أقلام حرة
صادق السامرائي: الأنساب وسوء المآب!!
"...فلا أنساب بينهم...."
الأنساب لعبة تخديرية، ومنهج لنشر الأوهام، وتعطيل الأفهام، وتجد مجتمعاتنا منهمكة في البحث عن النسب، وكل يريد الإنتساب إلى أعلى الأفنان، وبلغت اللعبة ذروتها في بعض مجتمعات الأمة، أن صار وراء كل فرد شجرة إنتساب تربطه بالنبي الكريم، فهو سيد وفقا لهذا المنظار، ومن حوله عبيد.
ومعنى السيد أن تجلس على كرسي كأنك الطاووس تحاوطك أقوام تبَّع خنَّع، تتبارك بجاهك الكريم.
وتتعجب من مجتمع صار الناس فيه سادة، عاطلون عقليا ونفسيا، ويستجدون من الغير، والأنكى من ذلك، أن الحكومات وفرت لهم المخصصات والنثريات وسلطتهم على بني جلدتهم، لكي يتم إحكام القبض على عقول الناس.
ولعبة السيد لا أساس لها ولا تتوافق مع أبسط البديهيات، فلو حاولتَ أن تثبتها رياضيا فأنها لا تخضع لأدلة موضوعية وبراهين واقعية.
فأين أعقاب الخلفاء والأمراء والسلاطين؟
هل يعقل أن يكون من ظهر شخص واحد الملايين في ظرف أربعة عشر قرنا، حتى لو أنه تزوج مئة إمرأة؟
ولا ننسى الحروب والأوبئة والأمراض وغيرها من المبيدات البشرية.
هذه اللعبة تم الإحتيال بها على الناس وإدّعاء القيادة والحكم بموجبها، فالدول التي نشأت في مسيرة الأمة معظمها تستند على لعبة النسب، وكل مَن إمتلك القوة حرر نسبا له وربط نفسه بالنبي الكريم، عن طريق أسباطه، وما أكثر هذه الإفتراءات.
وتجدنا اليوم في مأزق الكل أسياد، وعليهم تعلم الكسل والإعتماد على الغير، وعدم تحفيز الهمم والتفاخر بتعطيل العقول، والتباهي بالغنم.
ومن الأقوال التي تحث على الجد والإجتهاد وعدم الركون إلى النسب:
"كن إبن من شئت واكتسب أدبا ...يغنيك محموده عن النسب
إن الفتى من يقول ها أنا ذا...ليس الفتى من يقول كان أبي"
"وسامة الشكل لا تغني عن الأدب...ويحمد المرء بالأخلاق لا النسب"
:الفضيلة بالعقل والأدب لا بالأصل والحسب"
"لا يقولن امرؤ أصلي فما أصله مسك وأصل الناس طين"
"لا تقل أصلي وفصلي أبدا...إنما أصل الفتى ما قد حصل"
"إني لا أعرف شرفا غير شرف النفس، ولا نسبا غير نسب الفضيلة"
"وما الفخر بالعظم الرميم وإنما... فخار الذي يبغي الفخار بنفسه"
"...وبنفسي افتخرت لا بجدودي"
"لسنا وإن أحسابنا كرمت...يوما على الأحساب نتكل
نبني كما كانت أوائلنا...تبني ونفعل مثل ما فعلوا"
و"نعم النسب حسن الأدب"!!
فدع نسبا وأصنع أربا!!
***
د. صادق السامرائي