أقلام حرة

صادق السامرائي: الفردية الزائفة والتيار المفقود!!

المجتمعات التي تكون فيها النشاطات فردية بحتة، وذات نظرة أنانية قاصرة تفصلها عن المسيرة المجتمعية، تتسبب بإنهيارات مروعة، وتوفر الفرص للطامعين بالإختراق والتمكن من إدارة البلاد وإمتهان العباد.

ونخب أي مجتمع إن لم تنظر بشمولية وقدرة على إدراك المآلات التفاعلية، فأنها تساهم في وضع المجتمع على خشبة الجزر الفتاك لحاضره ومستقبله.

إن ما يصيب بعض المجتمعات المنكوبة بأبنائها، هو الإنغماس بالذاتية والأنانية الشديدة الإنكار لوجود الآخر وضرورة تفاعله البناء مع غيره، فالأقوام المتعاونة لا يصيبها الذل والهوان، بعكس المتناحرة التي تتآكل ويدثرها الخسران.

فمن أهم أسباب التبعية والخنوع، الإمعان بالوهم الفردي والقدرة الذاتية المعزولة، التي تستمد قوتها من أعداء وطنها وأصحاب المصالح، التي يجندون لحمايتها أبناء البلاد المتوهمون بالقدرة على النفوذ المطلق والثراء السريع، وهم على أنفسهم وبلدانهم يتحاملون، ومَن يخون وطنه وينكل بمجتمعه يهين نفسه ويجني على حياته ويكون من المندحرين.

فالإمعان بالفردية يمنع تكون أي تيار قادر على التغيير والإنتقال بالواقع المعاش إلى أفضل مما هو عليه، وهكذا تجد المجتمعات الخالية من التواشج العملي والتفاعل التضامني غير قادرة على الإتيان بما ينفعها، وتستهلك طاقاتها في مواجهات بينية تخدم أعداءها، وهي في غفلة مما يخططون.

وهكذا، فعندما يغيب التيار المتوثب والدافق بالحيوية والعطاء المتسابك، تبدو المجتمعات عاجزة ومقعدة على قارعة طريق الثورات الإبداعية المتلاحقة في عالم تديره تكنولوجيا المعلومات والتواصلات الإليكترونية، ومستقبله يزدحم بمستجدات تفوق أي خيال معاصر.

تفرّدتِ المواجعُ في خطاها

وحاربتِ النوازعُ مَن عَلاها

لماذا فردُها ضدٌ لفردٍ

يجابهها ويسلبها مناها

إذا عصفتْ صراعاتٌ بقومٍ

فقد أكلتْ مصائبُها حَجاها

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم