قضايا

قائد عباس حمودي: الموت من وجهة نظر فلسفية

هو من المواضيع المعقده وقد تم دراسته من قبل الفلاسفه في نختلف المدارس الفكريه عبر التاريخ، والموت من وجهة نظر الفلسفه هو موضوع متعدد الأبعاد، وتتعامل الرواقية مع فكرة الموت بطريقة عملية وبلا أنفعال، حيث يرى الرواقيون أن الموت جزء طبيعي من الحياة، ويجب قبوله بلا خوف أو قلق، وبالنسبه لهم الموت ما هو إلا نهايه طبيعية ويبغي على الإنسان أن يعيش حياة فاضله بحيث لايخشى الموت عند قدومه. أما الابيقوريه فهي ترى الموت شيء يجب أن نخاف منه لأنه ببساطه نهاية الوعي، وهو غائب عن الشعور الإنساني. وسقراط يرى في الموت إنتقال إلى حاله من المعرفة الكاملة. ويقول سقراط في هذا الصدد أنه لايخشى الموت، لأن هناك أحتمالين، الأول هو أن الموت هو حاله من عدم الوعي كما في الأحلام. والثاني يمثل الإنتقال إلى عالم آخر حيث يمكنه مواصلة البحث عن الحقيقه. وفي كلتا الحالتين لا يوجد شيء يستحق الخوف. كما يرى أفلاطون أن الموت هو إنتقال من عالم مادي إلى عالم أكثر واقعيه وثبات، وهو عالم الأفكار أو الأرواح. ويرى أفلاطون أن الحياة البشرية ماهي لا مرحله من مراحل الوجود، والموت هو بوابة نحو حياة أسمى. وفي العديد من الفلسفات الدينية ينظر إلى الموت على أنه إنتقال إلى حياة أخرى، سواء كان ذلك من خلال التناسخ كما في الهندوسية أو البوذية، أو الحياة الأبديه التي يوجد فيهاجنه وجحيم كما في الديانات الإبراهيمية، حيث أن الموت ليس نهايه بل هو حياة جديده تختلف طبيعتها حسب سلوك الإنسان في الحياة الدنيا. أما الفلسفه الوجودية فهي تعتبر الموت جزءاً لا يتجزأ من تجربة الإنسان، مثال على ذلك الفيلسوف الوجودي جان بول سارتر يعتبر أن وعي الإنسان بالموت يعطي لحياته معنى، حيث يدفعه لمواجهة حريته ومسؤليته في إختيار مصيره. والموت في الفلسفه الوجوديه يمثل الحد الذي يعرف حدود وجودنا ويجعلنا ندرك أهمية الحريه الشخصيه والاختيارات ألتي تقوم بها. والفيلسوف الديني بليز باسكال في رهان باسكال يقترح فكرة التعامل مع الحياة والموت من منظور الإيمان بالله، وهو يرى أن الإنسان في مواجهة عدم اليقين بشأن مايحدث بعد الموت، من الحكمه أن يراهن على وجود الله والحياة بعد الموت، أذا كان الله موجود، فإن المكافأه ستكون الأبدية، وأذا لم يكن موجود، فلن يخسر الشخص شيئاً.أما الفيلسوف هنري برغسون في كتابه الزمان والإرادة الحره، يعتبر أن الوعي البشري محكوم بالزمان، وأن هذا الوعي يتغير ويصبح معقداً بمرور الزمن. والموت يمكن أن ينظر إليه على أنه التحرر من قيود الزمن المادي، بحيث ينتقل الكائن من عالم الزمن إلى عالم أزلي أو ماوراء الزمن. أما في الفلسفه العدمية فالموت يمثل النهايه المطلقه، وأن الحياة خاليه من أي معنى وغاية، ومن هذا المنظور لايوجد شيء بعد الموت، وبالتالي يجب على الإنسان أن يقبل عدم وجود أي هدف نهائي للحياة.والفيلسوف فريدريش نيتشه هو أبرز من تحدثوا عن العدميه، وهي الفكره التي تعني أن الحياة لا معنى لها في ظل غياب القيم المطلقه أو الإلهية. والموت بالنسبه لنيتشه ليس مجرد نهاية الحياة، بل أنه يعكس الحاله التي تكون فيها القيم التقليديه للحياة قد تآكلت أو فقدة معناها، ويمكن أن يقود الوعي بالعدم إلى نوع من أعادة تقيم القيم، حيث يسعى الفرد إلى خلق معنى جديد للحياة في مواجهة غياب القيم الثابتة.أما الفيلسوف آرثو شوبنهاور يرى أن الحياة هي صراع مستمر للإرادة من أجل البقاء، والموت يمثل النهايه الحتميه لهذا الصراع، . مع ذلك يعتبر شوبنهاور أن الموت ليس بالضرورة شيئاً سلبياً.بل أنه يمكن أن يكون نوعاً من الراحة من معاناة الحياة. وفي النهاية فأن السؤال حول الموت هو سؤال شخصي وذاتي حسب وجهات النظر الفلسفه المختلفه، واطارها في التفكير ومعتقداتها الخاصه.

***

قائد عباس حمودي

في المثقف اليوم