روافد أدبية
محمد محضار: على أعتاب "العامريات"

في زقاق ضيق بمدينتي
صادفت حزني ينتظرني
يدفع بي إلى حانة النسيان
على كرسي خشبي ألتقط أنفاسي
أبعثر تاريخ حياتي
بهدوء الحالمين ألثم جبين طفولتي
أشرع نافذة الانفلات الناعم
أتصفح فهرس ما تبقى من فتات
أمدّ يدي نحو منديل الاستسلام
وأكتب على ظهر صورتي:
هذا عابر سبيل ضل الطريق
مدينتي تبرأت من خطواتي
أعْلنَتْني عاصِيا قادما من زمن الطاعون
ثم شَدّت وثاقي وسلمتني لشرطة المشبوهين
قالت سيدة قادمة من حي " الضيعة":
هذا مُعَلّمٌ "بدوار ابن جلول "
يركب دراجة خضراء
يدعي أنه "شاعر نحرير "
وقال رجل ضرير:
إنه كان يعبر كل صباح
"باب الحرية"
نحو قرية التنشيف الجديدة
يقرأ زبوره، يُعلم الصّغار
لُعبَة التمرّد على الحقيقة
يتلو بهدوء مرثية مالك بن الريب1
ثم يمضي إلى حال سبيله
2
عند الربية الخضراء
ومفترق الطرق الأربعة
تتنهد طيور الزرزور
على شجر العراعر
يرتَدُّ الزّمنُ ناكصا
ترتمي الأماكن بين ذراعي الذاكرة
بلباس خَاطتْه حُور الجزر الفضية.
تومض بوارق المحجة البيضاء
تبزغ سَربة الخيالة
أشُمّ رائحة البارود
لا ضير في ذلك هو عام "سبعة وستين"
أنا طفل أمسك بيد أبي، والخيل ساطعة الغبار
الأرض تبتسم لحوافرها في انتشاء
والسماء تزهو بنقعها المترامي
موسم المدينة يتمطى، يمدّ فساطيطه للعالمين
على أعتاب "العامريات"2 تقام الولائم
يحتفي الأموات والأحياء بسويعة اللمّة
***
محمد محضار
18 مايو 2025م
..................
1- شاعر وفارس من بني مازن بن مالك من بني تميم
2- العامريات: مقبرة بمدينة خريبكة