شهادات ومذكرات
علي حسين: القراءة تفتح لنا الطريق الى المجتمع الأمثل
تملكته الحيرة وهو يقرأ في الكتاب الذي نصحه والده أن يتمعن فيه جيدا. كان الأب في ذلك اليوم من عام 1917 يقف وسط مكتبته الكبيرة، حيث الكتب في كل مكان.. ناول ابنه السيرة الذاتية للكاتب السويدي اوغست سترندبرغ، في اليوم التالي قال لوالده: هذا كتاب صعب الهضم، صاحبه يعاني من تضخم الأنا. عاش ستريندبرغ المولود عام 1849 سنواته الاخيرة من حياته متاثرا شديد التأثر بفلسفة نيتشه حتى انه اصيب بالجنون قبل وفاته بثلاثة اعوام – توفي عام 1912 -، وعاش حائرا، يصف حاله على لسان بطل ثلاثيته المسرحية " الطريق الى دمشق " حيث يقول: " لقد بدأت حياتك بقبول كل شيء ثم مضيت فأنكرت كل شئ والآن تنتهي حياتك بمحاولة استيعاب كل شيء". كان الفتى كارل بوبر يبلغ من العمر آنذام خمسة عشر عاما،عندما قال لوالده أن سترندبرغ كئيب وممل، لم يقتنع الأب الذي ظل يجادل لساعات طويلة مصرا على أن افكار سترندبرغ تهيمن على العالم الذي دخل دوامة الحرب العالمية الاولى. اشار الى ابنه أن يهتم بقراءة كتب الفلسفة فهي وحدها التي ستكشف له الى أين تسير البشرية، قرر الصبي كارل أن يجرب حظه مع سبينوزا، قرأ صفحات من " علم الاخلاق " ثم انتقل إلى كتاب " مبادئ فلسفة ديكارت "، شعر بالفشل، لا مفر سوى الهرب من هذه الفلسفة المليئة بالهوامش والتعليقات التي تصيب القارئ بالإحباط، سيعثر على الراحة والطمأنينة مع إيمانويل كانط وكتابه " نقد العقل المحض "، فرغم ان الكتاب صعب للغايه، إلا أنه " يتحدث عن اشكاليات حقيقية". كان والده يردد امامه ان القراءة ثورة بالنسبة للانسانية وتحدث تغييرا في عقول الناس.
كان الصبي كارل يحاول ان يقرأ وحيدا، بعيدا عن الاعين المتطفلة. اراد ان يتوحد مع الكتاب دون ضجيج، وان يجعبل من القراءة امرا حميميا وخاصا. بهذه الطريقة في القراءة يتخلص من هيمنة آراء الآخرين وخصوصا اراء والده ولطالما اعجبته عبارة غوستاف فلوبير التي يصف فيها إيما بوفاري " إنها تؤثر ان تقضي الوقت في غرفتها تقرأ مع نفسها ".
في سيرته الذاتية نقرأ انه من مواليد الثامن والعشرين من تموز عام ١٩٠٢ في مدينة فينا، كان الابن الوحيد بين ثلاث أخوات،، الأب يعمل استاذا في القانون، مغرما بالكتب، مكتبة البيت تضم اكثر من 15000 الف كتاب: " هناك كتب في كل مكان باستثناء غرفة الطعام " – كارل بوبر بحث لم ينته ترجمة عمر فتحي -. كان الاب مغرما بالتاريخ ومهتما بالفلسفة كما كان يكتب الشعر ويترجم بعض القصائد من اليونانية الى الالمانية وسيرث كارل المكتبه فيما بعد ونجده يصف حياته بانها كانت " مكتبية بامتياز "، ضمت المكتبة اعمال افلاطون وبيكون وهوميروس وشكسبير وجون لوك وكانط وسبينوزا وديكارت وجون ستيوارت ميل وكيركغارد، وركن خاص وضعت فيه اعمال نيتشه، سيقرأ بوبر كتب نيتشه حيث ادهشته فكرته التي طرخها في كتابه " العلم المرح عام 1878، والتي اكد فيها نيتشه أن العلم هو مسألة خلق وابتكار.، لكنه سيجد ان افكار نيتشه كانت جزءا لا يتجزأ من تكوين ونجاح الحزب النازي، وساعدت في تبرير المذابح الجماعية. وفي زاوية اخرى من المكتبة احتلت اعمال ماركس وانجلز حيزا مهما ومعها اعمال كاوتسكي ودعاة الاشتراكية.
اما والدته، جيني شيف فقد كانت من اصول مجرية، مولعة بالموسيقى، تعزف مساء كل يوم مقطوعات لباخ وموزارت وبتهوفن وشوبرت، نقلت هذا الولع الى ابنها الصغير الذي قرر في بداية حياته الدراسية أن يصبح عازفا للموسيقى، وعندما لم يتمكن من ذلك اختار تاريخ الموسيقى كموضوع ثانِ الى جانب الفلسفة التي اصبحت بعد ان بلغ الثامنة عشر من عمره تحظى باهتمامه الاول يكتب في مذكراته:" كانت الموسيقى قوة دافعه، ساعدتني كثيرا في تطوير افكاري ". قبل ان يتعلم القراءة كانت والدته تقرأ له بعض القصص، ادهشته " مغامرات نيلز العجيبة " للكاتبة السويدية سلمى لاغرلوف التي تروي فيها هي حكاية الفتى نيلز البالغ من العمر اربعة عشر عاما، وكيف حولته تجربة الحياة ومصاعبها من صبي شرير إلى فتى مفعم بالإنسانية وحب الآخرين. قالت لاغرلوف ان الغاية من كتابتها " مغامرات نيلز " لتبيان اننا جميعا نملك بداخلنا روحا طيبة، يتغلب عليها الشر احيانا لكن التجربة ورؤية العالم تعيدنا الى وضعيتنا الطبيعية. سلمى لاغرلوف المولوده العشرين من شهر تشرين الثاني عام 1858 في قريه في الجنوب السويدي، عاشت طفولة شبيهة بطفولة كارل بوبر، حيث مكتبة والدها الضخمة ساعدتها على أن تقرا مؤلفات شكسبير وراسين وهوةميروس وهي في العاشرة من عمرها، تعلقت بحكايات كاتنبري، وكانت تحفظ قصص الدنماركي هانس كريستيان أندرسن، وفي مكتبة والدها عثرت على اجزاء من الف ليلة وليلة التي وصفتها بـ " السحر الخفي " قدمت روايتها القصيرة " مغامرات نيلز " الى النشر عام 1906 ولم تلق استجابة من الناشرين فطبعتها على نفقتها الخاصة، لتصبح اشهر قصص الاطفال المكتوبة بعد حكايات اندرسن، ترجمت مغامرات نيلز الى اكثر من 40 لغة، وتم تحويلها الى مسلسلات كارتونية في العديد من دول العالم، وبفضل نيلز تحولت سلمى لاغرلوف الى ايقونة ادبية، ولتحصد بعد ثلاث سنوات – عام 1909 – جائزة نوبل للاداب.قالت ان مكتبة والدها جعلتها تعرف خفايا العالم:" كنت اعيش في وحدة كبيرة بعد وفاة امي وانا صغيرة، وكان علي ان اختار بين العزلة اواعيش بمفردي،، وبين ان اعيش مع الاخرين من خلال الكتب.. ويخيل الي انني عشت اكثر من حياة ".
ظل كارل بوبر لسنوات يعيد قراءة معظم مؤلفات سلمى لاغرلوف واصفا اياها بـ " التحف الفنية ".تمارس والدته وسلمى لاغرلوف تاثيرا كبيرا على تطوره الفكري المبكر، في العاشرة من عمره سيتعرف على آرثر ارندت الذي يكبره بعشرين عاما، وكان اشتراكيا، وجد كارل الصبي نفسه على استعداد لقراءة الفكر الاشتراكي:" شعرت أنه لاشيء يمكن أ ن يكون اكثر اهمية من انهاء الفقر " – كارل بوبر بحث لم ينته -.في ذلك الوقت كان اليوم بالنسبه له 18 ساعة يقضيها بين القراءة والدراسة تتخلل ذلك وجبات طعام سريعة، حتى أن الأم كانت تخشى على صحة ابنها الذين يقضي معظم يتنقل بين ارجاء البيت وبيده كتاب قال بعد سنوات " تتكلب القراءة عيننين مفتوحتين باستمرار، وذهناً يقظاً، وأن يكون امامك متسع من الوقت، وان تشحذ ذهنك كله من اجل الصفحات التي امامك، وان تحترم الكتاب سواء اكملته ام وضعته جانبا بعد قراءة صفحات منه ".
يقول انه خاض مع الكتب معركة حب لكنها صعبة، فالقراءة كما وصفها " نشاط ابداعي استمتع به " أحب نوعا خاصا من الكتب التي تهتم بالعلوم ونظرية المعرفة، وجد ضالته عند ارنست ماخ الذي تعرف على كتاباته من خلال آرثر ارندت، كان ارنست ماخ قد جادل باأن العلم هو " اقتصاد الفكر ". بعد سنوات سيصف كارل بوبر العلم بانه "عمل إبداعي و خيالي ".
ظلت الرواية عالما مفضلا عند بوبر الفتى الذي كان تاثير والدته كبيرا عليه قال أن قراءة الروايات تترك تأثيرا على القارئ، فاحيانا يشعر اأن حياته لا معنى لها عندما يقارنها بحياة ابطال الروايات، فيما روايات سلمى لاغرلوف تمارس تاثيرا كبيرا عليه حيث يخبرنا في مذكراته انه أعاد قراءة رواياتها مرات ومرات، حتى وهو يضع نظريته في البحث العلمي. فالروايات كما وصفها تمنح القارئ ثقافة كاملة، وتقك شفيرة العلاقات الإ نسانية، إن صوت والدته الرقيق وهي تقرأ له مغامرات نيلز ظل يذكره بأن الكتب تنظم له العالم، وتُقيمه له، وظلت وصية والده عن القراءة دليلا نظم به علاقته مع الكتب:" اقسم وقتي بطريقة منتظمة، بحسب المهام المتعلقة بعملي والتي انشغل بها، فقد وضعت منهاجا للكتب التي اخصص لها وقتا لثلاث مرات في اليوم ".
يعترف كارل بوبر ان تعلم القراءة هو الحدث الرئيسي للتطور الفكري للفرد " إذ لا يوجد شيء يمكن مقارنته به " – بحث لم ينته -، ولهذا فهو يشعر بالإمتنان الدائم لمعلمته الاولى " إيما غولدبرغر " التي علمته اساسيات " القراءة والكتابة والحساب "، وستوفر له والدته في البيت المناخ المناسب للتعلم من خلال القراءة والتفكير.
في السابعة عشر من عمره يقرر ان يترك البيت ومعه المدرسة ايضا ليعيش مستقلا:" حاولت ان لا أكون عبئاً على والدي الذي كان قد تجاوز الستين وفقد كل مدخراته في التضخم الجامح الذي حدث بعد الحرب ".طلب من والده ان ياخذ معه بعض الكتب لتكون نواة لمكتبته الشخصية، عمل في العديد من المهن، موظف بدون أجر في عيادة الطبيب النفسي الفرد أدلر إذ كان يساعد في رعاية الاطفال المشردين، وقد ترك هذا العمل اثراً في فلسفته لا حقا، ويقال أنه السبب في توجهه نحو الشيوعية التي سرعان ما سيختلف مع منهجها في الدفاع عن حرية الرأي، فيعلن بعد اشهر انه اشتراكي ليبرالي. مارس العمل في إنشاء الطرق، بعدها أخذ يعطي دروس خصوصية لبعض الطلبة الاجانب، كان يجمع المال ليصرفه على متعتين: شراء الكتب وحضور الخفلات الموسيقية. إلا ان المهنة الوحيدة التي ظل يتباهى بها هي مهنة النجارة، حيث عمل عند نجار كبير في السن في فينا اسمه " أولبرت بوش " وكان متخصصا في صنع دواليب الملابس وخزانات الكتب، وقد مارس أولبرت تاثيرا كبيرا على كارل بوبر الذي سيضعه في مصاف المعلمين الكبار:" كان يجود عليَّ من حين لآخر بشيء من فيض علمه الذي لا ينتهي، فقد اخبرني ذات يوم أنه ظل يصنع لسنوات نماذج مختلفة لاحدى الآلات التي تستطيع أن تعمل باستمرار وبحركة دائبة وبغير توقف.. ثم اضاف بعد تأمل طويل: ان الناس يشككون دائما في قدرتك بصنع الشيء ولكن حين تفعله فانهم يتكلمون عنك بطريفة اخرى مختلفة تماما. وكان له غرام شديد بطرح الاسئلة. يقول لي بكبرياء لا يخلوا من تواضع: تستطيع ان تسألني انت الآن ما تشاء فانا اعرف كل شيء "ويضيف بوبر:" اعتقد أنني تعلمت نظرية المعرفة من الاسطه النجار اولبرت، فهو مثل سقراط كان دائم السؤال، وهو الذي جعلني اشعر بمدى تفاهة معلوماتي، كما جعلني ادرك انه لا خير في أي نوع من العلم أو الحكمة، ان لم تجعل صاحبها يحس بمدى جهله وضألته معرفته ". ذات يوم سيقدم النجار اولبرت نصيحة ذهبية لكارل بوبر، عندما طلب منه أن يجد عملاً أسهل من صناعة المكاتب والدواليب، وعندما ساله عن نوع العمل ـ اجاب أولبرت: انها الفلسفة حاول أن تسال عن كل شيء.
في الجامعة التي دخل اليها طالبا خارجيا أخذ يحضر دروس في التاريخ والادب والفلسفة وعلم النفس وحتى محاضرات الطب، لكنه سرعان ما يشعر بالملل:" كان لدى الجامعة في ذلك الوقت، اكثر المعلمين البارزين، لكن قراءة كتبهم كانت تجربة امتع بكثير من الاستماع إلى محاضراتهم " – بحث لم ينته –. ظلت يحتفط بنصيحة العجوز اولبرت، فهو الآن يريد ان يدخل مجال الفلسفة الحقيقي، ولم تكن المسالة بسيطة، صحيح ان كل انسان هو فيلسوف بطريقته الخاصة، لكن أن يكون المرء فيلسوقا محترفا وان يتخذ من الفلسفة مهنة له، فإن ذلك يقتضي قدرات ذهنية معينة، كما يتطلب اعدادا شاقا وطويلا.
في العشرين من عمره ينضم الى رابطة الطلاب الاشتراكيين، وكان قد تفرغ لقراءة كتب ماركس ونجده في هذه الفتره شابا ماركسيا متحمسا لافكار ماركس وزميله انجلز، لكن فيما بعد سيكتشف ما هي غايات النشاطات السياسية. والتي ستقوده هذه المعرفة إلى رفض الالتزام السياسي، ثم أصبح فيما بعد ناقداً للماركسية، بعد ماركس سيجد ضالته مع كتب فرويد ونظرياته، لكن بعد سنوات من القراءة والنقاشات حول التحليل النفسي، نجد كارل بوبر يوجه نقدا لنظريات فرويد التي قال عنها انها لا يمكن إثباتها ولا هي بالتي يمكن دحضها. لكن الحياة كانت تخبئ مفاجاة للشاب المغرم بالفلسفة والموسيقى والعلوم، حيث تمكن من اكمال دراسته الجامعبة حيث حصل عام ١٩٢٨ على الدكتوراه في لفلسفة، ليعمل بعدها مدرسا للرياضيات والفيزياء في المدارس الثانوية.
في تلك السنوات تشكلت حلقة فينا وكان ابرز اعضائها موريتس شليك وفيليب فرانك ورودولف كارناب و فيكتور كرافت وأوتو نويرات، وهانز هان، وهربرت فايجل واخرون، وقد اطلق على الجماعة ايضا اسم "جماعة الوضعية المنطقية "، وقد جعلت جماعة فينا غرضها الاساسي هو مبدأ التحقيق، وهو المبدا الذي يؤكد ان معنى القضية هو طريقة تحقيقها، ومن ثم فليس هناك معنى لأي عبارة إلا إذا كان بإمكان المرء من حيث المبدأ أن يتحقق منها، ولم لم يرق هذا المبدأ،، لكارل بوبر، فقام بمحاولة نفنيده، مستبدلا مبدأ التحقيق بمبدا اطلق عليه اسم " قابلية التكذيب " ولخص بوبر بعبارة بسيطة خلاصتها " ماذا تكون عليه حال الأشياء لو أنها كانت كاذبة "، وقد بين وجهة نظره هذه في كتابه الاول " منطق البحث العلمي " – ترجمه محمد البغدادي - الذي صدر عام 1934، واعتبر مؤرخوا الفلسفة ان كتاب بوبر هذا قد دق ناقوس نهاية جماعة فينا، لتنتقل الوضعية المنطقية الى انكلترا وتسود لمدة عقود. عام1937 يهاجر كارل بوبر الى نيوزيلندا هربا من النازية ليمارس مهنة التدريس في الجامعة، وكان قرار هتلر ضم النمسا الى المانيا عام ١٩٣٨ حافزا لكارل بوبر لأن يوجه قراءاته وكتاباته نحو السياسة وعلم الاجتماع، عام ١٩٤٦ ينتقل الى بريطانيا التي قبلته لاجئ سياسي ثم منحته الجنسية البريطانية، وهناك سيُدرس المنطق ومناهج العلوم بجامعة لندن وفي عام ١٩٦٥ يمنح لقب " سير"، وهو أعلى لقب تمنحه بريطانيا لمواطنيها، وتمنحه بلاده النمسا " وسام الشرف الذهبي الأكبر"، العام 1966 يتقاعد عن العمل بجامعة لندن عام ١٩٦٩، لكنه يظل يمارس بنشاط مهامه كمفكر وفيلسوف ويصدر العديد من الكتب المهمة ويلقي المحاضرات في جامعات العالم الى ان يتوفى ١٩٩٤، وقد بلغ الثانية والتسعين من عمره.
وصف كارل بوبر بدون كيشوت القرن العشرين، الذي لعبت الكتب بعقله، فقد كان يقرا كثيرا ويوجه النقد للكتب التي يقراها بتامل كبير، فلم يسلم منه افلاطون ولا هيغل وماركس حيث سخر من فلسفاتهم، في طريقة تتوافق مع قراءاته وفهمه، وهو يرد على منتقديه قائلا:" "من دون تواضع أو خيلاء، أنا الأخير بين فلاسفة الأنوار: لست باني أنظمة، ولا نبياً، لكني رجل ارتبطت طوال حياتي بالكتب والملاجظة وطرح الاسئلة وهذه الاركان الثلاثة ساعدتي على حل المشكلات المعرفية. إنني أعتبر نفسي منتمياً إلى تقاليد كانط وفولتير، اللذين كانا يُخضعان للتفحص العقلي والسؤال كل ما يتعلق بالحياة والفكر ".
في آخر محاضرة له قبل وفاته بعام واحد اكد بوبر ان العالم اذا اراد الاقتراب من السلم، عليه التَّخلي عن الأيديولوجيات الَّتي تهدد فعلا السلم، وعلينا ايضا البحث عن الحقيقة بكل تواضع، وعندما سأله بعض الطلبة عن الكتب التي لاتزال تمارس تاثيرا عليه قال: انا شخص شكلت الكتب حياتي، لا يمر يوم دون ان اتحاور معها في انفع السبل لاقامة مجتمع الرفاهية والحرية، مجتمع يسمح للافراد ان يسألوا ويرفضوا أي سلطة سواء كانت متوارثة ام جاءت عبر عملية سياسية.، مجتمع يؤسس لتقاليد تقوم على الاخوة الانسانية والحرية، والمساواة، والتقييم العقلاني لمشكلات المجتمع. بعدا سيؤكد لطلبته ان القارئ لكي يصبح ندا للكتاب عليه ان لايردد المقولات مثل الببغاوات، وإنما ان يطرح الاسئلة بعد أن يطوي الصفحة الاخيرة من الكتاب الذي بين يديه.
***
علي حسين رئيس تحرير صحيفة المدى البغدادية