ترجمات أدبية
ريموند انتروباص: الصدى
بقلم: ريموند انتروباص
ترجمة: عادل صالح الزبيدي
***
مكبرتا الصوت في أذنيّ تصفران كأنهما تغنيان
لإيكو، إلهة الضوضاء،
عقدة الألسن المحلولة،
عن الطيور الصداحة، كـِسـَر الصوت الصحيح
لأجراس الأبواب المكتومة، الأصوات الغارقة
في أنبوبتي المساعدتين للسمع غير الواضحتين.
كان غاودي يؤمن بالصوت المقدس
فشـيـّد كاتدرائيةَ لتحتويه،
ساحبا الناس الذين يسمعون من ركبهم
وكأن الإلحاد نوع من أنواع الصمم.
من سيخذل الرب؟
ولو أنني لم اسمع
ديسبلات الصوت الذهبية للملائكة،
فلقد عشت في قصر خال من الضوضاء
يبعث جرسُ بابـِه
ضوءا فأستطيع أن أجيب.
2
ماذا؟
كلمةٌ تواصلُ النظرَ
في مرايا كأنها عاشقة
لحجم صوتها.
ماذا؟
انا سؤالٌ من كلمة واحدة،
فحص مريض
لشخص واحد.
ماذا؟
أية لغة
سنتكلم
من دون آذان؟
ماذا؟
هل الفردوس
عالمٌ اسمعُ فيه
كلَ شيء؟
ماذا؟
كيف سيعرف دماغي
بأي شيء يمسك
إن كان لديه اذرع عديدة؟
3
يوم أفرغت شقة والدي المتوفى
رميت صناديق الألبومات، كتب غارفي،
مالكولم أكس، مانديلا، والخطابات المسجلة على الاسطوانات.
وجدت شريط كاسيت تي دي كي على الرف،
ملصقة عليه رقعة تقول "ريموند يتحدث."
اشغل الشريط في مشغل أبي القديم
واسمع صوتي وأنا بعمر سنتين يترنم باسمي "أنتروب"
وضحكات أبي تجلجل في الخلفية
غير عارف بأني لم استطع سماع كلمة "باص"
ولم أتمكن من ذلك حتى حصلت على مساعدات السمع.
والآن اجلس هنا أصغي الى فضاء الصمم—
"انتروب انتروب انتروب"
4
ولم يعرف احد ما الذي كان يتقصني
الى ان أعطاني احد الأطباء مجموعة من مكعبات اللعب
وطلب مني ان أضع مكعبا على الطاولة
كل مرة اسمع فيها صوتا.
بعد الاختبار بقيت امسك بيدي
بمكعبات تكفي لأشيد بها منزلا
واسميه محرابي،
اسميه السبب الذي جعلني اجلس في صمت قدسيّ
خلال عظات والدي التي كان يعظ بها الناس،
والخبر الجيد هو إنني لم أكن اسمع
إلا كما تترد أصداء بلبلة بابل.
5
وان كنت لا تلقط شيئا"
فإذاً هناك خلل في أذنيك—
لقد ضبطتا على التردد الخاطئ"
--كاي ميللر
إذاً فربما انتمي الى الكون
تحت الماء، حيث تكون جميع الأغنيات
عويلا مفضوحا لسلاكيا،
إلهة المياه المالحة، شافية،
الآذان المصابة بالالتهاب،
وهو ما ظن الطبيب
انه علتي، لأن الصمم
لم يصب أحدا في العائلة
بل جاء من مكان مجهول،
لذا فقد زرقوا فيهما زيت الزيتون
والماء المالح، وبتنا جميعا ننتظر
لنرى ماذا سيخرج منهما.
***
...................
ولد الشاعر ريموند انتروباص في هاكني بلندن عن أم بريطانية وأب جامايكي. اكتشف والداه إصابته بالصمم وهو في سن السادسة. واصل تعليمه ليصبح معلما وليكون واحدا من أوائل الحاصلين على شهادة الماجستير في برنامج (التعليم بالكلمة المنطوقة) في العالم من كلية غولدسميثز بجامعة لندن. ظهرت أشعاره في مجلات شعرية مرموقة كما قرأ قصائده في محافل ومهرجانات وقنوات إذاعية وتلفزيونية عديدة داخل وخارج بريطانيا. منحته جمعية الشعر البريطانية في العام الماضي جائزة جيفري ديرمر على قصيدته المعنونة (آلة الأصوات)، وفاز مؤخرا بجائزة تد هيوز للشعر لعام 2019 عن مجموعته (المثابرة) التي نترجم هنا إحدى قصائدها بمناسبة فوزه بهذه الجائزة.