روافد أدبية

صادق السامرائي: عين جالوت!!

أحْرَقوا بغدادَ يوماً تترُ

واسْتباحوا  فتنامى الخَطرُ

*

ذَبَحوا ألفاً وألفاً بَعدَها

ثمَّ ألفٍ تلوَ ألفٍ قَبروا

*

وجَعُ الأرضِ ببُغدٍ إنْضوى

وعلى الأفقِ جُموعٌ تُنْحَرُ

*

بَعضهمْ خانَ وكلٌّ إكْتوى

وإذا الناسُ بويلٍ يُدْحَروا

*

حَطبوا الأرواحَ طراً إنّهم

حَسَبوا الربَ بظلمٍ يأمرُ

*

تترٌ جاؤا بلاداً رَمزُها

قائدُ الدينِ ونَبعٌ يَغمرُ

*

جَعلوها كمياهٍ سُجّرتْ

وتوارتْ بزمانٍ يَغبرُ

*

ما لها الأيامُ فينا أوْغلتْ

وأرانا بأليمٍ نُطمَرُ

*

كيفَ جارتْ بعدَ أنْسٍ رائقٍ

وتَجلّتْ بسَعيرٍ تجْهرُ

*

بوحوشٍ دونَ باءٍ أشِرَتْ

وتواصَتْ بمَريرٍ يُزجِرُ

*

وأشاعوا جيفاً منثورةً

وإذا النارُ لخلقٍ تسقرُ

*

آفة الإنسانِ مِنْ طينٍ أتى

غلبَ الطينُ وخابَ المُنذرُ

*

ويلُ عَصرٍ بعُصورٍ إنْطوى

وبه الأجيالُ أصلاً تنكرُ

*

خيبةٌ تأتي وأخرى داهَمتْ

وكذا صارتْ عُلانا تَنهَرُ

*

والضَحايا مِنْ ضَحايا تَشتكي

بعْضُها أضحَتْ ببَعضٍ تُحْشرُ

*

وبها النيرانُ داءٌ شافيٌ

أكلتْ كلَّ جميلٍ يَبْهرُ

*

جَعلتْ فكرَ قرونٍ مَبعثاً

لدمارٍ ودخانٍ يَسعرُ

*

شربَ النهرُ مداداً أسوداً

زرقة الماءِ بحبرٍ يكدرُ

*

بعدَ عامين اسْتفاقتْ وارْتأتْ

نَصرُها شأنٌ عَظيمٌ يَبهرُ

*

جاءَ قطزٌ بجيوشٍ آمنتْ

بإلهٍ لعبادٍ يَنصرُ

*

وبجالوتٍ تعالتْ صيحةٌ

ربّنا الله إلهٌ أكبرُ

*

زعزعتْ أركانَ جيشٍ مارقٍ

حطمتْ وهماً تنامى يَدحرُ

*

وإذا الهولاكو فيها أرنبٌ

وأسودُ النصرِ منهُ أقدرُ

*

هربَ الحشدُ وفازتْ أمّتي

وبقطزٍ وبعزمٍ تثأرُ

*

عادَ منصوراً عزيزاً واثقاً

وإذا الأعوانُ رمزاً تنحرُ

*

ماتَ قطزٌ وتولّى غيرهُ

كلّهم غابوا وقطزٌ يَحضرُ

*

هكذا يُرْدى رجالٌ أسْهَموا

بفتوحاتِ زمانٍ يُبْصرُ

*

أمّتي فيها أباةٌ نازلتْ

كلّ ضيمٍ وتوارتْ تهْدرُ

*

يا عليلَ الشوقِ للمَجدِ الأبي

حَسراتٌ من فؤادي تقطرُ

*

كيفَ ذلوا مَجدنا في غفلةٍ

وإذا الذاتُ بإنّا تُهدرُ

*

علَّمونا كيفَ نحيا هَوننا

وارْتَضينا أنْ يسودَ المُنكرُ

*

داؤنا فينا عَضيلٌ قائمٌ

ولنا الدينُ بعَصْرٍ مَتجرُ

*

هكذا دامتْ وتَبقى حيّةً

تقتلُ الموتَ وموتٌ ينظرُ

*

موئلُ الآفاقِ نورٌ ساطعٌ

يمنحُ الأشراقَ فيضاً يغمرُ

*

مِنْ رمادِ الويلِ بغدادَ أتتْ

وتنادتْ لبديعٍ يعذرُ

*

خرّبوا العمرانَ فيها إنّهمْ

إسْتعانوا بجَحودٍ يؤمرُ

*

وكذا البهتانُ أحيا سَوْأةً

في وعاءِ النفسِ كانتْ تعصرُ

*

وبنا الأزمانُ جاءَتْ مثلها

وترانا في دماءٍ تَنعَرُ

*

ظلموا الناسَ ببُهْتٍ جائرٍ

تُبّعٌ قادتْ قطيعاً يُنهَرُ

*

قِطزها آتٍ ونَصرٌ همّهُ

وبهِ الإنسانُ كونٌ مُقمِرُ

***

د. صادق السامرائي

16\8\2023

في نصوص اليوم