نصوص أدبية

صالح البياتي: شاهد وشهيد..

الزمن ..

المساءُ يقتربُ بطيئاً

على مهلٍ

أستعجلُ الوقتَ.. ولكن

لغيرِ موعدٍ أنتظرهُ

للقاءِ حبيبتي

*

أتوسلُ بالليلِ

أنْ  يأتيَ

سريعاً

مقتحماً النهارَ

ينسدلُ كثيف  الظلمةِ

يغطي عورةَ العالمِ

*

وأنْ  تُضاءَ  فجأةً

سماء غزةَ

بألف الف  شمعةٍ

في كل منعطف ودربٍ

على ألف الف صليبٍ

**

أشلاءُ المدينةِ

موحشٌ  ليلُ  غزةَ

كاليأسُ يأتي

قاتماً

وكالغولِ  يجثمُ

بلا  حركةٍ

على  أشلاءِ  مدينةٍ  ممزقةٍ

يكتمُ  أنفاساً لاهثةً

ينتزعُ  أطفالاً صغاراً

من  حضن أم  خائفةٍ

لائذة بأنقاض  بيتٍ

تحت سماء اللهِ

وعلى أرضهِ

ينطفئُ آخرُ

بصيصِ ضوءٍ

لأمٍ  حبست أنفاسها

كأنها في حلمٍ

تحتضنُ حبيباً

أختطفهُ عز ..!

أسرائيل

**

الحمامة المتوجة*

أحبها ..

أميرةٌ متوجةٌ الرأسِ

أراها  لحظةَ  تطيرُ

متوجسةً  من خطرٍ داهمٍ

محذرةً  قبل  فوات  الأوان

كل ذي جنحٍ قريبٍ

تضربُ الهواءَ بجنحيها

كيدٍ تنقرُ طبلاً

**

عزلتي .. ومن أحب

عزلتي ..

رفيقة  بي

لم تبعدنِ

عمن أحبُ

فالذين أحبهم حاضرون

وإن نأوا

لمديات بعيدةٍ

أو غابوا عني

لسنوات عديدةٍ

أما الذين رحلوا

بلا عودةٍ

لنهايات أبديةٍ

فهم  في ذاكرتي

يبددون الكثير

من غربتي

ويخففون القليل

من كآبتي

**

الخلو للنفس

أخلو لنفسي راغباً

عن رؤية وجوهٍ

طمسَ الضبابُ ملامحها

فلا  اراها

كما أرى

وجهين يلتقيان

يشعان بالحبٍ

**

الرهان الخاسر

فرِحاً  أغسلُ  كآبة  يومي

بخسارةِ  رهاناتٍ

في حلبات  سباقٍ

على حصان جامحٍ:

صاهلٍ

صائلٍ

جائلٍ

في كل الحلباتِ

كثير الكبواتِ

كبا من قبل

ويكبو الآن

وخسروا عليه

الرهان

**

عار الإنسان

أشيح  بوجهي

عن صور عار

لضمير غائب

في قرن خائب

عار الزمن  الآني

بهذا اليومِ

وما قبله أو بعده

*

تعلقنا من قبل

بخيوط واهية

بإدعاءات كاذبة

بإيمان بالله

بمدن فاضلة

بكتب قدسية

وهذا يوم آخر

لم تبق فيه

ورقة واحدة

من اشجار الجنة

لنواري فيها

عرينا الابدي

*

يؤرقني التفكير بــــ

أني  سأعيش

بعد الآن

يوما آخر

لأني صدقت قديما:

(ليس بالإمكان أحسن مما كان)

حتى رأيت اليوم

رب الجنود*

ممتطيا ظهر الميركافا*

تصول به وتجول

في كل الجهات

فأيقنت:

أن  بالإمكان

أسوأ مما كان

**

أسماء  أحبها

وهم كثر:

أصواتهم الحزينة

تراتيل حبٍ

ودعوات سلام

لوركا:

أغلقت شرفتي

لأني لا أريدُ أن أسمعَ البكاءَ

إلا أنَّ وراءَ الجدرانِ الرماديةِ

لا يُسمعُ شئ غير البكاء*

والسياب:

أتعلمين أي حزن يبعث المطرُ

وكيف تنشج المرازيب إذا أنهمر؟*

وعيسى الياسري:

أنا أغني ..*

للشجرةِ ..

لطعم القبلةِ

لرغيفِ الخبز الخارج

من بين أصابعكِ يا أمي

***

صالح البياتي

.......................

* نوع من الحمام يستوطن الأراضي العشبية والشجرية في أستراليا.

 *  رب الجنود: يهوه إله بني إسرائيل.

 * ميركافا: معناها بالعربي عربة الخيل (الحنطور) .

 * مقطع من قصيدة (البكاء)

 * مقطع من قصيدة (إنشودة المطر)

 * مقطع من قصيدة (أنا أغني)

 

في نصوص اليوم