طاقةُ العُدوانِ فينا أوْلعَتْ
نارَ حَرْبٍ للبَرايا سَجَّرَتْ
*
دونَ عَقلٍ خَلْقُها فيها كَبى
بنفوسٍ نحْوَ شَرٍّ أمَّرَتْ
*
أيْنما طِفنا وَجَدْنا خائِباً
وحُشوداً بالخَطايا أمْعَنَتْ
*
بيْنَ جُوعِ ثمَّ فُقرٍ مُدْقِعٍ
وثَراءٍ لوحوشٍ قدْ سَطَتْ
*
ثرْوَةُ الأرْضِ بخَلقٍ إثْمُها
وعلى الآفاقِ صارَتْ واسْتوَتْ
*
وعيونُ الناسِ أعْماها الضَنى
ودُموعُ الروحِ مِنْها أُهْرِقَتْ
*
وبَرايا بضَلالٍ إخْتَبَتْ
وبضيْمٍ عِندَ ترْبٍ إنْتَهَتْ
*
طبْعُ غابٍ لا يُدانى طبْعُنا
أقوياءٌ بضَعيْفٍ فتَّكَتْ
*
ما لنا عَنها خَيارٌ عادلٌ
إنَّما العَدْلُ عدوٌّ ما بقتْ
*
كُلّ إنسانٍ يَراها كوْنَهُ
وبهِ الأكوانُ ثارَتْ واعْتدَتْ
*
شَأنُها الأيّامُ ساقَتْ رَكْبَنا
نحْوَ صَمْتٍ وغِيابٍ إهْتدَتْ
*
نكّأتْ جُرْحاً وجُرْحاً أحْدَثَتْ
وبجُرحٍ لجِراحٍ أوْغَرَتْ
*
إنّها دارَتْ وجاءَتْ غيْرَنا
ورُؤاها بحَديدٍ أطِّرَتْ
*
لعْنةُ الجلمودِ فاقَتْ وَعْيَنا
بدِماءٍ ودِماءٍ خُضِّبَتْ
*
يا نَجيعاً دافقاً فوقَ الثَرى
دَوْحةُ الأحْلامِ مِنّهُ أثْمَرَتْ
*
كلُّ جيلٍ داسَ جيلاً بَعْدَهُ
وكذا الأجْيالُ عنّا إنْزَوَتْ
*
طاقةٌ خارَتْ وأخْرى أرْمَضَتْ
وقلوبُ النشأ منها إكْتَوَتْ
*
فلماذا نَتوارى خَلفَها
وامْتلكنا كنزَ أمٍّ أشرَقَتْ؟
*
يا رَغيْبَ النفسِ يا جَذوَ الوَغى
إسْحَقِ الدونَ بنَفسٍ إرْتَقَتْ
*
بينَ لوْمٍ واسْتكانٍ هادئٍ
ونُزوعٍ لرَغيبٍ أضْمَرَتْ
*
مِحْنةُ الإنسانِ في ذاتٍ حَوَتْ
خُلقَ الترْبِ ومِنْهُ إرْتَوَتْ
*
قالتِ الأيّامُ دَعْها كيْ تَرى
فتَمادَتْ بخَيالٍ وانْتهَتْ
*
بلجامٍ من حَديدِ المُحتوى
قُيِّدَتْ روحٌ بنَفسٍ إنْبَرَتْ
*
كحِصانٍ لهواها قد مَضَتْ
بجُموحٍ فائقٍ ثمَّ اشْتَكَتْ
*
بشرٌ ناءَ بباءٍ قابضٍ
كقِناعٍ فوقَ رأسٍ أُلبِسَتْ
*
فتَعلمْ كيْفَ تَبْني صَرْحَها
واطْعمِ النَفسَ مُراداً إشْتَهَتْ
*
وتَهادى بفَضاءٍ غامِضٍ
وتَلاشى برياضٍ أشْحَبَتْ
*
إنّنا كونٌ وكونٌ ضَمَّنا
وعلى الأفنانِ روحٌ غَرّدّتْ
*
ما تسامى الوعيُ حيناً واسْتقى
من فيوضٍ في سَماءٍ أبْرَقَتْ
*
يا مُنى روحٍ بنفسٍ قيْدُها
هلْ سَننأى ولنا النَفسُ احْتوَتْ؟
*
أكلَ الترْبُ وعاءً خاوياً
وأراها لعلاءٍ أبْحَرَتْ
*
يا سماءً برموزٍ زيِّنَتْ
أطفأتْ ناراً ونوراً أوْمَضَتْ
*
كسَبتْ فيها علوماً لا تُرى
ثقلتْ حتى تهاوَتْ وانْزَوَتْ
*
أمّةُ الأخْلاق يا أسَّ الرؤى
ذلكَ الرأسُ نُهاهُ إنْطوَتْ
*
فلماذا بمَدارٍ سيْرُها
وخطانا إسْتدارَتْ وانْحَنتْ
*
عالمُ الغَيْبِ يَرانا كلنا
فاجْعلِ الفِعْلَ بَصيْراً ما دَعَتْ
*
سُلِبَ اللبُ وسادَتْ نَفْسُنا
إنَّهُ عَبْدٌ مُطيعٌ ما هَوَتْ
*
صَنَّعوا ديناً جديداً آثماً
وإذا النورُ كنارٍ أحْرَقتْ
***
د. صادق السامرائي
22\11\2021