة وجدية، وكان كمن يمتلك الجواب ولكنه يريد ان يطمئن قلبه فقط، قائلا: سيدنا انت حينما تكون على المنبر هل تسمع اصواتا لا نسمعها نحن، أو ترى اشخاصا لا نراهم؟ ولم يكن سهلا ابدا اقناعه بعدم صحة ما سئل عنه إذ كان يعتقد حينها أني بصدد إخفاء الحقيقة عنه!

يتبع.

***

مضر الحلو

طرشي، طاسة، طرا گ، طرگاعة، طرش، طلي، طمس-  طلابة، طنب، طنگر، طوف، ياهو، ياكل وكت، يتحرگن، چلّب. تذكير مكرر: لتسهيل قراءة قوائم المفردات، سأكتب المفردة أولا كما تلفظ في اللهجة العراقية، ثم علامة مساواة، وبعدها لفظ المفردة في المندائية كما ذكره المؤلف قيس مغشغش السعدي بين قوسين كبيرين، ثم معناها في المندائية وفي اللهجة العراقية، وأختم الفقرة بتعليقاتي أو استدراكاتي عليها مع التوثيق التأثيلي من المعاجم على كونها عربية وحسب ترتيب ورود هذه المفردات في الكتاب المذكور:

161- طاسة =(طاسا). إناء صغير يشرب به. والكلمة عربية بهذا المعنى نقرأ في المعجم (طاس: جمع طاسات. إناء صغير يوضع به ماء ويعدّ على المائدة ليغسل فيه الآكل أصابعه -  إناء من نحاس ونحوه يُشرب به، أو فيه).

162- طرا گ =(طرا) ضربة كف. يبدو لي أن هذه الكلمة من الكلمات الحكائية أي المحاكية لصوت فعلها مثل الخرير والهدير والهسيس والوشوشة.. فهي تلفظ (طراق) بقاف حميرية لمحاكاة صوت ضربة الكف على الوجه. وهي موجودة في دول الخليج العربي والجزيرة.

163- طرگاعة =(طيرقا). وتعني في المندائية بلوى مشكلة اضطراب. والتخريج ضعيف جدا، فالكلمة بعيدة لفظا عن مقابلتها في اللهجة العراقية وسبق أن كتبت عنها في كتابي "الحضور الأكدي والآرامي والعربي الفصيح في لهجات العراق والشام) ردا على تخريج مشابه طرحه السيد صلاح مال الله: "مثال آخر على التعسف وغياب المنهجية العلمية نجده في تأثيل مال الله لكلمة "طركاعة" الريفية العراقية فهو يكتب قائلا (طرگـاعه: هيجان عظيم، واضطراب شديد.  وهي مشتقة من الجذر الثلاثي الآرامي [ط ر ق] بمعنى: يخفق، يخلط، يقلق (الهدوء والسكينة).  فنقول [طرگ البيض] أو[طرگ اللبن] بمعنى خفقه وحركه. و [طرگـا أو طرگـاءة] ـ أصبحت بعدئذ طرگـاعة ـ هي بمعنى: تشويش، اضطراب، اقلاق، ازعاج   وفوضى).

فأولا، نحن نعرف أن معنى المفردة في الجنوب العراقي تحديدا ليس الهيجان أو الاضطراب أو الإزعاج ...الخ، كما يقول مال الله، بل تعني الكارثة والمصيبة الكبرى. وثانيا، فإن الكاتب فسَّر الجزء الأول من الكلمة بإعادته إلى الجذر الآرامي "طرق" وهو جذر سامي موجود في العربية كما الآرامية، وسكت عن الثاني، في حين يمكن وبكل سهول تفسير المفردة عن طريق إرجاعها إلى أصلها الفصيح العربي وهو "طر القاع" أي شق أو فطر الأرض. وكلمة القاع موجودة في الكتب التراثية بمعنى الأرض وجمعها "قيعان" نقرأ في لسان العرب لابن منظور (القاعُ: المكانُ المستوي الواسعُ في وَطاءَةٍ من الأَرض يعلوه ماء السماء فيمسكه ويستوي نباته وفي الحديث: إِنما هي قِيعانٌ أَمْسَكَتِ الماءَ. قال الأَزهري: وقد رأَيت قِيعانَ الصّمّانِ وأَقمتُ بها شَتْوَتَيْنِ، الواحد منها قاعٌ وهي أَرض صُلْبةُ القِفافِ حُرَّةُ طينِ القِيعانِ).  وهي موجودة بهذا المعنى في اللهجة التونسية المعاصرة وقد سمعتها من شيخ تونسي في مدينة سوسة، قال (اشتريت القاع وما زال ما بنيتهاش). وطرَّ تعني في اللهجة العراقية الجنوبية والغربية (شقَّ)، وهكذا قد يكون المدلول الأقرب إلى الصحة لعبارة "طرقاعة" هو الكارثة أو المصيبة التي تشق الأرض أو تنشق لها الأرض. وهناك عبارات مقاربة لهذه العبارة وردت في القرآن بصدد علامات يوم القيامة يوم تنشق السماء وترمي الأرض أثقالها ... الخ. وهذا مجرد تخريج شخصي قد يصح وقد لا يصح، وقيمته تكمن في قربه من واقع حال المفردة ومصدرها وحركتها التاريخية في اللغة، فإذا ما ظهر غدا نصٌّ أكديٌّ مترجم ووردت فيه مفردة "طرقاعة" بالمعنى الذي تستعمل فيه اليوم فسيكون لزاما عليَّ التخلي عن التخريج الآنف الذي شرحته والقبول بالحجة الدامغة الجديدة".

164- طرش =(طرش) وتعني الطرش لجمع الحمير والبقر. ويضيف المؤلف (تتفق كلمة "طرش" في معناها ولفظها في اللغة العربية والعامية المندائية"! فلماذا أتعب المؤلف نفسه وزجَّ بها في معجمه المندائي إذن؟ أليست اللغتان العربية والمندائية شقيقتين ومن عائلة لغوية واحدة، وهما قريبتان من بعضهما لفظا ومعنى؟

165-  طرشي = (تر شايا) وتعني المخللات. وهذا تخريج ضعيف، فكلمة طرشي كما يكتب الباحث محمد كريم من مصر "كلمة فارسية تعني الثمار المملحة، وبالعربية تسمى "مخلل"، أي الثمار الموضوعة في الخل والملح حتى تخللها، وبالتركية تورسو، وباليونانية القديمة تورسي. ويقول المخضرمون من أهل المهنة في أحياء مصر الفاطمية إن كلمة طرشي جاءت من اسم البرميل الخشبي الذي كانت تحفظ فيه الثمار المملحة ويطلق عليه اسم الطرشة/ العربي الجديد 11 آب 2017". والكلمة مستعملة في أغلب اللهجات العربية وليس في العراق فقط.

166- طسه = (طوس) يرفرف يطير في المندائية. لا علاقة لهذه الكلمة التي تعني المطب بالكلمة المندائية لفظا ومعنى. وربما كانت لها علاقة بالفعل العربي "وطسَ" ويعني في معجم المعاني نقلا عن معجم الرائد: وطس الشيء: كسره ودقه -  وطس الأرض: حفر فيها حفرة. أو بالفعل المضعف طسَّ ويعني: طسَّ فلانًا طعنه، صدمه: طسَّه بسيارته، -  طسَّ الرجلَ قِطارٌ سريع. ويبقى هذان التخريجان ضعيفان أيضا ولكنهما أكثر منطقية من يطير ويرفرف المندائيتين!

167-  طلابة =(طلابا) وتعني في المندائية طلب –رجاء ومعناها في العراقية بعيد جدا فهي تعني الخصومة والمشكلة وهي أقرب إلى مشتق "المطالبة" من الجذر الثلاثي العربي نفسه "طلب". أما تخريج المؤلف حول معنى الطلب والرجاء لحل المشكلة في الكلمة المندائية فلا معنى له ولا علاقة له بمعنى المفردة المباشر في اللهجة العراقية.

168- طلي =(طليا) حدث صغير صبي في المندائية. وفي اللهجة العراقية هو الحمل الخروف الصغير فلا علاقة للمفردة بالمعنى الآرامي المذكور. والكلمة عربية فصحى ومستعملة في العراق وفي دول عربية أخرى وهي في قاموس الرائد كما ينقل لنا معجم المعاني (طلي من أولاد الغنم الصغير، جمع: طليان) وفي المعجم الوسيط يختلف معناه قليلا؛ نقرأ "الطلي: وَلَدُ الظَّبْيَةِ ونحوه. وفي لسان العرب نقرأ (قال ابْنُ سِيدَهْ: وَالطَّلْوُ وَالطَّلَّا الصَّغِيرُ مِنْ ڪُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: الطَّلَّا وَلَدُ الظَّبْيَةِ سَاعَةَ تَضَعُهُ).

169-  طمس =(طمش) وتعني طماشا في المندائية الارتسام "التعميد" في الماء وفق الطقوب المندائية الصابئية. والفعل "طمس" عربي لا جدال فيه وهو كثير الاستعمال بمعناه العراقي انطماس الشيء في وحل أو طينٍ أو سائل ما حتى يختفي عن الرؤية جزئيا أو كليا. نقرأ في معجم اللغة العربية المعاصرة (طمَس الشَّيءُ: درَسَ وامَّحى. طمَس الغيمُ النجومَ: حجَب ضوءها " {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ} ". طَمَسَ: شوَّهه أو محاهُ وأزاله، استأصل أثره "طَمَسَ الحقيقةَ/ معالم الجريمة-  طمَست الرِّمالُ آثارَه.

170- طنب =(طنب) كدر حزن في المندائية والمعنى بعيد عن المراد في العامية العراقية والتي تعني متوتر وساكن لا يأتي بحركة غضبا أو ما شابه. والكلمة بهذا المعنى ربما تكون أقرب إلى معناها العربي الفصيح نقرأ في معجم المعاني (طنب: حبل تشد به الخيمة إلى الوتد. 2-  طنب: سير يوصل بوتر القوس. 3-  طنب: عصب الجسد).

171- طنگر =(تنگار). وتعني في المندائية التاجر وهو معنى بعيد جدا عن معناها العراقي. أما المعنى الذي يضعه المؤلف للمفردة في اللهجة العراقية فليس دقيقا، فهو يقول (مطنگر: ينفعل ويهتاج...) أما المعنى الأدق فهو: شخص يلتزم الصمت ويمتنع عن الحركة والتعامل مع الآخرين رفضا واحتجاجا أو تأثرا بفعل مسيء له من طرف آخر). وليس لديَّ تخريج جيد للكلمة ولكني أرجح أنها قادمة من اللغات الجزيرية الأخرى كالأكدية بلهجتيها البابلية والآشورية.

172- طوف =(طوفا) سياج مصنوع من الطين. الكلمة عربية فصيحة بذات المعنى العراقي نقرأ في المعجم (الطَّوْفُ: الجدارُ ونحوُه يقامُ حولَ قطعة من الأَرض).

173- طيزان =(طيزانا) وتعني طائش متهور في المندائية. لم أسمع بهذه المفردة في اللهجة العراقية الجنوبية. وربما كانت موجودة في نواح أخرى من العراق.

174-  يا =(يا) أداة تعجب. وهي في العربية واللهجة العراقية أداء نداء ولكن المؤلف يوجد لها تخريجا آخر بمعنى التعجب في جمل عامية منها (يا سليمة اتكرفك) وهذا تخريج عشوائي فحروف النداء تأتي للنداء وغير النداء في المراد البلاغي كالتساؤل والتعجب ...إلخ، في ما يسمى بعلم البلاغة "خروج الحال عن مقتضى الظاهر"!

175- ياب –يابا = (ياب – يابا) أبي – والمؤلف يذكر أن هاتين المفردتين تردان في المندائية والعراقية بذات اللفظ والمعنى ثم يضيف " أما من حيث معنى الكلمة فجميع اللغات السامية تشترك بكلم أب". فألفاظ مثل "ياب" و" يابه" لا تعني سوى " ياأبي"... وهذا التخريج الذي يكتبه المؤلف مجرد كلام نافل لتكثير كلمات معجمه بكل ما هب ودبَّ من مفردات!

176- ياهو =(ياهو) من هو؟ والعبارة عربية من ياء النداء وضمير الغائب المفرد المذكر ولا تحتاج إلى تخريجات لغوية!

177- ياكل وكت =(أكل) يعمر، يستغرق، يستنفد في المندائية. والمؤلف يورد الكلمة في عبارة "ياكل وقت" ليجعلها مندائية أو قريبة من معنى المفردة المندائي وهذا مجرد عبث لا طائل تحته! عبارة "يأكل وقت" عربية فصيحة ومثلها "يقتل الوقت" ...إلخ وهي تعبيرات بلاغية بمفردات عربية فما الجديد والفريد في ذلك؟

178-  يتحرگن =(هراقا) صرير الأسنان. والمؤلف يكتب الكلمة بالكاف وهي بالقاف الحميرية أي الجيم القاهرية "يتحرگن"، أي يتحرق شوقاً أو غضبا...إلخ، والكلمة عربية فصيحة وعراقية بذات المعنى واللفظ ولا علاقة لها بصرير الأسنان!

179-  چلّب = (لم يذكر لفظها بالمندائية) وتعني تمسك! والكلمة عربية فصيحة ولكنَّ جهلَ المؤلف بظاهرة "كشكشة ربيعة" وسائر الظواهر اللغوية، جعله يعتبرها مندائية فهي "كلَّب تكليباً" ولفظت الكاف بالكشكشة جيما مثلثة، وتعني "قيد وربط". ومنه الكُلاَّبُ: أَداة يخلع بها الأَسنان وغيرها، وهو أيضا حديدةٌ معوجَّة الرأْس يُنْشَلُ بها الشيءُ أَو يُعلَّق. والجمع: كَلاليبُ. يتبع

***

علاء اللامي

لا أعتقد أن هناك بيتاً فى العراق مشغول البال بأخبار ما يسمى مجالس المحافظات وإصرار الكتل السياسية على عودتها الميمونة، كما ان غياب صوت نواب كتلة امتداد لا يثير اهتمام المواطن الذي توهم ذات يوم ان قبة البرلمان لن تغير النفوس . ولن يتساءل احد أين حل الدهر بالنواب الذين دخلوا البرلمان على أكتاف شباب تشرين؟، لم يعد أحد في العراق يشك للحظة واحدة في أن الانتخابات تحولت إلى صراع مغانم أكثر من كونها عملية ديمقراطية هدفها خدمة الناس

يرفع الكثير من الساسة اليوم شعار " التغيير " والبعض يتغنى بالاصلاح . إلا أن الواقع يقول إن كل هذه الشعارات لن يعمي الأبصار والبصائر عن الحقيقة الناصعة.. حقيقة أن هناك ما يقارب الـ"80%" من هذا الشعب لم يهتم للبرلمان واعتبر الانتخابات مجرد عطلة رسمية تعلنها الدولة أسوة بالعطل التي نعيش في ظلها.. عطلة في كل شيء، التنمية، الصحة، العدالة الاجتماعية، الرفاهية، الخدمات.. فماذا يهم إذا أضيفت لها عطلة اسمها "الانتخابات" لا يراد لها أن تنتهي؟.

إذا سألت رأيي فيما يجري من صراع على مجالس المحافظات ن سال لها لعاب بعض القوى المدنية للاسف، فأنا أيضا مثل ملايين المواطنين لا نعرف لماذا؟ وأيضا لا ندري سر هذه المعارك التي ننام ونصحو عليها، والتي تكشف كل يوم زيف الديمقراطية العراقية.

أتساءل: لماذا يصرّ البعض من ساستنا ومسؤولينا على أن يتحول إلى خطيب "مفوّه" عندما تسأله عن الخراب الذي يمر به العراق، فيصرخ بوجهك: لا حل إلا بأن يتولى الحزب الفلاني مسؤولية البلاد فيما آخر يطالب بأن يتسلم الحزب العلاني مسؤولية هذه الوزارة، لأن هؤلاء وحدهم القادرون على السير بهذه البلاد إلى بر الأمان.. الساسة "المتحاصصون" يتصورون أن العيش في ظل حكاية كنز علي بابا، أفضل من بناء دولة مؤسسات، ما هو هذا المنجز الكبير الذي نباهي به شعوب العالم؟، وماذا يعني إيهام المواطن البسيط بأن النجاحات التي حققها حسين الشهرستاني ومثنى السامرائي، شكلت صداعاً للإمبريالية؟، ماذا يعني أن على العراقيين أن يتحملوا الفشل المتواصل ؟، وهل هناك نظام سياسي حقيقي يعتبر الخراب والأزمات وآلاف الضحايا دليلاً على النجاح؟، وكيف يريدون من العراقيين أن يؤمنوا بأن انتخابات مجالس المحافظات، ستتحول الى إنجاز يعادل بل ويتفوق على كا يحدث في الامارات وسنغافورة ؟.

أن نصرّ على عودة الفاشلين والانتهازيين الى كراسي مجالس المحافظات، فهذه قمة الخراب .. نحن ياسادة في مأساة اسمها "فاشلو المحاصصة" الشعوب تعطي لي كوان ومهاتير محمد، والشيخ زايد، ولولا دا سليفا . ونحن نختار ابطال المحاصصات.

***

علي حسين

في المثقف اليوم