تقارير وتحقيقات
تكريما للأستاذ الدكتور علي القاسمي.. ندوة علمية حول الترجمة وتعليم اللغات والتعدد اللغوي
كلمة علي القاسمي في الندوة العلمية حول الترجمة وتعليم اللغات والتعدد اللغوي، التي أقامتها جامعة القاضي عياض بمراكش لتكريمه يومي 24و25 نوفمبر 2021. وهي الجامعة الخامسة التي بادرت لتكريمه.
أصحاب المعالي والسعادة والفضيلة،
أبنائي وبناتي الطلبة الأعزاء.
شكراً جزيلاً لتشريفي وإسعادي بمشاركتكم وحضوركم الكريم في هذه الندوة العلمية الرائعة، في هذه المدينة العريقة الجميلة، أجمل مدن إفريقيا، بحسب دراسة سويسرية. والذي قد لا يعرفه بعض السويسريين أن أهل المغرب من أكثر الناس ثقافة، وكرماً، وحفاوة بالغريب. لقد درستُ في أعرق الجامعات العربية والغربية، وزرتُ معظم مدن العالم الكبرى، ووجدتُ سعادتي في المغرب العزيز.
إن موضوع السعادة هو أهمُّ موضوع في الدراسات الإنسانية في الوقت الحاضر، حتى أخذت دول العالم تؤسِّس وزارات خاصة بالسعادة، لأن السعادة منتهى الفكر الإنساني وغاية الأفعال البشرية.
والسعادة، لغةً، مشتقة من الفعل (سعدَ) ويمكن تعريفها بأنها حالة من الرضا يشعر بها الإنسان في أعماقه نتيجة الاستقرار النفسي والعاطفي الذي يحس به. والسعادة نقيض البؤس والحزن والشقاء، وذات علاقة بالحظ. فمن مشتقات الجذر (س ع د) كلمة (السعد) التي تدل على الحظ. فالإنسان السعيد هو إنسان محظوظ حقاً.
أما اصطلاحاً، فإن أحد فروع الفلسفة الكبرى يُطلق عليه اسم (فلسفة السعادة). ويضم هذا الفرع تلك الدراسات التي تتناول صورة الدولة أو المدينة المثالية التي تحقق سعادة مواطنيها. فتتناول ضرورة السلطة فيها، وغايتها، وطرائق عملها، وعلاقتها بالناس. ولعل افلاطون (427ـ347 ق.م.) وهو واسطة العقد في الفلسفة اليونانية القديمة، فهو تلميذ سقراط وأستاذ ارسطو، من أوائل الفلاسفة الذين تناولوا هذا الموضوع في كتابه الشهير " الجمهورية". فقد افلاطون (العدالة) وإعطاءَ كلِّ ذي حق حقه، أساس السعادة. بيدَ أن فصله الصارم بين طبقات المجتمع في كتابه: طبقة الفلاسفة أو القادة، وطبقة الجند، وطبقة الصنّاع، هو مما دعا الفيلسوف الإسلامي أبو نصر محمد الفارابي (ت 339هـ/حوالي 950م ) إلى تأليف كتابه " آراء أهل المدينة الفاضلة". فالفارابي يقرّر "احتياج الإنسان إلى الاجتماع والتعاون"، ويرى أن اجتماع الناس في مدينة يعود إلى إرادتهم واختيارهم. والمدينة في حاجة إلى سلطةٍ تنظم شؤون المجتمع وتحرص على توفير ما يلزم أفراده من أمن ومأكل وملبس وغيره. ورئيس السلطة في المدينة الفاضلة هو بمثابة القلب من البدن. ونبغي أن يتوفر على العِلم والمعرفة وجميع الصفات الخلقية المثلى، أو معظمها. وفي أوربا ألّف كثير من الفلاسفة كتباً من هذا النوع أُطلق عليها " يوتيبيا" أي مثالية لا يمكن تحقيقها في الواقع، مثل الفيلسوف الإنكليزي فرانسيس بيكون (1561 ــ 1626م) في كتابه " مدينة الأطلنطس الجديدة"، والفيلسوف الإيطالي توماسو كامبانيلا (1568ـ 1639م) في كتابه " مدينة الشمس" وغيرهم كثير.
ويختلف الفلاسفة في العصور المتعاقبة في مفهوم السعادة تعريفها وأنواعها، بسبب تباين منطلقاتهم الفكرية واختلاف منهجياتهم العلمية، فثمة سعادة شخصية وسعادة جماعية، ولكل جنس أنواع فهنالك سعادة فكرية وأخرى روحية وثالثة جسدية، وجميعها ترتبط بالخير والحق والجمال.
وقد حدَّد نبينا سيدنا محمد (ص) شروط السعادة بثلاثة: الأمن، والصحة، والكفاية المادية. فقال:
(مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا). وفي هذا الحديث الشريف تذكير بالآية الكريمة:
﴿فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت الذي أَطْعَمَهُم مّن جوع وآمنهم من خوف﴾
هذه هي شروط السعادة. ولكن تحقيقها عملياً يتطلّب أن تتوافر في الفرد صفات يعمل هو على اكتسابها، كما يخبرنا علماء التحليل النفسي الحديث، فقد يعيش الفرد في بلد آمن وفي صحة جيدة وفي معيشة ميسرة، ومع ذلك لا يشعر بالرضا والسعادة. وفي طليعة الصفات الواجب توافرها في الفرد لتحقيق السعادة عملياً، التفكير الإيجابي الذي يتأتى في نظري من محبة المكان الذي يقيم فيه الإنسان، ومحبة الناس الذين يعيش بينهم، ومحبة العمل الذي يزاوله. فبالحب ينفعل الوجود. وهذا ما وفّره لي المغربُ العزيز بكل سخاء. فالبلدان على نوعين كما يخبرنا العلامة ابن خلدون في مقدمته الخالدة: بلدان جاذبة وبلدان طاردة. وأعتقد أن المغرب العزيز في مقدمة البلدان الجاذبة.
أما الحظُّ، فأنا أؤمن بالقضاء والقدر، وأعدّ قدري قدراً رحيماً رئيفاً بي، وأُحس في أعماقي بأنني ذو حظ كبير، وأنَّ قدري هو الذي أتى بي إلى المغرب العزيز. فعندما حصلتُ على الدكتوراه بتخصُّص في المعجمية والمصطلحية من جامعة تكساس في أوستن سنة 1972، عرض عليَّ استاذي المُشرِف الدكتور أرتشبولد أي هيل، رئيس الجمعية اللسانية الأمريكية ورأس المدرسة البنيوية في أمريكا آنذاك ترشيحي للعمل في جامعة كنساس في آركنسول. بيد أني كنتُ قد أُصبتُ بمرض نسمّيه " الحنين إلى الوطن" ويسمّيه الفرنسيون Mal du pays, ويسمّيه الإنكليز Homesickness. وتسميته لديهما أدقّ لأنه عندما يشتد هذا المرض على الفرد، تصيبه الحمّى ويعاوده الغثيان والدوخة. ولهذا كتبتُ إلى الدكتورة سعاد خليل إسماعيل البستاني، وزيرة التعليم العالي (وهي خالة ابني حيدر وبينا مودة) عن رغبتي في العودة إلى وظيفتي السابقة في جامعة بغداد. فكتبت إليّ راجية ألّا أعود إلى بغداد، زلأن الحكم كان انقلابياً عسكرياً شمولياً، وهي تعرف بعض كتاباتي عنه. وعلم بوضعي زميلي وصديقي المغربي الدكتور عزيز عباسي، فاقترح عليّ أن أتقدم بطلبٍ للعمل في جامعة محمد الخامس التي كانت تعرّب الدراسات الإنسانية. ففعلت ومن حسني حظي قبلتني. ومنذ سنة 1972 ومنذ ذلك الحين إلى اليوم، أعيش قصة حب مع المغرب العزيز، مع احتفاظي بجنسيتي العراقية وحدها واعتزازي بها.
وقعتُ في حب المغرب من النظرة الأولى. فطبيعته جميلةٌ خلابة، سهلاً وصحراءَ، تطرزها سلاسل الجبال الشامخة الأبية من سلسلة جبال الريف شمالاً وسلسلة جبال الأطلس: الصغير، فالمتوسط، فالكبير الذي يطلّ على مدينتكم الفاتنة، مراكش، ولا تملُّ أعلى قمة فيه " توبقال" من التحديق في جمال هذه المدينة الآسر. والمغرب غني بالهضاب، والتلال، والوديان التي تسحرني أسماؤها: وادي أم الربيع، وادي أبي رقراق، وادي البهجة. والمدهش في وديان المغرب وأنهاره، أنها جميعاً تنبع من الأراضي المغربية، فلا خوف على المغرب العزيز من ندرة المياه وحروبها التي يتنبأُ بوقوعها قريباً علماء المستقبليات.
أما الشعب المغربي العظيم فيتوفر على صفات الكرم الأصيل، والطبع النبيل، ودماثة الخلق الجميل. وأود أن أضرب مثلاً واحداً على كرم المغاربة ذلكم هو إنشاؤهم دار البلارج (أي اللقالق) في مراكش. وكانت هذه الدار في الأصل مشفى لعلاج اللقالق، وتقع في مدينة مراكش العتيقة بين مسجد علي بن يوسف بن تاشفين ومدرسته. ويقدّر المؤرخون أنها أُنشِئت في العهد المرابطي أو في العهد الموحّدي (أي خلال القرنين الحادي عشر والثالث عشر الميلاديين) أو في القرن الثامن عشر الميلادي. وأرجح أن هذا المشفى أُنشئ في العهد المرابطي، لسببين: الأول أن الحي الذي يقع فيه كان قد أُنشئ برمّته في العهد المرابطي، كما أخبرتني الشاعرة الرائدة الأستاذة مليكة العاصمي المتخصّصة في التقاليد الاجتماعية لمدينة مراكش وتاريخها، والثاني أنه يوجد دار للبلارج في مدينة فاس بالقرب من ضريح مولاي إدريس الثاني، منذ ذلك العهد، كما يُرجَّح. وتعرَّضتْ دار البلارج في مراكش للإهمال في فترات متعددة. ثم اعتنى بها الأمير مولاي عبد السلام بن السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله (1710ـــ 1790) الذي يوصف بأنه عالم السلاطين وسلطان العلماء، وتسمى جامعة فاس اليوم باسمه الكريم " جامعة سيدي محمد بن عبد الله، وهو أول حاكم في العالم يعترف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1767. فاقتنى ابنه الأمير مولاي عبد السلام دار البلارج المهملة ورمّمها وجهزها وأوقفها (حبّسها) بوصفها مشفى للقالق. وبعد مدة من الزمن، تسربت يد الإهمال والخراب إلى هذه المعلمة المعمارية.
وفي سنة 1998، أُعجبت المهندسة المعمارية السويسرية سوزان بيدرمان إليوت، بمعمار هذه الدار القديمة المهملة. وعندما عرفت أنها كانت مستشفى للقالق قبل قرون عديدة، أصابها العجب الشديد؛ لأن أوربا في ذلك الوقت البعيد لم تكن لديها مستشفى واحد للبشر، وكان المرضى يُعالجون بالسحر والشعوذة والضرب المبرّح لإخراج الأرواح الشريرة من أجسادهم طبقاً لزعم الكنيسة آنذاك، فما بالك باللقالق؟! فأنفقت هذه المهندسة المعمارية ملايين الدولارات على شراء الدار وتجديد رونقها، واستعادة شيئاً من جمالها الأصلي، وتحويلها إلى مركز ثقافي رائع. (وأحث ابنائي وبناتي الطلبة على زيارتها).
عندما أطلعتُ على موضوع مستشفى اللقالق، طرأ على ذهني سؤال أرقني عدّة ليالٍ، وهو لماذا اختار المغاربة إنشاء مستشفى للقالق، وليس للأبقار أو الأغنام أو الدجاج وهي كثيرة في بلادهم الجميلة؟؟؟!!!
طبعاً هنالك أجوبة محتملة كثيرة تنبع من الأساطير الشعبية المغربية عن اللقالق. (وهذه الأساطير تستحق أن تكون موضوعاً لرسالة جامعية). ولكن تلك الأجوبة لم تشفِ غليلي. وفي ذات ليلة، والليل يأتي بالفكِر والنصائح، كما يقول المثل الفرنسي La nuit porte conseil) )، اهتديتُ إلى الجواب الذي اطمأنت إليه نفسي، وهو أن الكرم في المفهوم العربي الإسلامي هو إكرام الغريب، وليس إكرامَ الأهل والقريب فهّذا الأخير واجبٌ وليس كرماً. وقد ورد ذلك في سورة الروم في القرآن الكريم:
﴿وآتِ ذا القربى حقَّهُ والمسكين وابن السبيل، ذلك خير للذين يريدون وجهَ الله وأولئكَ هم المفلحون﴾
واللقلق ليس من أهل البلاد بل يعيش عادة في أوربا، وفي فصل الشتاء عندما يشتد عليه البرد والثلوج والأعاصير فتشكّل خطراً على صحّته وحياته، يفرُّ لاجئاً إلى المغرب الدافئ، فينزل على المغاربة الكرام جاراً لشهور معدودة، وهذا يسمى بالهجرة الموسمية للطيور. فينظر المغاربة الكرام إليه بوصفه غريباً استجار بهم. فإذا وقع له حادثٌ وانكسرت إحدى ساقيه الطويلتين الرقيقتين، مثلاً، وجاء إلى المغاربة كسير الساق، هبوا إلى نجدته ومعالجته وتجبير ساقه في دار البلارج،، ليعود سالماً إلى بلاده. وهذه من شيم العصر الجاهلي التي أقرها الإسلام. يقول الشاعر الجاهلي السموأل مفتخراً:
تــُعـيّرُنا أنّــا قـــليــــــلٌ عديـدُنا ... فقلتُ لها: إنَّ الكرامَ قليلُ
وما ضرَّنَا أنّا قليلٌ، وجارُنا ... عزيزٌ، وجارُ الأكثرينَ ذليلُ
وقد ورد في القرآن الكريم: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَه ...﴾
إضافة إلى ذلك أن الحيوانات الأخرى التي ذكرنا من أبقار وأغنام ودجاج لها أهلها من الفلاحين الذي يمتلكون ثقافة بيطرية عريقة مورثة تمكّنهم من العناية بهذه الحيوانات ومعالجتها.
وبعد أن اطمأنت اللقالق إلى كرم المغاربة ودماثة أخلاقهم وحسن معاملتهم للغريب واعتيادت على طعامهم وطقسهم، أخذ بعضها يستقرُّ طوال حياته في مراكش وفاس والقنيطرة، ، وتخلى عن عادته وديدنه في الهجرة الموسمية منذ آلاف مؤلّفة من السنين، كما تدلّنا البحوث العلمية الأخيرة.
وأنا، يا تُرى، هل كنتُ واحداً من هذه اللقالق، جاء إلى المغرب كسير القلب، فاراً من حكم شمولي عسكري وما تلاه من حكم محاصصة طائفية فاسد، لاجئا إلى بلد الكرام. فأخذ المغاربة يكثرون من إغداق كرمهم الكبير علي، مثل هذه الندوة التي أعتز بها وأتشرف؟؟؟
وعلاوة على أخلاقهم الحميدة الرفيعة وكرمهم الحاتمي، يتصف المغاربة بعلوّ الهمة، وعزة النفس، وشدّة البأس؛ فهم لا يصبرون على ضيم، ولا يسكتون عن ظلم، ولا يقبلون بالذل. فللمغاربة شموخُ جبالهم، وجموحُ خيولهم، وشجاعةُ أسلافهم. شجاعةٌ لا تدانيها شجاعة عنتر بن شداد، وعزةُ نفسٍ لا تضاهيها عزّة نفسه، وهو القائل:
حكِّم سُيوفَكَ في رِقابِ العُذَّلِ ... وَإِذا نَزَلتَ بِدارِ ذُلٍّ فَاِرحَلِ
وَإِذا بُليتَ بِظالِمٍ كُن ظالِماً ... وَإِذا لَقيتَ ذَوي الجَهالَةِ فَاِجهَلي
وَإِذا الجَبانُ نَهاكَ يَومَ كَريهَةٍ ... خَوفاً عَلَيكَ مِنَ اِزدِحامِ الجَحفَلِ
فَاِعصِ مَقالَتَهُ وَلا تَحفِل بِه ... وَاِقدِم إِذا حَقَّ اللِقا في الأَوَّلِ
وَاِختَر لِنَفسِكَ مَنزِلاً تَعلو بِهِ... أَو مُت كَريماً تَحتَ ظِلِّ القَسطَلِ
(والقسطل، هو الغبار الكثيف الذي يُثار في ساحة المعركة من الخيول وغيرها)
وأكتفي بضرب مثل واحد على شجاعة المغاربة النادرة، بمعركة " وادي اللبن" التي وقعت بين الجيش الإنكشاري للإمبراطورية العثمانية والجيش المغربي سنة 1558.
ولكي ندرك دلالات هذه المعركة يجب أن نطّلع على سياقها التاريخي والعسكري. فنقول إنها جرت في عهد السلطان العثماني العاشر سليمان القانوني الذي يُعدُّ من أعظم السلاطين العثمانيين، فقد بلغت الإمبراطورية العثمانية في عهده أوج عظمتها. تولّى الحكم في الخامسة والعشرين من عمره وحكم 46 عاماً (من سنة 1520 إلى سنة 1566 م) وتمكّن بدهائه وحزمه وإقدامه من توسيع حدود الإمبراطورية العثمانية في أوربا وآسيا وإفريقيا. ففي أوربا ضم إلى إمبراطوريته جزيرة رودس اليونانية، وفتح بلغراد، ودحر مملكة المجر بعد أن أباد جيشها المجري الأوربي المؤلف من مقاتلين وفرسان اوربيين يفوق عددهم مئتي ألف مقاتل بمباركة البابا نفسه، واصطدم مع النمسا وحاصر فينا، وحارب البرتغاليين في المحيط الهندي والخليج العربي. فهو قائد عسكري متمرس، وجيشه الإنكشاري هو نخبة الجيش العثماني أو حرس السلطان، الذي يُدرَّب أفراده منذ طفولتهم وأغلبُهم من الإيتام أو الأطفال الذين فُصلوا عن عوائلهم ويتعلمون، فنون القتال والحرب منذ نعومة أظفارهم، وأبوهم الروحي هو السلطان نفسه. وفي زمانه كانت الأساطيل العثمانية ومدفعيتها واسلحتها النارية هي الأقوى في العالم.
كان أبوه السلطان سليم الأول (حكم من 1512ــــ1520) هو الذي ضم الجزائر إلى الإمبراطورية العثمانية سنة 1515، وفي سنتي 1516 و1517 دخل الشام ومصر الموحَّدتين تحت حكم السلطان المملوكي قانصوه الغوري. أما السلطان سليمان القانوني فقد استكمل ضم ليبيا وتونس، واكتفى بقيام الوطاسيين في فاس بالدعاء له في خطبة الجمعة وضرب النقود باسمه. ولكن عندما تولّى السلطان السعدي الثالث محمد الشيخ الحكم (من 1540ــــ1557م)، حقق انتصارات باهرة على البرتغاليين وأخرجهم من ّالثغور، وقضى على حكم الوطاسيين في شمال المغرب لتوحيد البلاد. فأرسل إليه السلطان العثماني سليمان القانوني رسولاً يحمل خطاباً فيه أجمل التهاني له لانتصاره على الوطاسيين، ويدعوه بلطف إلى الدعاء للسلطان العثماني على منابر المغرب، وضربِ النقود باسمه. ولما طلب الرسول الجواب من السلطان المغربي، كان جوابه للرسول: " لا جواب لك عندي حتى أكون بمصر إن شاء الله وحينئذ أكتب لسلطان القوارب" كما يخبرنا المؤرِّخ أحمد الناصري في المجلد الخامس من كتابه "الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصا".
وفي جواب السلطان المغربي تلميحان: الأول إلى نيته في تحرير البلدان العربية في شمال إفريقيا من الحكم العثماني، والثاني السخرية من السلطان العثماني الذي وصفه بسلطان القوارب أو سلطان الحوّاته (أي صائدي السمك) لكثرة اساطيله البحرية. وعندي أن السلطان المغربي على حق، فمن المؤسف أنّ العثمانيّين لم يعاملوا الشعوب العربية التي حكموها بروح الإخوَّة الإسلامية الإنسانية، بل باستعلاء المستعمرين واستغلال المستثمرين. كما يخبرنا المؤرّخ الجزائري سعد الله بلقاسم في كتابه " تاريخ الجزائر الثقافي من القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر " بقوله:
" كان المفروض أن يطبِّق الحكام العثمانيون تعاليم الإسلام في الحكم، وأن يؤاخوا بينهم وبين السكان، وأن يشاوروهم في الأمر، وأن يفسحوا المجال أمامهم، وأن يختلطوا بهم ويخالطوهم، ولكنهم في الواقع أساءوا التصرف، كمعظم الحكّام عندئذ، فحكموا كفئة متميزة واحتكروا الحكم في أيديهم طيلةَ الفترة العثمانية، واستبدوا بالسلطة، واستذلوا السكان واستعلوا عليهم، وعاملوهم معاملة المنتصر للمهزوم".
ومن خبرتي الشخصية ومطالعاتي، وقفت على شيء كثير من هذا. فعندما كنتُ أبحث، في دار الكتب المصرية بالقاهرة، عن مخطوطةٍ في علم المصطلح لتحقيقها، عنوانها " توالي المنح في أسماء ثمار النخل ورتبة البلح" لقاضي القضاة إمام المالكية في زمانه بدر الدين القرافي (1533ـ1601م)، لم أعثر عليها، على الرغم من مساعدة صديقي العالِم الدكتور محمود فهمي حجازي رئيس دار الكتب نفسها آنذاك ، الذي شرح لي أن السلطان العثماني سليم الاول أمرَ بعد دخوله مصر سنة 1517م ، بنقل جميع المخطوطات المصرية إلى الآستانة ما عدا كتب المذهب الحنفي، وهو المذهب الرسمي للإمبراطورية العثمانية، كما نقل جميع الحرفيين والمهنيين والعلماء المصريين إلى تركيا، ما أدى إلى انخفاض المستوى الثقافي في مصر وتدهورها وتقهقرها اقتصادياً واجتماعياً، فالثقافة أساس التقدم. وعندما عدتُ إلى المغرب العزيز، ساعدني الأخ العالِم الدكتور أحمد التوفيق الذي كان آنذاك محافظا للخزانة الوطنية بالرباط، على العثور على المخطوطة المذكورة، فحققتُها ونشرتُها في كتابي " التراث العربي الإسلامي : تساؤلات وتأملات".
وبعد أن تأكَّد السلطان العثماني سليمان القانوني من إباء السلطان المغربي محمد الشيخ ورفضه لأية سلطة أجنبية على المغرب العزيز، لجأ إلى أسلوب لا يليق بالشجعان الكرام، ذلكم هو التحايل لاغتيال السلطان المغربي. وعندما حصل ذلك، استلم الحكم السلطان السعدي الرابع عبد الله الغالب (حكم من 1557 ـ1574)، وهو ابن السلطان محمد الشيخ، وأثبت صحة مقولة " هذا الشبل من ذاك الأسد". إذ ظن السلطان العثماني سليمان القانوني أنه إذا عاجل السلطان الجديد في بداية حكمه، بحملة عسكرية كبيرة سيحقّق النصر عليه. وهكذا وجه أكبر حملة بحرية من الإنكشارية المشاة والفرسان، فنزلت بالجزائر والتحق بها الجيش العثماني هناك، وقادها العسكري المحنّك حسن بن خير الدين باشا حاكم تلمسان العثماني، ثم دخلت المغرب. فتصدى لها السلطان السعدي عبد الله الغالب، وقاد بنفسه جيشه الصغير، وسرعان ما التحقت به القبائل المغربية المعروفة بنخوتها وشهامتها، ووقعت المعركة خلال شهري مارس وأبريل من سنة 1558م بالقرب من وادي اللبن (في ولاية تاونات حاليا) شمال فاس، وعلى الرغم من أن المعركة غير متكافئة من حيث العدد والعُدّة، بل تميل كثيراً لصالح العثمانيين، فإن المغاربة حققوا نصرا مؤزَّرا باهراً مُبِينا، بفضل ثباتهم ونخوتهم وشدّة بأسهم وشجاعتهم التي لا تضاهى. وتمكَّن السلطان الشاب عبد الله الغالب من إذلال أعظم سلاطين العثمانيين، السلطان سليمان القانوني الذي لاذ جيشه الجرّار بالفرار ووُصِم بهزيمة نكراء. ومنذ ذلك التاريخ لم يجرؤ السلاطين العثمانيون على محاولة فرض سيطرتهم، ولو الرمزية، على المغرب العزيز، خشيةً من هزيمة أخرى تنال من هيبة الإمبراطورية العثمانية. وهكذا شاعت مقولة " المغرب هو البلد العربي الوحيد الذي لم تحكمه الإمبراطورية العثمانية".
ولكون المغرب الدولة العربية الوحيدة التي لم تخضع للحكم العثماني، إلا خضوعاً جزئياً رمزياً لفترة قصيرة، مزايا كثيرة، أضرب منها واحدة تتعلق باللغة العربية. فالمغرب في مجال المصطلحات الإدارية، مثلاً، لا يعاني مشكلة الازدواجية المصطلحية، لا الازدواجية التاريخية ولا الآنية، فحافظَ على منظومة المصطلحات الإدارية العربية المستعملة منذ صدر الإسلام: الوالي، العامل، القايد، المقدم، المحتسب، ديوان المظالم، إلخ. ، على حين نجد أن مفاهيم هذه المصطلحات في بقية الدول العربية تعاني الازدواجيتين التاريخية والآنية. ففي الإدارتين العراقية والأردنية، مثلاً، نجد: المتصرف، والقائمقام، ومدير الناحية،والمختار ، إلخ.
وقد يتساءل السامع عن كيفية اتصاف المغاربة بشدة البأس والشجاعة الفائقة على الرغم من لطفهم ورقتهم ودماثة أخلاقهم، وهي صفات تكاد تكون متناقضة، و"النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان"، كما يقول الدرس المنطقي. نجد الجواب والتعليل في (فلسفة الأخلاق)، فثمة بابٌ يُسمّى بـ " تكامل الأخلاق". فالإنسان الشجاع، يتحلّى في الوقت نفسه بالكرم، والصدق، وعدم النفاق؛ لأن الإنسان الذي يجود بروحه الزكية من أجل كرامته ووطنه ـــ والجود بالنفس أقصى غاية الجود ـــ يهون عليه أن يجود بماله لمساعدة الفقراء والمحتاجين؛ ولا يكذب، ولا ينافق، فهو لا يخشى في الحق لومة لائم؛ وهو متواضعٌ في الوقت نفسه، لأن التواضع نتيجةُ الثقة بالنفس، وهكذا.
ومن دواعي سروري وبوعث بهجتي وسعادتي أن المغرب العزيز ذو ثقافةٍ عريقة، وحضارة تليدة، وتراث لامادّي كبير. ويتجلى ذلك في جميع ما تسمعه الأذن، وتراه العين، ويذوقه اللسان، ويشمه الأنف، وتحس به أصابع اليد؛ في الموسيقى وبقية الفنون الجميلة، وفي المهرجانات المتنوعة، وفي الهندسة المعمارية التي شاعت في الأندلس وأوروبا ، وفي الأكل والشرب إذ يعد المطبخ المغربي من أرقى المطابخ العالمية المعدودة، وفي العطور، فكثير من دور العطور الفرنسية الشهيرة تعتمد مزارع الورود والأزهار المغربية مصدراً لها.
أما المعرفة فهي مبثوثة في جامعات المغرب العزيز التي تضمّ جامعة القرويين أقدم جامعة في العالم لا تزال مفتوحة، وفي خزائن كتبه، وزواياه، وبيوتاته العلمية، وصدور رجالاته الكرام. ولأن قدري رحيم بي حتى أني أشعر في أعماقي بأني محظوظٌ حقاً، فقد أُتيحت لي الفرصة الذهبية للتتلمذ على اثنين من علمائه الفطاحل؛ إذ لازمتُ العلامةَ الفقيه المحدّث المؤرّخ اللساني المعجمي المترجم الإعلامي الصحفي الأديب الروائي المتصوّف المرحوم عبد العزيز بنعبد الله، أربع سنوات، عندما كان مديراً لمكتب تنسيق التعريب بالرباط وكنتُ خبيراً فيه (1978 ــ 1982). ثم أخذت الكثير الكثير من العلامة المفكّر الأديب السياسي الدبلوماسي القانوني الإعلامي أحد قادة استقلال المغرب الوزير السفير المرحوم الدكتور عبد الهادي بوطالب الذي لازمته ما يقرب من عشر سنوات (1982ــــ 1991) في حِله وترحاله عندما كان مديراً عاما للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، وكنتُ مديراً فيها، ثم واصلتُ الجلوس بين يديه أسبوعياً بعد أن ترك العمل. وتعلّمتُ من هذين العلمين، رحمهما الله، ما لم أتعلَّمه في الجامعات التي ارتدتُها في الشرق والغرب.
لو كنتُ شاعراً لنظمتُ دُرر القصائد في المغرب العزيز، ولكني لستُ شاعراً مع الأسف. ولهذا أستعير بيتين من ديوان أبي الطيب المتنبي أشكر بهما المغرب:
مطرْتْ سَحابُ يديكَ رِيَّ جوانحي ... وحملتُ شكرَكَ، واصطناعُك حاملي
فمتى أقــومُ بشكرِ ما أوليتني! ... والقـــولُ فــيكَ عُـــلُـــوُ قَـــــــدْرِ القائلِ
***
فيما تبقّى لي من وقت، يطيب لي أن أعرِّج على الترجمة موضوع هذه الندوة، فأُنهى إلى كريم علمكم معلومةً عن آخر كتاب صدر في الموضوع، وهو بعنوان " الترجمة القانونية والدينية وتكنولوجيا الترجمة" لصديقي وأخي الدكتور عبد الرحمان السليمان، أستاذ الترجمة والتأثيل واللغات السامية في جامعة لوفان ببلجيكا. وقد اضطلع بنشر الكتاب مركز النشر العلمي في جامعة الملك عبد العزيز بجدة. وكتب أ.د. عبد الرحمن السلمي مدير المركز تصديراً للكتاب قال فيه إن من الأولويات البحثية التي يحرص عليها المركز ما يتعلق منها بالترجمة ومجالاتها، وشكر فيه أ.د. صالح بن عياد الحجوري نائب المدير على عنايته بنشر هذا الكتاب بالذات.
كما كتب عالِم اللغة الدكتور أحمد الليثي تقديماً تناول فيه علاقة الترجمة باللغة والفكر والثقافة.
وتدلنا قائمة المحتويات على أن الكتاب في الأصل دراساتٌ متفرّقة تدور حول ثلاثة مواضيع متصلة ذاتياً ووظيفياً، هي: الترجمة والمصطلح والتأثيل. وفروعُ المعرفةِ كلُّها مترابطةٌ مثل أغصان شجرةٍ معمرةٍ، جذورها راسخة في التربة تبحث عن الحقيقة. ومن خبرتي الشخصية، أرى أنَّ الكتاب المكوّن من فصول، أُعِدّ كلُّ فصل منها بمثابة دراسة مستقلة في مناسبة من المناسبات، هو أمتن علمياً من الكتاب الذي تُعدّ فصوله مرّة واحدة. وقد لا تنطبق خبرتي الشخصية على جميع الكتب.
وتكمن أهمية هذا الكتاب في أهمّية مؤلِّفه السوري البلجيكي الجنسية، الدكتور عبد الرحمان السليمان، فهو أستاذ الترجمة المشارك في جامعة لوفان في بلجيكا، وأستاذ الترجمة الزائر في جامعتكم الموقرة، جامعة القاضي عياض، وأستاذ زائر في مدرسة فهد العليا بطنجة، لكونه متمكّناً من الموضوعات التي يتناولها. ولا يقتصر إلمامه بنظريات الترجمة وتقنياتها فقط، فهو مترجم محترف مارس الترجمة عقوداً عديدة من السنين، إضافة إلى إلمامه بتكنولوجيا الترجمة. وفوق ذلك كله، هو عالِمُ تأثيلٍ للغة العربية يجيدُ عدداً من اللغات ذات الصلة يفوق عدد تلك اللغات التي يلمّ بها معاصره عالِم التأثيل الهندي ف. عبد الرحيم الذي حقق كتاب " المعرَّب من الكلام الأعجمي" لموهوب الجواليقي (المتوفي سنة 540 ه)، وصحَّح بعض أوهامه. فالدكتور السليمان درس اللغة الإغريقية القديمة والحديثة في جامعة أثينا، ثم درس اللغات الجزيرية (السامية) في جامعة الدولة في غاند في بلجيكا، وأنجز دكتوراه في الأدب العبري القديم في موضع " إشكاليات ترجمة غريب التوراة"، ودكتوراه أخرى في الترجمة في موضوع "وثائق الأحوال الشخصية المستمدة من الشريعة الإسلامية: قانون الأسرة المغربي أنموذجاً".
ويجيد الدكتور السليمان مجموعةً من اللغات الميتة أو القديمة (جميع اللغات السامية والحامية، والإغريقية واللاتينية، وطائفةً من اللغات الحية (الهولندية والإنكليزية واليونانية الحديثة والعبرية الحديثة)، ويلم إلماماً متوسطاً بالألمانية والفرنسية. وهذا يذكّرنا بالعدد الهائل من اللغات الذي كان يدرسه كبار المستشرقين الأوربيين، الذين انقرض نوعهم أو يكاد، فلم يعد في الغرب سوى مستعربين وليس مستشرقين، مع الأسف.
وبفضل هذه المؤهّلات العلمية الرفيعة التي يزدان بها الدكتور السليمان، اختارته مؤسسة الموسوعة العالمية " دليل المصطلح" Handbook of Terminolog ليكون منسقاً ومديراً لعملية إصدار المجلد الثاني من مجلداتها الخمسة، المتعلّق بعلم المصطلح في العالم العربي، وهي عملية في غاية الصعوبة والتعقيد، أنجزها الدكتور السليمان بكفاءة عالية وساعده فيها صديقه الدكتور الليثي. كما أن الدكتور السليمان كتب فصَلاً من فصول هذا الكتاب. ويسعدني أن أذكر أن اثنين من أساتذة هذه الجامعة الموقرة أسهما في تأليف هذا المجلد. فقد شارك الأخ الدكتور حسن درير مدير مختبر الترجمة وتكامل المعارف منسق هذه الندوة في إعداد فصلين من فصول هذا المجلد، أحدهما عن علم المصطلح في العالم العربي والأخر عن المصطلح الصوفي، وشارك الدكتور عبد الحميد زاهد في إعداد الفصل الأول من هذين الفصلين. واضطلع الدكاترة السليمان وزاهد ودرير بترجمة المجلد كله إلى اللغة العربية. وهو عمل في منتهى الصعوبة بسبب كثرة المصطلحات التقنية، قديمها وحديثها، فيه.
ويتألف كتاب الدكتور السليمان، " الترجمة القانونية والدينية وتكنولوجيا الترجمة"، من سبع دراسات هي:
1) النظرية الغائية وتكافؤ السياق، وإشكاليات التكافؤ الوظيفي في الترجمة.
2) الترجمة الشفهية: تاريخها وأنواعها.
3) تكنولوجيا الترجمة: المترجمون والتحديات العصرية.
4) إشكاليات السطرجة العربية، الفيلم ( The Hangover) أنموذجاً.
5) أهمية التأثيل وعلم اللغة المقارن ودورهما في ضبط المفاهيم الاصطلاحية. مصطلح العلمانية عند طه عبد الرحمان.
6) رسالة بطليموس الغنوصي إلى فلورة المسيحية.
7) الدعاوى الحديثة حول العربية، دعوى كريستوف لوكسميوس أنموذجاً.
كنتُ أعتزم تقديم خلاصة لمحتويات هذه الفصول، ولكني عدلت عن ذلك لا لضيق الوقت فحسب، بل لأنني كذلك شعرتُ بأني أبخسكم حقكم وأشياءكم وأسيء إلى الكتاب نفسه. وأفضل شيء أن يطلع المهتم في الموضوع على الكتاب مباشرة. ومما ييسر ذلك أن الدكتور السليمان مؤلّف الكتاب، بوصفه أستاذاً زائرا في جامعتكم الموقرة سيأتي للتدريس فيها في الشهر القادم، وهو لا يتردد في تزويد من يحتاج إلى الكتاب بنسخة رقمية منه.
وختاماً يشرفني أن أتوجه بالشكر مرة أخرى لكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة القاضي عياض، عميداً وأساتذة وإداريين وطلاباً، على تكرمهم بتنظيم هذه الندوة العلمية الرائعة التي تعلمتُ منها الكثير. وأود أن أشكر شخصياً صديقي وأخي الدكتور حسن درير، منسق هذا الندوة، وجميع الذين تفضلوا بالحضور، والمشاركين ببحوثهم وأخص بالذكر منهم أولئك الذين تكرموا بكتابة بحوثهم ودراساتهم عن بعض أعمالي وهم: الأستاذة إيمان بنعربية، والأستاذ مصطفى شقيب، والدكتور يوسف مساهل، والدكتورة فتيحة غلام، والأستاذ عبد الكبير العلواني، والأستاذة أسماء سهيل، والدكتور طلال قطبي، والدكتورة ماري إيفيلين لوبودر، والدكتور عبد الرحمان السليمان، والدكتور حسن ضرير.
والسلام عليكم.
علي القاسمي