قراءات نقدية
عدنان عويّد: دراسة نقدية في قصيدة "روحُك بيدي" للشاعرة اليمنية

د. سمر محمد المحني
مدخل: عندما حدث أول تقسيم كبير للعمل بين المرأة والرجل، في تاريخ البشريّة، ظهر (عصر الأمومة) حيث تحكمت المرأة في شؤون الحياة الأسريّة والاجتماعيّة، كونها هي الأكثر استقراراً في الانتاج من الرجل الذي كان يذهب إلى الصيد – قد يصطاد وقد لا يصطاد –، بينما هي كان انتاجها ثابتا ومستقراً بما تقوم به من تربية للإنسان وتأنيس للحيوان والتقاط للثمار.
هنا تجلت الحياة الروحيّة في عشتار آلهة الخصب، وكل ما تفرع عنها من آلهة تمثل ما يتعلق بالمرأة وجمالها.
مع تطور قوى الانتاج وعلاقات الانتاج وزيادة استقرار الفرد والمجتمع، ظهر التقسيم الثاني الكبير للعمل بين الزراعة والحرفة والرعي. وهنا برز دور الرجل في الإنتاج، الذي راح بدوره يقصي المرأة ويقلل من مكانتها، وحتى في الجانب الروحي ظهر الإله الذكورة "بعل وتموز وباخوس وآمون، وغيرهم الكثير. ومع ظهور الملكيّة الخاصة، تحولت هذه المرأة ذاتها إلى جزء من ملكيّة الرجل وجاءت الديانة اليهوديّة لتعتبرها حيّة وعقربة ونجسة وناقصة عقل ودين، وهذا التوصيف للمرأة تبناه الفقهاء الإسلاميون أيضاً فيما بعد.
أمام هذه الواقع المتردي لحياة المرأة في التاريخ القديم والحديث والمعاصر، بدأت تظهر أصوات قويّة نسائيّة وذكوريّة تطالب بإنصاف المرأة، فعقدت الندوات والمؤتمرات الدوليّة التي تبحث في قضية الجنوسة والجندرة معا.
ومن هذا الواقع المتردي للمرأة في تاريخنا المعاصر، نقف عند قصيدة شاعرة أردت أن توجه للذكر رسالة مشبعة بروح التحدي من جهة، وتذكيره بأن (عشتار) لم ولن يستطيع إقصائها وقمها وهي التي منحته سر الوجود والخلود معا من جهة ثانية.
السيرة الذاتيّة للشاعرة.
"د. سمر محمد المحني" ..أديبة وباحثة اجتماعيّة من اليمن .. تحمل شهادة دبلوم عالي من كلية التربية - جامعة الحديدة، اختصاص اجتماعيات.. وبكالوريوس شريعة وقانون من جامعة المستقبل – صنعاء.. ودبلوم في الجرافيك والتصميم (في المجال المهني).. ودكتوراه فخرية في مجال التنمية البشريّة.. ومدربة دوليّة بدرجة الامتياز.. تعمل حاليّاً رئيسة أكاديميّة الأدب والرواية والقصة والقصيدة.. وهي تحمل العديد من الشهادات المتعلقة بمجالات تنمية الإنسان وتطوير مهارته.. تكتب القصة القصيرة والشعر. ومن بين كتاباتها الأدبيّة اخترنا هذه القصيدة النثريّة موضوعا لدراستنا، وهي بعنوان: (روحُكَ بيدي).
البنية الحكائيّة أو السرديّة لقصيدة: (روحُكَ بيدي)
تخاطب الشاعرة الأنثى حبيبها الذكر الذي تمرد عليها: أنت.. أيها المتمرد الناكر للجميل، لا زالت روحكَ بيدي.. وإن كل القصائد التي صغتَها لأجلي منذ ألف عام، لم تزل تسري في ذاكرتي وتنبؤوني، وتقول لي بأني سأبقى أُبْعَثُ دائما في دمك، وأحتل أضلعك، كوطن يسكن فيك ولا تستطيع الخلاص منه..نعم.
روحكَ بيدي...
قصائدكُ منذُ ألفِ عامِ
كانت نبوءاتٍ تسريٍ
وتُعلن بعثي في دمِك،
واحتلالي أضلعَك
كأنني وطنٌ يفتَحُ أبوابَهُ فيك.
أنا خُلقتُ وأحمل لك منذ ولادتك الحب وسر الخلود.. فكانت رسالتي إلى قلبك مشبعةً بالحب والوله.. وأخلاق الهوى عندي دستورُ بذخٍ، وكل دلالي وغنجي هو عهودُ مواثيقٍ تغنيها النجوم.. وما فتوحاتي إلا عينك وسمعك وصوتك، وحتى قلمُكَ الذي أحببته نهض بسببي من تحت الركام، ليباركَ خطاكَ المرتجفة، ويجعل من صوتك البالي المرتعش بلبلاً يشدو.. فتغني الطبيعة معه وترقص. تقول:
رسالتي إلى قلبك:
حبٌ وولهُ،
فتوحاتي:
عيناكَ .. سمعُكَ..
صوتًكَ المنحبسُ
وقلمُكَ الذي جنْدَلْتَهُ
بيديكَ،
فأحييتُه بمعجزتي،
فنهضَ من تحتِ
الركامِ
يباركُ خطاكَ
المرتجفة،
ويجعلُ ارتعاشَ
صوتِكَ البالي
بلبلاً يشدو،
فيرقصُ له الربيع.
هل نسيت؟!... حتى شتاءُ قلبكَ الذي كان جذوةً هامدةً، أنا من ألقيت في هذه الجذوة نار حبي، فاشتعلت كل جوارحك ناراً.. هل تذكر عيوني العسليّةُ؟.. هل تعرفها؟... ألا تتذكرها؟.. هي وحدها من غذتكَ، ففارت الشجاعةً في أوردتِك حتى صرت عنترة، وأصبحتُ أنا سَيْفَكَ المستور... أنا المرأة التي تحولت اضلعي إلى قيثارة حب لك فغنيتَ بها وتلوتَ كتابي المقدس فحزت على بركة عبادتي، وفاض حبكُ لي حتى التخمة. تقول:
حتى شتاءُ قلبِكَ
جذوةٌ خامدةٌ
ألقيتُ فيها أحرفي
فاشتعلتْ مسارِحُكَ
ناراً
وعيوني العسليةُ
أتذكرها ؟.... غذَّتْكَ،
فَفُزْتَ شجاعةً في
أوردتِك،
فًصُرْتَ عنترةً،
وتلوتَ كتابيَ المقدسَ
فنُلتَ بركاتِ العبادة ...
ففاضَ بك حتى التخمة.
والآن جئت تقول: بأنك فارسُ الحرف وترياقُ البيان؟. فأي هذيان هذا الذي تقول يا (سامري الزمن الحديث).. أتريد الكذب على الناس لتعمي بصرهم وبصيرتهم عن الحقيقة في زمننا الحديث؟.. ربما سيصفقُ لك الجمهور .. ولكن مكركَ وخيانتكَ لكل ما قدمتهُ لك سيأتي اليوم الذي تُكشفُ فيه حقيقتكَ وزيفكَ وتزويركَ للحقيقة والتاريخ. تخاطبه:
الآن تقول:
أنا فارسُ الحرفِ،
ترياقُ البيان؟.
أي هَذًرٍ هذا
يا سامريَّ الزمنِ
الحديث؟.
أنتَ خائنٌ.. ناكرٌ..
مشركٌ حتى الجحود.
لعنةُ الشِّركِ التي
أويتَهَا في أضلعك
ستنهّشُكَ –
لن أتركك يامن أنكرت كل جميل صنعته لك.. سأصب عليك لعنتي إلى يوم النشور.. ستسقط عنك ورقة التوت إكراما لحبي لك الذي باركته (أزيس)، وصادق عليه (أوزاريس) منذ عهد التاريخ.. نعم أنت لست أكثر من صدى يعيدُ مجد ملكي، ولكن مجدي لن يستلبَ ولن يباعَ في أسواق الزيف والنفاق ... عهداً سيبقىَ الحرفُ طفْلِيَ.. والحبُ نحري.. والصدقُ صدري.. وآخرُ ملوكِ الكلامِ عصري. تخاطبه:
أنا أصبُ لعنتي ...
لعنةٌ تمتدُ إليك
حتى يومَ النشور،
تُسْقِطُ عنك
أوراقَ الديون،
دَيْنُ حبٍ طاهرٍ
باركتهُ أزيس
وصادقَ على نورهِ
أوزاريس العظيم،
صدئٌ أنتَ.
تُعيدُ نشرَ مجدٍ هو
ملكي،
أنا من بحتُ بالحرفِ
في أضلعكَ
روحكُ بيدي
وآخرُ ملوكِ الكلامِ
عصري..
البنية الجماليّة والفنيّة في القصيدة:
قصيدة النثر أو الشعر المنثور كما عرفناها في أكثر من دراسة، هي قطعة نثر، غير موزونة وتتوزع القافية إن وجدت في القصيدة على مناطق مختلفة من الابيات، وأحياناً تكون غير مقفاه، تحمل صورًا ومعانٍ شاعريّة، وأغلبها تكون ذات موضوع واحد.
ومع ذلك، تظل قصيدة النثر هي الأكثر قدرة على التعبير عن دواخلَ ومكنوناتٍ الشاعر الذي غالبا ما يطمح للتعبير عن واقع يعيشه، أو أحاسيس ومشاعر فياضة قلقة بحاجة للبوح بها، ولكون القصيدة التقليديّة التي تلزم الشاعر بالوزن والقافية، وحتى قصيدة التفعيلة التي تمنحه مساحة واسعة للتعبير عن أحاسيسه ومشاعر إلا أنهما تَحُولان دون قدرة الشاعرعلى البوح بكل ما يريد قوله أو التعبير عنه بحرية. فيلجأ هنا لقصيدة النثر التي تمنحه القدرة على الابحار في عالم الفكرة وعالم الأحاسيس والتخيل والواقع معا.
إن قصيدة الشاعرة "سمر" (روحُكَ بيدي)، تدخل في فضاءات قصيدة النثر، حيث استطاعت الشاعرة أن تترك العنان لفكرها ومشاعرها وأحاسيسها وخيالها المبدع، أن تعبير عن قضية شغلت العالم ولم تزل، وهي قضية المرآة. فبعمق ثقافتها ورهافة حسها، استطاعت الشاعرة أن تصور لنا ذاك الانقلاب التاريخي الذي تجلت فيه الذكورة بكل قسوتها ضد المرأة، التي جاءت به إلى هذا الوجود وغرزت فيه قيم الحب والجمال والخير والعمل.
الصورة في القصيدة:
نظراً لافتقاد قصيدة النثر كثيراً إلى فنيات الشعر العمودي والتفعيلة، إن كان في أسلوب سردها، أو موسيقاها، أو بلاغتها، أو محسناتها البديعية والبيانية، أو في تراكيب عباراتها ومحسناتها البديعيّة وبلاغتها .. وغير ذلك إلا أنها تحاول أن تعوض كل ذلك من خلال اعتمادها على الصورة الشعريّة كثيرا، الحسيّة منها والتخيليّة. وبناءً على ذلك جاءت قصيدة (روحك بيدي) معتمدة كثيراً على الصورة الشعريّة بشكل يمنح بنية القصيدة طاقاتٍ جماليّةً تساهم في نقل التجربة الشعريّة من الوصف السردي المجرد، إلى بناء علاقات مجازيّة مبتكرة عبر اللغة والتخييل.
فمن عنوان القصيدة (روحك بيدي) تأخذ الصورة تموضعها في بنية القصيدة لتتوالى بعد ذلك بحالة فيض كقولها: (وتعلن قصائدك بعثي في دمِك.. واحتلالي أضلعَك .. كأنني وطنٌ يفتَحُ أبوابَهُ فيك.. وأخلاق الهوى دستورُ باذخٍ...ودلالي عهودٌ ومواثيق.. تُغَنّيها الشهبُ... فتوحاتي: عيناكَ .. سمعُكَ.. الخ من بقية الصور الحسيّة والتخيليّة التي غطت مساحة واسعة من بنية القصيدة فأضفت عليها حالات جماليّة تشدُ المتلقي لهذه الجماليّة في التصوير، وبما تحمله من رؤى فكريّة عميقة وجد فيها المتلقي ذاته بهذا الشكل أو ذاك، الأمر الذي أتاح للشاعرة أيضاً عبر استخدامها لهذه المجموعة المتنوعة من الصور البلاغيّة، خلق جو شعري خاص. عبر عن تجربة الشاعرة الداخليّة وعواطفها وأفكارها،
اللغة في قصيدة (روحُك بيدي):
لقد جاءت اللغة في القصيدة سهلةً، واضحةً، سمحةً، ناصعةً، وفصيحة، ومسبوكة الألفاظ، منسجمة مع بعضها في بنية القصيدة وخالية من البشاعة. فجودة السبك وبراعة صياغته وتسلسل عبارته وتخير ألفاظه وإصابتها لمعناها، كانت وراء سر فن التعبير في هذا النص الشعري.
الرمز والايحاء والاشارة في القصيدة:
إن توظيف الرمز في (قصيدة النثر) سمة مشتركة بين غالبيّة الشعراء على مستويات متفاوتة، مع تنوع في عمق سيطرة الرمز أو بعض مفرداته كالإيحاء والاشارة من خلال لغة القصيدة وتراكيبها وصورها وبنياتها المختلفة، فالرمز بشتى صوره المجازيّة والاشاريّة والإيحائيّة، هو تعميق للمعنى الشعري، ومصدر للإدهاش والتأثير وتجسيد لجماليات التشكيل الشعري.
وإن ما يميز القصيدة النثريّة بشكل خاص، هو عدم طموحها على إبراز الوجدانيات والعواطف كثيراً في بنيتها، بقدر ما تطمح إلى التعبير عن نوع من فهم الواقع نفسه أو طبيعة الحدث الذي يشتغل عليه الشاعر. بيد أن الشاعرة "سمر محمد" استطاعت أن تعلي من شأن الحالات الوجدانيّة أو العاطفيّة. وبذلك عملت "سمر" في قصيدتها النثريّة (روحُك بيدي)، على نقل الواقع إلى آفاق تجارب شعريّة جديدة دمجت العالم داخلها ومنحته طاقة جماليّة عبر أبنية المجاز والرمز والإشارة. تقول الشاعرة:
(قصائدكُ منذُ ألفِ عامِ.. كانت نبوءات تسريٍ وتُعلن بعثي في دمِك.) فالشاعرة في هذه الإشارة تشير إلى عمق التاريخ، فهي تريد أن تقول هنا للذكر: أنا الأصل وأنا مَنْ منحك الحياة البيولوجيّة والروحيّة معا. وقولها: (فيرقصُ له الربيع.)، فالربيع هنا دلالة على الخصب والعطاء الذي قدمته المرأة لهذه الحياة والذكر معاً. وفي قولها: (فَفُزْتَ شجاعةً في أوردتِك، فًصُرْتَ عنترةً،). فعنترة هنا رمز للشجاعة والقوة. أما في توظيفها للسامري في القصيدة فهذه إشارة إلى الكذب والخداع الذي تحلى به الذكر. فالسَّامِرِيّ شخصيّة تاريخيّة من بني إسرائيل. وهو الذي ذكر في القرآن الكريم في سورة طه، وهو الذي أغوى بني إسرائيل بعد أن ذهب موسى لميقات ربه فأخرج السامري عجلاً أمرهم بالسجود له.
أما الرمز في (إوزيس وأزيريس) فـ "إيزيس" إلهة مهمة في الديانة المصريّة القديمة وزوجة الإله "أوزوريس" وأم حورس. كانت تُعبد كإلهة للسحر والأمومة والحياة والموت، واشتهرت بإحياء زوجها أوزوريس بعد مقتله. وانتشرت عبادتها أيضًا في العالم اليوناني والروماني، حيث اعتبرت "الأم العظيمة" و "سيدة السحر".
الغموض في القصيدة:
إن ما يميز القصيدة النثريّة عند حديثنا عن سماتها وخصائصها هو الغموض، والسبب في ذلك برأيي، هو أن الشاعر يلجأ كثيراً إلى الصورة التخيليّة في التعبير، وأن التوجه نحو الصورة التخيليّة، يُفقد إلى حد ما ارتباط القصيدة بالواقع. من هنا جاء الغموض واضحا في بعض مفاصل قصيدة (روحُك بيدي)، بالرغم من أنها تشير إلى هدف عام، ولكن يظل المتلقي من خلال ثقافته واهتماماته هو المعني بمعرفة هذا الهدف. وعلى هذا الأساس نقول إن القصيدة في غموض دلالاتها في الحقيقة تحمل بعدا آخر برأيي. فيمكننا أن نجد في بنيتها السرديّة قصة فتاة خانها حبيبها بعد أن ضحت بكل شيء من أجله، وأرادت أن تقول له من أنت حتى تخونني؟.. فأنا من صنع وجودك المادي والروحي معا.
***
د. عدنان عويّد
كاتب وباحث وناقد أدبي من سوريا.
........................
روحُكَ بيدي
روحكَ بيدي...
قصائدكُ منذُ ألفِ عامِ
كانت نبوءات تسريٍ
وتُعلن بعثي في دمِك،
واحتلالي أضلعَك
كأنن وطنٌ يفتَحُ أبوابَهُ فيك.
رسالتي إلى قلبك:
حبٌ وولهُ،
وأخلاق الهوى دستورُ
بذخٍ
ودلالي عهودٌ ومواثيق
تُغَنّيها الشهبُ.
*
فتوحاتي:
عيناكَ .. سمعُكَ..
صوتًكَ المنحبسُ
وقلمُكَ الذي جنْدَلْتَهُ
بيديكَ،
فأحييتُه بمعجزتي،
فنهضَ من تحتِ
الركامِ
يباركُ خطاكَ
المرتجفة،
ويجعلُ ارتعاشَ
صوتِكَ البالي
بلبلاً يشدو،
فيرقصُ له الربيع.
شتاءُ قلبِكَ
جذوةٌ خامدةٌ
ألقيتُ فيها أحرفي
فاشتعلتْ مسارِحُكَ
ناراً
وعيوني العسليةُ كما
تعرفها
أتذكرها ؟.... غذَّتْكَ،
فَفُزْتَ شجاعةً في
أوردتِك،
فًصُرْتَ عنترةً،
وأصبحتُ أنا سَيْفَكَ
المستور.
غنيتَ بحرفٍ من
أضلعي
وتلوتَ كتابيَ المقدسَ
فنُلتَ بركاتِ العبادة ...
ففاضَ بك حتى التخمة.
الآن تقول:
أنا فارسُ الحرفِ،
ترياقُ البيان؟.
أي هَذًرٍ هذا
يا سامريَّ الزمنِ
الحديث؟.
أيصفق لك الجمهور؟
أنتَ خائنٌ.. ناكرٌ..
مشركٌ حتى الجحود.
لعنةُ الشِّركِ التي
أويتَهَا في أضلعك
ستنهّشُكَ –
ستفتُكُ بك أصداءُ
التخوم
حين يبعثرُ شِغَافَكَ
المهترئ
ويجمعهُ نزقٌ وخوفٌ
كنت مشركاً، ولا زلت
تنقب عن شريكٍ
وإلهُك حرفٌ
تنتظمهُ في عشقِ امرأةٍ
تخُونكَ مراراً،
وتكيلُ لبناتِ عهدكَ
آلافَ الهجاء.
قِفَةٌ أنتَ،
وهي غِطاؤُك –
غطاءُ تَزْكُمُهُ
علاقاتُ الخساسةِ،
ورائحةُ نخاسهٍ
تتسلّلُ كغانيةِ الخيام.
*
أنا أصبُ لعنتي ...
لعنةٌ تمتدُ إليك
حتى يومَ النشور،
تُسْقِطُ عنك
أوراقَ الديون،
دَيْنُ حبٍ طاهرٍ
باركتهُ أزيس
وصادقَ على نورهِ
أوزاريس العظيم،
أعلنُ موتَ رياضِ
الشعرِ فيك،
وانطفاءَ الحرف.
*
صدئٌ أنتَ.
تُعيدُ نشرَ مجدٍ هو
ملكي،
ومجديً لن يستلبَ
لن يباعَ في سوقِ
تصفيقٍ رخيص
لن يُهاَن.
*
أنا من بحتُ بالحرفِ َ
في أضلعكَ
أشهرتُ رمحاً، وقلدتُكَ
لقباً.
*
روحكُ بيدي
عهداً سيبقىَ الحرفُ
طفْلِيَ
الحبُ نحري..
والصدقُ صدري
وآخرُ ملوكِ الكلامِ
عصري..
*
وهذا انتصاري:
أن كتَبَتُكَ،
ثم أمحُوكَ،
فأبقى أنا القصيدةُ –
وتبقى أنتَ هامشَ
تهجدِ في معبديِ ذاتَ
يوم
وانتهى.
***
م. د. سمر محمد