ترجمات أدبية
سيرغي يسينين: رسالة إلى إمرأة
قصيدة للشاعر الروسي سيرغي يسينين
تحت عنوان: رسالة إلى إمرأة
ترجمة إسماعيل مكارم
***
رسالة إلى امرأة
Письмо к женщине
أنت تذكرين،
لا شك أنك تذكرين كل شيء،
كيف وقفتُ،
واقتربتُ من الجدار،
بينما كنتِ قلقة تقيسين أرض الغرفة
وتتفوهين بكلماتٍ قاسية
موجهةً لي.
**
وقلتِ:
حان الوقتُ كي ننفصل،
فقد أنهككِ
نمط الحياة الطائشة هذا،
وعليك أن تتدبري أمرَكِ بنفسك،
أما مصيري -
فهو الإنزلاق نحو الحضيض.
**
حبيبتي
أنت ما أحببتني يوما.
وما دخل إلى يقينك يوما أنني بين الناس
كنت مثل فرس أعياها التعب
إذ قيد تْ بقسوةٍ من قبلِ فارسها.
**
وما عرفتِ
أنني في وسط هذا الدخان الكثيف،
في هذه البيئة التي قلبت تربتها العاصفة
كنت أتألم، وأعاني، ولا أفهم -
إلى أين يأخذنا هذا المصير القاسي.
**
وكنت دوما لا ترينني
وملء عينكِ عيني
فالأمور الكبرى ترى عن بعد.
عندما تثور مياه البحر،
يكون مصيرُ السفينة صعباً.
**
كوكب الأرض – سفينة !
أراد فجأة أحدنا
لأجل حياة جديدة، ومجد جديد
أن يقود السفينة بكل قوة وعظمة
مباشرة إلى وسط العواصف .
**
من مننا على ظهر السفينة الكبير
لم يسقط ، لم يتقيأ، ولم يشتم ؟
من بقي شديد الحيل وبروح قوية قلائل،
قلائل مننا بقوا شديدي الحيل أثناء دوارالبحر.
**
حينها أنا،
في ظل هذه الغوغاء الهمجية،
بسبب معرفتي لطبيعة العمل،
نزلت إلى عنبر السفينة،
كي لا أرى ضعف الناس وإقياءهم.
العنبر ذاك -
كانت الحانة الروسية.
وانحنيت على الكأس،
كي لا أحزن على أحد،
و أحترق
في جنون مخمور.
**
حبيبتي
لقد نلتِ العذابَ بقربي،
شاهدتُ الحزنَ
في عينيك الذابلتين،
إذ أني أمامَكِ وباستعراض غريب
ضيَّعتُ عمري في ضجيج الفضائح.
**
ولكنك لم تدري،
أنني وسط هذا الدخان الكثيف،
في هذه البيئة التي قلبت تربتها العاصفة
كنتُ أتألم، وأعاني،
كوني لا أفهم
إلى أين يأخذنا هذا المصير القاسي.
**
اليوم وبعد مرور السنين،
أنا في عمر مختلف.
وأشعر وأفكر بطريقة أخرى.
أقول وأمامي كأسُ العيد:
الثناءُ والمجد لقائد السفينة!
**
وها أنا اليوم
تغمرني مشاعر رقيقة.
وتذكرتُ حالكِ البائس.
والآن
لدي الرّغبة أن أخبرك،
كيف كنتُ
وماذا حدث لي !
**
حبيبتي !
يسرني أن أقول:
أني نجوت من السقوط من جرف عالٍ.
اليوم في بلاد السوفييتات
أنا نصيرٌ متحمس.
**
لقد صرتُ اليوم،
غير ما كنت بالأمسِ.
وكان من الممكن أن لا أسبب لك ذلك الألم
كما كان يحدث في الماضي.
لأجل راية الحرية
لأجل راية العمل الكريم
مُستعدٌ أنا للسير حتى بحرالمانش.
**
سامحيني...
أنا أعرف أنك اليوم سيدة أخرى –
وتعيشين
مع زوج عاقل، ومتزن،
بعيدا عن القلق والإرتباك،
وأنا شخص
لستُ لازما لكِ.
**
أرجو لك العيش
كما تشاء النجوم،
تحت خيمة المظلة الجديدة.*
سلامات لك،
أحد معارفك،
الذي يذكرك دوما
سيرغي يسينين.
1924
***
.....................
* ليس من الغريب أن ينظر الأدباء والباحثون في إرث يسينين، ليس من الغريب أن ينظروا إلى نتاجه في عامي 1924- 1925 أنه خير ما دونه قلمه. فإذا قرأنا قصائد الشاعر يسينين في هذه الفترة نجد أنها أكثر جمالا ونضجا وروعة .
عطفا على ما كنا قد نشرناه في (صحيفة المثقف) الغراء عن الرسالة – القصيدة، نود اليوم تعريف القارئ بقصيدة هامة من إرث الشاعر وهي تحت عنوان (رسالة إلى امرأة). في عام 1924 قام الشاعر بعد عودته من رحلته إلى أوروبا وأمريكا بصحبة زوجته أيسادورا دونكان، وبعد إنفصاله عنها، وعودته الى الوطن قام بكتابة قصيدته هذه . المرأة المقصودة هنا هي زوجته السابقة، وأم أولاده السيدة زينَئيدا رايخ.
أذ أنها بعد طلاقها أصبحت زوجة المخرج المعروف فسيفولود ميرخولد. المخرج ميرخولد قد تكفل باعالة اولاد زينئيدا رايخ من يسينين: تانيا وكونسطانطين.
في القصيدة مرحلتان: الماضي، حيث الواقع الإجتماعي الصعب، بسبب تلك الظروف التي رافقت الحرب الأهلية، وعدم الإستقرار، وفقدان البوصلة لكثير من الناس. والحاضر، حيث حصل تغيير في رؤية الشاعر لدوره وموقفه من الثورة. وفي القصيدة موضوعان: موضوع الحب والأسرة، وموضوع الثورة، وموقف الشاعر من التغييرات الإجتماعية.
.....................
هوامش ومصادر:
* عبارة (تحت خيمة المظلة الجديدة) المعنى هنا مجازي يُقصد به العيش ببيت الزوج الجديد.
1. Сергей Есенин. Собрание сочинений в двух томах.
Том 1. 1991.
2. Сергей Есенин. Собрание сочинений в двух томах.
Том 2. 1990