ترجمات أدبية
سيرغي يسينين: هيهات أن يُمحى هذا الحزنُ
مقطوعتان جديدتان
للشاعر الروسي سيرغي يسينين
ترجمة إسماعيل مكارم
***
حباتُ ريابينا أينعتْ
Покраснела рябина
لقد أينعت حَبّاتُ ريابينا، (1)
وها هو الماءُ يزدادُ زرقة ً.
أما القمرُ فهو فارسٌ ساهٍ،
فقد سَقطَ المقودُ من يديهْ.
*
ها هو الظلامُ من جديد يخرج من الأجمة
كأنه طائر التمّ الأزرق.
وقد حمل على جناحيه
بقايا عظامٍ صانعة المعجزات. (2)
*
موطني.. انت يا وطني الحبيب،
إني عرفتك فلاحاً أزليا ومحاربا،
أراكَ اليوم تقف مثل صفصافة على ضفة الفولغا،
وقد أطرقتَ، مطأطئ الرأس.
*
انهض يا موطني. لقد جاء وقت التعافي،
ها قد زاركَ المخلص.
إنّ عينَ قوس قزح،
ترتاح لرؤية أغنية طائر التمّ .(3)
*
إن ضحية َ يوم الأفولِ ،
أصبحت عن كل الذنوبِ تكفيرا.
هاهي رياحٌ جديدة قد هبّتْ،
وستجلبُ معها الثلوجْ .
*
هناكَ أشياءٌ كثيرة ٌ تتخمرْ،
وتنضجُ أكثر فأكثر...
سأذكرُكَ بالخير يا موطني ايام المطرْ،
أنا . يسينين.سيرغي.
كتبت في عام 1916
***
هيهات أن يُمحى هذا الحزنُ
Этой грусти теперь не рассыпать
هيهات أن يُمحى هذا الحزنُ
بضحكاتِ الماضي الرّنانة .
انتهى موسِمُ اِزهار شجَرةِ الزيزفون البيضاءْ،
انقضت ساعاتُ الفجر التي وشحتها أغاني العَندليبْ.
*
حينها كان كلّ شيء جديدا للنظرْ،
وفي الفؤادِ تجمعتْ مَشاعِرُ جَمّة ،
أما اليومَ حتى الكلِمَة الطيّبة
نلفظها كمَخلوق عجيبٍ ومُرّ .
*
تلكَ الأبعادُ التي تعوّد عليها البَصرْ
لم تعد جَميلة ً في ضوءِ القمَرْ.
تلك الوديانُ ,والمنحدراتُ والجذاميرْ
جَعلتِ المُتسع َ الروسيّ باكيا حَزينا.
*
كلّ ما هو مَريض، غيرُ معافى، ووضيع ،
وَصَفحة ُ الماء ذي اللون الرّمادي.
كلها أراهُا قريبة الى قلبي وتستدعي مَحَبتي،
لأجلها أبكي. . ويُسمَعُ بُكائي .
*
هنا عزبة تكسّر بابُها.
وهناك غنمة تثغو، وفي العَراءْ
حِصانٌ ضَعيفٌ يُلوّحُ بذيلِهِ النحيلْ،
مُحدِقا الى تلك البركةِ الحزينة ْ.
*
هذا ما نُسميه نحن ُ وَطناً،
هذا ما يَجْعَلُ الناسَ في هذا الوطنْ
يَشربونَ في السنين العِجافِ ويَبكونْ ،
مُنتظرين بابتِسامة ٍ أيامَ السّعادةِ القادِمَة.
*
لذا لا أحدٌ يُمكنه أن يمحوَ
هذا الحزنَ بضحكاتِ الماضي.
انتهى موسِمُ اِزهار شجرةِ الزيزفون البيضاء،
انقضتْ ساعات الفجر التي وَشحتها أغاني العَندليبْ.
1924
***
..................
هوامش ومراجع:
1) ريابينا: شجيرة تنبت في غابات روسيا وتعطي ثمرة عندما تنضج حباتها في أيام الخريف يصبح لونها احمر. وقد سماها المترجمون الروس في المعجم حبة غبيراء. لذا حافظتُ على الاسم الروسي داخل النص لجمال الشطر.
2) مثلما يوجد تقليد عقدي أو ايماني بأن زيارة ضريح الصالحين أو القديسين في أحد المساجد أو الكنائس لدينا في المشرق يمكن أن تساعد في خلق المعجزات. فإن الروس والسلافيين عامة يعتقدون بأن بقايا عظام الصالحين والقديسين أيضا يمكن أن تصنع المعجزات.
3) هناك خطأ شائع لدى المترجمين من الروسية أن كلمة
)Лебедь (
بالروسية تقابلها كلمة (بجعة) بالعربية. وهذا ليس كذلك. هذه الكلمة تعني بالعربية إوزة عراقية، أو طائر التم ّ بتشديد الميم. إذ ان طائر البجع شكله ليس جميلا ولا ترتاح لرؤيته العين. في حين إن الإوزة العراقية هي جميلة المنظر طويلة العنق وانثى هذا الطير وذكره يخاتاران شريك حياة طوال العمر. فعندما تسمع من يقول شاهدت في مسرح البلشوي (أوبرا بحيرة البجع) كن على يقين أنه يخطئ في الترجمة والأصح بحيرة طائر التمّ أو بحيرة الإوزة العراقية (المترجم).
** تمت ترجمة النصين من الأصل الروسي.