روافد أدبية
أريج الزوي: ومن الألمِ ما قتل

السّيد إلياس لم يكن يُدرك بأن ألم الفُراق سَيجعل منهُ إنساناً آخر. مُنطوياً على نفسهِ، شارد الذهن، وغائباً عن هذهِ الحياة. بعد أن تجاوز إلياس الستين من عُمرهِ، فقدَ شغفهُ بكل شيءٍ قبل أن يفقد ذاته. حيثُ توفيت زوجتهُ (إريانا) منذُ عامينِ ونصف، بعد أن أُصيبت بمرض الإنسداد الرئوي المُزمن. الذي لم يُمهلها طويلاً حتى فارقت الحياة وإلياس معاً.
إريانا كانت إمراةً جميلة وطيبة القلب وتحب مساعدة الآخرين. إنها أول سيده تؤسس داراً لرعاية الأطفال المُشردين في شوارع مدينة (بيرايوس). إنها إمرأة مُثابرة وعظيمة حقاً.
بعد وفاتها أدمن إلياس شُرب الكحول إلى أن أُصيب بتليفٍ حاد ٍفي الكبد. لم يُبالي إلياس بخطورة مرضهِ ولم يخضع حتى للعلاج إلى أن أصبحت صحتهُ في تدهورٍ مُتزايد.
تجدهُ دائماً مُستلقٍ في حديقة منزلهِ تحت شجرة الرمان، ليسترجع ذكرياتهُ مع إريانا. حيثُ كانا كل صباح يقومانِ بري النباتات والزهور والعناية بهما، وكان كلبهما (تيتيان)، رفيقهما المُخلص في هذه الحياة.
ينتابهُ الشعور بالألم كلما تذكر قول زوجتهِ لهُ: بأنها لن تتركهُ أبدا حتى يُفارقان الحياة معاً.
على تمام الساعةِ التاسعةِ صباحاً، استيقظ إلياس ولم يجد كلبهُ نائماً بجوارهِ، فراح يُنادي عليهِ بصوتٍ مُتعب: تيتيان تيتيان. بحثَ عنهُ في كل مكانٍ داخل المنزل فلم يجدهُ !. فخرجَ إلى الحديقةِ بخطواتٍ مُثقلة ومُترنحاً يميناً وشمالاً، باحثاً عن كلبهِ، فوجدهُ ميتاً تحت شجرة الرُمان.
صَرخ إلياس بشدهٍ: إريانا، تيتيان
ثم جثا على رُكبتيهِ وسقطَ مَغشياً عليهِ.
***
قصة قصيرة: أريج الزوي