روافد أدبية

روافد أدبية

نريد الحبّ يا أمي

نريد الخبز ياأمي

نريد السلم يا أمي

نفضّل عالما حرّا

بعيدا عن رحى الحرب

فكل الكون يا أمي

يدين معالم الحرب

*

نريد الحبّ يا أمي

نريد الخبز يا أمي

نريد السلم يا أمي

نريد العيد أفراحا

بعيدا عن دنا الحزن

نريد الأمن عنوانا

لكلّ الناس يا أمي

فهذا الكون يعرفنا

بأنّا بسمة الرّب

*

نريد الحبّ يا أمي

نريد الخبز يا أمي

نريد السّلم يا أمي

نريد الخير سلطانا

لنشر الحبّ والسلم

***

تواتيت نصرالدين

 

أخذ يدور بعينيه الغائرتين المتعبتين في أرجاء الغرفة التي أصبح يرى فيها بصعوبة بعدما ناهز السبعين من العمر وهو وحيدا في بيته مع رفيقة دربه وحبه الأول وزوجته التي انحنى ظهرها بعد هذه السنوات العجاف التي مروا بها حيث أثقلت أيامها هذين الجسدين وأخذ منهما الكثير من العافية والشباب والنضارة وتقاسما همومها سويا في زمن قست فيه مخالبها فصمدا في وجه تلك الأيام الخوالي أمسك بعصاه التي اشتراها منذ زمن بعيد كأنه أعدها مستقبلا لهذه الأيام توكأ عليها راميا ثقل جسمه النحيل تناول مذياعه من الرف القريب لسريره وأخذ يقلب العالم بأنامله وهو يتنقل من قناة إلى قناة أخرى ليجوب العالم بأسماعه ويتلقف خبر بعد خبر ولم يستقر على واحدة منها أقفل المذياع بعصبية ملحوظة على وجهه انتبهت إليه زوجته لتهدئه بروية ولتمتص منه الغضب الواضح على محياه بابتسامة التي طالما ألفها في حياته عندما يكون بحاجة لها قال أتذكرين عزيزتي عندما كان هذا المكان يبهج القلب ويسره والأولاد يمرحون فيه ويرقصون في كل جانب منه يملئونه فرحا وسرورا أرتشف زفرة عميقة وتبعها بتنهيدة وصلت إلى مسامع زوجته التي تستمع إليه أخذت الذكريات واللحظات الجميلة تدور في مشاعرهم تسوق به إلى الزمن الماضي وتشده بحبائلها يمتطون بساط من الذكريات يتنقل بها لامست يداه صندوقا صغيرا من الخشب اخذ يقلب بين محتوياته من الصور القديمة والرسائل بين أصابعه وشفتاه التي تنهمر منها الحروف بصوت العاشقين ولحظاتها الرائعة يسترسل بالكلمات بصوت الشاعر يلقي قصيدته على مسامع حبيبته وينثرها كالدرر بين أحضانها حتى آخر رسالة من رسائله التي التقطها بأنامله من الصندوق الخشبي المطرز الذي وضع فيه كل أسرار العائلة وحياته القديمة وذكرياته من الصور ورسائل الحب التي كان يرسلها إلى زوجته عندما كان في ساحات القتال في فتر قاسية من عمره حتى آخر رسالة أحس بثقل ما على كتفه وصدره توقف عن القراءة برهة ونظر إلى صدره فإذا برأس حبيبته بشعرها الأشيب كالثلج الشتوي يتهادي بخصاله يغفو على كتفه ويدها تلف ظهره وتحتضنه بحنان ودفيء كأنها في سبات الحب والهيام أنحنى برأسه عليها وذرفت عيناه من الدمع أعاد كل شيء إلى صندوق الأسرار وأغلق كل شيء  كان يدور في رأسه وطوى كل صحاف الماضي لأجل لا يعلمه كي لا يعيد التفكير بالماضي فأن التأريخ كالجرح الذي اندمل فالقادم هو الحياة الجديدة التي يعيش في كنفها ما تبقى من عمره.

***

ضياء محسن الاسدي

عراقيةٌ والنور ينقشُ عالجبين

عشقُ أرض الرافدين

شقراء من ربوة شمسٍ

جذوها حب العراق

وشموسي كسرت طوق الدجا

عراقية أنا أخت الرجال

أخت من ذلّت له حتى الجبال

قد رضعت العنفوان من أمي العقيلة

وورثت الحرف طيرا سابحا بالملكوت

سليلة الخنساء ملحمة الاباء

زوادتي الصبر وزادي الكبرياء

فرحاً تناديني الملاحم والرزايا

زهوا ألوك النوائب والمنايا

أنا بنت أبطال الوغى

وأم ملحمة الخلود

وإن عجفت بيَ الاقدار يوماً

إلتقمتُ الصبر خبزا ووسادة

وارتشفت الماء من عرق الشهادة

سليلة اللوح وعنوان الحضارة

أميرة بابلية عزا وإمارة

ومازلت تسأل وتجادل من أنا

أنا غنية عن الكنى

وهويتي عراقية الجدين من أرض السنابل

سليلة العروش والحرف والنقوش

أميرة بابلية بلا رتوش

تاجي مسلة جدنا

حمورابي مَن العالم له انحنى

قد طوع العدل بميزان الحياة

وألبس الجاهل جلباب الثراء

أطوي الملاحم كطي الشموس للسنا

وجنائني فخر عجائب الدنا

ومازلت تسأل من أنا

من جبيني أبصر الحرف الوجود

وظلال تسقي لليل سجود

وصباح تستحم الشمس فيه بين أسوار الخلود

ونخيل في عيوني يتهجد

وفرات يكتحل من ليل دجلة

وظفائري لخيوط الشمس قبلة

منبري حب العراق

وروافد في شغاف القلب تجري

تستقي منها الضفاف

ومواسم لربيع تزدهي

تعزف الالواح أوتار الحضارة

وينابيع شموخ في زمان تنتهل منه البوادي

ونخيل باسق يتعالى في بلادي

فلا تسل من أنا

أميرة بابلية أنا

أنا الخلود إذا الدهر فنى

وأنا.. من التأريخ إلى أرضي رنا

فلاتكلف نفسك العنا

فشمس الشرق أدرى بالشعاب

فهل عرفت يامن تسأل من أنا

عراقية بابلية أنا

***

مريم لطفي

 

تحدثني القدس في يقظتي

ومنامي

وتسرد تاريخها للأنام

بأنّ فلسطين أرض التسامح

أرض السلام

وأرض الديانات والأنبياء

ومهد الرسالات والمرسلين

وميلاد عيسى عليه السلام

ومسرى نبينا خير الأنام

**

تحدثني القدس في يقظتي

ومنامي

بأن فلسطين أرض سقتها دماء

لأجل الشهادة

عبر السنين

بعزم الصحابة والفاتحين

وفي العهدة العمرية عهد

ووعد شريف

من الصالحين

*

تحدثني القدس في يقظتي

ومنامي

وتشهد حطين أنّا انتصرنا

وأننا أصحاب نصر مبين

وأصحاب حقّ

وأرض

ودين

وأنّ اليهود عصابة ظلم

وبلفور وعد من الغاصبين

وأنّ يهود زماننا هذا

بأرض القداسة جنس هجين

***

تواتيت نصر الدين

دخلت ام هاني إلى المعزل وهي مصممة على التصويت للمرشح الذي "أكرمها" عن طريق جارها، بثلاثين درهما وهو يضع بيدها الرمز الانتخابي للمرشح الذي يقوم بالدعاية له، حينما اتصل بها في منزلها، حاثا إياها على التصويت عليه. أم هاني  سيدة أرملة، مسنة، لا تهمها الانتخابات إلا بقدر ما قد تدر عليها ببعض الدريهمات. من بين المترشحين، تعرف اثنين لأنهما من حيها، ولا يهمها انتمائهما لحزبين يتصارعان جهرا وعلنا ويزايدان على بعضهما البعض في الكذب والاحتيال والحيل، للضفر بمقاعد بمجلس المدينة. الأول هو سلام ، وهو من أعطاها ثلاثين درهما. والثاني هو علام، ربما لم يكن من دافعي المال لشراء الأصوات، أو لم يفكر فيها. لكن أمام كثرة الألوان التي ترمز إلى أحزاب المترشحين الكثر، لم تستطع أم هاني ضبط ارتباكها والتحقق من اللون بسبب ضعف نظرها والعتمة بسبب الثوب الأسود الذي يشكل المعزل، وبعد تردد أطال مكوثها، ما دفع المسؤول عن مكتب التصويت إلى إطلاق نحنحة أتبعها بتساؤل جهوري كي تسمعه أم هاني:

"ياك لاباس... ؟" ،

أخذت ورقة معتقدة بأنها ورقة سلام، وأدخلتها في الظرف ثم أسرعت لإدخاله في صندوق الاقتراع، بابتسامة وكأنها تعتذر عن التأخر، وهكذا تكون قد أدت واجبها "السلامي". غير بعيد عن باب مكتب التصويت، كان أحد داعمي سلام يراقب الناخبين خاصة أولئك الذين توصلوا ببعض الدريهمات أو أشياء عينية. حينما رأى أم هاني، نادى عليها ليتيقن من تصويتها على سلام. فما أن وضعت أوراق التصويت بين يديه حتى اتضح له بأن ورقة سلام موجودة مع باقي الأوراق، ما يعني أنها لم تصوت عليه، بل صوتت على منافسه علام. فازبد وأرعد وطالبها بإرجاع المبلغ. تفاجأت هي أيضا فطلبت منه أن يمهلها بعض الوقت. غادرته وهي مرتبكة وحائرة في كيفية إرجاع المبلغ الذي  صرفته في نفس اليوم الذي توصلت به. بحثت عن علام، فلما وجدته قابلته بابتسامة عريضة ووضعت بين يديه كل الأوراق:

- انظر، صوتت عليك... هلا أعطيتني ثلاثين درهما...

ضحك علام، تردد هنيهة ثم ناولها الثلاثين درهما. كان يعرف أنها صوتت عليه عن خطأ...

***

محمد العرجوني

16-01-2023

 

ماذا أفعل حين تفقد أحرفي بوصلتها أو أن تكون حادة تغوص في لحم الورق ولحمي.. أو حين تنفعل وتشيط غضباً وتصرخ في الفراغ ولا تجد ما تتمسك به...

إنني أتبخر في اليوم ألف مرة لو لا تلك الأبجدية التي تتمدد بجانبي.. لولا حفنة من المفردات تعيدني إلى تماسك نفسي وتعيد إلي ملامحي القديمة ورهافة شعوري الخاطف....

أحاول أن ألتقط حرفاً ممتلئا بكل الأشياء التي لا تشبهني والتي لا تلتصق بي...

أريد أن أغير من تلك المفردات التي صادف تعثرك بها وجعلتك تتصور مدى هشاشة قلمي...

أريد أن أخرج من رتابت رسائلي التي وصفتها يوماً بفقاعة حبر تهبط على خدوش ورقي...

وإنني أقف خلف سطوري الكتابية خوفاً من أن تنعكس ملامحي على مرآيا سطرك....

أريد أن أقلب مقاعد الثمان والعشرين حرفاً بعد أن بدأت حزمة كتاباتي تسترخي...

أخاف من أن يشيخ قلمي وأنا في منتصف عُمر أو أن يذوب الحبر من إرتفاع حرارة الورق قبل أن تجف تلك الأحاديث التي لم  تكتمل...

أحاول أن أجمع بعثرات أبجديتي قبل أن تهبط العتمة  على طاولتي وغرفتي وأقلامي ويلتهم الليل ما كتبته تحت وقع الضوء الزاحف من الخارج.

***

مريم الشكيلية / سلطنة عُمان...

محمد حسين النجفي: لولاكِ يا ماجـدة

نرى ذلك في الأفلام والمسلسلات كثيراً ولا نصدقه. قنبلة مؤقته يعطلها البطل في آخر لحظة. اسير على وشك ان يقتل يصل اليه المنقذ آخر ثانية لينقذه. غريق شرب الكثير من الماء، يُنقذ ثم يتقيأ الماء الذي شربه. قصص خيالية تكاد تكون مصداقيتها مساوية للصفر او اقل. أما انا ومن خلال تجربتي في الحياة أجد في هذه القصص والمسلسلات الكثير من الواقعية بناء على ما مررت به من احداث في حياتي.

دعوني احكي لكم قصة هجرتي الى الولايات المتحدة الأمريكية. باشرتُ في معاملة الهجرة عام 1981 للالتحاق بزوجتي هاسميك التي سبقتني بالهجرة مع عائلتها الى الولايات المتحدة. تقدمت بطلب الهجرة بعد ان عقدنا زواجنا في مدينة تورنتو الكندية، حيث كان اخوتي سعد وسلام يدرسون في كلياتها. كنت في حينها اشغل منصب مدير التسويق في شركة كيربي للمباني الجاهزة في الكويت، لذا قدمت طلبي عن طريق السفارة الأمريكية في الكويت.

إلا ان عقد عملي انتهى في الكويت قبل ان احصل على اذن الهجرة. ولما كانت الإقامة في الكويت مبنية على عقد العمل، كان لابد لي من ترك الكويت لبلد آخر. تبنتني مجموعة من الأصدقاء عراقيين ومصريين، وطلبوا مني الذهاب معهم الى مدينة الإسكندرية لأكون في رعايتهم وحمايتهم. جواز سفري العراقي كان على وشك ان تنتهي صلاحيته، ولم يكن وضعي يسمح لي بمراجعة الملحقية العراقية في الكويت التي كانت معسكر مخابراتي ومعتقل ومركز تسفير الى العراق لغير المرغوب فيهم من قبل السلطة العراقية آن ذاك.

نقلت طلب الهجرة الى السفارة الامريكية في القاهرة، وسافرت الى الإسكندرية بصحبة الأصدقاء. صحبة لا يمكن نسيانها أخص منهم بالذكر اللواء المتقاعد فؤاد حلمي، والصديق الوفي علي شاهين، ومحمد سعد الذي تعرفت عليه لاحقاً. تعرفت على هذه المجموعة من خلال الأخ الصديق ذو الاعتبار الخاص والمنزلة العالية الحاج عامر حسين علي الشغاي، الذي كان في حينها مدير في دائرة كاتب عدل الكويت.

مرت الأيام في مدينة الإسكندرية وانا في انتظار قبول طلب الهجرة، وكنت اسافر مع الصديق علي شاهين كل أسبوعين الى القاهرة لمراجعة طلبي. وفي كل مرة اسمع نفس الجواب: سوف نبعث لك رسالة للمقابلة حينما يأتي دورك. كيف سيصلني الدور ومعظم مهندسي وأطباء وشباب مصرطالبين الهجرة، خاصة الأقباط منهم .

وذات مرة وانا في انتظار دوري للاستفسار على طلبي، لفت نظري شابة مصرية من كادر السفارة، يبدو عليها نشاط وحيوية متميزة، وكل موظفي المكتب يلجؤون اليها لتلقي التوجيهات. كذلك لفتت انتباهي لأنها تشبه الممثلة الشابة في حينها ماجدة. بقيتُ طيلة فترة الانتظار متمعن بتصرفاتها وحركاتها الأنيقة والمحسوبة وكانت تدير مكتب الهجرة دون تزمت او تكبر او استرخاء. كل شيء كان متوازن في اناقة ملبسها وحيويتها ومركزية شخصيتها الإدارية. أفقت من استغراقي حينما نوديّ بإسمي، وقيل لي نفس الجواب.

تجرأتُ وطلبت الحديث مع تلك الست او الآنسة، لا أدري! اتجهت نحوي بكل رقة وثقة، وقالت: أفندم! قلت لها يا مدموزيل، انا لستُ مصرياً، انا عراقي وأسكن في مدينة الإسكندرية وبدأتُ معاملتي منذ حوالي تسعة أشهر، وان زوجتي في أمريكا تنتظرني، فمن غير المعقول ان يكون طلبي القادم من الكويت يبدأ دوره من الصفر مجدداً، وبعد طلبات المواطنين المصرين الذي يعيشون في بلدهم ووسط أهلهم. طلبت اسمي وسحبت ملفي ومن دون لف او دوران او تحميل جميل او أي ملامح استعطاف، قالت لي: تعال بعد أسبوعين زي النهار ده والساعة دي سيكون لك مقابلة مع قنصل الهجرة، وحينما تأتي اسأل عنيّ. سألتها عن اسمها، قالت: ماجدة. يالله اسمها ماجدة وتشبه الممثلة ماجدة، لا بل أجمل منها، وكنت مستأجراً شقة في عمارة ستانلي على كورنيش اسكندرية تملكها الممثلة: ماجدة، التي علمت ان اسمها ماجدة الصباحي. شكرتها كثيرا وسارعت لأبشر علي شاهين، الذي قال لي: خلاص يا عم مين زيك!!!

رجعت للسفارة الأمريكية بعد أسبوعين وعلى الموعد المحدد. وانا في الطريق كنت متأكداً من ان ماجدة ستفي بوعدها، وإلا ستكون صدمة لي ان خالفت الوعد، وهذا كان مصدر قلق لي. توجهت الى ماجدة وسلمت عليها، رحبت بي وكأنها كانت في انتظاري، وطلبت مني الجلوس. بعد ذلك بدقائق قدمتني لضابط الهجرة او القنصل، لا أدري بالضبط مركزه. دخلنا الى غرفة صغيرة، وجلسنا للمقابلة. طلب ان يرى جوازي العراقي، وبدء يتصفح به وهو يسألني العديد من الأسئلة. كان باب الغرفة مفتوحاً على ممر تتشعب منه العديد من المكاتب. وانا في المقابلة جاءت ماجدة وتوقفت امام باب المكتب وظهرها بتجاهنا، وهي تتحدث لشخص آخر في الممر. وفجأةً رمى القنصل الجواز باتجاهي، وقال لي:

Sorry, I can’t approve your application

آسف، لا أستطيع الموافقة على طلبك. وقع ذلك وقع الصاعقة على مسامعي، ولاحظت ان ماجدة استدارت برأسها بفزع باتجاهنا كرد فعل لما قاله القنصل. سألت القنصل عن السبب، قال لي ان جوازي لا يحمل الموافقة للسفر للولايات المتحدة، وبالتالي الجواز غير صالح لدخول الولايات المتحدة. انبريتُ للدفاع عن طلبي بحماس محسوب، وضحت له من انني لستُ مسافراً لغرض السياحة لأمريكا ثم أعود للعراق. إني مهاجر ولا اريد سوى موافقتكم. ان العلاقات بين العراق وأميركا مقطوعة، لذا لا يهم وجهة نظر الحكومة العراقية. كان يستمع اليّ بأذن صماء وببرود دون أي تفاعل مع ما أقول. وانا في هذه الحالة اليائسة التي اعلم منها ان أي قرار يتخذ هنا سيكون نهائياً ومن الصعب تغييره، رأيت ماجدة التي كانت على ما يبدو تستمع للحوار كله، رايتها تستدير وتأتي الينا، لتقول للقنصل: ان العراق حالة استثنائية، لا نطلب منهم صلاحية الجواز للولايات المتحدة، وقد وافقنا على مثل هذه الحالات من قبل. وإذا به يفتح ملف الطلب مرة اخرى ودون ان ينبس بكلمة واحدة، ينهي المقابلة بالموافقة على طلبي.

هل ان "ماجدة" هنا إنسان ام ملاك! إذا كنتُ لا اعرفها ولا تعرفني، ولا يوجد استلطاف عاطفي بيننا، لماذا أبدت هذا الاهتمام، ولماذا مُتقصدةً وقفت امام الباب كي تسمع وتراقب ما يجري بصورة غير مباشرة، لتتدخل في النهاية وتحسم الموضوع لصالحي. كلها تساؤلات مازالت معي لم أصل الى أجوبة مقنعة عنها رغم مرور أكثر من أربعين عاماً عليها. ولكن كل الذي أستطيع ان اقوله: انه لولاك يا ماجدة لما وصلت الى أمريكا، ولولا تدخلكِ يا ماجدة لتغيرت مسيرة حياتي نحو الأسوأ، لأنني في تلك المرحلة وذلك الوقت والزمان والمكان، كنت بأمس الحاجة الى مَلاك. رعاك الله يا ماجـدة.

***

محمد حسين النجفي

رئيس تحرير موقع أفكار حرة

 

 

تبحث عن كلمات تَقْرَؤك

تضع خطاً تحت كل جرح تمر به من جراحك!

ترى الشاعر فيك أو في غيرك يتألم ويشتكي

مثل طفلٍ يبكي بوجهه فقط

من أجل حلوى أو غيرها!

تسأل وتتساءل: هل تستطيع الصورة أن تُعرِّف بغيرها

إن كانت عاجزة عن التعريف بنفسها!

ترى الذباب يطير

ترى الصقور تطير

ترى الفضاء يسمح بذلك للجميع!

الأقنعة تريدك وجها صريحا!

الطرق العوجاء تريدك خطوات مستقيمة!

الأسواق والمساجد لم تصدقك

حين أخبرتها أن الدين والدينار حرب بيضاء وسلام أسود!

التعب الذي يعتريك يتمنى أن هذا الرأس حجر

ترفعه عن كتفيك

وتضعه على حافة نهر أو جانب طريق!

***

جميل شيخو

الصفحة 2 من 2

في نصوص اليوم