تقارير وتحقيقات

تقارير وتحقيقات

أعلن في العاصمة الدانماركية كوبنهاغن يوم الأحد المصادف 9 آيار 2021 عن تأسيس أول متحف عراقي للفنون في أوروبا بإسم (متحف إحسان أدهم للفنون) وذلك بالتزامن مع حلول الذكرى السنوية الأولى لرحيل الفنان العراقي الرائد إحسان أدهم (1934-2020) شيخ الخطاطين العراقيين، المدير الأول للأوركسترا السمفونية الوطنية العراقية وأحد مُرسي أسس الفن العراقي الحديث. 2435 معرض 1

وجاء في بيان التأسيس الذي نشر على صفحة الرائد الأدهم في موقع التواصل الإجتماعي الفيسبوك:

"لقد شكل غياب الفنان الرائد الكبير إحسان أدهم في مثل هذا اليوم من العام الماضي خسارة كبيرة لا تعوض للساحة الثقافية والفنية العراقية لدوره التأسيسي والريادي على صعيد فن الخط العربي والموسيقى الكلاسيكية والحركة التشكيلية عبر مدرسته الفنية (اللون والحرف والموسيقى) التي وصفها بأنها "بوصلة مسيرة حياته الفنية" التي دامت لأكثر من 86 عاماً من العطاء المتواصل في إثراء الفن العراقي الحديث".

2435 معرض 2

ويضيف البيان نقلاً عن نجل الفقيد مؤسس المتحف، الفنان التشكيلي المهندس مصطفى الأدهم:

"إن قرابة تسعة عقود من العطاء والابداع عراقياً ودولياً للفنان الراحل إحسان أدهم اثمرت عن مجموعة فنية غنية وأرشيف فني نادر ومكتبة تخصصية قيمة كان لابد من حفظها وصيانتها وعرضها، فكان لزاماً علينا حمل الأمانة والاضطلاع بهذه المسؤولية لضمان استمرارية الرسالة الفنية للرائد الكبير، وتخليداً لذكراه قررنا تأسيس مؤسسة تقوم بهذه المهمة الثقافية تحمل إسم (متحف إحسان أدهم للفنون) تتخذ من العاصمة الدانماركية مقراً لها". 2435 معرض 5

أما عن أهداف المتحف فيشير البيان:

- العمل على توثيق ونشر أعمال الفنان الرائد إحسان أدهم والتعاون مع المهتمين والمختصين لإجراء الأبحاث والتوثيق والنشر.

- الإسهام في أحياء أصول وقواعد وجماليات فن الخط العربي.

- المساهمة بالتعريف بالفن العراقي الحديث دوليا".

وبالنسبة لنهج المتحف، يضيف العضو المؤسس الفنان التشكيلي العراقي - الدانماركي، مهدي كوفاني:

"أن متحف إحسان أدهم للفنون مؤسسة تهتم بالثقافة والفنون، تسعى لتكون نقطة إلتقاء بين الثقافات، وهو ما يحق الهدف الإنساني الأسمى للراحل الكبير إحسان أدهم".

يختم بيان التأسيس بالإشارة إلى أن المتحف "يتبنى خطة منفتحة للتعاون مع الشخصيات والمؤسسات ذات العلاقة لتحقيق أهدافه ضمن إطار عمل احترافي متكامل".

من جانبه علق الفنان والناقد العراقي علي النجار على بيان التأسيس قائلاً:

"مباركة جهودكم، وشكراً لكل من ساهم في هذا الملف وفي إنشاء المتحف لتدوم الذكرى وليبقى الإنجاز شاد على شخصية إحسان أدهم وذكرى لحياة فنية متميزة يستحقها ونستحقها".

وأضاف الفنان والكتاب يحيى الشيخ معلقاً: "انجاز عظيم يليق بالفنان إحسان أدهم، أتمنى لكم المزيد من النجاح".

2435 معرض 4

ولد الفنان الرائد إحسان أدهم عام 1934 وتخرج من معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1963 وأتم دراساته العليا في المعهد العالي للموسيقى والفنون المسرحية في مدينة شتوتغارت الألمانية عام 1968 ودرس أصول وقواعد فن الخط العربي لدى الخطاط التركي الشهير ماجد الزهدي بين عامي 1954-1959.

عمل الراحل إحسان أدهم أستاذاً متمرساً للموسيقى الكلاسيكية والخط العربي في أكاديمية الفنون الجميلة/جامعة بغداد، معهد الفنون الجميلة ومعهد الفنون التطبيقية إلى جانب عمله كمحكم دولي للمسابقة العالمية لفن الخط العربي في مركز الأبحاث للتأريخ والثقافة والفنون الإسلامية (ارسيكا) التابع لرابطة المؤتمر الإسلامي في اسطنبول، تركيا، إضافة إلى تحكيمه في مهرجان بغداد الدولي لفن الخط العربي والزخرفة.

2435 معرض 3ساهم الفنان الراحل إحسان أدهم في تأسيس العديد من المؤسسات الثقافية العراقية منها:

رابطة الأدباء والفنانين العراقيين في بغداد عام 1951، الأوركسترا السمفونية الوطنية العراقية عام 1959، جماعة سومر لموسيقى الحجرة عام 1966، جماعة الفن العراقي المعاصر، جمعية الخطاطين العراقيين - المقر العام في بغداد عام 1974 ومهرجان بغداد الدولي لفن الخط العربي والزخرفة عام 1986. كما استمرت مسيرته دولياً فساهم في الدانمارك في تأسيس جماعة (داكابو) الفنية ورباعي (سيبا) الفني ومجلس الفن التشكيلي في محافظة فايلي الدانماركية، إضافة إلى بصمته في مؤسسة ثقافة بلا حدود في ألمانيا.

أقام الراحل 19 معرضاً فردياً في العراق والعالم كان أولها في كاليري الواسطي ببغداد عام 1966 وآخرها على صالة اللويت كيركي في الدانمارك عام 2012 إضافة إلى 25 مشاركة جماعية كان أولها في المعرض الأول لقسم الخط العربي في معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1956 وآخرها في مهرجان أيام آخن الدولية للسلام في ألمانيا. وتتواجد أعماله الفنية ضمن مقتنيات العديد من المتاحف والمؤسسات والثقافية والفنية حول العالم.

 

المهندس مصطفى الأدهم

كوبنهاغن، الدانمارك

 

 

علجية عيشالأوروبي والعربي الإسلامي الحديث

- هكذا أرسى المجمع الفاتيكاني ثقافة الحوار مع الإسلام لمواجهة الإسلاموفوبيا.

- الأنسنة هي الوجه الآخر للعلمنة.

- المشترك الإنساني تتقاسمه ثقافات متعددة لإعادة الإنسجام للإنسان والإنسانية وتجاوز الأزمات


قال باحثون في الفكر الديني أن العصر اليوم هو عصر انتصار القيم الإنسانية وما حققته من نتائج توصل إليها العقل البشري بعد تحرره من الكنيسة الكاثولوكية واللاهوت الديني، وأن إحداث مقاربة بين التنويريين في الغرب ودعاة التنوير في الشرق متوقف على الوقوف على خصوصية الفكر الأوروبي والفكر الإسلامي، من وجهة نظر الباحثين فإن مجال الأنسنة يتجاوز المرحلة السابقة التي قام بها الشرق الإسلامي الذي كان متفوقا على حضارات غيره في مرحلة الفتح الإسلامي، كما أن التعايش السلمي بين الأديان لاسيما بين الإسلام والمسيحية وبخاصة الكاثولوكية، فهي مرتبطة أساسا بالحوار بين الأديان والحضارات والثقافات، خاصة وأن العلاقات الحالية بين المسلمين والمسيحيين تشكل نموذجا في إرساء القيم الإنسانية

هل تكفي قيم الأنسنة وحدها في بناء مجتمعات بشرية يسودها العدل والمساواة والإحترام بعد 16 سنة من إرساء هذه القيم؟، وهل يعود ذلك إلى خصوصية الوضع الفكري والمراحل التي عرفت بعصر التنوير؟ والتحولات التي شهدها الإنسان الذي كانت له الجرأة في نقد النص الديني؟ تلك أسئلة طرحها باحثون في الفكر الديني ومختصون في مقارنة الأديان وعلوم الشريعة من الجزائر ومن دولة قطر للرد عليها في مؤتمر دولي حول مفهوم "المشترك الإنساني في الفكر الإصلاحي الديني الأوروببي والعربي الإسلامي في العصر الحديث" نظمته جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بشرق الجزائر عن طريق تقنيات التحاضر عن بعد، والذي جاء متأخرا بسنة كاملة، حيث كان من المفنرض تنظيمه قبل ظهور الوباء، لكنه شهد غياب كبير للطلبة والباحثين لاسيما المختصين في مجال مقارنة الأديان، فكانت قاعة المحاضرات عبد الحميد ابن باديس فارغة تماما فلا يتعدى عدد الحضور أصابع اليد كما يقال، رغم أن المؤتمر جاء في الوقت الذي تحتفل فيه الجزائر بذكرى وفاة رائد الإصلاح الديني في الجزائر العلاّمة عبد الحميد ابن باديس مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي واجهت حركة الإستشراق ودعت إلى التجديد الذي يرتبط بمفهوم الإصلاح reformation، وقد سلط باحثون من الجزائر ومن دولة قطر في هذا المؤتمر الدولي الضوء على إشكالية "المشترك الإنساني في الفكر الإصلاحي الديني الأوروبي والعربي الإسلامي في العصر الحديث".

المؤتمر يهدف إلى فهم الإصلاح الديني من جهة عقدية وقيمة الإصلاح من خلال التجربة الأوروبية والإسلامية، لاسيما وأن المشترك الإنساني تتقاسمه ثقافات متعددة من أجل إعادة الإنسجام للإنسان والإنسانية وإظهار مدى قدرة الإصلاح الديني على تجاوز الأزمات العالمية التي تزداد اليوم تعقيدا بسبب الصراعات الدينية فيما يسمى بـ: "الإسلاموفوبيا"، وبات الأمر يلح على الدعوة إلى حوار الأديان والثقافات، كما ركز المحاضرون على إشكاليات أخرى مترابطة ومعقدة تحتاج إلى فك رموزها على غرار "حركة الأنسنة" التي هي بيدغوجية جديدة مبنية على التمرّن والتنوير السياسي وتحتاج إلى مناظرات دينية من خلال العودة مباشرة إلى الكتاب المقدس ( الإنجيل) ومقارنتها بما جاء في القرآن الكريم، فالأنسنة عرفها الحداثيون بأنها الوجه الآخر للعلمنة، وقد أشارت العديد من النظريات الأوروبية والعربية إلى أن الأنسنة تتمحور حول الإنسان لتحديد الهوية الإنسانية، تبقى مسألة المصطلحات فهي لا تزال دون تمحيص علمي فكانت عائقا كبيرا في تقريب الرؤى لفهم العلاقة بين الأنا والآخر وإمكانية العيش معا في إطار التعايش السلمي مع الإحتفاظ بخصوصية كلّ منهما.

في هذا السياق أرادت حركة الأنسنة في العالم الأوروبي أن تبعث نفسا جديدا في المسيحية الكاثولوكية وإقامة مقاربات بين النزعة الإنسانية، كان المنطلق كهنوتيا قام به المفكر الغربي راسموس مختص في الفكر النقدي، لكن سرعان ما تم التخلي عنه من أجل الإنخراط في الحياة الإنسية، فكانت هناك مراجعات للعهد الجديد وترجمته وتفسيره، وقد وقف دارسوا الكتاب المقدس ( العهد الجديد) ومنهم راسموس على نصوص غير معقولة، قدمها للكهنة، هذا الأخير اعتمد على منهج الوثنيين الذين اعتبرهم أكثر مسيحية من المسيحيين أنفسهم، وإن كان راسموس قد جعل النزعة الإنسية كمنهج و قاعدة دون الخروج عن الكنيسة، فمحمد إقبال وقف على وضع الأمة الإسلامية وعوامل التحضر في العالم الأوروبي، فعمل على تجديد الفكر الديني من خلال المنهج الرشدي من أجل التعقل فقال بخلود العقل الفعال، كانت هذه مقارنة للفكر النقدي بين راسموس ومحمد إقبال، قدمها محاضرون، حيث ركز الإثنان على علاقة الإنسان بالدين من أجل إعلاء قيمة الإنسان، ذلك باستخدام المنهج العقلي والنقدي لكل المضامين المعرفية والتعامل معهما بقداسة.

أما فكرة التعايش السلمي بين الأديان لاسيما بين الإسلام والمسيحية وبخاصة الكاثولوكية، حسب الدكتور عبد القادر بخوش باحث في الفكر الديني من جامعة قطر في ورقة قدمها عن طريق تقنيات التحاضر عن بعد فهي مرتبطة أساسا بالحوار بين الأديان والحضارات والثقافات، وقال ان العلاقات الحالية بين المسلمين والمسيحيين تشكل نموذجا في إرساء القيم الإنسانية بدليل أن البابا فرانسيس في سنة 2013 دافع عن روحانية الإسلام وقيمه وفي روما استقبل عدد كبير من المهاجرين المسلمين الغير شرغيين ة كانت له مواقف مشرفة في حواره مع الأزهر في إطار مبادرة " حُبُّ الله"، عكس مواقف البابا السابق الذي وصف افسلام على أنه دين عنف وتطرف وأنه دين لا يمجد العقل.

المجمع الفاتيكاني الثاني دعا إلى ثقافة الحوار مع الإسلام لمواجهة الإسلاموفوبيا

و بما أن المسيحية تعتبر من مقومات الفكر الغربي فقد أشار الباحثون إلى انقسام المسيحيين إلى تيارات، وركزا في دراساتهم على التيار الكاثوليكي، لكنهم لم يتطرقوا إلى انقسام المسلمين إلى تيارات، أو بالأحرى أغفلوا هذا الجانب في مداخلاتهم ( أي الإسلام السُنِّي والإسلام الشّيعي) في ظل استمرار الصراع بين السنة والشيعة، وهذا من أجل توحيد المشترك الديني بينهم وإعطاء للإسلام الصبغة العالمية، كل هذه المسائل تحتاج إلى دراسة المشترك بكل أبعاده الدينية والفلسفية، الأخلاقية والسياسية، الذين شاركوا في المؤتمر الدولي تطرقوا إلى دور المُجَمَّع الفاتيكاني الثاني المعاصر وما صدر عنه من قرارات في الفترة بين 1962 و1965 والتي تعتبر حسبهم فصل جديد للمسيحية، حيث أدخل المجمع أديان أخرى كالإسلام واليهودية واختصر مسائل عديدة أهمها الدعوة إلى حوار مسيحي إسلامي والتعايش مع المسلمين، أي أنه أصبح لاهوتا جديدا، إلا أن نظرة الغرب للإسلام ظلت تعكس ما يقول به المجمع الفاتيكاني، لأن ظهور الإسلام عند الغرب كان تحديا تاريخيا لمواجهة الديانة المسيحي.

الفكرة التي اثارت اهتمام الباحثين هي دور الإستشراق الذي كانت تحركه الكنيسة الكاثولوكية، حتى أحدث مؤتمر المجمع الفاتيكاني الثاني المنعقد في 1962، تغيرا كبيرا على كل المستويات، كانت لبعض المفكرين اليسوعيين والبابوات أطروحات إيجابية من الإسلام وبالخصوص البابا بولس السادس، هكذا أرسى المجمع الفاتيكاني ثقافة الحوار مع الإسلام من أجل نبذ فكرة الإسلاموفوبيا، وخالف ما جاءت به قرارات المجمع المسكوني الثاني الذي اتبع نظام الرهبان وابتعد عن المسيحية الصحيحة، خاصة وأن العصر اليوم وهو عصر انتصار القيم الإنسانية وما حققته من نتائج توصل إليها العقل البشري بعد تحرره من الكنيسة الكاثولوكية واللاهوت الديني مثلما اشار إلي ذلك الدكتور محمد أوجرتني الذي قال أن إحداث مقاربة بين التنويريين في الغرب ودعاة التنوير في الشرق متوقف على الوقوف على خصوصية الفكر الأوروبي والفكر الإسلامي، من وجهة نظر الباحثين فإن مجال الأنسنة يتجاوز المرحلة السابقة التي قام بها الشرق الإسلامي الذي كان متفوقا على حضارات غيره في مرحلة الفتح الإسلامي.

ما يلاحظ أن المحاضرين أهملوا جانبا مهما من النظريات التي تأسست في هذا الشان، خاصة ما يسمى بـ: الإنتروبولوجيا الدينية، التي تحدث عنها كثبر من المفكرين على غرار المفكر الجزائري محمد أركون الذي كانت له أطروحات ونظريات حول الإصلاح الديني، الذي كثر استعماله وتوظيفه من طرف رواد النهضة الأوروبية الحديثة ومن قبل زعماء الإصلاح والتجديد في العالم العربي والإسلامي الحديث، فقد كانت لمحمد أركون نظرة خاصة لما يسمى بـ: "الإنتروبولوجية الدينية"، كما تكلم عن العلاقة بين تطبيق الدين الإسلامي تطبيقا صحيحا وتقليده، على غرار ما حدث في التقليدين اليهودي والمسيحي، وصولا إلى غاية "علمنة" المجتمع الإسلامي وتنويره، فمحمد أركون كان له منهجا خاصا في تطبيق النص القرآني وهو منهج كان قد طبق على النصوص المسيحية، ويتلخص في إخضاع القرآن للدراسة النقدية التاريخية المقارنة، والتأمل الفلسفي لمعنى النصوص، ودعا إلى إخضاع النصوص القرآنية إلى النقد من وجهة نظر تاريخية، فمن جهة أراد بذلك أن ينتقد الأطروحات الاستشراقية للعقل اللاهوتي عند أهل الكتاب، ومن جهة أخرى أراد أن يفسح المجال أمام الحداثة والأنوار، بمعنى أنه يحرص على التمييز بين المُفَكِّر فيه وبين اللا مُفِّكِر فيه وما لا يمكن التفكير فيه داخل النسق الإسلامي، وهذا لمعرفة إن كان الدين ثابت أو متغير.

تبقى إشكالية العلاقة بين الإسلام والمسيحية من وجهة الباحثين من القضايا الحساسة جدا، لاسيما في هذه المرحلة بالذات، مرحلة يتكالب فيها البعض على الإسلام والتحولات السياسية التي تمر بها المنطقة العربية، تلعب فيها النزاعات دورا هاما، تظهر فيها مصطلحات ومفاهيم جديدة تحتاج إلى أكثر تبسيط مثل: ( المواطنة، الحداثة، التحرر الفكري والديني، الأنسنة، الدمقرطة، العرقومية، العردينية، العلمنة، الإسلاموفوبيا، وغيرها من المصطلحات، كمصطلح "الأسلمة" islamization، والذي يقابله مصطلح التنصير والتهويد، في ظل تطور الفلسفات والسياسات، وهي طبعا بالنسبة للبعض مسألة معقدة وشائكة لأسباب عدة، بسبب ظهور مصطلحات جديدة كالعربنة، وإن كانت هذه المصطلحات هي ثمرة تلاقح أفكار نخبة من العلماء ورجال الدين والمختصين في العلوم والإنتروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم النفس وحتى الطب، فإن الصراع القائم بين التقليديين والحداثيين مستمر، والدور الذي لعبه المستشرقون في نقل أفكارهم وترجمتها، خاصة وأن لفظ أسلمة كما يقول بعض الباحثين من الألفاظ التي شاعت في الدراسات الغربية وكتابات المستشرقين، أي تَحْويل الفكر من منهجٍ ما إلى منهجٍ آخر قائم على الإقرار بشرائع الدين الإسلامي، تضاف إليها مختلف النظريات التي نشأت منذ عصور، ما أراده المؤتمرون هو تنبيه "النخبة" من السقوط فريسة الأفكار السطحية التي يطرحها قليلي العلم والفكر.

 

علجية عيش

 

 

2375 مهرجان 2جائزة أحسن فيلم لـ "الرجل الذي باع ظهره" وجائزة الجمهور تذهب لـ "حظر تجوّل"

أُختُتمت فعّاليات الدورة الحادية عشرة لمهرجان مالمو للسينما العربية التي استمرت للفترة من 6- 11 أبريل/ نيسان 2021. وقد استضافت مكتبة مالمو المركزية حفل الاختتام الذي تم فيه إعلان جوائز المسابقات الرسمية حيث نال فيلم "الرجل الذي باع ظهره" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية جائزة أحسن فيلم، فيما أُسندت جائزة الجمهور التي تمنحها بلدية مالمو بقيمة 25 ألف كرون سويدي لفيلم "حظر تجول" للمخرج المصري أمير رمسيس وقد قدمتها رئيسة اللجنة الثقافية في مدينة مالمو السيدة فريدا ترولمير.

"الهدية" يخطف جائزة أحسن فيلم قصير

تضمّن مهرجان هذا العام مسابقتيّ الأفلام القصيرة والطويلة التي تضم أفلامًا روائية ووثائقية. وقد ارتأت لجنة تحكيم الأفلام القصيرة التي تألفت من خمسة سينمائيين ونقّاد وهم: المخرجة والمنتجة اللبنانية مانو نمّور، والمخرجة والمنتجة المصرية ماجي أنور، والناقد الجزائري فيصل شيباني، والناقد البحريني طارق البحار، والممثل الإماراتي منصور الفيلي أن ينوّهوا بفيلمين قصيرين ويمنحوا شهادة تقدير لكل فيلم وهما "الست" للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني، وفيلم "توك توك" للمخرج المصري محمد خضر. أما جائزة أحسن فيلم قصير وقيمتها 15 ألف كرون سويدي فقد ذهبت لفيلم "الهديّة" للمخرجة الفلسطينية فرح النابلسي.

2375 مهرجان 1

أمّا في مسابقة الأفلام الطويلة فقد ارتأت لجنة التحكيم المؤلفة من خمسة سينمائيين وهم: المخرجة الفلسطينية نجوى نجار، والممثلة والمخرجة السعودية فاطمة البنوي، والباحثة السينمائية المغربية ليلى شرادي، والإعلامية اللبنانية ريّا أبي راشد، وكاتب السيناريو المصري تامر حبيب أن يمنحوا جائزة أحسن سيناريو للسينارست والمخرج التونسي غازي الزغباني عن فيلم "الهِربة" The Dilemma، فيما أسندت جائزة أحسن ممثل لسليم ضو عن دوره في فيلم "غزة مونامور" للمخرجَين الفلسطينيين عرب وطرزان ناصر. أما جائزة أحسن ممثلة فكانت من نصيب نعيمة لمشاركي عن دورها في فيلم "خريف التفاح" للمخرج المغربي محمد مُفتكر . فيما ذهبت جائزة أحسن إخراج للسعودي عبد العزيز الشلاحي عن فيلمه المعنون "حدّ الطار". أما  جائزة لجنة التحكيم الخاصة وقيمتها 15 ألف كرون سويدي، فقد مُنحت لفيلم "جزائرهم" للمخرجة الفرنسية من أصول جزائرية فلسطينية لينا سويلم. بينما أُسندت جائزة أحسن فيلم، وقيمتها 20 ألف كرون سويدي لفيلم "الرجل الذي باع ظهره" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية. أما جائزة الجمهور التي تمنحها بلدية مالمو بقيمة 25 ألف كرون سويدي، فقد ذهبت لفيلم "حظر تجوّل" للمخرج المصري أمير رمسيس.

نجاح المهرجان رغم صيغته الإليكترونية

لابد من الإشارة إلى أنّ الدورة الحادية عشرة لهذا المهرجان قد تمّت إليكترونيًا وبنجاح تام حيث شاهدنا أفلام المسابقتين القصيرة والطويلة بواقع 12 فيلمًا طويلاً، و17 فيلمًا قصيرًا، و 3 أفلام طويلة في برنامج الليالي العربية. وقد اُختتم المهرجان في مكتبة مالمو المركزية في تمام الساعة مساء من يوم 11 أبريل حيث تمّ عرض فيديو يتضمن أهم المحطات في الدورة، ثم تلتهُ كلمة ترحيبية من قبل السيد تربيون نيلسون، رئيس مكتبة المدينة، وأعقبتهُ السيدة ماغنوس لونديرغويست، رئيس اللجنة الثقافية لمقاطعة سكونة بكلمة أخرى، ثم جاء دور محمد قبلاوي، مؤسس ورئيس المهرجان حيث ألقى كلمة وافية لخّص فيها وقائع الدورة وتحدياتها في ظل جائحة كورونا، ثم وجّه تحية للراحل محمد قدورة، أحد المشاركين في تأسيس المهرجان، وتمّ عرض فيديو تحية لذكراه العطرة، وثناء لجهوده التي قدّمها لمهرجان مالمو.

ثلاثة أفلام أخرى تستحق الإشادة والتنويه

2372 فيلم 0على الرغم من أهمية فيلم "الهدية" لفرح النابلسي والدور الجميل والمعبِّر للفنان صالح بكري وهو يجسّد معاناة الفلسطينيين في المعابر الإسرائيلية إلاّ أنّ هناك ثلاثة أفلام لا تقل أهمية عن هذا الفيلم أو الفيلمين المنوّه بهما وهما "الست" لسوزانا ميرغني و "توك توك" لمحمد خضر، وهذه الأفلام تباعًا هي "الحمّام" للمخرجة التونسية أنيسة داود، و "عايشة" لزكرياء نوري، و "سهرة مع ليلى" لهيا الغانم. ففيلم "الحمّام" يعالج قضية الاعتداء الجنسي على الأطفال أو ما يسمى بزنا المحارم وهي ثيمة نفسية واجتماعية وأخلاقية خطيرة تعاني منها المجتمعات العربية وتستحق المزيد من التأمل والفحص والدراسة. كما أن فيلم "عايشة" لزكرياء نوري يتمحور على فكرة بيع الجسد التي لمسناها في اللحظات الأخيرة من الفيلم حينما نزلت عائشة إلى الشارع لتلتقي سائق الشاحنة وتذهب معه، ومع صديقه لاحقًا، إلى مكان ما لكي تعود محمّلة بالطعام الذي تسد به رمق الوالدة المريضة. أمّا الفيلم الثالث فهو "سهرة مع ليلى"، هذه الفنانة والملحنة الكويتية التي أبدعت أجمل الأغاني الخليجية وعلى رأسها أغنية "وشعلامك بالأسمرانية" التي أصبحت علامة فارقة في التراث الغنائي الخليجي.

وفيما يتعلق بجوائز الأفلام الطويلة فقد ذهبت لمستحقيها فعلاً إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن فيلم "الرجل الذي باع ظهره" لكوثر بن هنية قد حصد العديد من الجوائز في مهرجانيّ فينيسيا والجونة وترشح في خاتمة المطاف للأوسكار عن جدارة. أما فيلم "حظر تجول" لأمير رمسيس فهو يستحق جائزة الجمهور، وسبق للنجمة السينمائية إلهام شاهين أن نالت عن دورها فيه جائزة أفضل ممثلة في مهرجان القاهرة السينمائي هذا العام لكن أعضاء لجان التحكيم في معظم المهرجانات يتناسون الدور المهم الذي لعبته الفنانة أمينة خليل وتألقت فيه طوال مدة الفيلم.

أفلام سعودية جريئة تناقش ثيمات حسّاسة

تسجّل السينما السعودية على قلّة إنتاجها طفرة في فيلميها الجريئين "حدّ الطار" للمخرج عبدالعزيز الشلاحي الذي يناقش قضيتي "الطقّاقة" و "السيّاف" والنظرة الدونية لمن يمتهن الرقص والغناء. وفيلم "أربعون عامًا وليلة" للمخرج محمد الهليل الذي يتناول مسألة الزواج السريّ، والتفكّك الأسري، وطبيعة العلاقات الشائكة، والموروثات الدينية التي ترجّح كفة الرجل على المرأة.

2361 مهرجان 9

نخلص إلى القول بأن مهرجان مالمو للسينما العربية قد نجح هذا العام أسوة بالأعوام السابقة ولعله يزداد تألقًا كلما استقطب عددًا مهمًا من الأفلام الإشكالية الجريئة التي قد لا تجد طريقها إلى الشاشات العربية بسبب حساسية الثيمات والموضوعات التي تعالجها. ولابد من الإشادة بطاقم العمل التنظيمي والإعلامي لهذا المهرجان وهم يواصلون عملهم الدؤوب من أجل إظهار المهرجان بهذه الحُلة الجميلة الناصعة التي تخطف الألباب.

 

عدنان حسين أحمد

 

 

عدنان حسين احمدخاص بالمثقف: حَفَلَ اليوم الثاني من الدورة الحادية عشرة لمهرجان مالمو للسينما العربية بعرض فيلمين طويلين وهما "نحن من هناك" للمخرج اللبناني وسام طانيوس، وفيلم "قِلتلّك خَلَص" للمخرج اللبناني إيلي خليفة، كما عُرضت خمسة أفلام قصيرة سنتوقف عندها جميعًا وهي  "حاجز" للمخرجة اللبنانية داليا نمليش، و"الحمّام" للمخرجة التونسية أنيسة داود، و"الحجاب الأسود" للمخرجة القطرية الجوهرة آل ثاني، و"توك توك" للمخرج المصري  محمد خضر، و"الهديّة" للمخرجة الفلسطينية فرح النابلسي.

2367 مالمو 1

تعود بنا داليا نمليش إلى انتفاضة 17 أكتوبر 2019 التي راج فيها شعار "كِلّن يعني كِلّن" الذي يعرّي الفساد، وهيمنة الأحزاب المليشياوية التي اختطفت البلاد، وهيمنت على ثرواته ووظائفه وتركت شرائح واسعة من المجتمع اللبناني تزداد فقرًا ومشقةً وعناءً. المتظاهرون يردِّدون بصوتٍ عالٍ "الشعب يريد إسقاط النظام" ويهتفون بالأغاني الوطنية لكن ثيمة الفيلم الرئيسة تتضح حينما نعرف أنّ المتظاهرَين فرح "باسكال سينيوري"، وأنتوني "أحمد حمادي شاسين متحابان وتربطهما علاقة عاطفية دفعت بالحبيب أنتوني للقدوم من باريس لزيارة جدته المريضة والمشاركة في الانتفاضة التي صادف انطلاقتها في ذلك اليوم.

2367 مالمو 2

ما يميز هذا الفيلم هو سلاسته العاطفية حيث تتيح لنا المخرجة بضعة مشاهد من القُبل والاحتضان بين العاشقَين. وما إن تنتهي أمور التظاهرة على خير ويغادران المكان حتى يفاجئهما "حاجز" على الطريق ليعقّد الأمور التي كانت منسابة قبل قليل. فثمة شخصان من أحد المليشيات اللبنانية المتنفِّذة يُصادران حق الناس في التنقّل والعبور في شوارع بيروت وهما رياض "جوليان فرحات" وسامر "محمد ياسين"، إضافة إلى كلب ضخم يُدعى "جوكر". تنخفض النبرة المرتفعة لفرح أمام انفعالات رياض وسامر وأسئلتهما المتلاحقة عن هوية الضحيتين وعملهما، ففرح معروفة على اليوتيوب، أمّا صديقها ذو اللكنة الأجنبية فهو يقيم في فرنسا لكنه يحمل جوازًا لبنانيا الأمر الذي يثير شكوك سامر ويجعله يعتقد بأنه عميل لإسرائيل، فيتضاعف التدقيق حيث يفتش سامر في هاتفه النقال، كما يفتش السيارة وما فيها من حقائب بطريقة مُذلة فيها الكثير من التشفي والاستصغار وحينما يصل العنصران إلى قناعة ما يتصل سامر لاسلكيًا بجهته المليشياوية ويخبرها بجملة مفهومة في فضائنا العربي:"باعثيلكم ضيفين؛ بنت وشاب، اهتموا فيهم"، وقد يأخذ الاهتمام أشكالاً متعددة للتعذيب، والإهانة المتعمدة لكرامة الإنسان العربي في ظل الأنظمة المليشياوية الخارجة عن القانون.

2367 مالمو 3

تحرّش جنسي بدون مشاهد خادشة للحياء

يُعد فيلم "بانو" أو "الحمّام" للمخرجة التونسية أنيسة داود من أكثر أفلام المسابقة رهافة، فالثيمة التي تعالجها في الفيلم هي التحرش الجنسي بالأطفال لكن رهانها الفني الصعب كان قائمًا على عدم تقديم مَشاهد جارحة للحياء، وقد نجحت في هذا الرهان حقًا عندما لامست الموضوع بشكل مجازي، وبجمل لمّاحة قصيرة كانت تفي بالغرض المطلوب. فلقد تعرّض الأب عماد "محمد داهش" في طفولته للاعتداء الجنسي على يد عمّه، وظلّت هذه التجربة القاسية تعيش معه طوال السنوات المنصرمة، وبات يخاف على ابنه من أقرب الناس إليه لئلا يمر هو الآخر بنفس التجربة، ويُصبح ضحية لها. قال عماد بأنه لا يحب هذه الصور الموجودة في منزل شقيقته ولكنه كان يعني صورة عمه التي يكرهها، وحينما ذهب مع ابنه إلى السوق بغية شراء السمك أراد البائع أن يلمس ابنه كنوع من الترحاب برؤية الطفل لكن الأب سحبه بسرعة وكأنه يخشى عليه حتى من مجرد المداعبة العادية التي يقوم يها أي شخص من العائلة أو من حلقة الأصدقاء المقرّبين. أما قصة الفيلم التي كتبتها أنيسة فهي تروي قصة زوج غادرت زوجته في بضعة أيام عمل وتركت له فرصة الاعتناء بولده الصغير هادي فكان يأخذه إلى المقهى تارة، وإلى البحر تارة أخرى، وبين هذه وتلك يذهب إلى بيت شقيقته ويمضي عندها بعض الوقت لكن هاجس الخوف ظل يلازمه ولن يفارقه أبدًا.

2367 مالمو 4

يتمحور فيلم "الحجاب الأسود" للمخرجة القطرية الجوهرة آل ثاني على شخصية ريم، وهي شابة عراقية من الموصل تهرب من منزلها في منتصف الليل بعد إجبارها على الزواج من أحد عناصر داعش الإجرامية. ويساعدها في عملية الهروب سائق تاكسي يُدعى أحمد لكنّ شخصًا داعشيًا يلاحقه ويسأله عن ريم التي تجلس في المقعد الخلفي فيدّعي أنها زوجته وقد جلبها توًا من بيت والدها ولكنه نسي الأوراق الرسمية التي تثبت أنها زوجته. وعلى الرغم من أن التدخين محرّم في العقيدة الداعشية إلاّ أنّ أحمدًا يقدّم له سيجارة فيشكره الداعشي ويتركه يمضي لحال سبيله ويحذّره من أن يراه مرة ثانية وإلاّ سوف تكون العواقب وخيمة. يأخذها أحمد إلى بيت أهلها القديم فتجده مدمرًا ومهجورًا، وهذا يعني أنّ العائلة قد هربت إلى صحراء الموصل ويقرر إيصالها إلى هناك وحينما يتعب من قيادة السيارة يأخذ غفوة فتخبره ريم بأنها تستطيع أن تقود السيارة لكن اثنين من الدواعش يلحقان بهما في قلب الصحراء وتراودهما الشكوك بأنه يخبئ شيئًا ما عنهما فيطلق أحدهما النار عليه ويرديه قتيلاً، ثم يسكب البنزين على السيارة ويوقد فيها النار لكن ريم كانت قد تسللت من جوف السيارة واختبئت خلف إطار ضخم جوار بيت طيني. يغادر الداعشيان المكان فتتجه ريم إلى حافلة لاحت في الطريق تضم مجموعة من النساء الملفعات بالسواد لكنّ وجوههن المكشوفة شجّعها على إزالة النقاب عن وجهها الذي ارتسمت على معالمه إشراقة ابتسامة توحي بالخلاص من المناخ الداعشي الذي جثم على صدرها وقتًا ليس بالقصير.

2367 مالمو 5

سائقة توك توك تعمل في بيئة رجالية

يرصد المخرج المصري محمد خضر في فيلمه "توك توك" حياة عائلة مصرية متواضعة تتألف من الأب محروس "أشرف مهدي" الذي لم يكمل تعليمه الدراسي، ويرتزق من أي عمل يُكلّف به وهو جالس في المقهى الشعبي في الحيّ، فمن الممكن أن يكون حمّالاً أو نقاشًا أو مساعدًا لعصابات تهريب البشر. أما زوجته ولاء "إلهام وجدي" التي ستتمحور حولها القصة فهي ربة بيت تدرّس طفليها كلما وجدت متسعًا من الوقت، كما تستقبل والدتها المريضة، وتساعد شقيقها الأكبر عمر الذي يعاني من الشلل بعد إصابته في حادث التوك توك الذي أوشك أن يودي بحياته. يغادر  محروس البلاد بطريقة غير قانونية ويحلم بالوصول إلى إيطاليا لأنه تعرّف على فتاة إيطالية تعهدت باستقباله، وتأمين مستقبل أفضل له بعد أن يصل إلى جزيرة كريت في اليونان، ثم يتجه بعدها إلى إيطاليا. غير أن الرياح قد تجري بما لا تشتهي السفن حيث يغرق الزروق المطاطي في جزيرة كريت ويموت كل من عليه. تفرح ولاء بهذا الخبر لأنّ محروسًا طلّقها، وتتشفى بموته، وتقرر أن تعمل سائقة للتوك توك رغم كل المصاعب الجمّة التي يمكن أن تواجهها امرأة تعمل في بيئة رجالية حيث تتعرض للانتقاد، والسخرية، والتجريح لكنها تشق طريق حياتها بنجاح وأخذت تسدد الكمبيالات التي فرضها الحاج فتحي شهريًا لكن شخصًا دنيئًا اسمه السيد كان يقف لها بالمرصاد، إذ حاول أن يستميلها لكنها كانت تشعر بطمعه في عربة التوك توك وحينما تزجره غير مرة يقرر الانتقام منها وهي لا تملك شيئًا أثمن من هذا التوك توك الذي بدأ يدّر عليها دخلاً شهريًا جيدًا. وذات ليلة يوقد "السيد" النار في عربتها الصغيرة ورغم الجهود الكبيرة التي بذلها أهالي الحي إلاّ أن التوك توك قد خرج من الخدمة وصار لزامًا على ولاء أن تسدد بقية الكمبيالات المترتبة عليها وهي لا تمتلك مصاغًا ذهبيًا مُدخرًا أو أي مصدر للدخل. نقرأ على الشاشة بعد انتهاء الفيلم "بأن عدد الغارمات في سجون مصر قد بلغ أكثر من 30.000 غارمة، وأن بعض الجمعيات الخيرية تعمل على جمع التبرعات لسداد غراماتهنّ ولكن للأسف فإن عدد الغارمات هو أكبر بكثير من حجم التبرعات".

2367 مالمو 6

لا يستطيع المُشاهد إلاّ أن يشعر باللوعة والأسى المصحوب بالقرف من الإجراءات الأمنية المشدّدة، والإهانات المتعمدة للمواطنين الفلسطينيين وهم يجتازون المعابر الحدودية التي تفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين يوميًا. وقصة فيلم "الهديّة" للمخرجة الفلسطينية فرح النابلسي تتمحور على رغبة الزوج يوسف "صالح بكري" في شراء ثلاجة جديدة لزوجته لمناسبة عيد زواجهما، فثلاجتها القديمة معطوبة وينفتح بابها من تلقاء نفسه. كما ترافقه ابنته الصغيرة ياسمين في تلك الرحلة إلى أحد مدن الضفة الغربية. عند المعبر ترى المئات من الفلسطينيين وهم يمرون في مسارات مؤطرة بالحديد والأسلاك الشائكة، ويتعرضون إلى اسئلة غريبة، وإهانات مقصودة، بينما يمرّ الإسرائيليون بسلاسة واسترخاء، وبعد التفتيش المُذل يسمح ليوسف وابنته بالعبور لكن ياسمين ستبلل نفسها من الذعر الذي أصابها وهي ترى بأم عينيها الطريقة المهينة التي يتعاملون فيها مع أبيها. وحينما يصلان إلى أحد المولات يقتنيان كل ما يلزم للمناسبة، ويجلبان الهدية معهم بسيارة المحل لكن السلطات الأمنية تمنعهم من الدخول فيضطر الأب لدفع الثلاجة بعربة ترولي وحينما يصل إلى المعبر تبدأ الأسئلة التافهة والمستفزة التي أفقدت يوسف أعصابه وأوشكوا أن يطلقوا عليه النار. وفي سورة غضب الوالد كانت البنت ياسمين قد دفعت العربة بهدوء من بوابة المعبر الرسمية فتبعها الوالد باسترخاء وهو يمشي خلف هذه الهدية التي سحقت أعصابه لكنها سوف تزرع الفرحة في نفس زوجته التي أحبها من الأعماق، وكرّس حياته لها ولابنتهما ياسمين أو الأميرة الصغيرة التي يعتبرها أحلى طفلة في فلسطين.

2367 مالمو 7

خاص بالمثقف

عدنان حسين أحمد

 

 

2361 مهرجان 3أفلام جريئة، وثيمات حسّاسة تخترق المستور، وتفضح القضايا المسكوت عنها

تنطلق في السادس من أبريل / نيسان الجاري 2021 فعّاليات الدورة الحادية عشرة من مهرجان مالمو للسينما  العربية وتستمر لغاية الحادي عشر منه. يتضمن برنامج المهرجان مسابقة الأفلام الروائية والوثائقية التي تشتمل على 12 فيلمًا طويلاً، ومسابقة الأفلام الروائية القصيرة التي تضم 17 فيلمًا. أما برنامج الليالي العربية فيتضمن 3 أفلام، وهناك 9 أفلام قصيرة في برنامج تنظمه السينما العربية في السويد (ACIS) بالتعاون مع Red Star Films. تتألف لجنة تحكيم الأفلام الطويلة "روائية ووثائقية" من باقة متميزة من النساء العربيات المبدعات وهنّ على  التوالي: المخرجة والمنتجة الفلسطينية نجوى نجّار، والممثلة والمخرجة السعودية فاطمة البانوي، والباحثة السينمائية المغربية ليلى الشردي، والإعلامية اللبنانية المتوهجة ريّا أبي راشد. سنكتفي في هذا المقال بتغطية ثيمات مسابقة الأفلام الطويلة والقصيرة على أمل أن نغطي بقية المسابقات في ريبورتاج قادم. يُفتتح المهرجان بفيلم "الرجل الذي باع جلده" للمخرجة التونسية كوثر بن هنيّة، وقد حصد هذا فيلم شهرة واسعة في عدد من المهرجانات السينمائية العربية والأجنبية مثل مهرجانيّ فينيسيا والجونة. وفي الآتي قراءة سريعة لثيمات وموضوعات الأفلام الروائية والوثائقية الطويلة التي تتنافس على جوائز مهرجان مالمو للسينما العربية.

2361 مهرجان 1

سؤال الوطن والقدرة على التكيّف والاندماج

يرصد المخرج اللبناني وسام طانيوس في فيلمه الوثائقي "نحن من هناك" قصة شقيقين مختلفَين في الشخصية والبناء الفكري. فجميل نجار نشيط ومليء بالحيوية يقتفي أثر والده، وحينما تغرق سورية في مستنقع الحرب يقرّر القيام برحلة غير شرعية إلى السويد. أمّا ميلاد فهو عازف بوق حالم يريد البقاء في دمشق لكنه لا يستطيع أن يصمد أكثر فيقرر، هو الآخر، المغادرة إلى برلين. ويقوم ابن عمهما وسام بتصوير رحلتهما على مدى أكثر من خمس سنوات مستعيدًا ذكريات الطفولة وملاعب الصبا، ويثير في أعماقهما سؤال الوطن، وقدرتهما على التكيّف في البلد المضيّف لهما رغم الفوارق الثقافية والاجتماعية والأخلاقية والنفسية. تنتقل كاميرا المصور في عدة بلدان تبدأ بدمشق، وتمرّ ببيروت، وأثينا، وبرلين وتنتهي بستوكهولم.

بينما تدور قصة الفيلم الروائي "تحت الخرسانة" للمخرج اللبناني روي عريضة في عام 2015 حول شاب يبلغ من العمر 32 عامًا يعمل كمندوب مبيعات لكنه سرعان ما يشعر بالملل من وظيفته الرتيبة بينما ترزح بيروت تحت وطأة السيارات المفخخة التي تنفجر هنا وهناك، فيقرر أن يبحث عن مَخرج، ولم يجد أمامه سوى رغبة شديدة في تحطيم الرقم القياسي العالمي للغوص. تخرّج روي عريضة في جامعة لافيميس بباريس وأنجز عدة أفلام وثائقية وقصيرة من بينها "بعدنا".

فيما تنهمك المخرجة الفرنسية لينا سويلم المنحدرة من أصول جزائرية- فلسطينية بفيلمها الوثائقي "جزائرهم" الذي يتمحور حول جدّيها مبروك وعائشة اللذين قررا الانفصال بعد 62 سنة من الزواج والعيش المشترك حيث قدِما إلى مدينة "تيير" الفرنسية في وسط فرنسا، وعاشا حياة المهاجرين بما لها وما عليها، وأخيرًا قررا الانفصال والتأمل في رحلة المنفى الطويلة من دون أن تنسى الحفيدة استعادة الزمان والمكان الجزائريين.

يأخذنا المخرج  السعودي عبد العزيز الشلاحي في فيلمه الروائي "حد الطار" أو "دفّ القصاص"إلى قصة خيالية مركبّة، فالحدّ يعني تنفيذ الحكم، والطار يعني الطبل، وعلى المُشاهد أن يضع هذه المفارقة نصب عينيه وهو يرى "شامة" التي تسكن في حي فقير في الرياض، وتجد نفسها في مأزق فتضطر إلى الغناء في الأعراس لمساعدة والدتها على جمع الديّة لتفادي زواج غير مرغوب فيه. يؤكد الشلاحي بأن هذه القصة حقيقية وقد حدثت في منطقة قريبة من محل سكناه وقد رأى بطليّ القصة، السياف والمطربة، على أرض الواقع، وتَمثّل قصتهما من كثب. بلغ رصيد الشلاحي ستة أفلام نذكر منها "عطوى"، "كمان"، و"المغادرون".

تتناول المخرجة المغربية أسماء المدير في فيلمها الوثائقي "في زاوية أمي" صورة قديمة لبطاقة بريدية عثرت عليها مصادفة بين أغراض والدتها فقررت أن تُحيي هذه القصة الرائعة، وتبعث فيها الحياة. فالزاوية هي القرية التي تقع شمال المغرب غادرتها الوالدة حين كانت طفلة ولم تعد إليها أبدًا. غير أن أسماء هي التي قررت الذهاب إلى تلك القرية النائية، والشروع في البحث عن ماضي والدتها وتاريخها الشخصي مهما كان صغيرًا. تُرى، ما الذي سيحدث لأسماء لو أن والدتها لم تغادر القرية، وكيف ستكون حياتها، وهل ستنغمس في قضايا التحرر والهجرة والانفتاح على العالم الخارجي، وملامسة الحريات الشخصية والعامة شأنها شأن أي امرأة متحررة تعيش على وجه البسيطة. أنجزت أسماء المدير عددًا من الأفلام المهمة من بينها "ألوان الصمت" و"الرصاصة الأخيرة".

2361 مهرجان 2

فيلم الافتتاح.. الرجل الذي باع جلده

تتابع المخرجة التونسية كوثر بن هنيّة الشاب "سام علي" الذي فرّ من سورية بسبب الحرب المشتعلة هناك وتوجّه إلى لبنان حالمًا بالسفر إلى أوروبا كي يلتحق بحبيبته "عبير" ويتزوجا هناك. يرتاد في بيروت معارض الفن التشكيلي ويتلقّى عرضًا غير متوقع، إذ يطلب منه فنان أوروبي معاصر أن يشتري ظهره، ويعرضه للجمهور كقطعة فنية حيّة بعد أن يرسم جواز سفره على ظهره. ترى، هل يمكن أن يكون هذا العرض الغريب تذكرة حقيقية إلى الحرية؟ أم أنّ بيع "الجلد" سيطعن كبرياء أي مواطن سوري ويثير حفيظته؟ رُشح هذا الفيلم إلى الأوسكار وتبدو حظوظه في الفوز كبيرة حتى الآن. أنجزت كوثر عددًا من الأفلام الجريئة والمهمة من بينها "الأئمة يذهبون إلى المدرسة"، "على كف عفريت"، و"بطّيخ الشيخ".

يركِّز المخرج التونسي حمزة العوني في فيلمه الوثائقي "المدسطنسي" الذي يعني "المُستبعَد" أو "المنفي" على حياة "محرز" لمدة 12 سنة يبدأها بعام 2005، ومحرز هذا شاب مدمن على المقامرة في سباق الخيل، لكنه في المقابل موهوب في مجاليّ الرقص والمسرح. يرصد العوني هذه الشخصية التونسية المسكونة بالتناقضات، فهو يجمع بين الإرادة والطموح، واليأس والإحباط. وعلى الرغم من الصعوبات الجمّة التي يواجهها كالسجن أو التشرّد في أوروبا، والحب المحظور الذي يمارسه إلاّ أنه يلهث وراء شغفه الفنيّ. سبق للعوني أن أنجز "جمل بروطة" ، و"الحقيقة بالأبيض والأسود".

يحوّل المخرج التونسي غازي الزغباني مسرحية "الهربة" 2018 إلى فيلم سينمائي يحمل الاسم ذاته بعد أن أدخل عليه بعض التعديلات الطفيفة مُحافظًا على ثيمة المسرحية وشخصياتها. تتمحور قصة الفيلم على شاب محافظ تُطارده الشرطة التونسية عبر أزقة أسواق تونس القديمة فيجد نفسه مضطرًا للاختباء في  غرفة عاهرة في بيت للدعارة بالمدينة، ويلتمس مساعدتها على الرغم من الخلاف الكبير بين معتقداته الأخلاقية وطريقتها لكسب النقود، ويزداد الأمر تعقيدًا حين تستقبل المومس زبونًا عاديًا لا يحمل أفكارًا آيدلوجية محددة.

ليس غريبًا على المخرجَين طرزان وعرب ناصر أن يقدّما فيلمًا دراميًا رومانسيًا فغالبية قصصهما تلامس قضايا المواطن الفلسطيني البسيط. فعيسي، صياد السمك، الذي يبلغ من العمر 65 عامًا يقع في حُب سهام الخياطة ويحاول أن ينفِّس عن مشاعره العاطفية المكبوتة لكنه يعثر في شباك صيده على تمثال أبولو فتطالب "حماس" بوضع يدها على هذا التمثال.

2361 مهرجان 4

أفلام جريئة تعالج ثيمات محظورة

يضعنا المخرج المصري أمير رمسيس في فيلمه الروائي "حظر تجوّل" أما شخصيتين متنافرتين وهما فاتن التي خرجت من السجن بعد 20 عامًا من ارتكابها جريمة قتل زوجها لأنه اعتدى على ابنتها الصغيرة ليلى وسلبها أعز ما تملك. والثانية هي ليلى التي تظن أن الأم مجرمة قتلت والدها لسبب ما قد لا يستحق القتل فتنفر منها ولا تستطيع أن تتحملها لمدة ليلة واحدة فقط بسبب حظر التجوال الذي سيُرفع غدًا صباحًا. فتحاكمها من جديد إلى أن تأخذ الأحداث منحىً آخر وتعود المياه إلى مجاريها. عُرض هذا الفيلم في مهرجان القاهرة الدولي سنة 2020 وحصلت فيه الفنانة إلهام شاهين جائزة أفضل ممثلة. أنجز أمير رمسيس عددًا من الأفلام الروائية والوثائقية من بينها "خانة اليك"، "بتوقيت القاهرة"، "عن يهود مصر"، "ورقة شفرة" و "آخر الدنيا".

من محاسن المهرجانات العربية في أوروبا أنها لا تجد حرجًا في عرض أي فيلم يتناول الحب المحظور، أو زنا المحارم أو المثلية أو السحاقية وما إلى ذلك. وفيلم المخرج المغربي محمد مُفتكر "خريف التفاح" يتناول مثل هذه الثيمة. فسليمان، صبي صغير لم يعرف أمه التي اختفت في ظروف غامضة عندما كان عمره سنة واحدة لا غير. ينكره والده لاعتقاده بأنه ثمرة علاقة سفاح القربى فيقرر سليمان التحقق من هذه الحكاية فتختلط الحقيقة بالخيال. أنجز مُفتكر عدة أفلام قصيرة وطويلة منها "ظل الموت"، "رقصة الجنين"، "بُراق" و "محطة الملائكة".

يؤسطر المخرج الفلسطيني أمين نايفة قصة فيلمه الروائي "200 متر" من خلال شخصية مصطفى الذي يقطن في الضفة الغربية ويرفض الحصول على الجنسية الإسرائيلية لأنه من عرب 48، ويتحمل بالمقابل أعباء رحلة شاقة وطويلة يوميًا نحو الحاجز الحدودي الإسرائيلي حيث تقطن عائلته في الجانب الآخر. ورغم أن المسافة لا تتجاوز 200 متر إلاّ أنها تتحول إلى رحلة ملحمية تصل إلى 200 كيلومتر يتحملها يوميًا على مضض. أخرج نايفة قبل هذا الفيلم شريطين قصيرين وهما "زمن معلّق" و"العبور".

2361 مهرجان 5

مسابقة الأفلام القصيرة

أمّا مسابقة الأفلام القصيرة التي تمثل ثماني دول عربية وهي مصر والسودان وفلسطين والأردن ولبنان وقطر والكويت والمغرب فقد 17 فيلمًا قصيرًا بواقع 15 فيلم روائي وفيلمين وثائقيين. كما تألفت لجنة تحكيم من المخرج والمنتج اللبناني مانون نمور، والمخرجة والمنتجة المصرية ماجي أنور، والناقد السينمائي الجزائري فيصل الشيباني، والناقد السينمائي البحريني طارق البحار، والممثل الإماراتي منصور الفيلي.

2361 مهرجان 6

انتقاد القيم البرجوازية المغربية

يستكشف المخرج المغربي محمد عواد في فيلمه "برج الصمت" شخصية مراد، الشاب المغربي الذي يعيش في عزلة مطبقة في مزرعة والديه  لكن أسرته تُدرك أن عواقب الماضي تفوق التخيّل. وأكثر من ذلك فإن الفيلم ينتقد القيم البرجوازية المغربية، ويتقصّى العنف والتهديد الخفي للأصولية في المغرب وفي أماكن أخرى من العالم. سبق للمخرج محمد عواد أن أنجز فيلم "من الواد لهيه" عام 2011 وفاز بجائزة النجمة الذهبية لأفضل فيلم مغربي قصير ضمن مسابقة "سينما المدارس" في الدورة الحادية عشرة لمهرجان مراكش السينمائي الدولي.

يتكئ الفيلم الوثائقي المعنون "الأشرطة بدأت تتحلل" للمخرجة اللبنانية ريدة فنيش على فكرة ميتاسردية مفادها أن ريدة ترِث المتعلقات الشخصية لعمها الذي يتوفى في عام 2017 حيث تكتشف شرائط كاسيت مهجورة سجلتها عائلتها خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990). وهذا يقودها إلى تصوير رحلته "المأساوية"  من خلال الصور القائمة على الملاحظة ومقاطع الصوت المتحللة. تنهمك ريدة حاليًا في العمل على إنجاز فيلمها الثاني "مظهر خلل".

يشارك المخرج المصري شريف البنداري بفيلم "الأحد الساعة الخامسة" الذي يتمحور حول هديل، وهي امرأة في الثلاثينيات من عمرها تعيش في القاهرة وتشهد نقطة تحوّل في حياتها حينما تقوم بتجربة أداء لفيلم مع مخرج مصري معروف. يزواج المخرج في هذا الشريط بين تقنيتي الفيلم الروائي والوثائقي. أنجز البنداري قبل هذا الفيلم ستة أفلام من بينها "صباح الفل"، "في الطريق لوسط البلد"، "حار جاف صيفًا" إضافة إلى فيلمه الروائي الطويل الأول "علي معزة وابراهيم".

يتناول المخرج المصري علاء سامح ثيمة الحُب من زاوية أخرى في فيلم "أخشى أن أنسى وجهك" فبعد انفصالة لمدة 82 يومًا يسافر آدم في طريق وعرة ليجمع شمله بمن يحب، مهما كلّف الأمر. أنجز علاء فيلمًا قصيرًا يحمل عنوان "خمسة عشر"، كما عمل مخرج مساعد في عدد من الأفلام الروائية.

2361 مهرجان 7

مواجهة أوهام الشهرة

يلتقط المُخرجان الأردنيان الشابان غيث وليث العدوان ثيمة طريفة تتمحور كاتب أردني يُدعى نجيب في أواخر الخمسينات من عمره يعتقد واهمًا بأنه أشهر كاتب عربي على الإطلاق. يعتمد نجيب في قراراته على ابنه نور البالغ من العمر 11 عامًا، ولكنه بعد إطلاق حفل الكتاب الذي لم يرقَ إلى مستوى توقعاته العالية جدًا يضطر إلى مواجهة أوهامه التي عانى منها طوال فترة الشهرة الزائفة التي رسمها في ذهنه الحالم.

تنتقي المُخرجة السودانية سوزانا ميرغني قضية الزواج المدبّر، وترصد من خلاله قصة نفيسة البالغة من العمر 15 عامًا والمعجبة بالشاب بابكر لكن والديها رتّبا زواجها من نادر، وهو رجل أعمال شاب يعيش في الخارج. تتواجد في البيت سيدة قوية هي جدة نفسية لديها من الخبرة والخطط ما يفوق تصورات العائلة برمتها عن مستقبل نفيسة، لكن السؤال الأهم هو: هل تستطيع نفيسة أن تختار بنفسها بعيدًا عن كل المؤثرات الأسرية المعروفة في القرى السودانية التي تعتاش على الزراعة؟ أنجزت سوزانا فيلمين هما "كارافان" و "أحلام هند".

يستمد المخرج المصري ساندرو كنعان قصة فيلمه "الخد الآخر" من هجوم شرس يقوم به كلب الجيران على ابنة نشأت الذي يشعر بالحزن حينما يسمع بأنّ ابنته هي التي حرّضت الكلب على هذا الهجوم. ثم يدخل في مواجهة مع زوجته السابقة وتأخذ الأمور منحىً آخر.

تأخذنا المخرجة التونسية ميرفت مديني كمون في فيلمها Star Dust "سحر" حيث يصبح التواصل مع الأرواح ممكنًا في المستقبل القريب بفضل التكنولوجيا المتطورة. وثمة رجل حزين يرغب في الاتصال بزوجته الراحلة لكن اجتماعًا غامضًا سوف يغيّر كل شيء. أنجزت الدكتورة ميرفت عددًا من الأفلام القصيرة، وفاز فيلمها القصير "نجمة" بجائزة في مهرجان مومباي السينمائي.

تعود بنا المخرجة الكويتية هيّا الغانم في فيلمها الوثائقي القصير إلى أبرز المحطات في حياة الفنانة ليلى عبدالعزيز وقصتها الحقيقية، فهي رائدة الموسيقى في الخليج العربي وأحد مكونات تاريخ الكويت الفني، وقد سطع نجمها في ستينات القرن الماضي ومايزال صداها يرنُّ في الأسماع وخاصة أغنية "وشعلامك بالإسمرانية ولو / لا إله إلا إالله تسمح النية ولو / يا من سلبته من الصغر قلبي / قلبي صويب اليوم ارحم شوية ولو".

2361 مهرجان 8

معانقة الحب الحقيقي

أكثر من فيلم يذكِّرنا بالطبقة البرجوازية في عالمنا العربي حيث تصحبنا المخرجة اللبنانية دانا عبدالصمد في فيلم "أميجدالا" إلى منزل فريد وأمل، هذه العائلة الراقية التي تعيش حياة مخملية لكن نوبات فقدان الذاكرة تأخذ من فريد مأخذًا كبيرًا، فيفقد الإحساس بالواقع، ويهيم في عالمه الخاص بعيدًا عن القيود المجتمعية الصارمة بحيث بدأ يرقص في الأماكن العامة. ترى، ماذا ستختار السيدة أمل، هل تعانق حبها الحقيقي والبرئ أم تتراجع بسبب الخوف من اشتراطات المجتمع المُترف؟

ينطوي فيلم "عائشة" للمخرج المغربي زكريا نوري على بصيص أمل حتى وإن كان ضعيفًا. فعائشة تسكن في منزل تقليدي في ضواحي المدينة وتحيا حياة رتيبة رغم يفاعتها المتفجرة، فهي تقوم بكل الأعمال المنزلية، وترعى والدتها المسنة لكنها تغادر المنزل كل مساء إلى الشارع وتظل منتظرة عبور سائق الشاحنة.

يصحبنا المخرج السوداني هاشم حسن في فيلمه القصير "حفنة من التمور" إلى الطبيعة حيث ينعم صبي صغير بطفولة شاعرية في قرية محصورة بين الصحراء والنيل لكن هذا العالم الجميل سرعان ما يتقوّض عندما يعرف الحقيقة الكامنة وراء ثروة عائلته والموت الحتمي لمزارع معين.

يرصد المخرج المصري محمد خضر في فيلمه المعنون "توك توك" ظاهرة عمل غير مألوفة بالنسة للنساء في المجتمع المصري. فولاء التي يتخلى عنها زوجها ويهرب من البلاد بطريقة غير قانونية لم تجد بُدًا من العمل كسائقة لسيارة التوك توك الصغيرة التي يهيمن على قيادتها الذكور فتتعرض ولاء للسخرية والمضايقة والرفض الاجتماعي لكنها تُصرُّ على القتال كي لا تغرق في الديون.

تتجسّد اللوعة في فيلم "الهدية" للمخرجة الفلسطينية فرح النابلسي فهي ترصد في هذا الفيلم ثيمة مرهفة تتمحور على يوسف الذي ينطلق هو وابنته الصغيرة لشراء هدية لزوجته في ذكرى زواجهما لكن الطريق إلى السوق ليست مريحة فثمة جنود، وعساكر، ونقاط تفتيش تعترض هذه الرحلة الإنسانية وتجعلنا نتساءل: هل يستطيع هذا الزوج أن يقتني هديته المُرتقبة أم يعود خالي الوفاض؟ أنجزت فرح عددًا من الأفلام القصيرة من بينها "اليوم أخذوا ابني" وعُرض في مهرجان أدمنتون السينمائي الدولي.

تتناول المخرجة القطرية آج آل ثاني في فيلمها القصير "الحجاب الأسود" قصة ريم، وهي شابة عراقية من الموصل تهرب من منزلها في منتصف الليل بعد إجبارها على الزواج من أحد عناصر داعش الإجرامية. ويساعدها سائق تاكسي في عملية الهروب من الموصل والعثور على أسرتها من جديد. أنجزت آج آل ثاني قبل هذا الشريط فيلم يحمل عنوان "قشطة".

2361 مهرجان 9

تحاول الفنانة التونسية أنيسة داوود في فيلمها "الحمّام" أن ترصد مسألة رعاية الأطفال من زاوية معكوسة حيث يجد عماد نفسه وحيدًا لأول مرة بعد رحلة زوجته للعمل وسيكون مضطرًا لرعاية ابنه هادي ذي السنوات الخمس لبضعة أيام. غير أنّ هذه الفرصة النادرة في حياة الأسرة ستكشف في عماد جانبًا مظلمًا مرتبطًا بسر من الطراز الثقيل. جدير ذكره أن أنيسة ممثلة عصامية جريئة جسّدت العديد من الأدوار. و "الحمّام" هو فيلمها الثاني  بعد شريط "أفضل يوم على الإطلاق".

يتتبّع فيلم "الحاجز" للمخرجة اللبنانية داليا نمليش قصة الناشطة اللبنانية فرح وصديقها الفرنسي اللبناني أنطوني اللذين يتمّ إيقافهما عند حاجز على الطريق الذي يسيطر عليه مسلحان من المليشيات ويبحثان عن سبب لخلق مشكلة مع فرح. عُرض هذا الفيلم في مهرجان الجونة بدورته الرابعة.

 

عدنان حسين أحمد

 

 

 

رنا خالد"التعليم عن بعد" هو مفهوم متداول بين أصحاب الشأن منذ مدة وليس غريبا على الاسرة التعليمية بكافة مراحلها، ففي أواخر سبعينيات القرن المنصرم بدأت بعض الجامعات الأمريكيّة والأوروبيّة العمل به حيث كانت ترسل الموادّ التعليميّة المختلفة على شكل كتب أو شرائط فيديو أو شرائط تسجيل للطلاب عبر البريد، وبعد ذلك يرسل الطالب بدوره الواجبات المفروضة عليه بنفس الطريقة، وفي النهاية كان لا بدّ من حضور الطالب بنفسه إلى مقر الجامعة ليقدم الامتحان النهائي ويتسنى له بعدها نيل شهادة التخرج، ثمّ تطورت طرق التواصل لتصبح عبر قنوات الكابل والقنوات التلفزيونية في أواخر الثمانينيات، ثمّ ظهرت شبكة الإنترنت في أوائل التسعينيات فكانت وسيلة جيدة ومناسبةً للاعتماد عليها في هذا النوع من التعليم.

اذن، فان للتعليم عن بعد تاريخ عريق، وقد استفاد منه المجتمع كثيرا في الظروف الطارئة، لكن هذا النهج التربوي له تحديات عديدة.. أبرزها معاناة العوائل في تلقي التعليم بهذه الطريقة، وقد التفتنا الى هذه الجزئية التي تمثل موضوعًا شغل فكر الكثير من العوائل العربية وغيرها، فالتعليم عن بعد مشكلة من مجموعة مشاكل جاءت بعد انتشار فيروس كورونا عبر العالم، تأثرت به العديد من فئات المجتمع، غير ان الفئة الأكثر تضررا كان الطلبة وخاصة الأطفال في سنواتهم الدراسية الأولى كونهم، بأمس الحاجة الى المدرسة وهي المكان الأمثل للتعليم، وفي ضوء ذلك أجرينا حوارا مهما، يوم الخميس 11/ اذار / 2021 عبر رابط الزوم مع مجموعة من الأمهات، استضفنا فيه الكاتبة التونسية والباحثة في مجال الارشاد التربوي أ. اشراف بن مراد تحت عنوان (الأمهات وتحديات التعليم عن بعد).

 ما بعد كورونا

وبين سلبيات الموضوع وإيجابياته والتحديات التي يواجهها العالم عموما والعالم العربي خصوصا، سألنا أ. اشراف عن جانب مهم:

** ما هي تحديات وصعوبات التعلم عن بعد التي تتعرض لها العائلة بعد ازمة كورونا؟

2364 حوار 1ـــ هذا الموضوع ذكرني في رسالة الماجستير التي حصلت عليها، وتناولت فيها الجامعة الافتراضية فكانت تحت عنوان (تمثلات المجتمع الطلابي التونسي للجامعة الافتراضية) حيث فتحت لي بابا لفهم عملية التعلم عن بعد بكل ما تحتويه من خلفيات نفسية وأبستمولوجيا (دراسة فلسفة المعرفة). توصلت الى نتيجة علمية ان الطلبة الجامعيين كانوا يرفضون التعلم عن بعد لحبهم للحياة الجامعية، فكيف للأطفال وتعلقهم بالمدرسة واجوائها الخاصة حيث اخذت تصوراتهم لأني لم أجد شيئا على ارض الواقع.. واليوم نرجع الى نفس الموضوع الكثير من الدول كانت تدعي تطورها بهذا النظام، لكن وبعد جائحة كورونا ينطبق المثل القائل (ذاب الثلج وبان المرج) والصعوبات التي تواجه العوائل ككل هو توسع المشكلة في الدول العربية تحديدا وفي النظام التعليمي يعود الى ان بعض الدول العربية وحتى غير عربية ومنذ عدة أعوام تعيش صراعات وحروب داخلية وخارجية وفساد عام واجهت صعوبة أكبر لضعف البنى التحتية المتعلقة بتكنلوجيا الاتصال لديها. ورغم التطور التكنلوجي الحاصل في العالم لم تتم الاستفادة منه. حيث اليوم مرة على انتشار فيروس (كوفيد – 19) أكثر من سنة ولا تزال بعض الدول تعاني من تخلف واضح في تعامل مع البرامج الحديثة لخدمة الطلبة في المدارس مع ضعف مهارات المعلم في استخدامها.

** هل أصبح التعليم عن بعد عبئا على العائلة وواجب إضافي من واجباتها اليومية؟

ـــ بصراحة نعم وخاصة على الام في عملها تبقى بقلق على سير دراسة أبنائها وربما يتصلون بها لأخبارها عن بعض المشاكل التي تواجههم وهذا يقلل من مردودها الوظيفي وأيضا يضعف نفسيتها، خاصة وان ازمة كورونا لازالت مستمرة وهذا يشكل ضغوطات كثيرة إضافية. وهناك للطلبة حتى قبل كورونا مشاكل وخاصة مع الطالب الضعيف الذي كان يعتمد على مساعدة الاهل.

** نصيحة للام لتعزيز الجانب النفسي

ـــ لا تهتم دوما بالعلامات العالية وتنسى جوانب مهمة، منها ان يتعلم ابنها عمل الواجب بنفسه وكتابة درسه بنفسه حتى وان لم يكن خطه جميل، تعليمه ان يتحمل حل مشكلات التي تواجهه اثناء الدرس بنفسه، لان الام أيضا لديها عملها. عليها ان لا تتوتر في وقت الامتحانات وتتحول من حالتها الهادئة الى حالة العصبية لذلك ينقل الى ابنها ويقلقه، وهنا نحتاج من المعلم أيضا تغيير طريقة إعطاء الدرس في مثل هذه الظروف الصعبة وبعض المدارس لاحظنا استعداده السريع باتخاذ الخطوات الناجحة بإيصال المادة الدراسية.

هذا جانب وهناك جانب البيت والذي يتعمد بصورة كبيرة على الام والتي واجهتها انا شخصيا كعمل جو مدرسي يساعد الطالب على الشعور بالمدرسة وكذلك تركهم يتعلمون بوحدهم دون التجمهر قربهم، وان يستوعب الاهل قبل ابنهم طريقة الدراسة الجديدة، أحيانا نسمع ونشاهد تدخل من جانب الاسرة بالطريقة والمعلومة التي يعطيها المعلم وهذا يدل على ان العائلة العربية لم تستوعب تعلم أبنائها بهذه الشكل بعد. واضيف هناك اختلاف بين اسرة وأخرى ودولة وأخرى وحتى بين الدول العربية نفسها والغربية أيضا يوجد تفاوت.

2364 حوار 2إيجابيات التعليم عن بعد

وعن هذا الجانب كان هناك مداخلة للسيدة سوزان المناصرة وهي اردنية، تعمل مسؤولة مصادر التعلم (امينة مكتبة) في قطر حيث تحدثت عن تجربة التعليم عن بعد، فقالت ان فيها العديد من الإيجابيات منها زمانية وأخرى مكانية وأيضا مادية، وتعتقد ان التعلم عن بعد سوف يستمر حتى بعد زوال فيروس كورونا، لأنه كانت تستخدمه دول عديدة في البحوث والدراسات الاكاديمية وهو يوفر الوقت والمال ويعطي فرص للتطور وازدياد المعلومات. لكن مع تقدم الوسائل يجب تحديث المناهج لتكون بالمستوى هذا التفاعل عبر أدوات التكنلوجيا الحديثة.

الطالب والمدرسة

2364 حوار 3اما الأستاذ زياد القيسي وهو ناشط اجتماعي وتربوي ومهتم بشؤون الطفل واليتيم، فقال ان المشكلة تكمن في الازدواجية بالمكان والتي أصبحت واحدة من معاناة الطالب وبالأخص صغير السن ومن أثقل هموم عائلته داخل (مدرسة البيت) إذا جاز التعبير، وبنفس الوقت أمست تحدٍ كبير للكادر التعليمي الذي يتولى الاشراف على تدريسه. فالطالب وجد نفسه برغبة أو بدونها يدرس ويلعب ويمارس روتين حياته أغلب أيام الأسبوع بنفس المكان الذي يعيش فيه، لذلك وجد صعوبة في الفصل بين أجواء المدرسة العلمية والعملية بأوقاتها المحددة من جانب وبين جو البيت الأسري من جانب آخر، مع حصول تعديل في الأمر وهو تحول أخوته الصغار الى زملاء في الصف وبدون رغبةٍ من جميع الأطراف بكل تأكيد.

أما أفراد الأسرة وخاصةً الأم فالازدواجية التي تعاني منها في التعامل مع تلاميذها الجدد، تكمن في شدتها في معاملتهم ومراقبتهم وتوجيههم أثناء الحصص ومن ثم العودة الى رقتها المعهودة مع أول وجبة طعام تعدها لهم بعد انتهاء وقت الدراسة، وهذا ما يولد ضغط نفسي وصعوبة في مسك عجلة قيادة الطفل وتدويرها كما يجب لتسلك طريقًا آمنًا في كل حين، وأحيانًا قد تخرج الأمور عن السيطرة عندما يتعامل أحد أفراد الأسرة بطبيعته البشرية الفطرية بعيدًا عن ضبط مقاييس الأعصاب وخصوصًا الوالدين.

أما الازدواجية التي تحصل بالنسبة للكوادر التعليمية، فبالإضافة الى إعطائهم للدروس بطريقة غير تقليدية ( عن بعد ) فقد أصبحوا يقضون طيلة ساعات يومهم مع الطلبة سواء بشكل مباشر من خلال الدرس أو من خلال التحضيرات لهم بقية ساعات اليوم، مع تولد ضغوطات أخرى في العمل كمراقبتهم من قبل الأهل خلال الدروس عبر الكاميرا ومحاولة فرض شخصية المعلم إزاء تحركات الطلبة وهم في داخل بيوتهم وكذلك توزيع ساعات الحصص بين زملاء المهنة وتخصيص فترات الاستراحة والتنسيق مع الإدارة بهذا الخصوص، آخذين بنظر الاعتبار انهم أيضًا أولياء أمور لأولادهم الطلبة وبنفس أوقات الدروس وكان الله في عون الجميع .

في الختام

وكما ذكرنا في البداية، ان التعليم عن بعد ليس بالأمر الجديد فهو موجود وتستخدمه دول عديدة لكنا وجدنا هناك أهمية للخوض بموضوعه لأعمار الأطفال من 6 – 10 تقريبا كون المدرسة تشكل عندهم جزءا مهما من حياتهم العامة والخاصة، حيث يشعر التلاميذ أنها بيتهم الثاني الذي يتعلمون فيه ويقيمون الكثير من الصداقات ويكسبون العديد من المهارات، وهي تمنحهم التربية والتعليم بذات الوقت ويتعلمون فيها السلوكيات الأساسية وتنضج في عقولهم مفاهيم صحيحة عن الصداقة والمحبة والتعاون والعطاء والإخلاص والصدق.

 

رنا خالد

 

 

2321 سيرجي جورجيفيتشمقدمة للصحيفة الثقافية الروسية:

(ليتراتورنايا غازيتا)

ترجمة: عادل حبه


بحلول آب وكانون الأول عام 2021، تحل الذكرى الثلاثون لإعلان لجنة الدولة للطوارئ الحكومية واتفاقيات بيلوفيجسكايا عن تفكك الإتحاد السوفييتي. ومن المؤمل أن تظهر دراسات اجتماعية جديدة حول هذا الموضوع، علماً أن الصورة العامة غدت واضحة حيث يفتقد المواطنون الاتحاد السوفيتي ويتفقون مع فلاديمير بوتين الذي اعتبر انهيار اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية يمثابة كارثة جيوسياسية رئيسية في القرن العشرين.

في عام 2016، نشر مركز استطلاع الرأي العام الروسي معلومات تفيد بأنه بمناسبة مرور 25 عاماً على الاستفتاء الذي جرى في السابع عشر من آذار عام 1991، إوعبر 64٪ من الروس بكلمة "نعم" بشأن ضرورة الحفاظ على الاتحاد السوفيتي، (في جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفياتية كانت النسبة 71٪).

وفي عام 2018، سجل مركز ليفادا زيادة في الحنين إلى الاتحاد حيث أعرب  66٪ عن أسفهم للانهيار، الذي كان أعلى مؤشر خلال 10 سنوات من استطلاعات الرأي حول هذا الموضوع. ويحري تتبنى فكرة أن الاتحاد السوفييتي "كان من الممكن الحفاظ عليه" من قبل عدد أكبر من المشاركين: 60٪ مقابل 52٪ على التوالي.

وفي الوقت نفسه، تم الإعلان عن مؤشر مهم للغاية في مسح أجراه مركز استطلاع الرأي العام الروسي لعام 2016، ردا على السؤال السري "على من يقع اللوم"، حيث وزع الروس المسؤولية عن الانهيار على النحو التالي: غورباتشوف – 36٪، يلتسين – 13٪ ، الولايات المتحدة والغرب – 2٪ ، "لا أحد يلام" – 1٪ ، ومما يثير أكثر من الاهتمام هو أن 40٪ من المشاركين في الاستفتاء أعربوا عن صعوبة الرد على هذا السؤال.

ومع ذلك ، في روسيا وخارج حدودها، ربما هناك المزيد من "أولئك الذين يجدون صعوبة في الرد على هذا السؤال". وعلى هذا الموضوع خصصت صحيفة ليتراتورنيا غازيتا عموداً جديداً في الصحيفة بمناسبة  مرور ثلاثين سنة على انهيار الاتحاد السوفييتي، حيث ستنشر مواد نقاشية حول أسباب انهياره ووجهات نظر شهود عيان. وتولى سيرجي جورجيفيتش قره ميرزا مهمة البدء بهذه الحلقة النقاشية بالعنوان التالي:

لم يبدأ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1985، بل قبل ثلاثين عاماً من هذا التاريخ

يورد الفليسوف وعالم الاجتماع الإسباني خوزيه اورتيغا غاسيت المقولة التالية:"بالنسبة للتاريخ، لا تعني الحياة السماح لنفسك بالعيش كما يحلو لك، فالعيش يعني بجدية الانخراط بوعي في الحياة، وكأنه مهنتك. لذلك من الضروري أن يهتم جيلنا بوعي كامل بمستقبل الأمة بشكل منسجم". وعند الحديث عن انهيار الاتحاد السوفيتي، يمكن للمرء أن يستعين بالعبارة البسيطة التالية: لقد أصبحت البيريسترويكا عملية خاصة بالحرب الباردة تهدف إلى تمزيق أواصر الشعب". ولكن إذا كانت العودة الى الماضي مشروطة بالنظر إلى المستقبل، فإن هذه الصيغة لا تعتبر كافية.

وعلاوة على ذلك، فإن الاتحاد الروسي بإعتباره نوع من أنواع الدولة القومية فهو على شاكلة الاتحاد السوفيتي السابق، ولكنه بحجم أصغر فقط. هذا يعني أننا مهتمون بشكل حيوي ليس فقط بفهم فلسفة وتقنية التفكك التي كتب عنها الكثير، بما في ذلك من قبل كاتب هذه السطور، ولكن أيضاً في تحديد الأسباب العميقة الحقيقية للأزمة. فلم يتم إضمحلال الإتحاد السوفييتي في عام 1985، بل حتى في عام 1955. لذا، فعند تناول الماضي، سنبدأ  في الواقع ، في إنعكاسه على الحاضر والمستقبل.

تمر روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي بأزمة منذ ثلاثين عاماً، ولم ينتج العديد من علماء الاجتماع ولو مؤلف واحد من شأنه أن يشرح بوضوح للناس ما حدث وإلى أين تتجه البلاد. تعيش المعرفة العلمية وتنمو فقط في المجتمع، لكنها لم تكن موجودة في التسعينيات، ولم يتم إحياؤها في حد ذاتها. لذا أصبح الجيش حشداً منزوع السلاح وفقد فعاليته القتالية.

التصنيع

نحن لم نتعلم من أي درس من دروس الماضي ، بما في ذلك عدم دراسة الغرب بشكل صحيح. وهذه واحدة من الصفحات المفقودة. ويشير ك. بولاني في كتابه الصادر عام 1944 بعنوان "التحول العظيم" عن عملية تشكيل الرأسمالية في الغرب قائلاً:"لقد استحوذ الإيمان بالتقدم العفوي على وعي الجماهير، وإستنارت الأكثرية بالتعصب الطائفي الديني وانخرطت في إصلاح غير محدد وغير منظم للمجتمع. وكان تأثير هذه العمليات على حياة الشعوب فظيعاً لدرجة أنها تفوق أي وصف. في الواقع، كان من الممكن للمجتمع البشري أن يهلك لو لم تُضعف التدابير الوقائية المضادة عمل آلية التدمير الذاتي هذه ".

2322 الاتحاد السوفيتي 1

في عام 1989، اندلعت احتجاجات عمال مناجم دونباس وتشكلت عندها البيئة المناهضة للسوفييت في هذه البيئة أيضًا. لا تتوقف الغريزة الطبقية ولا الفطرة السليمة تقف عند حد أزاء التقهقر والفقر والحرب

لقد حدثت نفس العمليات في بلدنا، ولكن مع بعض التأخير. ولم تلاحظ السلطات ولا الشعب كيف كانت الغيوم تتجمع. وكيف تتحرك صوبنا من جهة الغرب.

لذا فقد تسبب التقدم والتصنيع صدمة في المجتمع. دعونا نوضح الفكرة باقتباس آخر  على لسان مؤرخ الطب النفسي إل سيسه:

"لم تكن أمراض الشيزوفرينيه موجودة على الإطلاق، على الأقل بأعداد كبيرة، حتى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر. وبالتالي، يجب أن يكون ظهورها مرتبطاً بفترة مكثفة بشكل استثنائي من التغييرات في اتجاه التصنيع في أوروبا، في فترة إعادة هيكلة عميقة لطريقة الحياة الإجتماعية التقليدية ، والتراجع أمام أشكال تنظيم اجتماعي أكثر تفرداً وانقساماً ".

وكان على جميع البلدان، وبدرجات متفاوتة، أن تمر "بتغييرات في اتجاه التصنيع". وأصبحت أزمة التصنيع أساساً مشتركاً، بغض النظر عن التشكيلات الاجتماعية. ولكن في الاتحاد السوفياتي، لم تر السلطات ولا الشعب ولا علماء الاجتماع هذه العملية بالغة الأهمية، والتي أثارت انقساماً ضمنياً في المجتمع. ومع ذلك، أصبح هذا الانقسام الضمني عاملاً حاسماً في أزمة النظام السوفييتي.

من الضروري التفكير في هذا العامل الأساسي الذي لم ينتبه إليه مجتمعنا في عقد الخمسينيات وما زال لا يعار الإنتباه إليه.

وفي هذا الصدد، من الضروري الاهتمام بالمفاهيم التي طرحها عالم الاجتماع الفرنسي إي. دوركهايم في نهاية القرن التاسع عشر حول التضامن الميكانيكي والتضامن العضوي. التضامن الميكانيكي هو سمة من سمات المجتمع التقليدي ما قبل الصناعي، إنه مجتمع قائم على الأسرة، وهو عبارة عن خضوع صارم للجماعة، إنه تماسك قوي قائم على القيم المشتركة والضمير الجماعي. أما التضامن العضوي فهو نتيجة التصنيع، إنه التنوع في الآراء والدوافع والوظائف، إنه تكامل المجتمع على أساس التبعية المتبادلة المرتبطة بتقسيم العمل.

بحلول نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، بقيت علائم التضامن الميكانيكي فقط في الريف والجيش. وعلى العموم، شرع المجتمع السوفييتي بتصفية التضامن الميكانيكي، آخر تضامن متماسك للمجتمع. ونحن لم نر ما يحدث، ولم ندركه.

عملية الاضمحلال

في عام 1956، كنت أتلقى الدراسة في جامعة موسكو ، وإليكم ما حدث: فقد أعلن طلاب إحدى كليات العلوم الإنسانية مقاطعة المقصف، لم تعجبهم النقانق. وصل سكرتير لجنة الحزب وبدأ بالحديث: طريقتكم عديمة الجدوى، هناك طرق أخرى. اعتصم الطلاب بالقرب من المقصف ولم يسمحوا لأي شخص بالاقتراب منه. وجرت محاولات لإقناعهم، وإرهابهم، وتقديم الوعود.. ولكنهم علقوا الشعار التالي: "إذا كنت لا تريد أن تأكل مثل الماشية، فعليك المشاركة بدعم المقاطعة!" وتوجهنا إلى كليات أخرى لتحريكها. اعتبرت أن فكرتهم التي صدمتني بأنها غبية، تمت صياغتة شعار آخر على النحو التالي: "سنهز هضاب لينين". لم يفهم المحتجون حتى لماذا أدى مقاطعة البعض للبوفيه إلى هروب كل قيادة جامعة موسكو. وقام رئيس الجامعة الأكاديمي أ. بتروفسكي والأساتذة القدامى وحتى الطهاة بتحذيرهم، ولكن كل ذلك مر بدون جدوى.

نعم، كان رئيس الجامعة في حيرة من أمره. الأطفال المدللون يتمردون على أسرهم! وقال رئيس الجامعة في اجتماع لجنة الحزب: "بعد كل شيء ، كان كل شيء على ما يرام معنا، وفجأة حصل الإضراب!"، كما تحدث عن أشياء اعتاد الحديث عنها، على سبيل المثال، عن الدروس العملية في المختبرات.. وفقد أعصابه وقال: "فجأة - إضراب! لا أعلم ماذا سيحدث غدا! إنه لمشهد مخيف! لا نعرف البيئة التي نجد أنفسنا فيها الآن .. إنها تخيفني! ".

2322 الاتحاد السوفيتي 2

في عام 1955. في الصفوف لمنظمة للمتظاهرين ، لم يكن الانقسام في المجتمع واضحاً بعد

أخبر الأساتذة الطلاب بطريقة بسيطة: المقاطعة تعد تحد سياسي. ولكن لم يفهم طلاب العلوم الإنسانية أساتذتهم. ولم يفهموا الإختلاف بين أساليب "المجتمع -الأسرة" عن أساليب "المجتمع - السوق". إن هؤلاء الأشخاص بالتحديد، الذين لم يفهموا مثل هذه الأشياء، أصبحوا في المستقبل النخبة الإنسانية في مجتمعنا. في الواقع، لقد قتلوا المجتمع، ولم يعرفوا ماذا كانوا يفعلون. لهذا السبب كان رئيس جامعة موسكو الحكومية خائفاً - لقد رأى في ذلك نهاية العالم.

تدريجياً، ظهرت مجموعات غريبة من الطلاب والأساتذة، حيث بدأت معاداة السوفييت الغريبة علينا بالظهور، على الرغم من أنه النادر أن يسمع المرء حججاً حول عدم قابلية النظام الذي يحكم الدولة، وكان هناك أيضاً من تحدث عن الحاجة إلى القيام بثورة، وسماهم أحد الطلبة بـ "ثورة الشيوعيين الأماجد". في المختبر مساءً، تباجل الطلاب الحديث وتناقشوا - ولكن هل كان من الممكن التعامل مع التصريحات الخطيرة بدرجة مناسبة من الإنتقاد، ففي النهاية، كان هؤلاء هم رفاقنا الطيبون ... إنهم عائلتنا!.

والآن، بالعودة إلى حكاية النقانق عام 1956 - والصورة لا ترجع حتى إلى عام 1991، ولكن اقرب الينا من عام 1993: في منطقة سفيردلوفسك جرى تبني دستور جمهورية الأورال. وحدث الشيء نفسه في منطقة فولغوغراد. وأعلن أحد "المشرفين على البيريسترويكا" ل. باتكين :"من هو الذي يقدم الصيغة المصممة لروسيا موحدة وغير قابلة للتجزئة؟..... إلى الجماهير الأمية؟ .. أحثكم على التوصل إلى حلول تستند إلى حقيقة أنه الآن ، في موجة آب ، لدينا فرصة تاريخية كبيرة لإصلاح روسيا حقاً . دعونا نهز هضاب لينين!".

قبل فترة سبقت البيريسترويكا، وقبل انهيار الاتحاد السوفيتي  وحتى عام 1993، دخلنا في دهليز مختلف. وبدأ البعض في التفكير وهم فقط تحت أنقاض البلاد، وفي سراديب الموتى.

التضامن

أدت التغييرات العميقة في طريقة الحياة، وهيكلة المجتمع، والثقافة حتماً إلى الانتقال من التضامن الميكانيكي (المجتمعي) إلى التضامن العضوي جراء التصنيع  وتقسيم العمل الجديد والتطور السريع في الصناعة والتعليم، وظهور العديد من المهن التي جعلت المجتمع في وضع متنوع وغير متجانس.

ويمثل الانتقال من التضامن الميكانيكي إلى التضامن العضوي، كضرب من التحضر، ووجه صدمة شديدة. وهذا ما أدى إلى تفاقم الأزمة الثقافية في المجتمع السوفياتي. لقد أصبحت الحرب الوطنية العظمى علامة فارقة في تطور المجتمع السوفيتي. وأفضت الطاقة المتراكمة في الحرب إلى الإبداع والبناء والتنمية – وتسارع عملية التحضر. وإحتظنت المدن الجديدة جيل شباب ما بعد الحرب، ورزقوا بالأطفال.

إننا نتذكر الآن مصدر نمو المشروع السوفيتي، وما هو أساسه؟ إنه نشأ من رؤية الفلاحين. وكانت هذه الرؤية متأصلة إلى حد كبير في "أطفال الحرب"، الذين تذكروا مآسي الحرب والحرمان. لكن أطفال "أطفال الحرب" أصبحوا مراهقين وشباب في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ولم يعرفوا الحرب ولا الكوارث الاجتماعية الجماعية، ولكن السلطات واصلت، كما هو الحال في عقد الخمسينيات، استمرت في الحديث معهم بلغة " شعبوية "،" بشيوعية الفلاحين "... لكن ببساطة لم يفهم شباب السبعينيات والثمانينيات هذه اللغة، وبمرور الوقت بدأوا في السخرية منها.

كانت الاشتراكية التي بناها البلاشفة مع الشعب فعالة كمشروع للناس المنكوبين. لكن هذا المشروع لم يلب احتياجات مجتمع مزدهر، مجتمع عانى بالفعل ولكن نسى المشاكل التي أصبحت من الماضي. في الاتحاد السوفياتي، لم تكن الدولة مستعدة لموجهة هذه الأزمة في المجتمع السوفيتي. ومن سوء الحظ، لم تتعامل العلوم الاجتماعية والإنسانية في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية مع هذه المهمة. وصحيح أن العلم لم يستطيع التعامل معها حتى في روسيا الحديثة. في كتابه حول تقسيم العمل الاجتماعي، أشار دوركهايم إلى أن تغيير نوع معين من المجتمع إلى نمط آخر، والانتقال من التضامن الميكانيكي إلى التضامن العضوي، ترافقه حتماً أزمة أخلاقية عميقة:

"في فترة زمنية وجيزة، حدثت تغيرات عميقة في بنية مجتمعاتنا ؛ فقد تحررت  حرروا أنفسهم من النموذج القطاعي بسرعة وبمقاييس لم يشهدها التاريخ من قبل. لذلك ، ولذا فإن الأخلاق المتناسبة مه هذا النموج شهدت تراجعاً، لكن النمط الآخر لم يتطور بالسرعة الكافية لملء الفراغ الذي خلفته الأخلاق القديمة في أذهاننا. واهتز إيماننا؛ وفقدت التقاليد هيمنتها، وتحرر الإجتهاد الفردي من الاجتهاد الجمعي ... وبدا وكأن الحياة الجديدة قد تفجرت للتو، كانت تنفجر، ولم تكن قادرة بعد على تنظيم نفسها بالكامل. وعلاوة على ذلك، لم تتمكن بعد من تنظيم نفسها بطريقة تلبي الحاجة للعدالة التي استحوذت على أفئدتنا. إذا كان الأمر على هذا النحو، فإن علاج الشر لا يكمن في أي حال من الأحوال في السعي لإحياء التقاليد والعادات بأي ثمن، والتي لا تستجيب للظروف الاجتماعية الجارية، إذ يمكنها فقط أن تعيش حياة مصطنعة ومظهرية. ما نحتاجه هو إنهاء الشذوذ، وإيجاد وسيلة لجعل الأعضاء التي لا تزال تتصادم في حركات غير منظمة تتعاون بانسجام، وتحقق المزيد من العدالة في علاقاتها، وإضعاف مصدر الشر بشكل متزايد، إضافة إلى أنواع متفاوتة من عدم المساواة الخارجية ... وبإختصار، فإن واجبنا الأساسي في الوقت الحاضر هو خلق أخلاق لأنفسنا ".

لذا ، "أوقفوا الشذوذ" - أي التخلي عن عزل الشخصية عن المجتمع، وعن الإحباط ، وعن عدم تنظيم القواعد والمؤسسات.

بالنسبة للعديد من الناس، كان النظام السوفيتي ملكاً لهم، ولكن في الحياة الجديدة في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، أصبح هذا مجرد أسطورة. لم يستطع السوفييت والشيوعيون المخلصون فهم المنظومة السياسية للبيريسترويكا، حيث وجدوا أنفسهم مقيدين بمفاهيم وهياكل عفا عليها الزمن. من الواضح أنه لم يكن لدى أحد تقريباً معرفة حديثة بالعمليات الاجتماعية، ونتيجة لذلك، تبين أن الغالبية عاجزة في ميدان السياسة، سواء من اليسار أو اليمين، أو من الباحثين في العلوم الاجتماعية.

يمكننا القول أنه خلال 15 عاماً من الهزيمة المستمرة للبلاد، كنا، نحن المجتمع، متسترون بضباب كثيف من الجهل. كما أدى هذا الضباب إلى فقدان البصيرة لدى "الشعب البسيط" والعمال  والعاملين في الحزب والأيديولوجيين، أولئك الذين يقع على عاتقهم ضمن واجبهم التواصل المباشرة مع الناس وشرح جوهر تلك اللحظة التاريخية.

2322 الاتحاد السوفيتي 3

طلاب جامعة موسكو يتوجهون إلى الفصول الدراسية عام 1955

في إطار برنامج البحث الدولي "بارومتر الديمقراطيات الجديدة" الذي عقد في آب عام 1996، نُشر تقرير قائدي المشروع R. Rose و K. Harpfer. وتوصلا إلى الاستنتاجات التالية: "في الجمهوريات السوفيتية السابقة، لا أحد يقدم عملياً تقييمات إيجابية لكل النظام الاقتصادي السوفييتي ، وتم إعطاء تقييمات غير إيجابية للنظام الاقتصادي السوفيتي: في روسيا 72٪ ، في بيلاروسيا 88٪ ، في أوكرانيا 90٪."

وهكذا فعل منطق الاضمحلال مفعوله.

الاقتصاد السياسي

لقد تم إعداد أول كتاب مدرسي عن الاقتصاد السياسي للاشتراكية بعد عشرين عاماً من المناقشات حوله؛ أي في عام 1954 فقط! ففي خلال أكثر من ثلاثين عاماً، ظل الاقتصاديون يتجادلون حول "خلافاتهم" حول مضمون الكتاب، وحول تجريدات الآخرين. ولم يلاحظ الأكاديمي ك. أوستروفيتيانوف نفسه، مؤلف الكتاب المدرسي ، هذا الأمر!

في عام 1938 ألفوا نموذجاً للكتاب المدرسي "الاقتصاد السياسي"، وفي عام 1940 تم تأليف نموذجان آخران. وأجّل ستالين النشر قدر استطاعته، وتمت مناقشة الكتاب المدرسي في اجتماعات مع ستالين في عامي 1941 و 1951. (هو نفسه عمل عليها لعدة سنوات). في عام 1941 علق ستالين معلقاً: "إذا بحثتم عن إجابات لجميع أسئلتكم من ماركس، فسوف تضيعون. علينا أن نعمل مع رؤوسنا بأنفسنا، ولا ننخرط في اقتباسات متوترة. لم يستطع ماركس أن يتنبأ بالاشتراكية بكل مضمونها، ولكن يوجد الآن معمل يسمى الاتحاد السوفيتي. لذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار كل تجاربنا الثرية وأن نفهمها نظرياً ".

2322 الاتحاد السوفيتي 4

عقد الخمسينيات، الشعب السوفيتي كان بحمل وجهة نظر "شيوعية الفلاحين"

في عام 1951 جرى نقاش بين الاقتصاديين، وأدلى ستالين بتعليقاته. في عام 1952 التقى بمجموعة من الاقتصاديين، ولكنه توفي في عام 1953. وفي عام 1954 فقط، أي بعد 18 عاماً من إعلان الحزب انتصار الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي، تم نشر كتاب "الاقتصاد السياسي للإشتراكية". وبدأ تفسير اقتصاد اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية تدريجياً في مقولات الماركسية (بتعبير أدق ، في مقولات الرأسمالية) ، وأخذت النظرية تبتعد أكثر فأكثر عن الممارسة، وكان ذلك بداية لمرض خطير أصاب الاتحاد السوفياتي.

دعونا نتذكر أن زعيم الحزب الشيوعي الإيطالي أ. غرامشي ، في مقالته "ثورة ضد رأس المال" (1918) ، عبر عن فكرة مهمة حول الثورة الروسية: "هذه ثورة ضد" رأسمال" كارل ماركس. ففي روسيا، أضحى كتاب ماركس رأس المال كتاباً للبرجوازية وليس للبروليتاريا ".

في القرن الحادي والعشرين، نُشر الكتاب المدرسي "الاقتصاد السياسي" الذي طال إنتظاره في الهند ، وفي الصين ، حيث تابعوا عن كثب المناقشة في الاتحاد السوفياتي حول الاقتصاد السياسي للاشتراكية. وعلقت مقدمة الطبعة الهندية: "كانت هذه الكتب مهمة في شرح الاقتصاد السياسي للرأسمالية، لكنها لم تتحدث عن الأساس الاقتصادي للاشتراكية ... بين عامي 1953 و 1955 ، حدثت تغييرات جذرية في في اقتصاد الاتحاد السوفياتي بروح من الليبرالية الجديدة".

كان لدينا نماذج مختلفة: الاقتصاد السياسي لرأسمالية ماركس، وفي إطار علم الوجود، هناك الاقتصاد السياسي للينين - علم الصيرورة. وعلى هذا الأساس الأيديولوجي، حاولت النخبة الروسية الانتقال من واقع الاتحاد السوفياتي إلى الرأسمالية العالمية. ومن هنا استمر فعل منطق الإضمحلال.

عشنا بعد عام 1955 حالة من القصور الذاتي، ولم يكن أحد في الاتحاد السوفياتي على الإطلاق يتخيل أنه في غضون 30 عاماً، نتيجة البيريسترويكا ، أصبح الجنرال السوفيتي دوداييف والشاعر يانداربييف وعالم المياه باساييف منظمي دولة شبه إرهابية!

يتذكر الجيل الأكبر سناً الإضطرابات التي إقترنت بالبيريسترويكا: قتل الأتراك المسخاتيين في وادي فرغانة، والمذابح في سومگئيت، والحرب في ناغورنو قره باخ مع مذبحة اللاجئين ، والحرب الأهلية في طاجيكستان. وفي يونيو 1992  أصدر زعيم مولدوفا، سنيغور، أمراً بشن هجوم صاروخي على الاحتفالات المدرسية مما أودى بحياة ستمائة قتيل وتشريد 160 ألف لاجئ.

وبعد الأحداث الدموية التالية، وصلت إلى أسماعنا عبارات محيرة من قبل من يطلق عليهم عادة النخبة: "نحن لا نعرف المجتمع الذي نعيش فيه". أو: "كنا في الواقع فاقدو البصيرة نُقاد من قبل مرشدين مكفوفين".

كتب عالم اجتماع الثقافة ل. لونين في عام 1995: "أدى موت الثقافة السوفيتية إلى تفكك صورة العالم التي كانت قد تشكلت لعقود، الأمر الذي لا يمكن إلا أن يؤدي إلى ارتباك هائل وفقدان الهوية على مستوى الفرد وعلى مستوى الجماعة، وكذلك على مستوى المجتمع ككل ".

وقدأعلنت مديرة مركز سيربسكي للطب النفسي الجنائي  وزيرة الصحة السابقة في الاتحاد الروسي ت. ديميترييفا في أحد المؤتمرات عام 2005:" أن مستوى الاضطرابات النفسية قد زاد 11.5 مرة منذ بداية التسعينيات. وإن معدلات الوفيات والمرضى المصابين بالاضطرابات النفسية آخذة في الازدياد، وعلى وجه الخصوص، فإن 80 ٪ من السكتة الدماغية في البلاد حدثت على خلفية الاكتئاب. كل هذه علامات على مرض روحي خطير". وأستطردت دميترييفا: "على مدى العقد الماضي، زاد عدد المواطنين الروس الذين يعانون من اضطرابات نفسية بنسبة 40٪، وفي كل عشر سنوات يزداد عدد أطفال المدارس الذين يعانون من اضطرابات نفسية بنسبة 10-15٪، و بين المراهقين الروس يصل هذا الرقم إلى 70-80٪ ".

وأشار ت. ديميترييفا في مؤتمر "الطب النفسي الاجتماعي للمستقبل" المنعقد في عام 2008: إلى أنه"من الممكن أن يؤدي الوضع الحالي بالتأكيد، بالإقتران مع الأزمة المالية، إلى زيادة عدد الفقراء، وقد تنشأ حلقة مفرغة عندما يتعمق الفقر وعدم إمكانية توفير الرعاية الصحية مما يؤدي إلى تدهور منظومة الرعاية الصحية، بما في ذلك الصحة العقلية. ولذا يجب أن تبدأ جميع مرافق الخدمات النفسية منذ اليوم العمل بجدية بالغة لدعم الحالة النفسية للسكان ".

إن ضغوط نفسية واجتماعية وثقافية جديدة: كالإرهاب الدولي، والموجة العبثية من العنف في أوكرانيا من شأنها أن تعمق من الأوضاع السلبية. ونحن على علم بأن الناس الذين عاشوا الكوارث وتعرضوا لصدمة ثقافية قوية يقعون في دهليز الشذوذ. ولا يختلف الشذوذ الذي اقترن بأزمة التصنيع في القرن التاسع عشر عن شذوذ روسيا الحديثة. وفي مظاهر الأزمة الراهنة، يمكن للمرء أن يخمن مشاكل كل من الاتحاد السوفيتي وروسيا في فترة التسعينيات.

إننا نعلم أيضاً أن الانهيار في الحرب يحدث في لحظة إنعدام التوازن المستقر، حيث يمكن تحريكه بلمسة إصبع. وفي مثل هذه اللحظات، لا تلعب الشروط المسبقة الدور الحاسم ، ولكن فعل "مشعلي الحرائق"، وهم مجموعات اجتماعية صغيرة ولكنها نشطة تقوم بدور "الفتيل".

 

..................

* لجنة الدولة لحالة الطوارئ في الاتحاد السوفياتي،هي سلطة معلنة ذاتياً في الاتحاد السوفياتي كانت موجودة في الفترة من 18 إلى 21 أغسطس 1991. وضمت عددا من كبار المسؤولين في الحكومة السوفيتية. عارض أعضاء لجنة الطوارئ التابعة للدولة سياسة البيريسترويكا التي انتهجها رئيس اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية إم إس جورباتشوف ، وكذلك وقفت ضد التوقيع على معاهدة اتحاد جديدة وتحويل الاتحاد السوفياتي إلى اتحاد كونفدرالي لدول ذات سيادة ، والذي لم يتجاوز 9 من أصل 15 جمهوريات اتحادية يعتزم دخولها. كان المعارضون الرئيسيون للمشروع هم من أنصار رئيس جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفياتية يلتسين .

 

محمد نوحيالتحولات المجتمعية، والمسارات المعرفية

نظمت المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير بشراكة مع مختبر القيم والمجتمع والتنمية التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن زهر المؤتمر الدولي الأول حول "الثورة الرقمية، التحولات المجتمعية، والمسارات المعرفية" عبر تقنية التناظر عن بعد وذلك أيام 25-26-27 مارس 2021. ولأهمية الموضوع وراهنيته، فقد لاقى تجاوبا كبيرا تمثل في مشاركة 92 متدخلا من 13 دولة من القارات الخمس هي المغرب، وأستراليا، وقطر، والسعودية، وسلطنة عمان، والبرتغال، والأردن، والجزائر، والولايات المتحدة الأمريكية، وتونس، والعراق، وفلسطين، وفرنسا.

وقد شكل المؤتمر مناسبة أكاديمية مميزة لتبادل المعارف وتلاقح الأفكار حول النماذج النظرية، والمنهجيات المبتكرة، والتطبيقات الجديدة للتحول الرقمي.كما كان منصة للتفاعل حول التطورات الهائلة في هذا المجال وتقديم مناقشات بناءة حول الفرص المتعددة لأبعاد الثورة الرقمية، وتحدياتها الآنية والمستقبلية، وانعكاسات تكنولوجيا المعلومات الرقمية على كل جانب من جوانب الحياة البشرية.فالثورة الرقمية شكلت طفرة علمية غير مسبوقة في تاريخ البشرية امتدت انعكاساتها بشكل سريع إلى كل مناحي الحياة المعاصرة. وكمظهر من مظاهر التطور التكنولوجي المطرد والتدفق المعلوماتي اللامتناهي، فإن هذه الثورة الرقمية قد فتحت في الآن ذاته إمكانيات غنية وواعدة، وفرضت إعادة تحديد معمقة لدلالات ومآلات الوجود الإنساني والكوني على حد سواء. وإذا كانت قاطرة التطور الرقمي قد رسمت آفاقا علمية متجددة، ونجحت في صياغة أنماط جديدة من الوجود الزمكاني، والهوياتي، والتكنولوجي المعقد، فإنها في الوقت ذاته قد هزت القناعات العميقة للأفراد ومسلماتهم المتجذرة حول المعرفة، والمجتمع، والسياسة، والاقتصاد، والاتصال، والصناعة، والتربية، والتعليم، والأسرة، والثقافة، والفنون، الخ... بطرق لم يكن من الممكن تصورها أو استيعابها من قبل. ونظرا لتداخل العلوم وتشابكها وتكاملها، كان لابد من تجاوز النظرة التقنية المحدودة، ومعالجة الموضوع من زوايا علمية مختلفة، ومقاربات أكاديمية شتى، ومشارب فكرية متعددة تشمل العلوم الإنسانية، والقانونية والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وغيرها من أجل شمولية الطرح ووضوح الرؤية حول بنيات وآليات التعامل مع الثورة الرقمية المعقدة. فبعد حفل الافتتاح الذي تميز بحضور رئيس جامعة ابن زهر والوفد المرافق له، ومدير المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية، وممثل مختبر القيم والمجتمع والتنمية، تم افتتاح المحور الأول المعنون ب"الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته" بمداخلة مميزة للمتحدث الرئيسي البروفيسور َArlindo Oliveira رئيس معهد هندسة النظم والحاسوب، والمتخصص في التعلم الآلي والمعلوماتية الحيوية، وتصميم الدوائر الرقمية، وعضو معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات IEEE تحت عنوان «Artificial Intelligence: Applications, Implications, Speculations» (الذكاء الصناعي، التطبيقات، التداعيات، والتكهنات) حيث ركز فيها على آخر كتاباته العقل الرقمي: كيف يعيد العلم تعريف الإنسانية (The Digital Mind: How Science Is Redefining Humanity)

فقد أكد في مداخلته على أن التطورات المتسارعة في العلوم والتكنولوجيا وخصوصا في مجال الذكاء الاصطناعي قد تقود حتما إلى ظهور عقول رقمية بحتة -آلات ذكية تساوي أو تفوق قوة العقل البشري. فالتطورات التكنولوجية والعلمية سهلت عملية اكتشاف القوانين التي تتحكم في سلوك المجالات الكهرومغناطيسية إلى تطوير أجهزة الكمبيوتر وفق الانتقاء الطبيعي للخوارزمية النهائية، وتطور علم الوراثة والجهاز العصبي المركزي، ويصف الدور الذي لعبه التصوير الحاسوبي في فهم وصياغة الدماغ لصياغة سؤال مركزي لا مفر منه: هل الدماغ البشري هو النظام الوحيد الذي يمكنه استضافة العقل؟ وإذا ظهرت العقول الرقمية – وهي في طور الظهور-فما هي الآثار الاجتماعية والقانونية والأخلاقية المترتبة عن ذلك؟ هل ستكون العقول الرقمية شريكة للبشر أم منافسة لهم؟

بعد ذلك، وارتباطا بنفس المحور الأول حول "الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، انطلقت الفقرة الثانية بمشاركة أزيد من 17 مداخلة بالإنجليزية، والفرنسية، والعربية ركزت على مواضيع البيانات الضخمة (Big Data) وأنترنيت الأشياء  (Internet of Things)  والتصوير الرقمي في المجال الطبي والفلاحي، والخوارزمية الاحترافية وتحليل البيانات (Data Mining) والبلوك تشين (Block Chain) والأنظمة المندمجة (Embedded Systems) وعلاقتها بالتنمية المستدامة والتحديات التي تطرحها.  وبعد ذلك، كانت هناك مداخلة حوارية مميزة مع المتحدث الرئيسي الثاني من كاليفورنيا بالولايات المتحدة الامريكية الاكاديمي والصحفي والمقاول البارز Andrew Keen تحت عنوان:  «Epistemological Trajectories of the Digital Revolution»  (المسارات المعرفية للثورة الرقمية) كانت عبارة عن رحلة علمية شيقة عبر كتاباته المتعددة منها عبادة الهواة (Cult of the Amateur)  ،الأنترنيت ليست هي الحل(The  Internet  is not the Answer)  والدوار الرقمي (Digital Vertigo) وكيفية إصلاح المستقبل (How to Fix the Future) حيث شدد على ضرورة انتقاد التبشير الجديد والحماسة المفرطة للسيطرة الرقمية معتبرا أن ثورة وسائل التواصل الاجتماعي تشكل أكبر تحول ثقافي مؤلم للبشرية منذ الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، و مؤكدا على ضرورة الوعي والتمكن من التقنيات الرقمية لكيلا تبقى البشرية على هامش التطور التقني المتسارع يوما بعد يوم.

وفي اليوم الثاني من فعاليات المؤتمر، تم التركيز على مداخلة البروفسور والأكاديمي والفيلسوف الأسترالي نيكولاس أغار Nicholas Agarالمعنونة ب "من أجل إيجاد أماكن للبشر في الاقتصاد الرقمي" (Finding Places for Humans in the Digital Economy) أكد من خلالها بأن التطورات في الذكاء الاصطناعي مكّنت أجهزة الكمبيوتر من تولي ليس فقط المهام الروتينية ولكن أيضًا نوع "العمل الذهني" الذي اعتمد سابقًا على الذكاء البشري، مما يشكل تهديدا للقدرات البشرية. والحل في نظره يكمن في اقتصاد اجتماعي رقمي هجين  (hybrid social-digital economy)يعتمد على مبدئي الكفاءة والإنسانية، حيث يقوم الناس بالوظائف التي تهم المشاعر وتتولى الآلات العمل المكثف الخاص بالبيانات. لكن سيتعين على البشر الإصرار على إثبات أهميتهم في العصر الرقمي.

بعد ذلك، تم الانتقال إلى المحور الثاني للمؤتمر والمعنون ب " العلوم الإنسانية الرقمية والتعليم عن بعد" حيث تناول المتدخلون الأربعة والعشرون في صلب هذا المحور الإشكاليات المرتبطة بتلقي الأدب في العصر الرقمي، والثورة الرقمية وسؤال الأخلاق، وإشكالية الحداثة، وكفايات التعليم الرقمي، واليقظة الرقمية وانعكاساتها على الممارسات التربوية، ومعيقات التعليم عن بعد، والتجديد الرقمي التربوي في التعليم العالي، وتطبيقات تكنولوجيات الإعلام والاتصال في الممارسات البيداغوجية، وفوضى الفتاوى المجهولة المرجعيات في العالم الافتراضي، وغيرها. وقد تخللت هذا اليوم وفي نفس المحور مداخلة فريدة من الأكاديمية الأمريكية البروفيسورة روبيكا ريزامRoopika Risam  تحت عنوان “Building New Digital Worlds: The Stakes of Postcolonial Digital Humanities”  (بناء عوالم رقمية جديدة: رهانات العلوم الإنسانية الرقمية لما بعد الاستعمار). ففي مداخلتها القيمة، أكدت ريزام على أن العلوم الإنسانية الرقمية لدراسات ما بعد الاستعمار تشكل حقولا جديدة تتدخل في إنتاج المعرفة في العصر الرقمي قد تساعد في تطوير المحفوظات الرقمية وإمكانيات الأرشيف الرقمي لما بعد الاستعمار.

أما اليوم الأخير من المؤتمر، فقد شهد تناول المحور الثالث "الاقتصاد الرقمي والمدن الذكية"(Digital Economy and Smart Cities) بالتزامن مع المحور الرابع "وسائل الإعلام، المجتمعات الافتراضية، السياسة، والأمن السيبيراني" (Mass Media, Virtual Communities, Politics, and CyberSecurity) . فالأول ركزت مداخلاته السبعة والعشرون حول الثورة الرقمية وأهميتها في الخصخصة والاقتصاد، والمقاولة الرقمية، وأثر الإفصاح الإلكتروني على موثوقية المعلومات المحاسبية في القوائم المالية، وميكانيزمات التخطيط العمراني في الانتقال للمدن الرقمية الذكية، وإمكانيات تحول المتاحف إلى العالم الافتراضي، والتكنولوجيات الجديدة للتسويق الرقمي والتجارة الدولية، ومشاريع رقمنة الشركات، واقتصاديات المعلومات المترابطة، الخ...، أما المحور الأخير، فقد تناولت مداخلاته العشرون مواضيع مهمة مثل دور الإعلام في التحول الرقمي، وسوسيولوجية الخطاب الصحفي، وتغيرات وسائل الإعلام في العصر الرقمي، والدبلوماسية الرقمية، والمواطنة الرقمية، وشبكات التواصل الاجتماعي، والقانون وتحديات تكنولوجيا المعلومات، وواقع ممارسة الخصوصية الرقمية، والجريمة الالكترونية، والأمن المعلوماتي العربي، وغيرها من المواضيع.

وإذ شكل المؤتمر الدولي حول "الثورة الرقمية، التحولات المجتمعية، والمسارات المعرفية" فرصة علمية للأكاديميين، والمختصين، والباحثين، والمهنيين لتدارس إمكانات، وتداعيات، وانعكاسات الثورة الرقمية على مختلف الصعد، فإن الجلسة الختامية كانت محطة رئيسية للمشاركين قدموا من خلالها توصيات مهمة للمستقبل بعد النجاح الباهر الذي عرفه المؤتمر سواء من الناحية التنظيمية، أو التقنية، أو اللوجستيكية، أو من الناحية النوعية للمقاربات والمقامات الوازنة للمشاركين.يشار إلى أن المؤتمر كان مقررا أن ينظم حضوريا، إلا أن الظروف الصحية التي فرضتها جائحة كورونا حالت دون ذلك.

 

د. محمد نوحي

رئيس المؤتمر

 

 

الفيلم العراقي "هناك أجمل"  يحصد الجائزة الكبرى للمهرجان وجائزة أفضل مُخرج

انتهت فعاليات الدورة السادسة لمهرجان وجدة الدولي لفيلم الهواة التي استمرت للفترة من 23 ولغاية 27 ديسمبر 2020. وقد ضمّت المسابقة الرسمية 12 فيلمًا قصيرًا. تألفت لجنة التحكيم من خمسة أعضاء من العاملين في الوسط السينمائي والنقدي والتوثيقي وهم: المغربي عبد الإله زبراط رئيسًا للجنة، وعضوية الممثل الفلسطيني حسين نخلة، والناقد العراقي نديم العبدالله، المقيم في المملكة المتحدة، ومدير الكاستينغ المغربي سعيد منيولي، والإعلامية الجزائرية وردة زرقين. وقد ارتأت لجنة التحكيم التي شاهدت الأفلام المتنافسة كلها أن تنوّه بفيلمين وهما: "بأيدينا" من الجزائر، والثاني هو فيلم "القفص" من المغرب الذي خصّت فيه الطفلين الواعدين ندى حيّون وأيوب العلمي وذلك لأدائهما الجيّد في هذا الفيلمالذي أنجزته المخرجة المغربية فاطمة زيطان.

2119 مهرجان وجدة 1

جائزة التصوير

أُسنِدت جائزة التصوير إلى المُصورَين محمود سلامة وعامر أبو حسين  عن فيلم "توشيرت أرض الجذب" ورغم نبرته الوثائقية التي تحمل بين طياتها تلك اللمسة السياحية والمعرفية الترويجية إلا أن جمالية التصوير، وزوايا الكاميرا، ووضوح المَشاهد، ورؤية المُصورَين أعطت مصداقية للحجر والبشر في هذا الفيلم الذي يأسر الألباب.

جائزة السيناريو

مَنحت اللجنة جائزة السيناريو إلى حسن معناني عن فكرة فلم  "كوكو كوكو" من المغرب. يتصف هذا الفيلم ببساطة الفكرة وصدقها، وتسامي بُعدها الفلسفي العميق الذي يتمثّل بمصير الإنسان ودوره،  وأوان نهايته على هذه الأرض عبر نموذج الدجاجة ذات الرقبة الزرقاء، ونظرات عينيها الزائغتين بانتظار  مصيرها القادم مع خطوات الجزار التي تقترب منها كل يوم.

2119 مهرجان وجدة 3

جائزة أفضل ممثلة

خطفت المملثلة التونسية زينب هنشيري جائزة أفضل ممثلة  عن دورها في فيلم "توقيع" للمخرجة التونسية سيرين رحومي. وقد نجحت هنشيري عبر أدائها وتقاطيع الألم المرتسمة على وجهها في أن تجسّد تلك الصرخة التي تعتمر في قلوب أجيال عديدة من شباب تونس والمنطقة العربية مما يعانوه بسبب الإجراءات البيروقراطية في بحثهم عن حياة أفضل ومسعاهم للحصول على العمل أو الترقية الوظيفية ،وكيف يمكن لتوقيع أحدهم أن يحوّل حياتك إلى جحيم يومي لا يُطاق؟

جائزة أفضل ممثل

أمّا جائزة أفضل ممثل أو "جائزة التشخيص" فقد ذهبت إلى الممثل المغربي أحمد أشكار عن فيلم "تباين"، وقد نجح أشكار منذ اللحظات الأولى  في أن يحرّر المُشاهد من لعب دور المراقب لادائه  التمثيلي، بل تمكّن الممثل بادائه العفوي أن يصحبنا برفقته عبر رحلته التصويرية وكاميرته التي يحملها معه وهو يلتقط تلك الصور للوجوه الإنسانية العديدة محاولاً، ومحاولين معه، أن نعرف ما تتركه تلك العدسة من أثر في حياة ووجوه الآخرين. باختصار شديد، أن تكون ممثلاً جيدًا يعني أن تكون صادقًا وتجعلني رفيق رحلتك.

2119 مهرجان وجدة 2

جائزة المهرجان الكُبرى

فيما أُسنِدت جائزة أفضل مخرج للعراقي حسنين الهاني عن فيلم "هناك أجمل" وهو الفيلم نفسه الذي فاز فاز بجائزة أفضل فيلم، وهي الجائزة الكبرى في المهرجان. يُصنّف هذا الفيلم بالتحريك أو " الأنيميشن"   وهو باكورة أعماله الفنية لهذا النوع من الأفلام، وقد أجمعَ أعضاء لجنة التحكيم على أن هذا الفيلم يمثل وثيقة سينمائية راقية تتجاوز بمراحل أفلام الهواة  وتقترب من كونها وثيقة سينمائية احترافية بامتياز، وقدّم من خلالها المخرج حسنين الهاني، ومعه طاقمه الفني، حبكة سينمائية متقنة انتقلت بالمُشاهِد من المحلي إلى الكوني، وحلّقت بأفكار المتلقي نحو فضاءات شاهقة، ولامستْ أسئلة الحياة والموت، ومعنى أن نحيا بسلام على هذه الارض بعيدًا عن القتل الوحشي ، والموت المرعب وتداعياتهما المخيفة. ولعل هذا الفيلم الذي تمّت صناعته في وقت الحجر الصحي الذي سبّبه وباء كورونا هو استجابة فنية وإنسانية  لإحساس المبدع بضرورة طرح الأسئلة الكبرى التي تداهم البشرية في هذه الظروف العصيبة التي تؤرقنا جميعًا.

 

نديم العبدالله

 

عبد النبي ذاكر2020 - 2021

دورة قاسم وَهْب

يمني وسوري وإماراتي وأردني ولبناني ومصرية وأربعة مغاربة، يفوزون بجوائز ابن بطوطة لأدب الرحلة في دورتها 19 لسنة 2020-2021، والتي يمنحها سنويا "المركز العربي للأدب الجغرافي- ارتياد الآفاق"  في أبو ظبي ولندن، برعاية الشاعر محمد أحمد السويدي وإشراف مدير عام المركز الشاعر نوري الجراح.

وتتكون هذه الجوائز من: جائزة الرحلة المحققة، جائزة الدراسات، جائزة الرحلة المترجمة، جائزة الرحلة المعاصرة (سندباد الجديد)، جائزة اليوميات.

وكانت جائزة ابن بطوطة قد تأسست في العام 2000، وتمنح سنوياً لأفضل الأعمال المحققة والمكتوبة  في أدب الرحلة، وجاءت انسجاماً مع طموحات "دارة السويدي الثقافية" بأبو ظبي، في إحياء الاهتمام العربي بالأدب الجغرافي، وبذلك استحقت نيل جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الثالثة عشرة لسنة 2019، بحكم أنها قاطرة المركز العربيّ للأدب الجغرافيّ "ارتياد الآفاق" في فرع "النشر والتقنيات الثقافية"، وبفضلها استطاعت المنشورات الرحلية أن تتجاوز عتبة الثلاثمائة عنوان. 

جاءت الأسماء الفائزة بجوائز ابن بطوطة، كالآتي:

الباحث د. محمد عبده مسعد عياش (اليمن) الكاتب إبراهيم الجبين (سوريا)، الباحث سلطان العميمي (الإمارات)، الباحث د. بوسيف واسطي (المغرب)، الباحث د. محمد المسعودي (المغرب)، د. ربيع عوادي (المغرب)، الباحث والمترجم د. عبد الكريم جرادات (الأردن)، الباحث والمترجم د. محمد عبد الغني (المغرب)، الشاعر والباحث د. شربل داغر (لبنان)، الروائية منصورة عز الدين (مصر).

وقد تشكلت لجنة التحكيم من الأساتذة: د. الطائع الحداوي، د. خلدون الشمعة، د. عبد الرحمن بسيسو، د. أحمد برقاوي، الأستاذ عواد علي (أعضاء)، الأستاذ مفيد نجم (منسقا).

بلغ عدد المخطوطات المشاركة هذا العام 56 مخطوطاً جاءت من 10 بلدان عربية، توزعت على الرحلة المعاصرة، والمخطوطات المحقّقة، واليوميات، والرحلة المترجمة. وقد نُزِعَتْ أسماءُ المشاركين من المخطوطات قبل تسليمها لأعضاء لجنة التحكيم لدواعي السريّة وسلامة الأداء. وجرت تصفية أولى تم بموجبها استبعاد الأعمال التي لم تستجب للشروط العلمية المنصوص عنها بالنسبة إلى التحقيق، والدراسة، أو ما غاب عنه المستوى بالنسبة إلى الجائزة التي تمنحها الدارة للأعمال المعاصرة. وفي التصفية الثانية بلغ عدد المخطوطات 22 مخطوطة. وفي التصفية النهائية، جاءت النتائج على النحو التالي:

2114 ابن بطوطةالأعمال الفائزة

1 ـ جائزة الرحلة المحققة:

- حديقة النظر وبهجة الفكر في عجائب السفر (سيرة الحبَشة)، للحسن بن أحـمد بن صلاح اليوسفي الحيمي (1018- 1071هـ)/ (القرن 17م)،  حققها وقدم لها: د. محمد عبده مسعد عياش (اليمن).

- الرحلة الأوروبية من دمشق إلى روما، باریس، میونیخ، فیینا، بلغراد، بودابست، صوفیا، إستانبول 1911-1912، لفخري البارودي، حققها وقدم لها: إبراهيم الجبين (سوريا).

- الرحلة الشابورية من ميناء دُبي إلى أبو ظبي 1936، لزين العابدين بن حسن باقر، حققها وقدم لها: سلطان العميمي (الإمارات).

2 ـ جائزة الدراسات:

- الرحلةُ نَسَقُ أنساقٍ مقاربات تاريخانية وإبستيمولوجية، د. بوسيف واسطي (المغرب).

- صورة مصر في كتابات الرحالة المغاربة، د. ربيع عوادي (المغرب).

- الرحلة ما بعد الكولونيالية في الأدب العربي المعاصر،  د. محمد المسعودي (المغرب).

3 ـ جائزة الرحلة المترجمة:

- هدايةُ السبيل وكفايةُ الدليل من إيران إلى روسيا وتركيا ومصر والحجاز والشام، لمراد ميرزا "حسام السّلطنة" (1818-1883)، ترجمها عن الفارسية وقدم لها: د. عبد الكريم جرادات (الأردن)

- خيول الريح المدهشة على دراجة هوائية من القسطنطينية إلى بكين 1894، توماس غاسكل آلن الابن، ووليم لويس ساكليبن، ترجمها وقدم لها: محمد عبد الغني (المغرب).

4 ـ جائزة الرحلة المعاصرة (سندباد الجديد):

- خطوات في شنغهاي في معنى المسافة عبر مدن صينية، لـمنصورة عز الدين (مصر).

5 ـ جائزة اليوميات:

- الخروج من العائلة، لـشربل داغر (لبنان).

وكالعادة، ستصدر هذه الأعمال الفائزة عن "دار السويدي" في سلاسل "ارتياد الآفاق" للرحلة المحققة والرحلة المعاصرة "سندباد الجديد" والرحلة المترجمة واليوميات، وذلك بالتعاون مع "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت. أما الرحلة المترجمة والأعمال المنوَّه بها من قبل لجنة الجائزة من يوميات ورحلات فتنشر بالتعاون مع "دار المتوسط" في ميلانو. ومن المنتظر أن يقام حفل توزيع الجوائز في شهر مايو/إيار المقبل، وسوف يرافق توزيع الجوائز ندوة حول أدب الرحلة والأعمال الفائزة يشارك فيهما إلى جانب الفائزين وأعضاء لجنة التحكيم نخبة من الدارسين.

أعمال المركز والأعمال المنوّه بها من لجنة التحكيم

تبنت الجائزة هذا العام نشر أعمال حازت على تنويه لجنة التحكيم، وأخرى من خارج المسابقة تبنى المركز نشرها، لأساتذة من المغرب وتونس وسوريا والعراق والسودان ومصر، وهم:

قاسم وهب (سوريا)، د. عبد السلام الجعماطي (المغرب)، د. عبد النبي ذاكر (المغرب)، شوقي برنوصي (تونس)، حسّان الحَديثي (العراق)، الصدّيق حاج أحمد (السودان)، نورهان علام (مصر)، د. بوشعيب الساوري (المغرب).

- الرحلة السورية في الحرب العمومية  1916، للقس بطرس خويري، حققها وقدم لها: قاسم وهب (سوريا)

- شعرية الرحلة، لبوسيف واسطي، ترجمة وتقديم: عبد النبي ذاكر (المغرب).

- أوديسة ابن بطوطة، لدَيْفيد وينز، ترجمة وتقديم:  عبد النبي ذاكر (المغرب)

- الإستشراق الإسكندنافي من خلال يوميات أسير سويدي وقنصل دنماركي في المغرب1754-1768، د. عبد السلام الجعماطي (المغرب).

- رحلة غَرَقي واستعبادي مع وصف الصحاري من السنغال إلى المغرب 1784م، لبّْيار رايمون دو بْريسونْ، ترجمة وتقديم: بوشعيب الساوري (المغرب).

- رصيف دي غاما الأخير، لـشوقي برنوصي (تونس).

- الطريقُ إلى القمر تشريق وتغريب، لـحسّان الحَديثي (العراق).

- في بلاد السافانا النيجر – مالي – السودان، للصدّيق حاج أحمد (السودان).

- في جزر المهراجا، لنورهان علام (مصر).

- أن تكون في هافانا رحلة إلى كوبا، لـخالد عبد الحليم العبسي (اليمن).

عن هذه الدورة المتميزة رغم ظروفها الاستثنائية، يقول صديقنا الشاعر نوري الجراح مدير عام "المركز العربي للأدب الجغرافي" والمشرف على الجائزة، بأنه قد جرى التحضير لها في ظل أجواء عربية وعالمية غير مسبوقة ألزمت البشر بالخضوع القسري لتغييرات كبيرة في نمط العيش وطرائق التواصل، انتقل معها العمل من المكاتب إلى البيت في ظل حالة من التباعد لم يسبق للبشر أن اختبروها في العصر الحديث. ومع ذلك، تميزت الأعمال المتسابقة هذا العام بوفرة المخطوطات التي تنتمي إلى فرع الدراسات وتعدد مستوياتها وموضوعاتها ومناهجها، إلى جانب اتساع نطاق الأعمال التي تنتمي إلى الرحلة المحقَّقة، وهو ما حضَّ لجنة التحكيم على اختيار أكثر من عمل في هذين الفرعين لنيل الجائزة. إلى جانب التنويه بأهمية عدد من المخطوطات التي تنتمي إلى غير فرع من فروع الجائزة لم يسعفها الحظ بالفوز، ولكنها تستحق النشر والتنويه بقيمتها، فأوصت اللجنة بإدراجها في عداد منشورات الجائزة. كما نوه الشاعر الجراح بالقيمة الاستثنائية لأولى الدراسات التي حازت على الجائزة هذا العام تحت عنوان: الرحلةُ نَسَقُ أنساقٍ- مقاربات تاريخانية وإبستيمولوجية للباحث المغربي د. بوسيف واسطي واعتبرها عملا بحثيا ضخما، وغير مسبوق. وكذلك بالترجمة الرائعة التي قدمها د. عبد الكريم جرادات لرحلة هدايةُ السبيل وكفايةُ الدليل، التي وضعها في الفارسية مراد ميرزا "حسام السلطنة" (1818-1883م)، فهي واحدة من أهم رحلات الحج التي وضعت في العصر القاجاري ولها مسار طويل عابر لثلاث قارات. وأشار إلى فرادة أعمال التحقيق هذا العام، بدءاً بمخطوطة: حديقة النظر وبهجة الفكر في عجائب السفر، المشهورة بـسيرة الحبشة للحسن بن أحـمد بن صلاح اليوسفي الحيمي (1018- 1071هـ)/(القرن 17م)، وحققها اليمني د. محمد عبده مسعد عياش، مروراً بالتحقيق القيم الذي قام به الكاتب الروائي والباحث إبراهيم الجبين المتمثل في الرحلة الأوروبية، وهو عمل يستعيد الشخصية النهضوية السورية البارزة والزعيم الدمشقي فخري البارودي في رحلته من دمشق فباريس ثم ميونيخ وصوفيا وإستانبول (1911-1912م)، وصولاً إلى الرحلة الشابورية، ثالث النصوص المحققة الفائزة، وهو عبارة عن تحقيق لنص رحلي شعري وضعه الشاعر الكويتي زين العابدين بن حسن باقر يؤرخ فيه لرحلة قام بها من عربستان إلى أبو ظبي سنة 1936م. ويكشف النص والدراسة عن وقائع وأحداث مهمة تنتمي إلى ما قبل قيام دولة الاتحاد. وإلى جانب هذه الأعمال هناك دراستان هامّتان، واحدة تتناول مصر في القرن التاسع عشر من خلال نصوص الرحالة المغاربة إلى مصر، والثانية تدرس الرحلة العربية المعاصرة من منظور ما بعد كولونيالي. وأخيراً وقائع رحلة إلى شانغهاي بقلم كاتبة وإعلامية من مصر، ويوميات شاعر وأديب لبناني يطوف على جملة واسعة من القضايا والتحولات التي عصفت بالحياة العربية عبر سيرة الذات.

وبدوره اعتبر الشاعر محمد أحمد السويدي، راعي الجائزة و"المركز العربي للأدب الجغرافي-ارتياد الآفاق"، "أن هذه الدورة كانت استثنائية بكل ما للكلمة من معنى، لكونها تأتي في سنة ألزمت الرحالة بيوتهم، وحالت بينهم وبين خوض الأسفار. لكنها، في الوقت نفسه، كانت سنة للمطالعة والبحث، علما أن "المركز العربي للأدب الجغرافي" قدم في الوقت نفسه لقراء أدب الرحلة عددا من الأعمال التي يتزامن نشرها مع منشورات الجائزة لهذا العام، وذلك بمناسبة مرور 21 عاما على تأسيس مشروع "ارتياد الآفاق" ويتطابق عددياً ويتزامن مع دخولنا العام 2021. وهكذا فإن الجائزة عبرت هذا العام، كما في أعوامها السابقة عن استمرارها في الكشف عن الجديد في باب اليوميات والرحلة المعاصرة، لتضيف الأقلام الفائزة إلى كوكبة الرحالة المعاصرين مغامرين جدداً، وإلى أدباء هذا اللون الأدبي الممتع أسماء جديدة".

 

ووجَّه السويدي التحية للفائزين وللمنوه بأعمالهم، وأشاد بجهود أعضاء لجنة التحكيم الذين أنجزوا عملا رائعاً في ظل ظروف بالغة الصعوبة، جرى فيها التواصل عن بعد. ونوَّه بفكرة إطلاق اسم الأديب والباحث الراحل قاسم وهب على هذه الدورة لما كان للصديق العزيز، الذي غادر عالمنا في العام الماضي، من دور بارز في رفد الجائزة والمشروع منذ بدايته، بالأعمال القيمة في أدب الرحلة بحثاً وتحقيقاً، فضلاً عن مشاركته في نشاطات المركز وندواته الكبرى، خصوصاً تلك التي جرت استضافتها في المغرب والجزائر والكويت والسودان وقطر والبحرين وأبو ظبي، واستضافت معها احتفالات الجائزة. ورأى السويدي أنه إذا كان خير ما نحيي به الكاتب هو إخراج جهده الأدبي والفكري إلى النور، فإن من المنتظر أن يظهر إلى جانب الأعمال الفائزة والأعمال المنوه بها والكتب التي أنجزها المركز هذا العام، تحقيق ودراسة تحت عنوان: الحرب السورية في الحرب العمومية 1926م، لبطرس خويري، وهي من بين أواخر إنجازات الراحل قاسم وهب.

بعد أيام تدخل السنة الجديدة، وبحلولها يدخل المركز وجائزته العشرية الثالثة على تأسيسهما وقد أنضاف هذا العام إلى خزانة الرحلة العربية بفعل هذا النشاط 15 كتابا جديداً بين دراسة وتحقيق وإبداع وترجمة، ليتجاوز الثلاثمائة كتاب عدد المؤلفات التي أنجزت خلال السنوات العشرين المنصرمة، وهو ما يجعلنا نعتز بالدور الريادي ذي الطابع الإحيائي الذي لعبه المركز وجائزته في إحياء أدب الرحلة وتكريسه بوصفه حقلا أدبيا مستقلا إن على المستوى الإبداعي أو على مستوى الدراسات الأكاديمية التي تصدت لهذا الجنس الأدبي العربي العريق.

وجاء في بيان الجائزة أن عدداً من الأعمال المتسابقة وصل بعد إقفال باب قبول الطلبات وقد أحيلت هذه الأعمال على الدورة القادمة، وأن باب قبول الطلبات للجائزة في دورة العام 2021- 2022 يعتبر مفتوحاً منذ إعلان هذا البيان.

 

د. عبـد النبـي ذاكــر

عضو الهيئة التنفيذية للمركز العربي للأدب الجغرافي

ارتياد الآفاق

أبو ظبي ـ لندن

 

 

عزالدين عناية"منشورات الجمل" أنموذج للسّطو

أربع سنوات قضّيتها في إعداد رسالة الدكتوراه في جامعة الزيتونة في تونس في حقل دراسات الأديان، وذلك أواخر الألفية المنقضية. حاولت خلالها أن أصوغ رؤية تحليلية نقدية لكلّ ما دوّنه العرب في النصف الثاني من القرن العشرين حول اليهودية واليهود. دفعتُ بالنص إلى المسمى خالد المعالي صاحب مؤسسة "منشورات الجمل" كعرض أوّلي بغرض النشر، فما راعني إلا أن وجدت البحث مطبوعا منشورا دون تصحيح، ودون تنقيح، ودون مراجعة، والأدهى دون تعاقد بيني وبينه.. مرّ على نشر كتاب "الاستهواد العربي.. في مقاربة التراث العبري" زهاء الخمس عشرة سنة، طالبت خلالها صاحب منشورات الجمل بأبسط حقوق التعاقد التي تنظّم علاقة الكاتب بالناشر فلا مجيب!!. الكتاب يباع ويُطبع منذ ذلك العهد (2006)، ولم يدفع لي درهما واحدا، ولم يرعوِ عن غيّه، ولم يقر بذنبه.. راسلته أكثر من مرة، لا يردّ ولا يكترث.

2091 عزالدين عنايةإنني أدعو إلى تضامن سائر المتضرّرين، من كتّاب وشعراء ومترجمين من سطو وانتهاكات أمثال خالد المعالي.. فيا كتّاب العربية اتّحدوا.. كما انّني أهيب بـ "اتحاد الناشرين العرب" لتقريع أمثال هؤلا المخاتلين وتأنيبهم، حتى لا تحوّله زمرة المتربّصين إلى اتحاد لقطّاع الطرق وإلى تجمّع للنصّابين. كما أهيب بكافة مديري معارض الكتاب، الحريصين على الثقافة العربية وعلى كرامة المبدعين، ألا يسمحوا لمن يسطو على حقوق الناس، ويسرق الجهود، بالمشاركة، ليستكرش ويزداد تخمة.. إن الكاتب العربي مستضعَف فلا تزيدوا من ضعفه.. ومهان فلا تفاقموا هوانه..

أدعو السيد خالد المعالي أن يعتذر علنًا عمّا اقترف من سطو وإجرام وانتهاك بحقّي، وبحقّ الكتّاب الذين تعاملوا معه بأمانة وصدق.. حتى لا يُقتَل الكتّاب في بلدي..

 

عزالدين عناية

(كاتب تونسي مقيم في إيطاليا)

 

منح الاستاذ الدكتور بشير الهاشمي ميدالية فراداي الذهبية العالمية لعام 2020 وتمنح هذه الميدالية عادة للعلماء البارزين عالميا تقديرا لانجازاتهم العلمية والهندسية وما قدموه لاجل التقدم العلمي والتكنولوجي ويشغل البرفسور بشير الهاشمي حاليا موقع عميد كلية العلوم الطبيعية والرياضيات في الكلية الملكية (1) بجامعة لندن. وسبق ان شغل منذ عام 2014 موقع عميد كلية الهندسة والعلوم الفيزيائية بجامعة ساوثهامبتون البريطانية وهي اكبر كلية هندسة يريطانية يدرس فيها ستة ألاف طالب .

يتم منح هذه الجائزة المرموقة المسماة باسم العالم والمكتشف المعروف مايكل فاراداي سنويا منذ عام 1922 من قبل معهد الهندسة والتكنولوجيا البريطاني الملكي ، تقديرا لانجازات علمية وهندسية متميزة وللخدمات المقدمة لتطوير مجالات الهندسة والتكنولوجيا ، وانه لمن دواعي الفخر والاعتزاز ان يكون الاستاذ بشير الهاشمي من ضمن اشهر العلماء الذين يساهمون في تقدم المسيرة العلمية للبشرية (2) .

2008 بشير الهاشميProfessor Bashir M. Al-Hashimi CBE

تطلب الجهة المانحة من الفائز عادة تقديم محاضرة كجزء من البرنامج السنوي الاجتماعي للجمعية والذي غالبًا ما يكون في يناير من العام الذي يليه ويسلم الميدالية رئيس الجمعية الملكية للفائز خلافًا لباقي جوائز الجمعية الملكية التي لا تسلم بشكلٍ علني ، الا ان المتوقع هذا العام وبسبب جائحة كورونا ان تكون المحاضرة عبر الزوم عن بعد .

لقد حصل الاستاذ بشير الهاشمي على الكثير من الجوائز العلمية وكان اخرها عام 2018 حيث قلدته    ملكة بريطانيا اليزابث الثانية وسام الامبراطورية القيادي من الدرجة المدنية سي بي أي ، ويعتبر البروفيسور بشير محمد الهاشمي قائدا أكاديميا بارزا وشخصية مؤثرة في قطاع التعليم العالي بالمملكة المتحدة وبخبرة مهنية تبلغ 30 عاما على الصعيد الأكاديمي والصناعي .

لفد عرف العراق منذ ان اشتهر الاستاذ عبد الجبار عبد الله اول رئيس لجامعة بغداد بغزارة امكانياته العلمية والاكاديمية حيث يساهم الالاف من العلماء والمهندسين والاطباء في مختلف دول العالم بالتقدم العلمي والتكنولوجي ولكن المؤسف ان تتدهور اوضاع العراق في التعليم العالي والبحث العلمي لتصل مستوبات متدنية غير معقولة دون ان تتوفر الفرص للكفائات المغتربة للمشاركة في تقويم العملية التربوية .

ان حصول الاستاذ الصديق بشير الهاشمي على ميدالية فاراداي الذهبية هوموضع فخر واعتزاز الجالية العراقية في بريطانيا واود تقديم احر التهاني والتبريكات له ولعائلته الكريمة وهو يستحق بجدارة هذا التقدير الكبير على انجازاته الرائعة في المجال الاكاديمي والبحث العلمي ولم يأتي ذلك الا عبر جهود حثيثة وعمل مثابر متميز تكلل بنجاح منقطع النظير طيلة سنوات مسيرته العلمية الحافلة بالنجاحات والانجازات  الكبيرة وتتمكنه من الحصول  على جوائز عديدة تكللت مؤخرا بميدالية فاراداي المشهورة عالميا في مجالات العلوم والتكنولوجيا .

 

د. محمد الموسوي

....................

(1)     https://www.kcl.ac.uk/news/professor-bashir-m.-al-hashimi-awarded-faraday-medal

(2)     https://en.m.wikipedia.org/wiki/IET_Faraday_Medal

 

 

1979 امان السيد 1أمان السيد توقع كتابها السردي الخامس: نزلاء المنام

"غناء مزمار إن خبا يذوي، العشق نبع، فانغمر". الشعار الذي تبنته الأديبة "أمان السيد" في احتفالها بتوقيع كتابها السردي الخامس "نزلاء المنام" في قاعة البلفيو في ضاحية بانكستاون في سيدني يوم الأربعاء الرابع من نوفمبر 2020  حيث يمكن أن يوصف بالاحتفال الثري بالحب، وبالدعوة إلى الانغمار في الآخر تضافرت أيدي الأصدقاء، والحضور، والقراءات التي قدمها عدد من كبار الأدباء العرب في أستراليا لكتاب الأديبة على نسجه والاشتغال عليه، كان النحل يطوف يلثم الزهر فيه، ثم يهدي عسله للحاضرين على عزف ناي الفنان "سمير معرباني" المعتّق بانتشاء الغابات، وتلهفها إلى الاكتمال.

1979 امان السيد 8

التوقيع الذي جاء بعد تأجيل مرتين استدعاه وباء كوفيد 19 حمل جمالا خاصا، وكأن الجميع تساندوا على مواجهة الوباء بالحب، والاحتفاء بتفاصيل غدا معها التوقيع مهرجانا من الألق انبثقت وسطه الأديبة- التي تخيرت الأحمرلونا لما ارتدته- شعلة من الدفء والوهج والعطاء، وهي تناشد ضيوفها إلى الانصهار، والتمازج في المثيل الإنساني، أما الورود الحمر، ومزيج الطبيعة، وأطياف الشموع التي رتعت في الصالة باطمئنان، وسلام، فقد أتى المرآة لما تتبناه الأديبة في روحها من التّوق إلى التّحرر، والانغماس في المطلق، ونبذٍ للحواجز التي يُعمّق لها المتسلطون على حياة البشر.

1979 امان السيد 3وفي حديث للأديبة عن تجربتها مع الكتابة تستشهد بمولانا جلال الدين الرومي حيث يقول:

" لِيَرتفِعْ منكَ المَعنى لا الصوتُ، فإنّ ما يجعلُ الزهرَ يَنبُتُ، ويتفتّحُ هو المطرُ، لا الرَّعدُ". لذا فقد رُحتُ أبحِرُ في الأبعادِ الكونيةِ مُعرّيا، مَشُوقا، تقمّصتْ نفسيَ ذاك الصوتَ، وجانبتْ طقطقةَ الرعد، فخرجتُ بعضا من أنا في كونٍ أعمَّ، أثرًا من انعكاسِ التأملِ في الخالقِ والمخلوقِ. تذوّقتُ عُنفوانَ العطرِ في المطر، فعبقتُ بالخير رديفًا، وانبعثتُ في الكتابةِ صدًى لذاك المعنى، ولجينًا لذاك السّكبِ، وعرّت عوالمها الكتابية، فقالت: " بالكتابة استطعتُ أن أصفع جمودا بغيضا في العالم يستفزّني حين انبريتُ أساهم في تحطيم الأصنام، والتماثيل، والمورثاتِ الباليةِ"، كما تحدثت عن نزلاء منامها، بإسقاطاتهم النفسية، وردتها إلى التأزم الذي يصيب المرء عادة في معاقرته الأحداث المعاشة حوله راغبا، أو مكرها".

1979 امان السيد 2

بدأ الاحتفال بعرض وثائقي لكتب الأديبة، وبعض من الجوائز، والتقديرات التي حصلت عليها في العالم، حمل عنوان " بعض الضوء.." رافقه صوتها بقصيدة شعرية " امدد يدك أيها الكائن الإنساني"، وقدم للاحتفال، وتقديم الأدباء، والمتحدثين الطبيب "عماد برو" فوصل الفقرات بقراءات نقدية حول "نزلاء المنام" مهداة من أدباء، ونقاد لهم حضورهم في الشأن الثقافي في الوطن العربي، وبلاد الاغتراب، يذكر منهم: الشاعر والناقد السوري مصطفى سليمان، والناقدة السورية الأديبة د. عبير يحيى المقيمة في مصر، ود. مصطفى حلوة رئيس الاتحاد العربي الفلسفي من لبنان، والأديب الجزائري عبد الحفيظ بن جلولي، والشاعر والناقد السوري إبراهيم اليوسف المقيم في ألمانيا، والأديب والناقد العراقي جمعة عبد الله، لتأتي أولى الكلمات بالإنجليزية للسيد "بلال الحايك" رئيس بلدية كانتبيري بانكستاون، أرفقها بالعربية بقصيدة للأديبة.

1979 امان السيد 4 ثم بعدها كلمة الأديب "أنطون قزي" رئيس تحرير جريدة التلغراف التي جاء فيها:

"أمان ريشة تشدّ إلى بلاغة الجاحظ في مبناه، ويراعٌ يتوق إلى انسياب نجيب محفوظ في معناه، ونورس يرحل إلى صباحات ربيب مدينتها حنا مينا، معه تحمل المصابيح الزرق، ومثله ترود المنارات، وشراعها ثوب لغمامات تقبّل ثغور الموج. في كتابها عليك أن تتخلّى عن الوقت، وتترجّل عن هودج أحلامك لتجتاز مطبّات الجرأة..."،

1979 امان السيد 5

 

وألقى الشاعر "شربل بعيني" صاحب مؤسسة الغربة الإعلامية، كلمة اتكأت على محور اعتبره شديد الأهمية، ورد في قصة "في متاهة" فقال: "هذا هو الأدبُ التنويريُ الانسانيُ الغائي عند "أمان السيّد"، فلقد عكستِ الحبّ تماما، لتجعَلَهُ بين فتاةِ مسلمةٍ وشابٍّ مسيحيٍ، عكسَ ما نراهُ في الأفلام والمسلسلاتِ وما شابَه، فجاءت "أمان" لترخيَ الأمانَ في النفوس وتعلنَ أنّ اللهَ محبةٌ، وأن الحبَّ أقوى من كل الطوائف".

أما الدكتور "مصطفى علم الدين"، فورقته سلّطت الضوء على ما وصله قارئا واعيا، فقال: "إن الأديبة تتصدّى لكثير من القضايا الإنسانية التي تتطلّب التجديد، ليس السطحي الذي يعتمد على التقليد الهشّ، بل التجديد الجوهر الذي من شأنه أن يحدث التغيير المطلوب لتجديد المجتمع..."،

1979 امان السيد 6والأديبة الدكتورة "نجمة حبيب" ذكرت:

"في نزلاء المنام تحررت أمان السيد من القوالب والنظريات التي تكبل المبدع/المبدعة، فتركت لموهبتها البكر أن تُسَيّـرَها لتجيء نصوصها (قصصها) حرة منطلقة على سجيتها غير مقيدة بنظريات، ولا منتمية إلى مدرسة أدبية دون أخرى..".

  أما الشاعر "وديع شامخ" رئيس تحرير مجلة النجوم، فقد التزم القراءة الأكاديمية، والمقاربة لنصوص الكتاب،

1979 امان السيد 7فقال:" لنصوص السيد تناصّات معرفية وجمالية مع أساليب مبدعين كبارحيث نتلمّس الأجواء الكافكاوية في بعضها، وبعضها تتنفس مفهوم الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار في جماليات المكان، كما تلمس وجودا لكتاب الواقعية السحرية كماركيز، لكن بطريقة القصة القصيرة...".

وبالمناسبة تتقدم الأديبة "أمان السيد" بالشكر، والتقدير إلى الإذاعة العربية 2000 ف. م وإلى الدكتور "علاء العوادي" الذي قام بتغطية الحفل إعلاميا، وإلى سفراء الإعلام العربي وسواقي كروب الإعلامية على تكريمها بـ"قلادة الإبداع"،

1979 امان السيد 15كما تقدّم وافر امتنانها لأصدقائها الأعزاء "السيد  طوني بو ملحم، والسيدة سو بدر الدين، والآنسة سارة قاسم، والسيد أحمد شما" على تكريمهم لها بـ" درع ناطور الكلمة والمعاني، وحارس اللغة العربية في بلاد الانتشار"، وتهبُ شكرا خاصا حارّا، لمن تراه النسر في تنظيم الاحتفال "السيد طوني بو ملحم"، والسيدة الرائعة "سو بدر الدين"، وللمهندس "دانا كركوكي"، وتوجّه شكرها للصبية "سارة قاسم"، ولمن قام بتصوير الاحتفال، السيدان "طوني معماري، ومصطفى حجازي"، ولصالة البلفيو، ولمن دعم الإعلان "الإعلامية ندى فريد، والسيد فادي الصديق"، ولمن ساندوا الأديبة، الإخوة "بلال المقدادي، إليان بولس، الدكتور أيمن السيد". ولجميع الحضور الكرام.

1979 امان السيد 9

وقد ختمت الأديبة أمان السيد عرسها الثقافي بقراءة من "العازف" إحدى قصص المجموعة في تحية إلى روح الفنان الشاعر غسان علم الدين، لتتابع توقيع كتابها لضيوفها الكرام ضمن احتشاد تسامى في الحب، والحبور.

 1979 امان السيد 10

1979 امان السيد 11

 

1979 امان السيد 13

1979 امان السيد 14

صحيفة المثقف

 سيدني - أستراليا

 

ضياء نافعكان من المفروض ان تعلن نتائج جوائز نوّار في ايلول (سبتمبر) 2020 كما جرت الامور سابقا، الا ان جائحة كورونا عرقلت ذلك مع الاسف الشديد، ومع ذلك، فان لجان جوائز نوّار استطاعت ان تنجز اعمالها، وها هي تعلن النتائج النهائية لهذا العام ( 2020 ) وكما يأتي –

1 – جائزة نوّار لتعزيز الحوار العراقي – الروسي للسيد ديوكوف.

قررت اللجنة منح هذه الجائزة للسيد الكساندر فاليريفتش ديوكوف – المدير العام لشركة (غاز بروم نفط) الروسية تقديرا لجهوده الكبيرة في حقل بدرة في محافظة واسط بالعراق، ومساهمة الشركة المذكورة بالاعمال الاجتماعية في تلك المحافظة. ان منح جائزة نوّار لتعزيز الحوار العراقي – الروسي للسيد ديوكوف يؤكد اهمية التعاون الاقتصادي العراقي – الروسي للجانبين وفائدته المشتركة . تتشرف جائزة نوّار ان يقترن نشاطها باسم الكساندر فاليريفتش ديوكوف .

2 - جائزة نوّار للمترجمين العراقيين للسيدة لطفية الدليمي .

قررت اللجنة منح هذه الجائزة للسيدة لطفية الدليمي تقديرا لجهودها المتميّزة الكبيرة في اغناء حركة الترجمة العراقية والعربية عموما في السنوات الاخيرة، واصدارها مجموعة ممتازة من الكتب المترجمة في مجالات ثقافية متعددة . لطفية الدليمي الان تعد واحدة من الاسماء الكبيرة في عالم الثقافة العراقية عموما، والترجمة خصوصا . تتشرّف جائزة نوّار ان يقترن نشاطها باسم المبدعة لطفية الدليمي .

3- جائزة نوّار للمبدعين من مدرسة الموسيقى والباليه للمرحوم عزيز علي .

قررت اللجنة منح هذه الجائزة للمرحوم عزيز علي، أحد اوائل مؤسسي مدرسة الموسيقى والباليه، وقد تم الأخذ بنظر الاعتبار دور الفنان عزيز علي في تاريخ حركة الفن العراقي ومكانته المتميّزة فيها، اذ انه كان يؤلّف قصائده ويلحّنها ويغنيها بنفسه، وادّت اغانيه (ولازالت تؤدي لحد الآن) دورها الكبير في مسيرة المجتمع العراقي. تتشرف جائزة نوّار ان يقترن نشاطها باسم فنان الشعب العراقي المرحوم عزيز علي .

سيتم الاعلان عن تفاصيل تسليم جوائز نوّار لاحقا .

 

أ.د. ضياء نافع

 رئيس لجنة جوائز نوّار ورئيس مجلس ادارة دار نوّار للنشر

4/11/2020

 

 

ومهرجان غينت السينمائي الدولي شكل فني غامر

لا يوجد استقبال افتتاحي تقليدي، ولكن يوجد وقبل كل شيء الكثير من الترفيه السينمائي. هكذا يمكن تلخيص ليلة افتتاح "مهرجان غينت السينمائي" مع فيلم "الثمل" Drunk لتوماس فينتربيرك ThomasVinterberg، وهو أكبر مهرجان سينمائي في بلجيكا. خلاله يتم عرض 110 فيلما طويلا و 32 فيلما قصيرا على الشاشة العريضة خلال الأيام العشرة القادمة. كما تقام في مركز فنون فورويت Kunstencentrum Vooruit حفلات موسيقية عالمية وبرامج ترفيهية، تختتم بحفل يتعلق بتوزيع الجوائز الخاصة بالموسيقى التصويرية العالمية العشرين، يوم السبت 24 أكتوبر.

من الواضح أن الإصدار السابع والأربعين لمهرجان "غينت" Ghent السينمائي، الذي إنطلق يوم 13 أكتوبر ولغاية 24 أكتوبر 2020، ببداية سريعة في بيئة آمنة وخالية من كورونا. غير قادر على الترحيب بالعديد من الضيوف كما هو الحال في السنوات العادية بسبب جائحة Covid -19، لكنه إستطاع من خلال العديد من الأسئلة والأجوبة المسجلة مسبقا مع صانعي الأفلام الذين لم يتمكنوا من القدوم بسبب الوباء، من إنشاء منصة VOD عبر الإنترنت لبث الأحداث من أجل السماح لأكبر عدد ممكن من الناس بالاستمتاع بالمهرجان. وفيما يشير فريق المهرجان الى أنهم مقتنعون تماما بأن الثقافة يمكن أن توحد، فأنهم متأكدون من ضمان السلامة أولا وفحص آمن يتلائم مع شروط الصحة العامة، وضمان مهرجان سينمائي يمكن أن يقام بطريقة مقاومة للإكليل.   

1916 مهرجان

بالنسبة للأشخاص الذين يقطنون بعيدا - عشاق السينما من الجزء الناطق باللغة الألمانية في بلجيكا والذين يرغبون في الاستمتاع بالسينما الألمانية، على سبيل المثال - تعد منصة الأفلام عبر الإنترنت online.filmfestival.be فرصة مثالية لتجربة المهرجان من الثلاثاء 13 أكتوبر 8:00 مساءً إلى الأحد 25 أكتوبر. مدير البرنامج ويم دي ويت: "على الرغم من أننا ما زلنا نفضل قوة الفيلم على الشاشة الفضية كشكل فني غامر - وكل ما يأتي معه في مثل هذا المهرجان - دفعنا فيروس كورونا إلى تحويل أنفسنا إلى مهرجان هجين. سيتم استكمال عروض الأفلام المادية ذات السعة المحدودة من خلال منصة عبر الإنترنت مع مجموعة مختارة من أفلام المهرجانات تكملها مقابلات مع المخرجين والممثلين والممثلات، بما في ذلك نينا هوس، ورادو جود، ونوح سافيدرا، ووعد الخطيب، وغيرهم الكثير. على هذا النحو، سيتم متابعة تجربة المهرجان الكاملة عبر الإنترنت.. بهذه الطريقة، يمكننا الحفاظ على الدور المهم الذي يضطلع به مهرجاننا في النظام البيئي لصناعة السينما في حين نواصل وضع ثقافة الأفلام في أضواء كاشفة، ربما حتى لجمهور أوسع من أي وقت مضى". 

مع فيلم "الثمل" إختار المهرجان كوميديا تراجيدية دنماركية من الدرجة الأولى حيث يغامر أربعة رجال بالغون بتجربة يمرون خلالها بالكمية المناسبة من الكحول في دمهم. الممثل مادس ميكلسن Mads Mikkelsen لم يكن في الدورالرئيسي متألق، إنما رائع. النتيجة كانت كوميديا تراجيدية صاخبة وواقعية نجح المخرج توماس فينتربيرغ مرة أخرى مع كاتب السيناريو توبياس ليندهولم في حصاد ثمرة الاعجاب. السكر هو مزيج رائع من الفكاهة والبؤس بالإضافة إلى دراسة مثيرة للاهتمام وموجهة بقوة حول الآثار - الإيجابية والأقل إيجابية - لثقافة الشرب اليومية لدينا.

من بين المتنافسين على الجائزة الكبرى لهذا العام لأفضل فيلم وجائزة جورج ديليرو لأفضل موسيقى تصويرية ـ تصميم صوتي، فيلم البلجيكي ستيفان ستريكر "العدو" L'ennemi ، وفيلم المصور فيتالينا فاريلا للمخرج البرتغالي بيدرو كوستا. مع فيلم "الحفيدة" Petite Fille للمخرج سيباستيان ليفشيتز Sébastien Lifshitz ، سيخوض الفيلم الوثائقي المنافسة لأول مرة في مهرجان غينت. وسيقام العرض البلجيكي الأول للفائزين بجائزة الأسد الذهبي للمخرج كلوي تشاو، مع فرانسيس مكدورماند الحاضرة في كل مكان، والفائزة بالدب الذهبي لفيلم "لا يوجد شر" من إخراج محمد رسولوف. هذه ليست سوى عدد قليل من العديد من العناوين الرائعة التي سيتم عرضها على الشاشة الفضية في الأيام المقبلة. علاوة على هذه الإصدارات الجديدة، سيتم إزالة الغبار عن سلسلة من الأفلام الكلاسيكية لـ "فاسبيندر" و "ويندرس" ، "هرتسوغ" و "فون تروتا". يتم إعادة اكتشافها من خلال التركيز على السينما الألمانية الجديدة. أيضا الاحتفال بذكرى الشقي الرهيب للسينما البلجيكية "روبرت دي هيرت"، والاحتفال بعيد الميلاد الأربعين لفيلم "اللمعان" The Shining للمخرج الأمريكي ستانلي كوبريك Stanley Kubrick عبر برنامج VIDEODROOM في صالة فنون فورويت. ويجري الاحتفال بجوائز الموسيقى التصويرية السينمائية ذات الشهرة العالمية، بعيدها العشرين بطريقة خاصة في 24 أكتوبر، حيث سيقام الحفل المركزي مع ألكسندر ديبلات وغابرييل يارد، اللذين سيحصلان على جائزة "إنجازات مدى الحياة" ليلقي نظرة على مدى عقدين من موسيقى الأفلام، أيضاً تسليط الضوء مرة أخرى على أكبر الإنجازات الموسيقية في الأفلام ووسائل الإعلام السمعية والبصرية الأخرى لهذا العام.

تتميز أفلام المسابقة الرسمية لهذا العام بعناوين مثيرة مثل فيلم "البقرة الاولى" للمخرجة كللي ريشارد، وفيلم "إدين" للمخرجة الهنغارية أغنيس كوكسيس وفيلم " قصص من خشب الكستناء" للمخرج السلوفيني جريجور بوتشيتش، والفيلم الوثائقي "الشغب الأبيض" لروبيكا شاه و "بين التلال" لمحمد رضا كيفانفار، و "التحريض" ليارون زيلبرمان. بالإضافة إلى بعض الأفلام القصيرة للمواهب الشابة والأفلام لصانعي أفلام ذوي الخبرة في قسم "الماجستير"

ينظم مهرجان "غينت" للفيلم السينمائي عرضاً أولياً كل شهر - في إحدى عشرة دار سينما ومراكز ثقافية متعاونة منتشرة في جميع أنحاء فلاندرز. هذا الشهر كان فيلم "لسما" For Sama لـ "وعد الخطيب وإدوارد واتس". سيتم عرضه في نفس الوقت خلال الدورة 47 للمهرجان يوم الثلاثاء 20 أكتوبر.. شهادة حرب مفجعة من حلب - لماذا يُترك شخص ما في منطقة نزاع خطيرة؟ هذا هو السؤال الذي أرادت وعد الخطيب الإجابة عليه في "لسما". عندما كانت طالبة تبلغ من العمر 20 عاماً، بدأت وعد الخطيب في عام 2011 كصحفية مدنية توثق الحرب المتصاعدة في سوريا. بينما كان كل شيء من حولها يتعرض للدمار، واصلت تصوير كل شيء بعزم، وتزوجت من طبيب أنجبت منه طفلها الأول سما في عام 2016. من خلال صور الحرب الصعبة وشظايا الأسرة الحميمة، تحاول وعد الآن أن تشرح لابنتها سبب بقائها في كابوس حلب ـ "أريدك أن تفهمي لماذا اتخذنا أنا ووالدك بعض الخيارات." ونتيجة لذلك، فإن مذكرات الحرب المفجعة هذه، التي أعدتها وقام بإخراجها البريطاني إدوارد واتس، ليست فقط مليئة بالطموحات الصحفية، ولكن قبل كل شيء يمكنك أن تشعر بالقلب النابض لأم شجاعة تحلم بمستقبل أفضل لنسلها.على الرغم من أن الرعب أحيانا يدفع نفسه إلى المقدمة دون حل وسط، فإن سما هي قبل كل شيء شهادة على حياة الشباب والبراءة والزهرة المتبقية وسط كل الركام. لائحة اتهام بشأن قصف السكان، ولكنها أيضا تكريم لشجاعة ومثابرة الأطباء والممرضات والمدنيين الذين يشعرون بأنهم متصلون ببعضهم البعض وببيوتهم. 

لقد تم ترشيح Sama لجائزة الأوسكار وكان من المقرر في الأصل أن يكون الفيلم الافتتاحي للمهرجان. وكان من المقرر أيضاً، أن ينتقل إلى إصدار المهرجان عبر الإنترنت في ربيع عام 2020 لكنه تأجل إلى فترة المهرجان. بعد الفيلم، سيتم عرض سؤال وجواب مسجل مسبقا بين المخرج ووعد الخطيب ورودي فرانكس. بذلك يرى المهرجان، أن مهمته هي جذب الانتباه إلى الثقافة السينمائية بالمعنى الأوسع للكلمة خارج وداخل فترة المهرجان وموقعه الأساسي "غينت".

وسيقدم المهرجان فيلم وثائقي لمدة 14 ساعة بعنوان "النساء يصنعن الفيلم ـ فيلم طريق جديد عبر السينما" لمارك كوزينز. يتحدث عن "أعظم ما أبدع" في تاريخ الفيلم باستخدام مواد حصرية من إخراج صانعات الأفلام. سيعرض الفيلم في خمسة أجزاء في سينما سفنكس من الاثنين 19 إلى الجمعة 23 أكتوبر.. مارك كوزينز فاجأ العالم السينمائي في عام 2011 بقصة الفيلم الملحمي "أوديسة" An Odyssey، وهو وثائقي مدته 15 ساعة يتحدث عن تاريخ الفيلم: فيلم "طريق جديد عبر السينما" أقصر بساعة واحدة من فيلم أوديسة، لكنه يظل مرة أخرى نتيجة عمل شاق. ينقسم الفيلم الوثائقي إلى أربعين فصلاً مجمعة في أربعة عشر جزءاً من الساعة. يكشف العنوان التركيز هذه المرة على السينما النسائية. لكن احذر: هذا ليس فيلماً عن المخرجات، ولا عن التمييز الجنسي المتأصل في بعض أجزاء الصناعة، والذي حرم النساء من الفرص أو الاعتراف بالعمل الذي قاموا به!.

ما هو فيلم "النساء يصنعن فيلم" إذن؟ إنه درس رائع في دراسات الأفلام حيث لا يمكن أن يتخيله سوى أبناء الحرفة، وقد تم تجميعه من قبل، من بين آخرين، تيلدا سوينتون وثاندي نيوتن وجين فوندا. يتعامل مع الأمور الفنية (التحرير، المشهد، التقريب)، ويتعمق في الأنواع (الميلودراما، الخيال العلمي، الكوميديا)، ويخصص فصولا لمفاهيم مثل الركود والسريالية والجنس والتوتر. الحب والموت لا يمر دون أن يلاحظهما أحد. كما أنه يتساءل كيف يمكن تقديم شخصية ما أو كيف يمكنك ضبط نغمة الفيلم. كخاتمة تحصل على جزء لذيذ من الغناء والرقص. ماذا عن هؤلاء النساء؟ جميع الموضوعات تقوم على استخدام فقط، مقتطفات من أفلام 183 من المخرجات والعديد من الأفلام، من خمس قارات مختلفة. رحلة سينمائية تترك أي محب للسينما في حالة من الرهبة.. سبب وجود هذا الفيلم في برنامج مهرجان "غينت" السابع والأربعين واضح تماما. لا يخفى على أحد أن صناعة السينما لا تزال تحت سيطرة المخرجين والمنتجين الذكور. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال هناك غياب مؤلم للتنوع الثقافي والعرقي داخل القطاع السمعي البصري، سواء في الكواليس أو خلفها. لذلك تعتبر مسؤولية القيام بدور رئيسي للتحول نحو قطاع سمعي بصري شامل، مهمة ضرورية. لكشف الحقائق حول النوع الاجتماعي والتنوع الثقافي في قطاع السينما والإنتاج.

 

عصام الياسري

 

 

1877 1 LouiseGluckترجمة: الدكتور صالح الرزوق

فازت الشاعرة الأمريكية لويز غلوك بجائزة نوبل للآداب في 8 اشرين الأول/ أكتوبر عام 2020، وهو اختيار غير متوقع لكاتبة معروفة بمواضيع الطفولة والحياة الأسرية التي تستمد الإلهام من الأساطير والزخارف الكلاسيكية.

وقالت الأكاديمية إن البروفيسورة غلوك، 77 عامًا، تم تكريمها "لصوتها الشعري الذي لا لبس فيه، الذي يجعل الوجود الفردي عالميًا مع الجمال المُتقشف".

فازت البروفيسورة غلوك بجائزة بوليتزر في عام 1993 عن مجموعتها "النرجسة البرية" وجائزة الكتاب الوطني عن مجموعتها الأخيرة "ليلة المؤمنة الفاضلة" في عام 2014.

وقال السكرتير الدائم للأكاديمية ماتس مالم إنه تحدث إلى البروفيسور جلوك قبل إعلانه العام .

وقال السيد مالم للصحفيين "إن الإعلان جاء مفاجأة، ولكنها مفاجأة مرحب بها على حد ما أستطيع أن أقول” .

لم تكن البروفيسورة غلوك هي المتوقعة لجائزة نوبل في الفترة التي سبقت الإعلان يوم الخميس - على الرغم من أن الاحتمالات اتسعت قبل إعلان يوم الخميس.

وأعرب رئيس لجنة نوبل في الأكاديمية، أندرس أولسون، عن أسفه لأن غلوك لم تكن معروفة أكثر"على الأقل خارج حدود الولايات المتحدة"، ولم تترجم إلى العديد من اللغات الأخرى.

وهي رابع امرأة تفوز بجائزة نوبل للآداب في العقد الماضي - بعد أولغا توكارتشوك، سفيتلانا أليكسيفيتش وأليس مونرو - والسادسة عشرة فقط منذ منح جوائز نوبل لأول مرة في عام 1901.

1877 2 LouiseGluck

وقالت الأكاديمية في استشهادها بالجائزة إن لويز غلوك، أستاذة اللغة الإنجليزية في جامعة ييل "تسعى إلى العالمية، ولتحقيق ذلك فإنها تستلهم الأساطير والزخارف الكلاسيكية، وهي موجودة في معظم أعمالها، وأصوات ديدو، بويرسيفون، ويورديس - المهجورة، والمعاقبة، والمغدور بها - هي أقنعة لذات تمر بتحولات، وهي أصوات شخصية شخصية بقدر ما هي عالمية أيضا".

وقالت هيئة المحلفين إن مجموعتيها "انتصار أخيل" (1985) و"أرارات" (1990) تتناولان "صورًا مباشرة بشكل شبه وحشي للعلاقات الأسرية المؤلمة"، مشيرة إلى أن استخدامها لـ "لهجة طبيعية خادعة لافت للنظر"، مع "عدم وجود أي أثر للزخرفة الشعرية".

البروفيسورة غلوك هي أيضا شاعرة التغيير الجذري والانبعاث، وقد وصفت في قصيدتها "قطرات الثلج" عودة معجزة الحياة بعد فصل الشتاء، وغالبا ما تتميز أعمالها بـ "الفكاهة والطرافة الحادة".

وقالت لجنة التحكيم إن مجموعتها "أفيرنو" الصادرة عام 2006 كانت "مجموعة بارعة، وتقدم تفسيرا رؤيويًا لأسطورة نزول بيرسيفوني إلى الجحيم ووقوعها بأسر أسر هاديس، إله الموت. وهي تكتب شعراً روائياً متسلسلا يعيد للذهن الذكريات والأسفار، ويتوقف ليقدم رؤى جديدة. وعالمها مترابط، فقط ليتحول لحاضر بطريقة سحرية مرة أخرى".

1877 1 LouiseGluck

وفي العام الماضي، أعطت الأكاديمية السويدية الجائزة إلى الروائي النمساوي بيتر هاندكه الذي أطلق العنان لسيل من النقد، حيث تساءل الكثيرون كيف يمكن أن تمنح الجائزة لكاتب معروف بدعمه للزعيم الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش شيطان حروب البلقان وكأنك توافق على فظائع جيشه.

ودافعت الأكاديمية عن هذا الاختيار باعتبار أنه يتم على أساس الجدارة الأدبية فقط دون اعتبارات سياسية.

وتأتي جائزة نوبل مع ميدالية ومبلغ قدره 10 ملايين كرونة سويدية (حوالي 1.1 مليون دولار).

ومن المتوقع أن تستلم البروفيسورة غلوك جائزة نوبل من الملك كارل السادس عشر غوستاف في حفل رسمي في استوكهولم في 10 كانون الأول/ديسمبر، وهو تاريخ الذكرى السنوية لوفاة العالم ألفريد نوبل عام 1896 الذي أنشأ الجوائز في وصيته الأخيرة.

إلا أن الحفل الشخصي ألغي هذا العام بسبب وباء الفيروس التاجي واستعيض عنه بمراسم افتراضية سيشارك بها الفائزون من بلدانهم بواسطة الإنترنت..

وفي هذا العام حتى الآن فازت أربع نساء بجوائز نوبل، وهو رقم قياسي بعد عام 2009 حينما بلغ عدد النساء الفائزات خمس نساء.

الأربعة في هذا العام هن، بالإضافة إلى البروفيسورة غلوك، إيمانويل شاربنتييه من فرنسا وجنيفر دودنا من الولايات المتحدة التي حصلت على جائزة الكيمياء يوم الأربعاء بالمناصفة، وأندريا جيز من الولايات المتحدة التي تقاسمت يوم الثلاثاء جائزة الفيزياء مع زميلين من الذكور.

وسيتم الإعلان عن جائزة نوبل للسلام في 9 أكتوبر/تشرين الأول، ومن المقرر الإعلان عن جائزة الاقتصاد في 12 أكتوبر/تشرين الأول.

 

صحيفة المثقف

9 – 10 – 2020م

 

 

يوم يمم الكاتب عدي عادل (45 سنة) وجهه شطر إحدى دور النشر والتي تَحَولَ الكثير منها الى أشبه ما يكون بـ" دكاكين تجارية" يحدوه الأمل بطباعة باكورة أعماله الأدبية، لم يخطر بباله أن مفاوضات طبع الكتاب ستكون صعبة وصادمة الى الحد الذي أصابه بالإحباط وجعله يعيد النظر ويتريث بفكرة طباعة بقية كتبه المخطوطة والتي ما يزال يحتفظ بها في درج مكتبته المنزلية، المفاوضات بدأت بتخييره بين التنازل عن حقوق الطبع كاملة لصالح دار النشر مقابل 40 نسخة من كتابه فقط، وبين طباعة الكتاب بأسعار باهظة على أن يتولى بنفسه عملية النشر والتوزيع، ولم تنته المفاوضات بمساومته على إدراج إسم أحد السماسرة ككاتب بالاشتراك معه في التأليف مقابل تحمل نصف التكاليف، كل ذلك من دون عقد مبرم لضمان حقوق الطرفين يتضمن شرطا بعدم طبع الكتاب مستقبلا من دون علم المؤلف، مع التعهد بإعلامه بكميات النسخ المباعة وحجم الواردات، في فوضى عارمة ناجمة عن عدم وجود قوانين فاعلة ورادعة للحفاظ على حقوق الملكية الفكرية !

العقود الرصينة جزء من الحل

1836 احمد الحاج 1 Copyيرى الدكتورأمجد الجنابي، وهو روائي وأكاديمي ومقدم برامج تلفزيونية، ومن مؤلفاته رواية "توأم وعواصم" ورواية "الكأس الشاهدة" و"الرئيس الخادم" وغيرها، أن "طبيعة العقد الذي يتم إبرامه بين المؤلف والناشر هو الأصل في تحصيل حقوق الطرفين، ولا يخفى على الجميع أن كل طرف يبحث عن مصلحته في هذا العقد، وهذه المصلحة في الغالب مادية لدار النشر ومعنوية للمؤلف قد يجتمعان معا في ظروف استثنائية لدى الطرفين"، مضيفا " وأقترح أن تسعى دار النشر إلى عمل عدة نماذج من العقود تتناسب وحاجة القارئ والمؤلف وتترك الخيار للمؤلف مع مراعاة الإنصاف والعدل وعدم بخس المؤلف حقه المعنوي والمادي وأن تسعى دار النشر بعد ذلك إلى الوفاء بكل بنود العقد بعد إبرامه وهذا للأسف ما تتنصل عنه أغلب دور النشر الا ما رحم الله".

ويسترسل الجنابي "بالمقابل على المؤلف أن يلتزم بمعايير الجودة في التأليف من حيث الفكرة والأسلوب واللغة والهدف فيبذل قصارى جهده لإضافة نوعية إبداعية للمكتبة العربية والإسلامية سواء كان الكتاب تجميعيا أو منهجيا أو إبداعيا كالروايات والقصص القصيرة ودواوين الشعر.. ولو لخصنا الأمر لخرجنا بعبارة جامعة؛ العقد والوفاء به من الطرفين" .

أما بشأن أبرز ما يواجهه الكاتب المحلي من مصاعب جمة مع دور النشر الأمر الذي ألجأ الكثير منهم الى إعتماد آلية النشر الالكتروني بدلا من الورقي لتجاوز اشكالات الطبع والتوزيع فيقول الدكتور المهندس خالد فائق صديق العبيدي، وله اكثر من 69 مؤلفا منها ما تم نشره عربيا ومحليا ومنها ما يزال تحت الطبع " بالنسبة للتأليف والنشر، الأمر ينقسم إلى قسمين (الناشر والجمهور) بإعتبار أن القسم الثالث - المؤلف - هو الجهة الرابطة بين الناشر والقارئ.

1836 احمد الحاج 4 Copyأما عن الجمهور (العربي خصوصاً) فهو جمهور لم يعد كما كان في السابق شغوفاً بالقراءة والثقافة بسبب ما جرى عليه من مظالم أجبرته للتخلي عن بعض (الكماليات) مثل المطالعة، وليس كما هو حال الجمهور الغربي الشغوف بالقراءة حتى في زمن النشر والطباعة الإلكترونية، ولايفوتنا التذكير بأن النشر الإلكتروني قد أثر فعلاً بشكل عام وفي كل أنحاء العالم على النشر الورقي الثقيل والمكلف، فبدلا من أن تحمل معك حقيبة فيها 10 كتب تزن 15 كغم مثلاً فأنت تحمل في هاتفك المحمول مكتبة شاملة من آلاف الكتب، وربما حصلت على تلك الكتب الإلكترونية مجانا ومن دون مقابل" .

ويستطرد العبيدي" بالنسبة للناشر فإن العوامل آنفة الذكر قد غيرت من طرق تعاملاته مع المؤلف، فهو في نهاية المطاف صاحب مشروع تجاري يبتغي الربح، أو على الأقل تقليل الخسائر، وبناء على ذلك تجد أن دور النشر صارت تقلل من حصة المؤلف سواء على مستوى شراء الحقوق كاملة أو على مستوى نسبة الارباح التي تعطى له عن كل كتاب يباع. وبالتالي صار المؤلف (في بلداننا العربية حصراً) أمام خيارين، أما أن يكتب وينشرعلى حسابه الخاص، وهذا مكلف جداً ولايخلو من مجازفة ومخاطرة قد تكون غير مأمونة العواقب، وأما أن يقبل بشروط تلك الدور في أن يكون له حصة لا توازي عمله ودأبه وجهوده وتأليفه ووقته، وهو أمر يكاد يكون قد اندثر لأن دور النشر اليوم لا تقبل حتى بهذا العرض البخس خوفا من الخسارة، بل وتطالب المؤلف بأن يتحمل بين80-100 % من التكاليف فيما تقوم بالمقابل بعمل التصميم والإخراج والتغليف والطباعة والتسويق والمتابعات القانونية المرتبطة بحقوق النشر وما إلى ذلك ".

وفي معرض حديثه عن تجاربه في هذا المضمار يوضح العبيدي"عن تجربتي الشخصية، فقد تعاملت مع جميع تلك الأساليب، من: بيع الحقوق الكاملة مقابل مبلغ مقطوع، وأخذ نسبة على المباع، وتحمل التكاليف كاملة، ولقد كانت تلكم الأساليب بمجموعها مجحفة بحقي لأنها تبخس الناس أشياءهم، ما عدا والحق يقال، تجربتي مع جائزة دبي للقرآن الكريم، لأنها ووفق شروطها وعقودها تمنح مبالغ جيدة مقارنة ببقية الخيارات الا انها تبقى دون مستوى الحقوق المعطاة للمؤلف في الغرب ولعل هذا أحد أسباب تخلف البحوث العلمية والتأليف لدينا".

أما فيما يتعلق بالنشر الالكتروني فتابع العبيدي قائلا "اظن أن تجربة النشر الإلكتروني حاليا هي الأنسب لاسيما بالنسبة لنا معاشر المؤلفين والباحثين فهي قليلة التكلفة وسريعة التسويق والنشر تدعمها تقنيات الفضاء الألكتروني ، ونقترح تفعيل دور النقابات المهنية المرتبطة بالنشر، ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة، كذلك ترشيح ممثلين إلى المجالس التشريعية والقانونية في البلدان العربية، وإيصال صوت المؤلفين والمفكرين والباحثين إلى الجهات المسؤولة لغرض إنصافهم، كما يمكن تشجيع طرق الاستثمار في النشر والتوزيع وتطويرعملها وتقنياتها، ويبقى ذلك كله مرهوناً بنظام البلد وحقيقة الرغبة لدى المسؤولين لتوسيع وتشجيع الثقافة والقراءة والبحث والتطوير والتأليف، إذ أن إرادة القائمين على الحكم في بلداننا بيدهم المفتاح الذي يبدو أنهم أضاعوه!! والله المستعان.

عند النرجس والياسمين والقداح تجد الجواب والمفتاح

 1836 احمد الحاج 5 Copyشاعرة الياسمين واديبة سورية وكاتبتها المعروفة ماجدولين الرفاعي، بدورها كان لها مؤاخذات على عملية نشر وتوزيع مطبوعيها الاخيرين" وكان اسمها سوريا "، ومجموعتها السردية الجديدة "مرايا امراة من برج الحب "، علاوة على مجموعاتها القصصية والسردية السابقة " قبلات على الجانب الآخر، تداعيات شجيرة الزيزفون، نصوص خارجة عن القانون، مرثية لزمن الهباء، ضجيج منتصف الصمت، تالة ومشاكسات أخرى، وغيرها ، قائلة " عندما طبعت كتابي الأول في دمشق كنت مأخوذة بفكرة صدور أول عمل لي ولم أهتم بالتفاصيل بداية لكنني وبعد استلام المجموعة لاحظت أن الطباعة سيئة ولم أعلق على الموضوع إطلاقا ، ومع أن لي وبموجب العقد المبرم نسبة (٤٠) في المائة من المبيعات ، الا ان دار النشر لم تدفع لي فلسا واحدا برغم أنها باعت الكتاب حتى على المواقع الإلكترونية وهكذا ضاع حقي في الكتاب تماما. بعد ذلك أسست دار تالة للنشر والتوزيع بدمشق وطبعت جميع الكتب التي أصدرتها قبل خروجي من سوريا. ولكن وبعد وصولي إلى هولندا طبعت روايتي (وكان اسمها سوريا) في دار اخرى، كنت حديثة عهد بأوروبا وظروفي كلها متداخلة مع بعضها فلم أنتبه الى بنود العقد المجحف ومدته خمس سنوات ولا نسبة لي من المبيعات، وخلال مدة العقد باعت الدار الرواية في المعارض وعلى المواقع الالكترونية (جملون) وغيرها من دون أن أحصل من كتابي على فلس واحد، علما أن كلفة الطباعة(١٠٠٠) يورو. وكلفة شحن مائة نسخة لي (هي حصتي) كلف أكثر من (٢٢٠) يورو. أما كتابي الأخير وهو مجموعة سردية فقد طبعتها في دار ثانية لأن صاحبها صديق لي وللأسرة وتمت طباعتها باتفاق ينص على أن يكون لي نسبة (٥٠) بالمائة من المبيعات إضافة الى عشر نسخ لي مازلت انتظر وصولها منذ شهر تقريبا وتكلفة شحنها يقارب (١٢٠) دولارا وربما يزيد المبلغ بنفس القيمة إذا ما طلبت الجمارك ترسيمها. بالمجمل الكاتب هو أضعف الأطراف في موضوع الطباعة والنشر!" .

* وماهو الحل برأيك لتجاوز عقبات ومعضلات النشر الورقي الذي يعاني من جرائه كتاب وأدباء الوطن العربي عموما والذي أسفر في نهاية المطاف عن إحجام الكثير منهم عن طباعة نتاجاتهم الأدبية أو التريث بها طويلا قبل دفعها الى المطبعة ؟

-أجابت شاعرة الياسمين ، أولا: على الحكومات إحترام الكاتب ومساعدته ماديا في موضوع الطباعة والنشر المرهقة جدا للكاتب.

ثانيا: الا تتم العقود مباشرة بين الكاتب والدار بل في مكتب محام، أو عن طريق جهة قانونية مختصة بحقوق المؤلف لحمايته من أي تلاعب في كتابة العقد وفي تحصيل الحقوق المدونة في العقد.

1836 احمد الحاج 2 Copyوفي مداخلة مهمة للشاعر والاديب العراقي المعروف سامي طه، وهو أحد عشاق شارع الادب والثقافة العراقية "شارع المتنبي "ولكونه قريبا بحكم عمله من دور النشر وهو على دراية بهموم المؤلف العراقي وما يواجهه من مصاعب جمة في هذا الاطار قال " مشكلة الكتاب و الشعراء مع الناشرين ودور النشر والطباعة لها جذور تمتد لعشرات السنين ، الى عصر النشر الذهبي في منتصف القرن الماضي وما بعده من سنوات شهدت تحسن الاحوال المعيشية تمكن خلالها القارئ العربي من انفاق مال اكثر لتلبية حاجاته الثقافية ورغبته في الاطلاع المتزايد على النتاج الادبي القديم والحديث ، وهنا بدأت الاشكالية بمحاولة بعض الناشرين لإستغلال هذا الاقبال وتحقيق أقصى ما يمكن من مكاسب بشراء حقوق النشر من الكتاب الكبار الذين حققوا شهرة كبيرة وشيوعا واسعا بين القراء . وعلى مستوى عام فان الناشر يفرض نسبة تبلغ النصف أو أكثر مقابل خدمة التوزيع وحدها مع تحمل المؤلف كلفة انجاز المطبوع وايصاله الى مخازن الناشر مع تأجيل دفع حقوق المؤلف الى ما بعد نفاد المطبوع ، أما عن المطبوعات المرتجعة فهذه لا يتقاضى مقابلها أية مبالغ ".

وأطرق طه رأسه مليا قبل ان يواصل بوحه بحسرة قائلا "الحقيقة التي يجب ذكرها أن بعض الانظمة قدمت خدمة لمئات من الكتاب والشعراء بنشر نتاجهم مقابل مكافآت مرضية رغم انها قد لا تلبي الطموح لكنها كانت توفر مشقة تفاصيل الطباعة والتجليد او التغليف وما يتعلق بذلك من تصميم ومتابعة ونحوها ، ولكن لا يخفى على أحد ما يتطلبه ذلك من المبدع من ملاينة ومداهنة وبيع المواقف، ما مثل الوجه الثاني لأزمة النشر !"، مبينا ، انه "وفي العراق وكذلك في مصر وبقية الدول أدت الحروب وتراجع الدخل القومي الى تراجع الخدمات والميزانيات المخصصة لنشر الكتب كما أسفرت الأزمات الاجتماعية الناجمة عن الضغوط الاقتصادية بإنصراف القارئ عن الانفاق على شراء الكتب ، الأمر الذي فاقم المشكلة أمام المؤلف وأدى الى تقليص كميات الطبع التي قد يغامر المؤلف بطبعها وذلك لتجنب خسارة كبيرة قد تلحق به بسبب كساد المطبوع ، وصار المؤلف بهذه الطريقة يتحمل كلفة كبيرة لطباعة كميات محدودة يذهب جزء كبير منها على شكل هدايا للأصدقاء والمهتمين ومن يأمل المؤلف أن يجد لديهم دافع الكتابة النقدية التي تسهم في تعريف الجمهور بجهد المؤلف حتى لا يضطر الى دفع مبالغ اضافية للنقاد ، وقد يكون الاستثناء المهم من بين كل ما ذكرناه هي مؤلفات المبدعين الأكاديميين ممن يحققون نتائج افضل مع الناشرين والقراء" .

وزاد بالقول "بالنسبة لي فقد نشرت على نفقتي الخاصة مجموعتي الشعرية الاولى في الثمانينات وكانت بعنوان (رجل النرجس ) وتمكنت من سداد نفقاتها أو لنقل معظمها من المبيع لكنني عانيت متاعب جمة في التوزيع . ثم نشرت روايتي الاولى مطلع التسعينات ، وانكر أن بعض اصحاب المكتبات قد تسلموا مني نسخ الرواية والمجموعة الشعرية لأنني لم احتفظ بالوصولات . وقد تبرع شقيقي الشاعر سعد الحجي بطبع مجموعة شعرية ثانية على نفقته ولكن في مدينة الاسكندرية بجمهورية مصر العربية لدى "دار ليليت " للنشر التي قدمت افضل عروض النشر متمثلة بما يسمى بالنشر مقابل الشراء حيث يدفع المؤلف ثمن المطبوع ويشتريه مقدما من الدار الا انه يتعرض كما حصل معي الى مشكلة حرص الدارعلى تقليل كلفة الطبع من خلال تقليص حجم الحرف وحجم المطبوع ، ومما يجدر ذكره أن اتحاد الادباء في العراق قدم عروضا جيدة للنشر بنصف الكلفة الا ان المؤلف سيبقى يعاني من المحسوبيات والعلاقات بهذا الشأن ، ومع ذلك افكر بتقديم مجموعة شعرية الى الاتحاد للافادة من موثوقية المؤسسة الأدبية" .

المشكلة المركبة بحاجة الى حل فاعل

1836 احمد الحاج 3 Copyأما الكاتب والاستاذ العراقي عبد الرحمن كاظم زيارة ، وقد سبق له كتابة مقال مهم أوجز فيه أعقد ما يواجهه الكاتب العراقي مع دور النشر المحلية وقد حظي المقال بإهتمام واسع ، فقد عقب على ذات الموضوع بالقول" بعد الإحتلال الأمريكي للعراق تراجع دور مؤسسات الطباعة والنشر الحكومية بشكل ملحوظ بما يمكننا القول معه بأن أداء الكثير منها وصل الى درجة الصفر، بالمقابل ظهرت اعداد كبيرة من دور الطباعة والنشر والتوزيع الخاصة التي لا تمتلك الامكانات الطباعية اللازمة ولا تتمتع بحرفية وثقافة صناعة الكتاب وتسويقه، لتظهر معها أساليب في التعاقد بينها وبين المؤلف أدت إلى موت الكتاب العراقي ذاك ان معظم هذه الدورلا تعدو ان تكون مجرد وسيط بين المؤلف والمطبعة وكل ما تفعله يتلخص بوضع اسمها على المطبوع، أما توزيع الكتاب ونشره فإنه معلق على اجتهاد المؤلف نفسه" مضيفا " وبناء على ذلك قلت واقول ليس لدينا دور طباعة ونشر، بل مقابر للابداع العلمي والثقافي، ولك أن تحيط بحجم الفقر الثقافي ومقدار الجهل الذي يسوس معظم هذه الدور عندما تعلم بأن المطبوع العربي يصل إلى مكتبات بغداد بكل سلاسة إلا أن المطبوع العراقي لا يصل منه شيء إلى مكتبات بغداد نفسها!!".

وأردف زيارة "اللافت أن جميع الدور لا تتولى طباعة المخطوط على نفقتها وتوزيعه من قبلها وتقاسم العوائد بينها وبين المؤلف وهذا النوع من التعاقد هو الوحيد الذي يضمن توزيع ونشر وبيع الكتاب في نظام معمول به دوليا ، الا ان من أغرب التعاقدات ما يسمى بـ(عقد الشراكة) وهو غاية في السوء من حيث التعاطي مع المطبوع ولايخلو من استهانة بالغة بالنتاج الفكري إذ تستوفي -الدار- كلفة طبع عدد من النسخ التي يطلبها المؤلف مع هامشها الربحي ثم تقوم بطبع عدد آخر من النسخ لحسابها وتقوم بتوزيعها والتربح منها كما لو انها ملكت الكتاب، وهذا ولاشك أسوأ أشكال السرقة !".

أما عن رأيه بكيفية التخلص من دوامة الاستغلال التي يتعرض لها المؤلفون من قبل أصحاب دور النشر، يبين الاستاذ عبد الرحمن، أن "على الجهات الرسمية التدقيق في الاجازات الممنوحة لهذه الدور والتأكد من امتلاكها لمطبعة مع تقيدها بالمحافظة على الحقوق الفكرية والمادية للمؤلف، وأن يصار الى تشريع قانون مستقل يحافظ على الحقوق الفكرية للمؤلف ويحدد واجبات دور النشر وكل ما يتصل بعملية انتاج الكتاب "، لافتا الى ، أنه " وفي العراق ليس لدينا دور نشر، ومعالجة هذا النقص الحاد يجب ان يكون من أولويات المؤسسات المعنية ونقترح أن تتولى إحدى المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة المشاركة بالمطبوعات العراقية داخل وخارج العراق. كما نقترح أن تبدي دائرة الجمارك بعض التسهيلات في خفض أو إعفاء المطبوع العراقي من مبالغ التحميل والنقل".

1836 احمد الحاج 6 Copyالى ذلك اوضح الكاتب والاعلامي العراقي المعروف عماد عبود، وهو بصدد تأليف باكورة أعماله الأدبية والروائية بعد أن فقد مجموعته الادبية المحفوظة داخل الحاسوب بحادث عرضي في وقت سابق ، وكان له مؤاخذات جمة على آلية عمل دور الطباعة اضافة الى ارتفاع تكاليفها وتأخير مواعيدها، وتنصلها عن وعودها وتعهداتها قائلا " برأيي أن المشكلة مركبة إذ أنها تواجه الأطراف الثلاثة المعنية: الكاتب والقارئ ودار النشر وهذه المشكلة تتلخص بعدة عوامل أهمها انتشار الكتاب الألكتروني على حساب نظيره الورقي والظروف العامة في أغلب البلدان العربية والمتمثلة بالفوضى السياسية والأمنية التي أدت الى حركة نزوح جماعي أثرت على سوق الكتاب، وهذه الحركة بدورها تمخضت عن نقص الكوادر العاملة في دور النشر التي باتت تعتمد على غير ذوي الإختصاص ونتيجة لذلك تتلكأ دور النشر ولا تفي بالتزامها " .

واستدرك عبود " الا اننا لا نبرئ بعض دور النشر التي تستغل الكاتب خارج أطار العقد المبرم معه فتعيد طبع المؤلَّف من دون الرجوع إلى الكاتب إضافة الى إرتفاع تكاليف الطبع وبالتالي خسر الكاتب فرصة الإنتشار وخسر القارئ أيضاً".

 

تقرير: احمد الحاج

 

 

1830  مسرح برلين 1منجزات معاصرة بين النثر والشعر والواقعية والروايات

في الحادي والعشرين من أيلول إنتهى في العاصمة الألمانية برلين، مهرجان الأدب العالمي ilb العشرين من 9 إلى 19 أيلول ـ سبتمبر 2020 - أكثر من 150 ضيفاً أتوا إلى برلين من جميع أنحاء العالم لمدة أسبوعين للقراءة والمناقشات. من بينهم، أولغا توكارتشوك وآنا لويزا أمارال وإينغا أبيلي ونيك ملونغو وفيجديس هيورث وأوليفييه غويز وباجتيم ستاتوفسي وتارا جون ونش. مشاهدة أحداث مهرجان هذا العام، تمت بمسافات آمنة بين الجمهور وفقاً للشروط الصحية المتبعة، أيضاً لأول مرة بطريقة النظام الرقمي "الإفتراضي"، نظراً لوباء الكورونا "COVID-19". إذ تم تسجيل المحادثات مع المؤلفين الذين لا يمكنهم التواجد في برلين مسبقاً، أيضاً  تصوير بعض أعمال المؤلفين عبر الفيديو. وتم بث بعض الأحداث المحددة مباشرة بعد نشر روابط التدفقات الألكترونية قبل بدء العرض.. وزيرة الدولة للثقافة مونيكا غروترز ألقت الكلمة الافتتاحية للمهرجان، فيما ألقت الكاتبة البريطانية سالي نيكولز الكلمة الافتتاحية لقسم أدب الأطفال والشباب. وألقى ماريو فارغاس يوسا الذي عقد اجتماعاً في العاشر من أيلول مع الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير لتبادل وجهات النظر حول الأوضاع في أمريكا اللاتينية وأوروبا في أوقات وباء كورونا، الخطاب الافتتاحي في قاعة الموسيقى الشهيرة فيلهارموني برلين Philharmonie Berlin شبه الفارغة، الصورة حزينة. هذا هو الحال في أوقات الحد الأدنى للمسافات بسبب الهالة.

في كلمة إفتتاح المهرجان أشاد ماريو فارغاس يوسا Mario Vargas Llosa الحائز على جائزة نوبل بقوة الأدب. وعلق المؤلف توبياس Tobias Wenzel على الخطاب بأنه "كان ملتزماً، لكنه لم يكن مهماً".. "الأدب يصنع للأوقات الصعبة". بهذه الجملة، بدأ ماريو فارغاس يوسا حديثه شبه الحر، على أساس النقاط الرئيسية للمهرجان فقط . ويوسا الذي عبر عن مخاوفه من "الدكتاتوريات بالقول: "دائما ما تشك الديكتاتوريات بشدة في الأدب، لأنهم يعرفون أن الأدب خطر عليهم. وهم على حق ". لم يكن أقل حدساً عندما ردد: بأن الأدب ليس مجرد ترفيه وتسلية. لأنه بفضل الأدب "إلى حد كبير" ستتغير حياة الناس، بل وتتحسن. لأن لا شيء ينقل "عدم الرضا اللامتناهي" للناس وكذلك الأدب".

مهرجان الأدب العالمي في برلين لا يحمل، باختصار: عنوانه فقط بشكل بارز من  اسمه. إنما مما قدمه ويقدمه في شهر سبتمبر من كل عام وعلى مدى عشرين سنة، من منجزات أدبية وفكرية وثقافية معاصرة، في النثر والشعر والواقعية والروايات المصورة وأدب الأطفال والشباب من جميع أنحاء العالم، وإقامة الحوار في موضوعات سياسية وخطابات علمية موضوعية للغاية، أيضاً الترويج للقراءة بنشاط وتنفيذ التواصل الأدبي. بهدف مخاطبة أوسع جمهور ممكن وإشراكهم في المهرجان بطرق مختلفة. هذا العام تميّز المهرجان بتعدد القراءات والمناقشات الفكرية والسياسية واللقاءات وورش العمل وعلى مدار أحد عشر يوماً، وقدم للناس في برلين والأماكن الأخرى فرصة استثنائية لاكتساب نظرة ثاقبة مركزة في الأدب العالمي مع مجموعة متنوعة من الأشكال والمزاجات والأساليب. وأصبحت العاصمة برلين مركزاً ومساحة صدى للحياة الأدبية الدولية.

منذ الطبعة الأولى للمهرجان في عام 2001، دعمت مؤسسة بيتر فايس للفنون والسياسة مهرجان الأدب العالمي في برلين، الذي تطور ليصبح أحد أشهر المهرجانات الأدبية في العالم. قام أولريش شرايبر Ulrich Schreibe مدير المهرجان بإنشاء منتدى للأدب في العاصمة برلين بشكل مكثف بالإضافة إلى أنواع الأفلام والموسيقى والمسرح والفنون البصرية. منذ عام 2006 ينظم معهد اللغة الإنجليزية الدولي في إطار المهرجان "قراءات عالمية". ومنذ  يناير 2019 تقام "عروض الأفلام العالمية" بدءاً من فيلم "Shoah" لكلود لانزمان، وسيعرض فيلم "أنا لست زنجياً" لراؤول بيك في 10 ديسمبر 2020. في عام 2009، بدأ الاتحاد الدولي للكتاب دمج المهرجانات الأدبية المهمة دولياً لتشكيل تحالف الكلمات (مهرجان أدنبرة الدولي للكتاب؛ مهرجان جايبور للأدب؛ مهرجان كتاب ملبورن؛ مهرجان الأصوات العالمية  PEN، نيويورك؛ مهرجان مثقفون الأدبي الدولي، بكين؛ المؤلفون في مركز هاربورفرونت ، تورنتو).

1830  مسرح برلين 2

من بين الضيوف في المهرجانات السابقة: ليلى أبو العلا، سويتلانا أليكسيجويتش، إيزابيل أليندي، آسيا جبار، الطاهر بن جلون، جون إم، جون جرين، حسن خضر، دانيال كيلمان، جوديث كير، جوديث هيرمان، فاضل العزاوي، روبرت ميناس، مايكل أونداتجي، سعدي يوسف، إيفون أديامبو أوور، ياسمينة رضا، أرونداتي روي، سلمان رشدي، عادل قره شولي، إليف شفق، تشارلز سيميك، وولي سوينكا، سنان آنطون، ماريو فارغاس يوسا، إيرفين ويلش.. مهرجان هذا العام الذي إنطلق في ظل زنبقة الكورونا، قدم في عالم إفتراضي، المؤلفين المشهورين والاكتشافات الجديدة في أنواع النثر والشعر، كانت في الغالب من العروض الأولى لكتبهم، كان الكُتاب يقرؤون من النسخة الأصلية، ومن ثم يقوم الممثلون بقراءة الترجمة الألمانية، فيما تجري من بعد حوارات ومناقشات مع متخصصين.بالإضافة إلى الأعمال المختارة التي حظيت بمناقشات مفتوحة مع المؤلفين.. في قسم الأدب العالمي حل هذا العام ضيفاً، أولغا توكارتشوك، دانيال كيلمان، إينغو شولز، نورا بوسونج، توماس هيتشي، كولوم، ليف رانت، ماتياس فالدباكن، كامل داود، ولفرام إلينبركر، إيفا سيشلشميت ـ إيفان كراستيف وريتشارد فورد سيكونان ضيفين متصلين. فيما تم تقديم الفعاليات الحية في مركز المهرجانات  Kulturquartier، ولأول مرة تم في هذا العام، تنفيذ العروض الافتراضية وتقديم أحداث مختارة وسلسلة من المحادثات الرقمية مع المؤلفين الدوليين المسجلة مسبقا على الهواء مباشرة.. من بين الضيوف كارمن ماريا ماتشادو، علاء الأسواني، إيزابيل أليندي، بن ليرنر، إيلينا بوناتوسكا، جويس كارول أوتس، شيلا هيتي، جو ساكو، هيلاري مانتل ونيل جايمان وآخرون.

بالإضافة إلى ذلك، دعى مهرجان الأدب الدولي في برلين إلى عرض فيلم عالمي بعنوان "أنا لست زنجي" للمخرج راؤول بيك بمناسبة الذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أعلنته الأمم المتحدة في عام 1948.. وفي مقاربة خاصة عن كراهية النساء وإساءة معاملتهن، أدانيا شبلي ،فلسطين، كارمن ماريا ماتشادو، الولايات المتحدة الأمريكية، نيكلا كيليك، ألمانيا، تحدثن عن مثل هذه الممارسات في العديد من البلدان. وطرح ج ج بولا، المملكة المتحدة، أراء بديلة عن الذكورية للنقاش في مجلد مقالاته "لا تكن رجلاً".

أصوات ضد العنصريةـ أثر جريمة قتل المواطن الأمريكي من أصول أفريقية جورج فلويد المرعبة، وتقارير أخرى عن ضحايا وحشية الشرطة والعنصرية الممنهجة في جميع أنحاء العالم، دعى المهرجان إلى إنتاج أفلام قصيرة للتحدث علناً ضد العنصرية. وناشد المؤسسات والأشخاص الذين يرغبون في المشاركة على الهواء مباشرة، بقراءة نصوص لبيروت الحزينة لحالها ولضحاياها، بسبب أنفجار كميات كبيرة من نترات الأمونيوم شديدة الانفجار كانت مخزنة لأكثر من ستة أعوام في عنبر يقع داخل الميناء واسع الحركة.

بالإضافة إلى دعوة الاتحاد الدولي للبراءات والأفراد والمدارس والجامعات والمؤسسات الثقافية ووسائل الإعلام إلى قراءة عالمية للديمقراطية والحرية، الهدف منها، لفت الانتباه إلى لائحة حرية التعبير وحرية التجمع وحقوق الإنسان والتي اعتمدتها الأمم المتحدة في باريس في 10 ديسمبر 1948. تناول المهرجان موضوع العنصرية المنتشرةعالميا، وأهمية مناشدة القانون الدولي للتركيز على إنهاء الاستعمار، والذي بدأ في عام 2018. وبالتعاون مع مجموعة عام العلوم 2020/21، أقيمت سلسلة من الأفكار حول "رؤى الاقتصاد الحيوي". تناقش هذه السلسلة الاستيلاء على الأراضي وموت الحشرات والأشجار وحقوق الطبيعة والتقنيات الرقمية. كتب الحائز على جائزة بوليتسر فورست غاندر "الولايات المتحدة، والشاعر البيئي هوميرو أريجيس ،المكسيك، ونجم الرماية جوناس إيكا من الدنمارك مساهماتهم الخاصة حول هذه المواضيع وتمت مناقشتها مع الخبيرة الاقتصادية ـ السياسية الألمانية ماجا غوبل.

في ساحة بابل Bebelplatz وضع نصب أحمر ضخم ومقعد وطاولة. دعوة رمزية للقراءة بصوت عالٍ، صادرة عن مهرجان الأدب الدولي في برلين. يمكن للجميع الجلوس هنا: » الجميع مدعوون للقراءة من كتبهم المفضلة أو من نصوصهم الخاصة. سيكون رائعا لو شارك الكثير من الناس! « هكذا قال أولريش شرايبر Ulrich Schreiber، مدير المهرجان. في فترة ما بعد الظهر، كان الكرسي مخصصاً للأشخاص الذين يرغبون في قراءة شيء ما للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث سنوات وما فوق، وفي المساء للجمهور البالغ. في 21 أيلول إنتهت مرحلة القراءة المفتوحة بحملة "ألمانيا تقرأ لهونج كونج". كان أداء جماعي للتعبير عن التضامن مع الحركة الديمقراطية وإطلاق سراح السجناء السياسيين في هونغ كونغ، واحتجاجا ضد عنف الشرطة والجيش.

أشار ماريو فارغاس يوسا، بلغة أدبية مؤثرة، إلى التمييز بين الخيال والواقع، بين الخيال والتاريخ، بطريقة ما رومانسية ملونة. "إذا كنا نريد مواطنين ليسوا مجردين، مواطنين لا يقبلون فقط جميع القرارات التي تتخذها السلطات، من قوى هذا العالم، ولكن أيضاً يحتجون ضدهم، فعلينا أن نغمر مجتمعاتنا بالأدب". وبقدر ما بدا ذلك ممتعاً، على المرء أن يسأل نفسه: ألا يمكن للمرء أيضا أن يعتقد أن شخصا ما سيُظهر للجمهور المسار الصحيح أو الديمقراطي أو حتى الليبرالي، مع العلم أنه قد سلكه بنفسه منذ فترة طويلة. 

 

  عصام الياسري

 

خليل ابراهيم الحليالديانة المندائية: هي من أقدم الديانات الموحدة. كانت منتشرة في بلاد الرافدين وفلسطين ما قبل المسيحية ولا يزال معتنقيها موجودين في العراق في بغداد والمحافظات الجنوبية وهناك تواجد للمندائيون في اقليم الأحواز في ايران إلى الآن ويطلق عليهم في اللهجة العراقية  الصبه كما يسمون بالمندائيين أو الصابئة المندائيين حيث اشتقت كلمة المندائيين من الجذر (مندا) والذي يعني بلغتهم المندائية المعرفة أو العلم أما كلمة الصابئة فهي مشتقة من الجذر (صبا) والذي يعني باللغة المندائية اصطبغ، تعمد، غط أو غطس في الماء وهي من أهم شعائرهم الدينية وبذلك يكون معنى الصابئة المندائيين أي المصطبغين أو المتعمدين العارفين لدين الحق أو العارفين بوجود الخالق الأوحد الأزلي. تدعو المندائية للإيمان بالله ووحدانيته  وهي اول الديانات الموحدة ويسمى بالحي العظيم أو الحي الأزلي حيث جاء في كتاب المندائيين المقدس كنزا ربا أن الحي العظيم أنبعث من ذاته وبأمره وكلمته تكونت جميع المخلوقات والملائكة التي تمجده وتسبحه في عالمها النوراني كذلك بأمره تم خلق آدم وحواء من الصلصال عارفين بتعاليم الدين المندائي وقد أمر الله آدم بتعليم هذا الدين لذريته لينشروه من بعده

وهجرتهم أصل الصابئة المندائيين

1764  المنداييون 1بعد ترجمة ليدزبارسكي للنصوص المندائية الى اللغة الألمانية، تغيّر رأي المستشرقين وعلماء الأديان والمؤرخين. فهناك مؤشرات في النصوص المندائية تقول انهم قدموا من الغرب، أي فلسطين وسورية. لأن 1764  المنداييون 3هناك نصوصاً تشير الى أن المندائيين الأوائل تعرضوا لاضطهاد اليهود، الأرثوذوكس منهم على وجه الخصوص، فتركوا سورية وفلسطين لاحقاً وتوجهوا عبر تلال الجزء الشمالي من وادي الرافدين الى الجزء الجنوبي منه، ربما في رحلة استغرقت نحو 100 عام وبدأت في القرن الأول الميلادي قبل أن يصلوا الى جنوبي وادي الرافدين في القرن الثاني. بالتأكيد قد يكون هناك أفراد من بابل أو جنوب وادي الرافدين ممن اعتنقوا المندائية، لكن لا بد أنه كان هناك أشخاص آخرون على معرفة بالطقوس والتعميد قدموا من الغرب. وأعتقد بأننا لا نستطيع تفسير كل ما يتعلق بالمندائيين من ميثولوجيا وثيولوجيا وأيديولوجيا وغيرها إستناداً الى أواني  والرقوق والأدعية  والعملات المندائي  التي عثر عليها في مناطق مختافه من ايران وسوريا

وحدها.. لكنها

1764  المنداييون 4- أحد أشهر النصوص المندائية الذي يتحدث عن هذه الهجرة هو "هران جويثا" (حران الداخلية، الجوانية).  صابئة المندائيون أناس يمتازون بالطيبة والتسامح والخلق السمح ولطافة المعشر، عانوا من ظلم الحكومات المتعاقبة على حكم العراق ومورس بحقهم شتى  أنواع الأضطهاد والأهمال وإنكا ر لحقوقهم القومية والدينية بشكل مميز، هاجر العديد منهم الى الدول الأوربية طلبا للحرية الدينية والرفاه القومي تحررا من الضغط المستمر. عمل العديد منهم في ممارسة المهن الحرفية مثل صياغة الفضة والذهب وفي صناعة الأدوات الزراعية في المناطق الريفية

1764  المنداييون 6واشتهر فيهم العديد من الشعراء الذين تميزوا بالاصالة والأبداع كما برز منهم من أثرى التراث والثقافة والعلم  فبرز منهم العلماء والشعراء والفنانين اشتهر الصابئة المندائيون منذ القدم بحبهم للعلم والأدب والمعرفة  واتقان الحرف كما إشتهروا بعلم الفلك والطب ومنهم غني بتدوين التأريخ ومنهم الشعراء والمفكرين. / ثابت بن قره كان طبيباً وفيلسوفاً بارعاً في علم الرياضيات/  سنان بن ثابت بن قره كان رئيس الأطباء في بغداد في زمن الخلافة العباسية. / إبراهيم بن 1764  المنداييون 5سنان بن ثابت كان مهندساً مشهوراً وله كتابات مهمة في علم الفلك./ البتاني وهوعالم رياضي وفلكي وله كتابات مهمة في علم الفلك./ أبو أسحق الصابي صاحب ديوان الرسائل ./ سنيجر شاعر تنبوئي./ الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد هو اول من صاغ الكتاب المقدس للطائفة الكنزا ربا صياغة للغوية الى العربية . الشاعرة الكبيرة لميعة عباس عمارة. عالم الغيزياء عبد الجبار عبدالله وهو احد العباقرة الذين يعتز بهم  العالم انشتاين. صاحب نظرية الهواء المظغوط في علم الاعاصير / عالم الفلك عبد العظيم السبتي مدير المرصد الفلكي في لندن وقد سمي نجم اكتشفه باسمه . والكثير غيرهم من العلماء والادباء. نلمس في هذه الأيام ومع الأسف خنقا لهذه الطائفة الأصيلة والمتجذرة اصولها في تربة وماء العراق، نلمس ممارسات تؤدي الى تشريدهم وابادتهم وتعمل على انقراضهم من خارطة الوطن العراق، ان البلدان الراقية تحاول حماية الحيوانات النادرة والأصيلة في اراضيها ونحن مع الأسف لم نستطع ان نحافظ على هذه الأمة التي علمتنا فن النقش على الذهب والفضة وعلمتنا كيف يكون التعايش مع الأخرين لا نريد ان نفقدهم مثلم ا فقدنا قبلهم الأخوة من الديانة اليهودية .ان تعاليم دينهم كلها تعاليم سمحاء تدلك على القيم الأصيلة والروح الهادئة في تعاملاتهم وعلاقاتهم

االلغة المندائية

1764  المنداييون 9لقد كانت اللغة المندائية ـ والمندائية بالمناسبة تعني العرفانية ـ لغة العلم والمعرفة ولغة التداول اليومي جنبا الى جنب 1764  المنداييون 10مع اللهجات الأخرى مثل النبطية والبابلية الكلدانية (القريبتان جداً من المندائية) الى ان اخذت بالضعف والأنكماش التدريجي امام اللغة العربية التي هيمنت على العراق بعد الفتح العربي الأسلامي في القرن السابع الميلادي، فتخلى عنها المندائيون في العراق تماما لصالح اللغة العربية لأسباب عديدة ومن اهمها الاضطهادات الدينية والعرقية، وأصبحت تقتصر حاليا على رجال الدين المندائيين الذين يؤدون بها الطقوس الدينية اي لغة طقسية liturgical language

1764  المنداييون 11وتنتمي اللغة المندائية الى نفس المجموعة من اللغات السامية التي ت  نت مي ال يها الأكدية  والعبرية والعربية والآرامي  ة والفيني  قية والكنعانية . والمندائية هي اللهجة الآرامية الوحيدة التي حافظت على نقاوتها اللغوية من الألفاظ والتعابير الخارجية خاصة من الألفاظ العربية،

1764  المنداييون 8وتمتاز بسهولة تعلمها وبمرونة اصواتها وعذوبة الفاظها، ومازالت اللغة المندائية لغة الأدب ولغة الطقوس لدى المندائيين في العراق والعالم بالأضافة الى انها لغة التخاطب لدى صابئة ايران. وتشترك المندائية في كثير من مفرداتها مع اللغة العربية ويمكن تمييز ذلك بدون صعوبة تذكر، كما انها تحتوي على الكثير من المكونات السومرية مثل ملواشا (الأسم الفلكي) واشكندا (مساعد) وكذلك المئات من المفردات الأكدية مثل ديمتو (دمعة) ودالو (ارتفع) وهبالو (خوف) وهشالو(صائغ). ان اللغة المندائية ذات انسيابة شعرية خاصة تعبر عن الأفكار الثيوصوفية التي يمتاز بها الأدب الديني المندائي

1764  المنداييون 12 

اعداد: خليل ابراهيم الحلي / سدني

 

 

ايات حبة"المصادر الرقمية في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها"

نظم معهد ابن سينا للعلوم الإنسانية، المؤتمر السنوي الافتراضي الثالث عشر له، بالتعاون مع المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، ورابطة الجامعات الإسلامية، تحت عنوان " التحديات التي تواجه التعليم الإسلامي العالي بعد أزمة كورونا"، وذلك يوم السبت، 25- يوليو – 2020، الموافق (04 ذو الحجة 1441) بحضور أكثر من(245) مشارك ومشاركة، ممثلين عن (50) دولة من حول العالم.

بدأ المؤتمر موسوماً بجلسته الافتتاحية، وشارك فيها كل من د. علي النعيمي، رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، وكلمة د. أسامة العبد أمين عام رابطة الجامعات الإسلامية، وكلمة د. عبد الله بن صالح العبيد رئيس الرابطة العالمية لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وكلمة د. محمد الظريف عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة محمد الخامس- أبو ظبي، وكلمة د. محمود إسماعيل أمين عام مركز الملك عبدالله لخدمة اللغة العربية ، وفي ختام الجلسة كلمة د. محمد بشاري أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة.

ابتدأت الجلسة الافتتاحية، بكلمة د. علي النعيمي رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، مشيراً لأهمية موضوع المؤتمر وبخاصة في ظل جائحة كورونا (Covid 19)، مبرزةً تحديات كثيرة في استخدام مجال ال"عن بعد" سواء في التعليم، أو العمل، مبرزةً هذه الفترة أهمية وجود مصادر رقمية علمية في مختلف العلوم، تسمح باستمرار مسيرة التعلم.

كما أوضح رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، باستناد تجربة تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها على أمرين أساسين، أولها استهداف جمهور مختلف يستقبل اللغة الأم وفق آلية وأنماط معينة من التعلم، تحتم مراعاة ذلك الاختلاف، معولاً ه على المعلمين، مهمة تصدرهم كنماذج للريادة، وبناء المبادرات القائمة على الإبداع والابتكار في تقديم اللغة للناطقين بغيرها. مشيراً لأهمية ذلك في الاطلاع على مصادر التشريع بعيداً عن التعقيدات والتحديات. موعزاً بضرورة توظيف التكنولوجيا والمصادر الرقمية في اللغة العربية، من خلال الاجتهاداً المؤدي لاستيعاب اللغة وتسهيلها وإبراز جمالياتها. مؤكداً في ختام كلمته على ضرورة العمل المشترك من خلال إطلاق منصة رقمية ينهل منها كل قاصد لدراسة اللغة العربية للناطقين بغيرها.

وتالياً لكلمة د. علي النعيمي، جاءت كلمة د. أسامة العبد، الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، الذي بدأ كلمته مفتخراً باختصاص اللغة للإنسان من رب العالمين، ومشيراً لمكانة اللغة العربية لغة القرآن الكريم والأساس المتين لتفسير القرآن الكريم والسنّة والرابط الحقيقي لجميع المسلمين حول العالم باعتبارها إحدى أقدم لغات العالم وأغناها، إضافة لاعتمادها على المستوى العالمي.

وقد أشاد د. أسامة العبد، باللغة العربية باعتبارها وعاء القرآن الكريم ومنبع أصيل للعلوم، ولخصوصية تعليمها لغير الناطقين بها التي لا يجيدها كل معلم، مشيراً للزوم هذه المرحلة لامتلاك المهارات، والخبرة، والثقافة والاطلاع على التراث العربي، وتحقيق القدوة في السلوك، وتقدير ثقافة المتعلمين. كما نبه ه لنقطة متفردة، متمثلة بالانطلاق من اللغة العربية الفصحى، لتعليمها لغير الناطقين بها، مع مراعاة التدرج في تعليمها لتوافق مستويات المتلقين، مما يعني الاهتمام بالقواعد اللغوية والأساليب الإنشائية والجانب الصوتي، وزيادة القدرة التنافسية بين المؤسسات المعنية.

أما د. عبد الله بن صالح العبيد رئيس الرابطة العالمية لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، فقد أشار للمشاكل الناجمة عن أزمة كورونا، المعوزة لمقابلتها بالحرص والمتابعة لتخطي التحديات كافةً، والتي تلح بتقديم المبادرات المستشرفة للمستقبل، والدافعة بمعالجة واقع تعليم مستقبل اللغة العربية، التي لم تكن بمنأى عن تحديات التعليم بشكل عام.

ومن ذلك فقد أكده على ضرورة تصميم برامج ووسائل تعليم للغة العربية للناطقين بغيرها وتكثيف المحتوى والتركيز على العوامل والمستجدات، والتوجه للخروج بأفضل المدخلات وأحسن المعالجات والمخرجات في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وتجهيز البنية التحتية والتقنية والعمل المشترك لتطوير أدوات وآليات الخطط والمناهج وتأهيل المعلمين من أجل منجز نهائي متكامل.

بعد ذلك، استهل د. محمد الظريف عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة محمد الخامس- أبو ظبي، كلمته مادحاً مكانة اللغة العربية المذكورة في الكتاب العزيز، وبقيمتها الدينية، والحضارية العظيمة، مشيراً لتزايد التوجه والإقبال على تعلم اللغة العربية، تقديراً لقوتها الحضارية والدينية والاقتصادية، باعتبارها واحدة من أكثر لغات العالم انتشاراً.

كما أشاد سعادته بما للإمارات من دور في دعم للغة العربية، ومواكبتها وبقائها في سياق السبق والحضارة ولإيمانها باللغة العربية والرقمنة والحضارة والتكنولوجيا لتحقيق الخير والنماء للإنسانية جمعاء. طارحاً مشروع جامعة محمد الخامس المتكامل، المنوي تعزيزه من خلال مشاريع أخرى لتطوير اللغة العربية للناطقين بغيرها، عارضاً سعادته إمكانيه تعاون الجامعة في هذا المشروع مع منظمي المؤتمر بغية تحقيق التواصل الإنساني.

وأشار د. محمود إسماعيل أمين عام مركز الملك عبد الله لخدمة اللغة العربية، في كلمته لما صاحبت جائحة كورونا من تنبه الناس للإمكانات الحاسوبية، التي لم تتم الاستفادة منها بصورة مطلوبة فيما سبق، وبخاصة في تجربة التعليم عن بعد، والتي آن الأوان لاستثمارها والاستفادة منها، كبرامج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها على شبكة الإنترنت، مثل المعاجم المتاحة، وحزم تعليم اللغات، والبرامج الموجهة لمعلم اللغة العربية.

واختتمت الجلسة الافتتاحية بكلمة د. محمد بشاري أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، مؤكداً على دور التعليم الجديد باعتبار التعليم الرقمي عن بعد هو "مسبار أمل" التعليم القادم، كما أن المنهاج الرقمي الذكي أصبح أساس للعملية التعليمية كاملة، مما يلح بضرورة مواكبة التعليم الرقمي الذي أصبح ضرورة عالمية لا رجعة فيها.

كما ثمن سعادته قيمة الاهتمام باللغة العربية والنهل من تجاربها المضيئة، باعتبارها نقطة للانطلاق والتطوير وانطلاق المبادرات الجديدة، موصياً سعادته مزامنة التطوير الرقمي بمراعاة خصائص تدريس كل مجال. أملاً وإرادةً للوصول وتحقيق هدف تعليم اللغة العربية الأصيلة بأنامل رقمية حديثة بعيدة عن التعقيد، منوهاً لما للمرجع الرقمي من قيمة باعتباره نهر ثري وفرصة استفادة للجميع. ومن ذلك فإن رقمنة الخبرات أساس خبراتي أهم من المؤهل التنظيري، وموصياً لوضع إطار مرجعي عربي لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، ووضع مقياس كفاءات على غرار مقاييس اللغات الأخرى، داعياً سعادته لإطلاق منصة جامعة لتحقيق المشاركة الفعالة بين كل أطراف العملية التعليمية وتحسين جودة التعليم.

بعدها شرع المؤتمرون في تداول ومناقشة مواضيع مؤتمر "المصادر الرقمية في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها" ، الذي تناول المحاور التالية:

1- مواقع تعليم اللغة العربية على الشبكة (الإنترنت).

2- المعاجم اللغوية الإلكترونية.

3- تطبيقات الأجهزة الذكية في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.

4- تقويم مصادر تعليم اللغة العربية في مواجهة جائحة كورونا.

5- المدونات اللغوية وتوظيفها في تعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى.

6- توظيف مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي في تعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى.

ومحققاً المؤتمر الأهداف التالية:

1- رصد الخبرات والتجارب في تفعيل المصادر الرقمية في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.

2- مناقشة احتياجات معلمي اللغة العربية ومتعلميها من المصادر الرقمية خاصة في الظروف الطارئة مثل الظروف التي فرضتها جائحة كورونا.

3- الاطلاع على المستجدات الرقمية في إعداد مواد تعليم اللغات الأجنبية بغرض الإفادة منها

4- تحسين أداء المؤسسات والمراكز المهتمة بتعليم اللغة العربية وتحسين أدواتها ووسائلها، والإسهام في حل مشكاتها لمواءمة الواقع الجديد عالمياً.

5- مناقشة المعايير العلمية لتوظيف المصادر الرقمية في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.

اختتم المؤتمرون بعد المناقشات المستفيضة، والأبحاث المقدمة بواقع (40) بحثاً علمياً تقريباً، وأوصى المؤتمرون بما يلي:

1- أولاً: إنشاء منصة عالمية رقمية تعليمية تفاعلية لتحقيق المشاركة الفعالة بين كل أطراف العملية التعليمية وتحسين جودة التعليم، وذلك بتقديم برامجَ ذات كفاية معرفية ومنهجية تمكن طالب علم اللغة في المستوى التقعيدي والتداولي من إتقان المهارات اللغوية من خلال:

- بناء وربط المناهج التعليمية بالتقنيات الحديثة مع توفير المصادر العلمية والاختبارات والواجبات في منصة واحدة بإشراف ورعاية إحدى المنظمات الدولية أو المؤسسات الداعمة للغة العربية للناطقين بغيرها، الجامعة للمواد العلمية ذات العلاقة بمناهج التدريس عن بعد.

- إعداد سلاسل تعليمية رقمية جديدة بمعايير ومرجعيات دولية تتناسب مع مستلزمات تعليم العربية للناطقين بغيرها عن بعد مع مراعاة اختلاف الثقافات المحلية.

- إنشاء مكتبة رقمية للمصادر والمراجع والكتب التعليمية، تكون بمثابة بنك معلوماتية، وأرشيف للتجارب العالمية، المتخصصة بتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.

- الإفادة من تطبيقات الهواتف الذكية المشهورة في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها كتطبيق دونيلجو (duolingo)، وتطبيق مامريس (memrise)، وتطبيق بيزو (busuu)... وغيرها.

2- ثانياً: وضع إطار مرجعي مشترك لتدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها، وذلك من خلال:

- دعم وتشجيع البحوث والدراسات في مجال تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها فهما وإفهاماً ووفق المعايير الدولية للتقويم وبناء الاختبارات الرقمية.

- تحديد واعتماد معايير الجودة في تعليم اللغة العربية رقمياً للناطقين بغيرها.

- تشكيل لجنة مختصة لوضع الخطط والآليات الدافعة بتطوير مناهج باللغة العربية للناطقين بغيرها.

- إصدار مجلة علمية متخصصة في الدراسات والأبحاث ذات الصلة بقضايا تعليمية اللغة العربية للناطقين بغيرها عن بعد.

3- ثالثاً: تأهيل الموارد البشرية المتخصصة في تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها عن بعد، من خلال:

- إقامة سلسلة دورات تكوينية، لتدريب المعلمين على استخدام المهارات الحاسوبية والتواصلية والتقنية،في الطرق البيداغوجية، الوسائل الديداكتيكية الحديثة وطرق تفعيل البرامج الالكترونية على الأجهزة الذكية.

- التعاون بين خبراء التكنولوجيا واللغويين لتحقيق الاستفادة التقنية الكاملة، وتصميم تطبيقات لنشر اللغة العربية للناطقين بغيرها عبر الشبكة الدولية مع تبادل الخبرات بين الجامعات والمعاهد المختصة والاطلاع على التجارب الناجحة في استخدام التكنولوجيا في تعليم العربية للناطقين بغيرها.

- تصميم دبلوم مهني خاص في تدريب معلمي العربية للناطقين بغيرها عن بعد.

- إحداث جائزة تقديرية تشجع الباحثين على الابتكار في مجال تعليم اللغة العربية يرعاها المؤتمر في دوراته السنوية.

4- رابعاً: الدعوة إلى التنسيق بين كل من المجامع العربية والجمعيات والهيئات المختلفة المهتمة بخدمة اللغة العربية للناطقين بغيرها من أجل تطوير مناهج وطرق التدريس والرفع من مستوى الأداء المؤسساتي التعليمي.

5- خامساً: إعداد رؤية مستقبلية هادفة لتحقيق الاستثمار الأمثل لمواقع التواصل الاجتماعي في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، مع ضرورة توفير بنية تحتية، لإنجاح عملية تعليم العربية لغة ثانية عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

1- سادساً: توفير الدعم المادي واللوجستي للبرامج اللغوية التي تدرس العربية للناطقين بغيرها عن بعد.

6- سابعاً: مواصلة تنظيم المؤتمر العلمي السنوي لمعهد ابن سينا للعلوم الإنسانية، الدارس لمواضيع تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها.

وفي نهاية المؤتمر وجه المشاركون برقية شكر وعرفان لدولة الإمارات العربية المتحدة، وقيادتها الحكيمة، وجهودها المستمرة في خدمة البشرية، واحترام مكانة اللغة العربية ودورها الحضاري، والدعوة لها ولشعبها بدوام السلم والسلام، راجين من المولى أن يرفع عنها وسائر البلاد وباء كورونا، كما تقدموا بالشكر لمعهد ابن سينا للعلوم الانسانية، والمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، وورابطة الجامعات الإسلامية لتنظيمهم مؤتمر (المصادر الرقمية في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها) .

انتهى …

 

د. آيات حبه

 

محمد فتحي عبدالعالوُلِـدَ الـهُـدى فَــــالكائِناتُ ضِياءُ

وَفَـمُ الـزَمـــــــانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ

الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ

لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَــــــراءُ

بهذه الأبيات التي كتبها أمير الشعراء تترقرق عيوننا بدموع المحبة للرحمة المهداة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم ولكن من منا يعلم الأثر الباقي ليومنا هذا ويخلد ذكرى مولده الشريف.

مكتبة مكة! :

قد يمر الكثيرون بهذا المكان دون أن يعرفوا تاريخه- مكتبة مكة المكرمة - ففي هذه البقعة الشريفة ولد المصطفى صلى الله عليه وسلم عام 571م وكان موضع المكتبة في الماضي جزء من شعب بني هاشم تحيط به المنازل والأسواق قديما وقد كان في بدايته دارا لعبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم وقد قسمها بين أبنائه وشهدت شطرا كبيرا من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثم آلت إلى عقيل بن أبي طالب مع هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وظلت في حوزة عقيل وعقبه من بعده ويقال أن عقيل باعها قبل فتح مكة وكان كافرا والدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم في بيته هذا عند فتح مكة وأقام ببطحاء مكة فعن أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهما أنه قال: يا رسول الله! أتنزل في دارك بمكة؟ فقال وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور؟.

وظلت ملكية البيت تنتقل من شخص لآخر إلى أن اشتراها محمد بن يوسف الثقفي وهو أخو الحجاج بن يوسف فادخلها في داره الشهيرة المعروفة في التاريخ بدار ابن يوسف أو البيضاء فلم يزل هذا البيت في هذه الدار حتى كانت زيارة الخيرزان أم الخليفة هارون الرشيد الشهيرة لمكة فأمرت بشراء هذا البيت الذي شهد مولد المصطفى وتكريمه واخراجه من دار ابن يوسف وإقامة مسجد عليه لتكون أول من جعله مسجدا وجعلته مطلا على الزقاق الذي عرف بزقاق المولد.

1380 مكتبة مكةوصف البيت القديم ومحاولات اعماره:

كان البيت في شكله القديم كما وصفه تقي الدين الفاسي في كتابه "شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام" يتكون من بيت مربع فيه إسطوانه عليها عقدان، وفي ركنه الغربي زاوية كبيرة، وفيه عشرة شبابيك، وفيه محراب، وبقرب المحراب حفرة عليها درابزين من خشب وفي وسط الحفرة رخامة خضراء وكانت هذه الرخامة مطوقة بالفضة في إشارة إلى الموضع الذي ولد فيه الرسول.

حظي البيت أو المسجد بعناية خاصة لدى الخلفاء والسلاطين فقد جدده الخليفة العباسي الناصر وبني عليه قبة كما جدده المظفر صاحب اليمن وخلال العهد المملوكي تم تجديده عدة مرات على يد السلطان الأشرف شعبان والسلطان فرج برقوق والأمير شيخون المملوكي. وفي العهد العثماني شهد هذا المكان الكريم عدة تعميرات منها ما قام به السلطان سليمان القانوني حيث أمر ببناء قبة فوق بيت المولد وأرسل ثلاث ثريات لتضاء إحداها في ذلك البيت والأخريات في الكعبة المشرفة , ولكن التعمير الأكبر له حدث على يد السلطان محمد الثالث. فقد بنى في أعلاه قبة عظيمة ومئذنة وجعل له إماما ومؤذنا وخادما كما قام محمد علي باشا والي مصر بتعمير آخر لهذا البناء الشريف.

طقوس المولد النبوي:

كانت دار المولد أو المسجد مكانا للأحتفال بالمولد النبوي الشريف ويذكر ابن جبير الرحالة الشهير أن المسلمين كانوا يحرصون على زيارة مولد النبي وهو المسجد الذي لم ير أحفل بناء منه وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول وكان يوم مشهود بمكة دائما ويعتبر السلطان مصطفى الثاني، أول من بدأ تقليد قراءة المولد كل سنة في مكة، ففي ليلة المولد النبوي الشريف كان الناس يذهبون عقب صلاة العشاء لمسجد المولد حاملين الشموع، متجهين بالدعاء.

بناء المكتبة:

وفي العصر الحديث كان البناء قد تهدم فأستأذن الشيخ عباس القطان أحد أعيان مكة المكرمة في إقامة مكتبة من ماله الخاص في هذا الموضع تخليدا لذكرى ميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم وكان الشيخ عباس يشرف على الإنشاء بنفسه، وتوفي أثناء تشييد المبنى، فأتمه أبناؤه، ونقلوا إلى المبنى مكتبة الشيخ محمد ماجد الكردي - أحد مديري المعارف العام والمعروفة باسم (المكتبة الماجدية) .

وصف المكتبة:

تتكون المكتبة من دورين مستطيلين وللمبنى ثلاث واجهات الرئيسية منها من الناحية الغربية مواجهة للحرم الشريف ويحتوي المبنى على أربع غرف مربعة الشكل يتوسطها قاعة كبيرة والدور الثاني على نفس نسق الدور الأول وقد احتفظ البناء الحالي للمكتبة بأسس البناء القديم الذي يعود للقرن العاشر الهجري

تحتوي المكتبة على كثير من المكتبات الخاصة بالمشاهير من أعلام المكيين وتختص بالفقه والتفسير والحديث واللغة.

 

د. محمد فتحي عبد العال

 

ايات حبةالمؤتمر: يقرر تشكيل لجنة مشتركة لوضع أسس التعليم العالي عن بُعد

 نظم المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، بالشراكة مع رابطة الجامعات الإسلامية، وعدد من الجامعات والكليات الإسلامية والمؤسسات والهيئات ووكالات جودة التعليم المعنية بشأن التعليم العالي، مؤتمراً افتراضياً علمياً دولياً تحت عنوان "التحديات التي تواجه التعليم الإسلامي العالي بعد أزمة كورونا"، وذلك اليوم السبت، 11 يوليو 2020، بحضور أكثر من 300 مشارك ومشاركة، ممثلين عن 50 دولة حول العالم، على برنامج ZOOM ومواقع التواصل الاجتماعي.

وبحث المؤتمر تحديات أزمة كورونا التي مثَّلت نقطة تحول جديدة وغير مسبوقة في تاريخ مؤسسات التعليم في العالم، حيث اضطرت هذه المؤسسات إلى اللجوء للتعليم عن بُعد خلال فترة الإغلاق التي فرضتها الحكومات للحفاظ على الحياة، ما خلق واقعاً جديداً سيدفع القائمين على التعليم إلى إعادة النظر في منظومة التعليم العالي من حيث فلسفته وأهدافه ونظمه ومناهجه ووسائله وأنشطته وحاجة العالم من التعليم العالي في ظل عجز مراكز البحوث والجامعات عن وجود علاج للفيروس حتى هذه اللحظة، فالتعليم الإسلامي العالي جزء لا يتجزأ من هذا الواقع، وسيخضع للتغييرات التي ستطال نظم التعليم في العالم.

وفي كلمته الافتتاحية للمؤتمر، أشار معالي الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، إلى أهمية هذا المؤتمر الافتراضي المهم والذي يأتي في ظروف خاصة وتحديات كبيرة، فالتحدي لا يستهدف منطقةً أو قطاعاً معيناً، بل يستهدف كافة القطاعات الطبية والاقتصادية والتعليمية وغيرها، مؤكداً الحاجة إلى تبادل الخبرات والتجارب وإقامة نقاش مفتوح لمؤسسات التعليم العالي لمواجهة التحدي وغيره من الأزمات.

وأوضح رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة أن عضو هيئة التدريس هو العنصر الأهم في الجامعات، وهو مَن يقود مؤسسات التعليم العالي في التعامل مع الفئة المستهدفة، مشدداً على ضرورة إعادة تأهيل أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الإسلامية لخلق مرونة التعامل مع الظروف المختلفة ولاسيما التأهيل التقني لتعزيز تجربة التعليم عن بُعد، مختتماً كلمته بالدعوة للتعرف على التحديات المشتركة التي تواجهنا كلنا، وكذلك طرح بعض المبادرات المشتركة التي تعزز من نجاحاتنا مع بعضنا البعض.

وقال معالي الدكتور أسامة العبد، أمين عام رابطة الجامعات الإسلامية، إن وباء كورونا امتحان جاد على جميع الأصعدة، والناجح هو النموذج البشري الأكثر علماً ومعرفةً وتحكماً في تكنولوجيا القرن الـ21 ولاسيما في العملية التعليمية، مشيراً لأهمية المؤتمر الذي يأتي بالتعاون بين منظمتين عالميتين تهتمان بالشأن الإسلامي وتقدم المسلمين، وهما المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة ورابطة الجامعات الإسلامية، فالمؤتمر يدرس التداعيات والتحديات الكبرى للوباء ويضع الحلول لها، وذلك في هذه المرحلة الاستكشافية والاستشرافية لمستقبل التعليم عن بُعد.

وأضاف أمين عام رابطة الجامعات الإسلامية أن المؤتمر يجمع رجالات التعليم الجامعي الإسلامي، ويدعو للترابط بين الجامعات والمجتمعات الإسلامية، ليكون للمسلمين إسهام حضاري مرموق في مواجهة الأزمات، مشدداً أنه آن الأوان لتطبيق مبادرة التعليم عن بُعد، ووضع آليات محكمة ودقيقة بين أطراف التعليمية، وأن رابطة الجامعات الإسلامية تسعى لتفعيل دور الجامعات الإسلامية لخدمة أغراض التقدم والتنمية وازدهار مجتمعاتنا وإحلال السلام العالمي. 

في حين قال معالي الدكتور إسحق سدر، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في دولة فلسطين، إن هذا المؤتمر الافتراضي سيكرس الجهود والعقول المختلفة للتعاون المشترك وتجاور أزمة كورونا معاً، وعلينا الوقوف على التحديات التي تواجه التعليم الإسلامي، والتي ألقت بظلالها وآثارها على مختلف مناحي الحياة، موضحاً أن الوباء حال دون تمكين اللقاء الوجداني بين أطراف العملية التعليمية، فكانت التكنولوجيا هي المخرج الآمن للخروج من الأزمة، وكذلك السعي لتكريس تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتجاور التحديات التي تواجهنا في فلسطين، والمتمثلة في جائحة كورونا وجائحة الاحتلال، مؤكداً أنه لابد من تعزيز البنية التحتية وتأمين الأجهزة اللوحية لإنجاح عملية التعليم الإلكتروني.

فيما قال سعادة الأستاذ الدكتور خميسي حميدي، الأمين العام المساعد لاتحاد الجامعات العربية في الأردن، إن الاتحاد مقدم على مشاريع كبيرة منها تصنيف الجامعات العربية على غرار الجامعات العالمية، وأنه تم فتح منصة للتعليم عن بُعد، فضلاً عن إيجاد إطار عربي مشترك للغة العربية، مثمناً عالياً جهود المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة في إحقاق الحق وإعطاء صورة مشرفة عن الإسلام والمسلمين حول العالم، وداعياً إلى تغيير الخطاب الإسلامي ليتلاءم مع متطلبات العصر الحديث، فالتطور لا يتنافى مع مبادئنا وأهدافنا الإنسانية، كوننا محكومين بالتعايش مع الآخر، فنحن أصحاب رسالة إنسانية عالمية عبر مبادئ سمحة تحترم الجميع ومنفتحة على الآخر.

وقال سعادة الأستاذ الدكتور محمد جودت، من جامعة محمد الخامس في أبوظبي، إن الظروف الحالية تحتّم علينا التكاتف والتآزر العلمي بهدف الانتقال بالمنظومة التعليمية إلى أفق التفكير والتنظير لمواكبة المستجدات، مؤكداً أن الجامعة ليست مجالاً للتدريس والتدريب وتكوين الشخصية فقط، بل هي مجال للتفكير العلمي الواعي والرصين، داعياً إلى التفكير في مراكز بحث وطنية وعلمية مشتركة في المجال الإسلامي، لخدمة الوطن الحبيب، والإنسانية، وبالتالي تقديم الصورة الواقعية عن الثقافة الإسلامية التي تتسم بالتسامح والإنسانية، وأنه في جامعة محمد الخامس بأبوظبي، تم تقديم مبادرة لتأسيس مسار لدراسات التسامح وكذلك مسارات البحث عن الإسلام المعتدل وغيرها.

من جهتها، قالت سعادة الدكتور يوهانسن عيد، رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد في مصر، إن وباء كورونا جعلنا نستفيد من تكنولوجيا المعلومات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، من أجل الحفاظ على أمن وسلامة أطراف العملية التعليمية، وأن التغيير طال هيئات التعليم وضمان الجودة، والتي اضطرت إلى التحول الرقمي، من خلال توفير أدوات السرعة لإنجاز المهام المطلوبة، داعيةً إلى نشر الممارسات الجيدة في التعليم والجودة، وكذلك رفع كفاءة ودعم أعضاء هيئة التدريس مهنياً، وتطوير آليات مواجهة التحديات عبر التحول إلى التعليم التفاعلي القائم على ضمان وإدارة الجودة، رغم أنه لا غنى عن التعليم المباشر (وجهاً لوجه) لبناء الشخصية السليمة من خلال التفاعل الحضوري المشترك.

وقال سعادة الدكتور محمد البشاري، الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، إن التعليم الإسلامي العالي جزءٌ لا يتجزأ من واقع التعليم القادم (الجديد) مع اختلاف التحديات والإكراهات، وللتعليم الجديد آفاق إيجابية واسعة وحتمية تمكّنه من اتساع الانتشار والتأثير خاصة في مواجهة التطرف والظلامية، داعياً إلى إيجاد تشريعات مستحدثة تتناغم والتعليم الجديد الذي يُعتبر استجابة هامة للحقبة التاريخية، انطلاقاً من رؤية المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة التي تؤكد على الدور الريادي للتعليم العالي الجديد في بناء الإنسان المسلم المتحضر. 

وأخيراً، قال الأستاذ الدكتور نبيل السمالوطي، رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر، إن هناك أربعة أنواع للتعليم، هي التقليدي، والإلكتروني، والمدمج، والمفتوح.. وهناك التعليم والتعلم، لكن في أزمة كورونا اتجهنا إلى التعلم أكثر من التعليم، داعياً الطلاب للرجوع إلى مصادر المعرفة المعتمدة والتعود على التعليم المستمر بإجراء البحوث لاكتساب خبرات الإبداع والابتكار، مؤكداً السعي لتحقيق الجودة في التعليم وتطوير الأداء التعليمي في الجامعات، حيث ساهمت أزمة كورونا في تغعيل الصورة الرقمية واستوجبت التجديد المعرفي في كل المجالات.

بعدها، شرع المشاركون في المؤتمر الافتراضي "التحديات التي تواجه التعليم الإسلامي العالي بعد أزمة كورونا"، ضمن عدة محاور هي أولاً التحديات والمعايير لتطوير المناهج، وثانياً تحديات تطوير مهارات القائمين على التدريس، وثالثاً تحديات أنسنة طرائق تدريس العلوم الإسلامية.

وأجاب المؤتمر عن عد تساؤلات تتعلق بتحديث المناهج التعليمية من حيث الموضوعات والمجالات التي يتم تقديمها، وتحديث الكتاب الجامعي بصورة تجعله يركز على الفكرة والمنهج والمهارة والتفكير الناقد أكثر من التركيز على المعلومة والموضوع، وتأهيل الأساتذة الجامعيين وتدريبهم على النظم التعليمية الحديثة التي يتم تطبيقها في التخصصات الاجتماعية والإنسانية والتطبيقية سواء في التدريس أو التقويم، وتطوير نظم للتقويم جديدة تعتمد على قياس المهارات العقلية، وليس قياس التحصيل المعرفي، وتطوير مناهج عالمية من حيث المعايير ومحلية من حيث المحتوي والموضوع، وتطوير مساقات موحدة في الموضوعات الثابتة المتفق عليها مثل: مناهج القرآن الكريم، والسُّنة النبوية والعقيدة وأصول الفقه، والقواعد الفقهية، وأسباب اختلاف الفقهاء، والفقه المقارن، وعلوم اللغة، والاستفادة من الخبرات الرائدة والمنهجيات الحديثة في العلوم الاجتماعية والإنسانية في تقديم المناهج الإسلامية بشكل عصري يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتوفير آلية دولية لتدريب أعضاء هيئة التدريب على تنفيذ التعليم عن بعد، ومن خلال وسائط تكنولوجية، وتفعيل دور المؤسسات الدولية التي تعنى بالتنسيق بين الجامعات مثل: رابطة الجامعات الإسلامية، واتحاد الجامعات الإسلامية.

واختتم المؤتمر بعد المناقشات المستفيضة والبحوث المقدمة بواقع (53) بحثاً علمياً تقريباً، بعدة توصيات هي:

١- من أجل مواكبة التعليم الجامعي عن بُعد، وإصلاح المناهج بما يتناغم ومتطلبات الجائحة، وبما يضمن إيصال التعليم العالي لرسالة التسامح والتعايش، قرر المؤتمرون تشكيل لجان ومجموعات عمل كالتالي:

أ- تشكيل لجنة مشتركة لوضع أسس التعليم العالي عن بُعد: (مناهج وخطط دراسية)، لإصلاح المناهج بما يتناغم ومتطلبات الجائحة، وبما يضمن إيصال رسالة التسامح والتعايش.

ب‌- تشكيل لجنة لوضع معايير الجودة للتعليم العالي الجديد.

ت‌. تشكيل لجنة دراسة للتشريعات القانونية والدستورية المتعلقة بالتعليم العالي عن بُعد.

٢- العمل على تأسيس أرضية منصة عالمية للتعليم العالي عن بُعد تشترك فيها الجامعات الأعضاء لتبادل التجارب والخبرات في موضوع التعليم عن بُعد، وإنتاج المواد والبرامج في مجال التعليم الافتراضي للخروج ببرامج منتقاة وقوية تسمح بإعادة النظر في المناهج والبرامج.

٣- تأهيل الأساتذة الجامعيين، والأطر الإدارية وتدريبهم على النظم التعليمية المستحدثة.

٤- اعتماد مجموعة تطبيقات للهواتف الذكية، كوسيلة معتمدة للتعليم عن بُعد والعمل على ترقية المناهج بشكل يساعد على تداولها في تلك التطبيقات.

٥- الدعوة لتكثيف التنسيق بين رابطة الجامعات الإسلامية واتحاد الجامعات العربية والروابط الأخرى مع المجلس العالمي للمجتمعات، خدمةً لمستقبل التعليم الإسلامي العالي في المجتمعات المسلمة.

٦- إرجاع مكانة الحرم الجامعي الأصيلة، ودوره الريادي بإنتاج خريجين متشبعين واعيين بقيم التسامح والسلام.

وفي نهاية المؤتمر وجه المشاركون برقية شكر وعرفان لدولة الإمارات العربية المتحدة، وقيادتها الحكيمة، وجهودها المستمرة في خدمة البشرية، والدعوة لها ولشعبها بدوام السلم والسلام، راجين من المولى أن يرفع عنها وسائر البلاد وباء كورونا.. كما توجهوا بالشكر إلى المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، لسعيه الدائم لخدمة قضايا المجتمعات المسلمة والحفاظ على ديمومة التواصل مع ممثليه، وكذلك بالشكر لرابطة الجامعات الإسلامية، والمجلس، لتنظيمهما مؤتمر "التحديات التي تواجه التعليم الإسلامي العالي بعد أزمة كورونا".

 

تقرير: د.آيات حبه - المثقف

 

 

1377  سعد ياسين يوسف 1من على جبل الحسين ....

للعام الثالث على التوالي يحتفى بيت الثقافة والفنون الأردني بالشاعر د. سعد ياسين يوسف في جلسة قراءات شعرية ونقدية تناولت منجزه الإبداعي .

وقدم الدكتور حسين بطوش أستاذ اللغة والنقد الأدبي المحاضر في الجامعة الأردنية قراءة نقدية تناولت المنجز الشعري للشاعر سعد ياسين يوسف أستهل بها بها قراءتة النقدية:

" لقد لمست ُالشعر والشعرية كاملة بجلِّ عناصرها من رمز،وإيحاء، وتكثيف، وصورٍ شعرية معمقة، إضافة إلى ما هو الأهم وهو البعد عن التقريرية" ، واصفا شعره بأنه جمال حقيقي يتجسد في الصور وحسنها وبسلاسة في التركيب والانسياب في المعنى إلى جانب التعقيد، وهذا يُحسب لشاعرنا لا عليه، بل يؤكد قدرته الفائقة على مسك زمام الشعر؛ قصيدة النثر بكل فاعلية واقتدار . وأضاف:

" يُخطّيء مَن عالج فصل النتاج الأدبي عن أصله في حياة الشاعر، فقد تفرّد شاعرنا ببراعته وإلهامه ودقته في التصوير، فضلاً عن جرأته إلى جانب خياله الخلّاق الذي لا يخفى عليكم إذا ما التفتنا إلى الاستغلال الجيد لمثل هذه الصور الحية التي جاءت ترجمتها كلماتٍ دالَّةً بصورها الذهنية من حيث دلالتها على ما هو خارج الذهن، تعصف بنا في ظلّ ما تُقرّب لنا المعنى وتحمل الإحساس.

وأكد أن الشاعر سعد ياسين يوسف حوّل مستوى اللغة العادي إلى مستوى مجازي، تشكّل لديه بطرق مختلفة، وفق ما وصلت إليه خبرته التكنيكية والجمالية بهذه الحركة الشعريّة المتجددة التي تركت بصمة حية فريدة، بل هوية تتجذر بجنس مغاير للتقليد والاتباع، كما في مؤدى التجديد لحركة أدبية نهضوية، يجري فيها نشاط، يُعزز به الإنتاج الأدبي ويتنوَّع في أدبنا العربي الأصيل.

1377  سعد ياسين يوسف 2قرأ بعدها الشاعر عددا من نصوصه الشعرية وسط إصغاء الجمهور والتي تناولت موضوعاتها هموم الإنسان العربي في مواجة الخراب الذي يعيشه وضياع حقوقة في الأرض والحياة، مثلما تناولت فلسفته في الحبّ ورغبة الإنسان في الإمساك باللحظات الوجودية التي يكتشف فيها ذاته وكينونته.

وكان الأستاذ خميس سليمان أبو سمور الذي أدار الجلسة قد قدم لها قائلا: من دواعي سرورنا أن تحتضن عمان في واحدةٍ من أهم الأماسي الثقافية الشعر المتميز والنقد الرؤيوي الكاشف لجماليات الإبداع الراقي ونحن نلتقي الشاعر العربي من العراق الشاعر الدكتور سعد ياسين يوسف الذي جمع بين الإبداع المنهجي الأكاديمي والأبداع التأملي المتعلق بالشعر المتألق لغة وصورة وفكر .

وأضاف أن علاقة سعد ياسين يوسف بالأشجار ليست مجرد علاقة بين شاعر ٍ ورمز وأنما علاقة كينونة علاقة وجود وتماهٍ وحلول وفي يقينه أنَّ الشجرة كائن حيّ وكائن شعري يتمثل الشعر فيه تمثلا وجوديا، وهو إذ يسمي الأشجار التي طالما ألفها وعاش معها واستظل بها إنما يجعلها كائنات حيّة من كلمات ودم ونبض، إنه يكتبها أكثرمما يكتب عنها يكتب ذاته متجلية في عناصرها ليرنو نحو نافذة الوجود.

 

عمان / المثقف

 

زينب ساطع عباسسوريا /صيف / 2019

المتحف في كل بلدان العالم ..

تلاحق أزمان .. وتلاقح عصرين ..

قطعة من نفح الماضي.. وضوع التجارب السحيقة ..

استحضار اجواء لقرون انصرمت ..

اختراق جدار عبر الزمن ..

قطعٌ كانت شواهد لما سبق وتجهد بصمتها البليغ الآن لتحكي ما عاصرت ونقل صورة من الأزل ..

أكثر الحملات التي تذهب للسيدة زينب (ع) حملات اما تقوم لغرض الزيارة او العلاج، لذا تبقى الاماكن السياحية في سوريا تشكو عدم التفقد من قبل المسافرين العراقيين، وكسرا لنمطية تلك الحملات ركبت من السيدة للشام حتى وصلنا المتحف الذي يقع قبالة اكبر فندق في سوريا واسمه (لكل المواسم) حتى اني حسبته اول الامر مبنى حكوميا بسبب علوه وتصميمه ولونه الابيض المطعم بالفخامة .. وعلى الجهة الاخرى من المتحف تصافحت العينان مع جبل طالما سمعت عنه انه احد الاماكن الالمعية للسياحة سابقا اما الان فقد حلت الاطلال وغدا السفح مأتما طويل الامد ..كان الجبل اسمه (قاسيون) وكم قساة اولئك الذين سلبوا الجمال منه ومن سوريا بشكل عام ..

دخلنا المتحف بعد دفع 2000 ليرة سورية بما يعادل اربعة الاف عراقي، لتستقبلنا حديقة متسقة الورود والزروع والاشجار العالية التي بددت حرارة الظهيرة .. تلك الحرارة التي لا تتجاوز 38 في سوريا في قمة ارتفاعها، وبالرغم من اني قد زرت متاحف بالعشرات لكن وهذه اول مرة ارى الاثار في الحديقة وان كانت آثارا ثقيلة وبحجم الانسان واكبر، دخلنا المتحف فوجدت في اجنحة الاستقبال صورا كثيرة باد من هيأتها والوانها انها ليست لسوريا لأني لم اقرا تلك البنايات العملاقة في كل الرحلات التي كانت عن سوريا، وبالتدقيق فيها عرفت ان هناك مبادرة من دولة جيكوسلفاكيا لعرض معالمهم في الرواق المستقبل للزائرين إثر اتفاقية بينها وبين سوريا، فمررت الصور سريعا لأنها بدت لي بالرغم من جمالها صورا مكررة قد استحضرتها ذاكرتي بيسر .

خرجت من هذا المدخل لأدخل جناحا آخر كان يعرض تماثيله ولوحاته تحت اضاءة جميلة وشرح واف مع وجود حرس ولافتة كل بضعة امتار تأمر بعدم التصوير .. تلك العبارة التي امقتها .. يعني كيف لا اصور .. انا اتيت لأصور اساسا وما التأمل الحاصل في المتحف الا وقتي انما الحقيقي هو مع استرجاع الصور واستذكارها .. كانت الصور الضخمة المعروضة حين تقترب منها تعرف انها ليست مرسومة ولا حتى بأصباغ بل هي كما اخبرنا الدليل انهم كان يختارون احجارا ملونة يقومون بتقطيعها صغارا ثم رصفها بالشكل الذي يريدونه، كنت اتنقل وقلبي في خصام شديد معي لأني لم التقط الصور حتى رضخت له أخيرا وما ان وجدت زاوية بعيدة عن اعين الحرس متجاهلة عيون عدسات المراقبة واذا بجهازي لا يستقبل ايعازات التصوير ليخبرني انه ممتلئ ويجب الحذف .. فمرت ببالي خاطرة ان يكون هذا الامر عقابا لي لأني لم التزم بالقوانين .. طلبت من احمد ان يقوم بالتصوير فرفض قطعا وقال مفتعلا الغضب:

- تريدين تسوين مشكلة هنا .. وتصير أزمة بين البلدين ويسووك داتراقبين آثارهم ..

فتظاهرت اني اقتنعت لأنه لا سبيل لتغيير رأيه بكل حال فقلت له سأنزل للطابق التحتي .

 

وحين نزلت وجدته اصغر من الطابق المتوسط والعلوي .. وكان عبارة عن متحف للرومان فيما يختص بالمدفن الروماني، اخبرني المرشد ان المدفن الذي لقوه تم نقله للمتحف بمدة عشر سنوات حرصا على الاثار من التهشم والتكسر وانهم بالرغم من انها اثار حجرية يرفضون ان تُلمس بل الاغرب من ذلك ان بعض الاثار كانوا قد اخفوها في البرادات لان الجو العام حار وقد لا تتحمل الحرارة.

هو يتحدث عن حرارة (لا تتعدى العظمى فيها 38) .. في حين ان آثارنا متروكة للأسف الشديد بالرغم من درجة الحرارة المضاعفة في العراق ! ..

وكان مما اخبرنا الدليل كذلك ان المدفن قسم لثلاثة اقسام الاول للملك وعائلته والثاني لحاشيته واقاربه والثالث لرجال الدولة ووجهائها، يُدفن الشخص ومعه اموال وكنوز ويعملون له تمثالا لقبره .. فسألته والناس الاعتيادية اقصد بقية الشعب اين قبورهم ؟؟

- يا ست الشعب مغيب وهو بالحياة فكيف تريدين ان تجدي مدفنا لهم .. وهذا شأنهم من بدء الخليقة ..

كان جوابه سلبيا جدا وسبب لي الحنق لحال الانسانية حين تضبب عن عيون الدولة .. ثم تذكرت اني هنا لأتعلم وارى شيئا جميلا .. لا لكي اكتئب واتألم .. ثم ان ما يخلد الانسان عمله وحسن اخلاقه لا غير .. والقرآن زخر بالعمل الصالح فهو عشبة الخلود لمن يحسب ان الخلود بمال او منصب او جاه .. لذا لن يكون شكل القبر مهما ً بكل حال .

وفيما يبدو ان الدليل فرح لاهتمامي و اسئلتي التي (بوقتها) كانت كثيرة لذا قال لي سأسمح لك بالتصوير لكن رجاءً انتظري لحين اخرج وصوري براحتك .

فكانت موافقته شيئا لم احسب له وقتها نظرت لأحمد نظرة انتصار .. وهمست له اخبرتك ان الله تعالى دوما يحقق امنياتي فابتسم وقال : الله حقق امنياتك عن طريقي لأني من طلبت منه ان يسمح لك بالتصوير والا ما ادراه هو الغريب برغبتك .

قمت من فوري بحذف الصور الزائدة ورحت التقط بسرعة وبخفة يد لا اعرف من اين اتيت بها ؛ ربما لخوفي ان يتراجع المرشد او لخوفي عليه ان اتسبب له بالمشاكل لا ادري المهم ان الامر جرى بنجاح والدليل الصور التي انزلتها لتقرب لكم الحدث كما رأيته لا كما شعرته فالشعور امر معقد يصعب نقله للآخرين مهما رصفت للقارئ الكلمات والجمل الجميلة تبقى المشاعر قرينة الشاعر، والمتحف خير مكان لينسى الانسان صخب اليوم المعيش وضوضاءه اللعينة ويتنقل في اروقته الهادئة .. آه هو الهدوء ضالتي اذ اني انتمي لكل شيء هادئ وشفيف وربما صامت .. لكن هناك جلبة ما في المتحف كانت ترتفع وتختفي بين حين وآخر حتى عرفت سببها كانت احدى حملات المدراس الابتدائية وهم يتجولون بتلاميذهم لرؤية تاريخهم واستشعار حضارتهم ..

خالطتني رغبات كثيرة بضرورة اطلاع طلابي وان كانوا اكبر عمرا على ثقافة المتاحف .. المتاحف بعراقنا الجميل امرٌ ملغي من المناهج الدراسية بالرغم من ان بغدادنا وسماوتنا بل جميع محافظاتنا مكتنزة بالآثار داخل المتاحف وخارجها .. لكنها نعمة حرمت منها المدارس العراقية شأنها شان ثقافة المكتبات وثقافة الرسم وغيرها .. ثم انا عن اي ثقافة اتكلم واحلم .. والاولى ان توفر للمدارس مستلزمات الصفوف الهانئة لا ان يعج الصف بستين طالبا ثم يطلب منه ان يحب التعليم ويبحث عن نشاطات أخرى ..

***

خرجنا من المتحف بعد ثلاث ساعات كانت كافية للأروقة المفتوحة حالياً، في حين اخبرنا مرشد آخر ان هناك مئات الآثار في طور الترميم فهم يعالجون الكسور التي طالتها بسبب الحرب وداعش، خرجت ومشاعر النقمة على الحرب تتصاعد بدمائي .. كم لعينة الحروب فهي تسلب شباب الشعب وترديه جثة غير هامدة .. تسحب بكل برود موارد البلاد وزينته وتعطيه الدمار بكرم .. راسمة حدود الخراب بشكل لاحد له ..

ومع ذلك ليس بوسع السائح الا ان يرفع قبعة الاحترام بل الاكبار لهذا الشعب الذي يعالج جروحه بنفسه، ومن يزر المتحف يرَ كيف انه (وفي زوايا كثيرة منه) تم استحداثها والجدة الواضحة تحت إنارات المتحف الذكية ما بين ابيض واصفر، وغرف معتمة الا من اضواء مسلطة على الشيء الأثري، والنظافة المقرونة بالأناقة في التصميم بالرغم من خروجهم من الحرب حديثا .. فعلا هم يستحقون الإكبار .. اكتب لكم عنهم وانا اشعر باني اغبطهم جدا.. واشعر كذلك بان قلبي المشبوب بحب بلدي يوجعني والسبب انه وعلى بعد كيلومترات مني تقع مدينة كاملة تحت الرمال من غير اي اهتمام يذكر ..

 

د . زينب ساطع

........................

المتحف الوطني السوري .. شكرا لأنك تمثل استنهاض بلد جريح لايزال يبتسم بالرغم من خسائره ..

مدينة الوركاء الاثرية في سماوتنا الحبيبة تقبلي اسفي لأنك لست في سوريا 

 

زينب سعيدتم الاحتفال اليوم بماركيرا البندقية بتخليد الذكرى الأولى لتوقيع الوثيقة التاريخية بين كل من البابا سان فرانسيسكو وامام الازهر احمد الطيب حول: "الاخوة الإنسانية من اجل السلام العالمي والتعايش السلمي" التي وقعت  4 فبراير 2019. هي اتفاقية من اجل التعايش بين الشعوب تأسست على الحوار بين الاديان.

بعد اشهر قليلة، تحديدا صيف 2019، قدمت اللجنة العليا للمجلس البابوي للحوار بين الأديان المكون من أعضاء مسلمين ومسيحيين ويهود طلبا للأمم المتحدة لجعل اليوم 4 فبراير اليوم العالمي للاخوة الإنسانية يجب الاحتفاء به كل سنة.

تنبه بعض الأشخاص في البندقية الى أهمية هذه الوثيقة وضرورة  تفعيلها. مما تمخض عنه تكون مجموعة: "الاخوة الإسلامية/المسيحية" بماركيرا  بقيادة كل من دون نادينو كابوفيلا Don Nandino Capovilla  وامام مسجد ماركيرا السيد حماد.

1351 الوحدة الانسانية

وللاحتفال بالعيد الميلاد الأول للوثيقة حول الاخوة الإنسانية، اقترحت المجموعة لقاء مع تلاميذ بعض ثانويات ميستري والبندقية صباح 4 فبراير 2020، وقد كان اللقاء مع الانتروبولوجية الإيطالية باولا كاندولفي التي صرحت قائلة: : "انطلق المختبر من فكرة نقل منظور كل من الحقل الديني والاخوة بين الإسلام والمسيحية الى الحقل الانتروبولوجي٫ حيث آن الفكرة تاسست على اعتبار الاخوة انتماء للاسرة الإنسانية الكبيرة وبالتالي فالضرورة ملحة للتفكير في المهاجرين وطالبي اللجوء كاشخاص وكاجناس بشرية انسانية. فوصولهم باجسادهم وارواحهم الى الضفة الآخرى من البحر يعبر عن انسانيتهم ويسائلوننا عن انسانيتنا ووقفنا بعدها على ما يهم حياتهم اليومية  التي تعتبر تعددا ينم عن معطى الوعي والتعايش بين المهاجرين واولاد المهاجرين حيث ان المدرسة تجمع خليطا من الشعوب المختلفة من أولاد المهاجرين الذين حكوا عن قصص العنصرية والتمييز العنصري اليومي الذي يتم مصادفته في الحياة المعيشية في مختلف الأماكن.

1352 الوحدة الانسانية

تم الربط بين فكرة الاخوة وفكرة الإنسانية واشتغلنا على مفهوم التعددية التي تطبع اليوم مجتمعنا وحياتنا اليومية، التي قد تكون ثقافية او لسانية او دينية ومحور اللقاء كان هو محاولة الجمع بطريقة آو باخرى بين ضرورة عدم جعل الاختلاف مطلقا باي شكل من الاشكال ومحاولة انتاج علاقات واعتبار الاختلاف معطى إنسانيا. انطلقنا من صورة السيد من مسجد بتونس باعتباره معطى فنيا مفتوحا على كل الثقافات ومن الاية القرانية "ان خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم" ومن كتاب "الاخوة المهاجرين" لكاتبه Patrick Chamoiseau ، كتاب مزج فيه الكاتب بين البساطة واللغة الشعرية لينقل المعاناة اليومية للمهاجرين وينادي من خلال عمله هذا الى ضرورة إعطاء الحق لكل انسان في الأمان وفي الاعتراف بحقه في اللجوء، كل هذا من اجل الوصول الى الجانب الانتروبولوجي الذي يقف عند الحالة والكرامة الانسانية التي يجب احترامه من خلال تفعيل ما جاءت به وثيقة الاخوة الإنسانية للحوار بين الاديان".و في المساء، تم تنظيم اللقاء التاريخي بين البطريرك سان فرانسيسكو موراليا والامام همام رئيس الجالية المسلمة بالبندقية اللذان التقيا من قبل في كنيسة سان بيو بماركيرا ليعرجا بعدها الى مسجد شارع مونتزاني.

وقد صرح البطريرك دون نادينو كابوفيلا قائلا:" بدا اليوم العالمي للاخوة بين الأديان بين مئتي تلميذ من مختلف الثانويات بالبندقية. الامر لا يقف عند امام وبطريرك  بل تعداه ليضم عدة شباب انصتوا لشهادات شباب اخر: احمد، اليزا، حصاتو الذين انضموا لمجموعة الاخوة الإسلامية/ المسيحية لماركيرا. ،هم من سلم  الوثيقة التاريخية عن الاخوة الإنسانية التي أمضاها كل من البابا وشيخ الازهر لاثنى عشر قسم.

وقد ترجمت الاغنية النهائية التي غناها شباب طومازيو "لم تفعلوا لي شيئا" الحياة اليومية لهذه الوثيقة.

اختتم اللقاء بعناق حار بين الشباب غنوا فيه اغنية: "حياتنا تتجاوز حروبكم العديمة الفائدة، هناك من يضع الصليب وهناك من يصلي  فوق السجاد، انها أبواب منفصلة لبيت واحد، هذا حتما ما يامله ملايين الأشخاص". 

 

زينب سعيد

 

 

عدنان حسين احمدتهدف مسابقة "شاعر المليون" إلى صون التراث الشعبي الإماراتي خاصة والخليجي بشكل عام. ويُعدّ الشعر النبطي شقيقًا للشعر العمودي من حيث الشكل الخارجي، والإلتزام بقافية واحدة، واستعمال الأوزان العروضية المستخدمة في الشعر العربي الفصيح. وتأتي هذه المسابقة التي تُنظّم كل سنة مرة واحدة لدعم هذا النمط الشعري الذي يتواجد في البلدان العربية كلها بدءًا بدول الخليج العربي، مرورًا  ببوادي اليمن والعراق والشام والأردن، وانتهاءً بمصر والسودان ودول المغرب العربي. فهذا النمط الشعري هو الابن البار للصحارى العربية ذات البيئات المنفتحة التي لا تحدّها حواجز أو حدود. ويُرجِع بعض المؤرخين بدايات الشعر النبطي إلى شيوع اللهجات المحْكية إلى القرن الرابع الهجري، وقد أصرّت دولة الإمارات العربية المتحدة على إدامة زخم هذا النمط الشعري الذي يحبّه الملايين من المواطنين العرب ولا يجدون صعوبة في فهم معاني كلماته التي قد تبدو عويصة للمواطن العربي المديني الذي لم يألف هذا الضرب من الكلام الفيافي العربية.

تضمنت الأمسية السابعة ستة شعراء متسابقين وهم: برزان الشمّري من العراق، وحمد المويزري من الكويت، وعبدالله الحمومي من اليمن، وميثا الغافري من سلطنة عُمان، ومطرب العتيبي، ونبيل عاجان من المملكة العربية السعودية. وقد تنافس الشعراء الستة في قراءة قصائدهم النبطية أمام أعضاء لجنة التحكيم والجمهور الذي اكتظت به قاعة مسرح "شاطئ الراحة" فيما تبنّت قناتا "الإمارات" و "بينونة" تصوير المسابقة ونقلها نقلاً حيًا إلى محبّي الشعر النبطي.

1330  مسابقة شعرية

حدود مُلتهِبة

تُعدّ قصيدة "النملة الفارسية" للشاعر العراقي برزان الشمّري أنموذجًا للقصيدة الوطنية التي يتداخل فيها التاريخ بالدين، ويمتزج فيها الماضي بالحاضر وكأنَّ الشاعر يحمل مرآة مُكبِّرة تستدرج الوقائع والأحداث البعيدة والقريبة في آنٍ معًا. ومَنْ يتأمل هذه القصيدة جيدًا فلا يجد صعوبة تُذكر في تخيّل "حرب البسوس" التي دامت أربعين عامًا وكان الشاعر "جسّاس بن مرّة " آخر منْ قُتِلَ فيها.  هذا التلاقح بين "حرب البسوس" وبين الحروب التي يشنّها الفرس في أربع عواصم عربية وتحرّشات تكاد تطال غالبية دول الخليج العربي، هو ضرب من "الميتاسرد" الذي أتقنه الشاعر برزان الشمري وأجاد فيه إلى الدرجة التي أقنع فيها الجمهور أولاً قبل أن ينال رضا أعضاء لجنة التحكيم الثلاثة وهم: الروائي الإماراتي سلطان العميمي، والدكتور غسان الحسن من الأردن، والشاعر الكويتي  حمد السعيد الذين لم ينتبهوا لهذا التعالق الميتاسردي الذي أثرى هذا النص الشعري المكتمل إلى حدٍ كبير. وقد تكرر هذا الميتاسرد في التلاقح الثاني مع "ثورة العشرين" التي شنّها الثائر شعلان أبو الجون ضد الاحتلال البريطاني، وأن تلك الثورة التي انطلقت عام 1920 قد تكرر انطلاقها ضد التواجد الإيراني في العراق قبل ثلاثة أشهر من هذا التاريخ. يتمنى الشمري أن اليد التي تحمل "المُوس" الفارسية أن تُصاب بالشلل حيث يقول:

" ترى للحين ماطاح الجِمل يامعشر الأمواس / عسى يد المجوس اللي تحدّ الموس مشلوله"

ثمة أمنية يتمناها الكثير من العراقيين الشرفاء، ومحبّي الوطن حينما يردّدون مقولة تُنسب إلى عمر بن الخطاب يقول فيها: "ليت بيننا وبين الفرس جبلاً من نار لا ينفذون إلينا ولا ننفذ إليهم" ولأنهم على مرّ التاريخ يتدخلون في شؤون الغير، ويثيرون الفتن الراقدة، ويشنّون الحروب بحجة مناصرة المذهب الشيعي وهم منه براء فلا غرابة أن يلجأ العراقيون إلى أقصى درجات التخيّل ليقطعوا الحدود الفاصلة بينهم وبين الفرس بجبال من نار مشتعلة أبد الدهر، وهذا ما قاله الشمري بالضبط في البيت الآتي:

" الا ليت الجبال الشامخات اللي قوية ساس / تعوّد بيني وبينك قممها نار مشعوله"

إنّ منْ يقرأ هذه القصيدة يشعر بتماسكها وقوة بنائها الرصين منذ مُستهلها وحتى بيتها الختامي، أما بقية أبيات القصيدة فهي تعج بالصور الشعرية الجميلة والمعبِّرة التي تأخذ بتلابيب المتلقي.

أسطرة صورة الأخت

اختار الشاعر الكويتي حمد المويزري ثيمة "الأخت" كي تكون محورًا لقصيدته المتبارية واصفًا علاقة أفراد الأسرة من الرجال بهذه الأخت الشقيقة التي تملأ البيت فرحًا وعذوبة، أما محلّها فهو في الصدور أو في القلوب على وجه الدقّة وهذا ما يعنيه الشاعر في البيت الآتي:

" بنت المعالي شقيقة طيبين العيال / محلّها ف الصدور ونور تجويفها"

اتفق أعضاء لجنة التحكيم بالإجماع أن "القصيدة متماسكة في بنائها، وتسلسل أفكارها، ومتميزة بالتصوير الشعري الجميل، مع حضور واضح لدلالة النور التي أثرتْ تطور النص الشعري تخليداً للأخت وحقوقها".وقد ذهب الشاعر إلى أسطرة صورة الأخت إلى الدرجة التي قال عنها:

"عطية الله لـ أبوي مْن العطايا الجزال /  سحابةٍ تنْبت الصحرا .. سواليفها"

وربما يكون رأي الدكتور غسان الحسن هو الأكثر دقة لأنه أمسك بالعصب النابض لهذا النص الشعري الذي قال عنه: "أنها قصيدة لا يقولها ولا يشعر بها إلا من استشعر وجود البنت في الأسرة" فهي بؤرة البيت وعموده الروحي، ورائحته الزكيّة التي تعبق في الزوايا والأرجاء.

تمجيد لطبول الحرب

لم يفلح الشاعر اليمني عبدالله مبارك الحمومي في عقد مقارنة ناجحة بين مشاركاته في مواسم متلاحقة من مسابقة "شاعر المليون" وبين الحروب التي يخوضها المواطن اليمني دفاعًا عن الشرف وحياض الوطن. فثمة فرق كبير بين الحربين ولا مجال فيها لهذا الترميز الذي يخرج عن حدّه وينقلب ضدّه.

ما لفت نظري في هذه القصيدة هو تمجيد الشاعر لـ "طبول الحرب" التي يخسر فيها الجميع بما فيهم الطرف المنتصر فكيف سمح الحمومي لنفسه أن يُطري الحرب، ويُثني عليها، ويمنحها هذه المنزلة الرفيعة مع أنها مذمومة في كل زمان ومكان إلا باستثناءات محدودة تقتضيها حالات الدفاع عن النفس والأرض والعرض والمال؟ والأدهى من ذلك أنّ شغفه بالحرب قد وصل ‘لى درجة "العشق والتماهي" حيث يقول:"

"عرب من كثر مانعشق طبول الحرب والناقوس / عجاج الخيل غيمه فوقنا ودم الرجال أسيول"

كنت أتمنى على أحد أعضاء لجنة التحكيم أن يوجِّه هذا الشاعر الشاب إلى حُب الحياة، والأمان، والطمأنينة لا التعلّق بالحرب، والانجذاب إلى قرع طبولها، وأصوات نواقيسها، ثم مَنْ قال إن العرب كلهم أو غالبيتهم يعشقون طبول الحرب، ودويّ طائراتها، وزمجرة مدافعها، وأزيز رصاصها؟ لقد اعترض الدكتور غسان الحسن على عدم التوفيق والربط بين مسابقة "شاعر المليون" وخوض المعركة لكنه لم يعترض على فكرة التعلّق بالحرب أو الشغف بها إلى حدّ العشق. وقد أبدى الحسن إعجابه بطريقة إلقاء الشاعر، والصور الشعرية التي تتوفر عليها القصيدة التي تغرق بالدماء وتكتظ بالقتلى.

غناء ورقص حضرمي

وفي أثناء الفاصل بين القراءات الشعرية قدمت فرقة حضرموت عددًا من الأغاني والرقصات الشعبية التي نالت استحسان الجمهور فقد نقلنا صوت المطرب الجميل إلى مضارب حضرموت وفضاءاتها السعيدة. كما كان للرقصات اليمنية وقعها الخاص بين الحضور وذلك لرشاقة الراقصين، وخفّة ظلهم، وتماهيهم مع المقطوعات الموسيقية التي عُزفت بحرفية عالية تركت صداها بين الحاضرين.

اللمسة الثقافية

ثمة قصائد تُشعرك بنضجها واكتمالها منذ المطلع، وربما من صدر البيت، أو من أول صياغة موفقة كما في قصيدة الشاعر السعودي المجوِّد مطرب بن دحيم العتيبي الذي يكشف عن ملكته الشعرية في مستهل قصيدته حيث يقول:

" منظومة الحسن خِلْقت من رخام وثوبها خام / أشوفها بنت جا من بطنها تاريخ الأمّه"

فما إن يسمع المتلقي توصيف "منظومة الحسن" حتى تُوخَز لوامسه الحسّاسة دفعة واحدة لأنه طرق سمعها تعبير يشي بمواصفات جمالية أكثر وقعًا وتأثيرًا في النفس البشرية، ثم يباغتك التوافق الصوتي التام بين كلمتي "رخام" و "خام" اللتين تثيران في الروح تصورات شتى لكنه سرعان ما يأخذنا إلى أنّ هذه الكائنة الجميلة شكلاً ومضمونًا هي حاملة لتاريخ الأمة وسوف تُنجب العديد من الرجال المبدعين في مختلف مفاصل الحياة كالشاعر والمستكشف والعالِم، فهي امرأة ولود ترفد الحياة بالعلماء والأدباء والفنانين كما جاء في هذا البيت:

"عيالها شاعر وْعالِم ومستكشف وصمصام / ومورِّخٍ سطَّر أمجاد العَرَب من حر دمّه"

يحرّضنا هذا الشاعر المحترف على التلاقح مع أمجاد الماضي بواسطة التقنية الميتاسردية أيضًا وإن لم يغص فيها تمام الغوص مكتفيًا بالإشارة إلى الجوامع الإسلامية التي شُيّدت قبل 1400 سنة من هذا التاريخ الذي يندفع بنا إلى أمام. ثمة أكثر من إشارة وتنويه إلى أن الشاعر ضليع في اللغة العربية وأنّ حقل تخصصه في النحو واللغة قد أفاده كثيرًا في كتابة هذه القصيدة السلسة والمنسابة كماء في جدول رقراق.

رفقًا بالقوارير

بما أن ميثا الغافري هي الشاعرة الوحيدة في مسابقة هذه الأمسية الشعرية فقد نالت حظًا أوفر من الاهتمام والرصد لتجربتها الإبداعية في هذا النص الشعري الذي يتمحور حول الأم ومكانتها في الأسرة، وعلاقتها بزوجها وأبنائها سواء أكانوا ذكورًا أم إناثًا. ومن محاسن التصوير لدى الشاعرة العُمانية ميثا الغافري أنها شبّهت الأم  بالشجرة، وهي كذلك فعلاً، معطاءة، ومُضحية بالغالي والنفيس من أجل فلذات الأكباد، فلا غرابة أن تذبل قبل الأوان كما تقول الشاعرة في مستهل القصيدة:

"اتساقطت قبل الخريف وطال غصنيها جفاف / وبعرقها رجفة شتا مابانت بجذعٍ حَمول"

أبدى الشاعر الكويتي حمد السعيد إعجابه بقصيدة الشاعرة ميثا الغافري، وأشاد بموهبتها الشعرية التي يمكن تلّمسها في الترميزات، والصور الشعرية الجديدة، والنفس السردي الذي اتبعته في كتابة التنص الشعري الذي يرصد تفاني الأم، وسعيها اللامحدود في زرع القيم والمفاهيم الإسلامية في عقول الأبناء وأذهانهم. كما أكد غسان الحسن على تقنية السرد القصصي في هذه القصيدة والتنقّل السلس بين أركان الثيمة الرئيسة والثيمات الفرعية المؤازرة لها. فيما أشاد العميمي بجماليات القصيدة والموضوعات الإنسانية الدالة على الوعي، ومعالجة الشاعرة ميثا وغيرها من الشعراء لموضوعات مهمة كالأم والبنت والأخت.

عبق المكان

تفرّد الشاعر السعودي نبيل بن عاجان بقصيدته الوطنية التي تمجِّد المكان الذي يكشف حبه لمدينة الأحساء فلا غرابة أن يأتي على ذكرها في صدر البيت الأول من القصيدة قائلاً:

"من منطلق حُبّ العظيم لْصوت خطوات العظام / شاعر حساوي ها هُنا ينقش على العليا رسوم"

تنمو القصيدة وتتطور أحداثها لتشمل وحدة أبناء المملكة العربية السعودية أولاً ثم يتجاوزها إلى وحدة الأمة الإسلامية حتى من دون الإشارة إلى الأمة العربية مثلاً أو وحدة الكيان الخليجي في أقل تقدير. القصيدة تدعو إلى لمّ الشمل، وتوحيد الصفّ، والسير على الطريق الصحيحة. كما يدعو الشاعر في قصيدته إلى نبذ الخلاف الطائفي، وتقوية الأواصر بين الشعوب العربية والإسلامية، ويمكن أن نقتبس البيت الأخير الذي يقول فيه نبيل بن عاجان:

"سؤال هل يرضى " علي " نعيش هذا الإنقسام !؟ / سؤال هل يرضى " عمر " أنّا نُقتّل كل يوم ؟ !"

والجواب المنطقي إنّ الاثنين "علي" و "عمر" لا يرضيان بالانقسام والقتل وكلا الطرفين يُدينان بدِين المغفرة

والمحبة والرحمة.

وفي ختام المسابقة الشعرية تمّ الإعلان عن أسماء شعراء الأمسية الثامنة والأخيرة في المرحلة الأولى وهم: سلطان بن معتب الدوسري، ومحمد البندر المطيري، ومحمد الحمادي العتيبي من السعودية، وعامر بن فواز العجمي من الكويت، وعبد الله بن فهم من الإمارات، ومحمد حمدان العنزي من الأردن.

 

أبو ظبي: عدنان حسين أحمد

 

 

سوف عبيدفي أيام شتائية عتيّة وبينما يخوض محترفُو السياسة غمار تشكيل حكومة البلاد بين أخذ وردّ وبين الاِئتلافات والاِختلافات ظاهرًا وباطنًا اِجتمع شعراء وأدباء يتدفّؤون شجونهم وهمومهم في رحاب دار الثقافة ابن خلدون وهي القلعة العتيدة في العاصمة تونس التي شهدت عديد المناسبات الحافلة في شتى الفنون والمعارف واِستقبلت عددا لا يُحصى ولا يعدّ من أعلام الشعر والأدب والفنون والموسيقى والسياسة أيضا مثل ياسر عرفات ونزار قباني أما الأدباء والمثقفون والمبدعون التونسيون فأغلبهم قد مرّ من هذه الدار العتيدة إمّا محاضرا أو عارضا أو منصتا أو مشاركا في مناسبة من المناسبات وهاهي اليوم الخميس 16 جانفي 2020 تفتح أبوابها لبادرة جديدة في دورتها الأولى تتمثل في تظاهرة - شاعر تونس - على مدى ثلاثة أيام وقد دعت إليها جمعية - زهرة الشمال - التي تترأسها الشاعرة سميرة بنصر ونظمتها بالِاشتراك مع مندوبية الثقافة في ولاية تونس العاصمة التي ينسّق أنشطتها الشاعر منير وسلاتي فاِجتمع في بهو الدار وعلى الأرضية المبلّطة بلوحة فسيفسائية جميلة ترمز إلى الفنون السبعة أكثرُ من خمسين شاعر وأديب جاؤوا من جميع أنحاء تونس الخضراء أيضا بمبدعيها ومن بينهم بعض الشعراء العرب من العراق والأردن فكان لقاء ممتعا يبعث البهحة والأمل في سنوات عجاف من الحروب والانتكاسات والخيبات وذلك هو دور الفكر والشعر والأدب والفن يشحذ العزائم ويشعل الشموع عندما تدلهمّ الدروب وتتراجع الهمم فيدفع نحو الأحلام والأماني

لقد كانت مناسبة للإعلان عن القصائد الثلاث الفائزة في المسابقة الخاصة إلى جانب تكريم بعض الجمعيات والنوادي الأدبية النشيطة ثمّ اِنطلفت القراءات الشعرية التي استمرّت على مدى ثلاثة أيام وشارك فيها عشرات الشعراء على توالي أجيالهم وتنوّع ألوانهم ومرجعيّاتهم الفكرية والفنيّة بمحتلف المضامين والأساليب وقد راوحت بينها حلقات حوار دار الحديث فيها حول قضايا النّشر والتوزيع وحقوق الكاتب وتناولت أيضا خصائص ترجمة النصوص الشعرية وجمالية القصيدة العربية قديما وحديثا من خلال بعض الأمثلة وقد اِنتظم في بهو دار الثقافة معرض للكتب الصادرة في الآونة الأخيرة فكان المعرض مناسبة قدّم فيها أصحابها ما تيسّر لهم منها للتعريف بتآليفهم الجديدة نذكر من بينها خاصة

ـ سيمفونية شغف ـ مجموعة قصصية للكاتبة زيب بوخريص

ـ أجمل هزائمي ـ للشاعرة هدى كريد

ـ نغمات العشق الأخير ـ للشاعرة نجوى النوي بن احمد.

ـ شيء من الذاكرة ـ للشاعرة ابتسام الخميري

ـ صمت كصلوات مفقودة ـ ديوان شعري مترجم إلى الفرنسية والإنقليزية للشاعرة سليمى السرايري

ـ قصائد معلّقة على حبل التمرّد ـ للشاعرة فاطمة محمود سعدالله.

ـ الأفق والنوارس ـ للشاعرة جميلة بلطي عطوي.

ـ رأسي في قفص الإتّهام - حرف ودمعة - حديث الروّح ـ وهي ثلاثة دواوين شعرية بالفصحى والفرنسية والعاميّة التونسية للشاعرة زهرة الحوّاشي

ـ نوافذ على ورد وشوك - عطر الغياب - للأديبة حسيبة صنديد قنوني.

ـ ديوانان لرئيسة جمعية ـ زهرة الشمال ـ الشاعرة سميرة بنصر

وساهم الشاعر والفنان التشكيلي سمير مجيد البياتي بتقديم كتابه حول الفن التشكيلي التونسي وهو ثريّ بالمعلومات واللوحات وبديع التصميم 

وهذه بعض القصائد التي قُرئت

***

معزوفة برومثيوس

هدى كريد

 

1317 هدى كريدأكره علاماتِ المرور وصُوى الطّريق

أحبّ المسير بلا نهاية ووشوشة الغواية تختزن أسرار الآتي

لا مكان يحتويني

الصّحراء ضاقت عن احلامي

أراني فوق شراشف السّماء

أتهادى عروسا للكون

أصيخ الى وحيه

حتّام أكتفي بالنّظر؟

حتّام أستوي بالبشر؟

كم من إجابة أزهقت

روح السّوال

ذرني ياقلبي والأوهام

ابتنيها في الحال

علاء الدّين أغلق القماقم كلّها والمارد في صدري مرجل يغلي يفور

رأسي بالافكار يمور.

أريد كلّ شيء في ذات اللّحظة

برمثيوس يوسوس تحت وسادتي ليلا

أما خبرتِ لذّة العصيان؟

على مرمى البصر خذلان ياصاح

فلتكتب تغريبة القهر

وطني طارد والأرض منفى

فانّى الكاس وشدو العنادل؟

النّغيمات سكرى في روحي الحالمة تدكّّ جنادل القه

جحافل الوعد تحاصر مدينة الضّجر

تخوض المعركة

تتلو وصاياها العشر

يامرداة تجثم فوق البراعم

انتظر معجزة

انقلابا

سيلا يجتاح اليباب

يأتي على اليابس

دون الأخضر

أضنتني شهوة الرّقص

على الغيوم والتّجوال على ضفاف الأبد

ليت نيرون يحرق كلّ الخرائط

ليت الأماكن أثر بعد عين

ليت الأزمنة بخور يعبق في مجمرتي الصّغيرة

طقوسها تغويني

عمّدتها امّي بجرّة حبّ

يا لبركة الأصابع الحانية

تهدهدني في مهد الذكرى

تعبت من الزّمان

مدّا وجزرا

ينشرني

ويطويني

ولحظة نزق يرميني

كوني اميميتي فلك نجاة

ينتشل من جوف الغرق حلما

وطفلة وقصيدة

**

رجلٌ مَلأت قلبه آلاف الحكايات

سمبر مجيد البياتي

 

1318  سمير مجيد البياتيوعندما أراد أن يتكلم

أصابته جلطة

فمنذ ذلك الحين، صباحَ مساءَ

تحدثنا شفتاه وهُما ترتجفان

وعيناه تتسعان حينًا وتصغران أحياناً

مرة يضحك وأخرى يبكي

وما أكثر حديث البكاء

يتحدث.. ويتحدث.. ويتحدث

بسرعة لا يريد أن ينسى شيئا

يتخيل

بأننا نفهم ما يقول

ونحن كنّا نسمع

تمتمات

لا تفهم

وأحس بأننا لا نتفاعل مع قصصه

صمت عن الحديث

وهو ينظر بعينيه

وَتَركَ لدموعه تسرد

باقي القصص

***

قصة: اِستِيتِيقَا

زينب بوخريص

1319  زينب بوخريص

ذات مساء ربيعيٍّ رائقٍ، جلستُ في حديقة منزلي، أتفيّأ ظلال أشجارها الوارفة و أتضوّع عطر ورودَها العبِقة...ينفذُ شميمُها الحلوُ إلى أنفي، فأنتَشي، وتنفتح شهيّتي للكتابة...فتتدفّق جداول الكلمات،

بعد أن دغدغت الروائحُ العطرةُ ثنايا حروفي، سقيتُها حِبر يراعِي، فأينعت وأثمرت: مقالا بديعا عن "الاستيتيقا" كان مقالاً رائعًا، لم تَجُد قريحتي بمثله منذ مدّة، أجدبت فيها مخيّلتي و نضب مَعينها أيّاما.

حدثت نفسي في خُيلاء:

- ليس كل من يكتب، يعدّ كاتبا.. فالكتابة عشق و فنّ وجنون..

هوَسٌ و إجادة، قبسٌ مِن نور يُقذف في الصّدر.. قد يغادرك أحيانا فتلفِى نفسك مُحبَطا هجرك ألقُك و سحرك.. وفجأة وأنت تقترب من اليأس يتدفّق زبدُها، فتفيض المعاني و تهمي الكلماتُ كماء زلالٍ متدفقةً من اليراع سلسةً عذبةً..

آه ما أجمل أن تكون كاتبا!! تجد لِنفسك عالما بديلا تنسجه في مخيّلتك.. وتقبعُ في شرنقتِك بعيدا عن السّخف و الرّداءة..

راودتني هذه الأفكار وأنا أقرأ نصّي متمعّنة، مخافة تسلّل بعض الهفوات، معكّرة صفوه و مفسدة بيانَه الفريد مشاعر متداخلةٌ انتابتني:

اِعتزاز و امتعاض: معتزّة بقلمي واثقة من قدراتي.. نافرة من رداءة وقبح اسْتشْريَا..

لم يسعفني الصّبر، تملكّتني اللّجاجة.. قلت في نفسي:

- يجب أن يكون مقالي جاهزا للطبع..

فسِرت إلى مقرّ الجريدة و قصدت مكتب رئيس التّحرير مباشرة

ما إن رآني حتى انفرجت أساريره.. وخاطبني قائلا:

- وجهكِ البشوشُ يوحي بالخير.. هل تفجّرت قريحتُكِ المتمنّعةُ أحيانا فقطعتِ إجازتكِ و استأنفتِ العمل؟

أجبته واثقة:

- كالعادة فراسَتُك لا تخطئ أبدا..أخصبت المخيّلة،، فطرحت خيرا عَميما ضمّته مقالتي هذه..

قلت ذلك ومددته بمسوّدة المقالة..جلس إلى مكتبه ملتهما كلماتها بِنَهمٍ عجيبٍ.. وقال:

- أبدعتِ، دام مدادُك، و ما انساب به بنانُك السّاحر، راق لي كثيرا

ما كتبتِ، فعلا إنّ مِن البيانِ لَسحرًا.

شعرت بالاعتزاز وأنا أسمع ثناءه على مقالي.. و ألفيت نفسي أحيا في ألفاف نشوتي الغامرة.. أكيد سيحظى نصّي بالنّشر في الصّفحات الأدبيّة و سيلاقي نجاحا منقطع النّظير..

أضاف رئيس التحرير:

-لكنّ هذا الكلام على بهائه و سحره لا يصلح للنّشر في مجلّتنا الغرّاء.. و إن نُشر فلن يقرأه أحد.. لمَ لمْ تكتبي عن آخر صيحات الموضة والأزياء أو عن المطرب"ماجد سعيد" الذي أحدث ضجة صاحب أغنية

"ليه عملتيلي بلوك

قبل ما تشوفي النيو لوك.."

وراح يدندن كلمات الأغنية الحدث، و رُحت أدندن معه لحنَ نفسِ الأغنيةِ، حفظتها من كثرة بثّها، فتمادى في الغناء منتشيًا و قد هزّه النّصر، وأطربه الظّفر..وفي غمرة احتفاله بانتصارِه المزعومِ صرختُ بصوتٍ عالٍ وأنا أضرب على مكتبه بيدي:

- كفى! أنا مُستقيلة من العمل..

غادرت المكتبَ و أنا أدنْدن اللّحنَ اللّعينَ..

**

بي ما بي

زهرة حواشي

 

1320  زهرة حواشيبِي ... مَا بِي

بِي وَقْعُ السِّياطِ

علَى جَسَدٍ عَارٍ هَزيمْ

بي قُرْحةٌ تسْتنْزفُ شَرْيانَ عُمْرِي

تُحيلُ القلْبَ مَكْلومًا سَقيمْ

 

بِي طَلقاتُ غدْرٍ شَجَّتْ عُروقَ رأْسيِ

حينَما وطنيِ اِستوْطنَ فِكْري

فنَسجْتُ من النُّورِ

هالةً ضَمَّنتُها رُوحَ انْوجادِي

لتُنيرَ ذا الدَّربِ العَتيمْ

 

بِي ...ما بِي

بِي مزْرعة ُدِماءِ اليافِعينْ

شهْد ِالحياةِ تَرنَّموا بالْحبِّ و الحُرِيةْ

تصَّاعدُ جِراحُهم تَتعلَّقُنيِ

أنْ ذَكِّريهمْ

لنْ يهْدأ الدَّمُ المغدورُ

وَ إِنْ كثُف الأديمْ

 

بِي ...ما بِي

بِي كَبد ُالثَّكلىَ الأَبيَّةْ

قطَّعوهُ

وصلَّبوهُ

وأضْرمُوا تحْته نارًا

وقُودها امْتدادُ الرِّيحِ

عبْرَ الصَّحارِي

فلنْ ...

لنْ تكُفَّ عنْ لهْفِ الْهشيمْ

 

بِي ...ما بِي

بيِ صَرَخاتُهمْ هُمْ تنْبعِثُ

منْ بُطونِ الْحوتِ

حينَ تنامُ الشَّمسُ

و يَبرُدُ الماءُ

صَقيعًا

قطيعًا

سَكاكِين

تَطْفو عيُونُهُمْ هُمْ

يتَقاذفُها المِلْحُ كلَّ مَساءْ

تهْفو لِدفْء أحْضانٍ حَنونْ

فَيفْقأُها الصَّمْتُ العَقيمْ

 

بيِ ...مَا بِي

بِي طفُولةٌ وَردٍ

يَدوسُها جَبروتُ إفْكِ الْأفَّاكينْ

غُرِّبتْ عنِ المَلْعبِ و الْمدْرسِ

وَ عِذابِ أحْلامِ الصِّبا

شُرِّدتْ تحْت براثنِ الْجشعِ الْبهيمْ

 

تَنْشُقُ منَ الشَّوارعِ سُمًّا

تَمْلأُ المَخاويَ رَغْوًا

وَ وَهْمَا

تَغْنمُ منَ اللَّيلِ برْدًا

وَ هَمَّا

تَرْصدُ منْ غَدِها غُبْنًا

عُمْرًا ذَليلًا

وَ دَحْرًا

وَ دَمْعًا

وَ سُقْمًا....

!! فهلْ منْ عَليمْ

هذا بعْضُ ما بيِ..

فمنْ ليِ بِمنْ بِه ما بِي !!

***

سليمى السرايريإلهٌ سرياليّ

سليمى السرايري

 

تمددُ كخيوط فجر في وجه الصمت

كموعد يتهاوى

كلما أينعت حواسي بالهذيان

ها أنا أتهاطل على بقايا العبير

فراشة عاشقة للرحيق

حيث يرتعش اللون على رفات الوتر

متفاوتَ الزرقة

متموّجَ البياض

 

كان وهج اللمعان صادما

حين امتدت من الإطار أصابعُ

ثائرةًً على جمود اللوحة...

شاخصةً كمرآة تسربت منها طلاسم السحرة

أستنشق رائحة بخور أعلن تمرّدَه في الأرجاء

وأجلس في شغف الانتظار

مع غائب كلما طالع خارطتي... تاه عني

 

الآن، لي رغبة البكاء في يتمي

أنا أغنية من نزْف الضياع

لي شيء يشبه ستارة أعيتها لعبة الريح

حيث طاعة التسبيح في محراب حبيبي

 

نصف قمر يباغتني عند احتضار الضوء

حتماً ستعبث الساعة بموعدنا

حتماً سيتوقف الوقت عند اللقاء

كل صمتٍ

كل سرابٍ

أجيء زَنبقة عابقة بالورد

مخضّبة باللون

أجيء، براءة بلّلت عرائسها ثم رقصت وحدها

هناك... في طرف الطفولة..

ها أنا أخون كل "بروفــيلاتي"

أسترق نظرات إلى صوتك

أحتضن لهفتي، وأغرق في مشهد لعناقٍ خياليّ

 

أكوّنك رجلاً من كرتون ملون

كان يوماً علبة فاخرةً ضاع محتواها في غمرة نسيان

لن يعود ذلك الشارع عابساً حين نلتقي

الشمس حاضرة تتقن تركيبة الالوان

 

هناك أفق ...

هناك تشكيلاتٌ غرائبية تكبر

بيوتٌ تطير نحو السماء

غزلانٌ بيضاءُ ترعى حشائش السحاب

أيقوناتٌ تلبس أزرارها

هذياناتٌ أخرى تنتمي إلى مكعبات وتجريد

و "بيكاسو" يستلذّ بإيقاعات فرشاة عاشقة

 

ما زال الموعد يرتب هندامه للقائنا

أكاد ألحق نبضه ذاك المتسارع

مثلي تماماً،

حين أخلــُقُ لوناً...

وأختلس نظرة على امرأةٍ قابعة في لوحة آخر الرِّواق

أصير "موناليزا" جديدة لحبيب زجاجيٍّ

يرسم ضفائري على الماء

فتفيض هالاتٍ وقصائد .

 

غريب أنت أيها الزجاجيّ

حين يهوي المساء

وتجيء عرائس الليل بأغاني الدهشة

تتجلى شعاعاً "كمسيح"

على تراتيل نشيد "فرجيني" لصبايا

بين أصابعهن كتاب العاشقين المقدس

 

هناك تبدو كإله "آمون"

توزّع بركاتــِك على البؤساء

تقيهم رياح العواصف الراكضة نحو أكواخهم

ثم تعتكف قلعتــَـك داخل الإطار

 

أكوابك مترعةٌ،

ألوانُك تسكرُ ،

وشهوتك، أبديّةُ الجنون...

 

هل لي الآن، أن أغنّي مثل ساحرة في وثنية قديمة؟

هل لي أن آعود من آخر الأسطورة،

تسبـِقني النشوة قبل الاحتراق؟

 

ها أنت هنا قبل الموعد بعمرٍ ودمعتين،

تفتح صدرك حدّ الامتلاء

تستعجل الخطى

تُهرَع نحوك آلاف الجنيات

آلاف العصافير

 

وتحت قدميك في أسفل اللوحة، مراتعٌ للغزلان

بحيرات للبجع..

غابات لذئاب حلّت عليها لعنة الرعاة

 

يا سيّد العطور القديمة

يا طيفك

يا "أنا لك"،

خضّب "القماش" بالجنون

اضف تركيبة مباغتة للماء.. للشفق

 

وأنا

أعدك بالوصول من الجهة المقابلة

للموعد/ للون

لننصهر معا في نقطة فراغ...

***

غربة

سونيا عبد اللطيف

 

سونيا عبداللطيفوصرنا

كالإفرنج

بعيدا عن الأهل في بيوتنا

نموت بمفردنا

وغرياء

الحلم طار إلى مدن الضباب

يعالج أجنحة قصمتها له

الأقدار

وكانت مازالت لم تحذق

الطيران

وكانت تبلسم ريشها

قطرات الندى

وغصن بين الغيوم

سعى

تاركا حلكة خلفه

هاربا من الظلام

يبحث عن نجم في

كوكب الأنوار

وفراشة رفرفت بين فانوسين

ما عرفت أيهما تحط فوقه

وأيهما تختار

إذ كلاهما نار

ونصف تفاحة تخلّى عن غصنه

فجرفه التيار

وصار طريق العودة محال

والالتقاء بنصفه التوأم

أمنية صعبة المنال

هذي الأسماك تسبح دون

وجهة

ولا تحزر ما ينتظرها

ولا ما يخبئه لها البحر

من أسرار

الورقة رسمت على جبينها

وشم

حروفه من لون المرار

كتبها منجم

بحبر الزمان

ودفن

ريشته في التراب

والمحبرة خراب

وحيدة

غريبة

تتوسد

السراب

غرباء صرنا.. لا أصحاب

لا أحباب

في حلم أبحرنا

غفونا

وغفلنا

عن الطوفان

فبتنا موتى في مغطس

الاستحمام

كالزيت نطفو فوق الماء

وأرواحنا تصعد إلى

السماء

كالإفرنج

ن

م

و

ت

غرباااااء

***

سلام عليك

ميلاء العياري

 

سلامٌ عليكِ

كلما ترحلُ نجمةٌ تشبهُكِ

في قطارِ الضوءِ

في سماءٍ تنأى وتنأى

فوقَ البيوتِ المغمورةِ

بالوحلِ والطينِ والسرابِ ..

أَسْتَوْقِفُني .. فأسأَلَنِي :

"أين أنايَ بعدَكِ ألآن؟

وأين قبلئذٍ كانَ؟ "

أُسْكِتُني : "صه .. أَنصت

للقمرِ القادمِ من ليلِ الباديةِ

يحملُ أخبارَ الغابِ والسحابِ ..

أَنصتُ

للجهةِ ألتي أهداك إياها ألهديلُ

ألقادمُ من أرضِ الحكاياتِ

مع تراتيلِ الجامعِ القديمِ على تلةِ أجدادِكِ ..

حبيبتُكِ من سلالةِ الورودِ والأقحوانِ

لن يسرقوا الربيعَ من مبسمِها

فاذهبِي إلى عينيها

كلما ازدحمَ الشقيقُ على عنقِ الربيعِ

مشياً على الأقدامِ ..

سلامٌ عليكِ

كلما فاحَ زهرُ اللوزِ

في البساتينِ ..

أَخالُكِ عدتِ

يضطربُ إيقاعُ قلبي بحجمِ السماواتِ

فتوشكُ أن تمطرَ عينايَ شوقاً كالأطفالِ

ولكن ككلِّ خيالٍ عابرٍ رأيتُهُ

شُبّه وشُبِّه لي ..

أصرخُ كبيدرٍ مهجورٍ : إلى أين تمضينَ بها

أيتها الريحُ على صهوةِ الغمامِ؟

وكيفَ لي أن أقيسَ بأصابعي

مسافةَ حلمٍ يُعيدُها ظبيةً تختصرُ الروايةَ ...

سلامٌ عليكِ

كلما يتكئ الهزيعُ الأخيرُ على غلسِ خطواتِهِ

وتتناثرُ النجومُ في حضنِ الليلِ اغتراباً

فقلبُكِ المسافرُ في فرطِ الزحامِ

ما عادَ فراشةً

ترفرفُ فوقَ بنفسجِ الحقولِ ..

ما عادَ يصاهرُ الريحَ

كلما تداعبُ قبعةَ فزاعةٍ

في حقلِ يقطينٍ

وتختلي بجديلةِ شجرةِ زيتونٍ..

عادَ يحملُ قنديلَهُ الخائفَ

ويقفُ ضارعاً أمامَ بواباتِ السماءِ

كي يُؤتى سُؤْلَهُ ..

فلا تُشَّرِعُ القطيعةُ نوافذَها

على أطرافِ المدى

ولا يخذلُ وعدُ المطرِ

صلاةَ استسقاءٍ

ولا تخذلُ قطراتُ الوَسَلِ

عيونَ الأزاهيرِ البريَّةِ ...

سلامٌ عليكِ

كلما تصمتينَ كتوتةِ الدارِ

وتخبئينَ الكلامَ في غياهبِ أحداقِكِ

وفي جيوبِ الحكايةِ ...

فمنذُكِ صار اسمانا القديمانِ

غريبينِ ضلَّا الطريقَ ..

تركا ظلينا وديعةً مع العابرينَ

وهربا إلى غبشِ الضياعِ ...

- تناديهما ألجدرانُ : " إلى أينَ تهربانِ؟

- إلى ما لسنا ندري

سنسألُ في طريقنا مَنْ مِن قبلِنا غابَ" ..

سلامٌ عليكِ

كلما توارينا خلفَ الرابيةِ

وعانقتني على عتباتِ الطيشِ

فتسمرَ الغروبُ على حافةِ الأفقِ

موسمي قُبل وعناب ..

فكيفَ لا أنظمُ قصيدةً في مدائحِ عينيكِ

وقد صمتَ الشعراءُ تسعة أعوامٍ

واندلقتْ بحورُ الشعرِ من عماماتِهم؟ ..

نسوا القوافي على سعفِ النخيلِ

وعادوا ليحفظوا دِيوَانَ الحَمَاسَةِ

كالأطفالِ على حصيرةِ ألكُتَّابِ ..

سلامٌ عليكِ

يومَ تغيبينَ

وسلاٌُمٌ عليكِ يومَ تحضرينَ

فأُبعثُ من بينِ الأمواتِ

على معصميكِ .. لأحيا ..

***

سُوف عبيد ـ تونس

 

 

عصمت نصارنظمت مكتبة الإسكندرية حلقة حوارية أقرب إلى نظام الموائد المستديرة حول موضوع "خطاب التواصل بين قادة الرأي وعوام المثقفين"، وذلك في صباح يوم الأحد الموافق (22ديسمبر 2019) في القاهرة وقد جمعت هذه الحلقة بين عددٍ كبير من النُخَب الثقافية في مختلف التخصصات المنوطة بتوجيه الرأي العام مثل (فضيلة المفتي الدكتور شوقي علام، الأنبا أرميا رئيس المركز الثقافي القبطي)، وبضعة وزراء سابقين ولفيفٍ من أعضاء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وممثلي المرصد الأزهري ونفر غير قليل من أساتذة الجامعات، ذلك فضلاً عن القائمين علي المشروعات الحضارية في المكتبة، وقد أدار هذه الحلقة السياسي المخضرم (الدكتور مصطفي الفقي) والمثقفة الواعدة (الدكتورة الشيماء الدمرداش).

وفي كلمة الافتتاح أشار "مصطفي الفقي" في عجالة إلي أهمية الحوار والتواصل والتساجل والمناقشة بين نُخَب المثقفين وقادة الرأي من المفكرين، وذلك لتحديد مضمون الخطاب ولغته في ضوء الأوضاع الراهنة وكيفية توصيله للرأي العام، موضحاً أن المشكلة الرئيسة التي نواجها هى كثرة الخطابات غير المسئولة التي تعمل علي تشويش الجمهور وافتعال المشكلات وإثارة القضايا المغلوطة بين الشباب متخذة من الدين ستارة لتزييف الوعي وتفكيك العقل الجمعي.

أما كلمة "الدكتور شوقي علام" فقد انصبت حول نشأة ما نتطلق عليه مصطلح (الإسلام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين).

وفي هذا السياق نضيف أن منشأ هذا المصطلح يرد إلى دوائر الاستشراق السياسي الإنجليزي منذ عام 1838م (وليس مع ظهور جماعة الإخوان المسلمين) حيث نشأت الخلايا الأولى للماسونية التورانية في تركيا، تلك التي نجحت في إدخال النظم السياسية الغربية في شتى أروقة الثقافة الإسلامية العثمانية حتي تحول الدستور العثماني إلى دستور علماني، وأنُشّئت المحاكم المدنية وانحصرت سلطة المحاكم الشرعية في أضيق الحدود.

وفي أخريات القرن التاسع عشر روَجّ ساسة الغرب لمصطلحي القومية والوطنية بين المثقفين المصريين والشوام.

أما أجهزة المخابرات الإنجليزية والألمانية والروسية والأمريكية فقد انشغلت بانتقاء الأشخاص الذين سوف يقودون الفكر السياسي في الشرق الأوسط، وكان معظمهم من المنتمين إلي الفكر الإسلامي المتشدّد وبعض الأساقفة والمطارنة في سوريا ولبنان ومصر. وصفوة القول أن معظم الجماعات المنتمية لمصطلح الإسلام السياسي الأن قد خرجت من جُعبة بوتقة المحافل الماسونية بداية من الوهابية إلي المودودية، ومروراً بجماعات الإخوان والسلفية الجهادية وانتهاءً بداعش.

وأضافت بعض المداخلات أن الدين الإسلامي في أصوله وشريعته لم يكن أبداً ضد المصالح المرسلة أو معادياً للسياسات الحكيمة التي تنظم المجتمعات والأوطان، وأن السياسة الشرعية ما يميزها عن دونها هو التزامها بما أحل الله، وحرمه في نصوصٍ إلهية قطعية الثبوت والدلالة، أما نظم الحكم الثيوقراطي فلم يدنِ منها سوى الفكر الشيعي في نظام الإمامة.

وفي هذا السياق نضيف أيضاً أن جلّ مفكري الإسلام السياسيين قد أكدوا أن علم السياسة علم مدني عملي تطبيقي، وأن معيار صحته يستنبط من مقاصده التي لا ينبغي عليها الجنوح عن مقصد الشرع ودون ذلك للقاضي أو الحاكم في المجتمع الإسلامي تسييس المجتمع تبعاً لمقتضياته وواقعاته وواقعه.

أما "الأنبا أرميا" فأكد علي ضرورة التمييز بين حرية البوح والفكر والاعتراض من جهة والفوضى والتفكير الجامح من جهة أخرى، وأوضح أن تصدي غير المسئولين والمتخصصين للقضايا ذات الشأن العام غير جائز ولاسيما في مخاطبة الجمهور.

وفي هذا السياق نضيف أن قادة الفكر والمتفلسفين في الثقافة الإسلامية قدماء ومحدثين قد نبهوا علي خطورة لغو المتعالمين علي الجمهور، ولعلنا نتذكر دعوة "أبي حامد الغزالي" (لإلجام العوام عن علم الكلام) و نقد "أحمد لطفي السيد" لمزيفي الوعي من الكُتاب والصحفيين، وذلك عقب إعادته للعمل بقانون المطبوعات ثانيةً.

ومن أطرف المداخلات تلك التي دعت إلى كف بعض المتعصبين من أئمة المساجد عن الدعاء علي المسحيين في خطبة الجمعة، وكان من الأجدى القول بمعاقبة مثيري الفتنة الطائفية في القنوات التلفزيونية أو الكتابات الصحفية - من الإعلاميين المسحيين والمسلمين علي حد سواء- ولا سيما بعد غيبة العلماء المعنيين بالتناظر والنقد العلمي للخطابات الدينية.

ذلك فضلاً عن تعمد بعض معدي البرامج الإتيان بالمتطرفين والشواذ والمجترئين ومناقشتهم أمام متعالمين غير متخصصين من محبي الشهرة والظهور، فكل هذه المظاهر تشكك الجمهور في مصداقية النخب من رواد الفكر المسئول وأهل الدربة والدراية.

أما عن بنية الخطاب المراد تفعيله فقد عنيت المداخلات بضرورة ضبط دلالات المفاهيم ومعاني الكلمات من قبل المتحدث، وذلك لإزالة اللبس والغموض عنها وسيما بعد تدهور وانحطاط لغة التواصل بين مرسلي الخطابات والمتلقين.

ثم شرعت في عجالة تبيان أن أزمة الخطاب الحالي ليست في السلطات المؤيدة أو المعارضة، ولا في مضمون الخطاب بل في غيبة من يحمل الخطاب من قادة الفكر وأرباب الأقلام أمراء المنابر، فمعظم المتحدثين قد شوهتهم الأكاذيب وحطت الشائعات من مكانتهم، واعتزل البعض الأخر عن العمل التوجيهي مخافة أن يصنف مع هذا الفريق أو ذاك.

أما الفريق الأخير من العلماء، فلم يدرب نفسه علي مخاطبة العوام أو شرح مراده بأسلوبٍ يفقهه رجل الشارع الذي يشكل الغالبية العظمي من الجمهور، أضف إلى ذلك غيبة التنوع في أسلوب الخطاب، فالنشرات الإذاعية والمقالات السياسية والندوات الثقافية لم تعد أساليب محببة للمتلقي الباحث عن الحقيقة في ظل فوضي الإعلام وأوهام السوق ومسرح الأكاذيب.

وقد أثار فريقٌ من الحضور موضوع المواطنة ومحاولة بعض المتأمرين إضعاف روح الولاء والانتماء لمصر، وترغيب الشباب في النزوح إلي الخارج للتخلص من الأزمات المتتالية ومؤامرات الأغيار وفساد المنتفعين أملاً في الانخراط في دنيا العولمة الغربية، أو تبني شعار الخلافة الإسلامية وأستاذية العالم ونقض الفكر القومي العلماني والانتصار لشعار عالمية الإسلام.

وفي هذا السبيل نضيف أنه ليس هناك أدني تعارض بين الدين والمواطنة؛ فلم يتحرج "النبي صلى الله عليه وسلم" من البوح بعاطفته وانتمائه لوطنه "مكة"؛ وقد استبعد النزعة الدينية من شروط المواطنة في صحيفة المدينة التي ضمّت اليهودي والمسيحي والوثني، كما إنه لم يدرج المسحيين ضمن الأعداء أو المنافقين بل كانت إلى الحبشة هجرة المسلمين الأولى ووصفهم القرآن بأنهم أقرب إلى المسلمين من غيرهم.

وفي العصر الحديث استثني معظم المفكرين العرب الدين من مقومات الوطنية، فذهب "أنطون سعادة" و"ساطع الحصري" و"علي يوسف" و "ميشيل عفلق" إلى أن وحدة الثقافة والنظام السياسي من أكثر المقومات أهمية لتطبيق مصطلح المواطنة، أما "عبدالله النديم" فقد أضاف على ما تقدم الانتماءات المشتركة والعادات والتقاليد، وذهب "تادرس المنقبادي" إلى أن وحدة الأرض واللغة والمصالح المشتركة والنظم السياسية والاجتماعية هى العُمد التي تحدد معني المواطنة.

وبيّن "أخنوخ فانوس" أنه لا تعارض بين المواطنة والانتماءات إلى أفكار أو رؤى أو اتجاهات مذهبية أو سياسية، واشترط "أمين الريحاني"، أن يكون ولاء المواطنون الأول للوطن الذي يعيشون فيه بغض النظر عن الجنسية التي كانوا يحملونها قبل ذلك أو الدين أو اللغة.

وأكد "لطفي السيد" أن وحدة الثقافة والمصالح العامة، تقع في صدارة شروط المواطنة والعمل بإخلاص من أجل رعاية الأمة والموت برضا وقناعة زوداً عن أراضيها.

وفي نهاية المداخلات وعد "الدكتور مصطفي الفقي" في عقد المزيد من الحلقات النقاشية حول هذه القضايا التي أثارها هذا اللقاء وذلك عقب تلخيص البحاثة "الدكتور كمال إمام" توصيات الحلقة النقاشية الأولى.

والسؤال الذي يطرح نفسه هل المعنيين بمخاطبة الجمهور يدركون مسئولية عملهم وآداب رسالتهم وأخلاقيات مهنتهم؟!

 

بقلم: د. عصمت نصار

أستاذ الفلسفة - جامعة القاهرة

 

1264 مصطفى جوادعقَدَ المجلس الثقافي في مكتبة الإمامين الجوادين العامة في العتبة الكاظمية المقدسة ندوته الرابعة عشر بعد المائة لمناسبة الذكرى السنوية الخمسين لرحيل العلامة الدكتور مصطفى جواد تلك الشخصية البارعة والمدرسة العبقرية التي عُرفت بأدوارها الإنسانية ورصانتها العلمية والفكرية والثقافية، بل ومن الرواد البارزين في العراق الذين خدموا اللغة العربية وشغفوا بعلومها وأسّسوا قواعدها، بحضور نائب الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة المهندس سعد محمد حسن، وعضو مجلس الإدارة المهندس فلاح عبد الحسن وعددٍ من الأساتذة والباحثين والأكاديميين والمثقفين.

استهلت الندوة بتلاوة معطرة من آيات الذكر الحكيم شنف بها قارئ العتبة الحاج همام عدنان أسماع الحاضرين، بعدها قدم الباحث المهندس عبد الكريم عبد الرسول الدباغ في محورها الأول ورقة بحثية بعنوان: (الكاظمية في آثار الأستاذ الدكتور مصطفى جواد)، أشار خلالها إلى الآثار الثلاثة التاريخية المهمة في توثيق مدينة الكاظمية المقدسة وهي: "الكاظمية قديمًا" وقد تحدث في هذا الباب عن المدينة منذ تأسيسها وما يتعلق بها، والذي نشر في موسوعة العتبات المقدسة/ الجزء الأول، وكذلك عن مشهد الكاظمين "عليهما السلام" وكانت نسخة مخطوطة منها بآلة الطابعة عند العلامة الدكتور حسين علي محفوظ، وتم تحقيق النسخة وطباعتها ضمن إصدارات العتبة الكاظمية المقدسة بتحقيق الشيخ غزوان الكليدار، حيث تحدث فيه الدكتور مصطفى جواد عن العتبة المقدسة وعمارتها وما يتعلق بها، وأيضاً بيّن الباحث ما ورد في " السلك الناظم لدفناء مشهد الكاظم" الباب الذي طبع في موسوعة العتبات المقدسة/ الجزء الثاني وسلّط فيه الضوء على الشخصيات التي دُفنت في العتبة الكاظمية المقدسة منذ القرن الثالث إلى القرن الثامن، وهو بحث مهم جدًّا ونفيس في بابهِ.

بعدها استعرض الباحث الدكتور كاظم جواد المنذري في محور الندوة الثاني ورقة بحثية بعنوان: قراءة في كتاب (أحاديث بغداد) للدكتور مصطفى جواد، وسلّط الضوء على هذا الكتاب المهم الذي كان مخطوطًاً في دار الكتب والوثائق واستطاع الحصول عليه والعمل على تحقيقه بعد دراسة موجزة عن العلامة مصطفى جواد وعمله في هذا المخطوط، والمعلومات المهمة القيمة التي كتبها عن بغداد.

وشهدت الندوة في محورها الثالث عرض فلم وثائقي عن العلامة الدكتور مصطفى جواد، ثم بيَّن مدير الندوة الشيخ عماد الكاظمي علاقة الدكتور مصطفى جواد بالسيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني ومشاركته في احتفاليات يوم عاشوراء التي كانت تقام في أربعينيات القرن الماضي، وشارك الدكتور بثلاث قصائد في سنوات ثلاث منها قصيدة (الذكرى الدامية) التي مطلعها:

أبى الله أنْ يُنسى مصابُ ابنُ فاطمِ *** جاءت تُعزّيهِ شتى العوالمِ

فضلاً عن الإشارة إلى شذرات من جهوده في اللغة العربية.

كما تخلّلت الندوة مشاركات شعرية للأستاذ محسن الموسوي، والأستاذ ليث العضاض مستذكرين خلالها ذكرى شهادة السيدة الزهراء "عليها السلام". واختتمت الندوة الثقافية بمداخلات مهمة من خلال مشاركة الحضور في الحديث عن هذه الشخصية العراقية الفذّة وما لها من أثر كبير في العلم والأدب والتراث والتحقيق .

 

زاهد البياتي

 

عامر هشام الصفارعقدت الجمعية العربية للثقافة في مقاطعة ويلز البريطانية ندوة تربوية دارت حول المدرسة الثانوية العراقية المشهورة والمعروفة بأسم "كلية بغداد". وقد جاءت الندوة من خلال أمسية الجمعية الثقافية ليوم السبت المصادف الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني 2020 وذلك في مركز الثقافة والفنون العالمي في مدينة كارديف عاصمة ويلز. وقد شارك في الندوة خريجان من خريجي كلية بغداد وهما الدكتور الطبيب نعمت بني والدكتور الفيزيائي شيروان المفتي. وفي بداية اللقاء ذكّر الدكتور عامر الصفّار رئيس الجمعية العربية للثقافة في ويلز الحضور بأهمية المدرسة ورقي منهاج تعليمها للأجيال ولمسيرة التطور العلمي والحضاري للبلدان. وفي أشارة منه الى المستوى الراقي الذي كانت عليه كلية بغداد، أشار الصفار الى أن المدرسة الثانوية النموذج أنما هي المدرسة التي تخرّج طلبة بمستويات علمية عالية تمكّنهم من المنافسة في الحصول على مقاعد في كليات وجامعات رصينة، فتساهم في رفد المجتمع بطاقات علمية وفكرية متميزة، يكون لها اليد الطولى في عملية التنمية والبناء. وهكذا كانت كلية بغداد والتي تأسست عام 1932 على يد الآباء اليسوعيين من أنجح المدارس الثانوية في العراق.

تذكر المصادر العلمية أن كلية بغداد كانت قد بنيت في شارع يسمى بأسم شارع الأخطل نسبة الى الشاعر العربي القديم، حيث احتلت جانبا من الضفة الشرقية من نهر دجلة الخالد من جانب قضاء الأعظمية ببغداد. وذكر الدكتور نعمت بني في محاضرته عن المدرسة أنها تميزت بمناهجها العلمية التي كانت تدرّس باللغة الأنكليزية أضافة الى تميّزها بأهتمام مدرسيّها بطاقات الطلبة الشباب الموهوبين وبمهاراتهم وأبداعاتهم، حتى أن الطلبة وبأشراف مدرسيهم كانوا يحرصون على تحرير مجلتهم الخاصة بالمدرسة والتي وضعوا أسما لها فجاءت بأسم "العراقي".. كما أستعرض د. بني طبيعة الحياة الطلابية في ثانوية "كلية بغداد" وكيف ان الأقسام الداخلية كانت تسودها روح الأنضباط والدقة في المواعيد والحرص على أداء الواجبات، وقال من هنا عنونت محاضرتي ب " كلية بغداد.. العلم والأنضباط".

وقد كتب أحد طلبة كلية بغداد في مجلة الكلية "العراقي" واصفا الحياة المدرسية في الكلية: ساحات واسعة وحدائق غنّاء، تريح البال وتجلب الفرح والسرور والطمأنينة الى قلب كل من يجلس فيها فيحس كأنه في عالم جميل جديد. ولكن حين يدق الجرس ينتهي كل شيء وتبدأ حياة جد وعمل، ويجمع كل صنف ابناءه ليعلمهم ويعدهم رجالا للمستقبل، رجال حضارة وتقدم ومجد عظيم. حياة جميلة نحياها بين جدران كليتي، حياة تلمذة وحياة عمل يسودها الحب والوئام والعمل المتواصل. حياة ستبقى ذكراها الى الأبد، حياة أجتماع وصداقة وتعاون، حياة لن تنسى فألف تحية وشوق لها ولذكراها.

وقد تطرق الدكتور شيروان المفتي الى النشاطات الرياضية التي تميزت بها كلية بغداد وطلبتها  النجباء، فأشار الى الجوائز التي كانت تحصل عليها فرق الكلية الرياضية ومنها فريق البيسبول وكرة القدم و كرة السلة.. كما أشار الى نظام الثواب والعقاب في المدرسة وكيف كانت العقوبة للطالب في كلية بغداد أنما الهدف منها تربويا بالدرجة الأولى وليس  غير ذلك. كما أشار المفتي الى أن اللغة الأنكليزية كانت هي اللغة السائدة في كلية بغداد وهي لغة العلوم والرياضيات حينذاك..

تشير الدكتورة سعاد خليل أبراهيم رئيسة مجلس أدارة كلية بغداد في عام 1971 الى أن الأمة تعهد الى المدرسة –والجامعة- بأغلى ما عندها- أطفالها وشبابها- أمانة مقدسة تتعهدها بكل رعاية وأهتمام.

وقد أحسن الدكتور نعمت بني عملا فسجّل لقاءا على السكايب مع أحد أساتذة كلية بغداد من الأباء اليسوعيين المؤسسين، حيث تم بثّه بشكل حصري خلال الأمسية الثقافية في ويلز فنال أستحسان جمهور الثقافة من الحضور.

 

د. عامر هشام الصفّار

 

1248  قصر خير الدينأعمال فنية متنوعة ومشاركات عربية من ليبيا والسعودية سلطنة عمان وغيرها..

في بانوراما من الأعمال الفنية التشكيلية وفق تلوينات وضروب الفن وبين الرسم  والنحت  و الحفر والنسيج الفني  والتنصيبات الفنية  والفيديو والفوتوغرافيا وما الى ذلك من تعابير الفن والجماليات مثل متحف قصر خير الدين المجال الطافح بعدد كبير من منجزات الفنانين التشكيليين التونسيين مع مشاركات عربية من دول هي المغرب ومصر والجزائر وليبيا والسودان والمملكة العربية السعودية وقطر وسلطنة عمان وسوريا والعراق...

هذا المجال من الأعمال الفنية المختلفة كان العنوان الكبير للدورة الثانية لبيينالي تونس للفن العربي المعاصر الذي شهدا حضورا مكثفا للفنانين عشية الجمعة 29 نوفمبر 2019 ويتواصل هذا النشاط الكبير والنوعي الذي ينظمه اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين الى غاية يوم 22 ديسمبر . ويشارك في الفعاليات التشكيلية هذه  132 فنانا تشكيليا منهم 32 فنانا عربيا من البلدان المذكورة.و من هؤلاء نذكر مشاركة الفنانة المميز دنيا الصالح من المملكة العربية السعودية حيث كان عملها في سياق التجربة الذاتية التي برزت في معارضها الفنية الخاصة والجماعية بالمملكة وخارجها ومن ذلك استلهامها للبيئة الثقافية والحضارية للقرن الافريقي وخاصة في الجيبوتي من خلال اقامة فنية لفترة أشهر عديدة حيث المحصلة الجمالية من الرؤى والمشاهدات ..كذلك مشاركة الفنان العماني موسى عمر صاحب الأعمال متعددة الأفكار والرؤى وكذلك مشاركة الفنان الليبي الفاخري القذافي  صاحب التجربة الهامة في الحياة التشكيلية بليبيا والذي تبرز في لوحاته خصوصيات جمالية عرف بها..

معرض هام ينظمه اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين بدعم من وزارة الشؤون الثقافية وبتعاون مع بلدية تونس وقد عبر جزء مهم من الأعمال عن حس فني عار وغاية في الابداعية وبروح بينة من الابتكار الجمالي البصري وفق مقتضيات الفن المعاصر

وفد تنوعت تيمات وأفكار المواضيع بالنسبة للأعمال المعروضة لتبرز خلالها تنويعات شتى هي من قبيل المشترك والمختلف في الحالة الثقافية العربية المعاصرة باعتبار الفن مجال تأويل وقول جمال فضلا عن توفر حيز مهم من المهارات الفنية بالنظر للتجارب العريقة لعدد من الفنانين المشاركين .

الفنانون التونسيون برزوا عبر مختلف أجيالهم وتجاربهم وقد تركت الجهة المنظمة ونعني الاتحاد الحرية بالنسبة لاختيار مواضيع الأعمال المشاركة ..تجربة هذا البيينالي العربي تغري لجديتها الفنانين العرب للمشاركة فضلا عن تقدير الفنانين العرب للحالة التشكيلية التونسية ورموزها وأقطابها ولتنوع تجاربها وتياراتها الفنية الجمالية.

نشاط ثري يفتح مجالاته أمام طلبة الفنون وهواتها والباحثين والمواطنين بصفة عامة ضمن منح المتلقي فكرة ضافية عن اعتمالات المشهد التشكيلي التونسي المعاصر وهذا مهم بالنظر لدور الفنون في الحياة الثقافية بصفة عامة ..

نشاط هام كذلك في سياق الفعاليات الدورية لاتحاد الفنانين التشكيليين الذي شهد قبل ذلك بفترة نشاط الصالون التونسي الرابع للفن المعاصر بقصر خيرالدين حيث أنه بين الموسيقى والأغاني الصوفية وايقاعاتها كانت انطلاقة السهرة الثقافية التي أعدتها هيئة اتحاد الفنانين التشكيليين بقصر خير الدين وفق تظاهرة هي من تقاليد أنشطة الاتحاد لتجمع عددا مهما من الفنانين التشكيليين في سهرة ممتازة بقصر خير الدين بالمدينة العتيقة  ضمن فعاليات الدورة الرابعة للصالون التونسي للفن المعاصر..نعم للفن مجالات شتى للقول بالتنوع وتعدد الأفكار والرؤى والمسارات، ذلك أن الابتكار شأن مفتوح على تفاعلات ضمن سياقات الفن ومقتضياته الجمالية والوجدانية والانسانية، فالفنان يعيش الحرية لحظة ابتكاره الخصوصية التي يمنحها له الفن بما يمثله من عوالم شاسعة ومفتوحة على الزمان والمكان.وبضرب من ضروب هذا التنوع كانت أروقة قصر خير الدين متحلية بعدد كبير من الأعمال الفنية التشكيلية في سهرة بمناسبة انتظام الصالون التونسي للفن المعاصر ..كان ذلك ضمن برامج الاتحاد وأنشطته المتعددة في مجالات الفنون التشكيلية ومشاركاته في عدد من الفعاليات الوطنية التي تعنى بالفنون ومثل ذلك المعرض بانوراما فنية فيها تجارب وأجيال وتيارات جمالية مختلفة اجتهدت لتقديم أعمالها الفنية في خانة الفن المعاصر وشكلت هذه الأعمال المعروضة مجالا جماليا فيه ممكنات القراءة والتأويل حيث الفن بالنهاية عنوان بحث ودأب .

في الدورة الثانية لبيينالي تونس للفن العربي المعاصر الذي ينظمه اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين الى غاية يوم 22 ديسمبر مجال لتجاور التجارب وتحاورها نحتا للقيمة وتأصيلا للتجارب ونزوعا نحو حوار فني يعي أسئلته وقضاياه ..

 

شمس الدين العوني

 

 

 

1176  قرطاج 6jpgقرطاج وما أدراك ما قرطاج، من ينطق باسمها يتذكّر حضارة سامقة تحدث عنها التاريخ وأَلِفَتْهَا الأقلام وذكرها التاريخ في كتب ومجلدات،.. وهاهي اليوم تحتفي من جديد بشتّى أنواع الفنون والثقافة، ولكنّ احتفاءها هذه المرة يختلف فهي تحتفي بالقديم الجديد، بالفخار والخزف الذي ارتبطت به كما ارتبط بها فكيف لا يكون ذلك وقرطاج كانت تصدر الفخار للعالم.

أقول قولي هذا وأمرّ لأتهيّب للحديث عن أيام قرطاج للخزف الفني، فن غاب لسنين طويلة الحديث عنه رغم اكتساح الواجهات به، ولكنه غائب عن المشهد التشكيلي التونسي، فلا نجده يسجّل علامة بارزة في المعارض الفنية التي تقام على مدار السنة. بيد أنّه اليوم وبفضل هذه الأيام "أيام قرطاج للخزف الفني" يكتسب أهميته، لأنها أعادت الاعتبار لهذا الفن، وقد تشكلت هذه الأيام بالشراكة بين وزارة الشؤون الثقافيّة، وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافيّة، المعهد الوطني للتراث، وزارة السياحة والصناعات التقليديّة، المركز الوطني للخزف الفني سيدي قاسم الجليزي، مدينة الثقافة وديوان الصناعات التقليدية وغيره...

1176  قرطاج 1

انتظمت أيام قرطاج للخزف الفني بالعاصمة  من 31 أوت إلى 08 سبتمبر 2019، وقد شارك فيها حوالي 60 فنّانا من تونس والعالم. ولكن قبل الحديث عن الأيام وبرنامجها وجب إلقاء الضوء على صاحب هذه الفكرة، فكرة أن تكون للخزف برمجة خاصة في أيام قرطاج، على غرار أيام قرطاج للسينما، للمسرح وغيرها،...، فقد كانت بالأمس فكرة تراوده وتمخضت آليتها في ذهن فنان مبدع، عشق منذ البداية، الخزف حرفة وفنا، درسه في معهد الفنون الجميلة فتلمّس تقنياته وتشرّب أساليبه ورصد قوانين تطويعه من تراب وماء ونار ليطوّعه ويحوّله إلى فكر،... هو فنان لم يكتفي بالدراسة للخزف بل زار ورشات الحرفيين في مختلف أصقاع البلاد، جاب ورشاتهم فتشرّب أساليب الحرفي العاشق وتذوّق تراثا عبقت به الحضارة الإنسانية، هكذا هو "محمد حشيشة" درس الفن واختصّ في فنّ الخزف ودرّسه ولم يكتفي بمهنة التدريس فربما لم تكن موهبته الوحيدة كما لم تكن هاجسه، فتحوّل عنها لمدير بالمركز الوطني للخزف الفني بسيدي قاسم الجليزي، غير أنّ كرسي المسؤول لم يغريه، ذلك أنّ المناصب لا تغري من سرى الفن في دمائهم وتغلغل حب الخزف بين طيات أناملهم. لقد أغراه المركز لعبقه بحضارة سكنت بين أديم جدرانه وبرهنت أنّ من يدخله لابدّ أن ينال حب الخزف ويعشق الطين ليجعل منه منارة منفتحة على العالم، فكان له ذلك.

1176  قرطاج 2

1176  قرطاج 3إنّ عشق الخزاف "محمد حشيشة" للخزف ظل يسكنه، كيف لا يسكنه وقد صنع الرجل من ماء وطين،....إنّه العود على البدء. لقد ظلّ الفنان يبدع ويعلّم الإبداع ويفتح باب المركز لكلّ من يهوى تطويع الماء والنار والتراب، من فنانين، حرفين، مبدعين، هواة ومواطنين،... لقد جعل من سيدي قاسم الجليزي ليس مزارا لهواة الأولياء الصالحين والتبرّك به وحسب، بل جعله مزارا للفنانين والمبدعين من أصقاع العالم، جعله فعلا منارة فنيّة وثقافيّة يُصنع من خلالها الإبداع ليرتقي روعة من روائع الخزف الفني...

 يأتي حديثنا عن شخص الفنان في سياق التقديم لأيام قرطاج للخزف الفني وذلك لما للشخص والحدث من ترابط، وهنا يتحدّث "محمد حشيشة "عن الدورة الأولى لأيام قرطاج للخزف الفني فيقول: هي فكرة، كانت حلما، راودني على غرار أيام قرطاج السينمائية، وأيام قرطاج المسرحية،... واشتغلت عليها مع مجموعة مهمّة من قواعد الإبداع ببلادنا على غرار وزارة الشؤون الثقافية، وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، وزارة الصناعات التقليدية، المعهد الوطني للتراث،...وغيره. هكذا آمن الكلّ بضرورة خلق الإبداع من التراث وتحديدا من الفخار والخزف،رؤية نابعة من ضرورة استنطاق الذاكرة والإستقاء منها لإنتاج فن يجمع بين الحرفة والفن، بين التراث والمعاصرة، بين الرؤية والتصميم،...ضرورة صناعة ثقافية إبداعية، وهي ضرورة نراها اليوم جدّ ملحة لإنقاذ موروثنا من الخزف.

1176  قرطاج 4 نعم فبالرغم من أنّ الفكرة ليست بالجديدة فقد جدّت مع مدرسة "الباوهوس" حين اجتمع الفن والحرف والتصميم، إلاّ أننا نراها اليوم جديدة حيث لم يلتحم قط ببلادنا الحرفي والمصمم والفنان معا. وبقي الحديث عن ذلك سرديا، قصصيا، يرفضه كلّ من يدعي "المعاصرة". في حين أنه لا جديد دون قديم ومن لا ماضي له لا تاريخ له. حقا شعرت إننا نخطو خطوة ايجابية وحقيقية نحو صناعة إبداعية ثقافية، وهنا لا يسعنا إلا أن نشكر الفنان المبدع وكل من ساهم وأسس وآمن بهذه الأيام التي نصبو أن تكون فعلا عرسا خزفيا يلج من خلاله الخزف التونسي جميع أصقاع العالم،... كما نشكر جزيلا الشكر وزارة الشؤون الثقافية على إيمانها بالإبداع والفن وعلى رأسها الفنان والمبدع السيد محمد زين العابدين الذي لا يبخل عن الوقوف مع كل نشاط إبداعي وثقافي. هذه هي الصناعة الثقافية الإبداعية، وهذه الثقافة التي ترسي مبادئ السياحة الثقافيّة، وهو ما يجب أن يكون فالثقافة هي القوة الناعمة للقضاء على كلّ أشكال العنف والجهل.

1176  قرطاج 5jpg

برنامج أيام قرطاج للخزف الفني: المعرض الجماعي للفنانين الخزافين بالمتحف الوطني باردو:

أيام قرطاج للخزف الفني في دورتها الأولى من 31 أوت إلى 08 سبتمبر 2019، يبدأ مدير الدورة الأولى لأيام قرطاج للخزف الفني "محمد حشيشة" بالقول: "عندما تحب الخزف وتشتغله بحب وصدق وثقة سيعطيك كل ما تحب"، هكذا كان قوله وهو فعلا ما يشعر به كل فنان عشق هذه المادة، وهكذا كان الخزف جامعا لا مفرقا، متجددا ومتطورا ليتلاقح عبر العصور ويفرض نفسه من جديد كقوة ناعمة تؤسس لثقافة التجديد والتعصير والتطوير...

1176  قرطاج 7

جاءت الدورة الأولى من أيام قرطاج للخزف الفني متنوعة ومُحْتَفْيَة بالخزف حرفة وفنا وصنعة وتصميما، دورة جمعت حوالي 60 فنانا خزافا من تونس والعالم نذكر منهم من تونس رضا بن عرب، سناء الجمالي أعماري، ليندة عبد اللطيف، عواطف منصور، بلحسن الكشو، هدى الخراط، إيمان شتوان، أروى بن سماعيل، ومن الجزائر خالد سعدي وعلي الزاهي، من مصر ابراهيم سعيد، محمد العبد، أحمد عبد الكريم، أسامة الإمام، من العراق سعد العاني وسلام أحمد، من الأردن يعقوب سالم ومن إيطاليا Umberto Bruno، Giampaolo Mameli من جرجيا Irina Salmina، من تيلاندا Woogie Boogie،  من أكرانيا  Alika Malonog، من السنغال Adjara Kane Leye، من إسبانيا Carmen Marco Dasí، من بلغاريا Velimir Vukicevic، ... كل هؤلاء جمعهم الفن والطين فتلاقحت أفكارهم وتقنياتهم وتبادلوا معارفهم وأفكارهم.

1176  قرطاج 8

جمعت أيام قرطاج كذلك عددا مهمّا من الخزافين الحرفيين المبدعين الذي عرضوا منتجاتهم الخزفية، التي بيّنت أنّ الخزف قادر على مواكبة كلّ العصور، فقد تلوّنت قطعهم الخزفية بجماليّة الشكل ونقاء اللون وتجدد التصميم ليكون لكل منهم شخصيته المبتكرة والمختلفة نذكر منهم من تونس هيفاء الهامي ووليد قنار من مدينة نابل، فارس ورؤوف جسوستي من مدينة جربة، وسام خميس من مدينة المكنين والثنائي حبيبة وصبيحة عياري من سجنان،... ومن الجزائر مقران سايس وليندة لالاوي، من تركيا Erkan Akburak،...كان اللقاء مع الخزافين الفنانين والحرفيين والمصممين متكاملا ساده التودد في تبادل التقنيات والأساليب وحتى الأفكار، كان الكلّ محبّا عاشقا للطين وتشكيلاته بين من يحوّل المادة إلى فكر وبين من يحوّلها إلى آنية أوتحفة وبين من يزوّق السطح ليتحوّل إلى لوحة مبدعة،... لقد كان اللقاء حافلا، علما وفكرا وصنعة،....هكذا كانت الأيام فعلا.

1176  قرطاج 9

انتظم خلال اليوم الأوّل معرض جماعي للخزف الفني جمع الحرفة والفن والتصميم، شارك فيه فنانون ومصممون وحرفيون، وكان المعرض في رحاب متحف باردو، المتحف الذي جمع ولازال حضارة البلاد التونسية العابقة وهاهو اليوم يحتفي بالخزف ليقول للتاريخ البعيد إن الحاضر لازال يحتفي بالطين بيد أنه تحوّل من لقى أثرية إلى إبداع متجدد لا يموت،...

1176  قرطاج 10

- ندوات علمية دولية

تخلّلت أيام قرطاج للخزف الفني ندوة دولية تناولت تاريخ الخزف بالبلاد التونسية عبر الحضارات وقد أثثها مجموعة من الباحثين الأكادميين والأساتذة المختصين في تاريخ الخزف وتاريخ الفن على غرار الأستاذ عدنان الوحيشي، حسين التليلي، شكري الطويهري، أميرة حملاوي، زينب الكبير، ايناس الفيضة...من تونس ومن خارج تونس كل من Susana Gomez Martinez ،Clara Ilhem ALVAREZ ،Julie Marchand ،Viva Sacco، تحدثت الندوة عن تاريخ الخزف بإفريقية بين القرنين السابع والتاسع، الخزف الفاطمي،  الخزف الاسلامي، خزف القلالين، الخزف البربري،...جاء النقاش محتفيا بالأساليب التزويقية والجمالية والتاريخيّة للخزف عبر الحضارات التي مرت بالبلاد التونسية كما تناول الحديث عن الحرفيين وتقنياتهم، ...فعلا جاءت الأيام شاملة ومتناغمة بين النظري والتطبيقي وهو ما نحتاجه اليوم، فليس هناك من فن دون جذور ودون تاريخ وهكذا هو الخزف لا يتجدد دون معرفة بأصوله وجذوره، ذلك أنه أساس الابتكار.

1176  قرطاج 11- ورشات مفتوحة

تأثثت خلال أيام قرطاج للخزف الفني ورشات مفتوحة شارك فيها الفنانون الخزافون والحرفيون والمصممون والمزوقون ومحبي الخزف من زوار الأيام،...اجتمع الكل خلال الورشات وتم تبادل التقنيات والأساليب بمحبة وثقة وسلاسة، فعلا تميزت الأجواء بالمحبة والصدق فهكذا هو الخزف لا يكون دون هذه الصفات،...تحول الخزف مع الفنانين فكرا، وتحول مع الحرفيين تحفا وأدوات تنوعت بين استعمالية تارة وفنية تارة اخرى وتحول مع المزوقين لوحات فنية جميلة ومع المصممين روائع جمعت الحرفة والفن والفكر، ...

إنه الخزف حقا عالم قل من يفهمه الخزاف هو الحرفي الذي يملك التقنيات وهو الفنان الذي يملك الأساليب الفنية والحنكة والفكر والعلم وهو الملاس الذي يلامس الطين فيزداد عشقا، أليس الطين أصلنا، نعم ولهذا تعود الروح لتحتفي به فيتلوى بين أناملنا ويتشكل حسب رؤانا وخيالنا وأفكارنا كما نريد ونحب،...

- زيارات إلى ورشات الحرفيين:

تخللت الدورة الأولى من أيام قرطاج للخزف الفني زيارات إلى مختلف ورشات الحرفيين الخزافين بمدينة نابل، أين تحوّل جمع الفنانين الخزافين المشاركين في هذه الدورة وكذلك في السامبزيوم التاسع للخزف وقد تمّ الإطلاع على طُرق الفخر والحرق التقليدية منها كالأفران المبنية بالطوب والآجر والتي يتم الفخر فيها بالخشب والعصرية منها على غرار الأفران الكهربائيّة. كما تمّ التعرف على أنواع من الدولاب ذي الاستخدام اليدوي وأنواع الطين الخام وطرق تحضيرها "للتمليس" كما تمت زيارة مصانع تزويق الأواني والتحف، وكذلك زيارة مصانع بيع مواد التزجيج الخزفي من أكاسيد ومينا،..إن مثل هذه الزيارات من شأنها أن ترتقي بالحرفة عن طريق تبادل الأفكار والمعارف والبحث عن أساليب تجديد جديدة وسبل تطوير الحرفة بين الفنانين والحرفيين والمصممين،...

- معرض لمنتجات الحرفيين الخزفيّة:

إلتئم معرض جماعي للحرفيين خلال الدورة الأولى من أيام قرطاج للخزف الفني جمعوا بين جمال الأسلوب والتقنية وإبداع المنتج المبتكر، منتجات خزفيّة جمعت البعد الجمالي والنفعي وأثبتت أنّ الحرفي الخزاف قادر على التجديد والإبداع والرقي. شارك في هذا المعرض مجموعة كبيرة من الخزافيين الحرفيين من جهات مختلفة من تونس، نابل، مكنين، جربة، سجنان، ومن العالم شارك حرفيون من الجزائر،  ايطاليا، تركيا، اسبانيا،... 

1176  قرطاج 12

- مسابقات على الدولاب، في التزويق وفي القولبة:

انتظمت خلال أيام قرطاج للخزف الفني عدّة مسابقات من قبيل المسابقة على آلة الدولاب التي كانت بين أكثر من 15 متسابقا من حرفيين جاؤوا من مدن مختلفة، من نابل والمكنين وجربة ليتسابقوا حول إنجاز أسرع وأدق صحن وشكل اسطواني وتم إخضاع هذه الأشكال إلى لجنة تحكيم تكونت من السيد محمد حشيشة مدير التظاهرة والسيدة إيمان بسرور من تونس وكل من إبراهيم سعيد وأسامة إمام من مصر و Erkan Akburak من تركيا ويعود انضمام فنانين أجانب للجنة التحكيم من قبيل ضمان الحياد وقد أضفت هذه المسابقة التي انتظمت في الساعة الثامنة والنصف ليلا حيوية لمدينة الثقافة كما خلقت أجواء تنافسيّة وإبداعية يسعى كلّ واحد انجاز الأسرع والأحسن ضمن مقاييس مضبوطة. انتظمت أيضا مسابقة في فن التزويق على الخزف حيث استلهم الحرفيون أشكالهم وزخارفهم من المربع الخزفي التونسي وإنجاز زخارف مبتكرة ومعاصرة، إضافة إلى مسابقة أخرى في فن القولبة وذلك بإنجاز قوالب لمنحوتات تبدأ بالطين ليقع صبها في قوالب الجبس.

- عروض أزياء مبتكرة من الخزف:

تخلل أيام قرطاج للخزف الفني عرض للأزياء لمصمّم تونسي استقى زخارف القطع المعتمدة في اللباس من ثراء التراث الخزفي عللى غرار المربع الخزفي فكانت للقطع  جمالية سلبت أفئدة الحاضرين وتملكت نفوسهم. عرض أزياء لاول مرة يكون فيه الخزف هو الأساس، فعلا جاءة الأيام لتعلن وتكرّر أنّ الخزف قادر على التطوّر، المواكبة، التجديد، الإبتكار،... إنّه الطين تطوّعه كيف ما شئت....

- زيارة المواقع الأثرية:

لم تهمل أيام قرطاج للخزف الفني زيارة المواقع الأثرية وذلك لما لهذه الزيارات من إثراء وانتعاش للذاكرة الثقافيّة لاسيما والملتقى يعجّ بفنانين من العالم منهم من لا يدري عن مكنونا الأثري الضخم والثري ولعلّها فرصة لتبليغ هذا الهدف. كانت الزيارة الأولى للمتحف الوطني بباردو أين عاين الفنانون والحرفيون حضارتنا السامقة من الفسيفساء واللقى الأثرية والمنحوتات، وتتالت الزيارة إلى الموقع الأثري بقرطاج إضافة إلى زيارات إلى مدينة سيدي بوسعيد.

ان مثل هذه الزيارات من شأنها أن تؤثث إلى صناعة ثقافية إبداعية وسياحية ولهذا قلنا منذ العنوان إن الخزف بإمكانه أن يكون قوتنا الناعمة نحو تشجيع السياحة وتنمية الاقتصاد.

1176  قرطاج 13

- الإختتام:

كان حفل الإختتام مقرّرا بالمسرح الأثري بقرطاج ولكن حالت أحوال الطقس دون ذلك، وكان الغيث النافع سباقا ولكن قد يكون إعلانا عن لانهاية الأيام لتبقى مفتوحة ولا تنسى سريعا. فعلا، جاءت  الدورة الأولىمن أيم قرطاج للخزف الفني مُحتفية بالخزف فنا وحرفة، صنعة وتزويقا، علما وتاريخا، أثرا وتأثيرا،... وكل ذلك من أجل إثبات أنّ الفن الذي عاش وعايش الحضارات لم ولن ينسى وسيبقى يتجدّد ويواكب العصر وإن هبت عليه رياح التعصير على اختلاف تلوناتها، هكذا هو الخزف يراهن على كلّ عصر ليتماشى معه وهكذا هو الخزاف باحث دائم فنانا كان أو حرفيا أو مصمما، فما بالك لو اتحد الجميع معا، فعلا سيكون للخزف مصير جديد...

ولكن حتى لا نكون ممجدين شاكرين ونحن نألف بطبعنا روح النقد، النقد البناء نقول أنّ أيام قرطاج للخزف الفني بالرغم من التنوع والثراء الذي جادت به على المشاركين فيها والمتلقين إلا أنّها بإخضاعها لنفس التوقيت مع السامبزيوم التاسع للخزف بسيدي قاسم الجليزي لم تتوفق في بعض البرامج حيث كان الإهتمام  الأكبر بالسامبزيوم على حساب الأيام، واندثر المسئولون بين هذا وذاك، ولهذا نتوجه إلى المسيرين أن يختاروا توقيتا تكون فيه الملتقيات على حدا، كذلك لاحظنا غياب وجوه الخزف الفني البارزين لاسيما وهذه الدورة الأولى للإحتفاء بالخزف فقد كان من الأجدر تكريم الفنانين الطلائع في فن الخزف من قبيل محمد اليانقي، خالد بن سليمان، الهاشمي الجمل،... وحتى تكريم الفنانين الخزافين المتوفين أيضا وذلك لإيقاظ الذاكرة الفنية الخزفيّة والتعرف على طلائع الخزف الفني في تونس، ولكن تبقى الدورات القادمة خير كفيل لبعض النواقص. لا يسعنا في الأخير إلا أن نشدّ على أيدي من يلاحق الفن والإبداع والتجديد ويشجع على جعله مفتاح الرقي والصناعة الإبداعية، فالفن والثقافة والتراث هو سلاح الأمم وقوته الناعمة لصناعة السياحة، الاقتصاد.

 

بقلم: عواطف منصور، فنانة تشكيلية وجامعيّة. جامعة منوبة

 

1170 may 1ثانية ومع حلول الربيع في أستراليا، كانت الجالية العربية والعراقية على موعد مع المعرض الثاني للفنانة التشكيلية مي زهير جميل، تحت عنوان: (Time Capsule1)، الذي أقامته في قاعة معرض: m2 gallery))، في منطقة:  (Surry  Hills) بمدينة سيدني – أستراليا. وذلك يوم 18 – 9 – 2019م، ولمدة أسبوع.

 1170 may 17jpg

حيث عرضت الفنانة التشكيلية مي زهير جميل اعمالا فنية يدوية مدهشة، وجهدا امتزجت فيه الفكرة مع الابداع. تجلت من خلالها قدراتها الفنية في هذا التخصص.

1170 may 22pg

اشتمل المعرض على (30) عملا حضاريا عميقا باسلوب معاصر، يمزج الماضي بالحاضر والمستقبل، بأفكاره وتشكيله واستخدام مواد مزجت عددا من الحضارات، إحداها معطيات الحضارة الأستراليه بأسلوب معاصر... 

1170 may 2

إن الأعمال التي عرضتها الفنانة مي زهير جميل في معرضها الثاني تعد فنا جديدا، وأفكارا مبتكرة تعرض لأول مرة، من خلال استخدام الخشب والمعادن والطلاء والمواد العضوية المتوفرة. 

1170 may 6jpg

وقد اختارت الفنانة مي زهير جميل لأعمالها أسماء غريبة، تركت للمتلقي مساحه من التفكير والاندهاش الفني والجمالي. 

1170 may 7

وأعمال الفنانة مي زهير جميل، أعمالا نحتية تتحدث عن الطبيعة المركزة للوقت والدورات التي تتطور داخل كل حياة. 

1170 may 25

ويشير مشهد القطع المتجاورة من الأعمال المعروضة مع الطبيعة العوالم القبلية التي لها تأثرت بالفنون الأصيلة والتصوف الشرقي. 

1170 may 13

 إن الرمزية القديمة المشفرة هي جزء لا يتجزأ من التأمل الحالي للفنانين في الحياة، الخسارة والسعادة والتوق الحتمي للهروب من جهة الى أخرى ولديهم اتحاد مختلف مع شيء أعلى. 

1170 may 10

وبهذا كتب للمعرض نجاحا مميزا، تفوق على نجاح معرضها السابق، من خلال أعمال ذات أفكار جديدة، ونحت يرسم في ذهن المتلقي عوالم، تتداخل فيها القيم والفنون. 

1170 may 11

يذكر أن طاقة الخشب كان أول معرض للفنانة مي جميل في سدني – استراليا، وقد لاقى في حينه نجاحا باهرا، وقد حضره شخصيات سياسية واجتماعية كثيرة.

1170 may 12

معارض فنية

وكانت الفنانة مي جميل قد شاركت في عدد من المعارض، هي على التوالي:

- في بغداد: 1988، 1993،  1994، 1999

- المعارض المشتركه في سدني: 2009  و2011

- المعرض المنفرد الاول في سدني 2013 بعنوان طاقه الخشب.

- معرض" Time Capsule 1، 2019م.

1170 may 12

وهي حاصلة على:

- الدبلوم العالي في تصميم المباني المعماريه المستديمه – سدني

- الدبلوم في علوم المباني المعماريه - سدني

- الدبلوم العالي في التصميم الدخلي – سدني

- معادله درجة البكالريوس بالتصميم الدخلي وفق المقياس الاسترالي

- بكالوريوس في التصميم الدخلي – بغداد

- وهي مسؤولة لجنه المرأه في منتدى الجامعيين العراقي – الاسترالي، وهو منظمة طوعية لخدمة الجالية العراقية بسدني.

- حاصت على عدد من شهادات التكريم لاعمالها الطوعيهة

- حاصلة على شهاده oam من البرلمان كفنانه محليه

- حصلت في 2017 على الجائزة الأولى للميكس ميديا في مسابقه للفنانين في كاسولا باور هاوس.

 1170may 14

أخيرا لقد كان للحضور الكريم دوره في تجلي ابداعات الفنانة التشكيلية مي زهير جميل، من خلال معروضاتها، التي أدهشت الحضور.

 

 

مكي كشكولمما لا شك فيه ولا ريب أن الدول والمجتمعات لا تقاس بوفرة عديد نفوسها ولا بكثافتها السكانية، فقد تكون كثرة عدد السكان عبئاً يستنزف الموارد، لأنها كثرة إستهلاكية أكثر منها إنتاجية، وإنما تقاس الدول والمجتمعات بقوتها السكانية النوعية، المتمثلة في كفاءات أبنائها، وقدراتهم المتميزة علمياً وعملياً. حيث كان العرب يقولون عن المتفوق في شجاعته وعلمه وأدبه: "رجل كألف". فالكفاءة والإبداع هي مصدر قوة الدول والشعوب. والمجتمع الأقوى هو الذي تكثر فيه الكفاءات وقدرات الإبداع بين أفراده.

ولعل من أهم أسباب إرتفاع مستوى حركة الإبداع والتفوق في أي مجتمع هو التشجيع وإحترام الطاقات وتقدير الكفاءة والإبداع، والذي يعتبر أحد مظاهر الرقي وطرق التقدم. فالمجتمعات المتقدمة عادة ما تحرص على توفير أكبر قدر من الإحترام والتشجيع للطاقات والقدرات المتميزة من أبنائها، بينما تنعدم أو تتضاءل مثل هذه الحالة في المجتمعات المتخلفة.

لذلك فإن تكريم المبدعين أمر جميل، ولكن الأجمل أن يكرموا في حياتهم، وخلال رحلة عطائهم، حتى يشعروا بحلاوة هذا التكريم، بين أحبتهم وأهلهم ومعارفهم. وعليه يجب أن يكون التكريم لائقاً ومميزاً، حيث إن الإبداع موهبة، وإن تكريم المبدع في حياته يرفع من معنوياته أكثر فأكثر، فيزداد إبداعاً، حيث يمثل التكريم بالنسبة للمبدعين في جميع المجالات، إعترافاً من المجتمع بإبداعاتهم. فالكفاءة يجب أن تحترم لذاتها وعطائها، بغض النظر عن إتجاهها الأيديولوجي والسياسي والمذهبي أو خلفيتها العرقية والدينية.

1162  سمير قاسم 1

وفقاً لذلك، يجب ألا يهضم حق المبدعين والمتميزين في التكريم والإشادة بجهدهم وإنجازاتهم، وعلى وجه الخصوص أولئك الذين لم يألوا جهداً في تقديم أفكاراً جديدةً ويبذلوا ما في وسعهم من أجل الوصول إلى آليات تسهم في تطوير المجتمع وتقدمه، والتي أخذت من حياتهم الجهد والعرق والوقت، وقضوا سنوات في الكفاح ومواجهة الصعوبات. فلم يكن ما توصلوا إليه من مجد وعلياء وما قدموه من إنجازات بالأمر السهل، فكل مبدع يواجه العديد من الصعوبات في عمله وفي نهاية هذه الرحلة المريرة والسنوات الطويلة والعناء على كل من يقدر الجهود ويثمن الكفاءة والإبداع والموهبة والنبوغ أن يقدر ويشيد، وفي النهاية يكرم هذه الطاقات وهذه الكفاءات.

1162  سمير قاسم 2

وبما أن كادر الفضائية العراقية ممثلةً بالسيد سمير قاسم والسيدة هديل صباح شخصيتين سويتين وراقيتين ومتحضرتين، ومحترمين لذاتيهما ومقدرين لعملهما، ولديهما القدرة على التعبير عما يختلج في أعماقهما وعما يختزناه من إنطباعات ومشاعر، من خلال مبادرتهما لإبرازها بتسليط عدسة الكاميرا عليها وتقديمها بشفافية وحيادية وموضوعية ومهنية. وبما أنهما أفنيا سنوات من الجهد والعمل المتواصل، وتقديراً لما قدماه من عطاء وما بذلاه من جهود في تواصل الجالية العراقية بوطنها الأم من خلال تغطيتهما لمختلف الفعاليات الدينية والسياسية والإجتماعية والثقافية والأدبية والرياضية التي تقيمها الجاليات العراقية والعربية وغيرها من الجاليات وتوثيقهما للعديد من جوانب الحياة المعاشة للعراقيين والعرب في أستراليا وتفردهما بتصوير جمال وسحر البيئة الطبيعية لأستراليا عبر التقارير والبرامج ونقلها لبلدنا الأم وإلى مختلف أرجاء العالم، فقد حضيا، من ضمن أربعة شخصيات، بالتكريم في الحفل الذي أقامته منظمة السلام العالمي، والتي مقرها كوريا الجنوبية، والذي تقيمه كل عام في دولةٍ مختلفةٍ. وقد أقيمت مراسيم إحتفال هذه السنة في مدينة سيدني الأسترالية، حيث كان حفلاً مميزاً من ناحية عدد ونوعية الحضور والشخصيات التي تم تكريمها. ولا تفوتني الإشارة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تكرم منظمة السلام العالمي قناة عربية على هذا المستوى، والذي كان من حصة الفضائية العراقية.

1162  سمير قاسم 3

وبالرغم من كل ما حظيا به من شهادات تقديرٍ وتكريمٍ، فلم تتراكم على نفسيهما حجب قاتمة من نوازع الأنانية والحسد لتمنعهما من تقديرٍ للمستحقين وتكريمٍ للمبدعين من خلال تغطيتهما للعديد من حفلات التكريم لمختلف الشخصيات ومن مختلف الأعراق والأديان، والتي تقيمها مختلف الجاليات في أستراليا إحتفاءاً بأبنائها المتميزين والمبدعين. فلم تمتليء نفسيهما بحب الذات، ويسيطر عليهما الغرور، وتتضخم لديهما الأنا بحيث لا يران أحداً غيرهما مستحقاً للمدح والتقدير، وينزعجا ويتذمرا حينما يشاد بآخرين، وقد يكون ذلك ناتجاً من شعور عميق بالنقص والضعف، يستثيرهما ذكر كمال الآخرين وتفوقهم. بالإضافة إلى ذلك فهما صاحبا مسيرةٍ إعلاميةٍ حافلةٍ بالتميز والأداء المهني، وما زالا مستمرين في مسيرة العطاء، لذلك فليس بالأمر المستغرب أن يكونا من ضمن من وقع عليه الإختيار للتكريم هذا العام.

1162  سمير قاسم 4

وفي إعتقادي الشخصي، أن هذا التكريم يمثل لمسة وفاء من هذه المنظمة تجاه المبدعين وأصحاب الإنجازات، وهذه رسالة مباشرة منها لأولئك المكرمين، عنوانها التقدير والإحترام والفخر بعطائهم وإبداعاتهم وإنجازاتهم الرائعة. بالإضافة إلى ما تقدم، فإن التكريم كثقافة وقيمة وسلوك بحاجةٍ ماسةٍ لأن يتجذر في فكرنا ومزاجنا وقناعاتنا، لأنه المحرض على البذل والعطاء والإخلاص، والمحفز على ديمومة التميز والإبداع والإنجاز.

ولعل مسألة الإحتفاء بالمكرمين والكفوئين بهم إعلامياً، وتكريمهم إجتماعياً سيكون عاملاً في تشجيعهم وتقديرهم، وفي رفع معنوياتهم، وإمتصاصه لآثار الكد والعناء الذي واجهوه وسيواجهونه في طريقهم، مما يجعلهم أكثر عزماً وتصميماً على الإنجاز والتقدم. فتقدير الكفاءة يساعد على تنميتها وتطويرها، ويدفع أصحابها إلى المزيد من العطاء والإنجاز، ويكرس في نفوسهم حب مجتمعهم، والإخلاص إليه، والتفاني في خدمته، وسيرفع درجة الطموح والتطلع نحو التقدم والإبداع لديهم، مما سيحفزهم ليجتهدوا في وضع البرامج، وإبتكار الأساليب. بينما قد يثبط تجاهل الكفاءات نشاطها، ويصيبها بالإحباط، وفي أحسن الفروض، تسلك طريق النزوح والإغتراب، أو ما يصطلح عليه في وقتنا الحاضر بهجرة الكفاءات والعقول.

وفي الختام فقد أثلج تكريم المبدعين سمير قاسم وهديل صباح  صدور جميع المغتربين العراقيين والعرب وملأ قلوبهم الغبطة والفرح والسرور، لأن تقدير أي كفاءة في المجتمع، يعتبر تكريساً لمنهجية صحيحة، إذا تأكد وجودها، عندها ستشملهم بركاتها وآثارها كغيرهم من المؤهلين. فالتفوق والإبداع لا يتأتى إلا ببذل جهدٍ، وتحمل عناءٍ، لذلك يكون المتفوقون قلة، لأن أكثر الناس يتقاعسون ولا يرغبون في إتعاب أنفسهم وإجهادها.

 

الدكتور مكي كشكول

سيدني - أستراليا

 

1147 سعد 2رئيس الاتحاد عليان العدوان: يشيد بتجربة الشاعر وعمقها وأصالتها.

احتفى اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين بالمنجز الإبداعي للشاعر الدكتور سعد ياسين يوسف في جلسة أقامها له في قاعة الاتحاد الرئيسة قاعة روكس العزيزي.

وقدمت الدكتورة أمل بو رشك التي أدارت الجلسة كلمة أشادت فيها بالمنجز الإبداعي الشعري للشاعر سعد ياسين يوسف معبرةً عن اعتزاز اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين بقامته الأدبية الرصينة مستعرضةً بعضاً من آراء أساتذة النقد الحديث وإشادتهم بالشاعر سعد ياسين يوسف وهم الأستاذ الدكتور عبد الرضا علي والناقد الكبير فاضل ثامر والأستاذ الدكتور علي د. علي حداد وأ.د خضير درويش.

1147 سعد 1

وقدم أ. د. أيسر الهاشمي أستاذ النقد الأدبي الحديث رؤية نقدية تناولت المجموعة الشعرية الأخيرة للشاعر د. سعد ياسين يوسف (أشجار لاهثة في العراء) أستهلها بمقولة ابن عربي: (الشجرة هي الإنسان الكامل) . وقال: من هنا كانت الشجرة عند شاعرنا تعني الإنسان كلّه، تعني وجوده ونهر مرجعيته الذي ينهل منه ما يمنحه سعةً في اعتماد هذا الرمز المتجذر في مجاميعه الشعرية.

استعرض بعدها عدداً من نصوص المجموعة مسلطاً الضوء على رموزها وتدفق صورها وانثيالاتها والمعاني العميقة التي تضمنتها.

وأضاف قائلا : إنَّ الشاعر سعد ياسين يوسف شخصية فعالة ومؤثرة في المشهد الثقافي العربي كونه يدرك أن الثقافة هي الطريق إلى الحياة الأجمل.

قدم بعدها الشاعر سعد ياسين يوسف عدداً من قصائده التي استقبلها الجمهور بجميل تلقيه .

وكان الأستاذ عليان العدوان قد ألقى كلمة أعرب فيها عن سعادته لاستضافة الشاعر العراقي سعد ياسين يوسف في اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين كونه قامة أدبية سامقة ،مشيدا بعمق تجربته وأصالتها .

وقّع بعدها الشاعر نسخاً من مجموعته (أشجار لاهثة في العراء) لتقديمها للحضور.

 

المثقف -عمان / خاص

 

ندخل القاعة الأرضية الصغيرة القائمة في الدور الأول من مبنى بيت الكرمة، في مدينة حيفا. بعد أن قطعنا الطريق الواصل بين مدينتي الحبيبة الناصرة ومدينة حيفا، جميلة البحر، نحن مجموعة من الكتاب والمهتمين المعنيين، الدكتور أسامة مصاروة من مدينة الطيبة الواقعة في منطقة المثلث، خالد عوض الباحث في الفلكلور والادب الشعبي، كاتبة ادب الأطفال السيدة زينة الفاهوم وانا كاتب هذه السطور، ترافقنا السيدة ياسمين مخلوف من المعهد الثقافي الفرنسي- فرع الناصرة، أما المناسبة فهي صدور الترجمة الفرنسية لكتاب "ظلمات واشعة" للكاتبة مي زيادة ابنة مدينة الناصرة التي عاشت فترة قصيرة في لبنان وقضت بقية عمرها في القاهرة مديرة صالونًا ادبي ملأ الدنيا وشغل الناس. صدرت هذه الترجمة عن دار النشر الفرنسية "لارنتا" وقام بها السيد سمير بالحمرة، وها نحن نستعد للبدء في الأمسية الأولى للاحتفاء بصدور هذه الترجمة في مدينة حيفا، على أن نشارك في أمسية أخرى مماثلة في اليوم التالي في مدينتنا الناصرة مسقط راس مي زيادة الأول.  ندخل القاعة فيستقبلنا القنصل الفرنسي في البلاد السيد ستيفان توليه، إضافة إلى اليسا لافو مسؤولة المهمة الثقافية في المعهد الثقافي الفرنسي - فرع حيفا. نحن نعرف أن الاحتفال بصدور تلك الترجمة الفرنسية لكتاب مي زيادة، تمّت بالتعاون فيما بين معهدي الناصرة وحيفا الفرنسيين.4487 امسية حيفا

عندما دخلنا القاعة كان في استقبالنا أيضًا عدد من الضيوف بينهم الكاتب يوسف أبو خيط من الطيرة، عرفنا فيما بعد انه جاء برفقة الأخ أسامة مصاروة لحضور الأمسية. قدمتنا مرافقتنا ياسمين مخلوف معرّفة بكل منّا إلى الاخوة المستقبلين، وكان همّي الأول هو أن اتعرّف على الأخ مترجم الكتاب إلى الفرنسية، وها أنا أسال إحدى الحاضرات عمّن يكن المترجم.. وها أنذا، أتلقى الإجابة الفورية، يمد شخص بهيّ الطلعة شاب النظرات يده نحوي، فأمد يدي إلى يده الممدودة، نتصافح. أعرف منه أنه هو مترجم الكتاب، يقول: أنا من الجزائر. أعيش في فرنسا، ويشير إلى مَن سألتها عنه قائلًا وهذه زوجتي نور اليقين، هي أيضا ساعدتني في ترجمة الكتاب، وقّدمت لي كل ما احتجت له لإنجاز مَهمة الترجمة. تبتسم زوجته ضمن إشارة رضا وتقدير. في السابعة والنصف يفتتح راعو الأمسية شبابيكها وأبوابها بكلمات دافئة مشجّعة ومشيرة إلى أهمية التواصل بين الشعوب عبر الترجمة والتعارف المباشر. ويتتالى المتحدّثون، القنصل الفرنسي، اليسا من معهد حيفا الفرنسي، فيما تقدّم ياسمين مخلوف المتحدثين بكلمة مقتضبة، طالبة من كل منهم أن يتخذ موضعه على منصة الاحتفال. تُفتتح الأمسية بمداخلة يقدّمها مترجم الكتاب، فيما تقوم زوجته المرافقة بترجمتها إلى العربية. يستفيض المترجم في استعراضه قصة محبته واهتمامه بكتابات مي، خاصة كتاب ظلمات واشعة ذي العنوان المعبر عما تضمنه من أفكار.. معاني واشارات، متوقفًا عند العديد من فصول الكتاب، ويلخص دافعه إلى ترجمة الكتاب قائلًا انه جاء إضافة الى معزة خاصة لمي وابداعها الادبي من أجل اطلاع الفرنسيين على كتاب يستحق الاطلاع والاهتمام، لما اتسم به من رؤية ثورية تدعو إلى تحرر المرأة العربية والتعامل معها إنسانا ذا وجود وحقوق، مستحق للحرية والاخاء والمساواة (شعار الثورة الفرنسية). يقول: أردت بهذه الترجمة أن أعيد الاعتبار إلى كاتبة مثقفة قرأت بعضًا من كتاباتها في يفاعتي وأعجبت بها، وبما أحاط بها وبما دفعها لإقامة صالون ادبي نشط حوالي العشرين عاما. وأمّه معظم كتاب مصر، أدبائها وشعرائها، وعدد من مثقفيها السياسيين. ينهي مترجم الكتاب مداخلته هذه لتبدأ مداخلة الكاتبة زينة الفاهوم، لقد اقترحنا أن تكون مداخلتها الأولى بعد مداخلة مُترجم الكتاب مدفوعين بالترتيب المنطقي، فاذا كان المترجم تحدّث عن ترجمته للكتاب، فان المنطق يقول إن استعراض حياة مي يفترض أن يكون التالي، بعدها تأتي مداخلة أسامة مصاروة عن صالون مي، وبعدها مداخلة ناجي ظاهر عن أدب مي زيادة وفي النهاية مداخلة خالد عوض عن فضاء الحب الذي عاشته مي ومحيطه المتخيل ممثلًا بأسطورة عشتار وتموز. الحب وانبعاث الربيع. تتتالى المداخلات، تقول زينة إن مي من مواليد مدينة الناصرة عام 1886.4488 امسية حيفا

عام 1900، غادرت مع ذويها، أبيها اللبناني الياس زخور ووالدتها نزهة معمر، هناك تلقت مي تعلمها الثانوي في عينطورة. بعد أربعة أعوام انتقلت العائلة للإقامة في مصر. الوالد عمل في الصحافة، بعدها عمل رئيسًا لتحرير صحيفة المحروسة. وهو ما شجع ميًا على الكتابة والنشر. نشرت مي بأسماء عديدة مستعارة، منها شجية وعائدة والسندبادة البحرية الأولى. عام 1912 افتتحت صالونها الادبي المشهور حتى هذه الأيام. وتردّد عليه كبار كتاب العصر وشعرائه. معظم هؤلاء أحبوا ميًا وتقرّبوا منها، إلا انها كانت قد اقامت علاقة تراسلية مع الكاتب اللبناني المهجري المشهور جبران خليل جبران، تواصلت خلال ما ناهز العقدين من الزمان، حتى وفاة جبران، علمًا أن والدي مي كانا قد فارقا ورحلا قبل جبران، وهو ما أدخلها في حالة من الحزن. في تلك الفترة طلب أقرباء لمي أن تعود إلى لبنان ففعلت وكانت تلك العودة القاسية في حياتها فقد ادخلها ابن عمها جوزيف زخور مصح الامراض العقلية (العصفورية)، في محاولة منه للاستيلاء على ميراثها. في العصفورية قضت ميّ أحلك نهاراتها ولياليها. ولم يزرها إلا القليلون من اصدقائها في مقدمتهم الكاتب امين الريحاني، وهو ايضًا مؤلف كتاب عن مي وعلاقته بها. وعندما تمكّنت من العودة إلى القاهرة، قضت هناك ولم يسر في تشييعها الى مرقدها الأخير سوى ثلاثة اشخاص من اصدقائها. وكان رحيلها عام 1941، أي بعد رحيل جبران بعقد من الزمان. عاشت مي 55 عامًا، فيما عاش جبران 48 عامًا. بعد انهاء زينة مداخلتها شرع أسامة مصاروة في تقديم مداخلته، مستعرضًا إقامة مي صالونها كل يوم ثلاثاء، وذاكرًا العديد ممن تردّدوا على صالونها، متوقفًا عند أشعار ذات دلالة وعلاقة منها للإمام الشافعي وإسماعيل صبري. بعدها أشار كاتب هذه السطور إلى تأثر مي بالأدب الرومانسي الفرنسي، لا سيما لدى اعلامه أمثال شاتوبريان والفريد دي موسييه ومدام سفنييه. وأضاف ان الادب الرومانسي، جاء تاريخيًا للثورة على التقاليد الأدبية التقليدية التي سادت الادب وابتدأ بالتشكل ضمن رؤيته الثورية، في القرنين الثامن والتاسع عشر. ونوّه إلى أن هذا الادب أثّر أيما تأثير على العديد من الكتّاب المصريين إبان القرن العشرين مشيرًا إلى مصطفى لطفي المنفلوطي صاحب "النظرات" و "العبرات" ومترجم كتابي "ماجدولين أو في ظلال الزيزفون" للفونس كار و"الشاعر" لادمون روستان، وأوضحت أن المنفلوطي لم يكن يتقن الفرنسية وأنه كان يطلب من آخرين ترجمة ما يود ترجمته عنها ليعيد فيما بعد صياغتاها بحلة عربية قشيبة ولائقة. ولخصت رأيي بالقول إن ميًّا تأثرت بالأدب الفرنسي موضحًا أن عملها الادبي الأول وهو ديوان" ازهار حلم"، كان باللغة الفرنسية. وأنها تأثرت بإقامتها صالونها بظاهرة الصالونات الفرنسية في القرنين المذكورين. كما أنها حذت حذو الكاتبة أورو دوتان في نشرها انتاجها الادبي موقّعّا باسم رجل هو "جورج صاند". واختارت اسم خالد رأفت لتوقع بها كتابات لها. وورد في كلمتي أن ميًا كانت كاتبة اجتماعية طالبت بحرية المرأة ، غير انها لم تكن كاتبة نقدية كما تبدى في الابداع الادبي لدى جبران خليل جبران وحتى عندما وضعت كتابها عن ملك حفني ناصف- باحثة البادية، تمحورت في الإشارة والتحبيذ ولم تتجاوزهما إلى النقد كما فعل جبران عندما شنّ غاراته النقدية المعروفة على رجال الدين وموبقاتهم مثلّا. ولخّصت رأيي بالقول إن كتابات مي نحت منحى الكتابة الذاتية الخفرة، ولم تتجاوز الخاطرة والسانحة، الامر الذي حدّ من الاهتمام بها كاتبة واستدعى تسليط الضوء عليها ناشطة اجتماعية ثقافية. مداخلة خالد عوض تضمّنت مقارنة بين واقع مي مع المحبة وبين العالم البعيد القريب.. عالم عشتار وتموز.. ذلك العالم الرائع، المولّي والباقي.4489 امسية حيفا

الجمعة 4- 11-2022

ساعات المساء. ها نحن نلتئم، كل من سبق ذكرهم، في قاعة استقبال المعهد الفرنسي- فرع الناصرة، لننطلق في الساعة الخامسة لزيارة البيت الذي أقامت فيه مي زيادة برفقة أسرتها في سوق البلدة القديمة من مدينتنا الناصرة، وها نحن ننطلق إلى هناك بحماس كبير لا سيّما لدى مرافقينا الفرنسيين ومترجم الكتاب وزوجته الجزائريين. كلٌّ منّا يغذ السير ويحث الخطى في رغبة عارمة لزيارة ذلك البيت وللتنقل فيه من ردهة إلى ردهة ومن غرفة إلى أخرى. ها نحن جميعّا نتوقف قُبالة بيت يقوم في الشارع المحاذي للجامع الأبيض القائم في البلدة القديمة من ناصرتنا. أفاجأ. في الماضي أشار أكثر من شخص من أبناء مدينتي وبينهم مثقفون إلى هذا البيت أو ذاك، على اعتبار أنه البيت الذي أقامت فيه مي إبّان طفولتها ويفاعتها، حتى ان مرافقي أنفسهم سبق وأشاروا إلى أن ذلك البيت يقوم في منطقة عين العذراء. أما ما يحصل في الواقع هو.. ها نحن نقف قُبالة بيت سبق وعرفته حق المعرفة، وكان آخر مَن أقام فيه هو المرحوم محمد علي عبد المعطي، برفقة أبنائه الثلاثة الأصغر أمين محمد علي رئيس لجنة المهجرين القطرية، الذي توفي قبل فترة، وشقيقه فيصل صاحب محل لبيع التذكاريات السياحية.. ربطتني به علاقة صداقة حتى أيامه الأخيرة وكان هاويًا مُحبًا للفن التشكيلي غير أنه رفض أن يعرف آخرون بمحبته تلك فولّت معه، وأكبر هؤلاء الأبناء الشاعر المشهور طه محمد علي، صاحب "القصيدة الرابعة" وقصيدة "الباشق"، أحد أصدقاء العمر الرائعين، عمل في حانوته لبيع التذكاريات في شارع الكازنوفا حتى أيامه الأخيرة. عائلة عبد المعطي قَدِمت إلى عام النكبة من قريتها صفورية واقامت في هذا البيت، لقد زرت طه عندما أقام برفقة أسرته الصغيرة في ذلك البيت. كان هذا في سنوات غابرة. أما البيت، أقول لمرافقي الفرنسيين والجزائريين، فإنه وقفٌ ذري يعود لعائلة الفاهوم النصراوية العريقة، وقد كان ناظرو هذا الوقف يفتحون الامكانية واسعة فيما أعلم أمام العديد من الاسر والعائلات المهجّرة من قراها المحيطة ليقيموا فيها. ريثما تستتب لهم الإقامة في مدينة الناصرة، فينتقلون إلى بيوت أخرى او خاصة بهم وفق إمكانياتهم. وينطلق كل من المرافقين متجولًا في ذلك البيت، أشعر أن كلًا منهم يحاول أن يشمّ رائحة مي هناك. أما أنا فأدعي أنني شممت تلك الرائحة العطرة. الآن في هذا البيت، الوقفي الذري لعائلة الفاهوم، بإدارة الصديق عاطف الفاهوم وهو الناظر العاشر للجامع الأبيض في الناصرة ومتولى الأوقاف الذرية فيها. الآن جاء الوقت لأن تتحدث مرافقتنا زينة الفاهوم، تتوجّه إلى مرافقينا قائلة: أتذكر هذا البيت جيدًا فقد زرته أكثر من مرة. هذا السقف، وتشير إلى سقف مغطى بشوادر أو ما شابهها، كان مفتوحًا... وكان سكان البيت يرون عبره القمر في ليالي الصيف الصافية. وتصطحب زينة مُرافقنا الجزائري، تقول له: هذا السقف ذو الجسور الخشبية المطعمة بمفصلات حديدية.. ما زال كما هو، انه أحد السقوف التقليدية في البلدة. العيون تتساءل والافواه تحاول الإجابة. قبل أن نخرج ونغادر ذلك البيت ذا الرائحة والنكهة الميّية، نسبة إلى مي، نرى حمامة تختبئ لصق إحدى زوايا سقف البيت شبه الخفيّة. تتدافع الصور إلى مخيّلتي، وأفاجأ بسؤال يوجهه أحد المرافقين الفرنسيين..  مَن هذه الحمامة فأرد من فوري هذه مي زيادة. تبتسم احدى المرافقات وأين جبران.. تسأل فنرد عليها إنه مختبئ في الناحية الأخرى. نقول هذا ونحن نفكر في ذلك الحب العظيم بين مي وجبران، عبر كم ليس قليلًا من الرسائل نُشر فيما بعد في كتاب خاص، أما عُمق الإشارة فقد تمثّل في أن ذلك الحب بقي رهين الرسائل ولم يخرج إلى النور، وقد بقي طرفاه وحيدين.. ولم يلتقيا. بعد حوالي الساعتين، نعود إلى مبنى المعهد الفرنسي للمشاركة في الأمسية الثانية المرتبة مسبقا. لنفاجا بأكثر من مفاجأة من هذه المفاجآت، حضور طلاب ومدرّسين من مدرسة مي زيادة وآخرين من مدرسة جبران خليل جبران في المدينة وتقديم طلاب مدرسة مي الابتدائية معزوفات موسيقية تفخر بهم وبها مديرة المدرسة السيدة ديما عفيفي. كما يفخر آخرون. فكل من الحاضرين يعتزّ بأن أجواء مي وصالونها الخالد تحلّق في الفضاء الواسع الممتد. بعد انتهاء الكلمات البروتوكولية من مسؤولي معهدي حيفا والناصرة الفرنسيين، تعود أمسية الليلة الماضية، ويعود كل من المتحدثين والمشاركين لدلي بدلوه مستفيدًا من تجربة الأمسية السابقة ومضيفًا إلى دفئها. الحضور الجماهيري في الناصرة إكثر منه في حيفا. السبب هو الدعوات المكثفة، الملحة والمكررة من إدارة معهد الناصرة. هذا الحضور وبينه مثقفون ومحاضرون جامعيون مشهود لهم، يستدعي فتح باب النقاش في نهاية الأمسية، وها أحدهم يوافق على ما ذهبت إليه من أن مي كانت كاتبة اجتماعية لم تتجاوز كتاباتها الخاطرة والسانحة غير أنه يتقاطع معي مدعيًا أن ميًّا شكلت ظاهرة فريدة وغير مسبوقة في الثقافة المصرية، عندها لا يكون أمامي إلا أن أذكره بالثائرة هدى شعراوي التي التقت بها مي وتعلّمت منها درسًا في التحرر، وبباحثة البادية التي أحبتها مي وسارت في طريقاها. أستاذ جامعي آخر يدعي أن الكتابة العربية المصرية في فترة مي لم تعرف القصة والرواية، وتوقفت على المقالة الأدبية الخاطرة والسانحة، فاذكره بالكاتبين محمد ومحمود تيمور ومحمود طاهر لاشين وغيرهما من رواد كتابة القصة الذين سبقوا ميًّا وعاشوا قبلها. بهذه الكلمات تنتهي الأمسية وتنتهي امسيتان تعيدان ذكرى إحدى بنات الناصرة العظيمات وتحفران عميقًا في أرض الذاكرة وسماء الانتماء.

***

ناجي ظاهر

الخميس 3-11-2022

عاد المناضل الفلسطيني الكاتب غسان كنفاني، يوم الجمعة الماضي 11/11/ 2022، إلى مدينته الاثيرة حيفا العزيزة على قلبه وأدبه، وحلّ ضيفًا غاليًا مكرمًا على مؤسسة تنوير الثقافية الناشطة في المدينة، وكان في استقباله مديرة المؤسسة الناشطة الاجتماعية الثقافية سهاد كبها، ابنة قرية عين السهلة، وزير الثقافة الفلسطينية الكاتب عاطف أبو سيف، إضافة الى اثني عشر فنانا تشكيليًا وسبعة كتاب وباحثين، والى جانبهم عدد من محبي الثقافة وشداتها.

جاءت هذه العودة في ذكرى مضي نصف قرن على قضاء غسان كنفاني وابنة اخته لميس، بعد تفخيخ يد الغدر سيارته وانفجارها خلال فتحه بابها، في مدينة بيروت التي عاش، عمل وكتب فيها. في البداية رحّبت رئيسة المؤسسة المستضيفة بالحضور مشيرة إلى أن فعالية مؤسستها الثقافية هذه تأتي في ذكرى حزينة مؤسية، ما زالت اصداؤها تتردّد رغم مضي الوفير من السنين عليها، موضحة أن غسان كان رجلًا ذا موقف ومبدأ وأنه عمل طوال حياته القصيرة (36 عامًا)، من أجل تحقيق حلم العودة إلى أرض الوطن، وورد في كلمتها ان غسان عُرف كاتبًا أديبًا مبدعًا توزّعت كتاباته على مختلف الأنواع الأدبية. الرواية، القصة القصيرة، أدب الأطفال والفن التشكيلي، كما عرف كاتبًا صحفيًا شهد له القاصي والداني. الكاتب الوزير عاطف أبو سيف أشار إلى أن غسان بات منذ سنوات بعيدة واحدًا من أبرز الرموز النضالية الفلسطينية، وانه بالكاد تجد من لا يعرفه أو يقرأ له من أبناء شعبنا الفلسطيني، وأشار أبو سيف إلى ان وزارة الثقافة الفلسطينية قامت ضمن واجبها التثقيفي بطباعة المئات من الكتب وانه يوجد في برنامجها المئات من الكتب التي ستقوم بطباعتها لكتاب فلسطينيين وآخرين أبدعوا وقدّموا الكثير من المشهود له للقضية الفلسطينية والعربية عامة. واكد ان الوزارة ستواصل احتفالاتها بغسان كنفاني مشيرًا الى تكريسها جائز حملت اسمه وحصلت عليها في دورتها الاولى الكاتبة السورية المغيرة هويدي.4546 غسان كنفاني

يوم دراسي في جلستين تحت عنوان غسان كنفاني مفكرًا

عُقدت الجلسة الأولى تحت عنوان غسان كنفاني روائيا وقاصا، وتحدّث فيها كل من الدكتورين محمد هيبي، جهينة خطيب، والكاتبة صباح بشير. تولى كاتب هذه السطور إدارتها، ورد في بداية الجلسة ان هذا اليوم الدراسي يأتي ضمن برامج إحياء ذكرى الكاتب غسان كنفاني بعد مضي خمسين عامًا على استشهاده، كما ورد فيها ان كنفاني من مواليد مدينة عكا عام 1936، وانه ولد في عزّ اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى، ووضع عنها بالمناسبة كتابًا خاصًا. كما كتب في مختلف الأنواع والضروب الأدبية، وألمحت في كلمتي الى أمرين أراهما غاية في الاهمية أحدهما أن الاهتمام الكبير بكنفاني انصب على البعد السياسي من شخصيته وانه كان الاجدر أن يحظى الجانب الإنساني من شخصيته باهتمام أكبر، فقد كتب غسان عن المنكوبين والمعذبين في الأرض، وتجلّى هذا في معظم ما كتبه وخلّفه من إنتاج أدبي غزير رغم أنه لم يعش طويلًا، الامر الثاني أن ما كتب عن أدب كنفاني تعامل معه بنوع من التقديس، وباستثناء ما كتبه وأشار إليه من نقدات جديرة بالالتفات الكاتب الناقد الفلسطيني الراحل يوسف سامي اليوسف في كتابه عن غسان كنفاني- رعشة المأساة، فإننا لا نكاد نقرأ أي نقد جديّ عمّا تركه غسان من اعمال أدبية، روائية خاصة، وتطرقت إلى ما ارتآه اليوسف رغم تقديره الكبير لغسان وهو أن رواية "عائد الى حيفا" مثلًا لا تعدو كونها قصة قصيرة تمّ مطُها. بعد ذلك تحدثت الكاتبة صباح بشير ابنة مدينة القدس المقيمة في حيفا، عن رواية رجال في الشمس مستعرضة أحدثها المؤسية المحزنة التي قضى فيها ثلاثة من أبناء فلسطين المعذّبين داخل خزان شاحنة التهريب، الامر الذي دفع مهربهم إلى المقولة التي أضحت من الخوالد الفلسطينية: لماذا لم يقرعوا جدار الخزان. الكاتب محمد هيبي تحدّث عن غسان كنفاني روائيًا، وركز حديثه أيضا على رواية رجال في الشمس، موضحًا أن صاحبها أسسها وابتناها على حدث واقعي حقيقي حكى عن ثلاثة فلسطينيين أرادوا التسلّل عبر الحدود العراقية الكويتية للعمل في الكويت بحثا عن لقمة العيش والحياة بكرامة. واستعرض هيبي روايات كنفاني متوقفًا عند عائد إلى حيفا، ام سعد وما تبقى لكم. وأوضح هيبي أن ابداعات غسان الروائية شهدت تحولات في الرأي والرؤية، وأنها تطورت بتطور النضال الفلسطيني. الدكتورة جهينة خطيب تحدّثت عن غسان قاصًا وألمحت إلى أهمية الإنتاج القصصي الوفير الذي تركه غسان لنا منوهة إلى مجموعاته موت سرير 12 وارض البرتقال الحزين ومتوقفة عند قصته اللافتة للأطفال القنديل الصغير، واستعرضت المضامين الغنية التي تمحورت حولها قصص غسان القصيرة متوقفة عند جمالياتها ودلالتها النضالية الانسانية.

الجلسة الثانية والأخيرة عقدت تحت عنوان غسان كنفاني ناقدًا صحفيًا وفنانًا، شارك فيها كل من الكاتب سهيل كيوان، والمخرج السينمائي ناظم شريدي. تحدث في الجلسة وتولى إدارتها الدكتور صالح عبود، وجاء في كلمته إن غسان كان فنانًا متعدّد المواهب، فقد مارس النقد الادبي متابعًا ادب المقاومة في بلادنا والادب الصهيوني، كما كان واحدًا ممن أسسوا مجلة الهدف الفلسطينية (مجلة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة الدكتور المرحوم جورج حبش)، إضافة الى هذا كان كنفاني فنانًا رسامًا قدم ابداعًا لا يستهان به في مجاله. الكاتب سهيل كيوان، أشار إلى أهمية الجانب الصحفي المناضل في شخصية غسان كنفاني، متوقفًا عند كتاب كنفاني فارس فارس وموضحًا أن كتاباته الصحفية اتصفت بنبرة ساخرة، وأنه كتب في مختلف الأنواع الكتابية الصحفية، واورد كيوان ضمن إجابة عن سؤال ان شخصية غسان اختلفت بين كتابة الخبر والتقرير الصحفي وبينها حينما كتبت المقالة والخاطرة الصحفية، ففي حين برز في الأولى جادًا تبدى في الثانية ساخرًا هازلًا، وهو ما احتاج إلى قدرة إبداعية خاصة. وطرح كيوان سؤالًا لافًتا وهو لو جاء كنفاني الآن بعد كل هذا الوقت على قضائه ماذا كان سيقول؟.. المخرج السينمائي ناظم شريدي، تحدّث عن الاعمال التي تم تحويلها إلى أفلام سينمائية من الإنتاج الروائي لكنفاني، منوهًا إلى أن هذا التحويل لم يلتزم بالنص الروائي، وأجرى عليه تعديلات جدية ملمحًا إلى بعضها فرجال في الشمس أضحت حين تحويلها إلى فيلم سينمائي عنوانه "المخدوعون"، وطرح ناظم سؤالًا طالما أثار الكتّاب الروائيين من ناحية والمخرجين السينمائيين من ناحية أخرى وهو إلى أي مدى يحق للمخرج السينمائي أن يغيّر ويبدّل في العمل الروائي الذي يؤسس عليه عمله الفني السينمائي، وجاءت الإجابة اننا في مثل هكذا حالة إنما نتحدث عن فنين مختلفين، لكل منهما حالته الخاصة به ورؤيته القائمة بذاتها.. ويبقى السؤال المطروح مفتوحًا.

أقيم على هاش اليوم الدراسي معرض فني تشكيلي تمحور في شخصية غسان كنفاني والقضية التي عاش وقضى خادمًا محبًا لها، القضية الفلسطينية بكل ما حفلت به من أبعاد إنسانية ونضالية. وشارك في المعرض كل من الفنانين: مصباح طاطور، رامي جبارين، حكيم خليفة، أنور سابا، تحرير محمد، ملك عاصلة، نيفين زبلح، علاء عرمون، مبدا ياسين، عبير زبيدات، علا زعبي وعبد الله كنعان.

***

تقرير: ناجي ظاهر

ضمن فعاليات الاحتفالية السنوية لجمعية العاديات بالتعاون مع اتحاد الفنانين في اللاذقية وإشراف مكتب المعارض المركزي أقيم معرض تشكيلي لفنانين من سوريا في صالة الباسل باللاذقية في 3-1-2022

لكل فنان طريق وطريقة وهو في مضمار التشكيل يسعى لمقاربة الحقيقة أما أنا فكنت قد عاهدت نفسي ووعدت على أحداث تغيير ايجابي في تراتبية العرض والمعارض بحيث تحقق النتائج المرجوة منها تدريجيا وكانت إحدى أهدافي هي زيادة أعداد النخبة من المهتمين بالشأن الثقافي والتشكيلي وعبر إيجاد طريقة للتلاحم والتعاون بين أشكال الفن المختلفة وأعتقد أن هذا المعرض حقق غايته عبر ذاك الحضور الجميل لجمهور أخر يعيش في خضم الحالة الإبداعية وينتجها عبر أشكال مختلفة فازدانت القاعة بزوار لهم وزنهم وحضورهم الثقافي و الأدبي والفني من شعراء وباحثين وموسيقيين و أدباء هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كنت أسعى لتوسيع دائرة العرض لتشمل فنانين من مختلف المحافظات السورية لتكون الفرصة متاحة لتبادل الخبرات من جهة و ل إغناء ذائقة المتلقي من الجهة الأخرى على هذا الأساس كان التعاون مثمرا مع جمعية العاديات ضمن فعاليات الاحتفالية السنوية التي تقيمها الجمعية أحياءا لذكرى العلامة خير الدين الأسدي . هو التعاون الأول مابين الاتحاد ومكتب المعارض من جهة ومابين جمعية أهلية وثقافية من الجهة الأخرى ولكنه لن يكون الأخير إذ سيكون الفاتحة لسلسلة من النشاطات التي ترسم أهدافها بدقة لتحصد النتائج المرجوة منها و أهدافنا اللاحقة هو التسويق للعمل الإبداعي الحقيقي عبر توسيع شريحة المهتمين ورفع الذائقة البصرية لمستوى المتابعة القادرة على تمييز الحالة الإبداعية والفصل مابين الرث والثمين وسوف أمر هنا على بعض الثمين

د .نجوى احمد: تهوى نجوى أحمد رتابة اللمسة وانتظامها المحدد بشكل وطول وعرض الفرشاة و التجاورات اللونية المتكاملة والمتوازنة عبر الدرجات العاشقة للألوان القزحية الواضحة والصريحة والتي من خلالها تتلمس خصوصيتها عبر موضوعات تستحضر مفردات البيئة الساحلية والقرية -التعبيرية التجريدية عبر تقنيات مختلفة –

سوسن الحاج تعلم جيداً أن اللوحة ليست مكاناً للتفريغ فحسب كونها تقتنص اللحظات الأكثر صدقاً والأكثر تعبيراً و جمالاً ضمن عوالم الذات ليتشكل في بعض أعمالها الموحية ومن خلال ملامح الوجوه مفهوم أخر للجمال ينبض بتعابير لها إسقاطاتها (جمال البشاعة) أما أعمالها بالمجمل فهي تحمل ذاك النفس التعبيري التجريدي وبحس انفلاتي يوزع الألوان وفق ايقاع داخلي يرفض أي حصار

... عصام المامون يبدو في لوحاته ذلك التأكيد على التكوينات المتساندة لأشكالٍ فقدت هويتها فبدت أليفةً متحولة إنسانية وحيوانية في آن أما أعمال البورتريه والوجوه فتجد فيها أيضا ذاك الضجيج المتناغم والمتماسك عبر وحدة التكوين رغم التضادات اللونية في بعضها إلا أن شفافية الطرح هي المعيار وهي المرتبطة بخصوصية الفنان و فرادته

بسام الحجلي .. ما بينه وبين لوحته فرشاة تستقصي عوالم الذات لتتحرك بعبثية معجونة بألوان الفرح والحزن و الكآبة والحياة وهي طريقه وطريقته لمحاكاة مشاعره اللحظية وترجمتها بمنتهى المصداقية والحرية وهو لا يؤطر لوحته بشكل يمكن ان يكرره أو يعيده فأشكاله تولد تلقائيا لإقرار مسبق ولا منطق يحكمها ويحكمه اللوحة متنفس ومكان لقول مالا يمكن ان تترج مه كلمات هي صرخته وشفرتها أسرار مكبوتة في التجربة الحياتية الغنية لبسام الحجلي بالذات

ربي قاروط: يبدو البورتريه ركيزتها الأساسية وهو يعكس ملاحة السحنة الإفريقية المشتقة من الأسود المخمر بحمرة خجوله هي تلخص خياراتها اللونية بلونين يتكاملان في إطار عملها حين تتعامل مع لون أساسي ومشتقاته وتضيء عبر الآخر في الخلفية وهذا يجعل رؤاها أكثر وضوحا و نقاءا

محيي الدين الحمصي يميل  محيي الحمصي في أعماله للشفافية الغنية بتراكيب معقدة في أجزاء من لوحته وللبساطة الطفولية عبر المشهد الكلي … يوزع أشكاله ورموزه على السطح مستعينا بالأبيض الجامع لمفرداته والكاشف والحاذف الحيادي والأكثر قدرة على الاحتواء

اسماعيل توتنجي: للتجريد خصوصيته في أعمال توتنجي التي تعكس جرأته في الطرح المرهون بسرعة الانجاز والمفتوح على تقنيات تسمح له بصب سيل الألوان بعدة طرق لتشق وتحفر طريقها على مساحة العمل أما في عمله المشارك في المعرض الحالي فيؤكد قدرته على تقديم أجواء ضبابية ولحظات ساحرة توقظ الفجر عبر لونين متغايريين الأزرق والأصفر يتعانقان بوشاحات شفافة وتتوالد أشكاله الموحية والغنية عبر الحف بالسكين

نضال شعبان: تنقل نضال شعبان مابين تجربتين عكست الأولى مفهوما حداثيا للعمل التشكيلي عبر ما تمتعت به من تلخيص وتخليص العمل من شوائب الفكرة والموضوع ليصير التركيز على لمسات الفرشاة العريضة عبر غنائية غنية بإيقاعها التواصلي الذي يمنح القيمة لذاك الأثر الذي تحدثه الشعيرات لتغطي كامل السطح بقيمة أحادية للون الوحيد بينما يضيء اللون المتمم والمكمل في مكان ما في إحدى زوايا العمل ليعطي لعمله تلك القيمة الاستثنائية التي تعكس شجاعة وجرأة فنية عودتي لتجربته الأولى هذه لأبرر له نقلته الثانية و أكشف عن الخيط الذي يربط بين أثرين أثر شعيرات الفرشاة في الأولى وأثر الحف والسكين في تجربته التالية

البورتريه  محمد ديوب: بحس مائي شفاف وبدرجات البني المحروق تتراىء ملامح الشخوص والوجوه المتماهية مع الأثر الباقي والمتبقي من فجر يوم تتطاير أوراق الخريف فيه وتتشابه مع طيور مهاجرة وعيون حائرة لم تعد تبصر الطريق وصار الحدس رفيقا وصديق هي لوحة محمد ديوب بحس أحادية ونكهة تعبيرية لا تشوشها كذبة الألوان وتؤكد عبر ذاك الحس العفوي والتلقائي أن مبدعها شاعر وفنان

نوار مورلي .. وضمن دائرة التشخيص قدم نوار مورلي عملا ً يفوح بأسلوبيته السابقة ولكنه يبتعد عن الفكر السريالي ليؤكد على حس أكثر شاعرية مختبراً الإيقاع الغنائي للريشة والخطوط الحبرية على سطح تغنيه القيم الأرجوانية الشفافة والإضاءات السماوية على حدود الشكل بينما اشتغل نوار مورلي على حالة الخداع البصري عبر منظوره السريالي للبورتريه ،

فن ملتزم يفوح بمفردات التراث محمد الركوعي تقودنا خطوط الفنان محمد الركوعي لرموز وأشكال لها دلالاتها الواضحة والأكثر فهما وشعبية وتلك سمة مطلوبة وأساسية في فن ملتزم يسعى لإيصال رسالته السياسية الهادفة للجميع ويخشى على فكرته أن تضيع فبيت المقدس حاضر دوما في الذاكرة والحمائم تحلم بفرش جناحيها وعيون أنثاه الشاخصة مكحلة بالأمل وشعرها المسافر يمهد الطريق ويستنجد بالنخوة العربية وبألف صديق وصديق

معتز العمري لوحة معتز العمري ترقى بقدر ما تظهره من تمكن ورؤيا أكثر توازنا ونضجاً وقدرة على استحضار الرموز وإغناء العمل بكليته وبكل ما تعنيه تلك الكلمة من معنى وتتجلى قدرته على الاشتقاقات اللونية حين يصير للظلال الملونة ظلال حرة وحين تتوالد الأشكال بكثرة عبر تقنية تغطية الفراغ .. وإن بدا ذاك الأثر الزخرفي في لوحاته فتلك ميزة وليست اتهام كونه استطاع عبر تقنيته المتبعة من تحرير الزخرفة من مفهومها العقلاني وإدخالها في عوالمه الحسية والأكثر حرية

خالد الحجار: لخالد الحجار نمط خاص يسعى من خلاله للتعبير عن أفكاره وعلاقاته المجتمعية وتكمن الجرأة في القدرة على فرض أشكال لها طابع كرتوني ولكنها امتلكت قيمتها بقدرتها على نقل عوالم فنان فريد ومخالف استطاع أن يعكس تطلعاته وعلاقاته المجتمعية عبر تلك التقنية فعرف بها وعرفت به إذ كانت نتاج كينونته ومحبته

… الفينيق حسين صقور: مابين عشتار الماضي والحاضر وعشتار الزمن  الحائر حكايا ترصدها ثلاثية لانثى أتركها لتحكي عن ذاتها بذاتها وتغتني القراءات من خلال تعدد الاهتمامات وفي النهاية الشكر لجميع القائمين والمسؤولين والأعضاء في عاديات اللاذقية وضمن اتحاد الفنانين التشكيليين لجميع القائمين والمتعاونين فيه للفنانين جميعا ولمن حضر وشارك منهم ومن لم يشارك.

عشتار النبض الحائر

استكمالا للمقالة التي نشرت في جزئها الاول عن معرض عشتار في صالة الباسل لاتحاد الفنانين ضمن احتفالية العاديات وبالتعاون مع الاتحاد ومكتب المعارض في 3-1-2022 أكمل ما بدأته في المقدمة لأقول: إن ما أرسمه يحتاج لتعاون وثقة ما بين الفنانين بحيث تتاح الفرصة لمشاركات أكثر اتساعا وعبر معارض تراتبية وفق الأساليب التي ينتمي لها كل فنان لأني كنت ولازلت مؤمنا بان المشهد الكلي هو لوحة بحد ذاتها وأنا أشير هنا إلى عمليات التنظيم والتنسيق للمعارض واللوحات ابتداءا من الدعوات إلى الإخراج الكلي للمعرض وتلك مسؤولية حساسة لأن العرض سلاح ذو حدين حد يولد النشاذ في داخل النفوس حين لا يرتقي المعرض والعرض للمستوى المطلوب وآخر ينمي الحس الجمالي وطاقة المحبة البناءة في ذات المتلقي حين تحقق الأعمال سوية معينة ومستوى مطلوب أولا وحين يتحقق في العرض ذاك الإيقاع الغنائي المترابط عبر التنسيق ثانيا حينها وحينها فقط يمكن للوحة والمعرض آن يكون خطوة إضافية لتاريخ المعارض الجادة والحقيقية تلك مقدمتي العابرة للخوض في مشاركات فنانين حقيقين لبو الدعوة بكثير من الثقة وكان حقهم علي أن أكون على قدر تلك الثقة وقد علمتني تجارب الأعوام السابقة ألا افشي بكل ما يتعلق بعملي طالما كان ولا يزال هناك بعض الدخلاء وناكري الجميل الذين يتحركون ضمن تكتلات لا يعنيهم من خلالها سوى محاولات الإفشال لكل جهد يسعى لإحقاق الحق و الإضاءة على العمل الذي يستحق وهنا سأبدا باستعراض تتمة بعض الثمين ليكتمل المشهد التشكيلي ضمن المعرض بدءا من:

فريد رسلان رئيس اتحاد الفنانين باللاذقية: يتجلى في لوحاته سحر البيئة والحياة المنشغلة نهارا (الرحية ... خبز التنور .. البقرة .. الدجاجة .. وكل ما يقوم به الفلاح من أعمال) بكل ما تتضمنه من مفردات تعكس جمال الحياة الريفية وبساطتها أما في عمله المقدم  بأسلوب واقعي مبسط بألوان ترابية تغلب عليها الأهرة فهو يعكس قيم تراثية عبر الموضوع المطروح كما تعكس الجمال والبساطة في روح الفنان

أمير حمدان: هناك عودة بين حين وآخر عند أمير حمدان إلى البورترية بحس أكاديمي مبسط تلك كانت مشاركته وهو المعروف بأجواءه الحالمة التي يرصد من خلالها المدينة تحت الظلال الليلكية والأقمار.

بولص سركو: مابين الحس الشاعري والتصوير الواقعي لأفكاره السريالية تتراوح أعماله لتاخذه في لوحته المشاركة إلى التأكيد على الفكرة وانبثاقها من حلكة الليل الأسود في الخلفية وهو القادر على سرد قصة لوحته وفكرته المخمورة بكأس المحبة والشاعرية

راميا حامد: أثبتت راميا حامد حضورها على الساحة التشكيلية منذ أول لوحات شاركت بها إذ عكست قدرتها عبر البناء والتكوين ونسج خلية ساحرة من مزيج قوس قزح وفي مشاركتها أجدها تميل للخلفيات السوداء ولرصد ذاك السطوع لشخوصها الواقعية التي تحولت إلى دمى عبر أياديها البيضاء.

فريد شنكان: يبقى ذاك الأثر الزحرفي حاضرا في أعمال فريد شانكان الذي اشتغل لفترة طويلة بتزيين الأسقف والجدران عبر تصاميم زخرفية خاصة وعبر العجمي والنافر أحيانا وقد قدم عملان عبر خطوط على خلفيات زرقاء يستحضر من خلالهما الأشكال والرموز التراثية.

يعرب أحمد: تتجلى انطباعية يعرب احمد عبر عجينة اللون والسكين اذ يغني عبرها سطح اللوحة بتشكيل صخري يرصد جزءا ساحرا من ذاك الترتيب الفوضوي الأخاذ للطبيعة في مكان ما على سطح أرض جرداء ضمن قرية من قرى جبلة عرفت ببساطة وطيبة أهلها.

رمضان النزهان: لازالت الطبيعة تناديه ليعالجها بسحر اللمسات الانطباعية والانعكاسات الآخاذة للون على سطح الماء وكأنها لم تشبع من معالجات من سبقوه وربما وجدت في لمساته اختلافا عمن جاوروه فألوانه النظيقة والنضرة لا توهجها في عيون الفجر سوى أياد متمكنة ومقتدرة هكذا هو رمضان النزهان يلخص لوحته ببريق الألوان ويختصرها إلى لونين لا أكثر لون الخريف الأرجواني الخامد والمشتعل ولون السماء والبحر الأزرق يعانق ضياء الفجر ليكتمل الواقعية الانطباعية.

ليلى طه: تنسدل الورود عن الجدران وتتوزع على الأدراج وفوق الحيطان على خلفية بيوت تراثية لها حكايتها مع ليلى طه التي ترتبها لتسلسل كما الأبجدية على سطح يرفض البعد الثالث ويستند على المباشرة والعفوية انطباعية تعبيرية.

سامر الصعيدي: يعالج سامر الصعيدي الطبيعة والورود بحس انطباعي يعطي لعجينة اللون قيمتها سواء عبر السكين أو الفرشاة وعبر ألوان خام صريحة وواضحة إذ يزرع الأرض المتحدة بالأفق الأزرق والسماء بالأمل وبورود وألوان متممة تشع ضياء

اختم بالشكر لكل من ساهم في إنجاح تلك الاحتفالية الجميلة على أمل اللقاء في معارض واحتفاليات أخرى.

***

الفنان والباحث حسين صقور (الفينيق)

رئيس مكتب المعارض والصالات المركزي

الصفحة 4 من 4

في المثقف اليوم