قراءات نقدية

حمزة علاوي: دراسة نقدية شاملة لنص "أقنعة الضوء" للشاعرة ريم حاوي

أقنعة الضوء في سوق الأقوال يرتدون الحرير يبيعون الشرف بكلمات مزوقة يلقون النصح كأنهم أنبياء الصدق وعلى شفاههم تتراقص الفضيلة لكن في الخفاء تتساقط أقنعتهم كأوراق خريف يغرقون في مستنقع أفعالهم يسرقون النور ويبخسون الظلال يراؤون كالطواويس ريشهم زاه تحت ضوء النهار لكن في العتمة يتلصصون على أحلام الآخرين يعّلون على الخلق كأنهم جبال لا تهز لكن قلوبهم هشة كالزجاج تتكسر عند أول امتحان يا أصحاب الأقوال العذبة لماذا تخيطون ثوب العفة وتلبسون تحته ثياب الخداع ألسنا جميعاً بشر يعتريهم النقص في المرآة تنظرون لكن لا ترون سوى وهم الكمال فمتى تلقون الأقنعة وتعترفون بأن الصدق أثقل من أكاذيبكم ريم الحاوي أقنعة الضوء في سوق الأقوال يرتدون الحرير يبيعون الشرف بكلمات مزوقة يلقون النصح كأنهم أنبياء الصدق وعلى شفاههم تتراقص الفضيلة لكن في الخفاء تتساقط أقنعتهم كأوراق خريف يغرقون في مستنقع أفعالهم يسرقون النور ويبخسون الظلال يراؤون كالطواويس ريشهم زاه تحت ضوء النهار لكن في العتمة يتلصصون على أحلام الآخرين يعّلون على الخلق كأنهم جبال لا تهز لكن قلوبهم هشة كالزجاج تتكسر عند أول امتحان يا أصحاب الأقوال العذبة لماذا تخيطون ثوب العفة وتلبسون تحته ثياب الخداع ألسنا جميعاً بشر يعتريهم النقص في المرآة تنظرون لكن لا ترون سوى وهم الكمال فمتى تلقون الأقنعة وتعترفون بأن الصدق أثقل من أكاذيبكم.

 يعد عنوان القصيدة تعبيراً مجازياً، واخفاءً للمعنى الحقيقي، فهو الرمز العاكس لحالة عاطفية كما أنه يمثل قوة روحية تعبر عن عوالم مخيفة، فضلا عن دلالة التمويه، فالعنوان بمجمله يعبر عن استعاره بصرية تعبر عن تجربة الشاعرة.

 يخلق العنوان ثنائية تضادية ما بين المظهر المضىء والظلام الساكن خلفه وهذا ما يمنح النص التوتر الجمالي والدلالي، ويشد من رؤية المتلقي للدخول الى النص. وبالتالي فالقناع اخفاء الذات والهوية، ويعد تقنية من تقنيات القصيدة، ونوعاً من الانزياح التعبيري، وسيمياء تضئ الدخول الى باب القصيدة

  في سوق الأقوال يرتدون الحرير يبيعون الشرف بكلمات مزوقة يلقون النصح كأنهم أنبياء الصدق وعلى شفاههم تتراقص الفضيلة يعد سوق الاقوال تعبيرا مجازيا للتعبير عن الفوضى في تبادل الكلام والآراء، ويتميز بالانفتاح، وغير متناهي، أشبه بفسيفساء متعددة الألوان، اتخذتها الشاعرة تعبيراً عن طاقتها السلبية التي تزاحمت عند عتبة رؤيتها البصرية.

تتخذ من الحرير الدلالة الحسية والرمزية، فهو يعبر عن الجمال والنعومة والاغراء البصري. ترسم من لغة الجسد اسلوبا لغويا من خلال الملامح الجسدية التي تومئ إلى ما يظهره ويخفيه الوجهة، وما يتفوه به من الكلام. تتخذ من لفظة الشرف مجازا للتعبير عن الصدق، ومن الفضيلة إشارة الى الاغواء والاغراء، وتغليب الإحساس على العقل، أي الانتقال من المادي الكلام المزوق من خلفه الرذيل الى الروحي الفضيل.

تعطي الشاعرة عالمين: الظاهري المبرهج والباطني الخادع، هذه المفارقات تعمل على خلق اهتزازات بصرية وذهنية لقراءة الواقع. تقارن الشاعرة بين تضادين: الانبياء اهل الكمال النفسي والعقلي، والمنافقين اهل الهوى والخداع، من أجل خلق حالة المشهد الدرامي امام القارىء.

لكن في الخفاء تتساقط أقنعتهم كأوراق خريف يغرقون في مستنقع أفعالهم يسرقون النور ويبخسون الظلال يراؤون كالطواويس ريشهم زاه تحت ضوء النهار لكن في العتمة يتلصصون على أحلام الآخرين) تستدرك ما يتراقص على شفاههم.

تشبه الاقنعة بتساقط اوراق الخريف الصفراء التي تحمل دلالة التعبير، الموت والانبعاث انها دورة العود الأبدي، كما أنها رمز الانكسار والندم والتحول الزمني واللوني من الاخضر اليانع الى الاصفر الذابل؛ هذه التقلبات جاءت متزامنة مع الحالة الشعورية للشاعرة.

يرمز المستنقع الى دلالة كثرة الاعشاب وهذا ما يوازي كثرة الكلام، السكون والهدوء واغراء البصر، ماؤه ضحلة ومتغير، كتغير أفعالهم.

توظف التضاد ما بين النور والظلال لخلق حركة دراماتيكية للنص، فالنور يظهر الحقيقة، والظلال تختفي عنده الحقيقة. تستخدم يبخسون للدلالة على التعالي والاستخفاف بالآخر.

تمكنت الشاعرة من تحقيق التوازن الايقاعي والموسيقي في النص من خلال: يغرقون، يسرقون، يراؤون ويبخسون، كل هذه المفردات المقفاة تدل على التلاعب بمشاعر وإرادة الآخر، وعلى الطاقة السلبية المشحونة بالإحباط العاطفي.

تمكنت ان تحدث تحولات في التشبيه من الانبياء الى الطاووس، وهذا ما يضفي على النص مسحة دينية تعزز البناء الدلالي للنص؛ فالطاووس يعبر عن دلالة البهرجة والغرور والتغطرس واستصغار الآخرين، فالطاووس يعكس ريشه الضوء مما يسبب ظهور ألوان مختلفة جذابة ومغرية، وهذا ما يواكب الاقنعة المضيئة التي تعكس الضوء. تجعل من العتمة دلالة النفس الخفية ومن التلصص دلالة التجسس على الاخرين، فضلا عن شهوة البصر.

يتعالون على الخلق كأنهم جبال لا تهز لكن قلوبهم هشة كالزجاج تتكسر عند أول امتحان يا أصحاب الأقوال العذبة لماذا تخيطون ثوب العفة وتلبسون تحته ثياب الخداع ألسنا جميعاً بشر يعتريهم النقص في المرآة تنظرون لكن لا ترون سوى وهم الكمال فمتى تلقون الأقنعة وتعترفون بأن الصدق أثقل من أكاذيبكم) تشبههم بالجبال التي لا تهتز، اي يرون أنفسهم بحالة كالألوهية في الكمال ولكن تستدرك وتراهم قلوب هشة مهزوزة.

 تعمل مقاربة تشبيهية بين الجبال والزجاج: بين الصلابة والهشاشة، هذه المفارقة تعمل على خلق رؤية غير متوقعة للمتلقي حول الحقيقة والواقع، وتفتح العديد من التأويلات للجمل الشعرية، وعليه تظهر المسافة بين قول الشاعرة وقصدها، واتاحة الفرصة امام المتلقي لكشف المضمر من الاقوال الشعرية في النص. تنادي وتستفهم، وهذا ما يمنح النص تناغما موسيقيا، وتوظف التفعيلة المقفاة-العذبة والعفة-للتعبير عن دلالة النقاء والصفاء.

تتخذ من ثياب الخداع رمزا للتعبير عن الحرير، ومن ثوب العفة رمزا للطهر، وهذا ما يعزز ميزة التضاد التي تهدف الى توضيح المعنى المضمر لدى المتلقي.

تخاطبهم وتوبخهم على مظهر ثيابهم المخيط ظاهريا وهذا ما يقابل الاقنعة المضيئة بنفس القوة التعبيرية في الافشاء عن البساطة في الظهور، وبنفس الوقت يبطنون المظهر، فالأقنعة تظهر بمظهر براق، وتخفي الباطن المكبل بالحقد؛ فكلاهما يحملان دلالة نكران الذات والخداع.

تتخذ من المرآة دلالة للتعبير عن الذات التي تتكشف حقيقتها أمامها، كما إنها تمثل مرحلة الوعي؛ هذه التقنية التي استخدمتها الشاعرة، تعبر عن واقعهم المزيف، لأن المرآة تعد متلقي يكشف خبايا الإنسان وأوهامه.

تعمل الشاعرة على تحولات مادية -الأقنعة المضيئة - الى تحولات زمنية-متى، هذه التحولات تزيد من تذوق المتلقي للكشف عن قصدية الشاعرة في النص.

تختتم النص بثنائية تضادية ما بين الصدق والكذب: بين خفة القول -الصدق، وثقل الكلام - اكاذيبهم.

 تتخذ من ثياب الخداع رمزا للتعبير عن الحرير، ومن ثوب العفة رمزا للطهر، وهذا ما يعزز ميزة التضاد التي تهدف الى توضيح المعنى المضمر لدى المتلقي.

تخاطبهم وتوبخهم على مظهر ثيابهم المخيط ظاهريا وهذا ما يقابل الاقنعة المضيئة بنفس القوة التعبيرية في الافشاء عن البساطة في الظهور، وبنفس الوقت يبطنون المظهر، فالاقنعة تظهر بمظهر براق، وتخفي الباطن المكبل بالحقد؛ فكلاهما يحملال دلالة نكران الذات والخداع.

تتخذ من المرآة دلالة للتعبير عن الذات التي تتكشف حقيقتها امامها، كما انها تمثل مرحلة الوعي؛ هذه التقنية التي استخدمتها الشاعرة، تعبر عن واقعهم المزيف، لأن المرآة تعد متلقي يكشف خبايا الإنسان واوهامه. تعمل الشاعرة على تحولات مادية -الأقنعة المضيئة - الى تحولات زمنية-متى،هذه التحولات تزيد من تذوق المتلقي للكشف عن قصدية الشاعرة في النص. تختتم النص بثنائية تضادية ما بين الصدق والكذب: بين خفة القول -الصدق، وثقل الكلام - أكاذيبهم.

***

بقلم الدكتور حمزة علاوي مسربت - كلية الفنون الجميلة / جامعة المستقبل - العراق

في المثقف اليوم