قراءات نقدية
كريم عبد الله: قراءة نقدية أسلوبية مختصرة في قصيدة دفءُ 'ديسمبر' يتحدّىٰ الصقيع
لكامل عبد الحسين الكعبي - العراق
الأسلوب السردي والتعبيري: القصيدة تعكس أسلوبًا سرديًا يعبر عن التوتر الداخلي للصراع بين الحياة والموت، بين الأمل واليأس. الشاعر يمزج بين الوصف المباشر للمشاعر والتأملات الفلسفية حول الذات والزمان والمكان. لغة القصيدة معقدة، تشي بإحساس حاد من التناقضات، حيث يُستعمل الشتاء والصقيع كمجازات لفترات من الحياة الموحشة أو المعزولة.
الرمزية:
ديسمبر في القصيدة هو الشهر الذي يتحدى /الصقيع/ - وهو صقيع داخلي أو نفسي، كما يُحتمل أن يكون صقيعًا اجتماعيًا أو سياسيًا. الرمزية قوية في تصوير الموت أو النهاية (الموت المتكرر) عبر الحبل المنفلت والقلق الداخلي. الكلمة /معاق/ تشير إلى صعوبة التجديد أو التغيير في تلك اللحظة الزمنية.
التقنيات اللغوية:
الشاعر يستخدم العديد من الصور البلاغية المميزة مثل /القصيدة حبلى/، و/كَيّ المياسم/، و/النعاس من الاصفرار/، التي تخلق توترًا بين الحركية والجمود. الصور المبالغ فيها تجعل التجربة الإيحائية أكثر غموضًا وتعقيدًا، مما يعكس التوترات النفسية للفرد الموصوف.
التوتر بين الحياة والموت:
القصيدة مليئة بالتناقضات بين الحياة والموت. /المطر الأعزل/ و/الشمس بلا أصابع/ يشيران إلى غياب الفعالية في العالم الخارجي، بينما /مطرٌ/ و/شمسٌ/ يمكن أن يكونا رمزين للأمل الذي لا يكتمل. كما أن صراع /دفء ديسمبر/ مع /الصقيع/ يسلط الضوء على التحدي الداخلي بين الرغبة في البقاء والركود في وضعية متجمدة.
البنية والتأثير العاطفي:
البنية غير التقليدية للقصيدة، التي تتنقل بين العبارات المتشابكة والمركبة، تسهم في خلق الإحساس بالتوتر المستمر. التشابك بين الجمل الطويلة، مع الغموض في بعض الأجزاء، يعكس القلق المتنامي في الذات الشاعرة. كما أن العبارات التي تحتوي على أسئلة غير مباشرة مثل /مَنْ يفتح أبوابَهُ الموصدّة؟/ تبين العجز والانسداد الذي يشعر به الشاعر.
الخلاصة:
القصيدة /دفءُ 'ديسمبر' يتحدّىٰ الصقيع/ تتسم بعمقها الرمزي واللغوي، وتعبّر عن معاناة شديدة مصحوبة برغبة في التغيير والإفلات من القيود. تُستخدم صور الشتاء والصقيع كأدوات بلاغية للتعبير عن الفترات المظلمة في الحياة، بينما يأتي الأمل في دفء ديسمبر كنوع من التحدي لهذا الجمود. اللغة المشحونة بالصور المجازية والأفكار الفلسفية تجعل القصيدة معقدة ومليئة بالتأملات الوجودية.
***
بقلم: كريم عبد الله - العراق
.........................
دفءُ 'ديسمبر' يتحدّىٰ الصقيع
وهوَ يقبعُ في زاويةِ الليلِ نصلاً شهرٌ معاقٌ كقصيدةٍ حُبلىٰ تنجلي أبياتُها بولادةٍ قيصريةٍ لمحتُ بصيصاً مثقوباً بدخانٍ ذي جفونٍ كبرقِ شتاءٍ يلظّ تجاعيدهُ مثل كَيِّ المياسمِ يمتصُّ منِّي بقايا ارتشاف رضيتُ أنْ أجترَّ أخيلتي لتبعثَ في صهيلها رسائلَ الرياحِ ثَمّةَ غبارٌ يحيطُ بي وقلقٌ يسيّرني حتّىٰ غدوتُ هباءً عذباً يشتهي حججاً مائيةً وبراهينَ بلا زعانف بعيداً عن كلِّ الفضاءاتِ الجريحةِ كي لا أصاب بامتعاضٍ طريٍّ أو قلقٍ أعمى فعندي ما يكفي لاستقطابِ ألوانٍ أخرىٰ كي أشاغلها يموتُ النعاسُ من الاصفرار ويتبرعمُ الاخضرارُ علىٰ شفتيهِ بهواءٍ عَلَنيٍّ ورئاتٍ تتوجسُ يطيرُ بلا أجنحةٍ قبلَ أنْ تصفعني عيناه فأنام يهدهدني مطرٌ أعزل وتوقظني شمسٌ بلا أصابعَ ما كنتُ إذ انفلتَ الحبلُ بقعرِ الانطواءِ منطوياً لكنَّهُ صاغَ ليَ من قلبهِ لجاماً حذّرني من الجموحِ بيدَ أنِّي وجدتهُ منتفخاً كاليابسةِ متضخِّماً كزهورٍ لا تبيض يتحدّىٰ بدفئهِ الواهمِ طغيانَ الصقيعِ ينتظرُ شمساً شاسعةً وجارحةً ولكن مَنْ يفتح أبوابَهُ الموصدّة!؟ مَنْ يُجمّر صقيعه!؟ ليلُهُ دامسٌ ونهارُهُ منزَوٍ في مخابئِ القتامةِ يدورُ في أفلاكٍ قديمةٍ لا عزاءَ لكَ فاذهب إلى موتِكَ الذي يتكرّر مصحوباً بالعافية.
***
كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي -العِراقُ _ بَغْدادُ