أقلام حرة

صادق السامرائي: متى سنتحرر من التبعية العلمية؟!!

زميل كذا جمعية، خريج كذا كلية وجامعة، يتبخترون ويتبجحون، أنهم يحملون شهادة أم آر سي بي، وأف آر سي إس، وغيرها من الشهادات، وكلها ألقاب ذات هالات دخانية.

لا يوجد عندنا علم أصيل ولا شهادات أصيلة نفخر بها، وذلك بخيارنا، وما يميزنا عن غيرنا من مجتمعات الدنيا، وهو برهان واضح على التبعية والعجز والقنوط.

وجامعاتنا مشغولة بمنح شهادات الماجستير والدكتوراه بالعلوم البائدة، وأكثرها في موضوعات لا تنفع المجتمع، ولا تساهم في تنمية قوته وزيادة إنتاجيته وقدرته على التحدي والإبتكار.

البيئة العلمية في مجتمعاتنا تكاد تكون منقرضة، ولا تحظى بإهتمام من قبل السلطات، والسائد أن يتحول المجتمع إلى مذعن مطيع لإرادة الكراسي القابضة على مصيره، والمحققة لأماني الطامعين فيه.

التبعية العلمية إستعمار ثقافي مبيد، أمضت الأمة على إيقاعه العقود التي تلت الحرب العالمية الأولى، ولا تزال تسير خلف قطار الآخرين، ولا تستطيع اللحاق بآخر عرباته.

فقوة الأمة التي توهجت وسادت نابعة من أصالتها الإبداعية ومعطياتها المتميزة الغير مسبوقة، وعلتها أنها كانت صيرورات فردية، وما إستطاعت أن تحولها إلى منتوج شائع وما تناقلتها الأجيال، بل الأنانية هيمنت على نوابغها، لما توفره لهم معارفهم من عطايا وجاه وإقتدار، لا يريدون أن يشاركهم به أحد، فانتهى ما أبدعوه بنهايتهم، وما توارثه عنهم تلامذة أو مريدين.

والدول بعقول أبنائها وإبداعاتهم المتوافقة مع عصرهم، وليست بالإندساس في الماضيات، والبكاء على الأطلال، والتوهم بأن الذي فات ما مات.

فهل توجد قدرة على العودة إلى جوهر إرادة الأمة وتحفيز دورها الحضاري، والتفاعل مع مفردات ما فيها بعقل إبداعي حر مؤمن بقدرتها على أن تكون وتتقدم، بذات التعجيل الذي إنطلقت به عندما تألقت وأشرقت بنور عقولها؟

بدائعهم بفردٍ دون جمعِ

وذا عملٌ تكرسه بطبعِ

فما برحت تجارتهم لنفسٍ

بها طمعٌ لمكرمةٍ ووضعِ

تضيع علومها حين احتكارٍ

وإمعانٍ بحاديةٍ لمنعِ

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم