نصوص أدبية

أحمد عمر زعبار: خفّة الكائن التي تحتمل

أو نشيد الوداع الأخير

***

أخيرا عدتَ إليكَ

نزعتها كما تنزع قطعة ثيابٍ لم تعد تخفي عريَ روحك أو تحميك من عواصف الفراغِ

*

عدتَ بعد غيابٍ، شرقيا تتنفس الماضي، تمضغُ الحاضر، لا ترى الغد فالعدم مُلك الله وحده

عدتَ إلى طينك الشرقي الأصيل، مؤمنا بالحب، كافرا بالحبيبة

لا أنثى خارج الجسدِ

*

الآن تُدرك الفرق بين الأشواق والأشواك

تدرك أيضا أنّها لم تكن إلاّ رؤيا قصيدة حلّت في الجسدِ ضيفة على الروحِ فإذا اكتمل القصيدُ في المسافة بين الروح والجسدِ تغفو قليلا كأنك في اللامتناهي

خفيفا بلا أوهامٍ، بعد أن رميت المعنى الميّتَ في صحراء أمسٍ ميّتٍ لا يتكرر

*

الآن تعيش خفة الكائن التي تحتمل

ترى الجمال في كل شيء

تشتهي دون خيانة

تعانق دون ذنب

*

الآن فقط تعيش بخفة الكائن التي تُحتملْ

كانت غيمة لا تمطرُ

تحجب عنك الشمس ولا تمطرُ

تحرمك دفء المشاعر... دفء الحياة

تلك التي سجنتك في أوهامها

ووقفت عند جمالها

سدّت الأفقَ

لم تمنحكَ إلا الوهمَ والقلقَ

أشعلتْ ليلكَ فأضاءكَ وأضاءكَ حتّى احترقتَ واحترقَ

*

لم تكن حبّا

كانت فكرة جميلة مؤقتة، تفتحت في الكيانِ ثمّ ذبلت كزهرةٍ في حدائق مهجورة

*

أغتسلُ منكِ لا كمن يتطهر من ذنبٍ

أغتسل منك كمن يكتشف جسدهُ من جديد

أغتسل منك كتائهٍ يعود إلى ذاته بعد غياب

*

كانت الرغبة: احتراق المسافة لا احتراق الروح

لكن المسافة الآن مضاءة بالغياب الجميل

هناك نشوة أن تمتلئ بالحياة لا بإمرأة كل ما فيها مؤقت

***

أحمد عمر زعبار

شاعر وإعلامي تونسي مقيم في لندن

في نصوص اليوم