أقلام حرة
صادق السامرائي: هل يوجد جهل؟!!

"لولا الجهل لجاع الكهنة وسقط الطغاة"
الجهل كلمة ترددت على مسامعنا منذ الطفولة ولا تزال تصك الآذان، وتقرأها في الصحف والمنشورات وتلعلع بها وسائل الإعلام.
أنظمة الحكم البائدة والسائدة تغنت وتتغنى بها، وترى أنها السبب وراء عدم قدرتها على تقديم الحياة الأفضل للمواطنين، فالجهل شماعة الآثام والخطايا والمظالم الشنيعة بحق الوطن والمواطنين.
فهل يوجد جهل؟!!
السؤال غريب، لأن التكرار رسخه في أذهاننا ووعينا الجمعي، وما أسهل أن نردد الكلمة.
الأجيال اعتادت أن تلهج (لهج: ولع) بكلمة جهل، ولا وجود لها بمعناها الجوهري والحقيقي، ففي زمننا المعاصر لا يمكن للبشر أن يجهل، بل الجميع يعرف، والمعارف متفاوتة، والحياة مدرسة والخلق فيها تلاميذ، فمصادر ضخ المعلومات متنوعة ومتعددة، وفي تنافس صاخب لتوصيل المعلومات للمتابعين.
فالبشر صار يحمل في جيبه ذخائر معلوماتية مطلقة تجيبه عن أي سؤال يخطر بباله، فما يريده سيظهر على شاشة صغيرة يألفها ويأنس بما تحضره من المعلومات والصور والأفلام.
فهذه الكلمة تتردد في مجتمعاتنا ونادرا ما تُذكر في المجتمعات الأخرى التي تتناول مفردة التثقيف، ولا يوجد تفسير لسلوكنا المتوج بها، إلا أنها من الوسائل المهمة للقبض على مصير الناس وتركيعهم وتحويلهم إلى قطيع.
الرابض في الكرسي يرى المواطنين من الجاهلين، وكذلك الذي يفترض إحتكاره للمعرفة ويصف غيره بالجهل الشديد.
فرية الجهل متوطنة في ديارنا، ولها تجار يستثمرون بنشرها وترسيخها لكي يدوم ربحهم وتتعزز مكانتهم، وهم الجاهلون الفاسدون.
و"الجهل موت الأحياء"!!
***
د. صادق السامرائي