قضايا

شيماء هماوندي: التداوي بالسعادة

تعريف السعادة: إن تعريف السعادة هو موضوع خلاف وجدل عند الفلاسفة منذ القدم، حيث يختلف تعريف السعادة باختلاف المذاهب الفكرية والمدارس الفلسفية، من حيث أفكارها، وقناعاتها، حيث يُنظر إليها كغاية عُليا للحياة، تتراوح بين الرضا التام، والانسجام العقلي، والروحي،وقد يربطها البعض بالإشباع الروحاني، ويراها البعض الآخر في تحقيق الفضيلة، وهو ما نادى به  الفيلسوفين (سقراط) و(آرسطو)، في حين يراها (أبيقور) في التخلص من الألم والشقاء، بينما يعتبرها (نيتشه) التصالح مع الشقاء، وتقبل الحياة بكل مافيها، بما في ذلك الألم، ويراها (إينشتاين) في الحياة الهادئة، ويُعرّفها (كانت) بأنها توافق رغبات الإنسان مع القانون الأخلاقي والوجود، بينما يعتقد (سيغموند فرويد) أن السعادة مرتبطة بالإشباع النفسي والجنسي، والقدرة على الحب والعمل، ولقد ربط الفلاسفة المسلمون السعادة بالجانب الروحي والمعرفي، فعلى سبيل المثال يرى الفيلسوف (إبن سينا) أن السعادة الحقيقية هي السعادة الروحية التي لا يصل إليها إلا العارفون الذين تخلصوا من شواغل البدن وإتصلوا بالعالم العلوي، وكان أرسطو من أبرز الفلاسفة الذين تحدثوا عن السعادة، وكيف يمكن أن تكون مُتاحة لمعظمنا، ولكن فقط إذا اجتهدنا في تحصيلها، وبحسب أرسطو، فإن السعادة لا تأتي من اليُسر، بل نحن نشعر بالسعادة عندما يكون لدينا هدف، وعندما ندرك إمكانياتنا، وعندما نطوّع سلوكنا اليومي من أجل أن نصبح أشخاصًا أفضل، لقد وضع أرسطو برنامجًا لتحقيق السعادة، وإن برنامجه العابر للزمن هو بالضبط ما نحتاج إليه في وقتنا الحاضر من أجل المضي نحو عيش حياة مُرضية وذات معنى، حيث أن دمج الفلسفة، والحكمة القديمة في دروس عملية، محلية، وعالمية، هو إجراء عملي ضروري يساعدنا، أينما كنا، على مواجهة مصاعب الحياة ولحظاتها القاسية عن طريق الإستفادة من أفكار ومفاهيم الفلاسفة، بوصفها أدوات غايتها الفضيلة والتخلص من الألم وتحقيق السعادة.

مفهوم السعادة فلسفياً

إن مفهوم السعادة فلسفياً ليس واحداً، بل هو رحلة تتنوع بين الروحانيات والماديات، والإشباع الروحي، والفضيلة، والسلام، والطمأنينة، والرضا الداخلي والتوافق مع العالم، ويشترك الكثيرون في الإجماع على أنها حالة من الرضا التام والكمال الإنساني تتحقق عبر مسارات مختلفة، باختصار، يظل مفهوم السعادة محل اختلاف نظراً لارتباطه بتصورات الفلاسفة المختلفة حول الأخلاق، والغاية من الوجود، وطبيعة النفس البشرية.

التداوي بالسعادة

يمكن للإنسان التداوي بالسعادة، والإستشفاء بها، ولكن من خلال شروط وقواعد فلسفية، وأخلاقية، أهمها أن يعرف الإنسان ذاته، ويدركها، حيث ان معرفة الإنسان نفسه، وإدراكه لذاته، هي الشرط الأساسي لتحقيق السعادة، ومن ثم تصبح هي السبب الوحيد لتجنب أسباب الشقاء والخيبة، وإذا كانت معرفة الإنسان لنفسه شرطاً ضروريا للسعادة، فهي بالأحرى الشرط الأساسي لتدبير لحياة العملية في المجتمع المعاصر، وتقبل كل مالايمكن تغييره، والإعتراف بالأخطاء، والشعور بالرضا، وإستعادة التوازن النفسي والهدوء والسكينة والطمانينة.

***

شيماء هماوندي

الإختصاص/ الفلسفة والعلاج الفلسفي

في المثقف اليوم