أقلام حرة

صادق السامرائي: المدن الحضارية لا تسقط!!

أي مدينة في تأريخ البشرية أسهمت بإضافات حضارية أصيلة لا تسقط، وإن تعرضت لأعتى التحديات، وتمكنت منها الصولات العاتيات.

مدن الحرب العالمية الثانية أكدت وجودها بعد دمارها، ومن المدن القديمة روما، الإسكندرية، دمشق، بغداد، وإستنبول، وغيرها من المدن الأخرى المعروفة.

فالقول بأن بغداد سقطت، كلام هزيل وتعبير خطيل.

بغداد تعرضت لنواكب أقسى مما تعرضت له في القرن الحادي والعشرين، وبقيت أبية مصدحة في الآفاق، كمدينة أساسية تسطع في الأرض، وستطبب جراحها وستستعيد مجدها المعاصر وتطلق جوهرها الحضاري الأثيل.

"مُدوّرة مُخلّدة وتَبقى...مُحَصّنةً بمانِعَةِ الزوالِ"!!

الذي بناها كان عنده إدراك كوني ووعي بمعنى الدائرة، وجوهر الديمومة الكامنة فيها، فكانت مدوّرة عصية على التدمير والإنهيار، فأسست لروح الإرتقاء والتفاعل مع الأفكار العلوية، وأصبحت موئلا للعقول والأرواح والنفوس، فإغتنت بشخوص الحياة المعرفية بأنواعهم، فلا تناظرها مدينة في الدنيا بإمتلاك ترابها لرموز الإشراق اليقيني المبين.

"بغداد يا بلد الرشيد... ومنارة المجد التليد"

بغداد رعت جهابذة وأفذاذا بسطوا أجنحة إقتدارهم على القارات، وفجروا الطاقات، فكان بيت حكمتها، وثورة الترجمة والتدوين والتأليف، فهي التي حفظت تأريح الأمة ووثقت أمجادها وأشعارها، وصانت قيمها ومبادءها.

"بغداد يا قلعة الأسود...يا كعبة المجد والخلود"

بغداد أنجبت الأبطال الغيارى الأباة، والعلماء الرواد، وسبقت الدنيا فيما أوجدته من العلوم والنظريات، فهي قلب الدنيا، ومنارتها في ظلمات الكون السحيق.

فلن تسقط مدينة إسمها بغداد، وفيها الأمجاد والأجداد!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم